رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم( شارع خطاب)الفصل الثلاثون 30بقلم فاطمة طه سلطان ( جديده وحصريه فى مدونة قصر الروايات)
رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم( شارع خطاب)الفصل الثلاثون 30بقلم فاطمة طه سلطان ( جديده وحصريه فى مدونة قصر الروايات)
رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم( شارع خطاب)الفصل الثاني والثلاثون 32بقلم فاطمة طه سلطان ( جديده وحصريه فى مدونة قصر الروايات)
الفصل الثاني والثلاثون من #عذرًا_لقد_نفذ_رصيدكم
#شارع_خطاب
بقلم #fatma_taha_sultan
____________
اذكروا الله.
دعواتكم لأهلكم في فلسطين والسودان وسوريا ولبنان وجميع البلاد العربية.
_____________________
"أن تُحِب وأن تُحَبّ، ألا تنسى ضئالتك أبدًا، ألا تتعود العنف الفظيع وفحش تمييز الحياة حولك، أن تبحث عن البهجة في أشد الأماكن حزنًا، أن تسعى وراء الجمال حتى عرينه. ألا تبسط المعقد وألا تعقد البسيط، وأن تحترم القوة، لا السطوة أبدًا. وفوق ذلك كله، أن تنظر، أن تحاول وتفهم، ألا تشيح ببصرك أبدًا. وألا تنسى، أبدًا، أبدًا."
⁃ أرونداتي روي، ثمن أن تعيش.
التقيتُكِ، وكأنَّ القدر قادني إليك،
فأنساني وجهتي و مقصدي،
ولم أشعر إلا ويدي تضمّكِ إلى صدري،
خِشيةً عليكِ من قسوة الدنيا، يا كلّ كُلي،
ويا أجملَ أزهار روحي
- وَسَن الخالِدي
_________________
"مالها نسمة؟"
بعد مكالمة منيرة ذهب إلى المنزل على الفور مؤجلًا كل مواعيده ولحسن حظه لم يكن لديه عمليات جراحية اليوم...
ها هو...
يجلس معها في غرفتها، كانت نسمة في حالة كئيبة من نوعها، حالة بذل جهده من أجل أن تخرج منها وألا تعود لها مرة أخرى..
هي الحالة ذاتها التي كانت فيها بعد وفاة والده وفترة مرضه الأخيرة...
يبدو أن هايدي شخص مؤثر في حياتها أكثر مما كان يظن أو يصف حتى..
أكثر بكثير....
تمتم جواد وهو يضع كف شقيقته الممتلئ والصغير بين كفيه:
-طب أنتِ زعلانة ليه دلوقتي؟.
تحدثت نسمة بنبرة بطيئة ولكنها صادقة وحزينة للغاية:
-علشان هايدي خلاص هتتجوز وتسافر...مع أنه كان لسه بدري...
ابتسم لها جواد هاتفًا بعفوية:
-دي سُنة الحياة يا نسمة وبعدين ما عماد مسافر عادي...كل شخص بتيجي عليه ظروف في حياته بيضطر يبعد شوية وده مش معناه أبدًا أنه مش هيجي تاني...لا هتنزل إجازات وهتيجي تشوفك..
ردت عليه نسمة برد مختصر وتلقائي جدًا رغم أنها تتحدث بكلمات متقطعة:
-هايدي كانت صاحبتي الوحيدة بعد منيرة.
حاول جواد للنهاية أن يتحدث معها بطريقة تستوعبها:
-أنا عارف ده يا حبيبتي، وكلنا عارفين وهي هتفضل صاحبتك وأنتِ بنفسك قولتي أنها هتكلمك كل شوية تطمن عليكي وهتنزل إجازات كتير....
هتفت نسمة بنبرة خافتة وهي تنكمش في جلستها على الفراش:
-أنا عايزة أسافر لـ عماد...
تحدث جواد بنبرة مرتجفة رغمًا عنه:
-ليه عايزة تسافري؟!.
-كده أنا عايزة أسافر.
لم يكن هناك فرصة للنقاش بعد ما قالته نسمة...
بعد تصريحها الواضح بأنها ترغب في السفر....
ترغب في تركه بمعنى أصح....
دون تفسير أو تبرير....
وفي نهاية المطاف أخبرته بأنها ترغب في النوم...
لذلك جاءت منيرة حتى تكن بجوارها إلى أن تخلد إلى النوم ثم رحل هو..
هبط وجلس على المقعد مستندًا بيده على الطاولة المتواجدة في المطبخ بعدما قام بسكب المياة الباردة في الكوب الزجاجي..
لكنه لم يتناولها من الأساس..
رغم عطشه..
فقد رغبته...
...بعد مرور بضعة دقائق...
جاءت منيرة بعدما هبطت من الدرج هاتفة بنبرة مضطربة بعدما جلست على أحد المقاعد التي تقابل مقعده:
-خلاص نامت..أنا كنت مرعوبة أول مرة اشوفها بتعيط وبتصرخ بالشكل ده ومش عارفة اسيطر عليها..
تمتم جواد بنبرة غاضبة بعض الشيء:
-هو إيه اللي خلى هايدي تقول قدامها موضوع السفر ده من أساسه وهي عارفة كويس أن نسمة نفسيتها ممكن تتعب؟.
غمغمت منيرة وهي تسرد له ما حدث حقًا حتى لا يقوم بظلم الفتاة:
-مش هي اللي قالت يا ابني متظلميهاش، أمها كانت معاها وهي اللي قالت كانوا بيتكلموا عادي ووالله هايدي حاولت على قد ما تقدر تفهمها أنه لسه شوية وأن هي هتنزل إجازات كتير وهتكلمها كتير وهي فعلا هديت وافتكرت الموضوع عدى خلاص بس بعد ما مشيوا كانت حالتها غريبة أوي يا ابني..
أردف جواد وهو يعقد ساعديه:
-نسمة عايزة تسافر لـ عماد وأنا قلقان...
تمتمت منيرة بثرثرة رغمًا عنها لم تتحكم في لسانها في تلك اللحظة:
-مهوا لو كنت اتجوزت هايدي أو على الأقل اديت نفسك فرصة مكنش ده حصل....
جحظت عين جواد لا يصدق أنها مازالت تتحدث في الأمر نفسه!!
حتى أنه بسبب نظراته تحدثت منيرة مدركة حماقتها:
-حقك عليا شكلي خرفت في الكلام شوية واتوترت بسبب اللي حصل لنسمة وقلقني عليها، حقك عليا يا ابني..
هتف جواد بعد تنهيدة خرجت منه وهو يمسح وجهه:
-مش مهم أي حاجة تتقال دلوقتي المهم دلوقتي نسمة، لازم أكلم الدكتورة...
قاطعته منيرة تلك المرة ببساطة:
-طب سيبها تسافر وأنا أسافر معاها مش مشكلة يمكن هي محتاجة تغير جو يا ابني فراق دكتور عز الدين الله يرحمه وحتى والدتك رغم أنها كانت لسه عيلة صغيرة إلا أنها اتأثرت بيها،خليها تسافر يمكن تكون محتاجة تشوف دنيا جديدة، وعماد نفسه تسافر له، وأنا متاكدة أنها مش هطول وهتعوز ترجع في أقرب فرصة...
هل هذا هو الحل الأخير؟
هل سوف تتركه شقيقته؟؟..
لا يعلم من يحتاج الأخر أكثر هي أم هو؟
هو يشعر بأن الأمور لا تسير على ما يرام في غيابها...
هو من اعتاد ويحتاجها أكثر....
تنهد مغمغمًا باستسلام تلك المرة غير المرة السابقة:
-ماشي معاكي حق، هستشير الدكتورة وتروحلها برضو تطمن عليها، واكلم عماد برضو اشوف رأيه إيه، ولو خلاص عايزة تسافر تسافر مش همنعها.
___________
....ذهب إلى الفيلا الخاصة بشقيقته وزوجها....
يجلس أمامها على الأريكة بعدما أخبرها بأخر التطورات ولحسن الحظ لم تكن خالتها ولا زوجها في المنزل من أجل هذا كانت تصرخ هاتفة:
-يخربيتك..يخربيتك...اهو ادي أخرة العك بتاعك..
غمغم حمزة بنبرة غاضبة وهو ينهض من مكانه ويلوح بيده في الهواء:
-ما خلاص يا ياسمين هو أنا جاي عندك احكيلك اللي حصل علشان تقعدي تصوتي في وشي ولا علشان تشوفي حل معايا.
قالت ياسمين بغضب هي الأخرى وهي مازالت تجلس في مكانها:
-أنتَ عايزني أعملك إيه؟؟! ولا منتظر مني حل إيه اللي اجيبه ليك...دي طلعت بنت عم سامية...أنتَ السبب في كل ده وحل مشاكلك لوحدك...
أردف حمزة ببرود وهو يناظرها:
-أنا السبب؟! مش كنتي بتروحي معايا كل مرة ولا نسيتي...
ضحكت ياسمين مستهزئة وهي تخبره بنبرة مغتاظة:
-مكنتش بروح بمزاجي وأنتَ عارف كده كويس، كنت بروح بسببك وبسبب تهديداتك غير كده أنا عمري ما كنت هروح وأكون سبب في ظلمك لحد أو ضحكك عليه...
ابتسم بسمة لم تفهمها...
ثم أردف بنبرة هادئة وهو يخبرها بجدية:
-صدقيني أنا موضوع سامية وبنت عمها وفاء دي كله صدفة أنا استحالة كنت اتخيل أن الموضوع ممكن يوصل لكده وعلى فكرة أنتِ عارفة كويس إني بحب سامية واستحالة أضرها لكن علاقتي بيها دلوقتي مهددة بسبب وفاء خايف تتكلم وتقولهم الحقيقة...
تمتمت ياسمين بسخرية واضحة:
-يارب تتكلم يا حمزة يمكن ساعتها تحترم نفسك ومتفكرش تضحك على واحدة..
قال حمزة ببساطة:
-أنا مضحكتش على حد وحتى أبو وفاء ده اللي مطلعش أبوها في الأخر الموضوع كان مصلحة وهو عارف والكل عارف وهي نفسها كانت عارفة ومكنتش عارف أخلص من الموضوع ازاي ويوم ما فكرت انهيه كانت أمها تعبت ومعرفتش أعمل حاجة، لكن سامية بالنسبة ليا مختلفة وأنا بحبها بجد.
نظرت لها ياسمين نظرات ساخرة وناقمة...
لا تصدق ما يتفوه به...
من مثل شقيقها لا يعرف حقًا ما هو الحب...
الحب أكبر من مفهومه...
من كان أولى بالحب والاهتمام والرعاية كانت هي...
وهو يعلم جيدًا ما الذنب الذي اقترفه بحق شقيقته..
يعرف بما يهددها دومًا من أجل الاستمرار معه..
وأن تستكمل المسرحيات الخاصة به...
تمتمت ياسمين بنفاذ صبر:
-أنتَ عايز مني إيه يا حمزة؟ جاي ليه؟ ومتوقع مني أعملك إيه في موقف زي اللي أنتَ محطوط فيه ده..أنا مفيش حاجة في ايدي
رد عليها حمزة بسرعة وهو يخبرها بما يريده:
-عايزك تكلمي وفاء تقابليها وتتكلمي معاها قوليلها أي حاجة واقنعيها أنها متعرفش حد الحقيقة وأنها مش هتسفيد حاجة لو عملت كده.
سخرت منه ياسمين وهي تسأله:
-والله على أساس بقا غلاوتي في قلبها فهتروح سامعة كلامي؟ دي أصلا مفيش بينا تعامل إيه اللي مخليك حاسس يعني أن كلامي ممكن يفرق معاها وبعدين أنتَ قولت اصلا أنك شوفتها من كام يوم واتكلمتم لو كانت عايزة تقول حاجة هتقول..
رغم أن حديثها بث الطمأنينة في قلبه قليلًا بأن فعلا لو كانت وفاء ترغب في أخبارهم كان أفضل وقت وهي ثائرة وغاضبة....
تمتم حمزة بذكاء واضح:
-افرضي هي سكتت عشان بتحاول تكسب ثقتهم الأول وبتسكب وقت مش أكتر..
-أنا مليش دعوة ومش هعمل حاجة وياريت يكون عندك ولو لمرة دم وأنك متهددنيش وتخليني أعمل حاجة مش عايزاها...
تحدث حمزة بنبرة متوترة لأول مرة تلتمسها من شقيقها جعلتها لا تعرف هل هو حقًا لا يرغب في خسارة سامية؟! أم ما الذي جعله خائفًا إلى هذا الحد...
-مش بهددك وصدقيني لو معملتيش كده مش هعمل حاجة ليكي بس المرة دي عايزك تقفي جنبي..تقفي وقفة أخت مع اخوها مش علشان خايفة إني اعمل حاجة....فكري مع نفسك كدا لو اتكلمتي معاها كلمتين مش هتخسري حاجة.....
كان يستنفزها عاطفيًا...
