القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية قصة حنين( الجزء الثاني)الفصل الأول والثاني والثالث للكاتبه صباح عبد الله فتحى


رواية قصة حنين( الجزء الثاني)الفصل الأول والثاني والثالث للكاتبه صباح عبد الله فتحى





رواية قصة حنين( الجزء الثاني)الفصل الأول والثاني والثالث للكاتبه صباح عبد الله فتحى


**الفصل الأول**


بسم الله الرحمن الرحيم


"في منزل عائلة عاصي"


يجلس الجميع في صالة منزل عائلة عاصي، وخالد وهدان، والعقربتين سلوى ونوران، يتناقشون في أمور مراسم الزواج الخاص بنوران وعاصي. والجميع غافلون تمامًا عما حدث، ولم يعلم أحد أن الشخص الذي يخططون لزواجه قد تزوج بالفعل من الفتاة التي عشقها قلبه المجنون، الذي لا يعلم في أي نيران أوقع نفسه.


يدخل عاصي إلى المنزل وهو يمسك بيد حنين بقوة، كما لو كان طفلًا صغيرًا يخشى أن تتركه أمه وتذهب بعيدًا عنه. يقف كلاهما على حافة باب المنزل للحظات، وهما يحدقان في الجميع، والجميع غافلون ولم يشعر أحد بقدومهم.


بينما أردفت تلك الفتاة الخبيثة فاتنة الجمال من الخارج، قادرة بجمالها الخلاب أن توقع أي رجل في العالم في شباكها، لكن قلبها أسود مليء بالحقد والشر، ولا تتمنى الخير إلا لذاتها، قائلة بكبرياء واضح في نبرة صوتها كوضوح قرص الشمس في عز الظهيرة:


- طبعًا أنا رأيي من رأي عمتي سلوى؛ أنا مش عاوزة حفلة الخطوبة بتاعتي تكون بطريقة بلدي.


وفي هذه اللحظة، يصدر ذلك العاشق صوتًا مرعبًا، كما لو كان رعدًا في ليلة شتاء قاسية يحرق كل شيء يقف في طريقه، ولم يهتم بما سوف يحدث بعد ذلك:


- ومين قال إنه هايكون في خطوبة من الأساس، يا آنسة نوران؟


يفزع الجميع من ذلك الصوت المرعب، ومن هذه الكلمات التي نزلت مثل الصاعقة على مسمع الجميع. لم يستطع أحد أن يكشف ذلك اللغز الذي يعلق بين الأحرف والكلمات، لتجبرهم الدهشة على الوقوف احترامًا لها.


وأردفت زوجة الأب نوال قائلة باستفهام:


- انت بتقول إيه يا عاصي يا بني؟ يعني إيه مفيش خطوبة من الأساس؟


يرد عاصي دون مقدمة، وكلماته صدمت الجميع، وعيناه تحدقان في ملامح الدهشة التي سيطرت على جميع الحضور:


- هخطب إزاي بس يا أمي وأنا لسة عريس في أول أيام فرحتي؟ أنا اتجوزت حنين.


لتنزل هذه الكلمات مثل الصاعقة على مسمع الجميع، والجميع يحدق بذهول إلى حنين وأعينهم توجه إليها أكثر من مئة سؤال، بينما كانت نظرات حنين معلقة على هاتين العقربتين سلوى ونوران. كانت تنظر إليهما بفرحة وشعرت أنها انتصرت عليهما بهذه الضربة القاضية، بينما أردفت قائلة باشمئزاز، موجهة حديثها إلى كل من سلوى ونوران اللتين تقفان مثل التماثيل لا تستطيعان الحركة من شدة الصدمة والدهشة التي تظهر على ملامحهما من هذا الخبر الذي دمر كل شيء كانتا تخططان وتسعيان إلى فعله:


- إيه يا نوران؟ مش هتيجي تباركي لي أنتِ وعمتي سلوى؟ ده أنا حتى اتجوزت الدكتور عاصي.


وفي هذه اللحظة، استيقظت نوران من تأثير الدهشة التي كانت تسيطر عليها وعلى عقلها الصغير الذي لم يستوعب ما يحدث إلا الآن. كما لو كانت كلمات حنين صفعة قوية تلقتها على وجهها، جعلتها تعود إلى رشدها وتستوعب ما الذي يحدث، وأن هناك من سرقت حبيبها الذي كان على وشك أن يصبح ملكًا لها هي فقط.


تحدق نوران بعين حمراء مليئة بالشر والحقد إلى حنين، وإلى يد عاصي التي تقبض على كف حنين، وتقدمت كما لو كانت قطارًا عابرًا، وفي غمضة عين كانت تقف أمام حنين وجهًا لوجه، وكلاهما ينظر إلى الأخرى كما لو كانا طفلين يتعاركان على لعبة، كلاهما يريدها لنفسه. يسيطر الحقد على قلب هذه الفتاة الخبيثة، وبدون مقدمات ترفع نوران يدها تريد أن تصفع حنين على وجهها، لكن ينقلب السحر على الساحر، وتأتي تلك اليد التي قبضت على معصمها بقوة، وأردف صاحبها قائلًا:


- مش عيب عليكي يا آنسة نوران ترفعي إيدك على عروسة يوم فرحها؟


تنظر نوران إلى صاحب اليد وقد هربت من بين جفونها دمعة باردة تحاول أن تطفئ بها نيران قلبها المشتعلة، وأردفت قائلة بصوت رقيق مخنوق بالبكاء وهي تحدق بعينيها إلى ذلك الشخص الذي يقف أمامها وهو يبتسم لها ببرود، كما لو كان يفرح بما يحدث في قلبها:


- عروسة ويوم فرحها؟


ثم تضحك بصوت عالٍ لدرجة جعلت الجميع يظن أن الصدمة أفقدتها عقلها. أكملت حديثها قائلة بين ضحكات مليئة بالغصب، الحقد، والشر:


- أنت أكيد بتهزر يا عاصي أو بتعمل مقلب، وبعد لحظات هتطلع خاتم كبير وتقولي آسف يا حبيبتي، بس حبيت أفاجئك بطريقة مميزة.


ثم تقترب منه إلى درجة أنها التصقت بصدره العريض وأمسكت بياقة قميصه، وأردفت قائلة وهي تحدق في عينيه بينما كانت تبرق عيناها بالدموع:


- انت بتهزر، صح؟ قول إنك بتهزر، قول إنك عملت لي مفاجأة وما فضلتش الخدامة دي عليّ واتجوزتها وسبتني، أنا نوران خالد بنت أكبر رجال الأعمال، حلوة وجميلة أوي وأي حد يتمناها. أكيد انت مش مجنون علشان تسيب واحدة زيي علشان حتة خدامة ما تسواش حاجة زي دي. قولي بالله عليك إنك بتهزر ومش سبتني واتجوزت واحدة تانية غيري. قول يا عاصي إنك بتهزر بالله عليك.


ثم تنهار في البكاء وهي تضم عاصي بقوة، بينما ينظر عاصي إلى خالد الذي يقف لا يستوعب ما يحدث، وأردف قائلًا بهدوء:


- لو سمحت يا أستاذ خالد، ابعد الأنسة نوران عني، أنا راجل متجوز وما أسمحش لغير مراتي يقرب مني بالشكل ده.


ينظر خالد إلى حنين بانكسار، ويتقدم نحو نوران ويبعدها عن عاصي ويضمها بقوة، وأردف قائلًا بحزن:


- أنا بجد عمري ما تخيلت إنك هتعمل في بنتي كده يوم من الأيام يا عاصي.


يوجه حديثه إلى حنين، دون أن ينظر إليها قائلًا بحزن شديد:


- وأنتِ يا حنين، أنا كنت بعتبرك زي نوران بنتي وعمري ما فرقت بينك وبينها، وعمري ما كنت أتوقع أنك تعملي حاجة زي دي. صدقوني لو كنتم جايين لي وقلتوا إنكم عاوزين بعض أو في بينكم علاقة، كنت بنفسي جوزتكم لبعض. ليه تجرحوني وتجرحوا بنتي بالشكل ده؟!


ثم يكمل حديثه بغضب بصوت عالٍ وهو يرفع إصبعه في وجه كلا من حنين وعاصي:


- أنتم الاثنين من النهارده تنسوا إنكم تعرفوا واحد اسمه خالد. وانت يا عاصي، أنا كنت أعتبرك ابني مش بس ابن صاحبي، بس من بعد النهارده تنسى كل حاجة حلوة كانت بيني وبينك. أنا من النهارده مش يربطني بيك أي علاقة، لا بشغلي ولا في حياتي الاجتماعية. أنا هالغي كل العقود اللي كانت بيني وبين شركتك يا عاصي وهصفي الشغل ما بيني وما بينك. أنا من النهارده مش يشرفني أشتغل مع واحد خاين زيك، جرحني وجرح بنتي ودمرها ودمر حياتها علشان حتة خدامة ما تسواش حاجة.


ينظر عاصي إلى خالد بغضب، وأردف قائلًا:


- باعتذر منك يا أستاذ خالد، بس أنا ما أسمحش لك ولا لأي مخلوق في العالم يغلط في امراتي من بعد النهارده. وحسب ما أنا فاكر، أنا ولا جيت بيتك ولا طلبت إني أتحوز بنتك، ولا قلت إني بحبها أو في أي حاجة تربطني بيها أكتر من أستاذ وطالبة في الجامعة. وأنا ايوه كنت بميزها عن باقي زميلاتها بس علشان العلاقة الاجتماعية اللي كانت بيني وبينك. وأنا عمري ما فكرت في نوران بنتك أكثر من أخت صغيرة لي، وأنا ما أسمحش لحضرتك تقول عليّ خاين، علشان أنا لا خونتك ولا خونت بنت حضرتك في أي حاجة. وأنا عمري ما لمحت لبنت حضرتك إني بكن لها أي مشاعر، وإذا هي اللي حبتني فهذا مش بإيدي ولا ذنبي.


نوران ببكاء وهي تنظر إلى عاصي بحزن:


- بس أنا حبيتك يا عاصي من كل قلبي.


يرد عاصي بهدوء وهو يمسك بكف حنين بين يديه، أراد أن يثبت للجميع أنه لا يريد غيرها، وأردف قائلًا بهدوء:


- باعتذر منك يا أنسة، بس حبك من طرف واحد. والآن أنا تعبان وعاوز أرتاح شوية.


ثم يسحب حنين من يدها ويصعد الدرج أمام الجميع دون أن يقول حرفًا آخر، بينما أردف خالد قائلًا بغضب وصوت عالٍ وهو ينظر إلى آثار رحيل كلا من عاصي وحنين:


- أنا عمري ما هنسي الموقف ده طول حياتي، وعمري ما هسمحكم أنتم الاثنين. وأوعدكم أني هاخد حق بنتي منكم، ده وعد مني لكم.


يتبع 

الفصل الثاني.. 


غادر خالد منزل عائلة عاصي بصحبة كلٍّ من نوران التي انهارت في البكاء وتورمت عيناها من شدّة البكاء على فراق حبيبها الذي أصبح ملكًا لامرأة غيرها، وسلوى التي لا تستطيع أن تفهم شيئًا مما حدث ولا تجد له تفسيرًا مقنعًا يرضي عقلها الهائج. بينما صعد عاصي بصحبة حنين إلى غرفته، ولم يهتم بما يدور في عقول الجميع من أسئلة. وظل كل من نوال وقاسم يحدقان في بعضهما، لعلهم يجدون تفسيرًا مقنعًا ويستوعبون ما حدث منذ قليل.


في غرفة عاصي في الطابق الثاني…


يقف كلٌّ من عاصي وحنين أمام باب الغرفة، والتوتر والقلق يسيطران عليهما. يأخذ عاصي شهيقًا وزفيرًا ويفتح باب الغرفة ويتقدم بضع خطوات إلى الداخل، بينما تظل حنين واقفة مكانها كأن قدميها التصقتا بالأرض، وهي تحدق في جميع أركان الغرفة بعينيها التي يسيطر عليهما الخوف والقلق، وتفرك يديها بتوتر واضح على ملامح وجهها المتعرق، وقلبها ينبض مثل الطبول من شدة خوفها مما هو قادم. يلاحظ عاصي توترها وخوفها، فيوجه نظره إلى يديها التي أوشكت على أن تنزع جلدها دون أن تشعر بذلك. يتقدم نحوها بضع خطوات ويمسك بيديها، ويسجنهما بين كفيه بحنان محاولًا أن يهدئ من روعها، وهو نفسه بحاجة إلى من يهدئ قلبه الذي ينبض بجنون. وأردف قائلًا بهدوء وهمس وهو يغرق في جمال عينيها التي تدور يمينًا ويسارًا من شدة خجلها من نظراته العاشقة التي يسيطر عليها الشوق ليملك هذه الجوهرة التي تقف أمامه:


- إيه يا حنين، مش هتدخلي؟


تجيب حنين بتلعثم وهي تتجنب النظر إلى هذا العاشق الذي أحرقت أنفاسه خديها. تغلق عينيها قليلًا محاولةً أن تجمع قواها المبعثرة وأن تسيطر على قلبها الهائج قبل أن تقول:


- عاصي، ممكن نكون كل واحد في أوضة لوحده؟ يعني مش لازم نكون في أوضة واحدة، إحنا مش متجوزين بجد.


يبتعد عاصي عن حنين قليلًا، وهو ينظر إليها بقتضاب. لقد قتلت كل ما تبقى من أمل داخل قلبه، وأردف قائلًا بهدوء عكس ما يدور بداخله:


- ليه عاوزة نكون في أوضة منفصلين يا حنين؟ إزاي مش متجوزين بجد؟ أنا كاتب عليكي على سنة الله ورسوله.


تجيب حنين بتوتر أكثر، وكلماتها تتقطع كأنها طفلة صغيرة ما زالت تتعلم كيف تتحدث:


- مش قصدي يا عاصي، عارفة إن إحنا متجوزين على سنة الله ورسوله، بس… يعني اللي حصل وظروف جوازنا ما تسمحش إن إحنا نفضل مع بعض تحت سقف واحد، أو يحصل بينا أي حاجة، وأنا وإنت مش صغيرين. إحنا فاهمين وعارفين الدنيا بتمشي إزاي، أتمنى إنك تقدر تفهمني وتفهم وجهة نظري.


في تلك اللحظة، يفقد عاصي عقله. لا تشعر حنين إلا بيد صلبة قبضت على معصمها، وفي لمح البصر كانت تقف في منتصف الغرفة. من شدة قوة تلك اليد، كادت تسقط أرضًا، لكن أنقذها رف المرآة الذي ساندته بذراعيها. تقف وتحدق بذهول إلى ذلك الثور الغاضب الذي يهتف بغضب مكتوم قائلًا بعد أن أغلق باب الغرفة بإحكام حتى لا يشعر أحد بما يحدث بينهم الآن:


- إنتي اتجننتي يا حنين؟ ولا حصل لعقلك حاجة؟ يعني بعد كل اللي عملناه واللي حصل تحت ده، عاوزة كل واحد يفضل في أوضة لوحده؟


ثم يرفع إصبعه السبّابة في وجهها وهو يقول بتحذير وغضب مميت:


- اسمعي يا حنين، هم كلمتين أنا هاقولهم لكِ. أنا وإنتِ هنفضل تحت سقف واحد زي أي اثنين متجوزين. وقدام العالم أنا وإنتِ أسعد خلق على وجه الأرض، وبين أربع حيطان دول لا إنتِ مراتي ولا أنا جوزك. اعملي كل اللي إنتِ عايزاه، وأنا بوعدك أني هاعتبرك زي أي واحدة وأعتبرك مش مراتي ولا حبيبتي طول ما إنتِ رفضة إني أقرب منك، وده وعد يشهد عليه ربنا.


ثم يتركها ويخرج من الغرفة وهو يشعر بأنه يختنق وبحاجة إلى الهواء. قام بفك أول زرارين في قميصه بأطراف أصابعه وهو يسير إلى خارج المنزل كما لو كان بركانًا على وشك الانفجار.


بالطبع، إليك النص بعد التصحيح الإملائي والنحوي:


---


تنهار حنين بجسدها على الأرض وهي تضم وجهها بين يديها وتبكي بشدة على كل ما يحدث لها. تعاتب نفسها بقسوة على ما حدث، وقلبها ينفطر من شدة الحزن. لقد تخلى عنها أكثر شخص كانت تتمنى وجوده بجوارها، ذلك الشخص الذي كانت تتمنى دفء أحضانه وسنده القوي طوال عمرها. إنه والدها الذي تركها تواجه مصيرها بمفردها وأخذ ابنة شخص آخر في أحضانه، وهو غافل عما يحدث لها. أما شقيقها، فيحارب من أجل أن يظل على قيد الحياة ولا يعلم بحالها الآن سوى الله...


_"أنا السبب في كل حاجة. لو ما كنتش رحت الحفلة اليوم ده مع نوران وأنقذتها من اللي كان هيحصل لها، ما كانش ده كله حصل. ولو ما فضلتش في بيت الشباب، ما كانش رياض أخويا بيحارب الموت دلوقتي. ولو رفضت أتجوز عاصي، ما كانش بابا سابني وتخلى عني وأخذ بنت حد تاني في حضنه. أنا أستاهل كل اللي بيحصل دلوقتي."_


وتظل تبكي بشدة وهي تدمدم بكلمات غير مفهومة من شدة بكائها. تظل على حالها حتى يسيطر عليها النعاس وتغط في سبات عميق دون أن تشعر، وهي تشهق في نومها مثل طفلة صغيرة نائمة بعد بكائها...


وسرعان ما أشرقت شمس الصباح معلنة بوصول يوم جديد. مرت هذه الليلة المظلمة كالجحيم على الجميع؛ منهم من نام وهو يبكي، ومنهم من لم يستطع النوم...


**في منزل خالد**


يجلس خالد على مائدة الطعام يتناول الفطور، وتجلس بجواره نوران التي لم تجف دموعها بعد، وهي تنظر إلى الطبق الذي أمامها ولم تتناول شيئًا من طعامها. يرفع خالد رأسه بالصدفة فتقع عيناه على نوران التي ابتلت ملابسها بدموعها، وأردف قائلًا بنبرة هادئة مليئة بالحزن:


_"نوران، يا بنتي، اللي حصل حصل. هو لا أول ولا آخر إنسان على وش الأرض. وانتي بنت حلوة وجميلة وألف واحد غيره يتمناكي."_


تنظر إليه نوران بحنق وترد قائلةً بغضب وهي تنهض من على مقعدها:


_"هو لو كان آخر إنسان على وش الأرض وأول إنسان، هايكون ملكي أنا وبس. انت فاهم؟ ومش هسمح لحتة خدامة قربوعة تاخد مني حبيبي. وأسمع، أنا هقولك إيه؟ أنا وقاظم اتجوزنا امبارح."_


ينهض خالد من مقعده وهو يحدق في نوران بدهشة، ويردف قائلًا بذهول:


_"إنتي اتجننتي؟! قاظم مين اللي اتجوزتيه؟ إنتي وهو!"_


ترد نوران بغضب ودون وعي، وصوتها العالي أصبح يسمع في جميع أرجاء المنزل:


_"هو أنتم لسه شوفتم جنان؟ ده أنا هوريكم الجنان اللي على أصله! أيوة، أنا اتجوزت أنا وقاظم امبارح، في نفس اليوم اللي بنتك حبيبة قلبك سرقت مني حبيبي. ولا أنت كنت مفكرني هقعد أعيط وأحط إيدي على خدي من غير ما أعمل حاجة؟ ده أنا اتجوزت قاظم بس علشان أكون معاهم في نفس البيت وأعرفهم مين هي نوران. ده أنا مش هخليهم يشوفوا يوم حلو في حياتهم، وده وعد مني قطعته على نفسي لما جرحوني وكسروا قلبي."_


يتبع 


  الفصل الثالث. 


صلوا على الحبيب المصطفى.  


نبدأ بسم الله الرحمن الرحيم.


**في منزل عائلة عاصي** 


الساعة 7 ونصف صباحاً


يجلس على مائدة الطعام كل من نوال وكاظم، الذي يتناول فطوره في صمت ولم يقل شيئاً، مما زاد شكوك نوال تجاهه. أردفت قائلة متسائلة عن سبب هذا الهدوء الذي تلاحظه لأول مرة، وملامحه المتوترة تدل على أن هناك أمراً خطيراً قد حدث.


_خير، مالك يا كاظم ساكت ليه كده ومش على بعضك؟


يرفع كاظم رأسه ناظراً إلى أمه وجهاً لوجه، وأردف قائلاً بتلعثم وزاد توتره، فحمل كأس العصير الذي أمامه وأخذ منه بضع شربات ثم أعاده إلى مكانه قبل أن يقول:


_بصراحة يا أمي، في حاجة؛ أنا كنت عاوز أقولك عليها._


ينهش الفضول وقلق عقل هذه الأم تجاه ابنها الوحيد، وزاد فضولها أكثر علامات التوتر التي تراها على ملامح وجهه. نظرت إليه والشكوك تحوم حول عقلها، وأردفت قائلة بمزاح وهي لا تعلم أنها قالت الحقيقة أو أنها قرأت ما يتبادر في خاطره من ملامحه ونظرات عينيه التائهة، لكنها فضلت قولها بمزاح على أمل أن تكون قد أخطأت أو هلوسة في أفكارها:


_خير يا كاظم، عاوز تقول إيه؟ لتكون تجوزت أنت كمان زي أخوك، من غير ما تأخذ رأي أحد.


ينظر كاظم إلى أمه مندهشاً مما قالت، وعقله الصغير ما زال لا يستوعب أنها أمه والرابط القوي الذي بينه وبينها يساعدها على قراءة كل ما يتبادر في خاطره قبل أن يتفوه بحرف. وأردف قائلاً وهو يشعر بغصة في حلقه والكلمات عالقة في حنجرته:


_هو أنا فعلاً اتجوزت يا أمي.


تهبط الكلمات مثل الصاعقة على مسمعها، فتجبرها الصدمة على النهوض من مقعدها وهي تضرب بيديها على صدرها بقوة، وأردفت قائلة بذهول وصوت عالٍ:


_يا نهار مش فايت، انت بقول إيه يا طاظم؟ اتجوزت؟ اتجوزت إزاي ومين؟


ينظر كاظم إلى أمه بخوف من انفجارها، والأفكار المزعجة تحوم داخل عقله، ولا يعلم ماذا يقول أو ماذا يفعل لإيجاد مبرر مقنع لما فعل. فينهض هو أيضاً من مقعده ويضع يده على كتف أمه محاولاً تهدئتها ليتمكن من تبرير ما فعل، وأردف قائلاً بهدوء:


_أهدئي بس يا أمي، ما حصلش حاجة لكل ده._


تجيب نوال بغضب أكثر وهي تدفعه بعيداً عنها، وخذلتها دموعها القريبة من جفون عينيها فهربت على خديها بشغف، وهي تقول بخيبة أمل قد خاب أملها حقاً في أولادها الاثنين. لم تفعل مثل ما تتمنى كل أم في العالم، وهو أن تفرح بزفاف أولادها وتأتي إليهم بعروس حسب رغبتها وكما تتمناها، لكن ما فعله أولادها كسّر أحلامها وتخطيطها المستمر ليوم مثل هذا.


_ما حصلش حاجة زي، أخوك جاب بنت من الشارع وقال "دي بقت مراتي" وساب البيت، وربنا وحده يعلم راح فين ولا إيه اللي حصل، وأنت جاي تقولي إنك اتجوزت وربنا يعلم هي مين وإيه أصلها وفصلها، وتقولي "أهدئي بس يا ماما ما حصلش حاجة"، ولا أنت علشان شفت أخوك غلط وما فيش حد قدر يكلمه، قولت أعمل زيّوه، ما هو أنتم كبرتوا خلاص، ما بقيتوش تعملوا احترام لحد، ولا أنا وأبوك موتنا خلاص، وبقى كل واحد فيكم يعمل اللي هو عاوزه._


ثم ترفع إصبعها السبابة في وجه قاظم بتحذير، وقد أحمرت عيناها من شدة البكاء والغضب:


_اسمع يا كاظم، الكلام ده لك أنت وأخوك. أنا ولا راضية على جوازك ولا على جوازه، وحتى البنت اللي أنت اتجوزتها أنا مش عايزة أعرف هي مين أصلاً، وأفضل لك ما تجيبهاش على البيت، وهتشوف مني من هنا ورايح وش مش هيعجبكم.


ثم تترك وتذهب إلى غرفتها قبل أن تسمع ما سيجيب به كاظم. وفي هذه اللحظة يدخل عاصي، الذي ظل طول الليل خارج المنزل ولا أحد يعلم إلى أين قد ذهب أو ماذا كان يفعل، وهو يحمل الجاكيت على كتفه الأيسر ويمسكه بأصبعين فقط من يديه اليسرى ويتأرجح في سيره إلى اليمين واليسار ويحارب من أجل أن يظل مستيقظاً ولا يغلق عينيه. كان سيسقط لولا أمسكته يد كاظم، الذي أردف قائلاً بتساؤل وهو ينظر إلى أخيه بذهول:


_عاصي، انت كويس؟


يجيب عاصي بتوهان وصوت متقطع من شدة النعاس، ولسانه ثقيل كما لو كان يتفوه بكلمات من صخور وليست كلمات من أحرف:


_أيوة، بخير. أنت ليه تسأل؟


يضع كاظم يده على أنفه ليصد الرائحة الكريهة التي خرجت من فم شقيقه، وأردف قائلاً بتقزز:


_عاصي، انت شارب إيه؟


يضع عاصي أصبعه السبابة على فم شقيقه، وأردف قائلاً وهو ينظر يميناً ويساراً مثل طفل صغير فعل شيئاً خاطئاً وخائف أن تعلم أمه به وتقوم بمعاقبته بقسوة:


_شششش، حد يسمعك. أنا شربت بس شوية خمر صغيرين قد كده.


يقول ذلك وهو يضم أصبعه السبابة مع أصبعه الأكبر بمعنى أنه حقاً لم يحتس الكثير من الشراب، ثم يربت على كتف كاظم ويتركه ويصعد إلى غرفته وهو يتأرجح في سيره إلى اليمين واليسار، ولا يقدر على السير بشكل مستقيم مثل العادة من ثقل رأسه بسبب المشروب، بينما كان ينظر كاظم إليه بدهشة، والفضول ينهش عقله لمعرفة ما الذي حدث وجعل شقيقه يصل إلى هذه الحالة التي لا يحسد عليها. وبعد مرور دقائق، وصل عاصي إلى غرفته وقام بفتح الباب بحذر وأدخل رأسه فقط من الباب مثل طفل صغير يلعب لعبة استغماية مع أحد أصدقائه وخائف أن ينقض عليه أحد، بينما يبحث بعينيه عن حنين التي ما زالت تغط في سبات عميق ومستلقية بجسدها على الأرض كما لو كانت تنام على أحد الطرق في ليلة شتاء قاسية، ولا تجد من يأخذها في أحضانه ليشعرها بالدفء والسكينة قليلاً في هذا العالم القاسي. يتقدم عاصي تجاهها وهو ينظر إلى حالها المبعثر ووجهها الشاحب من كثرة البكاء، ويشعر بسكين باردة قد خرقت قلبه، وعلامات الندم ظهرت على ملامحه ويؤنبه ضميره لأنه ذهب وتركها وحيدة ليلة أمس وهي في أمس الحاجة أن يبقى بجوارها. قام بحمل جسدها من فوق الأرض وذهب ببعض الخطوات تجاه الفراش، وقبل أن يضعها على الفراش، تفتح حنين عينيها وتنظر بفزع إلى ذلك الوجه الشاحب ثم تغلق عينيها وتفتحهم مرة ثانية، ويظهر أنها تحاول أن تستوعب ما يحدث. وأردفت قائلة بتساؤل وصوتها ضعيف أثار النوم وهي تحدق بخجل إلى عاصي، وعندما استوعبت ما يحدث لفت يديها حول عنق عاصي خوفاً من أن يتركها فتسقط أرضاً:


_عاصي، أنت بتعمل إيه؟ نزلني، شايلني ليه كده؟


يتجاهل عاصي ما تفوهت به حنين وظل يحملها على ذراعيه إلى أن وصل بها إلى الفراش، وقام بوضعها برفق عليه واستلقى بجوارها، وأردف قائلاً بتوهان وهو يغرق في جمال عينيها، وكانت هي أيضاً تنظر إلى عينيه الذابلتين من كثرة النعاس والمشروب، وتحسس بأنامله ملامح وجهه الحزين، وتنصت بصمت إلى ما يقول:


_ليه يا حنين؟ أنت مش عاوزة تحسسي بيّ ونار اللي جوايا؟ أنت لو تعرفي أنا بحبك قد إيه مش هتعملي فيّ كل ده. أنا بحبك كتير يا حنين.


تجيب حنين بحزن وتسللت دموعها في صمت على خديها:


_ أنت شارب يا عاصي؟


يضع عاصي إصبعه على شفتيها، وأردف قائلاً بتخدير وهو لا يشعر بما يفعل:


_ هششششش، مش تتكلمي خالص يا حنين، بس بس اسمعي أنا هقول إيه ماشي، أنتِ عارفة أني بحبك صح؟


تهز حنين رأسها بهدوء بمعنى نعم، بينما أردف عاصي قائلاً بحزن:


_ طب مانتي عارفة أني بحبك ليه عاوزها نفضل بعيد عن بعض حتى بعد ما تجوزنا، ليه عاوزها تتعبني وتتعبي نفسك؟


تجيب حنين بحزن وبكاء شديد قائلة:


_ ياريت أقدر أقول لك السبب يا عاصي.


يجيب عاصي قائلاً وهو يرخي جسده على الفراش ويظهر أنه سوف يغط في سبات عميق، وقام بضمها إلى صدره بقوة:


_ أنا بحبك يا حنين قولي لي ليه.....؟


ويسيطر عليه النعاس قبل أن يكمل حديثه، فتشعر حنين بأنفاسه الهادئة وتعلم أنه ذهب في سبات عميق، فتنهض من جواره بهدوء وهي تنظر إليه ببكاء، وقد أحمرت عيناها من شدة البكاء. وضعت قبلة رقيقة على جبين عاصي، ثم قامت بفك أزرار قميصه ونزع حذائه، ثم ذهبت تجاه دورة المياه وبعد دقائق خرجت، لكنها وقفت مندهشة وهي تنظر إلى ما يقف أمام باب الغرفة، وأردفت قائلة بذهول:


_ نوران، أنتِ بتعملي إيه هنا!؟


تنظر إليها نوران وهي تبتسم ببرودة، وأردفت قائلة بسخرية:


_ إيه، مش هاترحبي بسلفتك الجديدة؟ ما أنتي برده متجوزة قبلي بساعتين.


------


في المستشفى عند رياض والشباب...


يجلس محمد على مقعد أمام الغرفة التي فيها رياض، بينما يجلس كل من علي وعماد وزياد بجوار رياض الذي ما زال تحت تأثير المخدر. وأردف محمد قائلاً محدثاً نفسه وهو يضم رأسه بين يديه:


_ ليه كده يا حنين؟ أتجوزتي عاصي طيب، واللي حصل أنا مش وعدتك أني هصلح كل اللي حصل، طيب إنتِ هتعملي إيه في نفسك دلوقتي، ولا هتواجهي جوزك إزاي دلوقتي وتقوليه الحقيقة؟ أنا عارف أن اللي حصل مش ذنبي ولا ذنبك، بس اللي حصل غلط كبير وما يتسامحش عليه!

تكملة الرواية من هناااااااا 

 لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله الجزء الاول من هناااااااااا

الرواية كامله الجزء الثاني من هناااااااا 

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا





تعليقات

التنقل السريع