القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية وأنصهر الجليد( الجزء الثانى)الفصل الثاني وعشرون والثالث وعشرون بقلم شروق مصطفى حصريه

 

رواية وأنصهر الجليد( الجزء الثانى)الفصل الثاني وعشرون والثالث وعشرون  بقلم شروق مصطفى حصريه 





رواية وأنصهر الجليد( الجزء الثانى)الفصل الثاني وعشرون والثالث وعشرون  بقلم شروق مصطفى حصريه 


وانصهر الجليد 22_23🌹

حاولت سيلا كتم ضحكتها، لكنها لم تستطع، فأردفت بمكر:

"أحم... سيطرة، آه، ما أنا عارفة! بس بلاش تعيشي الدور قوي، وما تردديش الكلمة دي كتير، ما تضمنيش ممكن يحصل إيه!"


ضحكتا معًا، وتابعتا حديثهما، بينما كان الحماس يزداد استعدادًا ليوم الفرح المُنتظر.


"مش فاهمة، بس ما علينا، أنا هقوم أكمل شوية حاجات بسيطة، ومعتز هيعدي علشان نروح أنا وماما نرص الحاجة دي وأتمم على الشقة وخلاص."


سألتها سيلا: "إنتِ مش عاوزة حاجة أعملهالك؟"

ابتسمت مي بحنان: "ما تحرمش منك يا حبيبتي، عايزاكي طيبة دايما."


قالت سيلا وهي تنظر نحو الباب: "بصي، هقفل لأني سامعة حد على الباب، هروح أشوف مين، مع السلامة."


أغلقت الهاتف واتجهت نحو الباب، فوجدت "فاطمة" تغلقه وهي تحمل بيدها حافظة ملابس، بينما كانت السيدة فاطمة تبتسم لها قائلة: "اتفضلي يا حبيبتي، ولا أطلعهولك فوق؟"


نظرت إليها سيلا بدهشة وسألت: "إيه ده يا داده؟"

ابتسمت فاطمة قائلة: "اتفضلي، وانتي هتعرفي."


أخذت منها الحافظة، وما إن فتحتها حتى وجدت بداخلها فستان زفاف! احتضنته بين ذراعيها، وارتسمت على وجهها ابتسامة مفعمة بالحب والسعادة.


ابتسمت فاطمة لرؤية فرحتها وقالت: "ربنا يهنيكي يا بنتي."

ردت سيلا بامتنان: "ميرسي يا داده، أنا هطلع أشوفه."


ركضت إلى غرفتها بسرعة، ثم فتحت الحافظة بحماس، وأخرجت الفستان لتضعه على الفراش، تتأمله بسعادة. كان تصميمه راقيا وأنيقا، مجسما من ناحية الصدر حتى الركبة، ثم ينسدل باتساع قليل بعد ذلك، ومطرزا ببعض حبات اللؤلؤ عند الصدر، مما منحه مظهرا جذابًا.


قطعت تأملها رنّة هاتفها، نظرت إلى الشاشة، فوجدت اسم "حبيبي" يضيء عليها. ردت بلهفة وسعادة، بينما يخفق قلبها بشدة، فهي كانت تظن أنه نسيها، لكنه فاجأها اليوم.


قالت مبتسمة: حبيبي؟

جاءها صوته الدافئ عبر الهاتف: حبيبة قلبي، وصلت الحاجة؟ عجبتِك؟

أجابت بسعادة: "وصلت! وتجنن بجد! مش مصدقة إنك فاكرني و...


قاطعها بحنان: أنا أنسى كل حاجة إلا اللي يخصك إنت يا أجمل عروسة، شوفي ناقصك إيه كمان، بعد ما أخلص شغل أعدي أجيبه، أو ممكن نشتريه سوا بكرة، عاوزك ملكة متوجة.


ردت بحب: حبيبي، ما تحرمش منك يارب، بحبك أوي! هستناك، جاي إمتى؟

أجاب: على المغرب كده، عندي شوية شغل أخلصهم، ومعتز أخذ إجازة، فأنا ووليد هنخلصه.


راودتها فكرة، فقالت بحماس: أول ما تمشي من الشركة، كلمني علشان أجهز.

ضحك وقال: حاضر يا قلبي، مع السلامة.

همست بحب: مع السلامة يا حبيبي.


