رواية قلبي بنارها مغرم الفصل الحادي والثلاثون والثانى والثلاثون والثالث والثلاثون والرابع والثلاثون والخامس والثلاثون بقلم روز أمين كاملة
رواية قلبي بنارها مغرم الفصل الحادي والثلاثون والثانى والثلاثون والثالث والثلاثون والرابع والثلاثون والخامس والثلاثون بقلم روز أمين كاملة
31💘
في صباح ذلك اليوم الموعود
وصل يزن إلي المشفي منذُ الصباح الباكر كي يُتابع أعمالة الخاصة بالمّشفي والتي باتت من أهم أولوياتة في الفترة الأخيرة حيث كان يشعر برغبة مُلحة بداخلة تحثهُ وتقودةُ علي الذهاب إلي مكتب أمل وخلق الفُرص لمقابلتها وإطالة الاحاديث التي بدأت تُشعرةُ براحة عجيبة لم تنتابةُ من قبل ،والأغرب هي حالة الإنسجام التي بدأت تبدوا علي كلاهُما أثناء وجودهُ مع الأخر
كان يتحرك برواق المّشفي ثم توقفْ فجأةً عندما لمح صفا وأمل وياسر مُقبلين علية، قاصدين الخارج، نظرت أمل إلية وجدتة يتنفس براحة تبدوا علي ملامح وجهة وهو ينظر إليها ويتمعن في ملامح وجهها كعادتة مؤخراً
تفرقت نظراتة علي ثلاثتهم بعدما لمح خجلها وتهرب عيناها من نظراتة المُتفحصة، وسألهم بوجةٍ بشوش :
_ علي فين العزم إكدة أومال يا دكاترة ؟
نظر له ياسر بملامح وجةٍ يائس حزين، فهذا أصبح حالةُ مُنذُ إبتعاد مريم عن عيناة، فُمنذ تلك الليلة المشؤمة وهو يحاول الخروج من دائرة عِشقها البائس ،المُدمر لأحلامة الوردية التي راودتة في عِشقِها، ولكن دون جدوي، فكل يومٍ يمر علية ما يزيدةُ إلا تمسُكً بعشقها الملعون
وأجابةُ مُذكراً إياة بنبرة هادئة :
_أنا يا إبني مش قايل لك من إسبوع إن عندنا مؤتمر في القاهرة وهنحضرة إحنا التلاتة.
أجابهُ يزن ساخراً من حالة وذاكرتة التي خانتة :
_ معلش يا دَكتور، الزهايمر شكلة إكدة مستعچل علي جِلة أصلة وياي.
ضحكت كِلتاهما علي حالة الإنسجام الدائمة بين هذا الثُنائي المرح، نظر إلي صفا وسألها مُستفسراً :
_ وإنتِ كمان غيرتي رأيك ومسافرة وياهم إياك ؟
اجابتة بإبتسامة هادئة:
_ سفري ده سر ميعرفوش غير چدي وأبوي وأمي وإنتَ ، ومش لازمن حد يعرفة يا يزن
ضيق عيناة وسألها مُستغربً:
_والمتر معارفش بسفرك إياك ؟
حركت رأسها يمينً ويساراً بنفي مصاحبة لنظرات ذات معني
أمال لها رأسهُ بتفهم وعلِمْ من مغزي حديثها أنها ستذهب لمقابلة قاسم ومفاجأتة بتواجدها بالقاهرة
نظر من جديد إلي أمل وتحدث بنظرات تتفحص ملامحها التي أصبح يراها جميلة بعد أن كان يبغضها كُل البغض، فسبحان الذي يُغير ولا يتغَير :
_ متتأخريش علينا يا دَكتورة، إنتِ عارفة، مبجناش نجدروا نستغني عنيكي في المستشفي
ثم فاق علي حالة وخشيّ من ملاحظة الجميع لمشاعرة الوليدة وتحدث مُفسراً:
_ إنتِ خابرة إن مفيش غيرك إهنية تخصص نسا وتوليد
إبتسمت بخفة وأجابتة بنبرة هادئة فهي إلي الآن لم تعي علي حالتها وتفسر شعور الراحة الذي ينتابها في حضرتة علي أنه صداقة بريئة :
_ أكيد مش هنتأخر، إحنا حاجزين تذاكر الرجوع إنهاردة بالليل يا باشمهندس، يعني إطمن مش هنوقف لك المستشفي
إبتسم لها بخفة وتمني لهم السلامة والتوفيق في المؤتمر
، تحركوا جميعاً قاصدين محطة القطار واستقلوة متجهين إلي القاهرة، بعد مدة كانوا داخل القاعة الخاصة بعقد المؤتمر، وبعد حوالي ثلاث ساعات متواصلة قضوها داخل المؤتمر خرج الجميع
تحدث ياسر إلي أمل :
_ أنا هروح أشوف أهلي وأطمن عليهم ونتقابل الساعة 5 المغرب زي ما أتفقنا
ووجة حديثةُ إلي صفا بجدية :
_ وإنتِ يا دكتورة، حاولي متتأخريش هنا لو سمحتي، ياريت تكوني في المستشفي بعد بكرة علشان تتابعي حالاتك
أجابتة بنبرة حماسية:
_ إن شاء الله مش هتأخر، أني هبات الليلة وهرجع في القطر بكرة بعد أذان العصر.
تفرق الثلاث كُلٍ علي وجهتة، وذهبت أمل مع صديقتها دكتورة مي التي كانت معها بالمؤتمر ، وتحركت بصُحبتها لقضاء ما تبقي لها من وقت، مع والدة مي التي كانت تنتظر أمل علي أحر من الجمر وذلك بعدما علمت بحضورها المُسبق من مي، وجهزت لها كُل ما لذ وطاب من الأكلات التي تعشقها أمل لتُسعد قلبها وتحاول تعويضها فقدانها للأم والشقيقة اللتان إلتهيتا عن إبنتهما بزواج ريماس من رامي وإنغماسهما داخل دائرة الترف وتذوق حياة الأغنياء
_______________
حضر قاسم جلستان بالمحكمة وتحرك بعدها إلي أحد المطاعم الشهيرة، تناول بهِ غدائة سريعً كي يُتابع باقي أعمالة ، فقد كان يومةُ مُزدحمً للغاية، وكان لابد أن يبدأ بمراجعة ملف القضية التي تم تحويلة إلي مكتبة من خلال أمجد التُهامي بأقصي سرعة لإقتراب موعد المرافعة
هاتف إيناس وأخبرها أن يتقابلا داخل المكتب كي يدرسا معاً الملف، لكنها نبهتة إلي أن وقت إنتهاء العمل داخل المكتب قد قَرب علي مشارف الإنتهاء، وأبلغتة أنةُ ليس من المعقول أن يتواجدا في غياب الموظفين داخل مكتبهما وخصوصاً أن الجميع يعلم بأمر زواجهما، فكيف سيفسرا حراس الأمن تصرفهما ذاك، وطلبت منة الحضور إلي مسكنهما المشترك فرفض بشدة قاطعة،
فأقترحت علية الذهاب إلي سكنة السابق فقابل إقتراحها أيضاً بالرفض التام، فأعلنت إستسلامها وتركت لهُ الخيار وبعد تفكير وحيرة وتشتت لم يجد أمامة سوي أقتراحها الأول ليُنهيا به دراسة تلك القضية التي أجبرتة علي العودة مرةً آخري إلي الجلوس معها علي طاولة عمل مشتركة،
ولكنة أقسم لحالة ووعدها أنها ستكون المّرة الأخيرة التي يرضخ بها لأمرٍ مجبر علي فِعلة، ومهما كلفةُ الآمر من خسائر فادحة بالعمل سيُنفذ ما آنتواة ،فقد قرر أن تنتهي تلك القضية وسيُنهي لإيناس وعدنان عقدي عملهما معه وكنوعً من التعويض عن ما بذلاة داخل مكتبةُ من وقتٍ وجُهد سيدفع لهما مبلغً مناسبً من المال ليبدأ به ويعملا علي إفتتاح مكتبً خاص بهما وبعدها سيضع تلك الصفحة جانبً حتي يمُر العام ويحل حالة من ذلك الوعد الأسود الذي قطعة علي حالة وبعدها سيُغلق تلك الصفحة السوداء ويطويها إلي الأبد
هكذا مّنيّ قاسم حالةِ ونسي أن" ليس كُل ما يتمناهُ المّرء يُدركهُ"
بالفعل توجة إلي الشقة، وبالصدفة البحتة وكأن القدر يُريد فضح مخطتة بشكلٍ مُرتب ، وصلا معاً بنفس ذات اللحظة ورأهما حارس البناية ورحب بهما ثم أشار إلي عامل الجراچ ليأخذ سيارتيهما ليصفهما لهما بداخل جراچ البناية كي لا تُحدث فوضي بالمكان
بنفس التوقيت
ذهبت صفا إلي مكتب المُحاماه الخاص به دون أن تهاتفهُ كي تقوم بمفاجأتهُ كما قررت وإتفقت مع والدتها ، تحركت لداخل المكتب التي أتت بعنوانه من موقع جوجل، سألت أحد رجال الحِراسه الواقف ببداية ممر المكتب، أشار لها علي مكتب السِكرتارية.
دلفت إلي المكتب وتحدثت بوجهها البشوش:
_ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نظرت لها السكرتيرة وأجابتها بنبرة جادة :
_ وعليكم السلام ، تحت أمر حضرتك .
أجابتها صفا بنبرة هادئة:
_ عاوزة أجابل دكتور قاسم النُعماني.
تُنادية دكتور بعد حصُولهِ مُؤخراً علي الدكتوراة في القانون التي ناقشها قبل زفافة من صفا بعدة أسابيع فقط، ليُعزز من مكانتة بين نظرائة من عمالقة القانون
إبتسمت السكرتيرة وأردفت بدُعابة :
_دكتور قاسم مرة واحدة كده،
وأكملت وهي تُشير لها بيدها في دعوه منها للجلوس :
_ طب إتفضلي حضرتك إقعدي وقولي لي نبذة مختصرة عن قضيتك، وأنا هقول لحضرتك مين من الأساتذة التلاته اللي هيفيدك أكتر.
إبتسمت لها وتحدثت مُفسرة:
_ إنتِ فهمتيني غلط، أني مش جاية بخصوص جضية، أني جاية أجابل الأستاذ قاسم بنفسه
أجابتها السكرتيرة:
_ للأسف يا أفندم مش هينفع، لأن دكتور قاسم عندة جلسات في المحكمة إنهاردة وهيخرج من المحكمة علي بيته علي طول، وأصلاً الوقت إتأخر وزمانه خلص ورجع علي بيته.
حزنت من حالها عندما تذكرت أنها وإلي الأن لم تعلم عِنوان منزل زوجها، فطلبت من السكرتيرة برجاء:
_ طب ممكن تديني العِنوان إذا سمحتي.
أجابتها برفضٍ قاطع :
_للأسف ممنوع يا أفندم، معنديش أومر أدي عناوين الأساتذة لأي حد
دلفت إحدي المحاميات المعينة في المكتب وتوقفت حين إستمعت إلي صفا وهي تتحدث:
_ من فضلك تديني العنوان، لأني محتاچة المتر في حاچة ضروري.
وأكملت بمراوغة كي لا تتعرف السكرتيرة علي شخصيتها وتخبر قاسم لتسعدهُ ويضيع عُنصر المفاجأة علي صفا:
_أني جريبته من سوهاچ وكان عِندي شغل إهني ومحتچاة في خدمة ضرورية، وللأسف معييش رقم تليفونة لان تلفوني الجديم ضاع بكُل أرقامة اللي كانت علية
تحدثت السكرتيرة بذكاء :
_بسيطة، خدي رقم التليفون وكلمية وخدي منه العِنوان بنفسك.
قاطعتها المحامية قائلة:
_ دكتور قاسم قافل تليفونه من قبل ما يدخل القاعة، وتقريباً كدة نسي يفتحه، لان أنا لسه مكلماه حالاً كنت محتجاه في إستشارة ضرورية ولقيت فونه مقفول
وأكملت:
_ وبعدين يا سُها الأستاذة بتقول لك إنها قريبته، فيها إية يعني لما تديها العنوان،
وأكملت بتهاون:
_ثم إنتِ لية محسساني إنها أسرار حربية .
أجابتها سُها السكرتيرة :
_ يا أستاذة عبير مينفعش، دي من أبجديات شُغلي ، ممنوع منعاً باتً إني أدي لأي حد عنوان الموظفين هنا
خلاص خلاص، متشكرة لحضرتك، كانت تلك كلمات صفا التي تحدثت بها إليهما وانسحبت للخارج بملامح وجة يائسة، وقررت مهاتفتة بعدما فشلت محاولتها في إيجاد حل لتقوم بمفاجأتة
كادت أن تخرج من باب الشركة لولا صوت المُحامية التي استوقفتها قائلة وهي تعطيها ورقة بها عنوان قاسم الجديد، والتي ذهبت إلية بصحبة العاملين في المكتب يوم عزيمة إيناس لهم كي يقدموا التهنئة بمناسبة زواج قاسم وإيناس :
_ يا استاذة، إتفضلي العنوان أهو
نظرت لها صفا بعيون مُتسعة غير مستوعبة أن القدر يقف بجانبها والحظ يُحالفها والأمور تسيرُ وفق تخطيتها ،ثم استرسلت المحامية حديثها قائلة:
_ معرفش ليه حسيت إنك محتاچة تشوفي الأستاذ ضروري وخصوصاً إنك جاية من سفر
وأكملت برجاء :
_بس ياريت ماتقوليش للأستاذ إن أنا اللي إديتك العنوان، علشان ما تتسببليش في مشكلة.
كانت تنظر لها بسعادة هائلة وألتقطت من بين أصابعها الورقة كما الغريق الذي تعلق بقشة وهتفت بسعادة بالغة:
_ أني مش عارفه أشكر حضرتك إزاي، ومتجلجيش، أكيد مهجولش لقاسم أيتوها حاچة
إبتسمت لها عبير وتحدثت بإستحسان وانبهار ظهر بعيناها :
_ علي فكرة، إنتِ جميلة أوي، مش بس شكلك، لا، روحك وحتي لكنتك الصعيدية زيداكي جمال وحلا
شكرتها صفا بإمتنان وتحركت في طريقها بالسيارة التي كانت قد إستدعتها عبر تطبيق داخل هاتفها الذكي لتوصيلها إلي حبيبها التي تتشوق رؤياة، أعطت للكابتن العنوان وانطلقا إليه
كانت تشعر وكأن روحها ترفرف بسعادة في السماء، كم كانت تتشوق إلي رؤية وجهة وهي تُخبرةُ بحملها لقطعة منة داخل رحمها الطاهر ، تخيلت سعادتة التي ستبدوا علي وجهة وهو يتلقي ذاك الخبر السعيد،
خجلت وأبتسمت بسعادة عندما تخيلت ليلتها التي ستُقضيها داخل أحضانة، كم إشتاقت لضمتة، رائحة عطرة المُثيرة لإنوثتها، قُبلاتة التي ينثرها بسخاء علي جسدها بالكامل ، نظرات عيناة التي تنطقُ عِشقً وهو يتأملُها ، تخيلتة وهو يقضم الشيكولا المُفضلة لديها كعادتة ويُطعمها إياها بفمة لتتناولها منه بإثارة وجنون لكلاهُما ، إكتست وجنتيها بحمرة الخجل حينما وصل تخيُلها وهو يُزيدها من عشقة الذي تتلقاه داخل عالمهما الخاص بهما
____________
عِند قاسم وإيناس
خرجا من المصعد سوياً وهاتفت هي متجر البقالة وأخبرتهم بقائمة ببعض المواد الغذائيّة التي يحتاجها مطبخها، وطالبتهم بإحضارها علي وجة السُرعة
أما قاسم فدلف لداخل المسكن بساقين ثقيلتين مُجبرين علي الدخول، تحرك سريعً إلي غُرفة المكتب وخلع عنة چاكيت حِلتة ثم وضعةُ فوق مقعداً جانبياً بعناية فائقة كي لا يُفسد مظهرة،
وضع مفاتيحةُ وجلس فوق مقعدة، إلتقط نظارتة الطبية من حقيبتة وأرتداها ، ثم مد يدهُ من جديد وأخرج ملف القضية وقام بفتحة وبدأ بقرائتة بعناية وتركيز
أتت تلك التي دلفت لداخل غُرفتها لتخلع عنها ثيابها العملية وتُبدِلها بآخري مريحة ولم يخلو الآمر من تعمدها الدائم لإثارتة حيثُ إرتدت مُتعمدة كِنزة بدون أكمام مفتوحة من الامام وتُظهر مقدمة نهديها وإستدارته، وشورتً قصيراً يُظهر سيقانها العارية ونثرت عِطرها الإنثوي، تحركت وجلست بجانب ذلك الذي لم يعِر لدخولها ولا لما ترتدية أية إهتمام، كظمت غيظها من تعمدة لعدم النظر إليها وإهانتاتة المتعمدة دائماً لإنوثتها التي تراها هي هائلة
بدأ يُحدثها وهو ينظر لتلك الأوراق ويُحرك قلمةِ فوق الكلمات المراد ذِكرها، وأخبرها عن إكتشافة لوجود ثغرات قانونية داخل المحضر الخاص بإثبات الواقعة، إندمجت معة وبدأ يتناقشان ويدرسان الملف بكل دقة واهتمام، فجأة شعرت بصداع وتحدثت إلية وهي تُمسك بمقدمة رأسها بإرهاق :
_ أنا هقوم أعمل لنا فنجانين قهوة علشان نعرف نركز
هتف بنبرة حادة أرعبتها وجعلتها تنظر إلية بحدة وأستغراب :
_ مش هشرب حاجه، إعملي لنفسك وياريت بسرعة علشان منضيعش وقت علي الفاضي
تنفست بغضب وتحركت إلي المطبخ لصُنع القهوة وهي تحاول تهدئة حالها من حالة الغضب التي أصابتها من إسلوبةِ الحِاد
__________
عند صفا
تنهدت بإرتياب عِندما توقف السائق وأخبرها أنها وأخيراً وصلت لمقصَدها وتأكدت منه أنها وصلت للعنوان الصحيح المتواجد داخل الورقة،
ترجلت من السيارة بعدما أعتطة ثمن رحلتها وشكرتة ، وصلت لمدخل البناية وأردفت متسائلة حارسها :
_ الأستاذ قاسم النُعماني موچود فوج في شجتة لو سمحت ؟
أجابها بنبرة تأكيدية:
_إيوة يا ست هانم، لساتة طالع من شوية هو ومّرتة
إبتسمت ضاحكة وهتفت من جديد إلي الحارس التي فسرت حديثهُ علي أنة تشابهت علية الأسماء ليس إلا
هزت رأسها يمينً ويساراً وتحدثت:
_ أني جصدي علي الأستاذ قاسم المحامي اللي ساكن في الدور الرابع.
أجابها بنبرة تأكيدية بها بعض التملُل :
_ ما أني لساتني جايل لك إنة موچود يا ست، لساتة طالع من ياچي نص ساعة هو ومّرتة الأستاذة إيناس اللي عتشتغل وياة محامية في المكتب بتاعة .
قشعريرة باردة أصابت جسدها وكأنها تلقت موجة صقيع مُفاجاة أصابتها برعشة مُفاجأة، وبرغم إرتباكها ونفضت جسدها إلا أنها كذبت هذا الرجُل وقررت عدم الجدال أمام ذلك الأبلة وتحركت إلي المصعد وأستقلتة وضغطت زر الصعود للأعلي، وهيأت حالها لرؤية حبيبها
خرجت من المصعد وباتت تُعدل من وضع ثيابها وهيأتها، أخذت نفسً عميقً وهي تحاول طرد حديث ذلك الأبلة التي تكادُ تُجزم من أنهُ غائب عن الوعي بسبب تعاطية لمادة مُخدرة أفقدتة توازنةُ وبات غير مُدركٍ لما يخرج من فاهه
إبتسمت وإنتعش قلبها بسعادة ممزوجة بخجل وتوتر لرؤية وجة حبيبها، ضغطت زر الجرس وانتظرت، إنقباضة داهمت قلبها وهزتة بصدمة شديدة حين إستمعت لصوتٍ أنثوي يأتي من الداخل قائلاً :
_ إفتح الباب من فضلك يا قاسم.
لكنها تراجعت سريعً عن توترها ومَنت حالها أن هذا هو العنوان الخطئ وهذا هو التفسير الوحيد للعبث الذي يحدُث معها الآن
تراجعت للخلف عندما إستمعت لصوت إدارة مقود الباب، لتعطي لهُ مساحة وتعتذر منه علي الخطأ الغير مقصود وتُغادر علي الفور، ثم تُهاتف حبيبها ليرحمها من تلك التيهة التي أصابتها عن طريق الخطأ
وبلحظة تسمرت مكانها وشعرت بدوارٍ شديد غزي رأسها وبأن عالمها ينهار تحت قدميها عندما رأت مُتيم روحها ومالكُ زمامِ أمرها وهو يقف امامها بكامل هيأتة ، مُرتدياً بنطالة وقميصةُ الذي يُشمرة إلي منتصف معصمة، وما أكمل عليها وذبح روحها هو نُطق تلك التي تقبع داخل مسكن زوجها وتُنادية بحبيبي !!!!!
إنتهي الفلاش باااااك
عودة للحاضر
__________________
وصلت صفا إلي الفندق وأستقلت الباص الذي تحرك بجميع الأطباء الذين أتوا من محافظة سوهاج لحضور المؤتمر،
جلست بجانب أمل التي سألتها بإرتياب عندما رأت تغير وجهها برغم إرتدائها لنظارتها الشمسية العريضة التي خبأت نصف وجهها:
_ إنتِ كويسة يا صفا ؟
نظرت لها من خلف نظارتها وهزت رأسها نافية، وأنسابت دموعها كشلالات تچري فوق وجنتيها وكأن شُحنة قوة تحملها قد نفذت وحان وقت الإنهيار ، سحبتها أمل لداخل أحضانها بعدما شعرت بوقوفها علي حافة الإنهيار، رمت حالها بإستسلام وبكت بشدة وانهيار
أسرع قاسم إلي المطار وسأل عن موعد إقلاع الطائرة المُتجهة إلي سوهاج، علم أنها ستتحرك في غضون الساعة، ولحُسن حظةِ أنهُ وجد أماكن خالية بالطائرة،
علي الفور قام بحجز تذكرة عودة بها وجلس داخل صالة الإنتظار حتي يراها، جاء موعد الإقلاع وبدأ الجميع الصعود علي مّتن الطائرة دون ظهورها مما أصابهُ بالرُعب عليها ، أخرج هاتفهُ سريعً وهاتف ورد لتيقنهُ بعلمها بخط سير إبنتها
تحدث بنبرة مُرتبكة خشيةً من أن تكون صفا قد قصت لها عن ما حدث:
_ أني واجف في المطار والطيارة خلاص جربت تطلع وصفا مجاتش لحد دلوك
وأكمل كطِفلٍ تائة ينظر بعيون زائغة تتلفت هُنا وهُناك باحثً عن مصدر أمانة:
_ معتردش علي تلفوناتي ومعارفش أوصل لها
أجابتة بإستغراب :
_ صفا ركبت الجطر من ياچي ساعة وأكتر
واكملت بتساؤل مُرتبك:
_ هو إية اللي حُصل بيناتكم يا قاسم، طمن جلبي علي بِتي يا ولدي الله يرضي عليك
أجابها وهو يُهرول إلي سلم الطائرة ويصعدة بسرعة فائقة بلحظاتة الأخيرة قبل رفعة عن الطائرة إستعداداً لإقلاعها في الهواء :
_ متجلجيش يا مرت عمي، أني وصفا بخير،
واكمل بنبرة صوت مُختنقة أصابت قلب ورد بالخوف الشديد مما هو قادم:
_هي بس بتچلع علي چوزها لجل متِعرف غلاوتها عِندية ، بس هي متعرفش إنها أغلي الغوالي، والله العظيم أغلي الغوالي ومجامها عالي جوي چوة جلبي
أنهت ورد مكالمتها معه ورمت حالها فوق المقعد بإهمال ونظرت أمامها بشرود تنتظر حضور زيدان من الخارج ليجاورها وهما ينتظرا الكارثة الكُبري التي دائماً ما كانت تشعر بقدومها بقلب الأم
*** ☆***☆ *** ☆***☆***
روايه قلبيّ بنارِهاَ مٌغرمٌ بقلمي روز آمين
وصل قاسم مطار سوهاج وبسرعة الرياح تحرك للجراچ المجاور للمطار والذي يضع داخلة سيارتة الخاصة وذلك ليستقلها إذا عاد يومً مُتاخراً ولم يرد إزعاج من بالمنزل، إستقلها وذهب سريعً متجةً إلي محطة القطار
ووقف ينتظر وينتظر بقلبٍ يأنُ ويصرخ ألمً علي حبيبة قلبةِ التي لم يدق قلبهُ بيومٍ لسواها
داخل القطار، كانت تقبع فوق مقعدها المُريح التي هيأتة لها أمل واراحتة للخلف كي يكون مريحً لها ولا تشعر بمتاعب السفر لاجل جنينها الذي يسكن أحشائها ولا يعرف مصيرةُ مما يحدث
تحرك ياسر إلي كافتيريا القطار وجلب لهما بعض الشطائر والمشروبات الغازية وتحدث بهدوء وهو يترقب ملامح وجة صفا الصامتة التي لا تُنذر بالخير أبدا :
_جبت لكم سندوتشات معايا لما لقيتكم مش حابين تاكلوا في الكافيتريا
بسط ذراعهُ إلي تلك الشاردة التي تنظر أمامها في اللاشئ وكأنها فقدت النُطق والحدس :
_ خدي السندوتش يا صفا، إنتِ مرتضيش تاكلي معانا وإحنا في الفندق وقولتي هتتغدي مع جوزك، وأكيد مأكلتيش لأنك متأخرتيش عندة
لم يتحرك لها سّاكن وكأنها لم تستمع إلية من الأساس
تناولت أمل منه الشطيرة وأمسكت كتفها وتحدثت إليها بهدوء كي تحثها علي تناول الطعام :
_ لازم تاكلي أي حاجة يا صفا، كدة خطر علي حياة الجنين
إنتبهت علي كلماتها الأخيرة وكأنها تناست أمر صغيرها وسط زحمة مشاعرها التي إنتابتها جراء مصَابها الجَلل، نظرت لأسفل بطنها ثم وضعت كف يدها فوق أحشائها ومازال الجمود يُسيطر علي ملامح وجهها، وبرغم قلقها علي صغيرها إلا أنها رفضت تناول الطعام رفضً قاطعً مما جعل امل وياسر يستسلما لرغبتها
قرب ياسر فمهُ بجانب آذن أمل وسألها بهمسٍ لم يصل إلي مسامع تلك الشاردة، عن ما جري لها وجعلها تبدوا هكذا كالأموات، أخبرتة أن لا علم لديها وأنها احترمت صمت صفا وعدم رغبتها في الإفصاح عن ما حدث معها أثناء زيارتها المفاجأة لزوجها
مما جعل ياسر علي يقين بأنها ظبطتة مُتلبسً بوضعٍ مُخل مع إحداهُن، وهذا هو التفسير الوحيد لحالتها تلك
فاقت علي إرتفاع صوت رنين هاتفها، إضطُرت للنظر بشاشتة لتيقُنها أنها والدتها التي تموتُ رُعبً عليها ولذلك تُهاتفها كل نصف ساعة تقريباً، ابلغتها ورد ان قاسم قد وصل إلي محطة القطار وهو الآن بإنتظارها، لم تُعلق علي حديث والدتها إلا بكلمات بسيطة جداً خشيةً هلع والدتها عليها وهي بعيدة عن محيط أنظارها
بعد مرور بعض الوقت
أخرجت هاتفها حينما تيقنت من إقتراب وصول القطار عند المحطة، طلبت رقم يزن الذي كان يجلس بالمحجر بصحبة العُمال وهم يتبادلون بينهم الاحاديث المُثمرة والضاحكة للتسلية ،إبتعد عن العمال ورد عليها مُستغربً إتصالها بذلك الوقت المُتأخر من الليل:
_ كيفك يا صفا
أجابتة بصوتٍ مهزوز ضعيف يإنُ ألمً :
_ تعالّ خدني من المحطة يا يزن، إوعاك تتأخر عليا
إرتعب داخلة وهتف سريعً بلهفة:
_ خبر إية يا صفا، مالك، إية اللي حُصل؟
أجابتة بصوتٍ واهن وكأنها تحتضر :
_ تعالّ بسرعة يا يزن، عاوزة أنزل المحطة ألاجيك مستنيني يا أخوي.
أجابها مُطمأنً إياها وهو يستقل سيارتة الچب وينطلق بها بسرعة فائقة:
_ مسافة السكة وهكون عنديكي ، متخافيش.
_____________
أما زيدان الذي دلف بسيارتة من البوابة الحديدية، وجد ورد تقف بالفيراندا الخاصة بمنزلهما وكأنها تنتظرة ويبدوا علي وجهها القلق وهي تفرك كفيها بتوتر شديد ، مما جعل الرُعب يدبُ بداخل أوصالة
تحرك سريعً إليها بعدما صف سيارتة بعشوائية ، قصت له ما حدث فتحدث هو بنبرة مُطمأنة لها برغم القلق الذي تملك منه :
_ وإية اللي مخليكي جلجانة جوي إكدة، مش قاسم جال لك إنها عتدچلع علية، يعني بسيطة إن شآء الله
أجابتة بإرتياب:
_ عتضحك علي حالك ولا عليا يا زيدان، أني وإنتَ خابرين زين إن صفا مش من البنات اللي عتدچلع علي رچالتها إكدة ، وحتي لو إتچلعت، عتفوتة في مصر وتركب الجطر لحالها من غير متجولة إكدة ؟
وأكملت وهي تُشير بكف يدها بريبة:
_ لاااااا، أني جلبي عيجولي إن فيه حاچة كَبيرة جوي حُصلت لبِتي في مصر
إرتعب زيدان من تلك التي تشعر دائماً بحال إبنتها ولا يخيبُ حَدسِها أبدا
أخرج هاتفة وحدث صغيرته وأبلغها أنه سيذهب لإنتظارها وإصطحابها، رفصت وأخبرتة بصوتها الضعيف الذي أشعل نار زيدان، أنها قاربت علي وصولها إلي المحطة وأن لا داعي لذهابة إليها في وجود يزن
______________
وصل يزن إلي محطة القطار وترجل من سيارتة وما أنّ رأهُ قاسم حتي إهتز داخلة وإشتعل ناراً، تحرك يزن إلية وتسائل بإستغراب:
_ قاسم؟
عتعمل إية إهنية، ووصلت ميتا من مصر؟
بادلهُ السؤال بأخر قائلاً:
_ إية اللي چابك يا يزن؟
أجابهُ :
_ صفا إتصلت بيا من شوي وجالت لي إنها علي وصول، وطلبت مني أستناها لجل ما أوصلها للسرايا
هتف بإقتضاب :
_ مفيش داعي لوچودك إهنية، روح إنتَ وأني هچيبها وأچي
أردف يزن برفض إستفز به قاسم :
_ معجدرش أروح إلا لما تاچي صفا وأطمن إنها بخير، وبعدها همشي طوالي وأفوتكم لحالكم
ثم نظر لهُ بتمعُن وأردف بنبرة تشكيكية:
_ هي إية اللحكاية بالظبط يا قاسم، صفا تسافر لك الصبح وتجول إنها هتبات عنديك، وبعدها تتصل بيا وتجولي إستناني في المحطة ، وأچي ألاجيك واجف إهني مستنيها، مش غريب إشوي الموضوع دي ؟
صاح بضيق وغضب، فأخر شخصً كان يتمني رؤيتة بهذا التوقيت هو يزن :
_ مليكش صالح إنتَ بالموضوع دي وروح يا يزن،
واكمل بنبرة حادة:
_واحد ومّرتة، عتحشر حالك بيناتنا لية ؟
لم يكملا نقاشهما الحاد وتوقف كلاهما عندما توقف القطار وبدأ الرُكاب بالنزول منه، جري عليها قاسم حين وجدها تترجل بضعف وتساندها أمل بكلتا يداها ، تنفس براحة حين وجدها أمام عيناة سالمة، هرول إليها وكاد أن يقترب من وقوفها ليضمها لداخل أحضانة ويطمئن عليها بعد رُعبهِ الهائل الذي أصاب قلبهُ قلقً عليها، بعيداً عن خوفةِ من إفتضاح أمرة، حتي شاهدتة هي وتراجعت للخلف سريعً ووضعت كلتا يداها كسدٍ منيع وهتفت بنبرة تهديدية حادة :
_ إوعاك تجرب مني ولا تحاول تحُط يدك عليا
رفع كلتا يداه لأعلي في حركة إستسلامية وتحدث مُهدءً إياها:
_ خلاص إهدي، مهجربش منيكي، بس تعالي إركبي معاي العربية لجل ما أوصلك البيت ونطلع علي شُجتنا ونتكلموا
صاحت به وهي ترمقةُ بنظرات كارهة مُشمئزة مما جعل يزن يقف مُزبهلاً مذهولاً مما يري:
_ لساتك عم تجول شجتنا، إحنا خلاص يا متر ، معادش فية حاجة هتجمعني بيك تاني من إنهاردة
إقترب منها يزن فأسرعت هي إلية وأمسكت ذراعة لتحتمي خلف ظهرة وتحدثت بعيون مُستعطفة ونبرة ضعيفة قطعت بها انياط قلوب المحيطين حزنً عليها :
_ خدني من إهنية ووديني عِند أبوي يا يزن.
جحظت عيناة حينما رأها تستنجد بغيرة لتحتمي منة، أشتعلت نار صدرة وجري عليها وجذبها بقوة وأمسك كف يدها بعناية وكأنة يخشي هروبها منه، وبدأ بسحبها خلفة إلي مكان السيارة تحت نظرات المحيطين بهم الذين يُشاهدون ما يحدث من حولهم بترقب وكأنهم يُتابعون فيلمً سينمائيّ ، جري يزن علية حين إستمع لصوت صفا وهي تستنجد به وتحاول فكاك يدها من قبضتة القوية بكل ما أوتيت من قوة، ولكن دون جدوي
جذبها يزن من يدة بقوة وتحدث إلي أمل التي تشاهد ما يجري أمامها بقلبٍ مُرتجف وجسدٍ ينتفض :
_ دخليها عرببتي بسرعة يا دَكتورة
أسرعت عليها أمل وساعدتها في الصعود إلي السيارة وأحكمت غلقها عليها تحت دموع تلك التي تنظر علي قاسم ويزن وهما يقتتلان بعنف ويحاوطهما بعضً من البشر وياسر الذي تدخل لفض تشابكهما الذي وصل لضرب كلاهما للأخر بطريقة عنيفة
أفلت يزن حالةِ من بين يداة وجري علي سيارتة وأستقلها سريعً تحت صياح قاسم الذي يُكبل جسدة من قبل المتداخلين لفض الإشتباك، صاح بهما بغضب وخلص جسدةِ المُكبل بغضب، وجري علي سيارتة وأستقلها وتحرك خلف يزن بجنون
نظر ياسر إلي أمل وتحدث بإرتياب:
_العيلة دي كل رجالتها مجانين رسمي
تنهدت بأسي وتحدثت بنبرة حزينة:
_ من فضلك يا دكتور توقف لي عربية علشان توصلني السكن، وياريت لو كلمت يزن وطمنك علي دكتورة صفا تبقي تتصل بيا وتطمني
أماء لها بموافقة وتحركا سويا
نظر يزن إلي صفا وسألها مُستغربً:
_ إية اللي حُصل يا صفا ووصل قاسم لحالة الچنان اللي هو فيها دي؟
أجابتة بنبرة واهنة ودموع غزيرة شقت بها صدر يزن:
_ وِلد عمك دبحني يا يزن، المحامي اللكبير طلع مستغفلني ومتچوز عليا وجاعد ويا عروستة يجضي شهر العسل في مصر
قور يدة ودق بها مقود السيارة بعنف وتحدث من بين اسنانة وهو يسبةُ بغضب:
_عِملتها يا قاسم ال....، خُنت ثجت چدك وعمك فيك برغم إني حذرتك
توقفت عن البكاء ودققت النظر للجالس بجانبها وسألتة:
_ معناتة إية الكلام اللي عتجولة دي يا يزن؟
كُنت عارف بموضوع چوازة إياك؟
زفر بضيق وتحدث بنبرة غاضبة وهو يتابع القيادة بسرعة وحذر ليتفادي ذلك المجنون الذي يقود سيارتة بطريقة جنونية ويتتبعةُ:
_ اللحكاية ليها أصل يا صفا، موضوع عشجة لزميلتة دي من زمان جوي، من ياچي تمن سنين وأكتر
كانت تستمع إلية بذهول،ذُبحت كلماتهِ القاسية قلبها العاشق، شعرت بتداخل أصوات عالية وغريبة وأحداث كثيرة تداخلت وتراكمت فوق بعضها وأحدثت فوضي بعقلها ، باتت الذكريات والمواقف تغزو عقلها وبدأت بتذكر ليلة تخرجها وما قالهُ لها من حديثٍ مميت لكرامتها وآنوثتها،
تيهه وذهول وكأنها داخل دوامة تسحبها داخلها وتمنعها من التركيز، باتت تُفرق نظراتها علي من يجلس بجوارها وهو يقص عليها كل ما يعرف عن قصة غرام قاسم بصديقة دراستة وعملة والمكالمات الهاتفية التي كان يستمع إليها بالصدفة،
حتي مكالمتة ليلة الحِنة ذكرها لها، حولت بصرها للذي يُنادي علي إسمها بصراخ وهيأة جنونية وهو يحث يزن علي التوقف الفوري ويترجاها بعيناة الصارخة ،، شعرت بصداع شديد من شدة تداخل الأحداث ببعضها ومن عدم قدرت عقلها علي إستيعاب كل تلك المعلومات التي أصابتة بالجنون، ضمت رأسها وأحتوتها بكفيها وهي تضغط بهما فوقها وتهز رأسها يمينً ويساراً بعدم تصديق لكل ما يجري من حولِها
ما شعرت بحالها إلا عندما توقفت السيارة عن الحركة فجأة وهي تُحدث صوتً عالياً نتيجة إحتكاك إطارات السيارة بالأسفلت ، نظرت حولها بتيهة وجدت والداها ينتظراها بترقب والقلق يظهر فوق ملامحهما، وما أن إنتوت النزول حتي وجدت سيارة قاسم هو الاخر قد توقفت بنفس تلك الطريقة وكأنة مشهداً مُكرر أمام عيناها
نزل يزن من سيارته وأيضاً قاسم الذي جري علي صفا وتحدث برجاء،:
_ بلاش تضيعي كل اللي بيناتنا في لحظة غضب يا حبيبتي، تعالي نطلع فوج في شُجتنا وأني عجولك علي كل حاچة
بكت بدموعها الغزيرة وتحدثت وهي تُميل راسها بضعف:
_ مبجاش لية لزوم حديتك
وأكملت وهي تهز رأسها بضياع ومرارة:
_ معرفت كُل حاچة خلاص، عرفت إني أكبر مغفلة لما صدجت واحد الخيانة بتچري في دمة كيفك يا حضرة المحامي، عِرفت إني كنت مچرد تسلية عتتسلي بيها في وجت فراغك وإنت جاعد بعيد عن حبيبتك
أمسكها من يدها فنفضت يده وصاحت بصراخ خرج علي أثرة جميع من بالمنزل بأكملة:
_بعد يدك عني يا خاين ناسك
جري عليها زيدان وتحدث بنبرة غاضبة:
_ عتجولي إية يا صفا؟
نظر لها قاسم يهز رأسه بتوسل ويترجاها بنظراتة أن لا تفصح عن ما حدث كي لا تخلق فجوة كبيرة بينةُ وبين عمة
ضربت بتوسلاتة عرض الحائط وحولت بصرها وهتفت بألم شرخ صدر زيدان لنصفين وتحدثت:
_ عجول اللي عرفتة وشفتة بعنيا يا أبوي، إبن أخوك المحترم طلع متچوز عليا بجالة شهر
إتسعت عيناي زيدان بذهول حين دبت ورد علي صدرها بصرخة مؤلمة دوت بأرجاء المكان ، أما فايقة التي كانت تنظر من شرفتها بالطابق العلوي بعدما خرجت سريعً علي صياح صفا واستمعت بإعترافِها، فنزل الخبر عليها كالصاعقة الكهربائية وأرتعب جسدها لعدة أسباب، أهمهما هو غضب عتمان علي ولدها وطرده وحرمانة من جنة النُعماني وأموال العائلة، ويليهِ طلاق قاسم لإيناس الذي أصبح مؤكداً وهو لم يلمسها إلي الآن، وبالتالي لم تستطع تحقيق إنتقامها الأسود بالشكل الذي يليق بإهانة زيدان لها
وليلي التي تقف أيضاً بشرفتها وهي تُربع ساعديها وتضعهما فوق صدرها وتنظر إلي إنهيار صفا التي ترتمي داخل أحضان زيدان بجسدٍ هزيل ينتفض من شدة بكائها المتواصل،إبتسمت بشماتة وهي تهز ساقيها بسعادة وروحها تُحلق حول السماء، وكأنها تتراقص علي صوت شهقات صفا التي تصل لأذنها كسيمفونية رائعة قام بعزفها أعظم الموسيقيين
ومريم التي خرجت أيضاً بشرفتها وقلبها ينزف دمً علي إبنة عمها الخلوق التي لم تستحق ما فعلةُ بها مَن عشقتة حتي أتي العشق مُنتهاة، يجاورها ذلك المُتألم لأجل إبنة عمة وشقيقة الواقف كالمدبوح
وقدري الذي لا يعلم كيف نزل الدرج وأصبح بجوار نجلة كي يُساندة في مصيبتة تلك
توقف الجميع عن الحديث عندما إستمعوا لصوت الجد الغاضب الذي صاح من نافذة حُجرتة وتحدث بنبرة صارمة:
_ معايزش أسمع لحد فيكم صوت،
وهتف بحدة:
_ زيدان، هات بتك وتعالي علي المندرة.
