رواية قلب اخضر الجزء الثاني الفصل السابع وعشرون والثامن وعشرون بقلم رباب عبدالصمد (حصريه وجديده في مدونة قصر الروايات)
رواية قلب اخضر الجزء الثاني الفصل السابع وعشرون والثامن وعشرون بقلم رباب عبدالصمد (حصريه وجديده في مدونة قصر الروايات)
البارت السابع والعشرون من رواية القلب اخضر بقلم رباب عبدالصمد
عاد ايوب الى القرية وعقله لم يخلو لحظة من التفكير فى ليلته وكيف حالها
غابوا وزادوا فى الغياب سنينا
غابوا ليزداد الحنين حنينا
غابوا وما علموا بان غيابهم
سلب السعادة واستحال انينا
هذى عيونى قد بكت لفراقهم
دمعا مذيبا للجفون سخينا
عاد الى القرية وبعقله مواضيع لا حصر لها وكل موضوع يحتاج الى وقت لاصلاحه من بين اصلاح موضوع طارق وسهيلة وبين موضوع طارق وليلى وبين موضوع ليلى وعائلتها وبين موضوعه هو نفسه مع ليلى او موضوع اخيه معتزمع زوجته التى تريد قبضة من حديد ليتم ترويضها وبين موضوع اخته فريدة التى حرمت من زوجها وابنها بسبب حماقة اخيها
اصبح عقله مرهق للغاية يفكر فى كل شىء فى ان واحد
وصل الى بيته اولا حتى يرى ابيه فيدله على مكان ليلى
ما ان راته والدته الا وهللت ورحبت به واختلت فرحتها بالدموع فها هو جاء ولدها اخيرا
قبل راسها فى حنان وهو يقول : لما البكاء الان يا امى
والدته : لا ابكى على شىء الا عليك يا ولدى فقد جات لتحمل الهموم بدلا من ان ترتاح
ابتسم لها وقبل راسها مرة اخرى وقال مطمئنا اياها : لا عليكى يا امى فلا تدرين كم سعادتى وانا احمل عنكم همومكم
خرجت اليه صفاء ورحبت به وهى قلقة منه فهى تعلم ان زوجها نفسه يهابه وقد يشد عليها فى المعاملة اكثر من هذا لاجل ان يرضى اخاه او اباه كما يناديه
بينما ردعليها ايوب الترحاب بسلام بارد فعقله الان ليس فيه مكان لان يهتم بصفاء فهناك من الاعباء ما يحمله تفوق تصرفات صفاء
سال اول ما سال على اخته فريدة فاجابته امه بحزن انها فى حجرتها لا تغادرها ولا تغادر البكاء ايضا
تركها وصعد الى اخته ببطء وقلبه يتمزق لاجلها فها هى مهجة قلبه تعيس اسيرة جدران حجرتها لا تفارقها دموعها
ياغائبين بكى الزمان لبعدكم فهل لنا بعد الغياب لقاء
اشتقنا لكم يا ليتنا لم نفترق فالبعد فيه مذلة وشقاء
لا تقطعوا سبل المودة بيننا فان القلب يفرح باللقاء
طرق الباب ودخل بهدوء ورسم على وجهه ابتسامة عذبة تحمل حنان العالم كله وقال : لم اعتاد ان اتى البيت دون ان تستقبلنى تلك الصغيرة مهجة قلبى بالركض للفوز بحضنى
انتبهت فريدة لصوته فشهقت فقد كانت نائمة فى سريرها فى وضع الجنين وموليه ظهرها للباب وما ان راته واقفا يسد عليها الباب بطلته الحانية الا وقفزت نحوه وارتمت فى حضنه كما الطفلة وبكت بنحيب وصوت عالى وتشبثت فى صدره كما الطفل الذى يتشبث فى ابيه ان وجد ما يخيفه
ضمها اكثرلحضنه وربت على ظهرها وابتسم ليشعرها بحنانه ثم مال على اذنها يناغشها وقال : اعلم يا مهجة قلبى ان تلك الدموع لاول مرة تنزل فى صدرى ولكنها لا تخصنى بل تخص ذاك الرجل الذى شغل قلبك واصبح يملاه حتى انه لم يترك لى مكان فيه
تشبثت اكثر وبكت اكثر فضمها اكثر ثم ابعدها وقال والابتسامة لازالت تملا وجهه : ان علم مقدار اشتياقك له لبات تحت اقدامك ولكنى اعلم ايضا تمام العلم انه يتجرع نار الفراق اكثر منك ولكن الرجال لا يبكون
فريدة : لقد اشتقت اليه يا ابى
ايوب : وهو ايضا اكثر منكى اشتياقا لكى
فريدة بلهفة : هل هاتفك؟
ايوب : لا ولكنى اشعر بقلب الرجل العاشق
فريدة بتعجب : ماذا؟
ايوب تنبه لما تفوه به فهو حقا كان يشعر بعلي لانه مثله يتجرع الشوق لليلى فتنحنح ليلهيها عما تفوه به ثم قال : ادخلى اغتسلى وارتدى ابهى ما عندك فانتى اليوم عروسة من جديد
لم تفهم معنى كلامها فظلت محدقة فى وجهه ولم تجروء على سؤاله فقال لها : يا مهجة قلبى تعجلى فساذهب بكى الى بيت زوجك فانا لا يرضينى حالكما ثم ان تصرفى هذا بمثابة اعتراف لهما باننا لا نشك فى طهارة ابنتهم
رقصت فريدة من الفرحة واخذت تقبل اخاها فى كل انش فى وجهه ثم ركضت بسرعة للحمام لتغتسل
بينما هو غادرها لينتظرها فى الاسفل واذا به يجد اخيه معتز وابيه قد عادوا لتوهممن المزرعة
هلل اخيه معتز بعودته وسلم عليه واول سؤال ساله اياه : هل قامت صفاء بخدمتك وتقديم ما تحتاج اليه ام انها قصرت ؟
ربت على كتفه وقال : الزوجة تخدم زوجها ايها الصغير وان تكرمت فتخدم ام زوجها وابيه واما غير هؤلاء فلا والا فقدنا شيمة رجولتنا ونحن نرهقها بما لا يعنيها
صمت معتز خجلا من اخيه ولم يرد
ايوب : ارى الحب فى عينيك فاشعرها به ولا تجعل للجفاء بابا يقتل حبكما
تركه وتحرك نحو ابيه الذى كان بدوره يعرف ماذا يريد منه ان يعرفه ولهذا ما ان اقترب منه الا وقال له ابيه بكل هدوء : انا ايضا ارى فى عينيكلهفة العاشق
ايوب بلهفة وبصوت هامس : هل حافظت على ضى عينى وروحى التى كانت بين يديك
ابيه : اطمان يا بنى هى لا ينقصها الا حنانك
ثم صمت لبرهه واكمل : ودمك ايضا فهى تحتاج الى نقل دم وبشدة ولكنها حرمت على نفسها اى دم الا دمك
اخذ ايوب نفس عميق يدل على خفقان قلبه وعشقه ولهفته لسماع حتى صوتها او نظرة من عينيها وقال : هل هى يخير ام ساءت حالتها ؟
الحاج صالح : هذا عنوانها اذهب اليها واطمئن بنفسك
ايوب : لا استطيع الذهاب اليها وحدى بل ستاتى معى
ابتسم ابيه على نخوة ولده وقال : بالطبع يا بنى ساتى معك
قبل ان يتفوة بكلمة اخرى وجد اخته فريدة تقف امامه وهى فى كامل اناقتها وقد عادت الاشراقة من جديد على محياها وجرت الدماء من جديد فى عروقها
الحاج صالح متعجبا : الى اين يا فريدة
كادت ان ترد الا ان ايوب كان الاسرع فقال : لقد طالت زيارتها لنا وساوصلها الى بيتها
الحاج صالح وهوفاغرا فاه وبدات تظهر العصبية عليه وقال : كيف تقول هذا يابنى هل فقدت صوابك
ايوب بكل هدوء : واين عدم الصواب هنا
الحاج صالح : لقد اتى بها هنا بنفسه وتركها وحرمها من ابنتها وتريد انت ان تعيدها اليه هكذا بكل سهوله
ايوب بنظرة ثاقبة لابيه : ولماذا ناخذ نحن موقف ابننا بكل سهوله فهل احاسب على على رد فعله قبل ان احاسب ابنى على فعله
تلعثم الحاج صالح فهو يعلم ان ابنه على حق ولكنه فى ذات الوقت يريد ان يصون كرامة ابنته
ايوب : لقد فعل على الصواب عندما اتى بها الى هنا كما فعل ايضا الصواب عندما ترك اخته وعرضه الاخر بين ايدينا فهل يفعل هو ذاك وانت تفعل هذا فاين شيمتنا نحن فهو المجروح
صمت الحاج صالح بينما اغرورقت عينا فريدة فقد خشت ان يصم ابيها على رايه ولكنها شعرت بانفراجة وهى تسمع ابيها يقول لاخيها : افعل ما شئت انت تزن الامور خيرا منى
.....
وصل ايوب وبصحبته فريد التى كانت تسير معه وكانها تطير عند بيت على ونادى عليه
خرجت امه وهى تحمل حفيدتها ليلى التى تبكى وما ان راته هو وفريدة الا وتهللت اساريرها واقبلت نحو فريدة التى كانت اسرع منها وارتمت فى صدرها تقبلها وتقبل ابنها بلهفة
خرج على وما ان راى فريدة مع والدته الا وتهللت اساريره هو الاخر فقد كان مولعا شوقا اليها ولكنه على الرغم من ذلك تظاهر بالهدوء ورحب بفريدة بكل هدوء ثم مد يده وصافح ايوب
ابتسم ايوب وقال مناغشا لعلى : ايها الجبار ما كنت اعلم انك قد سلبت اختى عقلها قبل قلبها
ابتسم على ابتسامة هادئة ثم اشار له بيده ليدخل
دخل الجميع وعلى يتاجج نارا من الشوق وود لو ان يضم فريدة لصدره ولكن كرامة اخته وعرضها وقفت حائلا بينهما
واكتفى بان يختلس النظرات عليها وهى تتحرك امامه
دخل على حجرة الزائين وتبعه ايب بينما صعدت فريدة بصحبة ابنها لغرفة نومها فى الاعلى
ايوب : يا علي اعرف انك تعشق اختى واعرف انك رجل حد النهاية وامثالك الان نادرين
كاد علي ان يتكلم الا ان ايوب اسكته باشارة من يده وقال : ايها المجروح لا داعى للالم فقد طاب جرحك واعلم انى اول المؤكدين على طهرة اختك واعلم ان بارجاعك اختى لبيتى لا يعنى انك تثار لكرامة اختك التى هى من كرامتنا جميعا
ولا تنسى انها تحمل اسمنا قبل اسمكم فهى صارت منا وليست منكم وان كان صدر من اخى ما يؤلمكم فانا اول المعتذرين وجئت لك باختى بنفسى لاؤكد كلامى
كان علي ينصت له وكاد ان ينفجر غيظا من فعلة اخيه ولكن وقار وادب ايوب منعاه
ايوب اقترب منه ووضع يده على كتفيهوشد عليه ليشد من عزيمته ويرفع من شانه وقال : ارفع راسك ايها الرجل وانا اول المساندين لك وان طلبت الان الثار لعرضك منى فلن امانع ولكن ما امانعه ان تفكر مجرد التفكير لاثبات براءه اختك فبرائتها مثبوته بالفعل
كاد ان يتكلم علي للمرة الثانية الا ان قطع كلامهم دخول ابيه الحاج نعمان عندما شاهد نور الغرفة وما ان راى ايوب الا وتجهمت ملامح وجهه وطأطأ راسه خجلا وقال : ايها الثائر اعلم انك جئت لتثور لاجل شرفكم ولكنى اعدك ان اثار انا لكم وهذه بندقيتى لا تفارقنى ولن ادم لكم اى اعتذار الا وفى يدى دم عرضى المنتهك
لم يستطع علي السكوت اكثر من هذا وقال : ارفع راسك يا ابى ولا تطأطاها فانت اعلى الناس وان وجب طاطأة راسنا فانا فداك ولكنك ستبقى ابيا ولكن اختى اشرف مخلوق على وجه الارض ولكنك تكابر وها هو اخ من انتهك عرض اختى ودنسها جاء بنفسه يقدم لنا الاعتذار بل جاء باخته لدارنا وقد ازداد شرف بنا بل اختى هى من زادتهم شرفا
واعلم انه ما كان ياتى باخته الا ان كان واثقا فى اختى وعرضنا وما كنت تركت اختى الاخرى عندهم الا لانى ايضا متاكد من براءتها
الحاج نعمان بحزن : هذا كلامنا يا بنى ولكن اين هى لتثبت عكس ما ثار
علي : ستظهر عما قريبا ولكن ستظهر ومعها دليل عفتها وكن واثقا من هذا
ظل ايوب صامتا منصتا للحديث الارتجالى بين الاب وابنه ولكنه كان يغلى غيظا من ذلك المكابر
الحاج نعمان : وانا ساظل ابحث حتى اطهر عرضى بدمها فكون اختفاءها اكبر دليل على خطيئتها فاصبحت لا اقوى ان انظر فى عين اى رجل فكانما الجميع علم بما فعلت ولا اصبحت اطيق الليالى فكانما تذكرنى بفعلتها
الحاج نعمان كان يكابر ويرائى حتى يظهر انه رجل وقد ينتقكم لعرضه حتى وان كانت ابنته بريئة وكانه يتعمد ان يصدق فيها ما قيل ليظهر احقيته فى لقب الرجولة
نعيب زماننا والعيب فينا
وما لزماننا عيب سوانا
ونهجو ذا الزمان لنا هجانا
فدنيانا التصنع والترائى
ونحن نخادع من يرانا
وليس الذئب هو من باكل لحم الذئب
ولكن ياكل بعضنا بعضا عيانا
هنا ثار ايوب فليلى عشقه الوحيد تهان وتطعن فى شرفها وهو السبب لانه اختار ان تظل هكذا مختفيه فصاح ثائرا : ايها الرجل كفاك تكبرا وعنادك الم يكفيك ان كل الرجال حولك تؤكد براءة ابنتك الا انت ؟ ايها الرجل سبحان من صبرنى عليك من اول كلامك فكيف لك ان تتجرا وتقول لن اتركها الا وفى يدى دمها ولم تقل لن اتركها حتى اسير بها مفتخرا ببراءتها لما قدمت خطيئتها على برائتها ولما القتل قبل الضم ولما قدمت الثورة قبل العقل
اكمل كلامه بثورة وقد نسى تماما ان من يحادثة فى عمر والده ولكنه فى ثورته لا يرى امامه : لما قدمت الفضيحة قبل الستر ولما قدمت صدق اخى قبل كذبه لما لم تسمع الا صوت نفسك وكذبت كل الاصوات من حولك
ايها الرجل انتبه لحالك وكفاك غرور وان كنت تريد الثار حقا فخذ ثأرك منى فالمدنس لعرضك ابنى وانا امامك ثم امسك بندقيته بكل عصبية وصوب فتحتها نحو صدره وقال له اثار منى هيا
البارت الثامن والعشرون من رواية القلب اخضر
كانت فريدة قد اتت على اثر صوت اخيها العالى وما ان وجدته هكذا مصوب فتحة بندقية والد ليلى فى صدره الا وشهقت بصرخة ضعيفة فقد خافت ان يتهور الحاج نعمان
ساد الصمت لبرهه فمد ايوب يده وسحب البندقيه وفتح خزانتها والقى ما بها من رصاص حى على الارض وقال : عليك ان تعبا قلبك بالحنان قبل ان تعبا بندقيتك بالرصاص
جلس الحاج نعمان بوهن على اقرب كرسى وقد اغرورقت عيونه بالدموع وقال : اعرف ان ابنتى طاهرة ولكنى اردت ان اخمد نار تلك الاشاعة حتى ولو بقتلها قبل ان تنتشر فى البلدة فتشتعل نار الثار من جديد فكنت افكر فى ان اضحى بابنتى بدلا من ان اضحى بقرية كاملة
اقترب علي بهدوء وقال بنبرات تحمل الرجاء : اهدا يا والدى فلن تشيع الشائعة ولن تشتعل نار الثار فها هى عائلة الحاج صالح فى دارنا وكبيرها بين يديك يؤكد لك ان مايدور فى عقلم مجرد اوهام
الحاج نعمان بكسرة اب موجوع فى عرضه : ليتك تشعر بالخناجر التى تمزق نياط قلبى وانا اسمع على ابتى هكذا والادهى انها هربت واختفت
ايوب وقد عاد لهدوءه : ابنتك بكل خير يا رجل وستعود قريبا ومعها براءتها وان كانت من الاساس ليست فى حاجة لاثباتها ولكنها خلقت عنيدة مثلك
تعجب الحاج نعمان من ثقة ايوب ولكنه كتم وشعر ان
الخيط الذى سيوصله لابنته يبدا من عنده
كل هذا وليلى ترقد فى سريرها شاردة الذهن تداعب شعر ريحانة التى بدورها تلعب بدميتها الصغيرة جوارها
كانت تتذكر وكلها اشتياق إليه يحرق صدرها وتذكرت لحظة الفراق وقارنتها بلحظة اول لقاء فتعجبت لاقدارها ودمعت عيناها وهى تتذكر عينيه التى كادت تبكى وهو يودعها
قالوا حبيبك خلف البحر منفاه
قلت الحبيب هنا فى الصدر سكناه
عيناى تبصره فى دار غربته
كذاك تبصرنى فى البعد عيناه
يوم الوداع بكى جمرا على كتفى
وقد تمكن من كفى كفاه
نادر الدمع والانفاس ساخنة
ورشة العشق تغشانى وتغشاه
ذكراه تسكن فى روحى وفى كبدى
ولن تغيب اذا ما غاب ذكراه
علي وهو ينظر لايوب نظرة ذات معنى فهمها ايوب
بسرعة : كم افرحنى عودة زوجتى الى بيتها يا ايوب ولكن ليست من شيمتى ان اخذها لتنام بين احضانى وانعم بدفاها ووالدتها تتجرع المرض وانا الان الذى اطلب منك ان تاخذها معك حتى تطيب والدتك
تعجبت فريدة وكادت ان تنطق بانها لا تود الرجوع لبيت ابيها ثم ان والدتها فى احسن حال ولكنها صمتت اذا انها تعجبت من رد اخيها الذى قال بكل ود وترحاب : هذا كرم زائد منك يا على وانا نفسى كنت اود ان اطلب هذا ولكنك سبقتنى بكرمك
كانت فريدة تشتعل غيظا فهى لا تفهم شىء ولا تود الرجوع ولكن ان تكلم اخاها لا يجوز لها ان ترد كلامه
علي بابتسامة عذبة ليطمئن زوجته قال : اذهبى لغرفتك جهزى حقيبة ابنتك وخذيها معكى
استاذن الحاج نعمان الذى شعر ان هناك فى الامر شىء وقال مودعا لايوب : لبيت بيتك يا ابن العزيز والغالى واستاذنك فقد ضعف جسدى وارهقنى
رد ايوب التحية بوقار فتركهم وما ان اصبح ايوب وعلي بمفردهم حتى شعر علي بلهفته فى السؤال عليها فاقترب منه وقال : هى فى احسن حال
ايوب بلهفه عاشق : هل رايتها ؟ وكيف عرفت مكانها ؟ وكيف حالها بالله عليك طمنى
ابتسم ايوب وقال : لا يهم كيف عرفت مكانها الان والاهم انها اكثر منك اشتياقا لك وقد عرفت منها كل شىء حدث
خفق قلب ايوب وقال : صدقنى يا على ما كنت اعرف انها كانت زوجى لاخى اقسم لك
ابتسم علي وقال : لا عليك من القسم فانا علمت كل شىء
ايوب بلهفة : كيف حالها
علي : اشتاقت لقطرات دمك التى تحيها والان هى قد فقد الحياة
ايوب بالم : انا كلى لها فهيا بنا
فى تلك اللحظة اتت فريدة ومعها ابنتها وحقيبتها ولكنها لم تنظر لعلي واقتربت من اخيها وركنت جامنبة ونظرت ارضا وهى تمسح دموعها مما جعل ايوب يطلق ضحكة عالية من اعذب ضحكاته وقال : اه من لوعه الغرام ايتها الشقية وضربها بخفة على راسها ثم نظر لعلى الذى كان واقفا امامهم مبيتسما على حالها واستاذن وقال : سانتظركم فى الخارج ثم نظر لاخته بنصف عين وقال مشاكسا لها . لا تتاخران على كثيرا واعلموا ان الاب يغار على ابنته حتى من زوجها وانا لا اضمن نفسى ان غبتما على ماذا سافعل ثم مد يده واخذ منها ابنتها وقال مناغشا . اريدها ان تلهينى عن غيابكما حتى لا اتهور واعود بسرعه
ضحك علي وخرج ايوب وظلت فريدة تنقل ببصرها بين اخيها وزوجها ولا تفهم شيئا
ما ان خرج ايوب الا واقترب على من فريده بهدوء ضمها الى صدره وقبل جبينها فبكت هى بشهقة وتشبثت فى صدره فكنها اخيرا وجدت ضالتها
شد عليا واسند براسه على راسها واخذ يتنهد الما لهذا الفراق فقال لها هامسا : الان فقط ردت الى روحى
تشبثت فيه اكثر وبكت اكثر فضمها اكثر حتى كاد يعتصرها من كثرة شوقه
كلما اشتقت اليك عاتبت نفسى
فانا من صنعت هذا الفراق
فلا احيانى كاس من الذكرى
ولا احيتنى لحظات الاشتياق
رفعت راسه ونظرت فى وجهه فتقابلت عيونهم التى كانت من السنتهم فى التعبير عن اشتياق لقلوبهم فاقترب منها وقبلها قبلة اشتياق حتى نسوا ان هناك من ينتظرهم فى الخارج
علي بهمس فى اذنها : لقد تاخرنا على فهدك الثائر واخشى ان يثور علي انا
فريدة : صحي ما معنى كلمكم هذا فامى فى احسن حال
خرج بها علي وهو يحيطها من كتفيها : نحن ذاهبين الى ليلى
فريدة بشهقة مخلوطة بفرحة : احقا ما تقول سنذهب لليلى
كاد على ان يجيبها الا ان ايوب هو من رد عليها وقال بجدية : نعم يافريدة نحن ذاهبون اليها ولاول مرة اترجاكى واطلب منك ان تنتبهى لها ولصحتها
فريدة بتعجب من حال اخيها ومن طريقته العاشقة : وكيف عرفت طريقها وكيف عرفتها من الاساسفانت لم تراها من قبل
علي : هيا الان وساشرح لكى كل شىء
وقف الثلاثة امام منزلها وكلهم شوق لرؤيتها ولكن اكثرهم لهيبا كان ايوب
ما ان فتح علي الباب الا وركضت ريحانه نحو ايوب فحضنها وحملها يقبلها وقال : كيف حال ريحانتى ؟
تعجبت فريدة لهذا الود بينهم ولمعت عينيها وهى ترى لهفة شقيقها فى الاطمئنان على ليلى حتى انه اخذ يجول بنظره بسرعة فى كل انحاء المكان فقد شرح لها علي كل شىء
ربت على على كتفه وقال : انها فى غرفتها ترقد فى سريرها فقد حرمت على نفسها حتى دمى وحالتها ساءت
نظر له ايوب نظرة اشتياق لرؤياها محمله بحزن والم على حالتها ولكنه لم يتفوه بحرف فابتسم على وقال سادخل اخبرها
بينما فريدة اقتربت من اخيها فلاول مرة تراها بهذا الضعف فشعرت بجسده ينتفض من اللهفة فقالت ووجها مرسوم بابتسامة حانية : ونعم اختيارك يا ابى
ابتسم لها ولم يرد فعقله شارد فى جهه اخرى
خرج علي واشار لهم بالدخول فدخلت لها فريدة راكضة فوجدتها تحاول القيام من مكانها ولكنها كانت شاحبة هذيلة فاقتربت منها ومنعتها القيام واحتضنتا بعضهما البعض بشوق وما ان وقعت عينيها على ذاك الثائر الواقف خلف فريدة فلمعت عينيها بالدموع حتى انها ظلت محتضنه فريدة ولكن عينيها محتضنه عينيه فى لهفة
كانت عين علي تراقب اخته وبداخله فرحة لاجلها فها هو الان يرى الفرحة فى عينيها تلمع من جديد
ابتعدت فريده عنها ثم قامت واقتربت من علي وغمزت له ليتركوهم للحظات
ما ان خرجوا حتى اقترب منها ايوب ويكاد يرتعد لهفة وشوقا وكذلك حزنا والما على حالتها وقال بصوت هادىء عذب : كيف حالك
ابتلعت ريقها من التوتر من اثر لهفته عليه وقالت : فى احسن حال
ايوب : ما الذى اوصلكى لتلك الحالة هل هذا ما اوصيتك به الم اقل انتبهى لصحتك لما اوجعتينى عليكى الم اقل لكى حافظى على روحى التى تركتها امانة بين ايديكى فما الذى جعلك تهمليها اهانت عليكى ام وجدتى من اهو اعظم منى بالاهتمام
تمزقت لاجل اشتياقة وانقبض قلبها فرحة فمجرد كلمة اهتمام منه سرت بداخلها كما الدم الذى يجرى فى العروق فتوردت وجنتاها وانتعش الدم بعروقها وازدادت نبضات قلبها ونطقت خلاياها باسمة فصار وكانما رد الروح لها
قالت له بصوت ضعيف : لما قطعت رحلتك وانا اعلم اهمية وجودك مع طاقمك الم تخف ان يحدث شىء للرحلة فيضيع معها تاريخك
نظر لها يتامل وجهها فقد كان فى قمة اشتياقه لها وساد صمت بينهم مما جعلها تتوتر وتهرب من عينيه وتنظر ارضا
مد يده تحت ذقنها فرفع وجهها لتتلاقى عيونهم مرة اخرى وقال : اى رحلة تلك التى تتحدثين عنها لقد انتهت منذ ان تركتيها فلم يعد هناك رحلة ثم كيف يطيب لى البعد وانتى فى حاجة الي
صمت لبرهة ومد كفه بكل هدوء وحضن كفها فارتعدت وشعر بها فربت عليها بكفه الاخرى لتهدا ثم قال جاء دورى فى السؤال : هل طاب لكى منام وانتى بعيدة عنى
ليلى بسرعة : لقد جفانى النوم لانى قد حرمت من دفء انفاسك
دعنى اسالك حبيبى هل يليق الفراق بنا
هل نستطيع البعد بعد ما ذقنا حلاوة حبنا
فكيف تمر الليالى ان لم تتلاقى عيوننا
وكيف تنام الجفون ان لم تتعانق بالليل اكتافنا
وكيف يكون الصباح لولم ارى بسمتك تروى عشقنا
دعنا نوقن ان الفراق غير مسموحله ان يزور دروبنا
دعنا نشد ايادينا قويا ونكون اقوى من ضعف ابتعادنا
لم تستطيع النطق بحرف واحد وهى تراه قد اقترب اكثر منها وضمها حتى قبل جبينها لم تعترض فقد كانت هى اكثر اشتياقا منه ودوما ما تشعر ان كلماتها تبعث فيها روحا جديدة
ايوب باتسامة وغمزة عين : ساتصل بالطبيب حالا لتاخذى جرعتك من دمى
وقبل ان يقوم من مكانه قالت بسرعة : ارايت ما فعله بى صاحب النجمة الداكنة
جلس جوارها مرة اخرى وهو متعجب من الكلمة وضيق عينيه وقال ماذا تقصدين بالنجمة الداكنه ؟
قالت : صاحب النجمة الداكنة الذى ظهر فى سمائى ليعكرها كما قالت لنا العرافة
اخذ نفس عميق وتنهده بحراة فقد تذكر الموقف وكلام العرافة وعرف من هو صاحب النجمة الداكنة ثم ربت على يديها وقال : لا تقلقى فقد وجد بداية شعاع امل لنجاة موقفنا
ليلى : اى شعاع امل ينجينى من عرضى الذى لوثه اخيك
دمعت عيناها وقالت : الان علمت لما اشفقت على ولم توافق ان اعود لبيت عائلتى
مد يده ومسح دموعها وقال : ارجوكى لا تمزقينى واسمعينى جيدا ان اكبر اثبات لكرامتك هو تمسكى انا بكى ولم اكن اعرف كيف سيكون ذلك حتى وجدت الحل قد ارسله الله بين يدى
تنبهت له وسالته : كيف هذا
قال : ساشرح لكى فى حينها ثم قام من جوارها ونادى على على وفريدة ثم استدعى الطبيب وما هى الا ساعة من الزمن كانت ليلى مستلقية على سريرها ودم ايوب يجرى فى اوردتها ولكن الجميع كانوا صامتين فقد غمهم الطبيب بان حالتها تزداد سوءا ومن المحتمل الا يكتمل حملها على خير فالجنين غير مكتمل كافيا بالنسبة لعدد شهور الحمل وان اكتمل فالراجح انه لن يعيش طويل
باتت ليلى ليلتها والدموع لم تفارق وجهها وكان ايوب اشد المتاثرين لحالها
تبتسم وفى عينيها دمعة كانها البدر فى سماه
لو نظر البدر الى عينها لبكى خجلا منها وتاه
ولو شم الورد عطرها غار فسبحان ما خلق الاله
يارب ادم فى الحياة فرحها وادم ضحكها على الفاه
فريدة بهمس لعلى : انا مشفقة جدا على ليلى فاصعب شىء على الام ان تشعر ان طفلها لن يعيش فهى تجاهد لاجل تكذيب ذلك
على : انا على العكس فانا فى اشد فرحتى فقد يكون هذا خيرا لها حتى لا يربطها باخيكى شىء ويكون الطريق بينها وبين الفهد ممهد
فريدة : عندك الف حق الله يدبرها للخير
.....
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا