القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية لا تخافي عزيزتي الفصل الثالث والثلاثون 33الاخير بقلم مريم الشهاوي (حصريه وجديده في مدونة قصر الروايات)

 رواية لا تخافي عزيزتي الفصل الثالث والثلاثون 33الاخير بقلم مريم الشهاوي (حصريه وجديده في مدونة قصر الروايات)





رواية لا تخافي عزيزتي الفصل الثالث والثلاثون 33الاخير بقلم مريم الشهاوي (حصريه وجديده في مدونة قصر الروايات)



#لا_تخافي_عزيزتي 

|32-الخاتمة| الجزء الثاني

صلوا على الحبيب 


انهمرت الدموع من عيني يارا وهي تهز رأسها بالموافقة. كانت الأشهر الماضية كافية لتكشف لها عن ندم عمر العميق ورغبته في تصحيح أخطائه. كانت ما زالت تحبه، وكان الحب يشتعل في قلبها، وهي تريد له أن يكون أبًا لطفلها. عمر، بروحه المرهفة واهتمامه العميق، كان هو الخيار الأمثل وايضًا هذا الكفل هو ابن أخيه الذي سيضعه بعينه كذكرة أخيرة لأخيه الميت.


امتلأت الفرحة القلوب، حيث كانوا يحتفلون بفرحتين: ولادة الطفل وعودة عمر إلى حياة يارا. اختاروا اسم "عز" للطفل، تيمنًا باسم جد عدلي. وعندما عاد عدلي من سفره، وسمع بتقدم عمر للزواج من يارا، شعر بسعادة غامرة. كان يريد أن يتربى حفيده بينهم، ورأى في ندم عمر الصادق إشارة للتوبة وللحب الذي لا ينضب.


الاحتفال كان يغمر الجميع بالبهجة. حملت أسيل الطفل بهدوء، ويزن كان بجانبها، مبتسمًا بسعادة لرؤيتها تحتضنه. تأملت أسيل وجه الصغير، ولمست في قلبها نبضًا خافتًا. نظر يزن إلى أسيل، وقال مازحًا وهو ينظر إلى الطفل: "حلو صح؟...ايه رأيك لو نجيب واحد زيه نلعب بيه."


قمر، ضاحكة، قالت بمرح: "بس يا يزن، متكسفهاش بقى."


فاحمرت وجنتا أسيل خجلًا، وانطلقت ضحكات الجميع في الأجواء، مستبشرين بمجيء عز، بينما كانت قلوبهم تمتلئ بالدفء والفرح في هذه اللحظات السعيدة.


(شرف البيه سبب كل مشاكل الرواية ياما نفسي السعك قلمين يا عز 😂😂) 


_____________________


وبعد أسبوع، أقيم "سبوع" عز في منزل قمر، حيث اجتمع الجميع وسط أجواء من البهجة والنشاط. كان البيت مغمورًا بأصوات الأغاني المرحة والضحكات المتعالية، والرقصات التي أضاءت الزوايا بالفرحة. كانت القلوب التي أثقلها الحزن ببطء تتذوق حلاوة التعافي، حيث بدأت الذكريات المؤلمة تذوب في دفء اللحظة.


في هذا السياق المليء بالمشاعر، كان عدلي يقترب من دعاء شيئًا فشيئًا، لتعود العلاقة بينهما كما كانت، وكأن الزمان يعيد نسيجه القديم. أما يارا، فقد شعرت بتيارات عميقة من الحب تجتاح قلبها تجاه طفلها. بالرغم من أنها في لحظة يأس قد قالت إنها تكرهه، إلا أن رؤيتها له ولملامحه التي تعكس براءة الحياة أثارت فيها فطرة الأمومة، التي طغت على كل مشاعر الارتباك والخوف. تحول حبه في قلبها إلى عشق لا يوصف، ووجدت في كل لمسة وابتسامة معنى جديدًا للحياة.


عمر، بدوره، كان يتعامل مع عز وكأنه طفله هو. كان يسهر الليالي بجانب سريره، يعتني به بحنان لا يعرف الحدود، وكأنه يعوض كل لحظة غاب فيها عن حياته. كان يحمل الطفل بذراعين ممتلئتين بالحب والرعاية، بينما يترك ليارا فرصة للراحة والنوم. شعرت يارا في تلك اللحظات بأنها اختارت الشخص الصحيح لتضع فيه ثقتها وحبها، الرجل الذي يستحق قلبها وابنها.


قرروا معًا زيارة رحاب لتعريفها بحفيدها. ورغم أن رحاب لا تعرفهم او تتذكرهم، إلا أنها أظهرت حنانًا غير متوقع تجاه عز. كانت تتأمل وجهه البريء بشغف، تشعر بجذب عميق تجاهه، وكأنها تجد فيه صلة غير مرئية تربطها بالماضي. طلبت من يارا أن تأتي إليها مرارًا لرؤية الطفل، وكانت تعاملها بمودة، كما لو كانت صديقة قديمة عادت بعد غياب طويل، وليس ابنتها التي ابتعدت عنها. 


_________________


همت الأفراح وتكاثرت الزغاريد في حفل زفاف عمر ويارا، وكانت الفرحات لا توصف، كأنهما عثرا أخيرًا على السلام بعد حروب طويلة بينهما. لم يصدق كلاهما أنهما هنا، اليوم، يتجهزان للاحتفال بزفافهما. كانت يارا تتألق بفستانها الأبيض الرقيق، جمالها ينبعث كالضوء في كل اتجاه، بينما كان عمر يتألق ببذلته البيضاء، يعكسان صورة لعاشقين قهروا الزمن ليصلوا إلى هذه اللحظة.


كانت العصافير الخيالية تحلق حولهما، تغني ألحان الحب، وكأنها تتوج قصتهما التي نجت من الصعوبات والمعاناة. وقف عمر بجانب يارا، وهمس في أذنها بصوت مفعم بالشغف والحنان: "مبارك يا روحي." كانت كلماته تفيض بصدق لا يوصف، تحمل معها ألوان الأمل والمستقبل.