أغلقت الهاتف، ثم قفزت بسعادة وهي تنظر إلى الفستان مرة أخرى. وضعته على جسدها وظلت تدور حول نفسها، تتأمل انعكاسها في المرآة، حتى دمعت عيناها. تذكرت والدها ووالدتها، وهمست بحنين:


"كان نفسي تشوفوني بفستان الأبيض، وتلبسوني الطرحة... ربنا يرحمكم، يا رب، أكيد حاسين بيا أنا وهمسة."


تنهدت، ثم وضعت الفستان على الفراش مرة أخرى، ونظرت إلى الساعة، فوجدتها تجاوزت الظهيرة.


يدوبك ألحق أجهّز نفسي!


ـــــــــــــ

مساءً، خرج عاصم من مكتبه منهكًا بعد يوم طويل من العمل. جمع متعلقاته وغادر متجهًا إلى مكتب وليد، فتح الباب وأمال برأسه إلى الداخل قائلًا:


"خلاص، أنا فصلت... مش يلا بينا؟"


ثم دخل وجلس أمام وليد بإرهاق، فهتف الأخير مازحًا:


"مين سمعك! أنا كمان تعبت، وهمسة مش سايباني، كل شوية تتصل بيا وتقول: 'أنا هولد، الحقني!'"


نهض عاصم بقلق:


"طيب، وساكت ليه؟ روح بسرعة، ممكن تكون تعبانة!"


قهقه وليد بصوت عالٍ وهو ينهض أيضًا:


"لا، ده العادي اليومي بتاعها! كل ساعة بتقول نفس الكلام، حتى لما أكون جنبها. البنت شكلها شقية شوية... يلا نروح لها قبل ما تتصل..."


قبل أن يُكمل جملته، رن هاتفه، فأشار لعاصم ضاحكًا وقال:


"شايف؟ اهي اتصلت!"


أجاب سريعًا: "جاي، جاي يا حبيبتي، مالك بس؟"


جاءه صوت همسة مُرهقًا ومتألمًا:


"حاسّة إني هولد يا وليد... البيبي بيضرب جامد!"


طمأنها بحنان:


"يا حبيبتي، دي بتلعب معاكي بس، أنا جاي لك مسافة الطريق."


أغلقت معه، ثم سارعت بالاتصال بسيلا طلبًا للدعم، فجاءها صوت الأخيرة متوترًا:


"همسة، حبيبتي، مال صوتك؟"


همسة بألم:


"شكلي هولد يا سيلا، خايفة أوي!"


قهقهت سيلا:


"تاني يا همسة! يا بنتي، الدكتورة طمّنتك وقالت إنك زي الفل ولسه قدامك شهر! أمال لو دخلتي التاسع هتولدي على نفسك كده؟"


همسة بصوت طفولي:


"ما تضحكوش عليّا! انتي ووليد حتى هو بيضحك عليّا! أعمل إيه يا سيلا؟ مش بعرف ألبس لوحدي، ولا حتى ألبس الشوز! اعااااع، والبت دي بتقعد تضربني، بدأتها بدري!"


ضحكت سيلا:


"بتضربك إيه بس يا بنتي؟! دي بتلعب معاكي! يمكن تكوني أكلتي حاجة مسكرة أو شوكولاتة، فزودت نشاطها. يا إخواتي! طفلة هتجيب طفلة! الله يكون في عون وليد معاكم."


همسة معترضة:


"ليه يعني؟! أنا مش طفلة أوي! أنا الغلطانة إني كلمتك أصلاً!"


سيلا ضاحكة:


"خلاص، خلاص، انتي كبيرة وأعقل واحدة فينا. مقولتيش يا كرمبة، هتلبسي إيه بكرة في الفرح بكرشك ده؟"


همسة بتصنع الغضب:


"كده برضه يا غتتة؟ طيب مش هقولك! هروح أحضّر الغداء، وليد جاي في الطريق."


شهقت سيلا:


"إيه! جاي؟ طيب يلا يلا، سلام!"


أغلقت الخط بسرعة، مما جعل همسة تحدّق في الهاتف بدهشة قبل أن تعيد الاتصال بها، لكن بلا جدوى. همست لنفسها بمكر:


"بقى أنا الطفلة يا مجنونة؟! بس لما أشوفك بكرة، بقى أنا الكرمبة؟!"


ظلت تتأمل حالها أمام المرآة، وفجأة صرخت عندما شعرت بركلة قوية في بطنها. وضعت يدها على جانبها المنتفخ، وهمست بحنان:


"يا بت، اهدي! أنا زي ماما برده، عيب كده. آه، خلاص، خلاص، انتي حلوة وكيوت زي ماما برضه... اهدي بقى."


جلست على الفراش، وبدأت تمسد بطنها بحركات دائرية، وهمست مبتسمة:


"عارفة إنك سامعاني وبتحسي بيا، زي ما أنا حاسّة بيكي جوايا... بتلعبي! إمتى أشوف اليوم اللي تنوري فيه دنيتنا أنا وبابي؟ عارفة، بابا ده أجمل حاجة حصلت لي بجد، ربنا يباركلي فيه... إيه؟ مالك؟ مش عاجبِك؟ ليه؟ ده حتى هادي زيي وكيوت!"


توقفت قليلًا ثم ضحكت:


"آه طيب، ما تبكيش يا بت! انتي شكلك جعانة زيي، صح؟ مع إننا لسة واكلين علبة شوكولاتة من شوية! امممم، يلا بينا على المطبخ يا حلوة."


كادت أن تنهض، لكنها توقفت فجأة عندما لاحظت وليد يقف عند الباب، يستمع لحديثها بابتسامة دافئة. هتف مازحًا:


"زي ما انتوا والله! مش قايمين ولا بتتعبوا نفسكم، بس بتتكلموا عني! ها، وجايبين سيرتي، وأنا اللي كنت شرقان وهموت من شوية، وانتوا السبب! ها، أنا هعرف حبيبتي قالت إيه."


جثا على ركبتيه، ووضع أذنه على بطنها قائلًا بحماس:


"أنا بابا، كنتي بتقولي إيه بقى؟ سمعيني..."


شعر بركلة خفيفة، فانتفض بفرحة غير مصدق:


"ضربتني! شوفتي؟ حسيتي، صح؟!"


ابتسمت همسة وقالت:


"آه، حسيت... دي بتحبك أوي!"


احتضنها وليد بحنان وقبّلها على جبينها، ثم همس بحب:


"وأنا بحبكم أوي..."

ــــــــــــــــــــــــ

 حاول الاتصال بها عدة مرات، لكن دون جدوى. راودته المخاوف حتى وصل إلى المنزل، فتح الباب بالمفتاح ودلف إلى الداخل، ليجد المكان غارقًا في هدوء مقلق.


نادَى بصوت مرتفع:

"داده! يا داده! سيلا، أنتو فين؟"

أخذ يتلفت حوله، يتساءل بقلق:

فين الست دي؟ وليه البيت هادي كده؟

فقد اعتاد عند عودته أن يجدها في المطبخ تطهو ألذ الأطباق، تدندن بصوتها العذب، أو تجلس أمام التلفاز تتابع فيلمًا قديمًا. في أغلب الأحيان، كانت منشغلة بصنع الحلويات أو تجربة وصفات جديدة تتعلمها من أشهر الطهاة. لكن اليوم... لا صوت، لا حركة!


شعر بانقباض في قلبه، راودته أسوأ الأفكار، فانطلق راكضًا نحو الطابق العلوي، حيث غرفتهم. وما إن فتح الباب حتى تجمد قلبه...

...

صباحا تململت سيلا بين أحضانه، ثم فتحت عينيها ببطئ. فوقع بصرها عليه، نائمًا بملامحه الرجولية الطاغية، فسرت ابتسامة هائمة على شفتيها، متذكرة رقة لمسته وحنانه ليلة أمس.

 امتدت يدها إلى وردة صغيرة كانت بجانبها، واقتربت بها منه، تداعب أنفه بها بلطف. عبس قليلًا وأزاحها بيده وهو لا يزال غارقًا في النوم، لكنها لم تيأس، عاودت الكرة مرة أخرى.حتى فتح عينيه ببطء، ناظرًا إليها بإحدى حاجبيه مرفوعًا في تساؤل.

ابتسمت بخفة، ثم همست:

"صباح الورد، حبيبي!"

أجابها بمكر:

"على فكرة، مش بتتقال كده!"

رمقته بعينيها مستفسرة دون كلام، لكنها لم تشعر إلا وهي بين يديه، حيث انقلب الوضع وأصبحت تحته، بينما يعتليها، يهمس بخبث، يسرق منها بعض القبلات على شفتيها ووجنتيها:


"بتتقال كده!"

ضحكت سيلا، وعيونها اللامعة تعكس عشقها له:

"كده؟! خدني على خوانة! مكفكش إمبارح؟

ابتسم عاصم بعشق، مشددًا من احتضانها:


عمري ما أشبع منك! كان أحلى يوم بجد...


عندما دلف إلى الغرفة، كانت مظلمة إلا من بعض الشموع المتراصة بعناية على الأرض، تنشر نورًا خافتًا يأسر القلوب. صدحت في الأجواء موسيقى هادئة، تراقصها البالونات الحمراء المعلقة بالسقف، واكتملت اللوحة الرومانسية بتزيين الفراش بالورود الحمراء على هيئة قلب.


لكن أكثر ما خطف أنفاسه... هي!


وقفت أمامه كحورية من الجنة، تزين وجهها ابتسامة خجولة، بينما ينسدل عليها فستان بدا كأنه صُمم خصيصًا لها. طرحة رقيقة تغطي نصف وجهها، فاقترب منها ببطء، رفعها بأنامله، وأمسك وجنتيها بحنان:


"عملتي كل ده عشاني؟"


أومأت برأسها إيجابًا، فابتسم بحب:

حياتي، بجد! بس ليه ملبستيش الفستان بكرة في الفرح؟ ده فرحنا إحنا كمان... انتي نسيتي إنك معملتيش فرح؟"


ردت سيلا، وعينيها تشعان حبًا:


"أنت فرحي وفرحتي! أنا النهاردة فرحي، إيه رأيك؟"


ثم دارت حول نفسها بخفة، قبل أن يمسك خصرها ليوقفها أمامه، فقالت:


"كان نفسي ألبس فستان زفاف... ولبسته خلاص! الباقي كله شكليات مش أكتر! المهم إننا مع بعض، ولا إيه؟"


ثم أضافت بحماس:


"أما الفرح بكرة، فده يومها هي... أنا فرحي الحقيقي هيكون النهاردة، معاك! تعالَ معايا."


جذبته خلفها حتى وصلا إلى طاولة صغيرة تتوسطها شموع مضاءة، ومليئة بأصناف الطعام التي أعدّتها بنفسها. أشارت بمرح:


"اتفضل، العشاء جاهز!"


همّ بالجلوس، لكنها عندما أرادت أن تجلس بجانبه، جذبها لتجلس على ركبتيه، هامسًا بعشق:


"أنا اللي هأكلك بنفسي!"


ضحكا سويًا، وتبادلا اللقمة والقبلات، حتى انتهيا من الطعام، ثم نهضت فجأة وهي تمد يدها له:


"تعالَ نرقص... نفسي أرقص معاك!"


أمسك بيدها، واجتذبها برفق إلى وسط الغرفة، وضع يديه حول خصرها، بينما لفت ذراعيها حول عنقه. انسجما في رقصة حالمة، يتمايلان على أنغام الموسيقى، حتى بدأ بمهارة يفك سوستة فستانها من الخلف.


شهقت بخجل، وتشبتت بعنقه، فضحك بخبث وهو يغمز لها:


"عروسة... ولازم أشيلها في ليلة الفرح، ولا إيه؟"


ضحكا، ومرحا، وعاشا ليلةً كألف ليلة وليلة، مليئة بالحب والدفء.


قبلها على وجنتيها بحنان، ثم همس:

يلا بينا، ناخد شاور،  وأوصلك عند مي القاعة وأروح لمعتز. 


داخل إحدى القاعات الفخمة، المزينة بالورود العطرة والأضواء البراقة، دخلت الفتيات إلى الجناح الخاص بالعروس، حيث انشغلن بتجهيزها حتى اكتملت زينتها. في الخارج، وقف معتز في منتصف القاعة، يتنقل ببصره القلق بين الباب الكبير وساعته. كانت أنفاسه متلاحقة، ويداه تنقبضان وتنفرجان في توتر واضح، بينما يترقب بفارغ الصبر لحظة خروج عروسه.


إلى جانبه، وقف عاصم، عامر، ووليد، يتبادلون النظرات والابتسامات، محاولين كتم ضحكاتهم وهم يراقبون ارتباكه. بين الحين والآخر، يربت أحدهم على كتفه في محاولة لتهدئته، لكن معتز لم يكن يسمع سوى دقات قلبه المتسارعة.


عاصم، الذي لم يستطع تمالك نفسه، أردف مازحا وهو يلكزه:

مالك ياض؟ أنشف شوية، شكلك هتفضحنا من أولها! قوله حاجة؟ 


عامر، محاولًا التخفيف عنه، أخرج شيئًا من جيبه ومده إليه بابتسامة ماكرة:

"خد دي، وهتبقى تمام."


قبل أن يتمكن معتز من الرد، خطف وليد ذلك الشيء وألقاه بعيدا قائلا بحدة:

إيه القرف ده؟! هتبدأ حياتك بالغلط؟! أوعى تسمع كلامه، ده هيضيعك بجد.


ابتسم معتز ابتسامة باهتة، محاولًا تهدئة الموقف:

متقلقش، مكنتش هاخده أصلا.


لكن عامر لم يترك الأمر يمر بسهولة، فرد بسخرية:

يا عم، متبقاش قفوش كده! ليلة العمر، فيها إيه شوية فرفشة؟


قبل أن يحتد النقاش أكثر، تدخل عاصم بحزم:

خلاص، كفاية كلام فاضي! بلاش يا معتز، زي ما قال وليد، الحاجات دي متجيبش غير الندم. وسيبك من المتخلف ده.


وأشار إلى عامر الذي رفع يديه مستسلما، قبل أن يتمتم بضيق:

أنا غلطان، كنت بس بحاول أروق الجو!


وفجأة، قطع توترهم صوت معتز وهو يهمس بترقب:

هش! هش! العروسة شكلها خلصت، البنات طلعوا!


التفت الجميع بسرعة، ليجدوا الفتيات يخرجن واحدة تلو الأخرى، وكلٌ منهم يبحث بعينيه عن فتاته، بينما كانت دقات قلوبهم تتسارع مع كل خطوة تقترب بها نحوهم.


خرجت همسة أولًا، تتهادى في خطواتها بفستان نبيتي غامق يُبرز تفاصيل جسدها، رغم انتفاخ بطنها الذي بدا واضحًا، فقد كانت في شهرها الثامن من الحمل. اكتملت إطلالتها بشال وحجاب ذهبيين، ولم تضع سوى لمسات خفيفة من المكياج زادت من تألقها، خاصة مع الكحل الذي حدد عينيها العسليتين وأحمر الشفاه الناعم. لم يمهلها وليد لحظة قبل أن يقترب منها سريعًا، ممسكًا بيدها وكأنه يريد أن يخفيها عن الأعين المتطفلة.


تلتها سيلا، برقتها المعتادة، في فستان كشميري زادها نعومة، وحجاب بنفس اللون يُضفي عليها هالة من الأناقة. لم يستطع عاصم أن يمنع نفسه من الإمساك بيديها وضغط عليهما برفق، هامسًا بانبهار:

"إيه القمر ده! أنا لو كنت أعرف إن الفستان هيطلع عليكي كده، مكنتش خليتك تلبسيه قدام حد!"


ابتسمت سيلا وهي تلتفت حولها بحذر قبل أن تهمس له بمرح:

"هش، وطّي صوتك حد يسمعك!"


ثم نظرت إليه بعينين لامعتين وسألته بخجل:

"بجد حلو عليا؟ ولا انت شايفني بعين الحب؟"


رد عاصم بمكر وهو يتظاهر بالتفكير:

"همممم… موضوع يطول شرحه. تيجي نروح ونشوف إذا كان حلو ولا لا؟"


قهقهت سيلا وهي تفهم مغزى كلماته، وقبل أن ترد عليه، أشارت بإشارة خفيفة نحو العروس، هامسة:

"كفاية بقى، العروسة طالعة مع أخوها!"


تعالت الزغاريد مع خروج العروس، التي بدت كإحدى أميرات القصص الخيالية، بفستان أبيض ناصع يشع نقاءً كقلبها، وحجاب أنيق أضاف لمسات من الجمال على ملامحها الفاتنة. كانت تتأبط ذراع أخيها، الذي تقدم ليسلمها لعريسها المنتظر في الأسفل. خلفها، سار والدتها برفقة رودينا وبناتها الصغيرات، اللواتي أمسكنَ بذيل فستانها في مشهد ساحر. مع نزولها درجات السلم، كان معتز يترقبها بعينين تلمعان بالشوق، وما إن وصلت إليه حتى احتضنها شقيقها هيثم مباركًا لها، قبل أن يسلمها له رسميًا.


بدأت الزفة، والجميع في سعادة غامرة تم عقد القران، وصدحت كلماته المعتادة:

"بارك الله لكما وجمع بينكما في خير."


تبعها صوت أسماء الله الحسنى، ثم انطلقت أولى أغنيات السلو، إيذانًا ببدء الرقصة الأولى للعروسين.


أمسك معتز بيد عروسه برفق، وهمس في أذنها بشوق:

"ياااه، أخيرًا... مش مصدق إنك بين إيديا."


احمرّت وجنتاها خجلًا ولم تجد ما تقوله، لكنه اقترب منها أكثر وطبع قبلة دافئة على جبينها، هامسا بمكر:

"أنا عاوز أكتر من كده، بس مش هينفع قدام الناس... ولا إيه؟"


زاد احمرارها، وهمست له بتوتر:

"يا قليل الأدب!"


ضحك معتز رافعًا حاجبه بمزاح:

ماشي يا مي، استني بس لما نروح!


بعد قليل، بدأ الأزواج الآخرون بالانضمام للرقصة. مد عاصم يده لـسيلا، فتقدمت نحوه بابتسامة خجولة، ليتشابكا في رقصة حالمة.


على الجانب الآخر، كانت همسة تجلس على كرسيها، تمسح بطنها المنتفخة بيدها بحنان، قبل أن تستند على وليد قائلة:

إيدك معايا، يلا نرقص قبل ما الرقصة تخلص!


انتبه وليد لها، ونظر إليها بقلق قبل أن يرد:

إيه؟ نرقص بتتكلمي جد؟!


تدخلت رودينا، وهي تحاول إقناع عامر أيضًا:

يلا بقى، طول اليوم بأتحايل عليك!

لكن عامر رفض بمرح، قائلًا:

يا بنتي دول لسه عرسان جداد، أما إحنا فكبرنا على الحاجات دي!


نظر وليد إلى بطن همسة المنتفخة بتردد، ثم قال مازحًا:

وهترقصي إزاي بكرشك ده؟


نظرت إليه همسة بزعل، وضربته على كتفه:

فين كرشي ده؟ تعالى بس، يلا نرقص!


لم يجد وليد مفرًا سوى أن ينساق معها، ولو على مضض، وأشار لأخيه عامر كي يلحق بهم.


لحظات حب ودفء بين الأزواج


بينما كان وليد يراقص همسة، همس لها بحب:

أنا خايف عليكي، مش عاوزك توقفي كتير.


ابتسمت له، وهي تضع رأسها على كتفه:

"متخافش عليا، لو تعبت هقولك."


نظر إليها بعشق، ثم همس بمودة:

"بحبك يا أم همس."


تفاجأت باسمه المختار للطفلة، وهتفت بدهشة:

همس؟! هتلغبط بينا كده!


ضحك وليد برقة:

لأ، إنتي همسة، وهي همس... أنتي وهي جزء من قلبي.


على الجانب الآخر، كان عامر يحاول تهدئة رودينا بينما يراقصها، محاولًا التخفيف من تجهمها الواضح، فابتسم لها قائلاً:

"فكّي التكشيرة دي، ما أنا برقص معاكي، عايزة إيه تاني؟"


لكنها لم تبدُ راضية، بل هتفت بضيق:

"مش عاوزة."


تنهد عامر بنفاد صبر، محاولًا إقناعها:

يا بنتي، إنتِ عارفة إني مليش في جو الرقص ده، وبعدين إحنا عندنا بيت، نعمل فيه اللي عاوزينه. مش لازم نستعرض قدام الناس، مش كل الناس نواياها حسنة.


ثم اقترب منها هامسًا بمكر:

استني لما نروح، وأنا أعملك سهرة حلوة... بس نيمي البنات الأول. 


لم يُكمل جملته، إذ شعر بشيء يشد بنطاله من الأسفل، فالتفت ليجد ابنته الصغيرة تنظر إليه بعينيها البريئتين، وهي تهتف بحماس:

"بابي! بابي! أوزه أيقص!"


وفي الناحية الأخرى، كانت شقيقتها تضرب قدمها الصغيرة في الأرض، وهي تعترض بغيرة:

"لا يا بابي، أيقص معايا أنا بس، هي لأ!"


انفجر عامر ضاحكًا وهو يتطلع إلى رودينا بنظرة ماكرة، قبل أن يرفع حاجبيه قائلاً بمرح:

"شوفتي؟ يلا روحي قعدي، عقبال ما أرقص مع ضرايرك الاثنين!"


ثم انحنى وحمل ابنته الصغيرة بين ذراعيه، وبدأ يتحرك بها برشاقة، يتمايل معها يمينًا ويسارًا وسط ضحكاتها الطفولية البريئة. لم تمر سوى لحظات حتى أنزلها، وجذب شقيقتها بين ذراعيه ليكرر معها نفس الحركات، بينما تعالت ضحكات الطفلتين، قبل أن يجلس معهما مرة أخرى، تاركًا رودينا تراقب المشهد بابتسامة دافئة، وقد هدأ غضبها تمامًا.


بقلم شروق مصطفى وانصهر الجليد


رحلة الحب والمغامرة


أما عند سيلا وعاصم، فكانت تحاول الإفلات من نظراته التي تحاصرها بعشقه الواضح، فتململت قائلة بخجل:

"أنا بتكسف على فكرة، ما تبصليش كده."


ابتسم عاصم بحنان وهمس:

"وأنا بعشق كسوفك ده."


تطلعت إليه بعينيها الواسعتين وسألته بخفوت:

"هتفضل تحبني الحب ده على طول؟ ولا الحب ممكن مع الوقت يروح أو يقل؟"


وضع يده على قلبه وأجاب بثقة:

"عمر الحب ما بيروح أو يقل، إلا لو ده" – وأشار إلى صدره – "نبضه وقف."


ثم أخذ نفسًا عميقًا وأخرجه ببطء، محاولًا أن يترجم ما بداخله من مشاعر جياشة:

"اللي جوايا أكبر من حب أو عشق، يا سيلا، ده عدا مراحل العشق..." ثم اقترب منها هامسًا بجانب أذنها: "احنا روح واحدة."


في تلك اللحظة، صدحت الأغنية التي عبرت عن كل الثنائيات الموجودة، وكان كل زوجين يتشاركان رقصة تحمل بين طياتها مشاعرهم المتدفقة، فما كان من عاصم إلا أن حمل سيلا بين ذراعيه، وظل يدور بها وسط ضحكاتها الطفولية، بينما كانت تحتضن عنقه بقوة، غير قادرة على كتمان سعادتها.


انتهى حفل الزفاف سريعًا، فقد كان العروسان على موعد مع الطائرة التي ستقلهما إلى شهر العسل. ودّعا الأهل سريعًا، وغادرا مباشرة بملابس الزفاف إلى المطار.


وبعدما استقرا في مقعديهما على متن الطائرة، التفت معتز إلى مي وهمس لها بحب:

"مبروك لينا يا حياتي."


هتفت بخجل:

"الله يبارك فيك، بس مقولتليش بقى... إيه المفاجأة دي؟ حتى ملحقناش نغير هدومنا! هنروح فين بقى؟"


ضحك معتز وهو يغمز لها:

"متقلقيش، عامل حسابي قبلها، ولو كنت قلتلك، كانت بقت مفاجأة ازاي؟"


مي بحماس:

"أنا متحمسة جدًا!"


أخرج معتز خريطة العالم وظل يشير إلى جزر وأماكن كثيرة، ثم بدأ يشرح لها رحلتهم بأسلوب مليء بالحماس:

"بصي يا ستي... بعد ما ننزل من الطيارة دي، هنركب طيارة تانية لمدة 3ساعات، ومن هناك هنروح منطقة اسمها سامورايا، بعدين هنركب طيارة تانية 6 ساعات لغاية ما نوصل بلد اسمها كامورا. ومن هناك، بقى، هنركب فيلين صغيرين كده هيتمشوا بينا حد ما نوصل لبلد اسمها سيكوناية، ومن هناك هنركب طيارة 4 ساعات لحد ما نعدي المحيط..."


كانت مي تتابع كلامه بدهشة، تتنقل نظراتها بين الخريطة ووجهه المتحمس، غير مصدقة كم وسائل المواصلات التي ذكرها فقط للوصول إلى وجهتهم.


ثم تابع كلامه وهو يشير بيده بحركة دائرية:

"وبعد كده، هننزل بلد اسمها صهاياتا، ومن هناك هنركب قوارب ونمشي في المياه لمدة 3 أيام لحد ما نوصل جزيرة اسمها صهاينا..."


قاطعت مي بسرعة وهي تشير بحماس:

"هي دي صح؟"


ضحك معتز وهو يحرك رأسه يمينًا ويسارًا:

"لأ طبعًا، مش دي... إحنا رايحين جزيرة اسمها مها ياتا!"


مي بفرحة:

"الله! فسحة حلوة أوي!"


معتز بحماس:

"أوي أوي! دا أنا عامل لك برنامج يجنن هناك..."


وبعد عدة ساعات من السفر المتواصل، وصلوا أخيرًا إلى الجزيرة المنشودة، ولكن بحالة يُرثى لها من الإرهاق البادي على وجوههم.


دلفا إلى الجناح الخاص بهما، وفتح معتز الباب قائلاً بمزاح:

"ادخلي برجلك اليمين يا أجمل عروسة."


لكن مي لم تتحرك، بل ظلت واقفة عند العتبة بوجه متجهم، مما جعله يتساءل بتعجب:

"في إيه يا مي؟ واقفة ليه؟"


قطّبت حاجبيها وقالت بتذمر طفولي:

"شلّني الأول."

بقلم شروق مصطفى

ضحك معتز وهتف:

"بس كده؟" ثم حملها بين ذراعيه، ودلف بها إلى الداخل، مغلقًا الباب بقدمه. لكن الإرهاق كان أقوى منهما، فسقطا معًا على الأرض وهما يتأوهان من التعب.


"آاااه!"


مي بتذمر وهي تئن:

"آه يا ماما... بقا كده؟! دي آخرتها؟!"


معتز ضاحكًا وهو يحاول استجماع طاقته:

"معلش، الرحلة كانت طويلة شوية... جسمي متكسر! بس متزعليش، محضر لك برنامج يجن...


لم يمهله الوقت ليكمل جملته، إذ قاطعته مي بقهقهة عالية:

"والله ما انت قايل حاجة تاني! عارفه... يجنن! وشكله البرنامج بدأ أهو... على الأرض!"


تحامل معتز على نفسه ونهض بصعوبة، ثم مد كفه لها قائلاً:

"حقك عليا يا حبيبتي، بس يلا... هاتي إيدك أقومك."


مدّت مي يدها إليه، لكنها بدلاً من مساعدتها، ضغطت عليه أكثر، فاختل توازنه وسقط مجددًا بجانبها!


أخذ معتز يحدق في السقف بملامح مستسلمة، ثم جلس مفترشًا الأرض مربعًا ساقيه، وهو يندب حظه بمزاح:

"طب والله ما أنا قايم! وأهي قاعدة... عارفة إن نوم الأرض مفيد جدًا؟!"


لم تستطع مي تمالك نفسها من الضحك، فتحاملت على نفسها ونهضت وهي تقلد صوته مازحة:

"برنامج يجنن، صح؟"


أخذ معتز يتمتم بسخرية:

اضحكي... اضحكي، انتي بس! آه يا شماتة أبلة ظاظا فيا... يا معتز، مكنش يومك، يا حبيبي! هيقولوا عليك إيه دلوقتي؟ معرفتش تشيلها!


ثم مد شفتيه للأمام بمكر، وأضاف:

"طيب... أشيلك الطرحة، والدبابيس؟! ثم توقف ضاحكًا وهو يمسك خصره بألم: "آاااااه!"


مي نظرت إليه بتعجب:

"أحـم... إشمعنى الدبابيس يعني اللي تشيلها؟ مش واخدة بالي!"


ضحك معتز وهو يشير إليها:

"مش إنتي مدبسة الطرحة بدبابيس كتير؟"


مي ردت بتلقائية:

"آه، بس بتسأل ليه؟" ثم اتجهت إلى المرآة، وبدأت تخلع دبابيس الطرحة واحدًا تلو الآخر.


بينما كان معتز يتابعها بنظرة مرهقة، تمتم بخفوت وهو يفرد جسده على أرضية الغرفة واضعًا كفه على وجنته:

"آه يا قلبي... كل دبوس ببوسة... على مهلك وانتِ بتخلعي... عديهم كويس طيب؟"


لم تمضِ لحظات حتى غفى مكانه، مبتسمًا لها، تاركًا مي تنظر إليه بامتنان، حمدت الله انه غفو... 


يتبع باقي فصلين على الأنتهاء 

عايزين الجزء الثالث ولا أسيبكم فرحانين شوية🤣بس حابة أقول أن اللي فات حمادة والجزء  الثالث حمادة تاني خالص


تكملة الرواية بعد قليل 

جاري كتابة الفصل الجديد  للروايه حصريا لقصر الروايات اترك تعليق ليصلك كل جديد أو عاود زيارتنا الليله

لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله الجزء الاول 1من هناااااااااا

الرواية كامله الجزء الثاني 2من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا







تعليقات

التنقل السريع