ورمق قاسم بخيبة أمل وتحدت بحدة وغضب:
_ وإنتَ كمان تعالي يا وِلد قدري
تنفس بيأس عندما ناداهُ جده بإبن قدري، فهذا اللقب ينادية به عندما يخيب أملة به
*** ☆***☆ *** ☆***☆***
روايه قلبيّ بنارِهاَ مٌغرمٌ بقلمي روز آمين
داخل حُجرة الإجتماعات الخاصة بالعائلة
كان جميع من يهمهُم الآمر يقفون متأهبون لمناقشة تلك المصيبة الكبري التي حلت علي رؤوس الجميع بلا إستثناء،
عِثمان، رسمية، زيدان، ورد، قاسم، صفا، قدري، فايقة، وفقط لا غير، حيث أخرج الجد باقي الحضور لتكون الجلسة لمن يمسهُ الأمر وفقط
كانت تجاور والدها الوقوف وهو يحتويها بذراعية ويلفهما حولها برعاية ليُطمأن روحها المهترئة
أما هو فكان يقف بمنتصف الغرفة كالمتهم الذي ينتظر النُطق بإصدار الحُكم علية، مّصوبً عيناه أمامةُ في نقطة مُعينة بالجدار وذلك لعدم قدرتة النظر بكّم العيون المصوبة إلية وكّمٍ هائل من الأسئلة تدورُ بأذهانهم وتظهر بأعيُن الجميع ، وأهمها لما ؟
كّم كان يشعُر بخزيٍ وعار لموقفةِ الذي وضع به أسفً
دقق عِتمان النظر إليه وتحدث قائلاً بنبرة بائسة، نادمة، لائمة :
_ تِعرف إية هي غلطتي الوحيدة وياك ؟
غلطتي إني إديتك الأمان ومتوجعتش إن الطعنة هتاچيني منيك، أمِنت لك وأمّنتَك علي چوهرتي وچوهرة أبوها الغالية، بس نسيت إنك وِلد قدري،
واسترسل بفحيح وإهانة:
_ نسيت إن الغدر والخيانة عَيچروا چوات دمك كيف الماية مبتچري جوات المِچريّ
وأكمل بإهانة:
_ طلعت وِلد أبوك صُح يا قاسم
وأكمل وهو ينظر إلي قدري بإشمئزاز :
_ وراثة أصلها
ثم دقق النظر إلي قدري وبحديث ذات معني ومغزي تفوهَ قائلاً :
_ بس أبوك غدر باللي يستاهل
إبتلع قدري لُعابهُ رُعبً ونظرت فايقة إلي زوجها مُضيقة العينان غير مُستوعبة ما يقصدهُ عِثمان، نفضت رأسها من تلك الأفكار التي طرأت علي مُخيلتها جراء نظرات وحديث عِثمان، فهي الآن ليست بحاجة إلي ما يُزيذ من تشوش عقلها أكثر
أعاد عِتمان ببصرهِ من جديد إلي قاسم الواقف مُتخشبً بصمود وملامح وجهِ مُبهمة واسترسل حديثهُ :
_ لكن إنتَ تخون بِت أبوها الزينة ليه ؟
وصاح بأعلي صوتة، غاضبً وهو يدق بعصاه الأرض بحده أرعبت الجميع :
_ تخوني وتخون ثجت عمك فيك ليه ،، ليه يا ولد قدري ليه؟
وهُنا قرر الخروج عن صمتهِ بعدما أستفزةُ عِثمان بنبرتةِ المُرتفعة وحديثهُ المُهين، وسألةُ بصوتٍ جهوري غاضب وكأنة كان ينتظر لحظة الإنفجار وها هي قد حانت :
_ صُح معارفش أني ليه عِملت إكدة يا چدي ؟
وأكمل بنبرة غاضبة كي يكشف له حقيقتة المُرة ويُرية حقيقتةُ العارية أمام عيناة، وكيف فعل بأحفادة عندما قام بإجبارهم، تحدث مُتناسيً تلك التي تقف بكيانٍ مُدمر :
_ عِملت إكدة لجل ما أكون أخدت جرار واحد لحالي، حبيت أعيش شعور إني راچل وليا رأي وكِلمة ، حبيت أحس إني إنسان وليا كياني ومن حجي الإختيار ، حبيت أخرچ مرة واحده من تحت عبايتك وچلبيتك اللي مغمي بيها عنينا طول الوجت وساحبنا وراك كيف المواشي ، كان نفسي أچرب شعور الإختيار وإن مش كل حاچة بالإجبار
وإنتَ عشت عُمرك كِلياته مِتساج ومليكش كلمة ولا رأي وكنت راضي، ويوم ماتجرر تُبجا راچل وليك رأي وجيمة ، يكون أول جرار ليك هو دبحي وخيانتك وغدرك بيا ؟ جملة تفوهت بها صفا بنبرة ساخطة
تحرك إليها قدري ووقف قبالتها وتحدث بحدة:
_المّرة اللي عتكلم چوزها وتهينة إكدة جِدام الرچالة، تُبجا مّرة ناجصة رباية ومحتاچة اللي يعيد تربيتها من چديد يا عادمة الأدب والرباية
و قام برفع كف يده لأعلي ليقوم بصفعها، سبقهُ قاسم الذي جذبها وادخلها بداخل أحضانه ولف أحد ذراعية حول ظهرها والأخر حَمي به رأسها التي دفنها داخل صدرهِ بعناية وخوفٍ شديد
وألتف بجسدهِ ليقابل هو والده مخبئً صفا بين أحضانه وتحدث قاسم إلي والده بعيون تشع غضبً:
_ أبوووي، بعد يدك وبلاش تحط حالك جِدام طوفان غضبي ، لأني مهسمحش لمخلوج يمس شعرة واحدة من مّرتي طول ما أني عايش علي وش الأرض.
جري عليه زيدان الذي جذب تلك التائهة المُتخبطة من بين أحضانة وأدخلها بصدره محتوياً إياها هاتفً بصياح:
_ مّرتك مين يا واد اللي عتتكلم عليها دي، إنتِ فِكرك إني عخليك حتي تشم ريحتها بعد اللي عِملتة فيها يا بايع ناسك
شعر بجملة عَمة وهي تشطر صدرهُ لنصفين ،، أحال بصرهِ سريعً علي تلك الباكية، وجَدها تنظر إلية بذهول والمرارة والألم يُسيطران علي قلبِها النازف، حينها شعر بكّم الآذي النفسي الذي تلقتة حبيبتة علي يدة عِندما تحدث بوضوح كي يُظهر لعتمان حقيقتة البشعة، ونسي تلك الواقفة التي إستمعت لإعترافاتةُ المُميتة لشخصها ولقلبها العاشق
حين تحدث الجد إلي قدري بصياح وصدرٍ يعلو ويهبط بغضبٍ عارم:
_ كَنك إتچنيت يا عديم المروئة ، بجا عاوز تمد يدك علي بِت أخوك في وجودي ووچود أبوها يا عويل
وأكمل بإهانة لرجولتة:
_طب ولما أنتَ راچل إكدة وبتعرف تربي، مش كان من الأوليّ إنك تربي مّرتك وبتك، علي الاجَل مكنوش كسروا رجبتك وخلوك مّسخرة جدام الكِل يا دلدول المّرة
أنزل قدري بصرةِ للأسفل خجلاً من نظرات الجميع المُشمإزة منه
حين نظر زيدان إلي قاسم بعيون لائمة لنجلهِ الذي لم يُنجبة مثلما دائماً يُلقبةُ :
_ جِبلت بالكَسرة كِيف علي بِتي يا وِلد أخوي؟
هي دي أمانتي اللي وصيتك عليها وهو دي وعدك ليا؟
وأكمل بعيون شبة باكية هزت كيان قاسم بالكامل:
_ مش جولت لي إنك معتكسرهاش ولا عتزعِلها في يوم ؟
وأكمل وهو ينظر داخل عيناة ويسألة بحدة:
_ ده أنتَ وعدتني يا واد، خونت عهدك ودوست علي كلامي وكرامة بِتي بچزمتك لية ؟
وأكمل وهو يُشير إلية بكف يده:
_ طب كِيف جِبلتها علي حالك تطلع عيل إصغير ومنتاش جد كِلمتك اللي إدتها لي ؟
كان يستمع لكلمات عمة وكأنها سِياطٍ حَاد تنزل علي جسدهِ بقوة وبدون رحمة وتجلدةُ حتي النزف وتُمزق كل إنشٍ به، كمّ شعر بضألتة وخستة بتلك اللحظة، حتي أنةُ تمني في تلك اللحظة أن تنشق الأرض لنصفين وتبتلعةُ ويُصبحَ نسياً منسيا
إبتلع سائل لُعابةِ وأجاب عمة مُبرراً بصوتٍ ضعيف مُنكسر ونظرة عين خَجلة:
_علي عيني كسر وعدي ليك والله يا عمي، كُل اللي حُصل كان غصب عني واتغصبت علية
وكَاد ان يُكمل لولا صوت تلك الغاضبة التي رمقتة بإشمئزاز وصاحت بقوة وصراخ:
_ كذااااب، كذاب ومليكش كِلمة ولا عهد يا قاسم
حول بصرة إليها سريعً ونظر لها بعينان مُتسعتان فأكملت هي بنبرة عالية وعيون غاضبة كارهة :
_كذاب والكذب بيچري چوة دمك كيفة كيف الخيانة، مّرتك اللي إتچوزتها دي كانت زَمِيلتك في الچامعة، وبعدها خدتها وشغِلتها ويّاك في المكتب لجل متكون جَريبة منيِك
إتسعت عيناه بذهول ودب الرُعب بأوصالة، ودار سؤالاً ببالهِ، من أين لها بكُل هذة المعلومات !
طرحت علية سؤالاً وهي ترمقةُ بعيون مُتسعة من شدة غضبها:
_ تنكر إنها حُب عُمرك وبجالك تمن سنين بتكلمها في التَلفون وتحب فيها ؟
نظر لها بإستعطاف وأمال برأسهِ لليمن يترجاها بأن ترحم قلبةُ من نظراتها القاتلة لروحة، وبأن تصمُت لحين صعودها معهُ لمسكنهما الخاص،وحينها سيأخذها بداخل أحضانة ويُطيب جراحها أولاً، ثم يشرح لها كُل ما حدث معه مُنذُ البداية وحتي اليوم ،
مسكين أيها القاسم، فيبدوا أنكَ وإلي الآن لم تتعرف جيداً علي الوجة الحقيقي لإبنة أبيها العزيزةً
كانت تُبادلةُ نظراتها بكارهة وبلحظة تحولت إلي مُنكسرة، خانتها دموع الحَسرة والألم وأردفت قائلة بنبرة نادمة جالدة لذاتِها :
_ بس إنتَ مش غلطان، أني اللي رخصت حالي لما جِبلت أتچوزك بعد ما چيت لي جبل فرحنا بأسبوعين وطلبت مني أروح لچدي وأجولة إني معيزاش الچوازة دي
وأكملت:
_كان لازم أعرف إن فية في حياتك واحدة تانية لما دبحتني وجولت لي إن مش إنتَ الراچل اللي هتجبل إن غيرك يختار لك المّرة اللي عتنام في حُضنك
إتسعت عيناي ورد ووضعت كف يدها تكتم بهِ شهقتها من ذهولها الذي أصابها من ما أستمعت إلية
أما زيدان الذي إستشاط غضبً وأشتعل داخلة من كّم الإهانات التي تعرضت إليها صغيرتة وخبأتة بداخلها وتحملتها لحالها كي لا تُحزن أبويها
صاح بنبرة غاضبة وهو يسألها بنبرة حادة:
_ كيف سكَتي ورضيتي بالمزلة دي يا صفا، ميتا ربيتك علي علي الرضوخ والمزلة أني ؟
حولت بصرها إلي جدها ووجهت إلية نظرات لائمة لتحميلةُ ذنب كل ما حدث لها وتحدثت بدموع وضعف :
_ إسأل چدي مين اللي خلاني أرضخ وأحط كرامتي وجِيمتي تحت رچلين حفيدة اللكبير، وكُل دي لجل ما يضمن وچودة چارة،
وأكملت بدموع مؤلمة ونبرة مُنكسرة شقت بها قلب عِثمان وأدمتة:
_ مش أني وجتها إترچيتك وجولت لك بلاش ترخصني جوي إكدة يا چدي؟
ورفعت يداها وكتفيها بإستسلام وأكملت بدموعها:
_ شفت وصلتني لفين، سلمتني بيدك للي دبحني وداس علي جلبي وكرامتي بأوسخ چزمة عِندية
شهقة عالية خرجت من رسمية نتيجة دموعها الأبية نادرة الهبوط والتي زرفتها حُزن علي صغيرة ولدها الغالي الذي يقف بقلبٍ بأنُ ألمً لأجل صغيرته
أما عِثمان فأنزل ببصرةِ لأسفل قدمية خزيً وألمً علي ما أوصل به تلك الأبية
نظر زيدان وهتف بأعلي صوتةِ إلي قاسم أمراً غير مبالياً بالجميع :
_ طلجها يا واد، إرمي عليها اليمين.
إنتفض قلبهُ رُعبً ونظر لها بعيون مُرتعبه وتحدث بقوة وإستماتة:
_ مفيش جوة علي وجة الأرض تجبرني إني أطلج مّرتي،
ونظر لداخل عيناها الباكية وتحدث بقوة:
_ صفا مرتي ومهيبعدنيش عنيها غير الموت
صاح زيدان بكل صوتهِ قائلاً بنبرة غاضبة وكأنةُ تحول إلي غول :
_يُبجا عطلجها ورچلك فوج رجبتك،
وأكمل مُهدداً:
_يا أما موتك هيُبجا علي يدي لجل ما أخلص بِتي منيك يا خاين العهد
إنتفض قدري رُعبً من هيأة زيدان الجديدة علي الجميع، وفايقة التي كانت تقف كالفرخ المبلول من شدة غضب عتمان وزيدان أيضاً
وهُنا تحدثت ورد التي صاحت بدموع رافضة حديث زيدان قائلة بنبرة مُتألمة :
_ معادش ينفع يا زيدان، بتك معينفعش تطلج
حول بصرهِ إليها سريعً وتسائل بذهول قائلاً :
_ إنتِ اللي عتجولي إكدة يا ورد؟
نظرت إلية وهتفت بدموع مريرة :
_ بِتك حِبلة يا زيدان .
إتسعت عيناه من شدة ذهولة، وتسارعت دقات قلبة بوتيرة عالية، كاد قلبهُ أن يقفز من بين أضلعه ويُسرع إليها ليحتضنها ويُطبطب علي قلبها الجريح، ويضع يدهُ علي أحشائها ليُطمئن صغيرة من حالة الهلع التي أصابتة بالتأكيد
جحظت عيناي فايقة التي قامت بأطلاق الزغاريد وكأنها وجدت كَنزاً سمينً ،
نهرتها رسمية التي هتفت بقوة أخرستها وجعلتها تنكمش علي حالها :
_ إكتمي نفسك يا مّرة يا سَو لأكتمهولك أني
فرقت نظراتها إلي الجميع بتيهة، وفجأة شعرت بغيمة سوداء تُقدم عليها وتبتلعها داخلها، فأستسلمت لها وماشعرت بحالها إلا وجسدها يتهاوي وكاد أن يسقط أرضً معلناً عن إستسلامة وعدم قدرتة علي التحمل بَعد، جري عليها سريعً وتلقي جسدها بين ساعدية قبل إرتطامة بالأرض
حين صرخت ورد بإسم إبنتها التي حملها قاسم بين يدية كجثة هامدة
إنتهي البارت
قلبي بنارِها مغرم
32💘
صرخت ورد بإسم إبنتِها التي أعلنت عن إنهيارها التام وكأن جسدها لم يعُد لدية القُدرةِ علي التحمُل بَعد، فقام برفع رايتة البيضاء وأستسلمَ لتلك الغيمةِ السوداء التي سحبتها بداخلها ، وكأنها بفقدانها للوعي الكامل قد أعلنت إنسحابها من تلك المعركة الغير متكافئة
هرولت ورد خلف ذلك الذي حمل حبيبتة بقلبٍ يرتجف رُعبً علي من مَلكت الفؤادِ وأصبحت لهُ المعني الحقيقي للحياةِ ، كان يصرخ بكُل صوتهِ ويأمرهُم بإحضار طبيب ليفحصها، أسرع لخارج الحُجرة سريعً وأتجة بها إلي غرفة جانبية مُتجهزة ومخصصة لإستقبال أية زائرين تضطرهم الظروف للمبيت داخل سرايا النُعماني
إنتفضت مريم من جلستها وفارس الذي يُجاورها الجلوس بالأريكة وباقي أفراد العائلة الذين كانوا ينتظرون نتائج تلك الجلسة الساخنة، بقلوبٍ ترتجفُ رُعبً علي ثُنائي العِشق، عَدا تلك الحاقدة التي وصلت سعادتِها عنان السَماء بعدما إستمعت إلي خبر زواج قاسم علي غريمتها التي لم ولن تَبغض وتمقت أحدّاً في هذا العالم مثلما بغضتها، إنها ليلي لا غير.
أسرع الجميع يُهرولون خلف قاسم عَدا الجد عِثمان الذي ضل جالسً بمقعدة، سانداً وجهةُ علي كفاه المُتكئة علي عصاة الأبنوسية، ناظراً أسفلّ قدماه بخِزيٍ وقهر وألـ.ـمٍ مُـ.ـميت ، غّصة مُرة وقفت بمنتصف حلقِة جعلتة يشعر بمرارة وبشاعة ما إقترفتة يداة بحق أحفادة الذي جني عليهم بإجبارة الأعمي، وإصرارةِ علي الدخول بطريقٍ لم يردة أياً منهم بل وإرغامهم بالمُضي قدمً وإستكمالةِ حتي النهاية، برغم ما يشعر به جميعهم من مرارة وألم وضياع داخل تلك الزيجات
برِفقٍ شديد، وضع قاسم صفا فوق التخت وتحدث بنبرة مُرتجفة ونظرة عين هلعة:
_ دَكتور، حد يجيب دَكتور بسُرعة .
إنتفض يزن بوقفتة وبسُرعة البرق كان يقف أمام سيارتة التي مازالت مُصطفة بمدخل حديقة السرايا عِندما أحضر بها صفا من محطة القطار ، وضع كف يدة ليفتح باب سيارتة ليترجلها، توقف مكانة حينما إستمع لصوت تلك الغاضبة التي صاحت من خلفة وهي تهتف مُتسائلة بتعجُب:
_رايح فين يا يزن، لتكون سمعت كلام الممحون اللي إسمية قاسم ورايح تچيب دَكتور لچلوعة أبوها دي كمان ؟
وأكملت بنبرة مُقللة لوضع صفا :
_متخافش علي بِت ورد جوي إكدة، دلوك چدتك رسمية هتكسر لها بصلة وتدعك لها بيها مناخيرها وتجوم كيف الجِردة.
وأكملت وهي تتمشي بغنچ وتتحرك إليه بإنوثة إكتسبتها عن جديد وفقً لما خططتهُ لها والدتها فاقدة العِزة والكرامة، في محاولة منها لإستعادتة إليها من جديد :
_ تعالّ نطلعوا فوج علي شجتنا لجل ما نتحدت ويا بعض ونتصافوا، وصدجني يا حبيبي، هعيشك ليلة كيف الملوك، عكون لك چاريتك المُطيعة اللي عتوريك الهنا بألوانة
شملها بنظرة إشمئزاز وأحتقار مُهين لكرامتها التي وضعتها جانبً لحين الإنتهاء من الخطة التي وضعتها لها فايقة بجانب إنتوائهما الذهاب إلي المشعوذ التي تعتقد أنه بإستطاعتة إرجاع يزن لأحضانها من جديد
وهتف بنبرة مُميتة لشخصها:
_ تعرفي يا ليلي، أني كُل يوم بجلد حالي وبلومها علي إنها عطتك فرصة وكانت دايما توصيني بالصبر عليكِ، إنتِ إية، شيطان معندوش جلب،
واكمل بسؤالٍ ساخر:
_ إلا جوليلي يا ليلي؟
إنتِ عتبلعي ريجك زيينا إكدة عادي؟
يعني معتخافيش للسم اللي جوة خاشمك ده يسمم چسدك ويجتلك؟
ولا إنتِ كِيفك كِيف الحية عتجتلي غيرك بسمك ومهتتأذيش منية
ورمقها بنظرة إشمئزاز شاملة وصعد سيارتة وقادها سريعً تحت غضبها العارم من حديثةُ الساخر، وذهب إلي المركز التابع لهُ نجعهم لإصطحاب دكتورة أمل بعدما هاتفها لتتجهز إستعداداً لفحص صفا
أما ذلك العاشق، الجاني والمجني علية، الجـ.ارح والمــ.جروح الظالم والمظلوم بحكايتة، فكان ينحني بجسدهِ علي مالكة القلب والروح، يضرب برفق وجنتها بكف يداه كي تستفيق،
حدثها بصوتٍ يرتجف من شدة قلقة وألم قلبهِ علي مُتيمتة:
_ فوجي يا صفا، فتحي عنيكي يا نبض جلبي، جومي علشان خاطري
فوجئ بمن يكمشةُ من حِلتة بقبضة يدة الحديدية ويجذبهُ للخلف ويصيح بوجهةِ غاضبً لملامح كاشرة :
_ بَعد يدك عن بِتي لأجطعها لك وإنجلع من إهنيه
نظر إلي عمة وما زال متسمراً بوقفتة بجانب تلك الغائبة عن الوعي وهتف بنبرة صامدة:
_مهتحركش من مكاني غير لما تفتح عنيها وأطمن إنها بخير
أتت العاملة حُسن وهي تُهرول وتُبسط إحدي ذراعيها بإتجاة رسمية وتحدثت بنبرة مُرتجفة:
_ البَصلة يا ستي الحاچة
إلتقطتها منها وكادت أن تُقربها من أنفها لولا يد قاسم الذي أبعدها بعُنف وتحدث إليها مُحذراً:
_إية اللي هتعملية ده يا چدة
ثم نظر إلي مريم التي تزرف دموعها بغزارة علي إبنة عمها الغالية وهي تتسطح فوق الفراش بجسدٍ يُشبة الاموات، وهتف بطريقة أمرة:
_ هاتي أي بِرفن من عِنديكِ يا مريم، بسُرعة
إعترضت رسمية التي قربت يدها من جديد بجانب أنف تلك المَغشي عليها التي وبالفعل بدأت بالتملُل والإستفاقة التدريجية، حركت أهدابها عدة مرات متتالية في مقاومة منها بفتح عينيها، تنفس بعُمق وشعر بأن روحهُ قد رُدت إلية بعدما كان قد إفتقدها مع فُقدان أميرتة لوعيها
___________________
وصل يزن تحت مَسكن أمل في أقل من عشرة دقائق وذلك لسرعة قيادتة الجنونية ولقُرب المسافة بين النجع والمركز،نزلت سريعً وبغضون ثوانِ معدودة كانت تهبط من المبني حاملة حقيبها الخاصة بالفحص بعدما وضعت بها كُل ما يلزم لفحص صفا، تحركت إلي السيارة وأستقلتها بجانبة،
رمقها بنظرة حادة وتحدث وهو ينظر إلي الثياب المنزلية التي ترتديها بعدم رضا:
_ إنتِ هتاچي معاي إكدة ؟
أجابتة وهي تتفحص حالتها بإستغراب:
_ كدة اللي هو إزاي يعني مش فاهمة ؟
اجابها بإعتراض:
_أجصد لبس البيت الضيج دي، عتاچي معاي بية إكدة؟
رمقتة بعينان مُتسعة من شدة ذهولها وتحدثت وهي تُشير بيدها في إشارة منها لحثةِ علي التحرُك :
_ أولاً ياريت تتحرك حالاً لأن مفيش عندنا وقت علشان نضيعة في الكلام الفاضي ده
تحرك سريعً وكأنهُ وعي علي حالهِ وأكملت هي بنبرة تهكُمية:
_ ثانياً بقا،هو سعادتك كُنت عاوزني أقعد ألبس وأتمكيچ وإنتَ بتقولي الدكتورة حصل لها إغماء مُفاجئ ؟
واسترسلت حديثها بتساؤل حاد:
_ثالثاً بقا وده الأهم يا حضرة ، إنتَ مالك بلبسي يا باشمهندس ؟
كان يستمع إلي حديثها الذي أصابهُ بالضيق وهو ينظر إلي الطريق ويقود بسرعة عالية، بصعوبة بالغة تمالك من حالة وأجابها بلا مبالاة إصطنعها بصعوبة:
_ عتفتحي لي تحجيج عشان كلمة جولتها إياك !
خلاص إنتِ حُرة، أني اللي غلطان عشان معايزش حد يجيب سيرتك بكلمة بطالة ويجول عليكِ نازلة بخلجات البيت
إستشاط داخلها عندما إستمعت لكلماتة وتسائلت بحدة:
_ وده مين اللي أمة داعية علية وهيقف قدامي وكمان يتكلم عني ، وبعدين إنتَ لية محسسني إني نازلة ببچامة ولا كَاش، انا لابسة ترنج محترم وواسع ومغطي كل جسمي، والناس في القاهرة بتخرج بية عادي
تنهد بإستسلام من عِناد تلك المشاكسة التي لن يستطع إقناعها بوجهة نظرهِ مهما حاول، فتحدث بنبرة غائرة وهو ينظر لتلك الخصلة الهاربة من خلف حجابها التي وضعتة علي عجل بدون إحكام:
_ طب علي الأجل دخلي شعرك ولفي حجابك زين،
وأكمل مُتهكماً:
_ ولا دي كمان بتعملوها عنديكم في القاهرة عادي ؟
شعرت بالخجل من حالها وبسرعة رفعت كفاي يداها وعدلت من حجابها وأحكمتة جيداً علي رأسها
أوقف السيارة سريعً داخل سور السرايا وترجلت هي وتحركت خلفة حيثُ يسبق خطواتِها كي يُرشدها للطريق تحت إستغراب ليلي التي كانت تتوقع حضور دكتور ياسر
دلفت إلي صفا وخرج الجميع عَدا ورد ورسمية ونجاة، وقف علي باب حُجرتها سانداً بمقدمة رأسهِ علي جِدارها المُلصق بالباب، كان يشعر بمرارة غَزت حلقة، أصابتة حالة من الندم وجلد الذات جعلتة يحتقر حالة، تمني لو أن الزمن عاد بة إلي ما قبل سبعة أعوام،
حين رمقهُ زيدان بنظرة حارقة وهتف بنبرة تهديدية:
_ بِتي لو چرا لها حاچة مهيخلصكش من يدي غير الموت يا قاسم
وضع قدري يده علي كتف زيدان وحدثهُ بطمأنة قائلاً:
_ إهدي اومال يا زيدان، دلوك الدَكتورة عتطلع وتطمنا عليها وتُبجا زينة
همست ليلي بصوتٍ ضعيف إلي والدتها التي تجاورها الجلوس في الفيراندا بعيداً عن الجميع :
_ هو يزن مجابش الدكتور ياسر لية، ومين المهشكة اللي چاية من بيتها بالترنچ دي كَمان؟
أجابتها فايقة بنبرة هادئة تدل علي راحتها وأستقرار داخلها:
_ دي لازمن دكتورة النسا اللي عتشتغل في المستشفي بتاعت چدك ،
وأكملت بإشادة:
_ حَريم العيلة عيجولوا عليها شاطرة جوي
قطبت ليلي جبينها وأستفسرت بإستغراب:
_ ودَكتورة النسا هتاچي لبِت ورد تِعمل لها إية؟
تنفست بإنتشاء وأجابتها بسعادة ظهرت علي وجهها :
_ هو أني مجولتلكيش، مش بِت زيدان طلعت حِبلة
نزلت تلك الجُملة علي قلب تلك الحـ.اقدة وكأنها قُنبـــ.لة نوويــ.ة أحـ.رقـت معها الأخضر واليابس
أكملت فايقة بملامح وجة ضاحكة بهيأة شريرة دون الشعور بالتي تُجاورها الجلوس وبداخلها نـ.ـاراً شاعلة لو خرجت لفحمـ.ـت المنزل بأكملة:
_كَن كفة ميزانك عتطُب وتتعدل والدِنيي عتضحك لك من تاني يا فايقة
رمقتها تلك التي تكادُ تُخرج دخانً من رأسها من شدة غيرتها وهتفت بنبرة غاضبة:
_ومالك فرحانة لها جوي إكدة، الله الوكيل لو أني اللي حِبلت ماكُنتي عتفرحي إكدة
نظرت لها بإستغراب وتحدثت بقلبٍ مهموم:
_ عتجولي لي أني الحديت دي يا ليلي؟
ده أني مفيش حاچة جِدرت عليا وكـ.ـسرتني جد موضوع حَبلك دي، دي جهرتك معتفارجش جلبي يا بِتي وخيبتي فيكِ جوية جوي ، بس أني مش ضعيفة لجل ما أجعد ألطم واعدد علي اللي راح،
وأكملت بنبرة حــ.ــاقدة:
_ وغلاوتك عِندي لدوج كُل واحد في السرايا دي المُر بأنواعة، كل واحد منيهم لية عِندي نايبة من المَصايب اللي عتطربج فوج نفوخهم ، وكله هياچي بالدور
تفوهت ليلي بنبرة غاضبة:
_بردك مجاوبتيش علي سؤالي، إية اللي مفرحك جوي إكدة إن المدعوجة طِلعت حِبلة؟
وأكملت بنبرة تهكُمية:
_ ولجل إكدة كُنتي عتزغردي يا أمّا !
إبتسمت وأجابتها بتهكم:
_ عجولك إية، ما انتِ عجلك إصغير ومعتفكريش إلا بعشج المعدول إبن نچاة اللي راميكي ومهيعبركيش
وأكملت بتفسير:
_ زيدان كان علي شعرة ويطلج بِته من قاسم ومحدش كان عيجدِر يُجف جُصادة ولا يلومة بعد اللي عِرفوة حتي چدك بذات نفسية ، وكان عيچوزها لأي حد تاني وياخد هو الچَمل بما حَمل،
وأكملت بما أرعب تلك الليلي :
_ومش بعيد وجتها چِدك كان چوزها ليزن وضرب عصفورين بحجر واحد، الأول لجل ما فلوس زيدان المتلتلة متخرچش برات العيلة كيف ما جانون العيلة عيجول، والتاني لجل ما يزن يخلف منيها العيال اللي عيمدوا جذور العيلة ويخلدوا إسم النُعماني في الدنيي
وأكملت بإبتسامة سعيدة:
_ بس كلمة المدعوجة ورد چت في وجتها بالمظبوط،أول مرة تعمل حاچة صُح وتكيفني،
واكملت بإنتشاء وتمّنيّ:
_ويسلااام لو الحظ ضحك وأخوكِ چاب منيها واد، إكدة كفة ميزانا عتُبجا طبت والزمن نصفنا وضحك لينا كِلياتنا، أخوكِ عيكوش علي كُل مال زيدان وشجاة بعد زيدان بنفسية مايكتبة كِلياتة لبِتة وولدها، وإنتِ عتضمني إن يزن يفضل إكدة من غير چواز
تنهدت براحة وسألتها بتملُل:
_ طب ميتا عتوديني للشيخ اللي عيخلي يزن يُبجا خاتم في صُباعي كِيف مجولتي لي ؟
أجابتها بثبات:
_جِريب، خليكي ماشية ورا حديتي وأني عخلية يرچع لك ويترمي تحت رچليكِ ويتمني رضاكِ علية
تنهدت براحة شديدة ورفعت قامتها وهي تبتسم بسعادة من مجرد تخيلها برجوع يزن لعالمها من جديد
إلتفت سريعً إلي والدتها وتحدثت بتذكُر:
_ إلا جولي لي يا أمّا، إنتِ كُتي عارفة إن قاسم متچوز علي المخفية صفا ؟
ضحكت فايقة وتحدثت بإنتشاء وهي تضع ساق فوق الآخري بكبرياء:
_ فِكرك حاچة مُهمة زي دي هعتدي من تحت يدي؟
هتفت بنبرة غاضبة:
_ ومجولتليش لية؟
أجابتها بإبتسامة جانبية:
_ عشان عرفاكي غبية ومعتفكريش بعجل كيف أبوكِ بالمظبوط ، كُتي عيزاني أجول لك علشان تروحي تجولي لها لجل ما تِشفي غليلك منيها وتبوظي لي تخطيطي اللي عم بستناة من سنين كتيرة جوي
ألحت ليلي علي والدتها كي تقص لها أصل الرواية وبدايتها، فقصتها لها مع تشديد فايقة بعدم إخبار ليلي لأيً كان بما إستمعت
_______________
بعد مّدة من الوقت إنتهت أمل من فحص صفا، دلف زيدان ليطمئن علي صغيرتة بعدما منع قاسم من الدخول وهددة ، وجدها تتمدد ومعلق بيدها كانولا مُتصلة بأنبوب محلول مُعلق في عليقة الملابس كي يُساعد جسدها علي المقاومة والإتزان ، وكانت أمل قد أحضرت المحلول لعلمها أن ماحدث لصفا ما هو إلا إجهاد وضغط عصبي شديد تعرضت إلية بالإضافة إلي عدم تناولها لأي طعام مما أدي إلي هبوط في الدورة الدموية
تحرك زيدان إلي وقوف أمل وسألها عن وضع غالية أبيها فأجابتة أمل بنبرة مُطمأنة :
_ إطمن يا زيدان بيه، الدكتورة كويسة لكن محتاجة تهتم بنفسها أكتر من كده، اللي حصل لها ده طبيعي نتيجة للضغط العصبي والنفسي اللي إتعرضت ليه،
ونظرت إليها وتحدثت بنبرة لائمة:
_ ده غير إن الدكتورة مأكلتش أي حاجة من إمبارح
تحدثت جدتها التي تجاورها الفراش بنبرة حنون وهي تتحسس وجنتها التي مازالت دموعها الجافة تلتصق بها :
_ أني هخلي حُسن تطيب لك ديك شمورد وتاكلية بشوربتة بالهنا والشفا لجل ما يسند جلبك ويجويكِ يا ست البنات
هزت رأسها برفضٍ تام وتحدثت بنبرة ضعيفة :
_ معايزاش أكل
أجابتها أمل :
_ لازم تاكلي يا دكتورة علشان خاطر الجنين، هو حالياً محتاج لك علشان تاخدي بإيدة وتساعدية علي البقاء، لازم تعودي نفسك من إنهاردة آنك مبقتيش حُرة في قراراتك، لازم كمان تعملي حسابة في كل خطوة بتخطيها
وأكملت بحديث تقصد به والدتها:
_ وإوعي في يوم مايحتاج لك تخزلية وتتخلي عنة، لانك بكدة بتدمرية وبتخسرية للأبد، وهو حالياً في أشد الإحتياج ليكي
هتفت رسمية بإشادة:
_يسلم فُمك يا بِتي، كلام زين وموزون
إقترب زيدان من جلستها فأفسحت له ورد المجال ليجاور غاليتة، مال علي جبهتها ووضع قُبلة حانية فوقها وأردف مُتسائلاً بنبرة ضعيفة :
_ عاملة إية دلوك يا جلب أبوكِ؟
نظرت إلية بإنكسار وتحدثت برجاء:
_ خُدني علي دارك يا أبوي، مطيجاش أجعد إهنية، حاسة حالي بتخنج وروحي عتتسحب مني
تنهد زيدان وهم بالوقوف وتحدث بنبرة طائعة لأمر صغيرتة وهو يستعد لحملها:
_ فكراني عسيبك إهنية تاني بعد اللي حُصل إياك؟
أسرعت أمل في الحديث لتمنعة من حملها قائلة بنبرة هلعة:
_صفا مينفعش تتحرك نهائي علي الأقل إنهاردة، ده ممكن يكون فية خطورة كبيرة علي الجنين
ثم تحدثت إلي رسمية قائلة:
_ياريت حضرتك تجهزي لها الأكل اللي قولتي عليه وعلي ما تأكلوها أنا هتحرك للمستشفي أجيب لها حقنة تثبيت للجنين، محدش عارف الإجهاد والضغط اللي إتعرضت له طول اليوم ممكن يكون ضر الجنين بإية، علشان كدة لازم أبادر وأديها حقنة التثبيت كضمان،
وأكملت وهي توجة حديثها إلي صفا قائلة بتنبية:
_ وطبعاً مش محتاجة أقول لك يا دكتورة إن الحركة حتي ولو كانت مجرد خطوات ممكن تضُر ببقاء وإستقرار الجنين إزاي
سألها زيدان مُستفسراً:
_وعتجعد راجدة كتير في السرير إكدة يا دكتورة ؟
أجابتة بهدوء:
_ يعدي أربعة وعشرين ساعة وبعدها لو مفيش مشاكل ظهرت تقدر تتحرك لحد بيت حضرتك اللي علي مافهمت إنة بعيد عن عنها بخطوات ، بس طبعاً هتحتاج راحة في البيت لمّدة إسبوع علي الأقل
وافق الجميع وتحركت رسمية إلي الخارج وتلتها أمل وتركا صفا بصحبة والديها وأعاد غلق الباب من جديد
نظرت صفا إلي زيدان وهتفت برجاء ودموع:
_ طلجني منيه يا أبوي، مهجدرش أعيش معاه بعد اللي عِملة فيا
أومأ لها بإيجاب حين بكت ورد بحرقة علي عجزها أمام صغيرتها وما جري لها من تلك الزيجة التي دائماً كانت تشعر بالريبة من إتمامِها
تحدثت بنحيب وهي تلوم زيدان وتجلدةُ بنظراتها قبل كلماتِها:
_ ياما حذرتك وجولت لك إني ممرتحاش للچوازة دي يا زيدان، جولت لك إني حاسة إنها هتُبجا سبب شجا بتي ووجع جلبها، إتريجت عليي ومصدجتنيش.
أنزل بصرهِ إلي الاسفل خجلاً
_____________
خارج الغُرفة
تحرك قاسم إلي أمل وسألها مُتلهفً بلكنة قاهرية:
_ طمنيني عن وضع مراتي لو سمحتي
أسرع الجميع حيث وقوفها ليطمأنوا
تنفست عالياً وأخبرتة بحالة صفا بنبرة حادة وذلك لعدم تقبُلها لشخص قاسم الذي يُذكرها بخائِنها الذي فضل عليها فتاة آخري، شقيقتها التي وافقت بذبحـ.ـها علي يدها، نعم هي لم تكُن علي دراية بأية تفاصيل مما حدث مع صفا ولكن الأمر واضح ويُنذر بوجود إمرأة آخري
صوبت وجهتها إلي يزن وتحدثت بنبرة عملية:
_ من فضلك يا باشمهندس، محتاجة لحضرتك توصلني بعرببتك للمستشفي علشان أجيب حقنة تثبيت للدكتورة
أخرجت ليلي شهقة عالية وهي تسألها بنبرة تهكمية بطريقة غير لائقة:
_ سمعيني تاني إكدة عتجولي إية يا بيضة!
يزن مين اللي عيروح معاكي في الوجت دي مستشفي مجفولة يا مهشِكة إنتِ
نظرت إليها بملامح مُنكمشة مضيقة بين حاجبيها وذلك لعدم فهمها لبعض الكلمات وتحدثت مُستفسرة:
_ إنتِ تقصدي إية بكلامك الغريب ده انا مش فهماكي ، ويعني إية مهشتكة دي؟
ومين حضرتك أصلاً؟
تحدثت ليلي بكبرياء وهي ترفع قامتها لأعلي :
_ أني مّرت الباشمهندس يزن يا حبيبتي
رمق يزن ليلي بنظرات تحذيرية وعيون تطلق شزراً وتحدث إلي أمل مُغيراً معني الحديث :
_ هي تجصد إنها خايفة عليكِ من طريج المستشفي بالليل إكدة
تحرك بالسيارة واتجة في طريقهما إلي المشفي
أردفت أمل إلي يزن:
_مّراتك شكلها بتحبك وبتغير عليك أوي،
وأبتسمت واكملت بإعتراف:
_ علي فكرة، أنا كُنت فاهمة كلامها كويس جداً بعيداً عن كلمة مهشتكة، وعارفة إنها كانت غيرانة عليك من وجودي معاك
قهقة عالياً بشكلٍ مُثير مما جعلها تنظر إلية بإعجاب، وصحح لها قائلاً:
_ مهَشكة، مش مِهشتكة
واكمل بتوضيح:
_ ويكون في معلومك، ليلي مش مّرتي
قطبت جبينها وسألته بإستغراب:
_ مش مّراتك إزاي يعني ؟
تنفس بأسي وأجابها بضيق وذلك لصعوبة الموقف علية، فيزن ليس بالرجل الذي يكشف أسرار أهل بيتة، لكنه كان مُضطراً لذلك، كي يضعها معه في الصورة ولمغزي داخل عقلة سنتعرف علية عن القريب :
_ أني وليلي في حُكم المطلجين ، يعني أني معايش وياها في مكان واحد، ولولا چدي كان زماني طلجتها، ويمكن مكنتش إتچوزتها من الأساس
إبتلعت لُعابها ولا تعلم لما شعرت براحة عجيبة غزت قلبها بعد إستماعها لهذا الإعتراف
لكنها تحدثت إلية :
_ غريب أوي موقفك منها، مع إني شيفاها ست جميلة جداً وتجذب أي راجل ليها
قالت كلماتها وترقبت إجابتة بأنفاسٍ محبوسة،حين تفوة هو :
_وهي الحَريم بالچمال إياك ؟
أومال بأية يا باشمهندس؟
سؤال خبيث وجهتة أمل إلية وانتظرت إجابتة، لما؟ هي بالتأكيد لا تدري
إبتسم بجانب فمة لعلمةِ مغزي سؤالها، وتحدث بدُعابة وهو ينظر لعيناها تارة ولطريقة تارة:
_ بچنانها ولسانها اللي سابجها في الرد كِيف ماتكون الداية اللي ولَدتها سحبتها منية
إبتسمت بخجل لعلمها أنهُ يقصدها بحديثه فهتفت بنبرة جادة من بين بسمتها:
_ بتكلم جد علي فكرة
رد عليها بنبرة جادة وحديث ذات مغزي :
_ومين جالك إني عَهزر
إبتلعت لُعابها وسحبت بصرها عن مّرمي عيناها الهائمة التي تُقطر عِشقً،
وصلا للمشفي وصف سيارتة ودلف كلاهُما إلي المشفي تحت إستغراب حُراس الأمن، دلفت لداخل غرفة حُجرتها لتُجلب أنبول الدواء، حين ذهب هو إلي مكتبة لإحضار أوراق مُهمة كان يحتاج إليها،
وبعدها ذهب إلي حيثُ مكتبها ودلف من بابهِ في نفس، توقيت خروجها وحدث إصطدام بينهما أدي إلي إختلال توازنها وجعلها تتهاوي وكادت أن تنبطح أرضً لولا ساعدية الذي أمسك بهما كفاي يداها وجذبها إلية، إستقامت بوقفتها وتلاقت الأعيُن وتحدثت، ثواني، مجرد ثواني معدودة مّرت علي كلاهُما كدهرٍ
سألها بعيون هائمة جراء حالة العشق التي تملكت منه لإقترابة منها لهذةِ الدرجة :
_ لجيتي اللي عتدوري علية؟
إستوعبت حالها وابتعدت سريعً وتحدثت إلية بعيون مُتهربة زائغة تتلفت هُنا وهُناك :
_ لقيته، يلا بينا علشان مانتأخرش علي صفا
إستقلا كلاهُما السيارة وعادا إلي السرايا بصمتٍ تام، ولكن بقلوب مُنتعشة، تعيش حالة جديدة لم يشعر بها أيً منهما من ذِي قَبل
دلفت إلي صفا وتأكدت من انها تناولت طعامها ثم حقنتها وتحركت إلي الخارج، وجدت قاسم يقف بالمرصاد لزيدان الذي يمنعة الدلوف إلي صفا
هتف قاسم بنبرة حادة:
_ مش من حجك تمنعني أدخل أطمن على مّرتي
أجابهُ زيدان بقوة:
_واني جولت لك معتدخلش يعني معتدخلش
خرج عِثمان علي مناقرتهم وتحدث بحدة إلي قاسم :
_ معتسمعش الحديت لية يا وِلد قدري، عمك جال لك معتدخلش،
وأشار بيده لأعلي وتحدث بنبرة أمّرة:
_ إطلع دلوك علي شُجتك نام والصباح رباح
رمق جده بنظرة غاضبة وأردف مُعانداً إياة :
_ لحد إكدة وخلاص يا چدي، زمن الچبر والأوامر إنتهي.
وأسترسل حديثهُ بنبرة صامدة:
_ أني عدخل لمرتي، ومفيش جوة عتمنعني إني أطمن عليها وأطمنها علي حالها
تحدث زيدان بنبرة أشد حِدة وهو يقف أمام باب الحُجرة ويسدهُ بجسدهِ العريض :
_ ورينا عتدخل إزاي غصب عني يا واد أبوك
وهُنا قررت أمل التدخُل لفض هذة المُشادة الكلامية التي من الممكن ان تتحول إلي إشتباك بالأيدي نظراً لعناد كلا الطرفين وتشبُث كُلً منهما برأية:
_ أستاذ قاسم لو سمحت، إحنا هنا مش في خناقة ولا حد عاوز يمنعك إنك تدخل لمراتك وتطمن عليها،
وأكملت بتفسير:
_ كُل ما في الأمر إن دكتورة صفا إتعرضت لإجهاد شديد ولضغط نفسي وعصبي أدي لهبوط في الدورة الدموية عندها وسبب لها إغماء، ولحد الوقت اللي بنتكلم فيه ده أنا مقدرش أجزم إن مراتك والجنين بقوا في أمان ، أنا عن نفسي إدتها إبرة مُثبتة للجنين تحسبً لتفادي أي حاجة طارئة ممكن تحصل لها وللجنين،
وأكملت ما جعلهُ يتراجع:
_ ولو حضرتك دخلت وإتكلمت معاها وهي في الحالة دي، من المؤكد إنك هتزيد بنقاشك الضغط علي أعصابها وبكدة أكيد هتتعرض لإنتكاسة ممكن جداً تؤدي لخسارة الجنين
وتحدثت بنبرة واثقة:
_ فلو حضرتك مش فارق معاك لا مراتك ولا الجنين إتفضل إدخل لها، وأنا أوعدك إني هخلي زيدان بية يبعد حالاً ويدخلك
هتفت فايقة بصياح:
_ إطلع علي شُجتك وإغزي الشيطان يا ولدي والصباح رباح كيف ماجال چدك
رمقها عِثمان بنظرة ساخطة، ثم حول بصرة ونظر بإستحسان لتلك الذكية ذات العقل الواعي التي إستطاعت بكلمات مُرتبة إقناع ذلك التور الهائج بالتراجع عن موقفة وحِدتة ، أما يزن فكان ينظر إليها بإعجاب وقلبٍ ينتفض من ما شعر به تجاهها بعدما تلاقت اعينهم عن قُرب داخل المّشفي
نظر قاسم إلي أمل وزفر بأسي وتحرك كالإعصار لخارج المنزل والشـ.ـر يتطاير من عيناه وكل ذرة بجسدة تنتفض غضبً
حالة من الهدوء والسكينة أصابت المكان بعد خروج ذلك الغاضب ، تحدث الجد إلي مريم بنبرة هادئة :
_ خدي الدكتورة يا مريم علي مندرة الضيوف البحرية، وخليها ترتاح لحد ما حُسن تچهز لها العشا
وأكمل وهو ينظر إلي أمل :
_ وإنتِ يا بِتي، عتنورينا إنهاردة وتباتي إهنية عشان الوجت إتاخر
إستشاط داخل ليلي من قرار جدها بمبيت تلك الدخيلة التي لم تشعر بالراحة في حضرتها
أما أمل فأجابتة برفضٍ هادي :
_ متشكرة جداً لذوق حضرتك، بس مش هينفع
أردف يزن مُفسراً وهو ينظر بساعة يدة:
_ عتروحي فين دلوك والساعة داخلة علي 3 الفچر، باتي اللي باجي من الليل إهنية وبُكرة أني عوصلك للمستشفي
تحدثت بإعتراض:
_يا جماعة بجد مش هينفع، إزاي هروح المستشفي بكرة بالترنج ؟
أجابتها مريم بهدوء:
_ لو علي الخَلجات محلولة يا دَكتورة، أني وإنتِ نفس المجَاس، وعِندي هدوم لساتني شرياهم إمبارح من علي النت ووصلولي أون لاين، يعني هدوم زينة وعتعچبك، إطلعي وياي وشوفي الطجم اللي يناسبك منيهم وإلبسية
نظر يزن إلي شقيقتة بإستحسان لقلبها الرحيم
أكد زيدان علي حديث أبية قائلاً بنبرة قلقة:
_ معلش يا دكتورة إسمعي كلام الحاچ، وكمان أني خايف لصفا يچري لها حاچة
إقتنعت بكلام زيدان وأردفت قائلة بنبرة خجلة:
_ أوك
أما صفا فكانت تقبع فوق فراشِها بقلبٍ يإنُ ألـ.ـمً وحُزنً وهي تستمع إلي صوت ذلك الثائر الذي يصّرُ علي الدخول إليها ، كانت واضعة ذراعها تحت رأسها ودموع عيناها المُنسابة تُبلل وسادتِها لغزارتِها، أما دموع القلب فكانت تزرفُها دمً علي من أمنت لهُ وسلمتة عن طيب خاطر قلبها البرئ وكُل كيانها، ولم تُجني من وراء ذلك العِشق الملعون سوي الألـ.ـم والمذلة والإنكـ.سار
تائهة هي كطفلة فقدت مصدر أمانها، تشعر بإنهيار عالمها الحالم وعُش غرامها الواهي التي باتت تُبني تفاصيلةُ بكل قطرة من دمها، وبالنهاية ماذا فعل يا تُري؟
خدعها وأستغل عشقها لهُ للوصول لدق حِصونها العالية، إرتضي لها المهانة والإنكسـ.ـار أمام الجميع
أما ورد فكانت تتمدد بجانب صغيرتِها وتحتضنها من الخلف، تزرفُ دموع الألــ.م وغَصة مُرة تقف بحلقها علي إبنتها التي لم تكتمل فرحتها بخبر حملها لجنينها الأول،بل وإنـ.ـكسارها علي يد من عشقتة مُنذُ نعومة أظافرها
____________
كانت أمل تجلس فوق الفراش داخل حُجرة الضيافة، تنظر لكمية الطِعام الموضوعة فوق المَنضدة والتي أحضرتها لها إحدي العاملات بناءً علي تعليمات عِثمان بنفسهِ بعدما أُعجب بحديثها السلس وتأكد من حكمتِها بالحياة وحُسن تصرفها بالمواقف الحياتية
إستمعت لطرقات خفيفة فوق الباب فسمحت للطارق بالدلوف، إبتسمت حين رأت أمامها تلك الخلوقة التي تمتلك إبتسامة رائعة تجعل كُل من يراها من الوهلة الآولي يشعر بالإستكانة والسلام الروحي،
تحدثت أمل ببشاشة وجة:
_ إتفضلي يا مريم
إقتربت عليها وبسطت ذراعيها بعدة أثواب جديدة وتحدثت وهي تضعهم فوق مقعد جانبياً :
_ لما لجيتك مرضياش تطلعي معاي علشان تنجي فستان ، جولت أكيد مكسوفة، وجبت لك الخلجات لحد إهني وإنتِ إختاري اللي يعچبك من بيناتهم، وعلي فكرة، كلياتهم متلبسوش ونضاف
إبتسمت أمل وتحدثت إليها:
_ متشكرة ليكي جداً يا مريم علي كرم اخلاقك
شكرتها مريم وسألتها وهي تنظر إلي الطعام الموضوع كما هو :
_ مكلتيش لية يا دَكتورة، وَكلنا معجبكيش إياك، ولا تكوني مش مأمنة لنظافة الوَكل عِندينا ؟
أجابتها سريعً وهي تُنفي:
_أكيد مش قصة الأكل مش عاجبني أو شاكة في نظافتة يا مريم، الكِتاب بيبان من عنوانة وإنتم ماشاء الله،
وأكملت بتفسير:
_الحكاية كُلها إني ماشية علي نظام غذائي علشان كان عندي مُشكلة نفسية من فترة وسببت لي مشاكل في المعدة، ومن وقتها وأنا ماشية علية، وأخر وجبة باكلها الساعة 7 مساءً، فياريت متزعليش ومن فضلك تبعتي حد ياخد الصنية لأني مش هقدر أنام وهي موجودة في الأوضة
أومأت فأكملت أمل بتساؤل جاد:
_ هو إحنا مش هنشوفك تاني في المستشفي ولا إية يا مريم؟
أنا سألت صفا عليكِ قالت لي إنك قعدتي علشان تاخدي بالك من بنتك
أجابتها مريم بإبتسامة صادقة:
_ ده حجيجي يا دكتورة، ماأنكرش إني لجيت نفسي في الشُغل وياكم وحبيتكم جوي وحبيت شُغلي ، بس لما فكرت لجيت بِتي وچوزي أولي بوجتي
وافقتها أمل وتمنت لها الأصلح وخرجت مريم وبعثت بإحدي العاملات أخذت الصنية إلي المطبخ،
تحركت أمل إلي النافذة المُطلة علي الحديقة وبدأت بالتدقيق والتمعُن في جمال الأشجار الخضراء والطبيعة الخلابة المُبهرة ، وبلحظة وجدت يزن يتحرك في الحديقة وكأنهُ يحاول تصفية ذِهنهِ بالنظر إلي تلك المناظر الطبيعية كي يستطيع النوم،
لا تعلم لما باتت تشعُر مؤخراً براحة غريبة تغزو قلبها كُلما رأت وجة ذلك اليزن، إبتسمت حين وجدته ينظر إليها ويبتسم وهو يهز رأسهُ لها كتحية منه، ردتها لهُ بمثلها ثم أغلقت النافذة وتحركت إلي الباب وأوصدتة جيداً بالمفتاح كي تضمن أمانها،
ثم تحركت إلي الفراش وتمددت علية ومازالت إبتسامتها تُرافقها، باتت تسترجع كل ما حدث بينهما اليوم من مواقف، وما كان حالهُ ببعِدٍ عنها وكأنهما يتذكرا ويفعلا الأمر ذاتة بنفس التوقيت
________________
تحركت مريم داخل مسكنها بقلبٍ حزين وبعد مُدة من نقاشها مع فارس حول ما حدث اليوم
تحدثت بنبرة حادة وعينان مُتسعتان من شدة ذهولهُما :
_ يعني إنتَ كُنت عارف إن أخوك متچوز علي صفا وساكت يا فارس ؟
جبلتها علي بِت عمك كيف؟
دي صفا يا فارس، صفا اللي عُمرها ما أذت حد فينا ودايماً كانت بتجابل مُعاملتنا السيئة بالحُسنة، طب بلاش صفا، رضييتها كيف علي عَمك زيدان اللي طول عُمرة بيعتبرنا كلياتنا كيف ولادة؟
تنفس بعُمق وأجابها بنبرة ضعيفة خجلة:
_ سُكاتي كان غصب عني يا مريم، وصدجيني اللي حُصل كلياتة كان غصبن عن قاسم نفسية، قاسم إنجبر علي الچوازة دي
رمقتة بنظرة حادة وهتفت بنبرة غاضبة:
_ متحاولش تبرر له خيـ.ـانتة لوعد عمة بس لأنة أخوك
وأكملت لائمة:
_يا خسارة يا فارس، إفتكرتك راچل زين وبتِعرف ربنا ومابترضاش بالظُلم،
أردف قائلاً بتفسير:
_ يا حبيبتي إفهميني.
أردفت مُتسائلة بنبرة تشكيكية:
_أني حبيبتك صُح يا فارس؟
وأكملت بإرتياب:
_ تعرف يا فارس، أني بجيت خايفة مِنيك لتُغـ.ـدر بيا كِيف أخوك وترچع تجولي كان غصب عني يا مريم
جحظت عيناة وتحدث إليها بنبرة غاضبة :
_ هي دي فكرتك عني يا مريم؟
للدرچة دي شيفاني واحد خـ.ـاين وغشـ.ـاش وممكن أغـ.ـدر بيكِ ؟
هتفت بنبرة حادة لعيون غاضبة :
_ اللي يجبل المهانة والمـ.ـذلة علي بِت عمة اللي بيعاملة كيف أبوة، يجبلها علي غيرها عادي
قالت كلماتها وهرولت لداخل حُجرة نومها سريعً واختفت من أمامه تحت حُزن فارس وخزلانة من حالة وألمـ.ـهُ الذي أصاب قلبه علي ما أوي إلية شقيقة
وبرغم وجعه الذي أصابهُ من حديث مريم، أمسك هاتفةُ محاولاً الوصول لشقيقة الذي ذهب إلي الخارج ورفض ان يُصاحبهُ فارس وأبلغهُ أنهُ يُريد البقاء والإنفراد بحالة
________________
داخل مسكن قدري
كان يجوب الغُرفة ذهابً وإيابً بوجةٍ غاضب وعيون مُتسعة من شدة غضبها ، واضعً هاتفةُ علي آذنة محاولاً الوصول إلي نجلهِ الذي لم يُكلف حالهُ عناء الإجابة علية
تحدثت إلية فايقة في محاولة منها لتهدأتة:
_ إهدي يا قدري وإجعد، ولدك مش إصغير لجل ما تجلج علية إكدة
أجابها بنبرة حادة :
_ولدك عنيد وممكن يضيع حالة بعندة جِدام أبوي وزيدان أخوي، خايف علية ليضيعة عِندة ويسمع لحديت زيدان ويطلج البِت ويخسر كُل حاچة
إبتسمت ساخرة وأكملت لطمأنتة:
_ من الناحية دي طمن بالك وحُط في بطنك بطيخة صيفي ، إبنك غرجان لشوشتة في عشج بِت ورد وهيعمل اللي مايتعمل لجل ما ينول الرضا ويرچعها لچوة حُضنة تاني
تنهد بأسي وتحدث بنبرة إنكسـ.ـار وقلق أب علي نجلة:
_ خايف ومعارفش اللحكاية المغفلجة دي عترسي علي إية، لو قاسم ضعف جُصاد عِشجة وأستسلم لأوامر زيدان وطلج البِت اللي إتچوزها في مصر، مش بعيد المُرة السّو اللي إسميها كوثر تاچي وتفضحنا جِدام أبوي
وأكمل مهمومً:
_وجلجان لو جال لچدة إنة عيكمل السنة لجل ما يوفي بوعدة لأبو المحروجة بتاعة مصر، زيدان أخوي يِعند ويغصبة يطلجها ويُبجا خسر كل حاچة
أجابتة بإطمأنان:
_ ميتا أبوك سمح لحد بالطلاج في العيلة لجل ما يسمح لبت زيدان، وبعدين البِت طلعت حِبلة في شهرين، يعني ربنا نچدنا بأخر وجت
وبلحظة تحركت إلي قدري وتحدثت بتذكُر:
_ إلا جولي يا قدري، أبوك كان يُجصد إية لما جال لولدك أبوك غـ.ـدر باللي يستحج؟
إبتلع سائل لُعابةُ رُعبً وبلحظة قرر الصمود وقلب المواقف، فتحدث بنبرة حادة وإتهام :
_ أكيد كان يجصد اللي عِملناه مع يزن في حكاية التحاليل،
وأكمل لائماً إياها كي يُبعد الشُبهة عنة:
_وكلة من ورا تخطيتك المجندل ومن تحت راسك يا فايقة ، ياما نصحتك وجولت لك وجتها بلاش، بس إنتِ اللي أصريتي ونشفتي راسك، واديكي شفتي بعنيكي اللي حُصل
دققت النظر لداخل عيناه وتحدثت بنبرة تشكيكية:
_ وأبوك بردك عيجول علي يزن يستاهل الغـ.ـدر يا قدري؟
إرتبك بوقفتة وصاح بكامل صوتهِ وهو يتحرك إلي الفراش هاربً من تلك الفايقة:
_ أني جولت لك اللي فهمتة من حديت أبوي، ولو ممصدجاش هناك أبوي تحت، روحي عِندية وإسألية لو تجدري
وأكمل وهو يتمدد علي التخت:
_ وبطلي رَط عَاد وإجفلي النور دي لجل ما الحج أنام لي ساعة جبل النهار مايكشف، ونبدأوا من چديد في إجتماع ومرار طافح ملوش أخر
____________
أما قاسم فقد ذهب إلي إحدي المساحات الزراعية المملوكة لجده وأفترش أرضً ، نــ.اراً شاعلة تكوي صدرة لأجلها ولما أوصلها له وبيدة، قضي ما تبقي من الليل علي وضعة وعند ظهور أول شُعاع لضوء الصباح تحرك عائداً إلي المنزل، دلف للمنزل وجدهُ خالي إلا من العاملات التي بدأن بالتنظيف بهدوء وتجهيز المخبوزات وإحضار الحليب وإدخالة إلي المطبخ،
وقف عند باب الحُجرة التي تقبع داخلها ساحرة عيناة ودق بابها بهدوء شديد، تحركت ورد وقامت بفتح الباب بهدوء وأمسكتهُ بيدها لتمنعهُ الدلوف
فتحدث إليها قائلاً وهو يدور بعيناة مُتلهفً داخل الغرفة باحثً عن مالكة قلبة:
_صفا عاملة إيه دلوك يا مرت عمي
رمقتة ورد بنظرات لائمة وهمست متسائلة بتهكم:
_ هماك جوي صفا وچاي تسأل عليها ؟
أجابها بصوتٍ مُرهق:
_عاوز أشوفها يا مّرت عمي
أردفت بتوتر:
_ عمك موصي ماتدخلهاش، إطلع نام جبل ما ياچي من الببت ويشوفك واجف إكدة ويتعارك وياك،
أردف متحدثً بنبرة راجية:
_ وسعي علشان أدخل يا مّرت عمي، هشوفها وأطلع علي طول جَبل ما عمي ياچي، غير إكدة مهتحركش ولو جعدت شهر بحالة واجف إهنية
زفرت بضيق وتحركت لتُفسح له المجال بإستسلام كي لا تشعر صغيرتها وتستفيق من غفوتها التي بالكاد دخلت بها
دلف للداخل وتحرك علي اطراف أصابعه كي لا يُزعجها، حتي وقف بجوارها يتأمل ملامح وجهها بكيانٍ مُدمر لأجلها، إنفطر قلبه حينما وجد أثاراً لدموع جافة فوق وجنتيها، ملس علي شعرها بهدوء وتألم لاجلها، كاد أن يميلُ عليها ليضع قُبلة إعتذار فوق مقدمة رأسها، لكنهُ خشي من أن يُفسد عليها غفوتها
تحركت إلية ورد وهمست بضيق:
_ مش شفتها واطمنت عليها كيف ما جُلت، يلا بجا إطلع جبل ما عمك ياچي وتُبجا مصيبة
تنهد بألم وألقي نظرة علي أميرتة النائمة وتحرك الي الأعلي كي لا يفتعل المزيد من المشاكل مع زيدان، إرتمي بكامل ثيابةِ فوق تختة بإهمال، وبلحظات خَر صّريعً داخل غفوتة من شدة إرهاقة وتعبة
*** ☆***☆ *** ☆***☆***
روايه قلبيّ بنارِهاَ مٌغرمٌ بقلمي روز آمين
في مساء اليوم التالي
أخذ زيدان صغيرتة إلي منزلة بعدما أطمئن عليها بعد فحصها من أمل، جن جنون قاسم بعد رفض زيدان القاطع دخولهُ لحُجرة صفا والحديث معها، وطلب زيدان من أبية إجتماع مُصغر من رجال المنزل ووالدتة وفقط لبحث مستقبل إبنته وجنينها
حضر الإجتماع، عِثمان، زيدان، قاسم، قدري، مُنتصر، رسمية، فارس الذي حضر بناءً علي إلحاحة لمساندتة لشقيقةُ
كان يجلس بمقعداً جانبياً كالمنبوذ، سانداً ساعدية فوق ركبتية، ناظراً برأسةِ علي أسفل قدماه بملامح وجة يكسوها النـ.ـدم والألـ.ـم والضياع
تحدث عِثمان موجةً حديثةُ إلي زيدان قائلاً بنبرة جادة:
_ شوف إية اللي يرضيك ويرضي بِتك وقاسم عينفذهولك يا زيدان
هتف زيدان بنبرة حادة وهو يرمق قاسم بنظرات نارية:
_ مفيش حاچة عترضيني وتبرد نار بِتي غير الطلاج يا أبوي
أردف قدري مُترجياً زيدان بعيناة:
_إعجل وفكر مليح ومتخربش علي بِتك يا زيدان
أجابه زيدان بنبرة صارمة:
_الخراب إبنك اللي بدأ بيه يا قدري،مش أني
تحدث مُنتصر محاولاً تهدأت الوضع:
_ طلاج إية بس يا أخوي اللي عتتكلم فية وبتك حِبلة
ثم نظر إلي قاسم وهتف من جديد:
_ قاسم غلط وعيصلح غلطة ويطلج المصراوية ويرچع لمّرتة واللي في بطنها
رد زيدان بلهجة صارمة:
_بِتي معيزاهوش، عغصبها علي العيشة معاه إياك؟
تحدث عِثمان بتعقل:
_ بِتك ريداة يا زيدان ومتنساش إنها شايلة ولده
نظر زيدان لأبية وتحدث بقوة وثقة:
_صفا موصياني واني چاي لهنية إني مرچعلهاش إلا ومعاي بُشرة طلاجها من اللي خـ.ـان الوعد،
وأكمل بثقة:
_ ولو ممصدجنيش يا أبوي تجدر تروح لعِنديها وتسألها ، ولولا إن الدكتورة منعاها من الحركة كُنت چيبتهالكم إهنية وجالت لكم الحديت ده بنفسيها
تحدث قاسم مُترجياً إياة:
_ خليني أجعد وياها وأني هرضيها وهفهمها علي كُل حاچة، صفا غضبانة ومعرفاش هي بتجول إية
صاح زيدان بنبرة حادة ساخرة:
_إياك فاكر حالك عتضحك علي عجلها بكلمتين وهي عتصدجك وترچع تأمن لك من تاني، دي بِت زيدان النُعماني اللي معترضاش بالذُل والمهانة أبداً ،تربية أبوها اللي معتسلمش حالها للي خـ.ـان
رد علية قاسم بنبرة حادة وتحدي:
_طالما واثج فيها جوي إكدة، حارمني منيها ومعايزنيش أجعد وياها لجل ما نتحدت ليه يا عمي ؟
نهرةُ زيدان قائلاً بنبرة صارمة:
_ متجولش كلمة عمي دي تاني علي لسانك ، معايزش أسمعها منيك يا بايع ناسك
تنهد قاسم بأسي،وحزن فارس علي حال شقيقهُ، حين تحدثت رسمية بنبرة تعقلية:
_إهدي يا ولدي علشان صحتك، ومتخليش غضبك ينسيك جانون العيلة عِندينا، ناسي إياك إن جانون العيلة عيجول إن مفيش طلاج مهما حُصل؟
ده غير إن بِتك حِبلة ولساتها عروسة مكملتش شهرين، الناس عتجول عليها إية يا ولدي
أردف زيدان بقوة وجبروت :
_تتحرج الناس علي حديتهم اللي ملوش عِندي ايتوها عازة ، أني كل اللي فارج وياي هي بِتي وبس، وبخصوص العيل اللي في بطنها أني كفيل بيه وهربية أحسن تربية ،
وأكمل وهو يرمق قاسم بنظرات غاضبة:
_ ولولا إنها هتُبجا كبيرة من الكبائر كُنت وديتها للحكيمة وسَجتها وخَلصت بِِتي منية كيف مهخلصها من أبوة، بس هعمل إية، جدرها تشيل عيل من اللي خانـ.ــها وكَسـ.ـرها وخلاها مسخرة الخلج
تحدث بنبرة حادة:
_ معاش ولا كان اللي يخليها مسخرة ، صفا مّرتي وهرچعها لحُضني هي وولدي، ومهيبعدنيش عنيها غير الموت، سامعني يا عمي، مهيبعدنيش عنيها غير الموت
هتف عِثمان بنبرة صارمة موجةً حديثةُ إلي الجميع:
_ خلاص إكدة، كل واحد جال اللي في نفسة وإرتاحتوا؟ إسمعوا بجا حُكمي اللي معايزش فية نجاش من حد فيكم
نظر إلي قاسم وتحدث:
_ أول حاچة قاسم عيطلج المصراوية أول ما يرچع مصر ، ويجوم يحب علي راس عمه وعلي يده ويطلب منية السماح،
وأكمل وهو ينظر إلي زيدان:
_ وإنتَ يا زيدان، تخلية يجعد وَيا مّرتة ويتفاهم وياها ويراضيها، معيزينش نِضَحكوا الخلج علينا ونشمتهم فينا يا ولدي
هتفت رسمية بنبرة حماسية:
_ عين العجل يا حاچ
فهتف عِثمان مُتسائلاً زيدان:
_ جولت إية في حُكمي يا زيدان ؟
برغم كَم الغضب الهائل الذي يسكُن قلب زيدان ويُشعل كيانهُ بالكامل، إلا أنهُ رضخ وأستسلمَ لحُكم والده وتحدث رُغمً عنه:
_ مفيش جول بعد جولك يا أبوي
أومأ برأسهٍ وتحدث بإستحسان:
_تسلم وتعيش يا ولدي
ثم نظر إلي قاسم بنظرة ساخطة وتحدث إلية بنبرة حادة:
_ مسمعتش رأيك في حُكمي يا وِلد قدري
نظر قدري إلي ولدهِ ولأول مّرة مُشفقً علي حالة وما أوي إلية بفضل ما صنعتة أيادية هو وفايقة،
في حين تحدث قاسم وهو ينظر إلي عمهِ بنظرات يملؤها الندم والإعتذار :
_ لو علي الأسف أني مستعد أتأسف لعمي ومّرتي وأجَضي اللي باجي من عُمري كلياتة وأني بحب علي يدهم ورچليهم لجل ما يسامحوني علي اللي حُصل مني
نظر لهُ الجميع بإستحسان وترقبوا لباقي حديثة الذي أصابهم جميعاً بالصدمة والذهول
أكمل قائلاً بنبرة ضعيفة مُنكسرة:
_ بس أني معينفعش أطلج زميلتي إلا بعد ما يعدي علي چوازنا سنة.
💘💘💘
33💘
في حين تحدث قاسم وهو ينظر إلي عمهِ بنظرات يملؤها الندم والإعتذار :
_ لو علي الأسف أني مستعد أتأسف لعمي ومّرتي وأجَضي اللي باجي من عُمري كلياتة وأني بحب علي يدهم ورچليهم لجل ما يسامحوني علي اللي حُصل مني
نظر لهُ الجميع بإستحسان وترقبوا لباقي حديثة الذي أصابهم جميعاً بالصدمة والذهول والخزلان
أكمل قائلاً بنبرة ضعيفة مُنكسرة:
_ بس أني معينفعش أطلج زميلتي إلا بعد ما يعدي علي چوازنا سنة كاملة
نظر جميعهم إلية بذهول فأكمل هو بنبرة خَافتة:
_ ده شرط بيني وبين أبوها ومهينفعش أرچع في وعدي اللي قطعتة علي حالي معاه
جحظت عيناي زيدان وهتف بصياحٍ عالي وبنبرة غاضبة:
_ لا والله أصيل يا واد، معينفعش ترچع في كلمتك اللي إديتها للغريب لكن ترچع في وعدك لعمك وتغـ.در بية وتطـ.ـعنة في ظهرة عادي !