ابتسمت يارا، نظراتها مغمورة بالفرحة والسعادة، تغرق في عمق عينيه. في تلك اللحظة، شعرت وكأن كل الأحلام تجمعت لتصنع هذا اليوم، كأن الحب الذي يجمعهما أكبر وأقوى من أي شيء آخر. تابعت السير بجانبه، كلاهما يسبح في بحار من السعادة الغامرة، شعورهم بالحب يملأ الجو، ينسج أجمل لحظة في حياتهما.


وفي ذروة الفرح، اقترب آدم، شقيق مازن، من عمر طالبًا إذنًا للحديث مع والده بخصوص علا، معبرًا عن رغبته في الزواج منها. قبل هذا، كانت علا قد صارحته بما حدث معها، قائلة يالنهاية: "أنا محبتش أخبي عنك حاجة زي كده ممكن تخليك تتراجع عن..."


آدم، بابتسامة هادئة، قال: "كلنا بنغلط يا علا، لكن الصحيح أن نعترف بأخطائنا. كان ممكن تخفي عني الحقيقة وما كنتش هعرف لأن الولد في السجن. لكنك اخترتِ تصارحيني، ودا اللي خلاني أتأكد أن اختياري صح، وأني عايزك زوجة ليا. لأني بحبك يا علا...أظن دا شيء كافٍ يخليني متعلق بيكِ."


ابتسمت علا بخجل وقد غمرها بعض الطمأنينة والفرحة برؤية الحب في نظرات آدم الفاضحة. 


في تلك الليلة، كان شعور يارا وعمر متشابكًا بين الواقع والحلم. كل لحظة تموج بالمشاعر الغامرة، وكأنهما يتحسسان المستقبل بأيديهم. شعرت يارا بأن كل صراع مر بهما كان يستحق، وأنه يقف أمامها الآن ليس فقط كزوج، بل كصديق وشريك حياة. كانت ترى في عينيه حبًا عميقًا لم يتغير، بل نما ليصبح أقوى.


أما عمر، فقد شعر بالسلام الذي طالما بحث عنه. كان يحمل يارا في قلبه، يشكر الأقدار التي منحته فرصة ثانية معها. كانت مشاعره تنبعث كأمواج من الهدوء والطمأنينة، ممتلئة بالحب والأمل، وملأت عقله وكيانه. أحس أن حياتهما الآن باتت صفحة جديدة، مفعمة بالوعود والأحلام، كل لحظة يقضيانها معًا هي نبض جديد في قصة حبهما المتجددة.


انطلق عمر ويارا في رحلة شهر العسل، يغمران فرحتهما بهذه البداية الجديدة. تركا عز في رعاية دعاء وعلا وقمر، مطمئنين أن صغيرهما سيكون في أيدٍ أمينة.


"الحب لا يعني السعادة والهمس اللطيف... الحب هو ان نتحمل الالم معًا حينما يختار المرء البقاء بدلًا من الفرار بعيدًا يصر على البقاء والتمسك بالطرف الآخر والإيمان بأن حبهما سيفوز على كل تلك الصعاب، وسينعمان ببعضهما في يومٍ ما♥"


_____________________


كان يزن وآسيل ينظمان بيتهما الجديد بسعادةٍ مفرطة. اختارت آسيل أن ترسم صورةً في غرفة نومهما، أتتذكرون... تلك الصورة التي طلب يزن منها أن ترسمها بغرفة النوم ذلك اليوم...ولكنها الآن لا ترسمها بأمر من يزن بل لأنها شعرت بأنها تنتمي إلى هذا المكان. كانت اللوحة تصور شخصين يتعانقان بشغف، تعبيرًا عن حبهما العميق،نظرت اليها وأخذت تتخيل بأنها هي يزن مكان تلك الصورة بهذه الغرفة بيوم زفافهم.


عندما انتهت آسيل من رسم الصورة، ذهبت لتستقبل يزن بعد عمله بمقهي بالقرب من المنزل ، وبعد ذلك كان لديهما جلسة مع دكتور التخاطب كالعادة. وفيما كانت تنتظره في المقهى، استخرجت دفترها وبدأت تكتب فيه نصوص شعرية تملأ وقت فراغها، لتعكس مشاعرها وأفكارها بعمق.


-بتكتبي ايه؟ 


نظرت إليه بدهشة مع حضوره المفاجئ، حيث لفتت قصيدة طويلة انتباهه بدفترها، فأحس بفضول يدفعه لقراءتها. وهي تراقبه وهو يقرأ بصوت مرتفع، وتستمتع بمشاهدته يشاركها تلك اللحظات البسيطة.


كانت كلمات القصيدة تقول: 


الليل في وحشة الصحراء صومعة

مهيبة وتلال البيد رهبان

إذا الجنادل قامت دون مسربه

أرغى وأزبد فيها وهو غضبان

ونشر الهول في الافاق محتدما

جم الهياج كأن الماء بركان

وحول الصخر ذرا في مساربه

فبات وهو على الشطين كثبان

عزيمة النيل تفني الصخر فورتها

فكيف إن مسه بالضيم إنسان


اتسعت عيناه مصدرة بريقًا قائلاً بحماس: "دي قصيدة للاستاذ ادريس جماع؟" 


اومأت رأسها بإيجاب وأبتسمت لذكر هذا الشاعر الجليل الذي كانت تحبه وتحفظ قصائده منذ الصغر، فأصبحت جزءًا لا يتجزأ من ذاكرتها. 


عبّر يزن عن حماسه لقراءة الشعر قائلًا: "نادرًا ما بلاقي حد بيحب قصايد الشعر زيي." 


صمت لدقائق ثم نظر بعينيها متسائلاً: "بس انتِ بتكتبي القصيدة لوحدك! انتِ حفظاها؟" 


هزت رأسها بإيجاب ثم كتبت بدفترها: "من كتر قراءتي ليهم بقوا ثابتين في دماغي ودايمًا على بالي." 


نظر يزن للقصيدة بالدفتر ثم عاود النظر اليها قائلاً بإستفهام~بس اشمعن القصيدة دي؟ 


أخذت نفسًا عميقًا ثم كتبت بدفترها مستشعره تلك الكلمات/القصيدة دي كانت رفيقتي طول الدرب لحد ما السعادة دقت بابي... معرفتش انساها متخليتش عني طول لحظاتي الحزينة ساعدتني في استشعار الامي وظهور قوتي كانت رفيقتي في لحظات الحزن، ومعرفتش انساها كانت بتمثل لي داعم قوي للاستمرار. 


أردف مازحًا: "معملتيش زي العجوز اللي اول ما بيفتح بيرمي عصايته." 


ردت عليه بكلمات هادئة سردتها بدفترها: "القصائد والرسم هما اصدقائي طول حياتي ومواساتي في كل الظروف ايًا كانت ايه كنت بلاقيهم معايا مستحيل انساهم هما اصبحوا بيكملوني وكانوا سبب كبير في اني اتعافى." 


أبتسم من تعبيرها ثم هتف بقوة متسائلاً: "عارفة كل قصايد الاستاذ ادريس جماع؟" 


كتبت له: "بعتقد اه مسيبتش قصيدة ليه من كتر حبي فيهم بقيت بعملها مذاكرات يومية وبكتبهم في دفتري عشان منساهمش اتعلقت بيهم اوي." 


اقترب يزن منها بحنان حيث التقت اعينهما بمسافة قريبة وهو يهيم بها عشقًا من تلك العيون التي تسحرانه كلما دقق بهم وقع بسحرهم وظل اسيرهما طيلة اللحظة دقق بعينيها وحاول الحديث بلا تلعثم وأثنى على حبها العميق للشعر، قائلًا: "في قصيدة علقت معايا ليه اول ما قرأتها، وجات على بالي دلوقتي اقولها." 


نظرت بعينيه تحاول قراءة ما بهم وجدتهم مثل البحر حاجزًا أمواجه عنها يريد البوح بالكثير ولكن الرياح هادئة اليوم. 


تحدث بصوت ذكوري و بحَّة رجالية قائلاً القصيدة التي خطرت بباله قولها وهو ينظر بعيونها بهيم: 


السيف في الغمد لا تخشى مضاربه 

وسيف عينيك في الحالين بتار 

ان مفاتن عينيك مخمرة

من نظرة منك يخدو المرء سكرانًا 


بعد أن إنتهى من قص القصيدة اندهش منها تضيف تعديلًا بسيطًا محدثة اياه بصوتٍ رقيق قائلة: 

"بس هي المفروض تبقى... ان المفاتن في عينيك مخمرة." 


اتسعت عيناه بذهول وأبعد جسده عنها يحاول إستيعاب ما حدث الآن وهي تبتسم أمامه تراقب ردة فعله على تلك المفاجأة! 


تحدث بتلعثم: "أنتِ... أنتِ رجعتي تتكلمي؟" 


هزت رأسها بايجاب وسرعان ما أمسك رأسها بيديه قائلاً: "لا يا اسيل اعتقيني من الحركة دي اتكلمي ردي قولي ايوة ببوقك." 


صرخت به قائلة وهي تضحك: "ايوااا" 


لم يخطر في باله سوى أن يأخذها الي صدره بشوق، كان سعيدًا حقًا لأنها عادت تتحدث، وسمع صوتها أخيرًا الذي كان يشبه صوت الملائكة، كم هو رقيق ولطيف ببحة لطيفة. أراد الآن أن يعطيها كتابًا لتقرأه له، ليظل يستمع إلى صوتها الملائكي لفترة أطول. وكرر في داخله: "إنني حقًا أحب تلك الفتاة، بل أعشقها، أهيم بها في كل مرة أراها. والآن، حين سمعت صوتها، كدت أن أغرق بتلك الألحان العذبة التي تفوح منها. ظننت أن عيناها فقط هي التي تستحق أن تغرقني، لكني اخطأت، فإن أسيل بأكملها استطاعت إغراقي منذ ان سمعت صوتها الباكِ وهي لم تخرج من عقلي وظل التفكير بها يلازمني حتى يومنا هذا،الى أن تغلغل الحب بداخلي وسيطر على قلبي♡." 


دعت آسيل يزن للمنزل لتريه المفاجأة التي أعدتها له. دخلوا المنزل وقبل أن يدخل الغرفة، التفتت آسيل إليه وقالت بابتسامةٍ عذبة: "غمض عينيك."


يزن ابتسم بسعادة وأغمض عينيه، وأخذت آسيل تسحبه داخل الغرفة. ثم قالت بحماسة: "افتح!"


فتح يزن عينيه وتفاجأ بالرسمة التي لم يكن يتوقع أنها ستكون بهذا الجمال والدقة. لم تنسَ آسيل طلبه كما توقع، بل أضافت تفاصيل إضافية تجعل اللوحة أكثر حبًا وواقعية.


عانق يزن آسيل بسعادة، وأخذ يدور بها بفرح عبر الغرفة، يعبر عن فرحته بصرخاته الطفولية. بعد لحظات، توقف وقبّلته آسيل قبلة خفيفة على خده بخجل، ثم ابتسمت له ونظرت إليه بوهن وقالت: " استنيت يرجعلي صوتي مخصوص عشان اقولهالك أنا بحبك يا يزن."


ثم هربت آسيل بسرعة من بين ذراعيه تضحك متجهة إلى خارج الغرفة، وتركت يزن يحاول استيعاب ما حدث، شعر بأنه سيسقط أرضًا، كيانه قد تبدل ولم يعد يشعر بالواقع ويشك بأنه يحلم.


ركض يزن وراءها، وهو ينادي بصوت مليء بالسعادة: "اسيل... اسيل تعالي هنا.... مهو مينفعش تبهدليلي كياني كده وتجري... تعالي هناا... اسييل."


كانت أصوات ضحكاتهم تعلو المكان، فرحتهم لا توصف. ثم انسكبت آسيل على السجادة ووقعت، فسقط يزن فوقها بسرعة ليمسك بها في اللحظة الأخيرة، وابتسما وهما يضحكان بصوت عالٍ، يملؤان المكان بالبهجة توقفت اسيل عن القهقهه حين رأت نظراته تتوجه الى شفتيها ويقترب منها معلنًا الانتصار بتلك اللحظة الذي تمناها،أغمضت اسيل عينيها باستسلام.


وفجأة سمعوا طرقًا على الباب، فنفخ يزن بضيق، ونهض وهو يهمس بداخله بشتائم للذي قطع تلك اللحظة الحميمة.. وفتح الباب ليجد مازن وزينة قد حضرا لمساعدة آسيل ويزن بفرش منزلهما.


قال يزن بضيق: "اهو انا دلوقتي بس عرفت قيمة اللي كنت بعمله فيك...."


ضحك مازن وقال لزينة بانتصار: "شكلنا قطعنا اللحظة... تصدق اسعدتني اوي.... دوق شوية م اللي كنت بتدوقهوني... انا جبت النجار يلا تعال معايا عشان نشوف نوع الخشب وسيب البنات سوا يوضبوا الهدوم." 


أمسكه مازن من ذراعه وسحبه للخارج، فألقى يزن قبلة في الهواء باتجاه آسيل قبل أن يخرج. فابتسمت آسيل بحب وقالت: "مع السلامة يا حبيبي."


ثم التفت مازن وزينة بذهول، إذ سمعا صوتها لأول مرة ولم يصدقا أنها عادت تتحدث مجددًا، ففرحوا لها كثيرًا وباركوا لها. وفي تلك الليلة، احتفلت عائلة اسيل بعودة صوتها من جديد بفرحة كبيرة، خاصةً والدتها التي بكت من كثرة سعادتها باسترجاع صوت طفلتها وسماع كلمة "ماما"من فمها مثل ذي قبل.


____________


بعد شهر من الترتيبات والتحضيرات، أطلَّ اليوم المنتظر، يوم زفاف آسيل ويزن. بدت الشمس في ذلك اليوم وكأنها تشرق لتبارك اتحادهما، ترسم ظلالًا من الفرح على أرضية صباح مميز، ينبض بالأمل والفرح.


اسيل، ترتدي فستانها الأبيض المترف، تبدو كأميرة خرجت للتو من إحدى الحكايات القديمة. وقفت أمام المرآة، حيث انعكس نور الشمس على وجهها المشرق، تلتقط أنفاسها الثقيلة بين دقات قلبها السريعة. كانت تلمس الفستان برفق، وكأنها تتحسس دفء أحلامها الذي انسكب على هذا اليوم. عيناها المبللتان بالدموع تعكسان خليطًا من مشاعر الفرح والحنين، وابتسامة خجولة تشق طريقها على شفتيها، كأزهار الربيع في أول تفتحها.


في المقابل، كان يزن في الغرفة المجاورة، يحاول ضبط ربطة عنقه بيدين ترتجفان. وقف أمام المرآة محاولًا استعادة توازنه الداخلي، فكلما نظر إلى انعكاس صورته فيها، كانت ذاكرته تستعيد لحظات حبهم الأول، وتعهداتهما التي ستتحقق اليوم. كان قلبه يتسارع بنبضات من التوتر الممزوج بفرحة لا تُوصف، وهو يحاول أن يتخيل كيف ستبدو آسيل في لحظة التقاء أعينهما لأول مرة كزوج وزوجة. كان يتذكر كل تفصيلة، كل كلمة همس بها إلى اسيل، ويشعر بعمق المسؤولية والحب الذي ينمو بداخله كجذور شجرة تتشبث بأرض صلبة.


وفي القاعة، كانت الأجواء مشبعة بالترقب والفرح، امتزجت فيها ضحكات الحضور مع همسات الدعوات. قمر، والدة آسيل، كانت تمسح دموعها المنهمرة بعينين تملؤهما الفخر والامتنان. رؤيتها لابنتها في هذا اليوم كانت أشبه برؤية حلم طويل يتحقق، حلم كانت ترعاه بكل حب وأمل منذ سنوات الطفولة الأولى.


خطت آسيل نحو الممر المزين بالزهور، متوجهة نحو يزن ببطء يتناسب مع رهبة اللحظة، لكن بثبات يعكس عزيمتها وحبها. كانت تقترب منه، وكل خطوة تقربها تعني لهما الكثير، تجمع ماضيهما وحاضرهما في لحظة فريدة. وعندما وصلت إليه، شعرت بأن العالم بأسره انحنى ليرحب بوحدتهما، وأن قلبها يرتجف من فرط الحب والرهبة.


يزن، وعيناه تلتقيان بعيني آسيل، شعر بأن الزمن توقف. كل حكاياتهما، كل اللحظات التي عاشاها سويًا، بدت وكأنها تجسدت في تلك اللحظة. دموعه انسابت بصمت، تعبر عن حب لم يعرف حدودًا، وفرحة لم تتسع لها الكلمات. احتضن يدها برفق، وكل عهدهما المعلن كان بمثابة ختم على صفحة حبهم الممتدة، قبّل يديها بدفء بينما تعالى صوت التصفيق والزغاريد من قبل المعازيم معبرين عن فرحتهم.


غمرت القاعة هتافات الحضور وتهانيهم، والفرحة تجلت على وجوههم. عندما احتضن يزن آسيل بعد العهود، لم تكن مجرد لحظة، بل كانت وعدًا بحياة مليئة بالحب والأمل، بداية لحكاية جديدة ستكتب كل يوم بنبضات قلوبهما الملتفة حول بعضها البعض، وتخط بعمق كلمات الحب التي تملأ حياتهما بألوان الفرح والسعادة.

________________


دخلت غرفة النوم التي باتت تضيء بريق الفرح، وعانقها يزن من الخلف، يلف ذراعيه حولها بغمرٍ يعكس الحب الذي يحملانه. غرس رأسه في رقبتها، واستنشقت آسيل عطره المألوف الذي يبعث الطمأنينة في أعماقها. ابتسمت بامتنان، والتفتت إليه، ووضعت يدها برقة على وجهه، قائلةً بنبرة مفعمة بالعاطفة: "عارف... في كل مرة كنت بقولك اني مش عايزة اشوفك تاني والاقيك ناططلي تاني يوم كنت بتبسط وبفرح اوي بتمسكك بيا.... يمكن تمسكك بيا هو اللى حرك قلبي من مكانه.... شكرًا يا يزن... شكرًا انك رجعتني تاني اشعر بالامان.... شكرًا انك عرفت اللي كنت محتاجاه وعرفت تملي فراغ كل حاجة جوايا بحنيتك... شكرًا انك كنت بتطمني دايما بكلمتك ليا متخافيش انا جمبك... شكرًا انك عالجتني شكرًا انك علمتني ازاي أحب...عندي حاجات كتير اوي اشكرك عليها لو فضلت اقولها هنقعد للصبح." 


ابتسم يزن بلمحة من الخبث، وقال مازحًا: "لا للصبح ايه انا محتاج الليلة دي جدًا مش هنقعد طول الليل بنشكر بعض...اقولك على فكرة...هعرفك طريقة احلى للشكر."


ضحكت اسيل بخجل، وعانقته بسعادة، بينما ابتعد يزن قليلًا وقال: "دقيقة، عندي لكِ مفاجأة. بس أول حاجة، غمضي عينك."


أغمضت اسيل عينيها، وفي فضولها الطفولي، انتظرت أن ترى ما يخطط له يزن. أحضر يزن علبة صغيرة وفتحها أمامها. حين فتحت عينيها بتلهف، وجدت بداخلها علبة حمراء على شكل نصف قلب، محفور عليها اسمها بأناقة لامعة. نظرت إلى العلبة بحب، والتفتت إلى يزن، الذي كان يتابع ردة فعلها بترقب. فتحت العلبة ببطء، لتجد بداخلها زهرة حمراء تتفتح لتشكل قلبًا كاملاً، وفي وسط الوردة كان هناك خاتم لامع ببريقه الأخاذ.


انبهرت اسيل بالخاتم، وتجلى الفرح في عينيها. أخذ يزن الخاتم، ووضعه برفق في إصبعها، ثم قبّل يديها، واحتضنها برفق. حملها نحو الفراش وعيناهما معلقتان ببعضهما البعض، وقد صمتت الكلمات عندما تحدثت العيون، حيث امتزجت الأرواح وتلاقت القلوب في أجمل لياليهما، حيث تجسد الحب في كل لمسة وكل نظرة.


وفي الصباح التالي، كان يزن ما يزال غارقًا في النوم بينما كانت اسيل مستيقظة بجانبه، تتأمله بحبٍ صامت. أمسكت بقلمها وكراسة الرسم، وبدأت ترسمه وهو نائم، تحاول أن تخلد هذه اللحظة الهادئة.


بعد ساعة، بدأ يزن في الاستيقاظ. فتح عينيه ببطء، ووجدها ممسكة بالورقة والقلم، ترسم بتركيز، ووجهها مشرق بنور الصباح.


ابتسم يزن قائلاً: "بتعملي إيه؟"


نظرت إليه آسيل بحب، وقالت: "برسمك."


ضحك يزن وقال: "دي خلقة ترسميها شكلي وانا نايم مش مبهر ولا حاجه دنا كان كل همي في مراتي انها هتشوف منظري وانا نايم." 


قالت آسيل بابتسامة دافئة: "لا والله شكلك عسول اوي... حتى شوف... انا بقالي ساعة بصالك وانت نايم وشوية الشعر دول على عيونك. "


أصدر يزن صوتًا خفيفًا وقال مازحًا: "إيه الفراشات دي... على الصبح كدا."


لف ذراعيه حول خصرها، وقربها إليه، وهما يضحكان، ثم نظر إلى رسمتها، فوجئ بجمالها وقال: "إيه دا؟ أنا أوحش من كدا بكتير، إنتِ بتجبري بخاطري."


ضحكا معًا بسعادة، وداعبها يزن بيده وسط ضحكات آسيل المتعالية، لتكون بداية صباح رومانسي لا يُنسى، حيث اختلطت أرواحهما بالحب، وامتلأ اليوم بنغمات الضحك والدفء.


_______________________


وبعد رجوع اسيل ويزن من شهر العسل اكتشفت اسيل بأنها حامل وسعدت كثيرًا بهذا الخبر بينما كان يزن فرحًا اكثر منها كان ينتظر ملكة الجمال التي ستلدها اميرته وكان يتمنى ان تكون فتاة. 


وفرح الجميع وخاصةً يسرى التي لم تصدق بأن سيأتيها حفيدين لان زينة كانت حامل هي الأخرى وكانت الفرحة تعم كلًا من العائلتين وباركت يارا لاسيل بفرحة حين سمعت بالخبر هي وعمر. 


__________________


مرت شهور الحمل على آسيل ببطء وثقل، وكأن كل يوم يحمل معه عبء الماضي الثقيل. الخلل الذي سببه لها والدها حين كسر ضلعها القريب من القلب جعل من حملها تحدياً يفوق المعتاد، إذ كان الجهد الطبيعي عبئاً عليها، فتجد نفسها متعبة أكثر من المعتاد، تشعر بأن جسدها يخوض معركة مزدوجة، بين الحياة التي تنمو بداخلها والآلام التي ما زالت تذكرها بما حدث.


مع مرور الشهور، ازدادت الآلام والقلق، لكن قوة الحب والإرادة جعلت آسيل تواصل التحدي. كان يزن بجانبها دائمًا، يسندها في كل خطوة، يربت على كتفها، ويهمس لها بكلمات الطمأنينة، يملأ قلبها بالشجاعة لمواجهة ما تبقى من الطريق.


عندما اقترب موعد الولادة، أصبحت المخاوف أكثر وضوحًا. قرر الأطباء أن الولادة القيصرية هي الخيار الأمثل لسلامتها وسلامة الطفل، حيث كانت الولادة الطبيعية تشكل خطرًا على حياتها وعلى نفسها. وفي غرفة العمليات، وسط الأضواء الباردة وأصوات الأجهزة، كانت آسيل تمسك بيد يزن، تتشبث بحبه كطوق نجاة في بحر القلق.


بعد جهد ومعاناة، ولدت آسيل بنتًا، اختاروا لها اسم "خلود". كان لحظة ولادتها أشبه بنور يخترق الظلام، بشارة حياة جديدة تنمو من رحم الألم. دموع الفرح انهمرت على وجه يزن عندما رأى ابنته لأول مرة، بينما كان يشعر بأن كل لحظة ألم وكل صراع واجهته آسيل كان يستحق ذلك وأكثر.


في الوقت نفسه، كانت زينة، قد أنجبت ولدًا وأسمته "يونس". كانت فرحة الجميع بهذين الطفلين تعم المكان، وكأنهما جاءا ليضيئا حياة عائلتيهما بمزيد من الفرح والبراءة.


بينما حملت آسيل طفلتها الصغيرة، شعرت بدفء ينبع من قلبها، دفء الحب الذي يتغلب على كل ألم. وكانت خلود، بجمالها الصغير وبراءتها، تعكس وعدًا بمستقبل مليء بالأمل، مستقبل يُبنى على الحب والقوة والإصرار.

_________________


مرّت خمس سنوات، وكانت تلك السنوات أجمل ما عاشه أبطالنا، كأنما كانوا في جنة مترفة بالعواطف والسعادة. لم تكن الأيام خالية من صعاب الزواج التي واجهتهم في البداية، لكن حبهم كان كالصخرة الصلبة، متماسكاً أمام كل تحدٍ، وعمقه كان عميقاً، لا يتأثر بالرياح العابرة.


وفي يوم من تلك الأيام العادية التي تحولت إلى ذكرى، كانت يارا في طريقها لجلب ابنها" عز" من الروضة. وبينما كانت تنتظر خروجه، فوجئت بوجود "هدير" هناك، معلمة في الروضة. كان اللقاء مفاجئًا ومليئًا بالحنين، إذ جمعتهم ذكريات الماضي التي لم تُنسَ.


اقتربت يارا بابتسامة سعيدة، وقالت: "هدير! ما شاء الله، إيه الصدفة الجميلة دي؟ مش مصدقة إني لقيتك هنا."


بادلتها هدير الابتسامة بحب، وقالت: "والله يا يارا، أنا كمان ما كنتش متخيلة إني هشوفك هنا. قوليلي، إنتي عاملة إيه؟ اللهم بارك ربنا يحفظه دا ابنك؟"


تبادلا الحديث لبعض الوقت، ثم بفضول واهتمام سألت يارا: "وأخبار والدك إيه؟"


اتسعت عينا هدير بمزيج من الحزن والأسى، وقالت بصوت متهدج: "والدي الله يرحمه... مات من سنتين. مات لوحده في الشقة اللي كان مستأجرها. الجيران اكتشفوا جثته بعد ما شموا رائحتها."


غرق قلب يارا في الحزن، وترحمت على والد هدير، وقالت برفق: "الله يرحمه. ربنا يقويكِ ويصبرك."


أومأت هدير برأسها بحزن، ثم تساءلت يارا: "وأخبار إخواتك الصغار؟"


ارتسمت ابتسامة فخر على وجه هدير، وقالت: "ياسين ودارين دلوقتي في اولى ثانوي والحمد لله متفوقين في دراستهم وهيشرفوني بإذن الله انا واثقة فيهم." 


ابتسمت يارا، وقالت بشغف: "وإنتي؟ متجوزتيش لسه؟"


تنهدت هدير بعمق، وكأنها تبحث عن الكلمات لتصف شعورها، وقالت بنبرة مملوءة بالشجن: "حاسه إن ما بقاش عندي مشاعر أديها لحد تاني. كل مشاعري راحت مع مصطفى، واتدفنت معاه... مش متخيلة إني ممكن ألاقي حد يحبني زيه... الله يرحمه."


تألقت دموع في عيني يارا، وشاركتها في الحزن، مشاطرة إياها ذكريات مصطفى التي طُبعت في القلوب بلمسة من الحنين. كان الحديث بينهما يحمل عبق الذكريات وآلام الفقد، ويذكرهما بأن بعض الناس يتركون بصمة لا تُنسى في حياتنا، رغم حقائقهم التي تظهر بعد رحيلهم.

____________________


تخرجت آسيل من الجامعة متفوقة، وبدأت رحلتها في عالم الفن، حيث صارت تقدم دورات تدريبية في الرسم وتبيع لوحاتها المميزة خارج مصر. كانت موهبتها تتلألأ في كل ضربة فرشاة، ومع كل أسبوع كانت تخصص لوحة لزوجها يزن، تعبيرًا عن حبها العميق له. تلك اللوحات كانت بمثابة رسائل من القلب، تعكس حبها الذي ينمو ويزهر.


في يوم مشرق، كانت آسيل ويزن في طريقهما إلى روضة ابنتهما خلود. وبينما اقتربا من الروضة، لاحظا خلود تعانق رجلًا مسنًا. نادت الطفلة ببراءة: "مامي جات أهي!"، ثم هرعت نحو والدتها لتعانقها بحب، وتبعتها نظرات يزن المتفحصة.


توقف الزمن لحظة عندما التفت الرجل المسن ليكشف عن وجهه كان شريف. ارتعش جسدها بخضة وخوف، وأمسكت بطفلتها بقوة، خطوة للوراء وهي تختبئ خلف يزن، تبحث عن الأمان في حضوره. لاحظ يزن ترددها وخوفها، فأمسك بذراعها بلطف، مشيرًا إليها بنظراته المطمئنة أن تتقدم لمواجهة والدها.


وقفت آسيل أمام والدها بعيون مترددة، تتحرك بين الخوف والحنين. وفي لحظة غير متوقعة، انحنى شريف على قدميه، مقربًا وجهه نحو قدم آسيل ليقبلها. كانت حركته تلك كافية لإعادة كل مشاعر الألم والندم إلى السطح، لكن قبل أن يلامس وجهه الأرض، تراجعت آسيل بسرعة، ثم أمسكت بذراعيه لتوقفه، عيناها تتألقان بالدموع.


انهمرت دموع شريف وهو يتكلم بصوت متهدج، مليء بالقهر والندم: "سامحيني يا بنتي... سامحيني... أنا غلطت، بوظت حياتي وخسرتك. آسف على كل لحظة ضربتك فيها، كل مرة خذلتك، سامحيني أرجوكِ."


ولأن قلب آسيل كان نقيًا، خاليًا من الحقد والكره، ابتسمت له برقة ودموعها تنهمر، ثم مسحت دموعه بأصابعها المرتعشة، وقالت بلطف: "مسمحاك يا بابا... متعيطش."


رفعت طفلتها نحو شريف، قائلة: "خلود بنتنا."


نظرات شريف المليئة بالدموع تأملت الطفلة، وأطلق تنهيدة وهو يقول: "نسخة من قمر... نفس الجمال."


تذكر زوجته قمر، ونظر إلى آسيل مجددًا، عينيه مليئة بالتساؤل: "قمر كمان هتسامحني زيك؟"


في تلك اللحظة، أدركت آسيل أن شفاء الجروح القديمة ليس سهلًا، لكنه يبدأ بالمسامحة. كان لقاءها بوالدها يحمل وعدًا بمستقبل أفضل، مليء بالتفاهم والغفران. كانت تلك اللحظة تجسد بداية جديدة، حيث امتزجت دموع الندم بدموع الغفران، وأشرقت شمس الأمل مجددًا في قلوبهم.


_____________


ذهبت اسيل ويزن وشريف لمنزل قمر حيث ركضت خلود نحو قمر بحماسة، تنادي: "نانا، نانا!" صوتها يعم أرجاء المنزل بسعادة غامرة. خرجت قمر، التي استعادت عافيتها بعد معاناتها الطويلة، لتستقبل حفيدتها وتحتضنها برقة، قائلة: "خمني نانا عملالك إيه النهاردة."


سكتت خلود للحظة، عيونها تلمع بفضول، ثم هتفت بحماس: "كوكيز!"


ضحكت قمر بسعادة، وقالت: "صح، يا روح قلب نانا! تعالي نحط مع بعض التشوكليت شيبس اللي من فوق."


بينما كانت قمر وخلود متوجهتين إلى المطبخ، لفت انتباه قمر وجود شريف، واقفًا بجانب آسيل على باب المنزل، ينظر إليها بعيون تملؤها الحزن والندم. تلعثمت خطى قمر، وانزلت خلود إلى الأرض لتأخذها احدى الخادمات للداخل، ابتعدت قمر خطوات إلى الوراء، وملامحها مشوشة بين الذهول والغضب. تقدم شريف نحوها، عيونه تفيض بالدموع، وقال بصوت مختنق: "قمر..."


تجاهلت قمر نداءه في البداية، ثم نظرت إلى آسيل وسألت بحدة: "طلع إمتى من السجن؟"


صمتت آسيل، بينما انفجرت دموع شريف، وهو ينحني نحو قدمي قمر، قائلاً بصوت مليء بالقهر: "سامحيني يا قمر... سامحيني... أنا آسف على كل شيء."


نظرت إليه قمر بجمود، وقالت بصوت متهدج: "للأسف، كلمة آسف مش هتصلح اللي عملته... مش هترجع لي عمري اللي ضيعته... امشي يا شريف... مش عايزة أشوف وشك... عندك بنتك وحفيدتك، شوفهم زي ما أنت عاوز، لكن أنا مش عايزة ألمحك."


صرخ شريف بالبكاء، وبدأ يتوسل: "بس أنا لسه بحبك يا قمر... ممكن نرجع لبعض؟ اللي اتكسر ممكن يتصلح."


هزت قمر رأسها، وقالت بحزم: "اللي اتكسر مش بيتصلح، ولو رجع مش هيبقى زي الأول. أنت مكنتش وحش معايا بس عشان العمل بتاع رحاب، أنت طبعك مؤذي ووحش... وأنا مستحيل أضع حياتي بين إيديك مرة تانية."


حاول شريف مرارًا وتكرارًا، بكلمات ملؤها الندم، قائلاً: "أنا ندمان وهتغير، صدقيني... يا قمر، سامحيني عشان خاطري. أنا مليش غيرك، إنتِ وبنتي... انتِ عارفة إن حبي ليكِ كان صادق، بس رحاب هي اللي كانت بتدمر حياتنا. أنا غلطت لما شكيت فيكِ، لكنها كانت مجهزة كل حاجة ممكن تخليني أصدق إنك خونتيني. يا قمر، علاقتنا اتظلمت أوي. أديها فرصة تانية، وأنا أوعدك مش هضيعها أبدًا... أنا محتاجك في حياتي، رغم كل اللي حصل."


لم يتوقف شريف عن محاولاته لعدة أشهر، وكان يسعى باستمرار لإقناع قمر بالعودة إليه. كان يتصرف وكأنه مراهق يحاول بكل الطرق الفوز بحب محبوبته. في نهاية المطاف، بعد الكثير من التفكير والمشاعر المتضاربة، قررت قمر أن تمنحه فرصة أخيرة. شعرت بأن حياتها تحتاج إلى ونيس، خاصة بعد زواج آسيل، وأنها ربما تستطيع تنمية بعض المشاعر تجاهه مجددًا إذا وفى بوعده وتعامل معها بالاحترام والحب.


مع مرور الوقت، ساعدت قمر شريف في إحياء شركته، التي كانت على حافة الانهيار. كانت قمر القوة الدافعة خلف عودته إلى القمة، وتحقيق مقولة "وراء كل رجل عظيم امرأة." بفضل دعمها وجهودها، عاد اسم شريف إلى الساحة بقوة، وارتفعت أرباح شركته. ووقف بجانبه عبد الله، والد يزن، الذي شعر بالشفقة على شريف وساعده في إعادة بناء شركته بماله. بعد نجاح الشركة، أعاد شريف المال لعبد الله، وعادوا كأصدقاء وأقوى من ذي قبل.


كانت تلك السنوات مليئة بالتحديات والتجديد، لكن قمر وشريف استطاعا تجاوز آلام الماضي، وبناء مستقبل جديد قائم على الفهم والمسامحة، وبدأت حياتهم تسير نحو الاستقرار مجددًا.


____________________


بعد مضي السنوات، عاشت خلود أجمل الأوقات بين جدها وجدتها، اللذين أصبحا محور حياتها وأسرتها، حيث أصبحت مرتبطة بهم بشكل عميق ولا ترغب في الرجوع مع والداها للمنزل، إذ كانت حياتها معهم مملوءة بالحب والسعادة. كانت المشاكل بين يزن وآسيل بسيطة، وكان كل فرد يحترم الآخر ويتجنب إيذائه بأي شكل، مما جعلهم سعداء بوجود بعضهم البعض.


يارا وعمر كانا في أوج سعادتهم عندما علمت يارا بحملها بطفلها الأول من عمر، فرحتها لم تكن لها حدود، وكان عمر مسرورًا جدًا بهذا الخبر، حيث كان عز ينتظر بفارغ الصبر قدوم أخ جديد.


أما علا وآدم، فقد تزوجا وأنجبا طفلة جميلة سمياها هدى، وكانت علا سعيدة جدًا بزواجها من آدم، الذي أظهر حبه الصادق لها بتصرفاته، مما أسهم في تغيير نظرتها له ونسيان ماضيها، وبدأت حياتها معه كصفحة بيضاء تمتلئ بحبه لها.


أما مازن وزينة، فكانت علاقتهما قوية ومليئة بالحب، وكانوا سعداء بابنهما، الذي كانوا يرعونه بكل دفء وحنان.


أما كريمة، والدة مازن، فقد علمت بأن حياتها مع زوجها ليست بحياة ، وقررت إنهاء تلك العلاقة بشكل دائم وتطلقت منه. وقد كان آدم ومازن معها بقوة في هذا القرار، وكأنهما يحميانها بعد أن تحررت من ذلك العذاب، لكن بعد فترة، أدرك زوجها حجم الجوهرة التي كان يستهان بها والتي فقدها من يده.


وعن رحاب، فكانت حياتها باهتة وشاحبة، وكانت تجلس في غرفتها بالمستشفى تشعر بالضياع، حيث أنها لم تكن تشعر بالرغبة في العيش ولكن وجود يارا بحياتها يبعدها عن ذلك القرار تلك الفتاة التي ظهرت بحياتها واضاءتها هي وطفلها وفرحت لها حين علمت بقدوم طفلها الآخر. طلبت يارا من دعاء وقمر زيارتها، لكنهما رفضا بشدة، فاحترمت يارا قرارهما ولم تعود تفاتحهما بالموضوع مرة أخرى، حيث أنها لم تكن تعرف مدى الألم الذي سببته لهما أمها.


في تلك الفترة، رأت قمر كم تغير شريف حقًا وأسلوبه معها، وكانت حياتها مليئة بالحنين، حيث كان وفيًا بوعده حقًا.


والمفاجأة كانت باليوم الذي اكتشفت فيه اسيل بأنها حامل بطفلها الثاني واتصلت بوالدتها بفرحة وقبل ان تنطق وجدت هتاف قمر بخوف قائلة: 


"الحقيني يا اسيل... انا حامل!!!" 


ردت اسيل بذهول وضحكة انبعثت منها وقالت: "بتهزري!!! انا متصلة بيكِ عشان اقولك اني حامل انا كمان! 


تمت بحمد الله❤


وفي النهاية يا أحبائي،


أود أن أُوضح لكم أمرًا في غاية الأهمية، فالخيال الذي ننسجه في الروايات ليس دائمًا انعكاسًا للواقع أو تصديقًا له. الروايات قد تحمل بين طياتها لمسات من الخيال الذي يهدف إلى إضفاء طابع درامي أو مشاعر تلامس القلوب، لكنها ليست معيارًا يُحتذى به في الحياة.


ما أقدمه بين السطور هو خيال أدبي خالص، يُصنف ضمن إطار الروايات الرومانسية التي تخاطب العاطفة وتُثير التفكير. لكن هذا لا يعني أن كل ما أصفه فيها يعكس الحقيقة أو يتفق مع القيم الدينية أو الأخلاقية. فعلى سبيل المثال، لمس يد المرأة قبل الزواج، أو التقاء الرجل والمرأة في خلوة أو تبادل النظرات المحرمة، كلها أمور مرفوضة في ديننا وقيمنا ومبادئنا.


الدين أمر واضح وصريح. أمرنا بغض البصر وحفظ النفس والابتعاد عن الشبهات. هذه القواعد هي التي تحمي المجتمع وتُحافظ على طُهر العلاقات. يجب أن نُدرك جميعًا أن ما نقرأه في الأدب هو خيال قد يُلامس قلوبنا، لكنه لا يُمكن أن يُبرر مخالفة الأخلاق أو تعاليم الدين.


رسالتي لكم، خاصة للشباب والمراهقين، هي أن لا تجعلوا الروايات تُغشي بصيرتكم عن الحق. خذوا منها متعة القراءة، ولا تدعوها تُغير قناعاتكم.


القوة ليست في اتباع الهوى، بل في مقاومته. والسعادة الحقيقية ليست في الانجراف خلف المشاعر المؤقتة، بل في الالتزام بالمبادئ التي تُرضي الله وتُطمئن النفس.


كونوا أصحاب رؤية، اختاروا طريقكم بحكمة، وتمسكوا بدينكم وقيمكم فهي زادكم في الحياة.


______________


اوعى تكون وصلت لحد هنا وهتستخصر فيا كومنت تعرفني فيه رأيك عن الرواية ازعل منك والله وده نوع من تشجيعك ليا عشان استمر واتطور واتعرف اكتر انا تعبت في الرواية وفي سردها وده اقل شيء تقدمهولي بعد مجهودي ده♥♥


متنسوش تصلوا علنبي 


بقلمي #مريم_الشهاوي 🥰


بحبكم في الله♥


لمتابعة  الروايه الجديده زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا







تعليقات

التنقل السريع