يحاول كسب معركته وفعل ما يريده من دون تهديد....
يحاول فعل أي شيء قد لا يجعله يتم كشفه...
_______________
في الليل...
مسكن الآلام والجروح....
هذا هو وقت التفكير الطويل....
في كل ما هو مؤلم لروحك يأتى ويحضر ليلًا بعدما تركك طول النهار تنهي أعمالك....
هو يقضى اليوم كله في الشارع تقريبًا...
يحاول بقدر المُستطاع بألا يكون له وقت ينفرد به مع نفسه؛ حتى لا يتذكر كل ما حدث الفترة الماضية...
لكن بالرغم من عودته المتأخرة هو يجافيه النوم...
لذلك قرر أن يتصفح مواقع التواصل الإجتماعي...
وجد مقطع قامت ريناد بمشاركته من تطبيق أخر لها واستطاع رؤية هذا لأنها قامت بقبول طلب صداقته........
دخل على الرابط التي قامت بمشاركته ليدخل إليها على التطبيق الأخر يقوم برؤية المقاطع الخاصة بها وأول ما ظهر له كانت مقاطعها الأخيرة وبدأ يعلم سر الطعام الذي استلمه، فهم ما تفعله لكنه لم يقتنع به...
لا يقتنع بأي شيء قد يجعل الفتاة تقوم بتنزيل مقاطع على مواقع التواصل الاجتماعي، لكنه لا يحكم عليها حكم مسبق أي أنه لم يكره الأمر ولم يعجبه في الوقت ذاته...
كان الأمر عاديًا يحدث مثل تلك الأمور الكثيرة التي تحدث أمام أعين الإنسان ولا يقتنع بها..
لكنه ليس بالضرورة أن يغضب من ما يفعلها....
مقطع..
اثـنـان..
ثــــلاثــــة....
مقطع تلو الأخر سرقه الوقت ولم يشعر بنفسه بعدما اندمج في مقاطعها إلا صوت الطفلة الصغيرة التي ظهر وجهها مرة واحدة بجانب الهاتف.
-ديبو بتعمل إيه؟ ....
سقط الهاتف بين يديه وهو مازال يعمل، هاتفًا بفزع حقيقي:
-بسم الله الرحمن الرحيم...
ضحكت جنى بعفوية شديدة مغمغمة:
-اتخضيت يا ديبو...
-أنا مش اتخضيت أنا قطعت الخلف يا حبيبة ديبو...
ثم سألها باستغراب:
-أنتِ إيه اللي مصيحكي لغايت دلوقتي؟ البيت كله نايم من بدري، صاحية أنتِ ليه؟؟.
تمتمت جنى بتلقائية:
-خليت ماما تنام وكلهم ناموا وهما فاكرين إني نمت بس أنا مش عارفة أنام، عايزة أنام جنبك..
تحدث دياب ساخرًا وهو ينظر لها ومازال هاتفه أرضًا بجوار قدميها وعليه مقطع ريناد مازال يتكرر:
-تنامي جنبي إيه؟ يعني أنا سايب ليكم الاوض والسراير وأنتِ جاية حاطة عينك على الكنبة بتاعت دياب، أنتِ عبيطة يا بنتي...
أردفت جنى بعدما أنحنت وأتت بالهاتف وهي تنظر إلى مقطع ريناد وكان صوتها مرتفع نسبيًا:
-أنتَ بتتفرج على ريناد....
وضع يده على فمها هاتفًا بنبرة متوترة:
- فضيحة زي خالتك...
ثم تحدث بنبرة هادئة محاولًا أن يخفف توتره:
-بقولك إيه بلاش تبقي فتانة أنا بشوف الفيديو عـ...
قاطعت جنى حديثه بذكاء:
-ماشي مش هقول لحد خالص بس تنزل معايا دلوقتي....
غمغم دياب وهو يعقد حاجبيه:
-انزل معاكي فين؟...
أردفت جنى ببراءة شديدة:
-أنا مش عارفة أنام علشان جعانة وهما مكنوش عاملين أكل بحبه وأنا عايزة أكل كشري أنزل أكلني كشري...
تحدث دياب ساخرًا:
-كشري الساعة اتنين بليل؟!.
بدأت جنى في الصياح:
-خلاص هقول أنك كنت مشغل....
وضع يده على فمها هاتفًا بغيظٍ:
-لا ننزل نأكل كشري أحسن أنا كمان جعان...
______________
يجلس على الفراش بجوارها بين يديه الهاتف ولم تختلف هي حالتها عنه كثيرًا...
كان الهاتف بين يديها تتابع أحد الفيديوهات الخاصة بخبراء التجميل التي تتابعهم دومًا، اقتحم حمزة هذا الصمت متمتمًا بعدما أغلق الهاتف ووضعه بجواره وكان صوته ناعس نوعًا ما:
-أنا بكرا مش هاجي على الغداء...
أستدارت سامية ونظرت له وهي تسأله بعدم فهم:
-ليه؟! ما أنتَ علطول بتيجي وبتنزل تاني...
هتف حمزة موضحًا ببساطة وهو يعقد ساعديه وينظر لها:
-أبدًا عندي كذا مشوار والعربية عايزة تتغسل واغير الزيت، غير أن عندي ميعاد عند دكتور السنان في ضرس عندي تاعبني بقاله كام يوم..
ثم نظر لها مسترسلًا حديثه:
-ما تيجي معايا تكشفي أنتِ كمان.
تحدثت سامية بعدم فهم فهو لا يرغب في أن تاتي معه كـمرافقة:
-اكشف إيه؟ أنا مفيش حاجة في سناني وحتى روحت من فترة قريبة..
قال حمزة بعدم تصديق:
-يا شيخة روحتي من قريب؟ ده على كده الدكتور اللي بتروحيله معندهوش ضمير خالص أنا حاسس أن سنانك محتاجة تنظيف وتبيض، الدكتور بتاعي كويس جدًا على فكرة.
نظرت له سامية بانزعاج طفيف وهي تغلق فمها كـرد فعل تلقائي....
لا تدري لما شعرت بالحرج...
من الطبيعي أن يخبرها زوجها بتعليق ما بها، لكن طريقته نوعًا ما لم تجعلها تشعر بالراحة لكن لم تحاول أن تكون أمرأة وزوجة "نكدية" كما يقال، مما جعلها تتحدث بنبرة هادئة ولينة:
-ماشي مش مشكلة ممكن اجي معاك..
