رواية الفتاه التى حلمت ان تكون ذئبه الفصل الثلاثون والواحد والثلاثون والثانى والثلاثون بقلم اسماعيل موسي (حصرية في مدونة قصر الروايات)
رواية الفتاه التى حلمت ان تكون ذئبه الفصل الثلاثون والواحد والثلاثون والثانى والثلاثون بقلم اسماعيل موسي (حصرية في مدونة قصر الروايات)
#الفتاة_التى_حلمت_ان_تكون_ذئبة
٣٠
30
اهتزت الأرضية المصقولة تحت أقدامهم، كأن القصر بأكمله ارتجف في خوف.
تموجت الظلال على الجدران، وارتفع همس خافت كأن الأرواح التي كانت نائمة هنا منذ قرون قد استيقظت أخيرًا.
الملكة لم تتحرك، لكنها أدارت نظرها ببطء نحو القطعة العظمية التي ارتجفت على الأرض، ثم استقرت بلا حراك. للحظة، بدا أن شيئًا لم يحدث، ثم—
انطلقت شقوق سوداء من العظم، كأنها عروق تنمو بسرعة، تزحف على الأرضية الرخامية، تتجه مباشرة نحو العرش حيث جلست الملكة.
الجان من حولها تراجعوا على الفور، أعينهم تتابع المشهد في ذعر،حتى هم، بمكرهم وقوتهم، كانوا يدركون أن هذا لم يكن مجرد سحر عادي.
رعد، الذي لا يزال راكعًا، شعر بنبض غريب في جسده،كان الأمر كما لو أن القيود التي كبلته لسنوات بدأت تتآكل، كأن شيئًا داخله يستيقظ، شيئًا كان مخفيًا بعناية تحت لعنات لا تحصى.
أحس بصوت يهمس في أذنه، لكنه لم يكن صوتًا بشريًا.
"ليس بعد… لكن قريبًا."
رفعت الملكة يدها، وفي لمح البصر، اختفت الشقوق كما لو لم تكن موجودة. ساد القاعة صمت ثقيل.
ثم نظرت إلى ليلى، ولأول مرة، ظهر في عينيها شيء لم يكن غضبًا ولا سخرية.
كان فضولًا.
"أنتِ..." همست، ثم نهضت من عرشها ببطء، ثوبها الأسود ينساب حولها كالدخان. اقتربت خطوة، ثم أخرى، إلى أن وقفت أمام ليلى مباشرة. لم يكن هناك سوى مسافة أنفاس بينهما.
"ما أنتِ؟" سألت الملكة، وعيناها تلمعان باهتمام حقيقي.
ليلى لم تجب فورًا. كانت لا تزال تشعر بالطاقة تتدفق عبرها، لم تكن تعرف مصدرها، لكنها كانت تعرف شيئًا واحدًا—
لقد تغيرت.
"أنا..." ترددت للحظة، لكنها رأت انعكاسها في عيني الملكة، وابتسمت. لم تكن خائفة بعد الآن.
"أنا من سيكسر السلاسل."
وفي تلك اللحظة، انفجرت الرياح في القاعة كما لو أن أبواب العالم الآخر قد فُتحت.
رعد، رغم الثقل الذي غلّ جسده، رفع رأسه ببطء. كانت التعويذة تتغلغل في كيانه، تقيّد إرادته مثل سلاسل غير مرئية، لكنه لم يكن رجلاً يستسلم بسهولة. زفر ببطء، ناظراً إلى الملكة التي استرخت على عرشها وكأنها أنهت معركتها بالفعل.
بصوت أجش لكنه ثابت، قال: "إذا كنتِ تبحثين عن خدم، فهناك طرق أفضل من فرض الطاعة بالقوة. أبرمي معي صفقة، وسأعطيك ما هو أكثر قيمة من مجرد الولاء القسري."
ساد صمت ثقيل. بعض الجان حول الملكة تبادلوا نظرات متفاجئة، غير معتادين على أن يجرؤ أحد على التفاوض بعد أن أحكمت قبضتها عليه.