أجابة مُفسراً بنبرة يكسوها الحُزن والألم والندم :
_الحكاية ليها أصل يا عمي، وعشان تجدر تفهمني وتجَدر موجفي لازمن تسمعها ، وأني هحكي لكم الحكاية من أولها ومعخبيش عنكم حاچة واصل، لأن خلاص معادش لية لزوم ،
وأكمل بمرارة وغَصة مُرة تقف بحلقة:
_ اللي كُنت عخاف عليها وأخبي عشانها عِرفت، وبأسوء طريجة، طريجة عُمري ما أتخيلتها حتي في أسوء كوابيسي
هب زيدان واقفً بغضب من جلستة وتحدث بنبرة حادة :
_ وأني معايزش أسمع منيك غير يمين الطلاج اللي عترمية علي بِتي يا بايع ناسك لجل ماتشتري الغريب
وأكمل وهو ينظر إلي والدة بإحترام:
_ أظن بإكدة أني عِملت اللي عليا وعداني العيب وأزح يا أبوي، دوست علي حالي ورضيت بحُكمك رغم إنه ضد رغبتي ورغبة بِتي اللي راجدة علي فرشتها جِتة بلا روح كيف الأموات من اللي عِملة فيها حفيدك ، وافجت بس لچل ما أرضيك ولأنك أمرت بإكدة ، بس إكدة الموضوع دخل في لعب عيال إصغيرة، وأني معنديش وجت أضيعة وأني جاعد أسمع هلفطت عيال
وقف قاسم وصاح بنبرة غاضبة تنمُ عن وصولةِ لقمة غضبتة:
_ حاسب علي كلامك و مفيش داعي للغلط يا عمي، أني راچل ليا وزني ومهجبلش بحد يغلط فيا مهما كان هو مين
إنفعل زيدان بحدة وكاد أن يرد لولا صوت عِثمان الذي صدح بحدة:
_ خلاص إنتَ وهو، عتتعاركوا جِدامي إياك
ثم نظر إلي زيدان وتحدث برجاء:
_وإنتَ يا زيدان يا ولدي، إجعد وخلينا نسمع حكاوي إبن قدري ونشوف أخرتها إية اللحكاية المغفلجة دي، وبعدها عنشوف عنعملوا إية، وصدجني يا ولدي، كل اللي صفا عيزاة أني عنفذهولها، بس إلا الطلاج
وأكمل بتهكم وإسلوب ساخراً وهو يُشير بإشمئزاز إلي قاسم:
_إتفضل يا سي قاسم، إمسك ربابتك وغني علينا وسمِعنا
إبتلع قاسم إهانتة المُرة من حديث جدة المُتهكم علي شخصة،لكنةُ تحمل لأجل إستعادة صغيرتة إلي أحضانة من جديد،
بدأ بقص حكايتة علي مسمع ومرأي من الجميع، من بداية تمرده علي حياة الإجبار مِراراً بتوهُمةِ لإصابة قلبهِ بعشق زميلة دراستة، حتي خطتهُما المُحكمة بموافقتة الشكلية علي خطبتة من صفا،وبرر ذلك بخوفهِ المُبرر من أن يُصبح النُسخة المُكررة من زيدان ويفقد كل المُميزات التي يحصل عليها بكونهِ الحفيد الاكبر والاقرب لقلب عِثمان،
وأيضاً أخبرهم أنة مثلما خشي علي حالة وضع أيضاً صفا صوب عيناه وحرص علي حصولها لأكبر قدرٍ من المكتسبات التي ستحصُل عليها من وضعةِ لتلك الخطة، وهي دخولها للكلية التي طالما حلُمت بها وتمنتها وكانت ستُحرم من دخولها لولاة
ثار زيدان بعدما إستمع إلي إعترافات قاسم المُهينة لكرامة إبنتة الأبية التي طالما عاملها بإحترام لكيانها مُنذُ نعُومة أظافرها، ودائما ما كان يزرع بداخلها أن الأنثي بلا كرامة كنهرٍ جفت مياهةُ وأصبح بلا حياة بلا فائدة،
وما جعل النـ.ـار تشـ.ـتعل بصدرهِ أكثر هو شعورهُ المُخجل عِند إكتشافةِ كَم كان أحمقً وتم التلاعُب به وبصغيرتة من ذلك الحقير الذي طالما إعتبرة ولده، لكنهُ بالمُقابل أصابهُ بالخزلان وخان وعدة
جن جنونهُ ولم يعُد في إستطاعتة السيطرة علي غضبة، فهرول إلي قاسم وأحكم من قبضتاة علي تلابيب جلبابةِ الصعيدي وتحدث بنبرة غاضبة وهو يهز جسدهِ بعُنفٍ :
_ للدرچة دي كُنت شايفني مُغفل ومليش جيمة يا واد، عِملت لك إية لجل ما تعمل في بِتي إكدة يا واكل ناسك، ده أني إعتبرتك ولدي اللي مخلفتوش من صُلبي، أمنتك علي وحيدتي اللي معِنديش أغلي منيها، وبيدي اللي عايزة جطعها دي سلمتهالك
وأكمل بجنون وهو يهزةُ بعنف أكثر تحت صمت قاسم وإنزال بصرهِ للأسفل من شدة خجلة، وعدم مقاومتهِ واضعً كفاي يداه جانبً بإستسلام:
_لية يا واكل ناسك، ليه
هرول قدري ومُنتصر وفارس إلي زيدان، محاولون تخليص قاسم من قبضة يداه الحديدية، تركةُ زيدان بصعوبة بالغة
حالة من الصمت إقتحمت المكان وأصابت الجميع بعد صوت عِثمان الذي صاح بهِ محذراً الجميع وإلزامهم بالصمت التام، تحدث قدري بنبرة ضعيفة مؤنبً حالة:
_ اللي حصل كُلة كان غصب عن ولدي يا زيدان، إعتبرة ولدك وغلط وإديله فرصة تانية يا أخوي
إنتبة زيدان إلي قدري ونظر لهُ قاطبً بين حاجبية وتحدث مُتسائلاً بنبرة تڜكيكية:
_ إلا جولي يا أخوي، إنتِ كُنت خابر بالعملة المجندلة اللي عِملة ولدك ببِتي دي ؟
تنهد قدري وظهر علي ملامح وجههِ الأسي وكاد أن يتحدث بالإنكار لولا صوت قاسم القوي الذي تحدث نافيً ليعفو والده من حرج اللحظة ويُبعدهُ عن مرمي غضب الجميع ولعنتهم :
_ أبوي ملوش علاجة بالموضوع يا عمي، أبوي عرف إمبارح زيه زييكم بالظبط
رفع بصرهِ سريعً ونظر بقلبٍ مفطور يإنُ ألمً ويُريد الصُراخ علي نجلهِ الذي وبرغم كّم مصائبة التي أتته علي عُجالة، مازال يحاول جاهداً أن يُخفي أمر معرفتة بالأمر كي لا يجعل الجميع ينظرون إلية بإشمئزاز وإنتقاص لرجولتة
صاح قدري قائلاً بعيون شبة دامعة بعدما قرر ولأول مرة المواجهه كرجُل وأن يتحمل نتائج بعض أخطائة ليرفع عن صغيرهُ كاهل الظلم الذي يقع علي عاتقة :
_ لساتك عتداري علي أبوك يا قاسم حتي بعد كُل اللي حُصل لك بسببي ؟
أني خابر زين ومتوكد إن أني السبب في توهتك دي يا ولدي، وإنتَ بنفسك جولتها لي جَبل سابج، حجك عليا يا ولدي
ثم نظر إلي زيدان وتحدث بنبرة صادقة :
_ أني عرفت جبل دُخلة قاسم علي صفا بأسبوع واحد يا زيدان،
وأكمل وهو ينظر أرضً من شدة الخجل:
_ أني اللي أجنعتة يتمم فرحة علي بِتك لچل ما يتفادي غضب چدة علية بعد ما كان چاي ومصمم يعترف لكم باللي حُصل ويفض خطوبتة علي صفا ويتچوز من البِت زمِيلتة
وأكمل تحت تعجُب قاسم وفارس اللذان ينظران لهُ والذهول سيد موقفهما،بعد إستماعهما لأبيهما الذي طالما عاش حياتة لنفسهِ ولتحقيق أغراضهِ الشخصية وفقط، ولطالما كان المثال السئ للأب الذي لا يُحتذي به ولا يدعوا أنجالهِ إلي التشرُف به، بل وكان هو السبب الرئيسي لتشتت روحيهما وضياعهما وتوهتهما بالحياة
قدري بنبرة نادمة وإستسلام:
_ لو عاوز تحاسب حد علي اللي حُصل لك إنتَ وبتك، حاسبني أني يا زيدان، لأن أني اللي عِملت إكدة في ولدي، أني اللي بطمعي وخوفي علية من غضب چدة وطرده من نعيم چنته، چبرتة وخيرتة بين إنه يتچوز بِت عمه وينول رضا چدة ويحفظ نصيبة من تركة العيلة ، يا إما عغضب علية وهتبرا منية ، وهددتة إني عَوصي الكُل إني لو مُت ميحضرش دفنتي ولا يُجف ياخد عزاي
نظر بعيون مُتأسفة نادمة إلي لقاسم الواقف بقلبٍ يأنُ ألمً من شدة حُزنهِ علي موقف أبيه المُخجل الذي وُضع بداخلة والخزي الذي يشعر به الآن، كان يُريد أن يهرول إلية ويحتضنة ويطلب منه الصمت ليعفية حرج وصعوبة الموقف
نظر لوالده وأمال برأسهِ جهة اليمين مترجيً إياه بعيناه وتحدث بصوتٍ مُتألم لأجل غالية:
_بكفياك الله يرضي عليك يا أبوي
أجابهُ بنبرة صوتٍ مُحتقنة بفضل دموعهِ التي ولأول مره تحضر وتريد من يفسح لها المجال لتنطلق للخارخ مُعلنة عن حالة الفوضي والعصيان والتمرد التي أصابت داخلة :
_ لازمن أتحدت وابرئك من تهمة الخيانة يا ولدي ، لازمن أطهر حالي من ذنوبي الكَتير اللي إنتَ شيلتها بدالي
وأكمل وهو ينظر للجميع بجرأة جديدة علية :
_ إبني ملوش ذنب يا أبوي، ملوش ذنب يا زيدان، ملوش ذنب يا خلج، بلاش تحاكموة وتاخدوة بذنبي ،
رمقهُ زيدان بنظرات مُتهكمة وتحدث بإلقاء تُهمة الكذب للأبن وأبية:
_ إوعاك تكون فاكرني مخبول لجل ما أصدج التمثلية الخيبانة اللي عتضحك بيها إنتَ وولدك علينا لجل ما تستغفلني من چديد ؟
هتف عِثمان قائلاً بنبرة صوت ضعيف نتيجة خجلة الشديد:
_ أخوك عيجول الصدج يا زيدان،
وجه الجميع أبصارهم إلي كبيرهم، حين أكمل عِثمان بقلبٍ مُحملً بثقلٍ بفضل الهموم التي تراكمت بقلبة جراء ما فعلتةُ يداه بحق حفيدهُ الأكبر وجوهرتةُ الثمينة وأوصلهُما بعنادِهِ إلي تلك الحالة المُزرية
وبدأ بقص تفاصيل تلك الليلة المشؤومة علي مسامع الحاضرين:
_ أكيد كلياتكم فاكرين زين الليلة اللي صفا دخلت لي اوضتي وبعدها قاسم حصلها، في الليلة دي صفا طلبت مني أحلها من وِعدِة چوازها من قاسم،جالت لي إنها إتفجت وياه علي إنهم يحلوا روحهم من الچوازة دي وميكملوهاش ، وجتها قاسم جالي نفس اللي جالة دلوك، إنه مجابلش علي حاله يتچوز واحدة أعلي منية،
وأكمل بأسي وهو يهز رأسهُ عدة مرات مُتتالية بنظراٍ مُنخفض لأسفل قدماه:
_ أني كُمَان مرحمتوش كيف أبوة ما عِمل بالمظبوط ، جولت له إني عَحرمُة من الميراث، جالي موافج ومعايزش منيك حاچة وأني كفيل بحالي،
وأبتسم ساخراً وأسترسل:
_فكركم رحَمته علي إكدة؟
جولت له هاخد منيك الشُجه والمكتب والعربية اللي چيبتهم لك بمالي ،
أكمل بنبرة إنهزامية:
_ وافج، لما لجيته لساته مصمم هددتة وجولت له هسحب منيك كُل مِيلم في الحساب المُشترك بيناتنا في البنك، وياريتني إكتفيت علي إكدة، ده أني كُمان هددت صفا إني عسحب منيها المستشفي وعچوزها لحسن وِلد مُنتصر وعجعدها في البيت لو موافجتش علي چوازها منية
ثم أكمل بمرارة ظهرت بصوتة :
_ بس ميتا كان الخير في الچبر، ربنا يعلم باللي كان في نيتي وجتها ناحية أغلي إتنين علي جلبي ،
واسترسلَ بمرارة تملئ قلبة:
_مكُتش خابر إني بإكدة بأذية وبچبرة علي إنة يخطي برچلية أول خطوة ناحية بير الخيانة ويرمي حالة چواتة بإرادتة المچبورة
رفع بصره ونظر لداخل أعين قاسم وهتف بنبرة رجُل مُنهزم:
_أني اللي فشِلت يا قاسم مش إنتَ .
أردف زيدان بتعابير وجه مصدومة :
_يا أبووووووي، يعني كلياتكم كُنتم خابرين وشاركتوا في دبـ.ــح بتي ومــ.ـوت جلبها بالبطئ، كيف رضيتوا لها بالــ.ـذُل والمـ،هانة،كيف ؟
وأكمل لائمً لوالده ومُتعجبً :
_وإنتَ يا أبوي، جِبلتها كيف علي حفيدتك اللي عتجول إنك عتحبها !
تچوزها لواحد كارهها ومچبور عليها لية يا أبو قدري ؟
أنزل عِثمان بصرهِ هاربً من عيناي زيدان المملوئة بالمعاتبة وإلقاء اللوم
هتف قدري برجاء:
_خليك رحيم كيف ما أتعودنا دايماً منيك يا زيدان، ولدي رايد بِتك وبيتمني لها الرضا ، رچعها له وخلية يعيش فرحتة بحَبلها وإبنه يتولد علي إدية
أما زيدان الذي خالف جميع التوقعات كباقي أشخاص الجلسة الإستثنائية التي ستُكتب بتاريخ العائلة لغرابتها، فتحدث بشموخ ورأسٍ مرفوع بكبرياء ضاربً كُل ما قِيل من تبريرات بعرض الحائط وكأنهُ لم يستمع إليها من الأساس :
_ بِتي مهياش مُلزمة لجل ماتصلح وتدفع من كرامتها وكبريائها تمن أغلاطك إنتَ وولدك يا قدري، من إنهاردة كُل واحد عيحاسب علي غلطة، وبِتي مغلطتش وياكم في شئ، غلطها الوحيد إنها أمنت وسلمت للي ميستاهَالش، يُبجا الحج بيجول إنها تطلج منية وتكملوا حياتها مع واحد إبن حلال يعرف جيمتها ويستحجها بچد.
إتسعت أعين الجميع وكادت أعصاب قاسم أن تنفلت منه لولا فارس الذي تحرك إلية وأمسك ذراعه وهمس له وطالبهُ بالصمت كي لا يُزيدُ من حدة وضخامة الوضع
تحدث الجَد متوسلاً إلي زيدان:
_ إهدي يا زيدان وخلينا نتحدتتوا بالعجَل، ولِد أخوك غلط وإنچبر وعطي وعد لراچل غريب عنينا، وكان لازمن يطلع راچل جِدامة بعد ما إترچاه لچل مايُستر عرض بِته اللي كانت عتتفضح بعد ما ولد أخوك جعد خاطبها سبع إسنين بحالهم،
وأكمل وهو ينظر إلي قاسم بإحتكار:
_ اوعاك تكون فاكر إن بحديتي دي ببرر للخاين عملته السودا في حجنا وحج مّرتة ، أني بس حطيت حالي مطرح أبوها الدلدول اللي جِبل بوضع مهين ليه ولبيتة ، واللي منجبلوش علي بناتنا منجبلوش علي بنات الناس يا زيدان،
واسترسل بإقناع زيدان:
_ أجولك، خُدها من باب السَتر للبِت يا ولدي وربنا بإذن الله هيچازيك خير النِية
وأكمل بترجي :
_ ودالوك أني اللي عترچاك يا ولدي، رچع الدكتورة لشُجتها وسبها منيها لچوزها واني واثج من عجلها زين ، إعمل إكدة لچل خاطري يا زيدان
نظر لأبيه وتحدث بنبرة صارمة رافضة ذكرت الجميع بنفس موقفة بالماضي بقصة زواجة علي ورد:
_ خاطرك غالي علي يا أبوي وفوج دماغي ، بس متأخذنيش، أني سمعت كلامك ونفذتة جبل إكدة، وادي النتيچة جِدامكم كلياتكم
تحدث مُنتصر بتعقل:
_ طب مش تسأل بِتك اللول يا زيدان، مش چايز صفا حابة ترچع لچوزها وتربي ولدها في حُضن أبوة ؟
اجاب شقيقهُ مُتشبثً برأية:
_ وإنتَ فِكرك إني عتكلم من حالي إكدة من غير ما أكون مِتفج مع بِتي وعارف رأيها زين يا مُنتصر ؟
وأكمل بنبرة حادة ناظراً إلي قاسم :
_إسمعني زين يا وُلد أبوك، أني دلوك اللي عحِلك وهفك جِيدك من الچوازة اللي مكناتش علي كيفك ولا من مجامك يا حضرة الافوكاتوا،
وأكمل بنبرة قاطعة تدُل علي مدي حسمةِ لقرارة:
_طلج بِتي يا قاسم ودلوك
نظر له وتحدث بنبرة ضعيفة نتيجة تأثرهُ بما يدور من حوله من إعترافات المُذنبين بحقة:
_ أني يمكن في اللول عِنادي ورفضي لفكرة إني أنچبر علي حاچة صورت لي إني رافض ومطايجش الموضوع ، بس ربنا يعلم إن من اليوم اللي كتبت فيه كتابي علي صفا، وهي بجت كِل دنيتي وبجت عنيا اللي عشوف بيها ونبض جلبي اللي ععيش لية ، أني مجدرش أبعد عن صفا لاني من غيرها كيف السمك لما يخرچوة من الماية
ورفع كتفاه وأنزلهما وأردف بإستسلام:
_معتفهمش لية يا عمي، معجدرش علي بُعادها أني
أجابهُ بعناد:
_عطلجها يا قاسم لاني مهأمنش عليها وياك بعد إكدة
هتف قاسم بنبرة أكثر عِناداً:
_جولت لك معطلجهاش ولو علي موتي يا عمي، وعاوزك بس تعرِف، إن محدش في الدِنيي دي كلياتها عيحب صفا ويخاف عليها ويحميها كدي
تحدث فارس مُترجيً عمه بإستعطاف:
_ سامح قاسم لجل خاطري عِنديك يا عمي
هتف عِثمان بنبرة حادة بعدما رأي العِناد والرفض القاطع بعين ولده :
_ وبعدهالك عَاد يا زيدان ، أني ساكت ومراضيش أتحدت وسايبك تخرِچ كُل اللي چواتك لچل مترتاح، لازمتها إية كلمة الطلاج اللي عمال تعيد وتزيد فيها دي وإنتَ خابر زين إنه معيحصُلش،
إتسعت عيناي زيدان وتحدث إلي والدةُ بطريقة حادة غير لائقة:
_ يعني إنتَ يا أبوي عاوز ترخص بِتي من چديد وترچعها للي چبل عليها الكَسره والمذلة؟
وبعد جدال طال من الجميع إقترح مُنتصر بذهاب الجميع إلي صفا وعرض الموضوع عليها من جميع الجوانب كي تفهم المغزي من تصرف قاسم، وإقناعها بالرجوع، وبالفعل ذهب الجميع إليها حتي قاسم الذي سمح لهُ زيدان بمقابلتها في حضور الجميع وذلك بعد إلحاح عِثمان عليه
ذهب الجميع عدا عِثمان الذي نكس رأسه وبات يؤنب حاله ويجلدها، فمهما بين قوتة وصمودةُ أمام الجميع، إلا أنه كُسر عندما شعر بالفشل الزريع لقيادتة لعائلتة والوصول بأحفادة لبر الأمان الذي كان يراه صوب عيناه، وأكتشف انه كان سراب،،مجرد سراب لا أثر له ، حتي زيدان الذي يعلم عِلم اليقين أنهُ علي حق، ويُبرر لهُ كل الأحقية في الدفاع المُستميت عن غاليتة ،لكنةُ يضغط علية ويدعوة للتنازل والتسامح فقط من أجل تماسك العائلة وعدم إعطاء الفرصة لشماتة المترقبين للعائلة
_______________
دلف من باب الغُرفة التي تقطنها صغيرتة، إنتفض قلبهِ وثار علية عِندما رأها أمامة تجلس فوق فراشها والإجهاد والتعب يظهران بشدة علي ملامحها ، ودّ الإسراع إلي أحضانها وسحبها إلية ليضُمها إلي صدرة المُلتاع بالإشتياق، ويُطيب جَرحها النازف بفضلة،
تمنيّ لو أن له الأحقية بأن يُخرج الجميع ويبقيا بمفرديهما، كي ينزل لمستوي قدميها ويُقبلهما بندمٍ ليُطهر حالةُ من الذنب العظيم الذي إقترفةُ بحقها، أراد أن يُريها بعيناها كّم أصبحت قيمتها عِندة للحد الذي يجعلهُ يتنازل عن عزة نفسهِ وكرامتة ويقوم بإذلال حالهِ عند الرضوخ تحت قدميها وتقبيلهُما طلبً للعفو والسماح
تحدث وهو ينظر إليها بوله وبصوتٍ مُتألم لأجلها:
_ كيفك يا صفا.
لم تُعر لسؤاله ولا لوجوده من الأساس أية إهتمام، وكأنهُ أصبح هواء أو مجرد سراب ليس لهُ وجود، عذرها وكظم أهاتة وألامة بداخل صدرهِ المهموم
تحدث مُنتصر إليها قائلاً :
_ چِدك باعتنا ليكِ لچل ما تاچي ويانا وترچعي لشُجة چوزك يا دَكتورة، عيجولك إنه واثج في عجلك اللكبير وإنك عتحطي مُصلحة العيلة وتحلي الموضوع بالراحة بينك وبين چوزك من غير محد يدري من النچع ونشمتوا فينا الخَلج
إبتسمت بخفوت حين تحدثت رسمية بنبرة أكثر تعقُلاً قائلة:
_ وهي ست البنات عتجول إية غير إنها موافجة ترچع وتعيش ويا چوزها لچل ما يربوا ولدهم اللي چاي بيناتهم ،
بس طبعاً مش دلوك يا مُنتصر، هي عتجعد في دوار أبوها كد إسبوع إكدة لچل ما أمها تغذيها وتغذي ولدها زين، وبعدها قاسم هياچي ياخدها علي شُجتها كيف الملكة
وأكملت متسائلة بإبتسامة:
_ مش إكدة يا زينة البِنتة؟
ضحكت بخفة وتحدثت بنبرة ساخرة:
_ لا يا چِدة مش إكدة، أني بنفسي اللي هاچي لحد السرايا وأحب علي رچل حفيدك اللكبير واتأسف له وأطلب منيه السماح والمغفرة، بيتهئ لي دي يرضيكم أكتر
ثم نظرت إليهم بغضب وتحدثت :
_ إنتوا عتتكلموا چد ولا عتهزروا، أصلكم لو عتتكلموا چد تُبجا مصيبة وعيبة كَبيرة جوي في حجكم يا نُعمانية
تحدث مُنتصر بنبرة حنون مُقدراً وضع إبنة اخية النفسي:
_ أني عارف إنك غضبانة ومحدش يجدر يلومك علي إكدة يا بِتي، بس فيه حاچات كتير حصلت قاسم عيحكي لك عليها ويتأسف لك جِدام الكل ويحب علي راسك ويدك كُمان
أجابت عمها بنبرة صارمة :
_ هو كان داس علي رچلي من غير مايجصد إياك يا عمي لچل مايعتذر لي ويحب علي راسي ؟
وأكملت بشموخ:
_ اللي عيعتذر وينجبل إعتذارة، هو اللي بيعمل الغلط من غير مايجصد يهين أو يچرح بيه غيرة ،
وأكملت بنبرة صارمة :
_لكن إبن أخوك خطت وجرر ونفذ في سبع سنين بحالهم ، يعني چريمة كاملة مُكتملة الأركان ومع سبج الإصرار والترصد، كيف مابيجول الأفوكاتوا اللكبير وهو بيترافع في المحكمة جِدام الجاضي
هتف بنبرة هادئة قاصداً بها إمتصاص موجة الغضب التي تتملك منها :
_إهدي يا صفا علشان خاطر ماتتعبيش تاني ، وخلينا نجعدوا لحالنا وأني عفهمك علي كُل حاچة ، فية تفاصيل إنتِ متعرفيهاش ولازمن أجولها لك لوحدينا
إبتسمت ساخرة وتحدثت بنبرة تهكُمية:
_ معايزاش أتعبك وياي يا مِتر، وفر مبرراتك وجهدك اللي عتضيعة في كلام فاضي مهيفرجش معاي،
وأكملت وهي ترمقهُ بنظرة إشمئزاز:
_ ولا هيخليني أرچع أشوفك في عيني راچل من تاني.
إشتعلت النار بصدرهِ من إهانتها له وما شعر بحالهِ إلا وهو يهتف بنبرة غاضبة:
_ صفاااا، ما تستغليش وضعك وغلاوتك چوة جلبي وتجولي كلام تتحاسبي علية بعد إكدة يا دكتورة
ضحكت ساخرة مما زادَ من إشتعاله وتحدثت هي بتهكُم :
_ هو إنتَ لساتك عتحاسبني يا مِتر، ده انتَ يا راچل حاسبتني علي اللي حتي معمِلتوش،
وأكملت بنبرة حادة وملامح وجة صارمة :
_ روح لحالك ويلا كلياتكم برة عشان عاوزة ارتاح، وجولوا لچدي لو السما إنطبجت علي الأرض أني مهرچعش للي خان وغدر وأدي له من تاني الأمان، جولو له كمان صفا عتجولك مش عترچع مش بس لو سحبت منيها المستشفي، لااا، أني مهرچعش حتي لو جطع من چسمي حتت ورماها للكلاب،
ثم رمقت قاسم بنظرة غاضبة وهتفت بنبرة حادة:
_وإنت، لو لساتك راچل وعِنديك نخوة تطلجني دلوك
إتسعت عيناة من هول ما أستمع وتحدث بنبرة حادة وهو يجز فوق اسنانة:
_ ماشي يا صفا، حسابنا بعدين علي كُل الغلط دي، مش وجتة
حين هتفت رسمية بنبرة حادة:
_ عيب الحديت اللي عتجوليه لچوزك ده يا صفا
أجابتها بنبرة صوت حادة:
_ العيب للي يعرفوا العيب ويخشوة يا چدة، ودلوك يلا فارجوني، معيزاش أشوف حد منيكم إهنية
وأكملت بنبرة حادة وصريخ يدل علي عدم إتزانها ووصولها لمدي غضبها:
_ إطلعوا برة كلياتكم، جايين بوش مكشوف وعين بجحة جوية تچبروني لچل ما أرچع للي غدر بي واتچوز علي وأني لساتني عروسة مفرحتش حتي بهدوم چوازي ؟
ثم نظرت إلي مُنتصر الواقف بخزيً وهتفت بنبرة غاضبة:
_لو كانت مريم اللي چوزها غدر بيها ورخصها كيف ماعمل وياي وِلد أخوك؟، كُنت هتجولها بردك ترچع لچوزها يا عمي ؟، كت هترضي بالذل والمهانة علي بِتك، ولا كُنت عتخرب الدنيي وتطربجها علي دماغ الكُل كليلة عشانها
وأكملت وهي تُفرق نظراتها الكارهة للجميع بإشمئزاز :
_ يا عيب الشوم عليكم وإنتوا چايين وهزين طولكم لچل ما تاخدوني وترموني كيف الچارية تحت رچلين سي قاسم النُعماني،لجل ما يكمل ذل ومهانة فيا أكتر
تحدث زيدان الذي كان واقفً عند مدخل باب الحُجرة كي لا يُقال أنه كان يؤثر علي قرارها:
_ معرفيش لسه الچديد يا بِتي، قاسم بيه اللي چايين اهلك لچل ميرچعوكي ليه، معيطلجش مّرتة المصراوية، عيجول إنه ميجدرش يطلجها جبل سنة عشان مدي وعد لأبوها ،
نظرت إلية وهتفت بعيون تطلق شزراً:
_ طلجني يا قاسم وخلي عنديك كرامة
أجابها بهدوء في محاولة منه لإمتصاص غضبها العارم :
_ جولتها لعمي وهجولهالك تاني يا صفا، مهطلجكيش لو علي موتي لأني مهعرفش أعيش من غيرك ، هصبر عليكي لحد ما تهدي وترضي، مش هزهج من إني أچي لك كل يوم وأطلب منيكي السماح والرضا لحد مترضي يا غالية ، وعاوزك تتوكدي إن انا وإنتِ مهينفعش نبعد عن بعض، لأني مصدجت لجيتك ولجيت روحي الضايعة وياكِ
وأكمل بنبرة صوت مُختنقة بفضل رغبتة في البكاء:
_ خلي بالك من نفسك يا حبيبتي
قال كلماتة وهرول سريعً إلي الخارج متجهً إلي الإسطبل، إمطتي حِصانة العربي الأصيل وتحرك بهِ منطلقً إلي الخارج
أما هي فكانت تنظر بصمود أمامها في نقطة معينة علي الجُدران ، تركها الجميع وتحركوا للخارج تاركين لها المجال كي تختلي بحالها، حتي ورد
زفرت بضيق وشعرت بنارٍ شاعلة تقتحم صدرها حين علمت صحة ما أخبرتة به تلك الشمطاء المسماة بليلي، وتذكرت حديثها المسموم التي أخبرتها به قبل الساعتان من الآن
عودة إلي قبل ساعتان من الوقت الحالي
كانت ليلي تقف بداخل شُرفتها تحتسي مشروبً بارداً وتنظر علي منزل زيدان بتشفي بعدما عادت إلية صفا مثلما خرجت، إشتعل صدرها عندما وجدت مريم تحمل صغيرتها وتدلف إلي منزل عمها، تجهزت سريعً وهبطت الدرج بعدما إنتوت الذهاب إليهما كي تُفسد عليهما جلستهما
دلفت إلي الغرفة الجانبية التي سكنتها صفا مؤقتً كي لا تصعد الدرج حتي لا يتأذي جنينها مثلما أخبرتها أمل وحذرتها الحركة وتجنبها لصعود الدرج ، وجدت ورد ومريم يجاورا صفا التي تجلس بملامح وجه حزينة مهمومة
وقفت ورد وتحدثت إلي ليلي بوجة مُقتضب:
_ خطوة عزيزة يا ليلي، أني هدخل المطبخ أكمل العشا
وأكملت وهي تنظر إلي مريم بحديث ذات مغزي:
_ وإنت يا مريم، خلي بالك على بِت عمك ومتتعبيهاش بالحديت
تفهمت مريم حديثها وأومات لها، في حين جلست ليلي وتحدثت غير مبالية بحديث ورد التي تعلم أنها المقصودة بمغزاه :
_ عاملة اية دلوك يا صفا، الله يكون في عونك يا بِت عمي في المصيبة اللي حطت علي دماغك ، أني لو مكانك كُنت روحت فيها
وأكملت بنبرة شامتة ووجهٍ مُبتسم:
_ أصلها واعرة جوي علي الواحدة منينا إنها تعرف إن چوزها اللي إتمنتة من صُغرها وحلمت يكون راچلها، وفكرت بغبائها إنها مَلكتة لما إتچوزتة، يطلع عشجان لغيرها وواجع فيها لشوشتة، وكُمان إتچوزها عليها وهي لساتها في شهر العسل، ومش بس إكدة، ده كمان بيموت في التراب اللي عتمشي عليه التانية وبيتمني لها الرضا ترضي
كانت تستمع لها بقلب يتمزق ألماً ، نهرتها مريم قائلة بنبرة حادة:
_ إجفلي خاشمك وبطلي حديتك السم دي يا ليلي، إنتِ شايفة إن دي وجت الحديت دي؟
إدعت الحزن وتحدثت بنبرة خبيثة:
_ مش بوعي بِت عمي وأرسيها علي الموضوع بدل ماتفضل علي عماها إكدة،
ثم نظرت إلي صفا وهتفت بخبث:
_ اسكتي يا صفا، ده الموضوع طلع من ياچي تمن سنين وإحنا مدريانينش، أتاري قاسم أخوي كان خاطب زميلتة المحامية دي من سبع سنين وواقع لشوشتة فيها
جحظت عيناها بذهول حين صاحت مريم قائلة:
_بكفياكِ عاد يا ليلي، يلا جومي من إهنية، الدكتورة جالت صفا لازمن ترتاح
تحدثت صفا بنبرة جادة وملامح وجه صارمة:
_ سبيها تكمل يا مريم، اني عاوزة أسمع
إبتسمت ليلي وبدأت بقص ما أخبرتة عنه والدتها بشأن قصة غرام قاسم لإيناس بل وزادت علية، ضاربة بتنبية والدتها لها عرض الحائط، فقط كي تُشفي غليلها وهي تنظر بشماتة لتعابير وجة صفا التي تتألم عند إستماعها لكل كلمة من حديث تلك الحية الرقطاء
بعدما إنتهت تحدثت مريم:
_ خلاص يا ليلي، إرتاحتي إكدة لما بخيتي سِمك وسممتي بية بدن المسكينة
تحدثت بتاثر مُفتعل قائلة :
_يعني بردك طلع الحج عليا يا مريم ؟
وتنفست براحة وتحدثت إلي مريم كي تُسمم علاقتها بزوجها هي الآخري:
_ حجك تحمدي ربنا كل يوم يا مريم وتشكرية علي چواز أشجان بِت خالتي، لولا إكدة كان زمان فارس أخوي سابج قاسم وواخد حبيبة اللي عاش عمرة كلة يتمني تراب رجليها جواة حُضنة ومخلف منيها كُمان
نزلت تلك الكلمات المُسممة علي قلب مريم البرئ احرقتة، حيت هتفت ليلي إلي صفا بنبرة شامتة:
_كُنت هنسي يا صفا، مبروك عليكِ الحَبل اللي ملحجتيش تفرحي بية، أكيد العروسة الچديدة هي كمان حامل وهتچيب لقاسم أخوي الواد،
وأكملت بنبرة حاقدة:
_ وإنتِ أكيد مهتچبيش غير بِت وتجطعي علي إكدية كيفك كيف أمك بالمظبوط، ما هو المثل عيجول، إكفي الجدرة علي فمها، تطلع البِت لأمها
نظرت لها صفا وتحدثت بنبرة حادة:
_ كان نفسي أرد عليكِ الرد اللي يليج بعجربة زيك، بس حظك إني متربية وبخاف ربي ومعشمتش في عطاياة ومنحة اللي عيدهالنا علي شكل مِحن، روحي لحالك الله يسهلك بعيد عنينا، وياريت ماتكرريش الزيارة دي تاني، لاني مبجتش أطيج أشوفك جِدامي
ضحكت بشدة وتحدثت ساخرة :
_ متخافيش، الزيارة مهتتكررش يا دلوعة أبوكِ، وإن كُنتِ إنتِ معطجيش تشوفيني جدامك جيراط، أني معطيجش ابوص في خِلجتك أربعة وعشرين،
وأكملت بشماتة تدل علي شخصيتها المريضة الغير سوية:
_أني بس حبيت أجي وأعرف كل واحدة فيكم مُصيبتها وخيبتها التجيلة، فرحانين بالحبل والولادة وإنتوا رچالتكم مچبورين علي عشرتكم السودا، كل واحد فيهم عندية عشيجة مالية جلبه وعجلة وهيجبر حاله لجل ما يبص في خِلجتكُم العكِرة
وأطلقت ضحكة شريرة وخرجت تاركة قلبي كلاهما ينزف ألمً
عودة إلي الحاضر
سقطت دمعة هاربة من عيناها مسحتها سريعً، وذلك لإمتثالها لوعدها التي قطعتة لحالها علي عدم ضعفها لمن دهس كرامتها حتي أصبحت هي والارض سواء
*** ☆***☆ *** ☆***☆***
روايه قلبيّ بنارِهاَ مٌغرمٌ بقلمي روز آمين
دلف إلي المنزل عند بزوغ الفجر بعدما قضي ليلة وهو يمطتي حصانةُ العربي ويجوبُ به كالمجنون في الأراضي الواسعة المملوكة لچدة، وذلك بعد رفض زيدان القاطع لرجوع صفا إليه وإخبارة لوالده انهُ قرر هو وصفا بقائها في منزلة حتي نهاية العُمر لو لم يتم الطلاق
تحرك إلي غرفة إجتماع العائلة بعدما رأي نورها مشتعل وتأكد من وجود جدةِ بها، فهو دائماً يقضي صلاة الفجر ويتحرك إليها ليجلس فوق مقعدةِ المخصص له ويُمسك مسبحتة ويقوم بذكر الله حتي بزوغ الشمس وظهور أول خيط ذهبياً لها
أمسك مقود الباب وتنفس عالياً ليستعد لحديثة ثم أدارهُ وفتح الباب بعد طرقِة بخفة، ونظر علي ذلك الجالس ورأسهِ مُنكس يُبصر لأسفل قدمية والحُزن والأسي والخزلان يتملكوا من ملامح وجهة المُجعدة بفضل ما فعلت به السنوات
تحرك بخطوات بطيئة وساقان يجرهما حتي وقف أمامة، لم يكلف عتمان حالةُ عناء النظر لوجهةِ وضل ثابتً علي وضعة، وبلحظة خر بساقية رامياً جسدةِ بإستسلام تحت ساقاي عثمان كملكٍ مهزوم أرهقتةُ كثرة المعارك الخاسرة ، رفع رأسة وهو ينظر لعيناي چده الذي يحيل بهما عن ناظرية وكأنةُ يُعاقبة بتلك الطريقة
إقشعر جسد عِثمان وانتفض عندما رمي قاسم رأسهِ فوق ساقاي جدة وتنهد بألم وأستسلام ، شعر بتيهة روح حفيدة وعلم أنهُ وأخيراً رفع راية الإستسلام من حالة العِند والمكابرة
رغبة مُلحة كانت تُطالبهُ أن يضع كف يده الأصيل علي رأس حفيده ويطمأن روحةُ التائهة، لكنة ضل علي وضعة كي يُشعرة بقُبح ما أقترفت يداه بإبنة أبيها الغالية وأثمن جواهر عِثمان
همس قاسم بترجي وهو مازال مُلقي برأسه فوق ساقاي جده يتمسح بهما كقطة سيامي:
_ أني عاوز مّرتي يا چدي، أحب علي يدك ترچعها لي
أخذ عِثمان نفسً عميقً ثم أخرجةُ بهدوء وتحدث بصوتٍ مهزوم حزين:
_ ماكانت وياك، إختارت لك أغلي چواهري وأندرهم، حطيتهالك چوة حُضنك بالغصب وأني عارف إنها هي اللي عتمسك بيدك وعترچعك من أرض التيهة اللي رميت حالك فيها وبجالك ياما عتلف فيها من غير ما تمِل ولا تكِل،
وأكمل بنبرة ضعيفة:
_جولت لحالي بنت أبوها الزينة هي اللي عتردك لأصلك وأرضك، عِملت إية، بدل ما تمسك يدها وتتبت فيها وترچع لي، مسكت خنچر مسموم ودبيتة في جلبها البرئ وكسرت بيها ضهر أبوها اللي أمنك عليها، وكسرتني في شيبتي
رفع رأسهُ لهْ ينظر إلية بتيهة وهتف بصوتٍ يإنُ ألمً:
_ معجدرش أعيش من غيرها ولا هي هتعرف تعيش بعيد عن حُضني، أني عاوز مّرتي لجل ما أضمها جوة حُضني وأطيب چراحها
رد علية عِثمان بنبرة قاسية:
_ميتا كان الجاتل هو الطبيب يا أبن قدري
سأل جدهُ بنفس النبرة الضعيفة :
_أول مرة تجولي يا أبن قدري ؟
أجابهُ جده قائلاً بتفسير :
_ عشان لأول مرة أحس إن كُل اللي عِملتة معاك راح مع أول ريح عاتية، وكأني كُنت ببني بيت علي الرملة وجت الريح هدت ومسحت معاها كل تعب السنين
تنفس عتمان وأكمل بتذكر :
_ زمان لما أبوك چابك إهنية ورماك تحت رچليا كيف جعدتك دي بالظبط، جالي خد قاسم يا أبوي وحطة تحت چناحك وعلمة لجل ما يكون راچل زين شبهك
فرحت ببك لأنك كُنت چاي لي في أشد إيامي وأصعبها، كُنت لساتني خالع ولدي الخلوج أبو جلب كيف الذهب ورامية برة أرضة بيدي، كانت روحي مدبوحة وچيت إنتَ طيبتها بنظرتك البريئة اللي تشفي العليل، شُفت جوات عنيك نفس بصة عمك الحنينة،طيبت چراحي بضحكتك اللي كانت عتهون عليا كتير، خدتك تحت چناحي وكبرتك علي المبادئ والأخلاج والخشي من الله، شفت فيك خلفي وجهزتك لجل ما تكون كبير عيلتك الحكيم وأسلمك زمام عيلتي من بعدي،
واسترسل حديثهُ قائلاً :
_ إتمردت وشردت عن أصلك، جولت سيبة يا عِثمان ومتخافِش علية، ده تربية يدك ومهيشردش كَتير، عيرچع،
لما كَبرت وبجيت أفوكاتوا جد الدنيي واختارت تعيش لحالك في مصر، جولت سيبة يا عِثمان، عيرجعة أصلة وترببتك الزينة لية،
واكمل بنظرة رجُل زادتة تجاعيد وجهه خبرة ومعرفة يصعب علي غيرة إكتشافها :
_ كُنت عشوف عشج بِت عمك ساكن چواك وإنتِ بتدوس علية وتخنجة بكل جوتك عشان تدفنة ، مَكُنتش عشوف ضحكتك ووشك اللي عينور غير لما تاچي سِت البنات وتُجعد جُصادك وتاكل، مكنتش تبص إلا للي في صَحنها لجل ما تجسم وياها لُجمتها وتاكل منيها وتحس بطعم وحلاوة اللُجمة في حَنكك.، كنت بشوفك وإنتَ عتهرب بعيونك وتجفلها لجل ما تمنعها إنها تبص عليها وتتملي في صُنع ربنا اللي أبدع في چمال روحها جبل وشها
كان ينظر إلية بعيون مُتسعة من شدة ذهولها، يستمع إلية ويسترجع ذاكرتة ومواقفة التي تمُر أمام عيناة كشريط سينمائي ، ذُهل من حقيقة مشاعرة التي كانت تائهة عنة كروحةُ،
الأن وفقط فهم مغزي شعورةُ الهائل وهو ينظر لبحر عيناها العميق ليلة دُخلتة عليها، الآن فهم معني إستكانة روحهِ وسلامة الداخلي الذي شعر به عندما إمتلك روحها ووضع صك ملكيتة الذي شهد علي عِفتها وطهارتها ونقاء روحها الطاهرة
حين أكمل عِثمان حديثهُ:
_ تمردك وعصيانك عليا وعلي عيلتك، منعك حتي تعترف بعشجها بينك وببن حالك، ولما لجيتك سايج في العوج، جبتهالك بيدي ودخلتها جوة حُضنك
ثم نظر له وتحدث بإنهزام:
_ بس إنتَ طلعت كيف أبوك بالظبط، أبوك هو كمان راح رمي حالة في حُضن حُرمة مهشكة، بس أبوك لية عذرة، كان عيدور علي راحتة اللي ملجهاش عِند بِت سَنية اللي مفضياش غير لرسم الخطط ، كان عيدور علي هيبتة اللي إتهرست تحت رچلين عشج أمك الملعون
كان يستمع لجدهُ بذهول، والأن عرف بسر والده ولم يستغرب كونهِ خائن، فقد علم بأنها چينات قد ورثها عن أبية
أكمل عِثمان بنبرة لائمة:
_لكن إنت ليه قاسم، ده أني إختارت لك فرسة أصيلة لجل ما تطاوعك وتكون وياك علي الحلوة والمُرة ، ولما تشرد بيها تچمح وتعصي عليك لجل ما ترچعك لعجلك تاني ولأصلك
تحدث مترجيً بإستعطاف:
_طب رچعها لي وأني أوعدك مهخليش النسمة تعدي من چارها،هشج صدري وأحطها چواتة لجل ما أخبيها من العيون وأحافظ عليها
إبتسم عِثمان واجابهُ بخفوت:
_فرستك جمحت وأعلنت عصيانها عليك، روح رچعها وخُدها من حُضن أبوها لو تجدر
نظر لهُ مُستعطفً وهتف بنبرة مترجية:
_إنتَ هتساعدني وترچعها لحُضني من تاني، عمي زيدان معيجدرش يرفض لك طلب، زمانة هدي وعيفكر بعجل ويسمع كلامك
أجابهُ بنفي :
_تُبجا متعرفوش، عمك زيدان دلوك كيف الأسد المجروح، اللي هيجرب من بِتة عيجطعة بسنانة مهما كان هو مين،
واكمل متسائلاً:
_ فكرك زيدان سلمني زمام بتة لية ؟
نظر له ينتظر تكملة حديثة فتحدث عثمان:
_ عشان كان متوكد إني مهفرطش في أغلي جواهري، وعارف إني عسلمها لراچل زين عيصونها ويحطها چوة عِنية
ثم هز رأسهِ مراراً وتحدث بنبرة إنهزامية:
_ لكن إنتَ مطلعتش جد الوعد ، خُنت وغدرت وطعنت في الضهر يا ولّد أبوك، طلعت كيف أبوك بالظبط
إنتفض من جلستة ووقف سريعً ودار بالغرفة مثل الأسد الجريح وصاح بنبرة غاضبة:
_ أني مش كيف أبوي ولا عُمري هكون زيية، أني قاسم النُعماني، شبية حالي وبس، ومهسمحش لحالي أكون نسخة مكررة من حد، سامعني يا چدي، أني مش زي حد، وبلاها كمان من مساعدتك دي،
وأكمل بنبرة أكثر حِدة:
_ ومّرتي أني هعرف أراضيها وأرچعها لحُضني من تاني، وهاخدها هي وولدي ونبعد من إهنية، هعيش وياها بجانون قاسم النُعماني وبس ، جانون الرحمة وعدم الإچبار، هربي عيالي منيها علي الحرية وإن كل واحد منيهم يعمل اللي يشوفة صح من وجهة نظرة هو وبس
كان يستمع إلية ويبتسم بخفة ثم تحدث بنبرة مهمومة :
_ لساتك مشبعتش تيهة وشرود يا قاسم ، لساتك عتكابر وعاوز تُهرب من أصلك يا ولدي
ثم تنهد وتحدث بنبرة تعقُلية :
_ مفيش دنيا بتمشي من غير جوانين وكل واحد يعمل اللي علي كيفة يا ولدي، إكدة نُبجا عايشين في غابة
ثم تنفس عالياً وتحدث:
_ إنتَ الوحيد اللي جادر تعرفنا كلياتنا إنك مش كيف أبوك، مستني أشوف حفيدي اللي رببتة علي العجل والحكمة والاخلاق عيخرچ حالة كيف من الورطة اللي وجع حالة فيها بيدة، ورينا عترچع بِت أبوها العالية كيف
نظر إلي جدهِ بغضب وخرج كالإعصار وصعد إلي الأعلى سريعً
*** ☆***☆ *** ☆***☆***
روايه قلبيّ بنارِهاَ مٌغرمٌ بقلمي روز آمين
بعد مرور إسبوع
داخل قاعة المرافعات الخاصة بمحكمة النقض
وبالتحديد داخل إحدي الجلسات المُنعقدة لبحث قضية رجُل الأعمال الشهير "أمجد التُهامي" والذي لُفقت إلية تلك القضية من قِبل أعدائة عادمي الضمير داخل سوق العمل المُشترك بيهم
كان يقف أمام هيئة المُحلفين المكونة من قاضي جليل وهيئة إستشارية مُتخصصة، يتحدث إليهم بكُل طلاقة وجسارة كعادتة، فدائماً كانت المرافعات تُمثل لهُ الحياة واللذة والنجاح الحقيقي والوحيد الذي إستطاع تحقيقة ، فدائماً ما يشعر وهو يترافع أمام هيئة المُحلفين بأنهُ داخل إحدي ساحات المعارك العُظمي التي طالما خرج منها كملكٍ مُنتصرْ
أنهي قاسم حديثهُ الصارم والذي كشف بهِ لهيئة المحكمة برائة موكلةُ وأن القضية مُلفقة ويوجد ورائها دافع الحقد والغيرة وقصد الإضرار بالمدعو أمجد التُهامي
هتف قاسم بثقة وجسارة وهو يرفع قامتة منتصب الظهر واثقً بحالة كعادتة :
_ وبعد إطلاع هيئة المحكمة الموقرة علي المُستندات والأدلة التي لا تقبل الشك والتأكُد من صحتها ، أرجو من سيادتكم الحكم ببرائة موكلي من التهمة المنسوبة إلية وفوراً ، وذلك لثبوت برائتة من تلك التهم التي لُفقت إلية من خلال منافسية عديم الشرف والمروئة ، حيثُ قاموا بها بدافع الإيقاع بموكلي والإضرار بسمعتة الطيبة التي دائماً ما أتسمت بالنزاهة والشرف ،
وأكمل بثقة عالية:
_ لذا أرجو من عدالتكم تنفيذ القانون وفوراً لتأخذ العدالة مجراها الصحيح من خلال حُكم عدالتكم الحَق، وشكراً لسعة صدركم لمرافعتي
كان أمجد يجلس وهو ينظر علية بإعجاب لطلاقتة بالحديث وثقتهِ العالية رُغم صِغر سِنةِ الذي لم يتعدي الرابعة والثلاثون
جلس بجانب إيناس الحاضرة لكونِها شريكتة بالقضية والتي تحدثت بنبرة حماسية:
_ هايل يا دكتور، مرافعة تاريخية تنضم لتاريخ مرافعاتك المُميزة، أكيد هيئة المُستشارين هيحكموا بالبرائة
وأكملت بنبرة أكثر حماسة برغم إشاحة قاسم ناظرية عنها وعدم تكليف حاله عناء النظر إلي وجهها البغيض بالنسبة له:
_ عندي إحساس قوي، إن القضية دي هتكون نقلة كبيرة لمكتبنا في دخولة الحقيقي من أوسع الأبواب لعالم قضايا كريمة المجتمع وصفوتة
إبتسم بخفوت وأجابها بحديث ذات مغزي:
_ هي فعلاً هتكون نقلة كبيرة وليكِ أكتر يا أستاذة
إبتسمت بغباء غير مُدركة لما يتم تخطيطهُ لها من قِبل ذلك الغامض الذي يجاورها ويبدوا علي ملامح وجهةِ الهدوء
قاطعهم صوت حاجب المحكمة الذي نطق بصرامة جُملتة الشهيرة :
_ محكمة
وقف الجميع وخرج القاضي وبجانبة المستشارين المصاحبان له وبعد الجلوس تحدث القاضي :
_ بعد الإطلاع علي المستندات والأدلة وصحة ثبوتها، قررنا نحن ببرائة المُدعي علية أمجد أحمد حسين التُهامي، الشهير ب أمجد التُهامي من التُهم المنسوبة إلية ، رُفعت الجلسة
حالة من الهرج والتصفيق الحاد ملئت القاعة من قِبل أنصار أمجد، أما قاسم فقد إنتابتة حالة من السعادة وتنفس بإنتشاء يدل علي مدي راحتة
وقف أمجد وبسط ذراعة موجهةُ نحو قاسم وتحدث بإبتسامة خافتة وثبات إنفعالي رهيب يُحسد علية، فمن يراهُ الأن لم يُصدق أن ذاك الرجل ذو الملامح الحادة الباردة قد حصُل للتو علي حُكمً بالبرائة من قضية كادت ان تزجُ بهِ داخل السجن ويقضي بهِ عدة أعوام ليست بالقليلة
تحدث أمجد بنبرة واثقة:
_ مبروك عليك شهرتك وقضايا شركتي اللي هنقلها كلها لمكتبك يا مِتر
إبتسم قاسم ببرود مماثل له وتحدث بلباقة:
_ شرف كبير لمكتبي نقل قضايا شركة سعادتك أمجد باشا، وألف مبروك علي البرائة
وشكر أمجد ايضاً إيناس بإمتنان وتحرك ثلاثتهم خارج القاعة وتحركوا داخل رواق المحكمة ليتفاجاوا بوجود الكثير من الكاميرات التي تلتقط لهم الصور ووجود بعض مذيعي بعض القنوات التلفزيونية الذين حضروا لينقلوا تبعيات آخر مستجدات المحاكمة الخاصة برجُل الأعمال الشهير بالعاصمة وايضاً بعض رجال الصحافة
تحدثوا إلي أمجد الذي تحدث عن نزاهتة وأشاد بثقتة المُطلقة بنزاهة القضاء المصري ، وأشاد أيضاً بقاسم ولم يخلو الأمر من التفاخر وكسب إحترام المشاهدين له حيثُ تحدث بنفاق :
_انا لما أختارت قاسم النُعماني علشان يمسك لي القضية، إختارتة من باب تشجيعي للوجوة الشابة وإعطائهم فرصة النجاح والظهور ،
وأكمل:
_ قولت لنفسي، أظن كفاية كدة علي الحيتان الكبار اللي ليهم سنين مُحتكرين المهنة، وواخدين كل قضايا البلد لحساب مكاتبهم الكبيرة ، جه الوقت علشان الشباب تثبت جدارتها وتاخد فرصتها
كان يستمع له ويبتسم من داخلة علي نفاق ذلك المدعي الذي لم يُفلت تلك الفرصة كي يستغلها لصالحة حتي لو بالكذب والتلفيق ،
أما قاسم الذي نُقل إليه الحديث حيث وجة لهُ وسألهُ أحد المذيعين عن الإجراءات التي سيتبعها بعد، فتحدث بثقة نالت إستحسان أمجد بجدارة :
_ خطوتي الجاية إني هقدم بلاغ للنائب العام أتهم فية كل من لهُ يد وثبُت تأمرة علي تشوية سُمعة موكلي عن عَمد، وهنطالب بمحاكمتهم أمام المجتمع لكي يكونوا عبرة لمن تُسول لهم انفسهم بتشوية سمعة الناس بالباطل، وبعدها هنطالب بتعويضات مالية ضخمة تعويضً عن ما سببتة القضية من أضرار نفسية واجتماعية وقعت علي موكلي
قامت إحدي المذيعات بسؤال قاسم قائله:
_ إحنا عرفنا إن فية محامية من مكتبك ساعدتك في القضية دي، وسمعنا كمان إنها مش أول قضية تشتغلوا عليها مع بعض،
وأكملت:
_ نقدر نفهم من كده إن حضرتك بتؤمن بنجاح المرأة وبعقلها الواعي وإستحقاق إعطائها الفرص الكاملة لإثبات ذاتها داخل سوق العمل ؟
نظر إلي إيناس وابتسم بخفوت واشار لها وتحدث:
_ أكيد طبعاً بأمن بدور المرأة الفعال في نجاح أي عمل بتشترك فيه
إبتسمت إيناس ورفعت رأسها بشموخ، أعادت المذيعة توجية السؤال مرة أخري إلي قاسم قائلة:
_ يا تري هنشوفكم مع بعض مّرة تانية في قضايا تشغَل الرأي العام وتكون حديثة زي قضية رجُل الأعمال أمجد التُهامي ؟
إبتسم بخفة وشد جسدهِ لأعلي بصلابة وتحدث بما جعل إيناس توشك علي إصابتها بسكتة دماغية من شدة فورانها :
_ للأسف الشديد ، ده كان آخر تعامُل بيني وبين الأستاذة إيناس، بس فيه مفاجأة حلوة تخصها مستنياها بكرة، وهو إفتتاح مكتبها الجديد هي والأستاذ عدنان أخوها، وده هيكون جزء بسيط كتقدير مني وتعبيراً علي تعبهم معايا طول السنين اللي فاتت في المكتب بتاعي ،
وأكمل مُفسراً أمام الكاميرات:
_ ماحبتش أكون أناني وأفضل مُحتكر موهبتهم الفزة، وحابس ذكائهم جوة إسم مكتب قاسم النعماني
ونظر لتلك المذهولة التي تنظر إلية بعيون مُتسعة بشدة أثر هبوط ذلك الخبر علي عقلها كصاعقة كهربائية كادت أن تودي بحياتها ،وهي تتنفس بصدرٍ يعلو ويهبط من شدة إشتعالة،
وتحدث هو ببرود وأبتسامة سَمجة:
_ مبروك المكتب الجديد يا أستاذة
فـ.ـجرَ قُنبلـ.ـتة وارتدي نظارتة الشمسية وأنسحب بلباقة قاصداً الخارج تحت قهقهة أمجد التي لم يستطع كظمها بعد إعجابه الشديد بذلك الذي فعل ما برأسهَ، ضاربً بكل شئ عرض الحائط ، رغم تخطيط إيناس بجعلهِ مُكبلاً بقيدها
صاحت بإسمة بعد أن إستوعبت صدمتها، وأنسحبت بإبتسامة مزيفة أجادت صُنعها بصعوبة بالغة حفظاً لماء وجهها، هرولت خلفةِ بخطوات واسعة لتلتحق به وتجاورهُ الحركة، وهتفت مُتسائلة بنبرة غاضبة:
_الكلام الفارغ اللي قُولتة للمذيعة جوة ده حقيقي؟
أجابها ببرود وهي يتحرك للأمام بخطوات واثقة:
_ من إمتي وأنا بهزر في شغلي أو في حياتي عموماً علشان أقول خبر مهم زي ده من غير ما يكون فعلاً حقيقي !
وأكمل مُعللاً:
_ المفروض إنك حافظة شخصيتي بحكم السنين الكتير اللي قضيناها مع بعض في الشُغل يا أستاذة .
أجابتة بجنون :
_ مش من حقك تمشيني بالشكل المُهين ده بعد كُل اللي عملته علشانك، وعلشان المكتب يوصل لمكانته اللي أصبح عليها بفضل مجهودي
توقف عن الحركة ونظر إليها ثم أجابها بمراوغة وبرود أشعل روحها:
_ وهو أنا لاسمح الله كُنت طردتك من المكتب ! ده أنا كافأتك علي تعب السنين ومجهودك زي ما بتقولي
ونظر لها وابتسم ساخرا وأردف قائلاً بما جعلها تشتعل :
_ هي دي كلمة شكراً علي المُفاجأة اللي ليا أكتر من إسبوعين بجهز لك فيها ؟!
نظرت له وتحدثت بلغة التهديد وثقة زائدة عن الحَد :
_مش هتقدر تنفيني من المكتب بالطريقة المهينة دي يا قاسم، أمجد التُهامي اللي أنا تعبت لحد ما وصلت له وأديتك الخيط اللي إنتَ مشيت علية علشان تكسب القضية اللي خلت المذيعين والصحفيين يتسابقوا علشان يسجلوا معاك ويشيدوا بنجاحك المُبهر ده ،
وأكملت بتهديد:
_ هو اللي هيأمرك بإنك تلغي كل الترتيبات اللي تعبت نفسك في تجهيزها دي وترجعني تاني لمكتبك وإلا، هخلية يسحب كُل قضايا شركتُة اللي أنا كنت السبب فيها، وساعتها هيبقي شكلك وحش أوي قدامي يا قاسم، وإنتَ بتترجاني علشان اخلية يرجع التعاون بينة وببن مكتبك تاني
قهقه عالياً بطريقة إستفزازية وتحدث بما أحرق كيانها واشعل غضبها :
_ إنتِ مش واخدة بالك من كلامي ولا إية، أنا قولت لك إني بجهز لك في المكتب ده بقالي أكتر من إسبوعين، يعني من قبل ما جنابك تتحفيني وتتفضلي عليا بقضية التُهامي،
وأكمل بما زاد من إشتعالها :
_ اللي بالمناسبة مبقاش فارق لي خلاص وجود التعاون ما بينا، لأني ببساطة أخدت منها كُل اللي أنا عاززة،
وأشار إلي الصحافة:
_وأظن إنتِ شفتي ده بعنيكِ من شوية ، ولو علي تهديدك بإنك هتروحي له وتخلية يسحب التعاون.
أشار لها علي أمجد الذي مازال واقفً مُنغمسً داخل حديثهُ إلي الصحافة وتحدث مُتهكمً :
_ فهو عندك أهو، يلا بسرعة روحي وقولي له واشتكي له من الراجل الغدار اللي غدر بيكِ وشوفي هيرد عليكِ بإية
قال كلماتة بباطنها المُقلل والمُهين لشخصها وتحرك لخارج مبني المحكمة واستقل سيارتةُ وقادها تحت ذهول إيناس وسّبها لهُ ونعتهِ بأقذر الألفاظ ، ولعنِها أيضاً لحالها ولغبائِها الذي صور لها رضوخ قاسم ومُضيهِ بإكمال الطريق الذي اجبرتة هي بالمُضي به .
إنتهي البارت
قلبي بنارِها مُغرمُ
بقلمي روز آمينت
34💘
معشوقتي
بعيدةًُ أنتِ كُل البُعد عن سّكناتي
وبرُغم هذا مازلتِ الأقرب لحبل الوريدِ، بل ولكُل ذرةً بكينونتي وكياني
أضناني الهوا وأرهقني صغيرتي، وخارت برحيلكِ المُفجع كُل قوتي
خواطر قاسم النُعماني
بقلمي روز آمين
داخل مدينة القاهرة
وتحديداً داخل مسكن رفعت عبدالدايم
كانت تدور حول حالها كالمجذوبة، بقلبٍ مُشتعل وعينان تُطلق شزراً من شدة غيظها، تقص علي مسامع والديها وشقيقها ما دارَ بينها وبين قاسم من حديثٍهُ الذي سخر منها ووجه لها بهِ صفعةً قوية جعلتها تشعُر بكَمْ الحماقة التي تعاملت به مع ذاك الداهي
صاحت كوثر بنبرة صوت غاضبة:
_ لو كان فاكر إنه بالساهل كده يقدر يخلص منك إنتِ وأخوكِ ويرميكُم بره المكتب يبقي غبي ومايعرفش مين هي كوثر
وأكملت بملامح وجه مُقتضب ينمُ عن مديّ غضبها العارم :
_ ده أنا هروح له مكتبه بكرة وهفرج عليه أمة لا إله إلا الله علشان يعرف هو بيلعب مع مين
أما عدنان فكان يدور حول حالهُ هو الآخر مُمسكً بهاتفهِ الجوال يحاول الوصول إلي قاسم، حيث أنهُ إتصل عليه عدة مّرات متتالية ولكن دون جدوي ، فبكل مرةً ينتهي وقت الإتصال دون إجابة من طرف قاسم
تحدث وهو يسب ويلعن قاسم وينعتهُ بأبشع الألفاظ وأقذرها :
_ مش راضي يرُد عليا إبن النُعماني
أجابتهُ إيناس بملامح وجه مُقتضبة غاضبة :
_ ريح نفسك يا عدنان، قاسم مش هيرد عليك ، قاسم شكله كان مقرر إنه يستغني عننا من مُدة كبيرة ، ولما جاله الوقت المُناسب ما إترددش لحظة واحدة ونفذ خطته الدنيئة
وأكملت بفحيح كالأفعي الغاضبة :
_ أنا كُل اللي قاهرني ومخلي النار مولعة في قلبي، هو إن في الوقت اللي كُنت بـ أسعي فيه بكل قوتي علشان أحاول ألاقي ثغرات في قضية أمجد التُهامي وأجيبها له علشان تكون البداية لرجوعنا لبعض زي الأول
وأكملت بعيون تطلقُ شزراً:
_ كان هو بكل دنائة بيخطت ويدبر إزاي يخرجنا ويرمينا بره المكتب
واسترسلت بنبرة تهديدية:
_ بس علي مين، أنا بكره هروح لـ أمجد التُهامي مكتبه، وزي ما خليته يبعت له ملف قضية الرشوة، أنا بردوا اللي هخلية يسحب كل قضاياه من مكتبه، ويلغي التوكيل اللي عملهُ له لو فضل علي عِناده وصمم علي فصلي أنا وعدنان عن مكتبه
وأكملت وهي تدور حول حالها كالتي آُصيبت بالجنون:
_ ما هو مش بعد ما عرضَت نفسي للخطر وروحت لناس مشبوهه وخارجة علي القانون، ودفعت لهم نص اللي حيلتي علشان يجيبوا لي معلومات من مكتب محروس عبدالمجيد المنافس اللي كانت الشكوك كُلها بتحوم عليه وبتقول إن هو اللي لفق التهمة لـ أمجد، يبقا جزاتي إني أتطرد طردت الكلا.. ب من إبن النُعماني.
هتفت كوثر قائلة بإنفعال شديد:
_ يا خيبتك التقيلة اللي ما وردتش علي حد ، خطتي ودفعتي نص الفلوس اللي بقا لك سنين بتلمي فيهم بالمليم، وجيبتي له القضية زي البيضة المقشرة اللي جاهزة علي الأكل، وهو خدها علي الجاهز وأترافع وجاب فيها البراءة من أول جلسة،
وأردفت بنبرة حاقدة:
_وأصبح حديث الصحافة والإعلام والكُل بيتكلم عن المُحامي اللي مافيش منه إتنين،
وأمجد عمل له توكيل بكل قضايا مجموعة شركاته، ومش كده وبس، ده بُكره مكتبه هيبقا من أشهر مكاتب المحاماة وقضايا الناس الكبار هتملي مكتبه،
وأكملت بحقدٍ دفين:
_والندل قليل الأصل بدل ما يشيلك في عنيه ويشيل جميلك فوق راسه، رايح يرميكِ إنتِ واخوكِ في حِتة مكتب كحيان في العُمرانية، لا وقال إيه عاملك حفلة إفتتاح فيه بكره وعازم لك كل عمال المكتب، وطبعاً هو مش هييجي علشان يكمل إهانته ليكِ قدام أصدقائكم
كانت كلماتها تخرج بحقدٍ ما زادَ إيناس إلا كُرهً وبغضً علي قاسم، وعدنان الذي كان يشتعل داخلياً حزنً علي سنوات عُمرهِ التي أفناها في خدمة هذا المكتب اللعين ، حيثُ أنهُ لم يتوَاريَّ ولو لحظة عن بذل أقصي ما لدية من جُهد كي يجعل إسم المكتب يرتفع عالياً
ولكنهُ لم يفعل كُل ما أنجزهُ هباءً، ولم يكُن ليفعله من الأساس لولا وعد قاسم لكلاهُما بأن هذا المكتب لثلاثتهم وأرباحهِ التي كانت تتوزع بينهم بعدل الله علي قدر سّعي كُل شخصً منهم وإجتهاده
أردف عدنان قائلاً بنبرة ساخطة تُظهر كّم الغضب الذي أصابهُ جراء ما قام به قاسم من فعلةً مُشينة:
_قاسم بالحركة دي أثبت إنه ملوش أمان والغدر بيمشي في دمه، باع العشرة والعيش والملح اللي كان بينا في لحظة
دَويَّ صوت ذلك الجالس يستمع لهم بترقُب شديد وصمتٍ رهيب وكأنهُ يُشاهد عرضً لمسرحية هزلية ولكن بدون جمهور سواه:
_ قاسم بيطبق الدرس اللي إتعلمه منكم يا عدنان، بس هو غير قواعد اللعبه، وبدل ما كان هيعمل كده في بنت عمه علي حسب إتفاقكم القديم، طبق الدرس عليكم إنتم
حولت كوثر بصرها ورمقة ذاك الضعيف بنظرة حارقة وتحدثت بشراسة:
_ رفعت، الحكاية مش نقصاك ولا ناقصة فلسفتك الفارغة دي
وأكملت بنبرة صارمة:
_ هو فاكر نفسه عمل عملته وفلت مننا،
وأمسكت خصلة من خصلات شعرها وتحدثت بفظاظة:
_ بس وحياة ده ولا يكون علي واحدة ست، وما أبقاش أنا كوثر إن ما خليتك تندم علي كل ده يا قاسم يا نُعماني ،
وأكملت بنبرة حادة:
_ أنا بكره هروح له المكتب وهشرشحه قدام الموظفين والموكلين بتوعه، وأعرفه إن لحمنا مُرّ وإن مش كُل الطير اللي يتاكل لحمهُ
صاح رفعت من جديد بإعتراض ونبرة ساخطة:
_ يا عالم خلوا عندكم كرامة شوية، عيب إختشوا، الراجل كتر خيره سايب بنتك علي ذمته لحد الوقت برغم إن أهله عرفوا بجوازه منها، وإنتِ بنفسك قولتِ إن والدته كلمتك وقالت لك إن عمه خد بنته ورجعها بيته لما قاسم مرضيش يطلق بنتك ، يعني الراجل بيته إتخرب ومع ذلك لسه متمسك بكلمته اللي إداها لي
وأكمل بصياحٍ غاضب :
_ وبدل ما تشكروه، قاعدين تخطتوا إزاي تجبروة يرجع عيالك تاني للمكتب، إختشي وإتلمي يا كوثر بدل ما الراجل يتنرفز ويطلق بنتك اللي لسه مكملتش شهر جواز ونتفضح قدام الخلق.
أردفت كوثر قائلة بشراسة:
_ هو أنتَ يا راجل عاوز تنقطني، لسه بتدافع عنه وتدي له العُذر بعد ما رمي ولادك الإتنين ونفاهم في حتة مكتب في منطقة شعبية وخرجهم من المولد بلا حُمص، تقدر تقولي مين هيرضي يوكلهم في قضايا وهما مرميين في حتة مكتب زي ده ؟
وأكملت بنبرة صوت تهكُمية ساخرة:
_ وبالنسبة يا أخويا لكلام العقربه أمه اللي إنتَ متأثر بيه أوي كده، هي ماقالتهوش علشان صعبان عليها بيت إبنها اللي إتخرب زي ما إنتَ فاكر ،
وأكملت مُفسرة:
_لا يا حبيبي، دي بتقوله علشان تعرفنا إن قاسم مبقاش قدامه غير إيناس، بتديها الإشارة إنها تتحرك وتقربه منها من جديد، والمرة دي مش هيقاوم .
جحظت عيناي رفعت من هول ما أستمع من حديث زوجته والذي لا يُصف إلا بالرُخص والإنحطاط ، لكنهُ وكالعادة أخذ الصَمت من صفهِ وجلس بتخاذُل وضعف مُهين من جديد
حين أشارت هي لنجلاها وهتفت:
_ قومي إنتِ وهو غيروا هدومكم دي علي ما أحضر لكم العشا، وباتي معانا إنهاردة والصباح رباح
تحدثت إيناس بإعتراض وتوجس وهي تحمل حقيبة يدها الموضوعة فوق المنضدة وتتأهل للرحيل:
_ مش هينفع يا ماما، أنا مش لازم أسيب شقتي اليومين دول لأروح ألاقيه مغير الكالون ورامي لي هدومي عند البواب
ضيقت كوثر عيناها بتفكر، في حين هتف عدنان مؤكداً علي حديث إيناس المتوجس:
_ إيناس معاها حق يا ماما، قاسم بقا عامل زي المجنون من بعد ما عمه أخد مّراته منه، ومحدش عارف الضربة الجاية منه هتكون فين
أردفت إيناس مُتعجبة بملامح وجه مُكفهرة عابسة:
_ أومال لو كانت حلوة كان عمل إيه؟
ضحكت كوثر ساخرة وأردفت بتهكُم :
_ فلوس أبوها محلياها في عينه يا حبيبتي، الفلوس المتلتله تخليه يشوفها من قردة لـ ملكة جمال
كان يستمع إليهم ويسخر في قرار نفسهِ علي كِلتا الموهومتان اللتان مازالتا تتشبثتان بحديثهِ الذي أوهم بهِ إيناس حينها، كي لا يُحزنها ويُدخل الغيرة داخل صدرها ويُشعلهُ علي خطيبها ، وأقسم بين حالهِ أنهما إذا رأي وجه تلك الجميلة التي أشعلت قلبه وإقتحمت خيالهُ ولم تفارقهُ مُنذُ أن رأها وذاب داخل فيروزتيها، ستصاب كلتاهُما فور رؤياها بذبحة صدرية لا محال
_______________
في اليوم التالي ذهبت كوثر بصُحبة إيناس وعدنان كي تري بعيناها هذا الإفتتاح الذي تم التحضير إليه من قِبل السكرتيرة الخاصة بمكتب إيناس والذي حذرها قاسم من إخبار أياً من إيناس أو عدنان بالأمر كي يصدمهُما بواقع الآمر، بعدما أراد أن يرد لهما بعضً من الصدمات والخيبات التي تلقاها علي مدار سنوات معرفتهُ بكلاهما ويُذيقهما مرارتها
صدمة أصابت ثلاثتهم من تدني مظهر المكتب الذي يفتقر الكثير والكثير من الأدوات التي تجذب نظر الموكل إلي المحامي، فقد كانت البناية المتواجد بها المكتب مُتهالكة ، حتي المكتب لم يكُن بالمظهر الجذاب للبصر، حيثُ كان عبارة عن غُرفتان بهما مكتبان متواضعان وصالة إستقبال صغيرة موضوع بها مكتب للسكرتارية
حضر بعضً من عُمال وموظفي مكتب قاسم الذين أتوا رُغمً عنهم، ويرجع ذلك لبغضهم الشديد لتلك المُتعالية التي كانت تتعامل مع الجميع بتعالي، وعلي أساس أنها خطيبة والأن زوجة مالك المكتب والعمل
نظرت كوثر علي تلك المنضدة المُستطيلة الموضوعة جانبً ومرصوص عليها أردئ أنواع الحلوي وبجانبها بعضً القنانات من المياه الغازية
تحدثت بنبرة غاضبة إلي إيناس:
_ اللي بيحصل ده إهانة لينا، وأنا لا يُمكن أعديها أبداً،
ده جايب لك جاتوة من أرخص نوع في السوق ، ده قاصد يستقل بيكِ و يعملك مسخرة قدام زمايلك إنتِ وأخوكِ
صاحت إيناس بغضبٍ من بين أسنانها:
_ ماشي يا قاسم، ما أبقاش أنا إيناس عبدالدايم إن ما خليتك تندم علي كل اللي عملته ده وترجع تترجاني علشان أقدر أسامحك تاني
تحدثت والدتها بثقة زائدة لا تدري من أين لها إكتسابها :
_ لازم يا إيناس تعلمية الأدب، وكويس إنك عامله إحتياطاتك وواخدة حذرك ، من بكرة تروحي لـ أمجد وتخليه يسحب كل قضاياه من عنده ويلغي له التوكيل اللي عملهُ له،
وأكملت بتأكيد من بين أسنانها:
_ وزي ما كُنتِ السبب في نجاحة، لازم تكوني السبب في خراب مكتبه
نظرت إيناس بغضب إلي زُملائها بالعمل وهم يتلامزون فيما بينهم ويتبادلون الضحكات الساخرة، وهم ينظرون إلي البوفية الذي يدعوا إلي السُخرية، ولم يقترب أحداً من الزائرين منه بسبب رداءت مُكوناته
أسرعت إيناس إلي السكرتيرة الخاصة بها وهمست بجانب آذنها بنبرة غاضبة ومُهينة كعادة تعامُلها معها :
_ إية الجاتوة اللي إنتِ جيباه ده يا متخلفة إنتِ، ماعرفتيش تستنضفي وتجيبي حاجة عدلة عن كده
وأكملت بإهانة:
_ولا ده أخرك في النظافة والمستوي
أجابتها الموظفة بضيق بعدما فاضّ بها الكيل وطفح، بفضل معاملة تلك المُتعالية المغرورة سيئة الطِباع :
_ والله ده اللي موجود علي قد الفلوس يا أستاذة، أنا عملت كُل حاجة زي ما قالي دكتور قاسم بالظبط
وأكملت السكرتيرة بنبرة حادة:
_ بالمناسبة يا أستاذة، أنا حطيت لك إستقالتي علي مكتبك جوة، ياريت دي تبقا أول ورقة تمضيها في مكتبك الجديد، لأني من بكرة هتعين مع أستاذة أمنيه حسب تعليمات قاسم بيه،
وأكملت مُفسرة بنبرة ساخرة منها :
_ كتر خيره، مرضيش يستغني عني ويخرجني من المكتب زي ما عمل معاكِ، لأنه كان عارف إني مش طايقه الشغل مع حضرتك ومستحملاه بالعافية
وتحدثت بنظرة كاشرة وهي تتحرك إلي الخارج:
_ مبروك المكتب الجديد وتتهني بيه يا أستاذة
إستشاط داخل إيناس وزاد سخطها وحقدها أكثر علي قاسم ،لكنها ضلت متماسكة وتنظر لنُظرائها بتعالي وأبتسامات مُصطنعة بإعجوبة باتت تُفرقها علي الجميع كي لا تدع لهم الفرصة ليشمتوا بها
وعند الغروب
تحركت إلي مكتب أمجد التُهامي لتشتكي لهُ غدر قاسم لها، وكلها أمل وثقة أن أمجد سيقف بجانبها
دلفت السكرتيرة وتحدثت إلي أمجد قائلة:
_المحامية اللي إسمها إيناس عبدالدايم برة يا أفندم ومُصرة تقابل حضرتك، برغم إني قُلت لها إن جدول حضرتك مزدحم جداً
أشار لها بيده وتحدث من بين أوراقه دون النظر إليها:
_ مشيها وبلغي الأمن ما يدخلوهاش من باب الشركة تاني، وإلا هيتعاقبوا كُلهم
قال أمجد هذا بعدما إستشف طمعها الذي رأهُ داخل عيناها، وذلك من خلال خبرته الحياتية والعملية التي إكتسبها بفضل تجارب الاعوام، ولذلك فقد قرر إبعادها عنه ، ولكونهِ رجل أعمال ناجح فقد أخذ منها ما يُريد وأعطاها المُقابل المادّي الذي وعدها به وانتهي الأمر،
وأكتفي بأنها كانت نقطة الوصل بينه وبين قاسم الذي رأي فيه المُستقبل الأت، والذي إنتوي عدم خسارته تحت أية ظروف ، فهو دائماً علي إقتناعٍ تام بأن الشباب في إستطاعتهم بذل الجهد والوصول أسرع إلي النجاح والحصول علي النتائج المُبهرة
وما غفلت عنه إيناس أن رجال الأعمال الناجحين ليس لديهم الوقت لإضاعته في التُرهات والثرثرة النسائية
خرجت السكرتيرة وتحدثت إليها بنبرة حادة:
_ أمجد بيه مش فاضي يقابل حد
أردفت إيناس قائلة بترجي:
_ طب من فضلك، يا ريت تبلغية إني عوزاه في موضوع مهم جداً ويخصه
زفرت السكرتيرة بضيق وتحدثت إليها بنبرة صريحة:
_ هو حضرتك مش عاوزة تفهمي ليه، أمجد بيه مش عاوز يقابلك، ونصيحة أخويه مني، لو عاوزة تحافظي علي كرامتك ياريت ماتجيش هنا تاني، لأنه بلغ الأمن يمنعك من الدخول لو جيتي مرة تانية
إستشاط داخلها وعلمت أنها خسرت جولتها أمام قاسم، ولابد لها من أخذ هُدنة كي تُعيد ترتب أفكارها من جديد، ولتستعيد صفائها الذهني، لتري ما عليها فعلهُ مع ذلك القاسم الذي وجه لها صفعة مدوية ستتذكرها علي مديّ سنوات عمرها القادمة
*** ☆***☆ *** ☆***☆***
روايه قلبيّ بنارِهاَ مٌغرمٌ بقلمي روز آمين
كانت تقبع داخل غُرفتها التي خصصها لها زيدان كي لا تصعد الدرج ويتأذي جنينها، ولحين تحسُن صحتها التي أصبحت في التدني بفضل ما حدث لها من أهوال لم تقوي علي تخطيها إلي الآن
أصبحت تلك الغُرفة كـ سِجنها التي تتواري خلفهُ عن العيون الشامته واللائمة وحتي المُشفقة، فقد أصبحت كل أمانيها هو إعتزال الجميع والإختلاء بحالها وفقط، حتي أبويها لم تعُد تُريد الجلوس بصحبتهما ورؤية حزنهما والتألم التي باتت تستشفهُ من داخل أعينهُم وهم ينظرون عليها بحسرات تملئ قلبيهما
إستمعت إلي طرقات فوق بابها، دلف والدها مُطلاً برأسهِ من فتحة الباب بإبتسامته الخلابة التي جاهد لإخراجها، تحرك للداخل وهو يتمسك بصنية يحملها بساعديه، وضعها أمامها وباتت هي تتطلع إلي أصناف الطعام المُتعددة المرصوصة عليها بعناية،
جلس مجاوراً إياها وتحدث بنبرة حنون:
_ عِملت لك الكبدة بالبصل اللي عتحبيها من يدي وچيت لجل ما أفتح نفسك وأكُل وياكِ
تنهدت وتحدثت بنبرة ضعيفة :
_ مجدراش أكُل يا أبوي، كُل إنتَ بالهنا علي جَلبك
تحدث إليها بصدقٍ وقلبٍ حنون:
_اللُجمة معتتبلعش من غير ما تشاركيني فيها يا جلب أبوكِ
نظرت إليه بألم فحمل الصنية ووضعها جانبً، وسحبها لداخل أحضانه وبات يتحسس ظهرها بحنان
وأردف مُشجعً إياها كي يحثها علي البُكاء التي إحتجزته مُنذ ذاك اليوم وإلي الآن :
_ إبكي يا صفا، إبكي يا بِتي وخرچي كل اللي واچعك وكاتم علي صدرك وتاعبك، ولو عاوزة تصرخي كُمان صرخي، إبكي يا بِتي
وكأنه بتلك الكلمات البسيطة قد أعطي لها الإشارة بإخراج كل الأثقال والاوجاع الذي يحملها قلبها البرئ بداخلهُ ، لم تدري بحالها إلا وهي تجهش بالبكاء الشديد، كانت تبكي وصوت شهقاتها تعلو وتجعل جسدها ينتفض من شدتها،
بقلبٍ يتألم كان يحتضنها ويُشدد من ضمته إليها ، وكلما زادت وعلت شهقاتها يُطالبها بنزول المزيد والمزيد كي تتخلص من كل أحمالها الثقيلة ، ويمسح علي شعر رأسها بحنان يخبرها به أنهُ معها وبجانبها ولن يترُكها إلي الآبد ، وبعد وقتٍ غير معلوم، إستكانت بين أحضان أبيها، شعرت براحهة غزت صدرها بعدما أخرجت منه كل ما كان يضيق به علي هيأة دموع تساقطت بشدة كـ شلالات
*** ☆***☆ *** ☆***☆***
روايه قلبيّ بنارِهاَ مٌغرمٌ بقلمي روز آمين
عند غروب أشعة الشمس الذهبية
داخل الحديقة الخاصه بسرايا النُعماني
كان يقف بأرض الفيراندا مُنتصب الظهر بطولهِ الفارع، مُرتديً جلبابهُ الصِعيدي ومُصففً خُصلات شعر رأسهُ الفحمية بعناية شديدة ، لقد كان حقاً جذابً وللغاية كعادته مؤخراً، حيثُ أصبح يهتم بأناقته ومظهره فقط لأجلها،
بعدما كان قد زهد الحياة وشعر بحالهِ كالأموات طيلة العامان المُنصرمان، وبالتحديد عندما قرر جدهُ عقد قرانه علي ليلي التي كانت بالنسبة له بمثابة شهادة خروج روحهُ وأنفصالهِ عن جسده، ودفنها تحت رُكام تلك البالية الروح والمعدومة الحدس والإحساس المُسماه بليلي ،
كان ينظر حولهُ مُستطلعً للمكان ، إتسعت عيناه وأنتفض قلبهُ حينما أصابته هزة قوية من أثر رؤياه لطلتها البهية وهي تدلف من البوابة الحديدية الضخمة بمظهرها الحَسن وأناقتها المعهودة، إنشرح صدرهُ جراء رؤية تلك التي باتت في الأونة الأخيرة تُشرح قلبهُ وتُدخل عليه الكثير من السعادة والسرور
لم يدري بحاله إلا وساقيه تخطو سريعً نحوها وكأنهُ مُنساقً بلا وعيٍ، تحدث بطريقة دُعابية كعادتهِ مؤخراً في حضرتِها :
_ شكلك إكده خدتي حكاية مرض صفا حچة علشان ما كُل شويه تنطي لنا إهني لچل ماتملي عينك من شوفتي يا دكتورة
قهقهت بطريقة إستحوذت بها علي جذب إنتباههِ وانتفاضة قلبه ، وهزت رأسها ساخره وأجابته:
_ نفسي أفهم إيه سر الغرور وطريقة العنجهه اللي بتتكلم بيها دايماً دي
عدل من جلبابه بطريقة بها تفاخُر مُصطنع وتحدث بدُعابة:
_ ده مش غرور يا استاذة، دي ثجة بالنفس يصعب فهمها علي أمثالك
قهقهت من جديد وتحدثت بدُعابة مماثلة وهي تنسحب من أمامهُ:
_انا هدخل عند صفا بدل ما أرتكب فيك جريمة حالاً
أجابها بعيون هائمة أربكتها:
_ وأهون عليكِ يا أمل ؟
إرتبكت بوقفتها وانتفض قلبها داخل ضلوعها، إبتلعت لُعابها وقررت الإنسحاب الفوري من أمام ذلك الوسيم المُهلك لقلبها الضعيف الذي يرفض وبشدة إعادة تجربتها المُرة من جديد
وتحركت بالفعل نحو منزل زيدان، تنفس براحة وهو يتابع إنسحابها وقلبهُ يُحدثهُ بإعتراض ويلومهُ علي ثباتهُ، ويحثهُ علي التحرك السريع خلفها كي يتشبع داخلهُ برؤياها البهية التي باتت تُدخل السرور والإستكانه لداخله، ولكي يتأنس بقُربِها المهلك لقلبهِ الذي بات عاشقً لتلك الراقية ذات النفس المُتصالحة علي حالِها ،
بالفعل كاد أن يستمع لنداء قلبه ويتحرك خلفها إلي منزل زيدان ،وبأخر لحظة توقف وأستمع لنداء العقل الذي امرهُ بالتعقُل والثبات
إبتسم وحدث حالهُ بهمسٍ مسموع:
_ ماتعجل أومال يا ولِد النُعماني، عتخيب علي آخر الزمان وتجلب لمُراهج إياك
إستمع إلي صوت فارس الذي تحرك من جانبه وتحدث بنبرة صارمة ووجهٍ ذو ملامح كاشرة:
_ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ألقي سلامهُ وتحرك وأكمل بطريقهُ إلي الخارج، إستوقفهُ يزن وهو يُمسكهُ من ذراعه ليحثهُ علي التوقف الجبري، وأردف متسائلاً بنبرة حزينة :
_ لحد ميتا عتفضل مجموص مني إكده يا فارس؟
وأكمل بنبرة صوت مُتأثرة وصادقة :
_مجدرش أني علي معاملتك دي يا أخوي
زفر فارس وتحدث مُتلاشيً النظر داخل عيناه كي لا يضعف ويتأثر بحديثهُ الصادق :
_ وعايزني أعاملك كيف بعد في اللي عِملته مع أخوي،
وأكمل معاتبً بعيناي حزينة :
_ أني لو أخوك صُح كيف ما بتجول، كُنت عِملت لي حساب وركنت خلافك الجديم ويا قاسم علي چنب، وكنت سيبت له مّرته تركب وياه عربيته لجل ما يهديها ويشرح لها اللي حُصل صُح
وأسترسل بإتهام:
_لكن إنتَ إستغليت الموجف لجل ما تطلع قاسم عِفش كِدام العيلة يا باشمهندس
جحظت عيناي يزن وهتف بنبرة تحمل كّم الخزلان الذي شعر به من خلال حديث إبن عمه الذي يعتبرهُ بمثابة شقيقهُ الفعلي:
_ صُح شايفني بعنيك إكده يا فارس، لو الناس كلياتها شكت فيا وظلمتني هجول ميعرفونيش ، لكن إنتَ تظلمني ليه يا أخوي ؟
وأكمل بنبره جادة:
_ الله الوكيل ما عملت اللي عِملته دي غير من خوفي علي صفا من الحاله اللي كانت فيها، أني لو سبت صفا لقاسم مش بعيد كانت رمت حالها من العربية وهي ماشية، ولا كانت عِملت حاچة وجلبت العربيه بيهم هما الإتنين لاجدر الله،
وأكمل بإثبات حديثه:
_ واظن إنتَ شُفت بعينك صفا لما وصلت لهنيه كانت حالتها كيف، دي متحملتش الكلام ووجعت من طولها في وسطيهم،
وأكمل بصدق وإخلاص:
_ولعلمك يا فارس، لو أي واحده من العيلة كانت مكان صفا كُنت هعمل معاها نفس اللي عِملته مع صفا بالظبط ،
وأكمل بنبرة مُتأثرة:
_ أني مش ظالم ولا حجود كيف ما وصفتني يا فارس، أني اللي حركني هي إخوتي لصفا وأحترامي لعمي زيدان، ولو الموجف إتكرر بردك هعيد اللي عِملته تاني، لأني شايف إني بعَدت النار عن البنزين وجتها
وأكمل بنبرة تخازلية:
_وألف شكر يا أخوي علي ثجتك الكَبيرة فيا
و أدار وجههُ ليتحرك بإتجاه المنزل، أوقفته يد فارس الذي لفهُ إليه وتحدث وهو ينظر له بأسي وأسف:
_ حجك عليا يا يزن، أني مجولتش كلامي دي غير من جهرتي وحرجة جَلبي علي أخوي واللي نابه.
تنفس يزن وتحدث بنبرة صادقة:
_ معارفش عتصدجني ولا لا يا فارس، بس الله وكيلي جلبي واچعني علي اللي وصل ليه قاسم يمكن أكتر من صفا كُمان،
وأكمل مُفسراً حديثهُ:
_ طول عمري وأني بشوف قاسم أخويا اللكبير العاجل اللي عحبه وعحترمه، وعشان إكده صدمتي فيه كانت شديدة من اللي عِمله مع عمه زيدان وصفا، يعز عليا إني أشوفه في موجف المتهم وواقف خلف الجضبان وبيتحاكم بتهمة الخيانة وكسر العهد، واعرة جوي علي الراچل منينا يا فارس
وأكمل بنبرة حادة :
_ بس إنتَ عارفني زين يا فارس ، طول عُمري وأني أكتر حاچة أكرهها في حياتي هي الكذب والغدر، وملهمش عِندي مُبرر، عشان إكده عتلاجيني حاد وصارم مع اللي عِمله قاسم ومجادرش أتجبلها منيه
تنهد فارس بألم لعلمهِ صحة حديث يزن، ثم إحتضنهُ وتحدث بقلبٍ صافي:
_ متزعلش مني يا يزن، أني مُخي واجف ومطايجش حالي من اللي حصل مع قاسم ومدريانش اني بجول ولا بعمل إيه، ده غير مريم اللي زعلانه مني عشان صفا،
وأكمل بإعتذار:
_ حجك عليا يا أخوي
تقبل يزن حديثهُ وسألهُ:
_ أومال إنتَ لابس ومتشيك ورايح علي فين إكده ؟
وأكمل مازحً بدُعابة كي يُخرجهُ من تلك الحالة المحزنة :
_ إوعاك تكون رايح تِعمل مع مريم أختي كيف عَملة أخوك اللمجندله مع صفا ، الله الوكيل أعلجك من رجليك علي البوابة الحديد وأخليك فرچة للي رايح واللي چاي
قهقه فارس وتحدث:
_ الله يحظك يا يزن كيف ما ضحكتني وأني مهموم
وأكمل بنبرة جادة:
_ چدك باعتني للحاچ كرم لچل ما يتصل بشريكه وياچوا يتفرچوا علي محصول الذرة
اومأ له يزن بتفهم وتحرك فارس للخارج وعاد يزن ليجلس داخل الفيراندا ينتظر بقلبٍ مُتلهفً خروج قمره الذي أنار لهُ عتمة ليله الكالح
في اليوم التالي
داخل مسكن ماجده زوجة قدري وعشيقتهِ السريه التي يأتي إليها بين الحين والآخر ليأخذ قِسطً من الراحة وأستكانة روحه وإنعاشها
كانت تجلس وتجاورها صديقتها أحلام التي تحدثت مُستفسرة بإلحاح :
_ بردوا مش عايزة تقولي لي علي اللي ناويه تعمليه مع قدري النُعماني ؟
ضحكت ماجدة بخلاعة كعادتها وأردفت قائلة بتخابث:
_ ده سّر بيني وبين نفسي، وأهو زي ما بيقولوا في المثل، داري علي شمعتك تقيد،
وأكملت:
_إدعي لي بس إن اللي بخطط له يتظبط وينفع، وأنا أهيصك
قوست أحلام فمها وهتفت ساخرة:
_ مابخدش منك غير كلام يا ماجده، من وقت ما أتجوزتي المخفي اللي إسمه قدري وأنا ماشوفتش منك مليم أحمر، مع إنك كُنتِ وعداني لو الحال إتعدل معاكِ هتشوفيني بقرشين ومش هتنسيني
رمقتها ماجدة بنظرة حادة وهتفت بإستنكار:
_ تصدقي إنك عاملة زي القطط بتاكلي وتنكري، ده أنا من وقت ما أتجوزته من ييجي أربع سنين، وأنا مشهيصاكي خروجات وعزومات وعمري ما خليتك تدفعي جنية واحد في أي خروجة
لوت صديقتها فاهها وهتفت بنبرة مُلامة:
_يا فرحة قلبي، خروجات وعزومات، هو ده أخرك في الشهيصه يا ماجدة ؟
وأكملت بنبرة منكسرة وهي تتصنع الحُزن:
_ ده أنا ليا سنه بتحايل عليكِ تديني الخاتم الذهب أبو فص أزرق، اللي كان جابهولك هدية جواز بنته وإنتِ مش هاين عليكِ
أجابتها ماجدة بتهكم:
_ اديكي قولتيها بنفسك، هدية منه، ومن أمتي بقا الهدايا بتتهادي يا ست أحلام.
ثم أكملت بعيون طامعة وهي تنظر أمامها بشرود :
_ بس وحياتك عندي يا أحلام،لو اللي في بالي حصل لاكون عطيالك الخاتم وفوقه كمان خمس ألاف جنيه حلاوة الموضوع
إلتمعت أعيُن أحلام بنظرة طامعة وتحدثت:
_ أما أشوف يا ماجدة، خليني وراكِ لحد باب الدار
وبدأت برفع كأس العصير وبدأت بإرتشافه، إستمعتا كلتاهما لقرع جرس الباب، فقامت ماجدة تتحرك بغنچ، إرتبكت ولطمت خديها عِندما نظرت من فتحة العين السحرية ووجدت امامها ذلك القدري، وذلك لعلمها كرههُ لصديقتها تلك، اسرعت لصديقتها وجعلتها تجلس بإحتشام وترتدي ثوبها العلوي وحجابها، وهي ايضاً إرتدت حجابها وتحركت إليه من جديد وفتحت الباب
هاجمها كعادته وتحدث بنبرة ساخطة :
_ساعة لطعاني علي الباب لجل ما تتكرمي عليا وتفتحي
تحدثت بإرتباك واضح عليها :
_ مش كنت بلبس الطرحة وبستر جسمي يا أخويا، مش إنتَ اللي دايماً تزعق لي وتقولي ماتفتحيش غير وإنت ساترة جسمك وشعرك ؟
أجابها بإستحسان وهو يضُم جسدها إليه بإشتياق:
_ براوه عليكِ يا ماچدة
فك وثاقها سريعً حين إستمع لصوت تلك التي تخرج عليهم وتتحدث بإستئذان وخجل مُصطنع:
_ حمدالله على السلامة يا قدري بيه، بالإذن أنا
رمقها قدري بنظرة حادة وتحدث بضيق :
_مع السلامة.
خرجت وأمسك هو ذراع ماجدة وأحكم السيطرة عليه بطريقة ألمتها وتحدث بفحيحٍ غاضب :
_ إيه اللي چاب الوليه الناجصه دي إهنيه، أني يا مّرة مش جايل لك جبل إكده تجطعي علاجتك بيها و ما تدخليهاش البيت تاني ؟
معتسمعيش الحديت ليه يا حُرمة؟
تألمت من قبضة يده القوية وتحدثت بتلبك:
_ صدقني يا أخويا قطعت علاقتي بيها من زمان، بس لقيتها طابه عليا إنهاردة من غير إحم ولا دستور، قال إيه كانت مزنوقة في قرشين وكانت متأمله تاخدهم مني،
وأكملت بكذب:
_ بس أنا وحياتك زعقت لها، وقولت لها مكنش ينعز يا الدلعدي ، وقولت لها كمان إنك منبه عليا مشوفهاش، وكنت لسه هطردها لولا أنتَ سبقتني وجيت، وغلاوتك عندي زي ما بقول لك كده يا سي قدري.
زفر بضيق وفك قبضته وتحدث بنبرة أقل حدة مما كان عليه:
_ المّرة السو دي معايزش أشوف خِلجتها إهنيه تاني، دي مّرة سمعتها مجندلة والمركز كِلاته عارف إكده ،مخيفاش علي سُمعتك إياك؟
وأكمل بنبرة تهديدية:
_ ودي آخر تنبيه ليكِ يا ماچدة، بعدها ماتلوميش غير حالك من اللي عيچري لك مني، مفهوم يا ماچدة ؟
تحركت إليه بغنچ وتحسست صدرهُ بدلال وتحدثت بطاعة اثارته :
_ حاضر يا سيد الناس، كل اللي قولت عليه هنفذه بالحرف الواحد، بس إنتَ إهدي كده وروق دمك وكل أوامرك مطاعة
تحمحم وتحدث إليها بنظرات راغبة:
_ عاوزة تاكلي إيه لچل ما أتصل بالمحل يچهزه لنا علي ما ندخلوا نريحوا چوه شوي
أطلقت ضحكتها الخليعة التي تستطيع بها ذوبان قلب ذلك الأبله، تحركت وسحبته من يده منساقً خلفها كالمعتوة بدون عقل
*** ☆***☆ *** ☆***☆***
روايه قلبيّ بنارِهاَ مٌغرمٌ بقلمي روز آمين
عندما حل المساء
كان يدلف بسيارتة من داخل البوابة الحديدية، وتحرك بها لداخل الجراچ المُخصص لإصطفاف السيارات الخاصة بأفراد العائلة، وجدها تقف داخلهُ وكأنها تعلم ميعاد وصولهُ وتنتظرهُ، صف سيارته وترجل منها وهو يستغفر ربهُ علي إبتلائة بالنظر إلي وجه تلك التي تُشبه البومة في نظرتها الحقود
تحرك في طريقهِ قاصداً الخروج والتوجة إلي منزله، مُتلاشيً النظر لوجهها الذي بات يبغضهُ أشد البغض، كاد أن يتخطاها لولا وقوفها أمامهُ بجسدها وقطع طريقهُ وهي تتحدث إلية بعيون مترقبة لإنفعالات ملامح وجهه عند رؤياها:
_ كيفك يا زيدان، لجيتك خفيت رچلك من السرايا من وجت اللي حُصل لبِتك، جولت أچي أعمل بأصلي وأستناك إهني لچل ما أسأل عليك وعليها
وقربت وجهها القبيح وسألته بعيون متفحصة وأبتسامة خافته شامتة:
_طمني، إنتَ مليح؟
هتف بنبرة ساخطة ناهراً إياها بضجر:
_ بعدي عن طريجي يا حُرمة خلينا أفوت
إبتسمت وتحدثت بنبرة ساخرة:
_اللي يسمعك إكده يجول مستعچل علي دخول الچنه يا خي، عتلاچي إيه عِند بِت الرچايبة غير الحِزن والنكد والعويل
وأكملت شامته:
_ إلا جولي يا زيدان، حسيت بإيه وإنتَ شايف كسرة جلب بِتك والنار شاعلة فيها، وهي عتتخيل راچلها وهو نايم في حُضن مّره غيرها؟
وأكملت بفحيح، بعينان مترقبتان بحقدٍ وبنبرة شامتة :
_ عيوچع الإحساس ويجتل صُح ؟
تنهدت بهدوء وأردفت قائلة بحُزنٍ مُصطنع وبنبرة هامسه كساحرة شريره تتراقص علي جُثث ضحاياها :
_ مچرباه أني ياما الإحساس دي، وعاوزه أجول لك إن مع مرور الوجت، النار في الجلب عتلهلب وتشعلل أكتر،
وأكملت بتذكير:
_ إوعاك تكون فاكر إن نار بِتك عتطفي مع مرور الزمان، غلطان يا زيدان، نار العاشج ولهيبه معيطفيهاش غير جُرب الحبيب والنعيم جوات أحضانه،
وأسترسلت حديثها بطريقة أمره مستفزة لمشاعر زيدان:
_ رچع صفا چوات حُضن حبيبها لجل ما تطفي نارها الشاعله يا زيدان، رچعها بدل ما تحزن عليها كُل يوم وإنتَ شايفها بتدبل كِدام عينيك لحد ماتروح منيك وتموت بحسرة وچع جلبها من بُعد الحبيب عنيها
رغبة مُلحة تُطالبهُ الآن وبقوة بسحب مسدسهُ المرخص الموضوع بجنبهِ وتوجيههُ صوبها وتفريغ جميع ما بهِ من رُصاصات وتوزيعهُما بالتساوي ببن قلبها المُحمل بالسواد وبين عقلها الذي يتبني كل ما هو مُدمر لمن حولِها وكأنها مُكلفة من الشيطان ،
لكنه تمالك أعصابهِ وتمكن من ضبط النفس وتحدث بفحيح ونبرة بارده مماثله لبرودها القاتل:
_ وغلاوة بِتي عندي يا فايقة واللي عُمري ما أحلف بغلاوتها باطل، ماهيتكوي بالنار اللي عتجولي عليها دي ويتحرج بيها غير ولدِك، وبكره عفكرك لما أحزنك عليه يا واكله ناسك
وأكمل بنبرة حادة:
_ودلوك إخفي من وشي يا غُراب الشوم بدل ما أفجد أعصابي وأطلع طبنچتي وأفرغها چوة جلبك، واجتلك ويحسبوكِ عليا نفر
تمعنت النظر لداخل عيناه وهتفت بفحيح وهي ترمقهُ بنظرات نارية :
_ وهو أنتَ لسه مجتلتنيش يا زيدان؟
ده أنتَ جتلتني بدل المّرة إتنين يا حبيبي ، مّرة يوم ما چيت لك الچنينة وأتوسلت لك لچل ما ترحم جلبي، وبدل ما تاخدني في حُضنك وتطمني، ضربتني وشندلتني
وأكملت بتذكر :
_والمّرة التانية يوم ما وجفت تتفرچ عليا وتترجص بفرستك وهما بيزفوني بكفني الابيض، وبيسلموني بيدهم لعزرائيل اللي دبحـني وجبض روحي بحِتة عَجد كتبه المأذون بين أبوي وأبوك ، ومن يوميها وهي روحي مفرجاني ومعاودتش
أردف قائلاً بنبرة لائمة موبخاً إياها:
_يا حُرمه عيب عليك إختشي ، ده أنتِ بجيتي چِدة وشعرك شاب ولساتك عتفكري في المسخره دي يا حزينة ؟
وأكمل بنبرة حادة ونظرات كارهة:
_الله الوكيل لو يطولوني رجبتك ويحكموني عليها ، لكون فاصلها عن جِتتِك لجل ما أريح العالم كِلياته من خُبثك وشرك اللي غلب خُبث الشيطان الرچيم
وتحرك مُسرعً من داخل الجراچ متجهً إلي منزله قبل أن يري كلاهما أحداً ويُثير الأقاويل
نظرت لخروجهُ بعيون يتطاير الشر والتوعد من نظراتها الحقودة ،وعلي الفور رفعَت يدها التي تحمل بها هاتفها وطلبت رقم إيناس وأنتظرت الرد
أما إيناس التي كانت تجلس فوق أريكة منتصف المنزل بقلبٍ مازال مُشتعل ولم يهدأ بَعد، رفعت هاتفها لمستوي وجهها لتري من المُتصل، قوست فمها وإبتسمت بتسلي حين وجدت نقش إسم والدة بائعها،
علي الفور أجابت بنبرة صوت تصنعت بها الحُزن والإحترام كي تستحوذ علي تعاطف تلك الحية الرقطاء وجبرها علي مساعدتها:
_ ألو، إزي حضرتك يا ماما
ضيقت فايقة عيناها مُتعجبة لنبرة صوت تلك القوية دائماً :
_ مال حِسك يا بِتي، في حاچة حُصلت إياك ؟
أجابتها إيناس وهي تُمثل صوت البُكاء كي تستجدي تعاطف ووقوف تلك البلهاء بصفها:
_ هو حضرتك ما تعرفيش إن قاسم خرجني من المكتب أنا وعدنان ولا إيه
إتسعت عيناي فايقة وتسائلت بتعجُب:
_ خرجكم كيف يعني ، تجصدي طاحكم ورماكم برة المكتب ؟
إغتاظت إيناس من سوقية تلك المرأة الجاهلة وإسلوبها السئ في إختيار كلماتها المُبتذلة التي تُلقيها في وجه من أمامها دون تفكُر، أو ماذا ستفعل تلك الكلمات المسمومة به ، ولكنها تغاضت عن كل هذا في سبيل الوصول إلي هدفها الأثمن، وهو مساعدة تلك الحمقاء ذات القلب اليابس،
علي الفور إستعادت نبرة التسول مرةً آخري وبدأت تقص علي مسامعها ما بدر من قاسم وفعلتهِ المُشينة في حقها وحق عدنان
وأكملت وهي تُمثل شهقاتها العالية لتستجدي شفقة تلك البلهاء:
_ يرضيكِ يا ماما اللي قاسم عمله فيا أنا وعدنان بعد وقفتنا معاه طول السنين اللي فاتت دي كلها؟
وأكملت:
_ معقوله تكون دي كلمة شكراً اللي بيقولها لي بعد ما أتحملت معاه ظروفه وظروف عيلته وجده
تنهدت فايقة بضيق وغضب، ليس لأجل تلك الشمطاء التي لا تُمثل لها سوي أنها وسيلة ستُحقق لها غاية إنتقامها الأسود من معشوقها الأبدى، والذي تحول عشقه بداخلها كمرضٍ خبيث بات يأكل بطريقهِ الأخضر واليابس دون رحمة
وتحدثت إليها بنبرة تعقلية:
_ إسمعي الكلمتين اللي عجولهم لك دول وحطيهم في دماغك وإعجليهم زين يا بِتي، قاسم دلوك عامل كيف الثور الهايچ من اللي عِملوه فيه چده وإعمامه ، و معيرحمش أي حد يُجف في طريجه اليومين دول ،
وأكملت بنُصح:
_ إبعدي عنيه دلوك لحد ما يروج ويفوج من اللي حصل له، وشويه إكده واللحكايه عتِهدي وعمه عيسلم ويرچع له البِت لحد عِنديه،
وأكملت مبررة:
_ البِت حِبله ومعينفش تجعد كَتير في دوار أبوها لجل كلام الناس ميكترش ويجولوا غضبانة وجاعدة عِند أبوها ليه
إشتعل داخل إيناس عندما إستمعت بحمل غريمتها وهتفت بنبرة تحمل غضبً وغيرة واضحة:
_ حامل، حامل إزاي يعني !
إستغربت فايقة سؤالها الأبله وأجابتها ساخرة:
_ حِبله كيف النسوان مابتحبل يا نضري ، وحِبله شهرين كُمان
وأكملت بإشادة وأستحسان:
_بِت ورد طلعت واعيه وحِبلت من أول يوم دخل عليها قاسم فيه،
وأكملت بنبرة ساخطة:
_ مش خايبه كيفك، بجالك ياچي أكتر من شهر متچوزاه ومعرفاش لحد دلوك تخليه يدخل عليكِ.
إستشاط داخل إيناس من تهكم تلك الحقيرة عليها فأكملت فايقة بنُصحٍ وإرشاد:
_ علي العموم مش وجت الحديت دي، خلينا نتكلموا في المهم
أردفت إيناس مُتسائلة بطريقة تهكمية:
_ وإيه هو بقا المهم من وجهة نظر حضرتك يا ماما ؟
أجابتها فايقة بذكاء:
_ إن قاسم دلوك بجا خالي، ولدي راچل طول بعرض وفي عز شبابه الله يحميه ، فكرك هيجدر يتحمل ويصبر يعيش من غير مّرة في حياته إياك، وخصوصي بعد ما جرب الچواز وداج حلاوته ؟
أجابتها إيناس بضجر ونبرة يشوبها الإحباط :
_ ما أنا حاولت معاه قبل كده ومأخدتش غير قلة القيمة ، للاسف يا ماما، إبنك بيعاقبني علي وقفتي أنا وأهلي في وشه لما كان عاوز يسيبني قبل الفرح بحجة الوعد اللي قطعة علي نفسه وإداه لعمه،
وأكملت بدفاع عن حالها :
_ قاسم مش قادر يفهم إني كُنت بحارب وبدافع عن شرفي وسُمعتي اللي كان عاوز يحطهم تحت رجلين الناس علشان يدهسوهم وينهشوا في لحمي وشرف بابا
هتفت فايقة بإهانه مُفسرةً بها المقصد من حديثها :
_ سيبك من رط الحريم اللي عماله ترُطي فيه دي وكفياكِ عويل وندب علي اللي راح، ركزي معاي وإفهمي حديتي زين،
واكملت بنُصح:
_ قاسم دلوك ضعيف وهو بعيد عن سحر المحروجة بِت ورد عليه ،
وأكملت بحقارة وحديث يدل عن إنعدامها للاخلاق وبطريقة تدل عن مديّ عدم معرفتها بشخصية نجلها الذي يضع الله ورضاه دائماً صوب عيناه:
_ يعني كيف معيجولوا ، لو أي واحده شاورت له من بعيد مهيمانعش ، فمابالك من مّرته حلاله اللي ربنا شرعها له
إلتمعت عيناي إيناس من صحة حديثها برغم إعتراضها علي سوقية تلك الشمطاء، وأقتنعت بحديثها وباتت تُعيد تفكيرها في تقربها مرةً آخري من قاسم ونصب شباكها عليه من جديد
❈-❈-❈
دلف من باب مكتبه صباحً، كان يتحرك داخل الرواق بجسدٍ ممشوق ورأسٍ مرفوع ينظر أمامهُ غير مباليً بمن حوله ، ليس غروراً أو كبرياءً ، بل جمود وتيبس وشرود أصاب جسدهِ مثلما أصابْ حياتهُ بالكامل،
مُنذُ إبتعاد من كانت تمثل لهُ الروح والحياة ومع رحيلها رحلت عنهُ دُنياه
لفت إنتباههِ تداخل أصواتً مُتعددة ومتداخله ببعضها مما أحدث فوضي عمت بالمكان، بات ينظر حولهُ يترقب الإزدحام الشديد الناتج عن وجود مجموعات كبيرة من الشباب الذين ينتظرون داخل صالة الإنتظار، وما أن لمحته سُهى السكرتيرة حتي إنتفضت من مقعدها وأسرعت إليه في محاولة منها في مجاراته بالتحرك السريع إلي جانبه وهو يتجه إلي غرفة مكتبه وتحدثت إليه:
_ حمدالله علي السلامة يا أفندم
تحدث إليها بهدوء:
_ الله يسلمك يا سُهى
ثم سألها بإستفسار وهو يترقب وجوه الجالسين والواقفين من الجنسين ممن لم يسعهم الحظ لوجود مقعداً خالياً وينظرون إليه بإنبهارٍ شديد :
_ إيه الزحمه اللي في المكتب دي كُلها
وأكمل بنبرة ساخرة :
_هي وزارة الشئون الإجتماعية نقلت مقر مكتبها عندنا وأنا ما أعرفش ولا إيه ؟
أمسك مقبض الباب الخاص بمكتبه وأدارهُ ودلف للداخل بخُطى ثابته،
أردفت سُهى التي تتحرك خلفهُ قائلة بتفسير الموقف إلي سيدها:
_ دول المحاميين اللي جايين بخصوص الإعلان اللي حضرتك نزلته تطلب فيه تقديم C. V لوظايف خالية بمكتبنا يا دكتور
خلع عنه حِلته وعلقها بمكانها المختص، ثم شمر أكمامه لأعلي وتحرك إلي مقعده وجلس عليه ثم تحدث إليها قائلاً بتعجب:
_ وكل الأعداد اللي موجوده بره دي، جايه علشان طلبت خمس وظايف ؟
أجابتهُ سُهى بمفاخرة وفضلٍ لشخصه:
_هو حضرتك مش واخد بالك ولا إيه يا دكتور، إسم قاسم النُعماني إتنقل وبقا في حتة تانية خالص من بعد ما حضرتك كسبت البراءة في قضية التُهامي من أول جلسة
إبتسم بخفوت ساخراً من حاله وإسمهِ الذي أصبح رنانً وذو شأنً عالي في عالم المحاماة وكسب القضايا المُهمة، لكنهُ ولسخرية القدر فشل بكسب قضية حياتة، خسرها من أول جولة ولم يستطع حتي الدفاع عن حاله أو إثبات براءته من الإدعاءت التي وُجهت إليه بتهمة الخيانة والخزلان، واللتان ستلازما إسمه وتلحقا بهِ العار حتي النهاية
تحدث قاسم إليها بنبرة عملية:
_ من فضلك يا سُهى، خدي منهم ال C. v وقولي لهم إننا هنراجعها وهنتصل بيهم في أقرب وقت وهنبلغهم بالنتيجة،
وأكمل:
_بسرعة وفضي لي الرسيبشن من الزحمة دي علشان العُملا يلاقوا مكان يقعدوا فيه،
وأمسك نظارته الطبية وأرتداها وتحدث إليها:
_ وهاتي لي ملف قضية كامل بطران علشان أدرسه
بالكاد فتحت فاهها كي تُجيبهُ وأغلقته سريعً عِندما وجدت من تقتحم باب المكتب بطريقة همجية وبدون أدني تصرفات اللباقة وهي الطرق علي الباب للإستئذان،
إنها كوثر التي تحدثت بنبرة ساخرة حادة وهي تُشير بيدها بطريقة سوقية :
_ يا تري يا متر شوية العيال اللي لاممهم من علي القهاوي وقاعدين بره دول، هما اللي هيملوا مكان الأستاذة إيناس والأستاذ عدنان عبدالدايم في المكتب ؟
تحدث السكرتير الذي دلف خلفها حينما وجدها تقتحم دخول المكتب دون إستإذان :
_ يا أفندم مايصحش كده،
وأكمل مُعتذراً ومُفسراً أسبابهُ إلي قاسم:
_أنا أسف يا دكتور، أنا قولت لها والله تستني بره لحد ما أدخل وأبلغ حضرتك بوجودها، بس هي تخطت وقوفي ودخلت بالشكل اللي حضرتك شفته ده
نظرت له بحدة فتحدث قاسم موجهً حديثهُ إلي الموظف بنبرة صارمة :
_ إتفضل يا أستاذ علي مكتبك، وبعدين هنتحاسب علي اللي الفوضي اللي حصلت دي
تحرك الموظف إلي الخارج بتخاذل، وأكمل قاسم بنبرةِ عملية :
_ وإنتِ يا أستاذة سُهى، إطلعي إجمعي ال C. v من الشباب وفي خلال عشر دقايق يكون المكتب فاضي، وجهزي الملف اللي قولت لك عليه ودخلهولي بعد عشر دقايق بالظبط
أومأت سُهى وتحركت إلي الخارج وأغلقت خلفها الباب، نظرت كوثر بإستشاطة لذلك الذي لم يعر لوجودها أية إهتمام وتحدثت كوثر بنبرة حادة:
_ إيه يا إبن الإصول، هتفضل سايبني واقفة كده كتير، ولا إنتَ قلة الأصل خلاص بقت بتجري في دمك
إنتفض واقفً من جلسته وبقلبٍ يشتعل هتف قائلاً بحدة من بين أسنانهِ:
_ إحترمي نفسك يا ست إنتِ، وياريت ماتوصلنيش إني أضطر أنده لك الأمن علشان يخرجك بره المكتب خالص
صاحت بنبرة صوت غاضبة:
_أهو ده اللي ناقص يا سي قاسم، تنده لي أنا كمان الأمن يطردوني بعد ما أستغنيت عن أولادي اللي شالوا لك المكتب علي أكتافهم اكتر من 12 سنة، وإستحملوا معاك وداقوا المُر قبل الحلو علشان يكبروا المكتب،
وأكملت بصياحٍ عالّ:
_ وأول ما ربنا عطاك من وسع وأتشهرت، إفتريت عليهم وطردتهم، بدل ما تاخدهم جارك وتدوقهم من الخير اللي بقيت فيه واللي هما السبب في وجوده
وأكملت متسائلة:
_ تنكر إن إيناس هي السبب في نجاح قضية التُهامي اللي كَسرت الدنيا وقفشت فيها فلوس قد كده من الراجل، وعلي حِسها جالك بدل القضية عشرة ؟
أجابها بنبرة غاضبة جراء حديثها الذي أوصلهُ للإشتعال :
_ عيالك مين يا أم عيالك، إوعي تكوني مصدقة كلامك الأهبل اللي جايه تتحفيني بيه ده؟
وأكمل بنبرة حادة:
_أنا اللي نشلت عيالك من الضياع ونشلتك إنتِ وجوزك من الفقر اللي كان معشش في بيتكم وبياكل في جسدكم، لولا مكتبي اللي جدي فتحهُ لي ولمتهم معايا فيه، كان زمانهم بيشتغلوا زي الصراصير عند محامي ماصص دمهم وبيديهم فتافيت وبيبوسوا إديهم عليها ،
وأكمل شارحً:
_أنا اللي عملت منهم بني أدمين، أتقيت ربنا فيهم وعاملتهم بما يُرضي الله، عُمري ما عاملتهم علي إنهم موظفين عندي ، طول عمري وأنا بقول لهم إن المكتب ده بتاعنا إحنا التلاثة، كُنت بوزع الأرباح علينا بالتساوي في القضايا اللي كُنا بنشتغل فيها مع بعض
وأكمل بنبرة ساخرة:
_ جاية تهينيني في مكتبي بعد ما شبعتي من ورايا إنتِ وعيالك ، إنتِ ناسيه كُنت بتعامليني إزاي أيام ما كُنتِ لسه ساكنة في الأوضة والصالة والحمام المُشترك اللي كُنتم بتدخلوه بالدور مع الجيران؟
وأكمل بغضب:
_مكنتيش بتقولي لي غير يا أبن الأكابر ، إتمسكنتي لحد ما اتمكنتي إنتِ وبنتك، والوقت جاية تتهميني بقلة الأصل يا سليلة الحسب والنسب
ردت علي حديثهُ قائلة بإعتراض ونفي:
_اللي إحنا وصلنا له ده مش ببلاش يا حبيبي ولا صدقة منك، ده شقي عيالي وشغل سنين مصيت فيهم دمهم وفي الآخر رميتهم في حتة مكتب كحيان في العمرانية ، بعد ما كانوا في مكتب في أرقي منطقة في مدينة نصر ، هو ده رد الجميل؟
وأكملت بإتهام:
_ عملنا لك إيه علشان تكافئنا بالشكل ده، سبع سنين بحالهم وإنتَ خاطب البت في السر من غير ما أهلك يعرفوا وقولنا ماشي، نستحمل لحد ما تعدل أمورك وتظبتها مع أهلك، وحتي لما إتحوزت بنت عمك وطمعت في مال أبوها لوحدك، وكُنت عاوز تتخلي عن بنتي، وفي الآخر اتجوزتها بردوا في السر وقولنا ماشي،
وأكملت بتساؤل غاضب:
_ عملنا لك إيه نستاهل عليه غدرك ده رد عليا؟
تحرك من وقفته ووقف مقابلاً لها وهتف بنبرة نادمة:
_ أقولك أنا عملتولي إيه، صنعتوا مني إنسان أناني حقير بعد ما كنت جاي من الصعيد علي فطرتي والطيبة سكناني،من أول ما اتعرفت علي صديق السوء إبنك، وبعدها بنتك، من وأنا لسه طالب وهما بيزرعوا فيا بذرة الأنانية والجحود ،
وأكمل بصياح وغضب:
_بنتك أول واحدة إتعلمت علي إديها الكذب والمراوغة وقلة الضمير، لما فضلت زي الشيطان توسوس لي لحد ما خلتني أكذب أول كذبة في حياتي، واللي بعدها مشيت في طريق واكتشفت إن ممنوش رجوع ، كذبة جرت وراها كذبة، لحد ما في يوم صحيت لقيتني باني جبل ذنوب طبق علي صدري لحد ما خنقني،
وصرخ بها عالياً:
_ إنتم لعنة وصابتني، بنتك هي لعنتي في الدُنيا، ذنبي اللي هعيش أكفر عنه كل اللي باقي لي من حياتي، وياريتني هخلص منه
وأكمل بنبرة ضعيفة:
_جايه تسألي عملتوا لي إيه، إنتوا دمرتوني، حولتوني لمسخ دميم، حولتوني لألة ماشية علي الأرض، أهم حاجة مصلحتي،خلتوني بعت ودوست علي اللي مني وأنا زي الأعمي المنساق ورا سحركم الملعون وببرر لنفسي خيانتي ،
وأكمل بألم:
_ بقيت بستخبي من نفسي وأتداري منها وأنا واقف قدام المرايا، علشان ما أشوفش ملامح وشي الدميمة،
بنتك لعنة، لعنة صابتني ودمرتني، بس خلاص كل كذبي إنكشف وأنا نويت اتطهر من ذنوبي، وأول ذنوبي هما ولادك اللي كان لازم أبعدهم عني بأي شكل، الخطوة الجايه هي الطلاق اللي للأسف مش هقدر انفذة غير بعد ماتعدي المُدة، وده مش إحترامً لجوزك الهفأ عديم الشخصية
وأكمل معترفً:
_ لا، ده علشان ما أخسرش نفسي أكتر من كده وأحافظ علي ذرة الرجولة اللي لسه فاضلة لي، بعد ما أتمحت رجولتي وكرامتي علي إديكم يا شوية رعاع
كانت تنظر إلية ولكم الغضب الدفين الذي يتحدث به وهي ترتعب من هيأته المُوحشة التي ولاول مرة تراها
وتحدث وهو يسحبها من يدها إلي باب الغرفة مما أرعبها :
_ والوقت إطلعي بره ونصيحة مني لوجة الله بلاش تيجي هنا تاني، ونبهي علي شلة النصابين اللي إنتِ مخلفاهم، إني لو شُفت منكم حد هنا تاني ، قسماً بربي لأقتله وأخد فيه إعدام
إطلعي بره، يلااااااااا
إنتفضت وتحدثت بصوتٍ مُرتجف لم تستطع السيطرة علي الهلع الذي أصابها:
_ ماشي يا قاسم، ماشي
وتحركت هي للخارج وصفق هو الباب خلفها بقوة جعلتها ترتعب وتُهرول بأقصي سُرعتها بإتجاه الخارج
أما هو فبات يتنفس عالياً ويزفرهُ بقوة علهُ يُهدئ موجة الغضب التي أصابته جراء مُقابلتهِ لتلك المرأة التي تُمثل الشيطان في أقبح صورة له
وضع كف يدهُ فوق شعره وسحبهُ للخلف في حركة تُظهر كّم غضبة الهائل الذي وصل إليه، تحرك بغضب ورمي حالهُ فوق مقعده بإستسلام، أغمض عيناه بألم وهو يلعن ويسِب حالهُ علي ما أوصل حالهُ إليه بيده وبفضل عِناده وتمردهُ علي عاداته.
إنتهي البارت
قلبي بنارها مُغرمُ
35💘
بعد حوالي ثلاثة أسابيع مّرت علي واقعة إكتشاف صفا لزواج مُتيمُ روحها عليها، عاد قاسم إلي السرايا بعد إنقطاع مقصود وذلك لعدم قدرته التطلع بوجه أياً كان، وأيضاً كي يُعطي إلي صفا وقتً كافياً لتهدأ به وتستعيد وعيها وعقلها الذي فقدته خلال إكتشافها لتلك الكارثة،
دلف بسيارته من باب السرايا مع حلول بداية الظلام، صف سيارتهُ وتحرك بساقان ثقيلتان، صعد الدرج المؤدي لباب منزل زيدان، قرع جرس الباب وكُلهُ إشتياق لرؤيا عيناي من حَرمت علي عيناهُ النوم في إبتعادها ، فتحت لهُ تلك العاملة التي تُدعي صابحة
تحدثت بوجهٍ بشوش:
_ حمدالله على السلامة يا قاسم بيه
إنتفض قلبهُ وكاد أن يخرج من بين أضلعه ويُعلن عصيانه حينما إستمع إلي صوتها العَذب وهي تتحدث إلي والدتها،
تحدث إلي صابحة بنبرة هادئة:
_ الله يسلمك يا صابحة،عمي زيدان إهنيه؟
أفسحت لهُ المجال وهي تُشير إليه بيدها في دعوه صريحة منها إلي الداخل قائلة بإحترام :
_ إيوه چوه ، إتفضل يا سي قاسم
إبتسم لها وكاد أن يخطو بساقه أولي خطواتهِ إلي الداخل ولكنه توقف سريعً بل وأتخذ خطوةً إلي الرجوع للوراء عندما وجد زيدان وقف أمامهُ وحجب عنه الدخول واضعً ساعدهُ علي الباب بقوة كسدٍ منيع
ثم تحدث إلي العاملة بتهجم:
_ إدخلي چوه شوفي ستك ورد عاوزاكِ في إيه
أسرعت العاملة للداخل وهي تؤمي لهُ بطاعة وخوف من هيأته الغاضبة التي ظهر عليها ، في حين نظر إلي قاسم وسألهُ بنبرة حادة وملامح وجه مقتضبة:
_ خير يا قاسم، چاي عاوز إيه؟
إبتلع قاسم غصة مُرة إقتحمت حلقه من تلك المعاملة المهينة لشخصه التي تلقاها من عمه، وما زادَ من حُزنهِ أنها تمت في وجود العاملة، تنفس بهدوء وتحدث بثبات نفسي إصطنعهُ بصعوبه:
_ كيفك يا عمي
قلب زيدان عيناه بتملل وتحدث بنبرة حادة وملامح وجه صارمة:
_ چاي ليه يا قاسم ؟
أجابهُ بنبرة متحفظة :
_ چاي أشوف مّرتي وأطمن عليها يا عمي،
وأكمل بإحترام كي يستدعي رضا عمه عليه:
_ ده طبعاً بعد إذنك
أجابهُ زيدان بإقتضاب وصرامة :
_ الدَكتورة نايمة
تمالك قاسم من حالة الغضب التي تملكته من معاملة عمه له فتحدث بثبات:
_ نايمة كيف وأني لساني سامع حِسها چوة
جولت لك نايمة، عتكدبني إياك ؟ كانت تلك إجابة زيدان الصارمة علي قاسم
تنفس قاسم عالياً وحاول جاهداً كَظم غيظة الذي أصابهُ من حديث زيدان المستفز وموقفهُ شديد الصرامة:
_ العفو يا عمي أني مجصدش أجول إكده، أني بس بجول إن ممكن حضرتك تكون معارفش إن لساتها صاحية
وأكمل:
_ فبعد إذنك تخليني أدخل لها، وأوعدك أني مهطولش جوة
زفر بضيق وأردف بنبرة حادة:
_ شكلك جافل ودانك ومسامعنيش عجول إيه من أصله ، جولت لك نايمة، ناااايمه
قال جُملتهُ وهو يستعد لغلق الباب بوجهه، بسرعة بديهه وضع قاسم كف يدهُ مانعً به غلق الباب وصاح بنبرةٍ عالية:
_اللي بتعمله ده حرام شرعً ولا يچوز يا عمي، مش من حجَك تمنعني من إني أشوف مّرتي وتمنعها عني ، إنتَ إكده بتخالف شرع ربنا وبتُجف في وشه
تحدث زيدان بتهكُم :
_ شرع ربنا؟
إنتَ أخر واحد تتحدت عن شرع ربنا،
واستريل حديثهُ قائلاً بنبرة حادة:
_ شرع ربنا جال لك تخون العهد وتتچوز علي بِتي وهي لساتها عروسة مكملتش شهر !
وأكمل بتساؤل غاضب :
_إلا جولي يا حضرة الافكاتو، مش بردك شرع ربنا اللي عتتكلم عنيه دي بيجول لك إن لما تاچي تتچوز علي مرتك لازمن تجولها ؟
واكمل بهتافٍ عالِ لشدة تعصبه:
_ والجانون اللي إنتَ درسته وبتجف جِدام الجاضي وتترافع بيه، مش بردك عيبعت إخطار للزوجة يعلمها فيه بچواز چوزها عليها ؟
موصلش لبِتي ليه الإخطار دِه يا راچل الجانون يا اللي دارس شرع الله وحلاله وشغلك مبني عليه ؟
وأكمل بإتهام:
_ولا هو شرع الله بيأمرك ويجول لك ترشي المُحضر لجل ما يمنع الإخطار ومايوصلش ليد بِتي ؟
كانت تُجاور والدتها الجلوس وتتحدث إليها، إستمعت إلي صياح أبيها ومن خلال كلماتهِ الغاضبة إستطاعت أن تكتشف هوية الشخص الذي جعل والدها يفقد هدوئهُ وأتزانه، شعرت بإنقباضة داخل قلبها وتغير لون وجهها من الوردي إلي أصفرٍ باهت
أما قاسم التي نزلت كلمات عمه الحادة علي قلبهِ فألمته وحملته أعباءً أكثر مما هو عليه، تنهد بتألُم وتحدث مُفسراً:
_ بكفياك علشان خاطر ربنا يا عمي، أني إعترفت بكُل أغلاطي وذنوبي جِدام العيلة كلياتها ، ومعوتش جادر ولا متحمل أسمع إتهامات وإهانات أكتر من إكده، أني سبت حضرتك تلات أسابيع بحالهم وبعِدت لجل ما تهدي، بس يظهر إن حضرتك معتهداش واصل،
وأكمل بنبرة عاقلة:
_ أني تعبت ومعتش جادر للمناهدة دي ، الله يخليك تخليني أجابل مّرتي لجل ما نحل الموضوع بيناتنا وترچع معاي لشجتها معززة مكرمة
قوس فمهُ ساخراً وسألهُ بحدة:
_أي عزة وأي كرامة اللي عتتحدت عنيهم يا وِلد أخوي،
وأكمل بنبرة يائسة :
_ روح يا قاسم، روح لحالك وفوت بِتي لحالها ، أني ماصدجت إنها بدأت تروج وترچع لوعيها بعد ما كانت عتفجد عجلها بعد اللي عِملته فيها
علم قاسم أن لا فائدة من ذلك الجدال العقيم عديم المنفعه في ظل غضب زيدان الذي مازال قائماً ولم يتزحزح، بل وتزايد أكثر مما كان عليه
أومأ له برأسهِ وتحدث بنبرة قوية بعدما فاض بهِ الكَيل :
_ أني همشي دلوك يا عمي، بس عاوزك تِعرف أني لا ضعيف ولا أني جِليل الحيلة وجادر أدخل دلوك وأخد مّرتي ، أني هصبر بس لچل خاطرك وغلاوتك عِندي واللي ربنا وحده هو اللي يعلمها زين،
وأكمل بنبرة قوية ذات مغزي :
_ بس يكون في معلومك يا عمي، أني صبري ليه حدود، وياريت ماتوصلنيش إني أفجد صبري وطولة بالي
قال كلماته وتحرك سريعً مُتجهً إلي باب السرايا المُقابل لمنزل زيدان ، حين أغلق زيدان الباب وتنفس بضيق وغضب شديد أصابهُ جراء رؤياه لوجه من باع الوعد وكسر العهد وضحي بالغالي والنفيس لأجل وفائهِ لكلمة الغريب
دلف قاسم من باب السرايا، وجد الجلسة ينقصها الكثيرون من أهل المنزل، أبويه علي سبيل المثال، وذلك إمتثالاً لأوامر عِثمان الذي أصدرها أثناء واقعة يزن المعروفة، وأيضاً عائلة زيدان الذي ما عاد يحضر إلي السرايا، وذلك إمتثالاً للحفاظ علي كرامة غاليته وحالتها النفسية التي لم تعد كسابقها ، ودون عِثمان بذاته الذي يجلس حبيس حُجرته وحيداً طيلة الوقت، وكأنهُ يُعاقب حالهُ علي ما وصل إليه أبنائه واحفاده من حالة مُزرية ألمت قلبه الذي شاب من أفعال غواليه والتي لم تكُن تراودهُ حتي في أبشع كوابيسه
ألقي السلام بملامح وجه مقتضبة وصعد الدرج مُتجهً إلي الأعلى دون أن يتحدث بحرفٍ واحداً
صعد فارس الدرج سريعً خلف شقيقهُ، تحرك إليه ووقف بجانبه وهو يضع المفتاح داخل فتحة باب مسكنة، وتحدث بترقُب:
_ حمدالله علي السلامه يا أخوي، ما جولتليش إنك چاي ليه لچل ما أستناك في المطار.
أجاب شقيقهُ برأسٍ مُنكس:
_ جولت لحالي مافيش داعي أتعبك وياي يا فارس، وبعدين ما أنتَ عارف إن عربيتي مركونة في الجراچ اللي چنب المطار
وضع فارس يده علي كتف شقيقهُ بحنو وهتف بترقب:
_ عاوز أتحدت وياك يا قاسم
رفع كف يدهُ في وجه اخيه وتحدث بنبرة إستعطاف:
_ مجادرش يا فارس، الله يخليك سيبني في حالي يا أخوي
أومئ له فارس وانسحب بهدوء بقلبٍ يتألم لأجل شقيقهُ
دلف قاسم إلي مسكنه، إنقبض قلبهُ من ذلك الظلام الدامس القابض للروح والذي سكن المكان بعد رحيلها، داس علي زر الإضاءة وبات ينظر حولهُ، رأها بجميع الزوايا، تخيلها وهي تخرج عليه من باب غرفة نومهما وتُسرع عليه لتستقبلهُ بإبتسامتها الساحرة التي كانت تُطيب قلبهُ وتُصيبهُ بالسكينة والطمأنينة الذي إفتقدهُما برحيلها ، نظر بإتجاه المطبخ، تخيلها تقف أمام موقد النار تصنع له قهوته التي ما عَاد يتمزج بها ويستحسن مذاقها سوي التي تصنعها يداها،
للحظة تسللت لأنفهِ رائحة المخبوزات الطازچة التي كانت تصنعها لأجله ، إبتسم بمرارة علي ما أصبح عليه وما حُرم منه
خطي بساقيه إلي باب حُجرتهما التي كانت تمتلئُ بالحياه والضحكات والاحضان الدافئة، الآن أصبحت كقبرٍ يُقبض أنفاس من يُدلف إليه منهما ، تنهد بألم وخطي للداخل، وجد كل شئٍ ضل بمحله سِواهما،
تحرك إلي خزانتِها وأخرج ثوبً كان يعشقُ رؤياها به، إحتضنهُ وضمهُ إلي صدرة بقوة،أغمض عيناه وأشتم رائحة جسدِها العطرة التي مازالت مُعلقة به رُغم غسلهِ،
وكأنها تضع وشمها بكُل شئٍ يخُصها حتي هو، هو الذي وُشم قلبهُ بعشقها الذي يُشبه عشق أميرات الاساطير في رُقيه، وضع شفتاه فوق ثوبها العفيف، وضع بهِ قُبلة إشتياق تنمُ عن مّدي توهة روحهِ في بُعادها ، أغمض عيناه ثم أخذ نفسً عميق للغاية وأحتفظ بهِ داخل رأتيه،
فتح عيناه من جديد وبصعوبة أبعد ثوبها عن موضع قلبهِ، ثم وضعهُ برفقٍ فوق الفراش بمحل نومتها بعدما قبلهُ ومسح عليه برقة وكأنهُ تحول إليها ، تحرك إلي الشُرفة وفتحها وبلهفة نظر إلي شُرفة غُرفتها، أصابهُ الإحباط حين وجدها عاتمة مما يدل علي عدم صعودها إليها إلي الآن
تحرك إلي المرحاض وأدار مقودهُ وتنفس ثم فتح الباب، حُزنًُ وألمً تملكا من قلبه، فكل شئ يُذكرهُ بها، تحرك إلي صنبور المياه وخلع عنه ثيابهُ وأخذ حمامً بارداً سريعً، توضأ وخرج لقضاء صلاة العشاء وجلس بعد الإنتهاء يُناجي ربهُ بخشوع ويطلب منه العفو علي ما فعل بحاله وأحبائه، وطلب منه العون فيما هو قادم، وقف منتصب الظهر ورفع معهُ سجادة الصلاة ووضعها بمحلها
إستمع إلي قرع جرس الباب، زفر بضيق وتأفف لعدم رغبته بمقابلة احداً مهما كان سوي من ملكت الفؤاد وفقط ، فتح الباب وجدها والدتهُ التي تطلعت إليه بحُزنٍ حقيقي لما رأتهُ من إنطفاء للمعة عيناى ولدها، وحتي وجههِ وجسدهِ الذي إفتقد بعضً من الكيلو جرامات مما جعلهُ يظهر بجسدٍ نحيف،
تنهدت بضيق علي ما فعلهُ بحاله ذاك العنيد، سحبته لداخل أحضانها وربتت عليه، الغريب أنهُ لم يشعر بحنينها أو أي شعور بالإرتياح نتيجة ضمتها، وكيفَ له أن يشعر بالراحة داخل أحضانها المسمومة وهي سببً رئيسي فيما حدث ويحدُث وسيحدُث له
خرج بهدوء من ضمتها وتحرك إلي الأريكة، جلس عليها بوجهٍ مهموم، نظرت إليه بضيق وتنهدت وتحركت لتجلس بجانبه وهتفت بنبرة مُلامة:
_ عامل في حالك إكده ليه يا ولدي، لا أنتَ أول ولا آخر واحد يتچوز علي مّرته، ولو زعلان عشان صفا سابت لك البيت ماتجلجش، بكره تعجل وترچع لحالها كيف ما مشيت،
زفر بضيق ورغبه مُلحة تُطالبهُ بوضع كفاي يداه فوق أذناه كي لا يستمع لما يُقال ويخرج من فمها ، تحدثت فايقة بتحريض وكأنها الشيطان بذاته:
_ عاوز نصيحتي، سيبها هي وأبوها يخبطوا راسهم في أجرب حيطة تجابلهم ويرچعوا لحالهم تاني
وأكملت بصدق:
_ أني كُل اللي كان مخوفني من اللحكاية إن چدك يغضب عليك ويحرمك من ورثك كيف ما عمل مع عمك زيدان، بس طالما چدك طلع بيحبك وسامحك، يُبجا تعيش حياتك وتكملها عادي
وأكملت بنبرة خبيثة:
_فيه حاچة كُنت عاوزه أتحدت وياك فيها، وهي هچرك لمرتك المصراوية، اللي عتعمله معاها دي حرام يا ولدي ومايرضيش ربنا، إرچع شُجتك وعيش وياها، هي كمان ليها حجوج عليك ولازمن تديهالها، وإلا ربنا عيحاسبك علي حرمانك ليها،
وأكملت بنبرة لائمة:
_ أومال لو منتاش محامي وعارف العدل والحج
كادت ان تُكمل قاطع هو حديثها بنبرة صارمة:
_ لو خلصتي حديتك ياريت تروحي علي شُجتك لأني تعبان وعاوز أدخل أنام
زفرت بإستسلام وكادت أن تُكمل حديثها لولا صوت قرع جرس الباب الذي صدح ، قامت هي علي الفور وفتحت الباب، وجدت رسميه التي تحدثت بأنفاسٍ مُتقطعة موجهةً حديثها إلي العاملة التي تحمل صنية كبيرة بها أصناف مُتعددة من الطعام المتنوع المُحبذ لدي حفيدها،و التي أمرت العاملات بتجهيزهِ علي وجه السُرعة فور حضورة،
بأنفاسٍ متقطّعة تحدثت رسميه:
_ حُطي الصنية إهنيه علي التربيزة وإنزلي إنتِ يا بهيه
وضعت العاملة ما بيدها وتحدثت بطاعة:
_ أوامرك يا ست الحاچة
وقف قاسم وتحرك إلي جدته، أمسك يدها وأسندها وأردف قائلاً بنبرة لائمة مُحبه:
_ تاعبة حالك وطالعة السلالم وإنتِ تعبانة ليه يا چِده ؟
أسندها وأجلسها بجانبه فتحدثت هي والتعب يظهر علي صوتها وهيأتها :
_ هتعب لأعز منيك يا غالي
تحدثت فايقة بنبرة خبيثة:
_ تسلم يدك يا عمه
في حين تحدثت رسمية بنبرة صارمة ونظرات كارهة إليها :
_ فوتيني مع حفيدي لحالنا ويلا روحي علي مكانك
أجابتها فايقة بنبرة ضعيفة كي تستجدي تعاطف رسمية :
_ خليني جاعدة لجل ما أوكله وياكِ يا عمه وأعمل له كباية شاي بعد الوكل .
رمقتها بنظرة حارقة وتحدثت بحدة وتهكُم :
_ هامك ولدك جوي، جولت لك روحي علي مُطرحك
تحركت وهي تسب وتلعن بسرها تلك العجوز الشمطاء التي أصبحت لا تترك أية مجال حتي تُهين كرامتها وتُنقص من قيمتها أمام الجميع
تحركت رسمية إلي حفيدها وجلست بجانبه، وضعت كف يدها الحنون فوق وجنته وهتفت بنبرة حنون:
_ كيفك يا جلب چدتك، زين يا حبيبي ؟
أومأ لها وتحدث:
_الحمدلله يا چده
تحدثت رسمية بنبرة صوت حنون:
_ مّد يدك وكُل يا ولدي، أني خليتهم يعملوا لك كُل الوكل اللي إنتَ عتحبه
هز رأسهُ وأردف رافضً بإصرار :
_ مجادرش يا چده، مليش نفس
تنهدت بحُزن لأجل حفيدها الغالي، سحبته لعِندها و وضعت رأسهُ علي ساقيها بهدوء،، شعر براحة عجيبة غزت روحهِ بعكس ما حدث مع والدته، تنهد بعُمقٍ وراحة ، وضعت كف يدها الحنون فوق ظهرهِ وباتت تتحسسهُ بلمسة حنون إقشعر لها بدنه وأستكانت بها روحه
أردفت قائلة بحديثٍ ذات مغزي:
_ إصبر وأتحمل يا وليدي، صُح الريح عاتية وشّديدة ، بس ميتا الدِنيي فضلت علي حال، عتعدي، بكره الريح عتِهدي والدِنيي تروج والشمش عتطلع وتنور دِنيتك العاتمة من تاني،
وأكملت بطمأنه:
_ بِت أبوها عشجاك وعاشجة لأنفاسك، متخافش، عتحن، عِشجها عيغلب عِنادها وعيرچعها لحُضنك من چديد، بس إنتَ إسعي لچل ما تنول الرضا والسماح
تحدث مُستعطفً إياها بترجي:
_كلمي عمي زيدان وخليه يسيبني أدخل لها يا چده، إتوحشتها، نفسي أخدها في حُضني، نفسي أشم ريحتها،
وأكمل بنبرة مُتألمة:
_ ملحجتش أفرح بخبر حَبلها، نفسي أحط يدي علي بطنها وأطمن إبني ولا بِتي وأجولها متخافش، أني معاكِ وعحبك وعاشج لتراب رچلين أمك،
تحدثت إليه بنُصح وإرشاد:
_طلج المصراوية وأني عخلي عمك زيدان يرچعها لك
تنهد بصدرٍ مُحملاً بثُقلٍ بفضل الهموم :
_ياريت كان ينفع يا چدة، معجدرش أطلع عديم الرچولة حتي مع الغريب،
وأكمل بنبرة ضعيفة:
_كفاية عليا العار اللي شايله كِدامكم كلياتكم، وجودها سنة بحالها علي ذمتي، يعتبر أكبر تكفير عن ذنوبي، لأن إرتباط إسمها علي إسمي يعتبر أكبر عجاب ليا
إستغربت رسمية حديثه فسألته بإستغراب:
_ إنت معتحبهاش إياك ؟
زفر بضيق وأردف مُفسراً:
_أني معايش وياها يا چده، ملمستهاش، الله الوكيل مالمستها ولا علمسها، أني إنچبرت علي چوازها لچل ما أتحمل غلطي معاها زمان لما جعدت خاطبها سبع سنين بحالهم،
ضيقت رسمية بين حاجبيها مُتعجبة لحديثهُ، ثم أعادت سؤالها علي قاسم مرة آخري للتأكيد:
_صُح ملمستهاش يا قاسم ؟
أجابها بتأكيد:
_الله وكيلي ما لمستها يا چده، ولا حتي شفتها حُرمة جِدامي
سعد داخل الجده لإستماعها بتلك الإعترافات التي ستساعد كثيراً في حل المشكلة لو علمت بها صفا، أو هكذا هي تخيلت، طلبت من قاسم تناول الطعام فرفض من جديد، وبعد محايلات من الجده تناول بعض الُلقيمات التي تُعد علي أصابع اليد الواحدة
❈-❈-❈
كانت تقبع فوق تختها بعدما أصبحت تقضي معظم يومها وهي متقوسة فوقهُ، متقوقعة علي حالها داخل غُرفتها بعد أن أصبحت ملاذها الآمن للهرب من أعيُن مُحبيها التي تُحاوطها وتنظر إليها بعين الشفقة، وهذا ما كان يؤلمها ولم تتقبلهُ وترضاهُ علي حالها ، ولذا فضلت الهرب من تلك النظرات المؤلمة ، ليسَ ضعفً أو إستسلام، فهي إبنة زيدان القوية الأبية التي لم تعرف للإنهزام يومً طريقً،
بل ما كان هروبها وأستكانتها سوي إستراحة مُحارب لتعود أقوي من جديد
تنفست بضيق حين تذكرت صوتهُ الذي وبرغم هدوهُ المُفتعل إلا أنهُ كان يحمل ببن نبراته التي تحفظها عن ظهر قلب غضبٍ عارم، تنهدت بألم،
مازالت غاضبة منه، لا، لست غاضبة بل تشتعل ولا تطيقُ حتي النظر لعيناه الكاذبه، كّم كان مُخجلاً شعورها بالخزي من حالها عندما إكتشفت كّم الغباء التي تمتلكهُ برغم ذكائها الذي طالما شهِد لها بهِ الجميع ،
الآن وفقط تيقنت أنها تمتلكُ الكثير والكثير من الغباء والسذاجة التي جعلتها تقع داخل براثن ذئبها البشري الذي إفترس برائتها وأخترق حِصنها المنيع،
حدثت حالها بدموع وهي تضع كف يدها علي صدرها فوق موضع قلبها وكأنها تحادثهُ :
_كيف لك أيها الأبلهُ عديم المنفعه أن تنجرف وراء كلماتهِ الكاذبة وتصدق وعودهُ البائسة حين قال بأنني أصبحت حبيبته!
شهقت ونزلت دموعها بحرارة وتحدثت:
_ كيف لحدسي أن يُصاب بالتيبُسِ ويخدعني بتلك المهانة، لقد تحريتُ الصِدقَ من عيناه حينما كانت نظراتهُ تشملُني وتجعلني أسبحُ بصحبتهِ في عالم العِشق والخيال
بماذا أُفسرُ قشعريرةً جسدي التي كانت تنتابني وتُزلزلُ كياني حينما كان ينطقُ ويُناديني بصوتهِ الحنون بحبيبتي؟
ألهذه الدرجة أنتَ بارعً وموهوب في الخيانة قاتلي !
رفعت وجهها لأعلي ورمت رأسها للوراء وباتت تُزرفُ الدمعاتِ بغزارة وكأنها تعاقب حالها بتلك الطريقة
وضعت كف يدها أسفل أحشائها وباتت تتحسسها بحنان وتُحدث جنينها بحب :
_ لا تخف علي مصيرُك صغيري ، فقط إطمئن وأستكِن داخلي، فلديكَ أمً تتحرقُ شوقاً إلي رؤياك كي تُزين أهدابي بالتطلع إلي وجهك البهي
وشهقت بقوة وحدثتهُ من بين شهقاتها الموجعة:
_ حتي والدك، فبرغم كل ما جري إلا أنهُ وبالتأكيد سيغمرك بالمحبةِ والدلال، وكيف لهُ ألا يفعل وأنتَ ستُصبح خليفتهُ و وريث إسمهُ وإمتدادهِ بالدنيا
إبتسمت ساخرة وأكملت:
_ ولا تخف علي حالك من غدرهِ عزيزي، إطمئن وتأكد أنك الوحيد الذي لم ولن يقوي علي التخلي عنه والغدر به، وكيف لهُ الغدر بك وأنتَ منه،
أمالت رأسها وسألت حالها بتعجُب :
_ أولستُ انا أيصاً كُنت منه !
أنا إبنةُ عمهْ، وبرغم هذا طعنني غادراً، وقام مُتعمداً بهدم حصُوني المُشيدة فوق عُنقي فكسرها، وأصبحتُ لا أقوي علي رفعها لأعلي كسابقُ عهدي
فاقت علي كلماتِها الاخيرة وأستنكرت ضعفها الذي تملك منها، رفعت رأسِها بشموخٍ كالجبل وتحدثت:
_ لا عَاشّ من كَسرني وأصابني بالإنحناء، فأنا إبنة أبيها الأبية ولم يُخلق بعد من يحني قامتي ويجعلني أتواري خلف الأبواب
وقفت ناصبة ظهرها وكأنها تحولت إلي هرة شرسة ذات حوافر مُدببة مسنونةِ كالسيف الحاد،وعلي الإستعداد التام للدخول القوي إلي ساحة المعركة وللإنتصار
تحركت إلي الخارج قاصدة حُجرة أبويها كي تُخبرهُما أنها نفضت ترابها التي كانت تندثر تحتهُ وانتوت الخروج من قوقعتها التي فرضتها علي حالها ومكثت بداخلها لأكثر من ثلاثة أسابيع
وصلت إلي باب الحُجرة ورفعت كفها لتطرق الباب وفجأة توقفت حين إستمعت إلي ورد وهي تسأل زيدان بنبرة مهمومة:
_ يا حومتي، يعني هو كان عشجان لزميلته دي وهو لساته بيدرس في الچامعة ؟
زفر زيدان الجالس بجوار ورد وتحدث بنبرة حزينة يائسة:
_ البت كانت أخت زمِيله عدنان وعشجها من أول مرة شافها، ولما إتخرچ چه لأبوي وطلب منيه يفتح له مكتب هِناك لجل ميكون جريب منيها ويشغَلها معاه هي واخوها، وبعدها إتفج وياها علي الچواز بس كان مستني لما المكتب يكبر وإسمه يعلي،
وأكمل وهو مهموم:
_ بس أبوي سبجه بخطوة وخطب له صفا، قدري عيجول إنه مكانش موافج من اللول وكان هياچي لچده ويعترف له بكُل حاچة، بس قدري وفايقة ضغطوا عليه، راح لأبو زميلته وخطبها منيه، واتفج علي إنه عيتچوزها بعد سبع سنين ، وإتفج ويا زميلته يجولوا لأبوي إنه موافج علي خطوبته من صفا، وبعد ما صفا تخلص چامعتها ياچي ويجول لأبوي إنه مجادرش يتچوز صفا لأنها أعلي منيه في العلام، وإنه رايد يتچوز من زميلته في الشغل
كانت تقف بالخارج تستمع لكلمات أبيها والتي كانت تنزل علي جسدها وتجلدهُ كسواط يُمزق كل ما يقابله، شعرت وكأن أحدهم يُمسك بسكينً حاد ويقوم بغرسهِ داخل قلبها ويطعنهُ بحدة، بطعنات متكررة
لم تعُد بحاجة إلي إستماع الباقي من التفاصيل، فقد كانت علي دراية بالبقية عندما أتي إليها قاسم وطلب منها تنفيذ الجزء الثاني من خطتة الدنيئة، عادت سريعً إلي غُرفتها وأوصدت بابها ودموعها تنساب فوق وجنتيها بغزارة من هول ما استمعت، وضعت يدها فوق فمها تكتم بها شهقاتها المتعالية وتلعن غبائها وضعفها الذي يجعل دمعاتها الملعونة مازالت تنسابُ لأجل طاعنها
أما بغرفة زيدان فاكمل هو باقي روايتهُ إلي ورد التي سألته بنبرة حزينة:
_ يعني هو رفض چوازه من زميلته لجل صفا؟
أجابها زيدان بنبرة حزينة:
_ عيجول إنه حب صفا ومرضاش يكسر وعده ليا، راح لابوها وفض الخطوبه وعرض عليهم فلوس، واكمل زيدان باقي التفاصيل التي قصها عليهم قاسم
بات الجميع بقلوب ومشاعر مُبعثرة، تائهة،
غفت بدموعها المُنسابة والتي جفت فوق وجنتيها وجف معها نبع حنينها إليها وبحر عشقها اللامنتهي
أما هو فكان يحتضن ثوبها ولم يتذوق للنوم طعم من شدة تألمه وأشتياقهُ الجارف لرؤياها ولضمة احضانها الحانية
❈-❈-❈
شق الصباح ظلام الليل وظهرت أشعة الشمس لتُعلن للدنيا عن ميلاد يومً جديد بأمال وأحلام وأمنياةٍ جديدة
ضل يُراقب منزل عمه من وراء النافذة متواري كي لا يراهُ زيدان ويترصد نزولهُ، تحرك سريعً للأسفل بعدما وجد زيدان خرج من البوابة الحديدية بعدما إستقل سيارته،
وقف أمام المنزل ودق بابه، فتحت لهُ ورد التي نظرت بحزن إلي هيأته المُبعثرة وشعرهِ المُشعث وعيناه المُنتفخة والتي تدل علي عدم نومه، ناهيكَ عن هيأتهِ ككُل وجسده الذي إفتقد بعضً من الكيلوجرامات،
شعرت بألم غزي قلبها عليه، فبرغم كُل ما حدث لإبنتها علي يده إلا أنها تعرف بحدسها أنهُ يعشق صغيرتها بل انهُ أصبح متيمً وهذا ما أستشفته من داخل عيناه الهائمة
وبرغم شعورها هذا إلا أنها إدعت الجمود وتفوهت بقوة:
_ چاي ليه يا قاسم علي الصُبح إكده
أجابها بنبرة رجل مهزوم:
_ چاي أشوف مّرتي يا مرت عمي، عاوز أجعد وياها لحالنا ونتكلموا
زفرت بضيق وتحدثت:
_ مش عمك جالك معينفعش
كاد أن يتحدث مُعترضً لكنه إبتلع لُعابهُ واهتز بعُنف قلبهُ العاشق حينما رأها تطل عليه كقمرٍ منير، فبرغم خسارتها لبعضً من وزنها وشحوب وجهها وذبولهُ، إلا أنها مازالت قمرهِ الذي أنار عُمرهِ العاتم
كانت تخرج عليه مرتدية ثيابً عملية كي تستعد إلي العودة لعملها، هتفت قاصدة بحديثها والدتها:
_ خلي المتر يتفضل يا أمّا لجل ميجول الكلمتين اللي عِنديه ونخلصوا من الزن دي
زفرت ورد وتحدثت إليها بإعتراض:
_ أبوكِ لو عِرف إنك جَابلتيه وإتحدتي وياه عيشندلنا شنديل
أجابتها صفا بإطمئنان:
_متجلجيش يا أم صفا
وأكملت وهي تنظر لذلك الواقف يتطلع عليها بعيون متلهفه تنظر لملامح وجهها بشغف ووله كما الظمأن في الصحراء في وضح النهار ، الذي وجد أمامه قنينة مياة مُثلجة:
_ المتر معيطوِلش إهنيه، هما كلمتين عيجولهم ويمشي علي طول،
وأكملت بنبرة جافة وإهانة إبتلعها هو وعذرها عليها:
_ أني أصلاً ورايا شُغل مُهم ومفضياش للحكاوي
دلفت وأشارت إليه للحُجرة الجانبية المُلصقة بالباب والخاصة بإستقبال الزائرين الأغراب وتحدثت:
_ إتفضل يا متر
تخطت بساقيها وتحرك هو خلفها وتحركت ورد إلي الداخل لتترك لهما المجال للحديث، إبتلع لُعابهُ وهتف بنبرة متلهفة وهو ينظر لعيناها بإشتياقٍ جارف:
_ وحشتيني يا نور عيني
وتحرك إليها مهرولاً وكاد أن يسحبها لداخل أحضانه الدافئة كي يطمئن روحها ويُطفئ لهيب إشتياقة إليها الذي أذاب قلبه، توقف مكانهُ حين وجدها وضعت كف يدها بوجهه في إشارة منها لتحذيرة من الإقتراب وتحدثت بنبرة صارمة:
_ خليك مكانك وخلصني وجول الكلمتين اللي چاي علشانهم
توقف ناظراً إليها والألم يُمزق داخلهُ وبنبرة مُتألمة تحدث :
_بلاش تُبجي إنتِ والدنيي عليا يا صفا ، ده أني طول المُدة اللي فاتت وأني جاعد أصبر حالي وأوسيها وأجول لها إصبري، چراحك النازفة هتطيب من أول ضمة من حُضن صفا،
صُبرت عليكِ وبعدت عنيكِ واني جلبي بيتجطع عليكِ وعموت وأخدك في حضني لچل ما أطيب چراحك، بعدت لچل ما تهدي وبعدها أچي لك وأفهمك
وأشار إليها قائلاً بنبرة تشع حنانً وعِشقً:
_خليني أخدك چوة حُضني وأنسيكِ كُل اللي حُصل يا حبيبتي
وقفت أمامهُ بشموخ وسألته بإستنكار :
_ حبيبتك؟
إنتَ مين أصلاً لچل ما تطيب چراحي چوة حُضنك ؟
أني معرفاكش، حاسه حالي بشوفك لأول مّرة، ملامحك غريبة عليا ومعارفهاش ، عِنيك كنها صحرا فاضية مفهاش غير الخراب والموت المُحتم للي يدخل في طريجها
إتسعت عيناه من حديثها المؤلم فهتف بنبرة حنون:
_أني قاسم يا صفا، قاسم البني أدم اللي إتولد من چديد علي أديكِ، قاسم اللي أول حكايته بدأت وياكِ ، قاسم اللي شاف الدنيي وعرفها وداج حلاوتها چوة عنيكِ، بين أديكِ لجيت راحتي وروحي التايهة اللي عيشت عمري كلياته وأني بدور عليها، أني قاسم يا صفا
تحاملت علي حالها كي تظهر أمامهُ بكُل هذا الثبات وتحدثت بمرارة:
_وأني صفا، صفا الهبلة اللي صدجت عيونك الكدابة، صفا اللي شافت توهتك وحيرة نفسك التايهة وضمتك لحضنها وطمنت روحك الغدارة، صفا اللي أمنت لك وضمتك لصَدرها لچل ما تشَرِبك من حنانها وتدوجك من العِشج اللي عاشت عمرها كلياته شيلاهولك إنتَ مخصوص، صفا اللي رمت حالها چوة حُضنك وغمضت عنيها وأدتك الأمان،
وأكملت بنبرة حادة :
_ صفا اللي دفعت تمن ثجتها العامية غالي ، مجنيتش من وراك إلا كل غدر وحُزن وشجي، مشفتش من وراك خير يا قاسم ، محسيتش منيك غير بسكينة غدرك اللي كُنت مداريها طول الوجت ورا ضهرك ومستني الوجت المُناسب لجل ما تطعني بيها في نُص جلبي بكُل جبروت
نظرت إليه بجمود وهتفت بنبرة جاحدة:
_ملعون أبو عشجك الكداب اللي دبحني وشج جلبي لنصين في عز فرحتي،
واكملت وهي تضع يدها فوق أحشائها:
_ده أني ملحجتش أفرح بخبر حَملي من الراچل اللي عشت عمري كلياته أحلم بيه
نظر لها بعيون متوسلة وتحدث بنبرة رجُل مُنكسر:
_ إرحميني يا صفا، كلامك عينزل علي جلبي كيف النار بيكوي ويحرج كل اللي بيجابلة في طريجه
نظرت إليه وسألته بنبرة تهكمية:
_صُح عِنديك جلب وبيحس كيف الناس يا قاسم ؟
أجابها بتأكيد وثقة:
_عِندي يا صفا، وإنتِ ساكناه ومالكة الروح يا بِت جلبي،
وأكمل بأمل ونبرة حماسية مُشجعة:
_ خليني اللول أحكي لك اللي حصل وبعدها أحب علي راسك وأخدك في حُضني ونفرح بإبننا ولا ببتنا اللي چاية، متخليش العِند يضيع فرحتنا يا صفا
ضحكت ساخرة وتحدثت:
_ عتحب علي راسي؟
كُت دوست علي رچلي من غير متجصد لجل ما تحب علي راسي وأسامحك إياك ؟
للدرچة دي شايفني مغفلة وهبلة ؟
أغمض عيناهُ بتألُم وأردف قائلاً برجاء:
_إرحميني يا صفا، أني تعبت ومجادرش أعيش من غيرك يا حبيبتي، من يوم مافوتيني وأني ملاجيش روحي چواتي، عدور علي قاسم ملاجيهوش، إرچعي لي يا بِت جلبي ورچعي لي حياتي
وأكمل بنبرة جادة:
_ فيه تفاصيل كَتير غايبة عَنيكِ ولازمن تِعرفيها لچل ما يكون حُكمك عليّ عادل
إبتسمت ساخرة وأجابتهُ بنبرة مُنكسرة:
_وفر دِفاعك ومرافعتك لجضية تكون كسبانة يا مِتر، جضيتك وياي خسرانة، لأن أي حاچة عتجولها معتغيرش إحساس الكَسرة والمذلة والشعور بالمرارة اللي ملازمني ومالي جوفي ومفارجنيش من يوم اللي حُصل
ثم دققت النظر لداخل عيناهُ النامة وسألتهُ بضعفٍ ألمَ قلبهُ وأحرقه:
_أذيتك في إيه أني يا وِلد عمي لجل ما تأذيني في جلبي وتدهس كرامتي تحت رچليك ؟
وبرغم كّم الوجع الذي أصابهُ جراء حديثها المؤلم إلا أن ما لفتْ إنتباههُ وجعلهُ يعترض هو وصفها له ومُناداته بإبن عمها، فتحدث بإعتراض بنبرة حادة:
_ أني مش وِلد عمك يا صفا، أني حبيبك اللي ساكن روحك وعشجي عيچري چوات دمك
قوست فمها وتحدثت ساخرة:
_حبيبي، حلوة الثجة اللي لساتك عتتكلم بيها دي رغم كُل اللي حُصل
تنفست بضيق وتحدثت وهي تتأهل للرحيل:
_ بيتهئ لي كفاية تضييع وجت لحد إكده يا مِتر، أني إتأخرت علي شُغلي وإنتَ كمان أكيد عنديك حاچات أهم من كلامنا اللي لا عيودي ولا عيچيب دي
أسرع عليها وأمسك ذراعها ليحثها علي عدم التحرُك،نفضت يدها رافضة لمسة يده التي أصبحت كـ نار تحرقُها فتحدث هو بإعتراض:
_ معتمشيش جبل متسمعيني وتعرفي الظروف اللي خلتني أتچوز يا صفا
نفضت يدها وباتت تمسح مكان مسكته وكأنهُ يحمل جراثيم ستلوثها وتحدثت بفحيح:
_ بعد يدك عني، وجولت لك ملوش لزوم حديتك، لأنه لا هيجدم ولا هيأخر، اللي عرفته كان كفاية جوي يا مِتر
أجابها بثقة:
_لزمن تسمعيني يا صفا، صدجيني الكلام اللي عجوله عيرضيكِ ويعرفك إن غضبك ده كِلياته مش في محله
تغاضت عن حديثه وسألتهُ بقوة:
_ لو صُح عاوزني أجعد وأسمعك يُبجا تطلجها اللول، وده شرطي الوحيد لجل ما أسمعك
إبتلع غصة مُرة من عدم إستطاعتهُ لتنفيذ رغبتها المشروعة، أخذ نفسً عميقً وزفرهُ بضيق وأردف قائلاً بنبرة بائسة حزينة:
_ مينفعش يا صفا، معجدرش أطلجها دلوك
إبتسمت بجانب فمها ونظرت إليه وتحدثت:
_وأني كمان معجدرش أسمعك دلوك
هتف مُترجيً:
_ بلاش عِند يا صفا
ردت بقوة:
_أني مبعندش، أني بجولك شرطي وإنتَ حُر في إختيارك
أجابها بيأس :
_ مهعرِفش أطلجها جبل سنه ؟
عقدت ذراعيها فوق صدرها وتحدثت بنبرة صارمة:
_ بسيطة ومحلولة يا مِتر، يُبجا نتجابل ونتحدتوا بعد سنه من دلوك
جحظت عيناه وأشتعلت روحهُ المتشوقة لضمتها وتسائل بذهول:
_كَنك إتچنيتي يا صفا، إنتِ عيزانا نُجعدوا بعيد عن حُضن بعض سنة بحالها ؟!
قوست فمها وأبتسمت ساخرة وتحدثت متعجبة مما جعل الدماء تغلي بعرقهِ:
_ ومين جال لك إن بعد السنة ماتعدي هرچع لحُضنك تاني !
واسترسلت حديثها بقوة وشموخ أنثي أبية:
_أني كلامي واضح، جولت بعد ماتطلجها هجبل أجعد وياك وأسمع مبرراتك اللي عتجول عليها دي، ووجتها هجرر وهشوف هعمل إيه، وأني وكيفي وجتها يا متر
صاح بنبرة غاضبة:
_إعجلِي حديتك يا بِت الناس وشوفي حالك عتجولي إيه ، أني صابر عليكِ لجل غلاوتك اللي في جلبي واللي إنتِ بتستغليها بحديتك دي ، بس لازمن تعرفي إن صبري ليه أخر
إقتربت عليه وتحدثت بنديه وعناد :
_أهو أني بجا عاوزه أشوف أخرك دي
امسك ذراعيها ونظر لداخل عيناها وتحدث بقوة:
_ إوعي تفكري إن صبري عليكِ إنتِ وأبوكِ ضعف مني ولا جلة حيلة، أني ممكن أشيلك دلوك وأخدك غصب ونطلع علي شُجتنا وأجولك كل اللي معيزاش تسمعيه، بس أني عاوزها تاچي منك بالرضا والعجل
نفضت يداها منه بعنف وهتفت بنبرة صارمة حادة:
_أنهي عجل وأنهي رضا اللي چاي تطالبني بيه يا متر ، هو اللي إنتَ عِملته فيا كان فيه ريحة العجل ، تطلع خاطب واحدة من سبع سنين في نفس الوجت اللي كُنت خاطبني فيه وتجول لي عجل؟
وصاحت بكُل صوتها وبنبرة غاضبة مُشتعلة:
_ تتچوزها علي وأني لساتني عروسة مكملتش شهر وتجولي عجل، أجول لك طلجها تجولي مينفعش جبل سنة وتجولي عجل؟
إنتَ خليت فيها عجل ولا منطج لجل ما أفكر وأچيك بيه !
وأكملت بنبرة حادة:
_ إسمع يا وِلد الناس أخر الحديت علشان متوجعش دماغك ودماغي معاك أكتر من إكده ، لو السما إنطبجت علي الأرض مهجعدش معاك ولا عيچمعني بيك مكان واحد من جبل متطلج اللي إتچوزتها علي وكسرتني جِدام الكِل،
وأكملت بنبرة حازمة:
_جبل إكده معيزاش أشوف وشك جدامي، إحنا كان بيناتنا عجد ووعد وإنتَ أخليت بيه ، ورتبت حياتك وأمورك بالشكل اللي يريحك ويناسب ظروفك،
وأكملت بندية:
_ أظن أني كمان من حجي أرتب حياتي كيف ميحلالي وبالشكل اللي يناسبني ويريحني
وأردفت قائلة بنبرة صارمة وهي تُنهي الحديث:
_ ومن إهنيه لحد ما السنة اللي جولت عليها تعدي ياريت مشوفش طلعتك البهيه جدامي تاني،
واكملت بنبرة تهديدية:
_ وإلا قسماً بالله، عتشوف وش تاني لصفا وعتصرف بطريجة معتحبهاش لا أنتَ ولا حَامي الحِمي چدك
قالت كلماتها وأسرعت مُنسحبة إلي الباب وفتحته، أسرع إليها وأمسك ذراعها بقوة وهتف بنبرة حادة:
_ وجفي عِنديك رايحة فين ، لساتني مخلصتش كلامي
نفضت يدهُ بقوة وتحدثت بنبرة صوت حاسمة:
_ بس أني خلصت كلامي وجولت لك اللي عِندي، لما تنفذ لي شرطي أُبجي تعالي، وساعتها هبجا أسمع مبرراتك اللي أني متوكدة إنها معتفرجش وياي، ولا عتغير وجهة نظري في اللي عِملته معاي
جن جنونهُ من حديثها الذي أشعلهُ عندما شعر بإبتعادها عن عالمه، أمسك ذراعها وجذبها إليه مقربً إياها بالإجبار وتحدث:
_ وبعدهالك في دماغك الناشفة ، مش كُنا خلصنا منيه العِند ونشفان الدماغ دي ؟
خرجت ورد علي صوت صياحهما علي عُجالة من داخل المطبخ، هرولت إلي إبنتها سريعً وأمسكت قبضة قاسم محاولة فكاكها عن ذراع إبنتها التي تقف بصمود وشجاعة وهي تنظر إليه بنظرات ثابتة برغم الألم التي تشعر به جراء قبضتة القوية التي لم يشعر هو بقوتها من شدة غليانة
صاحت ورد به بنبرة غاضبة:
_ إتخبلت إياك يا قاسم، بعد يدك عنها لأتصل بعمك ياچي لك
نظر لها بقوة وتحدث بنبرة رجُل فاقد العقل:
_ إعملي اللي علي كيفك يا مّرت عمي، فاكراني خايف منيه إياك؟
ثم نظر إلي صفا وتحدث وهو يصك علي أسنانه من شدة غيظه:
_ تعالي معاي نطلعوا علي شُجتنا عشان نعرف نتفاهم صُح،
وأكمل ليطمأنها:
_ وصدجيني هراضيكِ يا صفا، عفهمك وعخليكي تصفي
هتفت بنبرة قاطعة:
_وأني جولت أخر كلام عِندي، ولو جطعت من چسمي معتحركش معاك خطوة ولا عسمع منيك كلمة واحدة جَبل ما شرطي يتنفذ
سألها بغضب :
_عتتشرطي علي چوزك يا صفا، إعجلي يا بِت الناس وإوعي لحالك
تحدثت ورد بقوة ومازالت تحاول فكاك قبضة ذاك القاسم الذي يقبض عليها وكأنها فريسة تحت يد أسدٍ چائع:
_ سيبها يا قاسم، ناسي إنها حِبلة إياك، ولا عاوز تأذي عيلك كيف ما أذيتها يا حزين ؟
نزلت جملة ورد علي قلبه أشعرته بدونيته وجعلته يستفيق من حالة الغضب التي تملكت منه،
فك وثاق يده وتحدث بنبرة صارمة:
_ أني هصبر عليكِ بس لجل غلاوتك عِندي، بس زي ماجولت لك يا صفا، صبري عليكِ ليه حدود
قال كلماته وخرج كالإعصار المُدمر
أما ورد فتحدثت بنبرة غاضبة :
_ اللي حُصل ده معيتسكتش عليه واصل ، أني لازمن أجول لأبوكِ ويروح لچدك لجل ما يوجفوه عِند حده المخبول دِه
أجابتها صفا بقوة:
_ ملوش داعي تكبري المواضيع يا أم صفا، هو معيجيش إهنيه تاني بعد اللي سمعه مني
رمقتها والدتها بنظرة حارقة وتحدثت بنبرة غاضبة:
_ كنك إتخبلتي يا صفا، عاوزاني أسكت كيف بعد ما چات له الجرأة إنه ياچي لحد إهنيه ويهدد بِتي في جلب بيتها، وكُمان كان عاوز يمد يده عليكِ ويجُرك وياه بالغصب
تنهدت صفا وتحدثت بنبرة بها بعض التعاطف:
_ مكانش عيعمل حاچة يا أمّا، هو دلوك عامل كيف الفرخة المدبوحة وبيفرفر، بس هو معيأذنيش واصل، أني متوكده
قالت كلماتها وانسحبت بإتجاه الجراچ، إستقلت سيارتها وتحركت إلي المشفي، وجدت إستقبالٍ حار من جميع موظفي المشفي وأصدقائها الذين إفتقدوا روحها التي تشعرهم بروح الجماعة وروعة العمل المشترك
تحرك إليها ياسر ورحب بها بحفاوة عالية، وأعتذر لها علي عدم زيارته لها طيلة الفترة المُنصرمة، وفسر ذلك بالحفاظ علي مشاعر فارس وعدم إثارة غضبة وغيرته بخصوص مريم،عذرته صفا بل وأحترمت تصرفهُ الأخلاقي، وشكرته وأثنت علي إحترامة الكبير لشخصه ولغيرة
بعد مدة داخل مكتبها، دلف إليها طفلً في الخامسة من عمره يُدعي مروان، إبتسمت له حين رأت برائة ملامحهُ الطفولية، وكعادتها مع الصغار أخرجت إحدي حبات الشيكولاته ومدت يدهها بها إليه وتحدثت بنبرة حنون:
_ البطل بتاعي كيفه
إبتسم لها الصَغير ومد يدهُ سريعً يلتقط حبة الحلوي وشكرها بلطف، وبدأت هي بمعاينتهُ وفحصهُ وتحدثت والدته بنبرة مهمومة:
_ معرفاش الانيميا مرضياش تسيب جسده ليه يا دَكتورة، عِملت معاه اللي مايتعمل وبردك مافيش فايدة
أجابتها صفا بهدوء :
_معلش، هي الأنيميا علاچها بياخد وجت مع الأطفال، بس إنتِ شكلك مكتيش بتابعي مع الدكاترة المّدة اللي فاتت
أجابتها المرأة :
_ مروان مكانش راضي ياچي لما عرف إنك مش إهنيه يا دكتورة،
وأكملت بإبتسامة:
_ ألف بركة علي الحَبل يا دكتورة وربنا يتمم لك علي خير،
وأكملت بتفسير:
_لما غِيبتي الوجت ده كلياته روحنا وسألنا الغفير سالم اللي علي بوابة السرايا، وهو اللي جال لنا إنك حِبله ومعتطلعيش بأمر من الدكتورة أمل ، كان نفسي ادخل أطمن عليكِ أني والحريم، بس خفنا للحاچ عِثمان يتضايج، عارفينه معيحبش الزيطة
إبتسمت لها صفا وشكرتها بحفاوة ، بالفعل لم يدري أحداً من أهل النجع بما دار داخل السرايا من حربٍ وقذائف متبادلة بين أطراف جميع العائلة ، فهذا هو حال عائلة عِثمان المُصغرة، ما يدور داخل المنزل من المستحيل أن يخرج خارج أسوار السرايا،
والكُل يعلم قانون عِثمان الصارم فيمن يتهاون بإفشاء أسرار عائلتة، فجزائهُ بالتأكيد سيكون أكبر مما يتخيلهُ عقل حتي ولو كانت رسمية بذاتها، وهذا ما يخشاه الجميع ويهابون الدخول داخل تلك النقطة المُحرمة
خرجت المرأة ودلف يزن بوجههِ الصابح وأبتسامته المُشرقة التي تُشفي العليل من جراحه
هتف بنبرة سعيدة مُرحبً بشقيقته:
_ وأني أجول المستشفي منورة بزيادة ليه إنهاردة، أتاري الدكتورة صفا خطت برچلها فيها من چديد، حمدالله علي السلامه يا خيتي
إبتسمت بخفوت وأجابته :
_ الله يسلمك يا أخوي.
أردف قائلاً بإستحسان :
_لما لجيت المستشفي زحمة والناس ملجياش مكان تُجعد فيه، عِرفت وجتها إنك چيتي، الناس عتحبك جوي يا صفا،وخصوصي العيال اللصغيرة، كانوا بياچوا يلاجوا ياسر في وشهم يصرخوا ويرچعوا تاني
ضحكت صفا بشدة وأكمل يزن مفسراً:
_ مش تجليل من ياسر لاسمح الله، بس العيال عتحب الدكتور اللين اللي عيضحك في وشهم ويطمن خوف جلوبهم
وضحك وأكمل حديثهُ وهو يُشير إلي عُلبة الشيكولاتة الموضوعة فوق مكتبها:
_ ده غير الشيكولاتة الفاخرة اللي عتفرجيها عليهم
كانت تستمع إلي حديثهُ وتبتسم بخفوت وقلبٍ يابس يُشبه الأموات، شعر بها فتحدث إليها ناصحً إياها بأخويه:
_ عجولك علي نصيحة بس معايزكيش تفهميني غلط يا صفا،
أومأت له وأجابتهُ بنبرة واثقة قوية:
_ عمري ما أفهمك غلط يا يزن، إتكلم براحتك وإطمن
تنفس براحة وأردف قائلاً بتأكيد:
_ إوعي تتهاوني في السماح يا صفا، مش معني إكده إني بحرضك علي قاسم ولا بطلب منيكِ تسيبيه، بس أني عاوزك جوية وشامخة كيف ما أتعودنا عليكِ، لو سامحتي بسهولة اللي جِدامك معيتعلمش من أغلاطه وعيرچع يدوس عليكِ ويچرحك من تاني،
وأكمل مفسراً:
_ مهو ملجاش منيكِ العجاب الرادع اللي يخليه يفكر بدل المرة ألف جبل ما يرچع يعيدها
لكن لو داج الويل والمُر وأتعاجب في بعدك عنيه، مستحيل يفكر يعيدها ولا حتي يمس كرامتك من بعيد
واسترسل حديثهُ بصدقٍ خالص لوجه الله:
_ربنا يعلم إني عجولك نصيحتي خالصة لوچه الله ولأنك أختي اللي عخاف عليها ويهمني شكلك جدام نفسك جَبل الناس
أومأت له بإبتسامة خافتة وتحدثت بنبرة صارمة:
_ عارفة وفاهمة كلامك زين ، متخافش علي يا يزن، أني بِت زيدان النُعماني وتربيته، وهعرف أخد حجي زين من اللي ظلموني وأستباحوا حُرمتي، وحجي هاخده بالإصول وبالأدب كيف ما رباني زيدان النُعماني
__________
تحرك يزن من غرفة صفا مُتجهً إلي مكتب التي خطفت أنفاسهُ عن جديد وحَرمت علي عيناه النوم، سأل السكرتيرة الجالسة أمام مكتبها والمسؤلة عن تُنظم ودخول المرضي إليها،سألها عن وجود مرضي بالداخل فأجابتهُ بلا، دق بابها ودلف بعدما سمحت إليه هي
نظر إليها وكعادته مؤخراً رفرف قلبهُ وكاد أن يترك صدرهُ ويجري عليها ليحتضنها ويتنعم داخل قلبها الحنون، يكادُ يجزمُ بأنها تمتلك فيضً من الحنان لو تفرق علي بِلدةً سيُفيض،
تمالك من حالة الولهْ والهيام اللتان تُصيبهُ خلال حضرتها وتحدث بنبرة هادئة أخرجها بصعوبة:
_ كيفك يا دَكتورة؟
كانت تنظر إلي طلته البهية التي تُنعش قلبها وتُعطيه دفعة لإكمال يومها بتفاؤل وسعادة وتحدثت:
_ أنا تمام جداً، إنتَ كويس ؟
لم يستطع التحكُم بحاله فأجابها بنبرة حنون وعينان راغبة للمزيد من النظر والتشبُع لسحر مقلتيها:
_ ببجي كويس لما بشوفك يا أمل
إهتز داخلها وشعرت بعشقهِ البرئ يغزو قلبها المغدور، لكنها وكعادتها كظمت وضغطت علي ذلك العشق كي يختنق قبل ان يُولد بداخلها "ولكن " هل حقاً هو لم يُولد بَعد أيتُها الجميلة؟
وإلي متي ستستطيعين خنق عشق ذلك الخلوق داخلك أيتها المسكينة
كانت تخنق عشقهُ داخلها لسببين، أهمهما أنهُ رجُل متزوج وليست هي بالمرأة السيئة التي تسمح لحالها بأن تأخذ رجل غيرها من النساء، حتي ولو كان زواجً صوري مثلما أعلمها يزن، والسبب الآخر هو تجربتها المريرة التي قررت عدم الخوض بإعادتها مرةً آخري مهما كلفها الآمر من تحمل أوجاع
تحدثت بنبرة جادة وملامح صارمة كي تُلهيه عن إكمال حديثهُ المعسول الذي يمس قلبها مباشرةً :
_كويس إنك جيت، انا كُنت لسه هطلبك في التليفون
أمسك ياقة قميصهُ العلوي وتحدث بمفاخرة مُصطنعة ممزوجة بنبرة عاشقة :
_ ما أني عارف إنك مبجتيش تِعرفي تستغني عن شوفتي يوم واحد ، وعشان إكده سيبت كل اللي وراي وچيت لك طوالي
إبتسمت بجانب فمها وتحدثت:
_ هو أنتَ ماتعرفش تتكلم كلمتين جد علي بعض،
وأكملت بنبرة جادة:
_ كُنت محتاچة منك تضيف بند حَضَانة جديدة في موازنة المستشفي، حَضَانة واحدة مش كفاية خالص وخصوصاً إن الميتشفي قدرت في وقت بسيط تسمع وتثبت جدارتها، واصبح بييجي لنا مرضي من كُل أنحاء المركز
رمقها بنظرة تعجُب من قلبها المتيبس وأردف قائلاً بدُعابة:
_ يا أباااااي عليكِ يا أمل، مفيش مرة ادخل عليكِ من غير ما تطلبي مني حاچة، عاملة كيف الحُرمة الرطاطة اللي أول ما تشوف چوزها داخل عليها تفتح في لستة الطلبات
إبتسمت برقة علي تشبيهاته العجيبة وحديثهُ المُضحك
نظر لها وتحدث بنبرة حنون وحديث ذات معني :
_ حاضر يا أمل، إنتِ تؤمري ويزن عليه التنفيذ.
إبتلعت لُعابها وتحول وجهها إلي وردي من شدة خجلها، بات كلاهُما ينظر داخل عيناي الآخر بإنجذاب شديد وجسدٍ يلتهبُ من شدة شرارة العشق الذي أصابَ كليهُما، ذاب قلبها من نظرته وإنسجمت معه لأبعد حد متناسيين الزمان وحتي المكان،
إنتوي الأن في قرار نفسهِ أن يعترف لها بعشقها الذي إستحوذ علي قلبهِ الذي يُشبهُ الأطفال في برائته، أخرجهُما مما هما عليه رنين هاتفها،
تحمحمت وسحبت بصرها بعيداً عنه بخجل وهي تلعن ضعفها ، سحبت هاتفها ورفعته إلي وجهها كي تري من المُتصل، إتسعت عيناها بذهول وتجهمت ملامح وجهها وتحولت لغاضبة حين ظهر لها رقم المتصل علي تطبيق التريكولور، ولم يكُن غير ذاك الندل بائع قلبها ومحطم كبريائها
إستغرب حالتها وتغييرها المُفاجئ وسألها بإهتمام حين وجدها تنظر بشاشة الهاتف دون ان تُجيب :
_ فيه حاچة يا أمل؟
فاقت من شرودها ونظرت إليه وتحدثت بملامج جامدة:
_ مافيش حاجة يا باشمهندس
سألها بتوجس وغيرة غزت قلبه :
_ طب مين اللي إتصل عليكِ وجلب ملامح وشك إكده ؟
صدح صوت الهاتف مرةً آخري بإسم وائل بعدما إنتهي، نظرت إليه بنفس الملامح، وبتصرف جديداً وغريبً عليه تحرك إليها وجذب الهاتف من يدها ونظر به، وجد إسم دكتور وائل،
إشتعل جسدهِ من شدة الغيرة وسألها بنبرة حادة وعيون تطلقٌ شزراً :
_ يطلع مين وائل اللي عيتصل عليكِ دي ؟
واكمل بصياحٍ عالّ:
_ ردي علي يا أمل
إنتفضت من جلستها بغضب وتحركت إليه سريعً وأختطفت هاتفها من بين كف يده وصاحت بنبرة غاضبه وملامح وجه حادة:
_ إيه التصرف الهمجي ده يا باشمهندس، إنتَ إزاي تسمح لنفسك تقتحم خصوصياتي وتاخد فوني بالطريقة السوقية دي، ثم بأي صفه واقف قدامي وبتسألني عن تفاصيل حياتي الشخصية ؟
وأكملت بعيون مشتعلة وكأنها تُخرج به كل غضبها وحزنها وإنكسارها الذي أصاب روحها عندما نظرت بشاشة الهاتف ووجدت إسم خائن عهدها :
_ يا ريت يا باشمهندس تراعي حدود الزمالة اللي بينا وماتتخطهاش، لأني مش هسمح لك بعد كده بتكرار السخافة اللي حصلت من حضرتك دي
شعر بعالمه الوردي الذي بات يُبنية ويُشيدُ صَرحهُ العالي ويتخيلهُ بصحبتها، شعر وكأنه إنهار بلحظة فوق رأسهِ وأصبح رُكامً وحطام
إبتلع غصة مريرة داخل حلقه جراء حديثها المُهين لشخصه ورجولته، لعن حالهُ وغبائه الذي صور لهُ بأنها أصبحت الأقرب لروحه وبأنها تُبادلهُ نفس مشاعرهِ الجياشة
رفع قامته لأعلي بعدما إستعاد توازنهُ وتحدث بنبرة قوية شامخة :
_ حجك عليا يا دَكتورة، وسامحيني علي غبائي اللي معيتكررش تاني واصل، وأوعدك إن دي أخر مَرة عدخل عنديكِ المكتب أو عنتكلموا فيها من الأساس
وأكمل بملامح وجه صارمة:
_ من إنهاردة أي حاچة تعوزيها بخصوص شغلك تطلبيها من الدَكتور ياسر
وأكمل وهو يُعطيها ظهرهُ مُنسحبً إلي الباب:
_ وتمسحي رقمي من عنديكِ لأن من إنهاردة معيبجاش فيه تعامل ببناتنا نهائيّ
خرج وصفق خلفهُ الباب، أما هي فكانت مصدومة من رد فعله ومن حديثها المهين إليه، لا تعرف لما فعلت وقالت ما قالته وذبحت به روح ذلك الخلوق
إرتمت فوق مقعدها بإنهيارٍ
خرج يزن من مكتبها كالبركان الثائر، وتحرك إلي باب المشفي، وجد صفا تتحدث بصياح مع رجال كمال أبو الحسن المرشح الحُر أمام والدها بنفس الدائرة الإنتخابية
صفا بنبرة عاليه للرجال الذين يقومون بتعليق اللافتات الإنتخابيه التي تحمل إسم كمال داخل حديقة المشفي وآخرون يقومون بلصق صور الدعاية علي جدران المشفي الخارجية والداخلية بإستفزاز :
_ شيل يا چدع إنتَ وهو الصور اللي عتعلجوها دي، وإطلعوا بره المستشفي بدل ما اطلب لكم الأمن ياجوا ياخدوكم
حدثها أحدهم بفظاظة:
_ عتطلبي لنا الأمن بتهمة إيه إن شاء الله، إحنا بنعملوا دعاية لنائب الدايرة اللي هينچح بإكتساح جِدام أي حد يجف جِدامه
لم يدري بحاله إلا وهو يهجم عليه كالأسد الغاضب ويُسدد له عدة لكمات متتالية شوهت وجه الرجُل، أمسكهُ من تلابيب جلبابه وهتف بنبرة غاضبة:
_ تاخد شوية النسوان اللي ساحبهم وياك دول وتخرچوا من النچع حالاً، وإلا يمين بالله عربطكم في النخل اللي المستشفي إهنيه، ولو في بلدكم راچل يُبجا ياچي يوريني حاله ويفرچني عيفكُكم كيف
جرت عليه صفا وجميع رجال المشفي ليقوموا بتخليص ذلك الأبله الذي وقف بوجه الأسد وهو جريح،
وأكمل يزن بنبرة مشتعلة:
_ وبلغ النايب الخيبان بتاعك وجول له يزن النُعماني عيجول لك، لو راچل تدلي برچلك النجع إهنيه وشوف اللي عيچري لك علي إديه
ثم قام بتنزيل الرجل الذي يصعد السُلم لتعليق اللافتة وسدد لهُ هو الآخر بعض اللكمات، وقام بحمل السُلم ورماه بعيداً بطريقة مُرعبة للجميع، مما جعل الرجال يفرون هاربون بسياراتهم كالجرذان من أمام ذلك الثائر
تحرك كالمجنون وقام بتقطيع جميع اللافتات وإزالة الصور الدعائية المُلصقة
كانت تُشاهد ما يحدث من ذلك الغاضب بقلبٍ حزين مُتألم، تعلم أنها وبتصرفها الغير مقصود هي من وصلته لتلك الحالة
تحدثت صفا إليه بهدوء:
_ إهدي يا يزن، مالك يا أخوي، الموضوع مكانش يستاهل غضبك ده كلياته وضربك للناس
كان يستمع إليها ومازال جسده مشتعل ناراً وهو يقوم بإزالة الصور بطريقة غاضپة دعت إستغراب كُل من حولة
إقتربت أمل عليه وتحدثت بحذر وهي تُمسك يده التي تُزيل الصور والتي كانت تنزف الدماء:
_ إيدك مجروحة، خليني أطهرها لك
جذب يدهُ منها بطريقة عنيفة وهتف بها بحدة وهو يرمقها بنظرات كارهه لحاله قبلها:
_ بَعدي يدك
إرتعبت من صرخته بها وتراجعت للخلف برُعب وألم ، رمقها بإشمئزاز وتحرك سريعً إلي سيارته وأستقلها وخرج بسرعة عاليه
نظرت صفا علي أثرهِ بإستغراب لحالته ثم حولت بصرها إلي أمل الباكية وجسدها ينتفض، تحركت إليها وسحبتها من يدها ودلفتا للداخل
حين هتف ياسر بصياحٍ عالّ في الواقفون يلتفون حول المكان ويشاهدون ما حدث:
_ يلا يا جماعة لو سمحتم كل واحد علي مكانه
إنفض الجَمع، الموظفون للداخل وعامة الناس خرجوا لمتابعة أعمالهم وانتهي الأمر
أما أمل التي بدأت بقص ما دار بينها وببن يزن بعد إلحاح من صفا التي أصّرت علي أمل كي تُخرج ما في صدرها وتُريحهُ
________________
عِند كمال ابوالحسن
وقف يتحدث بإستشاطة:
_ واللا عالّ، مبجاش إلا العيال اللصغيرة كُمان اللي عيطوحوا رچالتي ويبعتولي تهديد علي لسانهم، دي البسَه كلت عيالها يا رچاله
إنتفض شقيقهُ من جلسته وتحدث بنبرة حقودة:
_ كله من المحامي الملعون اللي إسميه قاسم، لولاه ولا كان حد هيدري إن الحِزب إتخلي عنيك وعتترشح فردي، ولا كان كَلب في المركز كلياته جدر يترشح جِصادك
هز كمال رأسهُ لشقيقهُ وتحدث بنبرة ذات مغزي:
_ يظهر إني لازمن أتصرف مع العيلة دي بطريجة تانية، لو فضلنا ماشيين علي إكده لحد الإنتخابات، زيدان عياخد كرسي المجلس مني بإكتساح
وأكمل بحقدٍ دفين:
_ زيدان داير هو وعيلته في النچوع اللي حوالينا يزورو كُبراتها والكُل مرحب بيه، إمبارح إدليت نچع أبو علي وروحت دوار العُمدة لچل ما أوصيه يديني أصوات بلده، جالي مزعلش منيه بس الحاچ عِثمان خِيره كَتير علي أهل النچع والكُل عَيدوا أصواتهم لولده زيدان
❈-❈-❈
داخل مسكن فارس
خرجت مريم من غرفتها وجدت فارس يتوسط الاريكة وينظر إلي شاشة التلفاز بملامح شارده، تحركت إليه وجلست بجانبه وبدون مُقدمات رمت حالها داخل أحضانه قائلة:
_ حجك علي يا حبيبي، متزعلش مني
إستغرب تصرفها وهو الذي بات يُراضيها عدة مّرات وكانت ترفض مُراضاته بشدة، حُزنً وأعتراضً علي صمتهِ المُخزي أمام ظُلم أخيه البين لإبنة عمها
تحدث مُتعجبً وهو يضع يدهُ علي جبهتها :
_ إنتِ عيانه يا مريم ولا إيه
تنهدت براحة وتحدثت بنبرة حنون:
_ يزن أخوي كلمني إمبارح ولامني، جالي إن مليكش ذنب في اللي حُصل، جالي كمان إن مكانش جِدامك حل غير السكوت وإنك تداري علي أخوك عشان خايف عليه من غضب چدك
خرجت من داخل أحضانه ثم وضعت كف يدها علي وجنته وتحدثت بإستعطاف:
_ أني بس ليا عِندك طلب يا فارس
نظر لداخل عيناها ورفع كف يدها ووضع عليه قُبلة إشتياق وتحدث بنبرة حنون:
_ أؤمريني يا حبيبتي
إبتلعت لُعابها وتحول وجهها إلي وردي من شدة خجلها من نظراته الراغبة وتحدثت بدلال:
_ عوزاك متخبيش علي حاچة بعد إكده، عاوزه أحس إننا واحد
واكملت بدلال أنهي علي ما تبقي من صبره:
_ مش أني بردك مّرتك اللي عتحبها يا فارس
أجابها بعيون مشتعلة بالرغبة :
_ إنتِ مّرتي اللي عِشجها بيچري في دمي يا مريم
وقف سريعً وقام بحملِها وتحرك إلي داخل غرفتهما تحت سعادتها التي وصلت عنان السماء
❈-❈-❈
بعد مرور حوالي ثلاثة أسابيع آخري
في وقتٍ مُتأخر من الليل
دلفت إلي حديقة المنزل بعدما فتح لها الغفير البوابة وهي تصرخ بكُل صوتها قائلة:
_يا أخووووووي، مكانش يومك يا حبيبي ، يا حرقة جلبي عليك يا جلب أختك
فزع جميع من بالمنزل وفاقوا علي صريخ عَلية التي أتت لتخبرهم بالخبر الذي نزل علي قلبها فزلزلة، بلمح البصر كان جميع من بالمنزل يحاوطون تلك الصارخة ويتسائلون بهلع عن ما حدث
تحدث عثمان بقلبٍ يرتجف خشية إستماعة لتأكيدها لما يُخبرةُ بهِ حدسة منذ الصباح :
_ إجفلي خاشمك وبطلي عويل وجولي لي إية اللي حُصل يا بِت ؟
أجابتة بصراخ وانهيار :
_زيدان أخوي إنجتل يا أبووووي
إستمع الجميع لإرتطام شئ قوي بالأرض مما أحدث صوتً عالياً، حول الجميع بصرهم بإتجاة خروج الصوت وجدوها فايقة التي وقعت مغشيً عليها من واقع صدمتها من ذلك الخبر المشؤوم
صرخت ورد وصفا بإسم غاليهم وانضمت رسمية إلي فايقة لتجاورها السقوط
إنتهي البارت
تكملة الرواية من هناااااااا
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا