القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية متى تخضعين لقلبى الفصل التاسع وعشرون والثلاثون والحادي والثلاثون والثانى والثلاثون بقلم شيماء يوسف كامله

 

رواية متى تخضعين لقلبى الفصل التاسع وعشرون والثلاثون والحادي والثلاثون والثانى والثلاثون بقلم شيماء يوسف كامله





رواية متى تخضعين لقلبى الفصل التاسع وعشرون والثلاثون والحادي والثلاثون والثانى والثلاثون بقلم شيماء يوسف كامله



متى تخضعين لقلبى 

الفصل التاسع والعشرون ..


جلست حياة فوق الفراش مستنده بقدميها على الارضيه الخشبيه للغرفه ومتمدده بنصفها العلوى فوقه مغمضه العينين تحاول التغلب على ذلك الشعور المستمر بالغثيان الذى يراودها منذ الصباح ، زفرت بضيق ووضعت كفها فوق معدتها لتدفئتها فالطالما كانت معدتها حساسه من البرد ويبدو انها اهملت ملابسها فى الايام الماضيه ، هذا ما فكرت به مبرره وهنها المفاجئ ، انتهى فريد من اغتساله وخرج إلى الغرفه فوجدها ممده بذلك الشكل العجيب مغمضه العينين ، اقترب منها بهدوء واتكأ بجذعه فوق الفراش مستنداً على مرفقه الأيمن يتفحصها ثم هتف اسمها  بقلق :

-حياة .. 


فتحت عينيها تنظر بداخل عسليته القريبتين منها وهى تبتسم له ابتسامه ضعيفه فأردف يسألها مستفسراً :

-فى حاجه ؟!.. 

هزت رأسها له نافيه وابتسامتها تزداد اتساعاً لطمأنته فليس هناك داع لإخباره  فدائما ما كانت تعانى وخصوصاً فى فصل الشتاء من الآلام معدتها بسبب اهمالها المعتاد ، رفعت كفها تتمسك بكفه ثم عادت ووضعتها فوق معدتها بهدوء تتلمس منه الدفء ، بدءت أصابعه تمسد معدتها ومقدمه بطنها برفق ظناً منه انه بدايه الالامها المعتاده ثم قال بهدوء ولهجه حاسمه رغم دفئها :

-حياة خليكى النهارده بلاش تنزلى معايا .. 


سألته بأستنكار يحمل فى طياته بوادر الاعتراض :

-ليه فى حاجه حصلت !!!.. 

اجابها بتمهل نافياً :

-لا مفيش حاجه .. بس انتى شكلك مرهق من اليومين اللى فاتوا .. فخدى النهارده اجازه .. 


اجابته معترضه بنبره رقيقه :

-طب مانت كمان كنت تعبان معايا اليومين اللى فاتوا .. هنزل معاك او نقعد سوا .. 

اجابها وهو يقترب منها :

-خليكى وانا مش هتأخر لازم اروح الشركه اخلص حاجه وهرجع على طول ..


كانت تعلم جيداً لماذ يصر على ذهابه لذلك هتفت اسمه بتأهب ولكنه خرج بنبره مغريه هامسه بسبب أصابعه التى تداعب معدتها :

-فريييد .. 


توقفت يده عن الحركه وتجمدت نظرته فوق شفتيها ثم أمرها بنبره هامسه وهو يحرك جسده ليقترب بوجهه منها :

-قولى تانى .. 

سألته بعدم فهم وهى ترى عينيه تتحول للون الداكن من اثر مشاعره :

-اقول ايه ؟!.. 


اجابها هامساً وشفتيه تتلمس صدغها برقه :

-اسمى .. 

هتفت اسمه مره اخرى بصوت ناعم بسبب انفاسه الحاره التى تلفح وجهها وأصابعه التى عادت تداعب بشرتها :

-فريد .. 

لثم شفتيها مطولاً بنعومه ثم حررها ببطء قائلاً بصوته الاجش :

-تانى ..


عضت فوق شفتيها بخجل قبل امتثالها لطلبه للمره الثانيه هاتفه بنبره اكثر همساً :

-فرييييد ..

تنهد بحراره ثم عاد لتقبيل شفتيها بنفس الطريقه قائلاً بعدها بوله :

-سمعهولى تانى ..

تغلغت أصابعها بداخل خصلات شعره الرطب ثم قالت بهيام شديد ونبره ناعمه كالحرير :

-فريد حياة ..

اخفى وجهه فى ثنايا عنقها واخد نفساً عميقاً ثم زفره ببطء شديد قائلا بصوت مكتوم عاشق :

-حياة فريد .. 


بعد فتره من التصاقه بها سألته حياة قاطعه الصمت بينهم :

-فريد انت هتعمل ايه مع مدير الحسابات ؟!!..

ابتعد عنها ورفع رأسه ينظر إليها قائلاً بجديه بالغه :

-هعمل اللى المفروض يتعمل .. 

هزت رأسه له موافقه ثم اردفت مستأنفه استفسارها :

-طب ونجوى ؟!.. 


ان كان على ما يريده حقاً فهو تقطيع أعضائها جزء جزء والقائها للكلاب المتوحشه او ربطها بحجر ثقيل والقائها من فوق السد العالى لئلا يكون لديها فرصه للنجاة ، زفر بحيره ثم اجابها بغموضه المعتاد :

-مش عارف .. لسه مقررتش ..


ابتعدت عنه قليلاً وهى ترمقه بنظرات محتده ثم سألته بضيق :

-طب وبالنسبه لنيرمين ؟!.. 

سألها ببروده المستفز :

-مالها ؟!.. 

مطت شفتيه بأستياء ، هل يمزح معها ؟!!!! لم يقرر بعد ما سيفعله مع نجوى لكنه اصدر حكماً نهائياً على اخته الوحيده رغم مساعدتها له !!! ، اجابته بحده مدفوعه بغيرتها الخفيه :

-ايه اللى مالها !!! متقوليش ان بعد اللى حصل لسه مش عايز تديها فرصه !!!..


ضيق عينيه فوقها مستنكراً رد فعلها العدائي ثم سألها مستهزئا :

-هو انتى شايفانى ساذج عشان اصدق التمثيليه الهبله دى ؟!!!.. جيهان وبنتها عبيد فلوس مهما كان معاهم .. ولو هى حذرتك ف ده بس عشان الفلوس اللى بتدخلهم كل شهر متنقصش ..


ضغطت حياة فوق أسنانها بغيظ وهى تردد خلفه بنبره محتده :

-ساذج !!! .. هى دى نظرتك عنى ؟!.. وبعدين انا مش مصدقه قسوتك دى عليها !!! .. فى الوقت اللى انت مش عارف هتعمل ايه مع ست نجوى هانم !!..


زفر فريد بملل ثم قال بنفاذ صبر :

-حياة متخلطيش الامور ببعض !! وبعدين انا مش غبى عشان جيهان ونيرمين يلعبوا بيا .. واستحاله اصدق اللى هى بتقولهولك مهما حصل .. 


انتفضت حياة من جلستها ووقفت امامه تهتف بسخط :

-انا بقيت غبيه كمان !!.. كل ده عشان عايزه اديها فرصه خصوصاً بعد ما اثبتت حسن نيتها !!.. 


مرر فريد كفيه فوق وجهه بضيق ثم وقف قبالتها يقول آمراً  بتحذير :

-متحرفيش كلامى .. لو عايز اقول حاجه مش هخاف منك  وبالنسبه لنيرمين متستاهلش فرصه تانيه .. 

صاحت به مستنكره بنبره عدائيه شديده :

-انا مش مصدقه أنانيتك دى !!! وبعدين اى حد فى الدنيا دى يستحق فرصه تانيه .. زيك بالظبط .. 


هدر بها فريد محذراً بصوته العميق :

-حيااااة .. ده اخر كلام فى الموضوع ده .. ومن دلوقتى مفيش كلام او مقابلات معاها مهما كان السبب .. فاهمه !!!.. 


لماذا وصل النقاش بينهم لتلك النقطه لم تعلم !! كل ما تعلمه انها غارت من نجوى وارادت منه إرضائها وليس الا ومع مرور الحديث بينهم ازداد غضبها ولم تعد تستطيع التحكم بِه لذلك هتفت معترضه بعناد :

-وانا مش جاريه عشان تقولى اعمل ايه ومعملش ايه !!..  ومش هقفل الموضوع طول مانا شايفه نجوى عماله تخرب حوالينا وانت سايبها تعمل اللى هى عايزاه !!.. 


صاح فريد آمراً بغضب شديد من تمسكها العقيم بوجهه نظرها الخاطئه ورؤيتها الضيقه للامور :

-انتى مراتى واللى هقوله يتسمع وبعد كده مفيش كلام مع حد اصلاً الا بأذنى وتحت عينى ولو الكلام زاد مش هيبقى فى خروج من البيت أساساً ..


هتفت حياة به بعدم تصديق :

-فريد !!!!!!!!!.. 

رمقها بنظره غاضبه جعلتها تتراجع عده خطوات للخلف ذعراً ثم قال بحزم وهو يتحرك لارتداء ملابسه :

-انتهى ..


ارتمت حياة فوق الفراش مرةً اخرى وبدءت تبكى فى صمت ، لماذا يخيب ظنها فى كل مره يتعلق الامر بتلك المدعوه نجوى !! لماذ لا يناقشها بدل من غضبه الدائم وغموضه الذى يثير اعصابها !!، توقعت عودته لها بعد ارتداء ملابسه ولكنها تفاجئت بِه يخرج من الغرفه مباشرةً دون حتى النظر إليها ، ازداد جنونها من تجاهله لها فأمسكت هاتفها المحمول تُخرج رقم اخته غير الشقيقه وانتظرت اجابتها ثم قالت بدون اى مقدمات :

-انا موافقه اساعدك .. فريد دلوقتى مش فى البيت لو حابه تقابلينى ..


استمعت إلى موافقه نيرمين الحماسيه ثم اغلقت هاتفها وألقت بِه بأهمال فوق الفراش مع عوده ذلك الغثيان المقيت يتملك منها مرةً اخرى ، هذا ما كان ينقصها الان !! ..


*************


اقتحم فريد باب غرفه مدير حساباته بملامح وجهه مكفهره  الامر الذى أفزعه كثيراً وجعله يبتلع لعابه بصعوبه ، وقف فريد قبالته ثم جذبه من ياقه قميصه قائلاً بنبره لا تعرف المزاح :

-بره ..


تسائل الرجل بهلع مردداً كلمه مخدومه :

-بره !! حصل ايه يا فندم  ؟!.. 

دفعه فريد نحو الخارج قائلاً بتهديد :

-هى ضحكت عليك وفهمتك انك لو اتكشفت هتعرف تعوضك صح ؟!. وانتى غبى وصدقتها وفاكر ان لو فريد رسلان طردك ممكن شركه بعده تشغلك ؟!.. 


فتح المدير فمه ليجيبه فأوقفه فريد بنظره محذره رافعاً أصبعه فى وجهه :

-الشيك اللى انت ماضى عليه زمانه اتقدم للنيابه .. يا تدفعلى النص مليون تعويض يا الحبس .. 


فى تلك اللحظه دلف رجال حراسه فريد الذى استدعاهم قبل دخوله لجذب الرجل المذعور وإلقائه خارجاً ، القى فريد جملته الاخيره على مسامع الرجل قائلاً بشماته :

-وانا بقول لحد ما النيابه تستدعيك بلاش تروح بيتك .. عشان علاقاتك وصورك القذره كلها الفتره اللى فاتت هتلاقيها وصلت قبلك للمدام ..


انهى جملته وراقب برضا رجاله وهم يجرون ذلك الخائن إلى خارج جدران الشركه وهو يصيح متوسلاً من اجل مسامحه فريد له .


عاد بعدها لمكتبه والقى جسده فوق المقعد بقوه ، اللعنه على ذلك الامر ، انه لازال غاضباً وبشده بسبب ما حدث بينهم فى الصباح ، هل هو غبى لتنطوى عليه مسرحيه نرمين وجيهان الهزليه !! ، واذا كان الامر مقتصراً على نيرمين لالتمس رضاها قبل ذهابه ولكن ما يغضبه حقاً هو مسأله الثقه ، لماذا لا تثق فى نظرته وحكمه للامور ، لماذا لا تضع ثقتها بِه كأى زوجه طبيعيه !!، زفر بحنق فهو لا يعلم كيف يرضيها !!، حسناً هو يعلم ان امر نجوى تلك استغرق منه وقت اطول من اللازم ولكنه يريد التريث والتخلص منها للابد بدلاً من التسرع ومعالجه الامر بسطحية تؤدى إلى كوارث مستقبليه ، ثم انه يفعل ذلك من اجلها اليست هى من تطلب منه دائماً أعطاء القانون فرصته ، اذا ستنتظر معه حتى يجد الفرصه المناسبه للخلاص منها . 


 التقط هاتفه بعصبيه مهاتفاً احد رجاله وقائلاً بأستياء  :

-كل ده مش عارف توصلنى لحاجه تخلصنى بيها !!.. انا مش فاهم امال انت بتراقبها ليه !!!..


ارتبكت نبره الرجل من غضب مديره ثم اجابه مبرراً :

-يا باشا .. انا مراقبها زى ضلها .. من ساعه ما حضرتك قلتلى .. مش بتعمل اى حاجه .. بس بتروح النادى الصبح وبليل بتقابل نيرمين هانم اخت حضرتك .. غير كده مبتتحركش .. 

لم يقتنع فريد بحديثه فأردف يقول محذراً :

-ورحمه امى لو طلعت بتستغفلك وعملت حاجه من وراك وأذت مراتى تانى لهتكون حياتك التمن .. وقدامك اسبوعين تخلص موضوع سيرين الزفت دى .. وعايزك تبدء من دلوقتى تحط حد يراقب نيرمين هى كمان .. سامع ؟!.. 


تمتم الرجل موافقاً بخنوع تام قبل إغلاق فريد الهاتف فى وجهه والبدء فى مراجعه ملفاته المتراكمة .


بعد فتره ليست بطويله صدع رنين هاتفه برقم حراسه المنزل ، اجاب فريد على الفور بقلق واضح فى نبرته :

-سامعك !..

اجاب الطرف الاخر بأحترام :

-فريد بيه .. نيرمين هانم جت من شويه .. واتعاملنا زى ما حضرتك امرت بس حياة هانم صممت انها تدخلها .. محبتش اعمل اى حاجه غير لما ارجع لحضرتك .. 


استمع فريد لحديث حارسه وبدءت الدماء تغلى فى عروقه من جديد ، لقد طفح به الكيل من عنادها المستمر ، ضغط فوق اسنانه بشراسه ثم قال بحروف مقتطبه :

-سيبها .. 


القى الهاتف فوق المكتب بحده وهو يتوعد لها ، هل ظنته غير جاد فى تهديده لها ؟! ، لقد أشعلت فتيل غضبه والان عليها تحمله ، هذا ما فكر به بتوعد لحياة ولكن اولاً ينتهى من اعماله المتراكمة .


************


فى المنزل ودعت حياة نيرمين بود شديد بعدما أعطتها وعدها الكامل بمساعدتها فى لم شملها مع فريد مما جعل الاخيره تبتسم بأنتصار من نجاح خطتها ، سألتها نيرمين بحماس مستأذنه :

-انا عايزه اتكلم معاكى كل يوم .. عايزه اعرف كل حاجه عن فريد وايه بيحبه وايه بيكرهه عشان اعرف اتعامل معاه .. ونفسى تقبلينى كأخت ليكى .. انتى عارفه انى لوحدى على طول ..


ابتسمت لها حياة موافقه ثم اجابتها مشجعه :

-اه طبعاً زى ما تحبى .. انا اهم حاجه عندى انك وفريد تكونوا سند لبعض .. 


ودعتها نيرمين بأبتسامه مجامله لم تصل لعينيها وهى تتحرك فى اتجاه سيارتها لتستقلها ، هاتفت نجوى على الفور تبشرها سعيده بأخر التطورات :

-نوجه .. عشان تعرفى انك عندك احلى صاحبه فى الدنيا دى كلها .. 


سألتها نجوى بلهفه مستفسره :

-حصل ايه بسرعه احكيييلى .. 

اجابها نيرمين بثقه :

-حصل زى ما كنا عايزين بالظبط .. صدقت اللى حصل وقالت هتساعدنى .. وانا لسه خارجه من عندها بعد ما اتكلمنا فى حاجات كتير .. والاهم انها اتغيرت فى معاملتها معايا .. ده طبعاً بعد ما فهمتها انا قد ايه مضايقه من اسلوب حياتى ومنك .. 


هتفت نجوى برضا :

-ايوه بقى يا نيرو .. كده مفاضلش غير انك تنقليلها شويه اخبار عنى واخر حاجه بقى تجبيلى توقيع فريد بصوره واضحه عشان الراجل يشوف شغله ..

اومأت نيرمين برأسها موافقه ثم اجابتها بثقه :

-بس كده .. توقيع فريد بسيطه هلاقيه فى اوراق بابى .. اما عن اخبارك فأنا فعلاً قلتلها ان حادثه الملف بتاعها الاول كانت بمساعده مدير الحسابات برضه واتصدمت اوى ..


ردت نجوى قائله بخبث :

-هقولك على حاجه تبلغيها بيها ودى هتبقى الاخيره .. عشان لما تقولى على اللى اتفقنا عليه  تصدقك بعد ما تشوف العقد والصور . 


وافقها نيرمين للمره الثانيه فدائماً ما كانت تابعه لنجوى وتنفذ فقط ما تمليه عليها دون الاحساس بالذنب او تأنيب الضمير .


************


فى المساء عاد فريد للمنزل وغضبه مازال يلاحقه ، دلف غرفتهم يبحث عنها بعينه فوجدها جالسه فوق احد المقاعد بملامح وجهه متجهمه ، توجهه بجسده نحوها وجذبها من مرفقها بحده ثم سألها بعصبيه شديده :

-انا مش قلت مفيش كلام معاها !! انتى بتتحدينى ولا صبرى عليكى خلى كلامى ملهوش اهميه عندك ؟!.. 


لم تكن فى مزاج يسمح لها بمجادلته فذلك الغثيان ما ينفك يختفى حتى يعود إليها مرةً اخرى دون سبب واضح لذلك استمعت إلى حديثه العصبى بجمود شديد ، أغضبه اكثر صمتها وفسره عدم اهتمام منها له لذلك اردف يقول هادراً بها بنبره عاليه ويده تهزها من مرفقها :

-من النهادره ومن دلوقتى .. مفيش خروج من البيت ولا حتى للجنينه .. ولو سمعت يا حياة انك كسرتى كلامى تانى قدام الحرس او اى حد فى البيت هتشوفى منه وش مشفتهوش قبل كده .. فاهمه !!! .. 


لقد ازداد اعيائها بشكل مبالغ فيه بسبب يده التى تهز جسدها بأكمله ، ضغطت فوق شفتيها متحامله وقد اغضبها تهديده وتحكمه بها ، وفتحت فمها لتعترض وهى تدفعه عنها بعيداً وتهدر هى الاخرى بِه بعصبيه :

-فريييي..


انتابها شعور قوى بالغثيان فركضت نحو المرحاض غالقه الباب خلفها برفق وبدء تتقيأ كل ما بداخل معدتها حتى هدئت نوبه غثيانها ، ركض هو خلفها بأستغراب وحاول فتح الباب خلفها ولكنها أغلقته بأحكام ، هتف اسمها بقلق وهو يطرق بيده فوق الباب ويطلب منها فتحه ، خرجت تواجهه بعدما غسلت فمها ووجهها جيداً بالماء والشك  يزداد بداخلها ، رفعت رأسها تنظر نحوه بوهن فأسرع هو فى التقاط كفها يسألها بلهفه :

-حصل ايه ؟!..


اجابته كاذبه وهى تتحرك نحو الفراش وتستلقى عليه :

-ولا حاجه معدتى اخدت برد .. 

ظل يتأملها بنظرات حائرة ثم اخفض رأسه وخرج من الغرفه بأكملها فملامح وجهها الشاحبه ونظرتها المرهقه جعلت غضبه يخمد .


قضى فريد ما تبقى من يومه داخل الغرفه الرياضيه يفرغ كل ما به من غضب داخلها ، خرج بعدها منهك الجسد فتوجه مباشرةً نحو غرفته للاستحمام وتبديل ملابسه ليجدها لازالت مستلقيه فوق الفراش منذ تركها ، اغتسل سريعاً وارتدى ملابس نومه وهو يحاول التوصل لقرار ، حسناً هو لايزال غاضب منها ومن تصرفاتها المتهوره بعض الشئ ولكن رؤيتها ساكنه هكذا تؤلمه ، زفر بضيق وهو يندس جوارها فى الفراش ثم سألها بأهتمام :

-تحبى اندهلك عفاف ؟!..


حركت رأسها ببطء نافيه وانتظرت حتى استقر جسده فوق الفراش ثم تسللت تستند برأسها فوق صدره ، حاوط خصرها بذراعه كعادته وأغمض عينيه محاولاً النوم بعد ذلك اليوم المجهد ذهنياً وعضلياً له ، تنهدت حياة بحيره ، هل ما تفكر به صحيح ، بالطبع داخلها يتمنى ان يكون صحيحاً ، لا لن تتحمس ربما ما يحدث لها هو إرهاق وليس الا ، قطبت جبينها بتفكير حتى ان ايامها الخاصه لم تبدء بعد رغم حلول موعدها ، هل هى حقاً حامل رغم ان زواجهم الفعلى لم يمر عليه سوى شهر واحد ، حسناً هو فقط شهر ولكنهما كانا سوياً عدد من المرات يكفى لدزينه اطفال ، هذا ما فكرت به بسخريه وهى ترفع كفها وتتلمس برفق بطنها ، يالله ان مجرد التفكير يجعل قلبها يقفز فرحاً فكيف اذا صدق حدسها ، وماذا ستكون ردة فعل فريد اذا كان حقيقى ، طفل منه ينمو داخل أحشائها ، طفل صغير بمرحله جديده فى حياتها وحياته يتحولان معها من شخصين عاشقين إلى أبوين ناضجين ، ليس لديها شك بأن حنان فريد سيغدق طفلها القادم او ربما طفلتهم ، حسناً حسناً يكفيها تخيلات ، ستنتظر يومين أخريين ثم تذهب إلى الطبيبه لإجراء  الفحص ، هذا ما قررته وهى تغمض عينها بسعاده وقد تلاشى كل غضبها منذ الصباح .


***********


رغم ترقبها الشديد خلال اليومين التاليين الا انها آثرت اخفاء تعبها المتزايد عنه حتى تتأكد وتخبره ، اما عن علاقتهم سوياً فلم يحدث تغييرعن تلك الليله ولم يتحدثا عنها ثانيةً ، فقط يسألها بأهتمام عن حالها ثم يسحبها داخل احضانه اثناء الليل ، اما عن العمل فلم يسمح لها بالخروج من باب الفيلا الداخليه كما اخبرها ولم تجادله مما اثار استنكاره واستنكارها هى شخصياً ، وبالنسبه لعلاقتها بنيرمين فأقتصرت على المكالمات الهاتفية وتلك الاخبار الخاصه بنجوى والتى تغدقها بها نيرمين لكسب ثقتها بشتى الطرق ، حتى انها أخبرتها عن مدبره منزلهم القديمه "عزه" وكيف كانت تنقل جميع اخبارهم وتفاصيل حياتهم اليوميه لنجوى ، مع بعض الجمل عن حماسها المتزايد لمصالحه فريد وبعض مقتطفات من ماضيها والذى كان اغلبه صحيحاً الامر الذى جعل حياة تتعاطف معها بالكامل بل وتبدلت نظرتها عنها وتمنت لو تحدث معجزه ما تتبدل بها حياة اخت زوجها والتى اصبحت فى نظرها ضحيه كفريد .


وفى مكتبه جلس فريد فى مقابله وائل الجنيدى بعد مراجعه كافه التفاصيل الخاصه لشراكتهم الجديده ثم وضع فريد توقيعه عليها بعدما مررها لوائل كى يوقعها اولاً ، صافحه وائل ليهنائه بسعاده قابلها فريد بجمود معتاد وهو يومأ له برأسه بأقتضاب ، سأله وائل بعدها مستفسراً منه :

-بالنسبه لعقود هناك هنعمل فيها ايه ؟!..

اجابه فريد بغموض :

-متشغلش بالك بيها انا هتصرف ..


لم يكن وائل لترضيه تلك الجمله لذلك اردف يقول متسائلاً :

-هتتصرف ازاى ؟!.. احنا علينا دفعات متأخره للمورديين هنا ولازم نسلملهم اى حاجه والا فلوسهم ترجع .. وانت عارف ان ده دلوقتى معناه افلاس الشركه .. 


لوى فريد فمه بضيق فهو يعلم جيداً صدق حديثه ، كما انه التزم بكلمه ولن يستطيع الاخلال بها لذلك هتف مطمئناً لشريكه :

-متقلقش .. هسافر بنفسى اخلص هناك واتاكد ان البضاعه اتشحنت وهرجع .. 


استرخت ملامح وائل وقد طمأنه حديث فريد فرغم كل ما يقال عن قسوه فريد الا انه يستطيع الثقه بكلمته ، عاد وائل يسأله للمره الاخيره وهو يستعد للرحيل :

-هى مدام حياة مش موجوده ؟!.. 


انتفض فريد من مقعده كأسد يستعد للاتقضاض على فريسته فى اى لحظه وهو يسأله بحده :

-انت عايز ايه من حياة !!!..


ارتبك وائل وشعر بالإحراج من اندفاعه الغير محسوب وأجابه  مبرراً :

-لا ابداً انا بس استغربت انها محضرتش معانا اجتماعات امبارح والنهارده فكنت بطمن عليها ..

حدقه فريد بنظره محذره وهو يقول بضيق :

-شئ ميخصكش ..


علم وائل بتجاوزه لحدوده من نظرات فريد التى تنطلق كالسهام فى اتجاهه لذلك اثر الانسحاب واستأذن مسرعاً فى الرحيل .


***********


عاد وائل إلى مقر شركته وجلس خلف مكتب رئاسه الاداره وهو يلعن تهوره بصمت ، ماهى نوع الحماقه التى دفعته لسؤال زوجها عنها ، الم يستوعب قلبه بعد انها ملك لغيره ، وغيره هذا ليس غريب على الاطلاق بل هو شريكه ، تململ داخل مقعده بعدم راحه وهو يتذكر لقائهم الاخير ونظرتها وابتسامتها المرحه ، ان اعجابه بها يزيد يوماً عن يوم رغم وميض الحب الذى يلمع داخل عينيها بمجرد رؤيه زوجها ، متزوجه ، ظل عقله يردد تلك الكلمه عل قلبه يستوعبها ، لوى فمه بتهكم وهو يفكر بقله حيله فمنذ متى يتدخل العقل فى عمل القلب ، على سبيل العقل تذكر تلك المدعوه نيرمين اخت فريد والتى اثارت فضوله بما فعلته وعليه التقط هاتفه وطلب حضور مساعده ثم آمره بجديه بعدما أعطاه اسمها تأكيد شكوكه نحوها ومعاوده اخباره فى اسرع وقت ممكن ، أطاعه المساعد بخضوع ثم انصرف تاركاً المجال لرئيسه لمتابعه عمله . 


***********


بعد انتهاء وجبه العشاء والتى سادها الصمت من جهه فريد وفقدان الشهيه من قبل حياة صعد فريد إلى غرفه نومهم وتبعته حياة ، تحدث إليها بأختصار بعد تناول قهوته :

-اطلبى من عفاف تحضرلى شنطه هدومى عشان مسافر بكره الصبح .. 


اصاب حياة الاحباط بمجرد سماعها تلك المعلومه وفتحت فمها لتسأله بخفوت:

-هتغيب ؟!عشان اعرف محتاج قد ايه يعنى.. 

اجابها بأقتضاب وهو يراقب تعابير وجهها :

-حوالى ٥ تيام .. 


خمسه ايام !!!! بدونه !! وهى من كانت تأمل بأجراء ذلك التحليل غداً وأخباره بنتيجته رغم شبهه تيقنها من النتيجه ، ثم أيجب عليهم فى كل مره الرحيل وهما على خصام !! ، زفرت بأحباط ثم قالت بنبره خفيضه حزينه :

-مفيش داع لعفاف هحضرهالك انا .. 


قال معترضاً وهو يجلس فوق الفراش قبالتها :

-لا متتعبيش نفسك .. اطلبى من عفاف وهى عارفه هتعمل ايه ..


لوت فمها وهى تهز رأسها بضيق ثم سألته بصوت متحشرج من اثر دموع الاحباط :

-انت شايف انك هتتعبنى !!!!.. 


رفعت رأسها فى انتظار اجابته فرأى تلك الدموع المتلئله تلمع داخل مقلتيها ، لم يجيبها لذلك تحركت بخطوات مثقله نحو خزانه ملابسه لتبدء فى تحضير حقيبته ، تبعها بخطواته ووقف بجسده خلفها ثم مد ذراعيه يحتضنها من الخلف وأسند ذقنه فوق كتفها بصمت ، رفعت ذراعيها هى الاخرى تضعها فوق يده المحتضنه خصرها بتملك وهى تفكر بسذاجه هل يشعر بها وبما تحمله داخل أحشائها ، قاطع تفكيرها سؤاله لها  بصوته العميق :

-تحبى تيجى معايا ؟!.. 


قاومت رغبه جامحه فى الاندفاع والموافقة ولكنها تذكرت ما يحدث لها فى الصباح وموعدها غداً إلى جانب قلقها من الطيران والمجهود الزائد لذلك اجابته على مضض رافضه :

-لا شوف انت شغلك وانا هستناك لحد ما ترجع .. 


شدد من احتضان ذراعيه لها فأردفت تطلب منه بتوسل :

-فريد .. ممكن ارجع الشغل تانى ..

امتنع عن الرد لذلك حركت رأسها تنظر إلى جانب وجهه تستيبن رد فعله ، لم تجد ما يشجعها من ملامحه فأردفت تضيف :

-الشغل بس ومش هروح اى مكان من غير ما تعرف ..


زفر مطولاً ثم قال بهدوء وعلى مهل :

-متمشيش من غير حراسه .. وقبل ما تتحركى لاى مكان تبلغينى .. ومتقابليش حد غير بأذنى .. انت فهمانى طبعاً .. حياة صدقينى لو اللى حصل ده اتكرر تانى مش هضمن رد فعلى .. 


هزت رأسها لها موافقه فتلك الليله بالذات لا تسعى لاغضابه ، حرك رأسه موافقاً بأستحسان هو الاخر وقد قرر كلاً منهما تجاوز ما حدث بينهم منذ يومان .


***********


بعد مرور يومان وفى غرفه مكتبها جلست حياة تبتسم ببلاهه وهى تضع يدها فوق بطنها كعادتها منذ تأكيد الطبيبه لها خبر حملها ، يالله انها الان حامل فى شهرها الاول ، كم تنتظر بفارغ الصبر عوده فريد وأخباره فهى تجاهد فى كل مكالمه هاتفيه بينهم الا ينفلت لسانها وتخبره بتلك المناسبه الساره فبعد كل شئ تريد رؤيه تعابير وجهه ورد فعله عند سماعه خبر حملها ، فقط عليها الانتظار ثلاثه ايام اخرى ، بالطبع مده طويله للغايه بالنسبه لها ، اعادها من شرودها طرق خفيف فوق باب غرفتها ، اعتدلت فى جلستها وعدلت من وضعها ثم أذنت للطارق فى الدخول ، تفاجئت بوائل الجنيدى يقف امامها بأبتسامه عريضه تملئ ثغره ، هتفت حياة بأستنكار :

-باشمهندس وائل ؟!.. خير !!.. 


تنحنح وائل محرجاً ثم اجابها مفسراً قدومه وهو يتقدم منها لالقاء التحيه عليها :

-خير .. كان عندى استفسار بسيط كده مع المحامى ولقيت نفسى بعدى من تحت الشركه فقلت اطلع اسأله بنفسى وبالمره اسأل على فريد ولما خلصت حبيت اسلم على حضرتك .. 


كاذب ، هذا ما هتف به داخلياً ، لم يكن بحاجه للمجئ شخصياً هو فقط قادته ساقيه إلى هنا من اجل رؤيتها ، ابتسمت حياة له بود ثم قالت ببساطه :

-لا حضرتك ايه بقى ده حتى انا اصغر منك مفيش داع للرسميات دى بينا .. خليها حياة بس ..


بادلها وائل ابتسامتها بأخرى واسعه وهو يتمتم بحماس :

-موافق بس بشرط .. بلاش كمان باشمهندس دى خليها وائل ..

همت حياة بالاعتراض ولكن اوقفها رنين هاتفها الخلوى ، فالتقطته مسرعه بعدما اعتذرت منه ظناً انه فريد ، اصيبت بالاحباط عند رؤيتها هويه المتصل ولكنها أجابت على كل حال :

-كله تمام يا نيرمين الحمدلله .. 


استمعت لسؤالها ثم اردفت تقول بأحراج :

-حبيبتى معلش معايا ناس .. شويه وهكلمك تانى .. 

بالطبع التقط وائل الاسم من شفتيها فعاد يسألها بعد إنهاء مكالمتها :

-هى الاستاذه  نيرمين قريبه منك ؟!.. 


قطبت حياة حاجبيها وهى تسأله بقلق :

-اها .. يعنى .. ليه في حاجه ؟!.. 

نظر وائل نحوها بتردد فأردفت تحثه على الحديث وقد اثار سؤاله فضولها :

-انا اقرب لنيرمين من فريد فتقدر تقول اه .. 


ضغط فوق شفتيه ثم قال على استحياء :

-بصراحه فى حاجه كنت عايز الفت نظر فريد ليها بس مش وقته .. يرجع بس الاول ..

لقد اثارت جملته قلقها حقاً  لذلك اندفعت تسأله بتوسل :

-لا من فضلك .. لو حاجه تخص نيرمين من فضلك تبلغنى بيها الاول ومن غير ما تسألنى ليه بس ده الاصح ..


انهت جملتها وانحنت تلتقط قطعه ورقيه صغيره وقامت بتدوين رقمها فوقها ثم اعطته له مستطرده برجاء :

-ده رقمى .. لو سمحت اى حاجه تحصل بلغنى فوراً ..


اومأ لها وائل رأسه موافقاً بتردد فهو لا يعلم اذا كان صائباً فى أخبارها  هى بدلاً من فريد ام لا ، على كلاً سيفكر ملياً ثم يقرر من سيخبره اولاً ، هذا ما قرره وهو يحيها مودعاً قبل انسحابه للخارج تاركها تشعر بالقلق والذعر من القادم .


****************


هتفت نيرمين متسائله بأرتياب وهى تجلس امام صديقتها وشريكتها فى التخطيط :

-نجوى .. انتى متأكده اننا هننجح وهتصدقنى .. المره دى هتبقى تقيله اوووى ولو راحت او بلغت فريد هنروح فى داهيه ؟!.. 


اجابتها نجوى بنبره عدائيه واضحه بعدما زفرت بتأفف :

-يوووه يا نيرمين مش معقول كده .. كل ما اقولك حاجه تسمعينى نفس الاسطوانه !!! انا بجد زهقت .. 


انكمشت نيرمين داخل مقعدها من عداء صديقتها الغير مبرر ثم سألتها بأستهجان :

-فى ايه يا نجوى !! مالك بتتعاملى معايا كده ليه ؟!.. انا بس بفكر معاكى بصوت عالى !!.. 

صاحت نجوى بعصبيه مدافعه عن نفسها وفكرتها :

-عشان انتى وترتينى .. وكل شويه تطلعى بحجه عشان متنفذيش مع ان افضل وقت نتحرك فيه وفريد مسافر .. 


حاولت نيرمين استرضائها فقالت مبرره :

-انا مش بطلع بحجج .. بس المره دى فيها تزوير وفريد مش سهل .. لو عرف هتكون نهايتى ونهايتك .. 


اجابتها نجوى وهى ترمقها بنظرات حاده :

-لو مش عايزه كنتى قلتى من الاول وكنت ظبطها مع حد تانى .. بس متجيش دلوقتى بعد ما اعتمدت عليكى وهى وثقت فيكى تخافى .. انا شفت غيرتها قبل كده وعارفه انها مش هتتحمل .. وبعدين لو حصل وفريد عرف ابقى قولى انا ضحكت عليكى زيها .. خلاص ولا فى حجج تانى ؟!..


حركت نبرمين رأسها على مضض موافقه وأجابتها رغم ترددها الملحوظ :

-خلاص خلاص .. حضرى الصور والاوراق وبكره هنفذ .. 


اندفعت نجوى تقول بسخط :

-الاوراق والصور جاهزه من يومين .. وانا هبعتلها بس حضرتك تكونى جاهزه عشان الاساس كله عليكى .. 


قالت نيرمين بفتور وهى تفكر بجديه فى صواب ما يفعلاه :

-ماشى نفذى بكره وهتلاقينى معاكى . 


************


فى مساء اليوم التالى وبعد عوده حياة من الشركه أضاء شاشه هاتفها معلناً عن وصول عده رسالات نصيه متتابعه ، التقطه حياة بلهفه فربما فريد قرر ارسال رساله لها ، لقد اشتاقته حد الجنون رغم حديثه معها عده مرات خلال اليوم ولكن كيف لقلب عاشق مثلها ان يكتفى بمكالمه او اثنان ، فتحت هاتفها ونظرت فى فحوى الرسائل المرسله من رقم مجهول ، ثم جحظت عينى حياة للخارج وازدات حده تنفسها ، انه زوجها !! نعم هو فريد ، بمواضع حميميه !!! مع من ؟! نجوى !!!!! لن تصدق ، لن تصدق ، تلك الصور مركبه ، هذا ما ظلت تهتف به إلى ان جائتها رساله مصوره اخرى ، عقد زواج عرفى ، قرأته بأنفاس مقطوعه ودقات قلب متسارعة ، عقد زواج فريد ونجوى !! بحثت عينيها بلهفه عن توقيعه للتأكد ، بدءت الدموع تترقرق داخل مقلتيها فهى تعرف توقيعه جيداً وتعاملت معه الالاف المرات ، وهو نفس ذات التوقيع الواقع هنا فى ذلك العقد ، قرأته مره ثانيه وثالثه ورابعه ربما هناك خطأ ما ، لا ليس هناك اى اخطاء ، العقد بتاريخ قديم قبل حتى عقد زواجهم بشهر، اى انهم معاً منذ ٤ اشهر ، لا فريد لا يفعل بها ذلك ، هذا ما فكرت به ودموعها تنساب فوق وجنتيها بقوه ، رساله مصوره اخيره من ذلك الرقم المجهول من احد المعامل المشهوره ، تحليل حمل بأسم نجوى سعيد العمرى ، النتيجه ايجابيه ، صرخت حياة وهى تلقى الهاتف من بين يديها ، ما هذا الكابوس الذى سقطت به ، لا يعقل ، فمنذ زواجهم وهو يبيت كل ليله داخل منزله حتى فى بدايه زواجهم عندما كانت غرفهم منفصله كان يبيت كل لياليه فى غرفته وايضاً منذ ما يقارب الشهرين وهى معه فى العمل وفى الليل تنام داخل احضانه ، ولكن ايضاً تاريخ العقد قبل زواجهم ، شهقت بفزع ، هل يعقل ان حديثه تلك الليله على ان سفريته قضاها معها صحيح ؟!، وهى من ظنته قال لها ذلك من اجل أحزانها ، لا فريد لا يفعل ذلك ، بدءت الرؤيه لديها تتشوش من كثره الدموع المنهمره من مقلتيها ، ستواجهه والان ، ستهاتفه وتستعلم منه عن كل ذلك الهراء الذى وصل إليها ، تحركت لتمسك هاتفها وتخرج رقمه وفى تلك اللحظه صدع رنينه معلناً عن ورود اتصال جديد لها من نيرمين ، لم تكن حياة فى حاله تسمح لها بالاجابة عن اى اتصالات لذلك  رفضت الاتصال ، عاودت نيرمين اتصالها عده مرات متتالية دون انقطاع يليها رساله نصيه مختصره مفادها انها بالخارج تريد التحدث إليها بأمر عاجل لا يحمل التأخير والحرس يمنعها من الدخول ، تُرى هل ستخبرها بشئ ما يخص تلك الصور والعقد ، اندفعت تستقبلها بأمل فربما تخبرها بكذب تلك الصور وذلك العقد والتحليل ، أعطت حياة اوامرها للحارس بأفساح المجال لنيرمين والسماح لها بالدخول ، هّم الحارس بالرفض ولكن قاطعه صراخ حياة به بشراسه وهى تدفعه بقوه ليسمح لنيرمين بالقدوم فهى فى حاجه ماسه لسماع ما يريح قلبها ، انصاع الحارس فى الاخير لأوامرها خصوصاً وهو يرى الحاله العصبيه التى تمر بها ، سمح لنيرمين بالدخول ثم اخرج هاتفه ليخبر سيده بما حدث .


اما عن نيرمين فقد هرولت تلحق بحياة التى سبقتها للداخل وهى على يقين ان مخططها مع نجوى قد اصاب هدفه ، فحياة على وشك السقوط مغشياً عليها من شده الإعياء وشحوب الوجه ، اخذت نفساً عميقاً متصنعه الهلع ثم هتفت بلهفه انطلت جيداً على حياة التى لم تكن ترى الامور بشكل سليم :

-حياة هاتى تليفونك لو سمحتى .. 


سألتها حياة بحده وهى تبتعد عنها عده خطوات :

-ليه !!! عشان مشوفش اللى هيتبعتلى !! اتاخرتى يا نيرمين .. 


شعرت نيرمين بالانتصار من تصديق حياة لتمثليتها فأردفت تسألها متصنعه القلق :

-قصدك ايه !! اوعى تقوليلى ان نجوى بعتتلك حاجه !!.. 

صرخت حياة تجيبها :

-هى بعتتلى حاجه واحده بس !!.. دى بعتتلى كل حاجه .. 


تحركت نحو نيرمين مرةً اخرى ثم رفعت ذراعها تهزها بعنف وهى تهتف بتوسل :

-انتى كنتى صاحبتها .. قولى ان ده مش حقيقى .. قولى فريد ميعملش كده فيا .. 


اخفضت نيرمين رأسها لتهرب من النظر فى عينيها ثم اجابتها بخفوت :

-انا كان نفسى ألحقها قبل ما تبعتلك بس ملحقتش للاسف .. 


مسحت حياة دموعها المنهمره بضهر كفيها ثم سألتها بهدوء نسبى وترقب :

-قصدك ايه ؟!... 


ابتعلت نيرمين لعابها بتأثر مدروس ثم قالت بخفوت :

-نجوى كلمتنى وهى فى حاله هيستريا وهددتنى لو فريد مكلمهاش النهارده هتبعتلك وهتقولك كل حاجه .. وانا حاولت اكسب وقت لحد ما اوصل لفريد واحذره بس طبعاً انتى عارفه هو قد ايه بيكرهنى .. فملقتش حل قدامى غير انى اجى هنا وأحاول اخبى الرسايل دى عنك ..


ضيقت حياة عينيها فوق نيرمين تسألها بأستنكار :

-يعنى انتى كنتى عارفه !!.. عارفه ان فريد متجوزها !!..

هتفت نيرمين مدافعه عن نفسها بمهاره :

-حياة لو سمحتى اهدى .. دى كانت حاجه قديمه قبل ما فريد حتى يتجوزك .. وانا متأكده انه من بعد جواركم مبقاش له اى علاقه بيها .. 


صرخت حياة بهيستريا لتقاطعها :

-قديم !!! وحملها ده كمان قديم .. انا لازم اعرف التفاصيل .. 

اجابتها نيرمين وعيونها تلمع بأنتصار فزوجه اخيها تصدقها بالكامل :

-بصراحه هو جواز فريد من نجوى كان غلطه يعنى .. كل الحكايه انهم فى يوم كانوا بيشربوا مع بعض وتقلوا شويه فى الشرب وتانى يوم فاقوا لقوا نفسهم سوا .. طبعاً ده اللى نجوى حكتهولى .. وبعدها جه موضوع جوازكم وكل ما فريد كان بيحاول يطلقها كانت بتهدده انها هتبلغك .. وصدقينى هو عشان بيحبك كان خايف يخسرك .. 


ارتمت حياة على اقرب مقعد لها فقدميها لم تعد قادره على حملها بعد كل ما سمعته ، ظلت تشهق وتنتحب بقهرحتى نفذت دموعها وشعرت بكل قواها تختفى ، رفعت كفها تتلمس بطنها بحسره ثم سألت نيرمين بخفوف وهدوء عجيب :

-وحملها ؟!.. 


اجابتها نيرمين بأقناع :

-انا بلغتك ان فريد من ساعه ما اتجوزك مبقاش له اى علاقه بيها .. والحمل حصل يومها ..

قاطعتها حياة متسائله بأعتراض :

-بس تاريخ التحليل من شهرين بس ..


اجابتها نيرمين مفسره بمهاره :

-انا كمان اخدت بالى من كده وهى لما بلغتنى مصدقتش برضه.. لحد ما فى يوم روحت معاها الدكتوره وشفت بنفسى ..


بحديثها هذا  قضت نيرمين على اخر امل يراود حياة لذلك اخذت نفساً عميقاً ثم قالت بأنكسار :

-بعنى انتى كنتى عارفه ان اخوكى هيبقى عنده طفل وساكته ..

اجابتها نيرمين مدعيه البراءه :

-بصراحه فى الاول مكنتش مهتمه ويمكن اكون مبسوطه عشان نجوى .. بس بعد ما شفت وشها المنافق واتعرفت عليكى كويس خفت تعرفى وحياتكم تدمر ..


هزت حياة رأسها بضعف وهى تلتقط هاتفها وتتحرك نحو الدرج ، ركضت خلفها نيرمين تستوقفها وهى تسألها بقلق :

-انتى رايحه فين ؟!..


اجابتها حياة بنبره خفيضه منكسره :

-ولا حاجه .. هطلع انام .. لو سمحتى سبينى لوحدى دلوقتى ..


لم تجادلها نيرمين فمهمتها نُفذت على اكمل وجهه وما تبقى فى يد حياة لذلك اومأت برأسها لها موافقه ثم انصرفت نحو الخارج .


***************


صعدت حياة إلى غرفتها وهى تجر اذيال الخيبه خلفها  ، فعقلها لا يستوعب بعد كل ما علمه حتى الان ، وهى من كانت تنظر عودته على احر من الجمر لتخبره ببشرى ابويته وهو فى الاساس اب ، لوت فمها بتهكم مرير وهى تجلس فوق الفراش بجمود وتفكر بقهر ، هذا يفسر كل شئ ، فالطالما كانت تتسائل عن سر تهاونه مع نجوى والان أضحت الاجابه واضحه امام عينيها ، ببساطه لانها زوجته حتى لو كان بعقد عرفى هى تسمى زوجته !!، عادت الدموع لتملئ عينيها مرةً اخرى ، يبدو ان السعاده تأبى ان تكتمل معها ، صدع رنين هاتفها وتلك المره المتصل هو فريد نفسه ، بالطبع اخبره حارسه بزياره نيرمين لذلك يهاتفها رغم فارق التوقيت بينهم ، اجابته بنبره خافته حاولت قدر الامكان اخراجها طبيعيه ، اما هو فهتف بها بحده متسائلاً على الفور :

-حياة .. نيرمين كانت هنا بتعمل ايه !! انا مش نبهت عليكى قبل كده !!! ..


بمجرد سماعها صوتها بدءت تشهق فى البكاء دون مقدمات ، استمع إلى بكائها بقلب قلق ظناً منه ان بكائها بسبب حدته معه ، لقد اتخذ قراره ، عندما يعود سينهى مع والده موضوع نيرمين إلى الأبد ، هتف اسمها بنعومه بعد فتره من استماعه لشهقاتها المتلاحقة محاولاً تهدئتها فأجابته بنبره ضعيفه متحشرجه :

-فريد .. ممكن نتكلم بعدين .. عشان خاطرى بلاش النهارده


زفر بضيق ثم قال بحزم قبل إنهائه المكالمه :

-طيب تمام .. انا هحاول اخلص الشغل هنا واركب طياره بكره وبليل هكون عندك .. 


انهت معه المكالمه بوداع مقتضب واستلقت فوق الفراش تحاول الوصول لقرار ما ،  لن تفرط فى طفلها مهما حدث ، هذا اول قرار اتخذته ، ولكنها ايضاً لا تستطيع العيش مع فكره وجود طفل اخر لديه ومن تلك الحرباء نجوى ، لا لن تسمح لمأساته ان تتكرر مع طفلها ، ومع وجود عقد زواج بينهم تخشى تكرار ماضى والده ووالدته معه ومعها ، إذاً ما الحل ؟!، هل تجبره على التخلص من ذلك الطفل ، لا فضميرها لا يسمح لها وحتى اذا سمح لها ، اين تذهب من عقاب الله لها !! ، لا يوجد سوى الحل الذى كانت تخطط له من البدايه ، ستفر هاربه بروحها وطفلها ، نعم على الاقل مؤقتاً هى ستحمى نفسها وطفلها وليحدث ما يحدث بعدها ، هذا ما قررته بأصرار وهى تغمض عينيها محاوله السيطره على شعور الغثيان الذى اجتاحها 


فى الصباح انتظرت حياة شروق الشمس ثم بدءت تتحرك لتنفيذ خطتها ، هذا اخر قرار اتخذته ، لن تجلس فى منزله دقيقه واحده وهى على علم بزواجه من اخرى ، وحتى لا تثير الشك ستتحرك كالمعتاد فقط بحقيبه يدها ، تناولت حبوب الغثيان التى نصحتها الطبيبه بتناولها فى الصباح لتقليل شعورها به واغتسلت جيداً ثم ارتدت  ملابس عمليه مريحه عباره عن بنطال من الجينز وحذاء رياضى ابيض مع جاكيت رياضى وحقيبه ضهر صغيره ، حانت منها التفاته اخيره لتلك القماشه المطويه بين ملابسها والتى أعطاها لها فريد يوم زفافهم ، رفعتها إلى فمها لتقبلها ثم وضعتها داخل حقيبتها وتركت هاتفها فوق المنضده فبعد كل شئ هى لا تريده ان يتتبعها من خلاله ، هبطت للأسفل متوجهه نحو الحديقه وطلبت من الحارس الذهاب إلى مول تجارى لشراء بعض الأشياء الخاصه ، تردد الحارس فى موافقته ثم تحرك مبتعداً عنها ، كانت تعلم انه يأخذ الإذن من رئيسه اولاً ولكنها لم تهتم ، يكفيها الخروج من ذلك المنزل ونجاح خطتها 


***********


هتف وائل فى مساعده بتأثر وهو يضع سماعه هاتفه فوق اذنه :

-انت متأكد من الخبر صح ؟!. 


أكد له مساعده الشخصى بثقه :

-ايوه يا فندم .. انا فضلت وراها بنفسى وشفتها وهى بتتعامل مع ديلر فى منطقه **** وبعدها عرفت بطريقتى ان الولد ده تخصص نوادى ليليله وولاد الناس اللى زى حالتها .. وعرفت انها بتتعامل معاه بقالها شهر او اكتر ..


 اغلق وائل معه الهاتف بأحباط فرغم كل شئ هى فتاه جميله للغايه لسلك ذلك الطريق المحتوم نهايته ، امسك هاتفه وظل ينظر إليه فتره محاولاً اتخاذ قراره ، هل يخبرها ام لا ؟!، انتظر عده دقائق اخرى ثم اخرج قصاصه الورقه من جيب ردائه الداخلى ليهاتفها ، ظل يستمع إلى جرس الهاتف منتظراً اجابتها ، انتهى الجرس دون رد ، عاود المحاوله عده مرات اخرى دون جدوى ، انهى اتصاله وقد قرر معاوده الاتصال بها فى وقت لاحق فهذا امر لا يقبل التأخير 


***********


بعد حوالى ساعه كانت حياة تقف امام المول التجارى الذى وقع اختيارها عليه بسبب قربه من خطوط السكك الحديدية ، تحركت وتحرك خلفها حراستها وعند وصولها إلى محل المستلزمات الاسلاميه طلبت منهم انتطارها فى الخارج لشراء هديه لاحد زميلاتها  ، بعد قليل خرجت وهى تحمل فى يدها حقيبه المتجر والتى تحتوى على زى شرعى "نقاب" لإخفاء وجهها 


بعد زيارتها عده محال تجاريه اخرى حتى لا تثير الشك طلبت منهم الذهاب  إلى المرحاض ثم قامت بتبديل ثيابها وارتداء لباسها الجديد ثم نظرت فى المرآه لتتأكد من اخفاءه لهويتها ، هزت رأسها برضا فذلك الرداء الاسود اخفى ملامحها وجسدها بالكامل ، اخذت نفساً عميقاً ثم تحركت للخارج بحذر شديد وكما توقعت لم يهتم الحراس بالنظر إليها فنظرتهم جميعاً كانت مسلطه على الباب فى انتظار خروجها بهيئتها الطبيعيه ، تحركت بتأنى حتى وصلت إلى باب الخروج ثم ركضت إلى الخارج تستقل اول سياره اجره صادفتها متجهه نحو محطه القطار لتستقل اول واحد يقابلها  


تحرك رئيس الحراس فى مكانه بملل وهو يرفع ساعده لينظر فى ساعه يده ، لقد مر حوالى نصف ساعه وسيدته لم تخرج حتى الان ، هل ما تفعله يستغرق كل ذلك الوقت ، لقد بدء الشك يراوده لذلك وعند خروج احد السيدات من المرحاض اوقفها ليسألها بأدب اذا كانت توجد سيده بمواصفات حياة فى الداخل ليطمئن عليها ، اجابته السيده بأنها كانت فى الداخل بمفردها  وعليه تحرك إلى رئيس امن المول يشرح له الامر ويطلب منه الدخول للبحث عنها ، بعد التأكد من خلو منطقه الحمام اندفع رئيس الحراسه مع ما تبقى من حرسه للبحث عنها ولم يجد لها اثر ركض وحراسه داخل المول بأكمله وخارجه بحثاً عنها دون جدوى ، رفع هاتفه بعد يأسه فى إيجادها بهلع ليخبر فريد الذى كان فى وسط اجتماع هام مع شركائه الألمان ، التقط فريد الهاتف مسرعاً ليستمع إلى صوت رئيس حراسه يخبره بصوت مذعور :

-فريد بيه .. حياة هانم اختفت ..


متى تخضعين لقلبى

الفصل الثلاثون..


فى غرفه وكيل النيابه جلست جيهان تنتظر بتوتر دخول منصور فى اى لحظه ، ترى ما سبب تلك الرغبه الملحة فى رؤيتها ، لا يهم هى فقط تتمنى ان تمضى تلك الزياره على خير والا يورطها معه فى شئ جديد ، هذا ما فكرت جيهان بحنق وهى فى انتظاره 


دلف منصور الغرفه بثقه ثم سحب المقعد المقابل لها وجلس فوقه بتفاخر كعادته ، قطبت جيهان جبينها تنظر إليه بأستنكار فهيئته وملابسه لا توحى ابداً بمعاملته كمتورط فى قضيه قتل ، ابتسم منصور لها بسماجه وهو يسألها بسخريه محاولاً اللعب بأعصابها :

-ايه يا جيجى هانم .. لازم ابعتلك عشان اشوف وشك الجميل ده ؟!.. معقول هان عليكى منصور شريكك ..


ضغط على حروف كلمته الاخيره بنبره ذات مغزى جعلت جيهان تزدرد لعابها بصعوبه وهى تجيبه بنبره متوتره :

-عايز ايه يا منصور !! انت عارف ان وضعى حساس ومكنش بنفع ازروك ابداً عشان الشكوك ..


اجابها منصور بكلمه واحده وهو يبتسم لها بشراسه :

-حريتى .. 

سألته جيهان باستنكار :

-حريتك ؟!!!..

اومأ رأسه لها موافقاً ببرود ثم قال مؤكداً بأقتضاب :

-بالظبط ..


عادت جيهان تسأله باستهجان :

-وانا هعمل ايه فى حريتك يا منصور ؟؟!!!!.. 

مط منصور شفتيه كعلامه على استيائه ثم اجابها بنبره خفيضه موتره :

-ما بلاش لف ودوران يا جيجى هانم .. ولا انتى فاكره انى دخلت السجن وانتى هتفلتى بعاملتك !!!.. مظنش انك شايفانى غبى كده .. 


سألته جيهان مستفسره وقد بدء الرعب يتملك منها :

-قصدك ايه .. وبعدين انت متقدرش تثبت حاجه عليا .. حتى لو اتكلمت مفيش حاجه تثبت كلامك ده .. 


اتكأ منصور بجسده فوق مقعده ثم سألها بشك :

-متأكده ؟!!..

اجابته جيهان بثقه وهى تحرك كتفيها بعدم اهتمام :

-اها .. اتفقنا كان كلام وبس .. لا فى بينا ورق ولا انا ساعدتك فى حاجه تانى ..


ابتسم منصور بأستهزاء ثم اجابها بنبره خفيضه مستمتعاً بقلقها :

-عندك حق .. مكنش فى بينا ورق .. 

صمت قليلاً ليضيف بعض الإثارة لحديثه ثم اردف يقول بخبث :

-بس فى تسجيل بصوتك الحلو ده واحنا بنتفق هنخلص من فريد ومراته ازاى .. 


شهقت جيهان بصدمه ثم قالت بعدم تصديق :

-كدب .. 


اومأ منصور رأسه لها موافقاً بخضوع ثم قال بعدم اهتمام :

-عايزه تصدقى انه كدب صدقى .. قدامك بالظبط اسبوعين تكونى رتبتى طريقه هروبى من هنا .. بعد الاسبوعين بيوم هعترف انك شريكتى فى كل حاجه وهقدم التسجيل  ..

هتفت جيهان به بحنق مستفسره :

-وانا ههربك ازاى انت بتهزر .. كده غريب وفريد هيشكوا فيا !!!..


هز منصور كتفيه بعدم اهتمام ثم اجابها وهو يعتدل فى وقفته :

-مش مشكلتى انتى خططك كتير ومعارفك اكتر ومش هتغلبى .. اسبوعين بالظبط والاقيكى قدامى بتقوليلى ان كل حاجه جهزت .. 


انهى جملته وتحرك بجسده للخارج طالباً من فرد الامن إعادته للزنزانه تاركاً جيهان ترتجف رعباً من فكره كشف امرها .


************


فى احدى القرى البعيده والتابعة لمحافظه دمياط جلست حياة تنظر بشرود من خلف النافذه الحديديه فى احدى غرف منزل صديقتها منذ الدراسه ريهام ، ان ريهام هى الاختيار الأمثل بالنسبه لحياة فى الوقت الحالى وذلك بسبب تواجدها فى مدينه اخرى مما  يصعب على فريد عمليه البحث عنها ، فريد ، مجرد التفكير به جعل قلبها يعتصر ألماً من شده الشوق إليه فقد مضى اسبوع على رؤيتها له وحوالى ٤ ايام منذ سماعها صوته ، تشتاقه ؟! ، لقد تعدى شوقها له حدود العقل والقلب ، بدءت الدموع تعود لتبلل وجنتيها كعادتها منذ تركته ، احتضنت تلك القماشه الغاليه على قلبها والتى تتمسك بها ككنزها الثمين منذ هروبها تنظر بداخلها ، تنهدت بشوق وهى تتذكر يوم زفافهم يوم سلمها إياها وكيف وقعت فى حبها على الفور ، مثلها مثل صاحبها ، "قلبى يحدثنى بأنك متلفى " . ابتسمت بحنين واناملها تتلمس تلك الحروف المنقوشه ببراعه مذهله ، هو من أتلف قلبها ، هذا ما فكرت به بحزن وهى تطبع قبله عاشقه فوقها ، مسحت بأصابع مرتجفه بعض العبرات الساقطه فوق وجنتها ثم انزلق كفها لتمسد بحنان بطنها وتهدهد تلك القطعه الصغيره منه والتى تنمو بداخلها ، لقد فعلت كل ذلك من اجله ، لو كان الامر مقتصراً عليها لحاربت حتى اخر رمق بها من اجل زواجها ، لكانت ركضت عائده إلى احضانه تتلمس بداخله الراحه والامان ، ولكن اكثر ما تخشى عليه هو طفلها الذى لم يولد بعد ، تخشى ان يلاقى مصير والده على يد طفل غريمتها والتى تمقتها حد الموت ، تنهدت بحزن وهى تستند برأسها فوق الأسياخ الحديديه للنافذه الصغيره ، هل مازال يفكر بها ، وماهى رد فعله عن هروبها ، هتفت بقهر متضرعه "يارب " فكل ما تتمناه تلك الايام ان يُربط الله على قلبها حتى تستطيع تخطى ذلك الالم الغير محتمل الذى يعتصر قلبها ويزهق روحها حزناً على فراقه ، اغمضت عينيها بوهن وقد عاد ذلك الالم الجسدى ليضربها من جديد ، زفرت عده مرات فى محاوله منها لتخفيفه وهى تدلك بطنها برفق حتى بدء يخفت ويتلاشى كعادته منذ يومان 


ظلت ريهام تراقب حال صديقتها والتى منذ وصولها بهيئتها الشاحبه وطلبها الغريب فى المكوث معها عده ايام تشعر بوجود خطب ما بها ، والاسوء انها تمتنع عن الطعام والشراب وتظل هكذا تنظر إلى الفراغ اليوم بأكمله ، هتفت ريهام بأسمها عده مرات حتى انتبهت لها حياة والتفت تنظر إليها ببطء ، سألتها ريهام وهى تقترب منها وتربت فوق كتفها مشجعه :

-وبعدين بقى يا حياة .. انتى لسه برضه مش عايزه تاكلى ؟!..


هزت حياة رأسها على مضض نافيه فأردفت ريهام تقول بنبره عطوفه :

-يابنتى انتى بقالك ٤ ايام اهو لا بتاكلى ولا بتشربى .. شويه وهتموتى من قله الاكل !!.. ومش عايزه تقولى فيكى ايه .. مش معقول اللى بتعمليه فى نفسك ده مهما كانت المشكله ليها حل..


 ضغطت حياة فوق شفتيها تحاول السيطره على سيل الدموع المهدد بالانفجار فى اى لحظه ، استطردت ريهام تسألها بتوسل مستفسره :

-طب قوليلى بس وريحينى .. والدك زعلك زى ما كان بيعمل ايام الكليه ؟! ..


هزت رأسها مره اخرى نافيه دون تعقيب ، زفرت ريهام بأستسلام ثم قالت وهى تهم فى الوقوف :

-طيب انا مش هضغط عليكى لما تحبى تتكلمى انا موجود وهسمعك .. بس دلوقتى عشان خاطرى كلى اى حاجه لحد ما انزل اشترى شويه طلبات وارجع .. ماشى ؟!..


هزت حياة رأسها موافقه بصمت وهى تبتسم لها بخفوت ، بادلتها ريهام ابتسامتها بأخرى مشجعه وهى تلوح لها بيدها قبل اختفائها خلف باب المنزل الذى أغلقته خلفها بأحكام .


بعد ما يقارب نصف ساعه سمعت حياة عده طرقات فوق باب المنزل الخشبى الشبهه متهالك ، قطبت جبينها وهى تفكر بأستنكار ، ترى هل نست ريهام مفتاح المنزل ؟!.  فتلك مرتها الاولى التى تقرع بها الباب ، ربما تحمل الكثير من الأشياء والتى تمنعها من استخدامه ، هذا ما فكرت به حياة مبررة وهى تتحرك ببطء نحو الباب لتفتحه 


 شهقت بصدمه وهى تتحرك عده خطوات للخلف مذعوره ونظرها مسلط عليه بهيئته المشعثه و نظراته الغاضبه المسلطه فوقها ، هل هو امامها حقاً ام ان عقلها يخيل لها ذلك من كثره شوقها ، رفرفت برموشها عده مرات لتتأكد مما تراه امام عينيها الان ، همست اسمه بعدم تصديق بعدما تأكدت من وقوفه امامها حقاً :

-فريد ..


هز رأسه مؤكداً بشراسه وهو يتحرك فى خطوات ثابته نحوها حتى دلف داخل المنزل واعطى امرأ لحراسه قائلاً بجمود شديد :

-خليكم هنا .. 


انهى جملته واغلق الباب خلفه بحده قائلاً بنبره ناعمه كالحرير وهو يرفع حاجبيه معاً :

-فريييد .. جوزك ..


قبض على ذراعها بقوه وغرز اظافره داخل مرفقها مما جعلها تتأوه بخفوت ثم اضاف بشراسه وهو يضغط على حروف كلماته :

-اللى فكرتى نفسك ذكيه بزياده عشان تهربى منه ..


همست اسمه بتوسل ليتركها فهتف بحده يقاطعها بأشمئزاز :

-اياكى .. إياك تنطقى اسمى ده على لسانك تانى فاهمه !!! ..


رفعت رأسها بتوجس تنظر لملامح وجهه لعلها تستنبط شئ منها ، كان وجهه لا يفسر من شده الغضب مع نظرات الاشمئزاز التى يرمقها بها للمره الاولى فى حياتها ، تسمرت نظراته فوقها وهو يرى بكائها بصمت ثم دفعها بحده فوق الاريكه البسيطه الموضوعه بمدخل الغرفه قبل سحبه لاحد المقاعد الخشبيه والجلوس قبالتها بطريقه عكسيه ، ابتلعت حياة لعابها بصعوبه محاوله استجماع جزء بسيط من شجاعتها او ثباتها امامه فلو كانت النظرات تقتل لسقطت صريعه امام حده نظراته ، تحدث فريد بنبره عدائيه للغايه ربما سمعته يحدث بها اعدائه ولكن هى !! يبدو ان ذلك اليوم سيحدث به الكثير من الأشياء للمره الاولى ، هذا ما فكرت به حياة بذعر وهى تستمع إليه يقول :

-قولى ان اللى عملتيه ده ليه علاقه بزياره نرمين ليكى عشان صدقينى دى فرصتك الوحيده اللى ممكن اديهالك .. 


لا لقد قطعت شوطاً كبيراً فيما قررت فعله ومن نظراته لها علمت انها خسرت رفقه معها وربما حبه ولم يتبقى لها سوى طفلها لحمايته لذلك اخذت نفساً عميقاً ثم اجابته بشجاعه هشه :

-محدش ليه علاقه باللى عملته .. انا اللى مش عايزه اكمل ..ولو سمحت خلينا ننفصل بهدوء .. 


بمجرد سماعه جملتها انتفض من جلسته ودفع المقعد بقدمه ثم جذبها من مرفقها مره اخرى حتى تقف قبالته ثم قال بأحتقار وقوه :

-مش فريد اللى مراته تهرب منه .. وبرضه مش فريد اللى واحده تقوله انها عايزه تسيبه حتى لو كان روحه فيها .. يوم ما زهق منك انا اللى هرميكى .. زى بالظبط ما كان جوازنا مش بمزاجك انفصالنا برضه مش بمزاجك .. 


كان صدره يعلو ويهبط من شده الانفعال رغم انخفاض نبرته اما عن وجهه فقد تحول إلى قطعه قرمزية من شده الغضب والضغط فوق فكه ، كانت تعلم انها تجاوزت معه الحدود التى من الممكن ان يقبل بها وانها كانت تتمسك بسراب ولكن طفلها يستحق تلك المحاوله لذلك سألته بتوجس :

-قصدك ايه ؟!.. 


اقترب منها حتى شعرت بأنفاسه الساخنه السريعه تلفح وجهها ثم اجابها بنبره شرسه ولكن خفيضه تشبهه الفحيح :

-يعنى فى مليون طريقه ارجعلك بيها تحت رجلى تانى اولهم الطاعه ..


شهقت حياة بفزع من قسوته وبدء جسدها يرتجف تحت لمسته ناهيها عن ارتجافته الداخليه التى اصابتها منذ رأته امامها فذلك الجانب منه يخيفها حتى الموت ، اردف فريد حديثه بنبره واثقه :

-بس انا مش عاجز عشان ارجع مراتى بالمحاكم ..


سألته حياة بنبره مرتجفه للغايه :

-قص.. قصدك ايه ..

ابتسم بشراسه وهو يخرج هاتفه من جيب سترته ثم ضغط على عده ارقام وقام بتفعيل مكبر الصوت منتظراً اجابه الطرف الاخر ، استمعت حياة اجابه الطرف الاخر ثم هتفت بصوت باكِ :

-ماما ..


اجابتها آمنه بنبره قلقه متسائله :

-حياة .. بنتى .. انتى بتكلمينى من تليفون فريد ليه ؟!.. ومال صوتك ؟!.. ومين الناس اللى واقفين حوالينا دول يا بنتى ؟!.. بيت ايه ده اللى هيمشونا منه انا وابوكى !!.. انا مش فاهمه حاجه .. ومحدش عايز يطمنى .. عايزين يرمونا فى الشارع على اخر الزمن يا حياة . 


رفعت حياة رأسها تنظر بقهر لفريد الذى كان يقف امامها بتفاخر وعلى ما يبدو بدء هدوئه بتلك المكالمه يعود إليه ، بالطبع لم لا يعود إليه وقد التقطت تهديده لها بوضوح !!، أخذت نفساً عميقاً لتهدئه خفقات قلبها ومسحت بأناملها دموعها المنهمره ثم أجابت والدتها بنبره حاولت قدر الامكان مطمئنه :

-متخافيش يا ماما مفيش حاجه ده اكيد سوء تفاهم مش اكتر .. محدش هيتحرك من بيته ولا حد هيقدر يطلعك منه ..


نطقت جملتها تلك وهى تنظر داخل عيونه بنظره ذات مغزى جعلته يلوى فمه بأبتسامه رضا ، فرغم كل شئ هو يعلم جيداً نقطه ضعفها ويعلم انه اذا ضغط عليها بالأسلوب المناسب ستنصاع لكافه اوامره ، انهت مكالمتها مع والدتها ثم قالت بخضوع تام دون النظر إليه :

-هدخل اغير هدومى واجيب شنطتى .. 


لم يعقب على جملتها فقط اتبعها نحو الداخل فهو لا يضمن تفكيرها ، بدلت ثيابها حيث انها كانت ترتدى احدى منامت زميلتها البيتيه وارتدت الثياب  التى كانت وضعتها داخل حقيبه يدها عند الهروب تحت نظراته الجامده ثم التقطت حقيبه يدها  وتحركت مره اخرى نحو الخارج 


فى تلك الأثناء عادت صديقتها للمنزل محمله بعدد من الحقائب البلاستيكية والتى تحوى عده مستلزمات للمنزل ، تفاجئت بمجرد وصولها لباب منزلها بعدد من الأجسام الرياضيه العريضه التى تقف امامه وتغلق مدخل المنزل كأنهم حرس الرئاسه ، حاولت المرور من بينهم فقام كبير حّراسه بمنعها ، دفعته ريهام بقوه وعنف غير عابئه بالفارق الجسدى بينهم وهى تصرخ بقوه :

-اوعى ده بيتى .. انت مين عشان تمنعنى !!! انا هدخل يعنى هدخل ..


التفت كلاً من حياة وفريد  على أصوات الصراخ بالخارج وكان هو اول من تحرك نحو الباب يستكشف الامر ، فتح باب الباب بهدوء فتفاجئ بريهام تدفعه هو الاخر بعدما اومأ لحارسه بتركها وتركض نحو حياة تسألها بلهفه :

-فى ايه !! مين دول .. واهم حاجه انتى كويسه ؟!.. حد عملك حاجه ..


جائتها الاجابه من خلفها بصوت فريد يقول بنبره متهكمه :

-متخافيش عليها من جوزها ..

التفت ريهام تنظر نحوه بحده عده لحظات متفاجئه ثم عادت برأسها تنظر نحو حياة وهى تسألها بأستنكار :

-اللى بيقوله الاستاذ ده حقيقى ؟!..


اومأت حياة رأسها موافقه بخفوت وقد عادت الدموع تنهمر من عيونها مرةً اخرى ، سيكون ملعون ان تساهل معها ، هذا ما فكر به فريد وهو يضغط فوق كفه بقوه مقاوماً رغبه ملحه فى التقدم منها ومسح عبراتها المنسكبه ، عادت ريهام لتسألها بنبره اقل تحفزاً مستفسرة بعدما لاحظت استعداد حياة للرحيل :

-على فكره انا ممكن اطلب البوليس دلوقتى واعمله قضيه تهجم لو كان بيجبرك على حاجه ..


اجابتها حياة بلهفه نافيه :

-لا .. لا .. معملش حاجه .. انا هروح مع فريد ..

سألتها ريهام بتشكك وعينيها تنتقل بينهم :

-انتى متأكده .. 


هزت حياة رأسها للمره الثالثه موافقه بصمت ثم احتضنت صديقتها بحب وهى تشكرها على كل ما فعلته معها منذ قدومها قبل تحركها معه نحو الخارج ، قادها فريد للأسفل وهو ممسكاً بذراعها ووضعها داخل السياره ثم اغلق الباب خلفها جيداً قبل ان يتحرك نحو الباب الاخر ليجلس جوارها طالباً من سائقه التحرك على الفور ، تحركت سيارته اولاً على طول الطريق الضيق الغير ممهد وتحركت خلفه سيارة حراسته 


 جلست حياة جواره بصمت مثقل فحتى ذرات الهواء بينهم محمله بالكثير من التوتر ، أسندت رأسها فوق مقعد السياره وقد شعرت بذلك الالم يضرب اسفل بطنها ومؤخره ظهرها مرةً اخرى ، اغمضت عينيها بأرهاق محاوله سحب نفسها من ذلك الجو المشحون بينهم عل وعسى تسترخى عضلاتها ويسترخى معه طفلها ، بعد فتره من الصمت كان فريد يراقب خلالها الطريق الزراعي شعر برأسها تستند فوق كتفه ، التفت بحده ينظر إليها فوجدها غارقه فى ثبات عميق 


اغمض عينيه بقوه هو الاخر يقاوم رغبته فى احتضانها وسحقها بين ذراعيه ، زفر عده مرات محاولاً ايجاد ارادته والسيطره على انحراف مشاعره الذى انتابه منذ وضعت راسها فوق كتفه ، حركت هى كفها تتمسك بساعده بقوه كأنها تستمد منه العون اثناء نومها ، اى جحيم هذا الذى اوقعه فى طريقها !! ولماذا هى دوناً عن كل النساء مفاتيحه بيدها ، هذا ما فكر به بسخط وهو يتأمل تشبثها به طفل صغير كأنه دميتها الكبيره ، لوى فمه بسخريه ، لقد اصبح فعلاً دُميتها ، تحركه بنظره واحده من عينيها وتطفئ غضبه بلمسه حانيه من يدها ، لقد اصبحت كالادمان بالنسبه له ،. تتحرك بين عروقه كيفما شاءت واينما شاءت ، دائه ودوائه ، ناره وجنته ، ضعفه وقوته ، هل تعلم ما مر به منذ سماعه خبر اختفائها ؟!، كيف استقبل خبر اختفائها وظنه انها خُطفت !!، كيف ترك كل ما حوله واستقل طائره خاصه من اجل العوده والبحث عنها ؟!، هل تعلم انه لم يغمض له جفن منذ اربعه ليالى ؟!، وانه استأجر معظم شركات الحراسه المغموره قبل المعروفه للبحث عنها فى كل المناطق والمدن الممكنه الذهاب إليها ؟!، هل تعلم انه ولاول مره فى تاريخه سمح لشخص ما رؤيه ضعفه !!، ولولا مساعده والدتها له لما تكمن من إيجادها بتلك السرعه ، ولا تمكن ايضاً من إعادتها معه ، اجل لقد شاركته والدتها وصديقه والدته ذلك المخطط حتى يجبراها على العوده معه بعدما أخبرته عن شكوكها بشأن صديقتها ريهام القادمه بمحافظه اخرى ، لا ويدرك جيداً استحاله علمها فى يوم فحبه غير متبادل ، كان يظن ولكن خاب ظنه ، لقد أخطئ لاول مره فى حياته فى تقدير أمر ما ، بالطبع سيخطئ ، كيف يستطيع تقدير الامور بشكل صحيح وعقله امامها ينقلب رأساً على عقب وليس فقط قلبه ، لقد وسوست له افكاره  ان تلك النظرات التى ترمقه بها هى حب ولكن هيهات !! فمن يحب حقاً لا يؤلم ، لا يترك ، ولا يهرب 


تملمت هى فى نومها واصدرت تأوه خفيف من صعوبه الطريق الغير ممهد فوجد نفسه دون مقدمات يهتف فى سائقه بحده ويأمره بالتمهل فى القياده ، رفع إصبعه يتلمس ذلك الانتفاخ اسفل عينيها من كثره البكاء ، لا ، هذا ما هتف به داخلياً وهو يعيد كفه لجواره ، فكلما غمد غضبه منها يتذكر لحظه إمساكه هاتفها ورؤيته لرقم شريكه يزين شاشته ، بالطبع كان هاتفها بنظام بصمه الأصبع فلم يستطع الولوج بداخله والبحث به براحه حتى يتأكد من شكه الذى يساوره ، ولكن صبراً فلكل مقاماً مقال ، هذا ما وعد به نفسه ليهدء من ثوره غضبه ، لقد أتم هدفه الاول وهو إعادتها لجواره وبعدها ليعلم وعلى مهل سبب هروبها منه من الاساس .


استيقظت حياة قبل وصولهم إلى المنزل بمده ليست طويله لتجد نفسها تستند برأسها على كتفه ويدها تحاوط عضده ، اعتدلت فى جلستها وابتعدت عنه فى صمت متحاشيه النظر لوجهه وبعد عده دقائق لم تقاوم اغراء النظر إلى جانب وجهه الذى افتقدته بشده ، ظلت تتأمله بهدوء بهيئة المشعثه وذقنه التى اصبحت غير مشذبة مع وجوم ملامحه ، ان ملامح الارهاق تبدو جليه على وجهه وهناك بعض الخطوط التى تحاوط فمه وذقنه من شده الضغط على اسنانه ، حتى بتلك الحاله يبدو بالنسبه لها أوسم الرجال ، يالله هل كانت تتخيل ان تحيا من تبقى من عمرها دونه !! ، ٧ ايام كانت تكفى وتزيد لتشعر بروحها تخرج من جوفها اشتياقاً له وقلقاً عليه ، نعم تشتاقه حتى اذا كانت تشاركها إياه امرأه اخرى وطفل اخر ، لم يكن يحتاج إلى تهديدها لتعود معه فمنذ رؤيته امامها شعرت بمقاومتها تتلاشى وبتلك الرغبه العارمه فى العوده إلى دفء احضانه ، حتى دون رؤيته هذا كل ما تمنته خلال الايام المنصرمة منذ تركها للمنزل ، اعادها من شرود افكارها تلك  توقف العربه امام المنزل ، تحرك هو اولاً كالسابق وجذبها من مرفقها تلك المره ايضاً حتى توجهه بها إلى غرفتهم ، كان المساء قد حل واسدل الظلام ستائره على المنزل بأكمله ، صادف فى طريقه نحو الدرج عفاف التى ركضت مهروله بقدر ما سمح لها سنها ووزنها لاستقبال سيدة المنزل المحبوبة  فقاطعها فريد بحده قائلاً بنبرته الصارمه :

-مش عايز اى ازعاج من اى نوع مفهوم ؟!!!!.. 


اومأت عفاف برأسها موافقه عده مرات قبل انسحابها للداخل فملامح وجهه لا تبشر بالخير ، دلفا إلى غرفتهم ثم قام بدفعها بقوه قائلاً بحده وهو يغلق الباب خلفه بالمفتاح :

-من هنا ورايح .. لا يبقى ليكى صوت ولا نفس .. تعيشى زيك زى الجماد تاكلى بأذنى وتشربى بأذنى وتتحركى برضه بأذنى فاهمه !!.. 


هتف كلمته الاخيره بصوت جهورى جعلها تنتفض ذعراً ثم استطرد حديثه قائلاً بشراسه وهو يقترب منها ليقبض على ذراعها مرة اخرى :

-انتى ملكى انا ولحد ما انا اقرر امتى هرميكى هتعيشى هنا زى الجاريه لمزاجى وبس .. 


ختم حديثه وترك ذراعها ثم بدء فى خلع ملابسه والقائها فوق الارضيه بعشوائيه  مع نظره ارعبتها ، هتفت هى اسمه بعدم تصديق قائله :

-فريد !!.. 


صرخ بها بقوه رجت أركان الغرفه وجعلتها تتراجع للخلف :

-قلتلك متنطقيش اسمى على لسانك ولا تتكلمى غير بأذنى .. 


هزت رأسها بذعر موافقه فأفضل حل لاحتواء غضبه الان هو الصمت ، دفعها فوق الفراش بعدم اهتمام ثم استلقى فوقها دون مقدمات مدفوعاً بكل ما مر به من مشاعر منذ لحظه سماعه عن اختفائها ، اغمضت حياة عينيها محاوله تجاوز ذلك الالم الذى يزداد مع كل حركه عنيفه منه معها ، بدءت دموعها تهبط فى صمت فهى تعلم ان لا سبيل معه الليله مهما تحدثت وتوسلت لذلك تركته ينفس عن غضبه بالطريقه التى اختارها ، فقط ظلت تدعو الله بصمت ان يحفظ لها طفلها فذلك الالم المتواصل منذ عده ساعات والذى اصبح الان لا يحتمل بسبب قوه فريد معها جعل القلق يدب داخل أوصالها ، بعد فتره انتهى هو مما يقوم بِه ثم استلقى جوارها على الفراش معطياً لها ظهره بعدم اكتراث ، تنفست حياة الصعداء واغمضت عينيها بوهن شديد وهى تفكر بيأس هل تخبره بما تشعر به ام تظل صامته حتى يختفى الالم من تلقاء نفسه ؟!، اثناء تفكيرها بذلك ومن شده إرهاقها ذهبت فى غفوه قصيره تخللها الالم ، بعد فتره قصيره اصبح الالم لا يحتمل وشعرت ببعض البلل أسفلها ، تحركت بألم شديد ترفع الغطاء من فوقها  فتفاجئت ببقعه كبيره من الدماء تغطى الفراش أسفلها ، صرخت اسمه بذعر شديد مستنجده به بصوت باكى وكفها يهزه من مرفقه :

-فريد الحقنى .. 


 انتفض فريد بمجرد سماعه صراخها ينظر نحوها برعب ثم توجهت أنظاره حيث موقع تركيزها ، انها جالسه فى بركه دماء !!!، هذا ما فكر بِه بهلع وهو يلتقط من الارضيه ملابسه ويتمتم بلهفه مطمئناً لها :

-متخافيش .. متخافيش .. 


انتهى من ارتداء ملابسه فى اقل من دقيقه وركض نحو خزانه ملابسها يلتقط منها اى شئ ذو نفع لارتدائه وبعد اقل من ثلاث دقائق كان يحملها بدمائها ويركض بها نحو سيارته وهو يصرخ فى احد رجال حراسته بفتح باب السياره له ، صعد بها بذعر شديد وهى تنتفض بين ذراعيه وتتمتم بتوسل :

-فريد الحقنى ..وقفه بأى طريقه  .. اعمل اى حاجه ووقفه ..


لم يكن عقله يستوعب حرف مما تنطق به فكل ما يشغل باله هو مشهد الدماء الذى كانت تحاوطها ، اللعنه عليه ماذا فعل بها !!، غمغم برعب هو الاخر يهدئها :

-متخافيش مش هخلى حاجه تحصلك ..


هزت رأسها بثقه ثم بدءت الرؤيه تتشوش لديها قبل ذهابها فى ظلام سحيق ..


بعد قليل وبمجرد وصوله لمشفاه الخاص سلمها لطبيب الاستقبال وداخله يرتجف هلعاً عليها ، وضع كلتا كفيه فوق رأسه وظل يتحرك برعب شديد ذهاباً واياباً امام الغرفه وفى ذلك الوقت خرج كبير الأطباء والذى هرول هو الاخر نحو الغرفه بمجرد سماعه عن وصول اكبر مساهمى المشفى إليها قائلاً بنبره عمليه قبل اختفائه خلف أبواب الفحص:

-متخافش يا فندم .. هدخل اشوف ايه الوضع واطمنك .. 


وبالفعل بعد عده دقائق عاد رئيس الأطباء بملامح جامده للغايه ، ساله فريد بلهفه واضحه :

-ها حياة مالها ؟!.. 


هز الطبيب رأسه اسفاً ثم اجابه بنبره مترقبه :

-للاسف يا فريد بيه .. ملحقناش الجنين .. 

هتفت فريد خلفه متسائلاً بعدم تصديق :

-جنين ؟!!! .. 


تنحنح الطبيب قائلاً بحرج :

-واضح ان حضراتكم مكنش عندكم خلفيه .. بس للاسف المدام كانت حامل فى الشهر الاول وبسبب المجهود الشديد مع علاقه خشنه شويه الجنين نزل .. يمكن لو حضرتك جيت بيها بدرى شويه كنا قدرنا نعمل حاجه .. بس بالنسبه لحياة هانم هى كويسه .. الدكتوره معاها جوه هى محتاجه عمليه تنضيف مش اكتر ربع ساعه بالكتير وحضرتك تقدر تشوفها .. 


حرك فريد رأسه بجمود يحاول استيعاب حديثه ، حامل !! حياة !! اجهاض بسببه !! ، نعم هو السبب ، هو من سمح لغضبه بالسيطره عليه وأذيتها ، اذيتها هى وطفله الذى ذهب قبل حتى اكتشافهم امره ، لقد نقض عهده مع والدته وسمح لجينات والده فى السيطره عليه ، اللعنه عليه وعلى ما فعله ، لقد تم عقابه بأسوأ طريقه ممكنه ، حرمانه من الطفل الذى طالما تمناه منها هى وهى فقط ، ظل ينظر بشرود فى اتجاه الغرفه التى تحويها حتى خرجت بعد قليل مدفوعه بالسرير المدولب ، سار خلفها كالمغيب حتى وصلا إلى غرفه عاديه ، حملها المساعدين بحذر شديد لنقلها إلى فراش الغرفه ثم قامت الطبيبه بغرز تلك الابره الطبيه التى تكرهها بداخل يدها لايصال المحلول الطبى لها وهى تمتم لفريد شارحه حالتها :

-الحاله كويسه جداً ووضع الرحم ممتاز مفيش اى مشاكل ان شاء الله حضرتك اطمن .. هى بس ضعيفه شويه ومحتاجه تغذيه فحطتلها محلول ومعاه المضاد الحيوى .. بعد شويه هتبدء تفوق وتقدر حضرتك تخرج بيها بعد المحلول مفيش اى مشكله تمنعنا .. 


تحركت الطبيبه نحو الخارج عده خطوات ثم استدارت تردف على مضض :

-احب افكر حضرتك انها محتاجه تكون بعيده عن اى مجهود يأذى الرحم لمده اسبوعين او تلاته .. حضرتك فاهمنى طبعاً .. غير كده مفيش اى موانع من اى نوع .. والعامل النفسى مهم طبعاً فى حالتها .. 


هز فريد رأسه موافقاً وانتظر خروج الطبيه من الغرفه ثم تحرك نحوها ، تمسكت كفه بيدها المغروز بها تلك الابره الطبيه والتى يعلم جيداً انها تتألم بسببها ، جلس فوق الارضيه جوار فراشها وبدء يبكى بحرقه ، تمتم بصوته الباكى قائلاً لتلك الغائبة عن الوعى بندم:

-انا اسف .. انا السبب .. انا اللى قتلت ابننا .. انا مكنتش اعرف .. انا اتمنيته اكتر حاجه  فى الدنيا .. انا مش هجبرك على حاجه تانى .. لو مش عايزانى مش هجبرك .. انا مش عايز أذيكى زى ماما .. حتى لو عايزه غيرى انا مش هأذيكى ..


بدءت حياة تستعيد وعيها شيئاً فشئ على صوت همهماته الضعيفه ، تململت فى نومتها بوهن شديد وقطبت جبينها من ذلك الالم القادم من كفها ، تحرك هو من جلسته بمجرد احساسه بها تتحرك بعدما قام بمسح وجهه وتنقيه حلقه ثم انحنى بجذعه نحوها يسألها بهدوء :

-انتى كويسه ؟..


حركت رأسه إيجابياً بصمت ، انتظر هو شكوتها كالمعتاد ولكنها فاجأته بأن حركت رأسها فى اتجاه كفها الأيسر ثم رفعته للاعلى قليلاً تنظر إليه ثم اعادت وضعه فوق الفراش بهدوء دون تعقيب او صوت يُذكر ، حاول هو طمئنتها فتحدث قائلاً من اجل التخفيف عنها :

-متقلقيش المحلول قرب يخلص واول ما يخلص هتتشال من ايدك على طول .


دائماً ما كان يفهمها دون حديث ، هذا ما فكرت به حياة بحب وهى تستمع لحديثه رغم جمود ملامحها ورغم عدم تعقيبها على جملته فقط اكتفت بتحريك رأسها للمره الثانيه ، لقد علمت بفقدان طفلها نعم ، فقبل بدء مرحله تخديرها استعادت وعيها اولاً واخبرتها الطبيبه بما حدث وبما كانت تتوقعه من الاساس نظراً لكميه الدماء التى رأتها فوق الفراش ، تنهدت بحزن واغمضت عينيها محاوله اخفاء الدموع التى لمعت بداخلها ، فمن فعلت كل هذا من اجله ذهب من غير رجعه ولم يتبق لها سوى غضب فريد مع امرأه اخرى تشاركه به وتحاول بشتى الطرق تدمير زواجها ، هل هى غاضبه منه ام من نفسها ؟!، تردد ذلك السؤال داخل عقلها بقوه ، ربما منهما سوياً بنفس المقدار ولكن بالنسبه للوم فهى لا تلومه ، هى فقط تلوم نفسها من اجل صمتها وعدم تحذيره بحملها لطفلهما ، على كلاً لقد ما حدث ما حدث وقدر الله وماشاء فعل ، هذا ما فكرت به بشئ من الرضا ليساعدها على تخطى محنتها 


بعد فتره من الصمت وانتهاء المحلول الطبى وفحص الطبيبه لها للمره الاخيره سألها فريد بأهتمام :

-تحبى تفضلى هنا ولا نرجع البيت ؟!..


اجابته بخفوت شديده متحاشيه النظر إليه :

-مش عايزه اقعد هنا .. 


اومأ لها برأسه إيجابيا ثم بدء يساعدها فى خلع رداء المشفى وارتداء ملابسها الاخرى استعداداً للعوده للمنزل ، كانت تتعامل معه بحذر شديد لم يخفى عليه والذى فسره بشكل خاطئ  ، اما عنها هى فإلى الان لم تعلم رد فعله عن مسأله إجهاضها والاهم رد فعله عن إخفائها امر حملها عنه ، حملها فريد للخارج رغم رفضها الشديد وتمسكها بالسير بمفردها وبعد رحله طويله من الترقب والإرهاق بالنسبه لها والجمود بالنسبه إليه وصلا إلى المنزل بهدوء ، اصرت حياة تلك المره على الخروج من السياره بمفردها والسير حتى غرفتهم دون تدخل منه او مساعده  ورغم عدم اقتناعه بما تطلبه تنحى جانباً تاركاً لها المجال لتنفيذ رغبتها حتى وصلت إلى الدرج ومع صعود اول درجه شعرت بالالم يضربها من جديد لذلك ضغطت فوق شفتيها بقوه وتنحت جانباً تتخذ من درابزين الدرج داعماً لها ، وبرغم من وقوفه خلفها الا انه لم يكن فى حاله تسمح له بجادلها او تحمل عنادها لذلك تركها تعاود المحاوله مره اخرى وتلك المره تأوهت بصوم مكتوم لذلك انحنى بجذعه بنفاذ صبر يضع يده اسفل ركبتها ويده الاخرى فى منتصف ظهرها قبل حملها وتحركه بها للاعلى دون تعقيب او اعتراض منها ، تفاجئت حياة بفريد يدلف بها إلى الغرفه المجاورة لغرفتهم والتى كانت تستخدمها قبل مشاركتها غرفته وقام بوضعها فوق الفراش بحذر ، جلس هو قبالتها بعدما تأكد من راحتها ثم حاول ايجاد كلمات مناسبه لبدء الحديث معها ، اخذ نفساً مطولاً ثم قال بهدوء ظناً منه الا علم لديها بخبر حملها :

-حياة .. انتى كنتى حامل فى الشهر الاول .. 


اخذ نفساً اخر يحاول السيطره به على حشرجه صوته ثم اردف يقول بندم :

-انا اسف .. انا مكنتش اعرف .. انا لو كنت عارف انى ممكن أاذيكى او أَآذى ابننا انا عمرى ما كنت هقرب منك .. انا معرفش عملت كده ازاى .. انا عارف ان انتى كمان مكنتيش تعرفى .. وعارف انك موجوعه اكتر منى بكتير .. بس اتمنى تنسى اللى حصل .. 


أشاحت حياة بوجهها بعيداً عنه ففى تلك اللحظه هى لا تقوى على مواجهته او النظر داخل عينيه ،هتف هو اسمها بتوسل حقيقى وهو يضع إصبعه تحت ذقنها ويدير رأسها فى اتجاهه :

-حياة .. من فضلك ردى .. 


اخفضت رأسها مره اخرى تتهرب من عينيه لذلك ضيق فريد عينيه فوقها ثم سألها بذهول وهو يتحرك مبتعداً عنها :

-انتى عارفه !!!.. انتى كنتى عارفه ؟!!! .. لا استحاله .. انتى لما هربتى كنتى عارفه ؟!..


أشاحت بوجهها بعيداً عنه مره اخرى وقد بدءت شفتها السفليه فى الاهتزاز ، صاح بها بحده وهو يعود ليجلس قبالتها ويهزها بقوه من ذراعيها :

-انطققققى !!! لما هربتى كنتى عارفه بأنك حامل !!.. انتى هربتى بأبنى من غير ما تقوليلى !!.. انتى اييييه !! مش انسانه صح ؟!.. عشان كده كنتى بتعيطى قبلها لما كلمتك !!.. مكنتيش عايزاه !!.. وعشان كده مش زعلانه !! انطققققققى وفهمينى .. هربتى بأبنى عشان تنزليه مش كده ؟!.. وانا اللى فكرت ان نيرمين السبب .. طلعتى متقرقيش عنهم !! .. عملتى كده ليه وعشان مييين قووووولى .. هو اللى ساعدك صح ؟! ..


نظر نحوها بشراسه وقال بأشمئزاز ونبره عدائيه واضحه :

-انا بكرهك عارفه يعنى ايه بكرهك ومش عايز حتى اشوف وشك قدامى .. 


عن من يتحدث ؟! لم تجد الشجاعه او القوه لسؤاله فقد بدءت تشعر بالإعياء من شده دفعه وتحريكه لها مع ذعرها منه والشرر الواضح من عينيه ولم تستطع الاحتمال اكتر ، تركها وابتعد عنها وقررت هى الاخرى رغم الضعف الشديد الذى تشعر به الاختباء داخل الحمام والاغتسال عل ذلك يزيل الشعور بالالم والندم الذى ينهش قلبها من حديثه ورؤيه الكره داخل عينيه ، وقفت اسفل رذاذ الماء الساخن تاركه الماء المنهمر يختلط مع دموعها الساخنه حتى ازداد شعورها بالإعياء وأصبحت الرؤيه لديها ضبابيه ، تحركت بوهن شديد خارج حوض الاستحمام وحاولت رفع رأسها والتقاط مئزَر الحمام المعلق امامها قبل شعورها بعدم قدرتها على التنفس واسوداد الصوره امامها ثم سقوطها مغشياً عليها فرق ارضيه الحمام ، سمع فريد الذى لازال جالساً فوق الفراش بصدمه صوت ارتطام قوى قادماً من الحمام ، ركض  على الفور نحوها ثم هتف بأسمها مستفسراً عده مرات قبل اقتحامه الحمام ، شعر بالفزع من رؤيتها ممده فوق الارضيه الرخاميه وغائبه عن الوعى ، التقط المئزر بيده والبسها إياه بعدما رفعها وضمها لجسده وهو لازال يهتف اسمها بذعر محاولاً افاقتها دون جدوى ، عاد بها لغرفتها ووضعها فوق الفراش ثم ركض نحو اقرب زجاجه عطرها يلتقطها ويقربها من انفها حتى تستعيد وعيها ، بعد عده ثوان اخرى من محاولته وربته فوق وجنتها بدءت تستعيد وعيها ببطء وعليه تحرك هو من جوارها وتوجهه نحو الحمام يأخذ منشفه صغيره ثم عاد إليها ووضعها فوق شعرها وبدء يجففه فى أليه شديده متجنباً النظر إليها 


ظلت حياة تراقب ما يقوم والأفكار تعصف داخل عقلها ، هل حقاً تستطيع التخلى عنه من اجل اخرى ؟!، هل ستسمح له بالاهتمام بغريمتها مثلما يهتم بها ؟!، بعد ما خسرته هل ستترك لها الساحه للفوز بحنانه ؟!، ان تتاح لها الفرصه لاحتضانها واحتوائها مثلما يفعل معها ؟!، ان يتلمس بطنها بشغف للاطمئنان على طفلهم مثلما كانت تتمنى ان يفعل معها ، رفعت كفها ببطء حتى أمسكت كفه ثم وضعته اسفل بطنها حيث كان يمكث طفلهما فى امان ، بدءت تغمغم بخفوت لتذكير نفسها بما فقدته :

-مفيش حاجه هنا .. مكانه فاضى .. 


نظر فريد إليها بقلق وهو يراها تستخدم يده للكم بطنها بقوه وقد بدءت نبرتها تزداد علواً وهى تخبره بقهر :

-خلاص مفيش حاجه ممكن تحصل .. هو مش موجود .. مفيش حاجه ممكن تأذيه دلوقتى .. مكانه بقى فاضى .. مش هشوفه بيكبر ولا هتقدر تلمسه .. دوس عشان تتأكد انه مش موجود .. ان مكانه فاضى .. 


هتف بها فريد وهو يسحب كفه من يدها لحثها على التوقف :

-حياة اهدى .. 


صرخت بِه بقوه وهى تعاود لكم اسفل بطنها بكلتا يديها :

-هو بس اللى راح .. ابنى انا اللى راح .. انت مش فاهم حاجه .. معرفتش احميه ولا احافظ عليه  .. 


امسك كلتا كفيها محاولاً ايقافها عن لكم نفسها بشتى الطرق فبدءت تدفعه وتلكمه وهى تصرخ ببكاء هيستيرى :

-سيبنى .. اوعى .. ده ابنى انا .. ابنى اللى كنت مستنياه .. اللى كنت عايزه احميه ومعرفتش .. 


ضمها فريد لصدره بكل ما أوتى من قوه واعتصرها بين ذراعيه حتى تتوقف عن الصراخ وتتوقف عن ضرب نفسها ويحتوى نوبتها العصبيه ، أخفت رأسها فى صدره وظلت تشهق بقوه وهى تعانقه حتى بدءت شهقاتها تهدء شيئاً فشئ وتحولت لنحيب صامت ، لم يفلتها هو بل ظل محتضنها وهويفكر بندم حقيقى وحزن انها لم تكن مباليه ولا غير راغبه بطفلهما كما يظن فيبدو انها تتألم اضعاف ألمه داخلياً وربما ظلمها ايضاً ولم يكن لديها علم بحملها الا من وقت قصير ، تنهد بحيره فعقله غير قادر على التفكير بشكل سليم ، مما تريد حمايته ؟!، لقد عاد الشك يضرب عقله وبقوه وعليه التحرك لإثبات  شكوكه او نفيها ، شعر بأنفاسها تنتظم فوق صدره فعلم بذهابها فى النوم ، حاول التحرك بها ووضعها فوق الفراش وافلاتها من بين يديه ولكن يدها تشبثت بقميصه  اكتر ترفض تركه ، تنهد مره اخرى بأستسلام وقام بضمها إليه ثانيةً بعدما قام بمسح دموعها من فوق وجنتها ، اثناء فعله ذلك صدع رنين هاتفه من داخل جيبه فألتقطه على الفور مجيباً حتى لا يزعجها ، تحدث الطرف الاخر بمجرد استقبال فريد المكالمه  قائلاً بتبرير :

-فريد باشا .. انا اسف انى بكلم حضرتك فى الوقت بس فى حاجه عرفتها وبصراحه مقدرتش استنى للصبح ..


اجابه فريد بفضول قائلاً بترقب :

-سامعك .. 

قال الطرف الاخر دون مقدمات :

-نيرمين هانم .. بعد ما راقبتها اكتشفت انها بتتعاطى مخدر من نوع قوى .


سأله فريد مستنكراً :

-مخدر !!!..

أكد الرجل حديثه قائلاً بأقتضاب :

-مش اى مخدر يا باشا .. ده هيروين ..

ردد فريد بعدم تصديق :

-هيروين !!! متأكد ؟!.. 


اجابه الرجل مسترسلاً بثقه :

-متأكد يا باشا .. انا بنفسى شفتها وهى بتتعامل مع عيل سيس فى **** وبعد ما مشت روحت دردشت معاه وبكام قرش قالى كل اللى عنده .. 

هز فريد رأسه موافقاً ثم قال بهدوء :

-اسمعنى .. أرميلى الولد اللى بتتعامل ده فى المخزن لحد ما افوق واجيله .. وشفلى حد يجبلى تسجيلات مكالمتها الفتره الاخيره كلها ..


انهى بعد آمره ذلك واستماعه لموافقه رجله المكالمه وهو يفرك عينيه بقوه فما سمعه منذ قليل لم يكن بالشئ الهين عليه وقبل كل شئ عليه التريث والتأكد قبل اتخاذ اى خطوه .



متى تخضعين لقلبى

الفصل الواحد والثلاثون ..


تمدد فريد بجسده جوارها فوق الفراش وقد بدء إرهاق الايام الماضيه يتمكن منه ، حانت منه التفاته مشتاقة إليها متأملاً بعينيه ملامح وجهها الممتعضة حتى وهى نائمه وكيفيه تمسكها بساعده كأنها تخشى هروبه ، زفر مستسلماً قبل تحركه بجسده ليلتصق بها ويحيطها بذراعه ويمسح بيده الاخرى فوق شعرها حيث غفت بين احضانه وهو لايزال مبلل ، لماذا لا يستطيع التفكير بشكل سوى وطبيعى عندما يتعلق الامر بها !!، انه حتى لا يعلم ماهى الخطوه التاليه التى ينتوى اتخاذها معها ،  هذا ما فكر به بضيق وهو يدثرها بالغطاء جيداً حتى لا تصاب بالبرد . 

لقد اصبح على حافه الهاويه من شده حبه لها  ومع صدور اى فعل اخر من افعالها الغير محسوبه يشعر انه سيسقط وستسقط معه ، نعم سيسقطان سوياً وما حدث اليوم اكبر دليل على ذلك ، تذكر بندم ما فعله معها وأخذ يلعن نفسه بصمت ، كيف سمح لغضبه بالسيطره عليه هكذا ؟!، فدائما ما كان يرى ما بينهم شئ مقدس للغايه يبث لها من خلاله مدى حبه واشتياقه لها ، كيف طوعت له نفسه بأستخدامه كعقاب ؟!، اى عقاب هذا اللى يستخدمه ضدها وهو نفسه عُوقب قبلها وعقاب مضاعف ، مره من تأنيب ضميره وشعوره بالخزى على عنفه معها ومره اخرى عندما فقد ما ظل يحلم به سنوات منها قبل ان يعلم حتى بوجوده ، بالطبع سيتألم لالمها وسيعاقب لعقابها فهما روح واحده تعيش داخل جسدين .


تذكر بضيق ما سمعه من احد رجاله عن ابنه والده ، فى ظروف اخرى لم يكن الامر ليعنيه ولكن الان لا يستطيع الوقوف صامتاً حتى لا تدخل تلك الساذجه فى الامر ، بالطبع لن يسمح لها بذلك مهما كلفه الامر ولكن فقط من اجل الاحتياط عليه التحرك قبلها فربما هذا هو سبب تمسك بها ، ايعقل ان حياة على علم بما تمر به نيرمين !!، بدءت النوم يثقل جفنيه قبل استطراده فى التفكير مدفوعاً بدفء جسدها والتصاقها به لذلك اغمضهما بهدوء سامحاً لذلك اليوم الحزين بالانتهاء وغداً ينتظره يوم جديد حافل بالعمل وبالطبع مشاكله التى لا تنتهى .


فى منتصف الليل شعر فريد بها تتململ بين يديه مع وصول همهمات خفيضه لاذنه ، فتح عينيه بتمهل ليتفحصها قبل انتباهه بكافه حواسه لها وهى تحاول دفعه بكلتا يديه مغمغه برعب :

-سيبى .. ده مش بتاعك .. فريد ألحقها وخليها تسيبه ده ابنى انا .. 


تجعدت ملامح وجهه وشعر بتلك الغصه تعود إليها مرة اخرى فيبدو جلياً من ملامح وجهها المتجهمه انها تمر بكابوس عن ما حدث ليله البارحه ، هتف بأسمها بصوته الناعس لإيقاظها ولكن كالعاده لم تستيقظ من اولى محاولاته ، بدء جسدها يرتجف بين ذراعيه وهى تعاود لكمه ودفعه بعيداً عنها وبدءت نبرتها فى الارتفاع قائله بصوت باكِ :

-انت لسه عندك ابن .. ابنك انت موجود .. 


هتف فريد بها مره اخرى وهو يهزها بقوه من مرفقيها ليوقظها فقد بدءت ارتجافتها تزداد ويزداد معها نحيبها ، شهقت حياة بفزع وهى تنتفض من نومتها وتتطلع حولها برعب ، لقد زارتها نجوى فى حلمها وحاولت اخذ طفلها منها ثانيةً فركضت مستنجده بفريد لحمايته ثم أخبرته بأنه لديه طفل اخر منها هى ، سألها فريد بحنان وهو يتفحص ملامح وجهها المذعوره :

-انتى كويسه ؟!.. 


هزت رأسها له نافيه بأليه شديده ثم بدءت تنتحب بصمت وهى تمتم بصوتها الباكى :

-انا خايفه .. انا بردانه وخايفه وعارفه انك بقيت بتكرهنى .. 


يكرهها !! هو ؟!!! ، عن اى هراء تتحدث تلك الساذجه ياليت الامر بيده ليحبها او يكرهها ، لو كان الامر كذلك لانتهت معاناته منذ زمن بعيد ، واضح ان كلماته الكاذبه الليله الماضيه مازالت تتردد داخل عقلها  ، هذا ما فكر به وهو يتحرك ليحضتنها بهدوء دون تعقيب على حديثها ، أخفت رأسها بعنقه وتعلقت به بكل قوتها وعاد انتظام انفاسها سريعاً يضرب عنقه ، شدد من احتضانه هو الاخر لها وعاد ليستلقى بها فوق الفراش وسؤال وحيد يشغله، من هى تلك المرأه التى كانت تستنجد به منها ؟!، ام ان تلك اضغاث احلام من اثر مخدر البارحه وليس لها اساس من الصحه ؟!. هذا كل ما يريد معرفته ليطمئن قلبه .


*********


فى الصباح استيقظت حياة شاعره ببروده الفراش جوارها ، فتحت عينيها ببطء والتفت تنظر حولها لتجد نفسها فى غرفتها القديمه بمفردها ، بالطبع لم يستطع المكوث معها ، هذا ما فكرت به بحزن وهى تخرج من الفراش ، لم تكن تشعر بألم جسدى خصوصاً مع المسكنات التى تناولتها فى المساء ولكن معنوياً ، كل نفس تأخذه تشعر به يحرق جوفها ورئتيها فما هو أسو من فقدانها لطفلها وحب زوجها فى أن واحد ، مسحت دموعها وتوجهت نحو الحمام تأخذ دشاً سريعاً تنعش به جسدها وبعد قليل خرجت لتتفاجئ بعفاف امامها تحتضنها وتسألها بأهتمام عن حالتها الصحيه واذا كانت بحاجه للمساعده ثم أخبرتها بأمكانيه عودتها لغرفتهم الرئيسيه فقد قامت بتنظيفها ، اندهشت حياة من جملتها وفتحت فمها بعدم تصديق تسألها للتأكد من فحوى جملتها فقد ظنت ان فريد نقلها لتلك الغرفه لانه لا يريدها داخل غرفتهم مره اخرى :

-ارجع الاوضه ؟! .


اجابتها عفاف مؤكده :

-ايوه اوضتكم .. فريد بيه طلب الصبح قبل ما ينزل ينضفها وأبلغك بعدها ..


اذا لقد فعل ذلك من اجل نفسيتها ليس الا ، بدء شبح ابتسامه يزين شفتيها لاحظته عفاف التى ابتسمت لها هى الاخرى مشجعه قبل قولها بهدوء :

-هتلاقى الفطار بتاعك محطوط على الطربيزه هناك .. كليه كله عشان الدوا بتاعك ولو احتجتى اى حاجه انا موجوده تحت .. 


هزت حياة رأسها بتمهل موافقه قبل ملاحظتها عوده عفاف من الباب المشترك ، قطبت جبينها بأرتياب وتوجهت نحو الباب الرئيسى للغرفه تحاول فتحه فوجدته مغلق من الخارج ، انتبهت حواسها لسماع صوت باب غرفتهم يغلق هو الاخر بالمفتاح ، هرولت مسرعه نحو الغرفه ومنه إلى الباب لتتفحصه ، لقد اغلق عليها فعلاً كما قال البارحه ، هل حقاً يريد معاملتها كجاريه ؟!، اذا سيحصل على ما يريده عل ذلك يطفأ غضبه ، هذا ما قررته وهى تعود لتجلس فوق الفراش بهدوء منتظره عودته حتى المساء .


**********


فى المخزن القديم وقف فريد امام ذلك الشاب الأنيق ذو العضلات والملابس الباهظة والمسجى أرضاً بعدما انتفخت ملامحه من كثره الضرب ، انحنى بجزعه وجلس قبالته على ركبتيه حتى اصبح فى نفس مستواه ثم قام بالقبض على ذقنه بقوه قائلاً بنبره شديده الحزم :

-بص من غير كلام كتير عشان متعطلنيش .. هتحكيلى كده زى الشاطر كل حاجه من الاول وكل اللى تعرفه عن نيرمين ولا اختصر المسافه واخليك تتكلم بطريقتى ؟!.. 


رمقه الشاب عده نظره حانقه قبل اجابته بأرهاق :

-اللى عندى قلته لدول ..


أشار برأسه لرجل فريد الذى القى القبض عليه مع رجلين أخريين من رجاله ، حرك فربد رأسه على مهل موافقاً قبل اعتداله فى وقفته ثم أشار بيده لاحد الحراس المرابطين خلفه فأخرج احد منهم سكين حاد أعطاه لمخدومه بهدوء ، استلمه فريد وقام بتحريكه بين يديه ببطء امام ناظريه حتى يبث الرعب داخل صدره ثم عاد وجلس قبالته بنفس طريقته السابقه وهو يقول بهدوء مهدداً :

-عندك حق .. انت قلت لدول .. وعشان كده مفيش داع لفرصه ثانيه ليك .. وانا بقول برضه توفير لوقتى ووقتك اختار انت الايد اللى عايزها تتقطع عشان تعرف تبيع بعد كده كويس .. 


صرخ الشاب بفزع وهو يرى فريد يقترب بالمديه من يده اليمنى ويبدء فى احداث عده جروح خفيفه فوقها :

-لا خللللاص .. هحكيلك كل حاجه بس بلاش ايدى ..


ابتسم فريد بأنتصار وربت فوق وجنته بالمديه  بأستحسان محدثاً جرح سطحى فوق وجهه قائلاً بجمود :

-سامعك ..


ابتلع الديلر لعابه بصعوبه ثم بدء يقول متعلثماً بخوف :

-انا مليش دعوه بأى حاجه من دى .. نجوى هانم هى اللى كانت بتتعامل معايا كل فتره بحاجه خفيفه وكانت بتستلمها منى فى النايب كلوب اللى فى ******.. وبعد فتره طلب منى حاجه يكون مفعولها قوى تسبب ادمان فى اقصر فتره ممكنه وطعمها ميبانش لو حطيتها لحد فى مشروبه وفعلاً جبتلها المطلوب واستلمها منى فى نفس المكان وحطته فى المشروب وسابتنى ومشيت ..  وكانت بتطلب كل يوم نفس الطلب .. وبعد اكتر من اسبوع طلبت منى بودره وفعلاً جبتلها ومن بعدها نيرمين هانم بقت بتتعامل معايا ..


اردف الشاب كاذباً فهو ليس احمق ليخبره بأتفاقه مع نجوى للاستنفاع من صديقتها الثريه :

-انا كنت بوصل وبجيب طلباتهم بس مش اكتر .. وانا قلتلك كل اللى اعرفه .. 


هتف فريد بشراسه وهو يعتدل فى وقفته :

-نجوى .. يابت ال**** اخيراً  وقعتى تحت رجلى .. 


تحرك بعدها على الفور للخارج وبجواره رجله الغامض يسأله بترقب :

-ها عملتى ايه فى تسجيل المكالمات ؟!.. 

طأطأ الرجل رأسه للأسفل وأجابه بخفوت قائلاً :

-يا باشا الموضوع ده طلع مش سهل .. كله خايف على شغله لو اتمسك .. دى فيها فصل وسجن .. 


صاح به فريد بحده قائلاً بحنق :

-يعنى ايه ؟؟!!! .. لو مش قدها قولى وانا اتصرف !!.. 


قاطعه الرجل قائلاً بلهفه شديده :

-لا يا باشا .. قدها طبعاً قدها .. بس اللى هينفذ محتاج شويه وقت عشان يعرف يجيب كل التسجيلات وياخد منه نسخها ..


زفر فريد بنفاذ صبر ثم اجابه وهو يتحرك نحو السياره ليستقلها :

-ماشى بس قوله ميتأخرش حتى لو عايز فلوس زياده خلصنى .. وبالنسبه للكلب اللى جوه ده فى حد كمان شويه من البوليس هيجى يستلمه .. اطلع انت من الليله دى وركز فى موضوع سيرين ..


اجابه الرجل بتفاخر :

-خلاص يا باشا هانت .. الرجاله عرفوا مكان اللى ساعدها .. يتأكدوا بس قبل ما يمسكوه ويعترف عليها وبعد كده كله هيبقى تماماً ما حضرتك عايز وزياده .. 


اومأ له فريد رأسه بجمود ثم استقل سيارته طالباً من سائقه التوجهه إلى فيلا رسلان الاب .


***********


فى حديقه منزله ظل غريب رسلان يقطع الممر ذهاباً واياباً بقلق بالغ منتظراً وصول ولى عهده بعدما تلقى منه اتصالاً هاتفياً يأمره فيه بنبرته القاطعه انتظاره والحرص على تواجد نيرمين معه ، فكر غريب بأستنكار ايعقل ان تكون زياره فريد لها علاقه بأختفاء زوجته ؟!، بالطبع هو يعلم بما حدث منذ اول يوم ويعلم ايضاً بما حدث البارحه ولكنه لا يجرؤ حتى على سؤال ابنه او التحدث معه بهذا الشأن ، قطع تفكيره هذا بوق سيارة يليها فتح البوابه الرئيسيه ودخول سياره فريد منها ، انتظر غريب بتوجس خروج ولده من السياره ثم تحرك نحوه يسأله بلهفه :

-خير ؟!.. ايه اللى حصل يخليك تكلمنى من صباحيه ربنا كده !! وايه علاقه نيرمين بده !!.. 


رمقه فريد بنبره خاليه لا توحى بأى مما يدور داخل افكاره ثم اجابه بأقتضاب وهو يتحرك خلال الباب الداخلى للمنزل ليدلفه :

-دلوقتى تعرف .. بس قبلها هاتلى بنتك هنا ..


فى ذلك الوقت ظهرت جيهان مقاطعه لحديثه ومصححه جملته بتكبرها المعتاد :

-ايه هاتلى بنتك هنا دى !! ليها اسم على فكره واسم كبير كمان .. ده غير ان بنتى مش خدامه عندك عشان تنزلك .. 


ضغطت على حروف كلمه "خادمه "بنبره ذات مغزى التقطها فريد بسهوله ولكنه اثر تجاهلها فقط اكتفى بأبتسامه مستهزءه قبل اعاده طلبه لوالده قائلاً بنفاذ صبر :

-انا عندى شغل كتير ومش هقضى اليوم كله هنا عشان خاطرك وخاطر بنتك .. جيبهالى من غير كلام كتير .. 


هنا ظهرت نيرمين التى كانت تستمع لحديثه برعب شديد ظناً منها ان حياة قد كشفت له عن مخططها الكاذب من نجوى ، اذا هذه ستكون نهايتها ، ستكذبها بالطبع وتنفى كل ما سيتفوه به ، نعم ستفعل ، هذا ما فكرت بذعر وهى تهبط الدرج بترو شديد تحاول قدر المستطاع تأجيل تلك المواجهه ، هتف فريد بمجرد رؤيته لها قادمه من الاعلى متسائلاً بأشمئزاز :

-مش محتاج خلاص .. الهانم شرفت اهى من غير ما حد يتعب نفسه .. ها يا بنت جيهان هانم السكرى صاحبه الصون والعفاف .. اصطبحتى النهارده ولا لسه ضرب امبارح عامل معاكى مفعول ؟!..


فتحت نيرمين فمها بذهول وقاطعته جيهان قائله بنزق واستحقار :

-ايه الالفاظ السوقيه اللى بتتكلم بيها مع البنت دى !! اصطباحه ايه وضرب ايه !!!.. انت بجد اسلو...


صاح بها فريد بحده مقاطعاً وهو يرمقها بنظرات ناريه اخرستها :

-محدش طلب منك تتكلمى ولا تتدخلى وقبل ما تتكلمى على اسلوبى روحى شوفى بنتك بتعمل ايه من وراكى .. بدل ما وقتك كله ضايع على التخطيط وازاى تخلصى منى ..


هنا تدخل والده ليسأله بأستغراب مستفسراً :

-فى ايه يا فريد .. انا مش فاهم حاجه ؟!..


اجابه فريد بحده :

-فى انت بنتك مدمنه .. الهانم بقالها اكتر من شهر بتضرب هيروين .. وقبلها ********.. وطبعاً محدش فيكم حاسس بحاجه .. مع ان لو حد ركز معاها وبص فى وشها بس كانت هيفهم من غير ما حد يقوله ..


صرخت جيهان معترضه بعدم تصديق :

-كدب .. انت كداب .. بنتى استحاله تعمل كده .. تلاقيك بتتمنى بس ده فى خيالك .. بنتى احسن منك ومن اى حد .. 


لوى فريد فمه بنصف ابتسامه تهكم ثم توجهه نحو نيرمين التى كانت تتراجع عنه للخلف متقهقرة كلما تقدم منها ثم اقبض على ذقنها بقوه وهو يدير رأسها فى اتجاه والدتها قائلاً بشراسه :

-كدب .. اللى تحت عينيها ده كدب !!! نظرتها دى كدب !! حركه رجليها دى كدب !! للدرجه دى عاميه عشان تبقى بنتك قدامك وانتى مش حاسه بيها !!.. 


صرخت نيرمين بهيستريا وهى تدفعه بعيداً عنها بكف مرتعش :

-ايوه انت كداب .. عايز تبوظ سمعتى وخلاص .. ابعد عنى وملكش دعوه بيا .. انا بكرهك فاهم ..


ابتعد عنها فريد بأشمئزاز قائلاً لوالده الذى كان يراقب كل ما يحدث بترو :

-بتك عندك .. عايز تعالجها انت حر .. عايز تصدقها وتسيبها لحد ما القرف ده يقضى عليها برضه انت حر .. فى كل الاحوال ميهمنيش .. 


نطق بجملته تلك وهو يتحرك نحو باب المنزل استعداداً للخروج ، أوقفه غريب بصوته متسائلاً :

-عرفت منين ؟!..

اجابته فريد بسخريه :

-اسأل الجاسوس بتاعك .. تلاقيه واقف دلوقتى مع البوليس وهما بيقبضوا على الكلب اللى كانت بتتعامل معاه .. 


انهى فريد جملته وتحرك للخارج مستقلاً سيارته تاركاً التصرف لغريب الذى بمجرد خروج فريد انقض على ابنته يسحبها من فروه رأسها قائلاً بغضب :

-ورايا على الدكتور .. وساعتها هنعرف مين فيكم الكداب ..


صاحب به جيهان مستنكره ومدافعه عن ابنتها :

-غريب !!! انت اتجننت !! هتصدق اى كلام يتقال على بنتك من اى حد !!!..


صرخ بها غريب محذراً وهو يتجهه نحو الحديقه ومنها للخارج :

-مش اى حد .. ده ابنى فاهمه !! وابنى مبيكدبش !!.. وبعدين عنده حق .. انتى بس اللى مش عايزه تشوفى اللى واضح قدامك من كتر كرهك ليه !!.. وبعدين مضايقه ليه انى هوريها لدكتور يثبتنلنا صدق كلامها وافتراه هو عليها ؟!..


ابتعلت جيهان لعابها بصعوبه فجزء كبير منها يعلم منطقيه حديثه ولكنها لا تجرؤ حتى على تصديقه لذلك ركضت خلفه تستقل السياره قبل زوجها وهى تقول بحزم :

-مش هسيبك مع بنتى لوحدك رجلى على رجلك ..


فى غرفه الفحص فى عياده احدى أصدقائه المقربين والملحق بها معمل تحاليل خاص وبعد اتصال غريب برجله والتأكد من حديث فريد انتظر خروج نتيجه تحليل المخدر والذى تم فى سريه تامه وسرعه ايضاً من اجل إنقاذ الوضع استدعاه صديقه هو وجيهان لغرفه خاصه قائلاً بحزن شديد:

-للاسف يا غريب النتيجه طلعت ايجابيه ومش كده وبس .. دمها فى كميه كبيره من المخدر .. يعنى مبدئياً كده كانت بتتعاطى حوالى ٢جم فى اليوم ويمكن اكتر .. لازم تتصرف بسرعه قبل ما تخسرها ..


صرخت جيهان بقوه وهى ترتمى على اقرب مقعد قائله بحسره :

-بنتى لا .. اعمل اى حاجه وأنقذها .. ابوس ايديك بنتى لا .. مش هسمحلها تروح منى بعد كل اللى بعمله عشانها ..


تجاهل غريب حديثها وعاد يسأل الطبيب مستفسراً برباطه جأش قويه :

-انت شايف ايه يا معتز ؟!.. 

اجابه صديقه بعمليه شديده :

-انا شايف انها لازم تدخل مصحه وفوراً عشان تبدء علاج من النهارده .. انا اعرف هنا مصحه ممتازه لو موافقين هكلمهم يحجزولها مكان لحد ما توصلوا .. 


هتفت جيهان بلهفه متوسله :

-ايوه طبعاً موافقين .. كلمهم حالاً واعمل كل اللى تقدر عليه واى حاجه يطلبوها هتتنفذ بس المهم بنتى ترجع طبيعيه ..


اومأ لها الطبيب برأسه موافقاً ثم رفع سماعه هاتفه يضرب رقم المشفى استعدادا لنقل ابنه صديقه إليها . 


*********


فى المساء وبعد يوم عمل شاق تجاوز الخمسه عشر ساعه انتهى فريد خلاله من معظم الملفات المؤجلة بسبب سفره وانشغاله بالبحث عن حياة عاد للمنزل مرهقاً بشده ومستعداً لنوبه اخرى من جنون زوجته ، عرج فى طريقه على مدبره منزله يسألها مستفسراً عن احوالها اولاً متوقعاً سماع ما لايسره ولكنه تفاجئى بعفاف تخبره بهدوء :

-حياة هانم فضلت فى اوضتها زى ما حضرتك طلبت محاولتش حتى تخرج منها .. وبالنسبه للمواعيد الدوا والاكل اطمن حضرتك اخدتهم فى ميعادها برضه وهتلاقيها فى اوضتكم مستنيه حضرتك ..


اومأ فريد براسه موافقاً رغم استغرابه الشديد وعدم تصديقه لما تفوهت به عفاف ، فهو لا يكون فريد وهى لا تكن حياة اذا تقبلت ما قام به دون تمرد لذلك طلب من عفاف بنبره مرهقه :

-تمام .. تقدرى تحضرى العشا لحد ما اخد دش وننزل . 


تمتت عفاف له موافقه بخضوع ثم بدء تتحرك لتنفيذ طلب رئيسها .


دلف فريد للغرفه بتأهب فوجدها قابعه فوق الفراش بهدوء تطالع احد الروايات التى يضمها فى مجموعته وبمجرد رؤيتها له اغلقت الكتاب مسرعه ثم تحركت من فوق الفراش وانتفضت واقفه تنتظر تعليماته ، نظر نحوها بأستنكار شديد ثم واصل طريقه نحو خزانه ملابسه يسحب منها ملابس مريحه للمنزل ثم توجهه على الفور إلى الحمام لأخذ دشاً دافئاً يزيل به ارهاق اليوم


وبعد قليل انتهى فريد من حمامه وبمجرد رؤيتها له مرة اخرى انتصبت واقفه كالسابق ، رغم ما تقوم به الا انه رأى ذلك الوميض يلمع داخل عينيها ولكنه قرر تجاهله فمزاجه لا يسمح له بأى شكل من الاشكال بمجادلتها او التحدث معها حتى لا ينتهى الحال بهم إلى كارثه اخرى لذلك تحدث  بنبره جامده للغايه :

-العشا جاهز تحت .. لو لسه تعبانه ممكن عفاف تطلعهولك هنا .. 


اخفضت رأسها للأسفل بخضوع ثم اجابته بنبره خفيضه قائله :

-اللى حضرتك عايزه .. 

تشدق فريد قائلاً وهو ينظر نحوها بأستنكار :

-حضرتك !!!.. 

اجابته بنبرتها الرقيقه وهى لازالت تنظر للأسفل :

-ايوه حضرتك .. 


كان يعلم انها لن تمر ما حدث دون رد فعل وها قد انتهى اندهاشه من استسلامها باكراً ، لوى فمه بضيق ثم قال بنفاذ صبر وهو يتحرك نحو باب الخروج :

-انا شايفك كويسه وتقدرى تنزلى معايا تحت ..


هزت رأسها له موافقه دون تعقيب ثم تبعته بخنوع ورأسها لا يزال مطئطئاً للأسفل ، وفى الاسفل سحب لها فريد مقعدها كالعاده فجلست فوقه بصمت دون النظر إليه او لمس طعامها بل انتظرت حتى بدء هو فى تناول طعامه وبدءت فى تناوله بعده وبمجرد انتهائه تركت ملعقتها هى الاخرى وانتفضت من مجلسها تستقيم فى وقفتها بعد وقوفه ، نظر نحوها بغضب ثم قرر تجاهل ما تقوم به واختفى داخل غرفه مكتبه 

وفى الليل بعد انتهاءه من عمله لم يجد طاقه لممارسه اى من تمارينه الرياضيه لذلك توجهه نحو غرفته مباشرةً للنوم وبمجرد دخوله غرفتهم قامت بنفس فعلتها عند دخوله الغرفه المره السابقه ، "ابقى هادئاً فريد .. فقط ابقى هادئاً " هذا ما هتف به داخلياً محاوله السيطره على اعصابه مذكراً نفسه بألمها وانه لم يمض على خروجها من المشفى سوى اربع وعشرون ساعه ، توجهه مباشرةً نحو الفراش يستلقى فوقه استعداداً للنوم ، سيتجاهلها حسناً ولكن ايضاً لن يتركها واقفه هكذا طول الليل هذا ما فكر به بعدما اغمض عينيه ثم قام بفتح احداهما ثانيةً ينظر إليها بعين واحده وهو يقول بجمود :

-انتى هتفضلى واقفه عندك كده كتير ؟!.. 


اجابته بنعومه وهى مازالت مطأطه الرأس :

-اللى حضرتك تشوفه .. 

هتف بحنق وهو يستدير برأسه ليواجهها :

-حياة !!!!!! ..


اجابته بخنوع تام :

-افندم حضرتك ؟!.. 

مرر كفيه فوق وجهه محاولاً السيطره على اعصابه ثم قال بضيق وهو يضغط على اسنانه :

-طب اتفضلى نامى .. 


اجابته وهى لازالت على وضعها ونبرتها :

-اللى حضرتك تؤمر بيه .. بس تحب انام هنا ولا فى اوضه تانيه ؟!.. 


قطب جبينه مستنكراً فأستطردت تقول شارحه :

-اصل انا مش عارفه انام فين .. بس اللى عرفاه ان الجوارى مش بيناموا مع اسيادهم فى سرير واحد الا لهدف معين .. وبما ان حالتى الفتره دى مش هتخلينى افيدك فى حاجه فقلت اسأل حضرتك الاول حضرتك تحب انام فين  ؟! .. 


صرخ فريد بها بقوه وهو يتحرك بجسده فى اتجاهها مما جعلها تصرخ بذعر راكضه من امامه ، امسك بها بسهوله وحملها بيسر ثم قام بوضعها فوق الفراش وهو يقبض على ذراعيها بقوه متمتاً بنبره خفيضه ولكن حازمه :

-نامى ومش عايز ولا كلمه ولا نفس .. 

اجابته بنبره رقيقه ناعمه للغايه :

-اللى حضرتك تؤم...... 


صاح فريد بها مهدداً وهو ينظر نحوها شرزاً فابتلعت ما تبقى من جملتها بداخلها واغمضت عينيها على الفور ضاغطه فوقهم بقوه ، ظل فريد يتأمل ملامح وجهها المذعوره وهو يحاول كتم ابتسامته ثم استلقى جوارها بهدوء ، لم يعطيها ظهره ولكن ايضاً لم يجذبها داخل احضانه فقط اكتفى بأحتضان يدها متحججاً بعدم ثقته بها ، كأنها تستطيع التحرك من جواره دون الشعور بها !. 


*********


بعد مرور يومان جلس فريد فى غرفه مكتبه داخل المنزل والتى كانت عازله للصوت مع كلاً من رئيس حراسه ورجله الذى يستأجره من اجل الاعمال الخاصه والصعبه والذى كان يدعى سمير، هتف فريد بتفكير لرجاله وهو يجلس خلف مكتبه :

-انا كده اتأكدت انه نجوى هى سيرين بعد ما الكلب اللى مسكناه اعترف عليها .. كده هنتحرك فى كذا اتجاه اولهم ان قضيه التسمم هتتفتح من اول وجديد بعد ما بقى معانا تسجيل رسمى بيعترف فيه ان سيرين هى نجوى .. بس ده شروع فى قتل يعنى كام سنه وتطلع .. وده مينفعنيش .. 


هنا تدخل سمير ليسأله بترقب :

-قصد ايه يا باشا ؟!.. 

اجابه فريد بغموضه المعتاد :

-هى اللى سممت مراتى ودخلت اختى فى سكه المخدرات .. يعنى هتدفع تمن الاتنين بنفس اعمالها .. 


هتف رئيس حراسته تلك المره مستفسراً :

-قصد حضرتك اننا نخلى الديلر اللى سلمناه يعترف عليها ؟!.. 

اجابه فريد رافضاً ثم بدء فى شرح خطته :

-لا ده مش هيفيدنى .. انا عايزها تتمسك فى اتجار وبعد ما ده يحصل .. عايزك تحضرلى حد من جوه السجن يعمل فيها اللى عملته فى مراتى بالظبط وتبان على انها تسمم طبيعى وانا هظبطلك الموضوع انه يتقفل على كده ..


وجهه جملته الاخيره لسمير الذى اجابه موافقاً بحماسه ، اما عن رئيس حراسته فعاد يسأله من جديد :

-ده بالنسبه لحادثه التسمم .. طب بالنسبه للاتجار ؟!.. 


هز فريد رأسه بحماس وهو يبتسم بتوعد فأذا نُفذت خطته بدقه سيتخلص منها للابد ثم قال بهدوء :

-اول حاجه سمير هيحضرلى شنطه هيروين محترمه عشان تكون اتجار مش مجرد تعاطى .. 


قاطعه سمير هاتفاً بحماسه :

-اعتبره جهز يا باشا .. 

ابتسم له فريد بسماجه ثم قال ببروده المعتاد ودون مقدمات:

-تمام كده يا سمير .. حضرلى اللى طلبته وانا هبلغك بالباقى فى ميعاده .. دلوقتى تقدر تمشى انت ..


اتسعت عيني سمير بصدمه ثم قطب جبينه بعدم فهم فعاد فريد جملته قائلاً بهدوء :

-لما احتاجك يا سمير هكلمك ومتنساش الطلب التانى اللى مستنيه . 


حك سمير فروه رأسه بيده محرجاً ثم تحرك نحو الخارج بعدما القى تحيه الوداع عليهما ، التفت فريد بعدما تأكد من خروجه مستطرداً خطته لرئيس حراسته :

-دلوقتى .. انا عايز نجوى تتمسك بالشنطه دى فى المطار او بالأدق عايزهم يكونوا فى شنطتها الاساسيه .. وده يخلينا نرجع للنقطه الاهم ان نجوى تسافر .. هتسافر ازاى .. انا دى مهمتى انا  .. وبعدها بقى مهمتك كلها .. هتدخل مع مساعدين طبعاً البيت عندها على اخر وقت وتحط المخدرات فى شنطه هدومها وتخفيهم كويس وتتأكد انها طلعت بيها على المطار والباقى سيبه على الراجل بتاعنا فى الداخليه رغم اننا مش هنحتاجه غيرعشان خطه التسمم .. كده واضح ؟!.. 


اومأ رئيس حراسته رأسه موافقاً بأعجاب ثم تحدث يسأله مستفهماً :

-تمام وسهل .. بس سؤال اخير .. حضرتك واثق فى سمير ده ؟!.. 


اجابه فريد بغموض :

-زى ما واثق فيك .. بس بحب كل واحد بعرف تفاصيل مهمته لا اكتر ولا اقل .. 


اردف فريد بعد جملته تلك قائلاً بجديه :

-بالنسبه لدخول البيت عندها .. عندها شغاله واحده بتمشى اخر اليوم بس فى كاميرات مراقبه برضه .. يعنى انت عارف كويس هتعمل ايه ؟!.. 


اجابه الرئيس بثقه شديده وهو ببتسم بتفاخر :

-نقطع النور .. 

اومأ فريد رأسه بأستحسان وهو يغمغم لنفسه داخلياً :

-بالظبط .. زى ما عملت مع حياة فى الملف اللى بوظته ..


***********


بدء فريد فى تنفيذ خطته بترو فالجزء الاكبر يقع عليه فى دفعها للسفر فعليه ان يكون شديد الاقناع والحنكه حتى تشعر بصدق تهديده لها والفرار من امامه دون الكشف عن اوراقه كامله اما ما تبقى فهو يثق فى قدره على رجاله على فعله 

لذلك اخذ نفساً عميقاً وهو يقف امام باب منزلها منتظراً ظهورها من خلفه ، استقبلته نجوى بأبتسامه مشرقه وهى تمتم بدلال :

-بيبى .. انت هنا .. انا مصدقتش نفسى لما كلمتنى وقالتلى انك عايزنى ..


رمقها فريد بنظره استحقار جليه وهو يتحرك للداخل ثم اغلق الباب خلفه قائلاً بجمود :

-انا مش جاى احب فيكى ولا وحشتنى طلتك اللى بكرهها .. انا جاى بس ابلغك بحاجه لطيفه اوووى لو عرفتيها هتبسطك .


سألته نجوى بحماسه وقد قررت غض النظر عن تعليقه اللاذع فى اول حديثه :

-ايه هى يا بيبى انا سامعاك ..

اصدر فريد من حنجرته صوت يدل على الضجر ثم قال بنبره ذلت مغزى :

-ااه عايزك تسمعى كويس عشان لو انتى مش ناويه تسمعى ممكن اوفر كلامى وأسمعه لجيهان مثلاً ..


تحولت ملامح نجوى للتركيز وهى تسأله بترو:

-قصدك ايه ؟!..

اجابها فريد بشماته :

-قصدى ان الكلب بتاعك اللى وزتيه على نيرمين اعترف انك السبب فى إدمانها ..


لم تصدر نجوى اى رد فعل فقد اكتفت بالتحديق به حتى أردف فريد يقول سخريه :

-لا يا نوجه عايزك تركزى كده عشان مش هو ده رد الفعل اللى انا مستنيه منك .. 

ضيقت نجوى عينيها فوقه ثم سألته بتمهل وعلى مضض :

-ايه اللى يثبتلى انك صح .. وبعدين انا مالى واحده وأدمنت .. دخلى بيها ايه ..


هز رأسه موافقاً على حديثها ثم قال بثقه شديده :

-عندك حق .. ملكيش دخل بيها .. بس هيكون ليكى دخل لما التسجيل اللى فى اعترف الكلب بتاعك يوصل لجيهان وتتأكد ان اللى حصل لبنتها ده انتى السبب فيه ..

بدءت ملامح نحوى تتجعد فعلم فريد انه يسير على الطريق الصحيح لذلك اردف قائلاً بتهكم :

-لا متخافيش كده واجمدى ومش عايز لون وشك يتخطف اكتر ماهو مخطوف .. نتفق تبقى فى امان ..


كانت نجوى تعلم جيداً ان الكذب معه لن يؤتى بثماره لذلك آثرت كشف اوراقها امامه واللعب وفق اصوله للخروج بأقل خسائر على امل بأستمتاع قلبه يوم من الايام ، ثم انها لم يخفى عليها تهديده فى بدايه الكلام بمعرفه جيهان بالأمر كله وهى ابداً لا تريد خساره جيهان فى الوقت الحالى حتى تتخلص من حياة فيبدو ان مخططها مع نيرمين باء بالفشل ولازال زواجهم قائم لذلك تحركت حتى اقرب مقعد تجلس فوقه بأسترخاء ثم قالت بهدوء :

-انت عارف طول عمرى بيعجبنى ذكائك .. وعارف انك الوحيد اللى مقدرش العب عليه .. صدقنى انا وانت كوبل واو .. لو اتحدنا محدش هيقدر علينا ..


حدقها فريد بعده نظرات حانقه قبل تعقيبه على حديثها قائلاً بنبره عدائيه واضحه :

-انا ذكائك مكفينى وزياده .. بس عمتاً خلينا نتكلم فى المفيد .. انتى خليتى نيرمين مدمنه .. مش مهم بالنسبالى .. بس بالنسبه لجيهان مهم .. ولو عرفت انتى باى باى وانتى عارفه ده كويس .. بس من حسن حظك ان محدش يعرف ده غيرى .. وفى المقابل انتى عامله مشاكل حواليا  وانا ورايا شغل ومش فاضى اصلح اللى بتعمليه ده يبقى نتفق اتفاق .. سكوتى مقابل انك تحلى عنى لحد ما اخلص مشاكل شغلى .. اتفقتا ؟!.. وطبعاً انتى فاهمه قصدى ايه .. 


تأملته نجوى مطولاً ثم سألته بتفكير :

-ايه ضمانتى ومعاها لو وافقت مطلوب منى ايه ؟!..


لمعت عيني فريد برضا فخطاه تسير بشكل صحيح للغايه ، تحرك بجسده عده خطوات داخل غرفه معيشتها ثم قال بترو شديد ونبره واثقه :

-ضمانك كلمتى .. فريد مبيخلفش وعده ولا كلمته .. والمطلوب بسيط .. تسافرى لحد ما اخلص مشاكلى وبالمره هعيد تفكيرى فى انى ارجع الشراكه مع سعيد تانى .. وساعتها هنسى كل اللى سمعته وهمسح التسجيل ولا كأنه موجود ..


شعرت نجوى ببريق امل يعود إليها من طريقه معاملته معها ، اذا ستطاوعه فيما يريده مؤقتاً وفى نفس الوقت تستغل ذلك الاتفاق لمصلحتها فى الوقت المناسب ، ثم ان فكره اختفائها الان مثاليه لسببين أولهما خداعه بموافقتها والترتيب لخطوتها التاليه من بعيد ، والثانيه الا تضطر لزياره نيرمين او التعامل معها بأى شكل من الاشكال بحالتها تلك حتى ترتب كيف تتخلص منها نهائياً وهى داخل مصحتها ، لقد اتخذت قرارها اذا فهى المستفاده من ذلك كله ، لذلك هتفت بموافقتها وهى تتحرك وتقف قباله فريد وتمد كفها لها مصافحه وهى تمتم بحزم :

-متفقين .. هحجز وأبلغك بميعاد سفرى ..


اومأ فريد رأسه موافقاً برضا وهو يمد كفه ليصافحها قائلاً بتشجيع :

-هستنى تليفونك ..


************


بعد مرور أسبوعان جاء اليوم الموعود ، لقد سارت خطته كما أردأ بنجاح حتى الان وحان وقت اللحظه الحاسمه وهاهو يجلس داخل غرفه مكتبه ينتظر بترقب شديد خبر القبض عليها ، رفع ذراعه ينظر بتأفف إلى ساعه يده ، لقد تجاوزت الساعه الثالثه عصراً والطائرة ستقلع فى السادسه ، اذا ساعه اخرى وتكون داخل المطار وتبدء رحلتها نحو ما تستحق ، قاطع تفكيره رنين هاتفه برقم حارسه ، اجاب على الفور بترقب متسائلاً :

-ايه الجديد ؟!.. 


اجابه حارسه مطمئناً :

-كله تمام يا فندم .. اتحركت دلوقتى بعد ما حطت الشنطه فى عربيه مستأجره واتحركت واحنا وراها من بعيد .. لما توصل هبلغ حضرتك تانى .. 


بلغه فريد بأنتظاره ثم اغلق معه الهاتف وهو يعد الدقائق من اجل سماع الخبر المنتظر وبعد حوالى الساعتين أضاءت شاشه فريد ولكن تلك المره برقم رجله الذى يعمل فى الداخليه ، والذى كان ينتظر داخل المطار فى ذلك الوقت مع أصدقائه بعدما نبهه فريد عن محتويات حقيبه سفر نجوى ، اجاب فريد بلهفه حابساً انفاسه ومستمعاً لنبره  الرجل السعيده :

-فريد بيه .. عايز البشارة .. الهانم اتقبض عليها ودلوقتى محجوزه من امن المطار عشان تترحل على اقرب قسم ومنه للنيابه .. 


تنفس فريد الصعداء براحه ثم سأله بترقب :

-انت متأكد انها كده متلبسه ؟!.. 

اجابه الرجل مؤكداً :

-يافندم دى الشنطه طلع فيها حوالى كيلو هيروين .. يعنى القضيه لبساها لبساها .. طبعاً هى منهاره وبتأكد انها متعرفش حاجه .. بس الشنطه بتاعتها بأعترافها .. 


اتسعت ابتسامه فريد بسعاده وهو يستمع للتفاصيل ، اخيراً استطاع التخلص من نجوى واخذت ما تستحقه ، الان يستطيع الاسترخاء والانتباه لمشاكله مع حياة ، اغلق الهاتف ثم اجرى اتصالاً مع حارسه يخبره بالاستمرار فى مراقبتها حتى النيابه ويطلب منه اطلاعه على المستجدات اول بأول .


بعد قليل دوى رنين هاتفه مرة اخرى وتلك المره برقم وائل الجنيدى ، لقد مضى على حادثه هروبها ما يقارب من الثلاث اسابيع وهو حتى الان يتجنب التعامل معه او الاحتكاك به فمجرد التفكير به يجعل الدماء تغلى داخل عروقه ولا يستطيع ضمان رد فعله امامه لذا الحل الأمثل هو تجنبه اما عن امور العمل فقد تركها لمساعده لينهيها معه متحججاً بكثره انشغلاته وعليه وُكّل مساعده للتعامل معه 


لماذا لم يطلب سجل تسجيلات حياة مثلما فعل مع نيرمين !! لم يجد اجابه لهذا السؤال ، فى الحقيقه لديه اجابه وأجابه مقنعه للغايه ولكنه يخشى الاعتراف بها ، يخشى الاعتراف بخوفه اذا ما تأكدت الشكوك التى تتأكله بصمت ، لحظتها لن تسمح له رجولته بالاحتفاظ بها وهى تريد غيره ولن يستطيع تركها ايضاً لغيره ، لذلك الهروب هو اسلم حل ، لوى فمه بتهكم مرير ، فريد رسلان يخشى اكتشاف حب زوجته لغيره ، ما هذا الجحيم الذى يعيشه !! ، قاطع افكاره تلك طرقه خفيفه فوق باب غرفته يليها دخول سكرتيرته ايمان تقول بخفوت وتردد :

-فريد بيه .. انا عارفه ان حضرتك طلبت محدش يزعجك بس فى واحد اسمه سمير بره بيقول هو معاه اللى حضرتك طلبته منه .. 


انتفض فريد من مقعده بمجرد سماعه تلك الجمله ثم قال بلهفه :

-دخليه على طول .. 


تحركت ايمان بعدما اومأت لها برأسه موافقه تاركه المجال لسمير بالدخول ، تحدث سمير بزهو وهو يخرج من جيب ردائه اسطوانه مدمجه ويضعها امام فريد وفوق سطح مكتبه :

-فريد باشا .. التسجيلات وصلت .. كلها موجوده فى السى دى ده ومعاه ميمورى كارد عشان لو حبيت تسمعها على التليفون .. كده انا مهمتى الاولى والتانيه انتهوا ..


ابتسم فريد بسعاده للمره الثانيه فيبدو ان اليوم هو يوم حظه ، تحرك من مقعده وربت على كتف سمير بأستحسان ثم قال بنبره سعيده :

-تمام يا سمير .. استعد بقى عشان تنفذ اخر حاجه .. متنساش مش عايز اى غلط ..

اجابه سمير بثقه مدفوعه بنجاحاته السابقه :

-رقبتى يا باشا حضرتك تؤمر واحنا ننفذ ..


ودعه فريد بأستعجال بعدما طلب من ايمان إيصاله للخارج وعدم إزعاجه لاى سبب كان ثم وضع الذاكره الخارجيه داخل هاتفه وبدء يستمع إلى مكالمات اخته مع صديقتها المقربه نيرمين ، نعم هذا ما يبحث عنه ، بعد عده اتصالات بدءت عينيه تتسع بشده وهو يستمع إلى اتفاق نجوى المبهم مع اخته والذى لم يلتقط منه الكثير ورغم ذلك استطاع ربطه بما فعلته حياة ، عاد الاستماع مره ثانيه وثالثه عل عقله يستوعب شئ مما يقال ولكن دون جدوى ، ظل غالقاً على نفسه حتى المساء يحاول التوصل لحل لتلك المعضله وبعد العاشره بقليل قرر العوده إلى منزله وقد اتخذ قراره ، نعم هذا هو القرار المناسب لكليهما فنجوى ستذهب للسجن اعواماً كثيره وجيهان مشغوله مع ابنتها اذا حياة اصبحت فى امان .


عاد إلى منزله بملامح جامدة وطلب من عفاف الذهاب اليوم باكراً ثم صعد إلى غرفته مباشرةً يبحث عنها بعينه فوجدها جالسه فوق احد مقاعد غرفتهم بحاله الخضوع  التى تتمسك بها منذ تلك الحادثه ، بمجرد رؤيتها له انتفضت واقفه تنتظر حديثه ، وبالفعل تحدث هو تلك المره على الفور قائلاً دون مقدمات بنبره جامده للغايه :

-حياة .. انا قررت اننا ننفصل .. ومن دلوقتى انتى بقيتى حرة .



متى تخضعين لقلبى

الفصل الثانى والثلاثون ..


انهى فريد جملته المفاجئه تلك ثم اختفى خلف باب الحمام تاركها تشعر بالصدمه والذهول بسبب ما تفوه به ، حركت رأسها يميناً ويساراً تنظر حولها جيداً لتتأكد من مكان وجودها ، انها ليست نائمه ولا تحلم أليس كذلك ؟! ، لا ليس كابوس فهى تجلس فى غرفتهم منذ الصباح تنتظر عودته كعاده كل يوم منذ تلك الحادثه ، تُرى هل اختلط لديها الواقع بالخيال وخرج منهم اسوء ما كانت تتخيّله ام انها فقدت عقلها بسبب جلوسها هنا يومياً لمده ثلاث اسابيع دون اى عمل يُذكر ، لا هى متأكده انها لا تحلم ولم تفقد عقلها حتى الان والامر ابسط من ذلك بكثير ، كل ما فى الامر نجوى ، نعم هى تلك الحرباء المتلونة يبدو انها أخبرته بحقيقه حملها وبالطبع اصبحت هى ام طفله وعليه أصبحت هى الزوجه المنبوذة ، الم يخبرها بكل صراحه انه اصبح يكرهها !!، وبالطبع كما اجبرها على الزواج منه سيجبرها الان على الانفصال عنه ، يبدو ان لعبه الجاريه تلك أعجبته وقد حان الوقت لتُظهر له حياة الحقيقه اذا لم يكن يعرفها ، فالآن ليس وقت الاستسلام له او الانكسار ، هذا ما فكرت به بعصبيه وهى تركض نحو باب الحمام تطرقه بكلتا يديها  وهى تهتف اسمه بشبه صراخ :

-فريد .. اطلع هنا وكلمنى ..


لم تأتيها اى اجابه منه لذلك عاودت الهتاف بأسمه بنبره شبهه هيستيريه وكفها لازال يطرق فوق الباب دون انقطاع :

-فرييييييييد .. اطلع وعيد طلبك وانت قدامى .. فريييييييد .. 


للمره الثانيه لم تأتيها منه اى اجابه فقط صوت انسياب المياه هو كل ما يصلها كأنها تتحدث إلى الباب وليس إليه مما جعلها تفقد اعصابها اكثر فعادت تصرخ بعصبيه شديده شعرت خلالها بأحبالها الصوتيه على وشك الانقطاع ، وهى تضع كفها فوق المقبض قائله بتحذير :

-فريد لو مطلعتش دلوقتى هدخل ومش هيهمنى انت بتعمل ايه .. 


انتظرت ثوان معدوده لعلها تصل إلى ما تريد ، هل ظنها لن تنفذ تهديدها  ؟!، حسناً فهى لن تتراجع حتى تتحدث معه وجهاً لوجهه والان وليس بعد دقيقه وليس بعد انتهاء اغتساله وليس فى الوقت الذى يريده هو ، اذا كان يتذمر دائماً من عنادها فهو لم يرى مداه حتى الان ، بعد نصف دقيقه من الانتظار فتحت باب الحمام واندفعت بحده حتى وصلت إلى كابينه الاستحمام والتى كان يقف بداخلها وقامت بسحب بابها الزجاجى بكل قوتها متجاهله رذاذ الماء الذى خرج بالكامل من حدودها ثم صرخت به قائله :

-انا بكلمك متتجاهلنيش .. 


لقد اصُيبت بالجنون حقاً ! ، هذا ما فكر به وهو يهتف اسمها بحنق محاولاً إزاله بقايا الشامبو عن شعره ووجهه :

-حياة !! انتى اتجننتى !!.. 

تجاهلت تعليقه وعادت تهتف به بشراسه وصدرها يعلو ويهبط من فرط الانفعال :

-اتفضل اطلع دلوقتى حالاً وكلمنى .. 


واصل هو غسل وجهه دون أدنى اهتمام بطلبها فتحركت تدفعه جانباً حتى كاد جسده ينزلق لولا تمسكه بأطراف الكابينه ثم انحنت بجزعها نحو صنبور المياه تغلقه غير عابئه بكميه الماء التى سقطت فوقها والتى بللت الجزء العلوى من ملابسها بالكامل ، اعتدلت فى وقفتها بعدما اغلقت المياه ثم استطردت تقول بنبره آمره قويه وقد تحولت ملامح وجهها للقرمزيه من شده الغصب وفَرَّط الانفعال :

-اتفضل البس وحصلنى .. 


كانت حياة فى حاله هيستريا شديده منعته من الاستمرار فى تجاهلها لذلك تحرك خلفها بعدما وضع منشفه فوق خصره رغم بقايا سائل الاستحمام التى لم تسمح لها بأزالتها ثم توجهه نحو خزانه ملابسه والتقط منها بنطال رياضى مع تيشرت من نفس النوع وقام بأرتدائهما سريعاً قبل تحركه إليها حيث كانت تقف امام نافذه الشرفه تنتظره ، تحدث قائلاً بهدوء  :

-اتفضلى .. عايزه تتكلمى فى ايه ؟!.


التفت بجسدها بحده موجهه إليه بعينيها شرارت متطايرة وهى عاقده ذراعيها امام قفصها الصدرى ومتخذه وضع الاستعداد ، استفزها هدوء ملامحه لذلك صاحت به قائله :

-اتفضل قول الكلام اللى قلته من شوبه قبل ما تختفى جوه ده ..


 اخذ نفساً عميقا ببطء شديد زاد من حنقها ثم قال بنبره خفيضه جامده :

-قلت ننفصل .. 

صرخت بقوه متسائله بمجرد انتهاء جملته قائله بعصبيه :

-يعنى ايييه ؟!!!.

اجابها فريد بنبره بارده مستفزه زادت من حنقها وعصبيتها :

-ننفصل يعنى نطلق .. مش هو ده طلبك من ٣ اسابيع !!!..


-طلبى !!! ..

هذا ما صاحت به مستنكره وهى تدفعه بقوه جعلت جسده يترنح قليلاً بسبب عدم مقاومته لها ، هتف هو بها بضيق مستنكراً فعلتها :

-حيااااة !!! ..


لقد بدءت تفقد القدره على اعصابها وصوتها وجسدها كله بسبب غضبها فهى لا تصدق إعادته لطلبه مره اخرى بكل تلك الاريحية كأنه سعيد للتخلص منها !! ، صرخت به بقوه وهى تعاود لكمه فى صدره :

-حياة ايه !! مفيش حياة !! سامع مفيش حياة !! خليك شجاع وقولى السبب الحقيقى .. 


هتف أسمها مره اخرى بسخط محذراً وهو يقبض على معصميها بكلتا ذراعيه لمنعها من الاستمرار فى لكمه :

-حياااة ..

تململت فى وقفتها وحاولت الافلات من قبضته وهى تقول بشراسه :

-انا عارفه انت بتعمل كل ده ليه .. عشانها صح ؟!.. كل ده عشانها !!.. اكيد قالتلك انها حامل .. 


كرر فريد جملتها مستنكراً بعدم فهم :

-حامل ؟!.. 

صرخت حياة وهى تبتعد عنه بعدما ارخى قبضته من فوق يدها وقد اصبح كل حديثها الان عباره عن صراخ :

-ايوه حامل .. انا عارفه كل حاجه .. انطق وصارحنى بالحقيقه ..


تسائل فريد وهو مقطباً جبينه عدم فهم :

-حامل مين ؟؟ انتى بتقولى ايه !!..

صرخت به وهى تعود عده خطوات للخلف مبتعده عنه :

-نجوى !! .. مش الهانم مراتك برضه ؟!..


صُدمت ملامحه اولاً ولكنها سرعان ما عادت لجمودها قبل ان يسألها بهدوء شديد :

-انتى قصدك ايه بالظبط ؟!..

اجابته وهى تتحرك بعصبيه داخل الغرفه وتفتش داخل إدارجها قائله بأصرار :

-هتعرف دلوقتى انا قصدى ايه .. 


فتحت عده ادراج بعصبيه شديده ثم تسائلت بحنق :

-راح فين !! تليفونى اللى سبته هنا راح فين !!..

عقد فريد حاجبيه معاً بترقب ثم تحرك يخرجه لها من احد الأدراج فمنذ حادثه هروبها وضعه هو فى ذلك المكان ولم تهتم هى بالبحث عنه ، حاولت فتحه بأصابع مرتجفه قبل إدراكها لنفاذ بطاريته لذلك بحثت عن شاحنه ووضعته به وجلست جواره تحرك ساقها بعصبيه شديده منتظره اعاده تشغيله وبعد عده دقائق فتحت رسائلها المرسله ثم تحركت به ووضعته امام وجهه وهى تقول بحده :

-اتفضل شوف .. الهانم بعتتلى كل حاجه لما كنت مسافر ..


التقط فريد الهاتف منها بأليه شديده ثم امعن النظر فى صوره العاريه او بالأدق صور الشخص العارى مركبه فوقها بأحترافيه شديده رأسه ، نقل بصره بين الهاتف وبين حياة عده مرات قبل مد يدها وسحبها للهاتف من داخل كفه قائله بغضب :

-متقلقش لسه فى الاحلى ..


عبثت بهاتفها ثانيه ثم إعادته ليده ليقرء صوره مرسله بعقد زواج عرفى بأسمه واسم نجوى العمرى ، تجهمت ملامحه بشده وضاقت المسافه بين حاجبيه وهو يعيد قراءه الورقه المرسله مرة اخرى ، قاطع قرائته صوتها يسأله بتهكم :

-وصلت لصوره تحليل الحمل ولا مفيش داع مانت اكيد عرفت ؟!..


فتح فريد الرساله الاخرى ليجد صوره تحليل من احد المعامل الشهيره بأسم نجوى العمرى تؤكد حملها ، ضغط فوق اسنانه بقوه وبدء ذلك العرق بجانب صدغه فى الانتفاض ثم رفع رأسه وسألها بهدوء رغم غضبه واحتقان ملامحه :

-وانتى صدقتى ؟!..


لم تعقب على حديثه بل أشاحت بوجهها بعيداً عنه لا تريد حتى النظر إليه ، القى الهاتف من يده ثم عاد يسألها بنبره قويه أجبرتها على النظر إليه وإجابته :

-انطقى انا بكلمك !! انتى صدقتى الكلام ده ؟!!!. 


اجابته بحده وهى ترمقه بنظرات متحديه :

-مصدقتش لحد ما اختك جت واكدتلى الكلام ده وانك اتجوزتها قبل منى بسبب غلطه ..


حرك رأسه بشراسه ثم صرخ بها بقوه جعلتها تنتفض ذعراً :

-اختى !!! صدقتى اختى !!! اللى حذرتك ومنعتك منها ٥٠٠ الف مره !!! صدقتى شويه صور على تليفون من غير ما ترجعيلى او تسألينى !! لا وترجعيلى ليه !!! ..


انهى جملته وانحنى بجزعه يلتقط هاتفها من فوق الارضيه ثم طلب منها اعاده فتحه ثم سحبه من بين يديها بقوه وفتح احدى الصور المخله ووضعها امام عينيها بعدما جذبها من مرفقها بحده لتقف جواره قائلاً بعصبيه :

-بصى يا حياة هانم !! يا مراتى يا اكتر واحده عرفانى !!! هى دى ملامحى لما بكون معاكى !!! هو ده بيكون شكلى !!! بتكون ملامحى طبيعيه كده زى الصوره دى !!! .. ده رد فعل واحد بالوضع ده !!! يا هانم دى صوره واحد قاعد بياكل مش بيعمل حاجه تانى .. 


دفعها فوق الفراش ثم تحرك مبتعداً عنها ليتلقط هاتفه من داخل سترته ، راقبت حياة حركته بأرتياب وقد فهمت ما شرحه لها  بوضوح ، جذب هو هاتفه بشراسه وقام بالعبث به ثم قام بتشغيل الصوت ورماه إليه بعصبيه قائلاً بجمود :

-اسمعى يا هانم واعرفى صوت مين ده .. 


أستمعت حياة بتركيز شديد لصوت امرأه غير مألوف لديها تقول برضا :

"-ايوه بقى يا نيرو .. كده مفاضلش غير انك تنقليلها شويه اخبار عنى واخر حاجه بقى تجبيلى توقيع فريد بصوره واضحه عشان الراجل يشوف شغله .."


كتمت حياة انفاسها بترقب منتظره سماع الطرف الاخر والتى فى تلك الحاله اخت زوجها تقول بثقه 

" -بس كده .. توقيع فريد بسيطه هلاقيه فى اوراق بابى .. اما عن اخبارك فأنا فعلاً قلتلها ان حادثه الملف بتاعها الاول كانت بمساعده مدير الحسابات برضه واتصدمت اوى .."


شهقت حياة بذهول وألقت الهاتف من بين يديها كأن حيه لدغتها ثم وضعت كفيها فوق فمها بذعر ، ابتسم فريد بشراسه وهو ينحنى لالتقاط هاتفه متمتاً وهو يضغط على حروف كلماته :

-لا استنى .. زى مانتى قلتى من شويه .. لسه فيه الاحلى .. 


اعاد تشغيل التسجيل الصوتى ليصدع صوت نيرمين هاتفه بسعاده 

"-ايوه يا نوجااا .. انا لسه خارجه من عندها وكل حاجه مشيت زى ما اتفقنا بالظبط .. صدقت وسبتها دلوقتى منهاره .. الباقى بقى عليها .. 


صرخت حياة وهى تتحرك بجسدها مبتعده عن الهاتف كأنها تخشى رؤيتهم بداخله ثم بدءت الدموع تنساب من فوق مقلتيها بغزاره وهى تنظر إليه بضعف ، هز فريد رأسه بأسف ثم قال بنبره خاليه كأقرار اكثر من سؤال :

-طبعاً مش محتاج اسالك الكلام ده كان امتى ولا ايه اللى حصل بعده ..


اجابته بنبره خفيضه للغايه بالكاد وصلت لمسامعه :

-ليله ما سبت البيت ..

ردد فريد جملتها خلفها بنبره هادئه :

-ليله ما سبتى البيت وهربتى بأبننا .. عشان اسهلك تصدقيهم .. او نقول بصراحه عشان انتى كنتى عايزه تصدقيهم فما صدقتى تهدى كل حاجه بينا بكلمه وتهربى ..


اخذ نفساً عميقاً يملاً به صدره ويخفى نبره الحزن من صوته ثم قال بنبره خاليه :

-انا لسه عند طلبى .. حياة انا عايز ننفصل ..


حركت رأسها بفزع رافضه ودموعها تملئ وجهها ، هز رأسه مؤكداً ثم عاد يقول بنفس نبرته :

-مش هينفع نكمل من غير ثقه .. من بكره هنمشى فى اجراءات الطلاق ..


صرخت حياة بذعر وهى تركض نحوه وتتمسك به قائله بتوسل من بين شهقاتها المتلاحقة :

-لااااا .. انفصال لاااا .. انا غبيه .. ايوه انا غبيه .. بص عاقبنى بأى حاجه فى الدنيا .. قول انك بتكرهنى زى ما قلتلى قبل كده .. وابعد عنى زى مانت بعيد عنى دلوقتى .. متخلنيش اخرج زى مانا محبوسه هنا .. اعمل اى حاجه بس اكون جنبك .. انا غلطانه وعارفه انى غلطت غلط كبير بس اخر مره .. والله اخر مره .. انا خفت .. عملت كده عشان خفت .. خفت ان اللى حصل معاك زمان يحصل مع ابننا .. خفت نجوى تقدر تغيرك وتظلم ابننا زى ما حصل معاك .. هو ده اللى خلانى امشى .. خوفى على ابنى .. بدليل انا قاعده اهو وقابله..


صمتت لوهله تلتقط فيها انفاسها وتبتلع لعابها ثم استطردت  تقول بصوتها الباكِ :

-انا مش بدافع عن نفسى .. انا عارفه انى غلطانه فى تفكيرى واتعاقبت .. اتعاقبت لما بعدت عنك وحسيت فى الكام يوم دول بالخوف من غيرك .. واتعاقبت لما شفتك بتبصلى وانت قرفان منى .. اتعاقبت لما اتحرمت انى اشوف فرحتك لما تعرف انى حامل منك .. واتعاقبت لما ابننا راح منى .. وأسوء عقاب فيهم لما سمعت كلمه بكرهك منك ..


أشاح فريد بنظره بعيداً عنها متجنباً النظر داخل عينها حتى لا ثنيه عن قراره ، انتظرت حياة صدور اى رد فعل منه يطمأنها وعندما صمت اردفت تقول بلهفه :

-فريد .. انا غلطانه بس بوعدك عمرى ما هكررها تانى .. انا غلطت لما صدقتها وموثقتش فى حبك وغلطت لما رفضت اسمع كلامك وصدقت ان نيرمين ممكن تكون اتغيرت .. بس وعد والله ما هكررها تانى .. هسمع كلامك فى كل اللى تقوله عشان انا اكتشفت انى مبعرفش احكم على الناس ولا هثق تانى فى حد غيرك .. هنبدء صفحه جديده من النهارده .. من دلوقتى هنتشارك كل حاجه ومش هخبى عليك حرف واحد مهما حصل .. انا عارفه انى غلطت واعترفت بده بس انت احسن منى صح ؟!!.. انا عارفه انك احسن منى وهتدينى فرصه .. اعتبرها اخر فرصه ليا .. انت طول عمرك بتسامحنى وبتساندنى متبخلش عليا المره دى .. بص جربنى اسبوع .. لا شهر ولو حصل اى حاجه تانى يبقى انت عندك حق تسبنى .. بس انا خلاص اتعلمت درسى بخساره ابنى وخسارتك .. وحياة اغلى حاجه عندى وعندك انا بثق فيك وكل ده حصل من غيرتى عليك .. 


رغم رؤيتها للين ملامحه قليلاً الا انه لم ينظر إليها حتى الان لذلك اردفت تقول بيأس وهى تضع أصابعها تحت ذقنه وتحرك رأسه فى اتجاهها :

-فريد بصلى عشان خاطرى .. قولى .. هتقدر تعيش من غير حياة !! لو انت تقدر تعيش من غير حياة  فحياة مش هتقدر تعيش من غيرك .. متبقاش حياة من الاساس .. فريد انا بحبك .. لا انا مش بحبك انا فتحت عينيا على حبك وعشت وكبرت فى ضل حبك .. بتنفس حبك .. اهون عليك اعيش من غير نفسى .. من غير حياتى !!.. 


لانت ملامحه وظل يتأمل بتأثر وجهها ونظره عينيها التى تبوح بما لا تستطيع صياغته بالكلمات ثم سألها بنبره خافته كأنه طفل يتلمس من والدته الامان :

-يعنى انتى مش بتحبى وائل ؟!..


هتفت بعدم تصديق وهى تبتعد عنه خطوه واحده :

-وائل !!! وائل مين ؟!!..

اجابها فريد بجمود وقد عات ملامحه للتجهم :

-وائل الجنيدى .. رقمه كان على تليفونك لما هربتى .. ودايما كان بيسأل عنك ..


شهقت حياة بندم وقد تذكرت حديثه عن نيرمين واعطائها رقم هاتفها له ، ربما كان يعلم بمخططها واراد تحذيرها ، تجعدت ملامحها وهتفت بِه مستنكره تفكيره :

-وائل !!! هو وائل اللى اختارلى اسمى ؟!! وائل اللى كان رفيق طفولته ؟!!! وائل اللى كان بيدافع عنى لو اى حد قربلى ؟!!! .. وائل اللى لما كنت بحتاج لحد اشتكيله كنت بلجأله هو ؟!!!.. وائل اللى كنت بتحامى فيه ومنه من الدنيا ؟!!!.. وائل اللى لما بابا باعنى كنت بصرخ بأسمه عشان يلحقنى ؟!!.. وائل اللى كنت بنطق اسمه اكتر من اسمى ؟!!.. وائل الوحيد اللى سمحتله وحبيت لمسته ونبرته ونظرته ؟!!.. وائل اللى بيفهمنى من غير كلام ؟!!!. ولا وائل هو اللى قالى ان عندى ١١ نظره ليه لوحده ؟!!.. رد عليا يا فريد !!.. وائل هو اللى بحب اقول اسمه كل شويه عشان لما بنطقه بحس بالامان !!! .. ساكت ليه رد عليا وجاوبنى ؟!.. عشان احب وائل لازم تحصل حاجه واحده .. انه يكون فريد .. وانا معنديش غير فريد واحد .. فريد بتاعى انا .. اللى عشت كل ده معاه هو واللى بحبه من غير كل ده .. بحبه عشان هو فريد حياة .. اللى بحبه ومش عايزه من الدنيا غير حبه .. لا حبيت قبله ولا عايزه احب بعده .. 


لانت ملامحه وانفرجت أساريره وارتخت عضلات جسده تحت لمستها وبدءت عينيه تومض بتلك النظره العاشقه لها ، تنهدت بأرتياح هى الاخرى بعد رؤيتها لتبدل ملامحه ثم رفعت ذراعيها تحتضن بكفيها وجهه وهى تغمغم بنعومه لتستجديه بعدما قامت بطبع قبله رقيقه فوق شفتيه:

-فريد .. حبيبى .. 


انهارت اخر حصون مقاومته لها وهو يسمع تلك الجمله التى ظل ايام وليال يحلم بها وهى تنطقها من بين شفتيها الناعمتين ، اخفضت حياة ذراعها حتى وصلت إلى كفه ثم احتضنته بحب وسارت به حتى المقعد المنخفض والموضوع امام الفراش وجلست فوقه ثم جذبته برقه لتحثه على الجلوس جوارها ، أطاعها فى صمت وجلس جوارها تاركاً بعض المسافه بينهم ، ابتسمت حياة له بأشراق لتطمئنه ثم انهت المسافه بينهم والتصقت بجسده بعدما وضعت ذراعها فوق خصره لتحتضنه ، اقترب بوجهه منها مستنشقاً رحيق شعرها الذى اشتاقه كثيراً ثم تحدث بصوت أجش يقول :

-انتى صدقتى انى ممكن اسيبك بجد ؟!..


قطبت جبينها بعدم فهم وتوقفت أصابعها عن العبث بمؤخره عنقه ثم سألته بتعجب :

-قصدك ايه ؟!.. 


اجابها بأبتسامه خجله خفيفه :

-انا سمعت التسجيلات قبلك واتاكدت انهم عملوا عليكى لعبه بس مكنتش عارف تفاصيلها غير لما حكتيلى .. ومكنش قدامى غير كده يا تدافعى عن حياتنا .. يا اسيبك تروحى للى بتحبيه .. عمرى ما كنت هعمل زى بابا وأذيكى يا حياة .. 


شهقت حياة بتسليه ثم سألته بمرح :

-يعنى انت ضحكت عليا عشان احكيلك .. واصلاً انا اختارت اللى بحبه فعلاً .. وبعدين انت عمرك ما هتكون زيه .. وكلامك دلوقتى اكبر دليل انك مش زيه .. 

تفوهت بجملتها وحكت انفها بأنفه وهى تقول بنعومه :

-بحبك .. يا اغلى حاجه فى حياتى .. 


اتسعت ابتسامته بسعاده حقيقه ورضا ثم بدء فى لثم شفتيها على الفور ، تجاوبت معه فى اللحظه التى لمس بها شفتيها وبادلته قبلته بأشتياق وشغف كبير ، ابتعد عنها على مضض وعينيه تنظر إليها بضياع ، تفهمت هى نظرته تلك فأومأت له برأسها متفهمه ثم قالت بهدوء لتطمأنه :

-حبيبى .. انا بقيت كويسه دلوقتى متخافش .. .. وبعدين انت مش ذنبك .. انا اللى خبيت عليك وبعدين انا كنت تعبانه من قبلها .. يعنى اللى حصل بينا ملهوش علاقه بنزول البيبى .. انا اسفه على اللى حصل بسبب غبائى .. وأسفه على الموقف اللى حطيتك فيه .. 


نظر إليها بولع شديد ثم رفع كفها وقام بتقبيل باطن كفها بشغف ثم قال بحب :

-وانا اسف انى اتعاملت كده .. بحبك يا حياتى .. 

قالت وهى تبتسم له :

-وانا بموت فيك يا روح قلب وعقل حياتك .. 


طبع قبله خفيفه فوق شفتيها ثم عاد يقول بخفوت :

-حياة .. نجوى اتقب.... 

وضعت حياة إصبعها فوق شفتيه لتمنعه من الاستطراد ثم قالت بهمس ناعم :

-هششششش .. مش عايزه اسمع اى حاجه عنهم .. مش عايزه اسمع حاجه عند حد غيرنا .. 


لمعت عينيه بشغف ورغبه وهو يعاود الاقتراب منها ، ابتعدت هى عنه قليلاً ثم قالت بخجل :

-حبيبى .. ممكن اطلب منك طلب ؟!.. 

اجابها فريد قائلاً بهمس :

-اطلبى يا عيونى .. 

ابتسمت له بحب ثم قالت بنعومه :

-ممكن نبدء مع بعض من جديد .. عايزاك تصلى بيا الاول .. احنا اول مره معملناش كده بس انا عايزه اعتبر النهارده بدايه لحياتنا سوا ونفسى نبدئها برضا ربنا .. 


اجابها فريد معترضاً بحرج :

-بس انا معرفش نصلى ازاى ..

ابتسمت له مشجعه ثم قالت بهدوء لتطمئنه :

-انا عارفه وهقولك .. بس اول حاجه تتوضأ سوا .. ايه رأيك ؟!..


اومأ لها برأسه موافقاً ثم تحركا سوياً نحو الحمام لبدء وضوئهم ، خرجت حياة بعدما تأكدت دون إظهار له من صحه وضوئه ثم خرجت ترتدى لباس صلاتها وتقف خلفه بعدما شرحت له ما بجب عليه القيام بِه ، شرع فريد فى اقامه الصلاه ثم بدء يتلو فاتحه الكتَاب بصوت مرتجف وهيبه يتمنى الا يخطأ فى تلاوتها ، اجتاحت حياة حاله من الفرحه والانتشاء والسعاده مع رجفه صغيره وقد تحقق حلمها اخيراً .


انتهى فريد من صلاتهم ثم التفت خلفه يجذبها لتجلس داخل احضانه ثم قال بحب وهو يتأمل وجهها بهيام :

-انتى عارفه انك حلوه اوى .. والطرحه لايقه عليكى ..

سألته حياة بمرح وهى تداعب بأصبعها عنقه :

-اممممم .. يعنى افضل لبساها على طول ؟!.. 


اومأ برأسه موافقاً وهو يعاود تأمل ملامح وجهها ثم قال رافضاً بأمتعاض :

-لا بس الطرحه مخلياكى احلى وبعدين هتخلى الناس تركز فى عيونك .. شوفى حل ..


اجابته حياة بمرح وهى تمسح فوق شعره بحنان :

-والله !! طب اعمل ايه يعنى ؟!.. افضل محبوسه هنا على طول ؟!.. 

حرر فريد خصلات شعرها من تحت حجابها بعدما ازاحه من فوق رأسها ثم اجابها بهيام قائلاً :

-ياريت .. لو عليا عايز اخبيكى ومحدش يشوفك غيرى ..


احتضنته بحب وأسندت رأسها فوق كتفته مغمغه بطاعه :

-وانا مش عايزه حد يشوفنى غيرك .. 


شدد فريد من لف ذراعيه حولها ثم قال بعد فتره من الصمت ممازحاً :

-حياة .. هتوحشنى اوى حياة المطيعة وحضرتك كمان ..


رفعت رأسها تنظر نحوه شرزاً مجعده انفها ثم سألته متصنعه الغضب :

-يا سلام والله !!! عجبك الدور اوى ؟!.. وانا كل يوم اقول دلوقتى يحن .. دلوقتى يزهق .. او حتى يتعصب بس اقول ايه بحب تلاجه !!!! ..


دوت ضحكته عالياً من تشبيها ثم قال بهمس وهو يقترب منها ويتلمس بشفتيه وجنتيها :

-طب مفيش واحده حضرتك اخيره .. بصراحه كانت بتطلع من لسانك حلوه اوى ..


ضغطت فوق شفتيها وابتسمت بخجل ثم اسبلت عينيها وهى تنظر داخل عسليته قائله بأغراء شديد :

-اللى حضرتك تؤمر بيه ..

تنهد بحراره ثم قال هامساً وهو يرفعها بين ذراعيه ويتحرك بها نحو الفراش :

-حضرتى يؤمر انك تفضلى جوه حضنى يا سلطانه قلبى وروحى  ..


اتسعت ابتسامتها وقد علمت ان جملته الاخيره تلك هى طريقته الخاصه فى الاعتذار منها عما تفوه به سابقاً والذى لم تعد تذكره من الاساس ، وكيف تفعل وهو بدء يبث لها بكل نعومه وحنان أشواقه وحبه ليمحى اى ذكرى سيئه قد نالت من مشاعرهم المقدسه ..


***********


بعد فتره وضعت حياة رأسها فوق صدره ثم هتفت بدلال واناملها تتحرك فوق صدره العارى :

-فريدى ..

طبع قبله فوق شعرها ثم اجابها بحب :

-عيون فريدك ؟!..

رفعت رأسها تنظر إليه ثم قالت بتذمر طفولى :

-فريد ... انا جعانه ..

رفع احدى حاجبيه بأستنكار ثم سألها بعدم فهم :

-طب اعمل ايه ؟!!..


نظرت نحوه شرزاً متصنعه الضيق ثم اجابته بأعتراض ممازحه :

-معرفش المفروض تتصرف .. يكون فى اى احساس يعنى اقولك جعانه تقولى حاضر يا حبيبتى ثوانى والاكل يكون عندك هنا .. فريد خليك رومانسى .. 


امتعضت ملامحه وتمتم بحنق غير مستسيغ جملتها :

-انتى بالنسبالك الرومانسيه فى ان الاكل يجيلك هنا !!!! .. يعنى هى دى طموحك ؟!.. 

هزت رأسه موافقه ثم قالت بدلال فطرى مدعيه الحزن :

-اها رومانسيه .. مش كفايه انى مأكلتش من الصبح مستنياك .. وبعدين مانت عارف لما بتزعل منى مش بعرف اكل .. سبنى بقى أعوض ..


كانت محقه فيما تفوهت به فقد لاحظ شحوب وجهها الشديد وفقدانها الوزن منذ الحادثه الاخيره وحتى عندما كانت تشاركه وجباته كانت تتظاهر بتناول الطعام دون تناول شئ حقيقى لذلك زفر بأستسلام ثم سألها مدلالاً :

-ماشى يا ست حياة تحبى اجبلك حاجه معينه ؟!.. 


صفقت يديها بسعادة من مجاراته لها ثم قالت بحماس :

-اى حاجه منك حلوه .. بس بسرررعه .. 

نطقت جملتها تلك وهى تدفعه من فوق الفراش لتحثه على التحرك ، ارتدى بنطاله مسرعاً ثم توجهه إلى الاسفل وهو يحرك رأسه بعدم تصديق لمطاوعته لها .


فى الاسفل وقف فى منتصف المطبخ واضعاً كفه فوق خصره ويده الاخرى تحك فروه رأسه ببلاهه ، ماذا يصنع لها فأخر علاقته بالمطبخ هو احضار الماء من داخل الثلاجه ، الثلاجه نعم ، هذا ما هتف به داخلياً وهو يتحرك نحوها فربما يجد ما يسد جوعها بداخلها ، بالتأكيد سيفعل ، هذا ما فكر به بأنتصار وهو ينحنى بجزعه لينظر داخلها .


تحركت حياة خلفه مرتديه تيشرته البيتى ثم وقف تراقبه وهو غارقاً بنصفه العلوى داخل الثلاجه ، حاولت كتم ضحكتها قدر المستطاع حتى خرج من داخلها ويده تحمل علبه ما ، تسمرت نظرته فوقها بمجرد رؤيته لها وهى ترتدى تيشرته الذى كان يرتديه منذ قليل وبالكاد يغطى خصرها وتنظر نحوه بتسليه ، ابتلع لعابه بصعوبه وهو يضع ما فى يده فوق الرخامه بأليه شديده ثم تحرك نحوها يرفعها من فوق خصرها ويضعها فوق الطاوله الخشبيه ، جلست حياة فوقها وقامت بسحب علبه المعجنات ووضعتها فوق ساقيها والتى كانت تصنعها عفاف يومياً لها وتضعها فوق الطاوله  لتحثها على تناول الطعام ، وضع فريد كلتا كفيه فوق الطاوله وعلى جانبيها ليحاصر جسدها بين ذراعيه ثم انحنى بجزعه نحوها قليلاً وهو يسألها بصوته الاجش :

-التيشرت ده بتاع مين ؟!.. 


اجابته حياة بوميض تسليه واضح فى عينيها وهى تتناول احد معجناتها اليوميه المفضله "كرواسون" :

-امممم .. بتاعك .. 


عاد فريد ليسألها هامساً بعدما استمع لجوابها :

-ولما هو بتاعى بتلبسيه ليه ؟!.. وبعدين فى ركن فى الدريسنج فوق متلمسش .. حنى عليا والبسى حاجه منه .. 


اخفضت حياة رأسها بخجل فهو يتحدث عن القمصان التى اختارها لها ولم ترتدى واحداً إلى الان ثم قالت بأحمرار :

-حاضر .. 


نظر فريد إليها مطولاً وإلى عنقها وبدايه كتفها الظاهر من ياقه تيشرته الواسعه ثم قال بتفكير وهو يقترب بشفتيه منها  :

-بس عارفه .. التيشرت احلى .. غيرت رأيى خليكى لبساه ..


ابتسمت بسعاده ثم رفعت يدها نحو فمه لتحثه على تناول المعجنات معها ، ابعد فمه متفاجئاً بتقطيبه ثم قال بغيره :

-حياة .. انا خايف تكونى بتحبى الكرواسون اكتر منى ؟!! ..


قطبت جبينها مدعيه التفكير ثم اجابته ممازحه :

-لا يا حبيبى .. انت الاول وبعد كده هو .. وبعدين ده مش كرواسون .. ده مينى كرواسون .. 


ابتسم لها ببرود ثم قال بملامح ممتعضه :

-انا اسف يا مينى كرواسون انى معرفتكش .. 

قاطعته حياة قائله بخفه :

-لا آسفك مرفوض .. بص هو قالى مش هيقبل اعتذارك غير لما تاكل منه معايا .. 


حرك رأسه رافضاً بشده ثم قال بنبره عابثه وهو يقترب بشفتيه من شفتيها :

-ما تسيبك من البتاع ده وتركزى معايا ..


أبتعدت حياة عنه مسرعه ثم قامت بوضع احدى المعجنات بين شفتيها لتصنع حائل بينهما ثم غمزت له بأحدى عينيها بأستفزاز ، ضيق فريد عينيه نحوها ثم رفع احدى حاجبيه بتحدى صامت ، هل تجبره على اكلها ؟! ، اذا فلتتحمل نتيجه لعبها معه ، هذا ما فكر به وهو ينحنى برأسه ببطء شديد ثم بدء يقطم قطعه المعجنات المحتجزة بين أسنانها قطمات  صغيره للغايه بتلذذ وترو شديد وهو ينظر داخل عينيها ، تابعت حياة ما يقوم به بشغف كبير وهى تفكر بندم ليتها لم تتحداه فهى لن تستطيع الصمود حتى ينتهى مما يفعله كأنه يلتهم شفتيها هى وليس قطعه المعجنات ، بدءت أسنانها  ترتخى فوقها منتظره وصوله إليها خصوصاً واحدى يديه قد  تحركت وبدءت تتجول فوق ظهرها بحريه ، أسقطت حياة المعجنه من بين أسنانها ثم هتفت بأستسلام :

-خلاص خلاص .. انت كسبت .. مش عايزاك تأكلها خلاص ..


ابتسم فريد بأنتصار ثم التهم شفتيها على الفور ، بادلته حياة قبلته بشغف وجنون حتى انقطعت انفاسها ، ابتعدت عنه بعد قليل وهى تلهث ثم اخذت نفساً عميقاً لتسمح لرئتيها ببعض الهواء النقى ، بدء فريد يوزع قبلاته فوق وجهها وعنقها بنعومه شديده ، غمغمت حياة بأعتراض خافت وهى مغمغضه العينين محاوله الابتعاد عنه :

-فريد احنا تحت .. 

طبع عده قبلات متفرقه على طرف فمها ثم سألها هامساً بنبره مغريه :

-عايزه تطلعى ؟! .. 


فتحت عينيها على توقف قبلاته تنظر داخل عسليته والتى استحالتا للون الداكن من شده مشاعره فرأت وميض الرغبه بهم ، حاولت ايجاد ارادتها للاعتراض وقبل فتح فمها للموافقه سبقتها رأسها تتحرك رافضه دون وعى منها ، كان ينتظر هو اجابتها تلك ليبدء بمشاعره تسطير عشق من نوع اخر ، عشق خاص بهم لم تعلمه الا يده ولم تحبه سوى منه .


*********


فى الصباح استيقظ كلاً من فريد وحياة على رنين هاتفه الذى دوى داخل الغرفه معلناً عن ورود اتصال جديد إليه، مد فريد ذراعه ليسحبه من فوق الكومود ثم اجاب بصوته الناعس بعدما علم هويه المتصل :

-ايه الجديد ؟!!.. 


اجابه سمير قائلاً بحماس :

-اخدت اول ٤ ايام يا باشا .. وغالباً هيتجددلها تانى بعدهم .. 


هنا اعتدل فريد من نومته ثم قال بشراسه آمراً وقد استعاد كامل وعيه بعد سماع ما أرضاه :

-نفذ اللى اتفقنا عليه والنهارده .. وارجع بلغنى .. 

استمع إلى موافقه رجله الأمين ثم اغلق الهاتف ووضعه مكانه ثم عاد ليستلقى فوق الفراش مرةً اخرى ، سألته حياة بصوتها المتحشرج بسبب النعاس مستنكره :

-فريد !! انت مش هتروح الشغل ؟!.. 


اصدر صوتاً من حنجرته يدل على النفى ثم قال وهو يقترب منها بنبره طفوليه تائهه:

-عايز انام فى حضنك شويه ينفع ؟! .. 


فتحت ذراعيها وهى تبتسم وتحرك رأسها له موافقه  وعيونها تلمع بحب، اخفى هو رأسه فى المسافه الواقعه بين كتفها وعنقها مغمضاً عينيه ومستمتعاً بالهدوء الداخلى الذى يجتاحه منذ البارحه من بعد سماعه اعترافها بحبه ، ياله من حلم بعيد ظل ايام وأيام يركض إليه ويسعى إلى تحقيقه حتى اصبح اليوم حقيقه ملموسة بين يديه ، المرأه الوحيده التى احبها فى حياته والتى وقع فى غرامها منذ اللحظه الاولى التى رأها فيها اصبحت الان ملكه بقلبها وعقلها وجسدها ، تنهد بأرتياح شديد ثم سألها بصوت مكتوم :

-حياة انا مش بحلم صح ؟! .. يعنى كل اللى حصل بينا من امبارح ده حقيقه ؟!.. 


حركت ذراعيها تحاوطه وتشدد من احتضانها له لتطمأنه ثم قامت بطبع قبله ناعمه فوق مقدمه شعره قبل ان تستند بذقنها فوق رأسه متمته بحب :

-لا يا حبيبى مش بتحلم .. انت هنا دلوقتى ونايم جوه حضنى بعد ٤ اسابيع اتحرمت فيهم منك .. 


لاحت ابتسامه سعاده فوق شفتيه ثم سألها ممازحاً :

-انتى عداهم ؟!.. 

اجابته بجديه شديده :

-باليوم .. لا بالساعه كمان .. صدقنى لو قلتلك معرفش عدوا عليا ازاى .. بس كنت بصحى كل يوم على امل ان النهارده تحصل معجزه ترجعنا لبعض زى الاول  .. 

طبع قبله فوق عنقها ثم غمغم قائلاً بضيق :

-كله بسببهم ..


صمت لوهله ثم اردف يقول بهدوء :

-حياة .. عايز اقولك على شويه حاجات حصلت .. 

قالت وهى تمسح فوق شعره بحنان :

-قول يا قلب حياة .. 


اخذ نفساً عميقاً ثم قال بهدوء :

- انا عارف انى اتأخرت فى الخطوه دى .. وعارف ان تأخيرى ده كان السبب فى خساره حاجه مهمه اوى لينا احنا الاتنين .. بس مكنش ينفع اتحرك وأوقف نجوى عند حدها وانا مش ماسك حاجه فى ايدى او أوعدك بحاجه مش متأكد منها .. عشان كده كل مره كنتى بتسألينى هعمل ايه معاها مكنتش بلاقى رد .. وعشان كده برضه كنت سايبها تغلط كمان عشان اخلص منها بشكل نهائى .. بس دلوقتى اقدر اقولك ان نجوى اتقبض عليها .. وانها مش هتقدر تتدخل فى حياتنا تانى ولا هتعمل مشاكل ..


شعر بجسدها يتصلب تحت ذراعه بمجرد ذكره لاسمها فأردف يقول بنبره متفهمه  :

-انا عارف انك بتضايقى من سماع اى حاجه عنها .. بس انا عايز احكيلك على كل اللى حصل .. 


رغم انقباضه صدرها التى شعرت بها بمجرد سماعها لاسمها الا ان سعادتها لطلبه مشاركتها طغى على ضيقها منها لذلك تحدثت تقول بنبره مختنقه من السعاده :

-طول مانت معايا مفيش حاجه ممكن تضايقنى .. 


ابتسم بأنتشاء لشعورها ذلك فأردف يقول بهدوء :

-هى حصلت حاجات كتير مش عارف أرتبها هحكيهالك زى ما هى .. اولها .. ان نجوى كانت السبب فى حادثه التسمم بتاعتك .. .. فى الاول انا شكيت فى جيهان بس بعدها الراجل اللى اعترف على عزه كلامه ودانى فى سكه تانيه فى الاول كان صعب اعرف هى مين بس بعد كده بدءت خطواتنا كلها تروح فى اتجاه نجوى رغم انه عطانى اسم مستعار .. وطبعا شكى زاد لما لعبت فى ملفك .. وبعدها اتاكدت بس مكنتش عارف اوصل لدليل لانها كانت مأمنه نفسها كويس .. بس فى الاخير عرفنا نوصلها .. حياة نجوى عملت حاجات كتير وحشه اوى واخرها ان نجوى خلت نيرمين مدمنه عن قصد .. 


شهقت حياة بصدمه ثم سألته بعدم تصديق :

-تسممى انا !!! وبعدين نجوى ونيرمين !!! بعد اللى عملوه فينا سوا !!! مش معقول !!!.. 


حرك رأسه داخل تجويف عنقها مؤكداً ثم اردف يقول بنبره متصلبة :

-تخيلى .. لولا ان الولد اللى اتفقت معاه عليها اعترف ليا يمكن كنت استغربت زيك .. بس اقولك بصراحه .. هى دى نجوى .. طول عمرها بتعمل كل حاجه عشان مصلحتها وبس .. عمرها ما حبت ولا هتحب حد غير نفسها .. عرفتى بقى انا ليه بكرهها ؟!.. 


اجابته بخجل لا تصدق ظنونها بهم سوياً فى يوم من الايام :

-عرفت .. طب ونيرمين حصل فيها ايه ؟.


اعاد رأسه للخلف حتى يتسنى له رؤيته خجلها الذى ظهر واضحاً فى نبرتها ثم قام بطبع قبله متفهمه فوق ذقنها وعاد ليخفى رأسه داخل عنقها مرة اخرى مستطرداً حديثه :

-نيرمين بقالها حوالى اسبوعين فى مصحه .. اكيد جيهان مش هتسيب بنتها تضيع منها .. ونجوى اتحبست ٤ ايام على ذمه التحقيق بعد ما اللى اجرته عشان يسممك اعترف عليها وبعد ما اتمسكت فى المطار بمخدرات .. بس وحياتك عندى لهدفعها تمن اللى عملته فيكى واللى عملته فى ابنى اللى ملحقتش افرح بيه بسببها هى ونيرمين .. 


اجفلت حياة وتوقفت يدها عن تمسيد شعره ثم قالت بتوسل :

-فريد .. عشان خاطرى أنساها بقى .. بص مادام انت معايا انا مسامحه الدنيا كلها .. كفايه انت عليا وكفايه اننا نعيش سوا مبسوطين ..


لم يقتنع بحديثها بالطبع فأردف يقاطعها معترضاً :

-لو انتى مسامحه انا مش مسامح فى فرحتى اللى ضيعوها منى قبل ما اعرفها .. 


أبعدت جسدها عنه قليلاً حتى تستطيع رؤيته ثم قالت بتبره شبهه متوسله :

-عشان خاطرى انساهم .. لو بتحبنى بجد انساهم .. انا عايزه ابدء صفحه جديده من غيرهم .. من غير خططهم ولا غلهم ولا انى حتى اسمع اسمهم بينا .. فريد طول مانت بتفكر فيهم هما هيفضلوا بينا ولو فضلوا بينا مش هنعرف نرتاح ولا نعيش حياتنا طبيعيه .. عشان خاطرى وحياة اغلى حاجه عندك أنساها عشان ربنا يكرمنا من جديد ونقدر نفرح .. 


لم يعقب على حديثها ولكنها رأت لمحه من اللين فى نظرته فأستطردت تضيف وهى تعود لتحتضنه بحب وتقبل رأسه :

-وحياة ولادنا اللى ان شاء الله ربنا هيفرحك ويعوضك بيهم .. اوعدنى على الاقل متعملش حاجه من غير ما تقولى فى الموضوع ده بالذات .. لانه يخصنى زى ما يخصك .. 


تنهد فريد مستسلماً ثم قال على مضض بعدم اقتناع:

-اوك .. عشان خاطرك هأجل الموضوع ده شويه ..


كانت تعلم ان جملته تلك هى اقصى ما ستصل إليه اليوم لذلك تقبلته برضا ثم غمغمت بعشق :

-يسلم خاطرك .. ربنا ميحرمنيش منك ابداً ..

اجابها فريد بحب :

-ولا منك يا حياة قلبى .. 


بعد عده دقائق من الصمت استوعبت حياة كل ما تفوه به فريد هتفت اسمه بتفكير :

-فريد !!! .. عايزه اقولك حاجه .. انت فاكر بليل لما قلتلك وائل كان عايز يقولك حاجه بخصوص نيرمين وانا وقفته .. تفتكر عرف عنها حاجه وكان عايز يبلغك ؟!.. اكييد ده السبب اللى خلاه يكلمنى .. 


اخذ فريد يفكر بتمعن فى حديثها ثم قال بهدوء :

-ممكن .. خصوصاً ان حاول بعدها كذا مره يكلمنى .. عمتا هبقى أفضى فى يوم واكلمه اشوف عايز ايه .. بس خليكى انتى بعيده عنه وعن الموضوع ده فهمانى !!!.. 


ابتسمت حياة لغيرته الخفيه ثم قالت موافقه ففى كل الاحوال لم ترد أحزانه من اجل لا شئ :

-حاضر والله مش هدخل فى حاجه تانى انا وعدتك وبعدين انا اتعلمت درسى خلاص .

اعتلى ثغر فريد ابتسامه رضا بعدما استشعر صدق حديثها ونبرتها ثم اردف يقول بنبره خجله :

-حياة .. عايز اعترفلك بحاجه كمان .. 


اعتراف اخر منه  ؟! انه حقاً يوم سعدها .. بالطبع تريد الاستماع إلى كل اعترافاته وكل مكنونات صدره بلا توقف لذلك قالت مندفعه بحماس :

-انا سامعاك بقلبى وروحى ولو عليا مش عايزاك تبطل كلام ..


شدد من احتضانه لها ثم قال دفعه واحده :

-دادا آمنه هى اللى ساعدتنى اوصلك .. وكل الكلام اللى حصل بينك وبينها كان بأتفاق بينا .. بصراحه لما شافتنى هتجنن عليكى كده ومش عارف اوصل لمكانك هى قالتلى ان ليكى زميله فى مدينه تانيه ساعات كانت بتقعد عندكم ايام الدراسه وممكن انتى تلجأيلها بما انها مش من هنا  .. وفعلا بعتت حد يتأكد من كلامها ولما بلغنى انك عندها جتلك على طول .. بس قبلها مامتك قالتلى اعمل عليكى التمثيليه دى عشان دى الحاجه اللى كانت هترجعك معايا ..


شهقت حياة بذهول ثم قال بعدم تصديق :

-ماما !! وانت ؟!.. بجد !! يعنى انتى مهددتهاش !!.. ولا كان فى حد عايز يطلعها من البيت ؟!.. 

اصدر صوتاً من حنجرته يدل على النفى فأردفت حياة تقول بتأكيد :

-اه طبعاً وانا مستغربه ليه .. اصلاً ماما طول عمرها فى صفك وكان لازم تساعدك ..


صمتت قليلاً ثم استطردت قائله بعدما تغيرت نبرتها للخجل هى الاخرى :

-فريد عارف .. بصراحه انت مكنتش محتاج تقولى اى حاجه .. انا من اول لحظه شفتك فيها قدامى هناك كنت عارفه انى هرجع معاك من غير ما تطلب .. لان كان فيه جزء جوايا بيتمنى كده والحمدلله انه اتحقق حتى لو كان التمن صعب علينا .. كفايه انى معاك دلوقتى  .


تنهد فريد بحراره وابتعد عنها قليلاً رافعاً رأسه فى اتجاهها ثم بدء يقبلها بحنان ، بادلته حياة قبلته بعشق ورغبه حتى ابتعد عنها ثم قال بعيون داكنه :

-فى حاجه اخيره لازم تعرفيها .. 


لم تجد صوتها لتجيبه فقط اومأت برأسها مستمعه فتنحنح هو قائله بجديه شديده :

-حياة .. انا عايزك تعرفى كويس وتتأكدى انى عمرى ما لمست واحده قبلك .. لا بأرادتى ولا غصب عنى .. لا وانا واعى اوغلطه .. فاهمانى .. وبعدين حياة العك دى كلها انا سبتها من ساعه ما تعبتى ..


اومأت له رأسها موافقه بخجل ثم تمتمت بأحراج قائله :

-بس انت عمرك ما قلتلى ده .. 

اجابها مبتسماً وهو يتأمل احمرار وجنتيها :

-وادينى بقولك اهو .. انا من زمان وعدتك انى عمرى ما هتجوز واحده غيرك .. وانا عند وعدى لاخر يوم فى عمرى .. 


عانقته حياة بحب واخفت وجهها فى كتفه وهى تغمغم بصوت مختنق من السعاده متأثره بحديثه :

-انت عارف .. انا كل يوم بتأكد ان قراراتك هى اللى صح .. واولهم انك صممت نتجوز حتى لو غصب عنى .. عشان وقتها انا كنت غبيه وبعاند نفسى قبل ما بعاندك .. فريد انا بحبك بجد ..


شدد هو من لف ذراعيه حولها ثم اجابها بهيام :

-وانا بحبك اكتر يا قلب وروح وعقل فريد ..

طبعت قبله فوق وجنته ثم تمتمت بدلال :

-ربنا يخليك ليا ..


*************


فى المصحه خرجت جيهان من غرفه الطبيب المعالج لابنتها وهى تجر اذيال الخيبه ورائها فبعد مرور ما يتعدى الأسبوعان لا يوجد اى تحسن ولو طفيف فى حالتها وها هو الطبيب يخبرها الان بعدم استجابتها للعلاج او بالأدق عدم رغبتها فى تقبل  العلاج او استعدادها للشفاء من ذلك الادمان ، لماذا حدث ذلك لابنتها بينما ابن غريمتها على قيد الحياة يتمتع بكل تلك السلطه والنفوذ والصحه ؟!، هذا ما فكرت به بحقد وهى تتذكر زيارتها لمنصور الجنيدى منذ عده ايام وكيف أقنعته حتى يعطيها مهله اضافيه من اجل خطه تهريبه بعدما شرحت له نيتها فى قتل فريد وبالطبع وافقها بحماسه فهو من زُج به داخل الحبس من الأساس وفى النهايه هو ايضاً يريد الانتقام  ، هزت رأسها بحسم ، نعم لن تتوانى عن الخلاص منه ، ستنهى حياته ثم حياة غريب بعدها وتأخذ إرثها وابنتها وتترك البلد بأكملها ولكن اولاً وقبل كل شئ عليها التخطيط جيداً حتى تكلل خطتها بالنجاح دون اى اخطاء  .


*************


فى الصباح التالى وبالتحديد فى مشفى السجن العام ، خطى فريد داخل احدى العنابر المحجوزة بها نجوى بخطوات ثابته ، دلف الغرفه وتوقف امامها يتأملها وهى غافيه بضعف فوق احد الافرشه القذره فى غرفه تملئها رائحه الرطوبه والعفن ويتشاركها معها عدد من المرضى الاخريين ، انحنى بجزعه فوقها ثم همس اسمها بنبره خفيضه لايفاظها  فألتفت برأسها تنظر نحوه فى الحال ، فيبدو انها لم تكن غافيه من الاساس او ربما هذا ما خَيل إليه ، حدجها بعده نظرات محتقره يتأمل كل ما وصلت إليه خاصةً وهى تهتف اسمه بعدم تصديق كأنه طوَّق نجاتها :

-فريد !! ..


هز فريد رأسه موافقاً ثم قال بشماته :

-ايوه فريد اللى اتبليتى عليه وزورتى صوره وامضته عشان تخربى بيته .. ايه رأيك وانتى مرميه كده وسط الزباله من غير حد يسأل عليكى .. جربتى احساس حياة اللى كنتى عايزه تسمميها وتخلصى منها ؟!. 


جحظت عينى نجوى للخارج ثم هتفت بعدم تصديق :

-انت ؟!.. 

هز فريد رأسه بشراسه وهو يرمقها بنظرات كارهه قائلاً بنبره عدائيه شديده :

-عارفه انا جيتلك ليه مع انى مش طايق اشوف وشك ؟! .. عشان فريد لما بيعمل حاجه مبيستخباس زى الفار .. بيواجهه ..


اانحنى برأسه اكتر حتى وصل إلى اذنها ثم اردف يقول هامساً بداخلها :

-كده حق حياة ونيرمين رغم ان حق نرمين ميهمنيش .. فاضل حق ابنى اللى راح بسبب خطتك القذره .. وصدقينى لولا وعد قطعته لحد مهم عندى كان زمانك بتدفعى تمنه دلوقتى كمان ..


انهى جملته تلك واعتدل فى وقفته ثم رمقها بعده نظرات مشمئزة قبل مغادرته ذلك المكان بأكمله .

تكملة الرواية من هناااااااا 

لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا



تعليقات

التنقل السريع