تمتم حمزة بهدوء مبتسمًا على الأغلب هو غير مدركًا أنه ازعجها:
-ماشي ممكن اخلص حوارات العربية دي وأكلم العيادة احجزلك أنتِ كمان، وابقى اعدي عليكي وممكن نتغدى برا أحسن...
-ماشي يا حبيبي اللي تشوفه.
كان الهاتف الخاص بها مازال يُعيد ويكرر ذات المقطع التي تشاهده وهذا كان لافتًا للنظر مما جعل حمزة يعقب:
-شكل الشغل واحشك، صحيح بقالك كتير مش بتروحي لحد، مفيش اوردات أو brides أو على حسب ما بتسموهم معرفش بتسموها إيه...
تمتمت سامية موضحة:
-أنا من ساعة ما اتجوزنا أو قبلها بكام يوم أنا نزلت على البيدج إني هكون إجازة فترة ومش هستقبل أي حجوزات، وقفلت رسائل الصفحة...
عقد حمزة حاجبيه متحدثًا بعدم فهم:
-طب وليه كده يا حبيبتي؟ ما تنزلي تشتغلي وسلي نفسك، بدل قعدة البيت دي بتكون وحشة وهتلاقي نفسك بتتخني أنا حتى حاسك تخنتي شوية الفترة دي....من بعد الجواز...فالقعدة وحشة وبتزهق..
ردت عليه سامية معترضة تلك المرة وبقوة:
-ليه شايفني بقيت قد الفيل يعني؟ وبعدين مش معقول تخنت بالشكل اللي بتحاول توصفه ده، احنا مكملناش شهر متجوزين يعني...
عقد حمزة حاجبيه متحدثًا بهدوء يناقض ثورتها:
-مالك يا سامية اتعصبتي أوي كده ليه؟ أنا بتكلم عادي علشان مصلحتك، هو شغلك يعني هيعود عليا بإيه؟ غير أن شغلك مش مُهلك مش بتكوني يوميًا في السار٥ع وحتى لو مش علشان الحركة، على الأقل علشان متهزقيش من القعدة، لأن أنا مش بكون موجود طول الوقت...
مدت سامية يدها وضغطت على الزر المتواجد بجانب فراشها لتغلق الضوء هاتفة:
-معاك حق، أنا لازم انزل الشغل...
تسطحت على الفراش مولية أياه ظهرها ثم جذبت الغطاء فوقها وهو ينظر لها بهدوء شديد، ثم أقترب منها ملاصقًا لها واضعًا يده على كتفها ثم هبط برأسه ااركًا قُبلة فوقه هاتفًا باعتذار:
-أنا مش عارف قولت إيه زعلك؟ أنا بتكلم عادي بس أنتِ بتفهمي كلامي بطريقة غلط، على العموم حقك عليا يا ستي انزلي الشغل أو متنزليش اعملي اللي يريحك اهم حاجة متناميش وأنتِ زعلانة مني...
كانت سامية مغلقة جفونها ولم تعقب على حديثه رغم أنفاسها السريعة التي تعبر عن غضبها الواضح...
تحدث حمزة بإصرار:
-متزعليش بقا مش معقولة تنامي وأنتِ زعلانة وأصلا مفيش موضوع تزعلي علشانه....
فتحت عيناها ثم تنهدت مغمغمة بصوتٍ خافت رغم غضبها:
-خلاص يا حمزة حصل خير سيبني أنام لو سمحت، مش عايزة اتكلم أكتر من كده...
من ناحية طرف الفراش الخاص به أغلق الإضاءة المتبقية هاتفًا وهو يعود مرة أخرى يجذبها إلى أحضانه:
-معنديش مشكلة نامي يا قلبي بس تنامي وأنتِ في حضني زي كل يوم....
_____________
صباح يومٍ جديد..
أتى جواد اليوم مبكرًا...
بسبب بعض الأمور الإدارية المتعلقة بالمستشفى و"التفتيش" القادم...
قرر أن يمر من المنطقة التي تتواجد فيها...
منطقة الاستقبال الموجودة بجانب الطوارئ..
أتت "إيناس" على عقله اليوم...
دون سبب واضح...
لذلك طمح في رؤيتها رغم أن هذا ليس طريقه ولكنه أراد رؤيتها وأتت في باله...
ما الذي سيحدث عند رؤيتها؟؟؟
لا شيء..فقط مجرد فضول لا أكثر...
كان يسير بخطوات هادئة يُلقي التحية على من يراه أمامه، إلى أن توجه ناحية الكونتر الخشبي وجد شيرين وبضعة فتيات جالسة...لكنها ليست معهم....
توجه صوب شيرين التي كانت متفرغة بينهم أو بمعنى أدق وأصح لا يتواجد أمامها شخص يطلب منها شيئًا أو يستعلم عن شيء..
-صباح الخير يا شيرين..
رفعت شيرين بصرها ثم نظرت له هاتفة باحترام وهي تنهض من مكانها:
-صباح النور يا دكتور...
تمتم جواد وهو يسألها في البداية عما يخص العمل:
-إيه الأخبار؟ كله تمام.
تحدثت شيرين بعفوية:
-اه كله تمام يا دكتور ظبطنا كل حاجة...
سألها جواد بنبرة هادئة في نهاية حديثه:
-تمام، هي البنت الجديدة اللي جت معاكي مجتش النهاردة ولا إيه؟؟.
قال تعقيبه وهو يرمي بصره ناحية المقعد الجلدي الفارغ....
تحدثت شيرين بتردد فهي لا تعلم ما الذي جعلها تنهض مرة واحدة لكنها تحاول التغطية عليها نوعًا ما:
-لا هي بس راحت الكافتيريا تجيب حاجة وجاية علطول دي لسه ماشية حالًا..
إجابة لم تكن في محلها...
أو حتى صادقة لكنه صمت...
هز رأسه بإيجاب ثم سار بضعة خطوات وهو يتوجه صوب المصعد، وكان هناك رواق به بعض المقاعد أيضًا وتابع للاستقبال لكنه نادرًا ما يكون هناك من يجلس عليه إلا لو كان المكان مزدحمًا للغاية...
توقف قليلًا حتى لا يكون ظاهرًا حينما سمع صوت نحيب وبكاء شديد خارج من أمراة لتوها علمت بأن طفلها التي اقتربت ولادته من الممكن أن يكون طفلًا مصابًا بمتلازمة داون....
حينما رأتها إيناس وهي تجلس في المكان الخاص بعملها، رغم أنها في البداية لم تكن تعرف ما يتواجد في تلك المرأة ولما تبكي ولكنها من دون تفكير قررت أن تكن معها وتساندها في أي كرب واقعة فيه..
