القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية بحر ثائر الفصل الحادي والثلاثون 31الاخير بقلم أية العربي (حصرية وجديده في مدونة قصر الروايات)

 

رواية بحر ثائر الفصل الحادي والثلاثون 31الاخير بقلم أية العربي (حصرية وجديده في مدونة قصر الروايات)





رواية بحر ثائر الفصل الحادي والثلاثون 31الاخير بقلم أية العربي (حصرية وجديده في مدونة قصر الروايات)





 



الكاتبة آية العربي



الفصل الأخير 


تشتاقك ياروحي



أوردة القلب



سيدة قلبي



 الأولى 



والاخيرة... والوحيدة... 



بهجة أيامي.. 



سكر حياتي... 



من لأجلها أجرح ولجرحها أنجرح.. 



المطر الهادئ في حياتي



الراحة في حياتي... 



المطر الهادئ



لا تبرق ولاترعد 



ولو فَعَلَت.. أنا فداها.. 



فدا العينين الماطرتين



فدا الشفتين المسكرتين



دمتِ لي ولو كنت بأرض بعيدة



دمتُ لك ولو غبتُ مدة طويلة..



( بقلم فيروزة  ) 


 



❈-❈-❈



إنه لا يعني لها الأخ فقط  ، هو كل شيء لها  ، هو الأب الحامي والشقيق السند والصديق الوفي والطبيب المعالج  .



لذا فإنها تخشى عليه من غدر ذلك اللوتشو  ، تخشى أن يصيبه بأذى  ، لقد لمحت الغدر في عينيه .



ليتها لم تقابله يومًا  ، ليتها لم تخاطر بنفسها مع شخصٍ لا تعرفه جيدًا  ، ولكن فات وقت الندم  ، ماذا ستفعل الآن  ؟  وماذا إن تعرض شقيقها للأذى بالفعل  ؟ 



هل تقبل ابتزازه وتعود للعمل معه وتخبر عائلتها برغبتها في الارتباط به  ؟  هل تخاطر  ؟ 



منذ أن عادا وهي تفكر وتختلي بنفسها ولم تهتدِ لشيء ليطرأ على عقلها شخصًا يمكنه مساعدتها في إيجاد حلٍ ما  . 



- صالح  ! 



نطقتها تستجوب عقلها الذي أعطاها اسمه حينما ضاقت سبلها  ، تعلم أنهما مشغولان هذه الفترة بتجهيز مشروعهما ولكنها على يقين بأن صالح يمتلك الحكمة التي تؤهله للتعامل مع لوتشو على عكس داغر المندفع لذا  ...  هل تقصده  ؟ 



لقد رأى لوتشو من قبل وتصدر له وربما يجد لها حلًا أو يساعد داغر في ذلك  . 



تنفست بقوة وسمحت لنفسها أن تفكر مرة أخرى لتجد أنها وصلت إلى النقطة ذاتها لذا تحركت للخارج كي تستل هاتف والدتها خلسةً وتجلب رقمه منه  .



تسللت إلى الصالة لتجد أن منال في المطبخ كعادتها بينما بسمة ذهبت لترى شركتها والصغيران يلعبان في الشرفة الآمنة  .



اتجهت نحو طاولة الطعام واستلته من فوقها بحذر وعادت مسرعة نحو غرفتها تغلق الباب وتتجه إلى سريرها وهي تعبث بالهاتفين وتدون الرقم  .



سجلته وتركت هاتف والدتها بجوارها وقامت بالاتصال عليه لتجد أن قلبها يطلق العنان لنبضاته التي باتت تقرع كطبول حرب مقامة داخلها وحينما فتح الخط ونطق مستفسرًا عن هوية المتصل توقفت الطبول فجأة وتجمدت دون أن تشعر لتصمت لبرهة سمحت له أن يستفسر مجددًا ويتساءل  : 



- مين معاي ؟ 



تنفست بعمق ونطقت بعدما ازدردت ريقها  : 



- أزيك يا صالح  ،  أنا دينا  ، لو داغر جنبك ماتعرفوش إني بكلمك ؟ 



عملٌ شاق لهؤلاء الجنود الذين يتبادلون المهام وهم يركضون نحوه ويتولون مهمتهم بالقرع على طبول قلبه تلك المرة  ،  يستحقون مكافأة على هذا الجهد المبذول بين اثنين أحدهما يرفض البوح والأخرى تجهل هوية مشاعرها  . 



تنهيدة أطلقها، معبأة بنيران حبه الصامت ثم أجاب بنبرة رصينة تخفي عشقه  : 



- أهلين دينا  ،  خير إن شاءالله  ؟ 



توترت وأردفت بتردد  : 



- معلش يا صالح أنا عارفة إنك مشغول الفترة دي بس أنا واقعة في مشكلة ومالقتش حد غيرك يقدر يساعدني في حلها  ،  خصوصًا لو الأمر متعلق بداغر  . 



قطب جبينه مستفسرًا واتجه يجلس على مقعد في الورشة التي لم يتم بيعها بعد  ،  خاصة وأن داغر ذهب ليقضي أمرًا لذا تحرك بدون قيود وجلس يتنهد ويتساءل باهتمام  : 



- احكي يا دينا شو صاير معك  ؟ 



زفرت قليلًا بارتياح ثم بدأت تخبره بتروٍ قائلة  : 



- المدير بتاعي يا صالح  ،  اللي جه هنا قبل كدة وانت وقفتله  ،  هو كان متقدم لي وطلب ايدي من داغر وداغر رفض  ،  وللأسف أنا كنت موافقة عليه  . 



التقطت أنفاسها تسترسل وهي تعتدل في جلستها  : 



- بس بعد كدة لما فكرت وخصوصًا بعد مقابلة والدته لقيت إنه مختلف عني وإن موافقتي عليه كان هروب من حاجات تانية  ،  بلغته رفضي بس هو مش متقبل الرفض ده أبدًا  ،  كل اللي شايفه إني موافقة عليه وإن داغر هو السبب وهو اللي ضاغط عليا علشان كدة آخر مرة روحت النهاردة اقدم استقالتي حسيت إنه بيهددني بيه  ،  اسلوبه كان يخوف فعلًا ومن ساعتها وأنا خايفة على داغر جدًا  ،  خايفة إنه يئذيه  ،  وللأسف مش هعرف أقول الكلام ده لداغر لإن إنت عارف إنه ممكن يتهور والأمور تتعقد أكتر علشان كدة جبت رقمك من ماما وقلت أكلمك  ،  أنا فعلًا مش عارفة اعمل إيه  ؟ 



- تليفوني فين يا ولاد  ؟ 



قالتها منال من الخارج بصوتٍ وصل إلى مسامعها لتتوتر وتنهض مستطردة  : 



- صالح معلش هقفل دلوقتي  . 



أغلقت معه واستلت هاتف والدتها واتجهت تناولها إياه وتتمنى أن يجد صالح حلًا لهذا الأمر  . 



أما هو  ،  جلس يفكر  ،  لا يصدق أنها هاتفته  ،  تحتاج مساعدته  ،  تحدثت معه عن ذلك الصيني ورفضها له  ،  تتحدث بعفوية مطلقة ولا تعلم أنه يحبها حتى نخاعه وهذه المكالمة ما زادته إلا حبًا لها وتمسكًا بها لذا سيجد حلًا لذلك الرجل  ،  من المؤكد سيجد حلًا ومن ثم سيطلبها رسميًا من داغر  . 



❈-❈-❈



عقاب المُحب دومًا ثائر  ،  يحمل بين شدته السلام فلا يقسو ولا يهجر 


وإذا كان العتاب محبة فبعض الهمس أبلغ من الكلام  . 



يستند على فراشه ويحتويها  ،  ذراعه الأيسر يلتف حولها والأيمن خلف رأسه،  تتمدد بسلام تتوغلها تساؤلات عجز عقلها عن فهمها  ،  ذراعها الأيسر يحاوط صدره والأيمن يحتضنه  . 



نوبة المشاعر التي أطعمها إياها يجب أن تحترمها قليلًا وتقدر قيمتها لذا فهي صامتة تفكر وهو كذلك  . 



ليبدأ الحديث يأخذ مجراه بعد عدة دقائق لذا نطقت بهمس ناعم استهدف قلبه  : 



- ممكن تفهمني يعني إيه اللي قولته ده  ؟ 



تنهيدة حارة قوية أطلقها أعطته فرصة ضمها بشكلٍ أكبر ثم أردف ببعض الغموض  : 



- أنا عارف ومتأكد إنك لو فكرتي كويس هتفهمي حاجات كتير  ، إنتِ ديما الصابر وتقدري تقري شفرات كتير على عكس الكل تقريبًا . 



لف وجهه لها فوجدها شاردة في كلماته التي تشبه امتحانًا صعبًا وعينيها حائرتين تسبحان في تفاصيله فازدرد ريقه وتابع بمغزى  : 



- أنا عارف إنك هتتعبي معايا شوية بس إنتِ مش حد عادي  ،  مابقتيش الزوجة التقليدية ولا بقيتي المرأة العربية العادية  ،  إنتِ من زمان مميزة علشان كدة معلش اتحملي معايا الفترة دي وأجلي كل الأجوبة لما أرجع مصر هقولك عليها  . 



نظرت له بتشتت زائد فتعمق فيها وتساءل بجدية  : 



- بتثقي فيا  ؟ 



تعمقت فيه عينيه وطال صمتها  ،  عقلها يعمل في عدة محاور وأولها طفلاها اللذان لم يتجاهلهما وعائلتها التي طمأنها وحياتها التي أمنها وأيامها التي سكب فوقها السعادة والأنس لذا نطقت بعد وقتٍ سمح فيه لها أن تفكر جيدًا لتردف بخفوت عاجزة عن إخفاء حزنها وحبها  : 



- أيوا بثق فيك يا ثائر  ،  وربنا هو الشاهد الوحيد على ثقتنا في بعض وعلى علاقتنا ببعض وزي ما إنت وثقت فيا للدرجة اللي خلتك تبوح بسرك أنا كمان هثق فيك للدرجة اللي تخليني أصبر لحد ما تيجي وتعرفني كل حاجة بنفسك مع إن فيه أسئلة عقلي مش مستوعبها ،  لازم تعرف إنه مش سهل  ،  أنا مش المرأة الحديدية ولا عندي قوة خارقة علشان اتحمل كل الصراع اللي جوايا ده وأولهم جوازك من مارتينا  ،  مهما بلغت قدرتي على التحمل هيكون صعب عليا إن إنت تكون مع واحدة تانية غيري  ، صعب جدًا   . 



يعلم مقصدها جيدًا لذا عاد يعانقها واقترب من أذنها وهمس بنبرة فرنسية خافتة تحمل حبًا جياشًا  : 



- هناك تعويذة تدعى ديما هجمت على عقلي وقلبي وعيناي وجسدي فأغلقتهم جميعًا عن استقبال أي امرأةٍ أخرى  ،  أنتِ فقط حارسة مقبرتي يا فرعونية  . 



توغل همسه إلى قلبها فأفشى فيه السلام لذا تنفست بعمق ومالت تطبع قبلة تأكيدية بالحب والثقة على وجنته تطمأنه وتطمئن نفسها بها لذا تنفس بقوة وتضخمت بنيته فأخفتها عن الأعين وهو يعاود عناقها  ،  لا يود تركها قط ولكنه مجبر لذا أطلق زفيرًا قويًا واسترسل بحب  : 



- يالا  ،  لازم نجهز علشان هتسافري مصر دلوقتي  . 



تعلقت فيه فابتعد يطالعها فتساءلت بقلبٍ متلهف  : 



- ماينفعش أفضل معاك هنا  ؟  هستناك ونرجع سوا  . 



هز رأسه بأسف ثم ابتعد ينهض وقد تبدلت ملامحه من العاطفة إلى الجدية والصرامة وهو يعرض عليها جزءًا جديدًا من شخصيته المخابراتية ليردف بثبات  : 



- طبعًا ماينفعش  ،  يالا نجهز  . 



أدركت أنه يريها هيمنته وحساسية موقفه لذا أومأت بتفهم ونهضت تخطو أمامه ملتفة بالملاءة فازدرد ريقه حتى لا تسقط هيمنته صريعة في حضرة نعومتها لذا زفرت بقوة وابتسمت بخفة برغم أنها تتآكل داخليًا مما هو مُقدمًا عليه ولكنها باتت مجبرة وملزمة بالصمت والتحمل  . 



اتجهت نحو الحمام وقبل أن تدلف قبض على رسغها الحر فالتفتت له تطالعه بتساؤل فعاد لحنينه معها واقترب منها ورفع كفه يملس بإبهامه على ملامحها ويستطرد  : 



- بلاش نتكلم عن أي حاجة برا حدود الأوضة دي  . 



وقفت تحدق به فأخذ رأسها نحوه يقبل جبينها بعمق وتنهيدة ثم ابتعد لتدرك أنها لن تحصل على جواب  ،  يبدو أن عليها الإجابة بنفسها على أسألتها من الآن وصاعدًا .



❈-❈-❈



جلست في مكتب عمها تتحدث معه بأسلوب يطغى عليه الرسمية  ،  كلاهما يدركان نوايا بعضهما  ،  أتت لتقابله هنا حيث أنها تخشى من العودة لذلك البيت  . 



أتت لتتفاوض معه ليتركها تعيش في سلام  ،  لن تخبره عن زواجها من داغر ولكنها ستخبره عن رغبتها في البقاء بعيدة عنه . 



لن تقدم تنازلات  ،  يكفيه ما أخذه منها منذ وفاة والديها  ،  عليها أن تتحلى بالجسارة حتى تغادر من هنا بخير  . 



تحدث بهدوء ملغم بالغضب يتساءل  : 



- يعني إيه هتفضلي قاعدة هناك  ؟ هو انتِ مفكرة إني بهزر  ؟  



هزت رأسها وأردفت بتأكيد  : 



- لاء خالص  ،  أنا عارفة إنك جاد جدًا في تهديدك وبعتلي ماجد يأكدلي ده  ،  بس أنا جاية أقولك يا اونكل إني مش هتراجع  ،  تهديدك حتى لو نفذته هيخليني اتمسك بموقفي أكتر  ،  إنت عارفني كويس  ،  أسلوب التهديد مش هو أبدًا اللي بينفع معايا  ،  شغل الشركة كله متبعاه أونلاين كويس جدًا وهيكون ليا زيارة مرورية كل أسبوع  ،  بس أنا اخدت القرار الصح اللي كان لازم اخده من زمان  ،  ومش هتراجع عنه  ،  ياريت يا أونكل تحاول تتعامل معايا على إننا شركاء عمل وبس  ،  بيزنس يعني  ،  علشان لو اتعاملنا بالدم والقرابة للأسف هتطلع مديون ليا كتير جدًا   . 



أمعن النظر إليها  ،  كيف يتركها تفعل ما تريد  ،  تمتلك ثروة كبيرة وعقلًا حكيمًا تم تدريبه على يد شقيقه بعناية  ،  تمتلك خبرة في المجال لا يمتلكها لا هو ولا ابنه  ،  تمتلك ذكاء تحتاجه العائلة  ،  هي الثروة الحقيقة وهو محق في هذا الأمر  ،  كيف يتركها تذهب لذلك الفقير الميكانيكي  ؟  هذه ستكون خسارة فادحة له لن يسمح بها لذا  ...  احتدت ملامحه ونطق مهددًا بنبرة حادة تخلى فيها عن ثباته : 



- مش هيحصل يا بسمة  ،  مش هسمح لك تدمري اسم وسمعة العيلة بتصرفاتك المراهقة دي  ،  إنتِ مش عايشة في أوروبا  ،  إنتِ هنا في مصر وفيه عادات وتقاليد شكلك نسياها وماشية ورا مشاعر ساذجة وغبية  ،  فكري كويس هتلاقي إن معايا حق  . 



صمت لبرهة يتتطلع على ملامحها ثم استرسل بملامح خبيثة  : 



- واتأكدي إني مش بهدد  ،  أنا بنفذ واعرف كويس أزاي أخليكي تتراجعي عن قراراتك دي بس أنا لآخر لحظة بتعامل معاكي على إنك كبيرة وعاقلة  ،  فكري كويس في كلامي بدل ما تندمي  ،  وبلاش بقى حتة إنك هتتمسكي أكتر بموقفك لإنك هتتسببي في حزن ناس تانية مش إنتِ بس  . 



فهمت مغزى حديثه وتوغلها الخوف الذي تجلى في عينيها  ،  هو محق  ،  إن مس داغر أي أذى سيحزن الجميع حزنًا لن تكون قادرة على النهوض من أسفل ركامه  . 




لطف بها ربها حينما رن هاتفها لتخرج من حالتها التي جعلته يتباهى ودست يدها في حقيبتها تجيب لتجده داغر فتعلقت به كتعلق الغريق في القشة وأجابت وهي تنظر في عيني عمها بقوة انتشلتها من اتصاله  : 



- أيوا يا داغر  ! 



كان يقف أسفل الشركة ينتظرها  ،  منذ أن علم أنها آتية أتى خلفها وقرر عدم تركها بمفردها في مواجهة هذا القاسي لذا جاء ووقف ينتظرها ولم تكن تعلم  ،  أردف بترقب وعينيه على الطابق الذي تجلس فيه الآن  : 



- خلصتي  ؟  أنا تحت لو خلصتي انزلي يالا  . 



توغلها شعورًا بالأمان غلف قلبها لذا تنفست براحة وأردفت وهي تنهض  : 



- أيوا خلصت ونازلة حالًا  . 



أغلقت معه وحملت حقيبتها ونظرت نحو نبيل تردف بشموخ برغم قلقها الدائم منه  : 



- صدقني يا أونكل لو فعلًا نفذت كلامك وقتها فعلًا هخسر كتير  ،  علشان كدة وقتها ماهيبقاش عندي حاجة أخسرها  . 



تحركت تغادر بعدما ألقت تهديدها في وجهه  ،  هذه المرة تركته يتلظى في غضبه لذا انتفض ينهض ويتجه نحو النافذة يتطلع منها على ذلك الداغر الذي يقف له كالعلقة في الحنجرة  ،  يباغته بنظرات كارهة حاقدة ليجد أن داغر يبادله بابتسامة استفزازية وجسارة لم يدرسها نبيل طوال حياته ولا يعلم كيفية التعامل معها  . 



نزلت وغادرت الشركة لتجده يقف أمام سيارتها ينتظرها  ،  نظرته نحوها حملت دعمًا أشبه بالعناق الذي تحتاجه الآن لذا تنفست بعمق واتجهت نحوه حتى وقفت أمامه لتتساءل بعيون لامعة  : 



- جيت ليه  ؟ 



بحبٍ متبادل يتجلى في نظراتهما أجابها  : 



- مش هسيبك لوحدك  ،  إنتِ كويسة  ؟ 



أومأت له وابتسمت تجيبه بتأكيد خاصةً بعدما استلت منه الطمأنينة  : 



- كويسة  ، يالا نروح  . 



أومأ فناولته مفاتيح سيارتها ليتولى هو القيادة واتجهت تجلس في المقعد المجاور وغادرا تحت أنظار نبيل الذي  لن يهدأ إلا حينما يجد حلًا لتلك المسألة  .



❈-❈-❈



لم تتعجب حينما وصلت برفقته إلى المطار لتجده قد جهز كل شيء  ، ترجلا ودلفا سويًا بملامح لا تفسر  .



تتولى قدميها مهمة السير بينما عقلها منغمسٌ في أفكاره وسؤالًا واحدًا يتردد على ذهنها  ( كيف ستتركه وترحل؟) 



كان يجاورها صامتًا  ،  صفحة وجهه باردة كأول مرة رأته فيها عبر الصور على الانترنت  ،  ملامحه لا تفسر أي مشاعر ولكن عينيه تفسر اشتياقه لها من الآن  . 



وقف أمامها يحدق بها بعمق  ،  بتمعن  ،  لهنيهة حتى نطق بنبرة جادة  : 



- هتوصلي مصر على الساعة 6 الصبح أو سابعة  ،  هيكون فيه عربية في انتظارك هتوصلك لحد البيت  ،  بس مش بيتكوا يا ديما  ،  إنتِ هتروحي على بيتي كام يوم  ، علشان أهلك مايقلقوش  ،  وأنا هاجي وراكي علطول مش هتأخر  . 



يود عناقها ولكنه لم يفعل لذا أشار لها برأسه أن تتحرك نحو الداخل ولكنها نظرت في عينيه وأرادت أن تقول الكثير وتتساءل عن الكثير ولكنها أردفت  : 



- لا إله الا الله  . 



- محمد رسول الله  . 



قالها وودعها واتجهت تجر حقيبتها وتغادر عائدة إلى الديار ووقف يتابعها حتى عبرت نحو الممر لتصعد على متن الطائرة  . 



عاد أدراجه بخيبة تغزو قلبه  ،  سينام ليلته بدونها  ،  وغدًا هو الأصعب  ،  من الآن وصاعدًا لن يهدأ حتى يؤدي مهمته ويعود لأحضان وطنه  .


وقفت أمام الحوض تنتظر نتيجة الفحص المنزلي الذي ابتاعته من الصيدلية  ،  لن تهدأ حتى تتأكد مما تشعر به  . 



الثواني التي مرت عليها كانت كسنوات زواجها  ،  مرت أمنياتها أمامها  ،  كانت قد تقبلت ورضت بما قدره الله لها  ،  كانت قد اكتفت برزقها ولكن يبدو أن كرم الله لا يمكن أن توقعه  ،  يأتي فيبهر  . 



شرطتين ورديتين ظهرتا في الاختبار  ،  لا تصدق  ،  ذهول أحكم قبضته عليها فجلعها تحدق متجمدة لثوانٍ قبل أن تصرخ بسعادة وتنادي باسمه  : 



- ديـــــــــــاب  ،  ديـــــاب تعالى بسرعـــــــة  . 



لم يكن يعلم ما تفعله ولكن صراخها أفزعه لذا اندفع نحو الحمام يدفع بابه ويتجه نحوها متلهفًا يسأل  : 



- فيه إيه  ؟  مالك  ؟ 



التفتت تحدق به بملامح عم الفرح أرجاءها وعرضت عليه الاختبار فقطب جبينه واقترب قليلًا حتى بات أمامها مباشرةً ومد يده يستل منها الشريحة ويحدق بها لثوانٍ ثم تحرك من الحمام نحو الخارج وعينيه لا تفارق الشرطتين  ،  تبعته نحو الخارج بخطى متخبطة من فرط مشاعرها لتجده يتوقف ويلتفت لها وعينيه تسألها قبل أن يردف  : 



- إنتِ حامل  ؟ 



خشت أن توميء  ،  خشت أن تثق في هاتين الشرطتين لذا نطقت بأمل ورجاء  : 



- ممكن  ! 



تلك المرة هو من أعطاها الأمل فأومأ وعاد ينظر لما في يده ثم أغمض عينيه ورفع رأسه عاليًا يهمس بإيمان  : 



- يارب  ،  يارب  ،  اللهم لك الحمد  . 



بكت  ،  لم تعد تحتمل بكت من قوة المشاعر التي سيطرت عليها الآن  ،  امتدت يديها نحو رحمها تتحسه وتتساءل بعدم استيعاب  ( هل يقطن داخلها طفل)  ( هل تحققت أمنيتها  ؟) 



اتجه نحوها وعانقها  ،  عناقًا عاطفيًا احتوى به سعادتها وحيرتها وترقبها ودهشتها وردد بهمس  : 



- هنروح الصبح نعمل تحليل يأكد لنا الحمل  ،  دي معجزة يا يسرا  ،  ربنا أكرمنا  . 



تمسكت به بكلتا يديها كأنها تتمسك بكلماته  ،  تبكي داخله بسعادة وتومئ له بصمت  ،  لن تتحدث ولا تريد أن تثرثر بكلمات ليس لها قيمة في خضم ما يعيشانه  الآن  .



❈-❈-❈



في السابعة صباحًا 



بعد رحلة دامت لساعات من الصراع والحزن وإجراءات تمت دون أي تركيزٍ منها  ،  تحركت نحو الخارج تبحث بعينيها عن السيارة التي تنتظرها  . 



تفاجأت برجلٍ يقف أمام سيارته  ،  هيأته منمقة يرتدي نظارة سوداء وحينما لمحها تقدم منها يردف برسمية وهدوء ولهجة مصرية مبعثرة  : 



- همدالله ألى السلامة يا أستاذة ديما  ،  اسمي خالد وهكون مآكي الفترة دي لهد ما أستاذ ثائر يرجأ . 



ليس مصري  ؟  هذا ما أدركته ولكنها أومأت له بتفهم تردف  : 



- أهلًا يا أستاذ خالد  . 



أومأ لها ونادا على السائق فأتى والتقط منها الحقيبة وتحرك بها يرفعها في صندوق السيارة بينما أشار خالد يستطرد  : 



- اتفضلي  . 



تحركت نحو السيارة تستقلها بهدوء وصمت واستقل السائق مقعده وجاوره خالد   . 



عبثت بحقيبة يدها لتستل هاتفها وتبدل شريحة الاتصال ببديلتها المصرية  ،  يجب أن تتحدث إليه وقبل أن تفعل سمعت رنين هاتف خالد وسمعته يجيب بتريث  : 



- أيوا يا صقر  ، مدام ديما مئايا  .



تحدث صقر بهدوء وهو يحتضن زوجته النائمة  :



- تمام يا خالد  ، افتح الموبايل اللي معاك وكلم ثائر . 



أومأ واسترسل  : 



- تمام  ،  فيه جديد  ؟ 



- لما نتقابل هقولك  ،  يالا سلام  . 



أغلق معه واستل الهاتف الآخر وفتحه يعبث به ويحاول الاتصال على ثائر الذي أجاب على الفور يردف بجدية مبطنة باللهفة  : 



- ألو  ؟ 



أجابه خالد مطمئنًا  : 



- مدام ديما معايا يا أستاذ ثائر  ،  ورايهين ألى البيت دلوقتي  . 



تنهيدة عبأ بها صدره  ،  لم ينم منذ أمس  ،  يفكر بها وبحمايتها واحتواء قلقها وما هو مقبلًا عليه  ، يفكر في كل شيء محوره هي ومتى سيعود إليها . 



نطق بترقب  : 



- خليني أكلمها يا خالد لو سمحت  . 



ناولها الهاتف فالتقتطه منه ووضعته على أذنها تجيب بلهفة   : 



- ثائر  ! 



ربما نطقها لاسمه بهذه الطريقة كان بديلًا لكلمة اشتياق أو حبٍ لذا زفر يجيب  : 



- نعم يا حبيبتي  . 



التمعت عينيها ونطقت بضعفٍ  : 



- أنا كنت لسة ببدل الشريحة وهكلمك  . 



نطق بجدية  : 



- بلاش مكالمات من الموبايل اللي معاكي  ، الموبايل ده هتخليه معاكِ هكلمك منه  ، بلاش تكلميني إنتِ   . 



صعوبة بالغة  ،  ما تعيشه الآن ستبتلعه بصعوبة بالغة ولكنها مجبرة  ،  غصة متحجرة مريرة عليها أن تبتلعها برضا  . 



ستفعل وليس أمامها خيارات أخرى  ،  الأمر لم يعد متعلقًا بهما بل بات أكبر من ذلك بكثير لذا ستفعل  ،  تنفست بقوة وأجابته بتريث حتى يطمئن  : 



- تمام  ،  هتعدي وهترجع مصر مرفوع الراس بإذن الله . 



هذا ما يود سماعه منها لذا أردف بتأكيد وصدق  : 



- بحبك  ،  عايزك ترتاحي النهاردة ولما توصلي هتلاقي أمي وابويا ومعاذ في استقبالك  ،  هما مستنيينك  . 



- وانا مستنياك  . 



أغلقا معًا وسقطت دموعها لذا أسرعت تجففها لتستمع إلى رنين هاتف خالد الذي التقطه ليجد اتصالًا من زوجته لذا فتح يجيب بحب وخفوت وصل إلى مسامعها : 



- هبيبتي  . 



أردفت خديجة متسائلة بغيظ  : 



- إنت فين يا خالد  ؟  وإزاي اصحى من النوم واتفاجئ إنك مش جنبي  ؟  روحت فين بدري كدة  ؟ 



تحدث عبر سماعة الأذن وهو منشغلًا بالنظر حوله وفي المرآة  : 



- ماهبتش أزئجك يا خديجة  ،  أنا في شغل دلوقتي هخلص واطلأ ألى الشركة  . 



زفرت وهي تجلس وسط صغارها الذين يتصارعون ليتحدثون مع والدهم ولكنها تحتل الهاتف قائلة  : 



- طيب يا خالد ماتتأخرش عليا  ،  الأولاد عايزين يكلموك  . 



نظر نحو ديما من خلال المرآة وحينما وجدها تدعي شرودها في الطريق أردف بخفوت  : 



- يا شهية بقولك أنا في شغل  ،  لما أوصل الشركة هكلمهم  ،  يالا سلام  . 



أغلق الهاتف معها وتحمحم ينظر حوله ليلمح ابتسامة يحاول السائق إخفاءها لذا نطق بجدية  : 



- ركز في الطريق  . 



أومأ السائق  . 



زفر بعدها وشرد يفكر في صغاره  ،  من المؤكد سيأكلون رأس والدتهم الآن خاصةً وأنه رحل دون أن يرونه ويعبثون معه كعادتهم كل صباح  .




سيتخذ من ابتعادها عنه حافزًا لينهي مهمته ويعود إليها  ،  هذا ما قرره برغم صعوبة الأمر عليه  . 



اليوم سيكون الأصعب على الإطلاق  ،  سيتزوج بمارتينا  ،  تلك المرأة المجنونة والمتملكة والتي لا يمكنه الاستهانة بها قط لذا يجب عليه أن يكون في أقصى مراحل ذكائه حتى يحصل على ما يريده  . 



ارتدى ثيابه وتحرك يغادر منزله بعدما مكث هذه الليلة في غرفة ديما يستنشق رائحتها  ،  والآن حان وقت العمل  . 




❈-❈-❈



يتناولان فطورهما سويًا قبل أن يذهبا ليتابعا الإجراءات  . 



منذ أن تحدثت معه أمس وهو يفكر  ،  عقله يعمل في اتجاهات عدة وبنهاية المطاف اهتدى لشيءٍ واحدٍ وواضحٍ وهو طلب يدها من شقيقها  . 



حينها سيكون له الحق والقدرة على حمايتها دون أن تنتشر الأقاويل  ،  ولكن كيف سيفاتح داغر في هذا الأمر  ؟ 



الحديث معه وطلب يدها منه أمرٌ شاق للغاية  ،  هي شقيقته والأمر يدعو للتوتر ولكن ليس على قلبي سلطان يا داغر  . 



هكذا حدث نفسه وخشى أن يتحدث بها أمام داغر الذي لاحظ صمته فسأله بتعجب  : 



- مالك يا صالح فيك إيه ع الصبح  ؟ 



سعل حينما توقفت اللقمة في حلقه ليتعجب داغر ويناوله كوب المياه وباليد الأخرى يربت على ظهره قائلًا  : 



- اللا  ؟  مالك يابني  ؟  لتكون بتحب ومخبي عني  . 



زادها صعوبةً عليه لذا ارتشف صالح القليل من المياه ثم تنفس وشرد  ،  اعتاد أن يتخذ الطريق الواضح دون لفٍ ودوران لذا حدق به وبجدية قال  : 



- داغر أنا بدي اياك بموضوع مهم  . 



قطب جبينه متسائلًا  : 



- خير يا بني قلقتني  ،  قول فيه إيه  ؟ 



حك رأسه بتوتر وأبعد ناظريه عنه ثم عاد ينظر إليه فشعر داغر بالضيق واسترسل  : 



- ماتنطق يا صالح بقى اللا  . 



- أنا بدي أناسبك يا داغر  . 



أصيب بالبلاهة وهو يميل برأسه كأنه لم يستطع تفسير جملته ونطق  : 



- نعم  !  



قرر أن يكمل ما بدأه لذا نطق بوضوح  : 



- متل ما سمعت  ،  بدي أناسبك ياخو  ،  بدي أكفي نص ديني وما رح ألاقي حدا أحسن منك  . 



استوعب داغر مقصده لذا لم يبدِ رد فعلٍ سريعة بل صمت يفكر ولاحظه صالح ففرك كفيه بتوتر يتابع  : 



- لا تؤاخذني بس قلت أحسن إشي أحكي معك طوالي  ،  فكر ياخو وخود رأي الأنسة دينا وأمي منال وأنا معاكم  بأي قرار  ،  ولا راح يأثر عليّ أي إشي  . 



ما زال شاردًا  ،  يفكر  ،  يحب صالح كثيرًا ويعرفه جيدًا ولكن الأمر الآن يتعلق بشقيقته  ،  عليه أن يتروى وعليها أن تقبل به أولًا لذا  ..  تنهد بعمق ونهض يردف بجدية  : 



- طيب سيبها على الله كدة وربنا يصلح الحال  ،  قوم يالا نشوف اللي ورانا  . 



هكذا أنهى الحديث في هذا الأمر سريعًا  ، لا ينكر أنه شعر بالضيق  ،  ضايقه لأنه أتى بشكلٍ مفاجئ برغم إحساسه بذلك الشيء من قبل  ،  عليه أن يفكر جيدًا ويعرض الأمر على شقيقته  ،  وليتها تقبل  . 




❈-❈-❈



ترجلت من السيارة أمام منزل عائلته  ،  ترجل معها خالد والسائق الذي اتجه يحضر حقيبتها  . 



تحدث خالد برسمية قائلًا  : 



- لو اهتجتي أي شيء هتلاقي رقمي مآكِ  ، وماتقلقيش المكان متأمن كويس . 



لا تدرك لمَ كل هذه الجدية  ؟ ومن ذا الذي سيهدد حياتها هنا  ؟ من المؤكد ثائر يبالغ في خوفه لذا زفرت بقوة وأجابته بهدوء : 



- شكرًا  . 



التفتت على إثر صوت والد زوجها الذي ظهر للتو يردف مرحبًا من خلفها  : 



- يا أهلًا وسهلًا  ،  مصر نورت  . 



ملامح بشوشة  ،  ترحيب حار  ،  معاملة ودية جعلتها تبتسم وتمد يدها إليه حينما اقترب ولكنها تفاجأت به يعانقها  ،  توسعت حدقتيها بتعجب لحظي ثم بادلته بمحبة تجيبه وهي تربت على ظهره بعدما استشعرت الراحة من مقابلته  : 



- شكرًا لحضرتك  ،  منورة بأهلها  . 



ابتعد ينظر لملامحها ثم نطق بمرح وصدق  : 



- الواد ثائر ابني ده طول عمره ذوقه حلو شبهي  ،  على عكس أحمد  . 



نطقها وهو يتكتفها ويسحبها معه نحو الداخل فابتسمت لا إراديًا واندمج معها في الحديث لتشعر أنها في مكان تنتمي إليه  . 



وقف خالد يتأملهما ثم تنهد واتجه نحو السيارة يستقلها وتناول هاتفه ليتحدث مع رجله الذي يأمن المكان هنا ويبلغه بالتعليمات قبل أن يرحل متجهًا إلى شركته  . 



صعدت مع أمجد لتجد سيدة وقورة في استقبالها  ،  تحدق بها بابتسامة وصلت إلى عينيها  ،  بعاطفة جياشة كأنها ترى جزءًا من ابنها الذي تشتاق له جمًا لذا ابتسمت لها ديما وحينما وصلت إليها أسرعت تعانقها على الفور وتهمس لها  : 



- ده من ثائر لحد ما هو يرجع بالسلامة ويحضنك بنفسه  . 



أصدرت صوت السعادة وهي تبادلها باشتياق وتبتسم قائلة  : 



- أهلًا وسهلًا يا بنتي  ،  نورتي بيتك  ،  اتفضلي  . 



دلفت ديما المنزل المرتب والهادئ ليهجم صغيراها على عقلها لذا اختفت ابتسامتها  ،  ظنت أن أول شيء ستراه وتفعله حينما تصل مصر هو رؤية صغيراها واحتضانهما ولكنها الآن مضطرة للانتظار ومجبرة على التحمل والصبر لذا ازدردت ريقها وتساءلت بهدوء وهي تجلس معهما  : 



- أومال فين معاذ  ؟ 



أحبت علياء سؤالها لذا أجابتها بابتسامة صادقة  : 



- لسة نايم يا حبيبتي  ،  طمنيني عنك  ،  وثائر عامل إيه  ؟ مش كنتوا المفروض تيجوا سوا  ؟ 



هكذا أخبرها أمجد الذي أسرع يجيب بدلًا عن ديما التي تجلى على وجهها التعجب  : 



- ما أنا قلتلك يا علياء لسة بيخلص أموره  ،  ديما نزلت قبله علشان مارتينا ماتعرفش بجوازهم  . 



أقنعها بذلك ويحمد الله أنه استطاع إخفاء الأخبار الفرنسية عنها حتى لا يشتتها وتتساءل عن أسباب عودة ابنها لزوجته الأولى  . 



أما ديما فنظرت له وتنفست لتجده يومئ لها مطمئنًا وكأنه يخبرها أن كل شيء سيكون على ما يرام  . 




❈-❈-❈



جلس داغر أمام شقيقته في غرفتها  ،  يحدق بها منذ دقائق بعدما أخبرها أنه يود التحدث معها  . 



تجلس أمامه كالمتهمة خاصة وهي تستشعر أن صالح قد أخبره بمكالمتها  ،  كيف ستدافع عن نفسها الآن  ؟  ولكنها فعلت من أجله لذا تساءلت بتوتر  : 



- مالك يا داغر  ،  قلقتني  ،  قول في إيه  ؟ 



نطق بترقب وهو يستشف تعبيراتها  : 



- صالح طلب ايدك مني يا دينا  . 



توسعت حدقتاها بذهول جعلها تحاول تأكيد ما سمعته لذا تساءلت ببلاهة  : 



- صالح مين  ؟ 



رفع حاجباه مندهشًا ولم يجب بل أردف بهدوء وهو يحتوي كفيها  : 



- اهدي يا دينا  ،  وفكري كويس  وانا مش هغصب عليكي أي حاجة  ،  هو صاحبي اه  ،  وجدع ايوا  ،  وأصيل أيوا  ،  بس انتِ بنتي واللي يهمني هو انتِ  ،  فكري كويس وانا معاكي  . 



- لاء يا داغر  ،  مش موافقة طبعًا  . 



قالتها بتسرع نتج عن فهمها لطلبه بشكلٍ خاطئ  ،  من المؤكد هذا الطلب نبع من اتصالها واستغاثتها به لذا لن تقبل بالطبع  . 



ليشعر بالضيق ولكنه لم يعترض بل تساءل  : 



- طيب مش تفكري الأول  ؟  ليه ترفضي بسرعة كدة  ؟ 



هزت رأسها وأدمعت وشعرت بالضغوطات تتكالب عليها وندمت على اتصالها به لذا نطقت  : 



- كدة يا داغر  ،  ماينفعش خالص  ،  مافيش حاجة افكر فيها  ،  لو سمحت قوله لاء  . 




❈-❈-❈



وصلا الى الفيلا  . 



ترجلا سويًا ودلفا جنبًا إلى جنب لتجد والدها يجلس يطالعهما بضيق  ،  كانت نظرات ثائر باردة وعيناه تستهدفه بمغزى  . 



رفع مقلتيه يسافر بهما عبر المكان ثم استقر عند مارتينا وأردف بابتسامة  : 



- هذا المكان يعيدني إلى ما قبل عشر سنوات  ،  أتتذكرين مارتينا  ؟ 



بادلته الابتسامة وتعلقت به تجيبه بمقلتين تقفز منهما الرغبة  : 



- لم أنسَ حتى أتذكر ثائر  ،  دعنا نستعيد ليالينا سويًا  ،  هيا نصعد إلى غرفتنا  ؟ 



أومأ لها بثبات وسحبها والتفت ينظر نحو والدها قائلًا  : 



- عن إذنك سيد أرتوا  . 



لوحت لوالدها بيدها باستفزاز متعمدة خاصةً وهي تدرك غيظه من عودة ثائر إلى هذا المنزل ولكنها لا تبالي  ،  جُل ما يهمها الآن هو الحصول عليه جملةً وتفصيلًا لذا تحركا سويًا للأعلى ودلفا غرفتها يغلق الباب خلفه فعادت تتعلق به وتلف ذراعيها حوله قائلة بدلال مفرط وعينيها مصوبة على شفتيه  : 



- لم تقبلني قبلة الزواج هناك  ،  دعني أفعل أنا  . 



اقتربت لتقبله ولكنه وضع كفه حائلًا بين شفتيهما لذا ضيقت عينيها بتساؤل ليبتسم ويجيبها بهدوء  : 



- دعيني أدخل الحمام أولًا  . 



زفرت بإحباط وابتعدت عنه خطوة ليتحرك نحو الحمام بهدوء ووقفت تحدق به حتى اختفا لذا اتجهت نحو البار لتعد كأسين لها وله  ،  هذه الليلة مميزة ويجب أن يشاركها المشروب  . 




❈-❈-❈




نزل إلى ورشته ليرى المشتري الذي سيأتي بعد قليل وليتحدث مع صالح فيما حدث  ،  كان يتمنى أن تفكر في الأمر  ،  صالح يستحق  ، وهو لن يتمنى لشقيقته زوجًا أفضل منه ولكنه لن يفرض عليها الأمر  . 



وصل إلى الورشة وألقى السلام بعبوس فرد عليه صالح ولاحظ ملامحه فتساءل  : 



- شو فيه ياخو  ؟ 



زفر داغر واتجه يقف قبالته وتساءل بمراوغة  : 



- الراجل ده هييجي امتى  ؟  اتأخر صح  ؟ 



أدرك صالح أنه يراوغ ووخزه قلبه لأنه استشف رفض دينا لذا تنفس بقوة وكاد أن يتحدث لولا ظهور سيارة شرطة تقدمت حتى توقفت أمام الورشة وترجل منها شرطيًا ومساعديه واتجها يقفا أمام داغر وصالح وتساءل الأول  : 



- مين فيكم داغر الصابر  ؟ 



تقدم داغر بتعجب وتساءل مستفسرًا  : 



- أنا يا باشا  ،  خير  ؟ 



التفت الرجل إلى مساعديه يشير لهما نحو الورشة قائلًا  : 



- فتشوا الورشة  . 



اندفع الرجلان نحو الورشة يفحصانها وتجمع بعض الأفراد من حولهم متسائلين عما يحدث  . 



وقف داغر متعجبًا يتابع الشرطيين وهما يعبثان بالأغراض بينما نظر صالح نحو الشرطي الأول وتساءل باستغراب  : 



- ممكن تفهمنا فيه إيه يا فندم  ؟ 



نظر لهما قليلًا ثم تجاهلهما حينما عاد شرطي يحمل في يده كيس صغير يحتوي على بودرة بيضاء تشبه الدقيق وعبوة تحتوي على عدد من الأقراص مجهولة المصدر قائلًا وهو يمده له  : 



- لقينا دول يا باشا  . 



اتسعت عين داغر ونظر نحو صالح ليردف الشرطي  : 



- هاتوه  . 



أمسكا اثنانهما بداغر قابضان عليه ليندفع صالح نحوهما قائلًا بذهول  : 



- وحدوا الله ياخو اهدى شوي  ،  أكيد هاي مدبرة  ،  لحظة بس  . 



أما داغر فقد النطق من شدة صدمته فيما يحدث خاصةً حينما طلت والدته من النافذة وصرخت باسمه لا تصدق أنهم يأخذونه أمام أعين الجميع  . 




❈-❈-❈



خرج من الحمام بعدما تخلى عن ثيابه الرسمية ليجدها ترتدي قميصًا شفافًا لا يخفي سوى القليل  . 



ابتسمت وحملت الكأسين واقتربت منه تمد يدها بأحدهم قائلة بجرأة وهي تتفحصه دون خجل : 



- لمَ لم تتخلَ عن ثيابك جميعها ثائر  ؟  الليلة مختلفة  . 



ابتسم ونظر للكأس في يدها ثم عاد إليها يردف بعدما حاوطت يديه خصرها  : 



-  تمهلي قليلًا  ،  ثم أنني لست بحاجة أي مشروب مارتينا  . 



تعلقت به مجددًا واقتربت من أذنه تهمس ويدها تذهب وتعود على جسده  : 



- أعلم أنك لست بحاجة أي شيء ثائر  .



بداخله يشعر برغبة قوية في القبض على عنقها وإزهاق روحها في الحال  ،  يسشعر بالنفور منها وهذا يضعه في صراعٍ حاد مع نفسه وجسده الذي يدعي الاستجابة  . 



ما يعيشه الآن يحتاج طاقة قصوى لذا تساءل وحواسه جميعها في حالة تأهب ( ماذا إن لم يحدث ما خطط له  ؟  )



تمت...

 الجزء الثاني من هناااااااا 



لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا


 

تعليقات

التنقل السريع