أما الملكة، فلم يبدُ عليها أي انفعال. فقط حدّقت به بعينيها الذهبيتين، قبل أن تنطق ببرود: "صفقة؟"
مالت قليلاً إلى الأمام، وواصلت، بصوت كأنّه ينساب مثل ماء سام: "أنت لستَ في موقع يسمح لك بالتفاوض، أيها الذئب."
نزلت عن العرش ببطء، وخطت نحوه. مع كل خطوة، شعر رعد بثقل التعويذة يضغط عليه أكثر، كأنها تثبّت سطوتها ليس بالكلمات فقط، بل بالحضور ذاته.
توقفت أمامه، ونظرت إليه كما لو كان مجرد شيء مثير للاهتمام، لا أكثر ولا أقل.
"الولاء القسري؟" همست، ثم مدّت إصبعها ولمست صدره بلطف قاتل. "أوه، لا تخطئ الفهم، هذا ليس ولاءً. هذا تحطيم تام لما كنتَ عليه."
شعر بكيانه يهتز، كأن كلماتها نفسها تعمّق أثر التعويذة.
"لا أريد صفقة معك." أضافت ببرود، "أريدك أن تكون لي بالكامل. جسدًا، روحًا، وذاكرة."
ثم، بابتسامة خافتة، همست: "وأنت… ستوافق."
رعد شهق بصمت، محاولًا الحفاظ على وعيه، لكنه شعر أن الخيوط غير المرئية التي تقيّده أصبحت أكثر إحكامًا.
لكن في أعماقه، وسط العتمة التي حاولت الملكة فرضها عليه، كان هناك شيء آخر، شيء صغير لكنه حيّ… شيء لم تستطع لمسه بعد.
هبّت الرياح في القاعة كأنها زئير عاصفة محتجزة منذ قرون. ارتفع ثوب الملكة السوداء قليلًا، وكأن الظلام نفسه كان ينبض تحت قدميها. لم تعد تبتسم، ولم يعد الفضول يشغلها. الآن، كان في عينيها شيء آخر—إرادة مطلقة، وسيطرة لا تقبل التحدي.
مدّت الملكة يدها ببطء، وبحركة بالكاد مرئية، رسمت بإصبعها رموزًا غير مألوفة في الهواء. اشتعلت الرموز بتوهج ذهبي باهت، لم يكن دافئًا بل باردًا، كأن النجوم نفسها قد جُرّدت من حرارتها واحتُجزت في هذا القصر.
"بالدم الذي سُفك قبل أن تولدوا،
وبالعهد الذي قُطع في ظلال العروش،
وبالرياح التي تحمل أسماء المنسيين،
أربطكم بإرادتي، فلا فكاك،
أكسر مقاومتكم كما يُكسر الزجاج،
وأطوعكم كما تُطوَّع الرياح.
ستخدمونني حتى أفك أسركم،
أو حتى تُمحى أسماؤكم من الوجود."
كل كلمة نُطقت لم تكن مجرد صوت، بل كانت طاقة خالصة، خيوط غير مرئية امتدت عبر القاعة كأنها يد خفية تحاول الالتفاف حول رعد ورفاقه.
شعر رعد بشيء يشد جسده، لم يكن مجرد ضغط، بل كأن كيانه ذاته يُعاد تشكيله ليكون أداة بيد هذه المرأة. حاول أن يقاوم، حاول أن يدفع الطاقة بعيدًا، لكن التعويذة كانت أقوى من أي شيء واجهه من قبل. لم تكن مجرد كلمات، بل كانت قانونًا جديدًا يُفرض عليه.
ملوك الجان لا يستخدمون السحر كما يفعل البشر أو المخلوقات الأخرى.
إنهم لا "يُلقون" تعاويذ، بل يغيرون قوانين الواقع حولهم. عندما يتحدث ملك جان، فإن كلماته ليست مجرد أصوات، بل هي شفرات تنسج نسيج العالم نفسه. إنهم لا "يطلبون" من السحر أن يعمل—بل يفرضونه على الكون بالقوة.
رعد شعر بالتعويذة تتسلل إلى داخله، إلى عظامه، إلى دمه. رأى ليلى تتراجع للخلف، شفتيها تتحركان كأنها تحاول أن تتلو شيئًا، لكنها لم تستطع. الطاقة أحاطت بها كما أحاطت به، كأنها شبكة من الأوامر التي لا يمكن خرقها.
ماجي كانت الوحيدة التي لم تسقط على ركبتيها بعد، لكنها كانت تهتز، وعيناها تومضان برفض صامت. لكنها، مثلهم جميعًا، لم تكن قادرة على المقاومة.
عندما انتهت الملكة من تلاوة تعويذتها، انحنى الهواء حولها كأن القاعة بأكملها قد رضخت لإرادتها. نظرت إلى رعد، الذي كان لا يزال يكافح للنهوض، وابتسمت.
"الآن، أنتم لي."
ثم، دون أن تنتظر، استدارت وجلست على عرشها مجددًا، وكأن كل شيء قد انتهى.
لكن رعد، حتى وهو يلهث تحت وطأة التعويذة، شعر بشيء آخر.
شيء لم تتوقعه الملكة.
شيء في أعماقه لم ينكسر بعد.
همس رعد بصعوبه، اريد ان اعرف مكان أمير الجان الأحمر ريان وسأمنحك كل ما ترغبين به نطق رعد بصعوبه رغم احكام التعويذة عليه
عندما نطق رعد بتلك الكلمات، لم يتغير شيء للحظات،كانت الملكة لا تزال تراقبه بعينيها الذهبيتين الهادئتين، كأنها لم تتأثر. لكن من حولها… الجان لم يستطيعوا إخفاء ردود أفعالهم. البعض تصلّب في مكانه، آخرون تبادلوا نظرات خاطفة، وكأنهم سمعوا شيئًا محرّمًا.
ريان… أمير الجان الأحمر.
كان اسمه وحده يكفي ليقلب الأجواء، ليخلق توترًا غير مرئي في القاعة.
أما الملكة، فقد ظلت صامتة للحظات أطول مما ينبغي. كان ذلك وحده إشارة كافية.
رعد، رغم الألم، لاحظ ذلك. لم يكن يعرف القصة كاملة، لكنه رأى شيئًا في عينيها للحظة… شيئًا شبيهًا بالغضب المكتوم.
ثم، بابتسامة بالكاد تُرى، انحنت قليلًا وهمست: "أنت تحاول أن تساومني بما ليس لديك."
لكن صوتها، رغم هدوئه، حمل شيئًا آخر… شيئًا يشبه الحذر.
رعد لم يرد الاستسلام. قبض على أنفاسه، وصوته كان بالكاد يخرج، لكنه قال: "أعرف كيف أبحث… أعطني الحرية، وسأجد لكِ ما لا يستطيع أحد غيري إيجاده."
الملكة نظرت إليه طويلاً. كانت أفكارها تتحرك خلف نظرتها الثابتة، لكنه لم يستطع قراءتها بالكامل.
ثم، وببطء، ابتسمت—لكن ليس بلطف، بل ببرود يشبه شفرة سكين.
"حرية؟" همست، كأنها تذوق الكلمة بسخرية. "لا، أيها الذئب، لن تحصل على ذلك. لكن… ربما سأسمح لك بأن تبحث لي عن أمير الجان الأحمر بطريقتي."
استدارت مبتعدة ببطء، ثم رفعت يدها. وفي لحظة، شعر رعد بشيء يشدّه من الداخل، كأن الخيوط التي تقيّده أصبحت أكثر عمقًا.
"من الآن فصاعدًا، ستبحث لي عن أمير الجان الأحمر، ليس بإرادتك، بل بإرادتي."
ثم، بهمس لم يسمعه سوى هو، أضافت:
"ولن تستطيع إخفاء أي شيء تجدُه عني… حتى لو حاولت."
كانت قد ربطت مصيره بمهمته، وجعلت كل خطوة نحو الحرية مجرد وهم.
#الفتاة_التى_حلمت_ان_تكون_ذئبة
31
كان الألم مثل تيار بارد يجتاح جسده، لكنه لم يكن ألمًا جسديًا فقط. كان شيئًا أعمق، كأن روحه نفسها تُعاد تشكيلها وفق إرادة الملكة. رعد حاول أن يقاوم، لكن كلما اشتد في معارضته، شعر بالتعويذة تتعمق أكثر، كأنها تحفر مساراتها في عقله ودمه.
أما ليلى، فكانت واقفة بصمت، لكنها لم تكن كما كانت قبل لحظات. شيء ما تغير فيها، شيء لم يكن مرئيًا بعد، لكنّه كان موجودًا، ينتظر لحظة الانفجار.
الملكة راقبتهم بعينيها الذهبيتين، نظرة المنتصر الذي يعرف أن معركته قد حُسمت قبل أن تبدأ.
"الآن، ستفعلون ما أطلبه منكم دون مقاومة."
بإشارة من يدها، انبعث ضوء ذهبي خافت من أجسادهم، رموز غريبة كانت تتوهج للحظات قبل أن تختفي، لكنها لم تُمحَ—لقد انغرست في أعماقهم.
"بحثكم عن ريان لن يكون خيارًا، بل مصيرًا." أضافت الملكة بصوت هادئ لكنه لا يقبل الجدل. "ستسيرون في طرق لا عودة منها، وستجدونه لي… أو ستُمحون من الوجود."
كانت تلك ليست تهديدًا، بل حقيقة محكمة.
شعر رعد بأن جسده أصبح أكثر خفة، لكن ليس بحرية… بل لأنه لم يعد ملكًا له. كان شيئًا ما يتحرك داخله، كأن إرادته لم تعد تخصه وحده، كأن جزءًا منه أصبح خاضعًا لنداء خفي، لمسة خفيفة لكنها غير قابلة للمقاومة.
ماجي، التي كانت لا تزال تحاول استجماع أنفاسها، أدركت ذلك أيضًا. نظرت إلى الملكة بعينيها الحادتين، محاولة إخفاء توترها، لكنها لم تقل شيئًا.
أما ليلى، فلم تحاول إخفاء شيء. حدقت في الملكة مباشرة، دون خوف أو تردد.
"وأنتِ، ماذا ستفعلين عندما نجده؟"
الملكة ابتسمت ببطء.
"هذا ليس شأنكِ، لكن بما أنكِ تسألين…" نظرت إليها نظرة طويلة، ثم أضافت بصوت هادئ: "سأعيد التوازن لما لم يكن ينبغي كسره."
لم توضح أكثر، لكن الكلمات نفسها حملت وزنًا أكبر من أن يكون مجرد لغز.
ثم، دون أن تعطيهم فرصة أخرى للحديث، لوّحت بيدها.
"اذهبوا."
وفي لحظة، اختفى المكان من حولهم.
…
عندما استعاد رعد وعيه، كان الهواء من حوله باردًا، الأرض تحت قدميه خشنة، والظلام يحيط به كأنه عاد إلى سجن النهر الأسود… لكنه لم يكن هناك.
كانوا في مكان آخر.
مكان لم يروه من قبل.
كان المكان أشبه بغابة، لكنها لم تكن غابة عادية. الأشجار كانت طويلة بشكل غير طبيعي، جذوعها ملتوية كأنها نمت تحت تأثير قوى غامضة. أوراقها بلون أرجواني داكن، تتوهج بخفوت مع كل نسمة هواء تمر.
كانوا وسط دائرة حجرية ضخمة، أعمدة قديمة منحوتة بعلامات غير مفهومة تحيط بهم. بدا كأنه موقع مقدس، لكن لأي كائن؟
رعد وقف أولًا، رغم الألم الذي لا يزال يثقل جسده. نظر إلى ماجي وليلى، اللتين كانتا تنهضان ببطء، تحاولان استيعاب المكان.
"أين نحن؟" سألت ليلى بصوت خافت.
رعد حدّق في الرموز على الأرض، ثم قال بصوت منخفض: "لا أعرف… لكن أشعر بشيء يسري في عروقي. كأن هذا المكان مرتبط بالتعويذة التي ألقتها علينا."
ماجي، التي كانت تراقب الظلال بين الأشجار، قالت بحذر: "لسنا وحدنا."
كان هناك صوت… ليس مجرد صوت الرياح بين الأوراق، بل همسات، خطوات خفيفة، حركة بالكاد تُرى بين الأشجار.
ثم—
ظهر أولهم.
كان طويلًا، أطول من أي جان رأوه من قبل، جسده نحيل لكن طاقته كانت ثقيلة، كما لو أن الهواء نفسه انحنى عند اقترابه. عيونه لم تكن ذهبية مثل الملكة، بل حمراء، عميقة كدم غامق متجلط. خلفه، بدأت أشكال أخرى بالظهور، جميعهم يحملون العيون نفسها، جميعهم يحدقون بهم بصمت.
ليلى شعرت بقلبها ينبض بقوة. نظرت إلى رعد، الذي كان يقف بثبات، رغم أنه كان يشعر بالثقل ذاته.
الجان الحُمر.
لم يكن عليهم أن يسألوا،كانوا يعرفون.
ماجي قبضت على يديها، كأنها تحاول مقاومة الرغبة في التصرف باندفاع، لكن رعد رفع يده قليلًا، كإشارة لها بالصبر.
ثم تحدث الجان الطويل، بصوت يشبه الحجارة تُسحق ببطء:
"أنتم ملعونون."
لم يكن سؤالًا، لم يكن استنكارًا… بل حقيقة.
رعد لم يرد مباشرة، لكنه قال بعد لحظة: "نبحث عن أميركم، ريان."
لم يرمش الجان ذو العيون الحمراء، لكنه مال قليلًا إلى الأمام، كما لو أنه كان يتأكد مما سمعه.
ثم ضحك، لكنها لم تكن ضحكة عادية. كانت باردة، جافة، كأنها لم تحمل أي متعة.
"إذن، أرسلتكم هي."
لم يذكر اسم الملكة، لكنه لم يكن بحاجة لذلك.
"إن كنتم تبحثون عن أميرنا، فأنتم إما أغبياء…" نظر إليهم واحدًا تلو الآخر، ثم أضاف بصوت منخفض: "أو ميّتون بالفعل، لكنكم لم تدركوا ذلك بعد."
كانت الرياح بين الأشجار تحمل همسًا جديدًا، أقرب إلى نذير شؤم.
رعد شعر أن رحلتهم لم تبدأ إلا الآن.
لم يكن هناك تحذير. لم يكن هناك إنذار.
بلمح البصر، تحرك أحد الجان الحُمر. كان سريعًا، أسرع مما توقعه رعد، وهاجم بلا مقدمات. لم يكن سلاحه معدنًا، بل طاقة سوداء انطلقت من كفيه كشرارة ممزقة للهواء، متجهة نحوهم بقوة ساحقة.
رعد بالكاد استطاع تفادي الضربة، لكن الأرض تحته لم تكن محظوظة—انفجرت الحجارة وتشققت، كأن قوة التعاويذ نفسها قد نُزعت من أعماقها.
"تراجعوا!" صاح، لكن لم يكن هناك وقت.
حارسان آخران تحركا في نفس اللحظة، أحدهما هاجم ليلى، والآخر اندفع نحو ماجي بسيف غامق اللون، بدا وكأنه مصنوع من ظل متجمد.
ليلى رفعت ذراعيها غريزيًا، وعندما فعلت، اندفعت منها طاقة لم تكن تتوقعها—طاقة بنفسجية داكنة تشبه ضوء النجوم الميتة، صدّت الهجوم الأولي للحارس، لكنها لم تمنعه بالكامل.
"متى…؟!" شهقت، لكنها لم تمتلك وقتًا لتفكر في ذلك الآن.
ماجي، في المقابل، لم تعتمد على السحر. كانت تعرف أن سرعتها ليست كافية لمجاراة الجان، لكنها لم تكن بحاجة لذلك. عندما انقض عليها الحارس، لم تتراجع—بل اندفعت نحوه بشكل مفاجئ، استخدمت زخمه ضده، انحنت في اللحظة الأخيرة، ووجهت لكمة مباشرة إلى أسفل ضلوعه.
كان أثر ضربتها أقل مما كانت تأمل، لكنه كان كافيًا ليفقد توازنه للحظة.
رعد، في تلك الأثناء، واجه الجان الأول، الذي كان لا يزال يحاول صعقه بطاقة الظلام خاصته. لكن رعد لم يكن في مزاج للانتظار.
اندفع نحوه، متفاديًا ضربة أخرى بالكاد، ثم قبض على معصمه بقوة. كان يعلم أن لمسه لن يوقف تعاويذ الجان، لكنه راهن على شيء آخر—القوة البدنية الخالصة.
شدّ ذراعه، ودفع الجان أرضًا بقوة. اصطدم الأخير بصخرة خلفه، مما جعله يصرخ بغضب، لكن رعد لم يمنحه فرصة أخرى—وجه إليه لكمة مباشرة إلى وجهه، جعلت رأسه يرتد للخلف.
لكن حتى مع ذلك، لم يكن الجان من النوع الذي يُهزم بهذه السهولة.
شعر رعد بحرارة قاتمة تتصاعد من جسد عدوه، ثم فجأة—
انفجر ضغط رهيب من الطاقة حوله، دفعه إلى الخلف بقوة. اصطدم بصدره بشجرة ضخمة، لكنه استخدم قوة ساقيه ليمنع نفسه من السقوط.
"هذا ليس جيدًا…" تمتم، بينما رأى الحراس الآخرين يستعدون لجولة ثانية.
كانت هذه مجرد بداية المعركة.
لم يكن لدى رعد سوى لحظات لالتقاط أنفاسه قبل أن يشعر بضغط غريب في الهواء. ثم، كما لو أن الظلام نفسه قد تشكل إلى كائنات حية، انبثق المزيد من حراس الجان الأحمر من الفراغ. كانوا خمسة هذه المرة، أعينهم تلمع بتوهج أحمر قاتم، وجلودهم تكسوها أنماط سوداء متحركة كأنها سحرٌ حيّ.
"هذا… ليس جيدًا." تمتمت ماجي، قبضتها تشتد حول السكين الصغيرة في يدها.
"إن بقينا هنا، سنُقتل أو ما هو أسوأ." قال رعد وهو يتراجع بخطوات مدروسة، عيناه تراقبان كل حركة من أعدائهم الجدد.
أحد الحراس رفع يده، وعندما فعل، تشكلت حوله دوامات من طاقة داكنة، كأن الهواء نفسه يتمزق حوله. ثم أشار نحوهم، فانطلقت موجة من الظلام القاتل، تمزق الأشجار في طريقها، وتحول الأرض إلى حفرة سوداء.
لكن قبل أن تصل إليهم—
ارتفع جدار من النور البنفسجي أمامهم، صد الهجوم كما لو كان درعًا منيعًا.
كانت ليلى.
عيناها تألقتا بتوهج لم يكن موجودًا فيها من قبل، وكأن القوة التي استيقظت داخلها قد بدأت تتشكل أخيرًا. مدت يديها إلى الأمام، وبدأت ترسم في الهواء رموزًا لم تكن تدرك أنها تعرفها.
"اتبعوني!" صاحت، قبل أن تضرب الأرض بكفها.
على الفور، تشكل ممر ضيق عبر الظلام، كأنها مزقت الواقع نفسه لخلق طريق آمن. كان النفق ينبض بطاقة غريبة، يتلوى كأنه مخلوق حي، لكنه كان مستقرًا بما يكفي للعبور.
رعد لم يتردد. "تحركوا!"
اندفعت ماجي أولًا، تتبعها ليلى، ثم رعد في المؤخرة، فيما كان الحراس يطلقون عليهم موجات من الطاقة لإيقافهم. لكن كلما اقترب أحدهم من الممر، كان الجدار البنفسجي يهتز للحظة ثم يعيد تشكيل نفسه، مانعًا أي اختراق.
عندما وصلوا إلى نهايته، وجدوا أنفسهم في غابة كثيفة، بعيدة عن موقع المعركة. كان الهواء هنا أكثر نقاءً، لكن إحساس الخطر لم يتلاشَ بعد.
رعد استدار نحو ليلى، التي بدت مرهقة، لكن عيناها لا تزالا مشعتين بتلك الطاقة الغريبة.
"كيف…؟" بدأ يتكلم، لكنه تراجع عندما رآها ترتجف، كأن جسدها لم يعتد بعد على هذه القوة الجديدة.
"لا أعرف." تمتمت، قبل أن تنهار على ركبتيها، يديها ترتجفان.
ماجي اقتربت بسرعة، وضعت يدها على كتفها، ثم نظرت إلى رعد. "علينا التحرك قبل أن يجدونا مجددًا."
رعد أومأ، عينيه لا تزالان على ليلى. كان هناك شيء يتغير، شيء لم يفهمه بعد.
لكنه كان يعلم شيئًا واحدًا—
الهروب لم يكن سوى البداية.
اختفى الممر الان كانو فى مكان بلا ملامح جلسو يستردو أنفاسهم
اين العظمه؟ سأل رعد ليلى المنهكه
مع الملكه همست ليلى بتعب
كيف سنصل إلى الساحر ضرغام دون العظمه؟
قالت ماجى، ربما من الأفضل اننا فقدناها، لا تنسى اننا نخدم ملكة الجان
حاول رعد ان يصرخ ان يسب الملكه لكن لسانه لم يطاوعه
ثم ظهره جراده غريبه كانت تطير فوقهم
غمزت ليلى بعينها بما يعنى اننا مراقبون
ثم دوي صوت الملكه فى اذهانهم، لا تظنو انكم فى رحله
لديكم وقت محدد بعده ستعمل التعويذه ضدكم، سيتقلص جسدكم حتى تتلاشو تمامآ
#الفتاة_التى_حلمت_ان_تكون_ذئبة
٣٢
كانت الرياح تهب ببرودة قاسية، تلسع وجوههم كأنها سكاكين صغيرة، فيما وقفوا على حافة جرف شاهق يطل على وادٍ متجمد. جبال الجان المتجمدة كانت تمتد أمامهم كمتاهة من القمم المغطاة بالجليد، يكسوها ضوء قمر شاحب زاد من هيبتها وغموضها.
رعد كان يشعر بضغط غريب على جسده، إحساس لم يكن مجرد تعب… بل كأنه فقد جزءًا من كيانه. نظر إلى يديه، تحسسهما بحذر، لكنه لم يرَ أي تغيير بعد. كلمات الملكة لا تزال تتردد في ذهنه:
"لديكم وقت محدد… بعده ستتلاشون تمامًا."
ماجي كانت تراقب المكان بعيون متيقظة، يدها لا تزال على مقبض خنجرها، بينما ليلى، رغم الإرهاق الذي بدا على ملامحها، كانت تحدق في الأفق بتصميم غريب.
"كيف سنجد ضرغام في هذا الجحيم المتجمد؟" تساءلت ماجي وهي تشد معطفها حول جسدها.
ليلى أغمضت عينيها للحظة، كما لو أنها تحاول استشعار شيء ما. ثم همست: "نشعر به، أليس كذلك؟ ليس مكانًا عاديًا…"
رعد لم ينكر ذلك. الهواء هنا كان ثقيلًا، مشحونًا بطاقة غريبة، كأن الجبال نفسها تتنفس. ثم، كما لو أن الطبيعة استجابت لكلامها، ارتفع صدى صوت عميق في المكان—صوت لم يكن بشريًا تمامًا، لكنه كان واضحًا بما يكفي ليجعلهم يتجمدون في أماكنهم.
كان الصوت يأتي من الظلام بين الأشجار الجليدية، عميقًا وممتلئًا بقوة قديمة. ثم ظهر صاحب الصوت—
كان طويلًا، طويلًا بشكل غير طبيعي، ملفوفًا بعباءة ثقيلة من الفراء الرمادي، ووجهه مغطى بقناع معدني منحوت كأنه جزء من جلده. عيناه، رغم القناع، كانتا تلمعان بضوء فضي، مثل وهج الثلج تحت ضوء القمر.
