القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية قصة حنين الفصل الاول والثاني والثالث والرابع والخامس

 رواية قصة حنين الفصل الاول والثاني والثالث والرابع والخامس



رواية قصة حنين الفصل الاول والثاني والثالث والرابع والخامس 

القصة للكاتبه صباح عبد الله فتحى 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


**الفصل الأول من قصة حنين**


بسم الله الرحمن الرحيم


في غرفة صغيرة في أحد المنازل الضخمة والرقيقة، تجلس فتاة  تمسك بين يديها كتاباً خاصاً بالدراسة، ويجلس بجوارها رجل يظهر عليه في الخمسينات من عمره. يردف الرجل قائلاً، وهو ينظر الي الطعام امامها ولم تتناول منه شيئاً: "افطري بقى يا حنين، يا حبيبتي، علشان ما تنزليش من غير فطار."


ترد حنين وهي تنظر إلى جدها بعينيها الرماديتين، وتتحرك شفاهها الحمراء الداكنة مع البشرة البيضاء الصافية مثل الحليب، وهي تبعد هذه الخصلة السوداء المتمردة عن وجهها، وتقول بصوت أنثوي رقيق: "حاضر يا جدو، هافطر. الأكل مش هايطير يعني."


يرد الجد قائلاً بحنق: "يعني الكتاب اللي هايطير؟ افطري، خليني أروح أشوف شغلي."


حنين: "حاضر يا جدو، هافطر، بس أنا خايفة أوي."


الجد بذهول: "خايفة؟ خايفة من إيه يا حنين؟"


حنين بتوتر: "عادي يا جدو، ده أول يوم لي في الجامعة ومتوترة شوية. ودي مش أي جامعة، دي جامعة أمريكية، وأنا ما كنتش أحلم بيها أصلاً."


الجد: "ما تخفيش يا حنين، يا حبيبتي، إن شاء الله ربنا هيوفقك. وربنا يكرم الأستاذ خالد، هو اللي قدم لك في الجامعة دي. والله ما كنت موفق تدخلي جامعة كبيرة كده."


ترد حنين بحزن: "يا رب يا جدو، وإن شاء الله لما أتخرج من الجامعة وأشتغل شغل كويس، هرد كل قرش اللأستاذ خالد، اللي دفعوا وصرفوا علشان أكمل تعليمي."


الجد: "ربنا يوفقك يا بنتي في حياتك، بس ماتقوليش كده. الراجل بيعزك وبيعتبرك زي بنته. هيتضايق منك لو سمعك بتقولي كده. ويلا كلي، عاوز أطلع أشوف شغلي قبل ما الناس تصحى. ماتلاقينيش."


حنين بابتسامة: "حاضر يا جدو، روح أنت شوف شغلك، وأنا هافطر وأجهز، وبعدين أنزل الجامعة."


الجد بتحذير: "طيب، هطلع أنا، وإنتِ افطري. والفلوس تحت المخدة، خدي اللي أنتي عاوزاه، وافطري. وحسّك عينيك تطلعي من غير فطار."


حنين بضحك: "حاضر يا جدو."


يرد الجد وهو يجهز للذهاب إلى العمل: "طيب، لم أشوف. يلا، السلام عليكم."


حنين: "وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته."


---


**نتعرف على حنين:**


حنين بنت جميلة جداً، وهي فتاة محجبة، وليس أي حجاب بل الحجاب الشرعي وهو الخمار. ذات قلب أبيض وتحب الجميع. تعيش مع جدها العجوز في غرفة صغيرة في المنزل الذي يعمل فيه الجد، وليس لها غيره. لقد خسرت حنين والدتها منذ أن جاءت إلى هذا العالم، ومات والدها عندما كانت في العاشرة من عمرها. لم يتبقى لها غير هذا الرجل العجوز الذي يعمل خادماً عند أحد رجال الأعمال منذ وفاة ابنه الوحيد، من أجل أن يصرف على حفيدته منذ أن كان عمرها عشر سنوات، وهي الآن في العشرين من عمرها وأول سنة في كلية أمريكية. لقد قدم لها الرجل الذي يعمل عنده الجد، وهو رجل طيب جداً ويحب حنين جداً كابنته، ولا يفرق بينهما.


الجد محمد رجل طيب ويحب حنين جداً، ومستعد يعمل لها أي حاجة عشان تكون مبسوطة في حياتها، وهو في السبعين من عمره.


صلوا على الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم.


---


بعد وقت، كانت حنين قد أفطرت وجهزت نفسها للذهاب إلى الكلية. ارتدت حنين ملابس عبارة عن فستان طويل باللون البنفسجي وعليه خمار باللون الأبيض، ولم تضع أي شيء على وجهها، ومع ذلك كانت تخطف الأنفاس بجمالها. فحنين فتاة ملتزمة جداً. 


خرجت حنين من الغرفة لتجد هذه الفتاة ذات الشعر الطويل الذي يتميز بلون النيران الذي يميزها عن الجميع، مع البشرة البيضاء الصافية مثل الحليب، والعينين الخضراوين مثل خضار أوراق الزهور. وكانت تضع كحل العين الذي أبرز جمال عينيها أكثر فأكثر، مع روج الشفاه باللون النبيتي الذي جعلها آية من آيات الجمال. كانت ترتدي بنطال من الجينز باللون الأسود وعليه كت باللون الأبيض، ويوجد عليه بعض الرسوم البراقة باللون الأسود. وكانت تضع حول يديها بعض الأساور السوداء، مع خاتم فضي وسلسلة طويلة فضية. 


تردف حنين بابتسامة: "صباح الخير يا نوران، أي الجمال ده كله! هاتتحسدي النهاردة."


تردد نوران بينما تنظر إلى حنين بكبرياء: "صباح الخير. أكيد هتحسدي، بس من عيون الغيرنين، مش أكتر."


ترد حنين بحزن من رد نوران وهي تعلم أن الحديث موجه إليها: "ربنا يبعد عنك العين الوحشة يا حبيبتي."


نوران بغرور: "بصي، إذا أنا وأنتِ هنكون في كلية واحدة، فلازم تعرفي إنك هتكوني مجرد خادمة لي في البيت وفي الكلية. وما تفكريش عشان بابا دخلك نفس الكلية اللي أنا دخلتها، هيكون مستواكي من مستواي. لا، يا شطورة. أنتِ خادمة وهتفضلي خادمة، وطبعاً ما دخلتيش كلية زي دي بمجهودك. دخلتيها من باب الشفقة أو الشحاتة، مش أكتر. صح كلامي، مش كده؟"


تريد نوران أن تذهب، لكن تنظر إلى حنين التي دمعت عيناها وتقول: "ها حاجة تانية، أنا اسمي ما يجيش على لسانك مرة تانية من غير لقب. وأنتِ طبعاً مش صغيرة علشان ما تعرفيش الخادم بيقول إيه لأسيدهم."


ثم تذهب نوران وتترك هذه المسكينة التي انفجرت في البكاء. تسمع حنين صوت جدها بالقرب منها، فتسرع في مسح آثار بكائها كـ"البرق". ثم تسمع صوت ذلك الرجل الذي يعمل جده لديه وهو يقول بحنان: "صباح الخير يا حنين، يا حبيبتي. أي الجمال ده كله! ربنا يحفظك يا بنتي."


حنين بابتسامة، كما لو لم تكن تبكي منذ قليل: "صباح الخير يا أستاذ خالد، أي خبر صحتك يا فندم."


خالد: "كام مرة قولت لكِ يا حنين، يا بنتي، بلاش رسميات وأنتِ بتتكلمي معي."


حنين بحزن: "آسفة يا فندم، بس أنا خادمة في النهاية، مش علشان حضرتك كريم معي، أبقى أنسى أصلي."


خالد بزعل: "ليه بتقولي كده يا حنين؟ أنا عمري، يا بنتي، ما شفتك خادمة ولا اعتبرت جدك راجل وشغال عندي. بالعكس، أنا بعتبره في مقام أبي، وأنتِ زي نوران بنتي بالضبط. ما تقوليليش كده تاني يا حنين، أصلي هزعل منك جامد والله."


حنين بابتسامة: "حاضر، وأنا مش يهون عليّ زعل حضرتك والله. وربنا يعلم قد إيه أنا بعز حضرتك."


خالد: "الله يعزك يا بنتي. يلا بقا علشان تفطري معي يا حبيبتي."


حنين: "بالف هنا على قلبك، أنا الحمد لله فطرت من بدري ونزلها الكلية."


خالد: "بالف هنا يا حبيبتي، استني اركبي مع نوران بدل ما تروحي مواصلات لوحدك."


حنين بتوتر: "شكراً، بس هاروح مواصلات أحسن."


خالد: "أنا بقول، هاتركبي مع نوران."


يردف بصوت عالي قائلاً: "نوران، نوران!"


تأتي نوران وهي تقول بخوف، ظناً منها أن حنين اشتكت عليها إلى والدها: "نعم يا بابا، خير، في حاجة؟"


يرد خالد: "خير يا بنتي، خايفة ليه كده؟"


نوران وهي تنظر إلى حنين: "ها، خايفة؟ لا، مش خايفة، وهخاف من إيه يعني؟"


خالد: "ماشي، خدي حنين معكِ بالعربية للكلية، وما ترجعيش من غيرها. كلامي واضح."


نوران وهي تلوي شفايفها بحنق: "حاضر."


ينظر خالد إلى حنين قائلاً: "وإنتِ، حسك عينك تروحي أو ترجعي من غير ما تكوني مع نوران. والكلام لكما أنتما الاتنين: اللي هتروح أو ترجع من غير الثانية، حسابها هيكون عسير. كلامي واضح؟"


الفتيات بصوت واحد، وهما ينظران إلى بعضهما: "حاضر."


خالد: "طيب، لم أشوف. يلا، ربنا معكم، روحوا للكلية بتاعتكم."


حنين بابتسامة: "حاضر. يلا، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته."


خالد: "وعليكم السلام."


وبالفعل، تذهب الفتيات إلى الكلية. يردف خالد قائلاً وهو يحدث نفسه: "والله نفسي لو بنتي نوران تكون زيك كده يا حنين. ربنا يحميكي يا بنتي."


---


**نتعرف على نوران:**


نوران فتاة تحتوي على جميع الصفات السيئة؛ فتاة مغرورة وعنيدة ولا تحب أن يكون هناك أفضل منها. خسرت والدتها عندما كان عمرها خمس سنوات بسبب حادث، وهي في نفس عمر حنين الآن (عشرين عامًا). نوران فتاة جميلة إلى حد الجنون، وهذا أكثر ما يجعلها متكبرة ومغرورة.


خالد رجل أعمال ناجح يحب الخير للجميع، لكن من سوء حظه جاءت إليه نوران التي تختلف عنه كاختلاف السماء والأرض. ليس لديه أحد غير نوران وشقيقته سلوى، ولم يرغب في الزواج مرة ثانية بسبب حبه الشديد لزوجته الراحلة وهو في الخامس والأربعين من عمره.


سلوى لا تختلف كثيراً عن نوران، أو نوران هي التي لا تختلف شيئاً عن عمتها سلوى. سلوى امرأة ذات شخصية شريرة وجشعة جداً، لا تحب أحداً ولا تتمنى الخير لأحد. هي التي تحرض نوران على حنين، وهي غيورة من محبة خالد لهذه الفتاة المسكينة. سلوى في الاربعين من عمرها، وبسبب غرورها الشديد، لم يرغب أحد في الزواج منها، على الرغم من أنها تمتلك جمالاً يشبه جمال نوران كثيراً.


-----


**في الجامعة:**


تقف نوران بسيارتها أمام البوابة الرئيسية للجامعة وتقول بحنق: "انزلي يا هانم، ولا عاوزة الكل يشوف حضرت الخادمة نازلة من عربية أخرى موديل."


حنين بحزن: "آسفة يا هانم، هنزل."


وبالفعل، تنزل حنين من السيارة وتذهب نوران بالسيارة دون أن تنظر إلى حنين. بينما تنظر حنين إلى آثار نوران، تأتي سيارة من الخلف، وحنين لا تنتبه، وكانت السيارة على وشك أن تصدم حنين. لكن من حسن حظها، أمسك السائق فرامل السيارة في اللحظة الأخيرة، وينزل من السيارة شاب وهو يركض نحو حنين قائلاً: "أنتِ كويسة يا آنسة؟ حصل لكِ حاجة؟ أنا آسف والله، ما أخدتش بالي، كنت بتكلم على الموبايل، والله ما أخدت بالي."


تنظر إليه حنين بعين دامعة وتقول: "حصل خير يا أستاذ، ولا يهمك."


وتذهب حنين من أمام الشاب، وهي لا تعلم ما الذي حدث في ذلك الشاب عندما رأى جمال عينيها التي كانت تبرق بدموعها مع انعكاس ضوء الشمس، فأصبحت ذات منظر خلاب. ينظر الشاب إلى آثار حنين وهو يدمدم بالكلمات غير المفهومة: "هو لون عينيها ده حقيقي؟"


يضرب الشاب جبينه بخفة ويقول: "أي، يا حاج، نوي تطرد من الشغل قبل ما تشتغل."


تذهب حنين إلى قاعة المحاضرات، وعندما تدخل، تنظر إلى الجميع بينما تبحث عن مقعد، لكن لا يوجد مقعد فارغاً غير مقدين واحد بجوار شاب والأخر بجوار نوران. تذهب تجاه المقعد الذي يوجد بجوار نوران وتريد أن تجلس عليه، لكن يحدث غير المتوقع. تدفعها نوران بقدمها أمام الجميع بينما تقول: "أنتِ اتجننتي، هاتقعدي جنبي؟"


تسقط حنين على الأرض بقوة، وأصدرت أصوات تكسير عظام جسدها. تأتي فتاة وتساعد حنين على النهوض، وتقول: "وفيها إيه يا آنسة، لم تقعدي جنبك؟"


ترد نوران بغرور وهي تنظر إلى حنين التي تبكي من شدة الخجل: "فيها كتير يا قمر، وما ينفعش خادمتي تقعد جنبي."


الفتاة باستفهام: "خادمتك؟ خادمتك إزاي؟ مش فاهمة."


نوران: "هفهمك. دي بتشتغل خادمة عندي في البيت، بس من طيبة قلب بابي قدم لها في جامعة زي دي."


ترد فتاة أخرى قائلة: "طيب، أنا شكيت من شكل ونظام لبسها إنها شحاتة."


فتاة أخرى: "هو إزاي جامعة محترمة تقبل ناس من الأشكال دي؟"


يرد أحد الشباب قائلاً وهو واقف على باب المحاضرة: "حتى لو خادمة، هي في النهاية إنسانة يا حضرات."


ترد نوران بغيظ وهي تنظر إلى الشاب: "وحضرتك مين بقى يا أبو قلب حنين؟"


ترد فتاة بخوف وهي تهمس في أذن نوران: "يا خرابيتك، اسكتي. أنتِ ما تعرفيش مين ده، ده الأستاذ عاصي، ابن أكبر رجال الأعمال، وهو دكتور جديد في الجامعة؟"


يتبع



الثاني

تقف حنين أمام الجميع وهي تنظر إلى الأسفل ودموعها تتساقط على الأرض لتصدر أصواتاً مثل أصوات قطرات المطر. لا تقدر أن ترفع عينيها في عيني أحد من شدة الخجل مما فعلت بها نوران أمام الجميع في أول يوم لها في الجامعة. تدمدم حنين ببكاء:


"لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، لا يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، هو مولانا ونعم المولى ونعم النصير."


تردف الفتاة التي تقف بجوار حنين قائلة:


"وفيها إيه يعني؟ لو خادمة مش إنسانة زيك؟ وحتى لو والدك المحترم ساعدها تكمل تعليمها، ده مش يديك الحق تتعاملي معها بالشكل ده قدام الناس. وبعدين، لو والد حضرتك، يا آنسة، كان شايف إن الخادمة ما تستحقش تدخل جامعة زي دي، ما كانش يخلي مستواها زي مستوى بنته."


ترد نوران بغيظ من رد الفتاة:


"اسمعي يا شاطرة، أنا عمري ما كنت في مستوى خادمة، ولا خادمة هتكون في مستواي، فاهمة؟"


يردف عاصي بصوت خشن قائلاً:


"سكوت! وياريت كل واحدة منكم تتفضل على مكانها. إحنا جايين هنا علشان نحضر المحاضرات مش علشان نشوف مين مستوى مين. وعلى ما أظن، في آخر السنة هنعرف مين مستوى أعلى من التاني."


يخاف الجميع من صوت عاصي، فيذهب الكل إلى مقاعدهم إلا حنين التي ظلت واقفة. يردف عاصي بهدوء:


"اتفضلي يا آنسة، اقعدي في المقعد اللي وراي ده."


تنظر حنين إلى ما يقوله عاصي لتجد أن المقعد يجلس عليه شاب. تردف بهدوء قائلة وبصوت رقيق وأرق إليه قلوب الكثير:


"أنا آسفة يا دكتور، بس أنا مش عاوزه أقعد جنب شاب. بعتذر، هافضل واقفة مكاني وتقدر حضرتك تبدأ المحاضرة."


يرد عاصي قائلاً:


"هاتفضلي واقفة إزاي يا آنسة؟ المحاضرة هاتاخد ساعتين ونص على الأقل."


ترد حنين وهي تنظر إلى نوران بحزن:


"عادي يا دكتور، مافيش مشكلة."


وبالفعل، ظلت حنين واقفة طوال المحاضرة من أجل ألا تجلس بجوار شاب، وهذا ما جعل عاصي يعجب بها. وبعد أن انتهت المحاضرة، خرج الجميع إلا حنين التي جلست على أقرب مقعد إليها. كان عاصي مازال يحضر نفسه للرحيل، لكنه لاحظ حنين فتوجه إليها وهو يحمل في يده كأساً من الماء ووضعه أمام حنين قائلاً:


"مش كان يستحسن إنك تقعدي بدل ما حضرتك تعبتي كده؟"


حنين دون أن تنظر إلى عاصي:


"لا، مش أحسن. أنا أفضل إني أقف طول حياتي على إني أقعد جنب شاب غريب ماعرفهوش وممكن يلمس جسمي بالغلط. وده أنا ما أسمحش إنه يحصل معي. بعد إذن حضرتك."


تخرج حنين من أمام عاصي دون أن تقول شيئًا آخر، أما عاصي فابتسم بينما ازداد إعجابه بحنين أكثر. يدمتم بالكلمات غير المفهومة:


"معقولة لسه في بنات بالشكل ده؟ أنا كنت فقدت الأمل إن في بنات تستاهل الاحترام لسه."


بعد ساعة في منزل عائلة عاصي:


يرجع عاصي إلى منزله الذي لا يقل عن قصر ليجد شابًا يجلس على أحد الكراسي. يردف بغضب وبصوت عالٍ قائلاً:


"ما نزلتش المحاضرة ليه يا زفت أنت؟"


يرد الشاب وهو يتظاهر بالخوف:


"إيه يا عم الحاج، ما تقول السلام عليكم حتى بدل ما دخلت النيابة دي."


عاصي وهو ما زال على وضعه:


"وعليكم السلام يا خويا، ها قولي بقى، ما نزلتش الزفت المحاضرة ليه؟"


يرد الشاب وهو يجلس ببرود:


"ولا حاجة، كنت نايم وصحيت لقيت الساعة اتنين. وحتى إني لسه صاحي من النوم وما فطرتش."


عاصي بغضب ويمسك شقيقه من قميصه وهو يقول:


"نعم يا روح أمك، مين اللي لسه صاحي من النوم؟"


تنزل امرأة من على الدرج وهي تقول:


"روح أم مين يا عاصي؟"


الشاب باستفزاز وهو ينظر إلى عاصي بينما يبتسم باستخفاف:


"وقعت في شر أعمالك علشان بس تعرف إنك ديما ظالم أخوك الطيب."


يرد عاصي بغيظ:


"ماشي يا قاظم الزفت، أنا هاعرفك إزاي تغيب من الجامعة في أول يوم."


المرأة بحنق:


"بتقول إيه يا عاصي؟ وبعدين أنت ماسك أخوك كدا ليه؟ سيبه يلا وابعد عنه."


قاظم وهو يجلد صوت الأطفال:


"شوفي يا مامي، عاوز يضربني علشان كنت نايم وما قدرتش أصحى من النوم بدري علشان أروح الجامعة."


تنظر الأم إلى عاصي وهي تقول:


"يضربك إيه بس؟ خلي يعملها كدا يا قاظومه يا حبيبي وشوف أنا هاعمل في إيه."


ينظر قاظم إلى عاصي وهو يقول باستفزاز:


"ماشي يا مامي يا حبيبة قلبي، أنا هاطلع أوضتي علشان الوحش ده مش يعمل فيا حاجة وأنتي هاتي لي الفطار."


عاصي وهو يحاول أن يسيطر على أعصابه:


"لا يا دلعتي ومش عاوز حد يشيلك يطلعك لحد فوق كمان."


قاظم ببرود:


"آه والله عاوز يا عمو، بس مين هايشيلني؟"


عاصي بغضب:


"طيب غور من قدامي يا قاظم بدل ما أشيلك أنا."


الأم: "الله! مالك ومال أخوك يا عاصي؟"


عاصي بهدوء:


"ماليش يا أمي. يلا بعد إذنكم هطلع أغير هدومي علشان أنزل الشركة. وانت يا زفت، جاهز نفسك علشان هتنزل معي."


قاظم: "وأنا مالي يا خويا؟ عاوز تنزل انزل، أما أنا هاقعد مع مامي حبيبتي."


الأم بحنق:


"مع مامي برضو يا قاظم؟ ولا تخلي عاصي يطلع من هنا وتطلع أنت من هنا وما فيش حد يشوفك غير تاني يوم."


ينظر قاظم إلى عاصي بخوف وهو يقول:


"بقى كدا يا نونو؟ عاوز الوحش يقتلني قبل ما يطلع؟"


عاصي بتحذير:


"سيبك من شغل الحريم ده يا قاظم وغور جاهز نفسك علشان هتنزل الشغل، فاهم؟"


قاظم بخوف:


"فاهم يا سطا، فاهم والله."


ينظر إليه عاصي بانتصار وهو يقول:


"ماشي، هاطلع أغير هدومي وأشوف أبوك وهننزل مع بعض."


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


**نتعرف على عائلة عاصي**


**عاصي** شاب في الـ28 من عمره، ذو شخصية قوية ولا يحب الكلام الكثير. يتميز ببشرة قمحية، وعينين عسليتين، وأنف منحوت، وشفاه رقيقة، وشعر أسود. عاصي شاب قوي يتحمل مسؤولية العائلة والشغل الخاص بها منذ أن أصيب والده بحادث سيارة أدى إلى شلل جزئي. ومع ذلك، أحب أن يكون دكتور في الجامعة لسبب ما سنعرفه في الحلقات القادمة إن شاء الله. هو يتيم الأم، لكن الله عوضه بزوجة أب ربته وأحبته كما لو كان ابنها، وهو أيضًا يحبها كأنها والدته الحقيقية.


**قاظم** شقيق عاصي، عمره 23 سنة، يختلف عن عاصي كثيرًا. شاب مرح يعشق المزاح ولديه شغف بالموسيقى ويريد أن يصبح مطربًا في المستقبل، لكن عاصي يريد منه أن يتحمل بعض المسؤولية. قاظم شاب جميل يتميز بعينين خضراوين، وبشرة بيضاء، وأنف مستطيل، وشفاه رقيقة، وشعر أسود طويل، وجسد متوسط.


**نوال** زوجة الأب، امرأة طيبة جدًا وتحب عاصي أكثر من قاظم، لكنها مدلعة قاظم كثيرًا. عمرها 40 عامًا، تتميز ببشرة بيضاء وعينين خضراوين، وأنف عريض، وشفاه صغيرة. هي امرأة محجبة وتعرف الله.


**نبيل** الأب، رجل غدر به الزمن. بعد أن كان من أكبر رجال الأعمال في الشرق الأوسط والجميع يخاف من سماع اسمه، أصبح رجلاً مقعدًا والجميع يشفق عليه. هذا سبب له حالة اكتئاب حاد وأصبح دائم العصبية. عمره 49 عامًا، ذو وجه شاحب وحزين دائمًا، ويخاف الجميع التحدث إليه من شدة عصبيته.


---


**في فيلا خالد**


تقف نوران بسيارتها أمام الباب وهي تقول بتحذير:


"أنتِ عارفة لو بابا عرف أي حاجة من اللي حصلت في الجامعة أنا هعمل فيكي إيه؟"


ترد حنين بحزن قائلة:


"ما تخفيش يا نوران، أنا مش هاقول أي حاجة لوالدك، بس مش علشان خايفة منك ومن تهديدك، لا، علشان بس ما أكونش السبب في مشكلة بين الأب وابنته. بعد إذنك."


تنزل حنين، وعندما تدخل تجد سلوى تنادي عليها بسخرية:


"والله وأخيراً الست هانم حنين شرفت!"


تنظر إليها حنين وهي تقول باحترام:


"السلام عليكم، عاوزة حاجة مني يا هانم؟"


سلوى بكبرياء:


"وهعاوز إيه يعني من حتة خادمة غير تمسح وتغسل؟"


حنين: "حاضر يا سلوى هانم، هاغير بس هدومي وهدخل أشوف شغلي."


تنظر سلوى إلى حنين بخبث وهي تقول:


"ماشي، بس كنت عاوزاكي تمسحي جزمتي، أصلاً اتنيلت وأنا نازلة من على السلم، وعندي مشوار مهم مع ناس مهمين ومش عاوزة حد ياخد باله إن جزمتي اتنيلت."


حنين بدهشة: "أنتِ بتقولي إيه يا هانم؟"


سلوى بغيظ: "أوعي تكوني مفكرة علشان دخلتي كلية محترمة هتكوني من الناس المحترمين، لا يا شاطرة، أنتِ خادمة وهتفضلي طول عمرك خادمة."


ثم تخرج من الحقيبة منديلًا أبيض وتقوم برميه على الأرض وهي تقول:


"اخلصي، خدي المنديل وامسحي جزمتي علشان مستعجلة."


تدمع عين حنين وهي تنظر إلى المنديل وإلى الجزمة بينما قالت بحزن وبدون حيلة:


"حاضر يا هانم."


وبالفعل، ذهبت حنين من أجل أن تمسح جزمة سلوى، لكن قبل أن تلمس الجزمة يأتي صوت عالٍ من الخلف قائلاً:


"حنين!"


يتبع

---


"قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من صلَّى عليَّ صلاة واحدة صلَّى الله عليه عشرًا». اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين."


الثالث هديه للقمرات اللي طلبوها🌹


ركعت حنين أمام سلوى من أجل أن تأخذ المنديل وتمسح الحذاء كما طلبت منها، وهي تبكي بشدة دون صوت. فجأة يأتي صوت شخص من الخلف قائلاً:


"حنين!"


ينظر كلا من حنين وسلوى، ونوران التي تقف وتشاهد ما يحدث وهي تنظر إلى حنين باشمئزاز. تردف حنين بدموع قائلة:


"جدو، نعم؟"


محمد بحزن وهو ينظر إلى سلوى بينما يأخذ المنديل من على الأرض ويقول:


"أنا همسح جزمتك يا هانم، لكن حنين بنتي مش بتركع تحت رجل حد."


تشعر حنين بسكين تمزق قلبها عندما رأت جدها يركع من أجل أن يمسح الحذاء بدلاً منها. تركع على قدميها، وقبل أن يلمس جدها الحذاء، كانت هي قد فعلت ما قالت عليه سلوى، بينما دمعت عين محمد وهو يرى حفيدته تجلس تحت قدم سلوى وتمسح الحذاء ولا يقدر على فعل شيء. تردف نوران باشمئزاز قائلة:


"اسمعي يا شاطرة، خدي طلعي لي الكوتشي بتاعي على الأوضة وهاتي مية معطر واغسلي لي رجلي مكان الكوتشي."


ينظر كلا من حنين ومحمد إلى نوران بدهشة، بينما قال محمد بعجز:


"أنتي بتقولي إيه يا بنتي؟ حنين مين اللي تطلع الكوتشي وتغسل رجلك؟"


سلوى بسخرية: "وأنت مفكر حنين إيه؟ دي مجرد خادمة، أوعي تنسى أصلك يا محمد، أنت مجرد خادم وحنين زيك، فاهم؟"


ينظر محمد إلى سلوى وهو يقول دون وعي:


"حنين مش خادمة وعمرها ما كانت خادمة، وأنتي أكتر واحدة تعرفي مين هي حنين."


تنظر سلوى إلى محمد بغضب، بينما ينتبه محمد لما قال فيصمت قبل أن يكمل حديثه. ترد نوران قائلة بسخرية:


"يظهر كدا إن الخادم مفكر نفسه السيد."


يرد محمد بعجز وكسر: "يا بنتي، أنا لا مفكر إني سيد ولا نسيت إني خادم، بس مش لدرجة إنكم تذلوا حنين بالشكل ده."


نوران بوقاحة وهي تنظر إلى حنين:


"خلاص، لو مش عايز حنين تطلع لي الكوتشي، طلعه أنت وهات لي مية واغسل لي رجلي."


تنظر حنين إلى الحذاء، ودون أن تقول شيئاً تذهب وتحمل الحذاء. بينما تحمل حنين الحذاء، تلتقط نوران صورة لها وهي تمسك الحذاء. تذهب حنين إلى غرفة نوران وتضع الحذاء كما قالت. بعد وقت ليس بكثير، ذهبت وأحضرت الماء. كانت نوران تجلس على مقعد وتضع قدمًا فوق قدم، وتنظر إلى حنين بسخرية. جلست حنين أمام نوران ووضعت قدمها في الماء من أجل أن تغسلها لها، بينما تلتقط نوران بعض الصور لها على الهاتف. في هذه اللحظة، يدخل خالد ليجد هذا المشهد أمامه ليصرخ بغضب كما لو رأى شيطانًا داخل المنزل.


"نورااااان؟ 


تفزع نوران من صوت والدها وتقول بخوف:


"بابا؟"


يذهب خالد تجاه نوران، ومن شدة غضبه يصفعها بقوة وهو يقول:


"أنتِ اتجننتي يا بنت؟ازاي تسمحي لنفسك تهيني حنين بهذا الشكل؟"


نوران بدموع وغضب وصوت عالٍ:


"أنت بتضربني عشان خادمة؟"


يصفعها خالد مرة ثانية وهو يقول:


"وأكسر رقبتك كمان طالما قليلة الأدب، وصوتك ما يعلىش عليا تاني يا هانم. امشي علي أوضك، وعقاب لكِ، ما فيش مصروف لمدة أسبوع. هاتي مفاتيح عربيتك، وما فيش خروج من البيت غير للجامعة، ومن الجامعة على البيت."


تنظر نوران إلى حنين بغضب وتتواعد لها، تخرج مفاتيح السيارة وتضعها على الطاولة بغضب، ثم تركض إلى غرفتها. يذهب خالد تجاه حنين التي ما زالت تجلس على الأرض ودموعها لم تجف من عينيها، ويقول بإحراج:


"أنا بعتذر لكِ يا حنين، يا حبيبتي. أنا بجد محرج منكِ، والله مش عارف أقولك إيه."


حنين بابتسامة حزينة، بينما دموعها تتساقط على خديها:


"وانت عملت إيه بس يا أستاذ خالد علشان تعتذر؟ قول لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وأتوب إليه."


يضع خالد قبلة على جبين حنين ويقول:


"ونعم بالله العلي العظيم وأتوب إليه. بس بقى، خلاص، بطلي عياط، وحقك عليّ يا حبيبتي. ما تزعليش من حاجة، أنتِ ما تعرفيش قد إيه أنتِ غالية علينا."


ينظر محمد إلى سلوى بكره، بينما نظرت سلوى إليه بتواعد وهي تقول في نفسها:


"الظاهر كده هتعملي لي وجع دماغ يا محمد. لازم أخد مسكن قبل ما الوجع يزيد. السر لازم يفضل سر مهما يحصل."

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

في غرفة نوران:


نوران بغضب وهي تنظر إلى انعكاس صورتها في المرآة:


"بقي أنا انضربت قلمين عشان خادمة؟ ماشي يا حنين، ما كنت نوران خالد لو ما خليتك تتكسفي ترفعي راسك وأنتِ ماشية."


ثم تنظر إلى الهاتف وهي تقول:


"اصبري وشوفي أنا هاعمل فيكِ إيه يا ست حنين."

ــــــــــــــــــــــــــــــ


في اليوم التالي في الجامعة:


وصلت حنين ونوران بسيارة بعد أن سمح لهم خالد بأخذ السيارة للذهاب إلى الجامعة. عندما تعود نوران، ترجع مفاتيح السيارة مرة أخرى. تسير حنين وتشعر أن هناك شيء غريب، والجميع ينظر ويتغامز عليها، لكنها تتجاهل كل شيء. تدخل حنين إلى المحاضرة لتجد مقعداً فارغاً، تجلس عليه. تأتي إليها فتاة وتقول باحتقار:


"قومي يا بنت من هنا، الكرسي ده بتاعي."


تنظر حنين إلى الفتاة وتقول بخجل:


"أنا آسفة يا آنسة."


وتنهض حنين من على المقعد وتذهب إلى مقعد آخر، وقبل أن تجلس، تردف فتاة أخرى وهي تنظر إلى حنين بتقزز:


"لا يا شاطرة، ده محجوز للناس المحترمين، مش للخدم."


حنين بحزن تذهب دون أن تقول شيئًا، ولم يوافق أحد أن تجلس، وتظل واقفة مثل الأمس. يدخل عاصي إلى المحاضرة بصحبة قاظم وهو يقول:


"صباح الخير."


الجميع:


"صباح الخير يا دكتور."


ينظر عاصي إلى قاظم الذي ينظر إلى نوران بذهول، ثم ينظر عاصي إلى ما ينظر إليه قاظم ويقول بغضب:


"اتفضل اتنيل اقعد يا أستاذ."


قاظم بإحراج:  "آسف."


ثم يذهب باتجاه نوران وهو يقول:


"هاي."


نوران بغرور:


"هاي."


قاظم بمعاكسة:


"ممكن أقعد؟"


نوران بلا مبالاة:


"طبعًا اتفضل."


يقف عاصي وينظر بعينيه إلى الجميع، يبحث عن حنين التي تجلس في آخر مقعد خلف الجميع. يبدأ المحاضرة ويحاول أن يكون صوته عاليًا في الشرح لكي تسمع حنين ما يقول. بعد أن انتهت المحاضرة، يخرج الجميع إلا حنين التي ما زالت تجلس وتكتب كل ما قاله عاصي أثناء الشرح. يذهب إليها عاصي ويقول:


"أنتِ بتكتبي إيه يا آنسة؟"


تقف حنين وتقول بإحراج:


"بكتب شرح حضرتك علشان ما أنساش حاجة، يا دكتور."


عاصي بدهشة:


"بتكتبي الشرح إزاي؟"


حنين: "عادي، أنا بكتب شرح حضرتك علشان أفضل فاكرة وما أنساش حاجة."


عاصي باستغراب:


"وانتِ كتبتي الحصة بتاعت إمبارح؟"


حنين:  "أيوة، كتبتها."


عاصي بشك: "طيب ممكن أشوف اللي حضرتك كتبتيه؟"


حنين: "طبعًا، اتفضل."


يأخذ عاصي السكتش من حنين ولا يصدق أنها نقلت كل شيء قاله أثناء المحاضرة. يعطيها عاصي السكتش وهو يزيد إعجابه بها، بينما يقول باحترام:


"تعرفي، لو ربع البنات والشباب اللي هنا مهتمين بالشرح والمحاضرات زيك يا آنسة، كانوا زمان بقوا من أفضل الطلاب. ربنا يوفقك في حياتك."


حنين، وهي تتجاهل النظر إلى عاصي:


"يارب أنا والجميع."


عاصي بضيق ولا يعلم لماذا يزعجه أنها لا تنظر إليه، يردف قائلاً:


"هو حضرتك شايفاني ما أستهلش تبصي لي وأنتِ بتكلميني؟"


حنين:  "أنا آسفة يا دكتور، بس أنا بغض البصر مش أكتر."


عاصي باستفهام:


"ليه؟ هو انتِ راجل علشان تغضي بصرك؟"


حنين، متجنبة النظر إلى عاصي، تقول بهدوء:


"وهو أنا علشان مش راجل ما أغضش بصري؟ ربنا سبحانه وتعالى أمر بغض البصر لمّا قال في آياته الكريمة: (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)"


ثم تضيف بحزم: "وربنا سبحانه وتعالى كان واضح في حديثه القدسي أن غض البصر أمر وفرض على كل مسلم ومسلمة."


عاصي بانبهار:


"ياااه، ده انتي حاجة عظيمة بقى."


حنين بإحراج:


"العظمة لله وحده. بعد إذنك يا دكتور."


عاصي، وهو يرغب في التحدث إليها أكثر لكنها لم تعطِه الفرصة، يرد قائلاً:


"اتفضلي يا آنسة، إذنك معكِ."


تذهب حنين من أمام عاصي دون أن تقول شيئًا، بينما ينظر إليها عاصي ولا يستطيع أن يخفض نظره عنها، ويدمدم بالكلمات غير المفهومة:


"يا ترى إيه آخر حكايتك يا حنين؟ فعلاً انتي حاجة مميزة ومن النادر أن حد يحصل عليها. يا رب عوضني بواحدة تكون نص حنين. مش هاطلب زي حنين لأنّي متأكد إن واحدة زي حنين تستاهل الأفضل مني."


### في الفلا


يقف محمد في المطبخ يقوم بعمله يكح  بصوت عالٍ:


"كح كح كح."


فجأة يأتي أحد ويعطيه كأس من الماء. يأخذ محمد الكأس ويشرب كل ما فيه من الماء، ثم ينظر إلى الشخص الذي أعطاه الكأس وهو يقول بدهشة:


"انتي بتعملي إيه هنا؟"


سلوى بغرور:


"لا، ولا حاجة، بس سمعتك بتكح، قولت أديك ميه بدل ما تموت ولا حاجة."


فجأة، يضع محمد يده على عنقه وهو يشعر بالاختناق، بينما يقول:


"انتي حطيتِ إيه في الميه؟"


سلوى:  "ولا حاجة، بس برشامة علشان أخلص من الصداع."


محمد بحزن:


"اوعي تفكري إن بموتي حنين مش هاتعرف الحقيقة."


سلوى بغضب:


"حنين خادمة وهاتفضل خادمة، وبموتك السر هايفضل سر."


يتبع


### سؤال للنقاش


- **مين حنين؟**

- **إيه هو السر اللي خايفة منه سلوى؟**

- **هيحصل إيه لحنين بعد موت جدها؟**

- **نوران عملت إيه علشان تخلي الكل في الجامعة يقرف من حنين؟**


الرابع 

في الجامعة، تسير نوران وهي تضع سماعات الأغاني في أذنيها بينما تتراقص على ألحان الأغاني وتغلق عينيها، ولا تنتبه إلى السيارة التي تأتي خلفها كالصاروخ يسير فوق الأرض. الجميع يحاول أن يجعل نوران تنتبه للسيارة. ومن حسن حظها كان عاصي بالقرب منها ليركض إليها ويسحبها من أمام السيارة قبل أن تحطم عظام جسدها الرقيقة. تفتح نوران عينيها لتجد نفسها تستقر داخل أحضان عاصي وتشعر بشعور لأول مرة في حياتها، إذ اشتعلت نيران العشق داخل قلب هذه المرأة المتسلطة وهي لا تشعر بذلك. كانت نوران تنظر إلى عاصي بشغف وتتأمل تفاصيل جسده وملامح وجهه، بينما أغرقها العشق والشغف في بحر من الأحلام عندما تقابلت عيناها عيني هذا الرجل الذي سيطر على شغفها. تستيقظ نوران من بحر المشاعر التي غرقت بداخله على أصوات الجميع من حولها، بينما حدث ما لم يتوقع أحد حدوثه. يصفع عاصي نوران على وجهها بقوة وهو يقول بغضب سيطر عليه بسبب تصرفات هذه الصغيرة:


_ أنتِ أي غبية، مش بتفهمي ولا عاوزة تموتي؟ أهلك مش علموكي الأدب والاحترام؟ الزفت اللي في ودنك دي ماتتلبسش في مكان عام.


تنظر إليه نوران بشغف جنوني، لتقترب منه دون إنذار أو خجل وتقبله أمام الجميع. يصعق عاصي والجميع من تصرفها الوقح. ليغضب عاصي بشدة من تلك الفتاة التي أهانته أمام الجميع، يقوم بصفعها مرة أخرى بقوة أكبر من الأولى، ناسياً أنها فتاة رقيقة لا تتحمل العنف، فتقع نوران مغمى عليها أمام الجميع. تأتي حنين على الأصوات العالية، لترى عاصي وهو يصفع نوران، لكنها لم ترَ السبب. تذهب تجاه نوران وتقول بغضب بينما تجلس بجوارها على الأرض:


_ أنت إنسان قليل الأدب والاحترام، مش عندك ذرة رجولة! إزاي تتجرأ وترفع إيدك على أنسة وطالبة من اللي أنت بدرس لهم؟ أنا هرفع عليك شكوى وهقدم فيك بلاغ.


يرد كاظم بغيظ وهو ينظر إلى نوران وحنين باحتقار:


_ وأنتِ بقى اللي هاترفعي عليه شكوى وهاتعلميه الأدب؟ وبعدين إيه لزمت الحجاب ولبسك ده إذا كنتِ واحدة مش عندك شرف أصلاً؟


عاصي بغضب:


_ كاظم، أنت اتجننت؟ إزاي تتكلم مع الأنسه بالشكل ده؟


ترد فتاة قائلة:


_ آسف يا دكتور، بس الأستاذ كاظم مع حق، البنت دي مش عندها شرف ولازم تنطرد من الجامعة، دي أشكالها ماينفعش معها الاحترام أصلاً.


حنين بدموع:


_ حرام عليكم، هو أنا عملت لكم إيه علشان تتهموني في شرفي بالشكل ده؟ تعرفوا إيه عني أصلاً علشان تقولوا شريفة ولا من غير شرف؟


يرد كاظم بسخرية:


_ لا يا شيخة، وفري دموع التماسيح دي يا شاطرة، علشان الكل عارف مين انتي، ده انتي حتى بتعلمي العالم إزاي يقضوا ليلة سخنة.


تنظر حنين إلى كاظم بدهشة مما قال، وهي لا تفهم لماذا يقول عنها هذه الكلمات وهو لا يعرفها، ولا أحد يعرف عنها شيء، فقط يمزقون قلبها الصغير بهذه الكلمات التي لا تليق بأخلاقها وشرفها. صفع عاصي قاظم على وجهه وهو يقول بصوت عالٍ:


_ أنت اتجننت على الآخر؟ تعرف إيه عنها أصلاً علشان تتكلم عليها بالشكل ده؟


يرد كاظم بصوت عالٍ وتسيل دمعة من عينيه على وجهه، لم يتخيل أن شقيقه وقدوته في الحياة سوف يصفعه أمام الجميع بهذا الشكل من أجل فتاة لا يعلم عنها شيء:


_ وأنت تعرف إيه عنها يا دكتور علشان ترفع إيدك عليا وتهينني قدام الكل بالشكل ده؟


يشعر عاصي بحجم خطأه ويردف قائلاً بهدوء وهو يضع يده على جبينه:


_ كاظم، أنا آسف، مش قصدي اللي حصل.


يرد كاظم بصوت عالٍ:


_ تعرف إيه عن البنت دي يا دكتور علشان ترفع إيدك عليا بالشكل ده؟


عاصي وهو يحاول أن يصلح خطأه:


_ اهدى يا كاظم، أنا آسف، مش قصدي.


لكن كان الغضب يتحكم بكاظم بالكامل ويرد بصوت عالٍ قائلاً:


_ أقولك أنا أعرف عنها إيه، أعرف إنها بنت ك***لب ماكرة، واحدة وس***خة ما تستاهلش حتى ك***لب يبص لها.


حنين بغضب:


_ وانت مين أساساً علشان تتكلم عليا بالشكل ده؟ وإيه اللي مخليك متأكد أوي كده إني زي ما انت بتقول؟ وبعدين مين أنتم أساساً علشان تتكلموا عليا؟ مافيش حد فيكم يعرف عني حاجة علشان تحكموا عليا بالشكل ده.


ينظر كاظم إلى حنين وهو يقول بفحيح الأفعى:


_ عاوزة تعرفي بجد أنا ليه بقولك عليكي كده ولا انتي تعرفي وبتستعبطي؟


عاصي بضيق:


_ أنا عاوز أعرف إنت ليه بتتكلم بالشكل ده عن الأنسة حنين؟ وانت تعرف عنها إيه علشان تقول كده؟


يطلع كاظم الهاتف وهو يقول بغضب:


_ خد وشوف بنفسك يا دكتور وانت هتعرف كل حاجة، وهتعرف إنها واحدة وس***خة ما تستاهلش.


أخذ عاصي الهاتف من كاظم، وبعد لحظات، نظر إلى حنين بدهشة قائلاً:


_ انتي دي؟ معقولة؟


حنين باستغراب:


_ مش فاهمة، أنا فين؟ وإيه اللي في التلفون ده؟


تذهب باتجاه عاصي وتأخذ منه الهاتف، وتقول بصدمة بعد أن رأت ما في الهاتف:


_ دي مش أنا! مين دي؟ حسبي الله ونعم الوكيل!


---


**في الفلا**


اكتشف الجميع مو***ت محمد، جد حنين. جاء خالد إلى الفلا وترك أعماله عندما اتصل عليه الخادم وأخبره بما حدث. قال خالد بحزن:


_ خير يا دكتور، إيه سبب الوفاة المفاجئة دي؟ الحاج محمد ماكنش بيعاني من حاجة مؤخراً.


يرد الطبيب بأسف قائلاً:


_ للأسف، تعرض لصدمة جامدة، قلبت عنده بنوبة قلبية، وده سبب الوفاة.


خالد بحزن:


_ لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، إنا لله وإنا إليه راجعون. بس إيه اللي صدمه؟


تأتي سلوى من باب الفلا أمام الجميع كما لو كانت في الخارج ولا تعلم شيئاً، تردف قائلة وهي تمسك في يديها الهاتف وتتصنع الدهشة:


_ الحق يا خالد، شوفت اللي حصل؟


يرد خالد بحزن، وهو يفكر أن سلوى تتحدث عن مو***ت الجد محمد:


_ أيوه يا سلوى، عرفت، وسبت الشغل وجيت على طول.


سلوى بمكر، وهي تعلم أن شقيقها لا يفهم ما تنوي قوله، ترد بخبث وهي تتصنع الحزن:


_ طيب، وهتعمل إيه دلوقتي؟ وهنصرف إزاي مع حنين بعد اللي حصل ده؟


خالد بحزن:


_ أنا مش عارف والله هنعمل إيه لما حنين تعرف مو***ت جدها محمد.


سلوى بخبث، وهي تنظر إلى خالد بذهول مصطنع:


_ انت بتقول إيه يا خالد؟ محمد ما***ت؟


خالد بدهشة:


_ أمال انتي بتتكلمي عن إيه؟


سلوى بغضب، وقد حان الوقت لتكمل ما تنوي فعله:


_ أنا بتكلم عن الز***فت حنين وعن اللي عملته والفضيحة اللي حصلت.


خالد باستغراب ودهشة:


_ انتي بتخرفي؟ تقولي إيه؟ وحنين مالها وفضيحة إيه اللي حصلت؟ مش فاهم عليكي.


سلوى دون مقدمة:


_ خد شوف بنفسك، وانت هتفهم كل حاجة.


يأخذ خالد الهاتف وينظر إليه، بينما قال بذهول:


_ مش معقولة، مستحيل تكون دي حنين، مستحيل تكون هي؟؟


**ما الذي في الهاتف يجعل الكل يحتقر حنين؟ وما الذي حدث لكي لا يقول الطبيب أن محمد ما**ت مسموماً؟**


> "إِنَّ اللَّـهَ لا يَظلِمُ النّاسَ شَيئًا وَلَكِنَّ النّاسَ أَنفُسَهُم يَظلِمونَ".  


> "إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّـهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا".





الخامس والسادس لانها فازت بتصويتكم ❤️🌹

في الجامعة، تقف حنين أمام الجميع وهي تنظر إلى الهاتف بدهشة ودموعها تتسابق على خديها وهي تردد:


"لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. حسبي الله ونعم الوكيل. حسبي الله ونعم الوكيل."


ينظر إليها عاصي الذي يقف بجوارها، وعقله وقلبه لا يصدقان ما تراه عيناه في الهاتف، ويردف بهدوء قائلاً:


"دي انتي؟ معقولة؟ أنا مش مصدق إن واحدة زيك تعمل كده."


يأخذ كاظم الهاتف من يدي حنين وهو يقول بصوت عالٍ:


"مش مصدق إيه؟ شوف بعينك. دي واحدة وسخ***ة. شوف إزاي نايمة في ح***ضن الراجل وشوف كتابة إيه؟ ليلة سخنة للعشاق وبتشرح بالتفصيل ده كله ومش مصدق."


حنين، بدموع:


"والله دي مش أنا. أنا والله مستحيل أعمل حاجة زي دي. والله يا دكتور دي مش أنا. أنا مستحيل أعمل كده. حتى اسألوا نوران."


وتذهب باتجاه نوران وتحاول أن تجعلها تستيقظ. وبعد أكثر من مرة، تنجح في ذلك وتردف ببكاء:


"بالله عليكي يا نوران، قولي للكل إني مستحيل أعمل كده. إحنا متربين مع بعض وانتي أكتر حد يعرفني. بالله عليكي قولي لهم إن أنا مش كده."


نوران، وهي تضع يديها على رأسها:


"ابعدي عني يا بنت. انتي إيه اللي بتتكلمي عليه؟ أقول إيه؟ مش فاهمة حاجة."


تبعد حنين عن نوران وتذهب وتأخذ الهاتف من كاظم دون أن تستأذن منه، وتجلس على الأرض أمام نوران مرة ثانية وهي تضع الفيديو الذي يسئ إلى سمعتها وشرفها أمام نوران، وهي تقول ببكاء:


"شوفي يا نوران. بيقولوا إن دي أنا. بذمتك أنا ممكن أعمل حاجة زي دي؟ بذمتك يا نوران، أنا من النوع ده؟"


تنظر نوران إلى الهاتف بصدمة وتقول بدهشة:


"معقولة انتي دي؟"


حنين، بدموع:


"والله ما أنا. والله ما أنا. بالله عليكي قولي لهم إن دي مش أنا. انتي تعرفيني أكتر منهم كلهم."


تقف نوران من فوق الأرض وهي تقول ما جعل قلب حنين يتمزق من شدة الحزن:


"أنا كنت متأكدة إنك واحدة تربية شوارع بس ما تخيلتش إنك عا***هرة بشكل ده. انتي واحدة عا***هرة وبتمثلي البراءة قدام الكل. أنا مستحيل أسمح لواحدة زيك تفضل في بيتي. أنا هرجع البيت وهاخلي بابا يرميكي في الشارع علشان اللي زيك ما ينفعش يعيشوا مع الناس المحترمين." 


حنين ببكاء وهي تنظر إلى نوران بذهول: "أنتِ بتقولي إيه يا نوران؟ معقولة أنتِ مصدقة إن أنا اللي في الفيديوهات دي؟"


نوران: "ومش أصدق ليه إن شاء الله؟ ده أنا أكتر واحدة عارفاكي وعارفة وشك الحقيقي."


كاظم بضيق: "البنت دي لازم تنطرد من الجامعة."


حنين بدموع: "أنت بتقول إيه؟ أنا ما عملتش حاجة غلط علشان أنطرد من الجامعة."


بنت من اللي واقفين: "نعم يا شاطرة، حتى بعد كل اللي شفناه ده تقولي ما عملتش حاجة غلط؟ يا بجحتك يا أختي."


واحد تاني من اللي واقفين: "البنت دي لازم تمشي من هنا لأن الناس اللي زيها ما ينفعش يكونوا في أماكن الناس المحترمين."


تقف حنين وهي تنظر إلى الجميع، ولا أحد يشعر بما يحدث في قلبها، وأردف الجميع بصوت واحد ونفس الجملة بصوت عالٍ: "البنت دي لازم تطلع من هنا."


تنحني نوران على الأرض وتحمل بعض التراب وترميه في وجه حنين، والغل والحقد يسيطران على قلبها، ليفعل الجميع مثل ما فعلت نوران. يقف عاصي أمام حنين ويضمها ليحميها من جبروت هذا المجتمع الذي يعاني من إعاقة ذهنية ولا يستطيع أن يفهم ما يحدث من حوله. يقف عاصي والجميع يرمي الحجارة على حنين، لكن عاصي كان مثل الجدار يحمي كل من يقف خلفها. يصرخ بصوت عالٍ بينما يرتعب الجميع منه: "بااااااااسسسس، اسكتوا!"


ليهدأ الجميع، ينظر عاصي إلى الجميع بغضب ويقول: "أنتم مين علشان تقولوا مين يطلع ومين يفضل؟ وأنتم تعرفوا إيه عن الآنسة علشان تحكموا عليها بالشكل ده؟"


ينظر عاصي إلى إحدى الفتيات اللاتي تكلموا عن حنين ويقول: "وانتِ مين علشان تقولي إن دي اللي في الفيديو؟ تعرفي إيه عن الاحترام علشان تتكلمي عنه؟ وياترى الآنسة اللي كل يوم في نادي الليل شكلها تعرف الاحترام، وانتِ يا محترمة مش حضرتك برضو اللي قبضوا عليها من فترة بتهمة المخدرات، ولا أنا غلطان؟"


ينظر الجميع إلى الأسفل بخجل، والجميع يخاف أن يواجه عاصي، بينما ذهب باتجاه نوران قائلاً باستخفاف: "وانتِ يا متربية، أو بالأخرى يا اللي مش متربية، اللي عملتيه من شويه في رأيك تصرف ناس محترمين ولا تصرف عا***هرة من أرخص العا***هرات؟"


تقلب نوران وجهها إلى الألوان ولا تقدر أن ترد أو تقول شيئاً، بينما قال عاصي بهدوء مميت: "ياريت كل واحد قبل ما يتكلم في شرف حد يشوف نفسه أولاً إذا كان بشرف أو من غير شرف."


ثم يذهب باتجاه حنين ويسحبها من يديها ويذهب من أمام الجميع.

------::: 


في الفلا:


يقف عاصي أمام البوابة بسيارته بعد أن أوصل حنين إلى المنزل الذي تعيش فيه. ينظر إلى حنين التي ظلت صامتة وتبكي في صمت ولا تشعر بشيء يحدث حولها، وهو يقول بهدوء: "وصلنا يا آنسة."


تنتبه حنين على صوت عاصي، بينما نظرت حولها وقالت بصوت مخنوق من البكاء: "شكراً يا دكتور، مش عارفة من غيرك كنت عملت إيه."


عاصي بهدوء: "مافيش داعي لشكر، وبعدين ما بقاش في حد شريف أصلاً علشان تكوني أنتِ."


ثم يصمت قبل أن يكمل ما يريد قوله، بينما تشعر حنين أن عاصي يقصد سخريته منها. ترد قائلة ببكاء: "أمال حضرتك مصدق اللي شوفتوا، بتقف معايا ليه؟"


عاصي بحنق: "أنا ما عرفكيش علشان أصدق أو ما أصدقش، أنا بس ساعدت بنت من الشارع كانت محتاجة مساعدة، مش أكتر. وتفضلي انزلي، عندي شغل، مش فاضي."


تنظر إليه حنين والدموع تحجرت في عينيها، وتقول: "ياريت لو شوفت بنت من الشارع بتموت، مش تساعدها تاني، لأن ممكن أنت تكون سبب موتها بعد ما ساعدتها."


ثم تنزل من السيارة دون أن تقول شيئاً آخر، بينما يلعن عاصي نفسه على ما قاله منذ قليل. تشعر حنين أن هناك شيئاً غريباً يحدث كلما اقتربت من الفلا، وتمسح آثار بكائها قبل أن تدخل حتى لا يرى جدها بكائها. لكن قبل أن يشعر أحد بها، تسمع ما يزيد أحزان قلبها:


سلوى بصوت عالٍ: "البنت دي مش هاتفضل في البيت لحظة بعد كده. إحنا مش ناقصين فضايح أكتر من كده، يا خالد كفاية إننا ربنها."


خالد بحنق: "أنا مش مصدق إن حنين ممكن تعمل كده."


سلوى بدهشة: "مش مصدق إيه يا خالد؟ أنت مش شوفت بنفسك الفيديوهات اللي هي عملتها؟"


خالد بحزن: "أيوة شوفت يا سلوى كل حاجة، بس عمري ما تخيلت إن حنين بالقذارة دي كلها."


سلوى بخبث: "فعلاً أنا انصدمت لما شوفت الفيديوهات دي، بس إحنا ناس محترمين ولينا سمعتنا يا خالد، وانت لو الصحافة شمّت خبر عن الحكاية دي هيحصل مصيبة. علشان كده حنين لازم تطلع من البيت."


خالد بضيق: "أيوة معاكِ حق يا سلوى، أنا حبتها أكتر من بنتي واعتبرتها زيها زي نوران، بس ما تخيلتش إنها قدام الناس بالشكل ده وفي ضهر الشكل. بس الحق عليا أنا اللي أخدت بنت من الشارع واعتبرتها بنتي."


سلوى بانتصار: "خلاص يا خالد، إحنا عملنا اللي علينا وزيادة، كفاية لحد كده."


خالد بحزن: "أيوة معاكِ حق، كفاية لحد كده. لما تجيبيها، اديها فلوس وخليها تمشي من هنا، علشان أنا مش هقدر أعمل كده، وعرفيها إن جدها مات وكانت هي السبب في موته."


ثم يذهب خالد قبل أن ينتبه إلى تلك التي تقف خلفه وتسمع كل شيء قاله، لكن ما صدمها هو موت جدها. بينما تنظر سلوى إلى حنين بشماتة، وهي تراها من أول ما دخلت المنزل وتتعمد أن تجعلها تسمع كل شيء. لكن حنين لا تتحمل صدمة موت جدها فتقع على الأرض مغمى عليها، بينما قالت سلوى بصوت عالٍ: "أشرف، أشرف!"


يأتي أشرف البواب وهو يقول: "نعم يا ست هانم."


ترد سلوى بكراهية، وكأن ما ينبض داخل صدرها حجر وليس قلبًا: "خذ البنت دي وارمِها في أي مصيبة، وخذ الفلوس دي وحطها جنبها."


ينظر أشرف إلى حنين بحزن ودهشة مما تطلبه سلوى، ويسأل: "إنتِ بتقولي إيه يا هانم؟"


سلوى بنبرة تهديد: "لو عاوز تنطرد من شغلك، خليك واقف كمان خمس ثواني."


أشرف بخوف: "آسف يا هانم."


سلوى بجبروت: "خلاص، اعمل اللي بقول عليه، وخد القرف ده ارميه في أي سلة زبالة، وتعالى علشان عاوزك."


أشرف بحزن: "أمرك يا هانم."


ثم يذهب أشرف باتجاه حنين التي تنام ولا تشعر بشيء، ويحملها من على الأرض ويذهب بها إلى مكان مجهول.


يتبع

---


تكملة الرواية من هناااااااا 

لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا






تعليقات

التنقل السريع