تحديدًا حينما رأتها بمفردها لا يتواجد معها أي شخص...
أخذتها وجعلتها تقوم بغسل وجهها...
ثم أتت بها إلى هنا محاولة جعلها تهدأ قليلًا ومن وسط بكائها ورغم عدم معرفتها من تلك المرأة التي تساعدها إلا أنها كانت تحتاج إلى من يقف بجوارها في تلك اللحظة..
هي امرأة تقترب من الأربعون تزوجت بعد سنوات كثيرة لم يكن لها نصيب من الزواج، وكانت تعيش بمفردها، كانت وحيدة عائلتها وتعول نفسها..
سعدت حينما رأت رجل محترم من عمرها يرغب في الزواج منها بدلًا من الكثير الذي يفضلون الزواج من فتاة تصغرهم بالعمر....
كان وحيد مثلها أرادها عائلة وسند له، ونس...
وجد معه السكينة والألفة..
طرأت له ظروف تجعله يسافر بضعة أشهر من أجل عمله في بداية حملها...
ومنذ بضعة أسابيع لم يكن وجه الطبيب جيدًا في المتابعة الدورية وهو يخبرها بأن عليها أن تجري تحليل من أجل الاطمئنان فهو يرى بأن من الممكن أنها تحمل طفلًا مصابًا بمتلازمة داون..
وقتها أنهارت بشكل كبير...
لكن كان يحاول زوجها رغم المسافة أن يطمأنها ويخبرها بأن كل شيء سوف يسير على ما يرام...
لتفعل التحليل...
ويعرفا النتيجة...
النـتـيـجـة....
التي ظهرت اليوم.....
التي تؤكد بأنها تحمل طفل مصابًا بمتلازمة داون...
كانت تسرد حياتها كلها أمام فتاة غريبة لا تعرف حتى اسمها، تعاطفت معها إيناس إلى حدٍ كبير حتى أنها هبطت منها دموعًا رغمًا عنها...
-أنا مش عارفة أعمل إيه...
قالت المرأة تلك الكلمات بوجع كبير....
ثم أسترسلت حديثها:
-أنا حتى مش عارفة أكلم جوزي أقوله إيه؟ ده لغايت أخر لحظة كان عنده أمل أن شك الدكتور يكون غلط..
ردت عليها إيناس لا تدري هل بثبات وعاطفة قوية أم بـ إيمان كبير:
-هتقوليله ربنا رزقنا بهدية، رزقنا بثواب وحسنات...الأب والأم اللي بيربوا طفل عادي في كل حاجة بيعملوها حتى لو واجب بيتجازوا عليها خير....وده بيزيد شوية لما يكون الطفل ده عنده حالة خاصة....ربنا بيرزقكم بطفل ودي نعمة كبيرة أوي مش كل الناس لقياها...
قالت المرأة وهي ترتجف:
-طفل مصاب ومعاق...طفل أنا مش عارفة أصلا هتعامل معاه ازاي ومش عارفة جوزي هيتقبل الموضوع ازاي...
غمغمت إيناس بنبرة هادئة:
-الأم هي عمود البيت وأنتِ عموده من دلوقتي اللي هتراعي ابنك وهتستوعبي جوزك واللي أنا متأكدة أن من كلامك أنه راجل كويس ومحترم وهيتقبل الموضوع...
تحدثت المرأة بألم شديد ووجع:
-أنتِ بتتكلمي بالبساطة دي علشان أنتِ برا الموضوع مش جوا وأي حد برا الحاجة بيشوفها سهلة..
ابتسمت إيناس وهي تضع يدها على كتفها:
-معاكي حق، يمكن أنا مش مكانك لأن ده محصلش معايا ولا حصل لحد قريب مني بس تأكدي أني مريت بحاجات تانية كتير ممكن تكوني أنتِ عمرك ما اتعرضتي ليها، وصبرت..
تنهدت إيناس ثم أسترسلت حديثها:
-خدي وقتك اللي أنتِ فيه ده طبيعي وأنا متأكدة أنك هتكوني قد الاختبار اللي ربنا حطك فيه ومتأكدة أنك هتكوني أم كويسة لأنك قلقانة من فكرة تقصري في حقه أو تكوني مش قد المسؤولية دي بس صدقيني الأم بتعمل المستحيل اللي مكنتش تتخيل أنها ممكن تعمله عشان عيالها، ومتأكدة أنه هيكون أول ما شافت عينك وأكتر طفل هتحبيه حتى لو خلفتي بعده عشرة...
كانت إيناس تتحدث بعاطفة قوية...
قلب نظيف...
والمرأة ترتاح لحديثها رغم أنها تعرف بأن كل شيء يتحدث بما يريده لأنه خارج الأمر...
لكنها لا تستطيع فعل شيء أو أن تقول شيء غير أنها شعرت بالراحة من كلماتها رغم عدم اقتناع عقلها الكلي بها إلا أنها مست قلبها إلى حدٍ كبيرٍ...
أسترسلت إيناس حديثها:
-ربنا يقومك بالسلامة أهم حاجة، وصدقيني كل حاجة في أولها صعبة لكن هتتعودي والله وبعدين دول بيكونوا طيبين أوي، بيقولوا حرام نشبة حد بالملايكة بس لو كان ده ينفع صدقيني كانوا هما يستحقوا ده، أعرف واحدة منهم عايشة عندنا في المنطقة متجوزة ومخلفة صحيح أهلها تعبوا علشان توصل لكده ولغايت دلوقتي هما شايلينها هي وعيالها بس مجرد ما تشوفيها تحسي بس بالراحة...
ابتسمت لها المرأة رغم أن الدموع تنهمر من عيناها...
وهي تضع يديها على بطنها المنفخة تحاول أن تتحسسها...
كان هناك من يسمع حديثها باهتمام كبير...
من غيره قد يسمع بمثل هذا الشغف والاهتمام؟!!
وهو عاصر عمته...
وشقيقته....
أقرب الأقربون له...
لذلك حديث كهذا لا يمر على عقله مرور الكرام...
ما افزعه أثناء شعوره بالراحة وهو يستمع كلماتها...
صوت أحد الشباب الذي يعملون معه في فترة التدريب.
-دكتور جواد...
سمعت إيناس الإسم فمسحت دموعها ونهضت من مكانها لمحت طيفه يغادر من نهاية الرواق برفقة أحد الشباب...
لذلك قررت العودة مرة أخرى للمرأة...
وهي تفكر هل كان يسترق السمع؟؟
أم أنها قد أخطأت في تركها لعملها؟!!..
______________
قرر اليوم بأن يتناول الطعام معها..
هو يشعر بالشفقة تجاهها كونها تتناول الطعام بمفردها يوميًا وفي ذات الوقت لا تقبل الصعود حتى تتناول الطعام معه ومع نضال..
اليوم نضال يتواجد عند سلمى ووالدتها، وسلامة بالطبع مع زوجته لذلك كانت الفرصة مناسبة تمامًا...
نوعًا ما شعر زهران بأنها بدأت بالاعتياد عليه لم تكن ترهب التواجد معه بمفردها ككل مرة...
صنع كوبين من الشاي من أجلهما...
ثم جلس بجوارها على الأريكة هاتفًا...
-سمعت من البت جهاد أنك في طب أسنان ازاي متفرحنيش وتقوليلي الخبر ده من بدري يا بنتي؟!.
توترت وفاء من كلماته نوعًا ما كونها تقلق بأن تكون جهاد أخبرته بما هو أكثر من ذلك..
-يعني مجتش مناسبة أقولك أحنا من ساعة ما جينا واحنا مشغولين بحاجات تانية كتير أهم...
أردف زهران بمسكنة لا تليق إلا به:
-ده سبحان الله من زمان وأنا نفسي حد من عيالي الفشلة يدخل طب ويبقوا دكاترة بس الاتنين فشلة خيبوا آمالي وربنا عوضني فيكي.
ضحكت وفاء رغمًا عنها...
هذا الرجل غريب....
هل هو فكاهي بطبعه؟؟؟
تمتم زهران مسترسلًا حديثه:
-أول ما نخلص الحوارات مع المحامي علشان تكوني على اسمي ونخلص من الـ*** اللي اسمه مجدي ده، ليكي عليا تكملي جامعتك وتخلصي وافتحلك عيادة ما اتفتح ولا هيتفتح زيها في مصر كلها وعلى اليفطة الكبيرة اكتب الدكتورة بنت زهران خطاب..
نظرت له وفاء باستغراب وبدأت تشعر بالاريحية متمتمة:
-بنت زهران خطاب؟! مش المفروض وفاء زهران خطاب..
استغفر زهران ربه ثم غمغم بنبرة غاضبة رغمًا عنه:
-مهوا بصراحة بقا مش عارف اتصالح مع اسمك ده بيغيظني وينرفزني، بقولك إيه ما تيجي نغيره ونخلص بالمرة مدام كله هيتغير...
تحدثت وفاء برفض واضح:
-بس أنا بحب اسمي ولا يمكن أغيره..
-اهو هي دي المشكلة بقا بس حصل خير..
ثم نظر إلى وفاء هاتفًا بنبرة عاطفية من الدرجة الأولى:
-وعلشانك أنا هحاول اتصالح مع الاسم واعمل معاهدة صلح معاه علشان خاطر عيونك بس...
تمتم زهران بنبرة هادئة:
-سمعت من جهاد أنك مخطوبة برضو..
قالت وفاء بتوتر بالغ:
-ده واضح أن جهاد مش بتستر خالص.
ضحك زهران ثم غمغم بجدية شديدة:
-زي الواد سلامة مهوا الطيور على أشكالها تقع..
سألته وفاء بتردد وقلق كبير:
-هي جهاد قالتلك إيه تاني في موضوع إني مخطوبة ده..
رد عليها زهران بنبرة صادقة ومن دون مرواغة:
-بس قالت إنك مخطوبة وهي هتقول إيه تاني في حاجة محتاج أعرفها تانية؟! غير أنك المفروض تعرفيني عليه..
بدأت وفاء تشعر بالهدوء قليلًا على ما يبدو أن جهاد تحتفظ ببعض الأسرار والتفاصيل عكس ما ظنت في البداية...
أردفت وفاء بسرعة:
-لا طبعًا مفيش أي حاجة تانية غير أن بس جهاد نسيت تقولك إني شبة فسخت الخطوبة أنا مكنتش عايزاه وكان بابا مجدي...
شعرت بما تقوله وملامح وجه زهران انكمشت في لحظتها والاستياء ظهر على ملامحه ولكن هذا الشيء نابع من اعتيادها على نطق الكلمة فهي منذ أشهر فقط كانت تظنه والدها الحبيب والآن هو رجل غريبًا لأول مرة تكتشف أفعاله.
أسترسلت وفاء حديثها بتردد:
-يعني أنا مش قصدي بس لساني متعود...المهم يعني أن الخطوبة كانت على هواه هو...بس فالموضوع منتهي...
-هي أي حاجة من طرف مجدي تغور في داهية أحسن وبعدين ولا يهمك ده أنا اجوزك سيد سيده كمان...
ابتسمت له وفاء بسبب عفويته وتلقائيته في الحديث...
كان لذيذًا في حديثه وتلقائي جدًا....
تحدثت وفاء مرة واحدة بعد دقيقة شردت فيها:
-انا جيت لخبطت حياتك وحياة ولادك صح؟! أكيد أنتم مش مرتاحين...محدش بيطلع له بنت أو اخت بعد عشرين سنة وأكتر ويكون كويس..
غمغم زهران بنبرة هادئة:
-مش زي ما أنتِ متخيلة، نضال وسلامة قلبهم طيب بس هما لسه بياخدوا على الوضع زيك بالظبط، زي ما أنتِ مستغربة هما مستغربين لكنهم أحن رجالة ممكن تقابليهم وهيكونوا عزوتك وسندك في الدنيا، وضهرك...
أردفت وفاء رغم أن كلماته أثرت بها ولامست قلبها إلى حدٍ كبير:
-طب وأنتَ؟.
قال زهران بنبرة سعيدة:
-أنا فرحان رغم كل المصايب، الخير اللي في الموضوع ده أني بقا عندي بنت زيك، وكل اللي فات هنقدر نعوضه، ومفيش حد هيقدر يأذيكي وأنتِ مع أبوكي، يمكن أنا مش بعرف أقول كلام حلو لأن مهما قولت بالنسبة ليكي ده كله مجرد كلام، لأنك مشوفتيش أي حاجة مني ولا تعرفي حاجة عني تخليكي تصدقيه بس اعرفي يا بنتي أن من النهاردة أن ليكي أب هيعمل علشانك اي حاجة، ومفيش حاجة في نفسك مش هتلاقيها.
فعلت وفاء ما لم يأتِ في عقلها هي نفسها قبل عقله وضعت نفسها في أحضانه وهذا شيء أثار استغراب زهران منذ أن أتت وهي متحفظة جدًا معهم...
لكنه لا يدري ما ينتابها في تلك اللحظة هي أنها تشعر بالخوف والقلق، الخذلان والغيظ....
حمزة تلاعب بها...
هي كانت خطيبته حتى ولو يكن هناك قصة حب رائعة بينهما....
ما فعله بحقها أثر بها، ولا تعلم ما الذي عليها أن تفعله....
هو استغل ما تمر به من تغييرات ليست طبيعية الحدوث في حياة أي فتاة وأنها في فترة مربكة جدًا وصعبة.......
بكت وفاء في أحضان زهران ليحاوطها بيده هاتفًا بقلق:
-مالك يا وفاء...
قالت سبب من ضمن الأسباب التي تجعلها تبكي في تلك اللحظة:
-ماما وحشتني أوي...رغم زعلي منها...
تحدث زهران رغم كل شيء فلا يجوز عليها إلا الرحمة:
-ربنا يرحمها يا بنتي العياط مش هيعمل حاجة...
_______________
عادت إيناس من العمل...
فتحت باب المنزل وولجت إلى الداخل، وكان هناك هدوء غير مُسبق منذ أن جاءت بأطفالها إلى هنا....
ولا أحد يتواجد في الصالة!!
أين الجميع؟!
وضعت حذائها في مكانه ثم سارت بضعة خطوات متوجهة إلى الرواق بعدما مرت على المطبخ الفارغ وكذلك الغرفة الأولى...
توقفت فقط عند المرحاض وهي تجد والدتها برفقة شقيقتها الصغرى حور يقومون بعصر الملابس من المياة على يدهم وكالعادة جنى وجواد صغارها يحاولون المساعدة من وجهه نظرهما لكن المساهمة الحقيقية التي تخرج منهما هو جعل الوضع أسوء بمراحل..
تمتمت إيناس رغم إدراكها ما يحدث لكنه سؤال طبيعي يخرج من فمك في الغالب رغم ترجمتك ورؤيتك للأمر:
-انتم بتعملوا إيه؟..
رفعت حُسنية رأسها إلى الأعلى هاتفة بسخرية ولم تنتدهش عند رؤية ابنتها فهي قد سمعت صوت فتح وإغلاق الباب رُبما تلك من مزايا المنازل الصغيرة:
-هنكون بنعمل إيه يعني يا إيناس؟ بنلعب كورة؟ ادينا بنتنيل نعصر الغسيل الغسالة معصرتش وكلمت الراجل قالي إنه جاي بعد بكرا علشان دلوقتي هو في البلد..
قالت إيناس بانزعاج كبير:
-وهو احنا لسه هنستنى يومين؟ ده احنا بالميت بنغسل مرتين في اليوم..
هتفت حُسنية بصبرٍ:
-مهوا يا بنتي هنعمل إيه يعني؟ خلاص هما يومين وهو هيصلحها وخلاص نتحمل شوية..
عقبت حور بنبرة خافتة:
-اه نتحمل ونصبر ونضيع ايدي وأعصابي ده أنا حاسة بتعصر مع الهدوم وايدي وجعتني..
تحدثت حُسنية بغضب واضح ونبرة شبة صارخة:
-قولتلك كملي مذاكرتك، اللي يجي يساعد ميقعدش يسمع الواحد كلمتين..
صمتت حور..
فهي تركت مذاكرتها حتى لا تجعل والدتها تفعل هذا بمفردها..
تحدثت إيناس وهي تخلع حجابها:
-هنصبر وهنتحمل يومين ونروح في الأخر بعد ما صبرنا واتحملنا والراجل جه صلحها زي كل مرة تروح بايظة تاني ونرجع نعيد نفس الحوار، الغسالة دي كتر خيرها داخلة في عشرين سنة من قبل ما حور تتولد، خلاص جابت أخرها وكل ما تتصلح تتنيل تاني...
قالت حور بجدية شدبدة:
-اقسم بالله أحسن دماغ في البيت ده دماغك يا إيناس، بتفهمي والله وبتقولي كلام لوز اللوز..ده أنا أصغر من عمر الغسالة وهنجت كتر خيرها هي بجد..
ردت عليها حُسنية بغضب:
-اخرسي أنتِ، روحي ذاكري وسمعيني سُكاتك..
ثم تمتمت بنفاذ صبر تلك المرة:
-ايوة يعني اعملكم إيه؟! أنتم عارفين أسعار الغسالات بكام أنتِ وهي؟! اروح اقول للواد وهو شقيان وطالع عينه هاتلنا غسالة؟! ده حتى بيقولوا أن كان حبيبك عسل متلحسهوش كله...
هتفت إيناس بشعور غريب كونها سبب في زيادة الحِمل حتى ولو يحدثها أكثر بطريقة مباشرة:
-وليه نعمل كده؟! الغسالة موجودة، غسالتي اللي في البيت عند عيلة خطاب نجيبها ونشغلها ونريح دماغنا غسالتي جديدة وزي الفل، ولا نصلح ولا نوجع قلوبنا ولا نتقل على دياب...
ردت عليها حسنية بتردد رغم أن الحل نال استحسانها ولم يأتِ في خاطرها:
-يا بنتي بس افرضي..
قاطعتها إيناس بعدما قرأت الأفكار التي تتواجد في رأس والدتها:
-رجوع مش هرجع؛ واكيد جواز مش هتجوز، مش هينوبنا غير أن الحاجة من الركنة هتبوظ؛ نستفاد بيها أحسن أنا هروح اتصل بدياب يجيبها ويشوفلنا حد يجي يركبها.....
قالت حور بعدما كانت تراقب ما فعلوه الأطفال بعدما انشغل عنهم الجميع مفجرة المفاجأة:
-عيالك استحموا بالكلور يا إيناس زغرطي......
____________
أخبرها بأنه سوف يأتي من أجل الاطمئنان عليها....
لم يطاوعه قلبه ألا يراها وهو يعلم أنها مريضة...
كانت بالفعل حينما أتى...
شاحبة إلى حدٍ كبير لكن صوتها وعلى حسب وصفها هي في حالة أفضل...
الروائح تأتي أثناء جلسته معها من المطبخ شهية إلى حدٍ كبير، فهو أتى من أجل أن يطمئن عليها وأصرت يسرا بأن يجلس معهما لتناول الغداء لا يصح بأن يأتي ولا يتناوله....
بل أقسمت بألا يهبط...
تحدث نضال بهدوء بعدما أخذ رشفة من القهوة التي صنعتها سلمى:
-مكنش في لزوم تخليها تتعب نفسها..
ردت عليه سلمى وهي تعقد ساعديها، ترتدي إسدال الصلاة لم يكن لديها طاقة ابدًا تجعلها تقوم بكي الخِمار وملابسها:
-مفيش تعب ولا حاجة مينفعش تيجي ومتتغداش معانا ماما طول عمرها بتقول اللي يجي البيت لازم يأكل معانا ده لو كانت تعرف أنك جاي من بدري كانت ظبطت الدنيا أكتر
ابتسم لها...
هو يشعر نوعًا ما بأن سلمى تحررت من شيء..
لم تصبح فتاة خفيفة أو عفوية بشكل كبير...
لكنها أصبحت قد تظهر جزء من المرونة ومحاولة السيطرة على حدتها قدر المستطاع...
تحدث نضال بنبرة هادئة:
-ربنا يخليها يارب أنا بس مكنتش عايز اتبعها..
ثم سألها باهتمام كبير:
-أحسن شوية؟ ولا نروح لدكتور أحسن يطمنا...
غمغمت سلمى بهدوء وهي تنظر له بثبات رغم أن قلبها يرجف فرحًا من اهتمامه بها:
-لا أحسن الحمدلله وعلى بكرا ان شاء الله هتكون الدنيا تمام...
تمتم نضال بهدوء:
-ان شاء الله.
جاءت من الداخل يسرا وهي تجفف يدها بالمنشفة مما جعل نضال يعقب وهو يشعر بإرهاقها فلا هناك رجل قد يُقدرها أكثر منه رغم أن هاويته الطهي ولكنه يعلم جيدًا بأن الأمر يحتاج مجهودًا كبيرًا...
-والله تاعبينك معانا.
تحدثت يسرا بهدوء وهي تجلس جوار ابنتها على الأريكة:
-تعبك راحة يا ابني...
رد عليها نضال بنبرة مهذبة:
-تسلمي يارب..
غمغمت يسرا بنبرة عفوية ولكنها في الوقت نفسه تشعر بالحرج:
-هو أنتَ مروح على البيت بعد ما تنزل من هنا ولا رايح حتة؟.
تمتم نضال بعدم فهم من سؤالها:
-لسه مش عارف بس في حاجة يعني؟!.
هتفت يسرا بحرج:
-مفيش بس كنت عاملة حاجات للبت جهاد عايزة تتحط في الثلاجة علطول ولو كنت رايح كنت هقولك خدها بس مش مشكلة أنا هروح...
قال نضال ببساطة:
-لا خلاص هاخدها عادي هوديهم ليها حتى لو ورايا حاجات تانية الموضوع كله خطوتين يعني مفيهاش حاجة..
أردفت سلمى بنبرة خافتة:
-كنت هوديهم أنا يا ماما علشان ننوسة عين ماما اللي مش عارفة تعمل غير مكرونة..
تحدثت يسرا ساخرة وهي تلكزها بخفة فهي تعلم علاقة سلمى بجهاد كلاهما يسخر من الأخر:
-يا ستي اقعدي أنتِ تعبانة اصلا، وبعدين بلاش تريقة على البت أنتِ مش أحسن منها في حاجة يعني خلي الطابق مستور قدام العريس..
شعرت سلمى بالحرج فهي تتحدث بنبرة خافتة لما تتحدث والدتها بنبرة مسموعة إلى هذا الحد، لكنها حاولت الدفاع عن ذاتها تحت نظرات نضال التي تظهر فيها تسليته الواضحة بارتباكها:
-لا أنا بعمل أكل كويس وحلو...
هتفت يسرا بنبرة ساخرة وقد تناست وجود نضال من الأساس:
-أكل إيه اللي مفيهوش لا سمنة ولا زبدة كده تخلي الأكل له طعم وتنقطي زيت زيتون ميتأكلش أساسًا.....
ضحك نضال هنا ولم يتحمل مما جعل سلمى تهتف بغيظ بعدما فكت ساعديها:
-المهم إني بعرف أعمل أكل حتى لو مش على هواكم، يعني ممكن حد ميكنش واخد على أكل بلد تانية واللي بيطبخه طباخ ده مش معناه أنه مبيعرفش يطبخ ده معناه أنه مش ذوقكم.
تحدث نضال بنبرة مرحة:
-كلام مقنع والله.
تحدثت يسرا بنبرة ساخرة:
-أيوة اقعدي اتفلسفي بقولك إيه قومي فضي السفرة علشان أحط الاكل أحسن...
بعدما تناول الطعام...
صنعت له سلمى الشاي وكان يتجاذب أطراف الحديث مع والدتها في الكثير من الأمور المختلفة بينما هي تختفي ثم تعود، ثم يعاود شخص الاتصال بها فترحل....
كان يراقبها بدقة رغم محاولتها الشديدة في إخفاء الأمر لكنه لم يعد يعرف سوى مراقبتها والاهتمام بتفاصيلها....
حتى والدتها عاتبتها مغمغمة.
"تعالى يا بنتي اقعدي معانا هو ده وقت تليفونات؟!"..
جاءت وجلست بالفعل على الاريكة التي يجلس عليها نضال؛ ثم حاولت أن تشاركهم حديثهم...
رحلت والدتها حتى تقوم بإداء صلاة المغرب قبل أذان العشاء الذي أقترب وسرقها الوقت في تحضير الطعام....
اهتز هاتفها بين يديها وكانت تهتف اثناء نهوضها:
-بعد إذنك يا نضال هرد على...
توقفت عن الحديث حينما وضع يده على يدها جابرًا أياها بتلقائية على الجلوس مرة أخرى هاتفًا بنبرة واضحة لا يشك بها ولكنه يشك بأن هناك أمر تخفيه لسبب يجهله حتى الآن:
-هو في حاجة يا سلمى؟! موبايلك مش مبطل رن وعماله رايحة جاية في إيه...
ردت عليه سلمى رد مختصر بعض الشيء:
-مفيش بس في مشكلة في الشغل وبنحاول نحلها....
تمتم نضال بنبرة مهتمة:
-مشكلة إيه دي؟.
تحدثت بنبرة منفعلة نوعًا ما:
-مشكلة وخلاص يا نضال تخص شغلي هو أنا بسألك عن.....
قاطعها متوقعًا تكملة السؤال بجدية:
-لو سألتي هجاوبك مش بنشتغل في المخابرات أحنا ولا هي أسرار دولة قولي في إيه يا سلمى لو سمحتي من غير مجادلة...
غمغمت سلمى بنفاذ صبر جعله يفقد الباقي من صبره حقًا:
-في واحدة صورت فيديوهات وقت الكلاس بتاعي وفي مشكلة حصلت..
________يتبع_________
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله اضغط هناااااااا
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا