القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية قلبي بنارها مغرم الفصل السادس والثلاثون والسابع والثلاثون والثامن والثلاثون والتاسع والثلاثون والاربعون بقلم روز أمين كاملة

 


رواية قلبي بنارها مغرم الفصل السادس والثلاثون والسابع والثلاثون والثامن والثلاثون والتاسع والثلاثون والاربعون بقلم روز أمين كاملة 




رواية قلبي بنارها مغرم الفصل السادس والثلاثون والسابع والثلاثون والثامن والثلاثون والتاسع والثلاثون والاربعون بقلم روز أمين كاملة 




السادس والثلاثـــــــــــــــــــ36ـــــــــــــــون

تحدث عثمان بقلبٍ يرتجف خشية إستماعة لتأكيدها لما يُخبرةُ بهِ حدسة منذ الصباح  :

_ إجفلي خاشمك وبطلي عويل وجولي لي إية اللي حُصل يا بِت ؟

أجابتة عَلية بصراخ وانهيار :

_زيدان أخوي إنجتل يا أبووووي

حالة  من الفزع والهلع أصابت الجميع،  ورد وصفا اللتان تصرخان بكُل صوتهما  وهلعهما الذي أصابهما تخوفً من صحة الخبر المشؤم، عِثمان الذي لم تعُد  ساقيه تتحملان جسدهِ الهرِم ، رسمية، فايقة اللتان تتصطحتان الإرض وفاقدتا  للوعي،  قدري ومنتصر اللذان شُلت حركتهما وتحول داخلهما لنارٍ ستحرق الأخضر  واليابس لأجل أخذ الثأر للإنتقام من قاتل غاليهم

ثواني،، ما هي إلا ثواني حدث بها كُل هذا

سأل قدري شقيقته بنبرة صارخة مُتغاضيً عن تلك المُلقاه علي الأرض وليلي والعاملات تحاولن إفاقتها :

_مين اللي جال لك علي الخبر الشوم دِي يا عَلية  ؟

أجابتهُ تلك التي تضع رأس والدتها فوق ساقيها وتحاول إفاقتها هي ومريم ونجاة :

_البلد  كِلياتها مجلوبة برة وعتتحدت يا أخوي ، وعيجولوا إنهم إترصدوا لـ زيدان  النُعماني وإصطادوه بره النچع وهو راچع وضربوه بالنار، ورچالة النچع واجفين  بره بالسلاح رهن الإشارة لجل ما يشوفوا أبوي ناوي علي إيه

تحدث عِثمان إلي قدري بنبرة قوية إصطنعها بصعوبة كي لا يضعف أمام أبنائه وأحفاده الذين يستمدون منهُ القوةَ  :

_إتصل لي بالمأمور وشوف لي الخبر الشوم دي صحيح ولا لا،

وأكمل بقلبٍ يرتعب:

_ ولو لاجدر الله صحيح،  إسأله عن مكان أخوك وشوفه فين لچل ما نروح نچيبه .

أطاعهُ قدري ودلف للداخل سريعً ومنهُ للأعلي ليُحضر هاتفهُ

أما  حسن إبن منتصر الذي دلف للداخل وأتي بالسلاح وقام بتوزيعهُ علي الجميع، ثم  أمسك بقطعة منه وضرب طلقة في الهواء مُعلنً بها أن الدمار أتيً لا محَال،  وتحدث بغضب  :

_ الله في سماه لاحزن أمك ومّرتك علي حياتك يا كامل يا أبو الحسن إنتَ ورچالة نچع الديابية كِلياتهم

تحدث يزن الذي أمسك بندقية ألي وهتف بتهديد:

_ اللول نشوف صحة الخبر الشوم دي،  وبعدها نچع الديابية بحالهْ معيطلعش عليه نهار

وبلحظة  صدح رنين هاتف فارس الذي يحمل سلاحهُ بقلبٍ مُشتعل ، أخرجهُ من جيبه سريعً  ونظر بشاشته وجدهُ قاسم الذي تحدث سريعً بنبرة متعجلة:

_  إسمعني زين يا فارس،  عمك زيدان إنضرب بالنار عِند الترعة الغربية،  وأني  دلوك معاه في المستشفي،  هات صفا وتعال حالاً لجل ما تخرچ لأبوها الرصاصة

حالة من الهرج والغضب واللاعقل أصابت الجميع، وهُنا علا صوت العقل حين تحدث فارس إلي جده:

_ قاسم إتصل من المستشفي يا چدي وعيجول إنه مع عمي زيدان وإنه لساته عايش وبخير ،

وهُنا  كان التخبط سيد موقف الجميع حيث جري الجميع بسياراتهم متجهين إلي المَشفي  ليجدوا جميع رجال النجع مُلتفون حول المَشفي، حاملين أسلحتهم وفي إنتظار  إشارة من كبيرهم ليتحركوا إلي الحرب التي أصبحت مُحتمة

❈-❈-❈

عودة إلي ما قبل الساعتان

داخل  أحد السُّرادق المنصّوب لغرض الدعاية الإنتخابية لـ زيدان ،والمتواجد داخل  بِلدة مجاورة لنجع النُعماني والذي أعدهُ له كبير البِلدة إكرامً لصديق  صِباه الحاج عِثمان،

كان يجلس أعلي، بالمكان المحدد له  ليُخاطب أبناء دائرتة ويكشف لهم عن ما سيقوم بتقديمهُ من خدماتٍ لهم إذا  ما حصُل علي مقعدهِ داخل البرلمان،  كان مُحاطً بأبناء عائلتهُ العريقة من  أعمامه وأبناء عمومته وأشقائه وأبناء أشقائة، فارس ويزن وحسن، والذين كانوا  دائمين التحرك معهُ إينما ذهب إمتثالاً لتعليمات جدهم .

بعد  إنتهاء المؤتمر، ضل زيدان لإكمال سهرته مع بعض أصدقائه من ساكني البلدة  بدعوة مُلحة منهم، وأرسل أبناء أشقائه يزن وفارس وحسن رغم إعتراضهم علي  تركهِ بمفردة ،وذلك بناءً علي تعليمات جدهم عِثمان، إلا أنهم رضخوا لحديث  زيدان بعد إصرارهِ لعدم إرهاقهم معه.

وصل قاسم إلي مطار  سوهاج في وقتٍ مُتأخراً حيث تخطت الساعة الواحدة صباحً، أتي بهِ الشوق بعد  غيابهُ إسبوعان كاملان عن من حرمته من التنعم داخل أحضانها الدافئة،

وكعادته  مُؤخراً لم يُخبر أحد بميعاد وصوله،  إستقل سيارته التي يصفها داخل جراچ  خاص بجانب المطار، وتحرك بها عائداً وكلهِ أمل أن يري وجه حبيبته ويستطيع  إقناعها بالرجوع إلي أحضانهِ وعودة الروح إلي جسدهِ من جديد،

وأثناء  قيادته وجد سيارة نقل مكشوفة تقف بمنتصف الطريق وتقطعهُ أمام سيارة ملاكي  ،  ونزل منها ثلاثة رجال مُلثمين ويحملون السلاح بأيديهم ويتوجهون إلي  السيارة الملاكي لينهوا ما بدأوة بعدما أطلقوا رصاصة آُصِيبت سائق الملاكي ،

جن  جنونهُ حين دقق النظر ورأي سيارة عمه زيدان من وسط الظلام الدامس، أمسك  سلاحهِ المُرخص ثم أدار مصباح سيارته ووجههُ علي المأجورين الذين إنتبهوا  له، وترجل من السيارة كالمجنون

أخذ من باب سيارته  ساتراً له وصوبَ بعناية ثم بدأ بإطلاق النار علي أحدهم، آصابهُ بمنتصف قدمه  مما أرعب الرجلين الآخران وبدأوا بالتراجع عن تقدمهم بإتجاة سيارة زيدان،  بدأ أحدهم بجذب الرجل المُصاب والآخر يحميهما بإطلاق النار علي قاسم حتي  وقفوا خلف سيارتهم وأخذوا منها ساتراً لهم وبدأوا بتبادل إطلاق النار  الكثيف قاصدين قتل قاسم والعودة إلي زيدان مرةً آخري لينهوا تلك المهمة  التي أتوا من أجل إنهائها

لفت إنتباههم ظهور بعض  الخُفَرَاء (بعضً من الحَرس حاملي السلاح، التابعين لعُمدة البِلدة  والمعينين من قِبل مأمور المركز ) كانوا يأتون مهرولين ويطلقون بأسلحتهم  بعضً من الطلقات النارية في الهواء لإرهاب هؤلاء الخارجين عن القانون،  وأيضاً زعزع موقفهم وأرعبهم ظهور بعض الناس التي خرجت وتوجهت إلي المكان  حيث تتبعوا خروج أصوات إطلاق الرصاص

بسرعة البرق أسرع  كِلا المُلثمين بإصعاد الرجل المصاب خلف السيارة،  أما قاسم الذي كان يُدقق  النظر بحكم عملهِ، كي يري أية دلائل توجههُ إلي معرفة هوية المجرمين  وتتبعهم بالقانون  ،

وأثناء تفحصهُ للسيارة ومراقبته  للأشخاص، لفت إنتباههُ شامة كبيرة ومميزة علي ذراع أحدهم،اثناء رفعهِ  للمصاب ومساعدتهُ للصعود إلي أعلى السيارة

وفروا هاربين كالجرزان بسيارتهم سريعً

هرول  قاسم إلي عمه وقام بفتح باب السيارة وجدهُ غارقً وسط دمائه نتيجة تلقيه  رصاصة بصدره ويبدوا أنها بمنطقة خطر، كان زيدان ما زال واعيً وشاهداً علي  كُل ما حدث،  نظر إلي قاسم بلهفة،  فهو كان ينتظر الموت المُحتم حين تلقي  رصاصته علي أيديهم حين قطعوا عليه الطريق واطلقوا عليه الرصاصة كي يجبروه  علي التوقف،

لم يستسلم زيدان وضل يقود سيارته كي ينأي  بحاله من الهلاك، فأطلقوا إحدي الرصاصات علي إطار السيارة وأصابوه فتوقفت،  وبعدها ترجلوا من سياراتهم ليُكملوا مهمتهم بالإكمال عليه وعدم تركهِ إلا  بعد التأكد التام من وفاته،

تحدث زيدان وهو ينظر إلي قاسم بلهفة وأمتنان :

_ چيتني بوجتك يا ولدي

هتف قاسم بلهفة ليُطمأنه:

_ بلاش تتحدت يا عمي ومتخافش،  أني هنجلك علي المستشفي حالاً وهتُبجا زين

إتجه إليه خَفيران بأسلحتهم وتحدث أحدهم:

_ خير يا قاسم بيه،  فيه حد إتصاب إياك

صاح الخَفير الآخر عِندما تعرف علي هوية المُصاب:

_ يا سنة سوخة يا ولاد، ده زيدان النُعماني اللي متصاب،  البلد عتتحرج الليلة والدم هيُبجا للرُكب

علي عجاله تحدث قاسم بلهجة حادة :

_ بطل رط وشيل وياي إنتَ وهو لجل ما أنجله في عربيتي عشان أوصله للمستشفي

وبسُرعة  البرق إمتلئ المكان بالناس اللذين إلتفوا حول قاسم ورأوة وهو ينقل زيدان  بمساعدة الخَفيران ،  ورأوا زيدان والدماء تسيل بغزارة من جسدهِ المُتراخي ،  بعدما فقد وعيه مما جعل البعض يعتقد أنهُ لقَيّ مَصرعهُ

وصل  قاسم المَشفي بصُحبة عمه والخَفيران في أقل من سبعة دقائق، سأل قاسم حارسي  المشفي عن دكتور ياسر، فأخبرهُ أحدهم أنه بالإستراحة الخاصة به ، إستدعوه  سريعً لإستقبال الحالة

بعد الفحص تحدث ياسر إلي قاسم بنبرة حزينة.:

_ الرصاصة شكلها في منطقة خطيرة ولازم حد متخصص وماهر هو اللي يخرجها،

وأكمل بملامح وجه مقتضبة:

_ لأن أي غلطة ولو بسيطة ، زيدان بيه هيدفع حياته تمنها

صاح قاسم متسائلاً بجمود :

_وإنت ماتعرفش تطلعها له ؟

أجابهُ ياسر بتفسير :

_ أنا مش جراح،  مفيش قدامنا غير صفا هي اللي هتقدر تخرجها، لكن أنا مضمنش تماسكها جوة غرفة العمليات،

وهز كتفيه قائلاً  بتفسير:

_ده بردوا أبوها

وأكمل بتناقض :

_  وفي نفس الوقت لو بعتنا نستدعي دكتور من العاصمة هياخد وقت طويل علي ما  يوصل، ومن اللي أنا شايفه قدامي أقدر أقول لك إن عامل الوقت مهم جداً، وإن  كل دقيقة بتعدي مش في صالح زيدان بيه ، وقبل كل ده زيدان بيه محتاج نقل دم  بدل الدم اللي فقده ده كله

تحدث قاسم وهو يُخرج هاتفه ليحادث فارس:

_  أنا فصيلة دمي نفس فصيلة دم عمي زيدان ،  جهز كل اللازم لإجراء العملية،  وأنا هكلم فارس يجيب صفا علي ما تسحب مني الدم اللي إنتَ محتاجه

أردف ياسر مُفسراً له :

_لازم  الأول أعمل لك تحليل علشان أتأكد إنك نفس الفصيلة، وكمان لازم أتأكد من  إنك مش مصاب بأي مرض أو فيروس يأثر علي المريض داخل أوضة العمليات ويسبب  لنا مشكلة جوة

زفر قاسم وصاح به بضيق من شدة توترهُ وقلقه علي عمه الذي يصارع الموت بالداخل وايضاً لعدم تقبلهُ لشخص ياسر :

_ ياسيدي قولت لك إني نفس فصيلته

وأكمل شارحً لإقناعه:

_من  حوالي سنتين حسن إبن عمي كان عامل حادثة كبيرة بعربيته، وقتها إحتاج لنقل  دم وكلنا عملنا تحاليل، وأنا وعمي زيدان وقتها طلعنا نفس الفصيلة

وأكمل مُفسراً لإطمأنانه:

_ولو  علي خوفك من نقل الفيروسات فأحب أطمنك، أنا بعمل تشيك آب كل 6 شهور،  وآخر  مرة كان قبل فرحي بإسبوع،  يعني تقريباً كده من ثلاث شهور ونص

إطمئن ياسر لحديثهُ وأكمل قاسم مكالمته قائلاً:

_ فارس، عمك زيدان إنضرب بالنار، هات صفا وتعالي حالاً علي المستشفي

❈-❈-❈

عودة إلي الحاضر

بدأ ياسر بسحب أكياس الدماء من قاسم للتحضير إلى العمليه

وأثناء  ما كانت المُمرضة تقوم بسحب الدماء، أمسك قاسم هاتفهُ وطلب رقم رجل ذو  منصب رفيع بالدولة، كان قد تعرف عليه مؤخراً من خلال إحدي قضاياه،

وتحدث إلية بنبرة وقورة :

_ عزام باشا،  بعد إذن حضرتك، أنا طالب من سيادتك خدمة ضرورية وهيترتب عليها إنقاذ حياة ناس كتير جداً في سوهاج

وقص  لهُ الروايه وطلب منه إيصالهُ المباشر إلي مدير أمن سوهاج والمحافظ، وطلب  منه توصيتهُما لبذل أقصي ما عِند كلاهُما لسُرعة كشف هوية المجرمين ،

ما هي إلا ثواني وكان مكتب المُحافظ يهاتف قاسم وقاموا بإيصالهُ بالمحافظ مباشرةً والذي إستغرب وسأل قاسم مُتعجبً :

_ الحقيقة أنا إستغربت جداً لما عرفت إسمك الثُلاثي من مكتب سيادة مدير الأمن

وأكملَ مُتسائلاً بتعجُب:

_هو إنتَ ليه وسطت بينا طرف ثالث وإنتَ عارف كويس إني صديق لجدك ولو كلمني ماكُنتش هتأخر عليه ؟

أجابهُ قاسم بصدق:

_  أنا بكلم سيادتك قبل ما جدي يعرف الموضوع علشان تلحق تتصرف، وتدي تعليمات  جنابك لرجالتك علشان يتتبعوا خط سير المجرمين قبل مايهربوا برة المحافظة ،

وأكمل مفسراً ليُطلعهُ علي خطورة الموقف :

_  جدي لو عرف قبل ما تقبضوا علي كمال أبو الحسن نجع الديابية هيتحول لبركة  دم،  وأظن حضرتك عارف صحة كلامي كويس، بما إن سيادتك بقا لك كتير في سوهاج  وعارف تفكير الناس هنا وعوايدهم

تفهم المحافظ حديثهُ  وأثني علي تفكير قاسم الحكيم، أعطي قاسم مواصفات السيارة والثلاث رجال  وأخبرهُ عن إصابته لساق أحدهم والشامة، وأكمل قاسم:

_ أنا هحاول أمنع جدي من أي تصرف متهور  ، وهحاول أقنعه إننا نخلي العدالة تاخد مجراها وناخد حقنا بالقانون،

وأسترسل حديثهُ شارحً  :

_  بس ما أقدرش أوعد سيادتك إن هقدر أسيطر لوقت طويل، فياريت حضرتك تعمل أقصي  ما عندك قبل ما جدي يفقد صبره أو لا قدر الله عمي يجرا له حاجة

أغلق هاتفهُ بعدما إتفقا علي ما يجب فعله

❈-❈-❈

أتي  الجميع مهرولين إلي المَشفي،  وبدأ جميع رجال عائلة النُعماني الكبيرة  بالإنضمام إلي قاسم والتسابق لغُرفة الفحص، لفحص زُمرة دمائهم وتجهيز  المُتطابق منهم للتبرع بالدماء

دلفت صفا لداخل حُجرة  الفحص بساقان مهتزتان تجرهما خلفها ، أجرت الكشف علي غاليها بيدان ترتعشتان  ودموعً منهمرة فوق وجنتيها لم تستطع التحكم بها،  صُدمت وأرتعب داخلها حين  وجدت إستقرار الرُصاصة قريبً جداً من القلب،  مما جعل عملية إستخراجها  أمراً في غاية الصعوبة ويحتاجُ إلي جراحٍ بارعً

هتفت ورد التي أصرت علي الدخول معها لتري معشوق عيناها:

_ أبوكِ ماله يا صفا، طمني جلبي علي حبيبي يا بِتي

إبتلعت لُعابها وخبأت أهاتها داخل صدرها وتحدثت إلي والدتها بنبرة بها طمأنة رُغم هلعِها :

_ حاچة بسيطة يا أمّا إن شاء الله  ،  أبوي كيف الأسد،  مفيش حاچة عتجدر عليه وعيجوم لنا بالسلامة

إقتربت  ورد التي تستمد قوتها من إيمانها بالله ، إلتصقت بحبيبها المُتمدد علي  الشِيزلونج ثم دنت منه ووضعت قُبلة فوق جبينه، سقطت دمعه من عيناها فوق  عيناه فتساقطت وظهرت وكأن عيناهُ هي من زرفتها،  رفعت وجهها وتحدثت وهي  تتحسس وجنتهُ بحنان:

_مستنياك برة يا أسدي لچل متطلع لي سالم غانم،

وأكملت بتأكيد وكأنهُ يستمع إلي حديثها:

_ إوعاك تِخليّ بوعدك ليا يا إبن النُعماني

وأكملت بقوة رغم دموعها التي تنهمر علي وجنتيها:

_ مش إنتِ وعدتني ليلة دُخلتك علي إنك معتسبنيش واصل؟

وجولت لي كُمان إنك معتخليش الدموع تعرف طريج لعنيا طول ما أنتَ چاري،

وأكملت بتيهه:

_ يكون في معلومك، أني معسامحش في اللي يفرط في كلمته واصل، سامعني يا زيدان،  عستناك برة يا حبيبي،

وأكملت بتوصية وهي تضع قُبلة ما قبل الخروج والذي أجبرها عليه ياسر كي يأخذ زيدان لتجهيزهُ لدخول غرفة العمليات:

_ مطولش عليّ يا سِيد جلبي

قالت  كلماتها وخرجت بقلبٍ يتمزق حُزنً وهي تري حبيبها القوي مُمدداً فوق التخت  لا حول لهُ ولا قوة، وهو القوي الذي لم يعرف الإنكسار يوماً طريقً له

خرج  قاسم من غرفة سحب العينات، وجد جميع أفراد العائلة حاضرة ،النساء تنتحبن  وشهقاتهُن تصدح بالمكان وتشق صدورهُن علي غاليهم الذي يقبع داخل الغُرفة  فاقداً للوعي يصارع الموت ،

أما الرجال فيقفون بقلوبٍ  تغلي وتشتعلُ ناراً، كُلً مُمسكً سلاحهُ بيده وفي إنتظار الإشارة من كبيرهم  كي يتحركوا ويحرقوا بطريقهم الآخضر واليابس ليثأروا لغاليهم

تحرك  إلي محل وقوف مريم الباكية وسألها مُتلهفً عن صفا  ،  فأعلمته أنها بداخل  غرفة الفحص،قرر ان يهرول إليها لولا وجود المُمرضة التي أسرعت إليه وتحدثت  بتوجس :

_ معينفعش تُجف إكده يا قاسم بيه،  حضرت إتبرعت بكمية دم كبيرة ولازمن ترتاح علي السرير لجل جسمك ميتأثرش،

رفض بقوة فتحدثت زميلتها بالعمل إليها:

_ هاتي له علبة عصير يشربها يا هالة

تحرك  منتصب الظهر بطريقهُ كي يدلف إلي صفا، أوقفهُ صوت عِثمان الذي سألهُ  بعيناي يُطلقان شزراً وملامح قاسية لرجُل يستعدُ لحرق كل ما ستطالهُ  أياديه   :

_ قاسم، إحكي لي كُل اللي حُصل وكيف عِترت في عمك

توقف قاسم عن الحركة وأخذ نفسً عميقً وبدأ بقص كُل ما دار أمام عيناه

أردف يزن قائلاً بنبرة عالية :

_محدش يچرؤ يعمل العملة الخسيسة دي غير الچبان اللي إسميه كمال أبو الحسن

صاح فارس بنبرة غاضبة مؤكداً علي حديث يزن:

_ عِندك حج يا يزن، هو الكلب اللي إسميه كمال مفيش غيره

هتف حسن برعونة شباب ونبرة غاضبة وهو يرفع سلاحهُ لأعلي كنايةً لجاهزيته:

_ وحج رجدت عمي زيدان معيطلع النهار غير وهو وناسه العِفشه غرجانيين في دمهم الزِفر

وتحدث إلي جدهِ بإلحاح :

_  إديني الإذن يا چدي وأني أروح أچيبهُ لك مِتكتَف وأرميهولك تحت رچليك جَبل  ما أدبحه كيف الخروف وعيني في عينه،  مش مستخبي زي النسوان كيف ماعمل هو

هتف قاسم بنبرة صارمة:

_ إجفل خاشمك وبطل رط ملوش عازه يا حسن، حج عمي عناخده بالعجل وبالجانون

هتف قدري بنبرة غاضبة معترضً علي حديث ولدهُ:

_ عجل وجانون مين اللي عتتحدت عنيهم يا قاسم،  عمك إتغدر بيه وساح دمه علي إدين عالم رِمم متسواش وتجولي جانون؟

وأكمل بنبرة غاضبة:

_  الله في سماه معيطلع الصُبح غير وأني معلج كمال أبو الحسن علي باب  السرايا، ومجطع من چِسمة بالساطور نساير كيف مبيجطعوا الچزارين من الدبيحه  المِتعلجه

دوي صوت مُنتصر الذي صدح بهتافٍ غاضب وحسم:

_واني معاك يا قدري،  وحج رجدتك يا زيدان لاولع في نچع الديابية دار دار

صدح صوت قاسم الصارم وهو يحدث جده ويحثهُ علي التدخُل لوقف هذة المهاترات الغير مجديه بنفع  :

_ عتفضل ساكت إكده يا چدي، متجول حاچة اومال !

كان  يجلس فوق مقعداً، سانداً علي عصاه الأبنوسية، ينظر أمامه بعيون كذئبٍ خبيث  يترقب فريسته لينقض عليها ويفتك بها ،  فتحدث بنبره هادئة عكس ما يدور  داخله:

_ إنتَ إيه رأيك يا قاسم  ؟

أجابهُ قاسم بنبرة قاطعة غير قابلة للجدال :

_ رأيي إن نسيب الجانون ياخد مجراه،

وأكمل بثقة:

_ أني شُفت الحادثة وعرفت تفاصيل إكتير عتخليني أصطاد الاندال اللي عِملوها كيف الفيران هما والخسيس اللي أچرهم،

وأكمل بقوة:

_  خليك واثج فيا يا چدي وتوكد إن حج عمي عچيبه في خلال ساعات  ، وكيف ماجولت  من إشوي، عجيبه بالعجل وبالجانون عشان محدش من العيلة يتإذي والدم يبجي  للرُكب بيناتنا وبين نچع الديابية

علت الأصوات الرافضة  لحديث قاسم المُنافي لعاداتهم والذي يُطالبهم بالرضوخ والمذلة وتسليم  الآمر إلي القانون كالضعفاء والجبناء، وهذا ما لم ولن يتقبلوه رچال  النُعمانية

دلفت دكتورة أمل وهي تهرول علي عُجالة  بصحبة الموظف الذي بعثهُ لها ياسر كي يُجلبها بالسيارة لتقف بجانب باقي  أطباء المّشفي للمساعدة في تلك الكارثة، كانت تتلفت حولها وتدورُ بمقلتيها  متلهفة لرؤية من حرمَ علي عيناها النظر إلي وجههِ البرئ مُنذ الثلاثة  أسابيع المُنصرمة وبالتحديد من اليوم اللذانِ تشاجرا به،

وجدته  يقف وعلامات الغضب والتشنج تستحوذ علي ملامحه،  نظر إليها وبلحظة دق قلبهُ  بوتيرة عالية وانتفض جسده جراء رؤياها ونظراتها المتفحصة لملامحه بلهفة  وعناية،  سحب عيناهُ سريعً إمتثالاً لكرامة الصعيدي بداخله التي تطالبهُ  بالتمرد علي قلبه ودعسهُ تحت قدماه، ولا للمذلةِ لتلك المتبلدة المشاعر

رغبه  مُلحة كانت تُطالبها بالهرولة إليه وسحبهِ وضمهِ إلي أحضانها كي تُطمئن  قلقه الظاهر بعيناه ولتُطمئن قلبهُ المتألم جراء مشاجرتهما الآخيرة،  والتي  حاولت الإتصال عليه مراراً كي تعتذر منه عليها، لكنهُ أضاف رقمها في قائمة  الحظر إمتثالاً لعزة نفسه وكرامته التي آُهينت علي أيديها

تحدثت إلي الجميع بألم من نظرته الجامدة وسحب عيناه عنها:

_ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،  سلامة زيدان بيه، ما تقلقوش،  إن شآء الله خير

رد عليها البعض والبعض الآخر يقف بجسدٍ مُتيبسً مُترقبً لما سيحدث،

تحدثت إليها السكرتير الواقف:

_الدكتور ياسر مستني حضرتك چوة هو والدكتورة صفا

ألقت نظرة سريعة علي ذلك الواقف متيبس الجسد كاشر الملامح ثم دلفت سريعً تحت نظرات ليلي التي إستغربت حال تلك الأمل

تحدث قاسم مترجياً جدهُ وهو ينتوي الدخول إلي تلك التي تستحوذ الآن علي قلبه وعقله ليراها قبل البدء في إجراء عملية إخراج الرصاصة :

_ أني داخل أشوف مّرتي يا چدي جبل ما تبدأ العملية ،  معايزش أطلع من چوة ألاجي مصيبة حصلت

هز  عِثمان رأسه بإيجاب، إطمئن وما أن تحرك بساقاه حتي وجد باب حُجرة زيدان  يُفتح وتخرج منه تلك المنهارة والتي تهز رأسها بإرتياب وتهتف بهياجٍ شديد:

_ معجدرش يا ياسر، معجدرش

هرول إليها قاسم وحاوط كتفيها بكفاه شاملاً إياها برعاية وهتف متسائلاً  :

_ مالك يا صفا،  عمي چري له حاچة  ؟

نظرت له بتيهه، وكأنها تراه ولأول مره،  مازالت تهز رأسها بإستنكار ورفضٍ تام

تحرك  الجميع يهرولون إلي وقفتها عَدا عِثمان الذي ينهش القلق داخل قلبه، ويجلس  مُستسلمً لوضع أغلي غواليهُ الذي يقبع بالداخل يصارع الموت بجسدٍ مُنهك

تحدث ياسر إلي قاسم والجميع  :

_ الدَكتورة صفا مش عاوزة تعمل العملية لزيدان بيه

نظرت لها ورد المُنهاردة وهتفت بحدة بالغة :

_ كيف يعني معايزاش تعملي العملية لأبوكِ؟

مجدراش يا أمّا، مجدراش، كلمات نطقت بها صفا برفض وتيهه وارتياب وتشتت وضياع

جرت عليها ورد كالمجنونة وأمسكت ذراعها وهزتها بعنف وتحدثت بنبرة غاضبة :

_ معناتها إيه مجدراش دي يا بِت  ؟

أبعد قاسم كف يد ورد عنها وتحدث إليها بهدوء:

_ إهدي يا مّرت عمي لجل مانفهموا إيه الموضوع

ثم نظر إلي تلك المنهارة وحاوط وجهها بكفي يداه وتسائل بهدوء:

_ معايزاش تعملي العملية لأبوكِ ليه يا صفا  ؟

نظرت له بتيهه ومالت رأسها له بتألم وتحدثت بدموعها المنهمرة فوق خديها:

_ معجدرش أمسك مّشرط وأشج بيه صدر أبوي،

وأكملت بصراخ وذهول:

_ معجدرش يا ناس، معجدرش معجدرش

تحدثت إليها أمل بتعقل كي تُعيدها إلي وعيها الذي فقدته جراء رؤيتها لغاليها وهو بتلك الحالة:

_ صفا فوقي،معندناش رفاهية الوقت علشان نستدعي جراح تاني،  غرفة العمليات جهزت خلاص والآمر كله أصبح بين إديكِ

مازالت  تهز رأسها برفض وهزيان، أمسكها قاسم من كتفيها وهزها بعنف كي تستفيق من  حالة اللاوعي والهزيان اللذان تملكا منها وهتف بصياحٍ عالّ:

_  فوجي وإوعي علي حالك يا صفا،  أبوكِ راجد چوة بين الحياة والموت وإنتِ  الوحيدة بعد ربنا اللي في إيدك تساعديه،  كُل لحظة بتمر وإنتِ واجفة ضعيفة  إكده بتجربه من الموت أكتر،

أمالت له رأسها بضعف وأردفت ببكاء:

_ كيف عتطلب مني أمسك مشرط وأشج الصدر اللي ياما ضمني وغرجني بحنانه

أجابها بنبرة حنون:

_  كلامك ده لازمن يكون حافز ليكِ ودافع إنك تعملي له العملية ، لازمن تمسكي  مشرطك وتنقذي حياة أبوكِ لجل ميرچع ويضمك لصدره من چديد، فوجي يا صفا جبل  مترچعي تندمي،

وأكمل لإرهابها:

_بس ساعتها عيكون فات الآوان، ووجت الندم عدي وفات

وحثها علي التحرك قائلاً بعيون مترجية حانية:

_ يلا يا حبيبتي إلبسي جميص العمليات وإچهزي

وأكمل بنبرة حماسية لبث روح الأمل بها :

_ وأني كمان هدخل ألبس وأتعجم وأدخل وياكِ غرفة العمليات

إستمعت  لحديثهُ وكأنهُ أزال رُعبها وقلقها فأستعادت به وعيها، هزت لهُ رأسها  بطاعة بعدما شعرت بالأمان من بين كلماته المُشجعة وتحركت بجانب أمل  لتتجهز،  ودلف ياسر لنقل زيدان إلي غرفة العمليات

خرج ياسر وتحرك بالترولي المتواجد فوقهُ جسد زيدان،  هرول إليهِ الجميع

وفايقة  التي إقتربت عليه وهي تنظر إليه بقلبٍ ينزفُ دمً علي من ملك الروح  والفؤاد، وأستحوذ عليهما حتي جعلها تفقد حدسها وشعورها بالجميع عَداه،  و  عَدا رغبة الإنتقام التي دائماً ما تصاحبها،  فها هو حب فايقة المرضي  لزيدان

كان ينظر إليها بقلبٍ يشتعل، ذاك المُصاب بداء  عِشقها الملعون والذي يجري بدمة كسريان الماء داخل الأنهار،  كان دائم الشك  لعشق ساحرتهُ لشقيقهُ الذي لم ولن يبادلها إياه ذات يوم ،  لكنهُ الآن بات  متأكداً، وخصوصاً بعد وقوعها كجُثة هامدة بعدما إستمعت لخبر وفاته ومظهرها  التي تبدو عليه الآن ،

توعد لها بالعقاب الرادع لكن بالتأكيد ليس الآن، فالآن هو حقاً يرتعبُ علي شقيقهُ الراقد كجثة هامدة

أدخل  ياسر زيدان داخل غُرفة العمليات وخرج للتعقيم وإرتدائه للباس المُعقم،  وجدها تقف بجانب ورد المُنهاره، تحتضنها في محاولة منها لتضميد جراحها،

رُغمً  عن إرادته وجد حالهُ مشدود البصر للنظر إليها وكأنها سحراً أسود يجذبهُ  إليها دون إرادة ، إنتفاضة عنيفة هزت صدرهُ وكأن قلبهُ العاشق يُريد  التمرُد عليه وعلي كل شئ ويخرج من داخل صدره ليهرول إليها ويضمها لداخله  ليطمأن هلعها وخوفها علي عمها

وعي علي حاله بعدما  وجدها تسحب بصرها عنه سريعً بعد أن نظرت عليه بشكل طبيعيً جداً وهو يخرج من  غرفة العمليات، سحب بصرهِ عنها وتوجه إلي داخل غُرفة التعقيم تحت إشتعال  جسد فارس الذي ولسوء حظهِ رأي تلك النظرات العاشقة التي تُصوب من عيناي  غريمهُ وتتجه نحو زوجته الرقيقة،

رُغم عنه كظم غيظهُ الذي لو خرج لأشعل المّشفي بأكملها، فبالتأكيد هذا ليس بالوقت المناسب لتلك المشاعر

بعد. قليل

بدأت  صفا بإجراء العملية لمالك قلبها بعدما إستجمعت قوتها وفصلت مشاعر البنوه  عن عملها، وتعاملت مع الحاله وكأنها لمريضً وفقط،  مجرد مريضً عادي وليس  والدها الحبيب، ساعدها علي ذلك قاسم الذي كان يمدها بالقوة من خلال نظراته  الحماسية الذي كان يغمرها بها بين الحين والآخر

بالخارج،  كان الجميع يجلس بقلوب مُترقبة مُرتعبه،  دعوات وصلوات وتضرع إلي الله من  الجميع طالبين من المولي عز وجل أن يُنجي غاليهم ويشملهُ برحمته وعطفه

خرجت  رسمية من الغرفة التي قبعت بداخلها مُنذ أن جلبوها إليها لفحصها من قِبل  ياسر، بعد وقعتها جراء إستماعها لذلك الخبر المشؤوم،  كانت تتسند علي مريم  ونجاة،  تحركت إلي جلسة عِثمان المُمسك بمسبحته ويقوم بذكر الله

نظر لها وتحدث بحنان:

_ جومتي ليه يا حاچة،  خليكي راجده علي السرير لجل ما ترتاحي

تحدثت بأنفاسٍ مُتقطعة وقلبٍ يتمزق لأجل ولدها الأقرب من قلبها:

_ وعتاچي منين الراحة والغالي راجد چوة ومعرفاش إيه اللي بيه،

وأكملت بنبرة تقطع نياط القلب:

_النار ماسكة في جلبي ومشعلله في جِسدي كِلاته يا عِثمان

أجلستاها مريم ونجاة وتحدثت وهي تنظر إلي عِثمان بمقلتان غاضبتان:

_ حج ولدي لازمن يتاخد جَبل النهار مايشج يا حاچ، مليكش صالح باللي عيجوله وِلد المدارس اللي شرد عنينا ونسي عوايدنا

وأكملت بجبروت وهي ترفع سبابتها بوجه الجميع رغم تعبها :

_ وإلا ورب الكعبة معيچيب حجك يا زيدان غير أمك

تحدث حسن بنبرة حادة مُؤكداً علي صِحة حديثها :

_ براوه عليكِ يا چده، هو ده الحديت الزين

رمقهُ عِثمان بنظرة نارية وهتف بنبرة غاضبة :

_ إجفل خاشمك يا وااااد،  معايزش أسمع حِس حد فيكم وإلا يمين بالله عطخُه بيدي

وأكمل بنبرة غاضبة ولومً للجميع:

_چايين تتحدتوا دلوك بعد خراب مالطه؟

كُان عجلكُم فين لما فتوه لحاله للكلاب تغدر وتنهش فيه مع إني موكد عليكم متفتهوش لحاله

صمتٍ تام عم المَشفي بأكملها حتي رسمية المكلومة علي صغيرها الغالي صمتت خشيةً غضب ذلك الثعلب

أما  ذلك المستشاط الذي لم يعُد لديه القدرة للتحمل بعَد، تحرك بقلبٍ مُشتعل  ناراً إلي جلوس مريم وتحدث إليها هامسً وهو يسحبها من يدها متوجهً بها داخل  الغرفة المحجوزة لجدته:

_ تعالي معاي چوة

دلفت معه وأغلق هو الباب وتحدث بنبرة غاضبة:

_ تاخدي بعضك دلوك وتروِحي علي البيت لچل متكوني چار بِتك

جحظت عيناها وهتفت بإستغراب:

_ عاوزني أروح وأفوت عمي چوة بين الحيا والموت يا فارس ؟

وأكملت بتعجُب :

_وينه عجلك يا حبيبي!

صاح بها بطريقة جنونية لرجُل علي وشك فقدان عقلهُ:

_ عجلي اللي عتتكلمي عنيه دي عفجده لو فضلتي جاعده جصاد إبن المركوب اللي بره دي،

وأكمل بفحيح:

_ جسماً بالله يا مريم إن مامشيتي لأطُخهُ لك وأسيح دمه جِدام الكِل

تجصد مين بحديتك دي يا فارس؟  سؤال طرحته مريم عليه بروَع وتلبُك لعِلمها الإجابة

رمقها بنظرات حارقة وتحدث بإمتعاض :

_ بلاش شغل الحَريم العِوج دي يا بِت مُنتصر، إنتَ خابرة زين أني عتكلم عن وِلد المحروج اللي إسميه ياسر

إرتعب داخلها وانتفض من حالة الإحتدام التي تملكت من فارس،  إقتربت عليه وأمسكت يده تتحسسها وتحدثت بهدوء:

_إهدي  يا فارس وفكر زين،  أني معينفعش أمشي وأسيب صفا ومرت عمي وچدتي في  الشَندلة اللي هما فيها دي، وأروح أجعد في البيت وأحط يدي علي خدي،

وأكملت بإرتياب وجسدٍ يرتجف وشفاهُ ترتعش خشية فقدانها لعمها زيدان الخلوق:

_ ده غير عمك اللي راجد چوة وحالته الصعبة واللي محدش عارف عيجوم من رجدته دي ولا...

وهُنا لم تستطع التماسُك وبكت بشدة وتحدثت:

_  عمك لو چرا له حاجة صفا ومرت عمك وچدتك عيروحوا فيها يا فارس،  ده غير چدك  اللي جاعد برة وعامل حاله كيف الأسد، وهو من چواته بيموت مع كِل دجيجة  بتعدي وعمك راجد علي حاله چوة

وبرغم رعبهِ من حديثها إلا أنه أمسكها من ذراعيها وهزها بعنف قائلاً  :

_ أني اللي عنجلط لو اللي إسميه ياسر دي خرچ من چوة وبص لك تاني يا مريم ، مجدراش تفهميني ليه؟

وأكمل بقَسم:

_ ورب الكعبة لو ما مشيتي دلوك علي بيتك لكون مبندجه واللي يحصل يحصل

لطمت خديها وتحدثت:

_ عتضيع حالك يا فارس

إقتربت عليه وتحدثت مُرغمة:

_ حاضر يا فارس،  أني عمشي لچل ما جلبك يهدي ويرتاح

نظر لها وصدرهُ يعلو ويهبط من شدة إشتعال جسده الغيور علي من ملكت قلبهُ وتملكت من كيانه مؤخراً بهدوئها وروحها السمحة الجميلة

ما  شعر بحالهِ إلا وهو يجذبها بعُنف لترتطم بصدرهِ بقوة، حاوطها بساعديه  وضمها إليه بطريقة عنيفه وتحدث بنبرة حادة تنم عن مّديّ إشتعال روحه:

_ أني عحبك وعموت من غيرتي عليكِ يا مريم، ساعديني وخليني أكتم غيرتي چواتي بدل متُخرچ وتولع في الكِل كليلة

حركت يدها فوق ظهرهِ وتحسسته بحنان وأردفت بنبرة صوت حنون:

_ عتعمل في حالك كُل دِه ليه يا فارس،  ما أنتَ خابر زين إني عشجاك ومعشوفش بعيوني راچل غيرك

أخرجها سريعً وحاوط وجهها بكفاه ثم نظر لداخل مقلتيها وسألها مُتلهفً بجنون:

_ صُح عشجاني يا مريم؟

اجابته بإبتسامة خافتة نظراً للظروف المحيطة بهما:

_ لساتك عتسأل يا فارس،

وأكملت مُبررة:

_وأني إيه اللي كان مصبرني علي معاملتك الباردة ليا من وجت چوازنا غير إني عحبك

شعر بإنتفاضة داخل صدرهُ وطالبها متلهفً:

_  جولي لي عحبك وعشجاك ومعشوفك راچل غيرك يا فارس

إبتسمت له وكررت ما أملاهُ عليها كي تُريح قلبهُ العاشق الغيور، وتُدخل عليه السَكينة:

_ عحبك وعاشقة لتراب رچليك، وعيوني معتشوفش راچل في الدنيي كلاتها غيرك يا حبيبي

ما  أن إستمع لكلماتها التي غزت قلبهُ وادخلت عليه السرور برغم ما يُحيطهما من  ظروف،  حتي مال بجزعهِ عليها وألتقط شفتاها بين شفتاه وبات يُذيقها من  قُبلاته العاشقة الممزوجة بالغيرة حتي إبتعدا رُغمً عنهما ليأخذا نفسً،

نظرت إليه بعيون صارخة بالعشق ورمت حالها بين أحضانه الحنون،  بادلها بضمة قوية وتحدث بنبرة عاشقة وقلبٍ ينبضُ بشدة داخل صدرهُ :

_ عحبك يا مريم،  عحبك وعموت عليكِ

خرجت من بين أحضانه مجبرة وتحدثت بتعقُل بعدما وعت علي حالها :

_ بكفياك يا فارس لحد يدخل علينا،

هز لها رأسهُ بإيجاب وتحدث بنبرة حماسية:

_عِندك حج يا حبيبتي، يلا لجل ما أوصلك علي البيت وأرچع لهم طوالي

أومأت  بإيجاب وكادت أن تتحرك للخارج جذبتها يده من جديد وأدخلها داخل أحضانهُ  وضمها بشدة أسعدتها وأشعرتها بمدي قيمتها لديه، أخرجها ونظر لعيناها بوله  وتحدث وهو يتحرك بها للخارج:

_ يلا يا حبيبتي

خرجا سوياً وتحدث هو إلي جدهِ:

_ بعد إذنك يا چدي، عروح أوصل مّرتي عشان چميلة لوحدها في السرايا مع حُسن وزمنتها بتبكي وعرچع طوالي

أومأ لهُ عِثمان حين تحدث قدري بنبرة حادة وهو ينظر إلي فايقة الجالسه تنظر أمامها بشرود وتيهه :

_خد أمك وياك يا فارس

حولت له فايقة نظرها وتحدثت برفض تام غير مبالية بمن حولها :

_ أني معتحركش من إهنيه غير لما زيدان يطلع وأطمن إنه بجا زين

وعت علي حالها عندما لمحت إشتعال نظرات قدري فتحدثت من جديد بتلبك وأرتباك:

_ وكمان معجدرش أسيب عمتي و ورد وهما في حالتهم المِشندلة دي

نظر لها وتحدث من ببن أسنانهِ بطريقة تُظهر كّم الغضب الذي وصل إليه:

_ فااااايقة،  جولت لك جومي مع ولدك وروحي علي بيتك

إرتعب داخلها من إشتعال ذلك الذي يُشبه الثور الهائج بغضبه، فوقفت مُرغمة لتجاور فارس وهي تلعنه بداخلها

فتحدث  أيضاً يزن مستغلاً الوضع كي يتخلص من رؤية تلك الليلي ووجودها الذي بات  يؤرق روحهُ ويشعل كيانهُ بالغضب كلما تقربت منه وحاولت خلق حديث معه:

_ خد ليلي هي كمان وياك يا فارس،

وأكمل مُعترضً:

_ من ميتا الحريم عيجعدوا في المستشفيات إكده

إعترضت  ليلي بقوة حيثُ أنها إستغلت تلك الحادثة كي تجلس أمام يزن وتُشبع عيناها  من النظر إلي من بات يُحرمها طلته، حيثُ أنهُ لم يعُد يحضر إلي المنزل  ككقبل مُتعمداً، وبات يُقضي معظم أوقاته بالإستراحة المتواجدة داخل حدائق  الفاكهة، كي يتجنب ذهابها المستمر إلي غرفته وعدم إستسلامها وأحترامها  لقرار إنفصالهُ عنها

ليلي بنبرة قوية وعِناد :

_ أني عفضل إهنيه مع چدتي

رمقها يزن بنظرة لا تقبل الجدال وصاح بها غاضبً :

_ ليلي،  معكررش حديتي تاني

زفرت بضيق وتحركت بجانب والدتها ومريم بصحبة فارس واستقلوا سيارة فارس وتحركوا عائدين إلي السرايا

❈-❈-❈

بعد  قليل، دلف مدير أمن سوهاج ومأمور المركز التابع لهُ نجع النُعماني،  وبصحبتهما لفِيف من رجال الأمن، وقف عِثمان صالبً طولهُ إحترامً  لإستقبالهم، تم الترحيب بهم وبعد أن إطمأنوا علي وضع زيدان

تحدث مُدير الآمن موجهً حديثهُ إلي عِثمان:

_ أنا جاي لك يا حاج وكلي ثقة في حكمتك إنك هتساعدنا في ضبط الأمن وعدم إثارة الفوضي في المركز

تحدث عِثمان بمكرٍ كثعلب :

_ أني تحت أمرك وطول عمري راچلكم وفي خدمة البلد يا بيه

وأكمل مدعيً بنبرة مستسلمه:

_  وأديني جاعد أني وناسي كيف ما سعادتك واعي ،  ماسكين كتاب الله بنجروا  فيه، وجاعدين تحت رحمتة ومستنيين عفوه علينا، وخروچ ولدي من أوضة العمليات  سالم غانم

لم يقتنع مدير الآمن بحديث عِثمان الماكر، فادعي إقتناعه وأردف قائلاً بدهاء:

_ وهو ده المتوقع من عقل وحكمة الحاج عِثمان

وأكمل بوعدٍ:

_ وأنا أوعدك يا حاج، إن مش هيعدي أربعة وعشرين ساعة، غير واللي عملوا الجريمة البشعة دي تحت إدينا

أومأ  لهُ عِثمان بهدوء،  وأثناء حديثهم خرج زيدان من غرفة العمليات محمولاً علي  الترولي ومعلق به جهاز تنفس إصطناعي ليُيساعدة علي التنفس ،  هرول الجميع  إلي صفا التي كانت تجاور أبيها وتتحرك به قاصدة غُرفة العناية المُشددة كي  تضعهُ علي الآجهزة ليضل تحت الملاحظة،  فبرغم نجاحها في إخراج الرصاصة من  جانب القلب،  إلا أن الخطر علي حياته ما زالّ قائمً

يجاورها قاسم الذي أدي دورهُ في دعمها وبث القوة والعزيمة داخل روحها علي أكمل وجه

سألها عِثمان بتلهُف وهو ينظر لعزيز عيناه بقلبٍ ينتفض :

_ طمنيني علي ولدي يا بِتي  ؟

أجابته بملامح وجه مُرهقة وصوتٍ ضعيف يدِلُ علي كّم الضغط والتعب التي تعرضت إليه داخل غرفة العمليات  :

_ إطمن يا چدي، الرصاصة الحمدلله خرچت، بس الحالة لساتها محتاچة مُتابعة

وأكملت بنبرة حنون:

_ إدعي له

أما  ورد التي هرولت إلي معشوق عيناها وأمسكت الترولي بيداها وهي تنظر إليه  بعيون مُتلهفه، عاشقةُ هي لكُل إنشٍ بوجهه،  تحدثت إليه  بدموعها وكأنهُ  يستمع إليها :

_ حمدالله علي سلامتك يا سِيد الناس

ورسمية التي أسندتها نجاة لتصل إليه، تحسست وجنة ولدها وتحدثت بإبتسامة:

_ كُت خابرة إنك حنين ومعترضاش الوچيعة لجلب أمك يا وليدي

وصلت  صفا بوالدها إلي داخل غرفة العناية المُشددة،  أوصلت جسدهِ المُنهك ببعض  الآجهزة التي ستساعدهُ علي التعافي وتجاوز تلك الفترة الحرجة، ساعدها ياسر  في ذلك الأمر ،  بعدما إنتهيا طلب منها ياسر الخروج لإخذ بعض الراحة لأجل  جنينها

أصّرت ورد علي المكوث مع حبيبها ورفضت بإستماتة  تركهُ وحيداً داخل تلك الغُرفة البارده، أبلغت صفا إحدي الممرضات مساعدة  والدتها في إرتداء ملابس مُعقمة لتجاور زوجها الحبيب

جلست ورد بمقعدً مجاوراً لمعشوقها، تطلعت إليه بعيون متفحصة لملامحه الغالية وتحدثت بدموع:

_ زيدان، فتح عِنيك لجل ما الشمش تطلع يا حبيبي،  معجدرش أني علي رجدتك دي يا غالي ، جوم لجل حبيبتك يا زيدان،

أمالت علي كف يده الموصلة بأسلاك، وضعت قُبلة حانية بثت له بها مدي عِشقها الجارف لروحهِ

في  الخارج أتي إتصال إلي قاسم من مكتب مدير الآمن ليخبرهُ بأنهُ قد تم القبض  علي الثلاث رجال والسائق بعدما عُثر علي السيارة التي أدلي قاسم بمواصفاتها  لـ مأمور المركز،  وقد تحرك المأمور برجاله وداهموا القرية التابعة لكمال  أبو الحسن ووجدا السيارة في إحدي الجراچات

وبعد  التحقيقات والملاحقات إستدلوا علي الرجال من خلال وصف قاسم الدقيق لهم،   وتم القبض علي كمال وشقيقاه وكل من شارك في تلك الجريمة البشعة، بعد إعتراف  الرجال عليهم

تحدث عِثمان إلي قاسم بطريقة أمره :

_ أول ما النهار يشُج تروح علي المركز وتتابع التحجيج بنفسك، معاوزش كمال أبو الحسن يشوف النور بعنيه تاني،

وأكمل بملامح وجه غاضبة وعيون تطلقُ شزراً:

_عاوزه يجضي اللي باجي له من عمره في السچن لچل ميعفن چواته هو ورچالته،

وأكمل بتأكيد:

_ فاهمني يا قاسم

وأكمل شارحً:

_أني سمعت كلامك ومشيت بعجلك ومرضيتش أتحرك لجل الدم ميسيحش ويغرج وياه المركز كِلاته

أومأ لهُ بطاعة وتحدث:

_ حاضر يا چدي، كل اللي حضرتك عايزة عيحصل وأكتر كمان

وأكمل:

_ بس جوم روح وخد چدتي وياك لچل مترتاحوا

تنهد بأسي وتحدث بنبرة ضعيفة:

_ معرتاحش غير لما أشوف ولدي مفتح عيونه وعيكلمني

إقترب منه ودني للأسفل وأمسك ركبتا جده وتحدث مُطمأنً إياه:

_ إطمن يا چدي،  عمي زيدان جوي وعيجوم بأمر الله،  روح لجل متريح چسدك لتتعب لاقدر الله

وتحدث إلي قدري ومنتصر:

_ وإنتِ يا أبوي إنتَ وعمي،  خد چدي وچدتي ومرت عمي وروحوا لچل متريحوا چسدكم،

ثم نظر إلي يزن وفارس وحسن وهتف قائلاً بقوة:

_ومتجلجوش، أني إهنيه أني والشباب

بالفعل  ذهب الجميع وتبقي الأربع رچال وصفا وورد اللتان تجاوران غاليهم بغرفة  العناية المشددة ويراقباه بقلوب متلهفة، ملتجأة إلي الله وتدعوهُ بتضرع  ليُنجي لهما حبيبهما

دلف قاسم إلي الغرفة مرتدياً  اللباس المعقمة الخاصة بدخول غرفة الإنعاش، وجد ورد ممسكة بيد حبيبها وتنظر  بتمعن لملامحهُ وكأنها تحسهُ علي النهوض

حول بصرهِ إلي تلك القابعة فوق مقعدها وتغطُ في ثباتٍ عميق من شدة إرهاقها

تحرك إلي زوجة عمه ووضع كف يده فوق كتِفها وتحدث بقوة:

_ عيجوم يا مّرت عمي،  متخافيش عليه،  عمي زيدان جوي

حولت بصرها إليه وتحدثت بإمتنان ودموع:

_ ربنا يحميك لشبابك يا ولدي،  لولاك كان زمان المچرمين دول مخلصين عليه

تنهد بهدوء وتحدث:

_ دي تدابير ربنا يا مرت عمي

ثم تحدث وهو يقترب من ملاكهِ الغافي إستعداداً لحملها:

_ أني عاخد صفا لچل ما أمددها برة علي سرير عشان اللي في بطنها مايتإذيش

أومأت لهُ بموافقة فحملها هو بين ساعديه وضمها من صدره، افتحت عيناها سريعً ونظرت إليه بفزع وتحدثت:

_ أبوي چرا له حاچة  ؟

طمأنها سريعً وتحدث متلهفً:

_ متخافيش يا صفا، عمي بخير

نظرت حولها وجدت والديها، وعت علي حالها وتحدثت إلية بإقتضاب:

_ نزلني

أجابها وهو يتحرك بها إلي الخارج متجهً إلي غرفة جانبية:

_ لازمن ترتاحي يا صفا،  إنتِ تعبتي كتير وإكده في خطورة عليكِ وعلي ولدي

نظرت إليه بحقد وتحدثت بتهكم:

_ متخافش علي ولدك يا متر، زي ما هو ولدك هو كمان ولدي

وباتت  تتملص بين ساعديه محاولة الفكاك منه ولكن هيهات، فكان يضمها ويُقربها من  صدره مُشدداً عليها كما المقيدة حتي وصل بها إلي التخت ومددها عليه  بعناية،  وبدأ بفك القميص لها كي تغفي براحة،

تحدثت بنبرة حادة رغم تعبها وإنهاكها وهي تنفض يدهُ عنها وتُبعدها بعنف :

_  إطلع برة

تحرك  إلي الأريكة وفك قميصهُ هو الأخر وخلع عنه غطاء رأسهُ الخاص بملابس  التعقيم،  ثم خلع عنه حِلة بدلته وتحدث وهو يُلقي بجسده المُنهك فوق  الأريكة وتحدث بنبرة هادئة:

_ نامي يا صفا، نامي وخليني أنام لي ساعتين جبل النهار ميشُج وأجوم أروح المركز لچل ما أتابع التحجيجات

أجابته بنبرة صارمة وهي تتأهب للتحرك خارج الغُرفة:

_ تُبجا بتحلم لو خيالك صور لك إن ممكن يچمعنا مكان واحد من تاني

إنتفض من نومته وتحرك إليها وأمسك ذراعها،  وبعيون تطلقُ شزراً أرهبها قائلاً :

_ جسماً بالله لو إتحركتِ خطوة واحدة برة الاوضة دي لأكون واخدك علي الببت لجل ما تنامي فيه

وأكمل بحده ونبرة رجُل يشتعل بنار الغيرة  :

_ فاكراني راچل هفأ وعديم النخوة لجل ما أسيبك نايمة چار أبوكِ واللي إسميه ياسر داخل وخارچ عليكِ بحِچة متابعة الحالة

أجابته بعِناد:

_ مليكش صالح بيا،  أني أنام مكان مايعچبني ومليكش حُكم عليّ

أمسك يدها وهتف بغيظ من بين أسنانة:

_ روحي علي السَرير وإتخمدي وخلي ليلتك السودة دي تعدي

وأكمل مُهدداً بنبرة حادة:

_  إسمعيني زين يا بِت زيدان،  إنتِ لساتك مشفتيش الوش الغبي بتاع قاسم،   ونصيحة مني بلاش تستفزي الحيوان اللي چواتي وتخرچيه، عشان إنتِ مش جد جلبتي  السودة ولا جد غضبي

وأكمل بنبرة صارمة:

_ ودلوك إنجري علي السرير ونامي بدل ما أطلع غُلب اليوم كلياته عليكِ

نظرت  إليه بعيون مشتعلة تطلق شزراً لو خرجت لأشعلت في الغرفة بأكملها،  لكنها  الآن مُجبرة علي الإنصياع لتهديده لسببين،  أهمهما أنها حقاً مُنهكة وجسدها  يحتاج للراحة لأجلها ولأجل جنينها

والآخر هو صحة حديثهُ بخصوص نومها بغرفة والدها في وجود ياسر،  ولذلك فأئمن مكان مناسب لنومها هي تلك الغرفة في حضرته وحمايته

زفرت  بضيق وتحركت إلي التخت ومددت جسدها عليه بتعب وإرهاق،  وتحرك هو إلي  أريكته وارتمي بجسدهِ المشتعل وتمدد فوقها،  ما هي إلا دقائق وأستمع  لإنتظام أنفاسها التي تُعلن عن دخولها في ثبات عميق

قام  يتحرك علي أطراف أصابع قدماه كي لا يقوم بإزعاجها،  إقترب منها بقلبٍ  ينتفض عشقً وخوفً ورُعبً عليها،  حزن من حاله لقيامه بإرهابها ومحادثتها  بتلك الطريقة الجافة ولكن لم يكُن لديه طريقةً آُخري لترويض تلك الفرسة  الجامحة سوي تلك،  ليس لإرهابها، بلا لخشيتهِ عليها وعلي جنينهُ

وصل  لمكانها ومال عليها،  وضع شفتاه فوق جبهتها وأغمض عيناه وبات يشتم عبير  جلدها بقوة ليحتفظ به داخل رأتهِ،  تغلغلت رائحة جسدها العطرة داخل انفه  فجعلت من قلبهِ وجسده مُشتعلان،  كان يُريد أن يشتم خصلات شعرها منعهُ  حجابها المُحكم عليها، فتح عيناه وبات يُدقق النظر لملامح وجهها الملائكي،  تنفس عالياً وزفر،

همس بنبرة حانية إستمعت إليها تلك  التي وعت عِندما شعرت بلمسات شفتاه فوق جلدها، لكنها إدعت النوم وتلقت  قبلاته بإستسلام لا تدري لما،:

_ حجك عليا يا جلب قاسم من چوة

وضع  قُبلة خفيفة بجانب شفتاها ثم تحرك عائداً إلي أريكته مثلما أتي،  تمدد  عليها وفي خلال دقائق معدودة دخل في ثبات عميق من شدة إرهاقه

نظرت عليه بدموع الألم والملامه وبعدها دلفت هي الآخري بدوامة نومها.

❈-❈-❈

بنفس الوقت

كان  يتمدد فوق الأريكة الخاصة داخل مكتبهُ ليُريح ظهرهُ قليلاً بعد عناء ذلك  اليوم المّرير، واضعً كفاي يداه المُتشابكان تحت رأسه وينظر لسقف الغُرفة  بشرود،  إستمع إلي طرقات خفيفة فوق الباب،  تحدث قائلاً بنبرة ضعيفة:

_  خُش يلي عتخبط

أخذت  تلك الواقفه خلف الباب نفسً عميقً لتُشجع حالِها، ثم أدارت مقبض الباب  وخطت بساقيها للداخل،  وجدته مُمدداً،  نظر عليها وأعتدل سريعً إمتثالاً  لأخلاقة العالية وإحترامه لذاته قبلها

برغم إحترامه الذي أظهرهُ في حَضرتِها إلا أنهُ أزاح بوجههِ عن مقلتيها متلاشيً النظر لوجهها

تحمحمت وأردفت قائلة بنبرة هادئة:

_ حمدالله علي سلامة زيدان بيه

أجابها بجمود وبملامح وجه مقتضبة ومازال متغاضيً النظر لها:

_ الله يسلمك

أردفت بنبرة خجلة:

_ عاوزه أتكلم معاك.

أجابها بجمود وهو علي وضعه برفضٍ قاطع  :

_ سبج وجولت لك معادش فيه بيناتنا أي كلام

إبتلعت غصة مُرة من طريقته الجافة وتحدثت بإصرار :

_ يزن،  إحنا لازم نتكلم

إنتفض قلبهُ حين إستمع لحروف إسمهِ وهي تتغناها،  لكنهُ تمالك من حالهُ لأبعد الحدود وأدعي الجمود

فأكملت هي:

_ أنا مش مرتاحة ومش عارفة أسامح نفسى. من يوم اللي حصل بينا،  

وأسترسلت حديثها بنبرة نادمة وهي تتحرك لتقف أمام عيناه: 

_أنا عارفة إني زعلتك وقتها بكلامي البايخ، بس صدقني كان غصب عني، 


نظر لها بجمود وتحدث بصرامة إمتثالاً لكرامته التي آُهدرت علي يدها :

_ جولت لك معايزش أسمع حاچة، إطلعي بره وخدي الباب في يدك. 


تنهدت بأسي وتحدثت بإصرار:

_ ريح نفسك، مش هخرج من هنا قبل ما أتكلم وتسمعني 


وقف ليقابلها وصاح بنبرة غاضبة:

_ عتسمعيني غصب عني إياك  ؟ 


هتسمعني برضاك يا يزن،جمله حنون تفوهت بها واربكت بها جسد ذلك العاشق المجروح 


أجابها بنبرة حادة: 

_معتمشيش الدنيي علي كيفك يا دَكتورة. 


تحركت إليه وتحدثت بلكنه صعيدية مُداعبة بها إياه كي تستدعي مرحهُ السابق :

_ متجفلش معاي أومال يا بلدينا،  ميبقاش مخك صعيدي أوي إكده 


نظر لها بضعف وسألها بروحٍ مُنهكة: 

_ إنتَ عاوزة إيه مني بالظبط يا بِت الناس 


إبتسمت له بخفوت وأجابته: 

_ عاوزاك تسمعني بقلبك علشان تعذرني وتسامحني علي إسلوبي الحاد اللي إتكلمت معاك بيه 


أرجع رأسهُ للخلف بإستسلام وزفر بقوة وهو يرجع شعر رأسهِ ويسحبهُ للخلف بعنف وتحدث :

_ وبعدهالك يا أمل، أني مش جَد اللي عتعمليه فيا ده 


نظرت إليه وتحدثت بترجي : 

_ أرجوك يا يزن 


أشار لها بالجلوس وبدأت هي بقص حكايتها المأساوية علي مسامع ذاك الذي يستمع إليها بعدة مشاعر مختلطة، غيرة، ذهول،  شفقة، حُزن، قهر علي تلك المغدور بها


كانت تحكي له بنبرة حزينة، بصعوبة بالغة كانت تقاوم دموعها التي أقسمت علي أن لا تزرفها أمام أياً من كان،  


تحدث إليها بعدما إنتهت من السرد: 

_ معجولة أمك وأختك عِملوا فيكِ إكده؟ 


تلاشت الإجابه علي سؤالهُ خشيةً إنهيارها، وتحدثت إليه بنبرة مختنقة بفضل محاربتها لإحتباس الدموع: 

_ كل الكلام اللي قولتهُ لك يومها ماكُنتش إنتَ المقصود بيه،


وأكملت وهي تبتلع غصة مُرة شقت بها صدر حبيبها :

_   فجأة لقيت الماضي الملعون وكأنه بيتحرك قدام عنيا، 


وأكملت قاصدة بحديثها وائل التي أصبحت تبغض حتي نُطق حروف إسمه بين شفتاها :

_  شفته وكأنه واقف قدامي بكامل هيأته، صعب أوي إحساس الخيانة والغدر لما ييجي من الشخص اللي عمرك ما تخيلت إن خيبة أملك الكبيرة هتكون علي أديه 


إستشاط داخلهُ وشعر بنار داخل صدرهُ،  سألها بغيرة مُرة : 

_ كُل دي جهرة في جلبك لجل خاطره،  للدرچة دي كُنتي عتحبيه؟ 


نظرت إليه وتحدثت بملامح وجه متألمة : 

_ مكنش حُب قد ما كانت ثقة حطيتها في شخص وأمّنته علي حياتي اللي جايه،  


وأكملت بنبرة حزينة  : 

_ الغدر والخزلان والخيانة لما بيحصلوا لك علي إدين ناس المفروض إنهم الأقرب لروحك، بيخلوك تفقد الثقة في أي حد علي وجه الأرض


أجابها بنبرة هادئة: 

_مش كل الناس كيف بعضيها يا أمل، لساتها الدنيي بخير ومليانة بالجلوب الصافية والنضيفة  


إبتسمت إليه وتحدثت بصدق: 

_ عندك حق،  وكلامك ده عرفته لما جيت هنا وعاشرتك إنت وصفا وياسر ومريم،  حتي أهلك اللي مشفتهومش غير مرات تتعد علي الصوابع،  حسيت وأنا في وسطهم بالحنان والطيبة 


لساتك عتحبيه  ؟  سؤال وجههُ إليها والغيرة تنهش داخله 


أجابته بكل قوة: 

_ عُمرك شفت ضحيه حبت جلادها  ؟  


تنفست براحة بعدما أخرجت ما ضاق بهِ صدرها وهتفت قائلة لإنهاء الحديث : 

_ أتمني تكون فهمتني ومتكنش لسه زعلان مني 


رد عليها بإبتسامة حنون: 

_مزعلانش يا أمل 


إبتسمت له ووقفت وادارت ظهرها لتخرج،  إستمعت لصوتهِ يُناديها: 

_ أمل 

إلتفتت إليه فأكمل بعيون تنطق عِشقً وصوتً هائمً : 

_ أني عَاشجك 


إرتبكت وأنتفض قلبها فأكمل هو بعيون مُترقبه لردة فعلها : 

_ أني رايدك لچل متكوني مّرتي في الحَلال يا أمل 

جحظت عيناها وأنتفض جسدها بالكامل وتحدثت: 


إنتهي البارت 

قلبي بنارِها مغرم


37💘

إبتسمت له ثم وقفت وأدارت ظهرها إستعداداً للخروج،  إستمعت لصوتهِ يُناديها :

_ أمل

إلتفتت إليه فأكمل بعيون تنطق عِشقً وصوتً هائمً :

_ أني عَاشجك

إرتبكت وأنتفض قلبها فأكمل هو بعيون مُترقبه لردة فِعلها :

_ أني رايدك لچل متكوني مّرتي في الحَلال يا أمل

جحظت عيناها وأنتفض جسدها بالكامل، هي تعرف في قرارة نفسها أنهُ جادّ في طلبهِ للزواج بها، ومُتيقنة من حبهِ لها بل عشقهِ الهائلُ الذي بدأ يتملك منه وشعرت هي به من خلال الرسائلُ التي كانت تبتها موجات عيناهْ ويصل إشعارها النـ. ـاري لعيناها ومنها لقلبها البرئ، الذي شعر بهِ قريبً من الروح والكيان1

لكنها خائفةً بل تمو. تُ رُعبً من مجرد تخيُلها لفكرة تِكرار خوضها لداخل تلك التجربةِ المّريرة، لذا فقد قررت عدم أخذ حديثهُ علي محمل الجَد للتخلص من طلبه

تحدثت بدُعابة كي تُخرج حالها من هذا المأزق :

_ تفتكر ده وقت هزار يا باشمهندس  ؟

تحرك إليها بطولهُ الفارع ، وقف قُبالتها ونظر داخل عسليتاها وهمس بنبرة رجُل عاشق:

_ بس أني معهزرش يا أمل،  أني عاشجِك وعاشج لعنيكِ، وطالب أنول الرِضا بموافجتك لچل متكوني ملكة جلبي وتاچ راسي وخليلة أيامي5

إبتلعت سائل لُعابها من شدة تأثرها بهياته المُهلكة لقلبها النابض بعشقه رغم كَبحها لذلك العشق وضغطها الدائم عليه كي لا يخرُج ويُعلن عن ميلاده ، إلا أنهُ تسلل داخلها وتمكن من أسّر قلبها، بل وتملكهُ وطُبعَ بوشم يزن النُعمانى وأنتهي الآمر

بصعوبة بالغة أخرجت صوتها وتحدثت بنبرة ضعيفة يائسة:

_ مش هينفع يا يزن،  أنا بعد تجربتي المريرة أخدت عهد علي نفسي بإني أقفل باب الحب والجواز وما أفكرش فيهم تاني

إبتسم وأردف قائلاً بنبرة حنون :

_ عتضحكي عليا ولا علي حالك يا أمل،  حب إيه يا بِت الناس اللي جفلتي بابه دي ،

وأكمل هامسً بعيون عاشقة:

_ أومال اللي عيطُل من چوة عيونك الحلوين دول وعيحضن جلبي ويطبطب عليه، يبجا إسمه إيه دي لو مهواش عِشج،  وعِشج شديد جوي كمان3


تهربت بعيناها وسحبتها بعيداً عنه وكأنها تبحث عن اللاشئ وانتفض قلبها جراء حديثهُ المعسول وعيناه التي تصرخ من شدة إحتياجها لعِشق الحبيب

تحدثت بنبرة حادة صارمة وكأنها تقُص علي مسامعهِ تقريرً من إحدي صفحات جريدة الصباح  :

_ من فضلك يا باشمهندس،  بلاش تستخدم إسلوب إبتزاز المشاعر ده معايا ، أنا لا حبيتك ولا عمري اديت لك أي إشارة توحي لك إني بحبك ، وأنا قولت لك رأيي بمنتهي الوضوح والمفروض عليك إنك تحترمة

قاطعها يزن مكذبً إياها بقوة:

_كدابه يا أمل،  إنتِ عتحبيني كيف مابحِبك بالظبط ويمكن أكتر، ولو فعلاً معتحبنيش كيف معتجولي،  يُبجا تجوليها وإنتِ عتبصي چوة عيوني

إبتلعت سائل لُعابها وتلعثمت فهدر يزن قائلاً بقوة:

_خليكِ چريئة وبصي چوة عيوني وجوليها يا أمل

حولت بصرها إليه وما أن نظرت لعيناه حتي سَبحت وغاصت داخل بحرهما العميق،  تناست حالها داخل نظراتها الصارخة التي تُطالبها بالرحمة وإنهاء تلك المسرحية الهزلية كي ينعما داخل أحضان بعضهما ويُرزقا بالحُب الحلال

بدون سابق إنذار إنهمرت دموعها أمامهُ كشلال وهي التي أقسمت بألا تزرفُها أمام أياً من كان ، يبدوا أن روحها قد شعرت بهِ خليلً ولهذا إرتضت وسمحت لدموعها الأبيةِ بالخروج

نظرت إليه وأردفت قائلة بنبرة ضعيفة مُنكسرة:

_ خايفة يا يزن

أجابها مُتلهفً بنبرة هائمة:

_جلبي عيطمنك يا أمل، چوة حُضني عتلاجي أمانك  ، عكون لك السند والضهر والحماية،  و وعد عليا معخلي الدموع تعرف لعيونك طريج

وأكمل بإلحاح:

_ بس إنتِ وافجي وريحي جلوبنا يا أمل،

واسترسل لإقناعها:

_أني وإنتِ تعبنا كتير في حياتنا، وآن الآوان إننا نرتاح ونلاجي الراحة والسَكن چوة أحضان بعض

نظرت إليه بتشتُت وتيهه،  فهتف هو بعيون راجية:

_ جولي موافجة يا حبيبتي

إرتعش جسدها وهزة عنيفة زلزلت قلبها من نُطقهِ لكلمة حبيبتي، علمت حينها أنها لم تعرف للعِشق طريقً قَبل ذاك اليزن ،  فها هي معه تغزوها مشاعر ولأول مرة تشعرُ بها، لعشقهِ طعمً لذيذ لأول مرة تتذوقُ حلاوة لذته

هز لها رأسهُ عِدة مرات مُتتالية كي يُشجعها علي أخذ تلك الخطوة،  إبتسمت لهُ وأعلنت رفع راية الإستسلام لغزو عشقهِ الراقي والذي يُشبه عشق الملوك في سموه1

تهللَ وجههُ وأنير، وأنفرجت أساريرهُ من شدة سعادته حتي ظهر صف أسنانه وتحدث مُتلهفً:

_ وعد عليا معخلي الندم يعرف طريج لجلبك يا غالية،  ومن إنهاردة أني راچلك وإنتِ مسؤلة مني، وأي حاچة عتحتاچيها عتكون تحت رچليكِ في التو واللحظة

أشارت إليه بيدها ليتوقف وتحدثت برفضٍ قاطع:

_ أرجوك يا يزن تهدي شوية وبلاش التهور اللي إنتَ فيه ده

إبتسم لها بسعادة وأردف قائلاً بنبرة حماسية:

_ هو إنتِ لساتك شوفتي تهور،  ده لولاش رجدت عمي زيدان كان زماني طاير علي چدي ومصحيه من أحلاها نومة، وچبته لحد عِنديكِ لچل ما يطلب لي يدك الغالية1

وأكمل وهو يغمز لها بعيناه:

_   وفي خلال أسبوع بالكتير بجيتي مّرتي ومجفول علينا باب واحد.

خجلت من كلماته المتهورة التي تُظهر كّم إشتياقهُ لها وتعجلهُ لإتمام زيجتهِ بها،  تحدثت بنبرة هادئة:

_ بيتهئ لي إن الموضوع محتاج شوية وقت يا يزن،  يعني، لسه إجراءات طلاقك لبنت عمك،  وترتيب المكان اللي هنتجوز فيه1

وأكملت بخجل:

_ ده غير إني محتاجة وقت علشان أتعرف عليك أكتر، وكُل واحد مننا يدرس شخصية التاني ويكتشف عيوبها ومميزاتها، علشان نقدر نتأقلم علي طباع بعض بسهولة بعد الجواز  

بهتت ملامح وجهه وأختفت إبتسامته التي كانت تُنير وجههُ، تحمحمَ لينظف حنجرته ثم تحدث بهدوء:

_ كُل اللي تأشري عليه عيتنفذ وأكتر كمان يا حبيبتي، 

وأكمل بتلعثُم:

_بس أني كُنت عاوز أشرح لك ظروف چوازي من ليلي

وأكمل شارحً للوضع :

_ سَبج وجولت لك إن أني وليلي في حُكم المطلجين،  أني معاييش وياها في الشُجة، 

وأكمل علي إستحياء:

_ ومبيحصلش بِيناتنا أي حاچة من اللي بتحصل بين أي راچل ومّرته. 

أومأت رأسها بخجل وتحدثت دون النظر لعيناه:

_ أيوة أنا فاكرة إنك قولت لي الموضوع ده قبل كده،  واللي فهمته وقتها من كلامك إن موضوع طلاقكم مسألة وقت مش أكتر

وأكملت بصدق:

_ وبصراحة ده السبب الرئيسي اللي خلاني أتمادي وأسمح لنفسي إني أحبك حتي ولو بيني وبين نفسي

أخذ نفسً عميقً ثم زفرهُ بقوة إستعداداً للحديث،  وأردف قائلاً بنبرة هادئة:

_ للأسف يا أمل،  أني معينفعش أطلج ليلي،

وأكمل مؤكداً:

_ لو السما إنطبجت عاللأرض چدي معيوافجش

قطبت جبينها غير مستوعبة لحديثه فأكمل هو:

_  جانون النُعمانية إكده،  مفهوش طلاج

ضيقت بين عيناها وسألته مُستغربة:

_ تقصد إيه بكلامك ده يا يزن،  إنت عاوز توصل لي إن ممكن جدك مايوافقش فعلاً علي طلاقك لبنت عمك  ؟

هز رأسهُ نافيً، ونطق بتأكيد:

_ هو مش ممكن يا أمل،  هو الأكيد إنه معيوافجش

أردفت قائله بنبرة قاطعة :

_ بس إنتَ أكيد هطلقها يا يزن

تنهد بيأس وتحدث:

_ حاولت والله يا أمل بس منفعش، الكلمة الآولي والآخيرة في المواضيع اللي كيف دي بتُبجا لچدي لحاله وممنوع النجاش فيها1

قطبت جبينها بإستغرابٍ شديد ثم أخذت نفس عميقً وتحدثت بصرامة لن تقبل النقاش:

_ بس أنا هتجوزك إنتَ يا يزن مش هتجوز جدك  !

وأكملت بنبرة قوية مُدافعة بها عن ليلي متناسية أنها غريمتها وتُشاركها حبيبها  :

_ وبعدين إنتَ إزاي هاجرها وهي لسه علي ذمتك يا يزن؟

شرعً ده حرام وظُلم بَيِن ليها .1

وأكملت بضيق لأجلها:

_ده غير إنه فيه إهانة كبيرة لكبريائها وإنوثتها  ،والمفروض إنها هي اللي كانت تثور لهدر كرامتها، وتطلب الطلاق من جدك وتصّر كمان عليه

وأكملت بإتهام :

_  وعلي فكرة بقا، إنتَ كمان عليك إثم كبير في هجرك ليها ، لأن المفروض إن ليها حقوق شرعية عندك وواجب عليك إنك تديها لها مهما كان زعلك منها أو إختلافك معاها ،

وأسترسلت بتعقُل :

_ وعلشان تتخلص من الإثم ده يبقا لازم تطلقها يا يزن

وأكملت بنبرة صادقة :

_  وممكن جداً بعد ما تطلقها تتجوز حد تاني يقدر يحتويها ويكون لها العوض ، ويمكن تلاقي معاه الحب والتقدير اللي ما قدرتش تلاقيه في تجربتها معاك

 

وأكملت بكبرياء وشموخ إمرأة :

_ ده غير إن عُمري ما هقبل علي نفسي إن يتقال عليا إني خطفت راجل من مراته،

وأسترسلت حديثها بإصرار:

_ علشان كده أنا مُصممة جداً علي رأيي في إنك تطلقها قبل ما يتم بينا أي شئ رسمي.

عتعجديها ليه يا بِت الناس  ؟جملة قالها يزن بعيون راجية

أجابته بنبرة حنون:

_مش بعقدها والله يا يزن،  أنا كل اللي طالباه إني أعيش معاك في هدوء ومن غير حاجة تنغص علينا حياتنا أو تسبب لنا مشاكل إحنا في غني عنها

وأكملت والغيرة تظهر داخل مقلتيها:

_ ده غير إني مش هقدر أتحمل فكرة إن يكون لي فيك شريكة حتي لو كان مجرد جواز علي الورق

إنفرجت أساريرهُ وهتف بنبرة تُشير إلي شِدة سعادتة:

_ هي الدكتورة عتغير علي حبيبها ولا إيه  ؟

إرتبكت بوقفتها وقررت الإنسحاب من أمام ذلك الولهان وهيأتة العاشقة وتحدثت مُتلعثمة:

_  أنا رايحة أطمن علي عمك وأشوف لو صفا وطنط محتاجين حاجة

أخذ نفسً عميقً وتحدث بعيون عاشقة:

_ عاشجك يا أمل

وأكمل:

_ حاضر ،  هروح لچدي وعجوله إني لازمن أطلجها لجل ما أريح جلب حبيبتي

إبتلعت لعابها وأسرعت للخارج قبل أن تضعف وترتمي لداخل أحضان ذاك الفارس المغوار التي دائماً ما حلُمت بشخصيته ببداية صِباها وبدأ رسم شخصية فارس أحلامها الوردية  

تنهد هو براحة وذهب من جديد إلي أريكته وجلس فوقها وشعوراً هائل من السعادة والعشق يتملكان من قلبهِ الجميل الذي لم يحمل بداخلهِ يومً سوي الحب والخير للجميع4

                                ❈-❈-❈

أصبحَ القلبُ لا ينبضُ إلا بحضورك

وكأنهُ وُشمَ بعِشقكَ اللعين وحُسم الآمر

خواطر صفا النُعماني

بقلمي روز آمين

شق الصباح نورهُ ليُعلن عن إنتهاء الظلام وميلاد يومً جديد يتأملهُ الجميع بأن يكون أفضل من الأمس الذي عان منه الجميع وذاقوا به الأَمرَّينِ

كانت تغُطُ في ثباتٍ عَميق، ويرجع أسبابهُ لشدة إرهاقها بعدما عانتهُ بالأمس من توتر وقلق ورعب علي غاليها ثم ضغطها داخل غرفة العمليات، بالإضافة إلي أنها بالأساس تُعاني بشدة في الفترة الآخيرة من إصابتها بحالة من الخمول والنُعاس الدائم نتيجة التغيرات الهرمونية التي حدثت لجسـ.ــدها جراء الحَمل

فتح عيناه بثُقل وبات ينظر حولهُ بإستكشاف وإستغراب للمكان، حتي وعي علي حاله وتذكر ليلة أمس العَصيبة ، حول بصرهِ مُتلهفً يبحثُ عنها،  إطمئن قلبهُ وشعر بهزة عنيفة أصابت قلبهُ لمجرد رؤياهُ لملاكهِ الغافي بسلام  ، إعتدل بجلوسهِ ثم وضع كف يده فوق شَعر رأسهِ وأرجعهُ للخلف في مُحاوله منه لهندمته، أخذ شهيقً عالياً ثم زفرهُ،

ثم وقف مُنتصـ.ـب الظهر وتحرك إليها،  بات ينظر إلي كُل إنشً بملامحها بإشتياقٍ جارف

 

سحب مقعداً بهدوء شديد وجلس عليه أمامها، نظر بإرتياب إلي أحشائها التي تحمل جنينهُ الذي حُرم من الإحتفال معها بقدومه، غَصة مُرة تملكت من قلبه حين تذكر حالهُ وحبيبته وما وصلا إليه من حالة مُزرية ، مد يده بحنين يتحسس موضع جنينهُ بأحشائها 

إنتفضت فزعة من نومتها تتلفت حولها،  أمسك كتفها سريعً ليُهدئ روعها وتحدث مُتلهفً بنبرة هادئة:

_إهدي يا جلبي،  أني قاسم يا حبيبي

هدأت بالفعل وأطمأنت وأرجعت رأسها فوق الوسادة من جديد بعدما تيقنت أن اليد التي تحسستها هي لحبيبها، تنهد ووضع كف يدهُ فوق أحشائها من جديد

إحتـ. ـرق قلب تلك الغاضبة وأمسكت يده ودفعتها بعيداً عنها بطريقة عَنيـ. ـفة قائلة بنبرة حـ.ـادة:

_بعد يدك عني

وضعها من جديد فأعادت فعلتها بطريقة أعنـ.ـف فتحدث إليها بهدوء:

_ إهدي يا صفا.

ثم أعاد وضع يدهُ فكررت ما فعلت وتحدثت بصياحٍ غاضـ.ـب وهي تتأهب للنهوض :

_ جولت لك شيل يدك عني وبعد عن طريجي

إشتعـ.ـل جسدهِ من طريقتها الفظة وأسلوبها العنيـ .ـف فأمسك كتفها وأرغمـ. ـها علي الرجوع للخلف والتمدد من جديد وتحدث بنبرة صوت حـ. ـادة وملامح وجه غاضـ.ـبه:

_ صفاااا،  معتسمعيش الكلام ليه

إبتلعت لعابها وأستكانت خشيةً من هيأته الغاضـ.ـبة التي ولأول مرة تراهُ عليها  ،  أغمض عيناه وزفر بقوة وما زال مُمسكً بكتِفها ليُرغمها علي التسطُح،  فتح عيناه من جديد ونظر لأحشائها بحنان وأشتياق وكأنهُ يري جنينهُ أمام عيناه،  ومن جديد وضع كف يدهُ وبدأ يتحسس موضع جنينهُ وكأنهُ يتلمسه1

إنتفض جسدها أثر لمسته،  أخذ نفسً عميقً وتحدث إلي جنينة بصوتٍ مسموع وكأنهُ يطمأنه:

_ متخافش يا حبيبي،  لما تاچي بالسلامة كُل حاچة هتُبجا زين بإذن الله

حول بصرهِ إلي تلك الغاضبة التي تُشيحُ ببصرها عنه وتحدث :

_ صحيح أمك كيف الفرسَة الجَامحة،  بس أبوك خيال صُح وهيعرف يرودها ويرچِعها لعجلها ولحُضنه من چديد

رمقته بنظرة حادة وأردفت بنبرة تهكُمية:

_  اللي بتفكر فيه دي بعَيد عن أحلامك.

إبتسم بجانب فمه وتابع تلامسهُ الحنون علي جنينهُ وسألها بنبرة جادة:

_ عِنده كام شهر بالظبط3

برغم غضبها الشديد منه ومن إجـ.ـبارها علي الخـ.ـضوع إلا أنها أجابت لتيقُنها أن سؤالهُ من حقهِ المشروع:

_ عُمره تلات شهور وتلات أسابيع

سألها وهو ينظر إلي أحشـ. ـائها بحنين:

_ عِملتي سونار وعِرفتي نوعه؟

أجابته بإقتضاب :

_ عِملت من شهر وأطمنت علي نبضات جلبه،  نوع الچنين مبيظهرش غير لما يكمل أربع شهور

إبتسم بحنين وتحدث ومازال ينظر لموضع جنينهُ:

_ إوعي تفتكري إني عاوز أعرف عشان نفسي في واد،

وأكمل بنبرة راضية ويقين:

_ كُل اللي يچيبه ربنا فضل ونعمة

ثم نظر لها وأكمل مُفسراً:

_ أصل أني حِلمت إن عمي زيدان چاي وبيمد لي يدُه ويچولي سمي بالله ومد يدك وخد عطية ربنا ليك،  جولت له إيه دي يا عمي،  رد وجال لي دِه مَالك،  ربنا بعتهولك عوض لجل ما تُملك بيه زمام أمورك

كانت تستمع إليه بإستغراب فأكمل هو بإبتسامة في محاولة منه بإسترضائها:

_ بس لو عليا أني،  أني نفسي في بنت تكون وارثة عجل وچمال وجوة أمها 

إستغلت تراخي جـ.ـسدهُ وتراخي يده المُكبلة لها بسبب حالة النشوة التي أصابته من حديثهُ عن جنينه، وانتفضت واقفة غير مبالية بحديثهُ المعسول

تنهد بأسي لفِعلتها وتحرك مستسلمً إلي الأريكة مواليها ظهرهُ وتحدث وهو يلتقط حلة بدلته:

_ تعالي نطمن علي عمي وبعدها هوصلك للبيت تاخدي لك حمام دافي لجل ما يريح چسدك وتلبسي هدوم نضيفة وتاچي تاني

وأكمل بنبرة جادة:

_ وأني هروح المركز لجل ما أتابع التحجيج مع المـ.ـچرم اللي إسميه كمال

نظرت إليه وتحدثت متناسية خصومتهما:

_ عوزاك تبذل كُل چهدك لچل ما الخسيس دي ياخد أجسي عجوبة علي اللي عِمله في أبوي

أجابها وهو يتحرك بإتجاه الباب ويُشير إليها لتتقدمه:

_ متجلجيش يا صفا،  الله في سماه معخليه يخطي برچله ويشوف الشارع تاني    

  

تحركت أمامهُ داخل الرواق في طريقهما إلي غرفة العناية، لتجد يزن وفارس وحسن يجلسون أمام طاولة أحضرها لهم أحد العاملين موضوع عليها بعض الآطعمة التي أحضرتها لهم العاملة المصاحبة لرسمية التي أتت مهرولة مُنذُ أن شق الصباح نورهُ لتطمإن علي غاليها

تحدث يزن إلي كِلاهُما متناسيً خلافهُ مع قاسم :

_تعالي يا قاسم إنتَ وصفا لجل ما تفطروا، 

نظر لهُ قاسم وتحدث بنبرة هادئة:

_ بالهنا والشفا علي جلبكم

وتحرك بجانب صفا متجهين داخل غرفة العناية،  إرتدا كلاهما الثياب المعقمة ودلفا للداخل،  وجدا رسمية وعِثمان و ورد مُلتفون حول زيدان الذي مازال غائبً عن الوعي، ويقف بجانبه ياسر يتفحصه

هرولت صفا وتحدثت بأسف وأسي إلي والدتها:

_ حجك عليا يا أم صفا،  سيبتك لحالك ونمت من كتر التعب محسيتش بحالي

أومأت لها بتفهُم فتحركت صفا إلي والدها وبدأت بفحصهُ والحديث مع ياسر بشأن الحاله

وجه قاسم سؤالاً إلي ياسر بوجهٍ مقتضب:

_ هو ليه عمي مفاجش من الغيبوبة لحد دلوك  

أجابهُ ياسر بنبرة واثقة:

_ دي مش غيبوبة حضرتك،  دكتورة صفا حقناه بجرعة منوم علشان يتخطي ألـ.ـم ما بعد العملية اللي ماكنش هيقدر يتحمله

تحدث عِثمان مُتسائلاً بقلبٍ يتألم لأجل صغيرهُ:

_ ميتا ولدي عيفوج ويفتح عنيه  ؟

تحدثت صفا التي تتفحص والدها وتفتح عيناه لتنظر بداخلها بعدستها الطبية :

_ عيفوج في خلال من خمس لعشر دجايج يا چدي

وأكملت بنبرة هادئة طمأنت بها الجميع :

_ الحمدلله، مؤشرات وظائف الچسم الحيوية كلياتها تمام

إطمأن الجميع ثم حول عِثمان بصرهِ إلي قاسم وتحدث:

_ مروحتش علي المركز لجل ماتحضر التحجيج من أوله ليه يا قاسم  ؟

أجابهُ قاسم بجدية:

_ المأمور كلمني بالليل وجال لي إن التحجيج هيبدأ الساعة تسعة،  يعني لساته فاضل له ساعتين

أومأ لهُ جدهُ بتفهم

  تحرك قاسم وإقترب من ورد التي مازالت علي وضعها كما تركها، مُمسكة بيد زوجها وكأنها تُطمأنهُ وتذكرهُ أنها هُنا،  بجانبه ولن تتحرك بدونهُ ، تحدث إليها بهدوء وأحترام:

_ جومي يا مّرت عم إفردي ضهرك في أي أوضة برة، ولما عمي يفوج هاچي أصحيكِ

هزت رأسها وأردفت قائلة برفضٍ قاطع :

_معجومش من مكاني ولا هتحرك غير لما زيدان يفتح عنيه،  ومهخرجش من إهنيه غير ورچلي علي رچله

تنهدت رسمية وتحدثت إلي قاسم بإستسلام :

_ ريح حالك يا ولدي،  أني إهنيه بجا لي ياچي ساعة، ومن وجت ماچيت وأني عماله أتحايل عليها لجل متجوم حتي تحرك رچليها بره شوي ، مرضياش كيف ما أنتَ شايف

وأكملت بتقدير ومفاخرة :

_ طلعتي أصيلة يا بِت الرچايبة

تحدثت صفا إلي الجميع قائلة:

_ من فضلك يا چدي، ياريت تطلع تجعد إنتَ وچدتي بره وخدوا وياكم المتر عشان ممنوع التجمع إهنيه،  وأني لما أبويا يفوج هدخلكم عِنديه

وأكملت حديثها إلي ياسر قائلة بنبرة عملية:

_ وإنتَ يا دكتور،  إتفضل حضرتك لچل ما تچهز طجم المستشفي لإستجبال الحالات ، وأني هجعد إهنيه أتابع الحالة

أومأ لها بموافقة، وحزن داخل قاسم من معاملتها الجافة له أمام الجميع،  كاد الجميع أن يتحركوا إلي الخارج حسب تعليمات صفا،

لولا ورد التي كانت تحتضن يد زوجها وتتمسك بها وكأنها تطالبهُ بأن يتمسك بالحياة لأجلها، صاحت و إنتفض جسدها بالكامل حين شعرت بأصابع يد حبيبها وهي تتحرك بين راحة يدها،  هتفت قائلة بنبرة حماسية:

_  أبوكِ عيحرك يده يا صفا

وقف الجميع بإنتباه وترقُب بقلوب مُرتجفة داعية المولي بإفاقة غاليهم،  أمسكت صفا جفن عين غاليها وبدأت بفتحهُ،  إستجاب زيدان وبدأ بتحريك أهدابه محاولاً فتحها،  وبالأخير إستطاع فتح عيناه،  كان يتطلع أمامهُ وكأنهُ داخل حُلمً،  يستمع لصدي أصواتٍ مُهلله وتُنادي بإسمه، لكنهُ لم يستطع تمييزها،

بدأ بالإستيعاب شئً فشئ،  نظر علي وجه صفا التي تقف وتميل عليه وتُناديه لتسحبهُ من داخل تلك الدوامه وتُخرجهُ إليهم لعالمهم من جديد قائلة بنبرة جادة:

_ أبوي،  فتح عِنيك يا حبيبي،  إنتَ سامعني،  لو سامعني حرك عنيك

حرك أهدابهُ ليطمأن رُعبها التي وبرغم وقوفها صامدة إلا أنهُ رأهُ داخل مقلتيها الصافيتان،  حرك عيناه ببطئ يبحث مُتلهفً عن صوت معشوقته الذي يستمع إليه كصدي داخل حُلمٍ، وقعت عيناه علي تلك العاشقة الواقفه وممسكة بيداه بشدة وكأنها تخشي إضاعته والتي تتحدث بنبرة سعيده وعيون تدمعُ فرحً:

_ حمدالله علي سلامتك يا تاچ راسي،  الشمش طَلعت ونورت برچوعك يا غالي2

إنتعش قلبهُ لرؤياها التي تسُر قلبه وهمس بصوتٍ ضعيف متقطع :

_ ماتبكيش يا حبيبتي،  أني بخير

أسرع عليه عِثمان الذي شعر بعودة الروح لجسده الهزيل والذي شعر بإفتقادها مع فقدان ولدهَ لوعييه

ورسمية التي هتفت وهي تبكي وتُميل علي وِجنة ولدِها لتُقبلها بإشتياق وكأنهُ غائب عنها مُنذُ زمان:

_ حمدالله على سلامتك يا جلب أمك

إبتسم لوالديه وطمأنهما بعيناه، ونظر إلي قاسم الواقف يترقب عودتهُ بعيون لامعة سعيدة وأومأ لهُ بإمتنان،قابلهُ قاسم بإبتسامة وتمني لهُ السلامة،

فتحدثت صفا إلي الجميع بنبرة صارمة :

_كله بره يا چماعة لو سمحتم، 

وأكملت إلي ياسر وطلبت منه جهاز معين لفحص جميع وظائف والدها الحيوية لتطمأن عليه

                                 ❈-❈-❈

في القاهرة الكبري

وبالتحديد داخل إحدي المجمعات السكنية الراقية والتي يقطنها ذوي الأموال الطائلة

كان يجلس فوق مقعدهُ المخصص له علي تلك الطاولة الكبيرة المخصصة لتناول الطعام،  يتناول وجبة إفطاره لحاله وهو يرتدي حلتهِ السوداء، مرتدياً نظارته الطبية التي جعلت منه وقوراً يليق بمنصب مدير مَشفي إستثماري كبير كالذي أسسها له والدهُ الدكتور الشهير

تحركت إليه إلهام والدة زوجتهُ وتحدثت وهي تسحب مقعدها لتقابلهُ الجلوس :

_ صباح الخير يا وائل

أجابها بملامح وجه مقتضبة ذاك الذي لم يَعُد يطيق الجلوس بالمنزل الذي إشتراه ليسكُن به بعد زواجه من ريماس ووالدتها التي تسكُن معهما :

_صباح النور

إبتلعت لعابها من هيأته الغاضبة وتحدثت إليه بنبرة باردة وهي تمد يدها وتلتقط إحدي الشطائر :

_ مالك يا وائل،  فيه حاجه في الشُغل مضايقاك ؟

نظر لها وتحدث بنبرة حادة:

_  اللي مضايقني هنا في البيت حضرتك،  مش في الشغل

وأكمل بنبرة معترضة:

_ تقدري تقولي لي أنا بفطر وأتغدي لوحدي كل يوم ليه؟

إرتبكت بجلستها فاكمل هو متهكمً:

_ أقولك أنا ليه، علشان الهانم اللي أنا متجوزها علشان تريحني وتشاركني حياتي  مش فضيالي، الهانم بتنام لحد الظهر لأنها سهرانة مع أصحابها في الديسكوهات طول الليل وراجعة خلصانة، وبعدها تصحي وبدل ما تستني جوزها اللي راجع هلكان من المستشفي وتجهز له الغدا وتقعد معاه كأي زوجة طبيعية ، بتروح النادي علشان تقابل شوية التافهين أصحابها ويبدأوا يومهم اللي مبيعملوش فيه أي حاجة مفيده لا ليهم ولا لغيرهم

تحدثت إليه إلهام بنبرة مهدأه:

_ معلش يا وائل إصبر عليها شوية لحد ما تتعود، إنتوا لسه متجوزين من أربع شهور بس وهي لسه ما أخدتش علي جو المسؤلية ،  وبعدين ريماس لسه صغيرة وطايشة وعاوزة تتمتع بحياتها

وقف وائل غاضبً وتحدث بنبرة تهديدية:

_  صغيرة، طايشه أنا مليش دعوة بكل الكلام ده،  أنا صبرت عليها كتير وأتكلمت معاها في إنها تراعيني وهي لحد الوقت مطنشه كلامي،  ياريت تتكلمي معاها وتعقليها لأن صبري عليها قرب يخلص،

وتحرك إلي الخارج بدون حتي توديعها

قورت إلهام يدها ودقت بها فوق الطاولة وتحدثت بضيق وهي تلعن إبنتها بنبرة طامعة :

_ غبية يا ريماس، هتضيعي من إدينا مغارة علي بابا اللي ما صدقنا إنها فتحت

خرج وائل وأستقل سيارته وقادها بغضـ.ـب، أخرج هاتفهُ وأخذ نفسً عميقً لضبط النفس ثم ضغط على نقش إسم أمل برقمها الجديد الذي تحصل عليه من خلال إحدي صديقاتها التي تعمل لديه بالمَشفي، بعدما أقنعها أنهُ يُريد التفاوض معها بشأن العودة مرةً آُخري إلي المَشفي،  حيثُ أنها قامت بتغيير رقمها كي تبدأ حياة جديدة بإناسٍ جُدد، وإلقائها بالماضي وإناسهُ خلف ظهرها1

كانت تقف داخل غُرفة الكشف الخاصة بها، تقوم بتنظيفها بجانب عاملة النظافة كي تجعلاها جاهزة لإستقبال مريضاتِها اللواتي أصبحن يأتين إليها للمشاورة حتي بأمورهُن الشخصية وذلك لجمال روح أمل وتفهُمها لهُن ولأوضاعهن المختلفة، وإعطائهن النصائح التي تساعدهُن في إدارة حياتهُن بشكل أفضل 

صدح صوت هاتفها الموضوع داخل جيب معطفها الأبيض الخاص بالاطباء ( بالطو ) أمسكت هاتفها ونظرت بشاشته،  زفرت بضيق حين ظهر لها نقش إسمهِ من جديد علي تطبيق التريكولور،  ضغطت زر رفض المكالمة ووضعته من جديد لداخل جيبها وتابعت التنظيف بجوار العاملة كي تُنهيا سريعً

زفر وائل بضيق، ثم قام بتسجيل رسالة صوتية قائلاً بمحتواها بنبرة صوت يبدو عليها الندم الشديد :

_ أرجوكِ يا أمل تردي عليا،  أني عارف يا حبيبي إني غلطت في حقك وظلمتك وظلمت نفسي،  بس عاوزك تتأكدي إني ندمت ندم يكفيني عمري اللي جاي وحقيقي عرفت قيمتك، 

أخذ نفسً وتحدث بصدق:

_ أمل أنا إكتشفت إني عمري ما حبيت ولا أتمنيت في حياتي غيرك،  هي كانت نـ.ـزوة وأنا للأسف إتشديت وإنبهرت بحاجة كانت جديدة عليا،  أنا هطلق ريماس لأنها كانت السبب في بعدك عني،هي اللي خطفتـ.ـني منك يا أمل، ده غير إني إكتشفت إنها إنسانة أنانـ.ـية وكل همها في الحياة نفسها وراحتها هي وبس1

وأكمل في رسالة آُخري:

_ أنا عارف يا حبيبي إنك زعلانه مني كتير، بس أنا هعرف أراضيكي يا أمل، خليني أشوفك ونتكلم ونتصافي وشوفي أنا هعمل إيه علشانك

وأكمل بنبرة حنون:

_  بحبك يا أمل ومستني تكلميني بعد ما تسمعي رسالتي،

وأكمل مؤكداً:

_ هستناكي ومش هيأس1

إنتهي من تسجيل الرسائل وزفر بضيق وتابع القيادة وهو يلعن غباؤه علي التفريط في جوهرة ثمينة مثل أمل واللهث خلف تلك الفارغة المُسماه بريماس والذي إكتشف أن بريقها كاذب حين إقترب منها وأكتشف صدق مقولة،  ليس كل ما يلمع ذهبً خالص

أما أمل التي خرجت من غرفتها بعدما إستمعت لصوت وصول الرسائل وتجاهلتها،  كانت تتحرك داخل الرواق بثقة في طريقها إلي غرفة العناية المُشددة كي تطمأن علي حالة زيدان قبل أن تنغمس داخل دوامة عملها، 

وجدت شباب منزل النُعمانية يلتفون حول تلك المائدة يتناولون طعامهم، فتحدث يزن الذي طار قلبهُ حين رأها تُقدم عليهم:

_ تعالي إفطري ويانا يا دكتورة

إبتسمت له بخفوت وتحدثت بنبرة جادة:

_ متشكرة يا باشمهندس، بالهنا والشفا 

أراد أن يُداعبها فتحدث بإصرار:

_  طب عليا الطلاج من ليلي لتاچي تُفطري معانا1

إستطاع أن يرسم البسمه علي وجهها بفضل مُداعباته لها والتي تفهم مغزاها جيداً

رمقهُ فارس بنظرة حادة وزجره قائلاً  :

_ وإيه اللي چاب سيرة ليلي ودخلها في الفطار يا يزن  ؟

أجابهُ بمراوغة ونبرة ساخرة:

_ ده بس لجل متعرف غلاوة أختك عِندي كَد إيه يا حبيبي

هتف حسن قائلاً بدُعابه:

_ يزن بيجول إكده عشان متوكد إن الدكتورة معترضاش تاكل وَيانا، ويُبجا بإكده ضرب عصفورين بحجر واحد، منه خُلص من ليلي ومنه ياكل وَكْل الدكتورة

قهقه يزن وفارس وإبتسمت أمل لروح الأخوة والمحبه السائدة بين أفراد تلك العائلة المترابطة

وتحدث يزن إليها بنبرة هادئة مُتحكمً في مشاعرة لأقصي درجة:

_ تعالي كُلي ويانا يا دكتور  

إنتفض قلبها من نبرته الحنون ونظرته التي تشملها بالرعاية برغم مجاهدته بألا يظهر عليه أية مشاعر لحين إنتظار الوقت المناسب الذي سيفاتح به جدهُ اولآ بنقطة إنفصالهُ عن ليلي وايضاً زواجه من تلك الجميلة ساحرة قلبه

تحدث فارس بمداعبه كي يستدعي مرحها ويجعلها تجلس وتتناول الطعام معهم:

_ إجعدي كُلي يا دَكتورة بدل ما يزن ياخدها حِجه ويطلج فيها ليلي

وأكمل مازحً:

_ هي صحيح تستاهل بلسانها اللي عايز جطعه، بس مهما كان بردك دي أختي ومرضلهاش الأذية

شعرت بالخزي من حديث فارس عن شقيقته، فأمسكت إحدي اللُقيمات ووضعتها بفمها علي إستحياء وتحدثت بنبرة حزينة شقت بها قلب حبيبها:

_ وأنا مايرضنيش الاذي لأختك يا أستاذ فارس

إرتعب داخل يزن من كلماتها خشيةً من أن تتتراجع جراء كلمات فارس لها،  تحدثت مُتسائلة بإهتمام :

_ مفيش أخبار عن زيدان بيه  ؟

أجابها يزن سريعً:

_  فاج الحمدلله وصفا جالت إن حالته بجت مُستجرة، وكلها كام ساعة وهتنجله علي غرفة عادية بس لما تطمن عليه

أومأت له وأردفت بإستأذان بنبرة هادئة:

_ حمدالله علي سلامته،  هروح أطمن عليه قبل ما أبدأ شُغلي

تحركت أمل بطريقها وتحدث فارس وهو يقتضم إحدي وحدات البيض:

_ سبحان الله،  صدج المثل اللي عيجول عرفت فُلان؟  جال اه،  جاله عاشرته؟ جاله لا،  جال يبجا متعرفوش.

وأكمل شارحً حديثهُ :

_أهي أمل دي أكبر دليل علي صحة المثل دي، أول ما شوفتها إهنيه يا بووووي،الله الوكيل ماكُت بطيجها، دمها كان تجيل و واجف علي جلبي ، بس من ساعة وجفتها وَيّا صفا لما تعبت وكمان وجفتها معانا إمبارح وخوفها اللي ظاهر في عنيها غلااها عِندي جوي، وبين لي إنها بنت أصول ومعدنها طيب

وضع يدهُ علي مقدمة رأسه وتحدث بتفكُر:

_ بس باين عليها وراها حكاية واعرة جوي، أموت وأعرفها  

تنهد يزن بأسي ووقف وهو ينفض يداه ببعضهما قائلاً  :

_  أني هروح المركز ويا قاسم لجل ما أتابع التحجيج مع وِلد المركوب وإنتوا خليكم چار چدكم وعمكم

أومأ لهُ وخرج قاسم وتحرك معه يزن متجهين إلي المركز بعدما رفضت صفا الذهاب معهُ إلي المنزل وترك والدها ولو لمجرد دقائق 

                                ❈-❈-❈

عودة لداخل فيلا ريماس،  بعد خروج وائل مباشرةً، إنتفضت إلهام من جلستها وبوادر الغضب تكسو ملامِحها وتحركت إلي الطابق العلوي حيث جناح صغيرتها التي تغفوا داخله

إقتحـ.ـمت باب الغرفة وذهبت سريعً إلي الستائر السوداء وقامت بفتحها بطريقة عنيفـ.ـة جعلت تلك الغافية تفيق من ثباتها وتجلس سريعً وهي تتطلع حولها بإرتياب،  زفرت بضيق وهتفت إلي والدتها بصياحٍ غاضب :

_ فيه إيه يا مامي،  حد يدخل يصحي حد بالطريقة المُرعبة دي  ؟ 

إقتربت عليها إلهام وتحدثت بنبرة غاضبة:

_ قومي يا هانم وإتعدلي كده وفوقي لي،  وائل شكله كده ناوي لك علي حاجة

قطبت جبينها وتسائلت بطريقة ساخرة :

_وحاجة إيه دي بقا اللي ناوي لي عليها الدكتور؟

ردت عليها إلهام بتعنـ.ـيف:

_ بدل ما أنتِ قاعده تتريقي علي كلامي، فوقي لنفسك وخلي بالك من جوزك بدل ما تضيعية منك بإستهتارك

تأففت وهي ترفع وجهها لأعلي بتمرد:

_أوف بقا يا مامي ، إرحميني بقا إنتِ وهو من كلامكم ده، إنتوا عاوزين مني إيه بالظبط،  عاوزني أدفن شبابي وأفنيه وأنا قاعده في البيت زي أمينه أستني سي السيد لحد ما ييجي من برة وأغسل له رجليه بالمايه والملح؟

ماتسبوني أعيش حياتي بالطريقة اللي تريحني

واكملت بصياح وجنون:

_ دي حياتي أنا وهعيشها بالطريقة اللي أنا رسماها لنفسي  ،  ومش هسمح لأي حد يقرر لي ويخطط لي أعمل إيه فيها أو أعيشها إزاي

تنهدت إلهام بيأس من تلك المُتمردة التي ستُفقدهما حياة الترف والبزخ اللتان دخلتا إلي عالمهما عن جديد

تحدثت إليها بتعقُل :

_ ماحدش طلب منك إنك ما تعشيش حياتك،  بالعكس،  عيشي وأتمتعي بالعز بس بالعقل،  نظمي وقتك وأدي لجوزك جزء منه ودلعية وإهتمي بيه،  بدل ما يسيبك ويروح لغيرك وترجعي تندمي

وأكملت بإرتياب :

_  ونفقد مكانتنا الإجتماعية اللي إكتسبناها هنا في سَكنا في الكومبوند وسط الناس الراقية،  ونرجع تاني لعيشتنا في وسط زحمة القاهرة وقرفها

نظرت لها ريماس وألقت رأسها فوق وسادتها وتحدثت بلا مبالاة:

_  أخرجي وإقفلي الستارة وخليني أنام يا ماما، وأنا أوعدك لما أفوق هبقي أسمعك

تنهدت إلهام بأسي وعادت إغلاق الستائر من جديد وخرجت تاركة خلفها تلك الفارغة من داخلها التي لا تعي لخطورة الموقف

 

                                ❈-❈-❈

داخل حُجرة نوم قدري وفايقة، 

فاقت من نومها وجدت ذاك الواقف بجانبها ينتظر صحوها،  نظرت إليه بإستغراب

وتحدثت وهي تفرق عيناها بتعب وإرهاق:

_ مالك يا قدري،  واجف ليه إكده

وأكملت بإرتياب ورُعب ظهر بعيناها:

_ ليكون زيدان چرا له حاچة  ؟

مال بجزعهِ عليها وسألها بفحيح وعينان تطلقان شزراً  :

_ومالك مرعوبه جوي إكده عليه؟

إبتلعت لُعابها وتحدثت بتلبُك:

_ حديت إيه اللي عتجوله دي يا قدري،  إنتَ معايزنيش إتخلع علي إبن عمتي وأخو چوزي  ؟

أجابها بفحيح وهو يقترب من وجهها:

_ أخو چوزك !

  من ميتا الحنيه دي يا فايقة،  الله الوكيل لو كُت أني اللي إنطخيت ماكُنتي عتتخلعي عليا إكده

وبدون سابق إنذار أمسك خصلات شعرها وقبض عليها بعنف وسألها من بين أسنانه بنبرة مُستشاطة:

_ إيه اللي كان بينك وببن زيدان يا واكله ناسك  ؟

إنتفض جسدها وارتعبت وتحدثت مُتلعثمه وهي تقف في محاولة بائسة منها للفكاك من بين قبضته:

_  كَنك إتچنيت يا قدري،  حديت إيه الماسخ اللي عتجوله دي؟

فاجأها بصفعة قويه أدمت شفتها السُفلي أثرها وتحدث بعيون مُتسعة من شدة غضبها  :

_ إيه اللي خلاكي وجعتي من طولك لما سمعتي خبر زيدان يا مّره يا فاچـ.ـرة

هتفت بنبرة مُرتعبه وهي تحاول إمساك يده لتُبعدها عن وجنتها خشيةً تلقيها بصفعة آخري:

_ معايزنيش أزعل علي وِلد عمتي إياك !

ناولها صفعتها الثانية التي وقعت علي الأرض أثرها وتحدث وهو يدنو من مكانها ويقبض علي خُصلاتها من جديد ويجذها ليُجبرها علي الجلوس وتحدث إليها:

_  فاكراني مختوم علي جفايا لچل ما أصدج حديتك الخيبان اللي معيفوتش علي عَجل عيل إصغير دي  ؟

وأكمل بإقتضاب وهو يقبض علي فكها ويهزها بعنف:

_  من ميتا وإنتِ عتخافي علي حد ولا عتعملي حساب لحد غير فايقة يا واكله ناسك 

هتفت بكذب ومراوغة وكأنها وجدت السبيلِ إلي النجاة :

_  صُح كُنت خايفة ومرعوبة كُمان، بس خوفي مكانش لجل خاطر عيونه، أني خُفت عليك وعلي عيالي من أخد التار والـ.ـدم اللي عيسيل لو كان زيدان چرا له حاچة

وأكملت بتمثيلٍ بارع ودموع التماسيح :

_  خفت علي قاسم وفارس ليغرجوا في بحور الـ.ـدم اللي أبوك كان عيشُجها ويغرج الكِل فيها لو ولده الغالي اللي عيفضله عليك وعلي مُنتصر چرا له حاچة3

نظر لها بتشكيك لحديثها وتحدث بقهرة رجُل ذُبحت كرامته علي يد زوجته بل ومتيمة روحه:

_ ريحيني يا بِت سَنيه وجولي لي إيه اللي كان بينك وبين أخوي زمان  ؟

وأكمل بقلبٍ يتمزق وعيون مُشتعلة بنار الغيرة وهو يقبض علي خصلاتها تكاد أن تُخلع من جذورها من شدتها:

_ كُتي عشجاه  ؟

إنطجي يا مّره وريحيني،  جلبي جايد ناااار1

إستغلت إشتعال صدرهُ وتحدثت بعيون عاشقه ونبرة حنون أجادت إصطناعهما بمنتهي الحرفية:

_ معشجتش غيرك يا قدري،  نمت في حُضنك وخلفت منيك عيالي،  جبت لك راچلين يسدو عين الشمش بتتباهي بيهم وسط النچع كلياته

وأكملت بضعف ودموع كاذبة:

_ وف اللاخر چاي تتهمني في شرفي وتجولي إني كُت عاشجه أخوك ؟

وأكملت بنعومة كحيةِ رقطاء وتحدثت بإستعطاف وضعف كي تستجدي تعاطفه وعشقه اللعين لها:

_مكانش العشم يا چوزي، يا حبيبي، يا أبو رچالتي 2

لانت أعضاء جسـ.ـده وارتخت قبضت يده، أغمض عيناه بإرهاق ثم تركها ووقف مُنتـ.ـصب الظهر وتحدث بنبرة صارمة وهو ينظر عليها بغضب:

_الله الوكيل لو عِدتي عَملتك السودة دي تاني، ولا طلع فيه حاچة أني معرفهاش،  لأكون متچوز عليكِ وجاهرك وچايب لك ضُره إهنيه تِذلك وتجلل من جيمتك جِدام الكِل

مازالت مستنده بكفيها علي الأرض، رفعت وجهها المُلطخ بفضل سواد الكُحل العربي الذي ساحَ من أثر دموعها الكاذبة ولطخ وجنتيها، ونظرت إليه بمقلتان مُشتـ.ـعلتان وتفوهت بنبرة حقـ.ـود :

_ إعملها لو تجدر يا قدري، وأني كُنت أجتـ.ـلك وأجتـ.ـلها

نظر لها بإشتعال فأكملت هي بثقة لعشق ذلك الأبله لها:

_أني خابرة زين إن عشجي عيچري چوة دمك كيف المايه معتچري في التِرعة

رمقها بنظرة غاضبة وتحدث بفحيح:

_ رچلك متخطيش بره الشُجه دي،  وإلا إنتَ خابرة اللي هعمله فيكي زين

وخرج من الغرفة والمسكن بأكملة كالإعصار،  تطلعت هي عليه بتوعد ورد الصاع صاعان ولكن بطريقتها،  طريقة المنع والتمنُع كعقابها له والتي تتبعها معه مُنذُ زواجهُما وللآن

_____________________

بعد مرور ثلاثة أيام

ليلاً

داخل غرفة عادية بالمَشفي كان يقطن زيدان الذي تحسنت حالته بفضل الله ثم إهتمام ورعاية صفا الزائدة له وأيضاً بفضل إلتفاف عائلته وغمرهِ من قِبل الجميع بالعناية والإهتمام، حتي قدري الذي كان يغمرهُ بالإهتمام والحب الآخوي الصادق برغم كل ما حدث لعلمه الشديد حبهِ لورد

كان يتمدد فوق التخت وتجاورهُ عاشقة روحهُ التي لم تُغادر المَشفي إلا الآن رُغم توسلات الجميع إليها حتي زيدان بذاته، وبعدما يأس الجميع جلبت لها صفا ثيابً نظيفة من المنزل واخذت حمامً دافئً هنا وبدلت ثيابها وضلت بجوار حبيبها التي أقسمت ألا تترك المَشفي وتعود إلي منزِلها إلا وساقاه تسبقها بخطوة

كانت تجاورهُ الجلوس واضعة فوق ساقيها صحنً به فاكهه متنوعه، مُمسكه بيدها قطعة من ثمار التُفاح وتُقربها من فم مُتيم عيناها،  إقتضم نصفها واقتضمت هي النصف الآخر وهي ترمقهُ بنظرة حنون،  إبتسم لها بعيون عاشقة،

أمسكت قطعة آخري وكادت أن تُقربها منه فأشار بيدهُ رافضً بنبرة ضعيفة :

_  بكفياكِ يا ورد

قالت بإصرار وهي تُقربها من فَمه:

_ عشان خاطري يا زيدان تاكل الحِتة دي

أبعد يدها بهدوء قائلاً :

_ مجادرش يا حبيبتي، شِبعت خلاص.

طب لچل ورد  : جُملة قالتها وهي تنظر لعيناه بترجي

فتح فمه وتحدث وهو يقتضمها:

_ أني لچل عيون ورد الحلوة، أعمل أي حاچة

إبتسمت له وتحدثت بعيون هائمة في سماء عِشقة:

_ربنا يبارك لي فيك يا حبيبي ويديمك في جلب ورد

أردف بنبرة صوت عاشقة تُظهر كّم عشقهِ الهائل لتلك الحنون :

_ عحبك يا زينة الصبايا

ضحكت له بدلال آنثوي فأردف هو بجنون عاشق :

_ يا بووووي علي ضحكتك اللي عتشفي العليل يا ورد

أخرجهُما من حالة الهيام إستماعهما لطرقات خفيفة فوق الباب،  دلفت صفا بعد إستماع صوت والدتها بالسماح لها

تحركت إلي والدها وقبلت جبهتهُ وسألته بإهتمام:

_  كيفك دلوك يا حبيبي 

إبتسم لصغيرته وتحدث بوجهٍ بشوش وافتخار :

_ اني بخير طول ما بِتي الدكتورة عتراعيني

إبتسمت بسعاده فأردف هو بتملُل  :

_ عتروحيني ميتا يا بِتي،  زهجت من المستشفي ونفسي أعاود لبيتي لچل ما أرتاح فيه

أجابته وهي تُفرغ تلك الحُقنة داخل الكانيولا الموضوعة بيد غاليها:

_ يومين كمان بالكتير وهكتب لك علي خروچ يا حبيبي،

وأكملت بدلال لتهون عليه :

_   زهجت مني إياك  ؟

إبتسم لها واستمعوا لطُرقات من جديد،  دلف قاسم حاملاً معهُ عدة أكياس وتحدث بإبتسامته مُشرقة:

_السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

رد الجميع السلام،  وابتلعت تلك العاشقة لُعابها من طلة ذاك الأسر لقلبها،  فبرغم كُل ما حدث إلا أن لقلبها الملعون رأيً أخر

لكنها وبرغم ذلك لم ولن تستسلم لمحاولاته إلا بعد تنفيذهُ لشرطها،  إكفهرت ملامحها وتحرك هو إلي المنضدة الموضوعة بمنتصف الغرفة ووضع الاكياس قائلاً  :

_ يلا يا مًرت عمي هاتي صفا وتعالوا ناكلوا لجمه سوا

وأكمل:

_ أني چايب لكم معاي من المركز مشويات إنما إيه، ريحتها بس تفتح النفس علي الوّكل

أردفت ورد بنبرة حنون:

_ ملوش لزوم تتعب حالك وتكلف نفسك كل يوم يا ولدي  ، ما أنتَ عارف إن چدتك بتبعت الوكل مع حريم السرايا

أكمل علي حديثها زيدان الذي لانَ كثيراً من ناحية قاسم لكنهُ لم ينسي ما حدث لإبنته علي يده  :

_  بكفياك جاعدة في سوهاچ لحد إكده وإرچع لشُغلك يا وَلدي،  من يوم اللي حُصل وإنتَ فايت شُغلك وحالك وجاعد چاري

نظر لهُ وتحدث بنبرة صادقة:

_  فداك الشغل والدنيي كلياتها يا يا عمي،  إن شاء الله لما تخرچ بالسلامة وتروح علي دارك هبجا أسافر

وأكمل شارحً  :

_ أديني جاعد بتابع التحجيجات وَيّا مُدير الآمن، وبرچع أبات وياك إنتَ ومرت عمي وصفا ،  وفي نفس الوجت بتابع شُغلي بالتلفون، يعني مافيش حاچة متعطِله بإذن الله

كانت تستمع إلي حديث والديها معه بوجهٍ كاشر وملامح مُقتضبة

فتح إحدي الأكياس وأمسك زجاجة عصير طارجة جلبها من إحدي المحال الشهيرة في المركز، وتحرك بها إلي عمه وتحدث وهو يفرغ لهُ بعضً منها داخل كأس زجاجيه:

_  إتفضل يا عمي،  دي عصير برتُجال علي بنجر ومِحلي بعَسل أبيض، خليت الراچل عصرهُ لك مخصوص لجل ما يجويك ويعوضك عن الدم اللي فجدته

إبتسم لهُ وتحدث بإمتنان:

_مش بكفايه دمك اللي عيچري في شراييني يا ولدي،  كمان چايب لي عصير

أجابهُ بنبرة صادقة فهو دائما ما كان يري في زيدان الآب الحنون والناصح الآمين له :

_أني أفديك بروحي يا عمي،  الحمدلله إنك جومت لنا بالسلامة

جلس هو و ورد يتناولا طعامهما بعدما إمتنعت صفا وأصرت عدم تناولها لأي شئ يُجلبهُ هو ،  وهذا ما جعلهُ يتناول بعض اللُقيمات البسيطة بدون شهية

خرجت صفا متجهَ إلي مكتب أمل لتُجاورها الجلوس بعيداً عن ذلك الذي تُصيبها رؤيته بالغضب والضيق، تحمحم بعدما إنتهي من تناول طعامه وخرج ليبحث عنها

تحدثت ورد إلي زيدان بنبرة حزينة  :

_ عتعمل إيه مع قاسم بَعد كُل اللي عِمله معاك يا زيدان؟

وأكملت بتساؤل مهموم:

_ عترچع له البِت بعد اللي عِمله فيها ؟

تنهد بقلبٍ مُحملاً بالهموم وتحدث:

_ اللي عيزاه بِتي هو اللي عيكون يا ورد،  أني مع بِتي في أي جرار تاخده

تنهدت ورد بأسي لعِلمها برأس إبنتها اليابس فهي حقاً بين نارين

____________

أما بالخارج،  دلف لغرفة أمل بعدما علم بوجود متيمة روحه بالداخل وقد إستغل الفرصة وتحدث إلي أمل بنبرة جادة لعلمهِ عدم رفض صفا لطلبه أمام أمل، ويرجع ذلك لعزة نفسها وأحترامها لذاتها أمام الجميع 

قاسم بنبرة جاده:

_ بعد إذنك يا دَكتورة، عاوزك تِعملي سونار دلوك لصفا لجل ما نطمن علي الچنين،  إنتِ واعيه بنفسك لليومين اللي فاتوا والضغط اللي صفا إتعرضت له،  فكنت حابب أطمن عليها وعلي اللي في بطنها

كادت أن تعترض لكن سبقتها أمل واقنعتها بصحة حديث قاسم

بعد دقائق، كانت تتسطح فوق الشيزلونج الخاص بالكشف، وقف هو بجانبها ونظر بترقب علي شاشة الجهاز الذي بدأ ببث صورة جنينهُ، شعر بهزة عنيفة إقتحمت قلبهُ حينما إستمع إلي صوت نبضات قلب صغيرهُ،  تعالت صوت نبضاته واختلتطت بنبضات جنينهُ التي يستمع إليها وكأنها أعظم سيمفونية إستمع لها

إبتسمت أمل وهي تزف لهما الخبر السعيد قائله بإبتسامة:

_ مبروك، نوع الجنين ظهر

نظر لها مترقبً فتحدثت أمل:

_ ناوي تسمية إيه يا متر  ؟

إنتفض داخلهُ وسألها مُتلهفً  :

_ هو ولد  ؟

هزت أمل رأسها بإيجاب وتحدثت بتأكيد:

_ ولد إن شاء الله

لا يدري لما شعر بالفخر والإعتزاز برجولته، فهكذا هو حال كُل الرجال بوطننا العربي، دائماً يشعرون بالفخر عِندما يُرزقون بالذكور، ومهما أعلنوا عكس ذلك فيبقي الشعور الداخلي والتمني دائماً للذكر 2

نظر لحبيبتة وأمسك كف يدها وضغط عليه بقوةٍ ممزوجة بحنان ولهفه وحب،  نظرت لهُ ولا تدري لما شعرت بسعادة الدنيا تتغللُها عندما رأت لهفة سعادته داخل عيناه،  ضل ينظر كلاهما للأخر بعيون عاشقة هائمة في بحور الهوي والسعادة غير عابئين بوجود تلك الأمل

فهل سترضخ صفا لقلبها وتقبل العودة من جديد لأحضان قاسم وعفي الله عما سلف؟

أم أنها غفوة وستصحو منها إبنة زيدان الأبية لتعود إلي قوتها وكبريائها من جديد  .


38💘

تاهت بسحر عيناه وسَبحت معهُ داخل بحر عِشقهما العتيق، للحظة خُيل لهُ أنها تخلت عن حقدها الذي ملئ قلبها مُنذُ أن علمت بقصة زواجهُ،خُيل لهُ أيضاً انها قد تخلت عن شرطها الصّارم

☆كّم أنتَ مسكينًُ أيها القاسم☆

فمن الواضح أنك لم تتعرف علي إبنة أبيها بَعد يا فتي، نعم تعشقك بل تتنفسُ عشقك" لكن " عندما يتعارض عِشقها أمام كبريائها ، إذاً فليذهب العشق حينها إلي الجحيم

وعت علي حالها وسَحبت كف يدها من راحته وأشاحت ببصرها بعيداً عن مرمي عيناه العاشقة التي تتفحصُ كُل إنشٍ بوجهها، شعر بيإسٍ تملك من كيانه، يا لها من صدمة عظيمة، مُنذُ القليل كان يشعر وكأنهُ أمتلك العالم بأسّره بالحصول علي رضاها الواهي، وما هي إلي لحظات وتملك من كيانه شعوراً بالإحباط واليأس وخيبة الأمل، شَتان بين الشعوران

تحدثت إلي أمل بنبرة صوت جادة وملامح قاسية صارمة :

_ كفاية إكده يا دَكتورة

سَحبت أمل الجهاز وفصلته، وأستعانت ببعض المحارم الورقية وكادت أن تُجفف لها ذلك السائل اللزج الذي وضعته لها فوق أحشائها ليُسهل عملية التصوير ، قاطعها قاسم الذي بسط يده وأخذهم منها ليقوم هو بتلك المُهمة عنها

كادت أن تعترض،قاطعتها نظرات أمل التي تبادلتها بينهما وأبتسامتها وهي تتحدث قائلة :

_ ربنا يخليكم لبعض

كظمت غيظها كي لا تنفجـ.ـر وتنهرهُ وتُبعد يده من فوق أحشائها، لكنها دائماً كانت تُحكم صوت العقل أمام البشر للحفاظ علي مظهرهما كزوجان ، فـ أمل إلي الآن لا تدري ما الذي حدث في ذلك اليوم المشؤوم ، لكنها إعتقدت أن الامر قد حُل وأنتهي حين رأتهم مُتماسكان أمام الجميع ويتعاملان بطبيعية

كان يُنظف لها السائل بإهتمام ورفقٍ وليِن ، إلتقت عيناهما من جديد، نظر لداخل عيناها وكأنهُ يترجاها بأن ترحمه وترحم ضعف قلبه الذي يإنُ من الألم

أشارت إليه بأن يتوقف وسحبت جـ.ـسدها لأعلي و وقفت تعدل من ثيابها،

تحدثت أملّ بنبرة جادة وهي تمد يدها كي تُعطيها الروشته :

_ ده فيتامن هينفعك جداً في الفترة اللي الجايه


وأكملت بتنبيه صارم :

_ ولازم تهتمي بأكلك شوية يا صفا، البيبي حجمه مش أحسن حاجة ولو فضل مكمل علي كده هيتولد ضعيف، ولا قدر الله ممكن يحتاج حَضانة

مد قاسم يده وتناول الورقة وتحدث بهدوء:

_ ما تقلقيش يا دكتورة، إن شاء الله كل حاجة هتبقا كويسه

إستمع الجميع لطرقات خفيفة فوق الباب فتحدثت أملّ بنبرة جادة :

_ إدخل

فُتح الباب ودلف منه يزن الذي تحمحم حين وجد قاسم وصفا لكنه تماسك

وأشار إلي أمل وتحدث بنبرة جاده :

_ اني چاي لجل ما أوصلك علي السَكن بتاعك يا دكتورة

واسترسل حديثهُ شارحً إقدامهُ علي ذلك التصرف وهو يتبادل النظر بينه وبين قاسم وصفا مُبرراً :

_ الوجت إتأخر ومعينفعش تعاود لحالها علي المركز دلوك

أومأ لهُ قاسم بإستحسان، أما صفا فهتفت بتفاخُر واستحسان:

_ طول عمرك وإنتَ راچل صُح وعتفهم في الأصول يا يزن

إستشاط قلب ذلك الواقف وشعر بنار الغيرة تقتحم قلبهُ العاشق وهو يري مُتيمة روحه وهي تُشعر في رجُل غيره1

إرتبكت أمل وأردفت قائلة بإعتراض مُصطنع ، حيثُ أنها تُريد من داخل أعماقها إصطحاب يزن لها لتستمتع بصُحبته وحديثهُ الشيق الذي يُسعد قلبها وكلماتهِ المعسولة التي يُنثِرُها علي مسامعها، فتأسرُ قلبها ويُشعرُها هو كّم أهميتُها لديه :

_ أرجوك ما تتعبش نفسك يا باشمهندس ، وأنا أكيد هلاقي أي عربية توصلني للمركز .

قاطعتها صفا قائلة بإعتراض:

_ إسمعي الكلام وخلي يزن يوصلك يا أمل ، الوجت إتأخر و معتلاجيش عربيات خارچة برة النچع دلوك

أطاعتها أمل بعدما أكد قاسم علي حديث صفا وأمسكت بحقيبة يدها وتحركت وتحرك الجميع خارج الحُجرة،

تحركت أمل بصُحبة العاشق يزن إلي خارج المَشفي، وأيضاً صفا التي تحركت بطريقها للعودة إلي غُرفة أبيها مرةً آُخري وما أن وصلت أمام غُرفة الفحص الخاصة بها، حتي وجدت يد ذلك العاشق المجاور لها تُكبلُ يدها وتسحبها لداخل الغُرفة ويُعيد غلق بابها بعدما دلف كِلاهُما، وقف عائقً بجسدهِ العريض أمام الباب ليمنعها من الخروج ويُجبرها علي الإستماع لما يُريد

نظرت إليه بعيون مُشتعلة بالغضب وهتفت بنبرة حادة :

_ كَنه عجلك طار وإتچنيت يا قاسم ، إفتح الباب خليني أطلع

تحرك مُقتربً عليها فتراجعت للخلف حتي إلتصقت بجدار الحائط، وأقترب هو منها وهتف بعيون غاضبة:

_ تِعرفي لو سِمعتك عچيبتي سيرة راچل غيري تاني علي لِسانك هعمل فيكِ إيه يا صفا ؟1

إرتبكت بفضل غضبه العارم فأكمل هو بنبرة تهكُمية وهو يُعيد جُملتها مُقلداً صوتها بطريقة ساخرة :

_ طول عُمرك وإنتَ راچل صُح يا يزن

وتسائل بفحيح وهو يستند بساعديه علي الحائط ليحاوطها :

_طب وچوزك يا بِت زيدان ، مشيفهوش راچل صُح إياك ؟

إبتلعت لُعابها من إقترابه الشديد ورائحة عِطرهِ التي تسللت لداخل أنفها فذكرتها بـ لياليه الماضية التي قضتها بين أحضانهِ الحنون ، والتي برغم غضبها منه و إبتعاده إلا انها مازالت تسكُن روحها وتتغلغل بها هي وصورتهُ التي لا تُفارق عيناها لحظة،لا بصحوها ولا حتي أحلامها التي تُراودها بغفوتِها، وكأنهُ بات محفوراً بعقلها وقلبها بل وكُل كيانها

إبتلعت لُعابها أثر إقترابه وتحدثت بنبرة مُرتبكة :

_ بَعِد عني خليني أخرچ

أجابها وهو يقترب أكثر منها :

_ مهبعدش أني جَبل ما أتحدت وياكي

تنفّس عالياً وتحدث بنبرة هائمة ونظرة لرجُلً يهيمُ عِشقً بحبيبته :

_ مجدراش تحسي بحبيبك ليه يا صفا ؟

وأكمل بإشتياق وضعف :

_ بُعدك هَلك جلبي ونهي علي روحي يا صفا ، مجادِرش أني عليه البُعد دِه2

إقترب منها ومال عليها بطولهِ الفارع، أسند جبهته علي جبهتها لتتقابل عيناهم عن قُرب أهلك روحيهما وتحدث أمام شفتاها بهمسٍ عَابث أثار داخلها وزلزلهُ :

_ إرچعي لي وريحي جلبي اللي جايد نار يا حبيبتي

مسد علي خدها بأناملهُ الغليظة وبات يتلمسها بنعومة في حركة إقشعر لها جسدها وأهتز، وهمس هو من جديد :

_ إتوحشتك يا حبيبتي، إتوحشت ريحتك ، حُضنك، ضمتك لچسمي وإنتِ عتُحضنيني وتطبطبي عليّ كِيف ما أكون وَلدك اللصغير ، إشتاجت لك

وسألها بنبرة هائمة مُحاولاً التأثير علي مشاعرها وسحبها لعالمه :

_ ما أشتاجتيش لحُضن قاسم يا جلب قاسم ؟

فاقت علي سؤالهُ المُهين لكرامتها، فقد وعت علي حالها وفهمت مغزي تصرفاته، وفسرتها علي أنهُ يُريد سحبها إلي عالمه من جديد لتذوب معهُ داخل أحضانه الحانية، وتتناسي من داخلها خيانته و وضاعته وكسر وعده لها ولأبيها،

يُريد إختزال جميع ما حدث في علاقة جسدية كي يُزيل بها الجِدار العازل الذي وضعته هي وينتهي الآمر حينها بالتنازل،

التنازل عن كرامتها التي دُهست تحت قدماه بفعل ما قام به بحقِها ، وعن كبريائها الذي إفتقدتهْ داخل أعيُن الشامتين بها

حينها سيسقط حقها في الإعتراض أو التعبير عن رفضها لوضعها المُهين التي جُبرت عليه، لن تكُن إبنة زيدان لو إرتضت ذلك الوضع المُهين علي حالها

ولأجل هذا قررت الثأر منه لكرامتها ونظرت لداخل عيناه وبكل قوة وشموخ أجابته :

_ ملعون أبو عشجك الكداب يا قاسم، لتكون فاكرني مُغفلة لجل ما أصدج حديتك وأتلهي بيه وأدوب معاك چوة حُضنك الكداب وأنسي چواته غدرك وخيانتك ليا2

رغم غضبها وحديثها المُهين له إلا أنهُ مازال يتملكهُ حالة الهيام المُسيطرة عليه جراء قُربهُما الذي جعلهُ علي حافة الجنون من شدة إشتياقه لمالكة الروح

تحدث إليها بهمسٍ عابث :

_ إنتِ خابرة زين من چواتك ومتوكدة إن عشجي ليكِ هو الحجيجة الوحيدة في حياتي، عشجي ليكِ ساكن أنفاسي، بتنفسه كيف الهوا وهو اللي مخليني متحمل وصابر علي الكُل لدلوك

وأكمل بنبرة خافتة وهو يُداعب بإبهامهِ شِفتها السُفلي بعبث جعلها ترتجف:

_ أني عاوزك يا صفا، مُشتاق لك شوج المسموم للترياج اللي عينچيه ويرچعة من چديد للحياة ،

وأكمل وهو يحثها علي الذهاب معهُ:

_ تعالي نروح علي شُجتنا نتهني چوة أحضان بعضينا، وأوعدك إني عجول لك الكلام اللي يبرد نارك ويمسح من چواتك أي حُزن صابك

وأكمل ليُطمأنها علي والديها:

_ وبعدها ناچي لهنيه لچل ما نبات مع عمي

قرب فمه من أذنها وتحدث بهمسٍ عابث بعثر بها كيانها وجعلها كورقة في مهب الريح :

_ الشوج جايد في جلبي ومشعلله نار يا صفا2

تمالكت من حالها وسيطرت عليها لأبعد الحدود كي تقاوم ذلك الشعور اللعين الذي يُسيطر علي كيانها ويوشي لها بل ويأمرها بأن تُلقي بحالها لداخل أحضانه وتتناسي بداخلهما ماحدث، ولتترك لهُ زمام أمورها وتُسلمهُ حالها ليمحو عنها حُزنها وألمها وجرح إنوثتها وهدر كبريائها الذين أصابوها جراء فِعلته الشنيعة بها

هتفت بنبرة قوية ورأسٍ شامخ بعدما وعت علي حالها:

_ رُوح لمّرتك اللي فضلتها عليّ لچل ما تطفي لك شوجك ونارك

مليش مّرة غيرك عشان أروح لها، جُملة نطق بها بصدقٍ وعيون عاشقة وهو ينظر لداخل عيناها بتأكيد

أردفت قائلة بقوة وأبتسامة ساخره وهي تحاول إزاحة جَسدهِ عنها:

_ أباي عليك يا مِتر ، عتِنكر وچود حُب عُمرك اللي جعدت خاطبها ثَمن سنين بحالهم وإتچوزتها عليّ وأني لساتني عروسه ؟

أجابها وهو يلتصق بها أكثر ويتمسك بكتفاها ليقوم بتثبيتها عن الحركة:

_مليش حبيبة غيرك يا صفا، چوازي منيها مش كيف ما خيالك صور لك ، ده مُچرد حِبر علي ورج، إنچبرت عليه لچل ما أسدد ديني الجديم وأكفر بيه عن ذنوبي اللي عِملتها في حَجك وحَج نفسي

إبتسمت بجانب فمها ساخرة، وأردفت قائلة بقوة :

_ للدرچة دي شايفني غبية جِدامك لچل ما تستغفلني بحديتك الخيبان دِي

أردف قائلاً بثبات :

_ وحياة صفا ما لمستها ولا جَربت منيها ولا حتي شُفتها جِدامي حُرمة،

وأكمل هائمً:

_عيوني مشيفاش غير صفا وبس ، إنتِ الوحيدة اللي جِدرتي علي جلب قاسم الجامح ورودتيه، چوة حُضنك لجيت اللي عيشت عُمري كله أدور عليه

هتفت بقوة وأعتراض مُكذبه حديثهُ :

_ كذاب وممصدجاش ولا كلمه من اللي عتجولها

نظر لمقلتيها وأردف بعيون صادقة:

_ بصي چوة عِنيا وإنتِ تعرفي إني عجول الصِدج

أردفت بنبرة غاضبة مشتشهده بماضيها معه :

_ جبل إكده بصيت چوة عيونك اللي عتجول عليهم دول وسألتك جبل متجرِب مِني وجولت لك،

وأكملت بقوة لتذكيرهُ بتلك الليلة :

_ جولت لك كُنت تجصد إيه لما جولت لي مش أني الراچل اللي يسمح لغيره يختار له المّرة اللي عتنام في حُضنه

وأكملت بتذكره:

_ فاكر اليوم دِه يا قاسم، يوم ما چيتني من مّصر بنفس حالتك دي وطلبت جُربي و ودي ، وجتها سألتك جبل ما أسلمك حالي وجولت لك، فيه واحدة تانية في حياتك ؟

وأسترسلت بملامح محتقنة بالغضب :

_ بصيت في عنيا وبكل چبروت رديت وجولت لي لا، كذبت عليا وإنتَ عينك في عيني لچل ما تُملك چسمي وتنول غرضك الدنيئ مني.

أردفت قائلة بقوة وثبات :

_عتطلب مني كيف أصدجك دلوك وأني واعيه وخابرة ومچربه كذبك وخداعك اللي عيچروا في دمك يا ملك التخطيط

إقترب منها ونظر لها بترجي وعيون متوسلة

فأكملت بنظرات كارهه وهي تدفعهُ عنها بقوة وشراسة:

_ يا بچاحتك، چاي تطلب مني أنسي اللي فات وأرمي كرامتي تحت چزمتك وأترمي في حُضنك وأسلمك چسدي كيف الچواري والغواني !

ودقت علي صدره تدفعهُ من جديد وتسدد لهُ عِدة ضربات متتالية وتفوهت بشراسة وقوة و وعيد :

_ حُضني بجا أبعد لك من نچوم السما يا حضرة الأفوكاتو،

أمسك يداها وتحدث بقلبٍ مُتألم محاولاً تهدأتها :

_ إهدي يا جلب قاسم، إهدي1

سألتهُ بعيون تائهه غير مستوعبة بَعد،برغم مرور كل هذا الوقت فعقلها دائماً يقف ويرفض التصديق لما فعلهُ بها ذلك المُتيم :

_ عِملت لك إيه لچل ما تهيني وتدوس علي كرامتي بچزمتك وتخليني مسخرة الكِل ؟

وأكملت بتعجُب:

_جِبلتها عليا إزاي لو صُح حبتني كِيف معتجول !

وأسترسلت بقلبٍ ينزفُ دمً:

_ ده أني حبيتك وسلمتك جلبي وحالي وأمنتك علي روحي، نِمت چارك وأديت لك الأمان،

وأكملت وهي تدق بيدها بقوة علي صدرها:

_ خدتك چوة حُضني وعاهدت حالي إني عكون لك السَكن والسكينة اللي كُت عتدور عليهم ، عكون الزوجة المُطيعة والحضن الدافي اللي عتلاجي فيه راحتك وترمي فيه أوچاعك وهمومك ، عاهدت حالي إني عُمري مزعلك وشيلتك جوات عيوني وجفلت عليك برموشي لجل ما أحميك، عشت معاك شهرين عمري ما جولت لك لا علي حاچة ولا كسرت لك فيهم كِلمة

وأكملت بدموعها التي إنهمرت رُغمً عنها:

_ نسيت رفضك ليا في اللول ونسيت مُعاملتك معاي وإهانتك لإنوثتي يوم دُخلتك عليّ

سألته بهوان وضعف ودموع:

_جولي علي حاچة واحده عِفشة عِملتها معاك أستاهل عليها اللي چرا لي منيك؟

كان يستمع إليها بقلبٍ صارخ يتمزق لأجلها ويلعن حالهُ ويسِبها علي ما أوصلها إليه، تحدث بنبرة ضعيفة:

_ بكفياكِ تجطيع في جلبي يا صفا،عتوچعي جلبي عليكِ بحديتك دِي

وأمال برأسهِ لليسار وهتف بعيون راجية:

_ معتحملش أني إكده يا جلب قاسم

مّدت كفاي يدها سريعً نحو وجنتيها وجففت بهما دموعها ثم نظرت إليه بكُره وأكملت بنبرة تهديدية وهي تُشير بسبابتها في وجهه :

_ وحج كُل لحظة جضيتها چوة حُضني وإتهنيت بيها وأستبحت فيها چسمي وإنت مستغفلني، لأدفعك تمنها غالي، وغالي جوي يا قاسم،

إقترب منها وأمسك كف يدها وهتف برجاء:

_إهدي يا صفا وإفهميني زين ، جولت لك ملمستهاش ومشفتهاش جِدامي حُرمة ، وحياة مالك ما لمستها

صاحت به ودفعته من أمامها وهتفت بنبرة حادة:

_ متحلفش بحياة ولدي كِذب لجل ما تبرر لحالك خيانتك وندالتك وعمايلك السُودة

جحظت عيناه وتحدث رافضً بقوة :

_كَنك إتچنيتي يا صفا، بتشككي في حبي لولدي وإني ممكن أحلف بحياته باطل لجل ما أكسب رضاكي؟1

إبتسمت ساخرة فاقترب منها من جديد وتحدث بقسم :

_ مجدراش تفهمي ليه يا صفا، الله وكيلي عمري ما حبيت ولا جلبي دج وعِرف العِشج غير علي يدك

دفعته عنه وتحدثت وهي تتحرك بإتجاه الباب:

_ لو عاوزني أصدج حديتك صُح نفذ شرطي وبعدها نجعد ونتكلموا كيف مجولت لك جَبل سابق

خرجت وصفقت خلفها الباب بقوة دون إنتظار إستماعها للرد، تاركه خلفها ذلك المُستشاط وقلبهِ المُشتعل بنار العشق ، قبض علي يده وضرب بها الحائط بقوة ألمته ، إعتدل بوقفته وزفر بضيق ومسح علي شعر رأسهِ بطريقة عنيفة كاد بها أن يقتلع خُصلات شعره ، أخذ نفسً عميقً لضبط النفس وتحرك إلي الخارج ليلحق بتلك العنيدة التي من الواضح أنها ستُذيقهُ العذاب ألوانً حتي ترضي

                         ❈-❈-❈

عودة إلي يزن وأمل

بعد خروج كلاهُما من المّشفي، تحركا معاً حتي وصلا إلي مكان السيارة، تحرك سريعً وسبقها بخطوة وفتح لها باب السيارة كـ رجُل أرستقراطي راقي الخُلق ، نظرت إليه بإحترام وأبتسمت بهدوء ،إستقلت السيارة وانتظر حتي إعتدلت بجلستها وأغلق لها الباب برفق

وتحرك إلي الجانب الآخر وجلس بجانبها وقاد محرك السيارة وتحرك بها ثم نظر لها وتحدث:

_ منورة عربيتك يا دَكتورة

إبتسمت له وتحدثت بنبرة هادئة حنون :

_ ميرسي لذوقك يا باشمهندس

وأكملت بتوصية:

_ ممكن بقا تبطل حركاتك اللي بتحرجني بيها قدام الناس دي وتحاول تتعامل معايا عادي،

وأكملت برجاء:

_ علي الأقل لحد ما تخلص موضوع ليلي مع جدك ويبقي فيه بينا حاجة رسمي

أجابها بنبرة جادة وهو يُتابع قيادة السيارة:

_ متُبجيش حساسة جوي إكده يا أمل وتدي للحاچة أكتر من حجمها، قاسم وصفا عارفين إن دي طبيعتي ولجل إكده محسوش بحاچة ولا علجوا علي الموضوع أساساً

وأكمل شارحً موقفهُ :

_ بصي يا أمل، هو بعيداً عن إنك حبيبتي وإني عخاف عليكِ كيف ضي عيني ، بس لو كانت أي واحدة من اللي عيشتغلوا في المستشفي مكانك ومتأخرة عن سكنها، مكُنتش عسيبها إلا لما أوصلها وأطمن عليها إنها طلعت لمطرحها،

واسترسل حديثهُ بتأكيد:

_ اللي ما أرضهوش علي مريم أختي ، مرضهوش علي بنات الناس

نظرت إليه بإحترام وإعجاب لرجولته وأردفت بنبرة فخورة:

_ إنتَ راجل أوي يا يزن، إنسان بجد وأنا محظوظة إني عرفت حد محترم زيك

نظر لها وغمز بعينه وأردف قائلاً بنبرة جريئة:

_ هو أنتِ لساتك شوفتي حاچة من الرچولة يا حبيبتي

أشاحت عنه بنظرها خجلاً وتابع هو قيادته للسيارة تحت سعادته

بعد حوالي نصف ساعة توقف يزن أمام إحدي مَحال المصُوغات الذهبية

نظرت له أمل بإستغراب وهتفت بتعجُب:

_ وقفت ليه يا يزن ؟

نظر لها بحنان وتحدث بنبرة حماسية:

_ عاوز أچيب لك هدية يا أمل

هتفت مُسرعة بنبرة رافضة:

_ مش هينفع قبل ما يبقي فيه حاجة رسمي بينا

أجابها بنظرات مترجية:

_ عشان خاطري توافجي يا أمل، نفسي أحس إني راچلك وإنك مسؤلة مني، عاوز لما أبص في يدك ألاجي حاچة من ريحتي لمساكي ومحوطاكي1

نظرت إليه بتردد فأكمل هو:

_ أني هنفذ لك كُل اللي إنتِ عوزاه يا حبيبتي، بس الكلام دِه عياخد شوية وجت ، مهيكونش جبل أسبوعين علي الأجل عشان ظروف عمي زيدان اللي إنتِ وَاعية لها زين

كانت تنظر إليه بملامح وجه يغلب عليها الحيرة والتردد

، فنظر لها مترجيً إياها بعيناه، لانت ملامحها وأبتسمت له بموافقة بعدما شعر قلبها بصدق مشاعره

دلفت لداخل المَحل تجاور الخُطي لذلك الذي يشعر بفخر وأعتزاز وهو يتحرك بجانب إمرأته التي إختارها بذاته وبكامل إرادته لتؤنس وحدته وتُدفئ لياليه البارده بنار عشقها الذي أشعل صدره وتُجاورهُ رحلة طريقهُ

وقف أمام مالك المحَل وتحدث بنبرة حماسية سعيدة، قائلاً بشعور بالفخر والتملك :

_ عاوزك تچيب لي أغلا وأجيم طجم دهب عِنديك لمّرتي

نظرت إليه سريعً بدقات قلب مُتسارعة من نُطقهِ لكلمة زوجته التي أشعرتها بالحماية والإنتماء، لكنها قاطعته قائلة بنبرة إعتراضية:

_ لا طقم إيه، كفاية أوي خاتم بسيط

قاطعها مُعترضً قائلاً بتصميم:

_ الدنيي كِلياتها تحت رچلين مّرت يزن النُعماني.

إبتسم الرجُل وتحدث بنبرة حماسية كي يُقنعها ليبتاع لها زوجها أكبر كّم من الذهب :

_ الباشا عنده حق يا أفندم، عيلة النُعماني معروفه بالكرم والجود مع الغريب، فما بالك باللي منهم2

جلب لهم الصائغ أجمل القطع وأندرها وأثقلها وزنً، لكنها إعترضت وأنتقت إسوارة هادئة مُزينة بفصوص باللون الأزرق، وكذلك خاتمً علي شكل فراشة رقيقة كرِقة قلبها

تحدث إليهما الصائغ ليري ما إن كان المقاس مناسبً أم لا :

_ مبروكين عليكي يا هانم، إتفضل لبسها الخاتم يا يزن بيه عشان أشوف المقاس

جذبت يدها وألصقتها بصدرها بحماية وتحدثت بإعتراض:

_ أنا هقيسه بنفسي

شعوراً بالفخر والراحة تملكا من كيانه وحينها تأكد أنه آُختير الزوجة المناسبة التي ستحمي عرضهُ وتحافظ علي شرفه أثناء غيابهُ قبل حضورة

إرتدت الخاتم والإسوارة تحت سعاده يزن التي تخطت عنان السماء

تحركا من جديد مستقلين سيارته وقادها من جديد حتي وصلا لمقر مسكنها، نظر لها وتحدث بنبرة هائمة :

_ عحبك يا أمل

خجلت من نظراته الولهه وفتحت الباب وتَرَجَّلت سريعً وتحركت في طريقها للداخل لولا صوت ذلك العاشق الذي جعلها تتوقف حين أردفَ مُناديً عليها بنبرة حنون :

_أمل

إلتفتت تنظر إليه بترقُب، فهتف بنبرة عاشقة وعيون ولهه:

_ خلي بالك علي جلبي، أني شايله أمانه عنديكِ لجل ما تطبطبي عليه وتنسيه مُر زمانه اللي شربه جَبل ما يشوفك1

إبتسمت بعيون لامعة بفضل دموع السعادة التي تكونت داخل مقلتيها من تأثُرها بكلمات ذلك الفارس

أشار لها بيده بإتجاه الأمام وأردف قائلاً وهو يحثها علي الدخول :

_ تصبحي علي خير يا ست البنات

تحدثت بنبرة حنون:

_ خلي بالك علي نفسك وإنتَ سايق، وأول ما توصل بالسلامة كَلمني وكمني عليك

إشتعل داخلهُ من شدة سعادته وهتف قائلاً بتفاخر:

_متخافيش علي حبيبك يا دَكتورة

إحمرت وجنتيها خجلاً تأثراً من كلماته ونظراته العاشقة وتحركت سريعً إلي الداخل تحت نظراتهِ الهائمة وقلبهُ النابض بعشقها الطاهر

________

عودة إلي قاسم الذي خرج خلفها وتحرك في طريقهُ إلي غُرفة زيدان، وجد فارس يجلس أمام الغرفة ويتحدث بهاتفهُ، وقف أمامهُ وإستطرد قائلاً بنبرة جادة بعدما أغلق فارس هاتفه :

_جوم روح لمّرتك وبِتك يا فارس

رد فارس علي شقيقهُ مُعترضً:

_ معينفعش أسيب مكاني يا قاسم، أني جاعد بجابل الناس اللي عتاچي تزور عمك.

قاطعهُ قاسم بنبرة تعقلية:

_ الوجت إتأخر ومحدش هياچي دلوك خلاص، جوم يا حبيبي نام في فرشتك وريح چسمك، إنتَ من ساعة اللي حُصل وإنتَ مسبتش المستشفي إلا عشان تروح تاخد حمام وتغير هدومك وترچع طوالي

كان من داخلهُ يُريد الذهاب الفوري ليعود إلي حبيبته ويرتمي داخل أحضانها التي إشتاقها حد الجنون،لكنهُ تحدث علي إستحياء:

_معينفعش أفوتكم بايتين لحالكم إهنيه يا أخوي

أجابهُ قاسم بنبرة حنون:

_ محناش لحالنا يا حبيبي، يزن راح يوصل الدَكتورة أمل وهيرچع لهنيه تاني، وحسن جاعد بره في الچنينه وشويه وهيدخل يبات چنبي إهنيه

إقتنع بحديث أخيه وتحرك قاصداً الخارج، وجد بوجههِ دكتور ياسر الذي تهرب من نظراته المُتفحصة له وأسرع يختبئ من ذلك الوحَش الكاسر داخل غُرفته لينأي بحاله من نظراتهِ الفتاكة

نظر فارس لباب الغرفة المُغلق وتحدث بصوتٍ مسموع لأُذناه فقط من بين أسنانه:

_ جَبر يِلم العِفش

وأكمل بتوعد غاضب :

_ إصبُر عليّ يا أبن المركوب، إن ما جطعت رچلك من المستشفي والنچع كلاته مبجاش أني فارس النُعماني

همس بكلماته الغاضبه وتحرك تاركً المشفي بأكملها ليستقل سيارته عائداً إلي حبيبته ليتنعم داخل أحضانها الذي إفتقدها وذاب حنينً من الإشتياق إليها

دلف قاسم بعدما طرق الباب واستمع إلي إذن الدخول ، وجد عمه وزوجته مازالا يجلسان ويتسامران بودٍ و وجوة سعيدة، من يراهُما يظنهما ثُنائي عاشق يجلسان بإحدي الكافيهات ويتغزلان ببعضيهما داخل جولة عشقية

وتلك العنيدة المُمسكة بهاتفها تتصفحه وهي جالسة فوق الأريكة، حيثُ بعثت لخفير السرايا كي يأتي لها بها من منزل أبيها ويُحضرها كي تُفردها ليلاً وتجعل منها تختً لها لتغفو فوقه ،

وكل هذا كي تبتعد عن ذلك الذي إستغل وجودهم بالمشفي ليُجبرها علي النوم معهُ داخل إحدي الغُرف المجاورة لأبيها، بحجة عدم تقبلهُ لنومها بغرفة أبيها،

ويرجع ذلك لدخول ياسر ليلاً لمتابعة الحالة بالتناوب معها، وبعدما تحسنت حالة أبيها شئً ما وطلبت هي من ياسر عدم المجئ لمتابعة الحالة وستكتفي هي بالمتابعة الليلية، فكانت حجته عدم وجود تخت لترتاح به، لذا فقد أتت بها لتقطع عليه كل السُبل للتقرب منها

نظر لتلك الأريكة بغيظ وأقسم بداخلهُ لو أن الآمر بيده أو سنحت له الفرصة سيحطمها ويمحو وجودها من الأثر

إغتاظ داخلهُ من تلك التي لم تُعير لدخولهُ إية إهتمام وتُشيح بناظريها عنه وتحرمهُ النظر من وجهها ، تحرك إلي المنضدة الصغيرة المصنوعة من الحديد وإلتقط من فوقها زجاجة من العصير الطازج الذي جلبهُ وتحرك بها إلي مالكة الفؤاد وتحدث بنبرة حنون وهو يُبسط لها يدهُ :

_ إشربي العصير دي يا صفا

لم تُعير لتصرفه إهتمام وتحدثت دون عناء النظر إلي وجهه:

_ معيزاش

وضعها بجانبها بهدوء ليحثها علي تناولها بوقتٍ لاحق بعد خروجه

ثم نظر إلي عمه وزوجته وهتف قائلاً بنبرة حماسية كي يستدعي إنتباهها وإرغامها علي مشاركتهِ الحديث :

_ شكلك مجولتيش لعمي ومّرت عمي علي الخبر الحلو اللي لساتنا عارفينه من إشوي

رمقته بنظرة حادة فتحدثت ورد مُستفهمه بحماس:

_ خبر إيه دي يا صفا ؟

وضع قاسم يداه داخل جيباي بنطاله واعتدل بوقفته وتحدثت بسعادة بالغة:

_ عملنا سونار وعرفنا نوع الچنين

نظر لهُ زيدان و ورد بترقُب شديد ، وانتظرا باقي حديثهُ بقلوب مُتلهفة، فأكمل قاسم وهو ينظر لحبيبته بعيون هائمة:

_ إن شاء الله ربنا هيرزُجنا بـ مالك قاسم النُعماني

تهللت أسارير وجه ورد وهتفت بفرحة وهي تنظر لوجه صغيرتها بسعادة بالغة:

_مبروك يا بِتي، ربنا يجومك إنتِ وهو بالسلامة ويجعله سندك إنتِ وأبوه

أما زيدان الذي شعر بأن ذاك الطفل هو طفله، وبأن الله مّن عليه به ليعوضهُ عن حرمانه من الشعور بفرحة الذكر، نظر لها وسعادة الدنيا أُختزلت بعيناه وتحدث إليها:

_ مبروك يا بِتي، ربنا يجعله بار بيكِ وبأبوه

شعرت بسعادة الدُنيا لأجل سعادة والديها وتحدثت بنبرة حنون:

_ الله يبارك فيك يا حبيبي

وبرغم غضبه منه بشأن ما فعل بغاليته إلا أن مشاعر السعادة التي إنتابته بفضل إستماعهُ لذلك الخبر السعيد جعلته يتغاضي عما حدث مؤقتً، نظر إليه وتحدث بنبرة أبوية :

_مبارك ما چالك يا ولدي، ربنا يچيبه بالسلامة ويبارك لك فيه

تمزق داخلهُ وتألم حينما رأي نظرات عمه الحنون، تمالك من حاله وتحدث بنبرة خافتة:

_ الله يبارك فيك يا عمي،

وأكمل جابراً لخاطرة هو و ورد:

_مالك مش بس هيُبجا ولدي، دي ولدك وولد مرت عمي وإنتوا اللي هتربوة معايا أنا وصفا إن شاء الله

إنتفض داخل ورد من مجرد تخيُلها لكلمات قاسم عن تربيتها وإحتضانها لطِفل إبنتها، والذي سيعوضها حرمانها من الإنجاب بعد صغيرتها الوحيدة، فتحدثت قائلة لقاسم بعيون حنون:

_ربنا يچبر بخاطرك يا ولدي

تحمحم وتحدث بإهتمام:

_ أني هنام علي الكنبة اللي برة جِدام الأوضة، لو أحتاچتوا أيتوها حاچة إندهوا عليّ

تحدثت ورد بنبرة حنون معترضة :

_ يا ولدي نام في الأوضة اللي چارنا، ليك ليلتين بتنام علي الكنبة اللي تجطم الوسط دي ، إكده ضهرك عيتأذي

حين أردف زيدان بنبرة ضعيفة:

_ إسمع الحديت ونام في الأوضة علي السَرير يا قاسم، إحنا عنام خلاص ومهنعوزش حاچة


تحدث بإصرار وهو يتحرك إلي الباب بعدما ألقي نظرة علي تلك الغير مبالية بحديثهم وتتصفح بلامبالاة وكأن الآمر لا يعنيها:

_ اني عكون مرتاح أكتر وأني نايم جِدام الأوضة يا عمي،

وأكمل وهو يُدير مقبض الباب ويفتحه إستعداداً للخروج:

_ تصبحوا علي خير

خرج وأغلق الباب خلفهُ بهدوء، شعرت بغصة داخل قلبها من شدة خوفها عليه، وارتعب قلبها خشيةً إصابة ظهرهُ بمكروة أو فقرات عُنقه جراء نومه علي تلك الاريكة المصنوعة من الحديد والمخصصة لأثاث المّشفي

ودت لو أن كرامتها تسمح لها وتُعطيها إذن الرحيل، لهرولت إليه وربتت علي قلبه التي تشعر بحُزنهِ ويصل لعمق قلبها، ولكانت أخذته وسحبته من يده إلي أن اوصلته إلي التخت وأجبرته علي التمدد عليه ليستريح ظهره ويستريح معهُ قلبها المرتعب عليه

تنهدت بألم تحت نظرات ورد وزيدان اللذان يترقبا ملامح وجهها ويلاحظان تشتت روحها وصراعها الداخلي، ومن غيرهما يشعر بألام روحها المُوجعة

نظرت إلي والديها وتحدثت بنبرة خافتة وهي تتمدد فوق الاريكة :

_ تصبحوا علي خير

تنهدت ورد لحال صغيرتها المُتألمة وتمددت ورد بجوار زيدان فوق التخت وبات الثلاث ينظرن لسقف الغرفة لوقتٍ طويل حتي غلب عليهم النُعاس

                              ❈-❈-❈

في اليوم التالي

ذهب قاسم إلي المركز وكانت التحقيقات مازالت مستمرة

إستغل قاسم ذكائةُ وحَدس رجُل القانون بداخلة وتحرك بإتجاة البحث وراء الشائعة التي تحدثت عن إحتمالية تجارة كمال أبو الحسن المشبوهة، والتي تتضمن إتجارهُ في الأثار، وقد قام بتأجير رجُلين من بِلدة كمال كي لا يُلفت الأنظار إليهما بحُكم أنهما من نفس البِلدة، وغمرهم بالمال الوفير وحثهم علي مراقبة حسين شقيق كمال الأصغر حيثُ أن كمال يأتمنهُ علي كل أسرارة ويشاركهُ أيضاً بجميع أعماله المشبوهة

توصلا الرجُلان من خلال المراقبة الدقيقة التي إستمرت أربعة أيام إلي مكان بعيد جداً في أعلي الجبل، حيثُ تردد عليه شقيق كمال وابناء أشقائهم يومان متتاليان، واستنتج قاسم حينها أنهُ بالتأكيد المخزن الذي يحتوي علي الأثار

أبلغ قاسم السُلطات وداهمت الشُرطة المخزن أثناء تواجد شقيق كمال وأبناء أشقائهم أثناء تسليمهم دُفعة من الأثار لأحد المسؤلين عن تهريبها للخارج، وقد عثروا أيضاً علي أسلحة وذخيرة وايضاً بعض العُملات التي يحصلون عليها مقابل بيع الأثار

قُتل أحد أبناء كمال أثناء المداهمة حيثُ قاوم الشرطة وقام بإطلاق النار عليهم فأطلقوا علية النار وقاموا برميهِ برصاصة داخل رأسه وقع صريعً فور تلقيها، وقُبض علي شقيقهُ وباقي أعوانه من العائلة وغيرها

داخل قسم الشرطة التابع لهُ نجع النُعماني ، يجلس قاسم أمام مكتب وكيل النائب العام الذي أتي للتحقيق في القضية، واضعً ساقً فوق الآخري وظهرهُ مفروداً بثبات وثقة، ويُقابلهُ محامي الخِصم

ينظر عليه بغِلٍ وحقد المتهم كمال أبو الحسن المُقيد بقيدٍ من حديد حيثُ يقف ويجاورهُ شقيقهُ حسين الذي لا يقل حقداً من شقيقهُ علي قاسم

تحدث وكيل النائب العام متسائلاً لكمال:

_ رأيك إيه في التُهم المنسوبة إليك في المَحضر يا كمال ؟

أجاب كمال بصمود وهو يرمق قاسم بنظرات كارهه:

_محصُلش يا بيه، دي مكيده من أعدائي مُدبرة لجل ما ينهوا علي تاريخي المُشرف في مجلس الشعب وخدمتي لأهل دايرتي، واللي كُل المركز يشهد لي بيها

نظر لهُ قاسم بنصف عين وأبتسم ساخراً مما أشعل داخل كمال وشقيقهُ حسين

نظر لهُ وكيل النائب العام ثم إستكمل حديثهُ بسؤاله قائلاً:

_ مكيدة إيه اللي بتتكلم عنها وأخوك و أولادك وباقي عيلتك مقبوض عليهم متلبسين، وكمان ضربوا نار علي الشرطة وأصيبوا أحد أفرادها

نظر كمال إلي قاسم وتحدث:

_علي حسب الحديت اللي بلغني بيه المحامي بتاعي، إن اللي قدم البلاغ عن المخزن يُبجا محامي الخِصم، واللي هو قاسم النُعماني اللي جاعد جِدام سيادتك، واللي إتهمني بإني حاولت أجتل عمه اللي مِترشح جُصادي في الإنتخابات يا بيه

تقصد إيه بكلامك ده يا كمال!

سؤال وجههُ وكيل النائب العام إليه

فتحدث كمال بثقة:

_ بجصد إن كل التُهم دي ملفجة من عيلة النُعماني لجل ما يسوئوا سُمعتي ويزيحوني من جدام زيدان النُعماني .

وأكمل بسؤال خبيث يريد به تشتُت عقل وكيل النائب العام :

_وبعدين يا باشا هو ينفع الحكومة تتحرك وتجبض علي أخواتي بناءً علي بلاغ متجدم من محامي الخِصم ؟

نظر لهُ قاسم وتحدث بنبرة واثقة:

_ انا مواطن مصري شريف ورجُل قانون، والقانون بيديني الحق في إني أقدم بلاغ في أي حد أكتشف إنه بيضر البلد وبيشتغل في أعمال مشبوهه

وأكمل مُستغربً:

_ وبعدين إنتَ بتكابر وبتنكر إيه، قضية محاولة قتلك لعمي غير قابلة للتشكيك ، رجالتك إتقبض عليهم متلبسين بالعربيه والسلاح اللي ضربوا بيه عمي والطب الشرعي أثبت ده ، والقضية كلها تمت تحت إشراف وبناءً علي تعليمات من سعادة مدير الآمن شخصياً

أما بقا المخزن فالشرطة قبضت علي إخوك وولادك وباقي المتهمين وهما متلبسين جواه

هتف حسين بنبرة حادة وكاذبة وذلك لتضليل وكيل النائب العام :

_كل ده تم تحت تخطيتك إنتَ، إنتَ اللي بعت لنا ناس لچل ما يِجنعونا ( يقنعونا ) إنهم هيبيعوا لنا حِتة أرض كبيرة في الصحرا، ولما وصلنا إستدرجونا للمخزن اللي فيه الآثار واللسلاح اللي لجوة الشرطة

إبتسم قاسم ساخراً، ثم حول بصرهِ إلي وكيل النائب العام قائلاً بنبرة صوت واثقة وقويه :

_سيادة وكيل النائب العام، أرجو من سيادتكم تحويل القضية إلي محكمة جنايات أمن الدولة ليتم محاسبة وعقوبه هؤلاء المجرمين وعدم النظر لهم بعين الرحمه،

حيث أن المتهمين قاموا بعدة قضايا تُعد من أخطر القضايا المحرمة دولياً

وأستطرد قائلاً بنبرة صارمة وملامح وجه حادة:

_ أولاً: قاموا بقطع الطريق علي مواطن لا حول له ولا قوة،وقاموا بإرهابة ومحاولة قتله عمداً مع سبق الإصرار والترصُد ،حيث أنهم أطلقوا النار عليه وكانوا بطريقهم إلي قتله لولا ستر الله وتواجدي أنا شخصياً في الوقت المناسب

واكمل:

_ وبالنسبة للقضية الثانية فهي قضية أمن دوله من الطراز الآول، حيثُ أنها تمس سيادة الدولة، حيث أن المدعو كمال أبوالحسن وشركائهُ قاموا بتهريب أثار البلد ونقل خيرها وبيعها إلي الخارج

واسترسل بمهنية:

_ والقضية الثالثة، الإتجار في العُملة وده بيضر البلد ويترتب علية أضرار جسيمة بتضر بالإقتصاد، ده غير السلاح اللي الشرطة عثرت علية أثناء مداهمتها للمخزن المملوك للمدعو كمال أبو الحسن وده بشهادة الحرس اللي كانوا بيحرسو المخزن ، ده غير أخوه وباقي أهله اللي إتقبض عليهم داخل المخزن متلبسين

وأكمل مستطرداً:

_ ده غير إطلاقهم للنار علي الشرطة أثناء المداهمة وإصابة أحد أفراد الأمن

ونظر إلي وكيل النائب العام وتحدث:

_أظن مفيش دلائل أكتر من كده يا سيادة النائب، وكل ده مُثبت في محضر الشرطة والتحقيقات اللي قدام حضرتك واللي تمت تحت رعاية سيادة مدير الآمن وبحضور مأمور القسم شخصياً

باشر وكيل النائب العام التحقيق بحرفية عالية وذلك بتوصية من النائب العام بذاته لكونها قضية أمن دوله من الطراز الآول وأيضاً لحرفية قاسم العالية وتجهيزه للقضية بشكل لم يقبل التشكيك بها ، ونطق قائلاً :

_ تحول القضية إلي محكمة جنايات أمن الدولة

صاح حسين شقيق كمال وأردف قائلاً بنظرات كارهه يرمق بها قاسم:

_ ورحمة أبوي في تُربته ما أني سايبك يا قاسم يا نُعماني، هخلي رچالتي يربوك ويچيبوك ولو كُت في بطن أمك

هتف قاسم قائلاً بمنتهي الحرفية ونبرة قوية موجهً حديثهُ إلي وكيل النائب العام :

_ من فضلك يا سيادة النائب، يا ريت تثبت لي تهديد المدعو حسين أحمد أبو الحسن عند حضرتك ، وبطلب من حضرتك نسخة من التحقيق علشان هقدم بيه بلاغ للشرطة، وهمضيه هو وأخوه علي محضر عدم تعرض، وتحملهم المسؤلية الكاملة لأي أذي أتعرض له أنا أو أي شخص من عيلة النُعماني بأكملها

بالفعل قام وكيل النائب العام بإثبات تهديد حسين داخل التحقيقات ، بل وقام باستدعاء أحد ضباط أفراد الشرطة من الخارج، حيثُ أن وكيل النائب العام أتي إلي مركز الشرطة لمباشرة عمله بناءً علي طلب من مدير الآمن شخصياً، وذلك ليقوم بإنجاز العمل وإغلاق ملف القضية ونقلهِ لمحكمة الجنايات في أسرع وقت ممكن،

خشيةً وتجنبً لقيام عِثمان بعمل متهور للثأر لنجله، وحقنً للدماء وإثارة الفِتن وهذا ما أبلغهُ به قاسم سابقً ، وقام الضابط بتحرير محضر بعدم التعرض وتحميل المسؤلية الكاملة علي كمال وحسين

مما جعل كمال يُصيب بحالة من الهياج والجنون وهتف بنبرة حادة:

_اللي بيحصل ده منتهي الظلم، أنا راجل إبني إتجتل غدر من خطة دنيئة إتعملت علينا من إبن النُعماني، وبدل ما الحكومة تچيب لي حجي وحج ولدي منيه ، تمضيني علي محضر عدم تعرض ليه ولعيلته ، يعني لو حد منيهم چرا له حاچة بالصدفة حاسبوني أني وأخوي ؟

تحدث المحامي الخاص به كي يهدأ من روعه وهو ينظر إلي قاسم بغيظ حيث أنه لم يترك له المجال كي يقوم بالدفاع عن موكله، وذلك لحِنكة قاسم وترتيبهُ الدقيق لحديثه واتهاماته وحبكتهِ للقضية :

_ إهدي من فضلك يا كمال بيه، إحنا لسه قدامنا المحاكمة، واني واثج من الجضاء المصري ونزاهته

إبتسم قاسم وتحرك إلي الخارج تحت إشتعال روحي كمال وحسين اللذان سُحقا وانتهي أمرهما من تحت ذلك الشيطان المُسمي بقاسم النُعماني....يتبعت


39💘

الساعة الثانية ظهراً

داخل مسكن فايقة، دلفت ليلي إليها وتحدثت بنبرة مُتسائلة:

_ أموت وأعرِف إيه اللي عِمل في وشك إكده يا أمّا ؟

شعرت فايقة بالضيق وهتفت بنبرة غاضبة:

_  وبعدهالك عاد يا بِت قدري،  كام مرة عجول لك إتزحلجت في الحمام ووجعت علي وشي.

رمقتها ليلي بنظرة مُشككه قائله:

_ معرفاش ليه ممصدجاش حديتك ده،  مدخلش عليّ وحاسه أن أبوي ليه يد في اللحكاية دي

رمقتها فايقة بنظرة مشتعلة وصاحت بنبرة غاضبة:

_  إخفي من وشي الساعة دي و روحي  علي شُجتك وفوتيني لحالي،  منجصاش حرجة دم أني 

إقتربت عليها ليلي وجلست بجوارها وتحدثت:

_ خلاص عاد متزعليش،  معتحدتش في الموضوع دِه تاني، 

وأكملت بنبرة حماسية:

_ بجول لك إيه يا أمّا، متاچي نستغل إن الكُل مشغول مع عمي زيدان ومحدش مركز ويانا ونروح للشيخ اللي جولتي عليه، چدتي كل يوم بتروح المستشفي وبتجعد عند عمي مبتاجيش غير آخر الليل، 2

وأكملت بنبرة حزينه وعينان منطفأتان :

_ ولا عچباكِ جعدتي في شُجتي لوحدي كيف الجِرد إكده ( القِرد)

وأكملت بإرتياب شديد:

_أني مرعوبه ليزن يسمع كلام چده ويتچوز عليا بجد، الله الوكيل أنجهر فيها وأموت

نظرت لها فايقة بغضب وتحدثت بضيق :

_ كَن عِشجك الملعون لإبن نچاة طير عجلك وخلاكِ مخَبلة

وأكملت شارحة :

_ عاوزاني أخرچ كيف يا حزينه بوشي اللزرج دي (  الأزرق)

أجابتها ليلي بإلحاح:

_ إبجي إلبسي نجاب يداري وشك يا أمّا

تنهدت فايقة وتحدثت لتهدأة إبنتها وطمأنتها:

_ إصبري يا ليلي لما اللأول نطمن علي عمك زيدان ووشي يروج شوي، وبعدها هعمل لك كُل اللي إنتِ عايزاه

دقت ليلي الارض بساقها بطريقة تعبر عن إعتراضها وتحدثت بنبرة حزينة مُعترضة  :

_ عمي زيدان كيف البِسه بسبع أرواح ومهيجرلوش حاچة ، لكن أني اللي ممكن أنجلط لو يزن فكر يتچوز علي، مجدراش تحسي بيا ليه يا أمّا3

وأكملت بإشتياقٍ جارف وحنين:

_ يزن وحشني جوي، نفسي أرچع أنام چاره تاني علي السرير وأدفن روحي چوة حُضنه،


واسترسلت حديثها بنبرة شبه باكية:

_ أني مبنامش يا أمّا ولا عيني بتغمض من يوم حبيبي ما ساب فرشتي وهچرني

زفرت فايقة وتحدثت بإقتضاب:

_ملعون أبو عِشجك الخيبان اللي خلا إبن نچاة يتحكم فيكِ بالطريجة العِفشة دي،

وأكملت بإطمئنان:

_  إطمني يا ليلي، يزن شكله شايل موضوع الچواز من دماغة، بجا له ثلاث شهور هاچرك من يوم اللي حُصل، لو ناوي يتچوز مكانش إستني كُل دي

إستمعا خبطات فوق الباب الخارجي، تحركت ليلي وفتحت الباب وجدت قاسم أمامها،

أمسك مقدمة رأسها ووضع قُبلة هادئة

وتحدث بنبرة خافتة تدل علي إرهاقه الشديد :

_ كيفك يا ليلي

نظرت إليه وتحدثت وهي تُعيد غلق الباب من جديد :

_ أني زينة يا قاسم

وأكملت بإستغراب:

_غريبة، أول مرة من ساعة اللي حُصل لعمك تسيب المستشفي  وتاچي علي البيت

أجابها بإرهاق ظهر عليه وهو يتحرك للداخل باحثً بعيناه عن والدته:

_  كنت في المركز من الساعة سبعة الصُبح ولساتني مخلص التحجيج، جيت أبلغ چدك باللي حُصل، و لجيت حالي تعبان جولت أطلع أنام لي كام ساعة وأخد حمام وأرچع لهم تاني علي المَغرب.

وأكمل بتساؤل:

_ أمك فين عاد ؟

خرجت تلك التي تفوهت بنبرة تهكمية وهي تنظر علي نجلها بضيق، وذلك لتواجدهُ الدائم بالمّشفي بجوار ورد وإبنتها  :

_لساتك فاكر إن ليك أمّ وچاي تسأل عليها  ؟

إتسعت عيناه فزعً حين وجد وجهها مُنتفخً وممزوجً باللونين الأزرق والأحمر الداكن جراء الصفعتان اللتان تلقتهما من قدري الغاضب ، بالإضافة إلي قـ.ـذفهِ لها بحدة علي الأرض مما أحدث إحتكاكً بين الأرض و وجهها نتج عنه عِدة كدمات شديدة

أسرع عليها وأمسك فكها ورفع وجهها يتطلع إليه بترقُب وفزع وهتف متسائلاً بإستفسار:

_إيه اللي عمل في وشك إكده يا أمّا، حد إتهجم عليكِ إياك؟

أبعدت يدهُ عنها وتحدثت متهربه من عيناه:

_  مين بس اللي عيتهجم عليّ يا قاسم،  ده أني إتزحلجت في الحمام ووجعت علي وشي

ضيق عيناه مستغربً حديثها ثم هتف قائلاً بإهتمام ولهفة  :

_ومجتيش المستشفي ليه كانت صفا كتبت لك أي حاچة للكدمات دي !

أجابته بتهرب وهي تتحرك إلي الأريكة وتجلس عليها:

_ سيبك من وشي دلوك وجولي، عِملت إيه في التحجيجات،  علي الله تكون جبت حَج عمك من إبن المحروج كمال

أجابها بإختصار لعدم قدرته علي الحديث :

_  كله تمام يا أمّا

وتحرك إلي جانبها وجلس مُلقياً بجسدهِ للخلف بتعب، سألته بإستغراب :

_ مالك خسيت ووشك إتسخط ليه إكده 

إبتسمت ليلي وتحدثت بنبرة تهكمية حقودة :

_ مش جاعد جنب الدَكتورة هي وأمها وناسي حاله،  وحتي شغله لما همله لجل خاطرها

هتفت فايقة بنبرة حادة :

_ علي الله بعد كل اللي عِتعمله عشانها هي وأبوها وأمها يخلوا في عنيهم حَصوة ملح وتبطل چلع وترچع لبيتها ،  كفاية إنك كُت عتموت حالك جِدام المچرمين دول ووجفت كيف الأسد وضربت عليهم نار وخلصت عمك من بين إديهم،

وأكملت بإشادة :

_  ده غير دمك اللي صفيته وأديتهُ له،  ونومك چارهم في المستشفي والتحجيجات اللي رايح چاي عليها لحد ما وشك عِدم ومبجاش فيه ريحة الدموية.

قطب جبينه ونظر لها بإستغراب وهتف قائلاً بإعتراض  :

_ وإنتِ فكراني بعمل إكده لجل ما أرضي صفا وأخلي عمي يرچعها لي يا أمّا،  ربنا يشهد عليّ إن كل حاچة عِملتها عملتها لجل خاطر ربنا الأول وعمي ومليش أي غرض من ورا كُل ده1

أردفت قائلة بتفهم وصدق لحديثهُ :

_وأني معِنديش شك في رچولتك يا قاسم،  أني بتكلم عنيهم هما، وبعدين هي لا أول واحدة چوزها يتچوز عليها ولا أخرهم 

أجابها بنبرة هادئة لرجُل عاشقً لإمرأته :

_ براحتها يا أمّا،  صفا تعمل اللي علي كيفها كله وأني هصبر عليها وأفضل أراضيها لحد ما ترضي وربنا يهديها لي3

لوت فايقة فاهها بتهكم، في حين هتفت ليلي بنبرة حقود :

_ما هي طول ما هي شيفاك مدلوج عليها إكده هتسوج العوچ فيها،  عتچلع علي إيه بِت ورد؟

مش تحمد ربنا إنك رضيت بيها وأتچوزتها من الأول

 

وأكملت بنبرة تحريضية:

_لو عاوز نصيحتي، سيبها تنفلج وروح عند مّرتك المحامية وعيش وياها وأتهني وإجهر جلبها ، وساعتها هي اللي عتاچي لك زاحفة علي رچليها وتطلب منيك السماح والرضا3

إتسعت عيناه من شدة غضبه وهتف بنبرة تهديدية:

_ ليلي،  إحترمي حالك وإبعدي سمك عن صفا، وإياكِ بعد إكده أسمعك تجولي بِت ورد دي

وأكمل بنبرة شامخة أحرقت روح فايقة وليلي معاً :

_ إسميها الدَكتورة صفا زيدان عِثمان النُعماني

وأكمل مُحذراً ليضع شقيقتهُ في الصورة:

_  إسمعيني زين يا ليلي وحُطي حديتي دي حلجة في ودانك عشان متنسهوش ،  صفا بالنسبة لي خط أحمر، و اللي عيجرب لها ويحَاول يأذيها حتي ولو بكلمة الله الوكيل ما عرحموا مهما كانت غلاوته عِندي، فهماني يا ليلي،

وأكمل مُحذراً:

_ إلا صفا يا بِت أبوي

لوت فايقة فاهها وهتفت بنبرة ساخرة:

_ عتهدد خيتك لچل مرتك يا قاسم؟

نظر لها وهتف:

_ أني معجيش علي خيتي لجل حد يا أمّا،  بس صفا تعبانة وفيها اللي مكفيها، وليلي أختي أني عارفها زين وعارف مكايدتها

وأكمل وهو يقف ويتحرك في طريقهُ إلي الخارج:

_ أني رايح شُجتي لجل ما أنام لي ساعتين،

وأكمل بإهتمام :

_ عكلم فارس يچيب لك كريم وبرشام للكدمات دي وهُتبجي زينه بإذن الله، وتاني مرة خدي بالك يا أمّا

وقفت فايقة وتحدثت:

_ عخلي ليلي تنزل تچيب لك وَكل من تحت لچل ماتاكل جبل ماتنام

هز رأسهُ نافيً وتحدث:

_ معايزش أكل يا أمّا،  أني كل اللي عايزه دلوك هو النوم وبس

أوقفته متسائلة بنبرة جادة:

_ قاسم،  معرفتش مّرتك حِبله في إيه ؟

نظر لشقيقته التي نظرت لوالدتها بحقد، حَزن من داخلهُ لأجلها وتحدث إلي والدته وهو يبعث لها إشارات بعيناه يحثها بها علي الصمت لأجلها :

_ نبجا نتكلموا بعدين يا أمّا

أصّرت تلك عديمة الإحساس علي سؤالها قائلة:

_ عنتكلموا بعدين ليه،  هي أسرار حربية إياك  ؟

وأكملت بنبرة حادة:

_ متجول يا ولدي وتخلصني

نظر لها بغضب وأردف قائلاً بنبرة جادة:

_ فيها ولد يا أمّا،  زين إكده

وتحرك إلي الخارج تحت غضب ليلي من أخيها ودفاعهُ المُستميت عن غريمتها التي إختارتها مُنذُ الصغر لتجعلها عدوتها اللدود،  وما زاد حقدها هو إستماعها لحملها أول حفيد ذكراً للعائلة وهذا ما سيُعزز من مكانتها عند الجميع أكثر واكثر

حتي عند والدتها التي ظهرت السعادة المبالغ بها علي وجهها وتحدثت بحمد وكأنها عَثُرت علي أثمن كنوز الأرض :

_الحمدلله،  الدنيي نصفتك يا فايقة،  وكيف ما أنتِ چبتي الحفيد البكري للنُعماني،  ولدك كمان عيچيب له الحفيد الأول

وتنفست بإنتشاء وأكملت بنبرة طامعة :

_ وبكرة الواد دي عياكل عجل زيدان ومش بعيد يكتب له كل أملاكه، وعيال نچاة يطلعوا من المولد بلا حُمص  

دلف قاسم إلي مسكنه بخطوات مرهقة وما ان وصل إلي التخت حتي خلع عنه ثيابهُ وشغل المُكيف وارتمي بجسده الذي ما عاد يتحمل أكثر، وبغضون دقائق كان يغط بسباتٍ عميق

                          ❈-❈-❈

في القاهرة

وبالتحديد داخل مكتب إيناس وعدنان

غيرت إيناس معالم المكتب خلال فترة الشهران المُنصرمان، مُنذ أن طردها قاسم هي وشقيقها شَر طردة،  وقام بنفيها داخل ذلك المكتب الذي لا يرتقي إلي كبرياء وغرور تلك الإيناس،  لذا فقد قامت بتبديل جميع الأثاث وجعلت من المكتب لافتً للنظر،  وبدأت بذكائها وفطانتها وعلاقاتها السابقة بجذب الموكلين من جديد إلي مكتبها وبدأ إسمها وأخيها يظهران داخل ساحة المحاكم من جديد،  فحقاً كانت شُعلة ذكاء تتحرك علي الأرض1

كانت تجلس خلف مكتبها المُنمق وهي ترتدي نظارتها الطبية التي جعلت منها وقورة،

يجلس أمامها عدنان ويُقابلهُ أحد العملاء الجُدد الذي تحدث بنبرة منتقدة:

_ إسمحي لي في اللي هقوله وياريت ما تزعليش من صراحتي  يا أستاذة،  حضرتك بقا ليكِ إسم في عالم المحاماة، ده كفاية قضية المخدرات الشهيرة بتاعة عزيز عبدالجبار اللي إنتِ كسبتيها من إسبوعين ومكسرة الدنيا،

وأكمل مُتسائلاً:

_ مش شايفه إن المنطقة والعمارة اللي موجود فيهم المكتب ده لا يليقوا بيكِ وبإسمك

تحمحمت وأشتـ.ـعل داخلها من سؤال ذلك الوقـ.ـح، لكنها أدعت الصمود وتحدثت بنبرة زائفة إدعت بها المثالية:

_ دي كلها شكليات ومظاهر فارغة يا مجدي باشا،  وانا طول عُمري المظاهر ما تهمنيش

نظر لها بإعجاب وتحدث:

_مع إني غير متفق معاكِ في النقطة دي لان للأسف المظاهر بقت شئ مهم جداً في حياتنا، بس حقيقي برافوا عليكِ إنك قدرتي توصلي للمرحلة دي من السلام والتصالح مع النفس

وأكمل بإستحسان:

_ بس حقيقي حابب اهنيكي علي البراءة في قضية عزيز عبدالجبار، وخصوصاً إن القضية كانت لبساه لبساه،

وابتسم قائلاً بتشكيك بذمتها القانونية:

_ ده الراچل كان ممـ.ـسوك مُتلبس بشحنة الحشـ.ـيش يا أستاذة

وأكمل قائلاً بتهكم:

_  هو فيه كده

نظرت إليه وتحدثت بنبرة زائفة لتضليله:

_ الموضوع كله كان متلفق من الظابط اللي قام بالضبطية، وده اللي قدرنا أنا وأستاذ عدنان إننا نثبته من خلال تحرياتنا اللي عملناها

وأكملت بجدية لتحثهُ علي تغيير الموضوع :

_ممكن حضرتك تدخل في الموضوع وتقولي قضية حضرتك نوعها إيه  ؟

علم انها تريد غلق الموضوع فتحدث:

_ قضيتي هي كمان مُلفقة،  الإستيلاء علي أراضي الدولة وسرقة المال العام

قص عليها كل التفاصيل فتحدثت بنبرة جادة:

_ بصراحة قضية حضرتك صعبة ومحتاجة لمحامي مُحنك وخبرة في النوعية دي من القضايا،  علشان كده هبعتك للمحامي الوحيد في مصر اللي هيقدر يساعدك، 

بعد محاولات مستميتة من الرجل بأن يجعلها توافق علي أخذ القضية إلا انهُ وافق مجبراً علي إقتراحها بعد إصرارها ، أخرجت ورقة وكتبت عليها إسم قاسم وعنوان مكتبه وطلبت منه إبلاغ قاسم سلامها، 

ذهب الرجل وانتفض عدنان صارخً بها:

_ إنتِ أكيد إتجننتي يا إيناس،  إنتِ عارفة الراجل اللي إنتِ بعتيه لسي قاسم ده كان هيدفع لنا أتعاب كام في القضية دي  ؟

وأكمل متهكمً:

_ ولا إنتِ عاجبك المكتب الكحيان اللي إحنا فيه ده وناوية تخلينا نكمل باقي حياتنا فيه

أرجعت ظهرها للخلف وباتت تتحرك بمقعدها يميناً ويساراً بتسلمي وتحدثت:

_  كُنت فكراك أذكي من كده يا حضرة المحامي المُحنك، الموكل ده مدسوس علينا من طرف الظابط اللي لبسناه قضية عزيز عبدالجبار،

وأكملت بتهكم :

_ بالهنا والشفا علي قلب إبن النُعماني، وأهو لو طلع عنده قضية بجد أدينا هنكسب بُنط عند قاسم ويبدأ يصفي لنا من تاني،  ولو كان مزقوق علينا أهو شر وبعد عننا   

نظر بإستحسان لشقيقتة وهتف بإعجاب:

_ مش سهلة إنتِ بردوا يا إيناس3

إبتسمت ساخرة وأكملا عملهُما من جديد.

 

                         ❈-❈-❈

داخل مَسكن فارس،  كان يحتضن تلك الرقيقة التي تقف عند مدخل الباب لتوديعهُ وهو ذاهب إلي المشّفي بعدما أتي ليأخذ حماماً دافئً ويأخذ جوله عشقيه داخل أحضان حبيبتة ليُنفث بها عن روحهُ ويُمرر بها تلك الأيام العصيبة التي يعيشها هو وباقي العائلة

كان يضُمها إلي صـ.ـدرهِ ويلف ساعديه حولها برعاية،تُبادلهُ إحتضانهُ بإحتواء، تحدثت إليه بنبرة حنون ودلال أنثوي أسعد قلبه وأشعرهُ بالتفاخُر :

_ خليك معاي شويه كُمان يا فارس،  لساتني مشبعتش منيك يا حبيبي

ضمها أكثر إليه بإحتواء وهتف بنبرة عاشقة:

_أني لو عليّ معاوزش أفوتك واصل يا مريم،  بس إنتِ واعيه للظروف اللي إحنا فيها، علي العموم أني سألت صفا علي حالة عمي، وجالت لي إن هما يومين بالظبط وهتكتب له علي خروچ ونرتاح كلياتنا من الشحطته دي

خرجت من بين أحضانـ.ـه ونظرت إليه وتحدثت بترقب:

_كان نفسي أروح أشوفه وأطمن عليه وعلي صفا ومّرت عمي،  بس عارفه إنك معتوافجش

رفع وجههُ للأعلي وأغمض عيناه،  ثم زفر بضيق وافتح عيناه من جديد ونظر عليها وهتف بنبرة حـ.ـادة  :

_ وبعدهالك عاد يا مريم،  معنخلصوش منيه الموضوع ده ولا إيه  ؟

مطت شفتاها بحزن وتحدثت بطاعة أثارت قلبهُ بها:

_ خلاص يا فارس،  حجك عليّ، معفتحش وياك الموضوع دي تاني،  إرتحت إكده

إبتسم وظهرت السعادة والرضا داخل عيناه، وأمسك فكها ورفعهُ

للأعلي وتحدث مغرمً بعيناها:

_ربنا يخليكِ ليا يا مريم ويريح جلبك كِيف ما انتِ دايماً مريحاني

ومال علي شفتاها وضع عليهما قُبلة طويلة بث بها لها عن مكنون مشاعرة التي ولدت عن جديد لكنها تخطت وفاقت عشق سنوات

_________________

بعد مرور إسبوعان علي خروج زيدان من المّشفي وبدأ تماثلهُ للشفاء

ذهب قدري إلي أبيه ليطلب منه أن يذهب معه وقاسم عند زيدان ليشفع لولده عندهُ وذلك بعدما رأي حزن ولده وحالهُ الذي تبدل بفضل إبتعاد زوجته عنه وهجرها له ولمسكن الزوجية

وافق عِثمان علي حديث قدري وقام بمهاتفة قاسم وطلب منهُ المجئ ليذهب معه و وعدهُ بل وأكد عليه أنهُ سيُعيد له زوجته

عندما حَل المساء

أخذ عِثمان قاسم و نجليه قدري ومُنتصر وذهب إلي زيدان الذي ما زال يلتزم الفراش بتعليمات شديدة من صفا لتسريع عملية شفائه

جلسوا بصحبته هو و ورد،  كان يقبع فوق تخته ويجاورهُ علي المقعد عِثمان وشقيقاه وقاسم الجالسون بالمقاعد المُنتشرة بالغرفة ، أما رسمية فكانت تتمدد بجانب صغيرها علي الفراش وكعادتها تحتضن كف يده برعاية واهتمام

وعِثمان الذي تهلل وجههُ وأبتهجت روحهُ عِندما بشرهُ قاسم بأن صفا تحمل لهُ ذكراً سيطل عليهم ليُضيف رجلاً جديداً في قائمة رجال العائلة  ،  سعادة عِثمان تخطت عنان السماء لأنه سيُرزق بأول حفيد ذكراً من خلال حفيدهُ الأول بل والأغلي علي قلبه قاسم

وما جعل قاسم يزدادُ إحترامً في أعيُن الجميع ككُل، وعين عِثمان بالاخص وجعلهُ يتخذ قراراً بالوقوف بصفه لإرجاع زوجته إليه، هو موقفهُ المُشرف في حل قضية زيدان والذي جعل المركز بأكملة يتحدث بإنبهار وتفاخر عن كيفية أخذ عائلة النُعماني حق ولدها وثأرها الشديد من عائلة أبو الحسن والإنتقام منهم بأشد أنواعه وبالقانون دون إراقة نقطة د. م واحدة1

وأصبح قاسم حفيد النُعماني حديث المركز بأكمله حيثُ وصفه الجميع بأنهُ وريث النُعماني الصغير، وشبهوه بالثعلب الماكر الصغير حفيد الثعلب الكبير

أردف عِثمان بنبرة حنون وهو يطمئن علي غاليه:

_ كيفك يا ولدي وكيف چرحك اليوم  ؟

أجابهُ زيدان برضا وهو يتحسس موضع الطلـ.ـقة :

_ الحمدلله يا أبوي،  بجيت زين وكله بفضل الله

ثم حول بصرهِ إلي قاسم وتحدث بإمتنان:

_ لولاش قاسم جاني في وجته كان زماني في خبر كان

هتفت رسمية مُسرعة بنبرة حنون:

_ بعد الشر عليك، متجولش إكده يا جلب أمك،  الحمدلله جدر ولطف

وأكملت وهي تنظر إلي قاسم بإفتخار وتباهي:

_ وأهو أسَد النُعمانية چاب لك حجك وزياده،  حبس الخسيس هو وأخوه وولاد أخواته كلياتهم وريحنا من البِذرة السّو دي ،  ده غير ولده اللي إنجتل علي يد الحَكومة،  اللهم لا شماتة1

وأكمل عِثمان علي حديثها وهو ينظر إلي قاسم بإمتنان وتفاخر :

_ قاسم برد جلبي وشفي غليلي ومن غير ما نجطة د. م واحدة تسيل كيف ما وعدني

إبتسم لهم زيدان والجميع وأثنوا علي حديثهما، وتحدث قاسم بنبرة جادة وتواضع :

_ كله بفضل الله يا چدي، وأني معملتش حاچة غير إني كنت سبب ربنا سخرهُ لعمي لچل ما ينچيه من تخطيط النـ.ـدل اللي إسميه كمال، وأهو خد اللي يستحجه من الله 

نظرت إليه ورد بإمتنان وأردفت قائلة بنبرة شاكرة:

_ ربنا يحميك لشبابك ويكفيك شر ولاد الحرام يا ولدي

شكرها قاسم قائلاً بهدوء:

_ تسلمي يا مّرت عَمي

تحمحم عِثمان وتحدث إلي زيدان بنبرة جادة:

_  أني چاي لك لچل ما أشفع لقاسم عنديك يا زيدان وبطلب منك تريح جلبه وترچع له صفا

تنفس زيدان عالياً وشعر بضيق لأنه كان يتوقع ذلك الطلب حيمنا دلفوا إليه متجمعين،  تحدث زيدان بنبرة إحترام وتقدير:

_مچيتك لحد إهنيه علي عيني وراسي يا أبوي،  ولو تطلب عيني عمري ما أخِرها عنيك وإنتَ خابر إكده زين

ونظر إلي قاسم وأردف قائلاً بحنان:

_ وقاسم ولدي اللي مخلفتوش ولو طلب كُل ما أملك معزهوش عليه

وأكمل بإعتراض خجل :

_ بس موضوع رچوع صفا مش بيدي ولا أملك الحُكم فيه

هتف قدري متسائلاً بإستغراب :

_ أومال في يد مين يا زيدان لو مش في يدك؟

أجابهُ زيدان بنبرة هادئة:

_ في يد صاحبة الشأن يا أبو قاسم

ومن ميتا البِنته عيتدخلو في شؤون الرچاله ويجرروا عنيهم يا أخوي  ؟

سؤال خبيث وجههُ قدري إلي زيدان

أجابهُ زيدان بهدوء:

_ ده شرع ربنا يا أبو قاسم، وأني حاشي لله إني أعصاه أو أغضبه وأغصب علي بِتي تعمل حاچة غصبن عنيها

تنهد قاسم وتحدث بنبرة هادئة:

_ محدش طلب منيك تغصب عليها يا عمي،  ومش أني الراچل اللي هرچع مّرتي لدارها بالغصب

وأكمل بنبرة حنون:

_ بالرضا،  أني تحت أمر ست البنات لحد مترضي وترچع لشُجتها

وأكمل مُعللاً:

_صفا حِبلة خمس شهور، ومش معجول عتكمل حملها إهنيه،  أني عاوز إبني يتولد في داره وفي حُضن أبوه يا عمي

نظر عِثمان إلي ورد الجالسة فوق مقعداً جانبياً بإحترام وتنظر أرضً دون تدخل في الآمر وكأنهُ لا يعنيها وتحدث إليها بإحترام:

_جومي يا أم الدَكتورة إندهي لها، وجولي لها چَدك عاوزك في موضوع مهم

وقفت بإحترام وأردفت بطاعة:

_ حاضر يا عمي

تحركت ورد وبعد قليل دلفت تلك العنيدة تطل عليهم بهيأتِها التي خطفت أنفاس متيم أنفاسها، حيثُ أنهُ لم يلمح طيفها مُنذ ما يُقارب من عشرة أيام وذلك لإنشغالهُ الشديد في مكتبه وإنغماسهِ في القضايا التي أهملها طيلة فترة مرض زيدان وإنشغالهُ بالتحقيقات بقضيته

نظر بولهْ وقلبٍ ينتفض إشتياقً وبدأ يتفحص تلك التي إكتسبت بعض الوزن نتيجة دخولها في الشهر الخامس من حملها، وأيضاً إهتمام ورد ورسمية بغذائها بعدما أخبرهما قاسم عن ما أعلمته به الدكتورة أمل بشأن نقص وزن الجنين

نظر لها بإشتياقٍ وحنين جارف، وما جن جنونهُ وأشـ.ـعل نار الإشتياق داخل صـ.ـدره هو لون وجنتيها التي إزداد إحمراراً ووزنً حتي أنهُ بات يُشبه ثمرات التُفاح التي طابت وحان وقت إقتطافها والتلذُذ بحُلو طعمِها1

إبتلع سائل لُعابهُ وأنتفض من جلستهِ سريعً وهب واقفً وهتف بنبرة عاشقة وعينان هائمتان في النظر إلي ساحرتهُ، لاحظ الجميع خالهُ وحزن لأجله :

_ كيفك يا صفا

 

لم تُكلف حالها عناء النظر إلي وجهه وبملامح جامدة تحدثت بإقتضاب:

_الحمدلله

جلست بملامح وجه حادة وتحدثت إلي جدها بنبرة جادة:

_ خير يا چدي،  أمي جالت لي إن حضرتك عاوزني في موضوع ضروري

جلس قاسم بخيبة أمل جديدة، تُضم لخيباتهِ معها مؤخراً،  وتحدث عِثمان بنبرة حنون ووجهٍ مُبتسم:

_  كُل خير إن شاء الله يا زينة الصبايا،  أني چاي لچل ما أرچعك لبيت چوزك، بكفياكِ جاعدة عِند أبوكِ لحد إكده، زيدان خلاص بجا زين أهو وممحتاجش حد ويَاه

قطبت جبينها وتحدثت بنبرة إستفسارية  :

_ ومين جال لحضرتك إني جاعدة إهنيه لجل تعب أبوي  ؟

وتسائلت بتهكُم:

_هو حضرتك نسيت اللي عِمله فيا حفيدك ولا إيه  ؟

تحدثت رسمية بتساهُل وإبتسامة حانية:

_ عفا الله عما سلف يا دَكتورة،  الراچل چاي لك وطالب الرضا،  وأظن بعد اللي عِمله مع أبوكِ دي، يستحج منيكِ السماح

رفعت رأسها بشموخ وأردفت بإستنكار وتعجُب :

_ وهو المِتر كان عيعمل إكده مع أبوي لچل ما يخليني أخضع وأرچع له إياك  !

هتف قاسم بنبرة صارمة وهو يخاطب جدته بعدما غضـ.ـب من إسلوب صفا الساخر منه:

_ بعد إذنك يا چدتي،ياريت ما تدخليش الأمور في بعضيها،  اللي عِملته مع عمي دي واچب عليا وملوش دخل بحكايتي مع مّرتي،  ياريت تفصلي الموضوعين عن بعض

صمتت الجده وأكمل قاسم وهو ينظر لها قائلاً بهدوء في محاولة منه لإسترضائها:

_  أني چاي لك لچل ما أراضيكي وأحب علي راسك جدام الكل يا صفا، چاي أطلب منيكِ السماح وأرجعك معززة مكرمة لشُجتك

رفعت رأسها بشموخ وأردفت وهي تُشيح بناظريها عنه خشيةً إستسلامها لو نظرت لمقلتيه المُهلكة لقلبها:

_  إنتَ خابر شرطي زين

جن جنون قدري عِندما رأي تجبُرها رغم  إزلال ولده أمامها، فتحدث بنبرة حادة غاضبة:

_ما بكفياكِ عاد يا بِت زيدان،  مالك داخله في الكل شمال إكده،  فيه مّرة عتتشرط علي چوزها جِدام عِيلته إكده !

رفع قاسم يدهُ لأبيه كإشارة منه لصمته وتحدث بنبرة هادئة:

_ سيبها يا أبوي،

وأكمل بنبرة جادة  :

_ ست البنات تتشرط كيف ما يحلا لها،  أني غلطت في حجها وچاي لچل ما أطلب منها السماح والرضا جِدام الكل،  إرچعي معاي لچل خاطر ولدنا يا صفا

واكمل برجاء وعيون متوسلة  :

_ ولچل خاطري

إهتز داخلها من نظرته التي أصابت جـ.ـسدها كصاعقة كهربائية،  فضلاً عن نبراته المتوسلة،  وبرغم كل هذا كرامة الآنثي تغلبت علي عشقها وتحدثت بنبرة قوية مصطنعة:

_ طلجها اللول

أجابها بإختصار :

_ معينفعش

رمقته بنظرة مُشتـ.ـعلة وتحدث الجد عِثمان :

_طلجها وخلصنا يا قاسم 

نظر لجده وتحدث:

_  والله العظيم لو ينفع لطلجتها من أول يوم كتبت عليها فيه،

وأكمل مفسراً وضعه:

_ أني مخليها علي ذمتي إبتغاء مرضاة الله يا چدي ، أبوها راچل ضعيف وچاني مذلول وأترچاني لجل ما أستر عرض بِته وأحميها من كلام الناس اللي معيرحمش وعينهش في لحمها1

وأكمل شارحً:

_سبج وحكيت لكم حكايتي معاها وكيف كُنت مخدوع وفاكر حالي عحبها،

ثم نظر إلي تلك الغاضـ.ـبة وتحدث بنبرة تصرخُ عِشقً:

_  بس لما أتچوزت صفا،  إكتشفت إن عُمري ما حبيت ولا أتمنيت غيرها

وأكمل كي يُسمعها التي دائماً ما ترفض إستماعه:

_ روحت لها هي وأمها وأخوها بعد فرحي علي صفا وفضيت وياهم الخطوبه ونهيت كُل حاچة وعرضت عليهم فلوس،  أبوها وجتها كان مسافر عِند أهله في الفلاحين،  ولما عاود وعِرف إني سبت بِته،  چاني المكتب وأترچاني وكان عيميل علي رچلي يحب عليها لچل ما أستر بِته اللي ليها سبع سنين مخطوبه لي1

ونظر لجدهُ وسألهُ بنظرات ضعيفة :

_ مش إنتَ اللي علمتني إني أتجي الله وما أظلمش وما أرُدِش حد محتاچ لي ولا أرضيّ بذُل حد ضعيف جِدامي  ؟

تنهد الجد بيأس ونظر له بحيرة من أمرة

فأكمل قاسم بنبرة حزينة:

_ولما فكرت مع حالي لجيت إن إني كمان غلطت وأستاهل العجاب، وعجابي هو إني أكتب كتابي علي واحدة غير مّرتي وأتكوي بنار عذاب الضمير

ونظر للجميع وهتف متألمً:

_ إوعوا تكونوا فاكرينها سهله عليّ إني أكسر عهد عمي وكلمتي اللي إدتها له، ده أني وصل بيا الآمر إن ساعات كُنت بتمني إن ربنا ياخدني لجل ما أرتاح من الصراع اللي عينهش چواتي

تنهد عِثمان وأردف بنبرة جادة  :

_ وأديك إتچوزتها وسترتها جِدام الناس كيف ما أبوها كان رايد،  إيه بجا اللي مانعك لچل ما تطلجها دلوك  ؟

أجابهُ بنبرة جادة  :

_الوعد والكلمه اللي إدتها لأبوها إني معطلجهاش إلا بعد سنة

ونظر إلي صفا التي ترسم علي وجهها الجمود وهي تصـ.ـرخ وتتـ.ـألم من الداخل، وتحدث قائلاً  :

_ أني كتبت كتابي عليها وفوتها وچيت لك،  وجت ما خدتك وسافرنا شرم الشيخ.

قوست فمها وابتسمت ساخرة علي حالها،  لا تدري أتفرح أن حبيبها قد ترك عروسهُ بثوب زفافها وأتي إليها مُهرولاً كي يرتمي لداخل أحضـ.ـانها ويتنعم بداخلها

أم تصرخ قُهراً من زوجها بارع الخيانة الذي تزوج عليها بعد مرور شهراً واحداً لا غير وأتي إليها بكُل جبروت وندالة ليستبيح جسـ.ـدِها ويتمتع به رغم خيانته لها

رأي ألـ.ـم روحها الصَارخ بعيناها وتشتُتها ، فتحدث بنبرة صادقة:

_  ملمستهاش يا صفا،  وحياة ولدي ما لمستها ولا شفتها بعيني،  أني جاعد لحالي في شُجتي الجديمة،  وهي في الشُجه الجديدة اللي إنتِ شُفتيها 

أجابته بقوة بعدما تذكرت ذلك اليوم المُميت لكرامتها :

_ جصدك الشُجة اللي چيت وظبطتك فيها وياها وهي عم تناديك حبيبي

وهتفت غاضـ.ـبة بعيون تُطلق شزراً  :

_ چاي تغني عليّ بكلمتين فارغين وفاكرني عصدجك  ؟

أجابها مُتلهفً :

_  اليوم دي كان ليه ظروفه يا صفا،  كان عندي جضية مهمة مشتركة وياها وكان لازمن ندرسها زين، ومواعيد المكتب ساعتها كانت خلصت، مكانش فيه حل جِدامي غير إني أروح أدرسها وياها،  وللأسف مكانش ينفع نروح أي كافيه علشان سرية المعلومات بتاعة الجضية

وأكمل بقوة:

_بعد اليوم ده طردتها من المكتب هي وعدنان أخوها وتجدري تاچي معاي وتسألي وتشوفي بنفسك إنها معادتش تشتغل وياي في المكتب 

وأكمل صادقً:

_مفيش حاچة بتربطني بيها غير حتة الورجة والمصروف اللي بحوله ليها بإسمها كل شهر، ودي لجل خاطر ربنا وبس

وأستطرد قائلاً بتفسير:

_چوازي منيها باطل لأنه مشروط بمُده معينه ودي مخالف للچواز اللي أچازة ربنا وحلله،  الچواز أساسه السَكن والسكينة والمودة والرحمة وتكوين أسرة ، وكل ده ملوش وچود في حكايتي وياها 

هتف قدري وتحدث بنبرة تعقليه:

_ خلاص يا ولدي،  أديك كتبت عليها وسترتها،  كفاية عليها أربع شهور وطلجها وخليها تروح لحالها ورچع مّرتك

تنهد بأسي وأجاب والدهُ:

_معينفعش يا أبوي لعدة أسباب،   أهمهم إن اللي مرضهوش لأختي مرضهوش علي بنات الناس،  أني فعلاً كُنت عطلجها بعد ما صفا طلبت ده وحطته شرط لرچوعها، 

وأكمل بعين الرحمة:

_بس لما حطيت نفسي مكان أي راچل هياچي يتجدم لها بعد الطلاج،  لجيت إني عفكر ألف مرة جبل ما أتچوز واحده معاها جسيمة طلاج بعد أربع شهور بس من چوازها،  أي حد عياچي يتچوزها عيخاف ويتراچع،

وأكمل بصحوة ضمير:

_وأبجي اني نهيت عليها بعد ما خليتها تجعد چاري سَبع سنين

وأكمل بشهامة رجُل صعيدي:

_وتاني سبب هو إني راچل صعيدي وأديت لراچل غريب وعد وكلمة، كيف عروح وأجول له معلش، اني طلعت عيل إصغير ومليش كلمة وهطلج بِتك بعد ما وعدتك وطمنت جَلبك عليها  

هتف زيدان بنبرة حادة مُتعجبً من أمر إبن شقيقهُ :

_  يعني إنتَ باجي علي وعدك للغريب ومفكرتش حتي في كلمتك اللي إدتهالي ووعدك ليا بإنك تحافظ علي بِتي  !

أردف قائلاً بنبرة مُتألمـ.ـة نادمة :

_ ربنا وحده اللي يعلم إحساسي كان إيه وأني بكسر وعدي ليك يا عمي  3

وأكمل شارحً موقفهُ:

_بس إسمح لي أشرح لك الفرج بين وعدي ليك ووعدي ليه

نظر إلي متيمة قلبهُ وتحدث بنبرة صادقة:

_ صفا مّرتي وحبيبتي وأم ولدي، مّرتي جِدام ربنا والناس كِلياتها شاهدة علي إكده ، ليها عِندي كُل الحجوج ( الحقوق)  والإحترام والتجدير ، ومحدش من النچع عِرف بچوازي عليها وكرامتها وكرامة حضرتك محفوظة جِدام الكِل

وأكمل بإزلال كي يُثبت مدي حبهِ وأحترامه إلي زيدان:

_ وچزمتك علي دماغي من فوج يا عمي   

وأكمل بكلمات مُضادة  :

_لكن الراچل الغريب ملهوش عندي غير وعد وكلمة هلتزم بيها لحد ما تعدي المُدة اللي إتفجنا عليها وساعتها هطلجها بحتة ورجة وكأن شئً لم يكن، صفحة وهطويها من حياتي ومعيكونش ليها وچود من الأساس

وأكمل بقسم صادق:

_الله وكيلي وشاهد عليّ إن أني عامل الموضوع ده لوچه الله الكريم وبس، لكن لو عليها مكُونتش إتچوزتها أصلاً

كانت تنظر إليه بملامح وجه غامضة لم يستطع تفسيرها

أخذ نفسً عميقً مما يدُل علي الضغط النفسي والداخلي الذي يتعرض لهما من خلال تلك المواجهه، وذلك لكّم الإذلال الذي تتعرض لها رجولتهُ أمام الجميع  ، وهذا عكس طبيعته الحادة القوية والشامخة ، لكنها ضريبة العشق وعليهِ أن يقوم بتسديدها، حتي ولو كان سيدفع الثمن من إهدار كرامته ورجولته اللتان أُهينا بما يكفي، وقد تحمل ما لم يتحملهُ طيلة حياته فقط من أجل الحصول علي خاطفـ.ـة أنفاسهُ.

وتحدث برجاء وهو يتنقل النظر بين صفا وزيدان و ورد  :

_ أني كُل اللي طالبه منيكم إنكم تساندوني علي إني أجدر أكمل في الموضوع ده لجل ربنا،  عاوزكم تنسوه خالص وكأنه مش موچود من الأساس، 

وأكمل بوعد:

_وأني أول ما العجد يتم سنه هطلج علي طول 

وقفت تلك التي كانت تستمع إليه بصمتٍ تام وتحدثت بنبرة هادئة عكس ما يدور بداخلها من بُركان شاعل:

_  تمام يا مِتر،  يُبجا نتجابل بعد ما تخلص السنه بتاعة وعدك

نظر لها الجميع بذهول وتحدث الچد:

_ إجعدي يا بِتي وإغزي الشيطان،  قاسم غلط صُح وحب يصلح غلطه،  بس الظروف كانت أجوي منيه وحطته في موجف عِفش،  الراچل شاريكي ومعاوزش غيرك،

وأكمل إقناعها:

_ وكِيف ما سَمعتي، قاسم سايب لها الشُجة وعايش لحاله،  وطاحها هي واخوها السّو من الشغل لجل ما يرضيكي،  جالك إنه مخليها علي ذمته لوجه الله الكريم ولجل ما يُستر عرض البِنيه

وأكمل بتعقُل  :

_ واچب عليكِ تعينيه وتجفي چاره لچل ما تشاركيه الثواب 

إبتسمت ساخرة وتحدثت بتهكم:

_ معايزهوش أني الثواب ده يا چدي، متنازله عنيه للمتر يمكن ينفعه لچل ما يكفر بيه عن ذنوبه الكَتير اللي عِملها في حياته

وأكملت بنبرة جادة وهي تنظر إليه :

_ إسمعني زين يا إبن الناس،  إنتَ شرحت وجولت أسبابك اللي مخلياك رافض تتنازل وتطلجها2

وأسترسلت بنبرة ناقدة:

_ واللي بالمناسبة مدخلاش ذمتي ولا عجلي راضي يجبلها، ومع ذلك دِه حَجك

وأكملت بقوة وشموخ:

_ بس أني كُمان من حجي أرفض حديتك دي وأصّر علي موچفي

وقف وتحرك إلي وقفتها وتحدث بنبرة مُترجية:

_ ما تصعبهاش عليّ أكتر من إكده يا غالية، وحياة مالك ترضي وتسامحي

تحدث مُنتصر الذي لزم الصَمت مُنذ بداية عقد الجلسة:

_ خلاص بجا يا بِتي عاد، الراچل شاريكِ وعيترچاكِ جدامنا ، وكيف ما جالك، هما 8 شهور وهيعدوا كيف الهوا ومعتحسيش بيهم

باتت أصوات الجميع تتصاعد، رسمية، عِثمان،  قدري وحتي ورد التي نظرت إلي إبنتها بضعف وتحدثت بقلب الأم التي تُريد الصلاح لإبنتها:

_ خلاص يا صفا،  جومي روحي مع چوزك لجل خاطر اللي في بطنك

تنفست بعمق ثم زفرت بهدوء وتحدثت بثبات وهي تنظر إلي عيناي ذلك المترقب بقلبٍ يكاد يفقد دقاته بسبب التوتر، وهتفت قائلة بقوة وصمود :

_  نتجابل بعد السنة ماتعدي يا مِتر4

يا لها من خيبة أمل، شعر بإحباط وحُزن العالم أجمع قد تكون داخل قلبه حين إستمع لقرارها المُميت والساحق لأحلامه

نظر لها يلومها وتسألتها عيناه؛:  أحقاً تريدين الإبتعاد عن أحضاني لحين الخلاص،  أواثقةً من أنكِ تستطيعين ؟

وأكملت عيناه بنظرات ضعيفة :  فإن كُنتِ حقاً ستتحملين،

فها أنا أُعلنها صريحةً أمام الجميع، أني والله لم أستطع ولن أطيقُ الإبتعاد .

نظرت إليه بقوة لتخبرهُ عيناها أنها حقاً قادرة وستستطيع

تحدث قدري بنبرة حادة موجهً حديثهُ ألي زيدان  :

_ ساكت ليه يا زيدان،  ما تجولك كلمك لبِتك اللي ممكبراش حد ولا حتي عاملة حساب لوچود چدها

تحدث زيدان بهدوء ونبرة حزينة :

_ اللي عوزاه صفا هو اللي عيكون يا أبو قاسم،  هي صاحبة الشأن ومن حجها تعيش حياتها بالطريجة اللي ترضيها وتريحها

كاد عِثمان أن يتحدث فأوقفته كلمات قاسم القوية الذي ما زال ينظر داخل عيناي صفا ولكن بصمود وتحدي :

_  معدلوش لزوم الحديت خلاص يا چدي، الدَكتورة جالت كلمتها خلاص والموضوع إتجفل لحد إكده1

إنتفض قلبها رُعبً من كلماته ونظراته القوية الغامضة المتوعدة لها، فهي كانت تتمسك برأيها لأخر وقت كي تحثهُ وتجبرهُ علي التنازل، وحينها ستتحري الصدق من كلامه، وتتأكد من صحة حديثهُ الدائم عن عشقهِ الهائل لها

حول بصرهِ إلي عمه زيدان وتحدث بجمود وقوة:

_ حمدالله علي سلامتك يا عمي والله لا يعودها

وأكمل بقوة وهو يتحرك إلي الخارج كجبلٍ من الجليد :

_ السلام عليكم

كّم أنها مؤذية خيبة الأمل عندما تأتي من الشخص الذي لم يدق القلب لسواهُ يومً ،  شعور مرير بالإنكسار والخزلان أصابها جراء خروجهُ بهذا الشكل المفاجئ ،  وكأنهُ يُخبرها بأنها إستنفذت كل فرص الإسترضاء وحان وقت رؤيتها لوجههِ الآخر، وجه الجمود واللامبالاة1

صمتٍ تام أصاب الجميع وباتوا ينظرون علي تلك التائهه التي تقف كصَنمٍ بلا روح،يبدوا علي ملامحها الزُعر وكأنها فقدت للتو مصدر أمانها وقوتها بخروجهِ

وعت علي حالها عِندما إستمعت إلي صوت رسمية التي أردفت بنبرة مُتألمة لأجل عزيزاي عيناها الغوالي :

_ ليه إكده بس يا بِتي،  تمشي چوزك مجهور يا حبة عيني وهو كان چاي ومتأمل يرچعك وياخدك وياه

وأكملت بدمعة عزيزة خانتها:

_ ده مكلمني في التلفون من صباحية ربنا يا حبيبي بعد ما چده كلمه و وعده إنه عيرچعك ليه ، جال لي أخلي حُسن والبنات يطلعوا ينضفو لك الشُجة زين ، وچاي فرحان وچايب لك وياه شُنط ياما وطلعها علي فوج

وأكملت بقلبٍ نازف لأجل كليهما:

_إكده تكسري فرحته برچوعك وتجهري جلبه

كانت تستمع إلي كلمات جدتها وكأنها حُمّم بُركانية تنزل علي قلبها النـ.ـازف تكوي كُل ما يُقابلها بطريقها، تحركت بساقان مُتثاقلتان وخرجت تجر أذيال خيبتها العظيمة، صعدت إلي غُرفتها وأوصدت بابها عليها،

ثم رمت حالها فوق فراشها وحينها تركت العنان لإنسياب دموعها الحبيسة، تعالت شهقاتها وبكت بكل صوتها، بكت علي ما وصل إليه كلاهُما،

سألت حالها بتشتُت:

_ لما يتمسك هكذا بوعدهِ الواهي لتلك الحقيـ.ـرة التي إختطفته من داخل أحضـ.ـانها  وحرمتهما من التنعم داخل أحـ.ـضان بعضيهما،  لما لا يحل حالهُ من ذلك الوعد الملعون ويعود إليها إذا كان حقاً يعشقُها  !

أقسمت بداخلها لو عاد الآن وأخبرها أنه إنتوي إحلال حالهُ من ذلك الوعد الملعون ستلقي بحالها لداخل أحضـ.ـانه وتعوضهُ وحالها مُر ما حدث

أما ذلك الغاضب الذي صعد الدرج مُهرولاً ودلف إلي مسكنه كالمجنون،  دلف إلي المطبخ وأخرج كل ما أتي به من أطعمة وحلوي كان قد جلبها للإحتفال، وحتي نوع الشيكولاتة المفضل لديها والذي حلُم ومّنيّ حالهُ بأن يتذوقها من فوق شفتاها المُهلكة كما السابق 

لعن غباؤهُ ولملم كل الاشياء داخل كيسً كبير وفتح الباب وهتف بأعلي صوته الغاضب :

_ خالة حُسن،  إبعتي لي أي حد من اللي عندك في المطبخ

صعدت سريعً مُنيرة ، تلك الفتاه التي تبلغ الثامنة عشر وتحدثت بإحترام  :

_ تحت أمرك يا قاسم بيه

أجابها بجمود ونبضات قلب كطبول الحرب:

_ خدي الحاچات دي وأديها لخالة حُسن تفرجها عليكم في المطبخ

وأغلق الباب وهرول مُتجهً لداخل غُرفة النوم،  نظر إلي التخت المُتناثر عليه ورقات الورود باللونين الأبيض والقرمزي اللتان تعشقهما هي، والذي نثرهما لأجل إسعادها

وقعت عيناه علي ذلك الثوب الرقيق المخصصً للنوم والموضوع بعناية بين ورقات الزهور، والذي إبتاعهُ لها منذُ الأمس ليحتفل بهِ معها بعودتهما كما وعدهُ عِثمان وأكد عليه ،

تحرك إليه وأمسكهُ وخيبة الإمل تملئ روحهُ وتسكُنها، قبض عليه بقوة بين راحتاه واغمض عيناه بغضب، ثم قربهُ من عيناه المُشتعلتان بعد ان فتحهما من جديد، وألقاهُ أرضً بغضبٍ عارم ، مال بجذعهِ وأمسك فراش التخت وجذبهُ بعنف وألقاه أرضً لتتناثر ورقات الورود بشكل عشوائي وتملئ أرضية الغُرفة،

أغلق الإضائة وتحرك إلي الخارج بوجهٍ غاضب، قابلته فايقة التي تسائلت بنبرة مستفسرة:

_ مچبتش مّرتك ليه يا قاسم، مرضيتش تاچي إياك  ؟

أجابها وهو يهرول علي درجات السُلم ويتدلاه بطريقة عنيفة تدل علي مّدي غضبه:

_  من إنهاردة كُل واحد حُر ويعمل اللي يريحه يا أمّا

هرولت خلفهُ وسألته من جديد:

_ إنتَ رايح فين؟  وبتچري ليه إكده

أجابها بنبرة حادة غاضبة :

_ رايح في ستين داهية، محدش ليه صالح بيا

كاد أن يخرج من باب السرايا أوقفه دخول عِثمان وباقي الجمع، نظر لهُ عِثمان وسألهُ مستفسراً عندما وجد الغضب يسيطر علي جسـ.ـده وملامح وجههُ:

_ علي وين العزم يا ولدي  ؟

أجاب جده بملامح وجه صامده:

_ راچع القاهرة يا چدي

هتفت رسمية بنبرة متوسلة  :

_ إستهدي بالله يا حبة عيني وإطلع علي شُجتك دلوك،  وأني شوية إكده وعروح لها تاني تكون هديت وعرچعها لك،

وأكملت بوعيد لطمأنت روحه :

_ووعد مني معتباتش الليلة غير وهي چوة حُضنك

أجاب جدتهُ بنبرة حادة غاضبة  :

_ بعدي عن طريجي يا چده الله يرضي عنيكِ،  مفاضيش أني للعب العيال دِه

أفسحت لهُ وخرج هو مُسرعً واتجه إلي سيارته إستقلها وقادها بسرعة جنونية مما أحدث صوت صفيراً عالي، حدث نتيجة إحتكـ.ـاك إطارات السيارة بأرضية السرايا ،

إرتعبـ.ـت قلوب جميع الحاضرين جراء إستماعِهم لصوت الصَفير المُرعب، حتي تلك الباكية التي ترتمي فوق فراشها في الأعلي

إنتفضت بجلستها وأرتعب داخلها حينما

إستمعت إلي صياح فايقة المُرتعب علي ولدها وهي تصيح وتتحدث إلي قدري:

_ إتصرف يا قدري ورچع لي الواد ليچرا له حاچة وهو سايج إكده

ثم رفعت بصرِها إلي أعلي حيثُ إضائة غرفة صفا وهتفت بنبرة حقودة لأمٍ ترتعب علي صغيرها حقاً:

_ علي الله تكوني إرتحتي يا بِت زيدان ونـ.ـارك بردت ، أهو فات لك النچع كِلاته ومشي لجل ما تهدي ، حَني إديكِ وأفرحي إنتِ وأمك 

وأكملت بتوعد مرتعب وصياحٍ عالي أسمع المنزل بأكملة :

_ بس الله في سماه، لو ولدي چرا له حاچة، لكون جتلاكي بإديا دول 

تحدث إليها عِثمان الواقف بجوارها بنبرة حادة:

_ إجفلي خاشمك يا مّـ.ـره وإخفي من وشي الساعة دي

إنتفض قلب صفا وأصابت جسـ.ـدها إرتعاشة هائلة، وضعت كف يدها علي فمها تكتم صوت شهقاتها الذي علا

بالأسفل هتف عِثمان قائلاً إلي قدري:

_إتصل بفارس شوفه وين، وخليه يحصِل أخوه علي المطار ويهديه ويرچعه

تحدث قدري سريعً بطاعة:

_ أوامرك يا حاچ

هاتف قدري فارس الذي كان يجلس بصحبة يزن بالمحَجر، إرتعب فارس خوفً علي شقيقهُ، وبلحظة كان يستقل سيارتهُ وقادها بسرعة جنونية،وأثناء قيادته أخرج هاتفهُ وضغط زر الإتصال بشقيقهُ لكنهُ لم يجب

بالفعل وصل إلي المطار وألتحق بقاسم قبل صعوده إلي الطائرة بنصف ساعة

تحدث إليه بنبرة حنون:

_ خلي بالك طويل شوي عليها يا قاسم،  صفا مچروحة وبتعمل إكده لچل ما ترد كرامتها جِدام الكِل 

كان يجلس بجوار أخيه داخل صالة الإنتظار بجـ.ـسدٍ مُرهق وروحٍ مُتعبه،  مسح علي وجههِ بإرهاق وتحدث بنبرة مرهقة ضعيفة لرجُل ما عاد لديه القدرة بَعد:

_ أني فايت لها النچع كِلاته وماشي،  علي كيف كيفها بِت زيدان

وضع فارس كف يده علي راحة يد شقيقهُ وتحدث بنبرة حنون:

_ طب جوم روح معاي يا أخوي،  أبوك وأمك عيموتوا من جلجهم عليك،  أبوك كلمني وصوته مرعوب،  وچدك حزين لچل خاطرك يا قاسم،  عشان خاطري تاچي معاي يا أخوي

أجابهُ بإقتضاب:

_  عاوز أجعد لحالي شوي يا فارس،  محتاچ أخد هُدنه وأبعد عن كُل الناس اللي حواليّ،  ده غير شُغلي اللي محتاچ يتظبط،  إكده أحسن ليا وللكُل

إستمعا إلي النداء الذي يخبر الرُكاب بموعد إقلاع الطائرة،  وقف ثم أحتضن شقيقهُ وتحدث:

_  خلي بالك من نفسك واللي حواليك يا فارس، 

وأكمل علي إستحياء:

_ وخلي بالك من صفا

كان يستمع إلي شقيقهُ بقلبٍ يتمزق وتحدث بإطمئنان:

_ صفا في عِنيا يا أخوي،  خلي بالك إنتَ من نفسك ،  وبالله عليك ماتزعل حالك يا اخوي،  بكره تتعدل وصفا ترچع لك من تاني

أومأ بيأس لشقيقه وأحتضنه، ثم تحرك إلي سُلم الطائرة وصعدهُ تحت صرخات قلب فارس التي تإنُ علي حال شقيقهُ

_______________

بعد مرور إسبوع علي تلك الأحداث

داخل مسكن قدري الخاص بماجدة

كان مُنبطحً علي بطنهِ فوق التخت،  مسلمً جسـ.ـدهِ لتلك الماجدة التي تُدلك لهُ ظهرهُ بمهارة عاليه وتضغط عليه بكفاي يداها المنغمسه ببعض الزيوت العطرية التي تساعد علي الإرتخاء

تحدث بإستمتاع وهو مغمض العينان  :

_تسلم يدك يا ماچدة،  معارفش لولاكِ ولولا شوية التدليك دول كُت عِملت إيه

وأكمل بإشادة:

_يدك تتلف في حرير يا بِت 

تحدثت بخلاعة وهي ما تزال تضغط علي كتفاه مروراً بظهره بنعومة :

_  انا جاريتك يا سي قدري وتحت أمرك ، وكُل منايا في الدنيا دي هو رضاك وبس

أجابها بصوتٍ خَامل من شدة الإستمتاع :

_ كُل الرضا يا ماچدة،  ده أنتِ الوحيدة اللي عَلاجِي عِنديها راحتي يا بِت

إبتسمت بخبث وتحدثت بدلال كي تفجر قُنبلتها التي باتت أربعة أشهر بالكمال تعَدُ لها عُدتها، حتي حدث ما كانت تتمناه وتسعي إليه:

_بس سامحني بقا لو قصرت معاك الفترة اللي جاية،  أصلي هبقا تعبانه ومش هينفع أعمل لك مساچ لمدة سبع شهور علي الأقل+

أفتح عيناه وسألها مُستغربً:

_  تعبانه كيف يعني،  مالك يا ماچدة

إبتعدت عنه وتدلت من فوق التخت بدلال وأعتدلت بوقفتها،  ثم وصعت كفاي يداها فوق أحشائها وتحدثت بخلاعة:

_ مبروك يا سيد الناس،  هتبقا أب بعد سبع شهور بس1

إنتفض من نومته وجلس يتطلع إليها بفزع وعينان جاحظتان من شدة هلعهما وصاح بنبرة حادة:

_ وجعتك سودة ومجندلة علي نفوخك ونفوخ اللي چابوكِ ،  عتخرفي وتجولي إيه يا بِت المركوب إنتِ  ؟!يتبع..



40💘

إنتفض من نومته وجلس يتطلع إليها بفزع وعينان جاحظتان من شدة هلعهما وصاح بنبرة حادة: 

_ وجعتك سودة ومجندلة علي نفوخك ونفوخ اللي چابوكِ ،  عتخرفي وتجولي إيه يا بِت المركوب إنتِ  ؟!  


إرتعبت أوصالها وأرتجف جسـ.ـدها من هيأته ونظراته التي تطلقُ شزراً ولا توحي بخير أبداً، لكنها إدعت الثبات وتحدثت بلامبالاة وتعجُب مُصطنع : 

_ فيه إيه يا أخويا،  مالك قلبت وشك كده ليه وكأني قولت لك علي خبر وحش  ! 


قفز من فوق تختهِ وتحرك إليها وأمسك ساعدها وقام بلويهِ وضغط عليه بشدة وتحدث بنبرة حادة: 

_ بلاش تعملي عليا الشويتين بتوع الرجاصين دول يا واكلة ناسك،  حِبلة كيف يا بِت وإحنا متفجين من جَبل ما نكتب الورجة إن چوازي منيكِ للمُتعة وبس  ؟ 


وأكمل حديثهُ متسائلاً وهو ينظر إليها بتشكيك: 

_ وبعدين حِبلة كيف واني جَبل ما أدخل عليكِ بيومين شيعتك عِند الحكيمة وركبت لك اللي إسمية اللولب دي ، 

عتستغفليني يا مّـ.ـرة إياك ؟   


كانت تتلوي ببن يداه مُتألمـ.ـة، هتفت وهي تحاول الفكاك من بين براثينهِ: 

_ سيب إيدي يا سي قدري حرام عليك، دراعي هيتكسر 


لم يعِر لتوسلاتها إية إهتمام بل زاد من لّي ذراعها أكثر وقبض باليد الاخري علي شعر رأسها مما جعلها تصـ.ـرخ مـ.ـتالمة ، وأكمل مُتسائلاً من بين أسنانه: 

_ بطلي رط يا مّـ.ـرة وإنطجي لأجطع خبرك 


أجابتهُ بنبرة مُرتجفة: 

_حاضر حاضر، هتكلم  


وأكملت شارحة بتوتر وزيف :

_من ييجي أربع شهور كده جالي مغص شديد ، ولما روحت كشفت عند الدكتورة قالت لي إن اللولب عمل لي مشاكل ولازم يتبدل بواحد جديد، ونصحتني إني لازم أخد راحة علشان القديم متركب بقا ليه أربع سنين وعملي لي مشاكل لازم تتعالج، 


وأكملت بنبرة زائفة : 

_ إدتني حبوب منع الحمل،  وشكلي كده نسيت أخدها في يوم وحصل اللي حصل 


صاح مُكذبً إياها بنبرة حادة : 

_كدابة يا ماچدة وممصدجش ولا كلمة من اللي عتجوليه 

     

زرفت دموع التماسيح وسالت فوق وجنتيها وهتفت: 

_  وهي دي حاجة ينفع فيها كذب بردوا يا سيد الناس 

  

وأكملت بثقة عالية: 

_وعلي العموم يا أخويا لو مش مصدقني ،  تعالّ بكرة معايا للدكتور اللي إنتَ تختاره بنفسك وخليه يكشف عليا ،  ولو طلعت مش حامل بجد إبقا إعمل فيا ما بدا لك  


نظر لها بقوة بعد أن إستشف صدق حديثها من قوة عيناها وثباتها الإنفعالي ،  فك قبضته من فوق ذراعها ودفعها بقوة فوق التخت لتسقط عليه ، إعتدلت سريعً تنظر عليه بريبة وهي تتحسس ذراعها بتـ.ـألُم 


نظر عليها وتحدث أمراً وهو يُشير بسبابته إليها بنبرة تهديدية: 

_ إسمعيني زين يا بِت المركوب إنتِ،  من بكرة تروحي للدكتورة اللي عتابعي وياها، وتتفجي معاها إنها تسجطك وتاخد الفَلوس اللي عوزاها 


شهقت ودبت علي صدرها وهتفت بإعتراض: 

_ يا مُصيبتي،  إنتَ عاوزني اعمل عملية إجهاض علشان أموت فيها  ؟


دقق النظر لعيناها وأردف قائلاً بنبرة تهديدية لا تحتمل الشك: 

_ صُح ممكن تموتي وإنتِ عتعملي العملية، بس دي إحتمال ضعيف 


وأكمل مهدداً وهو يتوعد لها بشر أرعبها : 

_ لكن لو معملتهاش السبوع دِه،  موتك عيبجي مؤكد يا حزينة  


إنكمشت علي حالها وضمت ساقيها بساعديها، 

وأكمل هو مُحذراً بعيون تُطلقُ شزراً: 

_ حُطي عجلك في راسك وإعرفي إنتِ عتلعبي ويا مين يا ماچدة 


ثم ضيق عيناه ونظر لها وهتف بفطانة وذكاء:

_ أني واعي لك زين، وألاعيبك الخيبانه دي معتفوتش علي مخي، 

وأكمل بتفاخر:

_  ده أني قدري النُعماني يا بِت إمبارح، قدري اللي السنين علمته وخلته يجدر يشوف في اللعيون اللي عتخبيه النفوس الخبيثة چواها


وأكمل كاشفً ما بداخلها :

_  إنتِ جولتِي في عجل بالك أما أحبل من قدري وأدبسه في عيل وألوي له دراعة وأحطه جِدام الأمر الواجع، وشيطانك جال لك إنك لما تِعملي إكده، معيكونش فيه حل غير إنه يكتب عليّ عِند مأذون 


واسترسل ساخراً: 

_ وتلاجي كمان شيطانك وشوش لك وجال لِك إن ممكن قدري المُغفل ياخدك علي السرايا تعيشي فيها كِيفك كِيف الهوانم اللي ساكنينها.، 


وأكمل بإهانة لشخصها  : 

_ غلبانه جوي إنتِ يا ماچدة،إيش جاب واحده مهشكة زيك لهوانم النُعمانية يا بِت 


نظرت إليه ودمعه سقطت من عيناها وتحدثت :

_  ولما أنتَ شايفني مش قد المقام أوي كده، إتجوزتني ليه؟ 


أجابها بصوتٍ صارم: 

_إتچوزتك لچل مزاچي يا بِت وإنتِ خابرة إكده زين، وأوعاكِ تعيشي في دور المسكينة عشان ملايجكش عليكِ 


تحرك إلي عُليقة الثياب وأخرج حافظة نقودهِ من جيب جلبابه المُعلق، وأخرج منها نقوداً عديدة وتحدث وهو يلقيها بوجهها بإشمئزاز: 

_  خدي الفلوس دي وروحي للدكتورة وخليها تخلصك من المصيبة دي بالذوج،  بدل ما أخلصك أني منيها ومن حياتك كلياتها  ،  أني مبهزرش يا ماچدة وعجولهالك للمرة العاشرة،  خافي علي نفسك مني يا بِت الناس عشان إنتِ مش كَد جلبتي يا حزينة 


إلتقط ثيابهُ وتحدث إليها أمراً بطريقة فظة  : 

_ تعالي إغسلي لي ضهري من الهباب اللي دهنتهولي دي


إستشاط داخلها من ذلك الفظ الذي وبرغم جبروتهُ إلا أنهُ يرتعب من أن تلاحظ عليه فايقة أية تغيرات، ولذلك دائم الحِرص علي إزالة جميع الأدلة والشواهد قبل مغادرته وكر ماجدة الذي يأتي إليه لأخذ متعتهِ الحلال ويرحل  


بعد مُدة كان مُرتدياً ثيابهُ بالكامل ويتحرك إلى الخارج، تتبعهُ تلك الحاقدة التي ترمقهُ بنظرات كارهه،  توقف عن الحركة وأستدار إليها وتحدث أمراً  : 

_ معايزش أعيد حديتي اللي جولته تاني،  تروحي بكرة للحكيمة وتخلصي حالك من البلوة دي 


وأكمل بهدوء لطمأنتها: 

_  وأني إن كان عليا،  هنسي عملتك المهببة دي وأرچع وياكِ كيف اللول تاني


قال كلماته وتحرك إلي الخارج دون إنتظار الرد،  تحت نظرات ماجدة المتوعدة له 


ضلت ساكنه بمقعدها إلي أن تأكدت وصولهُ إلي منزله وأمسكت هاتفها وضغطت زر الإتصال،  كان قد وصل للتو بسيارته إلي حديقة المنزل وصفها وتحرك بطريقهُ إلي داخل السرايا ،

  أوقفهُ رنين هاتفهُ فأخرجهُ من جيب جلبابه، ضيق عيناه عندما وجدها ماجدة،  ضغط زر الإجابة وهتف قائلاً بضيق: 

_ عايزة إيه تاني في ليلتك اللي مفيتاش دي 


وقفت وتحدثت بنبرة حاده صارمة: 

_عوزاك تسمعني كويس أوي وتوزن كلامي يا قدري،  علشان مش ماجدة اللي يتعمل معاها كده يا حبيبي،  مش أنا اللي تاخدني لحم وعاوز ترميني عظم واقف أتفرج عليك يا عنيا،  ده أنا ماجدة والآجر علي الله 


وأكملت بنبرة قوية واثقة:

_  العيل اللي في بطني ده إبنك ومن لحمك ودمك، ومش هنزله حتي لو وقفت علي شعر راسك، وتهديدك ده يا عنيا تبله وتشرب ميته، أنا مش تلميذة علشان أخاف من تهديدك الأهبل ده، ده أنا ماجدة اللي لفيتها كعب داير، مش علي أخر الزمن  هتيجي إنتَ وتخوفني يا إبن النُعماني، 


واسترسلت حديثها بقوة: 

_ الواد هخليه وهتكتب عليا رسمي الاسبوع ده 


وأكملت حديثها بتهديد صريح:

_  ماذا وإلا هاجي النجع وهقابل أبوك وهقوله علي حكايتي معاك، وبالمرة أبلغه عن تخطيتك لما رُحت للراجل بتاع مصر وأتفقت معاه علشان تجوز إبنك علي بنت اخوك اللي مكانتش كملت شهر جواز ، وكمان هبلغ الحرباية مراتك علي جوازنا وإنك مستغفلها ليك أربع سنين بحالهم

  

كان يستمع إليها بذهول، ثم هتف بغضبٍ عارم  : 

_إنتِ واعية للي عتجوليه ده وعارفة عتجوليه لمين يا حزينة؟


إبتسمت ساخرة وتحدثت بجبروت وقوة: 

_ايوة يا قدري، أنا عارفة كويس أوي بتكلم مع مين،  بس يظهر إن إنتِ اللي ما تعرفش إنتَ متجوز مين  


وأكملت بقوة وتهديد صريح :

_  إسمع آخر الكلام ونهايته يا قدري،  قدامك بالكتير إسبوع مفيش غيره وتكون كاتب عليا رسمي،  بعد الإسبوع ما يعدي بيوم متبقاش تلوم غير نفسك 


وأغلقت الهاتف دون إنتظار الإستماع للرد مما جعل قدري يُصيب بالجنون وكاد أن يفقد سيطرتهُ،  كاد أن يهاتفها أوقفهُ صوت تلك الواقفة بشُرفتها تتطلع عليه بإستغراب: 

_واجف عِنديك عتعمل إيه وعتكلم مين في التلفون يا قدري  ؟


إرتبك بوقفته حين إستمع إلي صوتها، رفع بصرهِ يتطلع إليها وتحدث: 

_ دِه واحد كان عيكلمني وعاوز تلفون قاسم،لچل مايكلمه علي جضية واعرة عِندية


أومأت له وتحدثت: 

_  طب يلا إطلع عشان تنام،  الوجت إتأخر 


                            ❈-❈-❈


في اليوم التالي 

داخل غرفة الضيافة الموجودة بحديقة السرايا والتي إتخذها يزن كي يجعلها مسكنً له بعيداً عن تلك اللزجة التي تقتحم حياتهُ ولا تجعلهُ يتنعم بالخصوصية والراحة اللتان حصُل عليهُما مُنذُ أن مّنْ الله عليه ورزقهُ خير الإبتعاد عنها 


كان يقف أمام المرأه يصفف شعر رأسهُ ويُهندم ذقنهُ بعنايه بعد أخذهِ حمامً دافئً،  إستمع إلي خبطات فوق بابهِ الذي يوصدهُ عليه كي يقطع عن ليلي فرص أقتحامـ.ـها للغرفة كعادتها ،  تحرك إلي الباب وفتحهُ، وجد نجاة التي تحمل بين يديها حاملاً موضوع عليه بعضً من المُعجنات وكأسً من المشروب البارد 


حملهُ عنها وتحرك بهِ إلي الداخل وهتف قائلاً بإعتراض وهو يضع ذلك الحامل فوق الكومود: 

_ لحد ميتا عتفضلي تاعبة حالك إكده يا أم يزن  ؟ 


أجابته بنبرة حادة لائمة: 

_ لحد ما ربنا يهديك وتتچوز وأطمن إن بجا لك واحدة تراعيك وتاخد بالها منيك، وتچيب لي منيها الحفيد اللي عموت عليه 


وأكملت بنبرة حزينة وهي تتحرك إلي التخت لتجلس عليه : 

_ لحد ميتا عتفضل حارمني من إني امّني عيني بشوفة عوضك يا يزن،  العُمر بيچري يا ولدي وعيالك إكده عيموتوا في ضهرك يا حزين 


قهقه بشدة وهتف قائلاً بتفاخر مصطنع: 

_  متخافيش علي أحفادك يا أم يزن،  العيال في ضهري كتير بس الصبر 


أجابته بنبرة يائسة: 

_الصبر مّل من كتر صبري يا ولدي


وأكملت وهي تنظر إليه بترقب:

_  أجطع دراعي إن ماكانت الحرباية اللي إسميها فايقة عملالك عمل، وعشان إكده معتفكرش في الچواز علي العجربة بِتها 


أبتسم لها وأقترب وجاورها الجلوس وتحدث بإبتسامة حانية:

_  وإن جولت لك إني لجيت بِت الحلال اللي كُنت عدور عليها ونويت خلاص  ،  عتجولي إيه 


إتسعت عيناها من شدة سعادتها وتساءلت متلهفة: 

_ عتكلم چد يا جلب أمك، 

وأكملت بتلهف:

_  بِت مين في النچع 


إشتدت سعادته عندما لاحظ لهفة وسعادة والدته، فأخبرها بعيون تنطقُ فرحً:

_الدَكتورة أملّ اللي عتشتغل في المستشفي ويا صفا 


إبتسمت بسعادة وتحدثت مُبتهجة : 

_ الله الوكيل أني حبيتها أمل دي من أول مرة شوفتها فيها،  ده غير الكلام اللي عتجوله عنيها أختك مريم،  عتجول فيها شِعر 


إبتسم بسعاده لحديث والدتهُ المُبهج الذي أدخل السرور علي قلبه  ، أما نجاة فقد إختفت إبتسامتها بلحظة وكأنها تذكرت شئً، فتساءلت بترقُب قلق: 

_ بس تفتكر إن الدَكتورة أمل عتوافج عليك يا ولدي  ؟ 


ضيق عيناه قائلاً بتعجُب   : 

_ وأني عيبي إيه يا أمّا لچل ما ترفضني ! 


هتفت سريعً بحنان وفخر : 

_ إنتَ سيد الناس كلياتهم ومليكش زي  يا ضنايا   

وأكملت مُفسرة :

_  بس متأخذنيش يا ولدي، دي لساتها بِت بنوت ومدخلتش دنيي جبل سابج، وإنتَ يعني، راچل متچوز  


تنهد بإرتياح وتحدث بهدوء :

_ من الناحية دي إطمني يا أمّ يزن ، أني فاتحت أمل في الموضوع وهي وافجت، بس ليها شرط 


ضيقت نجاة عيناها وسألته بإستغراب: 

_ ويطلع إيه الشرط دي كمان يا ولدي 

تنفس عالياً وأجابها:

_عوزاني أطلج ليلي 


زفرت بضيق وتحدثت بإستسلام :

_ أهو إكده هي بتحط العُجدة في المنشار  ،  لأن چدك مستحيل يوافج علي طلاج الملعونة ليلي 


تنفس بضيق ونظر أمامه بشرود يُفكر فيما هو قادم عليه ، فأكملت نجاة بنبرة تشجيعية لتبث داخلهُ الحماس وذلك بعدما لاحظت الأحباط الذي أصابهُ جراء حديثها الواقعي بحكم معرفتها بتفكير عِثمان  : 

_ عتكلم چدك ميتا  ؟ 


أجابها بنبرة هادئة: 

_أني كُنت مستني لما عمي زيدان يشد حيله شوي،  بس بصراحة خجلان أكلمه عشان اللي خُصل مع قاسم وصفا 


زفرت نجاة وتحدثت بإمتعاض: 

_ ودي ماله ومال موضوع چوازك،  ولا هُي فايقة وعيالها عيفضلوا موجفين لك حياتك طول عمرهم 


تنهد بضيق وأقنعته والدتهُ بأن يذهب إلى جده مساء اليوم ويفاتحهُ في طلبه


بعد قليل، خرج من غرفته لإنتوائهِ الذهاب إلي المّشفي ليري وجه فاتنتهُ التي لم يعد بإستطاعته عدم رؤياها طيلة الوقت 

نظر للأعلي وجد فارس ومريم يجلسون في شرفتهم يتسامرون ويبدو علي ملامح وجهيهما الإنسجام، تحدث إلي فارس بعدما ألقي التحية عليه وعلي شقيقتهُ الغالية  : 

_ عاوزك في موضوع مهم يا فارس 


أومأ له وتدلي،  وبعد قليل كانا يجلسان في الحديقة الخلفية في صمتٍ تام وترقُب من يزن بعدما أبلغ فارس بأنتوائه الزواج وإبلاغ جده طلاق ليلي 


تحدث يزن علي إستحياء خشيةً حُزن صديقهُ: 

_ أني جولت أجول لك اللول جَبل ما أفاتح چدك في الموضوع لأنك صاحبي ومش عايزك تزعل مني 


أومأ لهُ فارس الذي ينظر أرضً حُزنً علي شقيقتهُ وأردف قائلاً بتفهم  : 

_ أني عارف إن من حجك تتچوز وتخلف زي بجيت الخلج،  بس مكانش ليه لزوم تطلج ليلي يا يزن 


تحدث يزن مفسراً قراره علي إستحياء: 

_ إكده أحسن لـ ليلي يا فارس ،  أني معينفعش أكون معاها زي الأول تاني وإنتَ خابر السبب زين،  معاوزش أظلمها بهُجراني ليها وأشيل ذنبها في رجبتي 


أومأ فارس بتفهم ثم سألهُ مُتعجبً  : 

_ ميتا حُصل العشج اللي بيناتكم إنتَ و أمل دِه  ! 


قطب جبينهُ وسألهُ بإستغراب: 

_  ومين جال لك إننا عنعشج بعض  ! 


نظر لهُ فارس وتحدث بإبتسامة خافتة: 

_ عشان أني عارفك زين يا يزن،  معتاخدش خطوة الچواز مرة تانية إلا إذا كُنت عشجان علي حَج 


إبتسم علي إستحياء وفضل الصمت لعدم أذية مشاعر صديقهُ، فـ ربت فارس علي ساق يزن بإخوة وتحدث بنبرة هادئة:

_ إنتَ راچل زين وتستاهل كل خير يا يزن، مُبارك يا أخوي 


قال كلماتهُ وتحرك إلي الخارج تحت ضيق يزن وحزن قلبه علي اذية قلب صديقهُ الحنون 


                            ❈-❈-❈


ليلاً 

جلس يزن بصحبة جدهِ وأخبرهُ أنهُ إنتوي الزواج من أمل ،  وأنهُ يُريد الخلاص من تلك الزيجة التي تضغط علي عاتقه ولا تدعهُ وشأنه، إستمع الجد له ووافق علي الزواج لكنه إعترض وبشدة متعللاً بقانون العيلة،  


جن جنون يزن وهتف بنبرة غاضبة: 

_ ملعون أبو الجوانيين اللي دمرتنا وخلتنا نلعن حياتنا ونكرهها 


أردف الجد قائلاً بصرامة: 

_ إختشي يا يزن واسمع الحديت،  مش كفاية إني وافجت علي چوازك من واحدة منعرفلهاش أهل وكمان عتجولي إن أمها وأختها معيحضروش فرحها عشان بيناتهم مشاكل  ! 


إعترض يزن بشدة فتحدث الجد مُترجيً:

_  إعملها لوجه الله يا ولدي،  بِت عمك بجت كيف الأرض البور،  محدش عيرضي يتچوز واحدة معتخلفش إلا إذا كان طمعان في مالنا وأراضينا ،  


هتف يزن مُعترضً : 

_حرام عليك يا چدي،  بكفياك ظُلم فيا لحد إكده،  ظلمتني زمان لما أختارت لي ليلي وحطيتها چوة حُضني بالغصب ، 


وأكمل شارحً:

_ وكانت النتيچة إيه؟  عِيشت وياها سنتين ونص چسد بلا روح،  كُت بصبر حالي كل يوم وأجول إرضا بنصيبك يا واد لجل ربنا ما يراضيك،  وحتي بعد اللي عِملته فيا هي وامها وجتلت رچـ.ـولتي وطعنتـ.ـني في ضهري جِدامكم كلياتكم وحبيت أخلص منيها،  بردك وجفت في طريجي وجولت لي بِت عمك وجانون عيلتي مفهوش طلاج،  سكت وجولت سمعاً وطاعاً كيف العادة 


وأكمل صارخً بإعتراض : 

_بس دلوك ربنا فتح لي طريج چديد لجل ما أبدأ حياة چديدة وأخلف عيال ويبجالي بيت زي خلج الله، 


وسألهُ بعيون مُتألمة:

_ مرايدش لحفيدك الراحة ليه يا چدي  ؟ 


تنهد عِثمان بثقل، فحقاً كان الآمر ليس بالهين عليه وتحدث بنبرة حنون: 

_  كيف تجول إكده يا يزن،  ربنا يعلم غلاوتك في جلبي كد إيه،  ده كفاية إن إنتَ الوحيد اللي عمرك ما عِملت حاچة تكدرني،  طول عُمرك طوع وراچل محترم وسداد 

وأكمل شارحً  : 

_  بس غصب عني يا ولدي،  لو سمحت لك تطلج ليلي عمك زيدان عيطلب مني إني أخلي قاسم يطلج صفا،  وعُجد العيلة عينفرط من يدي زي السبحة ومهعرفش ألملمها تاني


نظر لجده وتحدث بتألُم: 

_يعني حضرتك لتاني مرة عتضحي بيا وبسعادتي لچل راحة قاسم ؟  


تنهد الجد بحيرة وتحدث: 

_ متجولش إكده يا يزن، واطمن يا ولدي، أني بنفسي عروح لحد الدكتورة في المستشفي وأطلب يدها لحفيدي الغالي 


إنتفض من جلسته وتحدث بنبرة صارمة: 

_ متتعبش حالك يا چدي،  أني كفيل بإني أظبط أموري بحالي وممحتاجش لحد وياي 


وأكمل بقوة أدمت قلب عِثمان وشطرته لنصفين :

_ بس لازمن تعرف إني ممسامحش في حجي ليوم الدين 


وخرج غاضبً من الحُجرة تاركً عِثمان لعذاب ضميرهُ وألام روحهُ التي أصبحت لم تنتهي 

   

                        ❈-❈-❈ 


داخل القاهرة في الساعة الثامنة مساءً 

فاق من غفوته علي صوت قرع جرس الباب،  إعتدل وجلس يتطلع أمامهُ،  وتحرك إلي الباب وفتحهُ،  قطب جبينهُ وتحدث مُستغربً وهو يتطلع إلي تلك الزائرة الغير مرغوب فيها  : 

_ إيناس،  إيه اللي جابك هنا  ! 


أظهرت حُزنها بعيناها وتحدثت بنبرة زائفة: 

_ هي دي بردوا مقابلة تقابلني بيها يا قاسم بعد كل الفترة اللي بعدنا فيها عن بعض دي 


زفر بضيق وهتف قائلاً بنبرة صارمة  : 

_ إمشي من فضلك يا إيناس،  أنا اصلاً تعبان لوحدي ومش متحمل أي مناهدة أو مناقشة من أي حد 


تحدثت بنبرة جادة  : 

_ أرجوك يا قاسم،  فيه حاجات كتير محتاجين نتكلم فيها علشان نحط النقط علي الحروف  


وأكملت بترجي: 

_  أرجوك 


زفر بضيق ثم وضع يدهُ فوق شعرهِ وسحبهُ للخلف بطريقة تدلُ علي كّم الضيق الذي أصابهُ ،  أشار لها بيده لتدلف وتحرك خلفها فتوقفت هي وتحدثت وهي تنظر إلي الباب قائلة: 

_ نسيت تقفل الباب يا قاسم 


أشار بكف يده سريعً وتحدث بنبرة حازمة : 

_ أنا قاصد إني أسيبه مفتوح ،  إتفضلي قولي اللي عندك بسرعة علشان عندي مقابلة برة بعد ساعة بالظبط، ولازم أكون مستعد لها قبل الميعاد 


إشتـ.ـعل داخلها من إنتقاصهِ الدائم لشخصها وعدم تقديرهُ لكونها زوجته، لكنها خفت مشاعر الغضب وأظهرت حُزنها المُصطنع وتحدثت بحزن : 

_ للدرجة دي يا قاسم؟ 


أجابها بملامح وجه مقتضبة وتحدث بنبرة تدل علي وصولهُ للمنتهي : 

_ ياريت تقولي اللي عندك من غير تضييع وقت، لأن زي ما قولت لك معنديش وقت كافي أقضية في عتاب وكلام لا هيقدم ولا هيأخر 


أخذت نفسً عميقً لتُهدئ بهِ من روعها وغضبها من طريقتهِ الفظة وتحدثت بإستفسار : 

_  ممكن أعرف إنتَ ليه رفضت القضية اللي بعتها لك الإسبوع اللي فات،  الموكل رجع لي تاني وقالي إنك رفضتها 


قضب جبينه ونظر لها بإستغراب وتحدث بنبرة حادة: 

_ رفضتها لسببين،  أهمهم إننا خلاص إنفصلنا عملياً ومش حابب إن يكون فيه بينا أي إرتباط تاني 


وأكمل بنبرة حادة  : 

_ وتاني سبب إن القضية دي مشبوهة يا أستاذة، وإنتِ عارفة إن طول عمري وأنا شغلي نضيف ومليش في القضايا الشمال والطرق الملتوية بتاعة بعض المحامين  


وأكمل برفع سبابته بوجهها: 

_  وياريت الموضوع ده ما يتكررش تاني وإلا رد فعلي هيبقي غبي ومش هيعجبك ولا هتتحمليه 


إتسعت عيناها بإفتعال وتحدثت بنبرة زائفة: 

_ مشبوهة إزاي؟  ده الموكل شكله كان محترم جداً، وكمان كان باين أوي الصدق من كلامه،  وبعدين أنا بعتها لك علشان حسيت إنها قضية مهمة ومن المؤكد إنها هتضيف لك وتعلي من رصيد أسمك ومكتبك في الوسط 


قوس فمه وأبتسم ساخراً وتحدث بنبرة تهكمية: 

_ ولما هي قضية جبارة كده وليها فوايد عظيمة ما أخدتيهاش إنتِ ليه علي الأقل علشان تضيف لإسمك إنتِ ومكتبك زي ما بتدعي  

أجابته بمراوغة وعيون تدعي العِشق: 

_  ده الفرق اللي بيني وبينك يا قاسم،  أنا حبيتك لدرجة إني بقيت أفضلك علي نفسي،  لكن إنتَ ماحبتنيش بالشكل الكافي اللي يخليك تغفر لي موقفي وغضبي لما كنت حابب تفض خطوبتنا وتسيبني بعد ما علقت قلبي وروحي بيك 

وأكملت بنبرة حنون واشتياق: 

_  إنتِ وحشتني أوي يا قاسم،  أنا بعدت عنك وأحترمت رغبتك،  جيت علي قلبي واتحملت وجعه المُميت علي أمل إن حبك وشوقك ليا هيرجعوك لحُضنـ.ـي من تاني، 

توأكملت بأسي مُصطنع:

_   بس للأسف قلبك بقا قاسـ.ـي أوي عليا،  وبدل ما حُبك يرجعك زدت في قسوتك ونسيت أنا كُنت إيه بالنسبة لك  

تنفس بعمق ثم زفر بضيق وبمنتهي البرود واللامبالاة تحدث قائلاً شبه طارداً لها  : 

_  لو خلصتي كلامك اللي جاية علشانة ياريت تتفضلي علشان لازم أقوم أجهز نفسي علشان أنزل للمقابلة 

نزلت دموعها التي إستدعتها بمهارة وتحدثت بإعتراض : 

_ أرجوك كفاية إهانات لحد كده يا قاسم،  أنا إن كُنت متحملة طريقتك دي فأنا متحملاها علشان خاطر بحبك،  بس لازم تفهم إن أنا إنسانة وعندي كرامة وشعور وبحس 


زفر بضيق وسألها بإستفسار: _  إنتِ عاوزة إيه من الآخر كده يا إيناس؟ 

عوزاك يا حبيبي،  جُملة متلهفة قالتها إيناس بعيون راغبه 

وأكملت بخجل مصطنع: 

_ يا قاسم أنا مراتك وبحبك،  وليا عليك حقوق شرعية من حقي عليك تديها لي،  ده شرع ربنا يا حبيبي،  من حقي استمتع معاك بحياتنا الزوجية وأعيش معاك كأي زوجة طبيعية بتحب زوجها،  من حقي أحصل علي حقوقي الشرعية كاملة  

أجابها بملامح وجه صامدة: 

_ الكلام ده كان ممكن اتقبله منك لو كان جوازنا حقيقي وجائز شرعً،  وأظن إن إحنا إتكلمنا قبل كده في الموضوع ده وشرحت لك الوضع،

وأكمل شارحً من جديد:

_ إحنا جوازنا صوري وغير مكتمل للأركان اللي تخليه شرعي يا أستاذة القانون 

سألته بدموعها: 

_ إنتَ إزاي إتغيرت كده،  نسيت إزاي حُبنا وأحلامنا اللي ياما حلمنا نحققها مع بعض،  فين حبك ليا يا قاسم  ؟ 

أجابها بنبرة نادمة:

_ مكانتش أحلام،  طلعت كوابيس خرجت منها مكسور ومتحطم ، 

وأكمل شارحً:

_  إسمعي يا بنت الناس،  وفري محاولاتك دي لأن أنا راجل بحب مراتي ومستحيل أخونها تحت أي مسمي 

أجابتهُ بنبرة غاضبة واعتراض شديد : 

_ حاسب علي كلامك يا قاسم،  أنا كمان مراتك زيي زيها وليا نفس الحقوق اللي ليها ، وحتي لو مكنتش مقتنع بصحة العقد فده مايديلكش الحق في إنك تجرحني وتوصف علاقتي بيك بإنها خيانة لمراتك التانية  

إحتدت ملامحهُ عند إستماعهِ للقب (مراتك التانية)  وتحدث بنبرة صارمة غاضبة : 

_ قصدك مراتي الأولي والآخيرة،  أنا مليش زوجة غير صفا ومش هيكون لي 

وأكمل  وهو يقف لُينهي هذا اللقاء الغير مرغوب فيه قائلاً بإقتضاب.: 

_ ولو مش عاجبك الوضع ومحتاجة تحسي إنك زوجة ،  ممكن تحليني من الوعد اللي رابطني من رقبتي وخانقني، وأطلقك وتروحي تتجوزي وتعيشي حياة طبيعيه 

وأكمل بنبرة جادة : _  وتبقي عملتي فيا جميل عمري ما هنساهولك ، 

وأكمل بإغراء لعلمهِ مّدي جشعها:

_  وصدقيني هعوضك مالياً بمبلغ محترم يأمن لك حياتك 

وقفت وتحدثت بنبرة زائفة مليئة بالحزن: 

_  إنتَ كده بتقضي عليا وبتظلمني يا قاسم 

وأكملت متسائلة: 

_ تقدر تقولي بعد ما تطلقني وأتجوز من راجـ.ـل تاني ، 


وأكملت بحُزن مُصطنع:

_  ده لو فعلاً قدرت أعملها أصلاً وأكون مع راجـ.ـل غيرك  ،  هقول للراجل اللي هيتجوزني إيه لما يلاقيني لسه virgin  ؟ 

نظر لها وتحدث بنبرة هادئة: 

_بسيطة، قولي له الحقيقة  ، وأنا كمان مستعد أروح له وقتها وأشرح له اللي حصل 

وأكمل بتضييق بين عيناه:

_ وأظن إن ده شئ يسعد أي راجـ.ـل لما يكتشف إن مراته لسه بِكر وأنه هيكون أول راجل في حياتها،  ولا أيه يا أستاذة 

وأكمل بضيق شبه طارداً لها وهو يتجه إلي الباب المفتوح علي مصرعيه ويقف بجوارة  : 

_  إتفضلي يا أستاذة 


إستشاط داخلها من ذلك العنيد التي ستخرج كعادتها بيدٍ خاوية وهي التي أتت ومّنت حالها بإستسلامهُ وخضوعهُ لها، خاصةً بعدما هاتفتها ليلي وأخبرتها بما حدث وكيف ترك النجع وهو غاضبً ويتوعد لزوجته التي أهانته أمام جميع العائلة 


تحركت ثم وقفت قُبالته وتحدثت بنبرة حنون زائفة وعيون عاشقة: 

_ أنا ماشية يا قاسم، بس عوزاك تعرف إني هفضل قاعدة في بيتنا ومستنياك، لحد ما قلبك يحن ويعرف مين هي اللي بتحبك بجد ومستعدة تضحي بعمرها كله علشانك 

  

وأكملت بتمني: 

_ هستناك لأخر العمر يا حبيبي 


كان واقفً بشموخ، يستمع لها كصنم لم يتحرك لهُ رمشً ولم ينطق بحرفً واحد ، وما أن خطت بساقيها متجهه إلي الخارخ حتي إستمعت إلي صفق الباب بحدة إهتز لها بدنها وأنتفض علي أثرها 


قبضت علي يدها بشدة وتحركت بنـ.ـارها متوعدة بعدم الإستسلام نهائياً حتي الحصول علي ما حلمت به وتمنت،  وهو التنعم بالعيش داخل ثروة النُعماني وجلب حفيداً ترث به وتضمن به بقائها علي ذمة ذلك العنيد 


                           ❈-❈-❈


 

داخل المّشفي 

قص يزن علي مسامع أمل ما أقرهُ جدهُ بشأن عدم موافقته علي تطليقهُ ل ليلي وطلب منها الموافقة علي الزواج منه علي هذا الوضع وبأنهُ بدأ بتشييد منزلاً خاصً به بجانب منزل عمهِ زيدان،وءلك كي يحميها من غدر ليلي وفايقة 


أجابتة بقوة رداً علي حديثهُ : 

_ إنتَ عارف رأيي كويس بخصوص الموضوع ده يا يزن،  أنا لا يُمكن أكون زوجة تانية تحت أي ظرف أو أي مُسمي ، 


واسترسلت بنبرة قاطعة: 

_ده مبدأي ولا يمكن هغيرة

إنصدم من ردة فعلها الحادة وسألها مستفسراً  : 

_ أفهم من إكدة إنك معيزانيش؟ 


أجابته بثقة وهدوء :

_  بالعكس يا يزن،  أنا عوزاك ومحتاجة لك في حياتي أكتر ما أنت محتاجني بكتير 


سألها بإستغراب حاد : 

_فزورة دي إياك،  كيف عوزاني ومجدراش علي بُعدي، وفي نفس الوجت بتستغني عني وترفضي چوازنا  ؟ 


تنهدت بأسي وأردفت شارحة لهُ وجهة نظرها  : 

_ بس أنا مرفضتش عرض جوازنا يا يزن،  أنا فعلاً عوزاك ومتمسكة جداً بيك ،  وحقيقي وصلت معاك لدرجة إني مش هقدر أستغني عن وجودك في حياتي 


مفهمكيش أني يا بِت الناس ، وضحي حديتك لجل ما أفهمك زين،  جملة نطق بها يزن بتشتُت واضح 


زفرت بضيق وأجابتة بصرامة : 

_ طلقها يا يزن، لو فعلاً بتحبني طلقها 


أجابها بنبرة حادة : 

_معينفعش يا أمل،  چدي مراضيش 


نظرت له بضيق وتحدثت بنبرة قوية: 

_ بس أنا هتجوزك إنتَ يا باشمهندس مش هتجوز جدك. 


أردف قائلاً بنبرة مترجية وعيناي متوسلتان  : 

_ خلينا نتچوز ونطفي لهيـ.ـب جلوبنا اللي عم تتحرج في بُعادنا وبعدها يحلها الحلال 


تحدثت بإهانة بالغة : 

_ للأسف يا باشمهندس، إنتَ ضعيف قدام تحكمات جدك ، وأنا أسفة، مش أنا اللي أتجوز راجل ضعيف 

  

إشتـ.ـعل داخلة ورمقها بنظرة غاضبة بعد أن أهانت رجولتة وتفوهت بما لا يقبلة رجُلً صعيدي علي كرامته وتفوه بنبرة حادة : 

_ لحد إكده وتلزمي حدك يا دَكتورة ، 


وأكمل شارحً لها:

_ أني لا ضعيف ولا جليل ،  أني راچل إبن عيلة ومتربي علي الأصول والتجاليد صُح ،  والأصول بتجول إن العيلة ليها كَبير ولازمن يتسمع كلامة،  ده غير إن مفيش في عيلتنا حاچة إسميها طلاج 


تنفست عالياً وتحدثت: 

_دي مُشكلتك مش مشكلتي ،  وأنا ولا يفرق معايا كُل تقاليدكم وعادتكم دي ، أنا قولت لك شرطي للموافقة ولسه مصممة عليه 

صاح بنبرة حادة غاضبة:

_ ملعون أبوة شرطك علي أبو جلبي اللي عِشج واحدة جلبها كيف الحچر زيك،  مش أني الراچل اللي علي أخر الزمن حُرمة عتتشرط عليه وتمشيه علي كيفها   


وأكمل بقوة:

_   أنا ماشي،  بس جبل ما أمشي أحب اعرفك إني سحبت طلبي الملعون،  ومن إنهاردة يا بِت الناس أني في طريج وإنتِ في طريج 

قال كلماتة وتحرك مسرعً إلي الخارج،  وتركها بقلبٍ يرتجف ويشـ.ـتعل حُزنً علي ما أوصت لهُ ذلك البرئ،  لكنها مازالت مصممه علي رأيها وعدم تغيير مبدأها حتي ولو كان لأجل قلبها،  فليست هي من تقبل بلقب الزوجة الثانية مهما كان الثمن 

________

قبل يوم واحد من إنتهاء مرور المُهلة التي أعطاها قدري إلي ماجدة 

كانت السرايا تإجُ بالزائرين من جميع المحافظة للإحتفال الضخم الذي أعد لهُ عِثمان للإحتفال بفوز زيدان في الإنتخابات البرلمانية وحصوله علي مقعد البرلمان بإكتساح ،  حيثُ أقام إحتفالاً ضخمً وقام بذبح الذبائح ومّد الولائم الفاخرة أمام الحضور لأجل غاليهُ زيدان 

كان قدري يقف جانبً بهيأة متوترة ويتحدث بالهاتف ويبدوا عليه الإضطراب،  ذهب إليه فارس وتسائل مُستفسراً  : 

_ مالك يا أبوي،  فيه حاچة جلجاك إياك  ؟ 

أجاب ولده بنبرة زائفة  : 

_ مفيش يا ولدي،  ده أني كُت بتصل علي أخوك أطمن وأشوفه وصل لفين 

بعد قليل أتي قاسم إلي الإحتفال حيث كان أول حضور له مُنذ تلك المواجهه الحادة،  دلف بسيارته عصراً ودلف لإحتفال الرجال داخل الحديقة تحت إحتفاء بحضورهُ من جميع العائلة، وذلك بعد المجهود الذي بذلهُ لإنجاح عملية وتنظيم الإنتخابات،

أما تلك التي أصحبت حزينة جراء إنقطاع حبيبها عن النجع فكانت داخل سرايا النُعماني، حيثُ إحتفال النساء الذي لا يقل إهتمامً عن إحتفال الرجال، حيث تقديم الاطعمة الشهية والحلوي والمشروبات بكل أنواعها 

إقترب من جلسة جده ومال بجذعهِ وقام بتقبيل كف يده وتحدث بإحترام: 

_ كيفك يا چدي وكيف صحتك 

ربت الجد علي ظهر حفيده بحنان وتحدث بتفاخر وسعادة: 

_ أني بخير طول ما أنتَ وباجي رچالتي بخير يا سبعي   

أومأ له قاسم وتحرك إلي أبيه الذي إحتضنهُ بشدة وربت علي ظهرة بحنان مروراً بعمهِ مُنتصر حتي وقف أمام عمه زيدان ونظر له بهدوء وتحدث بإحترام: 

_ ألف مبروك يا حضرة النايب، وعجبال ما تاخد الدورة الجاية بإكتساح بردك إن شاء الله  

وقف زيدان وتحدث بإحترام وتقدير لدور قاسم قائلاً  : 

_ الفضل لله ثم ليك يا قاسم

وأكمل بإمتنان وأستحسان :

_  لولا الرچالة اللي بعتهم لي من مصر لجل ما يساعدوني وينظموا لي التحركات والدعاية الكبيرة اللي عِملوها لي في المحافظة كلياتها ،  ما كنُتش عاخد الكرسي بالعدد الكبير جوي دي  

إبتسم بخفوت لعمهِ وتحدث بنبرة جادة: 

_ دخولك البرلمان شرف للعيلة وللنچع كلاته يا عمي،  وحجيجي تستحجها،  ألف مبروك 


تركهُ وذهب لشقيقهُ الذي إحتضنهُ بحفاوة،  أما يزن الذي تحرك إليه ووقف يُقابله ثم نظر إليه وتحدث بنبرة مترقبة: 

_ حمدالله علي السلامه يا قاسم 


أجابه قاسم بصمود: 

_ الله يسلمك يا يزن 

شعر بخجله وترددهُ في إظهار مشاعر الاخوة والاشتياق ،  فبادر قاسم بجذبه إلي داخل أحضـ.ـانه وربت علي ظهرة بحماية وأخوة وتحدث بنبرة أخوية حنون: 

_ إتوحشتك يا أخوي. 


إنتفض صـ.ـدر يزن وشعر بحُزنٍ عميق تملك من قلبه،  ولام حالهُ علي تلك السنوات التي أضاعاها أبناء العّم في عداوة واهية  


تحدث يزن الذي مازال قابضً من إحتضانهُ إلي قاسم: 

_ وأني كُمان إتوحشتك جوي يا قاسم،  حجك عليا يا أخوي 


أخرجهُ قاسم من داخل احضانه ونظر لهُ وتحدث وهو يربت علي كتفه: 

_  حجك إنتَ عليّ يا يزن 

  

كاد فارس أن يبكي جراء تأثرهُ بتلك المُصالحة التي تأخرت كثيراً، لكنها بالنهاية أتت،  فأن تأتي مُتأخراً، خيراً من أن لا تأتي من الأساس 


جلس شباب العائلة يتسامرون لحين إنتهاء الإحتفال 

ودلف الرجال لداخل السرايا،  كانت لاتزال بالداخل تجلس بجانب جدتها لحتي تري أسر عيناها الذي إبتعد وكأنهُ يُريد إرسال رسالة إليها ويُخبرها أنهُ ما عاد يهتم لرضاها أو الإبتعاد


دلف للداخل وألقي السلام علي الجميع،  أسرعت فايقة إليه وقامت بإحتضان صغيرها التي إشتاقته حقاً، بادلها حُضنها برعاية وأهتمام 


ثم أقترب من جلسة جدته ومال بجذعهِ علي مقدمة رأسها وقبلها ثم أمسك كف يدها بإحترام ووضع بهِ قُبلة إحترام وتقدير 


كانت تجلس بجانب جدتها بإلتصـ.ـاق،  تسللت إلي أنفها رائحة عِطرهِ الممزوجة برائحة جـ.ـسدهٌ التي تعشقها، وذلك لقُربهِ المُهلك لقلبها العاشق حتي النُخاع فجعلتها ترتجف بجلستها، دق قلبها بوتيرة عالية تُطالبها بالكف عما تفعله والرجوع والتنازل عن عِنادها المميت، ولولا كبريائها وكرامتها لانتفضت واقفة لتُلقي بحالها داخل أحضانه الحانية التي إشتاقتها حد الجنون      

نظر علي ورد التي تجاور رسمية الجلوس بالجهه الأخري  ،  ثم. ألقي عليها السلام بإحترام وقام بتهنأتها بحفاوة تحت إشتـ.ـعال صـ.ـدر فايقة وغيرتها من أن غريمتها أصبحت زوجة النائب وهذا ما سيعزز من مكانتها أمام المركز بأكملة  

ثم حول بصرهِ إليها ينظر عليها بجمود،  وجدها تجلس كشمس صيفٍ ساطعة فرضت أشعتها علي كل ما حولِها فآٌنارتة وجملتة وأعطت لهٌ رونقً خاصً،  طالبهُ قلبهُ بالتنازل عن كبريائه وأن يقوم بسحبها لداخل أحضـ.ـانهُ كي يُشبع روحهُ وروحها ويرحمهما من لوعة الإشتياق 

نظر لها بجمود وتحدث بنبرة حادة عكس ما يدور بداخلهُ : 

_ ألف مبروك لسيادة النايب يا دَكتورة 

اما هي، فقد دق قلبها بوتيرة عالية حين رأته يقف أمامها تبوسامته الطاغية وطولهٌ الفارع ،، فبرغم كل ما حدث منه وما فعلة بها وأشعرها كم هي عديمة الفائدة ولا تعني لهٌ بشئً ، إلا أن ذلك الملعون المسمي بقلبها مازال نابضً بعشقة ،بل متيمً بغرامة المشؤوم 

وكعادتها إستعادت توازنها علي الفور وتحدثت بنبرة قوية وهي تنظر لهُ بجمود مماثل: 

_ الله يبارك فيك يا متر 

تحدث إلي الجميع وهو يتحرك بلامبالاة نحو الدرج للصعود إلي الأعلي : 

_ تصبحوا علي خير 

هتفت الجدة كي تستقطبهُ ليجلس بجانب صفا لعل يحدث في الأمر شئً ويلينا قلبيهما وتصعد معه: 

_ لسه بدري يا ولدي،  تعالّ إجعُد وياي شوي واتعشي معاي 


أجابها وهو يصعد للأعلي: 

_  إتعشيت برة يا چدة،  عطلع أخد حمام وأعمل كام تلفون للشغل 


شعرت بنـ.ـاراً شـ.ـاعلة داخل قلبها من إهانته لها وعدم تقديرهُ الواضح وضوح الشمس إلي الجميع،  إنتفضت بجلستها وتحدثت وهي تتحرك إلي الخارج  : 

_ أني ماشية،  تصبحوا علي خير 


وقبل خروجها من باب السرايا قابلتها تلك الحقود التي وشت لها وهمست بكلمات كالسـ.ـهام القاتـ.ـلة قائلة كي تجعل الشك يتسلل داخل صـ.ـدرها  : 

_ فِكرك قاسم طالع لجل ما يعمل مكالمات شغل بچد 

  

وأطلقت ضحكة شريرة وتحدثت  : 

_ تلاجية إتوحش مّرتـ.ـه المصراوية اللي راح رمي حاله چوات أحضـ.ـانها اليومين اللي فاتوا،  وتلاجية كمان عايز يرچع أمجاده وياها ومكالماته كيف زمان 

نظرت لها بصـ.ـدرٍ يعلو ويهبط من شدة إشـ.ـتعالهِ بفضل نـ.ـار الغيرة التي أصابتها جراء حديثها المسموم ،  سُرعان ما تمالكت من حالها ونظرت لها بقوة وهتفت بعدما إنتوت بقلب الأدوار : 

_  تجصدي كيف يزن مع الدَكتورة أمل إكده؟ 


جحظت عيناها ونظرت لها بعدم إستيعاب 

فأكملت صفا بقوة وعينان سعيدتان وهي تري إحتـ.ـراق روح ليلي: 

_  معرفاش إياك ! 

وأكملت شارحه بتشفي :

_ مش يزن طلب يد الدَكتورة أمل وهي وافجت،  بس شرطها الوحيد إنه يطلجك ويرميكِ برة حياته لجل ما ينضف ويليج بيها 

وأكملت ضاغطة علي كرامة تلك الليلي: 

_وهو وافج علي شرطها لجل ما ينول رضاها عليه ويتنعم چوة حُضـ.ـنها بالحلال، وطلب من چدك إكده 

توأكملت بنبرة حزينة مصطنعة  : 

_ بس يا خسارة،  چدك مرضاش،  مش علشان خاطرك، لا،  

واسترسلت بمكايدة: 

_ چدك مرضاش لجل ما يجطع عليا طريج إن أني كمان أتشجع وأطلب الطلاج من أخوكِ ،  يعني چدك موافجش لچل خاطري أني وقاسم 

نظرت لها بإشــ.ـتعال وتحدثت : 

_كدابة. 


أجابتها بقوة وثبات: 

_ يزن عِندك، وأبوكِ وأخواتك اللي چدك بلغهم بالآمر،روحي إسأليهم،  حتي أمك فايقة،  تلاجيها عارفة ومستغفلاكي 


قالت كلماتها وتحركت إلي الخارج تحت إشتـ.ـعال قلبها وقلب ليلي أيضاً 

بعد مرور حوالي ساعة،  كانت تقف بشرفتها تراقب شرفته وتنتظر خروجهُ كي تري ماذا يفعل بعدما إشـ.ـتعل صـ.ـدرها بـ.ـنار الغيرة من حديث تلك الحقودة 

خرج إلي الشُرفة مُمسكً بيدهِ قدحً من القهوة التي صنعها لحاله مع إحاطة الذكريات التي لم تتركهُ وهو يتذكرها عندما كانت تصنعها له بحب. 

نظر أمامهُ وجدها تتطلع عليه بغيـ.ـرة ونـ.ـار شـ.ـاعله،  لم يعر لوجودها إهتمام،  وبات ينظر للأعلي إلي السماء بترقب واستنشاق الهواء مع إحتساء قهوتهُ بلامبالاة،  كانت تنظر عليه والغل ينهش صـ.ـدرها منه،  كان يشعر بها ومستمتعً بحالتها تلك إلي أن قطع حبل تفكيرهما دخول سيارة الشرطة إلي الحديقة وأزعجهما صوت سرينتها العالي مما جعل قاسم ينتفض ويتحرك سريعً إلي الأسفل 

وصل إلي الحديقة وجد جميع العائلة بدأت بالخروج لمعرفة ما يجري،  فتحرك هو إلي ضابط الشرطة وسألهُ بإستفهام  : 

_ خير يا أفندم 

أجابهُ ضابط الشرطة قائلاً بقوة : 

_  معايا أمر بالقبض علي السيد قدري عِثمان بتهمة قتله لزوجتة، السيدة ماجدة سمير عبداللطيف 

   جحظت أعين فايقة ونظرت إلي قدري الذي تفوه بنبرة مُرتعبه: 

_ ماچدة إتجتلت . 

💘💘💘💘

تكملة الرواية من هناااااااا 

لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا


تعليقات

التنقل السريع