ماجي وضعت يدها على خنجرها، لكن ليلى رفعت يدها لإيقافها.
"أنت ضرغام، أليس كذلك؟" قالت بصوت ثابت.
لم يجب الكائن فورًا، بل تقدم خطوة إلى الأمام، مما جعل الثلج تحت قدميه يئن بصوت غريب. ثم قال:
"ومن أنتم لتبحثوا عني؟"
رعد، رغم شعوره بأن جسده لم يعد تحت سيطرته الكاملة، أجبر نفسه على التحدث:
"نحتاج إلى مساعدتك."
ضحك ضرغام، لكنها كانت ضحكة بلا مرح، كأنها مجرّد صدى لصوت الرياح.
"مساعدة؟" التفت إليهم، ببطء متعمد. "ولماذا أساعد من يحمل لعنة الملكة؟"
رعد شعر بالدم يغلي في عروقه.
"لأنك الوحيد القادر على إيقافها."
صمت ضرغام للحظات، ثم اقترب أكثر، حتى أصبح على بعد خطوات منهم. شعروا وكأن الهواء نفسه أصبح أثقل، مليئًا بطيف من السحر القديم.
"إيقافها؟" قال بصوت منخفض، كأنه يختبر الكلمات على لسانه. "أنتم لا تفهمون شيئًا، أليس كذلك؟"
ليلى نظرت إليه بعينين حادتين. "إذن، اجعلنا نفهم."
ضرغام حدق فيها طويلاً، قبل أن يقول أخيرًا:
"إذا أردتم مساعدتي…" أشار بيده إلى القمم الجليدية خلفه. "عليكم أولًا البقاء على قيد الحياة هذه الليلة."
ثم، قبل أن يتمكنوا من سؤاله عن قصده، دوّى صوت عظيم في الجبال، كأن الأرض نفسها استيقظت
بسيطه همست ماجى وهى تضحك، سنشعل النار داخل اى كهف ونبقى داخله حتى شروق الشمس
هو انتى شايفه اى شجره وسط الجليد ده؟
صرخت ليلى بغضب
جود التى كانت شارده قالت، هناك أشجار مدفونه تحت الجليد، كل ما علينا فعله الحفر حتى نجد شجره ونخرجها
كانت عينى رعد مصوبه نحو نار مشتعله داخل احد الكهوف البعيده
هو محدش شايف النار المشتعله دى غيرى؟ قال وهو يشير تجاه النار
التلال هنا مسكونه بأرواح وكائنات مظلمه لا يمكننا المغامره أيها الالفا
وضحت جود وهى تغمض عينيها، علينا أن نجد كهف فارغ
ونحميه بالتعاويذ
بداء رعد الحفر بعدما تحول إلى ذئب يضرب الثلج بمخالبه
احدث مجموعه من الحفر دون أن يجد اى شيء
وكانت ليلى ماجى يحفرون فى مناطق أخرى بلا فائده
كانت الثلوج بدأت تتساقط حتى غطت كل اجسادهم ولم يتبقى لهم وقت طويل قبل أن يتجمدو
فوق الجليد من بعيد كانت هناك خطوات تسير نحوهم تحمل قنديل زيت
وقفو فى صمت وخوف يترقبون ذلك الشخص الذى يمشى تجاهم
لم يتأخر الشخص ظهرت امرأه ترتدى معطف جلدى وشعرها جديله خلف ظهرها
اتبعونى اذا لم تكن لديكم رغبه فى الموت
من انتى؟ سألت جود بنبره قلقه
استدارت المرأه بعيون مشتعله لا اسأله، لا اختيارات
اما انا وإما الموت فى الصقيع
مش هنتحرك من هنا غير لما نعرف انتى مين؟ أصرت جود بطريقه غريبه عليها
كما تشأون همست المرأه وتبخرت فى العدم
تكملة الرواية من هناااااااا
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا