القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية وفاز الحب الجزء الثاني من رواية (ثأر الحب ) الفصل التاسع والأربعون والخمسون بقلم زينب سعيد القاضي

 

رواية وفاز الحب الجزء الثاني من رواية (ثأر الحب ) الفصل التاسع والأربعون والخمسون بقلم زينب سعيد القاضي 




رواية وفاز الحب الجزء الثاني من رواية (ثأر الحب ) الفصل التاسع والأربعون والخمسون بقلم زينب سعيد القاضي 

الفصل التاسع والأربعون 


توقف أمام بوابة القصر الداخلية وهو ينظر إلي الحقائب التي بيده فهو قد قرر ان يذهب لشراء بعض الأغراض لأطفاله وأيضاً شراء هدية إلي مولود عدي فهذه هي المرة الآولي التي سوف يراهم بهم وذوقيا يجب أن يحضر هدية إلي صغير كما أحضر علبة شوكلاه من النوع المفضل لا يعلم لم إشتري هذا النوع بالتحديد من الأساس كان بإمكانه أن يشتري أي نوع لكن لما اختار هذا هل مازال يتذكر ما تحبه وما تبغضه تنهد بإستياء ووضع يده علي جرس الباب.

في الداخل تجلس نورسيل تتناول بعض الفواكه بعض مغادرة الجميع وذهاب زوجها وعدي إلي المكتب لمتابعة بعض الأعمال زفرت بحنق ما أن إستمعت إلي جرس الباب ولم تجد أحد يأتي لفتح الباب قامت لتفتحه هي وطبق الفاكهة بين يدها فتحت الباب وتفاجات بهذا الطرق الذي يتشابه مع زوجها في الملامح.

تحدث عاصم بحيرة:

-هفضل واقف كده كتير؟

انتبهت إلي حالها وتسألت:

-ها آسفة أتفضل هو حضرت عايز مين؟

ضيق عينه متسائلاً بغباء ليته لم يقوله:

-هو أنتي خدامة جديدة هنا ؟

وقع الطبق من بين يدها ليتهشم لقطع صغير وهي تطالعه بغيظ وتشير علي نفسها بصدمة وصياح:

-نعم خدامة ؟ أنت متعرفش أنا مين يا بتاع أنت؟

❈-❈-❈

قبل وقت سابق في مكتب يوسف أرجع ظهره إلي الخلف بإرهاق.

رمقه عدي معاتبا وقال:

-حرام عليك يا أبني أيه نفسك أرتاح شوية ؟

تنهد يوسف بسأم وتسأل:

-ولما أرتاح آخرة الراحة أيه ؟ مين هيسد مكاني عدي الدنيا كلها بايظة يا حبيبي لازم أقدر أقف قبل ما تتعك أكتر من كده.

أومئ عدي بتفهم وعقب:

-عارف يا يوسف بس أنت محتاج ترتاح يا حبيبي أن لبدنك عليك حق.

تنهد يوسف بقلة حيلة وقال:

-أخلص من موضوع عاصم وعليا وبعدها بفكر أخد أجازة من كل حاجة واخد نورسيل وتسافر أي بلد نغير جو.

ابتسم عدي ساخراً وهتف بصوت خافت:

-متأكد أن نورسيل وهي معاك هتغير جو لا دي أي أكيد هتعكر جو.

تسأل يوسف بعدم فهم:

-أنت بتقول حاجة ؟

حرك عدي رأسه نافياً وتحدث بابتسامة مصطنعة:

-لأ ولا أي حاجة يا حبيبي بقولك أجازة سعيدة مقدماً.

رمقه يوسف بعدم إستيعاب وتسأل بحيرة:

-يا راجل مش مرتاح ليك المهم خلينا في المهم بقي ناوي علي ايه؟

تسأل عدي بعدم فهم:

-هعمل أيه في أيه ؟

ابتسم يوسف معقبا:

-يعني هنعمل سبوع ليوسف الصغير ولا عقيقة ؟

ابتسم عدي بحماس وقال:

-حابب الأتنين يا حبيبي.

أبتسم يوسف بتفهم وقال:

-ماشي يا حبيبي نعمل السبوع علي اليوم التاسع والعقيقة نتأخر شوية يبقي نايا والبيبي شدوا حيلهم شوية.

أومأ عدي بحماس وقال:

-ماشي يا حبيبي عقبال إبنك او بنتك يارب يا حبيبي.

أمن علي دعائه بتمني:

-يارب يا حبيبي يا رب.

قطع حديثهم صراخ نورسيل بالخارج تطلعوا إلي بعضهم بقلق ونهضوا راكضين إلي الخارج بلهفة.

❈-❈-❈

ظل عاصم واقفاً مكانه غير مصدقا ما حدث أمامه من هذه المعتوها هو لم يخطئ لم يقل سوي أنها خادمة جديدة لما غضبت هكذا.

فتح باب المكتب وركض يوسف وعدي إلي خارج اتجه يوسف إلي زوجته بلهفة وهو يتفحصها بقلق:

-نورسيل أنتي كويسة يا حبيبتي ؟

حركت رأسها بلا ودبت علي الأرض بغيظ وقالت:

-البيه بيقولي أني خدامة يا يوسف مين الكائن ده؟

كتم عدي ضحكته بصعوبة وهو يتجه إلي عاصم يضمه بلهفة وإشتياق:

-وحشتني أوي يا عاصم أخبارك.

ربت عاصم علي ظهره بحنان واسترسل:

-وأنت كمان يا حبيبي وحشني.

ابتعد عنه ونظر إلي نورسيل بعدم فهم وتسأل:

-هي مين دي ؟

اقترب عدي منه هامسا في أذنه:

-هي مش في حضن يوسف بيهديها يبقي أيه أكيد مراته يا ناصح ؟

نظر له عاصم ونظر إلي نورسيل بعدم إستيعاب وتسأل:

-أنت بتتكلم جد دي مرات يوسف ؟

إنتبهت إلي جملته وتطلعت إلي زوجها بغل:

-سامع يا يوسف بتقول ايه سامع؟

ضمها يوسف برفق وقال بصبر وهو يرمق عاصم بغيظ:

-إهدي يا قلبي إهدي ده عاصم بيهزر معاكي مش صح ولا أيه يا عاصم ؟

❈-❈-❈

رد عاصم بإختصار:

-مش قصدي والله بس يعني أنت يوسف هادي وراسي يا حبيبي أنت فهمني وهي مختلفة تماماً عنك.

تحدثت نورسيل بغيظ:

-بيقول عليا مجنونة يا يوسف سامع مين الكائن ده ؟

مسح علي جبينه عدة مرات وتحدث بتعقل:

-خلاص بس أنتوا الأتنين بقي لو سمحتوا اعرفكم علي بعض ده عاصم إبن عمي وجوز عليا.

ردت بضيق:

-اهلا.

أكمل حديثه:

-ودي نورسيل مراتي.

ابتسم عاصم ساخراً:

-أهلا بيكي.

ألتفت يوسف إلي زوجته وتحدث برفق:

-حبيبي روحي بلغي ماما أن عاصم جه.

تنهدت بضجر وقالت:

-حاضر يا يوسف بعد إذنكم.

غادرت نورسيل ورفع عاصم يده مستسلما:

-أسف بجد يا يوسف مكنتش أعرفها الصراحة.

اومأ يوسف بتفهم وقال:

-حصل خير ادخل يا عاصم أدخل.

انتبه يوسف إلي الأغراض التي يحملها وهتف معاتبا:

-أيه إلي أنت شايله ده بس يا عاصم ؟

ابتسم عاصم وتحدث بتبرير:

-حاجة بسيطة.

جلسوا سويا وبعد قليل جاءت صفاء من المطبخ وخلفها نورسيل ضمت عاصم لأحضانها بلهفة وشوق وبادلها هو العناق فطالما كانت هي الام الروحية له.

ابتعد عنها بعد فترة وجلست برفقتهم وتحدثت معاتبة:

-أخص عليك يا عاصم بقالك اسبوع هنا ولسه فاكر تيجي هنا تسلم عليا ؟

حاول التحدث مبرراً بإحراج:

-أنتي عارفة الظروف.

هتفت بحزم:

-أنا مليش دعوة بالظروف إلي أنت بتتكلم عنها دي أنت أبني وليا فيك زيهم بالظبط ولا أنت مش بتعتبرني أمك ده بقي شئ تاني .

رمقها معاتبا وعقب:

-بزمتك ده سؤال أنتي امي إلي مخلفتنيش ربنا يعلم معزتك عند قد ايه والله.

ظلت نورسيل تقف بغيظ انتبه لها زوجها واجلسها جواره برفق.

لم تقدر أن تصمت وتحدثت بغيظ موجهه حديثها إلي والدة زوجها:

-ماما أنتي قولتيلي هتاخدي حقي منه.

ابتسمت صفاء بخفة وعقبت وهي تمسك أذن عاصم تشده منها مازحة:

-أخص عليك يا عاصم كده تزعل نورسيل منك أعتذر لها يلا.

ابتسم بهدوء واعتذر قائلاً:

-اسف يا نورسيل بس سوري بجد واحدة بتفتح ليا ومعها طبق فاكهة شايلاه توقعت انها خدامة آسفة مرة تانية.

ابتسم يوسف بتفهم وقال:

-حصل خير ولا ايه يا حبيبتي عاصم زي اخوكي وبيهزر معاكي.

زفرت بحنق وقالت:

-تمام.

❈-❈-❈

هبطت علي الدرج بخفة وأطفالها بيدها يزن ما أن رأي عاصم ترك يدها وأكمل هو هبوط الدرج بمفرده واتجه صوب والده نهض عاصم سريعاً وجثي علي الأرض يتقبله في أحضانه مقبلا جبينه بحب وكل إنشئ بوجهه.

بينما ظل يزيد يتمسك بيد والدته وتوقف مكانه انتبهت عليا له وتسألت بقلق:

-أيه يا حبيبي وقفت ليه ؟

تحدث يزيد بعند:

-عايز أطلع أوضتي.

رمقته عليا معاتبة وقالت:

-عيب كده يا يزيد ويلا ننزل تسلم علي بابي.

دب علي الارض بطفولة وقال بصياح:

-ده مش بابي حتي لو بابي انت مش عايزه ومش بحبه ولا هحبه.

ترك الصغير يدها وغادر سريعاً متجهاً إلي غرفته أنتبه الجميع لما حدث وتوقف عاصم وهو يحمل يزن بصمت تام التفت إلي يوسف وتحدث مستئذنا:

-يوسف هطلع للولد .

أشار له يوسف معاتبا:

-براحتك يا عاصم بيتك.

أعطي يزن إلي جدته وغادر متجها إلي أعلي ليري طفله تحرك من جوار عليا التي ستتحرك هي الأخري لأعلي لطفلها لكن أوقفها بصوته الحازم:

-عايز أقعد مع أبني لوحدنا.

حاولت الإعتراض لكن تحدث بأمر:

-بتقول عايز عايز أقعد مع أبني لوحدنا أنا مش بأخد إذنك يا مدام أنا بعرفك .

تخطاها وصعد إلي أعلي بينما هبطت هي إلي الأسفل بصمت تام وجلست جوار والدتها.

ربت يوسف علي كتفها بحنان وقال:

-عليا ده أبوه أكيد مش هيأذيه ؟

تنهدت بسأم وقالت:

-أكيد معنديش ذرة شك يا يوسف أن عاصم ممكن يأذي يزيد بس انت عارف يزيد عنيد وعاصم مش هيقدر يتعامل معاه 

تسألت نورسيل بحيرة:

-ليه بتقولي كده بالعكس هيقدر جداً يزيد محتاج إهتمام عاصم به وعشان كده بيظهر نفسه يا عليا ومحتاج فعلاً يبقوا سوا لوحدهم لانك طول ما أنتي معاهم هيتجاهل أبوه أصلا وهيتحامي فيكي أنتي.

ابتسم يوسف بإعجاب وقال:

-ما شاء الله جبتي العقل ده منين يا قلبي ؟

رفعت نورسيل حاجبها متهكمة وتسألت:

-حد قالك أني غبية ؟

إبتسم بخفة وعقب:

-مقصدتش يا أم لسان ونص قصدي حللتي شخصية يزيد إزاي ؟

رفعت كتفيها بالامبالاة:

-أي حد مر بالظروف إلي هو مر بيها هيبقي ده تصرفه فعلاً بيحتاج يظهر نفسه عشان يلاقي إهتمام من الكل.

أومأ يوسف بتفهم وتسأل:

-ماما عزمتي عهد وشادي ؟

ضربت صفاء علي جبينها بخفة وقالت:

-لأ يا حبيبي نسيت هقوم أكلمها.

نهض عدي وقال:

-لأ خليكي هقوم اطمن علي نايا ويوسف وأكلمهم.

ابتسمت صفاء بخفة وعقبت:

-وأنا هقوم أكمل تجهيز الأكل .

❈-❈-❈

وقف أمام بابا الغرفة وتنهد بإشتياق وهو يتذكر ومضات من ماضيه مرت في هذا القصر وهذه الغرفة بالتحديد ليت هذه الأيام لم تمضي وظل يحيي بها ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يحدث.

فتح باب الغرفة وجد هذا العنيد يجلس على الفراش بصمت تام.

رفع الصغير رأسه وما أن رآها حتي هبط من علي الفراش متجهاً إلي الخارج لكن أمسك عاصم يده ومنعه من الخروج.

صاح الصغير بعند:

-سيبني أنا عايز مامي.

ابتسم عاصم ساخراً وعقب:

-مامي ؟ أظن أنت كبير بما فيه الكفاية إنك تقعد من غير مامي.

آخذ الطفل عنوة وأجلسه فوق الفراش وبعدها ذهب لأغلاق الباب بالمفتاح وعاد إلي طفله ووقف مربعاً ساعديه علي صدره وتحدث بنبرة حادة:

-ممكن افهم فيه أيه بتتعامل معايا كده ليه ؟ فيه طفل يتعامل كده مع بابي ؟

صاح الصغير بعند وهو يقف علي الفراش وجه لوجه مع والده:

-أنت مش بابي.

تحدث عاصم محذرا:

-أقعد مكانك ووطي صوتك يا محترم.

رد الصغير بعناد أكبر:

-لأ وأنت مش بابي عشان أسمع كلامك .

لم يستطيع أن يظل واقفاً هكذا وأمسك يزيد وأجلسه بقوة وصاح بأمر:

-حتي لو مش أبوك لازم تحترمني وتسمع الكلام.

ابتعد عاصم عنه وهو يضرب كف بكف:

-تربية عامر هيبقي ايه؟

تحدث يزيد بعند أكبر لا يتماشى مع سنه بتاتاً:

-وأنت ليه سبتوا يربينا ؟ ليه جاي دلوقتي وعايز تقرب منا أنا بحب بابا عامر مش بحبك أنت علي الاقل هو كان جنبي في كل حاجة وأي حاجة كان نفسي فيها هو بيجبها ليا أنت بقي جاي دلوقتي ليه أنا مش عايزك.

❈-❈-❈

ضحك عاصم باستخفاف واسترسل متهكما:

-بابي عامر إلي أنت كنت خايف منه أنت وأخوك صح ؟

تنهد عاصم وجلس جوار صغيره وتحدث بشرود:

-أنت ما شاء الله عليك يا يزيد سابق سنك يمكن متفهمش كلامي لكن هقوله ليك يا أبني أنا عمري سامع عمري ما فكرت أبعد عنكم لو فاكر أني كنت سعيد وأنا بعيد عنكم لا أنا كنت يتعذب وبتكوي بنار فراقكم يا أبني أنا مفيش حاجة في حياتي غيرك انت وأخوك وبس.

رد يزيد بحزن:

-طيب ليه سبتنا ومشيت وليه رجعت ؟ ليه خلتنا نتعلق ب بابا عامر كنت يسأل مامي دايما أزاي اسمي يزيد عاصم وبابي اسمه عامر ؟ مكنتش بلاقي منها اجابه ؟

تنهد عاصم وقام بحمل الصغير وأجلسه بأحضانه واستند برأسه علي رأس صغيره وتحدث بشرود:

-لو بإيدي أحكيلك هحكيلك يا حبيبي بس مش بإيدي أنت لسه صغير أصغر من إنك تفهم كل إلي بيدور حواليك لكن أوعدك إنك لما تكبر هفهمك كل حاجة وهتعرف وقتها أني مظلوم لكن كل إلي أقدر أقدمه ليك دلوقتي يا قلب أبوك أني أعوضك عن السنين إلي فاتت وانت بعيد عنك.

تسأل يزيد ببراءة:

-يعني هتفضل موجود معايا فعلاً لغاية لما أكبر وتحكيلي ولا بتضحك على عقل عيل صغير.

ضحك عاصم ضحكة مجلجلة وعقب ساخراً:

-وأنت شايف نفسك عيل صغير يا قلب أبوك ده أنت عصرتني يا واد أنت بزمتك يا حبيبي ده منظر طفل أنت متأكد أن عندك خمس سنين ؟

ابتسم يزيد ببراءة وقال:

-هما بيقولوا كده.

ضحك عاصم باستخفاف واسترسل موضحاً:

-أكيد بيضحكوا عليك يا صغنن أنت أكيد عندك ٥٠ سنة أنت طفل مصخوت.

ضحك يزيد بطفولة وقال:

-مصخوط زي مصاخيط بابا عامر.

توقف عاصم عن الضحك وتسأل بعدم فهم:

-مصاخيط ايه؟

رفع الصغير كتفيه لأعلي دلالة على عدم معرفته وتحدث ببراءة:

-هو كان بيكلم واحد في التليفون وقاله أن المصاخيط بقت في المخزن خلاص.

أومأ عاصم رأسه بشرود وقال:

-تمام .

قبل جبين صغيره بحب وقال:

-تعالي بقي ننزل لأخوك وأوريك جبت ليكم أيه.

أبتسم يزيد بحماس وقال:

-موافق بس علي شرط ؟

قطب عاصم جبينه وتسأل بحيرة:

-شرط شرط أيه أنت هتتشرط عليا يا فسل أنت؟

ضحك يزيد بطفولة وقال:

-اه هتشرط موافق ولا لأ ؟

هز عاصم رأسه بيأس وعقب:

-موافق يا أبن عليا موافق .

صقف يزيد بحماس وقال:

-تشلني بقي فوق كتافك موافق؟

ابتسم عاصم بحب وما كانت إجابته سوي أنه نهض وحمله فوق أكتافه والصغير يصقق بحماس .

واتجه به إلي الأسف والصغير يتمسك براسه بفرحة شديدة وعاصم كذلك بداخل قلبه فرحة عارمة هل عاد الفرح لقبله من جديد أم سيكون للقدر رأي آخر.

❈-❈-❈

استمعت علي إلي صوت طفلها نهضت بقلق لتطمئن عليه لكن تنهدت براحة وعلت الابتسامه وجهها وهي تري عاصم يهبط من الأعلي حاملاً يزيد فوق أكتافه .

هبط يزن هو الآخر من فوق أقدام جدته واتجه إلي والده يتشبث به يريده أن يحمله هو الآخر.

ابتسم عاصم بحب وقال:

-حبيبي هشيلك أنت كمان بس أنزل أخوك الأول ماشي ؟

بكي الصغير وهو مازال يتمسك بقدم والده يريده أن يحمله هو الآخر مثل شقيقه.

حاول عاصم أنزال شقيقه لكن تمسك يزيد رأسه نافياً وقال:

-لأ مش هنزل .

اقتربت عليا منهم وتحدثت بأمر:

-يزيد أنزل يلا.

تحدث يزيد بعند:

-لا مش هنزل بابي أنت عايزني أنزل ؟

ابتسم عاصم وقال:

-هو أنا مش عايزك تنزل بس ده أخوك الصغير وبيعيط لازم اشيله عشان يسكت.

يزيد بعند:

-ماشي بس هتشلني تاني.

ابتسم عاصم ساخراً وعقب:

-من عنيا .

انزله عاصم برفق وحمل الآخر بين أحضانه بحب وبعدها رفعه علي أكتفه.

حمله قليلاً وبعدها أنزله وذهب ليجلس مع البقية وأعطي لأطفاله الحقائب التي أحضرها لهم بها الحلوي والمفروشات وكذلك بعض الألعاب.

بينما أمسك حقيبه معينه ومد يده إلي عدي بها:

-أتفضل يا عدي دي حاجة بسيطة ليوسف الصغير .

رمقه يوسف معاتبا وقال:

-كلفت نفسك ليه بس ؟

ابتسم عاصم بهدوء ورد:

-دي حاجة بسيطة يا حبيبي ربنا يبارك لك فيه.

بعد فترة جاء شادي وعهد وتبادل السلام مع عاصم وبعدها جلس الجميع يتناولوا الطعام سويا في جو من الألفة والمحبة وظل عاصم برفقتهم إلي أن حل المساء وتأخر الوقت نهض عاصم وقال:

-الوقت أتأخر ومضطر أستأءذن  يا جماعة .

تمسك طفليه به وتطلعت له عليا بأمل …..

يتبع …….

الفصل الخمسون 


"قال الإمام الشافعي": ضاقت فلما استحكمت حلقاتها ..... فرجت وكنت أظنها لا تفرج. مهما ضاقت بك الدنيا علي وسعها... تذكر أن أشد ساعات الليل ظلمة هي الساعة التي يليها الفجر…


دي حاجة بسيطة يا حبيبي ربنا يبارك لك فيه.

بعد فترة جاء شادي وعهد وتبادل السلام مع عاصم وبعدها جلس الجميع يتناولوا الطعام سويا في جو من الألفة والمحبة وظل عاصم برفقتهم إلي أن حل المساء وتأخر الوقت نهض عاصم وقال:

-الوقت أتأخر ومضطر أستأءذن  يا جماعة .

تمسك طفليه به وتطلعت له عليا بأمل .

تحدث يزيد بحزن:

-هتمشي وتسيبنا تاني ؟

حرك عاصم رأسه نافياً وأنحني بجزعه يداعب أنفها بأصبعه برقة وقال:

-مين قالك كده بس ؟

تسأل يزيد بحزن:

-أنت أهو مش انت ماشي ؟

أومأ عاصم بإيجاب وعقب:

-أيوة مروح بيتي.

رد يزيد بإصرار:

-يبقي أحنا نيجي معاك.

تسأل عاصم بعدم فهم:

-تيجي معايا ؟

رد يزيد بعند:

-مش أنت رايح بيتك وانت بابا يعني المفروض أنا ويزن وماما نيجي معاك بيتك صح ولا غلط ؟

تطلع عاصم له بترقب فطفله ليس كأي طفل من أقرانه بالفعل ذكي ولماح لأبعد حد.

تطلع عاصم بنظراته إلي يوسف لكن يوسف رفع يده بإستسلام بمعني أن هذا الأمر لا يعنيني .

ابتسم عاصم بهدوء وتسأل :

-أنت حابب تيجي معايا ؟

اومأ يزيد بحماس شديد وقال:

-أيوة وأنام في حضنك.

داعب عاصم شعره برفق وقال:

-طالما أنت حابب كده انا موافق يلا أطلع جهز نفسك.

صقف يزيد بحماس وركض إلي اعلي وخلفه شقيقه الأصغر يركض خلفه هو الآخر بحماس شديد.

نهض عاصم واستقام واقفاً والتفت إلي عليا واستطرد قائلا:

-أنا هاخد الولاد وهرجعهم ليكي بكره .

انمحي الأمل من علي وجهها وغابت الابتسامة وحل محلها الجمود تشعر بأن قلبها تهشم كقطع الزجاج وأصبح فتات صغيرة لا قيمة لها.

فاقت من شرودها علي صوته انتبهت له وردت بجمود:

-يزن لسه صغير محتاج إلي يأكله ويغير ليه خد يزيد بس.

رد عاصم بإختصار:

-هاخد الأتنين اتفضلي اطلعي جهزي حاجتهم أظن انا دكتور وهقدر اتعامل مع الأطفال كويس أوي.

التوي فمه بابتسامة ساخرة وعقب:

-أظن يزيد وهو صغير كنت بغير ليه وأكله يا مدام.

❈-❈-❈

زفرت بحنق وغادرت متجهه إلي أعلي بينما لم تستطيع نورسيل أن تصمت وتسألت بفضول:

-هو أنت مش هتاخد عليا معاك ليه ؟ هي مش لسه مراتك ؟

ضغط يوسف علي يدها كل تصمت لكن ألتفت إلي زوجها بعدم فهم وتسألت:

-مالك في أيه أنا قولت حاجة غلط أنا قولت الصح إلي المفروض يحصل فعلاً.

رد عاصم بإختصار:

-عليا لو حابة تيجي براحتها ده بيتها.

ردت نورسيل بإستفزاز:

-مممم أنت ماشي بالمثل إلي بيقول عيني فيه ويقول أخيه.

تطلع لها بعدم إستيعاب وتسأل:

-نعم مش فاهم ؟

ابتسمت نورسيل ساخرة وأجابت:

-يعني أنت بتحبها وبتموت فيها وعايزها تيجي معاك امبارح قبل النهاردة لكن كبرياء حضرتك مانعك وعايزها تعمل ده بنفسها صح ولا غلط ؟ عارفة انك هتقول غلط وأنا كلامي. فاضي بس مش عشان هو كده لا عشان أنت عايز تثبت كده بس اقولك حاجة أنت بتغلط أوي وبدل ما بتبني بتهد هتفضل تعاند معاها وهي تعاند معاك وتضيعوا سنين من عمركم تاني في فراق ووجع القلب وفي الآخر ترجعوا تندموا.

نهضت مستئذنة:

-سوري لو تطفلت عليك بس قولت انصحك بعد إذنكم.

غادرت نورسيل بينما تحدث عاصم بهدوء:

-يوسف محتاج عربية معلش عشان الولاد معايا.

أومأ يوسف بتفهم وقال:

-تمام يا عاصم شوف العربية إلي تناسبك وخدها .

هبطت عليا بعد قليل وبرفقتها أطفالها وتحمل حقيبة صغيرة.

أخذ عاصم منها الحقيبة وتحدث لأطفاله بحماس:

-جاهزين يا أبطال ؟

❈-❈-❈

ابتسم الطفلين وتسأل يزيد بفضول:

-هي مامي مش هتيجي معانا ؟

حرك عاصم رأسه نافياً وعقب:

-لأ يا حبيبي مش هتيجي معانا لو حابة تيجي براحتها.

رمقته عليا بغيظ وقالت :

-لأ يا زيزو مش هينفع اجي وبكره بإذن الله بابي هيرجعكم صح يا بابي ؟

ابتسم عاصم ساخراً وعقب:

-لو هما حابين يرجعوا بكره هجبهم لو عجبهم القاعدة معايا هيفضلوا لحد ما يقرروا ده .

رفعت حاجبيها بإستهجان وتسألت:

-قصدك أيه هتاخد ولادي مني ؟ 

ألتفت إلي شقيقها وتسألت:

-أنت سامع يا يوسف بيقول ايه ؟

تنهد يوسف وقال:

-أيوة سامع هو قال وقت ما يحبوا يرجعوا هيجبهم لو مرجعوش تقدري أنتي تروحي ليهم يا عليا ده جوزك ودول عيالك.

نظر الي عاصم بنبرة ذات معني وعقب:

-ولا عندك مانع يا عاصم ؟

رفع عاصم يده بإستسلام وقال:

-زي ما أنت قولت دول عيالها وبيتها كمان يلا بعد إذنكم.

ودع الجميع وأخذ أطفاله وغادر وكذلك نهض شادي وعهد وغادروا .

جلست عليا جوار والدتها والقت نفسها داخل أحضانها تبكي على حالها.

ضمتها صفاء إلي أحضانها وقالت:

-إهدي يا قلبي اهدي ولادك هيبقوا بخير ده أبوهم.

وضع يوسف ساق فوق ساق وقال:

-خايفة عليهم كنتي روحتي معاهم عليا متنظريش عاصم يطلب منك ده لأنه مش هيحصل ولو فكرتي تستني ده يحصل هتستني كتير مع الأسف عاصم عنيد وأنتي عنيدة وهتفضلوا في حيطة سد تصبحوا علي خير.

❈-❈-❈

صعد إلي أعلي بوهن يريد أن ينعم ببعض الراحة والاسترخاء فتح باب الجناح وليته لم يفعلها حتي وجد زوجته تجلس أرضا وحولها كل ما لذ وطاب من طعام الغداء اقترب منها وتسأل بعدم إستيعاب:

-ايه دي يا نورسيل ؟

ابتلعت ما في جوفها وتحدثت بنهم:

-جعانة يا حبيبي.

قطب يوسف جبينه متسائلاً:

-نورسيل انتي شايفة ده طبيعي ؟

انتبهت له وتسألت بغباء:

-هو ايه ده إلي طبيعي ؟

جلس يوسف القرفصاء أمامها وتحدث بنبرة ذات معني:

-أولا انا مش قصدي حاجة وألف هنا علي قلبك كمان بس انتي بتأكلي بزيادة أوي !

تركت ما بيدها وتحدثت بحيرة وتسألت بقلق:

-ودي فيها أيه مش حامل ؟

تنهد يوسف بقلة حيلة وقال:

-عليا كانت حامل وعهد ونايا وبصراحة محدش فيهم كان زيك كده كأنك حامل بقبيلة يا قلبي ؟

رمقته معاتبة وصمتت تنهد هو بقلة حيلة وقال:

-نورسيل أنا خايف عليكي يا قلبي الرسول صلى الله عليه وسلم قال ثلث لطعامك وثلث لشرابك وثلث لنفسك وضعك كده مش طبيعي ممكن عندك نقص عندك في حاجة هو إلي مخليكي علي طول جعانة كده ليه ما ندورش علي المشكلة ونعرف سببها آخر مرة عملتي ايه عند الدكتورة ؟

مطت شفتيها بحيرة وقالت:

-مروحتش أصلا من اخير مرة روحنا.

هز رأسه بيأس:

-وطبعا مسألتيهاش عن موضوع الأكل ده ؟ ولا عملتي التحاليل إلي طلبتها ؟

اومأت نورسيل بايجاب.

زفر بحنق وعقب:

-بكره بإذن الله نروح ليها.

ردت نورسيل بتذمر:

-هقولها أيه جايين عشان بأكل كتير هتضحك علينا.

صمتت قليلاً واكملت بمشاكسة:

-وممكن تقول جوزها مستخسر فيها الأكل ؟

رفع إحدي حاجبيه متهكما وقال:

-مستخسر فيكي الأكل تصدقي بالله أنتي مستفزة أنا قايم أنام .

نهض ولكن إقترب منها وشدها من أذنها بغيظ وغيرة:

-عدي أخويا وجوز أختك عشان كده مش بتكلم في نقطة إنطلاقك في الكلام معاه لكن عاصم لسه ميعرفكيش وعفويتك معاه غلط ومتنفعش .

ابتسمت بدلال وقالت:

-وأنت بقي غيران ؟ عشان كده قالب وشك ؟

استقام بجسده وأشرف عليها بطوله الفاره وتحدث بثقة:

-طبيعي أغير علي مراتي لأن لو حتي مش بحبك محبس حد يبص لحاجة تخصني يا قطتي تصبحي علي خير أنتي ومائدة الإفطار إلي قدامك دي.

غادر تاركاً إياها تتأكل غيظاً بينما هو ارتسمت علي شفتيه إبتسامة نصر.

ومن الأحاديث التي تدل على إعجاز السنة النبوية في هذا السياق ما رواه المقداد بن معد يكرب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (ما ملأ ابن آدم وعاء شراً من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لابد فاعلاً فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه) رواه الترمذي وحسنه.

وصل إلي باب الشقة وفتحه وأشار إلى أطفاله بالدخول دخل الاطفال وهو يحمل الحقائق خلفهم أغلق الباب ووضع الحقائب جانباً وأجلس طفليه أمام التلفاز وآخذ الحقائب ودخل إلي المطبخ يفرغ محتوياتها في الثلاجة فهو قد مر علي السوبر ماركت وأحضر طعام وما يلزم من أجل الأطفال بدأ بصناعة بعض السندوتشات وأعد لهم الحليب واتجه لهم وجدهم مازالوا يجلسوا أمام التلفاز جلس في منتصفهم وتحدث بدعابة:

-يلا بقي يا حلوين نتعشي ونام عشان بكره ورانا يوم طويل.

تسأل يزيد بفضول:

-هنروح فين يا بابي ؟

ابتسم عاصم بهدوء ورد:

-آول حاجة هنروح عند عمو علي نشوف جدوا عشان هو تعبان وقاعد عنده وبعدها هنروح الملاهي أيه رايك بقي ؟

صقف الصغير بحماس وقال:

-ونتغدا في ماك ؟

ابتسم عاصم وقال:

-هو ماك مقاطعة ممكن نشوف أي مطعم تاني مصري أيه رايك ؟

أومأ يزيد بإيجاب:

-موافق طبعاً بس مامي هتيجي معانا ؟

امتعض وجهه وتسأل:

-أنت حابب ترجع لماما أنت عايزني ؟

حرك يزيد رأسه سريعاً بلا:

-لأ عايزك بس كمان عايز مامي معانا.

ابتسم عاصم بتفهم وقال:

-ومامي لو حابة تيجي معانا هتيجي ها نأكل بقي عشان أخوك ده لسه هغير ليه البامبرز قبل ما ينام.

ضحك يزيد ووضع يده على أنفه بإشمئزاز:

-ياي هتغير ليه الكاكيه ؟

ضربه عاصم بخفة علي رأسه وعقب:

-اه يا خفيف زي ما كنت بغيره ليك وأنت صغير يلا يلا نأكل.

بدأ يزيد تناول طعامه وشرب الحبيب بينما حمل عاصم يزن علي قدمه يطعمه برفق ويساعده علي شرب كأسه.

بعد ساعة كان يتمدد عاصم علي الفراش في غرفة الأطفال وطفليه في أحضانه ولآول ليلة منذ عامين يغفي براحة وسلام كأن ضمه لأطفاله بمثابة الأمان والأمان لقلبه فهو من يحتاج الي ضمهم وليس هم .

❈-❈-❈

صرخة قوية شقت سكون الليل جعلت شريف ينتفض بفزع وهو يري وجه زوجته المتعرق وصراخها يملئ المكان وطرق علي باب غرفته نهض سريعاً وفتح لوالديه الذان تسالان بقلق عن ما يحدث ولكن حالة حنين كانت تغني عن أي سؤال فيبدوا أنه حان موعد ولادة طفلهم.

ومع ساعات النهار الآولي وشعاع الشمس المضئ كان معه صرخة طفلهم الآول الذي أصر أن يأتي في هذا الوقت ولم يعطي فرصة لوالدته أن تذهب الي المشفي حتي فولد بالبيت بعد أن أحضر والده الطبيب.

أعطي الطبيب الطفل إلي شريف الذي حمله بين يديه بشعور غريب ومختلط يشعر بفرحة وحزن وخوف بفرحة لرؤيته وحزن علي الالام التي شعرت بها والدته وخوف عليه وعليها.

قبل جبين طفله بحب وآذن في أذنه اليمني وأقام في أذنه اليسرى وأطلق عليه إسم "سالم" وسط صدمة وتعجب والديه لكن ابتسم سالم لولده ممتنا .

بعد عدة ساعات كانت حالة حنين أفضل وتجلس علي فراشها ورضيعها بين أحضانها والغرفة تعج من حولها زوجها والديه ووالديها هي الاخري والخدم اللذان يعملان في القصر فارحين بهذا المولود الجديد ويطلقون الزغاريد فرحة وإبتهاجا به .

ابتسمت حنين براحة وفرحة لم تظن يوما أنها ستفرح هكذا أو أن الله سيعوضها خيراً كهذا بعد ما مرت به.

زوجها أهداه الله لها ووضع محبتها في قلبه وقلب والديه ووالدها تحسنت صحته وها هو يجلس جوارها هو ووالدته سعيدين بحفيدهم الآول من إبنتهم الوحيدة كانت تظن أن نهاية كانت مع موت شهاب ولكن لم تدري أنها كانت نقطة البداية والتحول لها.

كلما يشتد بنا الضيق فهذا مؤشرا أن الفرج بات قريباً فما بعد الضيق إلا وسع وراحة فقط أحسن الظن في الله هو يدبرها لك بما يرضيك أنت فأرضي بما هو لك فوالله سترضي بقدر ما رضيت بما رضاك به ربك .

❈-❈-❈

يحتسي القهوة بشرود وملل فعلي غادر لمتابعة أعماله بينما ظل هو بمفرده قطع جلسته رنين جرس الباب وضع الفنجان علي الطاولة ونهض ليفتح الباب تفاجئ بعاصم أمامه ولكن صراخ الصغيرين بإسمه جعله ينظر أرضاً ليلتفت لهم.

انتبه لهم وانحني سريعاً ليصل إلي مستواهم وعانقهم بشوق وحنين نهض بعد فترة حاملاً يزين بيد واليد الآخري يمسك بها يزيد اتجه علي الاريكة وأجلسهم بأحضانه.

اغلق عاصم الباب وجلس على المقعد بجوارهم بصمت تام قطع هذا الصمت عوني الذي تحدث بإنكسار لم يعهده من قبل:

-ما تتخيلش فرحتي النهاردة قد ايه يا عاصم وأنت داخل عليا بعيالك كان نفسي اليوم دي يجي من زمانك سامحني يا ابني لو كنت السبب انهم يبعدوا عنك ويفترقوا في يوم من الايام .

تنهد عاصم بأسي وقال:

-خلاص إلي حصل حصل أنسي إلي فات بلاش ننبش في الماضي لانه لا هيقدم ولا هيأخر بالعكس هيوجعنا وبس .

نظر له عوني بأسف وصمت.

تحدث يزيد بتساؤل:

-هو أنت كمان يا جدو كنت تعرف ان بابا يبقي عاصم مش عمو عامر ؟

أومأ عوني بإيجاب:

-أه.

امتعض وجه الصغير وتسأل:

-طيب ليه مش قولت ليزيد ؟

ابتسم عوني بتعقل وقال:

-كنت مستني بابا هو إلي يجي ويقول ليكم بنفسه يا حبيبي.

نهض عاصم وهتف في أطفاله:

-كفاية كده يا يزيد جدو تعبان ومحتاج يرتاح.

تحدث عوني بلهفة:

-رايح فين أقعد ملحقتش اشبع منك ولا من الولاد .

تنهد عاصم وقال:

-الولاد حابين يروحوا يقضوا اليوم بره مرة تانية بإذن الله.

صمت عاصم قليلاً.

انتبه له عوني وتسأل بفضول:

-عايز تقول أيه يا عاصم ؟ 

طالعه عاصم بحيرة فأكمل عوني بجدية:

-حاي لو أنت طول عمرك بعيد عني يا عاصم هتفضل أبني الي اعرفه من نظرة عين واعرف هو عايز يقول ايه فهمت يا أبني أطمئن أنا هروح بكره للمحامي ألغلي  التوكيل مش ده إلي أنت عايز تقوله يا حبيبي ؟

أومأ عاصم بإيجاب وعقب:

-أيوة .

ابتسم عوني بهدوء ورد:

-اطمئن هيحصل.

استأذن عاصم واخذ أطفاله وغادر بينما ظل عوني جالسا كما هو ينظر في آثره بندم فيما وصل أليه هو وأطفاله لن يسامح نفسه طوال حياته علي ما اقترفه في حقهم حتي لو كان دون إرادتهم فما حدث حدث وهو ضلع مشترك به.

❈-❈-❈

لم تنم ليلتها طوال الليل تشعر بأشواك تخترق جسدها من الفراش أو كرات من الجمر أسفل جسدها فهذه أول ليلة يبتعد بها أطفالها عنها كيف ستحيا من دونهم أو كيف تستطيع أن تقضي ليلة آخري من بدونهم.

فاقت من شرودها علي صوت طرق علي باب الغرفة والخادمة تخبرها أن عاصم وأطفالها في إنتظارها في الأسفل.

انتفضت علي الفور وارتدت ملابسها علي عجالة وهبطت إلي الأسفل وفور أن وقع عينيها علي طفلها ركضت اليهم وضمتهم إلي أحضانها بلهفة وإشتياق .

تنهد عاصم بأسي وعقب:

-من كام ساعة وحشوكي ؟

رفعت رأسها وتحدثت والدموع تنهمر من عينيها:

-لو دقايق بس بعيد عني مقدرش أعيش من غيرهم دول النفس إلي بتنفسه .

تنهد عاصم وقال:

-قومي ألبسي أنا والولاد خارجين وحابين إنك تبقي معانا .

ردت بكبرياء:

-لأ مفيش داعي مش حابة أبقي عزول معاكم.

رمقها بنفاذ صبر وقال:

-أتفضلي غيري هدومك يلا عشان منتأخرش.

زفرت بحنق وغادرت متجهه إلي غرفتها وهبطت بعد نصف ساعة وهي بكامل أناقتها وغادرة بصحبته هو وأطفالها وهذه اول مرة يخرجوا بها كأسرة واحدة.

❈-❈-❈

تتمدد نورسيل علي الفراش الطبي ويوسف يقف جوارها ممسكاً يدها بحب.

بينما الطبيب ينظر إلي الشاشة أمامه بترقب والتفت لهم فجأة وتسأل:

-انتوا كنتوا متابعين مع مين ؟

رد يوسف بقلق:

-دكتور….. ليه في حاجة يا دكتور؟


يتبع……

تعليقات

التنقل السريع