رواية قلبي بنارها مغرم الفصل السادس عشر والسابع عشر والثامن عشر والتاسع عشر والعشرين بقلم روز أمين كاملة
رواية قلبي بنارها مغرم الفصل السادس عشر والسابع عشر والثامن عشر والتاسع عشر والعشرين بقلم روز أمين كاملة
16💘17
صعدت صفا من جديد لذلك الذي أصابهُ شعوراً بالوحدة وعدم الراحة من مجرد إبتعادها عنه لمدة دقائق معدودة،، وما أن رأها حتي إستكانت روحهُ دائمة التشتُت، ألقت علية نظرات خجلة وتسمرت بوقفتِها تفرك كفيها ببعضيهما بتوتر، لم تَعي ما يجب عليها فعله،
بادر هو بالحديث كي يُخرجها مما هي علية :
_ أظن چوعتي دالوك ؟
نظرت إلية وهزت رأسها بإيماءة خفيفة، فحقاً كانت أحشائها تتلوي من شدة شعورها بالجوع لعدم تناولها عشائها بالأمس
إقترب منها وتحدث وهو يحسها علي التحرك بجانبهُ قائلاً :
_ تعالي معايا علي المطبخ نشوف الحاچات اللي مرت عمي چيباها لنا، أكيد فيها وكل.
أطاعتة بطريقة أثارت داخله وتحركا معاً، وبدأ هو برص الطعام اللذيذ المُعد من قِبلْ ورد فوق المنضدة الموضوعة داخل المطبخ و جلسا كلاهما وبدأ بتناول فطورهما بشهية عالية وذلك لشدة جوعهما، فحتي هو حرم علي حالهِ الطعام ليلة أمس وغفي دون أن يتناول عشائة ليُشاركُها حتي جوعها .
كانت تتناول طعامها وتمضُغهُ بهدوءٍ وهي تنظر داخل صَحنها خجلاً، أما هو فكان يتناول طعامةِ مُسلطً بصرهِ فوق ملامح وجهها بتمعن وانبهار
تحدث كي يكسر حاجز الصمت بينهما :
_ نمتي زين إمبارح ؟
رفعت نظرها إلية بهدوء وهزت رأسها بإيماءة صامتة
تفأكمل هو كي يُزيل عنها خجلها وغضبها ويجعلها تتناسي ما حدث بينهما بالأمس وتندمج معه بالحديث :
_ أني كمان نمت ومحسيتش بحالي من كُتر التعب
وأكمل ليُلهيها بالحديث :
_اليومين اللي فاتوا كانوا مُتعبين جوي بالنسبة لي ،، جضيتهم واجف علي رچلي لجل ما أرحب بالضيوف ، حتي الكام يوم اللي جبلهم جضيتهم بين المرافعات في المحكمة والشغل طول الوجت في المكتب لجل ما أخلص اللي وراي جبل ما أخد أجازة الچواز .
نظرت إلية وتساءلت بإهتمام : هو آنتَ بتترافع جِدام هيئة المستشارين زي ما بنشوف في التَلفَزيون إكدة ؟
إبتسم بسعادة وراحة غزت قلبه علي أنهُ إستطاع سحبها إلي عالمه وأجابها بنبرة واثقة تصل لحد الغرور :
_ وأحسن من اللي عتشوفيهم في التَلفَزيون كَمان، وِلد عمك محامي واعر جوي ولية هيبتة في جاعات المحاكم
كانت تستمع إلية بعيون لامعة وأبتسامة واسعة إعتلت شفتاها وأردفت قائلة بإطراء :
_ طول عمرك وإنتَ شاطر و مُميز يا قاسم .
إبتسم لها وتحدث مُداعبً إياها :
_ طالع لبِت عمي،
وأكمل بنبرة هادئة ناعمة :
_ إنتِ كمان يا صفا من صُغرك وإنتَ شاطرة وعارفة ومحددة هدفك زين
وأكمل بتأكيد :
_ و وصلتي له
أصابتها خيبة أمل من حديثة وحدثت حالها بتألُم،، نعم حققتُ بعض أهدافي ، لكن بقي أعظمهم وأسماهم ، وهو وصولي لقلعة عشقك وأقتحامها قاسمي .
توقفت عن الطعام وأمسكت مِحرمه ورقية نظفت بها يدها وشفتاها بعناية، فتحدث وهو يُشير إلي صَحنها :
_ كملي وكلك يا صفا
أرجعت ظهرها مستندة بهِ إلي خلف مقعدها وتحدثت بهدوء :
_ شِبعت الحمد لله.
أراد أن يستدعي مرحها وأبتسامتها الخَلابة وذلك بعدما رأي نظرة إنكسار داخل عيناها لم يدري سببها فتحدث قائلاً بدُعابة :
_ طب بتعرفي تِعملي جهوة زين ولا أني إدبست وإتچوزت ست ببت فاشلة.
إنتعش قلبها من كلمة تزوجت، فكم كانت تشعر بالسعادة من مجرد ربط إسميهما معاً حتي بعد كُل ما جري لها من عِشقهِ الملعون، وكيف لها أن تتحكم في قلبها، عاشق قاسمُها حتي النُخاع .
هتفت إلية بنبرة واثقة :
_ هي مين دي اللي فاشلة يا آُستاذ.
وأكملت بتفاخر مُصطنع وهي ترفع قامتها وتُشير بيدها علي حالها :
_ اللي واجفة جِدامك دي و بلا فخر بتعمل جهوة عظمة،، بدليل إن أبوي مهيشربش جهوته إلا من يدي، حتي أمي مهتعرفش تظبطها له كيف ما بتظبُطها صفا.
إبتسم لها ساخراً وتحدث إليها مُستفزاً ليستدعي حماسها أكثر :
_والله الماية تكدب الغطاس ، وادي الجهوة وادي البوتچاز.
وأكمل مُشيراً لها نحو المُوقد :
_ إتفضلي وريني إبداعاتك يا ست صفا وأني اللي هحكم بنفسي .
وقفت بكل كبرياء وبدأت بصُنع القهوة وبدأ هو بمساعدتها في لملمة الصُحون من فوق المنضدة ووضعها داخل الحوض إستعداداً لجليِها
ضيقت عيناها مُستغربه تصرفاتهِ البعيدة كل البعد عن طابع الرجل الصعيدي المتعارف علية داخل عائلتهم وتساءلت مُستفسرة :
_ إنتَ بتعمل إية يا قاسم ؟
أجابها وهو يُضبضب ما تبقي من الأشياء :
_بلملم الإطباق وهحط لك الصواني والحِلل في التلاچة عشان الأكل ميخسرش من حَر المطبخ.
نظرت لهُ بإعجاب ثم تحدثت بنبرة مُستفزة كي ترد له جزءً من مُداعباتهِ :
_ يا ويلك يا سواد ليلك لو مَرت عمي شَافاتك وإنت عَم تِلم السُفرة وماسك بيدك الفُوطة وعَم تلملم بواجي الوَكل إكدة
أجابها مُكملاً ما يفعلهُ بنبرة إعتزاز :
_و أمي أيه اللي عيزعِلها إني بنضف مكان وكلي والفَوضي اللي عِملتها بنفسي ؟
المفروض إن الحياة مشاركة وكل واحد فينا ليه دور وعلية مسؤليات،، وبعدين أني متعود علي إكده.
وأكمل وهو ينظر إليها بإبتسامة مُذكراً إياها :
_ ناسية إني عايش لحالي وواخد علي إكدة إياك؟
أجابتهُ وهي تُفرغ ما بداخل القَدر الخاص بصُنع القهوة إلي تلك الأقداح الصغيرة المُخصصة للشراب بها :
_أيوة ده وإنت جاعد لحالك مش معاي .
وأكملت وهي تحمل الصَنية بين ساعديها وتتهيئ للخروج إلي غرفة المعيشة ليتناولا بها القهوة :
_ بلاش تعمل إكدة تاني يا قاسم ، أني منجصاش مشاكل وَيَا مَرت عمي الله يرضي عليك .
قالت كلماتِها وتحركت إلي الخارج بإتجاة بهو الشَقة، وضعت ما بيدها فوق المنضدة وجلست فوق الأريكة بعدما أشعلت شاشة جِهاز التِلفاز وأمسكت جهاز التحكم به وثبتتهُ علي إحدي القنوات الإخبارية
جاورها الجلوس بأريكتها ولكن بعيداً عنها كي لا يُزعجها، بسطت يدها إلية ومدتها بقدح قهوتهِ
فتناولهُ منها وقربهُ من أنفهِ وأشتم عَبقَها وهو مُغمض العينان ثم همهمَ بإرتياح وتحدث مُتعجبً :
_ ده أية المزاچ العالي جوي دِه ؟
نظرت إلية ولراحتهِ الظاهرة علي ملامح وجههِ وتساءلت بإبتسامة :
_ عچبتك ريحتها ؟
أجابها بملامح هائمة وما زال مُغمض العينان ويشتم عَبق قهوتهِ بإستمتاع :
_ جوي جوي .
تحدثت بنبرة حماسية :
_ دِه بُن مخصوص مهتلجيش ليه مثيل في مصر كِلياتها ، أحمد سِليمان المُصدر اللي أبوي بيشتغل وَياه بيبعت يجيبه مَخصوص من البرازيل وبيعمل حساب أبوي معاه.
تحدث إليها بعدما إرتشف أول رشفة من قهوتها التي وبالفعل تأكد من تميُزها ويكادُ يُجزم بأنها أفضل قدح قهوة إرتشفهُ طيلة حياته :
_ تسلم يدك يا دَكتورة ،، الجَهوة عظيمة بجد.
إبتسمت بخفة وتحدثت بهدوء :
_ بألف هنا
وسحبت بصرها لتُعاود النظر إلي شاشة التلفاز مرةً أخري لتُشاهد ما يُقال بتمعن وأهتمام .
تطلع إليها بإستغراب حالها وتحدث مُتعجبً :
_ آخر حاچة كُنت أتخيلها إنك تكوني بتمهتمي بالأخبار السياسية والإقتصادية !
حولت بصرِها إلية سريعً وهتفت بنبرة حادة حزينة :
_ وإنتَ أية اللي تِعرفه عَني يخليك تجول إكدة ؟
وأكملت بنبرة مُلامة :
_مش لما تُبجا عارفني اللول يا مِتر تُبجا تِعرف إيه هي إهتماماتي ؟
لاحظ حُزنها وتشنُج ملامِحُها وتساءل مُتعجبً :
_بتجوليها و إنتِ زعلانة ليه إكده يا صفا ؟
هو أني جولت حاچة زعلتك مني ؟
تأجابتهُ مُتهربه بعينيها بعيداً عن مرمي عيناه المُهلكة لقلبها العاشق :
_أني مزعلانش ولا حاچة ، بس محبيتش مِنيك نبرة التجليل اللي حسيِتها من وسط كلامك دي .
قطب جبينةُ وتحدث إليها مُدافعً عن حالة :
_وأني عُمري مجللت منك ولا أجدر أعمل إكدة من الأساس يا صفا، كل ما في الموضوع إني إستغربت شوي إهتمامك بالأخبار
وأكمل مُفسراً :
_ يمكن لأني واخد فكرة عن البنات إنهم بيتفرجوا علي البرامچ الفنية والمسلسلات والافلام، وبكتيرهم جوي يتفرچوا علي برامج توعوية وتربوية.
أجابتهُ بقوة :
_ فكرتك غلط يا حضرة المُحامي،، معظم الستات دِالوك عجلها واعي ومُتفتح إلي أبعد ما خيال سعادتك يصور لك، الست بتختار توجهاتها الفكرية اللي تناسب تفكيرها الواعي بدون توجية مباشر من أي حد ، الست أصبحت في زمنا لا تجل أهمية عن الراچل وتجدر تحقق إنتصارات من خلال مجالها .
وأكملت بنبرة غائرة لم يلاحظها هو :
_ و بما إنك مُحامي كان من المفروض تكون أدري الناس بعجليات الستات المُختلفة ، وده طبعاً بحكم شغلك وإنك بتجابل ستات ياما أشكال وألوان.
أجابها وهو يبتسم :
_ مفهومك عن المُحاماة غلط خالص يا صفا ،، أني مچرد محامي، منيش مُحلل نفسي لجل ما أعرف توجهات وعجول الحريم رايحة لوين ،، أني كل علاجتي بموكلاتي إني أسمع مشكلتها بإختصار وأحاول جاهداً أحلها لها وأخد أتعابي وخلصنا علي إكدة،
وأكمل بإقتضاب ونبرة متهكمة :
_ فاضي أني إياك ل لت الحريم وعجنهم اللي مهيخلصش
إبتسمت بخفه وأكملا معاً مشاهدة البرنامج
*** ☆***☆ *** ☆***☆***
روايه قلبيّ بنارِهاَ مٌغرمٌ بقلمي روز آمين
عصراً داخل المسكن الخاص بمريم وفارس
دلف من الباب وجدها تجلس فوق مقعداً مُحتضنه صغيرتها التي ما أن رأت والدها حتي قامت بالتهليل والتصفيق بكفي يداها مشيرة إلية كي يرفعها لداخل أحضانة مثلما دائماً يفعل
طار قلبهُ فرحً حين رأها وأسرع الخُطي حتي إقترب منها ورفعها لداخل أحضانهُ الحانية وبات يُزيدها بوابلٍ من القُبلات
همهمت إلية صغيرتهُ وهي تداعب وجههُ بأناملها الصغيرة قائلة :
_ با با
إبتسم لها وتحدث بسعادة بالغة :
_ إية يا جلب بابا وعجلة.
ثم وجهَ بصرهِ لتلك الجالسة بوجهٍ مُبهم وملامح وجة جامدة وتحدث مستفهمً بنبرة ساخرة وهو يهِمُ بالجلوس :
_مالك يا مريم، جالبة خِلجتك في وشي من إمبارح لية إكدة، زرعتيها مانچة طِلعت بطيخ إياك ؟
نفخت بضيق وتحدثت بنبرة تهكمية وهي تنظر أمامها متلاشية النظر لعيناه :
_ إطلع من نفوخي يا فارس وبلاش تبتديها معاي إكدة، إني فيا اللي مكفيني ومنجصاش تجطيم من حد ومنك إنتَ بالذات.
ضيق عيناها مُستغربً حِدتها وغضبها وتساءل بإستفهام :
_كُل الموشح ده عشان جُلت لك مالك، بتتلككي ولا إي إنتِ ؟!
نظرت له بعيون مشتعلة وتحدثت بنبرة شديدة الحدة :
_ أني معتلكِكش يا فارس بية ولا عحب المشاكل من آساسة، ولو أني بتلكك كُنت فتحت لك تحجيج ليلة إمبارح في اللي حُصل مِنيك جِدام حَريم النجع كلياتهم.
تساءل مُستغربً بنبرة تهكُمية :
_ وإية بجا اللي حُصل ليلة إمبارح يا ست مريم ؟!
إبتسمت ساخرة وأردفت قائلة بنبرة بائسة مُنكسرة :
_ لو محاسيس بِاللي عِملته فيا وتجليلك لجيمتي يُبجا جِلة الحديت أحسن .
قالت كلماتها وأسرعت غاضبة بإتجاة غُرفتها وما أن دلفت حتي أغلقت بابها بحده هزت جدران الشقة بأكملها
كان ينظر إلي طيفِها بشرود وملامح وجة مُكشعرة غير مستوعبً سبب غضبها ذاك
نفض رأسهُ من تصرفات تلك المُتعصبة ثم نظر لصغيرتهِ وأبتسم بوجهها ثم وضع قُبلة وأردف قائلاً بنبرة دُعابية :
_ أمك كَن عجلها طار علي الآخر يا چميلة، شوي شوي عتجولي الإهتمام ما بيطلبش يا فارس بية.
وابتسم لطفلتهِ وبات يُدغدِغُها تحت ضحكاتها الطفولية التي تُذهب عقلهِ وتُلهيهِ عن همومهُ التي قامْ بسَجن روحهُ بداخِلُها مُنذُ ما جري ، غير عابئٍ بتلك الغاضبة التي تمكُث بداخل حُجرتها تبكي وتنتحب حظها السئ الذي جعلها مع ذاك الفاقد الحِس
*** ☆***☆ *** ☆***☆***
روايه قلبيّ بنارِهاَ مٌغرمٌ بقلمي روز آمين
داخل مدينة القاهرة
وبالتحديد داخل مسكن مي صديقة دكتورة أمل، كانت الفتاتان تتجاوران الجلوس فوق الأريكة وتتحدثتان في أمور عملهما كطبيبتان ماهرتان ، أتت إليهما إيمان والدة مي والتي تبلغ من العُمر خمسة وخمسون عامً وتمكَث بمفردها مع إبنتها داخل الشقة بعدما توفي زوجها مُنذُ عِدة أعوام .
إقتربت من جلستهما ووضعت الصنية التي بيدها فوق المنضدة وتحدثت بملامح وجة بشوشة :
_عملت لكم شوية سندوتشات مع النِسكافية.
نظرت لها أمل وتحدثت إليها بنظرات شكر وأمتنان :
_ مش عارفه أشكر حضرتك إزاي علي تعبك معايا يا طنط
وأكملت بنبرة خجِلة :
_ مش كفاية إني إقتحمت عليكم الشقة ونزلت عليكم زي البراشوت وغيرت لكم نظام حياتكم .
وجهت لها إيمان نظرات مُلامة وتحدثت :
_ عيب يا بنت الكلام اللي بتقولية ده، فيه واحده بردوا تقول كلام زي ده لمامتها وأختها ؟
وأكملت مُفسرة :
_ وبعدين إنتِ جيتي مليتي علينا البيت وونستينا بدل قعدتي أنا ومي لوحدنا كدة طول اليوم
أردفت أمل بنبرة شاكرة :
_ميرسي يا طنط لذوق حضرتك وكرمك معايا ،
وأكملت بإستحياء :
_ علي العموم أنا هروح بكرة أحجز في أوتيل علشان مش عاوزة أتعبكم معايا أكتر من كده
إتسعت أعين مي وتحدثت بنبرة حادة :
_ إية الكلام الأهبل اللي بتقولية ده يا أمل، يعني إية تحجزي في أوتيل وتروحي تقعدي فيه لوحدك ؟
تنفست أمل عالياً وأردفت بتفسير خجل :
_ أنا مش حابة أتقل عليكم أكتر من كدة يا مي، وخصوصاً إن لسه فاضل تلات أسابيع علي إفتتاح المستشفي اللي إتعينت فيها .
وجهت إيمان تسائلاً إليها :
_ هو إنتِ بردوا لسه مُصممة علي موضوع سفرك للصِعيد ده يا بنتي، ما المستشفيات الإستثماري مالية البلد وإنتِ دكتورة شاطرة وألف مكان يتمناكي، إشتغلي في أي مستشفي وإن كان علي السكن أديكي قاعدة معايا أنا ومي
وأكملت بإعتراض :
_ ولو إني مش مع إنك تقاطعي مامتك بالشكل ده وخصوصاً إن ريماس قربت تتجوز من الدكتور اللي إسمة وائل ده كمان ، ومامتك بكدة هتكون وحيدة وأكيد هتحتاج لوجودك معاها
إنتفضت بجلستها وتحدثت بملامح وجة غاضبة وكأن أحدهم قد أشعل النيران في جسدِها بالكامل :
_ أرجوكِ يا طنط بلاش تفتحي معايا الموضوع ده تاني.
توأكملت بإبتسامة ساخرة :
_ وإن كان علي ماما فمتحمليش همها، أنا أصلاً عمري ما كُنت من أولويتها، وأكيد عمرها ما هتحتاج لي في وجود بنتها الأقرب لقلبها، ده مش بعيد الدكتور يشتري لهم فيلا علشان يجمع فيها الأم الحنون وبنتها فائقة الجمال .
تنهدت مي بأسي علي حال صديقتها وأيضاً إيمان التي تحدثت بهدوء كي تمتص غضب تلك المُنكسرة :
_ طب إهدي يا بنتي، وحاضر مش هفاتحك في الموضوع ده تاني، بس إعملي حسابك إنتِ مش هتخرجي من هنا غير علي طيارة سوهاج،
_مفهوم يا أمل ؟
أومأت لها بوجه مُبهم وأستأذنت منهُما وأنسحبت إلي غرفتها المشتركة مع مي
تحدثت إيمان بنبرة حزينة :
_ لا حول ولاقوة إلا بالله ، صعبانة عليا أمل أوي، بس كان نفسي تسامح أمها وترجع تعيش معاها بدل ما هي مسافرة الصعيد وهي مش عارفة إية اللي ممكن يكون مستنيها هناك .
تنهدت مي ثم أجابتها بنبرة حزينة :
_ أمل معزورة بردوا يا ماما، اللي حصل لها علي إيد الندل اللي إسمة وائل مش قليل بردوا، وتصرف أمها وأختها كان مُنتهي الخِسة
هزت إيمان رأسها بموافقة وصمتت
أما أمل التي وما أن دلفت لغرفتها حتي تحركت إلي شُرفة الغرفة ونظرت للسماء الصافية وبدون مقدمات نزلت دموعها تجري فوق وجنتيها بحرارة، أسرعت بوضع كفيها وجففتهما سريعً ورفعت قامتِها بكبرياء رافضة ضعفها.
*** ☆***☆ *** ☆***☆***
روايه قلبيّ بنارِهاَ مٌغرمٌ بقلمي روز آمين
جاء المساء وتحدثت ورد إلي صغيرتها عبر الهاتف وابلغتها أنهُ يجب عليها النزول إلي الأسفل بصحبة قاسم لأخذ المُباركة من جدتها وجدها ونيل رضاهما عليها ،، وأملت عليها بأن تقوم بتجهيز صَنية كبيرة وتضع عليها صحنً كبيراً من الحلوي التي آُعدت سابقاً للعُرس،، وبعض قطع الشيكولاته والفاكهه كي تقوم بتقديمهم لأهل المنزل كحلوان لإتمام الزواج كما جرت العادة،، و أخبرتها بأنها ستبعث لها صابحة،، تلك الفتاة التي تُساعدُها في القيام باعمال منزلها
أغلقت صفا معها وأخبرت قاسم بما أملتهُ عليها والدتها وانساق لرغبتها رُغم إعتراضة علي تلك العادات التي يرفُضها جميعاً،، وذلك في محاولة منه لنيل كسب رضاها ، وتحركا معاً للأسفل وخلفهما صابحه التي تحمل تلك الصنية بالنيابة عنها
كان الجميع يجلس في بهو المنزل بإنتظار هبوط العروسين لتقديم التهنئة لهما ،، رفعت فايقة بصرِها تتطلع علي تلك التي تتدلي من أعلي الدرج بجانب زوجها والذي آنير وجههُ وأصبحَ مُشعً بالحياة وكأنه تبدل مُنذُ ليلة وضُحاها، مما أدي إلي إستغراب فايقة وبث قلقِها ،
لفت إنتباهها أيضاً خلو يداي صفا من حلوي العُرس كما هو المُعتاد ، رفعت قامتها لأعلي لتتفقد، وجدت عاملة ورد تتحرك خلفها تحمل عنها عِبئ الحامل
لوت فاهها وتحدثت بصوتٍ مسموع للجميع :
_ الدكَتورة كَنها عتتكبر علي أهل چوزها و مهتعبرهمش من أولها .
إنتبة الجميع إلي حديثها ثم قاموا بتوجيه نظراتهم لتلك الصفا فتحدثت نجاة بهدوء :
_متكبريش الموضوع يا أم قاسم،، محُصلش حاچة لكلامك دي
تحدث عتمان بنبرة حادة :
_ ولما فايقة متكبِرش المواضيع مين يشعلل البيت ويجومه حريجة يا نچاة !
نظرت إلية بعيون مُنكسرة وتحدثت بنبرة ضعيفة إصطنعتها خصيصاً كي تنال تعاطف الجميع :
_ هو أني عشان بتكلم في الأصول والعادات أبجا بشعلل البيت واولعه يا عمي ؟
إقتربت منهم صفا وقاسم فوقف الجميع لإستقبالهم عدا الجَد والجده
تحركت إلي جدها ووقفت أمامهُ ثم مالت علي كف يده وقبلتهُ بإحترام،، أما عتمان الذي كان يشعر براحة عجيبة بعدما تم زواجها بقاسم، بجانب شعورهُ المُلح بالحنين لها ، أمسك ذقنها و أجبرها علي النظر لداخل عيناه التي تتهرب من النظر داخلُها ، نظرت له وأستشفت من عيناه حنينهِ إليها وما كان منها إلا أنها إرتمت لداخل أحضانه بخجل فشدد هو عليها وتحسس بيدهِ علي ظهرها بحنان .
تنهدت براحه وأستكانة وتحدث هو مباركً بنبرة حنون : مُبارك يا بتي، عُجبال ما أشوف عوضك
إبتسمت له خجلاً وتحركت إلي جدتها لتأخذ مباركتها
وتحرك هو إلي جدهِ ونظر داخل عيناه بجمود فهو إلي الأن ما زال غاضبً منه ولم يتخطي إهانتهُ السابقة له أمام صفا
مد يدهُ لمصافحتهِ،، إبتسم عتمان بجانب فمهِ وتحدث بنبرة ساخرة مُداعبً بها حفيدهُ الأكبر :
_طالع جلبك أسود كيف أبوك يا أبن قدري .
طالعهُ بإستغراب فأكمل عتمان :
_مهتنساش اللي حُصل واصل رغم إنك إتوكدت بنفسك إن الخير كُلة في اللي أني إختارتهولك بيدي .
ثم حول بصرهِ إلي تلك الجميلة التي رمت حالها داخل أحضان جدتها وتحدث بحديث ذات معني :
_ ولا أية يا قاسم ؟
أجابهُ بنبرة جامدة وأدب لم يتخطاه طيلة حياته معهُ :
_ معِنديش أدني شك في إنك رايد مصلحتي يا چدي،، بس طريجة الترهيب والتهديد دي معحبهاش ولا عمري هنسي طريجتك المهينة لرچولتي جِدام صفا .
أجابهُ الجَد سريعً :
_وأهي بجت مَرتك وسترك وغطاك، وبكرة تاچي وتشكرني وتجول لي معنساش معروفك اللي عِملته فيا يا چدي .
إبتسم لجدهُ بخفة
أما صفا التي تحركت إلي فايقة ووقفت قُبالتها ومدت يدها لمصاحفتها تحت ملامح وجة فايقة الغاضب التي تحدثت إليها بنبرة ساخطة :
_ ده أنتِ جاصدة تهنيني بجا يا ست صفا !
نظرت إليها بإستغراب و تساءلت ببراءة :
_أني بهينك يا مَرت عمي؟
حضرتك بتجولي لية إكدة ؟
هتفت فايقة عالياً لتُسمع الجميع بنبرة حزينة وعيون مُنكسرة مدعيه البراءة :
_ أومال معناتُه أيه اللي عِملتية غير جِلة إستعني منيكي ليا يا بتي؟
وأكملت بنبرة حزينة مُصطنعة تستدعي بها تعاطف الجميع :
_ يعني لما تدلي عليا ليلة صباحِيتك وتخلي خَدامتِك تجَدمي لي صَنية الكَحك حِلوان الفرح اللي المفروض إنتي اللي تجدِمها لي بيدك ،، أفسِرهَا بإية ؟
وأكملت :
_ ولا لما تسلمي علي وتِتكبري تميلي علي يدي لجل ما تاخدي رضاي عليكي زيك زي اي عروسة في النجع ،، يُبجا إسمة إية دي يا بتي ؟
تحدثت صفا مدافعة عن حالها بنبرة بريئة :
_ أكيد مجصدتش اللي فهمتية واصل يا مَرت عمي،، الموضوع ببساطة إن أمي بعتت صَابحة لجل ما تشيل عني الصَنية لأني ممتعوداش علي شيلها وخافت للصَنية تُجع من يدي
طب وسلامك علي ،، دِه كَمَان أُمك اللي جَلت لك علية و وصتك ؟
كان هذا سؤال طرحتهُ فايقة علي صفا بنية خبيثة لتُظهر للجميع فشل ورد بتربية إبنتِها علي الأصول المُتعارف عليها
وقفت مُتلبكة حائرة لا تدري بما تُجيبها ، أنقذها فارِسُها الهُمام مُتحدثَ برجولة :
_ متكَبرِيش الموضوع يا أمّا، مجراش حاچة لحديتك دِه، صفا إتصرفت بعفوية وبعدين دي عادات فاضية كلياتها وملهاش عازة .
إنتفضت ليلي من جلستها وهتفت مُعترضة بنبرة حادة وقلبٍ مُشتعل :
_ وهي العادات دِي هتاجي لحد صفا هانم وتُبجا فاضية وملهاش عازة ؟
هي أحسن من مين يا قاسم،، متعمل كيف ما كُلنا عِملنا
تحدث عتمان موجهً حديثهُ إلي ليلي بنبرة حادة :
_ متشعليلهاش يا بِت قدري
تحدثت ليلي بندية وهي تُربع يداها حول صَدرِها :
_ أني مهشعللهاش يا چَدي،، أنا بَتكلِم في الأصول اللي إنتَ بذات نفسيك دايماً تعنفنا عليها وتنبهنا ليها !
تلبك عِتمان أمام حديث تلك الشيطانة الصغيرة التي إستغلت تعسف عِتمان وتمسُكهُ بالعادات والتقاليد لصالح والدتها .
أما يزن الذي يتألم داخلياً ويشتعل ناراً لأجل الموقف التي وُضعت بهِ صفا، ولكنهُ للاسف لا يستطيع التدخُل لعدم إفتعال المشاكل خصوصاً في حضرة جِده وقاسم الي أصبح مسؤلاً مسؤلية تامه عن حمايتِها
لكنهُ هتف ناهراً ليلي بحِدة كي يجعلها تكف أذاها عن إبنة عمهِ الرقيقة :
_ مدخليش حالك في كلام ميخصكيش يا ليلي .
إرتبكت من نظرة يزن المُستشاطة والمحذرة لها وخشية غضبه عليها ، حين هتف قاسم هو الأخر إليها بنبرة حادة : خليكي في حالك يا ليلي وإبعدي عن أي حاچة تخُص صفا .
فتحدثت الچدة كي تفض الجدل الدائر :
_ صلوا علي النبي يا چماعة .
ثم نظرت إلى صفا التي أخذت الحيرة والتشتُت من نصيبها وباتت تتلفت علي الوجوة بتشتُت، تحدثت رسمية كي لا تدع لأحفادها فرصة التمرد علي العادات المفروضة داخل عائلتها :
_ مَيلي علي يد حماتك وخُدي رضَاها يا صفا .
نظرت لها بجبين مُقطب غير مستوعبة الجدل الدائر من حولها ولا حديث جدتِها، فأكملت الجَدة بتأكيد :
_دي الإصول يا بتي وإنتِ بِت زيدان النُعماني،، يعني سيد مين تفهم في الإصول زين .
تشتت داخِلُها وبلحظة أقبلت علي كف يدها وأمسكت به، أوقفها قاسم بهتافهه الحاد لها حيثُ قال لمؤازرتِها :
_متعمليش حاچة منتيش حباها ولا ريداها لجل ما تتبعي تجاليد عامية يا صفا .
حولت بصرها سريعً إلية ونظرت إلية بحيرة فأومأ لها بعيناه كي يُطمئن روحها،، في حين تحدثت الجَدة بتشبث كي لا يُخترق نظام قبضتها الحديدية وتعطي مجالاً لأحفادها للثورة علي كُل ما هو مُقدس بالنسبة لها :
_ مهينفعش يا قاسم، دي عادات وتجاليد بنحترم بيها بعضينا و ورثناها عن چدودنا ولازمن نحافظوا عليها ونحترموها
أما عن قاسم الذي تحدث بقوة ودفاع مُستميت عن زوجتهُ هاتفً وبحدة :
_ وأني جولت مرتي مهتميلش علي يد حد وتجلل من نفسها حتي لو كانت الحد دِي هي أمي بذات نفسيها،،
وأكمل حديثهُ بحدة :
_وكل دِي ليه،، عشان شوية عادات فارغة ملهاش عازة غير إنها بتوجف النفوس من بعضيها ؟
وللحظة شعرت بقوة لا تعلم مداها،، مشاعر جديدة عليها إجتاحت عالمها،، حماية أمان،، معني جديد لمفهوم السند بعيداً عن غاليها زيدان،، نظرت لها فايقة بقوة وغضب ، أما عن رسمية التي توسلتها بنظراتها أن تفعل ما طُلب منها
وبالآخير ضعفت أمام توسلات جِدتها وتجنبت لإفتعال وإثارت الجدل من البداية،، فأمسكت بكف يد فايقة وكادت أن تُميل بقامتِها لتضع مُرغمة قُبلة مفروضة عليها
إتسعت عيناه ذهولاً من ما هي مُقبله عليه تحت سعادة ليلي وفايقة التي رفعت قامتها للأعلي بكبرياء وكأنها وبتلك الخطوة قد خطت بساقيها أولي خطوات تنفيذ إنتقامها الأثم من ذاك الزيدان
لم يدري بحاله إلا وهو يتحرك إليها جاذبً إياها بعُنف قبل أن تُميل برأسها لطبع القُبلة ولفها لتقابل وجهه وتحدث بنبرة حادة غاضبة :
_ معتسمعيش الكلام وتنفذية ليه؟
وأكمل بإهانة لشخصِها :
_ ولا أنتِ كِيفك كِيف الباجية، عتعشجي الذُل والمهانة كيف عنيكي ؟
نظرت إلية بعيون تكادُ تصرخُ ألماً من إهاناتهُ الحادة لها تارة، وتارةً آخري من ما يحدث لها في أول يوم تقضية بداخل هذا المنزل
أما عِتمان الذي كان يُراقب تغيرات ملامح وجه قاسم الغاضبة بتمعُن وينتظر رد فعله وكيف سيحمي صفا من تصرفات والدتهُ البغيضة، ولكنهُ بالتأكيد ما كان سيسمح إلي إبنة غالية بالذُل والمهانة والإنكسار أمام صاحبة القلب الأسود المسماه بفايقة
إبتسم برضا علي تصرف قاسم وتحدث عتمان بنبرة حادة وهو يُشير إلي الجميع ويسمح لهم بالجلوس :
_لحد إهني وخِلص الحديت ومعايزش حد يفتح خاشمة تاني،
وأكمل وهو يرمق فايقة بنظرات نارية قائلاً لها بتهديد :
_ فايقة، اللي حُصل اليوم معايزهوش يتكرر واصل وإلا إنتِ حُرة في اللي عيجري لك علي يدي
إبتلعت فايقة لُعابها رُعبً وهزت رأسها سريعً بموافقة
ثم وجه حديثهُ إلي رسمية قائلاً:
_ نادمي علي البنات وجولي لهم يعملونا شاي يا حاچة.
كان قدري ومُنتصر يُشاهدان كُل ما يحدث بصمتٍ تام وذلك بعد ما تلقوا إشارات مُحذرة من عيناي عِتمان يُبلغهم من خِلالها بعدم التدخُل وذلك كي يري رد فعل قاسم لحماية إبنة غالية الذي وضعها أمانة بين يداه
جلست وهي تبتلع غَصة مريرة داخل حلقِها من كلمات قاسم المهينة لشخصِها
نظرت فايقة إلي ولدها بنظرات مُستعله وتحدثت بنبرة غاضبة وهي تقف :
_ تعالَ معاي يا قاسم ،، عايزاك في موضوع مهم
كان مازال مُسلطً بنظراتهِ إلي تلك التي أشعلت غضبه بعدم إنصياعَها إلي كلماته ، رمقها بنظرة غاضبة وبالفعل تحرك مع والدتهُ متجهً إلي الخارج و وقفا داخل الفيراندا وتحدثت هي بنبرة غاضبة لائمة :
_ أني مهلومكش ولا هعاتبك علي اللي حُصل چوة وإنك نصفت بِت ورد علي أمك من أولها ونصرتها علي، بس أني معيزاش اللي حُصل دِه يحصل تاني
هتف بها عالياً بنبرة حانقة :
_ أمّا،، أني مطايجش حالي ومناجص عويل ،، جولي عاوزة أيه جوام خليني أدخل أجعد شوي مع چدي عشان أطلع مُطرحي لجل ما أرتاح
إغتاظت من حديث ولدها المُقلل من حديثها وكظمت غيظها ثم أخذت نفسً عميقً وأخرجته بهدوء كي تُهدئ من روعِها وتحدثت بتنظير :
_ إنتَ جافل التَلفون بتاعك ليه من أولة إمبارح ؟
قطب جبينهُ بإستغراب وتساءل مُستفهمً :
_ وإنتِ عِرفتي منين إني جافلة ؟
تحدثت بنبرة متعالية : كَلمت إيناس من النِمرة اللي خدتها من عَدنان أولة إمبارح لجل ما أطمن عليها، وهي اللي جالت لي وأشتكت لي
وما أن إستمع إلي حديثها وكأنهُ صُعق من إحدي منافذ الكهرباء وتحدث سريعً مؤنبً إياها بنبرة حادة :
_ وإنتِ بتكلميها ليه من الأساس، هو آنتِ بتدوري علي المشاكل وخلاص ،،ولا ملجياليش مُصيبة تحطيني فيها فبتخلجي لي مصيبة علي كِيفك ؟
أجابتهُ بنبرة هادئة :
_متهدي عاد يا قاسم،،هو كان چري إية يعني لزعابيبك دِي ؟
وأكملت بأبتسامة شامتة :
_ هي مش هتُبجا مَرت ولدي هي كُمان ولازمن أطمن عليها حسب الإصول ولا إية ؟
إشتعل داخلهُ من حديثها المُستفز وتحولَ بياض عيناه باللون الأحمر مما يدِلُ علي مدي إشتعاله وكاد أن يرد لولا إستمعا كلاهما لصوت حمحمة زيدان الذي خرج لتوهِ من منزلهِ وجلس فوق أريكتهُ بداخل الفيراندا الخاصة بمنزلهِ ويبدوا علي وجههِ علامات الحُزن والهَم
وجه إليةِ قاسم حديثةُ بإحترام :
_ سلام عليكم، كيفك يا عمي ؟
نظر له زيدان وأجابهُ بهدوء :
_ الحمدلله يا ولدي،، كيفك إنتٕ وصفا ؟
أجابهُ بهدوء وأمتنان :
_ صفا بخير يا عمي الحمدلله، هي چوة جاعدة وياَ چَدي لو حضرتك رايد تشوفها
بعدين يا قاسم، بعدين، جملة قالها زيدان بنبرة حزينة.
تحدثت تلك الشَمطاء التي نظرت داخل عيناه وفهمت مغزي حُزنهِ :
_ مبروك يا أبو العروسة،، عجبال متشيل عوضها علي يدك عن جِريب إن شاء الله
نظر لها وتحدث بنبرة باردة :
_في حياتك يا أم قاسم
تخرجت إلية ورد تحمل صَنية فوقها قدحان من مشروب القهوة ووضعتهم فوق المنضدة الموضوعة أمام زيدان الذي إبتسم لها بحنان وتحدث إليها :
_ تسلم يدك يا غالية .
إبتسمت له بسعادة تحت إستشاطت فايقة وغليان صدرها بنار الغيرة التي تنهش داخلها وهي تري سعادة ذاك الثنائي الذي لم تختفي أو حتي تقل درجاتِها برغم مرور كل تلك السَنوات
نظرت ورد إلي قاسم وأردفت متسائلة بإبتسامة :
صفا كيفها يا ولدي ؟
أجابها بنبرة حنون جعلت داخل فايقة يشتعل أكثر :
_ زينة وبخير يا مَرت عمي
أجابته بنبرة حنون :
_خلي بالك منيها يا ولدي .
أجابها بنبرة حنون مطمأنً إياها :
_ في عيوني يا مرت عمي،، متشيليش همها واصل طول ما هي معاي
وتحرك عائداً إلي الداخل وجلس بصحبة جده ما يقارب من النصف ساعه ثم إصطحب صفا وصعدا إلي الأعلى
_______________________
وما أن دلفا إلي مسكنهما حتي تحرك هو سريعً إلي الأريكة وأرتمي بجسدةِ عليها جالسً بإهمال وبدأ بهز ساقيه بطريقة حادة تدِلُ علي مدي إنزعاجة
نظرت إلية بترقب واقتربت من مجلسةِ وجلست بمقعدٍ مُقابل وأردفت بإستفهام :
_ أني مفهماش إنتَ جالب وشك عليا وزعلان ليه إكدة ؟!
تساءل بنبرة حادة غاضبة :
_صُح معرفاش زعلان ليه يا حضرة الدَكتورة المحترمة ؟
وأكمل بنظرة حادة :
_ زعلان عشان مُكابرتك وعِندك ليا وصلوكي فإنك كُنتي عتتنازلي عن كرامتك وتطاطي علي يد أمي وتحبي عليها لجل بس ماتِكِسري كِلمتي .
جحظت عيناها وهي تنظر إلية مُستغربة حديثهُ ثم أردفت قائلة بنبرة حزينة من إدعائة وإتهامهِ لها بالباطل :
_ هي دي فكرتك عني وهو دِه كُل اللي فهمته من الموضوع !
وقف من جديد وأقترب من وقفتها وتحدث متساءلاً بنبرة حادة :
_ إديني مبرر واحد يخليكي تعملي اللي عِملتية ده غير إنها مكايدة فيا !
تحدثت بدموعها التي لم تستطع التحكم بها فجرت علي وجنتيها رُغمً عنها :
_مبرري إني معيزاش مشاكل من أولها يا قاسم ،بتتحدت ولا كَنك شُفت اللي حُصل بعنيك
وأكملت بنبرة مُلامة :
_ وبعدين كُت عاوزني أعمل إيه عاد وأني شايفه مَرت عمي كُل همها تركبني الغلط وتظهر للكل إن أمي جصرت في تربيتي ومعلمتنيش الأصول زين ، دي حتي چِدتي لما وجفت في صفها ضدي !
أجابها بنبرة حنون مُتأثراً بدموعها :
_ بس أني كت معاكي وجولت لك لا يا صفا !
أجابتهُ وهي ترفع كتفيها بإستسلام قائلة بنبرة إنهزامية قطعت بِها انياط قلبه : خُفت يا قاسم، لأول مرة أحس حالي وحيدة وأني بعيدة عن حُضن أبوي وأمي
وأجهشت بالبكاء وكأنها طفلة ذات الثلاث أعوام تفتقد لأمان والديها، تحرك إليها سربعً ولم يشعُر بحالهِ إلا وهو يجذبها ويسحبها لداخل أحضانة ويلف ساعديه حولها ليشملها برعايته وهو يربت علي ظهرها بحنان قائلاً بنبرة رجولية حانية :
_ وأني رُحت فين يا صفا،، أني معاكي ومهسيبكيش واصل
ومن العجيب أنها إستكانت بداخل أحضانة بل وأطلقت لدموعها العنان وباتت تبكي وبشدة وكأنها كانت تحتاجُ لهذا العِناق كي تُخرج ما يؤلم صدرها وتُطلق العنان لكل ما يُؤرق روحها ويُؤذيها
كان يحتضنها برعاية ويُهدهدُها كطفلتهِ البريئة ويُهدئ من روعها، شعور بالراحة إجتاح كيانهُ بقوة من مجرد عِناقها البرئ، ود لو يتوقف بهما الزمن وتظل هكذا مُستكينة هادئة بين أحضانة، كان قلبهُ يدُقُ بوتيرة عالية وما شعر بحالة إلا وهو يُشدد من ضمته الإحتوائية لها بإستمتاع روحي بعيداً كُل البُعد عن الرغبة الجسدية
وبعد مُدة كانت قد هدأت من نوبة البكاء الحادة التي إنتابتها وسيطرت عليها،، وبلحظة وعت علي حالها وكأنها كانت مغيبة وأخيراً إستفاقت، إستغربت حالها وهي تتشبث بصدر قاسم مُمسكه بتلابيب جلبابهِ وأستغربت أيضاً ضمتهُ القوية لها وهدهدتهُ الحنون وتلامسهُ الرقيق فوق ظهرها
إبتعدت سريع وتحدثت وهي تنظر أسفل قدميها بنبرة خجلة مُتلبكة :
_ أني، أني أسفه، أني معرفاش عِملت إكدة كيف !
كان ينظر لحيائها وخجلها الزائد عن الحد بإثارة وأندهاش، والحق يُقال فقد أثارت داخلهُ بحيائها الذي زاد من شغفهِ وتعلقهُ بها
تحدث إليها بهدوء محاولاً تهدئتها :
_ إهدي يا صفا، محصلش حاچة لأسفك دي !
وأسترسل حديثهُ بمداعبة لطيفة :
_ بتتأسفي عشان كُتي چوة حُضن چوزك ؟
وتحرك بإتجاهها مُقتربً عليها
أما هي فإرتعبت وأرتجف جسدها من نطقهِ لتلك الكلمات التي طالما حلُمت بتحقيقها،، وتحدثت إلية بتلبك وأرتباك واضحان وهي تتراجع للخلف سريعً مُتهربة :
_ أني نعسانة وهدخل أنام اجابها سريعً وهو يُمسك كف يدها ويحسها علي التوقف :
_ خلينا جاعدين مع بعضينا كمَان شوي
نظرت لداخل عيناه وتاهت في سحرهما،، إبتلعت سائل لُعابها بتوتر ظاهر له ثم أومأت لهُ بموافقة وكأنها مُسيرة
سحبها من يدها وأجلسها بهدوء فوق الأريكة وتحدث بنبرة حماسيّة :
_ إجعدي إهني وأني هروح أعملك أحلا صنية تسالي هتشوفيها في حياتك، وأرجع لك لجل ما نشوف فيلم سوا
ت*** ☆***☆ *** ☆***☆***
روايه قلبيّ بنارِهاَ مٌغرمٌ بقلمي روز آمين
داخل غرفة قدري وفايقه
كانت تخرج من المرحاض لتستعد لغفوتها دلف إليها قدري وتحدث إليها بنبرة لائمة :
_وبعدهالك عاد يا فايقة،، بادية الحرب إنتِ وبتك علي بِت زيدان بدري ليه آكدِة ؟
تحدثت إلية بنبرة حقودة :
_ أني اللي بدأتها يا قدري ولا مجصوفة الرجَبة بِت ورد اللي چاية تتكبر وتتأمر علي من أولها ؟
هدي اللعب شوي يا فايقة،، أني معايزش مشاكل ويَا زيدان من أولها،، زيدان لو بتُه إشتكت له معيسكتش وعيجوم البيت حريجه،
وأكمل بنبرة حقودة:
_ أني خابرة وخابر طبعه العِفش زين، هو يبان كِيف البِسَة الهادية، بس لحد بِته وهيجلب أسد وهيبلعنا كِلياتنا،
ثم تحدث إلية بجبين مقطب :
_ وبعدين إنتِ مالك ومال البِت، إحنا مش نولنا غرضنا وإبنك إتجوز بِت زيدان وبجت في يدُة هي وكل مال وحال أبوها ،، عاوزة إية تاني يا وَلية ؟
دي أمور وشُغل حَربم مليكش صالح بيها يا قدري ، وخليك في حالك بعيد عني ،، جملة غاضبه هتفت بها فايقه وهي تتحرك إلي فراشها لتستعد للنوم.
تحرك إليها وأمسك يدها متحدثً بنبرة حنون :
_لساتك زعلانه مني؟
نفضت يده بحدة وتحدثت بفحيح :
_ إياك تكون فاكر إني هعدي لك اللي عِملتُه فيا بالساهل إكدة ؟
وأكملت بتهديد :
_ تُبجا غلطان ومسكين ولساتك متعرفش مين هي فايقة النعماني
أجابها بنبرة جامدة :
_ ماخلاص يا مَرة عاد،، هو كان جرا إية لزعلك ده كله،، ضايجتيني بالحديت وحرجتي دمي وأدبتك وإنتهي الموضوع
جحظت عيناها وصاحت بنبرة حادّة :
_ أدبتني؟
ليه يا واد عِتمان، كُت شايفني ناجصة رباية ولا ناجصة رباية لجل ما تأدبني ؟
تأجابها بنبرة غاضبة :
_وهي الحُرمة اللي تمنع حلال ربنا عن چوزها من غير آسباب تُبجا إية غير إنها ناجصة رباية يا واكلة ناسك ؟
وأكمل بعيون تقطُرُ غِلً وحقدً :
_ والمَرة اللي تتحدت عن أخو چوزها بالطريجة اللي إتحددتي بيها عن زيدان تُبجا إية يا بِت سَنية ؟
إرتبكت من نظراتهِ ونبرة صوتهِ التي لا توحي بالخير ولا تُنذر به،، فأرادت أنّ تمتص غضبتهِ لتُقي حالها شرة اللامحدود والتي تعرفت عليه مُنذُ القريب
وأقتربت منه بذكاء وتحسيت صدرهُ بدلال وبنبرة آُنثوية تحدثت :
_ لساتك عتغير علي لحد دلوك يا قدري؟
للدرچة دي عتحبني يا واد عمي؟
وما كان من ذلك الأبلة غير الإنصياع ل ألاعيب تلك الشمطاء وجذبها بشدة علية وتحدث بقوة وخشونة :
_ تِعرفي يا فايقة لو عِملتي إكدة تاني،، وعزة چلال الله لدفنك مطرحك
إبتسمت لهُ بدلال ورمت حالها داخل أحضانة وشدد هو عليها تحت نفورها وإشمئزازها منه وتحت سعادة ذاك الابلة عديم الحِس والإحساس
*** ☆***☆ *** ☆***☆***
روايه قلبيّ بنارِهاَ مٌغرمٌ بقلمي روز آمين
كانت تجلس بجانبةِ فوق أريكتهما تتناول حباة الفسدق الذي جلبهُ لها من داخل المطبخ مع بعض المُسليات الأخري ليستكملا سهرتهما،
نظر لها وتحدث بنبرة حنون ليطمئن عليها :
_ بجيتي زينة دالوك؟
هزت رأسها إلية خجلاً وأجابتهُ بهدوء :
_الحمدلله، بجيت أحسن
نظر لشفتاها الكَنزة وإمتلائها الشهي وتحدث بمراوغة :
_ تِعرفي إن البُكا زادك چمال
إرتبكت بجلستها وفتحت فاهها بطريقة أثارت جنونهُ فتحدث هو بنظرات مسحورة :
_ إنتِ حلوة جوي يا صفا
وإقترب منها، وضع كف يدهِ مُتحسسً كفها الرقيق برغبة تملكت منه رُغمً عنه رغم محاربتِها
إرتعب جسدها ثم إنتفضت من جلستها واقفة وتحدثت بتلبك وهي تفرك كفيها ببعضيهما :
_ أني نعِست وداخلة أنام
توأسرعت إلي الداخل تحت إستشاطة مشاعرهُ وتشتتها،، وما كان منه إلا أن تتبعها ذاهبً خلفها كالتابع المسحُور،، دلف عليها وجدها تُجهز فراشهما كي تخلُد إلي النوم
لم يكِن يشعُر بحاجتهِ إلي النُوم ولكنهُ لم يستطع الجلوس بعيداً عن حضرَتِها التي ما عاد يشعر بإستكانة روحة إلا بجوارها
فتحدث إليها وهو يتمدد فوق الفراش ليستعد لمجاورتِها :
_ أني كَمان نِعست وهَنام
إبتلعت لُعابها حين وجدته ينزع عنه ثوبهُ العُلوي ويُلقيهِ بإهمال فوق المِقعد المُجاور وظهر أمامها عاري الصدر تمامً بمظهر جعل جسدها ينتفضُ خجلاً
إنتفض داخلُها وتراجعت للخلف سريعً بعدما كانت تُمسك بطرف الفراش لتتمدد عليه،، وصاحت بنبرة مرتبكة حادة :
_ إنتَ بتِعمل إية يا قاسم ؟
أجابها بإبتسامة فخر وهو يري تلبُكها بعيناها :
_ هكون بعمل إيه عاد،، بچهز حالي للنوم .
إكدة ؟ كلمة نطقتها بإستهجان وهي تُشير إليه بعيون خجِلة
فأجابها ببرود :
_وماله يعني إكدة ،، عچبة إكدة ؟
ثم أني مبعرفش أنعس ومعيجليش نوم وأني لابس هدومي
هتفت قائله بنبرة معترضة :
_ وأني مهينفعش أنام چارك وإنتَ إكدة
أجابها بنبرة تهديدية مُصطنعة :
_ إتمسي يا صفا وخلينا ننام في ليلتك اللي مفيتاش دي
جذبت وسادتها بحدة بالغة وتحدثت بنبرة غاضبة حادة وهي تتجه إلي باب الغرفة :
_ أجولك، إشبع بسَريرك وبالأوضة كِلياتها وأني هنعس علي الكنبة برة
إنتفض من جلستهِ وقبل أن تضع يدها علي مقود الباب كان قد سبقها هو واضعً يدهُ عليه ليمنعها من الخروج وقال مُتراجعً :
_ خلاص متبجيش حِمجية إكدة ،، تعالي وأني هلبس التيشيرت تَاني
كانت واقفة تنتفض بفضل قُربهِ المُهلك منها هكذا، فقد كان يُحاوطها بجسدهِ العريض مُحتجزاً إياها بين جسدهِ والباب، عاري الصدر، مُرتدياً بنطال فقط لا غير ،، أما رائحة عطرهِ المُمتزجة برائحة جسدة فحدث ولا حرج،، فقد تغلل عطرةِ المُميز إلي أنفها فأصابها بحالة من الإضطراب وعدم التوازن
أردفت قائلة بنبرة مُرتبكة ومازالت موالية إليهِ ظهرها :
_ ممكن تِبعد إشوي لجل ما أفوت
إبتسم برجولة وتحدث وهو يُفسح لها المجال مشيراً لها بكف يده قائلاً بجاذبية مُهلكة للمسكين قلبها :
_ إتفضلي
تحركت للداخل ومال هو علي قطعة الملابس الخاصة به وألتقطها من فوق المقعد وشرع بإرتداها من جديد ثم تمدد بجوارها وتحدث إليها وهو يُشير إلي حاله بتساؤل مداعب :
_ حلو إكدة يا حضرة الناظرة
إبتسمت خجلاً ثم وضعت وسادة وسط الفراش مما إستدعي غضبهُ، لكنهُ فضل الصمت وعذر تصرفها،، وتمددت هي واضعة رأسها فوق الوسادة وهي تنظر لهُ خجلاً،، جاورها هو الأخر وبات يسترقا النظر من بعضهما لوقتٍ طويل ونار الإشتياق تتغلل روحيهما معاً مما جعله يستغرب حالهُ،، لكنه فسره علي أنهُ إشتياق ذكر لأنثاة الذي تذوق شهدها فأستطعمهُ منها وأراد تجرُع المزيد
وبالنهاية وقعا كلاهما صريعً للنوم بعد تفكير دام لساعات وساعات صباح اليوم التالي
داخل مطبخ سرايا عِتمان النُعماني
تقف كُلٍ من فايقة ونجاة ومريم وليلي، يعدنّ طعام الإفطار لأهل المنزل بمساعدة العاملات
دلفت إليهن رسمية وتطلعت عليهُن قائلة بتعجُل :
_ إعملي لك هِمه شوي منك ليها، الرچالة كلياتهم فاجو من النوم وجاعدين برة في المَندرة مستنيين اللفطور .
تحدثت نجاة بنبرة طائعة كعادتِها :
_ حاضر يا مَرت عَمي، جربنا نخلص أهو .
وجهت رسمية حديثها إلي فايقة التي ترص الفطائر وتضعها في الصواني الخاصة لتجهيزها للتقديم وتساءلت :
_ عِملتي حساب العِرسان وياكي في المِشلتت يا فايقة ؟
تأجابتها فايقة بنبرة ساخِرة :
_ السِت ورد بعتت خدامِتها لجل ما تخبرنا إنها عاملة للهانم بِتها الفطار والغدا والعشا السَبوع كِلياته .
هتفت ليلي بنبرة ساخرة :_ كَنها خايفة لنسممُوها في الوَكل
قالت كلماتها المُتهكمة ثم قامت بأطلاق ضحكة ساخرة، رمقتها رسمية بنظرة حادة كالصقر ألجمتها وجعلت الدماء تهرب من وجهِها ثم نهرتها بقوة قائلة :
_ إجفلي خَاشمك اللي معيطلِعش غير كُل سو ده ، وبدل ما آنتِ جاعدة تتمسخري علي مّرت أخوكِ ، روحي شوفي چوزك مِتغير ليه بجاله مُدة ومادد بوزة جِدامة ياجي شبرين
ثم رمقت فايقة بنظرة نارية قائله :
_ وإنتِ يا سِت فايقة، بدل ما أنتِ شاغلة حالك وحاشرة منخيرك في حياة الخلج علمي بِتك كيف تعامل چوزها وتچلعُه وتخلية نازل خِلجته بتضحك كِيف خِلجت قاسم إمبارح.
ثم إتجهت ببصرِها إلي نجاة وتحدثت مُتجاهلة فايقة :
_ رُصي فطرتين وجزازة حليب طازة وإبجي شيعيهم مع حُسن للعرسان لما يفوجوا يا نچاة.
هتفت مريم قائلة بنبرة صوت حماسية:
_ أني عطلعهم بنفسي لجل ما أشوف صفا لتكون محتاچة لحاچة يا چدتي.
ضحك سِن رسمية وتحدثت بإستحسان إلي إبنة نجلها الهادئ :
_ چدعة يا مريم، أصيلة كِيف أمك يا بِتي .
إنفرجت أسارير مريم بإستحسان لمدح جدتها لها وأيضاً نجاة التي سعد داخُلُها، في حين لوت فايقة وليلي فاههما بإعتراض وتهكُم
أما رسمية فعادت ملامح وجهها مُكفهرة من جديد و أكملت بنبرة حادة:
_ هموا يلا وطلعوا اللفطور علي السُفرة
وتحركت إلي الخارج، في حين همست ليلي إلي مريم التي تُجاورها الوقوف وتسائلت بطريقة تهكُمية :
_ إنتِ إية حكايتك إنتِ كُمان يا سِت مريم وَيَا المدعوجة بِت ورد ؟
وأكملت:
_ يوم الحِنه تُجفي إنتِ وهي تتسايروا لحالكُم في المطبخ، وصباحية الفرح تاخدي بِتك وتروحي دار ورد لجل ما تساعديهم ، مع إن كان من الواچب إنك تُجفي وَيَا حماتك، مش ورد !
تنهدت مريم بأسي وتحدثت بنبرة مهمومة وبرائة :
_ إسكتي يا ليلي، ده أني من وجت ما أتحدت وَيَا صفا يوم الحِنة وأني زعلانه من حالي جوي،
ثم نظرت لتلك التي قوست فاهها مُتعجبه وأسترسلت بنبرة خجِلة حزينة :
_ ده إحنا طلعنا وحشين وجلوبنا جَاسية جوي يا ليلي، ظلمنا صفا وعاجِبناها علي حُب چدودنا ليها وهي ولا ليها أيتوها ذنب في إكدة.
نظرت لها ليلي بنظرات مُقللة وتحدثت بطريقة تهكُمية :
_وإية كُمان يا نواعم !
وأكملت بنبرة حقودة في محاولة منها لبخ سُمها كي تستحضر حِقد مريم علي صفا من جديد :
_جوام نسيتي إن بسهوكِتها خطفَت مِنيكي الراچل اللي كُتي عَتعشجية وعَتموتي عليه؟!
تلفتت مريم سريعً حولها بعيون زائغة خشيةً من أن تكون أحداهُن قريبة فتستمع إلي ذاك الحديث الخطير، حمدت الله عندما وجدت المطبخ خالي ، حيثُ تحركن جميعهُنَ للخارج مُصطحبين الأطعمه،
حينها هتفت بنبرة حادة صارمة :
_ عيب عليكي الحديت اللي عتجولية دي يا ليلي، أني دِالوك علي زمة راچل والراچل ده يبجا أخوكي اللي المفروض تحافظي علي هيبته وعرضه أكتر مني أني شخصياً
رمقتها بنظرة ساخطة وتحدثت بإستخفاف:
_ وه، وأني كُت عُملت إية لجل ما تسمعيني الموشح دي كلياته يا سِت مريم ، الحَج عليا إني بفكرك بحجدها هي وأمها ومش عوزاكي تتغشي في ألاعيبها ووش البراءة اللي عتلبسهولنا طول الوجت؟
تنهدت مريم بأسي لحقد ليلي الدائم علي صفا وتأكدت أنها لن تتراجع عن عدم محبتها لها فتحركت للخارج مصطحبه صحنً ملئ بالبيض لرصهِ علي سُفرة الطِعام
_______________
ذهبت رسمية إلي منزل زيدان كي تطمئن علي صغيرها التي شعرت بغصتهِ ومرارته ،، ومن غيرها تشعر بقلب صغيرها
دلفت إلي المنزل وجدت ورد تخرج من المطبخ تحمل بين يديها صَنية كبيرة مرصوص فوقها صُحون مليئة بالأطعمة المُتنوعه كانت تذهب بها إلي حُجرة الطعام كي ترُصها بعناية فوق سُفرة الطعام
تحدثت رسمية ولأول مرة بنبرة حنون إلي ورد :
_ صباح الخير يا بِتي.
إنتفض داخل ورد بسعادة حين رأتها أمامها وأردفت قائلة بترحابٍ عالِ :
_يصبحك بالهنا يا مَرت عمي ،، إتفضلي
تساءلت بإهتمام :
_وينه زيدان يا ورد،، من يوم دُخلة صفا مشفتش وشه؟
صاحت ورد بصوتها إلي العاملة التي أتت مهرولة وناولتها ورد الصَنية قائلة بنبرة رحيمة :
_خُدي الصُحون وروحي رُصيها علي السُفرة يا صابحة وهاتي باجي الوكل، وچهزي سفرة مليحة تليج بالحاچة رسمية لجل ما تُفطر مع الحاچ زيدان
تحركت العاملة إلي الداخل ثم حولت ورد بصرها إلي والدة زوجها وتحدثت بأسي :
_والله يا مرت ما عارفة أجول لك إية، زيدان من وجت ما سَلم البِت لقاسم وهو حزين وشردان وكَنُه في ملكوت لوحدية، حابس حالة في البيت ومخرجش من وجتها لحد دلوك
تحدثت رسمية مُتساءلة :
_ هو فين دالوك ؟
أشارت لها ورد إلي باب الحُجرة وتحركت أمامها وفتحت الباب وتحدثت لذاك المُتمدد فوق تختهِ ينظر إلي سقفها بشرود وذقنٍ نابت :
_مَرت عمي چاية تُفطِر وياك يا زيدان
إنتفض من نومتهِ وجلس مُعتدلاً يُعدل من هيئتهِ وتحدث مُنادياً علي والدتهِ التي تقف خلف الباب لتُعطي لهُ المجال كي يعتدل كما الشرع والدين :
_ إدخلي يا حاچة
دلفت وأنتفض هو واقفً ومال علي كف يدِها وقَبلهُ بإحترام، وضعت كف يدِها الحنون علي رأسهِ تتحسس شعرهُ بحنان ورعاية وتحدثت بنبرة مُتأثرة :
_ كِيفك يا ضي عيني؟
أجابها بنبرة حانية :
_ بجيت زين لما شُفتك يا أمّا
أرادت ورد أن تُعطي لهما المجال لينفردا بحالهُما كأم وولدها ويتحدثا بأريحيه فأردفت قائلة بإنسحاب :
_ أني هروح أچهز الفطور لجل ما تُفطر ويا مَرت عمي
خرجت وأوصدت خلفها الباب حين جلست رسمية علي طرف الفراش وجاورها زيدان وتساءلت هي بإهتمام :
_ حابس حالك وعامل في نفسك إكدة لية يا زيدان ؟
أجابها بنبرة حزينة :
_مجاديرش أتجبل فِكرة إن بِتي خلاص مبجِتش معاي في داري يا أمّا، إحساس عِفش جوي وأني بسلمها بيدي لراچل تاني
ضحكت وأردفت قائلة بدُعابة كي تُخرجهُ مما هو علية والتي تعذرهُ علية بالتأكيد :
_ كُنا بعناها إياك يا ولدي ، البِت إتچوزت علي سُنة الله ورسولة وسلمتها بيدك لزينة الشباب،
ولو خايف عليها من الزمن فطمن جلبك، قاسم راچل صُح تربية چِدهُ عِتمان
و وقفت وأمسكت يدهُ لتحِثةُ علي التحرك قائلة بنبرة عالية :
_ جوم يلا معاي نِطلع نُفطر سوا ويَاَ مَرتك وبعدها إدخل إحلج دجنك دي وإسبح لجل ما تروح لبتك اللي عمالة تسأل عليك وتبارك لها
وبالفعل خرج معها وجلسا بصحبة ورد يتناولون فطورهم
*** ☆***☆ *** ☆***☆***
روايه قلبيّ بنارِهاَ مٌغرمٌ بقلمي روز آمين
تملل ذلك الغافي وفرد ذراعيه وهو يتمطئ براحة، ثم فتح عيناه سريعً حين تذكرَ وضعهِ الحالي، كي ينظر إليها ويُشبع حالهُ من النظر إليها ككُل أيامهِ السابقة
أُصيبَ بإحباط حين وجد مكانها خَالياً وأنتفض ليبحث عنها كمن فقد أغلي جواهرهُ ، وجه بصرهِ إلي المرحاض وجد الضوء مُنطفئ مما يدلُ علي عدم وجودها
ساقتهُ قدماه إلي الخارج وهو يتلفت هُنا وهُناك باحثً بعيناه عنها، وأخيراً تنهد براحة حين وجدها تقف أمام المُوقد تصنع طعام الإفطار
ما أجملها وما أبهاها ، كانت ترتدي منامة هادئة ناعمة كقلبها وتفرد شعرها المُصفف بعناية خلف ظهرها، أخذ نفسً عميقً حتي يستطيع السيطرة علي مشاعرةِ وأنفعلاته التي ثارت علية مُؤخراً
تحمحمَ كي لا يفزعها، إلتفت بجسدِها ونظرت إلية بترقب بعيناها الساحرة التي آنعشت روحه وبثت الطمأنينة إلي قلبه
حين تحرك هو حتي إقترب منها وتحدث بنبرة صوت مُتحشرجة بفضل النوم :
_ صباح الخير
ردت علية الصباح بنبرة هادئة فسألها :
_إية اللي مصحيكي بدري إكدة ؟
أجابتهُ وهي تُحرك الملعقة يميناً ويساراً داخل قَدر الأرز بالحليب التي تعدهُ :
_ أني متعودة علي الصحيان بدري ، جولت أجوم أعمل طبجين رز بحليب نِفطرُ بيهم
وقف بجانبها ثم أمال بجزعهِ مُقتربً برأسهُ نحو القَدر وأشتمَ بإنتشاء رائحة التي تطهوة وتحدث مغمض العينان بإستمتاع :
_ يسلااااام علي ريحة الفانيليا مع الحليب ،،حلوة جووووي
ثم تطلع عليها بعيون تتفحصُ كُل إنشٍ بوجهها وتحدث بنبرة حنون وهو يقترب منها :
_تسلم يدك.
إنتشي داخلها بسعادة من كلماتهِ الحنون لكنها تلبكت من قربهِ وآبتعدت قليلاً بتوتر وخجل ما زادهُ بها إلا نشوة وإثارة
إستمعا إلي جرس الباب فتحمحمت هي وقالت:
_هروح أشوف مين اللي علي الباب.
أوقفها صوتهِ الجهوري وتحدث قائلاً بنبرة حادة:
_ وجفي عِندك،
توقفت وأستدارت له فتحدث بنبرة غائرة وهو يُشير إلي منامتِها وشعرها المفرود علي ظهرِها:
_عتفتحي الباب وإنت إكدة !
تحدثت إليه نافية :
_ لا طبعاً، أني كُت هدخل أوضة النوم ألبس الإسدال
أجابها وهو يتحرك في طريقه إلي الباب:
_اني هفتح وإنتِ كملي اللي عتعمليه
فتح الباب فؤجئ بمريم التي تحمل بين يديها صنيه وتحدثت بإحترام :
_ صباح الخير يا قاسم.
أجابها بنبرة هادئة وملامح وجه بشوشه:
_ صباح النور يا مريم
وأشار لها بكف يده في دعوة منه للدخول:
_ إدخلي واجفه لية
تحدثت وهي تدلف بساقيها :
_ عروستنا الجمر وينها ؟
أشار لها إلي المطبخ ودلف هو إلي غرفة المعيشة كي يعطي لهما المجال للتحدث بأريحية
وضعت مريم الحامل فوق رخامة المطبخ واحتضنت صفا التي سعدت كثيراً وأطمأنت بذاك العِناق التي شعرت بحنان مريم من خلالهُ
تحدثت مريم بوجهٍ بشوش:
_ كيفك يا صفا، ناجصك أيتوها حاچة أعملها لك؟
أجابتها صفا بسعادة تكادُ تنطلق من عيناها :
_ تسلميلي يا مريم، ربنا يخليكي ليا
نظرت مريم علي القدر الموضوع فوق المُوقد وتساءلت :
_ إنتِ عاملة رُز بحليب، ده أني جيبالك حليب طازة چدتك بعتهولك معاي
أجابتها صفا بهدوء :
_ تسلم يدك ويد چدتك، الحليب دي أمي شيعتهولي عشيه مع صَابحة
تحمحمت مريم ثم تساءلت بإهتمام :
_ هو أنتِ صُح عتشتغلي في المستشفي بعد أجازة شهر العسل ما تُخلص يا صفا ؟
اجابتها صفا بتأكيد :
_ أكيد هشتغل يا مريم، أومال أني كُنت بدرس الطِب سَبع سِنين لجل ما أجعد بعديها في البيت؟
تنهدت مريم بأسي ثم تحدثت بعدما ظهر الحُزن داخل مقلتيها:
_ يا بختك يا صفا، عتخرجي وعتشوفي خِلج جديدة غير الخِلج اللي عنشوفها كل يوم،
وأكملت بنبرة حزينة:
_ده أني من كُتر الحابسة اللي أني فيها بحس إن الحيطان عتطبج علي جلبي تُخنج روحي وتطلِعها .
نظرت صفا لحزن عيناها بتمعُن ثم تحدثت بنبرة حماسية :
_ بجول لك إية يا مريم، محباش تِشتِغلي معاي في المستشفي؟
إتسعت أعيُن مَريم وتحدثت بملامح وجة سعيدة مُتعجبة :
_ أني، وأني عشتغل إيه وياكي يا صفا، طب إنتِ دكتورة وهتعالچي العيانيين، ويزن أخوي ماسك المُدير المالي للمستشفي، اني بجا هعمل إية في وسطيكم !
إبتسمت لها وتحدثت :
_ إنتِ خريچة خدمة إجتماعية والمچال ده هنحتاچة في المستشفي، المُهم إنك موافجة من حيث المبدأ
قوسّت مريم بين حاجبيها وتسائلت بوجهٍ عابس:
_ وتفتكري چدك ولا فارس ولا حتي فايقة مرت عمك هيوافجوا علي شغلي بالسهولة دي ؟
ردت عليها مطمأنة إياها :
_موضوع موافجة چِدك دي سبيها عليا، وأظن إن من بعد موافجة چدك مفيش حد هيجدر يعترض
طارت مريم من شدة سعادتها وما شعرت بحالها إلا وهي تُلقي بحالها لداخل أحضان تلك الحنون وكأنها تحتاج لعِناق من أحدهم ليشعرها بالأمان، شعرت صفا بالإحتياج الضروري لمريم لذاك الإحتضان، فحاوطتها بساعديها برعاية وشددت من إحتضانها، مما جعل مريم تُطلق تنهيدة براحة وبدأت بلوم حالها وجلد ذاتها علي تعامُلها السئ الغير لائق بتلك رقيقة الحِس والمشاعر
*** ☆***☆ *** ☆***☆***
روايه قلبيّ بنارِهاَ مٌغرمٌ بقلمي روز آمين
بعد مرور ساعتان كانت ترتمي داخل حِصنها المنيع والذي هي أكيدة من أنهُ لا يُقارن ولن يوجد لهُ بشبيه، تشدد من إحتضانها له ، واضعه أنفها بصدرة تنتشئ رائحة جَسدهِ التي تُفوق أعلا وأغلي العطور الفرنسية بالنسبة لها
وما كان حالهُ بأقل من غاليته، فكان يُحاوطها بذراعيه مشدداً عليها داخل أحضانه الحانية ليُشبع حنينهُ إليها
كان يقف مقابلاً لهما وتجاورهُ رسمية وورد وصابحة التي وضعت الأشياء الكثيرة التي أحضرها زيدان لصغيرته، ثم تحركت للأسفل
نظر يتأمل تلك العلاقة الصحية التي تتسم بالإنسانية والمحبة والإحترام
تحدثت لائمة من داخل أحضانه التي إشتاقتها بجنون :
_ يا جلبك يا أبوى ،، هانت عليك صفا تسيبها كُل دي من غير ما تاخدها في حُضنك كِيف كل يوم وتطبطب عليها !
ضحكت رسمية وتحدثت وهي تُربت فوق كتف قاسم بفخر :
_ وهتعملي بيه إية حُضن زيدان في وچود حضن چوزك يا دَكتورة
نزلت كلمة جدتها علي قلبها أحرقته وتحدثت بقلبٍ مُنكسر إنهدمت أحلامهُ :
_حُضن ابوي ملوش بديل ولا لية زي ،، مفيش في الدنيا كلاتها حد مُمكن يعوضني عن حُضن وحنان أبوي
_نزلت كلماتها علي قلب ذاك الواقف زلزلته وألمته، حدث حالهُ لائماً : ألهذة الدرجة لم أعُد أعني لها، ألهذا الحد ألمتُكِ أنانيتي صغيرتي، لا تحزني حبيبتي، سأعوض قلبك الصغير وسأُنسيكي كل ما تسببت لكِ به من ألام، فقط إصبري !
أما زيدان الذي أخرج عزيزة أبيها من داخل أحضانه ثم آحتضن وجنتيها بين كفيه برعاية وأردف قائلاً بنبرة تَشعُ حنانً :
_كيفك يا روح جلب أبوكِ، زينه ؟
إنفطر قلبها وكادت أن تصرُخ لأبيها تشتكيه مُرّ زمانها وما صنعت الأيامُ بها، تمالكت من حالها وتنفست عالياً لضبط النفس ثم أجابته بنبرة صوت مُختنقة محتقنة بالألام :
_ بجِيت زينة بشوفتك يا حبيبي.
إنتفض داخله ودقق النظر داخل عيناها راصداً ألامها وتحدث إليها بنبرة قلقة :
_ مالك يا صفا. فيكي إية يا نن عين أبوكي ؟
وبلمح البصر رمق قاسم بنظرة حادة كالصقر وتحدث وهو ينظر إلية :
_فية حد عِمل لك حاچة ولا زعلك ؟!
إرتبكت من حدة صوت أبيها وتحدثت سريعً بتلبك :
_ لا يا ابوي محدش مزعلني
ثم نظرت لداخل عيناه وأردفت قائله بنبرة حنون متأثرة :
_ أني بس اللي إتوحشتك يا حبيبي
إبتلع قاسم لُعابه مُتأثراً ثم أردف قائلاً بنبرة دُعابية كي يُخرجهُ من حالته تلك :
_ صلي علي النبي أومال يا عمي ،، إنتَ چاي تهدي النَفوس بيني وبين مَرتّي ولا إية ؟
إنتفض قلبها وانتعشَ عندما إستمعت للقب زوجته منه، كم كانت تعشق كُل ما به وتتمناه، لقد وصلت في عِشقة لأقصي درجاته وأصبحت مُتيمةً بحلاوة عِشقة المُر ، كاللعنة غرامهُ أصاب قلبها البرئ بسهمٍ مُسمم بداءِ الهوي، فلا هي التي تنعمت بأحضانة وذابت ، ولا هي التي تقوي علي تركِهِ والإبتعاد.
ضحكت ورد ورسمية وإبتسم لهُ زيدان الذي تحرك إلي الأريكة ساحبً طفلته معهُ وجلس وأجلسها وسحبها بين أحضانه مُردفً بدُعابة مماثلة :
_ مش لازمن أدبح لك الجُطة من أولها كيف ما بيجولوا لجل ما تختشي
ضحك قاسم وتحدثَ بدُعابة جديدة عل شخصهِ إستغربها الجميع :
_طول عمري آسمع إن الجُطة دي الراچل اللي بيدبحها لمّرته لجل ما تخشاه وتسمع حديته ، لكن أول مرة آعرف إنها بتدبح من الحَما
تساءلت رسمية إلي قاسم بدُعابة مُماثلة:
_وإنت بجا دبحت لصفا البِسَه يا قاسم ؟
حول بصرهِ لتلك التي تنظر عليه من بين أحضان والدها الحنون تختبئ داخلها وكأنها طفلة العاشرة، وتحدث بنبرة حنون مادحً إياها بفخر :
_مش صفا زيدان اللي يِدبح لها الجُطة يا چدة، اللي كيف صفا في أخلاجها وأدبها تتشال علي الراس وتتحط چوة نِن العين.
إهتز داخلها من إستماعِها لشهادتهُ في حقِها حين إنفرجت أسارير الجدة وشعرت كم كان عِتمان مُحقً حين قال لها أن قاسم مُتمرد شارد عن أصلة ولن يعود إلا بقوة ناعمة، ولم يري حولهُ أقوى من تلك الشرسة الناعمة التي إستطاعت من خلال أيام قِلة أن تجعل منه شخصً ولأول مرة يُعبر عن مشاعرهُ تجاة أحدهم ،
أما زيدان الذي إطمأن قلبه علي صغيرته ووجه حديثهُ الشاكر إلي قاسم قائلاً :
_تعيش ويعيش أصلك يا ولدي
تحركت ورد وهي تُمسك بيدها بعض عُلب الحلوي الكرتونية التي مازالت موضوعة فوة سفرة الطعام واردفت قائلة :
_ هدخل أعمل لكم حاچة تشربوها وأجيب لكم چاتوة
*** ☆***☆ *** ☆***☆***
روايه قلبيّ بنارِهاَ مٌغرمٌ بقلمي روز آمين
في القاهرة
كانت تجلس فوق مقعد مكتبها الصغير المتواجد داخل غُرفتها المتواضعة، واضعة نظارتها الطبية التي ترتديها لأجل العمل حفاظً علي نظَرِها ، تعمل علي جهاز الحاسوب الخاص بها كألة عمل لا تتوقف أبداً كي تُلهي حالها عن حالة الغيرة والغضب التي تملكتها من عدم مُهاتفة قاسم لها مُنذ ليلة الحِنة
دلفت إليها والدتها دون إستئذان وتسائلت بنبرة حادة إستهجانية :
_ البية لسه بردوا مِتنيل قافل تليفونه وما كلمكيش ؟
زفرت بضيق شديد من طريقة والدتها المستفزة التي جعلت الدماء تغلي بعروقِها وتحتد أكثر وهي بالاساس تحاول جاهدة بأن تتغاضي وتتناسي
تحدثت بنبرة حادة:
_ حضرتك سألتيني السؤال ده بالليل و قولت لك لسه، وأكيد لو كلمني كنت هبلغك لأني عارفة ومتأكدة قد إيه الموضوع مهم بالنسبه لك،
وأكملت بلهجة شديدة الحدة :
_فياريت تبطلي سؤالك ده كل شوية لأنك بكدة بتضغطي علي أعصابي وأنا أصلاً مُتوترة وحقيقي مبقتش متحملة ضغط أكتر من كدة
نظرت لها كوثر بغضب من حِدة إسلوبها ،
دلف عدنان سريعً وهو يتلفت حولهُ وأغلق الباب خلفهُ وتسائل بإستفهام:
_ فيه إية يا جماعة صوتكم عالي كدة ليه، بابا قاعد برة ولو سمع أو حس بقلقكم ده هيدخَلنا في سين وجيم ومش هنخلص من تحقيقاته .
وقفت وتحدثت لهُ إيناس :
_قاسم ما أتصلش بيك من وقت ما كلمك من يومين يا عدنان ؟
تنهد بأسي لحال شقيقته وما أصبحت عليه وأجابها :
_ ما اتصلش يا إيناس، هو أتصل وقتها من تليفون فارس أخوه وإطمن علي الشغل وملاني بعض الملاحظات وقفل علي طول من غير حتي ما يديني فرصة لأي كلام
هتفت كوثر بنبرة مُرتعبة :
_ يا خوفي ليكون البيه عجبتُه البِنت وبيفكر يفشكل جوازته من أختك ويكتفي بجوازته من بنت عمه،
وأكملت بشر وتوعُد:
_ بس ده يبقا غلطان وغبي وميعرفش كوثر ممكن تعمل إية لو فكر بس يغدر بينا
أما تلك المُشتعله التي تسائلت والنار تنهش داخل صدرها :
_ إنتَ شفت البنت يا عدنان، حلوة ؟
وأكملت بنبرة جديدة عليها :
_طب أنا الأجمل ولا هي ؟
علي الفور تذكر عدنان فائقة الجمال تلك والتي لم يري لسحر عيناها مثيل، لكنهُ تراجع عن قول الحقيقة كي لا يُشعل شقيقتهُ أكثر وكي لا تغضب عليه وتُسقيهِ من المُر والنكدِ ألوان
فتحدث بنبرة مرتبكة بعض الشئ :
_ولا فيها ريحة الجمال اساساً، أصلاً مفيش مقارنة بين جمالك وبينها، دي حاجة كدة أستغفر الله العظيم شَبه الرجالة في شكلها وجِسمها
تنهدت حينها بإرتياح وأطمئن قلبها وأستكان، ورفعت قامتِها لأعلي بغرور، ثم جلست فوق مقعدها من جديد
*** ☆***☆ *** ☆***☆***
روايه قلبيّ بنارِهاَ مٌغرمٌ بقلمي روز آمين
بعد مرور خمسة أيام علي زواج قاسم وصفا
ليلاً داخل حديقة منزل عتمان،، كان شباب المنزل يجلسون سوياً يتسامرون، وذلك بعدما صعد فارس إلي شقيقهُ وطلب منهُ الحضور إلي الحديقة للجلوس مع أبناء عمومته
بعد مرور حوالي الساعة شعر بحاجتهِ إلي رؤياها التي أصبحت تبثُ الطمأنينة والراحة داخل نفسه
وقف ليستأذن منهم قائلاً بهدوء :
_تصبحوا علي خير يا شباب.
قوسَ حسن فمهِ بتعجب وتسائل :
_علي فين بدري إكده يا قاسم ؟
أجابهُ بإختصار:
_ يدوب أطلع لجل ما أنام يا حسن .
في حين تحدث فارس مُداعبً أخاه بغمزة من عيناه :
_ حَجك يا باشا ما أنتَ لساتك مُستچد في الچواز والموضوع چاي علي هَواك ،لكن لما تُبجا لك سنتين زيينا إكده عتُجعِد نفس جَعدة البوساء اللي إحنا جاعدينها دي بالتمام
ضحك الجميع عدا يزن الذي كان يرمُقهُ بنظرات حادة كنظرات الصَقر ، وخصوصاً أنه يعلم عِلم اليقين من أنه لا يحمل داخل قلبهِ لصفا أية مشاعر بل ويكادُ يجزمُ بأنهُ مازال علي علاقة بتلك الفتاه القاهرية التي كان يُحدثُها مُنذُ القديم، وما جعلهُ يتأكُد بأن ظنونهِ بمحلِهِ الصحيح هو ما حدث ليلة الحِنه وأرتياب قاسم الذي أصابهُ عندما إقترب منه يزن أثناء ما كان يتحدث بالهاتف
وقف قاسم وتحدث قائلاً وهو يُبادل ذاك اليزن نظراتهِ النارية :
_ أني مش زيكم ولا عمري هكون يا فارس.
سلط يزن عيناه داخل عيناي قاسم بغضب وأردف قائلاً بنبرة جامدة :
_ من چهة إنك مش زيينا فأني مِتوكد من إكدة يا مِتر ، بس مش عايزك تفرح چوي إكدة لان دِي مش حاچة بتميزك عنيِنا، دي ليها فاتورة واعرة جوي ولازمن تِندفع، والتمن هيُجا غالي ، غالي جوي فوج ما خيالك يصور لك يا وِلد عمي .
ضيق عيناة مُستغربً حديث ذاك الغاضب وماذا يقصد به، وما هو الثمن الذي يتوجب علية دفعة، أيوجد ثمن لم يُدفع بعد ؟
لقد قام بدفع الثمن وتسديد كامل الفاتورة مُقدمً من كرامته التي هُدِرت أمام تلك الصفا وأمام حالهُ وأنتهي الأمر، هكذا هو تصورهُ للموضوع
فأراد أن يحرق روحهُ فتحدث بإهانة وتقليل من شأن يزن :
_
التمَن دي للناس الضعيفة اللي عتسمع الحديت وتطاطي راسها وتجول عُلم ويُنفذ وأمراً مُطاع يا صَاحب الأمر ،
وأكمل بعناد ولهجة تهديدية رافعً قامته لأعلي :
_ لكن أني لا يا باشمهندس ، إنتَ لساتك متِعرفش الوش التاني والحجيجي لقاسم النُعماني، ومن الأحسن إنك معتشفهوش.
قهقة يزن عالياً وأجابهُ بكُل ثقة :
_ إنتَ اللي كَن جَعدتك في مَصر نَستَك عوايدنا ومخلتَكِش تركز في الناس اللي مِنيِك زين
وأكمل ساخراً:
_علي العموم أني عاوزك تِفتكر كلامك دِه زين علشان
باقى ال17 و ال18💘
_علي العموم أني عاوزك تِفتكر كلامك دِه زين علشان عفَكرك بيه جِريب ، جِريب جَوي يا مِتر.
إستشاط ذاك الغاضب وكادَ أن يتحدث لولا تدخل فارس الذي أراد أن يهدئ من الوضع بعدما رأي بعيناه أنهُ باتَ علي وشك الإنفجار.
أردفَ فارس بمُداعبة لتلطيف الأجواء :
_ زينة مُناظرة التِيران الشرسه دِي يا شباب ، بس لو زادت أكتر من إكدة هتتجلب لمصارعة والليلة هتغَفلج علي الكُل كَلِيلهْ
وأكمل بنبرة تعقُلية :
_صلوا علي النبي إكدة وإهدوا ، وإنتَ يا قاسم، يلا إطلع علي فوج لعروستك
ثم إتجهَ ببصرهِ إلي يزن وتحدثَ بدُعابة ساخرة :
_ وإنت يا يزن ، تعالي لاعبني دور طاولة لجل ما أخَسِرك وأحَزنك علي شبابك جبل ما تطلع ل ليلي وتاخد منيها چُرعة النكد الأوچانك اليومية اللي معتعرفش تتخِمد من غيرها
قهقه الجميع علي سُخرية فارس من شقيقته ذات الطباع الحادة عَدا قاسم الذي رمق يزن بنظرة حارقة ثم تحرك وصعد للأعلي دون إضافة المزيد
_____________
دلف لداخل حجرة نومهما ، وجدها تجلس القرفصاء فوق الفراش وتضع وسادة صغيرة فوق ساقيها ومن فوقها جهاز اللاب توب وتنظر لشاشته بتركيز وإهتمام مبالغ به، وصل إلي أنها لم تشعر بوجودهٌ حين دلف للداخل
تحدث متحمحمً كي تنتبه إلي دلوفه:
_مساء الخير
ردت عليه ومازالت عيناها مٌثبته فوق شاشة الجهاز حتي أنها لم تكلف حالها عَناء النظر لوجههِ وهي تحادثه
إستشاط داخله من تجاهُلها له، لكنهٌ فسرهٌ علي أنه ردً للثأر لكرامتها وتصنُع الكبرياء واللامبالاه، لغسل ماء وجهها أمامه بعد ما صار منهُ ليلة زفافهُما التي مهما حاولت تجاوزها إلا أنها بين الحين والآخر تكشعِرُ ملامِحُها وتتجنب الحديث معه بدون أدني سبب، وهذا ما كان يؤرقُه دائماً
تحرك إلي الخَزانه وأخرج ثيابً مُريحه ودلف لداخل المرحاض ،أخذ حمامً دافئً وأرتدي ثيابه وخرج من جديد ليجدها ما زالت علي نفس وضعيتها ،وقف أمام مِرأته صفف شعرةٌ الأسود بعناية فائقة ونثر عطرهٌ الفواح فوق جسده
وبعد ذلك تحرك للفراش وتمدد بجسدهِ بجوارها وأسند رأسهٌ للخلف ،ومازالت هي علي وضعِها، تحمحمَ للفت الإنتباة ولكن، مازالت تلك الساحرة تنظر لشاشتِها بتمعن شديد دون ان تُعطي لحضورةُ أدني إهتمام مما أثار فضولهُ وثارت كرامتهْ أيضاً
علي غير عادته رفع قامتهِ لأعلي وبات يتلصص ليري ما الذي يستحوذ علي تركيزها، نظر لشاشة الجهاز حتي يري ما الذي يٌشغل عقل تلك العنيده لهذه الدرجة !
نظر وياليتهٌ لم يفعل ،وجدها تتابع عملية جراحية لإستئصال المرارة ،وجد الطبيب مٌمسكً بالمشرط الخاص بالعمليات وقام بشق بطن المريض بكل هدوء ومهنية، وبدأت بعض قطرات الدماء البسيطة تسيلُ بهدوء والمُمرضه تقوم بتجفيفها بحرفية في مظهر تقشعِرٌ لهٌ الأبدان
لم يستطع تمالك حالهٌ وأعتدل بجلسته وسريعً إنتفض وهو يُهرول إلي المرحاض حتي يٌخرج ما بداخل أمعاءه
نظرت إليه بإستغراب لحالته وأوقفت بث الفيديو وتحركت إليه سريعً، وقفت أمام الباب وهي تتساءل بنبرة قلقه وعيون مٌتلهفة حين وجدته يفرغ ما بمعدته ووجههٌ إكتسي باللون الأحمر الداكن وأثار التعب والقرفه تظهر فوق ملامحه:
_ إنتَ كويس ؟
إغتسل جيداً وأمسك بيده المنشفه وتحرك إليها وهو يجفف فمه ووجهه وأردف قائلاً بإستياء وأشمئزاز :
_هبجي كويس إزاي بعد الجرف اللي شفته ده ، إنتِ إتچننتي يا صفا،أيه الجرف اللي عتتفرجي عليه ده ؟
أجابته بنبرة مُتعجبة :
_جرف، أولاً يا حضرت المحامي المُحترم ده مسموش جرف
وأكملت بنبرة علميه :
_دي عملية لإستئصال مرارة مُلتهبه وعلي وشك الإنفجار كُمان
نظر لها بإشمئزاز وأردف مٌتسائلاً بتعجُب :
_وإنتِ إيه اللي چابرك في إنك تتفرچي علي المذبحه دي ؟
أجابته بنبرة ساخرة :
_يمكن لأني چراحة مثلاً ودِه في إطار شغلي ؟
نظر لها بذهول وأردفَ مٌتساءلاً :
_ وإنت حَج عتشتغلي إكده ؟ ،أني إفتكرتك بكتيرك عتكشفي علي عيل إصغير ولا واحده عِنديها مغص ، لكن توصل بيكِ الچرأه إنك تشٌجي بطن الخَلج بعدم رحمة كيف جتالين الجُتله إكده ،،ده اللي عمري ما كُنت أتخيل إنك هتعملية
ضحكت بشدة وصلت حد القهقه وأرجعت رأسها خلفً من شدة ضحكاتها ،نظر إليها بإنبهار لطريقه ضحكتها المٌثيرة ووجهها الذي آٌنِيرّ بطريقة تسر الناظرين إليه ، إبتلع لٌعابهٌ بتوتر لما شعر به من أحاسيس ومشاعر جديده عليه في حضرة تلك الصفا،
وتحدثت هي ناظرة إليه بتفسير :
_بص يا قاسم، أني تخصص چراحه عامه ، لكن في نفس الوجت دارسه شُعبة عامة ،يعني بعالچ كُل ما تتخيله ،عيل إصغير و واحده عِنديها مغص زي ما حضرتك إتفضلت وجولت ،،بس دِه ميمنعش إني چراحه
وأكملت بتفاخر مٌصطنع وهي تٌشير علي حالها بأصابع كف يدها الرقيق :
_ وچراحة شاطرة كمان بشهادة دكاترتي في الچامعة واللي أشرفوا علي تدريبي بذات نفسيهم ،وعشان إكده لازمً أطور من نفسي وأبقي علي دراية كاملة بكُل ما هو چديد في عالم الچِراحة
بتحبي شغلك يا صفا ؟ جملة تساءل بها قاسم بإهتمام
أجابته مٌبتسمة بعيون فرحة :
_ كلمة بحبه دي جليلة جوي علي اللي بحسه تجاه شغلي ، الطب ده رسالة سامية ،فاهم يعني أية تخفف عن حد ألم مُميت ولا تشيل عنه أذي محتم كان هيأدي لدمار چسمه ؟
ولا لما تشيل الألم عن عَيل إصغير بيبكي ومحدش عارف ماله ولا فيه أيه ؟
حجيجي الموضوع مُمتع ويستاهل تعب المِهنة
إبتسم لسعادتها وتحدث بنبرة مٌترجية :
_ طب ممكن تجفلي العملية دي وتتفرجي عليها بعدين، بجد مش جادر أشوف المنظر ده جِدامي
أطلقت ضحكاتها المٌثيرة من جديد حين تذكرت حالته وتحدثت بنبرة ساخرة أغاظته:
_أني اللي حجيجي مش جادرة أنسي شكلك وإنتَ مبرج وباصص للعملية بذهول ،،
وأكملت بتناسي وعدم تركيز في الحديث :
_ أخر واحد كُت أتخيل إنه يخاف وإن عنديه جلب زي البني أدمين وبيحس هو أنتَ يا قاسم !
نزلت كلماتها عليه زلزلت كيانه وشعر بطعنة ولكن لأجلها لا لأجله ،لأجل شعورها به
نظر لها بحزنٍ عميق وتساءل داخلهٌ،أحقاً تريني هكذا صفا ؟
رجٌلاً بلا قلبٍ بلا مشاعر بلا حِس ؟
تنهد بتألم وأردف قائلاً لها وهو ينظر لمقلتيها :
_علي فكرة يا صفا ،أني مش وحش جوي إكده زي ما أنتِ شيفاني ،يمكن جلوبنا منسجمتش مع بعضها وده طبعاً يرچع لظروفنا اللي إتحطينا فيها ونظام الچبر اللي إتچوزنا بيه ،،
وأكمل مُفسراً لتصرفاتهِ السابقة معها :
_ وأني طول عمري مكرهش في حياتي قد الحاچه اللي أنجبر عليها وتتفرض علي
نزلت جملتهٌ النارية عليها أدمت قلبها العاشق ومزقت ما تبقي منه ،حولت بصرها للجهه الأخري كي لا تخونها دموعها وترفع الراية البيضاء وتنهمر بحرارة أمامهٌ
أمسكت جهاز اللاب توب وأغلقته، وضعته بجانبها فوق الكومود وتحدثت وهي تواليه ظهرها وتتمدد فوق الفراش وتدثر حالها تحته في محاولة منها للهروب بأحزانها بعيداً عنه ولحفظ ما تبقا من كرامتها التي هَدرها جَدها تحت ساقي ذلك القاسي:
_ إجفل النور لو سمحت ،أني عاوز أنام.
شعر بغصه مٌرة داخل حلقة لأجلها وشعر كم كان قاسياً بوصفه لعلاقتهما، وأنهٌ أزادها عليها ولكن كان لحديثهُ بقية، كان سيرُضي بهِ قلبها الرقيق ويعتذر منها ولكنها تسرعت بغضبها
فتحدث هو بإستحياء بنبرة خجلة مُبرراً حديثه ومكملاً لما بدأ :
_حَجِك عليا يا صفا، أني مجصدتش الوصف اللي وصلك ولساته لكلامي بجية ،أني ٠٠٠
قاطعته بحديثها الحاد الذي يطغو علي نبرتهِ الغضب:
_ من فضلك يا متر ، معيزاش أسمع مبررات إنتَ في غِني عنيها، وأساساً الموضوع كِلاته لا يعنيني بشئ
وأكملت بنبرة بارده وكلمات مُهينة ثائرة لكرامتِها :
_ وصدِجني أني لا أجِل عَنيك في نظرتي لعلاجتنا العقيمه عديمة الفايدة دي ، وبالنسبة لي هي وضع مؤقت ليس إلا
إستشاط غضبً من كلماتها المُهينه لشخصِه ولا يعلم لما أشتعل داخله بوصفها لعلاقتهما بأنها عقيمة عديمة الفائدة ولكن تحامل علي حالة وصمت كي لا يُزيدها عليها ،وأغلق الضوء وتمدد بجوارها واضعً يداه تحت رأسه ناظراً إلي التي تواليه ظهرها دون إهتمام
*** ☆***☆ *** ☆***☆***
روايه قلبيّ بنارِهاَ مٌغرمٌ بقلمي روز آمين
داخل مسكن يزن وليلي
كان يجلس داخل بهو الشقة وبيدهِ بعض الأوراق الهامة الخاصة بالمحَجر ليستخلِصها ، تحركت إلية ليلي وهي ممسكة بيدها حاملاً موضوع عليه كأسان من مشروبً بارد قد صنعته داخل المطبخ كي يُرطب عليهما في ذلك الطقس الساخن
جلست بجانبه وأمسكت بكأس المشروب وتحدثت بإبتسامة حانية وعشق ظهر داخل عيناها وهي تبسط إليه يدها :
_ العصير اللي عتحبه يا حبيبي
قطع عملهُ ثم نظر لها وأخذ كأس العصير وأرتشف منه القليل وأرجع ظهرهُ مُستنداً به إلي الخلف ناظراً أمامهُ ببرود
حزن داخلها وأردفت مُتسائلة بنبرة حزينه :
_ لساتك زعلان مني يا يزن ، أني مجادراش علي زعلك دِة، روحي عتفارجني ومهترجعليش غير برضاك عليا يا حبيبي
صُح عتحبيني يا ليلي ؟!
سؤال مُتعجب طرحهُ يزن عليها بإستهجان!
أجابته بقوة وثبات : لساتك عتسأل يا يزن، ده آنتَ النفس اللي أني ععيش عليه، أني عشجانة لروحك وجلبك يا واد عمي
نظر لها بإشمئزاز وتحدث بقوة :
_ كدابة يا ليلي ، معصدكش ولا كلمة من اللي عتجولية، تعرفي ليه ؟
نظرت له بألم تترقب باقي حديثهُ فهتف هو بإتهام :
_ اللي عيعشج كيف مبتجولي جلبه ميعرفش الكُرة يا ليلي ، وإنتِ جلبك مليان سواد وحجد علي بِت عمك الغلبانة .
وما أن إستمعت لمبرراته حتي إستشاط داخِلُها وتحدثت بنبرة حقودة وكأنها تحولت لأخري :
_ جولي إكدة ، بجا جَلبتك علي ولوية بوزك الأيام اللي فَاتت دي كِلياتها لجل بِت ورد ؟!
إشتعلت نيرانهُ ورمقها بنظرة حادة أخرستها وتحدث بلهجة صارمة مهدداً إياها :
_ أول وأخر مرة أسمعك تجولي علي بِت عمك بِت ورد، الله في سماه لو سمعتها مِنيكي تاني لكون جاطع لك لسانك ورامية للكلاب تاكلة، ده لو رضيوا ياكلوة من الاساس ،،سمعاني
إرتعب جسدها من صوته الجهوري وأبتلعت سائل لعابها، وأومأت لهُ بموافقة
لانت ملامحهُ قليلاً وعاود الإرتشاف من كأس العصير
حين حزن داخلها وتحدثت بملامح وجة حزينه ونبرة صوت مُنكسرة :
_ عُمرك سألت حالك أني ليه هكرة صفا وأطيج العما ولا أطيجهاش إكدة
إلتف إليها ناظراً وأردف بضيق :
_ عشان جَلبك أسود وأمك شربتك الجسوة والحِجد من ناحية بِت عمك ، وبدل ما تحبيها وتاخديها في صفك وتطبطبي عليها إكمنها وحيدة ، سيبتي حالك للشيطان يتملك منيكي ويكَبر بَغضِك وحِجدِك علي المسكينة
هزت رأسها بنفي وأردفت بنبرة مُختنقة من أثر إحتقان دموعها :
_ لا يا يزن ، أني ما أتخلجتش بكرة صفا لا، كُرة صفا إتخلج وكبر واحدة واحدة جواتي وكل ده بسبب عمايل چدك وچدتك وحتي أبوك وامك، كلياتهم كانوا عيفضلوها علي،كانوا عيحبوها وياخدوها جواة أحضانهم وأني واجفة چار الحيط أتفرج عليهم كِيف الغريبة ، چدك عِتمان عمرة ما دخلني چواة حُضنه
وأكملت بشرود وهي تهز رأسها بحُزن:
_ معرفهوش أني حضن چدك دي!
كان يستمع إليها بهدوء بعدما حزن داخلهُ لأجل صوتها الصَارخ ودموعها المَسجونه داخل مقلتيها وتريد من يُطلق سراحها لتنطلق وتصرخ تعبيراً عن مدي ألامُها
تحدث إليها بنبرة حنون :
_ بس هما مكنوش بيعملوا إكدة كُره فيكي يا ليلي ، چدك وچدتك كانوا بيعوضوا غياب عمك زيدان عنيهم في حُضنهم لصفا ، هُما اللي كانوا محتاچين الحُضن دي يا ليلي مش صفا
وأكمل مُبرراً :
_أما أبوي وأمي هما كمان كانوا حاسين بحرمانها من لمة العِيلة وما بيصدجوا اليوم اللي تاچي فيه إهني ويحاولوا يحاوطوها بحنانهم لجل ما يعوضوها
صاحت قائلة بنبرة حادة غاضبة حاقدة :
_صفا مكانش ناجصها أحضان يا يزن؟
أني اللي كُنت مِحتچاها ، أني اللي عمري ما دوجت لحُضن أبوي طعم ، حتي أمي عمرها ما خَدتني جواة حُضنها ولا إتحدتت وياي كيف الأمهات مبيعملوا مع البِنته.
صرخت به وأزرفت دموعها الحبيسة حيثُ أنها لم تَعُد تستطيع الصمود أكثر :
_حتي آنتَ يا حبيبي يا اللي إختارتك من صُغري لجل ما تُبجا خليلي، فوتني وجلبك مال لها هي ، مع أن عمرها شافتك ولا حست بيك كِيف ما أني حسيتك، ورغم إكدة عشجتها بكل ما فيك.
وأكملت بشهقة خلعت قلبهِ معها وكسبت بها تعاطفهُ :
_ ولساتك عتعشجها لدلوك وعتدافع عَنيها وتوبخني لجل خاطر عِنيها
سحبها وأدخلها لداخل أحضانة وبات يُربت فوق ظهرها بحنان وأردف قائلاً :
_حديت إية اللي عتجولية دي يا ليلي ، صفا بجت مرات أخوي يعني إتحرمت علي كيف أمي وأختي.
كيف افضلها عليكي وإنتِ مّرتي وهتُبجي أم ولادي
إنتفضت من داخل أحضانه ونظرت إلية بترقب وأردفت متسائلة :
_ كان نفسى تجول حبيبتي، مش مّرتي يا يزن
أجابها بثقة :
_ اللحكاية دي في يدك لوحدك يا ليلي ، إنتِ الوحيدة برجِتك وجلبك النضيف اللي عيحب اللي حوالية ومعيشيلش جواته أي كرة أو حِجد لغيرة، اللي هتخليني أشوفك حبيبتي اللي معجدرش أستغني عنيِها
إوعديني إنك تتغيري يا ليلي ، إدي فرصة لجلبك يِطَهر من ذنوبه وخطياه، حِبي اللي حواليكي يا ليلي، وجبلهم حبي حالك وطهري روحك
ساعتها عشوفك حبيبتي اللي عحبها واتمناها، وإية اللي يمنع وجتها جولي لي
كانت تستمع إلية وقلبها يتمزق، صراع داخل روحها التائهة، تشتُت يؤرجح عقلها، هي ليست بالشيطان،، لكنها ترعرعت داخل أحضانه ، تسمم عقلها بأفكارة ، لطالما لم تجد من يأخذ بيدها لطريق الحق ويُنير ضَربِها العاتِم
كانت تومئ لهُ برأسِها وتتساقط دموعها الغزيرة التي جعلتهُ مُتأثراً بعدما شعر بتشتتُها
أمسك كف يدها قَبلهُ وتحدث بنبرة حنون :
_ جربي من ربنا يا ليلي في الجُرب مِنيه النچاة، في حَضرته جلبك هيرتاح وبصيرتك هتنور وكل شي جدامك هيوضح ويبان كيف عين الشمش
وأكمل بنُصح :
_ صلي يا ليلي ، صلي بإنتظام وأجعدي بعد الصلاة كلمي ربنا وإشكي لهُ همك ، جولي له علي كل اللي تاعب روحك وواجع جلبك ، هو اللي هيجدر يطيب جراحك ويريح جلبك
بكت وبكت بمرارة وكلما زاد البكاء شعرت بالراحة وكأن دموعها تلك تُنقيها من خطاياها التي لا حصر لها والتي فعلت معظمها بجهلٍ منها وذلك لإنشغال والديها عنها وعدم توعيتها للصح
شعر بالأسي تجاهها وأخذها داخل أحضانه وشدد منه وتمسكت هي بضمته كمن وجد ضالته وضلت تُبكي بمرارة حتي إستكانت بعدما أفرغت ما بداخلها، ولكن يضل السؤال، هل يمكن حقاً لمن تربت داخل أحضان الشيطان أن تسلك الطريق الصحيح وتهتدي ؟
دعونا ننتظر هل سيتغلب الطَبع السئ أم التطبُع
*** ☆***☆ *** ☆***☆***
روايه قلبيّ بنارِهاَ مٌغرمٌ بقلمي روز آمين
مساء اليوم التالي
داخل حُجرة قدري، يجلس كُل من قدري وفايقه وفارس بناءً علي طلب ذاك القاسم الجالس مُقابلاً لهم بملامح وجة مُبهمة
تحدث قدري مُتسائلاً بنبرة قلقة :
_فية آية يا ولدي ، چامِعنا بربطة المَعلم لية إكدة ؟!
تحدثت فايقه متسائلة :
_ فية حاچة حُصلت يا قاسم ؟
أخذ نفسً عميقً ثم زفرة بضيق وتحدث مهمومً لما هو أتْ :
_ أني مهتچوزش علي بِت عمي يا أبوي
وأكمل بقوة وإصرار :
_ هروح ل إيناس وأحِل وِعدتي وياها وهجبل بكُل اللي يطلبوة أهلها مني ، بس مهغدرش ببِت عمي ولا عخون أمانة عمي زيدان اللي أمني عليها
إنتهي البارت
تري ما هي ردة فعل قدري وفايقة علي قرار قاسم ؟
وهل حقاً ستتركهُ إيناس بتلك السهولة بعدما جعلها تنتظرة كُل تلك السنوات الفائتة ؟
💘💘💘💘
نظر لوالدة وتحدث بنبرة رافضة :
_ أني مهخونش ثقة عمي فيا يا أبوي حتي لو علي رجبتي
وكأن بكلماتهِ تلك قد سكب مادة شديدة الإشتعال داخل صدر فايقة الملئ بالحِقد والتي إنتفضت قائلة بنبرة خبيثة في محاولة مِنها لإستيقاظ ضمير صغيرها :
_ كيف يعني تسيب البِنية بعد ما ركَنتها چارك سّبع سّنين وكُل الخَلج هناك تِعرف إنها خطيبتك ؟
وأكملت لدغدغة مشاعرة :
_ترضاها علي أختك دي يا قاسم؟
اللي منرضهوش علي بناتنا منرضهوش علي بنات الناس يا ولدي.
أما قدري فلم يعنيه الأمر بالكثير، كُل ما كان يعنية هو إتمام زواج قاسم من إبنة زيدان كي يضمن ورثها بين يداه وولده وهذا ما عثر علية بالفعل ، وكُل ما يشغل بالهِ حالياً هو كيف سيقنع قاسم بأن يطلبْ من صفا أن تتنازل لهُ عن العشرون فدان التي تنازلت بهما رسمية ووثقتهما إلي صفا
حين تحدث فارس بنبرة حماسية مُتضامناً مع قرار شقيقهُ : عفارم عليك يا قاسم، تفكيرك عين العجل يا أخوي، لا مَرتك ولا عمك زيدان كانوا يستاهلوا مِنيك الغدر
رمقتهُ فايقة بنظرات نارية وصاحت بجنون :
_ يعني بِت الناس اللي وثجت فيه وأستحملت ظروفه وتنها جاعدة چارة سّبع سنين، هي اللي تستاهل يتغدر بيها يا سي فارس ؟
أجابها قاسم مُفسراً موقفهُ :
_ غلطة وعِملتها من غير ما أحسب لها ولازمن أصلِحها يا أمّا، وياريت تخرچي حالك براة الموضوع دِه، أني هروح لهم وهتفاهم وياهم وهنفذ لهم كُل اللي يطلبوة كتعويض ليهم عن أي ضرر نفسي حصل لهم
هُنا لم يستطع قدري الصَمت أكثر وبالتحديد عندما إستمع إلي ولدة وأنهُ سيفقد نقوداً أمام تلك الغلطة فتحدث بنبرة ساخطة :
_ ولما أنتَ معايزش تُغدر بالسنيورة بِت عمك، كان لازمته أية من اللول كُل اللي عِملته ده يا شملول ؟
وأكمل لائمً:
_ في اللول كُت هتخربط لي كُل اللي جعدت عمري كله أخطط له وأستناه، وبعديها شحطتني وياك وجعدتني ويا الراچل ومَرته اللي كِيف الحرباية، وجعدت تؤمر وتتأمر عليا وهي متسواش ميلم أحُمر لا هي ولا جوزها الدلدول ولا حتي البِت، ده أني شفت طمعهم فيك جوات عنيهم اللي تِدب فيها رصاصة، وسَكت لجل ما أراضيك وأخليك تكمل چوازك من بِت زيدان،
ثم رمقهُ بنظرة مُقللة لشخصة وأردف مُتسائلاً بنبرة ساخطة:
_مالك يا واد مراسيش علي بر ليه؟
، متفوج لحالك إكدة وإعرف مُصلحتك وينها يا حزين
نظر له بتألم وأردف بتساءل بنبرة مُختنقة بالعبرات :
_صُح معارفش ولدك ماله يا أبوي ؟
وأكمل بتألم وكأنهُ كان ينتظر ذاك السؤال بالتحديد :
_ أني ضايع من حالي يا أبوي، معارفش أرتاح، جواتي إتنين بيتعاركوا ومجطعين بعض طول الوجت، طول عمري وأني مجسوم نصين وضايع ، نص بيناتكم إنتَ وأمي، والنص التاني وَيَا ضميري اللي عيصرخ ومعيريحنيش واصل ، نص بين اللي أني رايده وعيريحني، وبين اللي إنتوا وچدي رايدينه
وأكمل بألم يمزق قلبهُ :
_ من واني عيل صِغير كان مزاچي ميال للكورة، لحد ما في يوم حضرتك شفتني وأني بلعب في الشارع ويا العيال ، مجادرش أنسي الجَتلة اللي كَلتها مِنيك في اليوم دِي ، جولت لي هتسيب علامك وتخيب يا قاسم ،ده أني أدبحك بيدي يا واد، أني عايزك تُبجا دَكتور ولا مِهندس لجل ما تشرفني جِدام چِدك وأعرفوا كيف العلام بيكون ، مش كيف زيدان ولده اللي واخد كُلية تچارة خيبانه زييه
ضحك ساخراً وأكمل :
_ كنت دايما زارعني جار چدي لجل ما أكون جِريب من جلبه ويحبني عشان ينسي بيا بُعده عن عمي زيدان ، چِدي من ناحية يعلمني الأصول وكيف أحب إعمامي وولادهم وكيف أكون سند لعزوتي بعديه
وأكمل بتألم :
_ ومن الناحية التانية إنتَ وأمي تعلموني كيف أكرة ولاد إعمامي وأتفوج عليهم كِلياتهم وأعتبرهم أعداء ليا ولخواتي، جسمتوني نصين بيناتكم ،
وأكمل بنبرة مُميته مميلاً برأسهِ:
_ شرختوني يا أبوي
تساءل بعيون لامعة بالدموع شقت صدر فارس الذي يستمع إليه بقلبٍ يصرخ متألمً :
_ چاي دالوك تجول لي إرسي علي بر وإختار مُصلختك؟
ميتا إختارت شي بخاطري أني يا أبوي ؟
ميتا كان ليا رأي وكِلمة بيناتكم ؟
طول عمري وأني مچبور علي كل حاچه ، طول عُمري مِتساج ومُسير، من مِيتا أني كُنت مُخير ؟
وأكمل مُذكراً إياه :
_فاكر لما چِبت مجموع جُليل في الثانوية العامة ، كَلت مِنيك جَتلة مناسيهاش للنِهاردة ، وجتها جولت لك هدخل تربية رياضية لجل ما أحجج حِلمي وألعب كورة وأدرب العيال اللي عدرس لهم
وجفت في وشي وجولت لي لا،مهيحصُلش أبداً، وكان يوم عيدك لما چدي جرر يدخلني الكُلية اللي بطلع المحامين لجل ما أمسك له جضاياة الكتيرة بدل الأستاذ عبدالجليل المحامي
وضحك ساخراً :
_ وبعدها إختار لي شُجتي، عرببتي، حتي سَريري اللي كُت عنام عليه كان علي ذوجه هو
وأكمل:
_ بعدت، كان نفسي أنسلخ من چلدي وأطلع من إهني بدون راچعة وأبعد عن كل حاچة ، الكُرة والحِجد والتحكمات والظُلم اللي ماليكم
رميت حالي في ظلام أول واحدة جابلتني لجل بس ما أهرب من چوازي من بِت عمي اللي إنتَ وأمي باصين لورثِتها مش ليها،
وأكمل بصياح :
_ كُت عايز أهرب لجل ما أحميها من حالي ومنكم ، بس معرفتِش ، وكَن الدنيي بطلع لي لِسانها وتجول لي ميتا إختارت شي بخُطرك يا حَزين لجل ما تاچي دالوك وتختار .
ما أصعبهُ من شعورٍ مُميت حين تجد أقرب الناس إلي روحك هم من يسخرون من ألامك والتي هي بالأساس مِن صُنع أيديهم
هكذا كانت نظرات قدري وفايقه الساخرة وهم يرمقون قاسم مُقللين من حجم مُعاناته ومن شكواة ، إلا من شقيقهُ والذي يُشبههُ بالأساس، كم كانت مُتشابهه روحيهما في التمزُق ، وكأنهُما يتقاسمان الألم ذاته، كم كان داخل فارس مشوة دميمم كداخل شقيقهُ !
كانت تستمع له بقلبٍ مُتيبس لا يعرف للرحمة معني ، أما والدهُ فقد صاح بهِ بتجبر غير عابئ بحالة صغيرة التي تُقطع أنياط القلب :
_ده بدل ما تاچي تتشكرني وتحب علي يدي بعد كُل اللي عِملناه علشانك دي، چاي ترمي علينا اللوم والعَتب ؟!
وأكمل :
_ أني عِملت منيك راچل ملو هدومك، چِدك بيكبرك ومهيخطيش خطوة واحدة غير لما بياخد مشورتك فيها
وأسترسل حديثهُ بمراوغة وكذب:
_حتي بِت زيدان اللي خُفت عليها من طمع النجع والمركز كليتاته في مال أبوها، وجولت أچوزها لك لجل ما أحميها من طمع الخلج فيها ، چاي تتهمني إني طمعان في ورثِتها يا قاسم ؟
وتسائل غاضبً :
_ هو ده چزاتي أني وأمك بعد كل اللي وصلناك ليه ؟
ضحك ساخراً علي حاله،
أما فايقة التي تحدثت إلية بصياح وفحيح من بين أسنانها :
_ عِملت فيك إية بِت ورد؟
أكيد سَحرت لك كِيف أمها ما سحرت لزيدان جبل سابج،
وتساءلت بصياحٍ حاد :
_ شَربتك إية يا ولدي، آُنطج ؟
أجابها بنبرة حزينة وعيون متألمة لأجل والدته التي لم تشعر به قط وبحال قلبه الدائم التشتُتْ والتألم :
_ شربتني حنانها من مُچرد نظرة عِنيها وهي بتبص لي، عرفتني إن لسه في الدنيي ناس جلوبها صافية ونضيفه،طبطبت علي جلبي من مُچرد حاچات بسيطة عتعِمِلها بمنتهي العفوية، جابلت جسوتي وچبروتي بمنتهي الحِنية يا أمّا
تحدث قدري كي يُنهي تلك المناقشة عديمة الجدوي بالنسبة له وخصوصاً بعدما استشف الإصرار من عين نجله والذي يتوافق مع رأيهُ بالأساس :
_ إعمل اللي عَيلِد عليك يا قاسم، الحكاية كِلياتها من اللول مكانش ليها لزوم ، چِدك لو كان عِرف بالإتفاج دي كان عيشندِلنا كلياتنا وعَتجوم جيامتنا وياه ومهنخلُصش
جحظت عيناي فايقة من إستسلام زوجها لقرار قاسم وضياع حُلم حياتها بكسر زيدان علي غاليته، فتحدثت بإعتراض بنبرة غاضبة :
_ حديت إيه اللي عتجوله دي يا قدري ؟
رمقها بنظرة حارقة وتحدث بنبرة حادة أخرستها :
_ اللي سمعتيه يا فايقة ومعايزش رَط حريم واصل .
رمقتة بعيون تطلق شزراً تحت نظرات قاسم وفارس المُتعجبة من حالة تلك المُشتعلة ناراً من ذاك القرار
فاق فارس علي حاله وتحرك إلي شقيقهُ وتحدث بنبرة حزينة لأجله :
_ يلا عاود علي شُجتك يا قاسم، وأول ما ترچع مصر حل الخطوبة اللي مكانش عيچي لك من وراها غير مشاكل ربنا وحده اللي عالم كانت هترسي علي إية يا أخوي
إنسحب مع شقيقه للخارج تحت قلب فايقة المُشتعل بنار الحِقد وأرتياح عقل قدري من ناحية غضب أباه، وبدأ تخطيطهُ لما هو أت وكيف سيستفيد
فاق علي حالهِ ونظر علي تلك التي ترمقهُ بنظرات نارية كارهه، نظر لها بتدقيق وتحدث مُهدداً إياها :
_إسمعيني زين يا فايقة وحُطي الكلمتين دول حلجة في ودانك عشان متاجيش بعد إكدة وتجولي إني مخبرتكيش ونبهتك ،
ولجل كُمان ما تتجي شري اللي معتجدريش علية لو خربطي لي اللي في دماغي وعَرتب له من سنين
وأكمل مُفسراً :
_ أني عارف ومتوكد إن غيرت الحريم جتلاكي ونفسك ومُني عينك تشمتي في ورد حتي لو كان علي حساب ولدك ومستجبله
وأكمل مُهدداً بسبابته:
_ بس الله الوكيل ما تحاولي تُحشري حالك وتتصلي بالمّرة بتاعت مَصر دي لكون خاربها علي دماغك ودماغ اللي عيتشدد لك كُمان ، سمعاني زين يا بِت سّنية؟
رمقته بنظرات نارية لو خرجت لحولته إلي رماد في التو واللحظة، وتحركت إلي الخارج تاركة إياه لحالهِ
*** ☆***☆ *** ☆***☆***
روايه قلبيّ بنارِهاَ مٌغرمٌ بقلمي روز آمين
دلف إلي مسكنه وكل ما يجولُ بخاطرة هو الوفاء بوعد عَمه له والمحافظة علي تلك الصافية وكرامتها من الإهانه مهما كلفهُ الآمر ، إستمع إلي صوت حركة خافتة تأتي من المطبخ فعلم أنها بداخله، شعر براحة إجتاحت داخلة وتحرك إليها كي يري ما تفعلهُ
إقترب من الباب وتفاجأ بجسدها اللين يرتطم بجسدهِ الصلب بشدة، تهاوت بوقفتها ووقع من بين يديها ذاك الوعاء المملوء بالفيشار وتبعثرت حباته وانتشرت فوق أرضية المطبخ ، أما هي فتهاوت بوقفتها وكادت ان تنبطح أرضً لولاه، إنحني سريعً بجزعهِ وألتقط خصرها وضمهُ إلية محاوط جسدها بالكامل بين ساعديه
ثواني، ما هي إلا ثواني فاتت عليهما كدهرٍ ، نظر لداخل عيناها ذات اللون العجيب الذي إكتشف أنه لم يرهما بإتقان من ذي قَبلّ ، إبتلع سائل لُعابهُ حين أنزل ببصرةِ وأستقرت مقلتيه فوق شفاها المُنتفخة بلونها الوردي والذي أقسم بداخلهُ أنهُ لم يري بحياتِهِ أكثر منهما سِحراً ، تمني لو مال عليهما وألتقطهما بين شفتاه وذاب معها برقة إلي البعيد والبعيد ليتناسي بهما كُل ألامه التي تسكنهُ
وما كان حالُها ببعيدٍ عنهْ، فقد أصابت جسدُها وسرت بِهِ قشعريرة لذيذة، تمنت لو ان لها الحق لترتمي داخل أحضانه وتضل تشتم لرائحة جسدة التي طالما تخيلت رائحة المحبوب وعبقه، ثم تذوبُ معهُ داخل عالمهُ الذي مازال عليها مُحرمُ
وبلحظة وعت علي حالِها وأنتفض عِرق الكرامة وثار بداخلها حين تذكرت كلماتهِ المهينة لها التي لم ولن تُفارق خيالها وباتت كظلة مُنذُ ذاك اليوم المشؤوم
إبتعدت عنه مجبرة وتحمحم هو كي يُنظف حنجرته ثم تحدث مُتسائلاً بإهتمام اسعدها :
_إنتِ كويسه ؟
سحبت بصرها عنه سريعً وتحركت لتُجلب أدوات التنظيف كي تُلملم تلك الفوضي التي حدثت أثناء إصطدامهُما ، وأجابته بنبرة هادئة :
_ أني زينة الحمد لله
أراد ان يُخرجها من خجَلِها ذاك فتحدث مُداعِبً إياها :
_ شكلك مصدجتي خِلصتي مني وچربتي عِملتي فِشار لجل متروجي علي حالك بعيد عن خِلجتي العِكرة
إبتسمت رُغمً عنها أثر دُعابتهُ وأردفت قائله بدعابه مُماثلة :
_ وأهو إندلج وإتفرش علي الأرض من كُتر نبرك
قهقه عالياً برجولة مما جعلها تترك ما تفعلهُ وتنظر إلية بترقب وعيون مُنبهرة أثارته هو شخصياً وتحدث بإنبهار لم يستطع مُداراته :
_ تِعرفي إن عيونك حلوين جوي ولونهم عچيب !
إبتسمت وتابعت ما تفعل ساحبه عيناها عن ناظرية وتحدثت بهدوء :
_ كُل اللي عيشوفني لأول مرة عيجولي إكدة
إشتعل جسده ناراً وتصلبت جميع خلايا جسدة وصاح بنبرة عالية مُتسائلاً بحدة وعيون تُطلق شزراً :
_ ومين بجا إن شاء الله اللي عيجول لك عيونك حلوين يا هانم ؟
كانت مُنحنية بجسدها تلتقط حبات الفيشار بالجاروف ، رفعت عيناها إليه تنظر لهيئتهِ المُخيفة وعيناه الجاحظة بإستغراب
وتساءلت بداخِلُها، بما تفوهت حتي يستشيط غضبً وتشتعل عيناهُ هكذا ؟
ازاحت ببصرها عنه وأنتصبت مُتحركة إلي سلة القمامة، وضعت بها ما في يدها
وذهبت إلي الحوض كي تغسل كفاها لكنها إنتفضت عندما إستمعت لصياحهِ المُرعب قائلاً بنبرة غاضبة :
_معترديش علي سؤالي ليه، مسمعانيش إياك ؟
إستدارت إلية متسائلة بملامح وجه حادة :
_ چري لك آية يا قاسم ، عتعلي صوتك لية إكدة ، خلعتني
إقترب عليها ووقف قُبالتها وسألها بجنون وغيرة شاعِله ظاهرة بداخل عيناه المُتسعة :
_ مين اللي عيجولك عيونك حِلوه ؟
ربعت يداها ووضعتهما فوق صدرها وأجابتهُ بعِناد :
_ كل اللي عيشوفني عيجولي إكدة
سألها بنظرات حادة كنظرات الصقر :
_الدكتور، ولا زمايلك في الچامعه ولا مين بالظبط يا صفا، إنطجي ؟
أجابتهُ بنبرة إستفزازية كي تحرق روحهُ :
_ أظن ده شيئ يخصني لحالي، عتحشر حالك وتدخِلها لية في خصوصياتي يا متر ؟!
أجابها بقوة وتملُك :
_ حالك هو حالي يا دَكتورة، ولا نسيتي عَاد إنك مّرتي ؟
أمسكت وعاء كان مُمتلئ بالفيشار وموضع جانبً كانت قد صنعتهُ لأجلة، وضعته بين كفيه بحدة وتحدثت وهي تنظر داخل مقلتاة بتحدي :
_ صوري يا مِتر ، مّرتك بشكل صوري، إوعاك تنسي إتِفَاجنا ؟
وتحركت خطوتان للأمام أمسكها من كتفها ولفها إلية ذاك الغاضب بعدما فهم مغزاها وأراد أن يتسلي ويُزيد من نارها وأردف بوقاحة غامزاً بعيناه :
_ طب وبالنسبة للي حُصل بيناتنا ليلة الدُخلة، دي كمان كان صوري ؟
إبتلعت لعابها فتجرأ هو علي التقرب منها أكثر وألتصق بجسدها محاوطً خصرها بساعدية بعدما وضع وعَاء الفيشار فوق المنضدة :
_طب إية رأيك نعيد توثيجة دالوك لجل ما نتمِمُ الإچراءات الناجصة ونخلوة رسمي وفهمي ونظمي كُمان.
إنتفض جسدها ووضعت ساعديها كسدٍ لتُبعدهُ بكل قوة لكنها لم تستطع حتي أن تُزحزحهُ عن إلتصاقه بجسدِها إنشً واحداً فتحدثت بتلبك :
_ سيبني في حالي يا قاسم
أجابها بثقة وحديث ذات معني مؤكداً لنفسهِ قبلها ملكيتهُ لها :
_ حالك هو حال چوزك يا عروسة
إبعد يا قاسم وبطل هزارك البايخ دي : جملة تفوهت بها صفا
فأجابها بقوة :
_بس أني مبهزرش يا صفا ، أني چوزك وليا عليكي حجوج
وأقترب من شفتاها وتحدث :
وأني بجا عاوز حجوجي و دالوك
تفوهت بقوة وهي تنظر لعيناه :
_ وأني معيزاش يا قاسم، عتاخُدني بالغَصب إياك ؟
وأكملت لتذكيرهُ :
_ ومتنساش، إنتَ وعدتني إنك معتجربش مني تاني، ووعد الراچل دين عليه، ولا إية يا وِلد عمي ؟
إبتسم لها ليطمأن روحها عِندما رأي مدي إنزعاجها وغضبِها، فك وثاقهِ من حول خَصرِها ليُعطي لها حرية التحرك وتحدث بنبرة هادئة :
وأني لسه عند وعدي ليكِ يا صفا، أني بس حبيت أهزر وياكي
خجلت منه ومن حالها وتركته وتحركت إلي غرفتها سريعً
زفر بقوة وأبتلع لعابهُ من حالة النشوي التي أصابت روحه في قربها منه، إلي متي سيظل هكذا، يشتاق ضمتِها، قُبلتِها، النظر داخل ساحرتيها دون أن تمنعه وتُعاقبهُ بسحبهما بعيداً عن مرمي بصرة، إلي متي سيظلُ مطروداً من نعيم جنتِها
تحرك مُجبراً إلي البهو وجلس فوق مقعداً وأمسك جهاز تحكم التفاز وبدأ بالتقليب دون تركيز، كانت نظراتهِ مُثبتة فوق باب غرفة نومهما يترقب خروجها إلية لتؤنس وحدته الموحِشة التي بدأت تُصيبهُ في إبتعادها ، لكنها خيبت أماله ولم تُعيرهُ أدني إهتمام
لم يستطع تفسير ما يحدث معهُ حين تبتعد عنه، هل هو تعود علي وجودها ولكن ، كيف ومتي تعود، كان يفرك فوق مقعدهِ بعدم راحه، كاد يجن من إبتعادها، وقف منتصب الظهر وأغلق التلفاز بعدما حسم أمرهُ وتحرك ينتوي الذهاب إليها كي يُنهي حيرته وعدم راحته فى إبتعادِها
تحرك وطرق باب غرفتها من باب الأدب ودلف إليها ، وجدها تجلس فوق مقعداً بالشرفة مُمسكة بيدها بكُتيب باللغة الإنجليزية مُندمجة في قرائتهِ إلي أبعد حد، أو هكذا تحاول أن توهمهُ
تحرك إليها وتحمحم كي تنظر إليه، لكنها ضلت ناظرة بكُتيبِها
سحب مقعداً وجلس بقُربها وتسائل :
_عن الطِب الكتاب اللي في يدك دي ؟
أجابته بهدوء دون النظر إليه مما أشعل قلبه :
_ دِه كتاب في الأدب الإنچليزي
أردف قائلاً بنبرة حنون أثارت داخلها :
_ معتبصليش ليه، للدرچة دي زعلانة مني يا صفا ؟
رفعت بصرها ونظرت إلية وتحدثت بقوة :
_ طول عُمري وأني محبش اللي يجلل مني ويتمسخر علي
قطب جبينةُ وتسائل مُستفسراً بتعجب :
_ ميتا جَللت مِنك أني؟!
إبتسمت ساخرة بمرارة وأردفت بوجع ظهر بداخل عيناها :
_غلط يا وِلد عمي، صيغة سؤالك مِتجالة بطريجة غلط، السؤال الصُح هو ميتا مجللتِش مني، ميتا إحترمتني وعاملتني علي إني بني أدمه ليا مشاعر وعِندي كرامة وبحس
أوجعه حديثها ومزق كيانهُ، حتي أنهُ أراد أن يسحبها لداخل أحضانه ويضمها بشدة كي يُشعِرُها بالأمان ويمحي عنها كل ألامها الساكنة بأعماق قلبها والتي هي من صنع يداه، لكنهُ خشي إبتعادها عنه من جديد
وضع يدهُ فوق أناملها الرقيقة، إرتجف الكُتيب من يدها أثر لمستهُ الحنون وتحدث بعيون حنون ولأول مرة بحياته :
_ حجك علي يا غالية ، إعتبريني كُت معمي ومشايفش الصورة واضحة جدامي
وشفتها يا قاسم ؟ سؤال خرج منها بمرارة
أومأ بتأكيد ونبرة نادمة :
_ شُفتها يا صفا
وأكمل بحماس كي يُخرجها من حُزنها :
_ أني جعان، إية رأيك أعمل لك مكرونة بالصوص الأبيض والمشروم وقطع الفراخ
نظرت له بإستغراب فأكمل مُتحمساً بدُعابة :
_ لا، معايزكيش تُبصي لي النظرة المُشككة في جدراتي دي
تسائلت مُستفسرة بجبينٍ مقطب مُتلاشية حُزنها :
_ إنتَ صُح بتِعرف تطبخ ؟
أجابها مبتسمً :
_ جربيني وأحكمي بنفسك
نظرت لهُ ب حيرة فأكمل هو مُداعبً وهو يسحبها من كف يدها :
_ إنتِ خايفة من إية مفاهمش أني، إنتِ مش دَكتورة وعتشُجي بطن الخَلج وتشرحيهُم كِيف جتالين الجُتلة ، يعني أكيد مش هتغلبي وهتِعرفي تلحجينا لو حصل لنا شوية تلبُك مّعوي
إبتسمت رُغمً عنها وهو يسحبها خلفهُ بحماس، ثم أجلسها فوق المقعد وبدأ هو بالطهي كمُحترف
وضعت كف يدها تحت ذقنِها مُستندة بساعديها فوق المنضدة وتسائلت بتعجب :
_ ميتا إتعملت تُطبخ إكدة ؟!
أجابها متحمسً لإنسجامِها :
_ إنجبرت أتعلم من لما سكِنت لحالي في شُجتي بعد ما أتخرچت،
ونظر لها وأشار بأصبعي السبابة والوسطي :
_كان جُدامي حل من إتنين، يا أتخلي عن حلمي في العيشة جوة القاهرة وإن يُبجا لي مكتب من أشهر مكاتب المُحامين فيها، يا إمَا أرچع لإهني تاني وأفتح مكتبي في سوهاچ وأتخلي عن حلمي بإني أكتب إسمي بالدم بين أسامي الحيتان الكُبار
وأكمل بدُعابه وهو ينظر لها مُبتسمً :
_وكل التضحية دي لجل ما أكُل الوكل البيتي اللي عَحِبه وأبعد عن الوكل الچاهز اللي كلياته أمراض وطعمه ميتاكلش أصلاً
وأكمل بنبرة حماسية :
_ ومن إهني حصلت المُعچزة، قاسم اللي مكانش بيعرف يملي لحالة كُباية مّي لجل ما يشربها، بَجا بيُطبخ ولا أجدعها شِيف
كانت تستمع إلية بحماس وأستمتاع ولاحظ هو ذاك، كان يعرف أنها تكِنُ لهُ إحترامً. وتحمل داخل قلبها عِشقً هائلاً له، لكنهُ أهان كيانها غير عابئ بقلبها العاشق، وليعلم الله أن البُعاد والتجاهل كان لأجل حمايتها لا لأجلهِ، يعلم أنهُ ظلمها وقام بشطر قلبِها العاشق بدون رحمة، ويعرف أن طريق السبيل إلي أرضائها والنيل منهُ صعبً، ولكنهُ سيسلُكهُ ويصل بالتأكيد، ولكن بالصبر والمصابرة،
بعد مدة كان يجلس مُقابلاً لها مشيراً إلي صَحنها الموضوع أمامها بعناية وهو يتحدث بنبرة حماسية :
_ إتفضلي دوجي وجولي لي رأيك
كانت تشعر بالكثير من السعادة لمحاولاته للتقرب منها وإرضائِها بشتي الطرق وهذا ما وصلها من تصرقاته، إبتسمت لهُ بسعادة وأمسكت بيدها الشوكة وبدأت بتذوق حبات المعكرونة وذُهلت من طعمها اللذيذ
نظرت إلية وتحدثت بإنبهار :
_ براڤوا عليك يا مِتر، المكرونه لذيذة جوي
مرر لسانهُ فوق شفتاه وهو ينظر إلي شفتاها بتشهي ومد يدهُ سريعً و وضعها علي جانب شِفتِها ومسح بإبهامة جُزءً من معجون الصلصة البيضاء كانت موضوعة بجانب شفتاها بشكل مُغري له ، مسح الصلصة بإبهامهِ وادخلهُ بفمهِ وأمتصهُ بين شفتاه بإستمتاع وهو ينظر لها بعيون صارخة راغبه مُطالبة بإلتهام شفتاها
إبتلعت لُعابها وإرتعش جسدها، سحبت بصرِها عنه سريعً وقامت بتناول طعامها في صمتٍ تام وخجل
حين إبتسم هو بخِفة وتنهد بسعادة علي حيائها الذي يُزيد من تعلقهُ الزائد بها وإثارت مشاعرهُ تجاهها
بعد مده كانت تتمدد فوق الفراش، تعطيه ظهرها وتنظر أمامها، تبتسم بشرود وتتذكر فعلته وحديثهُ وتصرفاتهُ ناحيتها التي تدلُ جميعها علي بداية عِشقهِ لها، هي ليست بفتاة ساذجة كي لا تُفرق بين الإعجاب والرغبة وبين العشق، وتأكدت هي من عشقه لها
أما ذاك الذي يُجاورها النوم وتفصل بينهما تلك الوسادة الملعونه، كان ينظر لشعرها المفرود فوق وسادتها بجنون، تتغلغل رائحتُها العطرة أنفهِ وتدغدغ مشاعرهُ تجاهها وتجعلُها هائجة، زحفَ برأسهِ قليلاً حتي تلمس بأنفهِ خُصلة من شعرها، أغمض عيناه وبدأ بأخذ نفسً عميقً إحتبسهُ بصدرة وأبتسم، تمني لو يسحبها ويحتضنها بقوة حتي يسحق عِظامها داخل أحضانه ويُذيقها من الشهد ألوانً، لكنهُ تمالك من حالهِ لأبعد الحدود كي يُنهي خطبته من إيناس أولاً، وينتهي من ذاك الكابوس كي يرجع لحبيبته ويُذيقها من العشق الوانً بما يليق بتلك الجميلة
*** ☆***☆ *** ☆***☆***
روايه قلبيّ بنارِهاَ مٌغرمٌ بقلمي روز آمين
فاقت من نومِها مُبكراً وتحركت من جانبه بهدوء كي لا تُزعجهُ بنومته،دلفت إلي المرحاض توضأت وخرجت وأرتدت الرداء الخاص بالصلاة وتحركت إلي الصالة كي تقضي صلاة الضُحي، وأثناء سجودها خرج هو للبحث عنها بعدما فاق وتحرك ليبحث عنها كالطفل الذي يفتقد والدتهُ،
تسمر بوقفته حين رأها ترفع كفيها وتُناجي ربها بخشوع،ما أجملها بعيناه فقد بات يراها ساحرة فائقة الجمال بكل حالاتها ، ختمت صلاتِها ووقفت ممسكة بسجادة الصلاة تتحرك بها،
تعجبت من ذاك الساند مُتكِئً علي الحائط ويُربع ساعدية أمام صدرة وينظر لها بإبتسامة وعيون منبهرة
إبتسمت له بوجهها المُشرق وأردفت :
_صباح الخير ، ثواني وهچهز لك الفُطور
وتحركت إليه كي تدلف إلي غرفة النوم لتخلع عنها رداء الصلاة وأثناء مرورها بجوارة وجدت من يُمسك كف يدها واعتدل مُقابلاً لها وتحدث بإبتسامة عاشق :
_ صباح الچمال، صباح الرضا
إبتسمت بخجل وتحركت للداخل كي تخلع رداء الصلاة، تلاها هو ودلف إلي المرحاض كي يتوضأ ويؤدي صلاة الضُحي
جهزت سفرة الإفطار وجلست تنتظرة، أتي بعدما أنتهي من صلاتة وجلس مُقابلاً لها وبدأوا بتناول الطعام، تحمحمت هي وأردفت بنبرة مُستأذنة :
_ بعد إذنك يا قاسم، أني هنزل بعد الفطار عِند چدي عشان عاوزة أتحدت وياه في موضوع خاص بالمستشفي
لا يدري لما إنقبض قلبه وشعر بغيرة عنيفة حينما ذُكر إسم المَشفي ، تنفس عالياً كي يُهدئ من روعه حتي لا يُخزنها من جديد وتحامل علي حاله وتحدث بدُعابة كي يلاطفها ويجعلها تعتاد علية أكثر :
_ موافج بس بشرط
ضيقت بين حاجبيها بإستغراب فتحدث هو بإبتسامة هادئة:
_ تعملي لنا فِنجانين جهوة من يدك ونشربوهم وَيا بعض في البلكونة وبعدها تنزلي علي كيف كِيفك .
إبتسمت وتحدثت بنبرة هادئة تلقائية :
_بس إكدة، من عِيوني.
رد عليها بنبرة حنون مراوغة:
_يسلمولي عيونك
إتسعت عيناها تنظر إليه بإستغراب حالة وتصرفاته الجديدة الطارئة علي شخصيتة المعروفة بالجدية والغموض ، ووقفت سريع كي تصنع إلية القهوة مع نظراته المتفحصة لها من الخلف ، تفاجأ بها تضع فوق الحامل ثلاث أقداح ممتلئين بالقهوة
بسطت إلية ذراعها وتحدثت بأدب:
_إتفضل
تحدث إليها بإبتسامة وهو يتناول قدحه:
_ أني صحيح جولت لك إني أدمنت الجهوة من يدك بس مش لدرچة تعملي لي فنچانين بحالهم
إبتسمت وتحدثت وهي تنسحب خارج المطبخ ساحبه معها الهواء الذي يتنفسة :
_ دي جهوة عِملتها لچدي وأنا هشرف جهوتي وياه
اجابها معترضً بدعابة :
_ بس دي مكانش إتفاجنا خلي بالك، لما تطلعي عتعملنا جهوة وهنشربوها في البلكونة كِيف إتفاجي وياكي.
إبتسمت بسعادة وتنهد بأسي وهو يتابعها وهي تخرج من باب الشقة وتُغلقهُ خلفها ومعها بسمته ومرحةُ ،
حدث حالهُ مُتعجبً
ما بك قاسم؟
ما الذي يحدث معكَ يا فتي !
أأصابتكَ لعنةُ سِحرٍ ؟
لا، بل أصابك عِشقً يا رجُل
أُصِبتُ بسهمُ عيناها المُسممِ
ولابد من الحصولِ علي الترياقِ
ترياقُها في شهد شفتاها المُولعة
شَربهً هنيئة من عسلها كافية
لتُشفي العلةِ وترد العليلِ إلي الحياةْ
فآاااه وأه من لذةِ شهدُكِ يا أمرأة
هزت كياني وجعلت عرشي الواهي مُزعزعِ
_______________________
تدلت من فوق الدرج وجدت حُسن تخرج من إحدي الغرف التي كانت تقوم بتنظيفها، إستقبلتها حُسن بترحاب شديد ، سألتها صفا عن جدها فأرشدتها إلي وجودة داخل حجرة الإستقبال لحاله
دلفت إلية حاملة القهوة وهلت عليه بإبتسامتِها الصابحة التي يعشقها ذاك العِتمان ويستبشر برؤياها
وتحدثت بنبرة حنون :
_ صباح الخير يا چدي، أني چاية لجل ما أصبح عليك وأشرب جهوتي وياك.
تهللت أسارير عِتمان وتحدث بترحابٍ عالي وهو يُشير إليها بالجلوس :
_ هَل هِلال الجَمر يا بِت زيدان، تعالي آجعدي چاري
وأكمل وهو يلتقط قدح القهوة من يدها :
_ مع أني لساتي شارب جهوتي بس هشرب تاني لجل عيونك يا غالية
تحدثت بنبرة قلقة علية :
_ خلاص يا چدي، طالما شَربت جهوتك بلاش تشرب الفنجان دي عشان ما يضركش ويعلي الضغط عِنديك
أجابها بنبرة حنون كي يُطمإن هلعها الذي ظهر بعيناها:
_ اللي ياچي من يد الحبايب ميضُرش أبداً يا بِتي، اللي عيضر الجَسوة والفِعل العِفش
إبتسمت له وجاورتهُ الجلوس وبدأت بإرتشاف قهوتها معه ثم تحدثت علي إستحياء :
_ چدي، أني ليا عِنديك طلب وأتمني متكسرش بخاطري فيه وتساعدني لجل ما يُحصُل
نظر لها مستغربً، فهذة هي المرة الأولى بحياتِها التي تطلب منه شئً، فتحدث ليُشجعها :
_ ما عليكي إلا إنك تؤمري وبإذن الله كُل طلباتك مُجابه
ضحكت لدلال جدها لها وانصياعهُ الدائم لرغباتِها، عدا موضوع زواجها ولأسباب هي تعلمُها،
فتحدثت بنبرة راجية :
_ أني محتاچة مريم بِت عمي وياي في المستشفي، وهي كُمان زهجانة من جعدت البيت ورايدة تشتغل وتحجِج ذاتها، بس هي خايفة وحاسة إنك مهتوافجش، بس أني وعدتها إني هفاتحك في الموضوع وأخليك كمان تأثر علي فارس وتخلية يوافج
ونظرت إليه وتسائلت بدلال كسابق عهدِها معه وهذا أسعدهُ كثيراً :
_ ها، جولت إية يا حبيبي، هتجف وياي، ولا هطلعني صِغيرة جِدام بِت عمي ؟
قهقة عالياً وأردف بإستحسان :
_ طول عُمرك عتغلبيني بكلامك اللي ياكُل العجل ويدوب الجلب يا بِت زيدان
تسائلت بنبرة حماسية :
_يعني موافج يا چدي، هتجنع فارس؟
أجابها بدُعابه ليجعلها تتناسي ما حدث منه ف السابق :
_ فارس مين دي كمان اللي أجنعه، إعتبري اللحكاية خلصت خلاص وأني عكلم يزن وأخلية يوظفها وبمرتب زين كُمان، مبسوطة يا دَكتورة ؟
وضعت ما بيدها وأقتربت منه وبدون سابق إنذار رمت حالها داخل أحضانهُ الحانية، شعر بالكثير من السعادة والرضا وحاوطها بساعديه وربط فوق ظهرها بحنان مما أسعدها وجعلها تُحلق في سماء الرِضا من شدة سعادتِها
*** ☆***☆ *** ☆***☆***
روايه قلبيّ بنارِهاَ مٌغرمٌ بقلمي روز آمين
في إحدي الشوارع الهادئة والمتواجدة داخل نجع النُعماني، كان يتحرك ذاك المسحور يتلفت هُنا وهُناك باحثً بعيناه عن الحورية التي أبهرتة من أول طلة لهُ داخل عيناها الساحرة ، ومُنذ ذلك اليوم وهو يجُوب الشوارع بحثً عنها علهُ في ذات مرة يلتقيها صُدفة
فوجئ بوجود فارس أمامه حيثُ تحدث إلية بوجهٍ بشوش :
_ دَكتور ياسر، ده إية الصُدفة الچميلة دي !
إبتسم له ياسر وتحدث مُرحبً:
_ أزيك يا أستاذ فارس، أخبار حضرتك إية ؟
أجابهُ فارس بإبتسامة بشوشة :
_أني زين الحمدلله،
وأكمل مُتسائلاً بإستفسار :
_ خير يا دَكتور، ماشي لحالك في الشارع وعم تتلفت حواليك لية إكدة، بتدور علي حاچة إياك ؟
أجابهُ ياسر بإنكار ومراوغة :
_ لا طبعاً هتدور علي إية ، كُل الحكاية إني لقيت نفسي قاعد فاضي وزهقان، فقُلت أتمشي شوية من ناحية أفك الزهق وأمارس رياضة المشي المفضلة عندي ، ومن ناحية تانية استكشف معالم البلد اللي أنا قاعد فيها
وضع فارس كف يده علي كتف ياسر وربت عليه وتحدث بنبرة أخوية :
_ لما تلاجي حالك جاعد زهجان تعالي عِندينا في السرايا، بنجُعد كلياتنا نسهروا بالليل ونتونس بالحديت، إبجا تعالي إجعد ويانا وشرِفنا
إبتسم ياسر وتحدث شاكراً بإمتنان :
_ مُتشكر جداً علي دعوتك الكريمة يا أستاذ فارس، ولو إني مبحبش اتطفل علي حد في بيته، بس إن شاء الله هلبي دعوتك في أقرب وقت لأن شرف ليا أقعد معاكم وأشارككم الحوار، وأنا هبقا أبلغ الباشمهندس يزن لما أنوي الزيارة
أجابهُ بترحاب :
_بإذن الله يا دَكتور،
وأكمل بتساؤل وهو يتأهب للمُغادرة :
_ تؤمر بحاچة؟
أردف ياسر بإمتنان :
_ مُتشكر جداً لذوقك يا أفندم.
إنسحب فارس ماضيً بطريقةُ وتحرك ياسر أيضاً عائداً إلي مَسكنه بعدما فقد الأمل في لقائها ، تحرك حيثُ الإستراحة المتواجده بالمشفي والتي بُنيت لهُ خصيصاً وكانت من ضمن الإمتيازات التي أغرتهُ بها صفا لقبولهِ ترك موقعه المُميز بالقاهرة
19💘20
عصر اليوم التالي كانت جميع العائلة تجتمع حول سُفرة الغداء ولأول مرة بتاريخها، زيدان الذي يجلس علي يمين عِتمان بعدما هاتفهُ عِتمان صباحاً وأخبرهُ أن يحضر هو وزوجته كي يتناولوا وجبة الغداء الأول لإبنتهما بصُخبة العائلة بعد زواجها، وذلك بناءً علي طلب قاسم من جدة والذي أراد بهذا التصرف ان يري السعادة بعيون صغِيرتهُ التي بدأت بالإستحواذ الكامل علي عقله وكل تفكيرة حتي أنهُ بات لا يُفكر سوي بكيف يستطيع إدخال السرور علي قلبها البرئ
كانت تجلس بجانب قاسم المجاور لعتمان علي الجهة الآخري، تنظر لوالدها الحبيب بعيون متشوقة لرؤياه العزيزة وقلبً يتراقص فرحً من شدة سعادتةْ وهي تري والديها يجلسان بصحبة باقي العائلة مثلما تمنت كثيراً من ذي قبل
تحدث مُنتصر إلي شقيقهُ وزوجته بنبرة سعيدة:
_ منور دار أبوك يا غالي، منورة يا أم صفا.
أبتسمت لهُ ورد وتحدثت بنبرة خجلة :
_تسلم وتعيش يا أبو يزن.
حين تحدث زيدان لشقيقهُ الحنون :
_الدار منورة بأصحابها يا أخوي
هتفت رسمية بسعادة وهي تقوم بتقطيع لحم الماعز وتوزعهُ علي الجميع بسعاده هائلة :
_وإنتَ أعز وأغلي أصحابها يا ولدي
ثم نظرت إلي عِتمان الذي يشعر بسعادة ورضي لا مثيل لهما ولكنه يحتفظ بهما داخلهُ خلف ملامح وجههِ الصارمة وتسائلت:
_ ولا إية جولك يا حاچ؟
تحدث مُتلاشيً النظر لزيدان كي لا يضعف وتخونهُ لمعة عيناه التي تُريد أن لا تُشيحُ بناظريها عن غاليه :
_ ودي محتاچة سؤال يا حاچة
إستشاط قلب قدري وفايقة التي تشعر بنار تسري بداخل جسدِها من جلوس ذاك الثُنائي المتجاور أمام عيناها مباشرةً
مال قاسم علي أذن صغيرتهُ وهمس بها:
_ الجمر يفكر وأني عليا التنفيذ
قطبت جبينها وتسائلت بإستفهام :
_ لهو إنتَ...
كادت أن تُكمل قاطعها هو بعيون هائمة في جمال عيناها:
_ أني اللي طلبت من چِدك يدعي حماي وحماتي لچل ما ما أشوف الضحكه اللي منورة وش الجمر دي
إتسعت عيناها تنظر إلية بعيون سعيدة ممزوجة بالخجل، عشقت إنتسابهُ لوالديها بكلمه حماه،كم شعرت بالسعادة لأجل إهتمامهُ الذي يغمُرها به ويؤكدهُ يومً بعد الآخر
كانت جميع العيون تراقب همسهُما بترقب شديد، منهم السعيد لأجل ذاك الثُنائي المحبوب، كمثال الجد والجدة وزيدان و ورد وباقي من يهمهُ الأمر ، ومنهم المتربص بعناية ليري ماذا يحمل لهما الغد ويتمني من الله أن يخلف ظنونهُ ك يزن مثلاً، ومنهم الحاقد الكارة لسعادة ذاك الثُنائي مثل فايقه وليلي، والغير مُبالي بالمّرة ك قدري
شرع الجميع في تناول الطعام
نظر قاسم إلي جده وتحدث بنبرة جادة :
_كان فيه موضوع مهم كُنت حابب أفاتحك فيه يا چدي بس إنشغلت في الفرح
قطب الچد جبينهُ وتسائل بإستفهام :
_موضوع إية دي يا قاسم ؟
أجابهُ بوقار :
_ الحاچ كمال أبو الحسن كبير نچع العرايضة وعضو مجلس الشعب، عرفت من مصادري إن الحزب هيتخلي عنيه وهيخرجة من الترشيحات السنة دي، والجرار ده خدوة بعد ما سمعته ساءت وحكاية تهريبة للأثار فاحت وأتفضح في كل حتة ، وكُنت بقترح علي حضرتك إن عمي زيدان يترشح مكانه، واني عِندي اللي هيساعدنا من چوات المجلس بذات نفسه
إشتعل قلب فايقة حِقداً، وإستشاط داخل قدري الذي توقف الطعام داخل حنجرتة وبات يسعُل بشدة إستغرب لها الجميع، ناولته والدته التي إنتفضت من جلستِها كأس الماء وتحدثت بحنان:
_ سلامتك يا وليدي، إشرب ماي
تناول منها الكأس وتجرع ما بداخلة دُفعةً واحده بغضب، وابتلع لعابهُ
حين تحدث الجد وهو ينظر إلي قاسم بتفاخر وأستحسان مُتجاهلاً ما حدث مع قدري للتو :
_عفارم عليك يا قاسم، اللي عيعچبني فيك إنك عتدعبس دايماً علي المُصلحة وينها وتچيبها لحدنا
تحدث قدري بنبرة حاقدة غائرة لاحظها الكُل :
_ هو الموضوع زين مجولناش حاچة يا أبوي، بس زيدان ميليجش علي إنه يبجا سيادة النائب،
وأكمل بتفاخر قاصداً بحديثهُ حالهُ بالتأكيد:
_ الموضوع دوت عاوز راچل شديد وليه هيبه في النچع، وعِندة عزوة من الرچال اللي من صُلبة لجل ما يساندوة
وأكمل بتقليل وأستياء :
_إنما زيدان أخوي مين اللي عيساندة ؟!
تحدث قاسم بنبرة حادة إعتراضً علي حديث والدهُ وخصوصاً بعدما رأي نظرة الإنكسار داخل أعيُن زيدان :
_ لو حضرتك عِنديك راجلين، فعمي زيدان عندية بدل الراچل أربعة، ده غير رچالة العيلة والنچع كلياته اللي عيحبوة وهيساندوة بكُل جوتهم
ثم أكمل بنبرة تعقُلية :
_ثم الموضوع دي مهينفعش لية غير عمي زيدان بالخصوص، هو الوحيد اللي مِتعلم وعيروح مصر كَتير، وده المطلوب
هتف يزن مؤيداً لقاسم بشدة متغاضياً خلافهما:
_ قاسم عندية حج يا عمي، عمي زيدان هو الوحيد اللي عينفع للموضوع ده لأن من شروط التجديم في المجلس إن يكون النايب متعلم ومعاه شهادة
ووافقاه الرأي فارس وحسن ومنتصر الذي تحدث بنبرة غاضبة ناظراً بحقد علي ذاك الفاقد الحس والإنسانية :
_ عيالي هما عيال زيدان وسنده، وأني كمان وراك وفي ضهرك يا وِلد أبوي
تحدث زيدان بنبرة شاكرة مُتأثرة :
_ تسلموا وتعيشوا يا رچالتي، بس أني معيزهاش يا مُنتصر
ثم نظر إلي أخاه وتحدث بنبرة مُلامة:
_ خدها إنتَ يا قدري ،تليج عليك أكتر يا أبو الرچال
تحدث الحاج عِتمان موجهً حديثهُ إلي قاسم بنبرة صارمة وهو ينظر إلي قدري :
_شوف الاوراج المطلوبة للتجديم وجهزها يا زيدان لجل قاسم ما يجدم لك في المُحافظة
ثم نظر إلي زيدان وتحدث بإبتسامة خافتة مُخبأً خلفها سعادة لا توصف :
_ مبروك يا سيادة النايب
نظر لوالدةُ وأبتسم بسعادة وأردف قائلاً بإحترام:
_ ربنا يديمك فوج راسي يا أبوي
هز عِتمان رأسهُ بإستحسان وتحدث إلي ورد التي تنظر إلي زوجها بعيون تحتبس داخلها الدموع لأجل كسرته علي يد من يسمي بشقيقهُ :
_ منورة دارك يا أم الدَكتورة، مدي يدك وكُلي من خير ربنا علينا
إبتسمت له علي جبرهِ لخاطرها المكسور وتحدثت بإبتسامة عرفان:
_ تسلم وتعيش يا عمي، ودايماً الدار عمرانه بحِسك وخيرك
إشتعلت روح فايقة وشعرت ان البُساط قد سحب من تحت قدميها وانتهي الأمر، ولكنها لن ولم تستسلم قط، وعاهدت حالِها علي أن لا تكن فايقة النعماني إن لم تجعل قلبي زيدان و ورد ينزف ويتقطع لإرباً حُزنً علي إبنتيهما ووحديتهما
أما صفا التي كانت تنظُر لفارسُها الذي أسعد أباها بخبر ترشيحهُ لمنصب مُهم كهذا، ووقف بجانبه وساندهُ وأعترض حديث والدهُ المسموم بإتجاه غاليها بقوة ، وكان أيضاً سببً في إجتماعها بأبويها علي سُفرة واحدة
همست بجانب اذنه:
_ شكراً يا قاسم
إبتسم لها بسعادة وتحدث بمراوغة :
_ شُكراً حاف إكدة، إنتِ بخيلة ولا إية يا دَكتورة!
ثم ضحك بخفة وأكمل بنبرة حنون :
_ كُله لجل عيونك يهون يا صفا
إهتز قلبها وارتعش جسدها جراء نظرة عيناه العاشقة حين شعر هو بفائدة رجولته الحقيقية عندما رأي السعادة بداخل مقلتيها الفيروزية، نعم فإثبات رجولة الرجُل تبدأ من سعادة أُنثاة وإشراقة وجهها
عاود الجميع إلي تناول الطعام من جديد بصمتٍ تام
في حين نظرت مريم إلي صفا بإبتسامة هادئة لتذكيرها بالوعد التي قطعته لها من ذي قبل، فأبتسمت لها صفا وأومات بأهدابها ثم حولت بصرها إلي جدها لتُذكرهُ بحديثها معهُ مُنذ الأمس،
فأبتسم لها عِتمان وتحدث إلي فارس:
_ بجول لك يا فارس
نظر لهُ فارس وأجابهُ وهو يبتلع ما في فمهِ سريعً من طعام :
_أؤمرني يا چدي
أجابهُ عتمان وأردف شبه أمراً :
_ الأمر لله وحده يا ولدي، أني رايد إن مريم تِشتغل في المستشفي مع صفا ويزن
وهُنا التي تحدثت وأستشاطت من الغيرة هي ليلي قائلة بتهكُم علي إبنة عمها الخجول :
_ ويا تري السِت مريم خريچة الخدمة الإجتماعية عتشتغل إية هي كُمان ، لتكونوا عتعينوها وزيرة الصحة في نجع النُعماني، ما هي المستشفي بتاعتنا ونعملوا فيها اللي علي كِيفنا
وحولت بصرها إلي صفا وتحدثت بحقد دفين ونظرة كارهه لم تستطع تخبأتها:
_لدرچة إننا نمسِكوها لعيلة خريچة إمبارح مهتعرفش تدي حتي إبرة لعيان ونعملولها جيمة وسط الخلايج بالعافية
رمقها يزن بنظرة نارية لو خرجت لأحرقتها وحولتها إلي رمادٍ في الحال، إبتلعت لُعابها من نظرته خشيةً غضبهِ عليها من جديد
في حين نظرت لها صفا والجميع بعيون مُتسعه مستغربين شنها لذاك الهجوم العنيف والغير مبرر،
حين تحدثت فايقة مبررة لصغيرتها و وريثة عرش مملكة حِقدها العظيم :
_ ليلي تجصد إن...
إبتلعت باقي كلماتِها داخل جوفها رُعبً عِندما رأت نظرات عتمان النارية المُحذرة والأمرة لها بالصمت التام
شعرت مريم بالإهانة وأنكمشت ملامِحُها وظهر الحُزن بداخل عيناها البريئة مما أحزن قلب نجاة علي صغيرتِها وأيضاً مُنتصر ويزن اللذان حزنا لأجل غاليتهما الرقيقة ، وحتي قاسم الذي نظر إلي ليلي بحُزن علي حالة الحِقد التي تتملك من قلبِها
في حين تحدث الجد بنبرة مُهينة إلي ليلي وهو يرمُقها بنظرة إشمئزاز :
_ خلصتي السِم اللي عتنطرية من خاشمك ولا لسه يا بِت فايقة
إبتلعت لُعابها خشيةً هجوم جدها اللازع عليها ولكن من الغريب أن الجد إكتفي بهذة الكلمات البسيطة ولكنها مهينة ومُعبرة
ثم وجه بصرهِ إلي فارس وتحدث بحده أرعبته :
_ مسامعش صوتك ليه يا فارس؟
نظر فارس إلي مريم وتحدث بنبرة لائمة علي زوجتة :
_ مش لما أعرف رأي مّرتي إية اللول أبجا أجول أني رأيي يا چدي
نظرت له مريم وتحدثت بتحدي وقوة لا تعلم من أين أتتها:
_ أني موافجة
تحدث فارس بنبرة ساخرة :
_ يبجا رأيي مبجاش ليه عازة يا چدي، مَرتي موافجة وحضرتك جررت وأنتهي الأمر
تلاشي عِتمان غضب فارس وشبه أعتراضهُ وذلك لإعتراض عتمان علي إدارة فارس الفاشلة لحياته مع مريم التي ذبُلت مُنذ زواجها وتحولت إلي صامتة حزينة طيلة الوقت
تحدث عتمان إلي يزن :
_ يُبجا علي خيرة الله، إعمل عجد زين وشوف عتشغل ست البنات في إية يا يزن، وإعملها شهرية مليحة تليج ببِت مُنتصر النُعماني
رفعت مريم بصرها سريعً إلي جدها بلهفه وسعادة وتحدثت بعِرفان :
_ ربنا يخليك ليا يا چدي ويديمك فوج روسنا
إبتسم لها وهز رأسهُ وتحدث بإستحسان :
_ مبارك يا بِتي
حين تحدث زيدان بنبرة حنون :
_ مبارك التعيين يا زينة البنات
أجابته بسعادة:
_يبارك في عُمرك يا عمي
وتحدث مُنتصر إلي غاليته بنبرة وعيون تشعُ حنانً :
_مبروك يا بِتي
وأنهالت عليها المباركات من الجميع عدا فارس وليلي وفايقه المعترضون، وحتي قدري كان سعيداً بذاك الخبر وذلك بعدما إستمع من والده أنهُ سيُعطي لها راتبً عالي وكعادته فهو لا يهمهُ إلا المادة
________________
إنتهي الغداء وتحرك جميع الرجال ورسمية إلي غُرفة الإجتماعات العائلية لينتظروا حضور مشروب الشاي والفاكهة
بدأن النساء بمساعدة العاملات بجمع الأواني والصّحون من فوق سُفرة الطعام لإدخالها المطبخ إستعداداً لجليها ،
نظرت فايقة بحقد إلي مريم وتحدثت بفحيح كالأفعي :
_ والله عال يا ست مريم، دايرة تخططي وتجرري لشغلك مع الست صفا من ورا چوزك ومن وراي؟
تحدثت نجاة بقوة مدافعة عن إبنتِها الرقيقة التي تعجز عن الرد :
_وإنتِ إية اللي يزعلك في حاچه زي دي يا فايقة ؟
اجابتها بفحيح :
_ اللي مزعلني إنها ماشية كيف الهبلة ورا اللي رايدة تخرب عليها حياتها يا ست نچاة
كادت صفا أن ترد مُدافعه فبعثت لها والدتها نظرة تُطالبها بالصمت وتجنب الدخول في تلك المشاحنات
في حين أكملت فايقة بغضب :
_بدل ما تدور تتنطت في المِستشفي تُجعد في بيتها تربي بِتها وتاخد بالها منيها ومن چوزها، ولا تروح تچيب لها حِتة عيل يشيل إسم ولدي بدل حتة البِت اللي جايبها لنا وجاعدة عليها ليها أكتر من سنتين
تحدثت نجاة بنبرة تهكُمية :
_ والله بِتي چابت لولدك بِت وفرحتك بعوضه، الدور والباجي علي ولدي اللي داخل علي التلات سنين متچوز ولحد دالوك مشفتلوش حتي بُرص
وأكملت بنبرة حادة غاضبة كالإعصار :
_ بدل ما تُجعدي ترمي حديتك اللي كِيف السِم علي بِتي وتسممي بيه بدنها، روحي شوفي حال بِتك المايل وإعدلية ، لأني من إنهاردة معسكوتش وعتكلم مع الحاچة رسمية تشوف حل للمسخرة اللي عتحصل دي
أما ورد التي كانت تقف تُشاهد الحرب الدائرة بهدوء وحمدت الله أنه نجاها وعائلتها من السكن وسط تلك العائلة المسمومة
أمسكت يد صفا وسحبتها وخرجوا إلي الفراندا كي تُجنبها وحالها شر تلك الفايقة وكلماتها المسمومة
تحدثت ورد إلي صفا بنبرة قلقة :
_مكانش لية لزوم اللي عِملتية دي يا بِتي، مالك إنتِ ومال مَريم وشُغلها ؟
عتچيبي لحالك المشاكل ليه يا جلب آُمك.
تنهدت صفا وأمسكت كف يد والدتها كي تُطمإنها وتحدثت مُفسرة تصرفها لوالدتها :
_مريم بِت عمي وكِيف أختي يا أمّا، مجدرش أجف أتفرچ عليها وأشوفها حزينة ومكسورة وأني في يدي الحل ليها، مريم محتاچة يُبجا عِنديها ثجة في حالها والثجة دي مهتاجيش غير لما تشتغل وتندمج مع الناس وتِعرف إنها فرد مُنتج ومهياش عالة علي حد.
تنهدت ورد وتحدثت بتوجس:
_ مجولتش حاچة يا بِتي، وربي عالم أني كيف بحبها وبعزها، بس فايقة غدارة وجلبِتها سودة كِيف جَلبها،
وأكملت ناصحة :
_ملكيش صالح بيها يا بِتي، دي مّرة سو وجرصِتها بالجَبر إسأليني عليها،
وأكملت:
_ آااااه يا مُري، مكتش ريدالك تدخلي بين الناس دي، بس النصيب كان لازمن يصيب يا بِت زيدان
*** ☆***☆ *** ☆***☆***
روايه قلبيّ بنارِهاَ مٌغرمٌ بقلمي روز آمين
ليلا داخل مسكن فارس ومريم
خطي بساقية إلي مسكنة بعدما أنتهي من جلوسهِ بصُحبة شباب العائلة ، دلف لغرفة نومهِ وجدها خالية ككُل يوم، فمنذ ليلة زواج قاسم وصفا ومريم تغفو بغرفة صغيرتِها لحالها
تحرك بضيق وأعتراض علي ما يحدث ودلف إلي حُجرة صغيرته وجدها مُمددة تدعي النوم بجانب طفلتِها
زفر بضيق وتحدث بنبرة هادئة كي لا يُزعج صغيرتهُ الغافية :
_ جومي يا مريم وتعالي نتكلموا شوي برة، أني عارف إنك صاحية وعتمثلي علي إنك نايمة كيف كُل يوم.
لم تُعر لحديثهُ إهتمام وضلت علي وضعها فتحدث هو مهدداً:
_جومي يا بِت الناس بدل ما أعلي صوتي عليكي والبِت تتخلع
إنتفضت من نومتها بغضب وتحركت إليه بوجهٍ عابس، سبقها هو وتحركت هي خلفهُ حتي وصلا لداخل غرفة نومهما التي دلفت إليها وأغلق هو بابها بهدوء
ثم تحدث إليها بتساؤل غاضب :
_ جالبة خِلجتك عليا ليه يا مريم ؟
مكفاكيش إنك هچراني ونايمة چار بِتك بجا لك ياجي عشر أيام وحرماني من حجي الشرعي فيكي واني ساكت ومعتكلمش، كمان رايحة تتفجي وَيَا صفا علي شُغل من وراي ؟
كان عاچبك منظري وأني چاعد كِيف الچردل في وسطيهم وچِدك بيؤمرني ويجبرني كيف العيل اللصغير علي موافجتي علي شغلك ؟
وتسائل بنبرة حادة :
_ مجولتليش لية علي موضوع شغلك ده يا مريم ؟
كانت تستمع إلية وهي تُربع يداها وتضعهما فوق صدرها واجابتهُ بثبات وجمود :
_ عجولك ميتا يا فارس، هو أنتَ موچود في حياتي من الأساس ولا بتجعد وياي لجل ما أجول لك؟
أجابها مقللاً من شكواها :
_ بجول لك إية يا مريم، أني دماغي وچعاني ومفاضيش لچلع الحريم ودماغهم الفاضية دي
إبتسمت ساخرة وأجابته بنبرة بائسة :
_ وأديني هشغل دماغي وأملاها بالشغل وهبعد عنيك لجل ما أدوشكش بدماغي الفاضية وحديتي اللي ملوش عازة عِنديك، زعلان ليه بجا !
وتنهدت بأسي وتحركت لتخرج من جديد أوقفها بقبضة يده وهو يُجبرها علي الوقوف،، نظرت له فتحدث علي إستحياء وهو ينظر لداخل عيناها بإحتياج :
_ إستني يا مريم، أني ، أني عاوزك
نزلت كلماتهِ علي قلبها المسكين شرختة ، أهذة هي كل قيمتها لدية ، إفراغ رغبته البائسة بها وفقط ؟
حزنت ثم تحدثت إليه بنبرة طائعة خاشيةً غضب الله عليها من عصيانها لإعطائها لزوجها حقهِ الشرعي بها :
_ وأني تحت أمرك يا ولد عمي
شعر من نظرة عيناها بدونيته وكم هو أناني بلا شعور، فأمسكها وسحبها لداخل أحضانة وشدد عليه وأردف قائلاً :
_ حجك علي يا مريم، لو معوزاش خلاص، مهجبركيش أني
هزت رأسها بإعتراض وخرجت من بين أحضانه الباردة الخالية من المشاعر، وتحركت إلي خزانة ثيابها وأخرجت ثوبً هادئ للنوم وتحركت لداخل المرحاض، أما هو فزفر بضيق لاعناً حالهُ وما أصبح عليه من حالة مُزرية غير مُرضية له ولا لزوجتة
*** ☆***☆ *** ☆***☆***
روايه قلبيّ بنارِهاَ مٌغرمٌ بقلمي روز آمين
في مدينة القاهرة
داخل مسكن إلهام والدة دكتورة أمل
كانت تجلس داخل شُرفة مسكنِها ترتشف بعضً من كأس العصير التي تُمسك به بكف يدها، إقتربت عليها ريماس إبنتِها المُدللة والتي لا تهتم قط بأي شخصٍ كان غير حالها وفقط
تإقتربت من جلسة والدتِها وهي مُمسكة بقنينة طِلاء الأظافر، تطلي بالفرشاة أظافرها بعناية وجلست بمقعدٍ مُقابل لوالدتِها،
ثم تحدثت بغرور :
_ كلمتي بنتك علشان تعرفيها ميعاد الفرح ؟
اتجابتها إلهام بنبرة باردة :
_ عملالي بلوك ومش عارفة أوصل لها، بس كلمت مي صاحبتها وأخدت منها ميعاد، وهروح لهم كمان ساعتين علشان اتكلم معاها وأحاول أقنعها تتراجع عن قرارها المجنون ده،
وأكملت بعدم إهتمام :
_وأهو بالمرة أعزم مي ومامتها علي الفرح
تحدثت ريماس بنبرة مُعترضة :
_ بصراحة يا مامي أنا مش فاهمة إنتِ لية مش عوزاها تسافر الصِعيد، هي اللي إختارت تبعد عننا واختارت تعيش حياتها بالطريقة اللي تريحها، خلاص سبيها براحتها.
تحدثت إلهام ببقايا ضمير الأم المتبقي لديها :
_ أختك غضبانة وزعلانة من اللي حصل يا ماسة، ولازم نعذرها ونديها وقتها لحد ما تتقبل فكرة جوازك من وائل وتنسي الموضوع بشكل تدريجي
هتفت ريماس بنبرة مُتعالية غاضبة :
_ هي أصلاً ملهاش الحق إنها تزعل ، واحد كانت واهمة نفسها إنه بيحبها لمجرد إنها كانت معاه في الجامعة، ولما أتخرجت عينها معاه في مُستشفي بباة الكبيرة وإداها مرتب مكنتش تحلم بيه، كدة خلاص بقا بيحبها ؟
وأكملت بتعالي وغرور وهي ترفع قامتها لأعلي مُتباهية بجمالها الأخاذ وشعرها الأشقر وبشرتها ناصعة البياض :
_ ولما شافني في حفلة عيد ميلادها إنبهر بجمالي وسابها وزحف ورايا، ومن وقتها بقا بيطاردني في كل مكان أروحه ويترجاني أدي له فرصة يقرب مني ونتصاحب، لحد ما أنا رضيت عنه واديته الفرصة ، وفي خلال شهر واحد كان جايب أهلة لحد هنا وخطبني من حضرتك
وتسائلت بإستخفاف لمشاعر شقيقتها الرقيقة :
_ لو كان حبها فعلاً زي ما ادعت علية كان خطبها طول الخمس السنين اللي عرفها فيهم.
تنهدت إلهام وتحدثت مُفسرة :
_ أمل لسه صُغيرة ومش فاهمة الدنيا صح، مش قادرة تفهم إن اللي زي وائل ده فرصة هايلة للي زينا، ومن الغباء رفض طلبة أياً كانت الأسباب
هتفت ريماس بانانية :
_ ولما حضرتك مُقتنعة بكدة رايحة تقنعيها إنها متسافرش ليه؟
وأسترسلت حديثها بمنتهي الأنانية :
_بصراحة بقا يا مامي أنا شايفة إن قرار السفر ده أحسن حاجة لينا كُلنا، هي و وائل خلاص، مينفعش يجمعهم مكان تاني .
وقفت إلهام وتحدثت بتعقُل وهي تتأهب للخروج :
_ ما تخليش غِيرتك علي خطيبك تنسيكي إن أمل دي أختك ومش هينفع تكملوا باقي حياتكم وإنتم مقاطعين بعض بالشكل ده.
زفرت ريماس بإعتراض وعبس وجهها ، تحركت إلهام إلي داخل غرفتها كي ترتدي ملابسها للإستعداد لزيارة إبنتها التي تستضيفها صديقتها بمنزلها
بعد مُدة كانت إلهام تجلس أمام السيدة إيمان والدة مي، تضع ساقً فوق الآخري بتعالي وتباهي، بعد مدة خرجت أمل من حُجرتِها مُجبرة علي مقابلة والدتها بعد محاولات عِدة وإلحاح من إيمان لإقناعها بالخروج إليها لاجل خاطِرها
وقفت أمل مُتصلبة الجسد تتطلع أمامها في اللاشئ، في حين نهضت إيمان و تحدثت إلي مي التي تجاور أمل الوقوف:
_ بعد إذنكم هاخد مي ونقعد جوة في أوضتي علشان تاخدوا راحتكم في الكلام.
وقفت إلهام وتحركت إلي أمل التي تراجعت للخلف وتحدثت بنبرة جامدة وملامح وجة صلبه:
_ يا ريت حضرتك تتفضلي تقولي الكلمتين اللي جاية تقوليهم علشان تريحي بيهم ضميرك، لأني بصراحة معنديش وقت كتير علشان أضيعه في مناقشات عقيمة
تنهدت إلهام وحركت رأسها يميناً ويساراً بأسي ثم جلست وتحدثت بنبرة مهمومة :
_ هتفضلي لحد أمتي تعاملني بالجفاء ده؟
وأكملت لائمة:
_بتعاقبيني علي إية يا أمل؟
بتعاقبيني علي خوفي عليكم وإني عاوزة أضمن لكم جوزات مرتاحه علشان أطمن عليكم ؟
نظرت لها أمل وصاحت بتألم وهي تُشير بسبابتِها علي حالِها :
_ علي حساب كرامتي ومشاعري؟
قد كدة كرامتي اللي إتهانت ملهاش أي قيمة عندك؟
أجابتها بنبرة صادقة:
_يا بنتي إفهميني، أنا أم وخايفة علي بناتي من غدر الزمن، أنا ربيتكم لوحدي بعد بباكم ما أتوفي ونسيت نفسي وضيعت عُمري كله علي تربيتكم، ما رضيتش أتجوز علشان ما أجيبلكمش جوز أم يضايقكم ويسبب لكم عُقد تفضل ملزماكم طول حياتكُم ، علمتكم احسن تعليم لحد ما بقيتي دكتورة قد الدنيا واختك في كلية ألسن، من حقي لما تيجي فرصة زي نسب دكتور وائل وأهله إني أتمسك بيها بكل قوتي
أمل بنبرة صارخة:
_وأنا يا ماما، ومشاعري، والحقير اللي كان مفهمني إنه بيحبني وبعد ما خلاص قرر إنه يخطبني في عيد ميلادي ، ظهرت له بنتك الجميلة وقعدت تلعب عليه بإسلوبها اللي إنتِ عارفاه كويس لحد ما ريل عليها زي الأهبل وجري وراها ، لو إنتِ فعلاً أم حقيقية وبتعملي لكرامة بنتك حساب كنتي رفضتي طلب جوازة من ريماس
حركت إلهام رأسها بيأس وتحدثت :
_ للأسف يا أمل، إنتِ بتفكري بمشاعرك وده غلط كبير،
وأكملت بقوة:
_الدُنيا دي علشان تبقي قوية فيها وتَحصُلي علي أحسن الفرص والعروض، لازم تركني قلبك وتنسية خالص، ولو حسبتي جواز أختك من وائل هتلاقية فيه خير كتير أوي ليكي إنتِ قبلنا كلنا
نظرت عليها بإستغراب فأكملت إلهام غير عابئة بنظراتها:
_ أيوة يا أمل، لو حسبتيها بعقلك هتلاقي إن بمجرد جواز أختك من دكتور وائل ده هيعزز من منصبك في المستشفي، وائل وعدني إنه مستعد يرقيكي لمنصب رئيس قسم في المستشفي، وهيرفع مرتبك لأربع أضعاف
رمقتها بنظرة إشمئزاز وتحدثت:
_ إنتِ إزاي كدة، بيقولوا الأم بتحس بوجع بنتها لكن أنا مش شايفة ده قدامي
اجابتها بقوة وجحود :
_ الوجع الحقيقي في الفقر والغربة اللي إنتِ رايحة ترمي نفسك فيهم يا دكتورة
أجابتها بقوة :
_وأنا راضية بالفقر والغُربة دول وشايفة فيهم راحتية، وكل اللي طالباه منكم إنكم تنسوني وتخرجوني من حياتكم للابد زي ما أنا هخرجكم، وياريت من إنهاردة متحاوليش تقابليني تاني، لأني مش حابة أفتكر أي شئ يربطني بتجربة الخزلان المُرة اللي عشتها علي إيدك إنتِ واللي المفروض إنها أختي
وتحركت إلي الداخل بقلبٍ مُحطم فاقد الثقة في كل من حولة.
*** ☆***☆ *** ☆***☆***
روايه قلبيّ بنارِهاَ مٌغرمٌ بقلمي روز آمين
بعد إنتهاء الثلاثة أسابيع مُدة أجازة قاسم ، حوالي الساعة السادسة صباحاً بتوقيت القاهرة
كان يقف أمام مِرأته يُهندم من ثيابهِ ويضع عِطرهِ فوق ذقنه النابت وعُنقة تحت نظراتها التي تشتاقهُ حتي من قبل الرحيل ، تختلس النظرات إلية بقلبٍ مُمزق من مُجرد فكرة إبتعاد المحبوب
وما كان حالهُ بأفضلِ مِنها، فقد كان ينظر لإنعكاسها في المرأة وهي تُجهز لهُ حقيبة ملابسه، تختلس النظر إلية بين البُرهة والآخري مع مراعاتِها لعدم رؤياهُ لها، لكنهُ بالطبع كان يراها لعدم إحالة بصرهِ عنها
إنتهت من وضع ثيابهُ وجميع أشيائة الخاصة وتحدثت بنبرة مُختنقة لم تستطع السيطرة عليها :
_ شنطتك جهزت يا قاسم
تنهد بألم وتحرك إليها ونظر لداخل عيناها قائلاً بشكر :
_ تسلم يدك يا صفا، تعبتك وياي
أومأت له بأهدابها فتسائل هو بإهتمام :
_ معوزاش حاچة أچيبها لك وياي وأني راجع؟
هزت رأسها بنفي مُبتعدة بناظريها عن مرمي عيناه فتحدث هو من جديد :
_ جولي اللي في نفسك، أشري بصباعك علي أي حاچة حباها وأني أخلجها لك من تحت الأرض
أجابته بنبرة ضعيفة مُتأثرة :
_ تسلم يا قاسم، لو عُوزت حاچة أكيد هجول لك
تنهد هو بأسي ثم أمسك كف يدها وتلمسهُ بنعومة أثارت كلاهُما،نظر لداخل عيناها وذابا معاً بالنظرات، شعر بحاجتة القوية لإلتهام شفتاها وتقبيلهما برقة ونعومة، إقترب عليها ومال بجزعة لكنها أبعدت جسدها سريعً وتراجعت للخلف وهي تبتلع لعابها وصدرها يعلو ويهبط من شدة الإشتياق والتوتر، كانت تُريد قُبلتهُ أكثر منه، لكنهُ الكبرياء لا غير
شعر بإحباط رهيب جراء تراجُعها وسحب بصرها وجسدها بعيداً في حركة تدُل علي إعتراضِها الشديد لإقترابة، تحمحم وعذر تصرفها،
أخذ نفسً عميقً كي يهدئ حالهُ وما أصابهُ ، وتحدث بهدوء مُتلاشياً تصرفها :
_ أني مش هتأخر في القاهرة، كام يوم أخلص فيهم القضايا الضرورية وأعاود طوالي، وزي ما جولت لك، أي حاچة تعوزيها رِني علي .
نظرت له وأخرجت صوتِها بصعوبة بالغة:
_ توصل بالسلامة.
حمل حقيبته وتحرك للخارج وتحركت هي بجوارة حتي وصل إلي باب الشقة ثم نظر لعيناها
مد يدهُ لها ليصافحها فناولته كفها برقة، أمسكهُ ضاغطً عليه بنعومة وإثارة ، ثم رفعها وقربها من فمة ووضع شفتاه الغليظة فوق جلد كفها الناعم وثبت نظريهما كُلً بعيون الآخر وذابت العيون بنظراتها الهائمة ، إمتص هو جلد كفها في قُبلة خَشبت جسديهِما معاً،
ثم أنزل كفها وتحدث بنبرة حنون أذابت قلبها :
_ خلي بالك من نفسك يا صفا، وأني مهتأخرش عليكي
هزت رأسها بتوتر، تحامل علي حالة وخرج كي لا يتخطاه موعد إقلاع الطائرة، أمسكت الباب وتعلقت العيون ببعضها حيثُ أنهُ وقف بالخارج ولم تطعهُ ساقية علي التحرك للمُضي قدمً ، تحاملت هي علي حالها وتحدثت لتنبههُ :
_ الطيارة عتفوتك إكدة.
إبتسم لها بخفة وهتف بنبرة حنون :
_ فداكي يا صفا.
إبتسمت بحزن وتحاملت علي حالها وبادرت هي بإغلاق الباب، وكأن إغلاقهِ كان سكينً حاداً قطع معهُ قلبيهما وجعلهما ينزفان بشدة
أسندت رأسها فوق الباب وأغمضت عيناها بتألُم، رفعت كف يدها الذي طبع بهِ قُبلتهُ وأمتص جلدهُ بشفتاه، وضعت شفتاها فوق موضع شفتاه وأغمضت عيناها وباتت تُقبل موضعهما بقلبٍ يُريد الصراخ بأعلي صوته مطالبً بعودتة قبل الرحيل، أخذت نفسً عميقً تشتمُ بهِ رائحة عطرة التي طُبعت فوق جلدها والتصقت به
أما ذاك العاشق الذي شعر بأن قلبهِ خرج من بين أضلُعهْ وتركهُ مُهرولاً إليها لكي لا يبتعد عنها ويضل بين أحضانها بالداخل، تنهد بألم وتحامل علي حالة وتحرك إلي الدرج ليهبط ومنه للخارج بعدما ودع الجميع، كان فارس بإنتظارهِ كي يصطحبهُ بسيارته إلي مطار سوهاج
نظر لأعلي الشرفة علي أمل رؤياها، لكنها حطمت أماله ولم تخرج لتوديعة، فتنهد هو وتحرك فارس مُنطلقً بالسيارة ثم نظر إلي شقيقةُ مترقبً ملامح وجههِ الحزينة وتسائل بدُعابة:
_ مالك يا قاسم، أول مره أشوفك مهموم وإنتِ مسافر إكدة، ده أنتَ جبل إكدة كُنت بتُبجا طاير من الفرحة وإنتَ مِفارج
تنهد بألم ونظر لشقيقهُ وتحدث بنغزة داخل صدرة:
_ شكلي طبيت ووجعت في عِشج بِت أبوها العالية يا فارس، وجع واعر جوي جوة جلبي من وجت ما سِبتها فوج ونزلت
تهللت أسارير فارس وهتف بصياح:
_ وكتاب الله كُت عارف إنك عِشجتها من وجت خناجاتكم اللي مكانتش بتخلص من يوم ما كتبتوا اللكتاب،
وأكمل بنبرة عاقلة:
_ صفا زينة بنات النُعمانية وتستاهلك وإنتَ تستاهلها يا أخوي، وعين العجل إنك معتغدرش بيها ولا بوعدك لعمك
تنهد بهدوء وأرجع رأسهُ للخلف ناظراً أمامهُ بشرود يفكر فيما هو أت، وكيف سيتخلص ويُنهي خُطبتهُ من إيناس بدون خسائر معنوية لها، فبالأخير هو يكِنُ لها إحترامً ولا يُريد إيذاء مشاعِرُها وكبريائها
*** ☆***☆ *** ☆***☆***
روايه قلبيّ بنارِهاَ مٌغرمٌ بقلمي روز آمين
بعد مرور حوالي الساعة والنصف
دلف من باب مكتبه بترحاب عالي من الموظفين والذين تسائلوا كثيراً عن طول مدة غياب قاسم والذي لم يُخبر أحداً من المكتب بقصة زواجهُ بناءً علي طلب إيناس لحفظ ماء وجهها أمام زملائها الذين ينتظرون زواجهما خلال الإسبوع القادم
دلف إلي مكتبه وخلع عنه سُترة حِلتّه وعلقها بمكانها المُخصص، ثم جلس بمقعدة ودلفت إلية السكرتيرة الخاصة به ومعها ملفات القضايا المتوقفة علي موافقتة الشخصية كي يتم قبولها بالمكتب
تحدثت نيرة السكرتيرة بترحاب وهي تضع أمامهُ أحد الملفات :
_ المكتب نور بوجودك يا أفندم.
أجابها بهدوء:
_ متشكر يا نيرة.
بالكاد إنتهي من جُملته ورفع بصرهِ سريعً وسلطهُ علي تلك التي دفعت باب المكتب بحدة ودلفت تنظر إلية بنظرات مُشتعلة وتحدثت إلي نيرة التي إنتفضت بوقفتِها قائلة بنبرة صارمة :
_ سبيني مع الأستاذ لوحدنا يا نيرة.
نظرت نيرة إلي قاسم لتتأكد من قرارة فأومأ لها بأن تفعل ما طُلب منها وبالفعل خرجت.
وقفت تنظر عليه بعيون مُشتعلة وتحدثت بنبرة غاضبة:
_ هي حصلت كمان تيجي المكتب من غير ما تبلغني إنك جاي وأعرف من مكتب السكرتارية زيي زي الغريب ؟
نظر لها ببرود وتحدث بنبرة هادئة إستشاطت داخلها :
_ إهدي يا إيناس من فضلك وياريت متنسيش إننا في شغل والمكتب فيه زباين، ده غير إنه ما يصحش صوتك يبقا عالي كدة قدامي.
كانت تنظر إلية مُستغربة حالته كَكُل، نظراته الباردة وهو ينظر لها ، نبرة صوتهِ الجافة وهو يُحدِثُها ، أين قاسم، أين حبيبها الذي كان ينظر لها بإهتمام ويُحدثُها بحماس، نعم لم يكُن لها يومً عاشقً بالمعني المعروف، لكنهُ كان مُهتمً
تحدثت وهي تدقق النظر بملامح وجههُ التي لم تعُد تعرفُها، لا نظراته لا كلماته ولا حتي ملامحهُ التي زادت جاذبية ويبدوا عليها الإرتياح :
_ مالك يا قاسم؟ إنتَ فيك إية متغير، فين سلامك ولهفتك عليا، فين نظرة عيونك ليا لما كُنت بتغيب عني يومين
وأكملت بتساؤل حائر:
_ وإزاي قدرت تبعد عني كُل الوقت ده من غير ما تكلمني وتطمن عليا !
تنهد بأسي لحالتها الجنونية، وقف وتحرك إليها ليقابل وقفتِها ، وضع كفية داخل جيب بنطالة وتحدث بنبرة هادئة:
_ فية حاجات كتير جدت يا إيناس ولازم نقعد ونتكلم، من فضلك إتصلي بوالدك ووالدتك وخدي لي ميعاد منهم علشان هاجي أزورهم بعد ميعاد المكتب، فيه كلام لازم يتقال قدامهم ويشاركونا فيه
تنفست بهدوء وتحدثت إلية بنبرة جادة كألة إلكترونية :
_ لو هتتكلم معاهم في ترتيبات الفرح ما تقلقش، أنا وماما حجزنا القاعة ، ومهندس الديكور اللي إنتَ سلمته الشقة خلص كل التعديلات اللي أنا قُلت عليها، والفرش اللي إحنا حجزناه مع بعض قبل ما تسافر سوهاج هيوصل الشقة بكرة، والمهندس قال لي إن بعد يومين بالظبط هيسلمنا المفتاح.
وأكملت بجمود :
_ كُل حاجه جاهزة يا قاسم، مفيش غير كروت الدعوة إستنيتك لما توصل علشان نختار تصميمهم سوا
كان يستمع إليها بغصة مُرة داخل حلقة، أين كان عقله، ضميرة، أدميته وهو يُشرع ويُجهز حالهُ لذبح إبنة عمه وعمه الذي طالما إعتبرهُ ولدهُ الذي لم يُنجبة
حتي تلك المسكينة، ماذا ستفعل وكيف ستواجة الجميع بعدما يترُكها خطيبها بعد خطبة وأرتباط دام لسّبع سنوات !
تسائلت إيناس إلي ذاك الواقف ينظر إليها بشرودٍ تام ويبدوا علي ملامحهِ الإستياء والحُزن :
_ مالك يا قاسم؟
وصاحت بتساؤل وهي تنظر إليه بتشكيك :
_ فيك إية قُل لي، إية اللي مغيرك بالشكل ده ؟
إستمع كليهُما إلي طُرقات مُستأذنة فوق الباب فتحدث قاسم بنبرة صوت حادة :
_ إدخل. ت
دلفت السكرتيرة الخاصة به وتحدثت بنبرة عملية :
_شريف نُعمان برة يا أفندم وبيقول إنه واخد ميعاد من حضرتك.
تحدث إليها قائلاً بتفهم :
_ تمام، خلية يتفضل بعد دقيقتين بالظبط.
خرجت السكرتيرة وتحدث هو إلي إيناس بنبرة عملية :
_ إتفضلي علي مكتبك يا إيناس وزي ما قولت لك، هزوركم في البيت إنهاردة الساعة 8 وهنتكلم في كل حاجه.
كانت تنظر إلية بذهول وتسائلت بنبرة مُلامة :
_ إنتَ كلمت موكلينك وأدتهم مواعيد ومهانش عليك تكلمني حتي وتقولي إنك جاي.
تحرك إلي مكتبة وجلس بمقعدة وتحدث بنبرة جادة مُتغاضىً حالتها وسؤالها :
_ من فضلك يا أستاذه تتفضلي علي مكتبك علشان تشوفي شغلك.
طرقت السكرتيرة الباب ودلفت تتقدم خطوات العميل الذي هز رأسه بترحاب إلي إيناس كتحية منه، ثم تحرك إلي المكتب وبسط يدهُ إلي قاسم ليصافحهُ، وتحركت إيناس إلي الخارج،
أما عدنان فكان يجلس داخل مَكتبة مُنكبً علي أوراق بعض القضايا يقوم بمراجعتِها بإهتمام، إنتفض بجلسته حين فوجئ بتلك التي فتحت الباب دون إستأذان ودلفت كالإعصار المفاجئ
إنتفض واقفً وتسائل بهلع:
_ فيه إيه يا إيناس، إية اللي حصل ؟
بأنفاس لاهثة وعيون مُتسعة تطلق حُممً نارية سألتةُ مُستفسرة :
_كُنت عارف إن قاسم جاي إنهاردة ؟
زفر بضيق واسترخت أعصابهُ المشدودة وأرتمي بجسدهِ بتراخي فوق المقعد ثم تحدث بهدوء:
_ كلمني الساعة سبعة الصُبح وأنا نايم وقالي إنه في المطار وجاي علي القاهرة، وطلب مني أجهز له شوية ملفات خاصة بقضايا مستعجلة ولازم تدرس ويتاخد فيها قرار.
جحظت عيناها وتسائلت بصياح :
_ ولية ما قولتليش وإحنا قاعدين علي الفطار؟!
اجابها بنبرة باردة :
_نسيت يا إيناس، بقولك كلمني وأنا نايم ، وبعدين أنا كنت فاكر إنه بلغك إنه جاي علي الأقل علشان تنسقوا مع بعض القضايا المتعلقة وتشوفوا هتقبلوا إية وترفضوا إية
تحركت وجلست بمقابلهُ وتحدثت بنبرة مُتوجسة:
_ قاسم متغير معايا أوي يا عدنان، معرفش ماله، ده طلب مني أبلغ بابا وماما إنه هيزورنا إنهاردة الساعة 8 بعد المغرب ، وقال إنه محتاج يتكلم معانا ضروري.
تسائل عدنان مستفسراً :
_ طب وإنتِ قلقانه ليه كده، ما جايز يكون جامعنا علشان يتكلم في ترتيبات الفرح ؟
هزت رأسها بتوجس وتحدثت :
_ لا يا عدنان، أنا قلبي مش مطمن لهيأتة وهو بيكلمني، حساه حد غريب عني أنا معرفهوش، مش لاقية فيه قاسم خطيبي
ضيق عدنان عيناه وذهب بفكرهِ لتلك الفاتنة ذات العيون الساحرة وتيقن أن سحرها الهائل هو سبب تغيير ذاك الأبلة بالتأكيد
*** ☆***☆ *** ☆***☆***
روايه قلبيّ بنارِهاَ مٌغرمٌ بقلمي روز آمين
بعد خروج العميل من مكتب قاسم دلفت إلية السكرتيرة مباشرةً وتحدثت إلية بنبرة هادئة:
_ أدخل الزبون يا أفندم ولا تحب حضرتك تشرب حاجه الأول؟
هز رأسهُ نافيً ثم أردف قائلاً وهو يلتقط هاتفه من فوق المكتب وينظر بشاشتة :
_ متدخليش حد علشان هعمل مكالمة ضرورية، وانا هتصل بيكي لما أخلص وأبلغك تدخلي العميل،
وأكمل بنبرة تأكيدية ذات مغزي :
_ مفيش مخلوق يدخل عليا المكتب مهما كان هو مين
ونظر إليها بتأكيد :
_ مفهوم يا نيرة ؟
أومأت له بتفهُم وخرجت، أما هو فنظر بشاشة هاتفهُ وأبتسم تلقائياً حين نظر لنقش إسمها، كان قد قرر مهاتفتِها بعدما شعر بحاجتهِ المُلحة للإستماع إلي نبراتها الحنون كي تمدهُ بالقوة وتُساندهُ وتدفعهُ للمضي قدمً نحو طريق تصحيح المسار المُتجة إلية، بسرعة البرق ضغط علي زر الإتصال وأنتظر مُتلهفً لإجابتها
كانت تنتهي من إرتداء ثيابها وتلف حِجَابها الشرعي إستعداداً للنزول بعدما بعثت لها فايقة حُسن كي تستدعيها للجلوس معهم بالأسفل
إستمعت لرنين هاتفها فتحركت إلي الكُومود وألتقطته ونظرت إليه، وبلحظة تخشب جسدها بالكامل وبدأ قلبها يدقُ بوتيرة سريعة عندما لمحت نقش إسمة المُسجل بهاتفها مُنذُ أكثر من سّبع سنوات ولم يُنير بشاشتها ولو لمرةً واحدة
فاقت علي حالها وضغطت سريعً زِر الإجابة قبل أن ينتهي الرنين وتحدثت بنبرة مُرتبكة خجلة :
_ ألو
وكأن روحهُ الهاربه منهُ قد رُدت إلية حين إستمع لرنين صوتها العذب، فأجابها بنبرة يملؤها الحنين :
_ كِيفك يا صفا ؟
تنهدت براحة وشعرت بسعادة تغزو صدرها من مجرد إستماعها لحروف إسمها تخرُج من بين نبرات صوته الحنون :
_ اني زينة الحمد لله،
وتسائلت بإهتمام:
_ وصلت المكتب بالسلامة ؟
أجابها :
_ واصل من أكتر من نص ساعة وجابلت موكل كمان
شعرت بغيرة إقتحمت قلبها سريعً وتسائلت بنبرة حاولت بها تخبأة مشاعرها المُشتعلة بالغيرة :
_ موكل ولا موكلة، أجصد يعني جضية لراچل ولا لست؟
قهقة عالياً وتحدث بتفاخر ورجولة بعدما إستشف غيرتها علية:
_ راچل وشنبة يجف علية الصَجر كمان،
وأكمل بمراوغة وحديث ذات مغزي :
_ طمني جلبك يا صفا .
أجابته وهي تبتلع لعابها وتلعن غبائها لظهورها أمامهُ بتلك الحالة المزرية من الغيرة :
_ وهو حد كان جال لك إني جلجانة لجل ما تجول لي إطمني !
ضحك بشدة قائلاً بمداعبة:
_ الغيرة علي المحبوب مشروعة يا دَكتورة، وخصوصاً لما الحبيب يُبجا محامي طول بعرض وعيونه كحيلة ورموشة تدوب جلوب الحَريم دوب
إشتعل صدرها من الغيرة ولم تدري بما تُجيبهُ، أتقصف جبهتهُ كَكُل مّرة لتُثبت لهُ أن الأمر لا يُعنيها، ولكن كيف وهو يُعنيها، بل وحديثه أشعل النار بداخل صدرها فجعلهُ متوهجً من شدة الإشتعال
شعر بها فتحدث إليها :
_ روحتي فين يا صفا، معترديش عليّ ليه، ولا أني مش حبيب عاد ؟
إبتلعت لعابها وأشتعل وجهها إحمراراً ولم تستطع إخراج كلمة واحدة من فمِها، فهم خجلها وأعطي لها العُذر
فغير مجري الحديث كي يستدعيها إلي عالمهُ من جديد :
_ نمتي بعد أني ما مشيت ولا جِلجتي ومجالكيش نوم.
إبتسمت لمداعباته وقررت مُشاغبتة وتحدثت بنبرة مَرحة جديدة علية :
_ وإية اللي هيخليني منامش يا متر ، ده أني حتي أول مرة أنام براحة إكده من يوم فرحنا ، أخدت مخدتي في حُضني ونمت محسيتش بنفسي من كُتر الراحة
شعر بسعادة من دُعابات تلك المُشاغبة وتحدث مُتوعداً بدُعابة:
_ طب إعملي حسابك إن أول حاچة هعملها بعد ما أچي لك إني هاخد اللمخَدة دي ونزلها في الچنية وأولع فيها
ضحكت هي وتحدث إليها متسائلاً:
_معتسألنيش عولع في المُخدة ليه؟
إبتسمت وتسائلت بدلال خشب جسدهِ :
_ عتولع فيها لية؟
أجابها بنبرة هائمة أذابت جسدها:
_عشان إتچرأت وخدت مكَاني، حُضن صفا ملك لچوزها وبس
أغمضت عيناها وشعرت وكأن روحها تركتها وسرحت تتراقص في الفضاء، هل هي واعية أم أن هذا حُلمها التي طالما تمنتهْ حتي باتَ يُراودها بغفوتِها وصحوِها
وأكمل ذلك العاشق بنبرة تكادُ تصرخُ من شدة إشتياقِهِ :
_إتوحشتك يا صفا
إتسعت عيناها وفتحتهما بذهول تحاول أن تستوعب ما قيل لها علي لسان مُتيمها وساحرُ عيناها، هل حقاً قال أنهُ إشتاقني ، هل نسبني إلية وان حُضني هو ملكً لهُ !
إرتبكت حين سألها من جديد كي يستدعي صوتها لتُعيد البسمة إلي قلبهِ المُلتاع :
_عتفضلي حرماني من صوتك إكتير إكدة ؟
تحمحمت وتحدثت مُتهربه منه:
_ قاسم، كُنت عاوزة أستأذنك في حاچة
أجابها مُتلهفً:
_ أؤمريني يا ست البنات
إنتفض قلبها من كثرة حَنينهُ عليها، تحاملت علي حالها وأخرجت صوتها بصعوبة قائلة :
_ كُنت بستأذنك إني أخرچ إنهاردة بعد الظهر وأروح علي المستشفي لجل ما أتابع وأشوف آخر المستچدات مع دكتور ياسر، إنتَ عارف إن الإفتتاح جرب وأني لازمن أطمن بنفسي إن كُل حاچة بجت تمام
شعر بحالة من الإستياء، وتملك منه شعور بالغضب والغيرة لمجرد ذِكرها لإسم ذلك الرخيم الذي لم يتقبلهُ مُنذُ أن رأه ليلة الإحتفال بالحِنة عندما كان سيتجرأ ويكشف عن جسد مالكة روحة ليُعطي لها إبرة الدواء المُسكن ، لكنهُ تمالك من حالة وكظم غيظة كي لا يُحزنها
وتحدث بهدوء وأستحسان :
_ بصراحة أخر حاچة إتوجعتها إنك تستأذنيني لجل ما تنزلي تتابعي شُغلك
إبتسمت وتحدثت إلية بنبرة دُعابية مُستفزة :
_ هو مش إستإذان جَد ما هو إني بجنب حالي وچع الدماغ،لأن أكيد چدتي ومّرت عمي هيجعدوا يجولوا لي كيف عتنزلي الشُغل وإنتِ لساتك مكملتيش شهر چواز
قهقه عالياً وتحدث مُستسلمً من تلك التي تعتز بكبريائها أمامهُ:
_ يا فرحة ما تمت، وأني اللي جولت لحالي إن الزمان ضحك لي والدَكتورة صفا بجلالة جدرها عتستأذنك يا واد
ضحكت بإستحياء فتنفس هو بإرتياح ثم تحدث مُجبراً:
_ روحي علي شغلك بس خلي بالك على نفسك وأرچعي علي شُجتك طوالي
وأكمل بدُعابة مُحببه لقلبها:
_ وإبجي خُدي المُخدة في حُضنك وضُميها جوي بالليل لجل ما تودعيها عشان عولِعلِك فيها أول ما أرچع
ضحكت بشدة وضحك هو وأضطر أسفً أن يُنهي أمتع مُكالمة أجراها طيلة سنوات حياتهُ، شعر من خلالها بالشغف والنشوي والسعادة
*** ☆***☆ *** ☆***☆***
روايه قلبيّ بنارِهاَ مٌغرمٌ بقلمي روز آمين
نزلت الدرج وتحركت إلي مجلس نساء العائلة وتحدثت بوجهها البشوش وضحكتها وحضورها الذي طغي علي المكان فزادهُ إشراقً :
_ صباح الخير
رد الجميع الصباح عدا ليلي التي رمقتها بنظرة كارهه وتحدثت إليها بنبرة تهكُمية:
_ناموسيتك كُحلي يا صفا هانم.
تجاهلت هجومها اللازع عليها حين أردفت رسمية بنبرة مُدلله متجاهلة حديث ليلي :
_ يسعد صباحك يا دَكتورة.
وتحدثت نجاة بوجهٍ مُبتسم وترحاب عالي يليق بتلك الصافية :
_ منورة دارك يا بِتي
اجابتها صفا بإبتسامتِها البشوش:
_ تسلمي يا مّرت عمي، الدار منورة بوجودك.
وأردفت مريم مُتسائلة بإبتسامتها البريئة :
_ كِيفك يا صفا، زينة ؟
بادلتها الإبتسامة تحت غضب ليلي وتحدثت بنبرة حنون :
_ الحمدلله يا مَريم.
تحدثت الجدة وهي تُشير إليها :
_ تعالي آُجعدي چاري لحد ما انده علي حُسن تچهز لك اللفطور
تحركت إلي الجدة وجاورتها الجلوس وتحدثت بإعتراض لطيف :
_ ملوش لزوم يا چدة، أني فطرت جبل ما أنزل، أني هجعُد وياكم شوي وبعدها هروح أطل علي أبوي وأمي واشوفهم عشان هروح المستشفي أتابع التچهيزات، الإفتتاح جرب وعاوزة أطمن إن كل حاچة بجِت زين.
وكأن بكلماتها تلك قد أشعلت النار بقلب فايقة التي تحدثت بنبرة حقودة ظاهرة للجميع:
_ مستشفي إية اللي عتروحيها وإنتِ لساتك عروسة چديدة، إنتِ عايزة تفضحينا بين الخَلج إياك؟
أني أصلاً مفهماش شغل إية اللي بتچهزي له وهتروحية بعد ما خلاص إتچوزتي !
وأكملت بنبرة خبيثة كي تكشف للجميع عدم تربية صفا بالشكل اللائق وتخطيها لإتباع الأصول:
_ الظاهر إن سلفتي مكانتش فاضية لچل ما تعلمك الأصول زين، لأن لو كانت علمتك صُح كُتي جبل ما تلبسي هدومك وتنوي الطلوع تاچي تستأذني مني ومن چدك وچدتك
ونظرت إلي رسمية وتسائلت بنبرة خبيثة:
_ مش الأصول بتجول إكدة بردك ولا أني بتحدت غلط يا عمتي ؟
وقبل ان ترد رسمية التي إنعقد لسانها خجلاً كان لصفا رأيً أخر حيثُ قامت بقصف جبهتها وإفشال مُخطتها قائلة :
_ أمي علمتني وفهمتني ديني صُح وربتني أحسن تربية يا مرت عمي، وديني بيجول ما أتحركش من مكاني خطوة جبل ما أخد الإذن من چوزي اللي أني عايشة في حمايتة ومسؤلة منيه، وأني جبل ما أنزل إتصلت بچوزي وأستأذنته وهو سمح لي ورحب كمان،ده غير إني إستأذنت ليلة إمبارح من كبيري وكبير الكُل،
نظر إليها الجميع فتحدثت مُفسرة:
_أخدت الإذن من چدي ربنا يبارك لنا فيه
وأني يا ست صفا، كُتي خدتي مني الإذن لجل ما تُخرچي ؟
ولا ورد معلمتكيش إن زي ما چوزك ليه إحترامة حماتك هي كمان ليها إحترامها ؟
جملة قالتها فايقة لمتابعة مُخطتها الدنئ لتوقيع صفا بالخطأ
تحدثت صفا بثقة ونبرة هادئة إستفذت بها فايقة :
_أني إتبعت الدين والأصول وأستأذنت چوزي وكبيري يا مرت عمي ومحدش يجدر يغلطني في إكدة،
وأكملت بنبرة عقلانية كي تتفادي خطة تلك الحية الرقطاء قائلة بهدوء وأبتسامة خفيفة:
_ ومع إني مش مطالبة إني أستأذن من حد تاني بس أني بستأذنك في إني أخرچ يا مرت عمي،
وتسائلت بإبتسامة مزيفة:
_راضية إكدة ؟
نظرت لها ليلي وفايقة بقلبان يشتعلان غضبً حين تحدثت رسمية بإستحسان:
_ عداكي العيب يا دَكتورة
حين وجهت نجاة حديثها إلي رسمية نبرة حادة وذلك لإحراج فايقة التي لا تُعطي إلي حديثها أية إهتمام أو جدية :
_ كُت عاوزة أتحدت وياكي في موضوع تأخير حَبل ليلي لحد دالوك يا مّرت عمي،
وأكملت بنبرة غاضبة:
_ بصراحة إكدة الموضوع طال وبوخ وأني خلاص، معُتش جادرة اتحمل وأصبر أكتر من إكدة
إستشاط داخل فايقة ورمقت نجاة بنظرة نارية وصاحت بنبرة عالية مُردفة بحدة وهي تنظر إلي صفا :
_ ولازمته إية الحديت الماسخ اللي يحرج الدم دي جِدام الغُرب يا نچاة ؟
تحدثت رسمية بنبرة حادة بعدما رأت حَرج صفا بعيناها :
_ غُرب مين اللي عتتحدتي عليهم يا بِت سَنية؟، وبعدين عتعلي صوتك علي سلفتك وتغلطيها ليه؟
المّرة عِنديها حَج، صبرت ياما ونفسها تشوف عوض ولدها بيتحرك جِدام عِنيها، وإنتِ وبِتك حاطين إديكم في الماية الباردة
هتفت فايقة بنبرة غاضبة:
_ أني مسكتاش يا عمة، ومن وجت ما بِتي إتچوزت وأني بچري بيها عِند الدكاترة ، وكُل اللي روحت لهم جالوا إن ليلي ساخ سليم ومفيهاش عيب يمنع الخِلفة، اللحكاية عايزة صّبر
صاحت نجاة متسائلة بنبرة حادة :
_لميتا هنصبروا يا فايقة، ولدي داخل علي سنين ونص چواز ونفسي أشيل عوضة علي يدي!
كانت تستمع إليهم والنار تتأكل بصدرها لحضور غريمتها صفا وإستماعها لهذا الحديث الذي يذبح روحها ويشعُرها بالكَسرة
فتحدثت الجدة بهدوء:
_ إجفلي خاشمك يا حُرمة منك ليها،
وحولت بصرها إلي صفا وتحدثت بنبرة هادئة:
_ وإنتِ يا دَكتورة، إنتِ مش شاطرة وكل سنة كُتي عتطلعي بنمر زينة في الطِب، متكشفي علي بِت عمك وشوفي لها دوا يخليها تِحبل أومال ؟
أجابت جدتها بهدوء :
_ أني مش تخصص نسا وتوليد يا چدة،ده غير إني لسه ببتدي طريجي ومعنديش خِبرة في شُغلي،، بس أني عرضت مساعدتي علي ليلي جبل سابج، وجولت لها إني سألت دكتور كبير عندي في الچامعة وجاب لي إسم دكتور شاطر جوي في الموضوع دِه ولية سِيط وياما ستات كتير ربنا كرمها علي يده
ونظرت لتلك المُستشاطة وأكملت:
_ بس للأسف، ليلي رفضت مساعدتي وطلبت مني أبعد عن الموضوع ده وما أتدخلش فيه واصل
رمقت فايقة ليلي وسألتها بنبرة حادة:
_ صُح الحديت اللي عتجولة صفا دي يا حزينة ؟
وقفت ليلي وصرخت بأعلي صوتها بعدما فاض بها الكيل :
_ إيوة صُح يا أمّا، وأني جولتها لها جبل سابج وهجولها جِدامكم كِلياتُكم، لو الچنة هتاجي لي من خِلجة بِت ورد أني معيزهاش
وتحركت لأعلي بدموعها وغضبها علي صفا الذي لو تفرق علي المحافظة بأكملِها لكفي وفاض
نظرت فايقة إلي صفا وأردفت بلهفة كمن وجدت ضالتها :
_ شوفي عنوان الدكتور ده يا صفا وهاتيهولي واني هتدلي مصر ونودوها ليه أني وأبوها
أومأت لها بطاعة حين تحدثت نجاة بإعتراض:
_ رچلي علي رچلك أني ويزن وين ما عتروحوا ، بكفياكي طول السنتين اللي فاتوا وأني جاعدة كيف الهبلة ومعارفاش إية اللي عيُحصل عِند الدكاترة اللي عتروحولها إنتِ وبِتك دي !
___________________
تحركت إلي منزل والدها وجدت والدتها تقف داخل المطبخ تعِدُ أنواع الحلوي المُحببة لدي زوجها الذي أصبح علي مشارف الوصول،
وقفت تلك الصافية وراء والدتها وأحتضنتها من الخلف دافنه وجهها داخل عُنق ورد التي شعرت بسعادة الدنيا تملكت من قلبها وتحدثت بنبرة سعيدة:
_ يا مرحب ببت جلبي اللي نورت دار أبوها
أردفت صفا بنبرة حنون:
_ إتوحشتك جوي وإتوحشت حُضنك وريحة مِسكك يا ورد
ضحكت ورد وتحدثت إليها بجُرأة لم تعهد عليها :
_ دالوك إفتكرتي حُضن ورد لما فارجك حُضن حبيبك !
شعرت بالدماء تنسحب من وجهها وعروقها بالكامل من شدة خجلِها، فتسائلت مُغيرة مجري الحديث كي تُجنب حالها حديث والدتِها :
_ أومال فين أبوي، مشيفهوش في الدار يعني
أجابتها ورد بنبرة سعيدة:
_ لساته مكلمني وجال لي إنه داخل بعربيته علي أول الطريج في البلد
لم يُكملا حديثهُما حتي إستمعا إلي صوتهِ من الخارج وهو يُنادي بصوتهِ علي صابحة قائلاً :
_ تعالي يا صابحة هاتي الحاچات اللي في العربية
أسرعت إلية وما أن رأتهُ أمامها حتي رمت حالها بشغف لداخل أحضانهُ لتتشبع روحها من حنانهِ الذي لا يُضاهيه حنان
فتحدث ذاك الذي كان يشعر وكأنهُ يتحرك داخل صحراء جرداء في نهار صيفٍ ساخن يتلوي عطشً وفجأة وجد أمامهُ بِئرً ملئ بالمياة العذبة فجري علية ليروي ظمأهُ الشديد ، فتح ذراعية علي مصرعيهما وأحتواها داخلهُما وبدأ بمسح كفهِ بحنان فوق ظهر غاليته وتحدث:
_ إتوحشتك يا تاچ راس أبوكي
أجابته وهي داخل أحضانة:
_ مش جدي ما اتوحشتك يا حبيبي،
ثم رفعت وجهها تتطلع إلي وجههِ وتُملي عيناها وتُشبعها من شوفته البهية وتحدثت:
_ كيفك يا حبيبي وكيف صحتك؟
أني زين ومليش زي طول ما أنتِ بخير، جملة نطق بها زيدان بنبرة حنون وعيون تنطق عشقً أبوي
إستمعا كلاهُما لصوت تلك الغائرة التي صدح من خلفهما قائلة بدُعابة:
_ حمدالله على السلامة يا سي زيدان، طبعاً معتفتكرش تسأل علي المسكينة ورد ولا اللي چابوها طالما خدت حبيبتك جواة حُضنك.
إنفرجت أساريره كَكُل مرة يري فيها غيرتها علية وتحدث مُدللاً إياها:
_مفيش حُضن يعوض حنانك يا غالية، وفتح لها ذراعه وسحبها هي الاخري لتُشارك صغيرته في حُضنه الكبير الذي يشمل الجميع بحنانه
بعد مُده كانت تتوسط والديها الجلوس وتتناول بتلذُذ الحلوي التي صنعتها والدتها بيدها
سأل زيدان صغيرته كي يطمأن عليها:
_ قاسم عامل إية وياكي يا صفا، بيعاملك زين ؟
إبتسمت خجلاً وتحدثت كي تُطمأن قلب غاليها عنها :
_الحمدلله يا أبوي، قاسم راچل صُح وبيتجي الله فيا وبيعاملني بما يُرضي الله
أردفت ورد بإستحسان بعدما وجدت وجه صغيرتها قد آُنير بعد زواجها من قاسم:
_ قاسم راچل مفيش منيه، يشبهك يا زيدان ويشبه حِنيتك
حولت بصرها سريعً علي أبيها وأردفت مُعترضة بنبرة صادقة:
_ حنية أبوي ملهاش زي يا أمّا، ربنا خلج زيدان واحد ومكررهوش
إبتسم لصغيرته وأمسك كف يدها وضغط عليه بحنان، جلست معهما ما يقارب من الساعة وبعدها إتجهت بسيارتها إلي المَشفي لتُباشر عملها وتتابع آخر المُستجدات
*** ☆***☆ *** ☆***☆***
روايه قلبيّ بنارِهاَ مٌغرمٌ بقلمي روز آمين
إنتهي قاسم من أدائهِ لبعض الأعمال المُتراكمة لدية وخرج من مكتبهُ مُتجهً إلي مسكنه، تناول طعام غدائهِ الذي جلبهُ معهُ من الخارج من أحد المطاعم ثم تحدث إلي صفا وأطمأن أنها قد عادت من المَشفي ،
دلف إلي المرحاض ونزع عنه ثيابهُ وأتجهَ إلي كبينة الإستحمام، وقف تحت صنبور المياة وحول مؤشرهُ علي المياة الدافئة ونزل تحتهُ وأغمض عيناه بإسترخاء وذلك لكي يُهدئ من روعة، إنتهي من أخذ حمامه وذهب إلي تختهِ ليغفوا ساعتان حتي يسترخي قبل أن يذهب إلي منزل إيناس ويبدأ حربهِ الشرسة الذي يعلم أنها لم ولن تكُن بالسهلةِ أبدا
أفاق من غفوته علي صوت المُنبه، اغلقهُ وأتجهَ إلي المرحاض توضأ وخرج لأداء فرض الله علية، بعد مدة إنتهي وبدأ بمناجاة الله وتوسل إلية بأن يوفقهُ ويُساندهُ ويدعم سعيهُ بالوفاء إلي الوعد الذي قطعةُ لعمه بأن يحافظ علي تلك الصافية بالإضافة إلى عشقه الهائل الذي ظهر بقوة وبدون مقدمات
إرتدي ثيابهُ وقاد سيارته إلي أن وصل لمحل إقامتها وبعد دقائق كان يجلس في مقعداً مُقابلاً الأريكة التي تحمل ثُلاثي الشر، كوثر، إيناس وعدنان
تسائل قاسم مُستفسراً:
_أومال فين أستاذ رفعت؟!
نظرت لهُ كوثر التي تجلس بترقب واضعة ساق فوق الأخري وكف يدها تسند بهِ وجنتها، ترمقهُ بنظرات مُتفحصة ثم تحدثت بحديث مقصود :
_ رفعت في الشرقية بيحضر مناسبة عند حد قريبه من بعيد وهيبات في البلد، وبالمرة قال هيعزمهم علي فرح إيناس
ثم تحدثت بنبرة مُستفسرة وهي تنظر له بعيون مُستشفه لما داخله بحكم خبرتها بالحياة :
_خير يا قاسم، يا تري عايزنا في إية، إتكلم، إحنا سامعينك
هبت إيناس واقفة من جلستِها وتحدثت بهدوء حذر :
_ قبل ما تبدأ كلام قولي تحب تشرب إية ؟
أجابها سريعً بإشارة من يده:
_ مفيش داعي تتعبي نفسك، ياريت تقعدي علشان نتكلم في المُفيد
إستغرب عدنان طريقة قاسم الرسمية وملامح وجهه الجامدة وتسائل بدُعابة :
_ مالك يا أبني عامل زي اللي قاعد في مؤتمر رسمي كدة ليه، ما تفك شوية وبلاش شغل الرسم بتاع المحامين ده
إبتسمت كوثر بجانب فمها بطريقة ساخرة وتحدثت بحديث ذات مغزي لتشجعهُ لما هو أت :
_ إسمع كلام صاحبك وأدلُق اللي في عِبك مرة واحدة يا قاسم
أخذ نفسً عميقً وزفرهُ بهدوء كي يُساعدهُ ويعطيةِ القوة علي البدأ بالحديث في هذا الموضوع المُخجل الصَعب
تناقل النظر بين ثلاثتهم وتحدث مُتشجعً:
_ أنا عارف إن الكلام اللي هقولة ده صعب علينا كُلنا بس لازم ﻧـــــ....
ولم يُكمل باقي جملتهْ لمقاطعة كوثر التي تحدثت بإعتراض :
_مفيش داعي للمقدمات دي كلها يا مِتر، ياريت تُخش في الموضوع علي طول وتقول اللي إنتَ جاي علشانة
تحمحم بخجل فحقاً الوضع ليس بالهين علية ولا عليهم وأكمل بتفهم :
_ حاضر يا أفندم.
وأخذ نفس طويل وتحدث متشجعً:
_ للأسف أنا مش هقدر أكمل في موضوع جوازي من إيناس، حصلت حاجات كتير أوي في التلات أسابيع اللي فاتوا خلتني أراجع نفسي، ولقيت إني من الصعب أخالف ضميري وأخون بنت عمي، ده غير إن عمي خلاني أوعدة إني أحافظ علي بنته الوحيدة وأني أصونها وما أجرحهاش
جحظت أعين عدنان وإيناس وباتا يدققان النظر إليه بذهول وعدم إستيعاب لحديثهُ
أما كوثر التي لم تتأثر ملامِحُها ولو بشكل بسيط مما إستمعته من قاسم، فهي قد إستشفت بذكائها وخبرتها التي إكتسبتها عبر سنوات عمرها التي لم تكن بالهينة وعانت فيها مُر الفقر وتخطي الصِعاب
نظرت لهُ وتحدثت ساخرة بنبرة باردة رخيمة :
_ حلوة حتة الضمير اللي نزلت عليك فجأة دي، لا وملعوبة صح وكانت ممكن تدخل علي حد أهبل، بس عليا أنا لاء يا أبن الأكابر ،
وأكملت بنبرة ساخرة مُهينة لشخصة:
_إنتَ واعي للتخاريف والهبل اللي جاي تشتغلنا بيهم دول ولا أنتَ مِبرشم علي المِسا ولا نظامك إية بالظبط ؟!
إتسعت عيناه بذهول تأثراً بإستماعهِ إلي كلماتها المهينة والتي لا تليق بشخصيتهِ الجادة ولكنه تمالك من حاله وتحدث قائلاً بنبرة مُتماسكة مراعيً حالتها :
_ مفيش داعي للإهانة يا مدام كوثر، أنا مقدر إن الوضع صعب علينا كلنا، ولازم نساعد بعض علشان نتخطاه
إعتدلت بجلستها وهتفت بنبرة حادة:
_وهو أنتَ يا حبيبي لسه شفت إهانة، بقا بعد ما ركنت بنتي جنبك سبع سنين زي البيت الوقف وضيعت عليها فرص الجواز بدري ، وبعد ما جهزنا للفرح وكل قرايبنا ومعارفنا عرفوا إن الفرح بعد عشر أيام وده علي حسب إتفاقك إنتَ وأبوك معانا لما كنتوا هنا ،
جاي بكل بجاحة تقول لنا معلش يا جماعة،سامحوني مش هقدر أتمم الجوازة علشان مخونش ثقة عمي فيا، ثقة مين يا أبو ثقة
تحدث عدنان مُهدءً والدته موجهً نظراتهِ إلي قاسم :
_ إهدي من فضلك يا ماما، أكيد قاسم بيهزر معانا وما يقصدش اللي حضرتك فهمتيه ده
أجابه قاسم بنبرة جادة غير قابلة للتشكيك:
_ أنا مبهزرش يا عدنان، أنا قاصد كل كلمة خرجت مني ، وأنا مستعد إني أعوضكم بالمبلغ والترضية اللي إنتوا تحددوها علشان أكفر عن غلطتي
خرجت إيناس عن صمتها مُتخطية صدمتِها وأردفت قائلة بنبرة لائمة غير مستوعبة:
_ إنتَ عاوز تفضحني يا قاسم؟
إنتَ مستوعب الناس ممكن تقول عليا إية لو سبتني قبل الفرح بإسبوع بعد خطوبة دامت كُل السنين دي، إنتَ كدة بتدبحني ؟
ضيق بين حاجبية وتذكر ما الذي كان سيفعلةُ بصغيرته تحت قيادة تلك التي تصرخ عندما تبادلت الأدوار، شعر بدونيتة وكم كان حقيراً ولا يُفكر سوي بحالهِ اللعين وفقط
تحدث إليها متسائلاً:
_ ولو إتجوزتك هبقا بدبح مراتي اللي ما تستاهلش مني كدة ، هي خلاص، مبقاش ليها حد غيري ومش هقدر أغدر بيها تحت أي ظروف، لكن إنتِ لسه الفرصة قدامك في إنك تلاقي راجل محترم يحبك ويكون ليكي لوحدك من غير ما تشاركك فيه ست تانية،
هتفت بنبرة معترضة:
_بس أنا مش عاوزة ولا هقدر أكون لراجل غيرك يا قاسم ؟
أجابها بنبرة تأكيدية:
_مبقاش ينفع خلاص يا إيناس، صدقيني مش هقدر ، لو إتجوزتك علشان نتفادي كلام الناس هبقا بظلمك لأني مش قدر أكون لك الزوج اللي حلمتي بيه وأتمنتية
إنتَ بتقول إية يا قاسم، إنتَ مدرك وواعي للي إنتَ بتقوله، وصرخت بجنون قائلة:
_بص لي كويس يا قاسم، أنا إيناس، حبيبتك،
وصاحت بصُراخ مُتسائلة :
_إنتَ إية اللي جري لك، عملت فيك إية العقربة اللي إتجوزتها خليتك تتغير من ناحيتي بالشكل ده ؟
إستشاط داخلهُ وأحتدت عيناه حينما إستمع لإهانة صغيرته فتحدث بنبرة حادة صارمة:
_ إيناس، صفا خط أحمر ممنوع أي حد يتخطي الحدود ويقرب منه.
وأكمل بنبرة حادة:
_ آخر كلام عندي جواز مش هينفع، وأنا تحت أمركم في أي تعويض مادي تحددوة بنفسكم
ونظر لإيناس لعلمهِ مدي عِشقها للمادة وهذا ما لمسهُ من خلال حديثهُ الأخير معها وهو يحاول إقناعها بإتمام زواجهُ بها بعد صفا، ومنذ ذاك اليوم وهو يقوم بإسترجاع ذاكرته ومواقفها معه، شعر بالإهانة وبأنهُ بعنادهِ وهروبهُ من هويتة وجذورة قد تغافل وسلم حالهُ لتلك المُخادعة التي مثلت عليه العشق ولكنها أبعد ما تكون عنه
وأردف قائلاً بنبرة جاده:
_ وأنا مستعد أكتب لك الشقة بفرشها بكل مستلزماتها بإسمك كنوع من أنواع التعويض، وأظن إنتِ عارفة تمنها كويس أوي، ده غير مبلغ مالي هديهولك تبدأي بيه تأسيس مكتب ليكي، لأن للأسف مش هينفع نكمل شغل مع بعض تاني في المكتب
إشتعل داخلها عندما رأت غضب عيناه وأشتعال روحه لأجل غريمتها التي جلبتها لهُ بأيديها، وما زاد حِقدها هو تخطيتهُ وترتيبهُ لخطة الإنسحاب الكامل من حياتها ، نظرت لهُ وتحدثت بفحيح وتوعُد:
_ وإنتَ بقا فاكرني هبلة وبريالة علشان أوافق علي عرضك السخيف ده؟
وكمان عاوز تخرجني من المكتب اللي أنا بنتهولك علي أكتافي وعليت إسمة في السما بتعبي ومجهودي
وأكملت بتوعد:
_ ده أنتَ تبقا غلبان أوي لو فاكر إنك ممكن تغدر بيا وترمي لي شوية فتافيت بعد ما ركنتني جنبك زي البيت الوقف كل السنين دي، وأنا هقف أتفرج عليك وأسكت زي الهبلة وأرضي ،
وأكملت بتهديد صريح:
_ ده أنا أخرب لك حياتك وأدمرك، وأهد المعبد علي دماغ الكُل وعليا وعلي أعدائي يا قاسم
رمقها بنظرات نارية وهتف بصياح :
_لما تيجي تتكلمي مع قاسم النُعماني تبقي تتكلمي علي قدك يا شاطرة، وقولتها لك قبل كدة وهقولها لك تاني، مش أنا اللي بتهدد ومليش إيد بتوجعني علشان أتمسك منها وأتوجع،
وأكمل مذكراً إياها:
_ وبلاش تعيشي في دور المظلومة اللي إتغدر بيها لأن بصراحة الدور مش لايق عليكي، وأحب أفكرك إن الخطة دي كلها كانت فكرتك من الأول وتمت تحت رعايتك وإشرافك، فياريت متحملنيش الذنب لوحدي، دي خطة دنيئة من تأليفك وأنا إشتركت في تنفيذها وخدعت بيها عمي وجدي ولأخر لحظة كنت هدبح بيها بنت عمي بدون رحمة، جاية تصرُخي لما الأدوار إتبدلت وأتحطيتي مكانها،
وأفتكري إني من الأول كُنت رافض إني أكمل في لعبتك دي، وكنت ناوي أتخلي عن كل حاجه وأبدأ معاكي من الصفر ونبني نفسنا بنفسنا، لكن إنتِ اللي طمعتي وأصريتي إننا نكمل،
ورفع كتفيه وأردف بهدوء :
_ وأدي النتيجة، ولازم تتقبليها
وأكمل بتألم حقيقي:
_ وإوعي تفتكري إن إنتِ لوحدك اللي هتطلعي من الموضوع ده خسرانة ، أنا كمان خسرت كتير أوي ولسة هخسر ،خسرت ضميري اللي فقدته أثناء رحلة السّبع سنين العجاف دول
وأسترسل حديثهُ بنبرة حزينة مُتألمة:
_و كفاية إني هعيش عمري كله وأنا بحتقر نفسي ومستصغرها علي كذبي طول السنين دي علي أهلي ، وكفاية كمان إني هقضي اللي باقي حياتي وأنا جبان ومعنديش الجرأة إني أعترف لهم بالمؤامرة الحقيرة اللي لعبتها عليهم
تحدثت كوثر بهدوء مُريب :
_ إهدي يا قاسم وما تخليش شوية عواطف هبلة تتحكم فيك وتحركك زي قطع الشطرنج ، تعالي نتكلم ونحسبها مع بعض بالعقل
وأكملت بنبرة صادقة:
_ لو فاكر إني هضحي بسمعة بنتي بشقة وشوية فلوس تبقا غلطان وحساباتك خرمت منك ، إحنا من الشرقية يا قاسم، يعني من الآخر ناس فلاحين ولينا أصل وعيلة، واللي إنتَ جاي بتقوله ده تطير فيه رقاب .
ده غير إن بنتي خلاص، عدت 31 سنة وفُرصها في جوازة كويسة من شاب ظروفة مناسبة قَلت، ده غير إن أبوها كان قلقان ومكنش موافق علي الموضوع كله من الأول وأنا اللي ضغطت علية لحد ما أقنعته ، يعني لو عرف قرارك ده أقل حاجه هيعملها معايا ده لو يعني طلع كريم، هيطلقني ويرميني في الشارع رمية خيل الحكومة، يعني إنتَ كدة بتخرب بيتي
وأكملت بشرح:
_ ده غير أهلة اللي مش هيسكتوا لما يعرفوا إن بنتهم اللي ليها سبع سنين مخطوبة لواحد شغاله معاه في مكتبه
وأكملت بنبرة خبيثة كي تستدعي قلقة :
_ واللي ساعات بييجي عليهم وقت والمكتب ده بيفضي عليهم هما الإتنين لوحدهم
إتسعت عيناه من تلميحاتها الغير أخلاقية بالمرة فأكملت هي:
_ تفتكر إن ناس فلاحين زي دول عندهم الشرف أهم من النَفس اللي بيتنفسوة هيقفوا يتفرجوا علي بنتهم وسُمعِتها اللي هتبقا في التُراب ويسكتوا ؟
كان يستمع إلي حديثها بقلبٍ يتمزق وروحً مؤرجحة،فبرغم خُبث تلك المرأة وتلاعُبها بالحديث إلا انها مُحقة بتفكيرها وبنظرة المُجتمع لإبنتها،
ساخطً هو علي حاله وغباءهُ وتشتتهُ الذي أوصلهُ لتلك النهاية الحَرجة والمؤلمة للجميع ، مُشفقً هو علي تلك الأم التي تحاول جاهدة أن تُنقذ سُمعة إبنتها ويعطيها الحق "ولكن " لم يعد الأمر بيده، هو قام بقطع وعد علي حالهِ قبل عمه بأن يحمي تلك الصافية وبأن لا يقوم بجرحها والغدر بها مهما كلفهُ الآمر من خسائر، يكفي بأن يكون رجُلً في حماية إمرأته
زفر بهدوء ثم تحدث بنبرة حزينة:
_ أنا مُستعد أسافر لأهل أستاذ رفعت بنفسي للشرقية واشرح لهم موقفي الصعب وهكون تحت أمرهم في كل اللي يحكموا بيه، ولو أضريت أتنازل ل إيناس عن كُل مليم كسبته طول سِنين شُغلي أنا موافق
تحدث عدنان بعدما رأي دموع شقيقتهُ وعدم إستيعابها........
تكملة الرواية من هناااااااا
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا