رواية قلبي بنارها مغرم الفصل الحادى وعشرون والثانى وعشرون والثالث وعشرون والرابع وعشرون والخامس وعشرون بقلم روز أمين كاملة
رواية قلبي بنارها مغرم الفصل الحادى وعشرون والثانى وعشرون والثالث وعشرون والرابع وعشرون والخامس وعشرون بقلم روز أمين كاملة
21💘
أحياناً تجبرُنا الظروف علي المُضي قدمً داخل طريق نري بأخرهِ نهايتُنا المُحتمة "ولكن " في بعض الأحيان لم يكُن لدينا رفاهية الإختيار كي ننأي بأنفُسنا من الهلاك المُنتظر !
خاطرة لقاسم النُعماني
بقلمي روز آمين
تسائل قدري مُستفسراً بنبرة مُرتعبة بعدما إستمع لصياح تلك الصارخة :
_خبر إية يا فايقة، إيه اللي حُصل لعويلك دي؟
إنطُجي يا مّرة هتاچيني چلطة من وراكِ .
اجابتة مُنتحبة بدموع التماسيح :
_ المّرة السَو اللي إسميها كوثر، إتصلت بيا دالوك وشندلَتني بسبب موضوع فسخ خطوبة قاسم لبِتها، وهددتني وجالت لي إن لو إنتَ وقاسم ما روحتولهاش بكرة، وطمنتوها إن الفرح هيتم يوم الخميس الچاي حسب الإتفاج الجديم ،
وأكملت بنبرة مُرتجفة كي ثبثُ الرعب داخل روحهُ:
_هتاچي بعد بكرة لسوهاچ وتجول لأبوك علي كُل حاچة وعتفضحك وتكشف سِرك جِدامه وجِدام العيلة كِلياتها
تحدث إليها بنبرة حادة غاضبة:
_ بِت المركوب، الله في سماه لأتصل بيها واشندِلها شَنديل ، هي فاكرة إني عخاف وعتهت من حديتها اللي ملوش عازة وأتمم لها جوازة الندامة دي ، دي وجعت مع اللي معيرحمهاش وعيسود لياليها
وأكمل أمراً:
_ إديني نِمرتها بِت المحروج دي لچل ما أعرِفها مجامها صُح
إرتبكت فايقة من حديثه الغير متوقع لديها وباتت تحاول إقناعهُ للرضوخ لها وإتمام الزيجة كي يتقي شر والده إذا علم بمخطتة السابق لكنهُ رفض وبشدة، اعتطهُ رقم هاتف كوثر التي تبادلتهُ معها كي يتحدا معاً لإتمام مخطتهم الشيطاني
أغلقت فايقة معه وقامت سريعً بمهاتفة كوثر وأبلغتها ما يجب عليها قوله وفعله، أغلقت كوثر معها سريعً كي تُجيب علي ذلك المُستشاط الذي هاتف رقمها أكثر من ثلاث مرات أثناء ما كانت تُهاتف فايقة
بدأ قدري حديثهُ بلهجة شديدة التهديد قائلاً:
_إسمعي يا واكله ناسك إنتِ، شكلك إكدة معتعرفيش إنتِ بتلعبي ويا مين لجل ما تتصلي بمرتي وتهدديها بحديتك الخيبان دي ، الله في سماه متفكِري تاچي البلد كيف مبتجولي لكون جاتلك ومتويكي والچن اللزرج معيعرفش لجِتتك طريج جُرة
إرتبكت كوثر من لهجة ذلك الغاضب لكنها تمالكت من حالها وأستدعت ثباتها من جديد وتحدثت بنبرة أشدّ غضبً من لهجتة:
_ إسمعني إنت كويس يا عُمدة وسيبك من الشويتين بتوعك دول، إسمعني وحط كلامي ده في عين الإعتبار لأني ما بهددش، أنا بحذر مرة وبعدها بنفذ علي طول، ولو كُنت فاكر إني ست ضعيفة وهخاف وأكش من تهديدك ده تبقا غلطان، ولو إبنك أصّر علي رأية ولقيت بنتي هتنفضح قدام الناس فأنا مش هسكت وساعتها ههد المعبد علي دماغ الكُل
وأكملت أمرة بنبرة قوية هزت داخل قدري وجعلتهُ يتأكد من جبروت تلك المرأة التي لا تخشي شئ :
_ إبنك يتصل ببنتي إنهاردة ويتأسف لها علي كُل كلمة سخيفة قالها لها ، والفرح هيتم يوم الخميس الجاي علي حسب إتفاقك القديم معانا ،
واسترسلت حديثها بتهديد صريح:
_يا إما كدة يا إما متلومش غير نفسك من اللي هيحصل لك علي إيد العبده لله
قالت كلماتها التهديدة وأغلقت الهاتف دون أن تُعطية حق الرد، أغلق معها وبات يصرخ بغضب ويسبها بألعن السُباب وأقذرهُ
أسرعت علية ماجدة التي كانت تختبئ خلف الحائِط وتستمع لكُل ما يُقال بأذانٍ صاغية، سألته عما جري فقص لها الحكاية التي لم يكُن لديها عِلمً بها، فنصحتة بأن يرضخ لأوامر تلك المرأة الحديدية التي وقفت بجرأة وجبروت أمام قدري ولم تخشي تهديدة، وذلك كي ينأي بحالهِ من غضب والده التي ستخبرهُ كوثر بالتأكيد
إتصل بقاسم الذي كان بالكاد قد وصل إلي مسكنة ودلف من بابهِ بقلبٍ مهموم وروحٍ مُتعبة ، إستمع إلي رنين هاتفه أخرجهُ من جيب الجاكيت وتحرك إلي الأريكة وأرتمي فوقها بجسدهِ بإهمال وأجاب والدهُ بصوتٍ ضعيف مهموم قائلاً :
_ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أجابهُ ذلك الغاضب قائلاً بنبرة هجومية:
_ سلام؟ وهياچيني منين السلام ده طول ما أنتَ مراسيش علي بر و واجع جلبي وياك يا حضرة المحامي اللكبير
إعتدل قاسم بجلسته وتحدث مستفسراً بإرتياب:
_ إية اللي حُصل يا أبوي لجل ما تقجطمني بحديتك إكدة ؟
أجابهُ قدري بفحيح:
_ اللي حُصل إن المّرة السَو اللي چنابك بلتني بيها، كلمتني في التَلفون وهددتني إنها هتاچي لچِدك وتحكي له علي كُل حاچة لو ما تممتش چوازك من الملعونة بِتها يوم الخميس الچاي
زفر قاسم وشعر بعالمةُ ينهار من تحت قدماه وتحدث بنبرة حزينة مُنكسرة :
_ متجلكش يا أبوي، أني هاچي بنفسي لچدي وأجول له علي كُل حاچة واجطع عليها الطريج، وهو أكيد هيعذرني ومعيجولش لصفا ولا لعمي زيدان
صاح قدري عالياً بنبرة غاضبة :
_ حَرج أبو صفا علي اللي چابوها ، أني كُل اللي عيهمني إن چِدك مِيعرفش إني چيت وياك للمّرة الحرباية دي، چدك ممكن يسامحك ويغطي عليك وميجولش لزيدان لما يعرف إنك كُت عتحب بِت المركوب دي ،
وأكمل مُفسراً بنبرة تأكيدية:
_لكن أني لا يا حَزين، معنديش عذر للي عملته، چدك معيرحمنيش يا قاسم ، ده مستني لي علي غلطة وجالهالي بالفُم المليان يا ولدي، جال لي إن فاضل لي غلطة كمان وياه وعيحاسبني علي الچديد والجديم بالچملة
إتسعت أعين قاسم من شدة صدمته في والدة الذي يحاول النجاة بحالةِ وفقط ولم يشعر بقلب ولدهُ المُتألم وضميرهُ الصارخ الذي يجلدهُ طيلة الوقت بدون رحمة ، تحامل علي حالهِ بصعوبة وسألهُ مُستفهمً بفطانة :
_وإية المطلوب مني يا أبوي ؟
زفر قدري بضيق وتحدث بنبرة أمرة:
_ اللحكاية دي أني مكانش ليا دخل بيها من اللول ودخلت فيها لچل خاطرك وراحتك، يعني تروح للولية بُكرة وتتفاهم وياها، وزي ما ربط العُقدة بنفسك تُفكها وتخرچني منِيها
وأكمل بنبرة ضعيفة كي يستدعي تعاطفةُ:
_ أني مش جَد غضب چِدك يا ولدي
أجابة بنبرة حادة صارمة لا تحتمل الجدال :
_معيُحصُلش يا أبوي، أني جولت كِلمتي ومعرجعش فيها حتي لو كان فيها موتي، وكفياك عاد لحد إكدة، كفياك چبر وأوامر يا أبوي
وصاح بصراخ هيستيري:
_معخونش ثجت عَمي أني ومعكسرش مّرتي يا أبوي، معكسرهاش ولو فيها موتي، سامعني يا أبوي، معسكرهاش ولو علي رجبتي.
صاح قدري صارخً به :
_ مّرتك ولا أبوك يا قاسم؟
وأكمل بنبرة مُنكسرة زليلة مُستنزفً مشاعر قاسم نحوهُ :
_ ترضاها علي أبوك يا قاسم، ترضي لي الذل والمهانة والطرد من بيت أبوي بعد العُمر ده كِلياته، چِدك معيرحمنيش يا ولدي، الله الوكيل معيرحمني
هتف بنبرة حادة غاضبة:
_ بكفياك عاد يا أبوي، إنتَ ليه مُصر إنك تخليني خاين للنهاية، لية يا أبوي؟
وأنهي المكالمة بعد جدالٍ حاد إنتهي بالرفض التام من قاسم وغضب قدري الشديد علية وسبهِ بألعن السُباب
*** ☆***☆ *** ☆***☆***
روايه قلبيّ بنارِهاَ مٌغرمٌ بقلمي روز آمين
قبل قليل بمنزل رفعت عبدالدايم
إنتهت كوثر من حربِها الشرسة مع قدري وما أن أغلقت الهاتف حتي وجدت زوجها يدلف من باب المنزل ينظر إليها بملامح وجة غاضبة بعدما إستمع إلي حديثها مع قدري من خلف الباب وأنتظر حتي إنتهت كي يستمع للنهاية
نظر إليها وتسائل بنبرة غاضبة :
_ الكلام اللي أنا سمعته منك ده صحيح يا كوثر، خطيب بنتك سابها بجد ؟
إرتبكت بشدة وتغير لون وجهها وتحول لجميع ألوان الطيف وذلك لتحذير زوجها الدائِم وتوقعاتهُ لهذا الحدث طيلة السّنين السّبع المُنصرمة، لكنها دائماً ما كانت تتهكم عليه وتُغالطهُ وتؤكد له ثقتها اللامتناهية في قاسم وإتمامهُ للزواج
صاح بأعلي صوتهِ مُتسائلاً من جديد وهو ينظر لإبنتهِ المُتكورة علي حالها فوق الأريكة ودموعها تنساب بشدة وتغطي وجهها بالكامل :
_ ردي عليا يا كوثر
تحدث عدنان مهدءً من ثورة والده:
_ إهدي يا بابا من فضلك، ماما بتحاول تشوف حل للمصيبة دي، وأكيد قاسم هيتراجع قدام تهديدها ليه هو وأبوة
جلس رفعت وطلب من الجميع إخبارهِ بكل التفاصيل وبعد مدة تحدث إلي كوثر بنبرة مستسلمة ضعيفة:
_ ما أنا ياما حذرتك ونبهتك وقُلت لك بلاش تغامري ببنتك يا كوثر، بس إنتِ مسمعتيش كلامي ولا قدرتي خوفي وقلقي علي بنتي، وأدي النتيجة
وأكمل بنبرة إنهزامية تدُل علي مدي قهره :
_ أقول إيه لأهلي اللي رُحت عزمتهم وجايين يوم الخميس علشان يحضروا فرح بنتي اللي ليها سبع سنين مخطوبة، يا فضيحتك يا رفعت، يا كسرة ظهرك قدام إخواتك وقرايبك ومعارفك، ألطف بيا يا رب
بكت إيناس بصوتٍ مُرتفع لم تستطع السيطرة عليه، حين تحدثت كوثر بنبرة حادة في محاولة منها لتهدئتهِ:
_ إهدي يا رفعت وسيبني أنا هتصرف ، أنا هكلم أبوه تاني وههدده وأكيد....
إبتلعت باقي جملتها عندما إستمعت صياح ذلك الغاضب حيثُ قال:
_ هو أنا لسه هسمع كلامك تاني يا كوثر، مش كفاية سمعت كلامك لحد ما غرقتينا وفضحتينا وسط الناس،
وأكمل بنبرة جادة مُشيراً للجميع:
_ إنتِ تخرسي خالص، مش عاوز اسمع لأي حد فيكم صوت ، وأنا هروح لقاسم بكرة وهتصرف معاه.
رمقوة ثلاثتهم بنظرة سلبية وكانوا متأكدين من أنهُ لم ولن يستطيع تغيير أي شئ،
*** ☆***☆ *** ☆***☆***
روايه قلبيّ بنارِهاَ مٌغرمٌ بقلمي روز آمين
صباح اليوم التالي داخل مكتب قاسم، لم تأتي إيناس إلي المكتب وجاء عدنان فقط ولكن بقي داخل مكتبه يتابع عمله دون الإحتكاك بقاسم نهائياً
دلفت السكرتيرة إلي قاسم بعد إستإذانها وتحدثت إلية:
_ أستاذ رفعت والد استاذة إيناس برة يا أفندم وطالب يقابل حضرتك
كان مُنكبً علي أوراقة يتابع عمله بجدية لينتهي منهُ سريعً بعدما أنتوي السفر إلي سوهاج ليلاً، وذلك لإتخاذهِ قرارً بأنه سيذهب إلي جِدة ويعترف له بكل خطاياه وذنوبهُ العديدة التي إقترف جميعها عن جهلٍ وعِناد وعدم إستيعاب لخطورة ما يفعلهْ ،
ويطلب منه السماح والغفران وأن لا يُبلغ أياً من صفا أو عمه زيدان كي لا يراهُ شخصً خائنً للعهد، وأنتوي داخل نفسهِ بأن يعترف لصفا بكل ما فعل ولكن ليس قبل أن يجعلها تثق به ويمحوا عن قلبها حُزنها الذي أصابها جراء أفعالهُ المُشينة وحديثهُ المُميت لشخصِها ولإنوثتها ليلة الحِنة
أخذ نفسً عميقً وزفرهُ وتحدث بملامح وجه مُستسلمة حزينة:
_خلية يتفضل
دلف رفعت ووقف قاسم وتحرك إلية لإستقبالة وتحدث باسطً يده بإحترام:
_ أهلاً وسهلاً أستاذ رفعت.
وأكمل مُشيراً إلي الأريكة:
_ إتفضل إستريح، تحب حضرتك تشرب إية ؟
نظر لهُ رفعت بعيون مُنكسرة مُحملة باللوم وأردف بحديث ذات مغزي:
_ شارب ومستكفي يا أبني
حزن قلب قاسم لأجل ذاك الأب ثم نظر للسكرتيرة وتحدث قائلاً:
_سبينا لوحدنا يا نيرة ومش عاوز أي إزعاج
أومأت له بطاعة وتحركت للخارج، ساد الصمت لمدة ثواني مرت علي كلاهما كدهرٍ، ثم تشجع قاسم وتحدث كي يُكفي ذاك المسكين حرج اللحظة:
_ أنا عارف سبب زيارة حضرتك، وحقيقي أنا في منتهي الإحراج من الموقف اللي أنا وإنتَ إتحطينا فيه،
قاطعهُ رفعت قائلاً بنبرة مُستسلمة:
_ وفر كلامك يا أبني علشان ملوش لزوم، أنا عندي كلمتين وجاي أقولهم لك، بس عاوزك تسمعني بقلبك مش بعقلك
قطب قاسم جبينهُ وتحدث بهدوء:
_ قول كل اللي حضرتك حابب تقوله وأنا سامعك.
تحدث ذلك المُنكسر:
_ من أول لما جيت عندي البيت وطلبت تخطب بنتي وشرطت إن الجواز هيتم بعد سّبع سِنين وأنا مش مطمن وكنت رافض الموضوع كله، بس للأسف لا مراتي ولا ولادي سمعوا كلامي وطاوعوني، وأدي اللي حسبته لقيته،
ثم نظر إلي قاسم وتحدث بنبرة لائمة:
_زهقت خلاص يا أبن الأكابر ومش عاوز تكمل.
هز قاسم رأسهُ يميناً ويساراً وتحدث نافياً:
_ الحكاية مش كده خالص يا أستاذ رفعت، أنا لحد إسبوعين فاتوا بالظبط ما كُنتش ناوي أسيب إيناس ولا بفكر حتي،
وأكمل بعيون متأثرة:
_ بس كلمة عمي وهو بيسلمني بنته وبيوصيني عليها بترن جوة وداني لحد إنهاردة، أنا مش خاين ولا غدار يا أستاذ رفعت، إيناس لسه الدنيا قدامها وإن شاء الله هيتقدم لها اللي يستاهلها بجد ويقدر يصونها ويحافظ عليها
أردف رفعت قائلاً :
_إسمعني يا أبني، أنا عارف إنك قررت وإن مستحيل تتراجع عن قرارك ده، بس لازم تسمعني وبعدها تحكم،
اخذ نفسً عميقً وزفرهُ بألم ثم أسترسل حديثهُ سارداً :
_ طول عمري وأنا شخص مُسالم ومبحبش المشاكل، جيت زمان من الشرقية علشان أتعلم في جامعة القاهرة، خلصت كُليتي وتعييني بردوا جه هنا في القاهرة، أجرت شقة علي أدي وعيشت فيها وإتعرفت علي كوثر من خلال الشغل، كانت زميلتي في المكتب وإتجوزتها وخلفنا ولادنا ،
وأكمل مهمومً:
_ كوثر كانت شديدة ومُتسلطة وأنا زي ما قُلت لك مُسالم ومبحبش المشاكل، فمنعاً لخناق كل يوم ولثقتي في عقلها الكبير سبت لها إدارة البيت والأولاد وأكتفيت بدور المُشرف، إخواتي ياما إعترضوا كتير علي إسلوبي معاها ووصفوة بالضعف وكانوا دايماً ينتقدوا تصرفاتي ،
لكن أنا إتحملت كلامهم وأتغاضيت عن تلميحاتهم الجارحة وقولت فدي راحة دماغي وإستقرار بيتي، إعترضوا علي خطوبة إيناس بعد ما عرفوا إنها هتستمر سبع سنين وخصوصاً إن إبن أخويا كان عاوز يخطبها،
وأكمل بيأس:
_ بس إيناس وأمها رفضوا إبن أخويا وهانوة وقارنوا بين ظروفك وظروفة ، إخواتي زعلوا وقالولي جوز بنتك لإبن أخوك هو أولي بيها بدل الصعيدي اللي هيركنها جنبة سنين وممكن يزهق وميكملش ، بس أنا عارضتهم وقولت لهم بنتي إختارت وأكيد إختيارها صح، إخواتي زعلوا مني بس أنا راضيتهم بعد كده .
وأكمل بنبرة حزينة إنهزامية:
_ أنا كنت عند إخواتي إمبارح بعزمهم علي فرح إيناس وأنا في قمة فرحتي علشان أثبت لهم إن أنا وبنتي تفكيرنا صح وإن خوفهم وتوجسهم مكانش في محلة ، بس بعد اللي إنتَ عملته ده أنا مش بس مش هعرف أرفع عيني في وش إخواتي تاني، ده أنا مش هعرف أبص في وش أي حد أعرفه
ثم مال بجزعة وأقترب عليه وأمسك كف يده ونظر داخل عيناه وأردف متوسلاً زليلاً بعيون مُنكسرة داخلها لمعة لدموع تريد الصراخ ومن يسمح لها بالخروج :
_ أرجوك يا أبني بلاش تكسرني أنا وبنتي قدام الناس، إرحم ضعفي وشيبتي
وأكمل بترجي:
_إنتَ وهي إشتركتوا في الغلط ومش من العدل ولا من الرجولة أنك تسيبها تتحمل النتيجة لوحدها، كل اللي بطلبة منك إنك تتمم الجوازة علشان الفضيحة وكلام الناس اللي مش هيرحمها وهينهش في عرضها ، أنا بناشد الراجل الصعيدي اللي جواك في إنك ترحمني وترحم بنتي
إنخلع قلب قاسم من هول ما رأي، وها هي دُنياة تضعهُ في مأزق جديد وطريق مسدود، هاهي تضعهُ من جديد في خانة الإجبار، "إختيار إجباري"
لم يُفكر الأن بشئ سوي بهذا الأب الملكوم وكيف سيخرجهُ من هذا المأزق الكبير الذي لا ذنب له به سوي أنهُ سلبي ضعيف الشخصية مُسلم بأمور زمامهِ إلي زوجته المُتسلطة
بصعوبة أخرج صوتهِ وتحدث وهو يُربت علي كف رفعت قائلاً :
_أنا هتمم الجواز بس ده علشان خاطر حضرتك، بس أنا اللي هكتب عقد الجواز بنفسي وحضرتك إختار بنفسك الشهود اللي تمضي علية ،
وأكمل مُفسراً:
_ أنا مش هقدر أكتب رسمي عند مأذون، لأن ساعتها لازم يروح إخطار بجوازي لمراتي وده اللي أنا مش هقدر أتحملة ولا هسمح بإنه يحصل علي الأقل في الوقت الحالي
تحدث رفعت من جديد بنفس النبرة الزليلة التي تقشعِرُ لها الأبدان:
_ مش هينفع يا أبني، أنا راجل فلاح وإخواتي لازم ييجوا ويحضروا كتب كتاب بنتي بنفسهم ويشهدوا عليه، هقولهم إية وقتها؟
وأكمل مقترحً بنبرة عاقلة :
_ ولو علي الإخطار اللي هيوصل لمراتك فدي محلولة وامرها سهل، إنتَ مُحامي كبير وليك وضعك ومعارفك في كل المحاكم، شوف الدايرة اللي هيطلع منها الإخطار وأدي فلوس للمحضرين وهما هيوصلولك الإخطار علي مكتبك، وبكدة تبقا حليت موضوع مراتك.
نظر له بتوجس وقلق، لكن حديثهُ عاقل، كيف لتلك الفكرة أن لا تمُر علي عقلهِ القانوني،
تحدث إلي رفعت موضحاً:
_ كدة يبقا متفقين، بس فاضل أهم نقطة لازم نتكلم فيها
نظر له رفعت مترقبً لحديثه فأكمل قاسم:
_ الجواز هيكون لمُدة معينه وبعدها هطلق إيناس وأديها جميع حقوقها الشرعية، نقول مثلاً ست شهور ؟
لم يجد رفعت خيار أمامهُ سوي الموافقة بشرط قاسم لكنه تحدث طالبً بتوسُل:
_ خليك كريم ومد الفترة لسنة يا ابني، وبعدها طلقها براحتك ولو مش حابب تديها أي حقوق أنا راضي، المهم بنتي تتستر قدام الناس ومتتفضحش وسمعتها تتإذي
وافقهُ قاسم الحديث وأردف قائلاً :
_ فيه نقطة تانية حابب أتكلم معاك فيها.
أردف رفعت بقبول :
_ إتفضل يا أبني، أنا تحت أمرك في كل اللي تطلبة.
حزن قاسم لهذا الأب الذليل المُنكسر، فحقاً قهر الرجال ما أصعبه، تحدث قاسم بنبرة تعقلية:
_ طبعاً مراتي مش هتعرف اي حاجه عن جوازي من إيناس، لأن لو عرفت هتحصل مشاكل كتير جداً أنا في غني عنها ،
وأكمل بحديث ذات معني:
_ فياريت تبلغ مدام كوثر وإيناس إن لو مراتي عرفت عن طريقهم هيكون نهاية فسخ عقدي وإتفاقي ده مع حضرتك
هز رفعت رأسهُ وتحدث بتفهم :
_مفهوم مفهوم، ما تقلقش أنا هتكلم معاهم وهنبه عليهم
هب واقفً وتحدث وهو يمد يده بوجه مُنير ونبرة شاكرة:
_أنا مش عارف أشكرك إزاي يا أبني، ربنا ما يوقعك في ضيقه أبداً ولا يكشف سَترك قُدام عِبادة
وتحرك للخارج وأرتمي قاسم بجسدهِ فوق الأريكة واضعً كف يدهُ فوق وجههُ ومسح عليه بطريقة عنيفة،ثم قام بسحب شعر رأسهُ للخلف في حركة تعصبية تدلُ علي مدي وصولهُ لدرجة عالية من الغضب والسَخط واليأس، "ولكن "ساخطً غاضبً مِن مَن؟
فكل شئ للأسف من صنع يده ومن تخطيته السابق، والأن حان جني وحصاد أخطاء الماضي
_____________
أبلغ رفعت كوثر وأولادها بما جري بينهُ وبين قاسم وابلغت كوثر سريعً فايقة التي شعرت بروحها رُدت إليها وان زمانها قد تبسم لها وسينصفها، وأستعدت بالأخذ بثأرِها البارد من زيدان، ثأرها التي باتت تَعدُ له طيلة سنوات وسنوات كي يخرج بشكل يليق بجرح كبريائها وكرامتِها التي ذُبحت علي يد مُتيمها الوحيد، بل وأسر قلبها وسالبها العقل والمنطق
أما كوثر التي حاولت تهدأت إبنتها التي جن جنونها منذ أن علمت بشروط قاسم فيما يخص بطرح مُدة للزواج وأيضاً وضع شرط إذا ما علمت زوحتة بأية وقت سيكون الإتفاق والزواج لاغيً في التو واللحظة
تحدثت إيناس بنبرة غاضبة وهيئة جنونية بعدما دلفت لغرفتها وأوصدت بابها عليها هي وكوثر :
_الكلام اللي قاله لبابا ده ملوش عندي غير معني واحد يا ماما،
ونظرت لها وجنون ونار الغيرة الشاعلة تخرج من عيناها:
_ إنه حب الملعونة بنت عمه، شكلها سحبته وأنا خِسرته للأبد خلاص يا ماما
رمقت كوثر إبنتها بنظرة ساخرة مُقلله من شأنها وتحدثت بتهكم:
_ كُنت فكراكي أذكي من كدة يا حضرة المحامية النابغة، كل ما في الموضوع إن حضرة الأفوكاتو العظيم قعد مع نفسه وحسبها صح، قال لنفسه إن لو عمه عرف بجوازة منك مُمكن يغضب ويثور لكرامة بنته ويطلقها منه، وبكدة هو هيخسر الكِنز اللي إتفتح له بمُنتهي السهولة وهيغرف منه من غير حساب
وأكملت:
_ واللي يأكد لك كلامي ده إنه حط شرط إن لو حاولنا نعرف مِراته بأي وسيلة إنه إتجوز عليها هيطلقك في لحظتها،
وأكملت بنبرة إستحسانية:
_وبصراحة هو في النقطة دي طلع ذكي وعجبني ، البنت وأبوها لازم يفضلو نايمين علي ودانهم علي الأقل لحد ما باب الكنز يتفتح لقاسم ويبتدي يغرف منه،
وأكملت بنبرة طامعة جشعة:
_ وأكيد هيغرف ويديكي منه، علشان كدة لازم أتصل بأمة الغبية وأنبة عليها وأفهمها خطورة الموضوع ، لإنها ست جاهلة غبية وكل اللي يهمها هو الإنتقام من سلفتها وبس ،
وأكملت بتفسير :
_ تقريباً كدة وعلي ما فهمت من كلامها إنها غيرة سلايف وحِقد مدفون بقاله سنين ، ولولا كدة مكنتش اللي إسمها فايقة دي عبرتنا ولا حاولت تساعدنا
وأثناء حديثهما إستمعت إيناس إلي صوتٍ يُعلن عن وصول رسالة صوتية بهاتفها، فتحتها وكان صوت قاسم وهو يتحدث قائلاً بنبرة صارمة :
_أظن والدك وصل وبلغك بالإتفاق اللي حصل بينا، وأنا للمرة التانية بنبه عليكي يا إيناس،
وأكمل رسالتهُ بنبرة حادة تهديدية :
_ صفا لو عرفت عن موضوع جوازنا إعتبري إتفاقنا لاغي، حاجة كمان لازم تعرفيها وتبقي عاملة حسابك عليها من الوقت علشان ما تتفاجأيش، وهي إن جوازنا هيكون صوري، يعني أنا مش هلمسك ولا هعاملك معاملة الازواج، وأظن ده هيكون كويس علشانك، علي الأقل متكونيش خسرتي كل حاجه، ولما تتجوزي بعد ما أسيبك أكيد الموضوع ده هيكون نقطة تُحسب لك.
صاحت إيناس وتحدثت إلي أمها بنبرة جنونية :
_ شفتي قلة ذوقه يا ماما، البية بيملي عليا شروط المَلِك المُنتصِر، وصلت بيه الوقاحة إنه يقول لي إنه مش هيلمسني، ده بيهيني وبيهين إنوثتي يا ماما
ضحكت كوثر وتحدثت إليها بنبرة خبيثة:
_ هو الكلام بفلوس،خلية يتكلم زي ما هو عاوز، و لما يتقفل عليكم باب واحد ساعتها قواعد اللعبة كُلها هتختلف وإنتِ اللي هتلعبيه علي الشناكل،
وأكملت بنبرة مُقللة :
_ده راجل قِفل وخام ولا لف ولا دار مع بنات قبل كدة ، وأكيد بنت عمه قفل وغبية زيه، وأديكي سمعتي كلام عدنان بنفسك لما قال إنها شبه الرجاله، يعني أخرة تلبسي له لانجري من اللي انا شرياهم لك علي شوية دلع منك وساعتها هيريل عليكِ ويجي لك راكع وزاحف علي بوزة
ثم ضحكت بخلاعة وأكملت بكبرياء :
_ وساعتها هينسي الإتفاق وممكن ينسي نفسة أساساً
ونظرت لإيناس بقوة وتحدثت:
_ الكلام ده لازم يحصل بسرعة يا إيناس علشان تلحقي تدبسية وتجيبي له حتة عيل نقُش بيه ونغرف من عِز النعماني،
وأكملت رافعة قامتِها بكبرياء :
_ ولما تبقي أم إبنهم ساعتها بس هنروح ونحط صوابعنا في قلب عين التِخين فيهم ، والناس دي مش هما اللي بيرموا لحمهم ويتخلوا عنه.
تنهدت إيناس براحة وأبتسمت وجلست فوق تختها بعدما شعرت بالهدوء والسكينة يتسللان لروحِها وعقلها بعدما استمعت لحديث والدتها الذي أثلج صدرها
*** ☆***☆ *** ☆***☆***
روايه قلبيّ بنارِهاَ مٌغرمٌ بقلمي روز آمين
ليلاً داخل مسكن صفا
كانت تجلس فوق فراشها مُمسكة بهاتفها بكف يدها وترفعهُ إلي وجهها بين الثانية والأخري وتنظر بشاشتهِ بترقب شديد، تنتظر عاشق عيناها ومُتيمها الذي تغير كُلياً بمعاملتهِ معها وبات ينثُرها بإهتمامهُ الزائد إينما ذهب، إنتظرت وانتظرت ولكن دون جدوي، غفت بجلستها وهي تنتظر ذاك القاسي ليحِن
أما هو فكان يجلس في بهو مسكنه وتوجد أمامهُ الكثير والكثير من أقداح مشروب القهوة الفارغة التي صنعها كي تُهدئ من روعه وتُقلل من شعورةِ المُميت بالذنب والخَيبة والخيانة والتخلي،
أمسك هاتفه ونظر بشاشته مّرات ومّرات وكلما ضعف وكاد أن يضغط علي رقم معشوقته تراجع علي الفور ورفع أصبعه عن زر الإتصال، كيف له ان يُحدثُها وماذا سيقول لها، أيقول لها أنه أصبح خائنً بالفعل وتأمر للتو علي كسر قلبها وتحطيم كبريائها وكرامتِها من جديد !
لما دائماً يضعهُ القدر بمواقف لا يُحسد عليها، في الماضي كان كُل ما يفعله من صُنع يداه، ولكن الآن الوضع مُختلف كلياً عن ذي قبل،
فالأن هو مُجبراً علي المضي قدمً بزواجهِ بالإكراه من تلك الشيطانة التي رسمت وخطتط لكل شئ منذ البداية، وها هي الأن ستظفر بنتائِج خِطتِها، أما هو فسيخسر إنسانيتة ورجولته وسيتحول خائنً بالفعل بعيون حاله
*** ☆***☆ *** ☆***☆***
روايه قلبيّ بنارِهاَ مٌغرمٌ بقلمي روز آمين
مّرت أيام الإسبوع وكانت ثُقال علي الجميع، حتي جاء يوم الأربعاء وهو اليوم الذي يسبق حفل زفاف قاسم وإيناس ، ويعدُ هذا اليوم هام جداً لصفا فهو يوم إفتتاح المشفي،
الحُلم الذي إنتظرته وحلُمت به طيلة السنوات السبع المُنصرمة "لكن كعادتها" دائماً ما تأتيها فرحتِها ناقصة ، دائماً تأتيها السعادة غير مُكتملة، فمُنذ يوم سفر قاسم وإتصالهِ بها وإغراقها داخل الأحلام الوردية، بعدها إنقطع إتصاله ولم يُكررها مرةً آخري، وقد تسبب هذا بإيلام قلبها وإصابتها بالحُزن والخزلان والخَيبات المُتكررة
كان الجميع يتواجدون داخل حديقة المَشفي، ينتظرون ضيف شرف الإفتتاح سيادة المحافظ علي قدمٍ وساق، وذلك بعدما وجه له الحاج عتمان كبير المركز دعوة للحضور كي يقوم بقص شريط الإفتتاح للمشفي الذي سيقدم الخدمات الطبية المجانية لأهل النجع بل وللمركز بأكملة
حضر الإحتفال الحَاج عتمان وزيدان و ورد التي أصّرت أن تحضر تلك المناسبة الخاصة والمُميزة لدي صغيرتِها، قدري ومُنتصر فارس ويزن وحسن وجميع عائلة النعماني والنجع بأكملة، أما مريم التي إنتوت الحضور بإعتبارِها فردً من كيان هذا المشفي، لكن لسوء حظِها إرتفعت حرارة إبنتِها في آخر لحظة، فتغلبت أمومتها علي طموحها وضلت بصحبة صغيرتها التي تم الكشف عليها من جهة صفا وأعطتها جُرعة العلاج المطلوبة وطلبت من مريم ان تداوم علي عمل الكمدات الباردة حتي تنخفض الحرارة
أما عن الدكتورة أمل التي أتت من القاهرة مُنذُ الأمس لتُشرف بنفسِها وتتأكد من جاهزية القسم الخاص بها، تحركت لتقف بجانب صفا المتوترة وتحدثت لتُطمإنها قائلة بنبرة جادة:
_ القلق ده مش كويس علشانك، أنا مقدرة إنك لسه مدخلتيش الحياة العملية وإندمجتي فيها وأخدتي خبرة، بس كمان الكُلية بتاعتنا إحنا بنشتغل فيها وبنمارس عملنا من يوم ما بندخلها، يعني لازم يكون عندك ثقة في نفسك أكتر من كده
نظرت لها صفا التي تحمِل بقلبها هماً أكبر مما تفكر به تلك الأمل وهو عدم مراعاة زوجها وتلاشية الوقوف بجانبها في أكثر يوم هي تحتاجة به وتحدثت بنبرة هادئة :
_ مُتشكرة جداً يا دكتورة علي كلامك المُحفز ده، لكن الحجيجة أنا واثقه في ربنا وفي نفسي وفيكم ومتأكدة إننا هنجدر علي النچاح، وإن شاء الله المستشفي تثبت وچودها ويكون لها إسم وسمعة في أجرب وجت بينا كِلياتنا
إقترب يزن عليهما وتحدث إلي أمل بنبرة متهكمة فهو لم يتقبلها ودائما يراها مغرورة مُتكبرة :
_ منورة النچع كلياته يا دكتورة .
رمقته بنظرات حادة وتحدثت بإقتضاب ونبرة صارمة ووجهٍ كاشر :
_ مُتشكرة.
مال علي آذن صفا وتحدث ساخراً:
_ يا أبوووووي ، الله الوكيل وشها يجطع الخميرة من البيت، أني معارفش ياسر وجع عليها فين البلوة دي وبلانا بيها
إبتسمت رُغمً عنها من حديث إبن عمها الساخر وتحدثت إلية بعيون محذرة:
_ وبعدهالك عاد يا يزن، خلي ليلتك تفوت علي خير أومال
أما أمل التي رمقتة بنبرة غاضبة لتيقُنها الشديد أنهُ يتلامز عليها
إقتربت ورد من صغيرتها وأحتضنتها بشدة وتحدثت:
_خلاص يا جلب أمك، بجيتي دَكتورة جد الدِنيي وهتداوي جراح الغلابه وعتشرفي أبوكي جدام النچع كلياته
إبتسمت لها صفا وتحدثت بنبرة فخورة وهي تنظر لوجه أبيها الواقف بجانب عتمان:
_أبوي هو اللي مشرِفني جِدام الدنيي كلياتها يا أمّا.
ربتت ورد علي ظهر غاليتها وتسائلت مُستفسرة:
_هو قاسم مهيجيش ولا إية؟
تنهدت بأسي وكادت أن ترد لكنها وبلحظة تيبسْ جسد تلك العاشقة واتسعت عيناها وبات قلبها يدق بوتيرة عالية عندما رأتهُ يدلف أمام عيناها بسيارته من مدخل حديقة المشفي، وكأن روحها كانت تفارقُها ورُدت إليها من جديد، تنفست عالياً وأبتسمت تلقائياً وآُنير وجهها المُنطفئ،
نزل من سيارته بهيئة مُهلكة، كفارس هارب من إحدي أساطير الحكايات، أغلق زر حِلتهِ الأنيقة ومال بجزعهِ فوق مقعد السيارة، إلتقط باقة من أروع الزهور وأندرها وأغلق باب السيارة
بات يدورُ بعيناه باحثً عنها مُتلهفً ، بمجرد رؤياها بات قلبه ينتفض معلناً عن دق طبول الحرب والعصيان، كاد قلبةُ أن يقفز من مكانهُ ليذهب إليها مُهرولاً ويحتضنها ضاربً عرض الحائِط بكُل العادات والتقاليد ، تحرك بطريقهُ بجاذبية و وسامة ووجهٍ مُنير تأثُراً برؤياها
إقترب من عتمان بعدما ألقي السلام علي الحضور، ومال بجذعهِ علي كف يده وقبلهُ بإحترام قائلاً:
_ كيفك وكيف صحتك يا چدي
تهللت أسارير عِتمان ككل مرة يري فيها عزيزه وحفيده المُقرب إلي قلبه وتحدث بنبرة حنون :
_ أني بخير طول ما أني شايفك بخير يا سَبعي
وقف أمام والدهُ ونظر لهُ نظرة لوُم وحُزن وتحدث بجمود:
_ كيفك يا أبوي.
إحتضنهُ قدري وربت بشدة علي ظهرهِ عندما رأي داخل عيناه الحُزن ثم همس بداخل آذنه قائلاً:
_ إنسي يا ولدي وإجمد أومال، اللي حُصل حُصل وخلاص، إنسي وبص لجدام.
لم يُعر لحديثهُ إهتمام و تحرك إلي زيدان ومنتصر وورد والجميع حتي جاء إلي التي أصبحت تمثل لهُ المعني الحقيقي للحياة، أصبح عاشقً لبسمتها الرقيقة، نظرةُ عيناها الساحرة،نظر لها ومد كف يدهُ للمصافحة وتشابكت الأيادي وتلامست بنعومة،
بات يضغط عي كف يدها يدغدغهُ بإثارة شارحً من خلالهِ كم إشتاقها بجنون، نظر لعيناها وبدأ قلبهُ يدق بوتيرة سريعة وصدرهِ يعلو ويهبط من شدة إشتياقهِ إليها،نظر لشفتاها الكنزة بلونها الذي يُشبة حبات الفراولة الناضجة، وتحدث بنبرة حنون:
_ كيفك يا صفا.
ما كان حالها ببعيدٍ عنه، فقد أذاب الإشتياق ما تبقي من صبرِها وتحمُلها الواهي، تحدثت إلية بنبرة تذوبُ عِشقً:
_ الحمدلله، حمدالله علي سلامتك.
مد يدهُ إليها بباقة الزهور وتحدث:
_ الله يسلمك.
تحدثت إليه شاكرة وهي تحتضن باقة زهورها المُميزة:
_ مُتشكرة علي الورد وعلي حضورك الغير متوقع يا حضرة الأفوكاتو
إبتسم بخفة وتحدث بنبرة حنون:
_ كان عِندك شك إني مهاجيش إياك !
أجابتهُ بدلال ونظرات مُلامة:
_ أصلك مكلمتنيش من لما مَشيت غير أول يوم وبعدها كَنك نسيتني، عشان إكدة جولت أكيد نسيت ميعاد الإفتتاح، بس چدي جال لي إنهاردة إنه كلمك وجال لك تاچي.
كان يستمع إليها بقلبٍ يسبح في فضاء السعادة لرؤيتهِ غيرتها المُرة وعشقها الهائل وإفتقادها له داخل عيناها
أردف قائلاً بنبرة رجولية أهلكتها:
_ مش صفا زيدان اللي چوزها ينساها ولا تغيب عن باله ولو دجايج.
إنتفض قلبها وصار مُتمرداً علي كبريائها، وَدْ لو ينتفض ويخرج من بين ضلوعها ليصرخ مُعلناً للجميع عن عشقهِ الهائل بل ذوبانهِ في عشق ذاك القاسم،
حين تسائل قاسم مُداعبً إياها:
_ وبعدين لما چوزك واحشك جوي إكدة متصلتيش لية عليه وريحتي جلبك وجلبه ؟
إبتلعت لُعابها من شدة توترها من نظراته وكلماته وحركاته المذيبة لقلبها العاشق، تمالكت من حالها وتحدثت حفاظً علي كرامتِها التي دائِماً تضعها بينهما :
_ ومين بجا اللي ضحك عليك وفهمك إنك وحشتني؟
أشار علي يسار صدرهِ وتحدث بعيون تصرخ من عِشقها غير مبالي بمن حوله:
_ جلبي هو اللي جال لي، وجلبي طول عُمرة دليلي يا نبض جلبي.
إتسعت عيناها وكادت تصرخ من شدة لذتها والإستمتاع بما تستمعهُ آُذناها من حبيبها الأبدي
قطع وصلة غرامهم فارس الذي حاوط كتف شقيقهُ بعناية وتحدث إليهُما بدُعابة :
_ أحب أنوة علي حضراتكم وأحيطكم عِلمً إن كل اللي عيحصل بيناتكم دي مُذاع ومباشر علي الهوا، كل الخلج عيطلعوا عليكم ولا كَنهم عيتفرچوا علي مشهد رومانسي من فيلم جديم
ضحك قاسم وتحدث بنبرة جديده عليه وهو ينظر لداخل عيناها:
_ واحد ومَرته عيتحدتوا في حكاية عشجهم، عدخلوا حالكم ما بينهم لية !
سحبت بصرها عنه خجلاً من كلماتهِ الجريئة أمام فارس التي أخجلتها
هُنا إستمعت لصوت الجد الذي تحدث إلي صفا بنبرة جادة مفخمً إياها بين الحضور :
_ چناب المحافظ وصل يا دَكتورة، تعالي چاري لجل ما تستجبلية
إبتسم زيدان وربت علي ظهر إبنته وطمأنها، وتحرك قاسم بجانبها مُمسكً بكف يدِها برعاية وحنان ومؤازرة
همس قدري المُستشاط غضبً داخل آذن مُنتصر المجاور لهُ قائلاً بتهكم :
_ علي أخر الزمن عنجفوا ونشيعوا للمحافظ لجل ما ياچي يفتتح مستشفي بالشئ الفُلاني لحِتة عيلة مفعوصة لا راحت ولا جت،
وأكمل بنبرة ساخطة :
_ كان لازمِتها إية المصاريف دي كِلياتها ، مش كان عِمل بيهم مشروع لفارس ويزن بدل المسخرة اللي عتحصُل دي، بجا بِت زيدان الدلوعة عَتشغِل مستشفي وتنچيحها؟ الله الوكيل أبوك دي عيجلطني بعمايلة
رمقةُ مُنتصر بنظرة ساخطة وتحدث بحديث ذات مغزي:
_والله دي فلوسه وهو حُر فيها، يعمل بيها ما بدالة، وبعدين المستشفي اللي معچباكش دي هتعالچ أهل البلد الغلابه ببلاش
وقفت صفا بجوار زوجها وجدها ووالدها وقابلت المحافظ الذي قابل الخطوة بإستحسان كبير وتمني لها النجاح وقص الشريط وألتقطت الكاميرات الخاصة بالمحافظة بعض الصور التذكارية ورحل المحافظ بعدما قُدم لهُ واجب الضيافة
أما قاسم الذي كان يرمق ياسر بنظرات نارية بين الحين والآخر،
في تلك الأثناء تحرك كمال أبو الحسن كبير نجع الديابية وعضو مجلس الشعب إلي جوار الحاج عتمان وقاسم وتحدث بنبرة معاتبة:
_ ألف مبروك يا حاچ، أني چيت أجضي الواچب وأبارك لحفيدتك ولو أني عاتب عليك.
أجابهُ عِثمان بمراوغة :
_ليه بس إكدة يا حاچ كمال، ربنا ما يچيب بيناتنا زعل
تحدث كمال بنبرة خبيثة:
_ وصلتني أخبار إن چنابك ناوي ترشح ولدك زيدان لإنتخابات مجلس الشِعب،
وأكمل بحديث ذات مغزي :
_ بس أني جُولت لحالي دي أكيد إشاعة مُغرضة واللي طلِعها عاوز يوجع بيني وبين الحاچ عِثمان، مهو مش معجول يا حاچ تُبجا بتساعدني في الإنتخابات كل دورة وتخلي بلدك كلياتها تنتخبني، وتاچي الدورة دي ترشح ولدك جصادي !
العيبة دي متطلعش مِنيك يا حاچ
تطوع قاسم بالرد عليه وتحدث بنبرة حادة:
_ الحاچ عِثمان عمر العيية ما تطلع منية يا حاچ كمال، وطول عمره خيرُة علي الكُل، وعمي زيدان ما أتجدمش للإنتخابات غير لما وصلتنا أخبار إن سيادتك خارچ ترشيح الحِزب السنة دي
إنتفض كمال وتحدث بنبرة حادة:
_ كِدب، إشاعات مُغرضة الغرض منيها تسويئ سُمعتي مش أكتر يا حضرة الأفوكاتو
تحدث قاسم مُؤكداً بنبرة مُعارضة:
_ الأخبار صحيحة يا حاچ، وچاية لي من چوة مطبخ الحزب بذات نفسية
هتف كمال موجةً حديثهُ إلي عِثمان:
_عاچبك الحديت اللي عيجولة حفيدك ده يا حاچ ؟
هتف قدري بخُبث:
_إهدي يا حاچ كمال، أكيد الحاچ عِثمان ميعرفش إن...
لم يُكمل جُملتة عندما رمقةُ والدهُ بنظرة ساخطة فصمت وتحدث عتمان قائلاً بنبرة تعقلية:
_ إسمعني زين يا حاچ كمال، أني طول عمري وأني واجف في ظهرك وبدعمك في الإنتخابات وبخلي بلدي كلياتها تديك أصواتها، بس لما وصلتني أخبار إن الحزب معيرشحكش السنة دي جولت زيدان ولدي أولي من الغريب، وإنتَ أكيد عتحب لولدي الخير وعتساعدني زي ما أني ساعدتك كتير جبل سابج
إنتفض كمال وتحدث بنبرة غاضبة:
_ بس إنتَ إكدة بتشتري عداوتي يا حاچ، وأني اللي بيعاديني بشيل يدي عن حمايتة
جحظت أعين عِثمان وأستشاط داخلهُ غضبً وهتف بنبرة صارمة لوجهٍ غاضب:
_حماية مين يا واكل ناسك إنتَ؟
إوعاك تكون صدجت حالك إنك نايب بجد وعتحمينا يا حزين !
تحدث كمال بوقاحة:
_ عنشوف يا حاچ إذا كُنت بحميك إنتَ ومالك ولا لا
صاح به قاسم بنبرة صارمة:
_ إتكلم علي جَدك يا كمال ومتنساش إنك واجف جدام الحاچ عثمان النُعماني.
رمقهُ كمال بنبرة غاضبة وهتف مهينً لشخصه:
_ مبجاش إلا اللصغار كمان اللي عتتحدت
هتف زيدان وتحدث بنبرة صارمة مفتخراً بعائلتة :
_ عيلة النُعماني مفيهاش صغار يا كمال، عندينا ولادنا بيتولدوا رچال
تحرك كمال برجالهُ غاضب مُتوعداً بالرد القاسي علي عتمان وعائلتة
إنفض الإحتفال وعاد الجميع وجلسوا ببهو المنزل، كان ينظر لحبيبتة بنظرات متشوقة مُتلهفة ، كان ينوي المبيت داخل أحضانها الدافئة حيث قرر الإعتراف أمام عيناها بعشقهِ الهائل لها، وبعدها سيسافر في الصباح الباكر لحضور مرافعته لقضية مهمة لديه بالمكتب، وأيضاً ليُنهي مسألة زواجهُ المضطر أسفً لإتمامة ويعود إليها من جديد
وقف مُنتصب الظهر ونظر إلي صفا وتحدث بنبرة جادة :
_ أني هطلع أريح فوج عشان مسافر الفَچر
نظرت لهُ رسمية وتحدثت بنبرة حنون:
_وإية يا ولدي اللي عيخليك تسافر الفجرية، متجعد ويا مرتك وتُبجا تمشي يوم السبت
هتفت فايقة بنبرة قوية مُراوغة :
_ معينفعش يا عمه، أصل أني وأبوة عنسافر وياه لجل ما أكشف علي راسي اللي عتوچعني اليومين دول
تحدثت نجاة إليها بنبرة قوية مُذكرة إياها :
_ طب متنسيش تچيبي التحاليل بتاعت بِتك من المعمل عشان نسافروا بيها تاني للدكتور ونشوف أصل اللحكاية إية
تنفست عالياً وكظمت غيظها من تلك النجاة التي باتت تؤرقها بشدة وتُسبب لها المتاعب مؤخراً
حزن داخل قاسم من ما يفعلهُ بحبيبتة وبحاله وعمه، فقد قرر قدري وفايقة حضور زفاف قاسم لأجل أن لا يترُكاه لحاله في يوم كهذا، ولتشهد فايقة علي أولي خطوات إنتصاراتها وذبح روح إبنة مُعذبها وذابحُها
تحدث قاسم بنبرة قوية إلي صفا :
_ يلا بينا نطلعُ علي شُجتنا يا صفا.
إنتفض قلبها وبات يدق بوتيرة سريعة من شدة سعادتِها، وقفت وتحركت بجانبه، نظر لداخل عينيها بعيون هائمة وأمسك كف يدها وصعدا أولي درجات المصعد سوياً ،
أوقفهُما صوت الغفير الذي تحدث بهلع :
_ إلحجنا يا حاچ، إبن مدكور النُعماني خبط واحد بالعربية والحكومة جبضت علية، وسي مدكور مشيع لك ولدة الكَبير واجف برة، وعاوزين سي الأستاذ قاسم حالاً لجل ما يجف وياه في التحجيحات في المركز
أغمض عيناه بيأس وتألمت روحة ونظر لها وتحدث بنبرة ضعيفة مُحبطة :
_ إطلعي إنتِ يا صفا وأني هخلص الموضوع دي وأحصلك علي فوج.
أومأت له بضعف وحالة من اليأس تملكت منها وظهرت لهُ داخل عينيها الصارخة والمُطالبة إياه بألا يرحل ، تحامل علي حالهِ وترك كف يدها المُتمسك بهِ بصعوبة بالغة وقلبٍ يصرخ ويلوم علي حظهِ السئ، تحركت للأعلي بخيبة جديدة تُضاف إلي قائمة خيباتها معهُ،
ذهب هو إلي قسم الشرطة التابع للمركز وضلت التحقيقات مستمرة للساعات الأولي من اليوم الجديد ولذلك لم يستطع الصعود إلي حبيبتة ولا حتي توديعها ، بالكاد وصل إلي الطائرة في اللحظات الآخيرة قبل إقلاعِها بصحبة والدية تحت حُزن شقيقهُ علي حاله المُؤلم.
وماذا بعد يا زماني
ألم يحِن لي نيلُ الأماني
ما عاد لي حُلمً سوي ضمتها
لأشعر حينها بكينونتي وكياني
لكنّ حتي الأمنياتِ عليا حُرمت
وأصبحت حُلمً بعيد المّديّ
صعب المنالِ
في تمام الثامنه صباحً من يوم الخميس
فاقت من نومِها علي صوت المُنبه المُزعج ،أوقفته بضغطة من يدها ثم سحبت جسدها لأعلي بتكاسُل وأرجعت ظهرِها للوراء مُستندة علي خلفية التخت، تنفست بهدوء ثم مسحت علي وجهِها بكفيها بإرهاق وذلك لعدم أخذِها القسط الكافي من النوم، تنهدت بأسي حين تذكرت لحظة رحيل حبيبها حتي قبل أن يدلف معها إلي مسكنهما ولو لدقائق،
كانت تتأمل المبيِت في حضرته، حتي وإن لم تحظو بالغفو بداخل أحضانة فكانَ سيكفيها أنها بجواره تستنشق رائحة جسدهِ العطرة التي باتت تحفظها عن ظهر قلب ، يا لهُ من شعور مُميت مُخزي أن يتركها وحيدة ويرحل بعدما أخبرتها عيناه ومّنتها بالكثير والكثير من الوعود التي جعلت من روحها سارحة في فضاء العاشقين ، كم كانت لحظة مؤلمة عندما ترك يدها ورحل دون وداع، كم شعرت بتألُم روحهُ وصرخة عيناها حينما كان مُرغمً علي الرحيل .
نفضت رأسها من تلك الأفكار المؤرقة لعقلها، ثم تحاملت علي حالها وتحركت إلي المرحاض، توضأت وخرجت لتأدية صلاة الضُحي، إنتهت وجلست علي سجادة الصلاة وباتت تناجي ربها وتحدثهُ بدموع قائلة بنبرة توسلية :
_إلهي، لقد هرم قلبي وشاب جراء الإبتعاد ، لقد آُستنزفت طاقتي ولم تعُد لدي قُدرةِ الإحتمالِ، أناچيكَ إلهي أن ترحم ضعفي وقلة حيلتي، فقد خارت قوتي وأشعر أنني أتجةُ نحو الهلاكِ
تحاملت ولملمت حالها وأتجهت إلي المرحاض من جديد، غسلت وجهها بالماء الفاطر، وهاتفت مريم كي تتجهز لتذهب معها إلي المّشفي لإستلام وظيفتها، ثم إتجهت لخزانة ملابِسها وأرتدت ثيابها العملية وتحركت مُتجهه إلي الأسفل، وجدت الجميع يلتفون حول طاولة الطعام يتناولون فطورهم بشهية
تحدثت إلي الجميع بوجهٍ بشوش متحاملة علي حالها لإظهارة :
_ صباح الخير .
رد الجميع الصباح وتحدثت الجدة:
_ تعالي آُفطري يا دَكتورة.
أجابتها بنبرة هادئة لصوتٍ مُجهد :
_ مجادراش يا چدة، مليش نفس.
تحدثت نجاة بنبرة حنون:
_ كيف ملكيش نفس يا بِتي، إنتِ لازمن تاكلي لجل ما تصلبي طولك وإنتِ عم تشتغلي.
وتحدث يزن وهو يُشير إليها بإهتمام:
_ إجدي كُلي لك لجمتين وإشربي كُباية حليب يا صفا، متطلعيش من البيت إكدة.
إستشاط داخل ليلي من إهتمام يزن الزائد بعدوتِها اللدود، وعلي الفور رمقتها بنظرات حاقدة وتحدثت إليها بنبرة جامدة:
_وإنتِ بجا جايلة لچوزك إنك خارچة، ولا ماشية علي كِيفك وچوزك أخر من يعلم؟
نظر الجد إلي صفا يترقب ردة فعلها، حين رمقتها هي بنظرة واثقة وتحدثت بقوة:
_ مش بِت زيدان النُعماني اللي تتخطي الأصول وتخرچ من غير عِلم چوزها
وأكملت لتضع لها حدوداً كي لا تتخطاها فيما بعد:
_ وتاني مرة لما تاچي تتكلمي وياي يا ريت تُبجي تنجي ألفاظك وتنتقيها، عشان أني ما بمشيش علي كيفي يا ليلي ، أني دَكتورة ومن الطبيعي إن كُل يوم هخرچ وهروح علي شغلي،
وأكملت بنبرة صارمة:
_ يعني مش كل يوم هلاجيكي واجفه لي وتسمعيني كلامك الماسخ اللي ملوش عازة ده.
نظر لها الجد بإستحسان في حين قهقه حسن وفارس عالياً وتحدث فارس إلي شقيقتة بنبرة ساخرة:
_ عتجيبي الحديت لحالك ليه يا بِت أبوي، فاكرة لي حالك جوية ونافشي ريشك علي الكل،
ونظر إلي صفا وتحدث بضحكة ساخرة :
_ أهي چت لك اللي عتطلع الجديم والچديد علي جِتتك،
وأكمل بنبرة ساخرة مُشيراً بيداه بطريقة أضحكت الجميع:
_ من أول مواچهة جصفت جبهتك بمدفعية هاون چابتها لك الأرض.
إستشاط داخل ليلي وأكثر ما أشعلها ضحكات الجميع الساخرة منها ونظرات يزن الساخطة والحزينة علي حالِها بذات الوقت
بسط الجد يدهُ مادداً إياها في إتجاة صفا مُمسكً بكوبً من الحليب وتحدث بإهتمام :
_ إشربي دي من يدي يا دَكتورة.
نظرت إلي جدها بحب وأقتربت علية ومالت علي يدة المُمسكة كوب الحليب ووضعت عليها قُبلة إحترام ثم تناولتها منه وأردفت قائلة بنبرة شاكرة:
_تسلم يدك يا حبيبي .
وبدأت بإرتشافِها
تدلت مريم الدرج وكانت غاية في الرقة والشياكة مما لفت إنتباه فارس الذي نظر لها مطولاً بعيون مُتفحصة، فهي في الفترات الأخيرة غابت متعمدة عن مرمي عيناه كي تتجنب رؤياة التي باتت تُشعرها بدونيتها وعدم أهمية وجودها بالحياة، فقد أوصلتها تصرفاته وتلاشية لوجودها إلي فقدانها للثقة بحالها
تحدثت بنبرة مرتبكة إلي صفا:
_ أني چاهزة يا صفا.
نظرت لها صفا وتحدثت بإستحسان ودُعابة :
_ إية الجمال ده كلياته يا أستاذة مريم، علي فكرة إنت رايحة تتوظفي في مستشفي، مريحاش مسابجة ملكة چمال إنتِ
ضحكت لها في حين تحدث الجد بنبرة حنون كي يبثُ الثقة داخل روح حفيدته الرقيقة :
_ مبارك عليكي التعيين يا مريم.
أجابتة بسعادة بالغة وذلك بفضل إهتمامةُ بها :
_يبارك في عمرك يا جدي.
وتحدث مُنتصر وهو يتبادل النظر بينها وصفا :
_ خلي بالك من نفسك يا بِتي ولو عوزتي أيتوها حاجة أختك وياكي هناك .
إبتسمت له صفا وسعدت بوصف عمها لها بشقيقة إبنته وتحدثت لطمأنته بنبرة حنون:
_ متجلجش يا عمي، مريم في عنيا
تحدث يزن إلي صفا بنبرة جادة:
_ أني رايح علي المحچر عِندي شغل مُهم ولازمن يخلص إنهاردة، وأني جايل لدكتور ياسر ومفهمة طبيعة الشغل المطلوب من مريم زين، ما عليكِ إلا إنك هتعرفيها علية وهو عيسلمها شغلها ويفهمها المطلوب منيها حالياّ
ثم نظر إلي شقيقتهُ وتحدث بنبرة مطمإنه:
_ وأني عخلص ولما أچي عفهمك باجي شغلك يا مريم، متجلجيش يا حبيبتي، أني معسيبكيش لحد متفهمي كل حاچه زين .
شعرت بإرتياح بعد كلمات شقيقها وأردفت قائلة بنبرة شاكرة:
_ ربنا يخليك ليا يا يزن.
ثم تحركت إلي نجاة واحتضنت طفلتها التي تجلس فوق ساقاي جدتها وتحدثت إلي نجاة:
_ خلي بالك علي چميلة يا أمّا
اجابتها نجاة وهي تُربت علي كتف إبنتها بحِنو:
_ متعتليش هَم چميلة يا بِتي وخليكي إنتِ في شغلك
نظر لها فارس وانتظر أن تلتفت إلية أو تُعنية بأي حديث، لكنه إستغرب تجاهلها التام إلية حين نظرت إلي الأمام وتحركت بجوار صفا مُتجهتان مباشرةً إلي الخارج
خرجتا للحديقة ثم تحدثت مريم إلي صفا بنبرة إرتيابية:
_ أني خايفة جوي يا صفا، حاسة حالي رايحة إمتحان وممزكراش فية أيتوها حاچة كُمان
أمسكت صفا كف يدها للمؤازرة ثم أجابتها بإنكار للذات كي تبثُ داخل روحِها الثقة:
_ يعني هو أني اللي كُنت إشتغلت جبل إكدة يا مريم، ما الحال من بعضة يا بِت عمي، وادينا هنساندوا بعضينا لحد ما نتعلم
هدأت مريم واطمأنت وتحركا للجراچ الخاص بالسرايا
إستقلت سيارتها وبجانبها مريم، أشعلت مُشغل الموسيقي الخاص بسيارتها وأستمعتا إلي صوت فيروز وهي تتغني ،،
صباح ومسا، شى ما بينتسي تركت الحب وأخدت الأسي
شو بدي دور لشو عم دور علي غيرة
في ناس كتير لكن بيصير ما فيه غيرة
صباح ومسا شي ما بينتسي، تركت الحب وأخدت الأسي حبيبي كان هني وسهيان مافي غيرة
حِملني سنين مانن هاينين كَتر خيرة
كانتا ترددان الغنوة معاً بعيون سعيدة وهما تنظران لبعضيهما وتتبادلان الإبتسامات المُشجعة كِلتاهما للأخري
وصلتا إلي المشفي ودلفتا من الباب تتحركان داخل رواق المَشفي الطويل
كان يخرج من باب غرفة الكشف التابعة لهُ، نظر أمامهُ بتلقائية وبلحظة تخشب جسدهِ وأنتفض قلبهُ واتسعت عيناه وهو يري أنه وأخيراً قد عثر علي حوريته الهاربة منه
وقف مُتسمراً بمكانة حين رأها تقترب من وقفته بجوار صفا التي وقفت وتحدثت إلية بنبرة تشِعُ أملً وحماس :
_ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
رد عليها وما زال بصرهِ مُعلقً بحوريتة التي خطفت أنفاسهُ من طلتِها الأولي، فتحدثت إلية صفا وهي تُشير إلي مريم قائلة:
_ دي بجا الأستاذة مريم النُعماني، الموظفة الچديدة يا دكتور.
ثم حولت بصرِها إلي مريم وأشارت إلي ياسر المذهول وتحدثت :
_وده دكتور ياسر اللي هيسلمك مكتبك ويعرفك طبيعة شغلك والمطلوب منك يا مريم.
حدث حالهُ وهو ينظر لمقلتيها الصافية،، أيُعقل أن تأتي إلي بكل تلك البساطة بعدما فقدت الأمل في لُقياكِ غاليتي .
يا لي من محظوظ
نظر لها وأردف غير مستوعبً :
_ معقولة حضرتك تبقي أخت الباشمهندس يزن ؟
نظرت إلية مُستغربة نظراتهِ العجيبة إليها، فأكمل هو حين وجد دهشتها داخل عيناها:
_ هو إنتِ مش فاكراني ؟!
ضيقت بين حاجبيها تحاول تذكر ذلك الوجة تحت إستغراب صفا لحالة ياسر العجيبة، فتحدث هو مُجدداً مُذكراً إياها :
_أنا اللي قابلتك في الجنينة يوم فرح الدكتورة صفا، لما الفون وقع منك.
كان يتحدث بنبرة حماسية وعيون مُتشوقة مما أدعي لإستغراب الفتاتان وتحدثت مريم بنبرة باردة بعدما تذكرت :
_ إفتكرت حضرتك، أهلاً وسهلاً يا دكتور.
تنهد بإرتياح وتسائلت صفا مُستفسرة :
_ شكلكم تعرفوا بعض جبل إكده، علي العموم وفرتوا عليا كتير، أسيبك مع دكتور ياسر يوريكي مكتبك وأروح اني أشوف شغلي يا مريم .
أومأت لها مريم وأنصرفت صفا، نظرت مريم لذلك الواقف مُتيبس الجَسد ومُسلط العينان داخل مقلتيها وتحدثت بإستغراب لحالتة :
_ هو حضرتك عتفضل واجف إكدة إكتير، أني عاوزة أعرف طبيعة شُغلي .
وعي علي حالهِ ثم إبتسم لها وتحدث بدُعابة:
_ هو إنتِ دايماً عصبية كده ولا طبعك ده معايا أنا بس ؟
ضيقت عيناها مُستغربة حالة ذلك الأبلة وتحدثت بنبرة صارمة كي تضع له حدود وقواعد للتعامل معها :
_ وأني أعرف حضرتك منين علشان تجولي إكدة، مكانتِش مرة إتجابلنا فيها صُدقة
وأكملت بنبرة جادة :
_وريني مكتبي من فضلك علشان مضيعش وجتك ووجت المُستشفي
تحمحم خجلاً من حالة وعذر طبيعة نشأتِها وحدودها التي تضعها بينهما في التعامل، فأشار لها إلي مكتبها ودلفا كلاهُما وبدأ بشرح طبيعة ما يجب عليها فعلة، وتفهمت مريم طبيعة العمل سريعً واندمجت، وخرج ياسر من مكتبها مُجبراً، وشكر ربهُ علي أنهُ وأخيراً وجد ضالتة الضائعة، وقد قرر التقرب منها بهدوء وجعلها تعتاد عليه أولاً ومن ثُم سيفاجأها بعشقها الذي أصاب قلبهُ وتملك منه من أول طلة رأتها فيها عيناه
بعد مدة دلف عامل البوفية حاملاً كأسً من عصير الليمون الطازچ وتحدث إليها:
_ صباح الخير يا أستاذة، الدكتور ياسر باعت لحضرتك الليمون ده وبيجول لك نورتي المستشفي.
تحدثت للعامل بإحترام:
_متشكرة، تسلم يدك.
خرج العامل ونظرت هي لكأس العصير وتحدثت بإرتياب :
_ إية حكايتة الراچل الملزج دي كمان، فاكر حالة في نادي العشاج إياك !
ده كَنة هيُبجا مرار وطافح يا مريم.
*** ☆***☆ *** ☆***☆***
روايه قلبيّ بنارِهاَ مٌغرمٌ بقلمي روز آمين
مساء نفس اليوم
داخل مسكن قاسم المملوك والمعروف لجدهِ وللجميع ،كانت تجلس فوق مقعداً داخل الشُرفة تضع ساقً فوق الآخري وتنظر أمامها بكبرياء وتبتسم إبتسامة ملكٍ مُنتصر ، متجهزة بثيابها الأنيقة المُحتشمة وتتأهب لحضور حفل زفاف نجلها الذي سيُحقق لها النصر التي طالما حلُمت بهِ سنوات وسنوات وهاهي اليوم ستظفر بالإنتصار وإنكسار قامة زيدان الذي صفعها صفعةً مُهينة، وهاهي تتأهب لردها وبقوة أكثر، بل وبدمار روح إبنته
أما قدري فكان يرتدي ثيابهِ بداخل الغرفة الخاصة لهُ ولفايقة
رن هاتفها مُعلناً عن وصول مكالمة من وريثة عرش حِقدها المُعظم،أجابتها علي الفور قائلة بنبرة جامدة خالية من لهفة ومشاعر الإمومة:
_كيفك يا ليلي، إية الأخبار عِندك؟
أجابتها بنبرة حاقدة:
_الأخبار مطمنش يا أمّا، چدي بعت للي ما تتسمي اللي إسميها ورد وجال إية، رايد ياكل من يدها محاشي مشكله وكِشك، وچت ووجفت في المطبخ ولا اللي يكون دوار أبوها، وهي وعمي چعدوا وإتغدوا ويانا وهاتك يا ضحك وهزار كيف ما يكونوا بيحتفلوا بعدم وچودكم في السرايا
وأكملت بنبرة تهكمية:
_ ولا الهانم مّرت ولدك اللي دايرة علي مزاچها كِيف اللي ملهاش راچل يلِمها، ركبت عربيتها اللي عتتمنظر علينا بيها من الصُبح وراحت علي المخروبة اللي چدي عِملهالها اللي إسميها المستشفي ولساتها راچعة من إشوي هي والست مريم .
إستشاط داخل فايقة وتحدثت بنبرة حاقدة:
_خليهم يضحكوا ويفرحوا لهم يومين من نِفسهم، أما نشوف مين اللي عيضحك في الأخر
تنبهت ليلي علي نبرة والدتها التي توحي بتدبيرها بكارثة تنتظر الجميع وتنهدت براحة ، ثم تسائلت بإهتمام:
_ چيبتي لي التحاليل بتاعتي من عِند الدكتور يا أمّا ؟
أجابتها فايقة:
_ عنروح نجيبها بكرة أني وأبوكي.
أجابتها ليلي بنبرة حزينة:
_ أني خايفة جوي من اللي عتعمله مرت عمي مُنتصر لو طِلع فيا عيب يمنعني من الخلفة ،خايفة ليكون كلام الدكتور اللي روحنا له آخر مرة في المركز صحيح، ده حتي أبونا القسيس اللي روحنا له جال لي روحي لحكيم يداويكي من اللي شربتية
قاطعتها فايقة بنبرة حادة قوية :
_ معايزاش أسمع منيكي كلمة خايفة دي طول ما أني چارك، إنتِ بنت فايقة النُعماني، يعني الخوف هو اللي يخاف منيكي، فهماني يا بِت؟
إستمعت إلي صوت قدري وهو يتحدث إليها:
_ عتتحدتي وَيَا مين يا فايقة؟
تحدثت إلي إبنتِها تحثها علي إنهاء المكالمة:
_ إجفلي دالوك يا ليلي، واني عكلمك الصِبح وأجول لك أني عِملت إية عِند الدِكتور.
أغلقت معها ونظر لها وتساءل:
_ هو ولدك لساته چوة ؟
زفرت بضيق وأردفت قائلة:
_ من وجت ما رچع من المحكمة وهو جافل علي حالة ومطايجش يشوف خلجة حد.
صاح قدري بآخر صوتهِ مناديً علي ولده، فتح الباب وخرج بوجهٍ عابس وذقنٍ نابت غير مهندب، مرتديً حلة سوداء أنيقة كي يحافظ علي هيأته أمام الحضور، وتحرك إليهما فنظر لهُ قدري بوجةٍ عابس لأجل ما يحدث مع ولدة، نعم هو رجُلً طامع حاقد علي الآخرين، جشع يعشق إقتناء المال ولا يهتم بوسيلة جمعةُ ، وحقاً يفتقد قُدرة التعبير عن مشاعرة لأبنائه، لكنهُ بالنهاية أب ولدية مشاعر أبوة ويخشي علي صغارة من الزمن ،
إقترب قدري علي إبنهِ وربت علي كتفهِ بمؤازرة وتحدث:
_ يلا بينا يا ولدي لجل ما نجضوا المشوار دي ونخلصوا مِنية.
نظرت تلك المرأة منزوعة الرحمة وتحدثت إلي ولدِها التي لم تشعر به يومً:
_ جالب خِلجتك لية إكدة يا ولدي، إفرد وشك أومال.
كان ينظر لها بجمود مُستغربً حالة اللامبالاة وعدم الشعور بقلب صغيرها الذي يصرخ مُستنجداً، يُريدُ التشبُث بأي طوق ينجية من الهلاك المُحتم المُقبل علية لا محال
أخذ نفسً عالياً ثم زفرهُ وتحدث بلهجة مُحذرة:
_ مش عاوز أعيد كلامي علي حضرتك وأجول لك إن الموضوع ده لو إتعرف في النچع هيكون فيه نهايتي وهلاكي
نظر لهُ قدري وتحدث بنبرة صادقة:
_ متجلجش يا ولدي، أكيد أمك مهياش بالغباء دي لجل ما تودرك بيدها ، هي عارفة ومتوكدة زين إن يوم چدك وعمك زيدان ما يعرفوا بچوازة الشوم دي هتغفلج علي الكُل وأكتر واحد هيتإذي فيها هو أنتَ
ثم رمق فايقة بنظرة تحذيرية أرعبتها فتحدثت بنبرة صادقة حيث أنها حقاً تُريد ان يعلم الجميع اليوم قبل الغد بزواج قاسم علي إبنة زيدان حتي تسحق قلبهُ سحقً علي غاليتة، لكنها وبالتأكيد تخشي علي قاسم من بطش عِتمان وطردة من جنة نعيمهُ، فصبرت حالها بأن عتمان لم يتبقي لدية الكثير من الاعوام كي يحياها، وبعد وفاته سيحق لها الإعلان عن الإنشطار النووي لقُنبلة المُوسم
وتحدثت بنبرة صادقة:
_محدش عيخاف عليك ولا عيحبك ويتمني لك الخير جدي يا قاسم، طمن بالك يا ولدي.
تحرك ثلاثتهم إلي القاعة المُقرر بها إقامة حفل الزفاف، كان رفعت وأهلهِ متواجدون بالفعل، إستغرب أهل رفعت واشقائة ان العريس لم يأتي سوي بوالدية وفقط، إستقبل قدري المأذون ودلفت إيناس إلي القاعة بصُحبة والدها الذي قادها للداخل وذهب بها إلي مقر الجلسة المُعدة من قِبل إدارة الأوتيل لعقد القران، مع إستغراب الحضور لعدم إستقبالها من جانب قاسم الجالس بجانب المأذون الشرعي غير مبالي بدخول عروسه إلي القاعة.
جلست إيناس وهي تنظر إلي ذلك الناظر أمامة بجمود ويبدوا للجميع إرغامهِ علي تلك الزيجة من خلال ملامح وجههِ العابس
بدأت مراسم عقد القران وقام المأذون بخطبتهِ الشهيرة وبعد مدة إنتهي رفعت من قول ما أملاهُ علية المأذون وجاء الدور علي قاسم
فتحدث المأذون إلي قاسم قائلاً :
_ قول ورايا يا عريس، قبلت الزواج من موكلتك
نظر لهُ قاسم وكاد أن يصرخ معلناً للجميع عن تخليهِ عن تلك الزيجة التي ستذبح روحهِ قبل مُتيمتهُ، وَدْ لو أن لهُ رفاهية الوقوف والخروج من ذلك المكان الذي يضغط علي أنفاسة بقوة حتي أنه بات يشعُر بالإختناق، ود الخروج مسرعً ضاربً بكل شئ عرض الحائط، وَد الذهاب إلي حبيبته والإرتماء داخل أحضانِها الحنون
إنتبهْ علي صوت المأذون وهو يُكرر علي مسامعة كلماتةِ السابقة مستغربً حالة التيهه والتشتت اللتان تُظهران علي هيأة العريس وتحدث:
_ إنتَ سامعني يا أبني ؟
إستشاط داخل كوثر التي تقف بجوار جلوس إبنتها واشتعلت النار بداخل قلبها من ذلك الذي جعل جميع الحضور يتهامزون فيما بينهم، أمسك قدري يد إبنهِ ونظر إلية ليحثهُ علي إستكمال الإجراءات لإنتهاء تلك المراسم وذلك الزفاف الذي أجبر عليه هو وولده
حينها نظر رفعت إلي قاسم وأستمال له بعيون متوسلة أرهقت قلب قاسم وجعلتة يتحامل علي حالهِ كي يُنهي مأساة ورُعب ذاك المُرتعب ضعيف الكيان المسمي برفعت
تنفس قاسم عالياً وبدأ بقول ما يُملية علية المأذون وكأنهُ ألة إلكترونية يُكرر ما يُؤمر به دون روح أو قلب أو أية مشاعر، إنتهت المراسم وقُمن النساء الحاضرات بإطلاق الزغاريد معلنين عن فرحتهم بإتمام الزيجة ومن بينهم فايقة التي كانت تزغرد بقلبٍ سعيد شامت وكأنها حققت أعظم إنتصاراتِها للتو
تنفس رفعت ونطق الشهادة بينهُ وبين حالة وحمدالله كثيراً علي إسدال سترهِ العظيم علي إبنته وعلية أمام الحضور والعلن
وقف قاسم وتحامل علي حالة وذهب لجلوس إيناس التي تشعر بلذة الإنتصار وبأنها وأخيراً ظفرت بلقب حرم قاسم النُعماني وهذا ما حلُمت به مُنذُ أن رأتهُ بأول يومٍ لها داخل كُلية الحقوق حين قدمهُ لها عدنان لتتعرف علية بإعتبارهِ صديقةُ المُقرب إلي قلبة طيلة الثلاث سنوات دراسة
أمسك يدها ليوقفها مُتضرراً وكأنهُ يحتضنُ شوكً يؤلمهُ بشدة ويسحب منه روحهُ ، تحرك بها حتي وصل إلي المكان المُخصص لجلوسهما وهُنا تركها سريعً وجلس هو قبلها مما جعلها تكَادُ تزهق روحها من شدة الخجل التي شعرت به أمام الحضور الذين يُسلطون ابصارهم علي العريس ووجههِ الكاشر ويتهامزون بوجوة مُستغربة
جلست وهي تنظر للجميع بكبرياء لحفظ ماء الوجه ثم نظرت إلي قاسم وتحدثت بنبرة رقيقة أخرجتها بصعوبة بالغه :
_ مبروك يا حبيبي.
نظر لها وأبتسم بجانب فمة وتحدث ساخراً :
_ حبيبك؟
إنتِ مصدقة نفسك، تبقا كارثة لتكوني مصدقة المسرحية الهزلية اللي بتحصل دي؟
تحاملت علي حالها وتحدثت بنبرة زائفة كي تسترضي رجولته :
_أنا عارفة إنك زعلان مني بسبب الكلام اللي أنا قولته، بس ده كلام طلع وقت غضبي يعني ما اتحاسبش علية يا قاسم، خلينا نستمتع ونفرح باليوم اللي ياما حِلمنا بيه كتير
وأكملت بنبرة أنثوية في محاولة منها بسحبهُ إلي عالمِها من جديد:
_ فاكر يا حبيبي، فاكر قد إية حِلمنا وإتمنينا إن اليوم ده ييجي ؟
رمقها بنظرة إندهاش مُستغربً حالة الإنكار للواقع التي تتعايش داخِلُها غير مبالية بافعاله المُهينة لشخصِها.
هتف العامل المسؤل عن إدارة تشغيل الموسيقي وتنظيم الحفل وأردف قائلاً وهو ينظر إليهما:
_ سقفة كبيرة يا جماعة للعريس والعروسة اللي هيتفضلوا معانا علي الدانس فلور علشان يفتتحوا الفرح برقصتهم الأولي.
صفق الجميع وإبتسمت إيناس بتفاخر ورفعت قامتِها بغرور وهيأت حالها للوقوف، فاجأها قاسم الذي أشار بيدة مُعتذراً للعامل مما جعل الجميع ينظر للعريس مرةً آخري مُستغربين حالته
صُدمت إيناس وتخشب جسدها وتصنمت بجلستها، أما كوثر التي تمنت لو أن الأرض شُقت وأبتلعتها حتي تتفادي نظرات الحضور التي تنهشها وتشمت بها وبكبريائِها الدائم
تسائلت زوجة شقيق زوجها بنبرة تهكمية:
_هو العريس ماله كدة زي ما يكون مجبور علي الجوازة يا كوثر ؟!
إبتلعت لُعابها من شدة خجلها ثم إستجمعت قوتها وتحدثت بنبرة قوية حادة :
_ مجبور؟ فشر يا حبيبتي، ده حِفي زمان علي ما بنتي وافقت علية وإختارته من بين كُل اللي إتقدموا لها
وأكملت بنبرة زائفة لحفظ ماء الوجه:
_ كُل الحكاية إنه صعيدي ومُتحفظ شوية وملوش في الرقص والمسخرة دي
أما زوجة شقيق زوجها الآخري والتي تقدم ولدها لطلب الزواج من إيناس وقُبل بالرفض،فقد هتفت بنبرة تهكمية :
_ ويا تري التكشيرة اللي مالية وشه دي كمان بردوا علشان صعيدي ؟!
نظرت لهما بعيون حادة كالصقر وتحركت بصمت عندما لم تجد رداً لديها، حين أطلقت السيدتان ضحكاتً ساخرة علي تلك المغرورة الدائمة التكبُر والتعالي علي أهل زوجها
تحركت كوثر إلي فايقة وجاورتها الجلوس تحدثت بنبرة مُشتعلة:
_ عاجبك اللي البية إبنك عاملة ده؟
ده فضحنا في وسط المعازيم، الناس كلت وشي وهرتني تريقة
تنهدت فايقة وأردفت بنبرة حزينة:
_ بِتك اللي خايبة ومعارفاش تفرفشه وتشده ليها، علي العموم ملحوجة، لما يروحوا شُجتهم تُبجا تتچلع علية وتخلي الحديد يلين
ونظرت لها متحدثة بإلحاح:
_ فهمي بِتك زين وأكدي عليها إن لازمن قاسم يدخُل عليها الليلة،
وأكملت بغلٍ شديد من بين أسنانِها:
_ وإلا هخسِر الرهان اللي عِشت أستناه عُمري كلياته
نظرت لها كوثر وتحدثت بكبرياء وثقة:
_ متخافيش علي إيناس دي تربيتي، وبعدين إبنك بيحبها وهيموت عليها علي فكرة، ميغركيش الوش الخشب اللي مركبهولنا من وقت ما دخل القاعة ده، هو بس زعلان منها شوية، وأول ما يتقفل عليهم باب هيجري عليها وياخدها في حضنة ويتمني ترضي علية ،
وأكملت بغرور:
_ ما هو بالعقل كدة يا مدام، معقولة فية راجل هيكون مقفول عليه باب واحد مع ست بجمال وسحر إيناس كدة وما يلمسهاش ؟
رمقتها فايقة بنظرات ساخرة ولوت فاهها من تهويل تلك الموهومة الشديد في جمال إبنتها التي رأتهُ فايقة أقل من العادي، ولكنها فضلت الصمت وعدم الدخول في مهاترات
تحدثت إيناس إلي قاسم بنبرة حزينة مُنكسرة:
_إنتَ لية مُصر تكسرني وتذلني قدام الناس يا قاسم؟
أجابها بنبرة جامدة وهو ينظر أمامهُ:
_ أنا وإنتِ نستاهل الذُل والكسرة لأنه حصاد طبيعي لزرعة الأنانية والخداع اللي زرعناها من سبع سنين.
تحرك قدري إلي زوجته وجلس بجانب فايقة وتحدث بنبرة ساخطة ناظراً إلي كوثر التي تُقابلهُ الجلوس:
_ إوعاكِ يا حُرمة تكوني فاكرة إني تممت الچوازة دي لچل حديتك اللي ميسواش عِندي مليمين علي بعض، وإحمدي ربنا إن لساتك عايشة بعد ما إتچرأتي وهددتي قدري النُعماني بچلالة قدرة،
ثم حول بصرهِ ناظراً علي رفعت الجالس بجانب أشقائة وأكمل ساخراً:
_ وإدعي لخيال المأتة اللي إنتِ مِتچوزاة اللي لولا محلستُه وكُهن الحَريم اللي عِملُه، الله الوكيل قاسم ما كان هيتراچع عن رأية لو السما إنطبجت علي الأرض
رفعت قامتها بكبرياء وتحدثت بذكاء :
_ بلاش نقلب في اللي فات يا عُمدة وخلينا ولاد إنهاردة، وخلينا متفقين إن كلنا بنعمل أقصي ما عندنا علشان نشوف اولادنا مرتاحين ونضمن لهم مستقبل أحسن.
وهمت واقفه وتحدثت بقوة:
_ هخلي الويتر يجيب لكم عصير فريش علشان يهدي لك أعصابك يا عُمدة.
وتحركت هي وهتف قدري بنبرة ساخطة وهو ينظر عليها بإحتقار :
_ جبر يلم العِفش
تحدثت فايقة إلي قدري قائلة:
_ إعمل حسابك يا قدري هنروحوا من إهني علي شُجة قاسم نبات فيها عشان نجوم بدري ونعدوا علي المعمل نچيبوا التحاليل بتاعت ليل، وبعدها هنروح لقاسم شُجته نطمن علية ونسافروا طوالي
رمقها قدري بنظرة حارقة وأردف متحدثً بنبرة تهكمية:
_ عتروحي لقاسم لجل ما تطمني علية ولا تطمني جَلبك وتطفي نارك اللي والعة بجالها سنين يا فايقه؟
إنتفض جسدها وأهتز قلبها وابتلعت لُعابها رُعبً خشيةً من أن يكون قدري قد إفتضح أمرُها، فأكمل هو بنبرة محذرة:
_ إعجلي يا مّرة وحُطي مُصلحة عيالك جِدام عِنيكي ولو مرة واحدة، سيبك من الغل اللي ماليكي من ناحية ورد وبطلي مكايدة وشوفي المُصلحة اللي عتطلع لولدك من ورا چوازتة من بِتها
وإياكِ يا فايقة عجلك يِجِل وشيطانك يوزك وتچيبي سيرة الچوازة اللمجندلة دي جِدام ورد ولا بِتها ولا حتي المچنونة بتك
وأكمل مهدداً بنبرة صارمة :
_ الله الوكيل يومها مهعمل لعِشجك الملعون اللي معشش جوة جلبي حساب يا فايقة.
رمقتة بنظرة ساخطة وفضلت الصمت والمشاهدة بتلذُذ وإستمتاع لهذا المشهد العظيم المُثلج لصَدرِها المُشتعل مُنذُ قديم الأزل .
إنتهي حفل الزفاف باكراً بناءً علي طلب قاسم الذي تحجج بإصابتهِ بنوبة صُداع نصفي شديد وانهي الحفل، تحرك العروسان بسيارة قاسم الذي قادها عدنان واوصلهما لمسكنهما الجديد دون إضافة كلمة واحدة من ثلاثتهم ،
فتح الباب وتحرك بساقية للداخل تاركً إياها بالخارج في مشهد مُهين لشخصِها ، نظرت لهُ بقلبٍ مُستشيط مُشتعل لكنها كظمت غيظها ودلفت للداخل وأغلقت الباب خلفها ، تحرك هو بخطوات سريعة نحو غرفتهِ وهي تتبع خطواته ،
وضع يدهُ علي رابطة عُنقة وفكها بطريقة عنيفة تدل علي مّدي وصولهُ للمُنتهي، وقف عند مدخل الباب وألتفت بجسده ناظراّ عليها وتحدث بنبرة صارمة مُشيراً بكف يده إلي الغرفة المُعدة للأطفال:
_ أوضتك اللي هناك، ودي أوضتي أنا.
جحظت عيناها بإتساع وتحدثت بذهول خشيةً إفشال خطتها للتقرب منه : و.......
23💘24
وضع يدهُ علي رابطة عُنقة وفكها بطريقة عنيفة تدل علي مّدي وصولهُ للمُنتهي، وقف عند مدخل الباب وألتفت بجسده ناظراّ عليها وتحدث بنبرة صارمة مُشيراً بكف يده إلي الغرفة المُعدة للأطفال:
_ أوضتك اللي هناك، ودي أوضتي أنا.
جحظت عيناها بإتساع وتحدثت بذهول خشيةً إفشال خطتها للتقرب منه :
_ أوضتي إية وأوضتك إية إية يا قاسم، أرجوك تهدي ومتخليش اللي حصل ينسيك أنا أبقي إية بالنسبة لك ؟
وأقتربت علية وكادت أن تضع كف يدها فوق موضع قلبه لكنهُ فاجأها برجوعهِ للخلف سريعً كمن يتفادي لسعة عقرب سام
إتسعت عيناها وهتفت بصياحٍ غاضب :
_ فوق يا قاسم، أنا إيناس، حبيبتك وحِلم حياتك اللي حققته إنهاردة بعد صبر سَنين
أجابها بقوة ونبرة متألمة:
_ اللي أنا فيه إنهاردة ده مش حلم، ده كابوس مزعج وطابق علي نفسي لدرجة إني مش قادر أخد نفسي منه ،
وأكمل مُشيراً علي حالهِ بتألم:
_دخلت فيه وأنا فاقد أهليتي وكياني وكينونتي، ولما فقت وأدركت حقيقتي المُرة وحبيت أعدل المسار ، كان خلاص الوقت فات، وإضطريت أكمل فية وأنا مُجبر ومغصوب علي أمري.
كانت تستمع إلية بقلبٍ صارخ مُشتعل وتحدثت بصياح حاد:
_خلي بالك يا قاسم، إنتَ كدة بتهيني.
تحدث إليها وهو يدلف إلي غُرفته:
_ لو فعلاً عاوزة تصوني نفسك وتتفادي أي إهانة يبقا تتفضلي تدخلي أوضتك وتخليكي بعيد عني إنهاردة
ودلف للغرفة وأوصد بابها وتركها واقفة تنظر في طيفة بذهول وعدم تصديق لما وصلت إلية علاقتهما
*** ☆***☆ *** ☆***☆***
روايه قلبيّ بنارِهاَ مٌغرمٌ بقلمي روز آمين
كانت تجلس فوق مقعدها بشرفة غرفة نومها، تنظر للسماء بترقب، حيث كانت ليلة مختفي بها القمر كُلياً مما جعل السماء مُعتمة خالية من أية نجوم، تنهدت وأغمضت عيناها بإرهاق، أخذت شهيقً عالياً وزفرتة في محاولة منها لتظبيط أنفاسها وهدوء مشاعرها المُبعثرة، إلتقطت هاتفها ونظرت بشاشتة علي أمل أن تري مُكالمة فائتة منه لم تستمع لرنينها،
تنهدت بأسي وتحدثت بنبرة محبطة،،
وماذا بعد قاسمي،
ألم يحن الأوان لعودتي من غُربتي ؟
إلي متي سيطول تلاعُبك بمشاعري ،
إلي متي ستظلُ ترفعني معك عالياً إلي عنان السماء
وبعدها تجعلني أتهاوي وكأني أسقط من فوق أعالي الچبال
عِند قاسم، دلف لغرفته وأمسك رابطة عُنقة وألقي بها أرضً ثم خلع عنه حِلتة وطرحها أرضً بكل ما أوتي من قوة، دلف إلي المرحاض ونزع عنه ثيابهُ كاملة وتحرك إلي تحت صنبور الماء الفاترة واضعً يداه علي الحائِط وأغمض عيناه مُتألمً ، تمني لو أن فية أن يصرخ بأعلي صوته ليعلن بتلك الصرخات عن إحتجاجهُ لما تفعلهُ بهِ الدنيا، وإجبارةِ بهذا الشكل المُهين لرجولته ولشخصة
____________________
بعد الظهيرة، إستيقظت إيناس بصعوبة بعد ليلة قضتها بدموعها وحقدها وإستشاطة داخلها الذي أصابها جراء أفعال ذلك القاسم الذي تجبر عليها وأهانها بما يكفي، دلفت إلي المطبخ وقامت بتجهيز فطار لائق، ثم تحركت إلي غُرفتِها ووقفت أمام خِزانة ثيابها وأنتقت ثوبً للنوم، كاشفً كل جسدِها حيثُ كان مصنوع من قُماش الشيفون الذي يكشف جميع جسدها بكل تفاصيلةُ وثيابها الداخلية ،
نظرت لحالها بإعجاب وإستحسان ورفعت قامتها لأعلي بكبرياء بدون حياء لهيأتِها الفاضحة ،نثرت عِطرها الجاذب لأي رجل يشتمهُ والتي جلبته والدتِها لها خصيصاً لأجل الإيقاع بقاسم داخل براثنها ، تحركت إلي غُرفتة ودقت بابِها بخفة فلم تستمع صوتً للسماح،
دلفت ووجدت الغُرفة خالية، في تلك الأثناء خرج قاسم من خلف باب المرحاض، ظهر أمامها بهيأة رجولية خاطفة لأنفاس تلك اللعوب، حيثُ كان عاري الصدر ولا يرتدي سوي منشفة كبيرة يلفها علي خصرةِ، أما عن شعر رأسهِ فكان مُبتل تتدلي منه قطرات الماء تنزل علي صدره بطريقة جاذبة لإنوثتِها ،
إتسعت عيناه غضبً حين وجدها أمامة بتلك الملابس الفاضحة والتي يعلم المغزي من وراء إرتدائها، فتحدث بنبرة حادة قوية:
_ إنتِ مين اللي سمح لك تدخلي هنا ؟
تحركت إلية بحركات بها دلال وأنوثة وتحدثت بغنچ وهي تقترب علية وتنظر علي شعر صدرة برغبة ظاهرة داخل عيناها :
_ده سؤال بردوا تسألهولي يا حبيبي، واحدة وداخلة أوضة جوزها حبيبها
وإقتربت عليه وكادت أن تلمس صدرة دفعها بقوة للأمام قائلاً بنبرة مهينة :
_ إخرجي برة ومشوفش خلقتك دي في أوضتي تاني،
ثم نظر لها بإشمئزاز وتحدث بنبرة مُهينة:
_وإية القرف اللي إنتِ عملاه في نفسك ده؟
إنتِ مش مكسوفة وإنتِ واقفة قدامي وبتعرضي نفسك عليا بالرُخص ده ؟
تمالكت من حالها وتحدثت بقوة واهية :
_ وهتكسف من إية ، إنتَ جوزي واللي أنا بعمله ده الدين نفسه هو اللي بيطالبني وبيأمرني بيه يا حضرة المحامي ياللي دارس الشرع والدين
أجابها بنبرة ساخرة:
_طول عُمرك وإنتِ بتاخدي من الدين اللي علي مزاجك وتسيبي منه اللي هيقف ضد تحقيق رغباتك،
وأكمل لإفاقتها:
_ولعلمك يا استاذة يا بتاعة الشرع والقانون، جوازنا اللي بتتكلمي عنه ده شرعً باطل، لأنه تم تحت إبتزاز مشاعري ورجولتي قدام كلام أبوكي، زائد إنه جواز مشروط بمدة زمنية مُعينة ، يعني شرعً أنا وأنتِ إرتكبنا معصية ولازم نكفر عنها،
وأكمل مُحذراً إياها:
_ وياريت لحد المدة دي ما تعدي ما تحاوليش تقربي مني لأن مهما عملتي انا عُمري ما هشوفك سِت قدامي،
واسترسل حديثهُ بنبرة مُهينة:
_والوقت إطلعي برة ومش عاوز أشوف خلقتك دي في أوضتي تاني.
كانت تستمع إلية ودموعها تنساب علي وجنتيها وشعور مُميت بالإهانة يجتاح داخلها، فقد كانت تنفذ ما أملتهُ عليها والدتها وكلها ثقة بأن قاسم سيخر راكعً تحت قدميها مثلما أبلغتها كوثر، لم ياتي بمُخيلتها رفضه المُهين والصادم لها، حيث أنه لم ينظر حتي ولو نظرة علي جسدها أثناء ما كان يحادثُها، بل كان ينظر لوجهها بنظرات مُقللة لشأنها حينما كان يُسمعُها كلماتهِ المهينة لشخصِها
صاحت بنبرة حزينة ودموع منهمرة:
_ حرام عليك يا قاسم، كفاية بقا كفاية
إقترب عليها وهتف بنبرة حادة وملامح وجة صارمة:
_ هو فعلاً كفاية، إتفضلي إخرجي برة وحااااالاً
واتجه إلي الباب وفتحه وأكمل بصياحٍ حّاد وهو يُشير إليها طاردً إياها :
_يلاااااااا
إنتفض جسدها رُعبً من نبراتهِ شديدة الغضب واسرعت إلي الخارج وأغلق هو فور خروجها الباب بشدة هزت أرجاء الشقة بأكملِها
وقفت أمام الغرفة ومسحت دموع التماسيح وتحدثت بنبرة حقودة:
_ ماشي يا قاسم، إن ما خليتك تجي لي راكع ما أبقاش أنا إيناس عبدالدايم.
وتحركت بغضب إلي غرفتها لتتجهز لإستقبال أهلها حيث أبلغتها والدتها أن أهل والدها سيأتون بصحبتهم كي يطمأنوا عليها ويقدمون لها هدايا الزواج قبل ان يعودوا إلي الشرقية مرةً آخري
_______________
بعد غروب الشمس
إرتدي ثيابهُ الأنيقة وتحرك إلي المرأة، نثر جسدهُ بعطرهُ الرجولي وتحرك إلي الخارج ، وجدها تجلس فوق مقعداً داخل البهو مُنكمشة علي حالِها ، وقفت سريعً حين وجدته مهيئ للخروج وتساءلت بإستفسار :
_ إنتَ خارج ؟
أجابها بإقتضاب :
_ مسافر سوهاج وهقعد هناك إسبوع.
إتسعت عيناها بذهول وتحدثت بنبرة حادّة مُعترضة :
_ يعني إية مسافر سوهاج، إنتَ ناسي إني لسه عروسة ومكملتش يوم وإحتمال في أي وقت يجي لنا ضيوف تبارك لنا ؟
وأكملت متسائلة بصياح:
_ إنتَ عاوز تفضحني بين الناس يا قاسم ؟
اجابها بمنتهي البرود وهو يعدل من ياقة قميصهُ مُتأهلاً للخروج :
_ إبقي إعتذري لهم وإخلقي لهم أي حجة
ثم نظر لها وتحدث ساخراً :
_ وأظن إنك مش هتغلبي في حاجة بسيطة زي دي، يا ملكة الحجج والخطط والمؤامرات.
وتحرك مُتجهً إلي الباب تحت صياحِها وأعتراضها، خرج وصفق خلفهُ الباب غير مبالياً بصرخاتها العاليه.
إستقل سيارة مُستأجرة وذهب لأحد أفخم محلات الحلوي وأبتاع نوعً فخمً من الشيكولا لعِلمِهِ أنها المفضلة لديها حين أتي لها بها زيدان وكانت سعيدة جداً وهي تتناولها بتلذُذ ، وأيضاً إبتاع لها خاتم من الألماس كي يكون أولي هداياه الخاصة لها ، وتحرك إلي المطار عائداً إلي ملاذهِ التي إكتشفها "ولكن" للأسف بعد فوات الأوان !
وصل إلي النجع ليلاً ودلف إلي المنزل دون أن يراهُ أحد سوي حُسن العاملة التي إستقبلته بحفاوة.
صعد لمسكنه ودلف بمفتاحه وجد سكون تام ، تحرك إلي المنضدة ووضع عليها الأكياس التي يحملُها ، وتحرك إلي الغرفة وفتحها بهدوء ظناً منه أنها غافية بنومها
قبل قليل، كانت تخرج من المرحاض مُرتديه مأزر الحمام ( البُرنس ) الذي بالكاد يصل لفوق رُكبتيها وفتحة صدرهِ المفتوحة بإهمال ، تضع منشفه حول شعرها لتسريع عملية تجفيفه ، تحركت ووقفت أمام مرأتها وسحبت المنشفه وبدأت بتمشيط شعرها المُبتل والذي بدأت تنساب منهُ بعض قطرات المياة علي عُنقِها ومُقدمة نهديها في مظهر مُلفت للنظر ، وبلحظة تخشبت حين فُتح باب الغُرفة ووجدته يدلف أمامها
إتسعت عيناها وأبتلعت لُعابها حين رأت إنعكاس صورته أمامها بالمرأة ، نظرات زائغة متشوقة مُتلهفة دارت بينهما
تخشب بوقفته حين رأها بتلك الحالة المُهلكة لقلبهِ العاشق ، نظر لإنعكاسها في المرأة وألتقت العيون وتحدثت بلغة العاشقين
حدثتها عيونهُ بلهفة ،
إشتقتُكِ فاتنتي،
لم أحتمل البُعاد كما خُيل لي فعُدتُ مُنساقً لنداءاتُ قلبي الصارخة
فهل ليّ اليوم من ضمتكِ نصيب ؟
أجابتهُ عيناها ،، أرجوك لا تفعلها مُجدداً وترفعُني بسمواتِ عِشقكَ السَبع ثم تطرحُ بأمالي أرضً.
فاق من حديث عيناهُ وتحمحمَ لينظف حنجرته كي يستطيع إخراج صوتهِ الذي آُحتُجزَ جراء ما رأي
وأردف قائلاً بنبرة حنون لعينان هائمتان عِشقً :
_كِيفك يا صفا؟
إبتلعت لُعابها وتحدثت بصعوبه بالغة بشفتان مُرتعشتان
_: الحمدلله ، حمدالله علي السلامه
إبتلع لُعابهُ من شدة إشتياقة وأجابها :
_ الله يسلمك.
خجلت عندما وعت علي ما ترتديه فتركت فُرشاة شعرها سريعً وبدأت بغلق مأزرها جيداً وإحكامهُ علي نهديها ، وتحركت سريعً نحو خزانة ملابسها وأنتقت منامة وكادت أن تُغلق الخزانه لكنها توقفت عِندما شعرت بأنفاسهِ الساخنه تلفحُ خلف عُنقها بحرارة إقشعر لها جسدِها، ثم لف ذراعيه حول خصرها مُلتصقً بجسدِها من الخلف وتحدث هامسً بجانب آُذنها :
_ لحد ميتا عنفضل نهربوا من بعض إكدة ؟
إنتفض جسدها و وقع ثوبها من بين يديها وتحدثت بنبرة مُرتجفة لجسدٍ مُنتفض :
_ إبعد يا قاسم.
مجاديرش يا جلب قاسم ، جملة قالها بهمسٍ عابث فاهتز لها جسدها وأنتفض
وعت علي حالِها وتحدثت من جديد بنبرة أقوي حين تذكرتهُ وهو ينطق لها جملتهِ تلك بذاتِها ولكن بمعني مُختلف كُلياً :
_ مجاديرش دي جولتها لي من أكتر من شهر فات، فاكر يا قاسم؟
اجابها بهمسٍ زلزل كيانها :
_ كُنت غبي يا صفا ، مكنتش عارف جيمة الألماظة الي ربنا حاطها في طريجي لجل ما يكافئني بيها ويفتح عيوني ويرد لي بصيرتي.
ثم شدد أكثر من ضمتها ودفن أنفه داخل عُنقِها وبدأ يستنشق بعُمق وتلذُذ عبق جسدها الذي يُشبه نسائم تفتح زهور ثمرة البُرتقال
أردفت مُتسائلة بقوة وهي تنظر لإنعكاس عيناه:
_ عندي سؤال ولازمن تجاوبني علية بصراحة يا قاسم
رفع بصرهِ إليها وضيق بين حاجبية ينتظر سؤالها فتسائلت هي بغيرة شديدة:
_ لما چيت لي من شهر وجولت لي إنك مجاديرش تتمم چوازك مني ، كُنت تقصد إية لما جولت لي إن مش إنتَ الراچل اللي تجبل إن غيرك يختار لك المّرة اللي عتنام في حضنك؟
قطب جبينهُ بعدم إستيعاب لحديثها فأكملت وهي تبتلع لعابها برُعب خشيةً من صِدق حدسِها :
_ إنت فيه واحدة في حياتك يا قاسم، عشجان يعني؟
وأكملت بتوتر وقلبٍ يتمزق :
_ ما أنتَ مهتجيش تجول لي الحديت دي من الباب للطاج إكده من غير ما تكون راسم لحياتك بعدي.
شعر بغصة مُره غزت قلبه وشطرته لنصفين من تساؤل عيناها المؤلم ونبراتِها المُرتعبة ، بماذا يُجيب علي تساؤلاتِها المشروعة، لقد أثبتت لهُ أنها أنثي فائقة الذكاء بعد أن ربطت بإنسحابهِ من إتفاقية زواجهُما وبين عشقهِ لإمرأةً آخري،
بما سيُخبرها؟
هل سيُخبرها أنهُ أغبي إنسان عرفته البشرية مُنذُ بداية الخليقة ؟
هل سيُخبرها أنهُ وبعنادهِ وتمردهُ الأعمي ورط حالهُ في زيجة لو أُكتشف أمرها سيخسر معشوقة عيناها التي إكتشفها عن جديد ؟
لا والله لن يفعلها ويخسر ذاك الملاك بعد أن عثر علي إستكانت روحهِ داخل أحضانها الحانيه.
نظر بمقلتي تلك التي تنتظر إجابتهُ كمن يقف خلف القُضبان وينتظر حكم القاضي عليه
قرب شفتاه المُلتهبة بنار الإشتياق من وجنتها الساخنة جراء خجلها وإشتياقها، ووضع قُبلة ساخنة فوقها زلزلت جسدها وجعلتهُ ينتفض ويثور عليها، ثم نظر لها وتحدث بكل مصداقية:
_ وغلاوة صفا العالية، عُمري ما دوجت للعشج طعم غير علي يدك ولا اتمنيت حُضن غير حُضنك
ثم أغمض عيناه مُتهربً، دفن أنفهِ من جديد داخل تجويف عُنقها وبات يستنشقهُ بإرتياح، تأوة بصياحٍ وتلذُذ أذاب جسدِها، شعر بجسدها يستكين ببن يديه ويلين ، بهدوء لفها إليه ونظر لداخل مِقلتيها وألتقت العيون من جديد، توسل إليها بعيناه بأن ترحمه من لوعة الإشتياق وما كان من قلبها الملعون العاشق سوي الاستسلام التام
مال بجذعهِ علي شفتاها وبدأ بتقبيهما بهدوء سُرعان ما تحول لجنون وأشتياقٍ جارف ، شعر بإستجابتها معه رغم عدم خبرتها ولكنها إنساقت معه بشعورها البرئ ،، إبتعد عنها ليعطي لرأتيهما المجال للتنفس ، نظر لها بلهاث ولهفة وجد صدرها يهبط ويعلو بشدة ، وجد وجنتيها تلونت باللون الوردي من أثر عِشقها ومزيج السعادة والخجل معاً
أمسك طرفي مأزرها وفك وثاقهُ وبلحظة تخشبت حين وجدت مأزرها مُلقي أرضً بإهمال ، لم يُعطها المجال للخجل ورفعها بين أحضانه وضمها حتي أصبحت ساقيها معلقتان بالهواء،إحتضنها مُشدداً كمن يحتض صغيرتة التي يخشي عليها ،
تحرك بها حتي وصل لتختهما ووضعها فوقهُ بخفة ورقة، وخلع عنه ثيابهُ مُتلهفً وغاصا معاً بعالمهما الخاص ، عالمً جديداً عليها وعليه ليتعلما معاً لغة جديدة، لغة تناغُم الأجساد بين العشاق
بعد مرور وقتً لم يكُن معلومً لكليهما وذلك لشدة إندماجهُما وتناسيهما لمن حولهما ، كان مُمدد الساقان يُجلسها فوق ساقيه ويحتضنها بشدة كمن وأخيراً وجد ضالته بعد عناءٍ وشقاء دام لسنوات ، كان مغمض العينان يغمس أنفهُ داخل خُصلات شعرها ليشتم عبيرهُ
أما هي فكانت مُستكينه داخل أحضانهُ مُسترخية بين ذراعيه كقطعة الشيكولا الذائبة داخل فنجان القهوة الساخن
تحدث ومازال مُغمض العينان :
_ حبيبتي
أممم ،، كانت تلك هي همهمتها الساحرة
رد عليها وتحدث :
_ أني هيمان ومحاسيش بروحي ولا بچسمي، هيمان وفرحان لدرچة إني خايف أفتح عيوني ليطلع إحساسي دي مچرد سراب وملجكيش چوة حُضني بچد.
إتسعت عيناها ذهولاً حين إستمعت لحديثهُ العاشق ، أحقاً يقصدُها بذاك الحديث المعسول ؟
شعر بها وبصعوبه فتح عيناه من تأثير حالة النشوي التي إمتلكته، وأبعد وجهها عنه ثم حاوطهُ بكفيه،، نظر لداخل عيناها بهيام ثم مال علي جانب شفتاها ووضع قُبلة رقيقه حنون وابتعد من جديد ينظر لمقلتيها قائلاً :
_ مبسوطة يا صفا ؟
أنزلت بصرها سريعً وتوردت وجنتيها خجلاً وبلحظة حزن داخله حين تذكر تلك المتبجحة وهي تطلب تقربهُ منها بمنتهي التبجُح ، شعر بمرارة علي من أوهم حالهُ عُمراً بعشقها الواهي الكاذب ، ولكن بعد ماذا قاسم !
لما لم تفق مُبكرا أيها الأحمق عدو حالك
لو انك فِقتَ باكراً لكُنت كفيتُ حالك وكفيت تلك العالية شر ما صّنعت يا فتي
نفض من رأسهِ تلك الأفكار المؤرقة لقلبه، وألتقط من فوق الكومود تلك العُلبة الصغيرة وفتحها وأخرج منها خاتمً رائع الصُنع، أمسك أصبع يدها وألبسها إياه تحت ذهول تلك التي أشرفت علي توقف قلبها من شدة سعادتة التي تخطت عنان السماء، أيُعقل أن يتحقق كل ما تمنتهُ طيلة أعوامها المُنصرمة بأكملِها في ليلةِ واحدة !
صوب نظرةِ داخل مقلتيها ثم رفع أصبعها إلي فَمة وأمتصهُ بين شفتاه بمنتهي الإثارة لتلك التي تفتح فاهها وتنظر إلية ببلاهه وعيون مُتسعة غير مستوعبة ما يحدث معها
نظرت إلي الخاتم بإنبهار وسعادة لم تحظي بمثلها طيلة حياتها ، لم تعي علي حالِها إلا وهي تُرمي بحالِها لداخل أحضانهُ وتلف ذراعيها حول عُنقةِ بسعادة بالغة وتحدثت بنبرة تهيمُ عِشقً :
_ بحبك يا قاسم، بحبك.
شعر بروحهِ تتراقص علي أنغام كلمات غزلها لهُ وإعترافها الصريح بعشقه، شدد من ضمتها وتحدث:
_ وأني عاشجك وعاشج روحك يا نبض جلب قاسم.
ضل متشابكان الأحضان ويُشددان من ضمتهما لبعض، علي مضض أبعدها من أحضانة ونظر بعيناها وتحدث مُبتسماً بنبرة حماسية :
_محضر لك مفاچأة !
نظرت لداخل عيناه متلهفة باقي حديثة فأكمل هو :
_ حچزت لنا إسبوع في فُندج في شرم الشيج ،،
وأكمل بغمزة وقحة من عيناه :
_ لجل ما نچضي فيه شهر عسلنا الچديد يا عروسه
إبتسمت بسعادة ونظرت إليه بعيون عاشقة فتحدث هو :
_ يا بووووووي ،، كيف كُت غافل أني عن بحر عيونك الغريج دي يا صفا ،، عيونك بحر غميج ملوش أخر توهت چوات امواچة العالية يا صبية.
وأكمل بغيرة :
_ من إنهاردة معايزكيش تبصي لحد غيري ، فاهمة يا صفا؟ عيونك بتاعة قاسم وبس ، كُلك ملك قاسم يا جلب قاسم
كانت تستمع إلية بذهول غير مستوعبة ما يحدث حولها،، أحقاً هذا قاسِمُها !
رجُلها التي طالما حلُمت به وبضمته تلك، كلماتهُ وغزلهِ ذاك، عيناه ونظرات العشق الهائمة تلك!
أحقاً شعر بها وبغرامها المنسّي ، وبدون مقدمات إنسابت دموعها ونزلت تجري فوق وجنتيها الحمراويتان.
إنتفض قلبهُ واتسعت عيناهُ رُعبً وهتف متسائلاً بلهفة :
طب ليه البُكا عاد يا عيون قاسم !
زعلتك فى إيه أني يا نبض جلبي ؟!
أردفت من بين شهقاتها :
_ ممصدجاش إني بسمع منيك الحديت دي يا قاسم ، كُنت فاكرة إن عُمري هينتهي جَبل ما أسمع منيك كلمة حلوة
نظر لها بعيون حزينة مُتألمة وأردف واعداً إياها :
_هعوضك يا صفا، وغلاوة صفا لعوضك وأعوض حالي عن سنين العجاف اللي عيشناها
وضمها لصدرهِ بشدة وكأنهُ يخاف من فِقدانها
بعد مرور وقتٍ طويل وهما ما زالا علي وضعهما، تحدثت هي من ببن أحضانه :
_ هجوم أچهز لك العشا.
أجابها مُبتسمً بنبرة هائمة وهو يشدد من ضمتها ليمنعها الرحيل :
_ معايزش وَكل أني ، معايزش من الدنيي غير حُضنك وبس.
شعرت بسعادة الدنيا داخل قلبها الذي طال إنتظاره للوصول لهذة اللحظة العظيمة ، وتحدثت بإصرار :
_ إنت چاي من سفر و لازمن تاكل.
أجابها بحديث وقح ذات معني :
_ ومين جال لك إني مكلتش ، أومال أني كُت بعمل إية من إشوي
وضمها أكثر مُشدداً وهو يتنفس بعُمق وتحدث :
_ معايزش أخرچك من حُضني تاني يا جلب چوزك ، كفاية اللي فات من عُمري واني غافل عن سعادتي وراحة جلبي اللي تعبته كتير وياي
إبتسمت له بسعادة ، ولكنها تمللت من بين أحضانه وتحدثت بإصرار :
_ هجوم أچهز عشا وناكل وبعدها أني اللي مهخرجكش من حُصني يا جلب صفا
أبعد وجهها عنه وتحدث بعيون متوسلة :
_ وعد يا صفا ؟
إوعديني إنك مهتبعدنيش عن حُضنك مهما حصل ، لو في يوم زعلتي مني خلينا نجعُد ونتفاهم ونحل مشاكلنا لحالنا من غير مندخلوا حد يكبرها لنا، إوعديني تسمعيني الأول وتفهميني وتحكمي عجلك الكبير يا صفا
وأكمل بعيون صارخة من الألم:
_ساعات بننجبر علي حاچات مكناش حابين إنها تُحصل ، بس غصبن عنا بنرضخ ونكمل في طريج مريدنهوش
واكمل متوسلاً :
_ إوعديني يا صفا.
إبتسمت له وأومات بقلبٍ صافي غير واعي لما يُدبر لهُ من خلف ظهرها، وأردفت قائله :
_ وعد مني هكونلك كيف ما بتتمني وأكتر يا حبيبي.
شعر بغصة داخل قلبه ومرارة تملئ حلقة ، شعر بمدي حقارته، لقد سقط في بئر سّبع وأنتهي الأمر ، لكنهُ سيعافر محاولاً الخروج منه لأجل أن يحيا مع تلك الصافية الذي غفل عنها عقلهُ المُتمرد
بعد مدة كان يُجلسُها فوق ساقية من جديد ولكن بتلك المّرة وهو جالسً فوق مقعدهِ حول تلك المنضدة المتواجدة داخل المطبخ، غرس الشوكة بطبقهِ ومد يدهُ إلي فمها ليُطعِمُعها، كانت خجلة للغاية جراء جلوسها فوق ساقية ولولا إصرارهُ علي عدم تناولهُ للطِعام إلا هكذا ما كانت فعلتها لشدة خجلِها
فتحت فمها وتناولت من يده وبدأت بالمضغ تحت خجلها وسعادة ذاك العاشق المُستجد
تحدثت بنبرة خجِلة :
_ كفاية يا قاسم، عمال تأكلني وإنتَ مكلتش أي حاچة.
أجابها بنبرة عاشقة :
_ بشبع أما بشوفك بتاكلي يا جلبي
إبتسمت له ثم تحدثت بتذكُر :
_ قاسم ،إنتَ جولت لچدك علي سفرنا ؟
وچدي ماله ومال سفرنا يا صفا ! جملة تسائل بها مُستغربً
أجابته بإرتياب :
_ مش مُمكن يعترض ؟
إستشاط داخلهُ وتحدث بنبرة حادّة :
_ يعترض علي إية ؟
وأكمل بنبرة حادّة صارمة :
_ إسمعي يا صفا ، إحنا يمكن إتچوزنا مجبورين مِنيه ، بس بعد إكدة معايزكيش تعمل حساب لحد واصل ، حياتنا إحنا اللي هنمشيها علي كيفنا ونرتبها حسب اللي يريحنا ، كفاية عليه أوامر لحد إكدة .
قال كلماتهِ تلك ولم يدري ما فعلهُ بتلك المسكينة ، شعرت بحزنٍ عميق يتملك من قلبِها البرئ ، وقفت مُعتذرة بعيون مُنكسرة وملامح وجة حزينة وتحركت لخارج المطبخ متجهة إلي غرفة نومها
زفر بحدة ولعن غبائهُ وتحرك خلفها علي الفور ، دلف وجدها تجلس فوق تختِها مُنكمشة علي حالها تحجز دموعها بشدة، تحرك إليها وجلس بجانبها وقام بسحبها لداخل أحضانه التي وما ان سكنتها حتي إستكانت روحها وأرتعش جسدها بإنتفاضة مُعلنة عن إستسلامها لدموعها التي إنهمرت بغزارة
وضع كف يده فوق وجنتيها وتحسسها بحنان وأردف قائلاً بتفسير لموقفة :
_ والله ما أجصد اللي جه في بالك يا حبيبي ، صُح چدك غصبنا علي الچواز
وأبعدها عن أحضانه لينظر داخل مقلتيها الفيروزية وأكمل بعيون مسحورة :
_ بس أحلا غصبانية عملها في حياته ، تعرفي
نظرت له تنظر باقي كلماته فأكمل مُسترسلاً بنبرة عاشقة :
_ لولاش كبريائي اللي مانعني كُت روحت له ووطيت علي رِچله وبوستها لجل ما أشكره علي الهدية الغالية اللي لو عشت عُمري كله أشكر ربنا عليها مش كفاية.
إتسعت عيناها بذهول وأنفرج فاهها بطريقة أذابت قلبه، وما كان منه إلا أنه نزل علي شفتاها وبدأ بتقبيلها بطريقة رقيقة أذابتها وأندمجت معه لأبعد الحدود،
فصل قُبلتيهما وتحدث بهدوء :
_ صفا، مش عايزك تُبجي حساسة إكدة بخصوص الطريجة اللي إتچوزنا بيها ، إياً كانت الطريجة فيكفي إنها جربتنا من بعض وعرفتني حجيجة مشاعري ليكي.
أومأت لهُ بطاعة وتحدث هو :
_ جومي نچهز شنطنا عشان هنسافر بكرة الصُبح.
تحدثت إلية بنبرة خجلة :
_ بس أني لازمن أتصل بأبوي وأستأذن منيه الاول
قهقه عالياً وتحدث إليها :
_ أبوكي دي كان زمان يا صفا ، دالوك زمام إمورك في يد چوزك حبيبك
تحدثت بنبرة حنون:
_ربنا يخليك ليا يا حبيبي، بس أني مجدرش أعمل حاچة من غير أبوي ما يعرف.
إبتسم لها بتفهم لحديثها وعذر تعلقها الزائد بوالدها، وأخذها داخل أحضانة وضمها بشدة، بادلتة ضمته بسعادة ثم قاما بتوضيب حقائبهم وبعد مدة كانت تغفي فوق ذراعة وداخل أحضانة بنعيم، أما هو فكان يُسند رأسها فوق ذراعة ويكبلُها بساعدية ضاممً جسدِها ولاصقً إياة بجسدةِ العاري بشدة، نام براحة وهدوء نفسي لم يشعر بهِ مُنذُ أن تركها وذهب إلي القاهرة وحدث ما حدث.
تري ما الذي ينتظر أبطالنا بشرم الشيخ؟
وكيف ستعلم صفا بزيجة قاسم الثانية !
أم أن الموضوع سيمر بسلاسة ولن يُكشف مثلما خطط له قاسم؟
كل هذا وأكثر سنتعرف علية في الفصول القادمة فأنتظروني
إنتهي البارت 6
💘💘💘💘💘💘
خواطر صفا النعماني ،، بقلمي روز أمين
كم أعشق النظر إلي الغيوم في السماء
كم أنها تشبٌهني وتعبر عني بذكاء ، وكأنها تٌذكرٌني بروحي ،، وتٌذكرٌني أيضاً بعطايا الله لي بسخاءِ بعد سنواتٍ من العٌسرِ والحرمان والجفاء ،، أشعر عند رؤياها وكأن روحي تحومٌ وتتراقص بين السحاب ،،أترقبٌ هطول الغيثِ لتحومٌ حولهٌ روحي وتتراقص برخاء ،
وآٌداعبٌ بأناملي قطراتِ الماءٌ بصفاء
خواطر صفا النُعماني
بقلمي روز آمين
فاقت باكراً من نومتِها الهنيئة يتخللها شعور بالراحة والسلام الداخلي لم تحصل علي درجتة تلك مُنذُ أن كانت طفلة صغيرة تغفي بسلام داخل أحضان والديها ، تملكت من جسدها إنتفاضة عِشق أشعرتها بلذة عالية وإرتعاشة حين وجدت من يُكبلها بساعدية ويحتضن جسدِها بلهفة وينظر إليها وجنون العِشق يْطِلُ من مقلتية الساحرتان ،
إبتسمت لهُ بسعادة وتحدثت بنعومة ودلال :
_صباح الخير يا حبيبي
مال عليها وإقتطف قُبلة ناعمة بجانب شِفتها ثم نظر إليها وتحدث بعيون هائمة في سماء عِشقها الهائل :
_ توها الشمس طلعت وسطع نورها لما صفا فتحت عيونها.
إبتسمت له بسعادة وتسائلت :
_هي الساعة كام ؟
أجابها بوجهٍ بشوش:
_ الفچر أذن من ساعة ولازمن نجوم علشان نِلحج ميعاد الطيارة
وتسائل هو بإهتمام :
_ نمتي كويس؟
أجابته وهي تتمطئ بين يداه بدلال آُنثوي أثار ذاك العاشق وجعل قلبهُ ينتفض عِشقً :
_عمري ما نمت براحة كِيف ما نِمت إنهاردة.
واكملت ضاحكة :
_ صحيت مرتين وفي كل مّرة ألاجيك مِشدد عليا ومكتفني بإديك كِيف اللي خايف لأهرب مِنيك .
أجابها بعيون حنون :
_ لو هربتي من ضمة جِسمي مش هتعرفي تُهربي من جلبي اللي روحك بجت معششه جواة يا نبض جلبي.
أهرب كيف وأني ما صدجت إني أترمي في حُضنك يا حبيبي، جملة حنون قالتها صفا بنبرة صارخة مُعترفة بعشق ذلك القاسم
ضمها بشدة لداخل حُضنة ودفن أنفهِ داخل خصلات شعرها ليشتم رائحتهِ المِسكية التي بات يعشقها وتحدث وهو يعتصرها لداخل حُضنة:
_ إوعي في يوم تسيبي حُضني يا صفا، لو بعدتي عني هضيع ويمكن وجتها تموت روحي اللي مصدجت إني لجيتها في ضَمتك
نظرت له بعيون مُترقبة ثم تسائلت بنبرة مُستفسرة:
_مالك يا قاسم؟
إنتَ لية من وجت ما چيت وإنتَ كُل كلامك غريب وكل شوي تجول لي متبعديش، متسبنيش؟
صرخ قلبه متألمً يحسهُ علي أخذ الخطوة بالإعتراف لها وتخليص حالهُ من حالة تأنيب الضمير والشعور المُميت بالذنب الذي يُلازمةُ مُنذُ أن وصل إليها ليلة أمس وبادر بأخذها لداخل عالمه وأندماج روحيهما وجسديهما معاً،
لكنهُ عاد لرُشدهِ من جديد لتيقنهُ أنه لو قام بمصارحتِها بوقته الحالي لم ولن تتفهم علية وتتقبل تصرفاته، ففضل إسدال الستار عن تلك الرواية وإبعادها عنها علي الأقل بالوقت الراهن، ولحين بناء جسوراً بينهما من الثقة ومتانة حالة عشقهما أكثر مما هي علية
تنهد ونظر لداخل عيناها ثم أحاط وجهها بكفية برعاية وحنان وتحدث بنبرة عاشقة لمست قلبها البرئ :
_أني حبيتك جوي يا صفا ومصدجت إني لجيتك وضميتك لحضني وحسيت بالراحة، من كتر ما أني مبسوط ومرتاح وياكي خايف لتضيعي مني ولا تُحصِل حاچة تبعدك عن حُضني .
كانت تستمع إلية بقلبٍ مُنتفض يُريد الصراخ والصياح عالياً ليعلن للعالم أجمع أنهُ وأخيراً مُتيمها ومالك روحها شعر بقلبها المُعذب وليس هذا وفقط، بل وأصبح يعشق قلبها ويتخوف من إفتقادة، يا لهُ من شعورٍ لا يوصف ولا توجد كلمات معبرة تعطيهِ قدر ما يستحق.
وضعت أنامِلها الرقيقة تحاوط بهما وِجنته وتحسستهما بنعومة وتحدثت إلية بنبرة مطمأنة لروحة ولقلبهِ الذي أصبح عاشقً بجنون بين ليلةٍ وضحاها، "ولكن" أيعقل أن يصل المّرء لمرحلة العِشق الهائل تلك خلال هذة المُدّة البسيطة ؟
أردفت صفا بعيون تنطق بإسم الهوي :
_ طمن بالك يا حبيبي، الحاچة الوحيدة اللي ممكن تبعدني عنك هي الموت، غير كدة عُمري ما أجدر أبعد عن ضمة حُضنك اللي يَامَا حِلمت بيها
علي الفور وضع أصابع يده فوق شِفتيها ليمنعها من إكمال حديثها وتحدث بعيون مرتعبة ونبرة رافضة:
_ إوعي اسمعك تچيبي سيرة الموت مرة تانية علي لسانك،
ثم ضمها بقوة وأغمض عيناة وتنهد بتألُم وتحدث بنبرة تصرخُ حنانً:
_بحبك يا صفا، بحبك ومعاوزش من دُنيتي كِلاتها أي حاچة غيرك، والله العظيم معاوز أي حاچة غير إني أكون معاكِ وتفضلي چوة حُضني.
إبتسمت بنعومة ثم وضعت كف يدها الرقيق فوق ظهرهِ وتحسسته بحنان وأحتواء، كم كانت غريبة ودخيلة تلك المشاعر الهائلة علي هذا المسكين الذي عاش حياتهُ مُفتقداً للمعني الحقيقي للإحتواء، ولم يتذوق لشعور الحنان طعمً سوي بداخل أحضان تلك الشفافة، صافية القلب والروح
إبتعد قليلاً عن أحضانها ونظر بهيام لداخل فيروزتيها وأبتسم ثم أقبل عليها ومال، وتناول شفتاها وبدأ يتذوق شهد عسلِها السائل علي فمِها بهدوء ونعومة، سُرعان ما تحول إلي شغفٍ جارف سحبهما داخل عالم السعادة اللذان باتَ يتذوقان بداخلة أحلا شرابٍ من العسل الخام الذي يُنعش روحيهما ويجعل الحياة أكثر جاذبية بنظريهما، بات يُذيقها ويُزيدها من العِشق ألوانً كي يُسعد قلبها ويعوضها غيابهِ القاسي كل تلك السنوات
بعد مده كانت تقف داخل كبينة الإستحمام بين أحضانة تحت صنبور المياة الذي يغمُر جَسديهِما معاً ويداعبها هو ويُدللها بغمر جسدِها بالماء وسائل الإستحمام بدلال ورعاية وإهتمام تحت خجلها الهائل الذي يُزيدهُ رغبة بها ، حقاً كان يُعاملها كطفلتةِ المُدللة التي يخشى عليها من كل شئ حولة
بعد مُدة خرج من غُرفة نومهُما مُرتديً ثيابهِ كاملةً حاملاً بيداه حقيبتي ملابسهُما، دارت عيناه تجوب المكان للبحث عنها وهدأت روحهِ حين وجدها تقف بجانب النافذة المتواجدة بالصالة وتطلُ علي حديقة السرايا، كانت تتحدث بهاتفها بنبرة جادة عملية ، تحرك بالحقائب نحو الباب الخارجي ليخرجهُما، وبالفعل وضعهما أمام الباب وأعاد غلقةِ من جديد وأتجة إليها، وقف خلفها وضم جسدها إلية ودفن وجههِ داخل تجويف عُنقِها ثم أغمض عيناه وتنهد براحة،
إرتعش جسدها بلذة جراء تقربهُ المُفاجئ لها لكنها تمالكت من حالة بعثرة مشاعرها التي تُصيبها كلما إقترب منها مُتيم قلبها،
إستعادت توازُنها وتحدثت بنبرة أكثر عملية قائلة:
_ تمام يا دكتور، واني هتابع معاك علي التليفون سير الشُغل خطوة بخطوة، ولو عوزت أي حاچة لحد ما أرچع من أچازتي الباشمهندس يزن موچود.
لم يدري لما إشتعل جسدة بنار الغيرة عندما تيقن بفطانتة أنها تُحادث ذلك الثئيل الذي يُدعي بياسر، زفر بضيق شعرت هي به فأنهت مكالمتها سريعً
وتحدثت بإلهاء لذلك المُكبل لها بشدة:
_ طلعت الشُنط برة يا حبيبي.
أومأ لها بهزة رأسهِ ثم تنهد وتسائل بنبرة مُتحفظة :
_ كُنتِ بتكلمي اللي إسمة ياسر ؟
تنفست بهدوء لعِلمِها عدم تقبلهُ لشخص ياسر فتحدثت بهدوء:
_ كُنت ببلغة إني في أجازة لمُدة إسبوع.
إبتعد عنها بجسدهِ وهتف بنبرة حادة غاضبة:
_ وهو مال اللي چابوة بأچازتك من عدمها، بتاخدي الإذن منية إياك ؟!
تنهدت ونظرت إلية بحيرة وتعجب لغضبهِ المبالغ به من ياسر وتحدثت بنبرة هادئة كي تسترضية:
_ مالة كيف بس يا قاسم، هو مش مسؤول معايا في إدارة المستشفي ولازم أعرفة كل خطواتي لجل ما يعمل حسابة ويوزع الكُشفات بتاعتي علية هو والدكاترة.
إمتعضت ملامح وجههِ وظهر عليها الغضب فأقتربت علية وبسطت يدها واضعة كف يدها الرقيق لتتلمس بهِ ذقنةِ النابتة التي تدعوها للإثارة والجنون وتحدثت بنعومة مُبالغ بها :
_ بلاش تكشيرتك دي علشان خاطري، دي أول خروچة ليا معاك، يرضيك نجضيها وإنتِ مكشر في وشي إكدة !
علي الفور لانَ جسدهِ المُتيبس وإنفرجت أساريرهُ وكأن بلمستها السحرية قد سحبت ما بداخلة من غضبٍ وثورة ، أمسك كفها الموضوع علي وجنته وشدد علية ثم قربهُ من فمهِ ووضع قُبلة حميمية بشفتاه بطريقة جعلتها تبتلع لُعابها
فتحدث وهو يلف خصرِها بذراعة محاوطً إياه بحماية ويحثها علي التحرك :
_ طب يلا بينا ننزل حالاً علشان لو فضلنا إهني أكتر من إكدة هيروح علينا حچز الطيارة، ويمكن منخرجوش من إهني لحد الإسبوع كِلاته ما يعدي.
إبتسمت بنعومة وتحركت بجانبة واتجها معاً نحو الدرج متشابكين الأيدي ، كانت تتدلي وهي تنظر لداخل عيناة بوله وعيون عاشقة حتي النُخاع،
في تِلك الأثناء كانت تخرج من المطبخ مُمسكة بيدِها صحنً كبيراً ملئً بالبيض الناضج في طريقها بهِ إلي وضعهِ علي سُفرة الطعام ،
إستمعت لهمهمات وضحكات خفيفة تأتي من أعلي الدَرج، رفعت قامتِها بتوجس لتكذيب آُذناها التي إستمعت لذاك الصوت التي تحفظةُ عن ظهر قلب، وبلحظة شهقت بصدمة وأتسعت عيناها بذهول، من يراها بتلك الهيئة يتيقن أنها رأت غولاً مُقبلاً عليها كي يلتهمُها ، لم تستطع السيطرة علي التماسك فأنفلت من بين يداها القّدر وتبعثرت وحدات البيض حولها بشكلٍ فوضوي ، خرجت نجاة من المطبخ سريعً علي صدي الصوت وتحدثت :
_خبر إية يا فايقة، إية اللي حُصل !
نظرت فايقة وهتفت بفحيح موجهه حديثها إلي قاسم بذهول :
_ قاسم، إنتِ بتعمل إية إهني ؟
وميتا چيت من مصر !
نظرت لها صفا وقطبت جبينها مُستغربة حالة تلك المرأة العجيبة التي ترمقهما بنظراتٍ نارية لو آُطلِقت لها العنان لأشعلت المنزل بأكملة
شدد هو من ضمة يد حبيبته وتحرك بها للأسفل برأسٍ شامخ وقامة مرتفعة
سبقتةُ حُسن بالإجابة قائلة وهي تنحني بجسدِها لتلتقط وحدات البيض :
_ سي الأستاذ قاسم چة بالليل متأخر بعد البيت كلياته ما نام
رمقتهُ بعيون غاضبة وقلبِِ مُشتعل حين تحدثت نجاة بإبتسامة حانية مُرحبة :
_ حمدالله علي السلامة يا ولدي، چدك وعمامك جاعدين برة في الفراندا بيشربوا شاي بحليب ، خد مرتك وأطلع لهم علي ما الفطور يچهز والشباب ينزلوا من فوج وتفطروا ويا بعض
أومأ لزوجة عمهِ وشكرها ودلف بجانب ساحرتهُ مُتجاهلاً تلك التي أشرفت علي الإصابة بذبحة صدرية جراء ما أصابها من خيبة أملها بولدها البكري الذي يحاول دائماً إفشال مُخطتها
تحرك للخارج وتبادلا السلام مع الجميع تحت سعادة عِثمان التي تخطت عنان السماء عندما رأي تشبث قاسم بيد صفا وراحة وجههُ الظاهرة وهو ينظر إليها، وما زاد من سعادتهُ هي تلك الصافية والفرحة التي سكنت عيناها وباتت ظاهرة كالشمس لكل من ينظر إليها
نظر قاسم إلي حُسن وأردف قائلاً بنبرة رحيمة:
_ خلي بدرية تطلع تچيب الشُنط اللي چدام الشُجة وتچيبهم إهني يا حُسن،
هتفت فايقة مُتسائلة بنار شاعلة :
_ شُنط إية دي يا قاسم؟
أجابها وهو ينظر لداخل عيناها بجمود:
_مسافر أني ومرتي هنجضي أسبوع في شرم الشيخ
قهقة قدري عالياً وتحدث لصغيرة المتمرد قائلاً بإستحسان وهو يتخيل وجة تلك الشمطاء المسماة بكوثر:
_ عفارم عليك يا قاسم ، إبن النُعماني صُح.
رمقتة فايقة التي تكاد أن تُصاب بالجِنون وهتفت بحدة :
_ وشغلة اللي في مصر يا أبو قاسم، هيهمله ويُجعد چار الست صفا إياك ؟
إستغرب الجميع حِدتها بالحديث ونبرتها الغاضبة مما جعل رسمية تهتف متسائلة إياها بنبرة ساخرة:
_ چرا لك إية يا فايقة، اللي يشوف خلجتك المجلوبة يجول إن صفا دي ضُرتك مش مّرت ولدك.
إبتلعت حديثها وباتت ترمق صفا بنظرات حادة غاضبة
في حين تحدث الجد وهو يُشير إليه بملامح وجه مستكينة:
_ إجعد يا قاسم إنت ومّرتك إشربوا الحليب علي ما الفطور يچهز ونفطروا كِلياتنا وَيَا بعض
تحدث مُعترضً بنبرة هادئة:
_ مهينفعش يا چدي، إحنا يا دوب هنسلم علي عمي زيدان علي الواجف إكدة ونتحرك بسرعة عشان نلحج ميعاد الطيارة، نبجا نفطر في شرم إن شاء الله
وافقة الجد وطلب منهُ أن يهتم لأمر إبنة عمهِ ويهاتفهُ حين يصل مباشرةً كي يطمأن علي غوالي قلبه.
أتت بدرية بالحقائب حين هتف قاسم مُناديً بأعلي صوتهِ علي الغفير عوض الذي يقف خارج بوابة القصر الخارجي، مد يدهُ مناولاً له مفاتيح السيارة وطلب منه أن يحمل الحقائب ويضعها داخل صندوق السيارة الخلفي
ثم تحرك تحت نظرات فايقة المُسلطة فوق صفا التي رأت بها نُسخة ورد المُصغرة وبصغيرها شبح عِشق زيدان الذي بات يؤرقها طيلة السنوات الفائتة
داخل منزل زيدان، كانت تُشدد من ضمتها لوالدها الذي يحتويها بذراعية داخل احضانة ويمسح فوق حجاب رأسِها بحنان، تنفست براحة
فتحدث ذاك الواقف يتطلع عليهما بإعجاب واحترام لتلك العلاقة الصحية:
_ لو فضلنا علي إكدة مهنلحجش الطيارة يا صفا؟
اخرجها زيدان ثم حاوط وجنتيها بكفي يداه وتحدث بنبرة حنون:
_ معيزاش حاچة ؟
حولت بصرِها إلي حبيبها وتحدثت بنبرة جريئة جديدة عليها:
_ هعوز إية وأني ويا چوزي يا أبوي ، ربنا يخلية ليا.
وهُنا تسلل إلي قلبهِ شعور يتعرف علية لأول مرة، لأول مرة يشعر بأنةُ رجُلً مسؤول عن حبيبة وضعت كل ثقتها وحِملها علي أكتافة الصلبة وعلية أن يعمل جاهداً كي يُثبت لها أنه علي قدر المسؤلية التي وضعت علي عاتقة.
سعد داخل زيدان عندما لمح سعادة صغيرته التي تملكت من روحها ورأي تبادل نظرات العشق التي يحفظها عن ظهر قلب، ومن أدري بحال العشق وأهلهِ أكثر من زيدان العاشق
تحدثت ورد إلي قاسم الذي يجاورها الوقوف لتحثهُ علي رعاية صغيرتِها :
_ خلي بالك منيها زين يا قاسم.
نظر لداخل مقلتي ساحرته وتحدث بنبرة هائمة مُتناسياً من حولة :
_ ما تجلجيش يا مرت عمي، صفا جوة جلبي وقافل عليها بضوعي .
نظرات عاشقة متبادلة بين ذاك الثُنائي التي تكادُ تتطاير من أعيُنهم قلوبً حمراء وتتراقص من حوليهما ضارببن بكل شئ عرض الحائط سوي عِشقهُما الوليد ، يتعاملان وكأن العالم قد خلي من الجميع إلا هُما
نظرت ورد إلي زيدان بإندهاش مُذهل لحالة ذلك القاسم التي تغيرت علي النقيض، تحدث زيدان بنبرة تهكمية ليجعلهما يستفيقا من حالتهما تلك:
_ قاسم، الطيارة عتفوتكم يا حبيبي.
وعت هي علي حالة هيامها وسحبت بصرها ونظرت أرضً من شدة خجلِها، إقتربت عليها والدتِها واحتضنتها برعاية وتحدثت:
_ خلي بالك علي حالك وعلي چوزك يا بِتي، وكُلي زين عشان وشك أصفر ومعاچبنيش اليومين دول
أومأت لوالدتها ثم تحركت بجانب زوجها واوصلوهما والديها إلي الباب الخارجي وأنتظرا حتي إستقلا سيارتهما تحت نظرات الجميع المودعة لهما، نظرت فايقة علي زيدان الذي يحاوط صغيرته بنظرات مُتلهفة قلقة وهي تتحرك بسيارة قاسم التي غادرت بإتجاة المطار
وأبتسمت بجانب فمِها شامتة منتظرة علي أحر من الجمر اليوم التي ستنكشف بهِ حقيقة زواج قاسم علي إبنة زيدان وورد، بل ومدللتهم العالية التي ستصبح إضحوكة جميع من في النجع عندما يعلمون أن تلك الطبيبة والتي يتباهي بها زيدان بين الناس ، فضل زوجها عليها إمراةٍ أخري بعدما إفتقد لوجود الراحة والسكون وانعدامهما
إشتعل داخلها وأختفت بسمتِها عند إستماعِها لعتمان الذي وجه حديثهُ إلي زيدان قائلاً بصوتٍ جهوري:
_ هات مرتك وتعالي إفطروا ويانا يا زيدان، عاوز اتكلم معاك بعد الفطار شوي
تحدث إلية بوجةٍ بشوش وطاعة عمياء:
_ أوامرك يا أبوي .
أمسك كف ورد وتحركا للداخل لإرتداء ثيابً تُناسب خروجهما من منزلهما،وبعد قليل دلف لداخل غرفة طعام العائلة بجانبهِ ورد التي تبتسم بسعادة تحت إشتعال روح فايقة وهي تري الرجل الوحيد التي تمنت وحلُمت بضمة حُضنهِ، وهو يجاور المرأة الوحيدة التي أضاءت شُعلة الغرام بداخل قلبهِ العاشق
______________________
أسرعت فايقة إلي الحديقة الخلفية وأخرجت هاتفها وضغطت زر الإتصال بكوثر وباتت تتلفت حولها يمينً ويساراً مثل اللصوص وهي تترقب الرد
كانت تجاور صغيرتها الباكية بعدما هاتفتها ليلاً وقصت علي مسامعِها كُل ما حدث، غضبت كوثر كثيراً و ودت أن تذهب لإبنتها علي الفور لكنها تمالكت من حالِها كي لا تُظهر قلقها أمام رفعت الذي رمى عليها مسؤلية ما حدث معهُ ومع إبنته، فكظت غضبها وتحملت كي لا يشعر هو عليها، في الصباح أسرعت إلي مسكن إبنتها بعدما ذهب رفعت إلي عملهِ
صاحت تلك الغاضبة قائلة بنبرة صوت حادة:
_شفتي عمايل إبنك المُحترم ، بقا فية واحد إبن أصول ومتربي يسيب عروستة لوحدها يوم صباحيتها ويسافر
هتفت بها فايقة التي لا تقل غضبً عنها بل وتفوقها بألاف المرات:
_ بطلي نويحك ده يا مّرة وإحكي لي اللي حُصل بالراحة لجل ما أفهم .
تحدثت كوثر بصياح مُصطنع وهي تتطلع إلي إيناس الجالسة تترقب للحديث بقلبٍ مُشتعل مُحترق :
_ اللي حصل إن إبنك شايف دلاله أوي علي بنتي وبيستقوي عليها إكمنه عارف ومتأكد إنها بتعشقة،
وأكملت بنبرة تهديدية:
_بس ورحمة أمي لو ما أتعدل لاكون واقفة له ومعرفاة مين هي كوثر، هو فاكرها ملهاش حد يُقف معاها ويوقفه عند حدة ، لاااا ده يبقا غلبان أوي لو فكر بالشكل دة
صاحت فايقة بصراخ وتحدثت بضيق:
_يا ولية جولي لي إية اللي حُصل وبطلي ندبك ده علي الصُبح
تمالكت كوثر من حالة الغضب الكاذب التي إدعتها أمام تلك البلهاء كي تبّثُ الرعب داخل قلبها لتحث صغيرها وتُجبرهُ علي التعامل مع إيناس كزوجة طبيعية له ، وبدأت بقص ما حدث عليها
تحدثت فايقة بنبرة تهكمية :
_ بِتك كَنها خايبة وهتغفلِجها علي دماغنا كِلياتنا، بجا معرفاش تشد راچِلها وتخليه يدخل عليها ؟!
وأكملت بنبرة تهكمية:
_أومال لو مكانتش محامية وشِغلها كلياتة خِطط وألاعيب
تسائلت كوثر بتخابث:
_تقصدي ايه بكلامك ده ؟
أجابتها بفحيح :
_أجصد إنك تتصرفي وتوعي بِتك لجل ما تحاول بأي طريجة تغرية وتخلية يدخل عليها وتِحبل منية كمان ،
وأكملت بنبرة حادة غاضبة:
_ إنتوا إكدة بتخربطولي حساباتي خربيط .
أغلقت كوثر معها بعدما إتفقتا علي ما يجب فعلة، إستمعت إلي صوت جرس الباب، تحركت إلية وجدت عامل توصيل الطلبات التي طلبت منه وجبات مُتعددة باهظة الثمن، وقامت بتسديد ثمنها من الأموال الكثيرة التي تركها قاسم فوق المنضدة الجانبية للباب الخارجي قبل رحيلهُ
تحركت بالطعام وأفترشتة علي السُفرة بطريقة عشوائية دون إفراغة ورصِهِ داخل صَحون
وتحدثت وهي تحث إبنتها علي النهوض:
_ تعالي يا إيناس علشان تاكلي.
وقفت مُنتصبة الظهر وتحركت إلي والدتها ثم نظرت إلي الطعام وتحدثت بعيون مُتسعة بذهول:
_
إية الأكل ده كُله يا ماما؟
ومين أصلاً اللي هياكل حمام محشي وكباب وكفتة وشاورما ومحاشي علي الصُبح ؟!
رفعت لها قامتِها وتحدثت وهي تمد يدها وترفعها إليها بحمامة مُنتفخة جراء حشوِها بالأرز وذات لونٍ ذهبي داكن يُشهي العين والنفس لمن ينظر إليها :
_ إقعدي كُلي واللي هيتبقي هاخدة معايا لأبوكي وعدنان علشان مش قادرة أعمل غدا إنهاردة .
جلست بجانبها وتحدثت بنبرة يائسة :
_ أنا هتجنن من اللي حصل يا ماما، مش قادرة أستوعب، معقولة ده قاسم اللي كُنت بحركة علي كيفي زي حُصان الشطرنج؟
وأكملت بذهول:
_ ده إتحول وكأنة بقا واحد تاني أنا معرفهوش.
إبتسمت كوثر ساخرة وقضمت قطعة من الحمام داخل فَمِها وتحدثت أثناء عملية المَضغ قائلة:
_ الواد ده مطلعش سهل وقفل زي ما كُنا فاكرينة، ماهو بالعقل كدة، ناس زي قدري وفايقة هيخلفوا إية غير شيطان وطماع زيهم
نظرت لها إيناس وتسائلت مُستفهمة:
_تقصدي إية بكلامك ده يا ماما .
هتفت كوثر مُفسرة :
_أقصد إن قاسم ده طلع داهية ودماغة شغالة وعامل لكل خطوة حساب، هو مشي وراح مخصوص لبنت عمه علشان لو الموضوع إتعرف فيما بعد يقول لعمة ولجدة إنه كان مغصوب علي الجوازة، والدليل إن يوم فرحة سابك وراح لها،
وأكملت بإبتسامة ساخرة:
_ وبكدة الهبلة اللي هو متجوزها هتصدقة وتغفر له ومتخليش أبوها يخرجة من الجنة اللي دخلها برجلية وهيلاقي فيها العز اللي عُمرة ما كان يحلم بربعة .
قاطعتها إيناس معترضة:
_ بس قاسم عُمرة ما كان مادي ولا طماع يا ماما.
أجابتها بردٍ قاطع ويقين :
_ ده اللي هو حب يظهره في شخصيتة لينا علشان نشوفة كدة ونحترمة، لكن الحقيقة إن هو ما يفرقش في أي حاجة عن الشياطين اللي مخلفينة، بالعكس، ده يزيدهم لأنة بيخطط في الخفي بذكاء وخُبث .
تسائلت إيناس بإرتياب:
_ طب قولي لي هتصرف إزاي أنا معاه الوقت بعد اللي عملة معايا ده ؟
إنتقت قطعة من اللحم المّشوي ورفعتها لمستوي عيناها وباتت تُقلبها بين أصبع يدها بتمعن وتحدثت ببرود:
_ ولا حاجه، هتصبري لحد ما يرجع وبعدها هنشتغل له في الأزرق ،
وأكملت بتقليل وآستهانة :
_ وبعدين إنتِ ناسية كلام عدنان عن البنت اللي هو متجوزها،
واسترسلت حديثها بتفاخر :
_ سبيني أنا اتكتك له علي الهادي وإنتِ نفذي لما يرجع، وخلينا نشوف إبن فايقة هيقدر يتحمل ويمسك نفسة لحد أمتي.
وأردفت بتحذير:
_المهم إنتِ ماتخرجيش من هنا خالص وإقفلي تلفونك، وأنا اللي هيسألني من أصحابك أو قرايبنا هقول لهم إنكم سافرتم إسبوع عسل، واللي عاوز ييجي يبارك لكم يبقا ييجي الاسبوع الجاي، لما يبقا البية يوصل بالسلامه.
*** ☆***☆ *** ☆***☆***
روايه قلبيّ بنارِهاَ مٌغرمٌ بقلمي روز آمين
داخل مسكن فارس ومريم، خرج من غرفتة يهندم جلبابه ويعدل من عِمامة رأسهِ ناصعة البياض ، نظر إلي غُرفة صغيرته التي تختبئ خلف جُدرانِها تلك المُتمردة التي أعلنت مؤخراً ورفعت راية عصيانها علية، زفر بضيق لشعورةُ بالإختناق وبأن الوضع بدأ يزدادُ سوءً بينهما، خصيصاً بعد تجاهُلها الكامل وتلاشيها الذي يُشعرهُ بإهانة رجولتة علي يداها
تحرك إلي باب الغُرفة وفتحهُ سريعً دون طرق، إنتفض جسدها رُعبً وقامت بإغلاق زرائر كِنزتِها بإرتباك وهتفت بنبرة حادة لائمة:
_فيه حد يدخل علي حد من غير إحم ولا دستور إكدة؟
أشارت الصغيرة الجالسة فوق التخت إلي أبيها بسعادة فتحرك إليها وألتقطها لداخل أحضانة وهو ينظر إلي تلك التي تُخبئ جسدها بعيداً عن نظراته المُتفحصة، فأراد أنّ يستشيط غضبها أكثر حيثُ أنّه مؤخراً أصبح يشتاق للجلوس معها أو حتي تواجدها والمرور من أمام أعيُنة مثل سابق
وتحدث بنبرة باردة :
_ هستأذن وأني داخل أوضة بتي لية إن شاء الله، داخل لرئيس الحّي إياك ؟
أجابته بنبرة حادة وهي تلف حجابها وتضع لمساتها الأخيرة للتأهب لذهابها للمشفي :
_ تستأذن علشان الدين والإصول بيجولوا إكدة يا مُحترم ، ولا أنتَ خلاص، بجت مِغمي عيونك علي كُل شى حتي عن الأصول؟
قالت كلماتِها وتحركت إلية وألتقطت طفلتِها من بين أحضانة بطريقة عنيفة أرعبته، لا يدري لما أصابة شعور بالتخوف عندما وجدها تتحرك بطفلته قاصدة باب الشقة التي فتحته بعنف ومنهُ إلي الأسفل، تحرك خلفها بقلبٍ مُحمل بأثقالٍ من الهموم
دلفت مريم وتلاها فارس إلي غرفة الطعام وجدوا الجميع يتناولون الطعام فتحدث فارس إلي زيدان بنبرة مُحبة :
_ وأني أجول البيت زايد نورة لية، أتاري عمي زيدان ومرته منورينا
إبتسم له وشكرة هو و ورد تحت غضب فايقة، حين تحدثت الجدة بإهتمام:
_ إجعُد يا ولدي كُل،
إنشغل الجميع بتناول طعامة، تحت إستشاطة قلب فايقة وإشتعال جسدها بالكامل.
*** ☆***☆ *** ☆***☆***
روايه قلبيّ بنارِهاَ مٌغرمٌ بقلمي روز آمين
داخل الطائرة المُتجهه إلي شرم الشيخ
كانت تجلس بالمَقْعَد المجاور للنافذة مُسلطة ببصرِها علي مُجاورها وعاشق أنفاسها تنظر إلية بعيون تنطق عِشقً، مُكبلاً هو كف يدها الذي لم يتركهُ مُنذُ أن خرج من مسكنهما للأن، وكأنهُ يرتعب من فكرة إبتعادِها عنه أو تركهِ
سألها بإهتمام :
_سافرتي شرم الشيخ جبل إكدة ؟
أجابتهُ نافية:
_ لا، أول مرة هروحها، سافرت مع أبوي وأمي الغردجة والعين السُخنة والساحل الشمالي وأماكن تانية كتير، بس عُمري ما سافرت شرم
أردف قائلاً بتأكيد:
_ شرم مدينة چميلة وهتعچبك جوي.
سألتهُ بنبرة حماسية:
_روحتها جبل إكدة؟
أومأ لها متحدثً:
_ روحتها كذا مرة مع أصحابي وكمان حضرت فيها مؤتمرات خاصة بنقابة المحامين
وتحدث إليها:
_ إن شاءالله أظبط شُغلي الفترة اللي چاية وأخدك ونسافر برة مصر في البلد اللي تشاوري عليها
هتفت بنبرة حنون صادقة وعيون هائمة في عشق حبيبها:
_ مش مهم عندي المكان يا قاسم
وشددت من إحتضانها ليدة وأسترسلت:
_ المُهم عندي تكون معايا وتفضل ماسك ومشدد علي يدي زي ما أنتَ عامل إكدة
كيف أسيبك بعد ما لجيت فيكي روحي التايهه اللي عشت عُمري كلاته وأني بدور عليها، وما صدجت لجيتها چوة ضمة حُضنك،، كانت تلك كلمات مُعبرة بصدقٍ عن مشاعره
كانت تنظر له بإهتمام وأنبهار بكل كلمة تخرج منه فتحدث مُنبهراً أمام عيناها :
_ عيونك حلوين جوي
وتحدث مُتذكراً بنبرة غائرة:
_ مين اللي كان بيجول لك عيونك حلوين يا صفا؟
ضحكت مُتذكرة وتحدثت:
_ هو إنتَ لساتك فاكر.
هتف بحدة مُقاطعاً حديثها بنبرة غير قابلة للمزح :
_ مين اللي كان عيجول لك عيونك حلوين؟
أجابته بنبرة قوية شامخة:
_ محدش يجدر يتجرأ ويجول لي إكدة لأن طول عُمري وأني حاطة حواچز بيني وبين الناس عشان محدش يتخطي حدودة وياي
سألها:
_ اومال جولتي لي وجتها لية إكدة ؟
شددت من مسكة يدها ليدة وتحدثت بإعتراف :
_عشان أشعللك وأضايجك كيف ما كُنت بتضايجني بحديتك المَاسخ.
تحدث إليها بنبرة حادة ونظرات مُحذرة:
_طب ياريت متكرريهاش لأنك هتشوفي وش عمرك ما كُنتي تتخيلية
ضحكت فأكمل هو بحدة:
_ إتجي شر غيرتي العامية يا بِت زيدان، عشان لو المارد اللي چواتي طلع، الله الوكيل ليغفلجها علي الكُل
شعرت وكأن روحها تتراقص من شدة سعادتها ومالت علي كتفهِ واضعة رأسها علية بسعادة مما جعل إبتسامة جميلة تُزين ثغرهِ ورفع كفها ووضع بهِ قُبلة حنون وتنهد بثقل
_______________________
داخل مدينة شرم الشيخ
تحركت بجانبة داخل الأوتيل الشهير الذي إحتَجز به قاسم جناحً كاملاً لأجل دلال أميرتة،وذلك قبل عقد قرانة علي إيناس بثلاثة أيام حيث قرر أن يكون هذا بمثابة إعتذار علي ما بدر منه في حقِها وهو مُنساق بمنتهي الغباء
وقف أمام موظف الإستعلامات وبعدما إنتهي من ملئ جميع البيانات وأنهائةِ الإجراءت المطلوبة منهُما ،تحدث إلية الموظف ببشاشة وجه:
_ نورتونا يا أفندم.
وتحدث إلي العامل:
_وصل الباشا ل Suite 104 يا حسين .
شكرهُ وتحرك خلف العامل الذي يحمل حقائبهما، ومازال هو يحتضن كف يدها برعاية، دلف العامل وأدخل الحقائب وظل قاسم يقف خارجً ينتظر خروج العامل،
خرج العامل وشكره قاسم بعدما أعطاهُ ورقة مالية من الفئة المتوسطة، وأنتظر حتي أختفي العامل من الرواق بأكملة تحت إستغراب صفا
ثم وبدون مُقدمات مال بجزعه وقام بحملها بين ساعدية القويتان ونظر لداخل عيناها وتحدث بغمزة وقحة أعجبتها :
_ إنهاردة هتكون دُخلتك اللي بجد يا عروسة.
وتحرك بها إلي الداخل تحت إنبهارها من تصرفهُ، ذُهلت عيناها مما شاهدتهُ أمامها، فقد أخبر قاسم سابقاً إدارة الأوتيل بأنهُ حديثي الزواج ويُريد حجز Suite خاص مُجهز بكل ما يليق للإحتفال بليلة مميزة كليلة زفافه وعروسة
كانت تتطلع حولها بإنبهارٍ تام، نظرت إلي ورقات الورود بألوانِها المُتناسقة المنثورة بأرضية المكان بشكلٍ يجذب البصر ، وأيضاً فوق التخت وكَتبت إسميهما معاً بعناية فائقة داخل رسمة قلب كبير
والشموع ذات الروائح العطرية الموضوعة فوق المنضدة التي تتوسط الغرفة، ويوجد عليها أيضاً سلة فواكة مليئة بالأنواع المُختلفة المتنوعة ، وبعض حبات الشيكولاتة المُحببة لدي تلك العاشقة، وأيضاً أنواع الحلوي الشرقية التي تعشقها هي بجانب عصير التفاح ، مع تشغيل موسيقي ناعمة أدخلتهُما في حالة مِزاجية حسنة، حقاً قد تفنن ذلك العاشق في إختيار جميع الأشياء التي تُسعد قلب صغيرتة
نظرت لداخل عيناه وتحدثت بعيون مُغيمة بدموع فرحها:
_قاسم
أجابها وهو يُقربها من صدره ويضمها إلية مُداعبً أنفهِ بأنفها :
_ عيون قاسم وجلبة من جوة
لفت ذراعها حول عُنقهِ تحتضنهُ مُشددة من ضمتها الحنون وتحدثت بسعادة هائلة:
_كُل ده عِملته علشاني؟!
أنزل ساقيها وأوقفها بمقابلتهِ بهدوء وأحاط وجنتيها بكفية وتحدث بنبرة نادمة مُتألمة:
_ نفسي أمحي من جواكي ليلة دُخلتنا واللي حصل فيها
وأكمل بعيون متوسلة:
_ إنسيها يا صفا علشان خاطري، عاوز ليلتنا دي تتحفر جوة ذكرياتك وتكون هي البداية، بداية السعادة وبداية حياتنا الحقيقية ، نفسي أعيش معاكِ حياتي في راحة وهدوء وحُب، نفسي أخلف منك ولاد كتير ونربيهم علي الحُب والتفاهم والحوار،
وأكمل واعداً إياها :
_أوعدك إني من إنهاردة عُمري ما هعمل أي حاجة تزعلك مني، هكون لك الزوج والعاشق والأخ والصديق الوفي ، هكون لك فارس أحلامك اللي بيتمني إشارة واحدة منك ويسابق الزمن علشان يلبي النِدي
ثم ضمها لداخل أحضانة وشدد عليها وتحدث بتمني وهو مُغمض العينان:
_ بس إنتِ إوعديني إنك متبعديش عني يا صفا، إوعديني ما تسمحيش لأي حاجة حصلت في الماضي بإنها تنغص علينا وتوقفنا عن الإستمرار في حياتنا اللي حابين نبنيها مع بعض
كانت تستمع إلية بدموعٍ مُنهمرة من مقلتيها بغزارة
وهل فيها أن تبتعد عن من عاشت حياتها بالكامل تتأمل نظرة رضا واحدة من عيناها ؟
أيُعقل أن تخرج من جَنتِهِ التي كانت تغفو كل ليلة علي أمل الدخول بها يومً.
أبعدته عن حُضنها مُضطرة وأجابته بدموع غزيرة:
_ياريت لو أجدر أعبر لك ولو بسيط عن اللي جوة في جلبي ليك يا قاسم، كُنت هتعرف إن في بُعدي عن جنتك موتي، وإن طلبك ده ملوش داعي لأن من المستحيل أفكر فيه مهما حصل
وأكملت بدموع:
_ أني عِشت عُمري كلة بأستني اللحظة اللي هتجف فيها جدامي وتعترف لي بحبك ، معجولة بعد ما ربنا حجج لي أكتر من ما كنت بحلم، أسيبك ؟
كيف أسيبك وأنتَ ضي عين صفا اللي عتشوف بيه يا حبيبي
هموت يا صفا لو سبتيني، والله هموت ومش هجدر أتحمل بعادك عن حُضني ،، جملة قالها بعيون شبة دامعة وهو يترجاها بعيناه،
مما جعلها تسحبهُ سريعً إلي أحضانها وتربت علية بكف يدها ولمساتها الحنون التي تشعرهُ بإستكانة روحهِ،
تنفس عالياً كي ينظم أنفاسة ويعود إلي هدوئة، ثم أبعدها من داخل أحضانة وسحبها من كف يدها وتحرك بها ووقفا أمام المنضدة، مد يدهُ وألتقط واحدة من حبات الشيكولاتة ونزع عنها غُلافها، وأقتضم نصفها ثم وضع لها النصف الآخر بفمِها، وما أن بدأت بمضغِها حتي مال علي شفتاها ليمتصها برغبة هائلة ، وغاصا معاً داخل ليلة تفنن في إذاقتها من عشقة المُميز كي يجعلها ليلة مميزة محفورة داخل ذاكرتهما علها تُمحي تلك الليلةِ السوداء التي عاشاها تحت ألم قلبيهما
*** ☆***☆ *** ☆***☆***
روايه قلبيّ بنارِهاَ مٌغرمٌ بقلمي روز آمين
ليلا بالفيراندا داخل السرايا،
حيث الجميع حاضرون حتي زيدان و ورد الذي دعتهما رسمية لحضور جلسة العائلة وإحتساء مشروب الشاي معهُما
تحدثت نجاة مُتعمدة وجود الجميع كي تضع تلك المُتهربة تحت الأمر الواقع :
_ كان فية موضوع إكدة كُنت محتاچة حُكمك فية يا عمي
نظر لها عتمان فاسترسلت حديثها بعدما سمح لها عتمان بالحديث :
_ طبعاً حضرتك عارف إني سافرت السِبوع اللي فات أني ويزن وليلي وأم قاسم عند الحكيم اللي صفا جالت علية ، وهو طلب منينا تحاليل وإشاعات بعد ما كشف عليها وعلي يزن، وجال نبجي نروح له بالتحليل لجل ما يفهمنا إية السبب اللي مانع الحبل لدلوك
إرتعب داخل ليلي ونظرت مُستنجدة بوالدتها، حين رمقت فايقة نجاة بنظرات مُشتعلة وتحدثت بنبرة حادة وهي تتبادل نظرها بين زيدان و ورد:
_ عيب جوي حديت خاص زي دي يتفتح وسط الأغراب يا أم يزن.
شعرت ورد بالحرج ووقفت سريعً وتحدثت إلي رسمية:
_ أني هروح علي بيتي لجل ما أتصل علي صفا وأطمن عليها يا مرت عمي
جاورها زيدان النهوض وتحدث بنبرة هادئة:
_ وأني چاي معاكِ يا أم صفا
كاد أن يتحركا حتي إستمعا إلي صوت عِتمان الهادر الذي أردف بصياح أرعب فايقة:
_ غُرب مين اللي عتجصديهم بحديتك المايل دي يا واكلة ناسك إنتِ
كَنك إتچنيتي ونسيتي حالك يا بِت سَنية
وتحدث إلي زيدان بنبرة عالية:
_ إمسك يد مرتك وجعِدها في عزك ودارك يا زيدان
ودب بعصاه الأرض بحدة وتحدث إلي الجميع:
_ ويكون في معلوم الچميع، من إنهاردة زيدان هيرچع بمرته دوار أبوة اللي إتحرم علية، هياچي هو ومرتة من صباحية ربنا ياكلوا ويعيشوا معانا إهني ويروحوا لدوارهم علي النوم وبس
ونظر إلي ورد وأردف قائلاً بنبرة صارمة غير قابلة للنقاش :
_ سمعاني يا أم الدكتورة، من بكرة معايزش أكل غير من يدك، يعني تجومي من البدرية وتاجي تمسكي المطبخ وتشرفي علي الحريم اللي هيشتغلوا إهني، مفهوم !
نظرت ورد إلي زيدان تترقب رد فعلهِ، فأشار لها بعيناة بالموافقة فأومأت قائلة بطاعة :
_ أني تحت أمرك في كل اللي تؤمر بية يا عمي .
اجابها بهدوء:
_تشكري وتعيشي يا بِت الإصول
جلست ورد وزيدان من جديد ثم تحدث عِثمان إلي قدري الجالس بقلبٍ مستشاط بسبب رجوع زيدان إلي المنزل :
_ عجل مرتك وعرِفها حدودها في دواري زين يا قدري، بدل ما أجلب عليها وأوريها وش عِتمان اللي لساتكم كلياتكم متِعرفوش عنية حاچة.
إبتلعت فايقة لُعابها وتحدثت بنبرة مُنكسرة، ترتجف من شدة هلعِها:
_ حضرتك فهمتني غلط وهِنتني وأني مظلومة يا عمي
قاطعها عِتمان قائلاً بنبرة صارمة:
_ بلاش لؤم الحريم دي عشان مهيخيلش علي شيبتي يا فايقة، ودالوك خلي نچاة تكمل لجل منشوفك مهببه إية تاني، حَكم أني خابرك زين، جرابك اللي كيف جراب الحاوي مهيخلاش من المصايب
أكملت نجاة قائلة:
_ دالوك يا عمي كان المفترض إن أبو قاسم وأم قاسم يچيبوا وياهم التحاليل إمبارح ونروح بيها للدكتور كلياتنا تاني،
وأكملت وهي تنظر لفايقة بضيق:
_ بس أم قاسم جابتها وراحت بيها إمبارح للحكيم لحالها وجالت إنه جال لهم إن التحاليل زينة وكل اللي محتاچينه هو شوية وجت والحمل هيحصل لحاله .
واسترسلت حديثها بنبرة تشكيكية غاضبة :
_ بس أني ممصدجاش حديتها دي وعاوزة تحاليل إبني اللي مَرضياش تدهالي، وأني بنفسي اللي هوديها للحكيم وأشوف هيجول إية .
هتف قدري غاضبً:
_ متخلي بالك من حديتك زين يا نچاة، وإحنا هنكدبوا عليكي لية إن شاءالله ؟
أجابهُ منتصر الغاضب:
_ أومال مرتك مخبية التحاليل لية ومردياش توريهالنا يا قدري ؟
كانت تستمع لتلك المناوشات بقلبٍ مُرتجف وجسدٍ يرتعش وعيونً تترقب الجميع بهلع، نظرت إلي يزن وجدته ينظر إليها بعيون حزينة، حقاً هو متعاطف معها وحاول التقرب لها وأحتواء قلبها مراراً، لكنها دائماً تُجبرهُ علي النفور منها والإبتعاد بسبب تصرفاتها المُخزية مع الجميع وقلبها الذي يحمل الكثير من الحقد والكُرة الغير مُبرر .
تحدثت الجدة بنبرة حادة إلي فايقة:
_ وإنتِ مخبية التحاليل عنيها لية يا فايقة، الولية حجها تفرح وتشوف حتة عيل لولادها
تحدث عتمان إلي فايقة بنبرة حادة :
_ هاتي التحاليل دالوك وأديها ليزن يا فايقة، وإنتَ يا يزن، خد مرتك وادلي علي مصر وروح للحكيم وشوف هيجول لك إية عليها
تحدثت فايقة بنبرة قوية :
_ إذا كان علي التحاليل فأني هطلع أچيبها لكم حالاً يا عمي،
وأكملت بنبرة حزينة:
_ بس اللول لازمن تعرفوا إية اللي فيها بالظبط، وإية اللي خلاني كاتمة علي الخبر ومدارية وچعي وجهرتي جوات جلبي أني وچوزي وبِتي من وجت ما روحنا بالتحاليل للدكتور وجال لنا علي اللي فيها.
نظر لها الجميع بإرتياب وتحدثت هي بنبرة ضعيفة وهي تنظُر إلي يزن قائلة بنبرة حزينة مُنكسرة :
_ العيب طلع عِند يزن يا عمي .
إنتهي البارت
قلبي بنارها مُغرمُت
25💘
نظرت فايقة إلي يزن وأردفت قائلة بنبرة صوت مُتألمة وعيون حزينة:
_العيب طلع من عند يزن.
رفع يزن بصرهِ سريعً ورمقها بنظرة بها ذهول ثم تحدث بنبرة صوت حادة جنونية :
_إية التخاريف اللي عتجوليها دِه يا مرت عمي.
صدمة شَلت حواس الجميع وجعلتهم حتي غير قادرين علي النُطق
هُنا جاء دور شريكها بالخديعة كي يُجيد حبكة القصة ويُصدق علي حديثها الكاذب، حيث تحدث بنبرة مُنكسرة أجاد تقمُصها بإتقان:
_مرت عمك معتجولش تخاريف يا يزن، مرت عمك عتجولك اللي خبرنا بيه الحكيم ومكناش عاوزين نجولة لجل شكلك جِدام أهل السرايا يا ولدي
تنهدت فايقة بأسي رسمته علي وجهها ببراعة وتحدثت وهي تنظر إلي ليلي التي تبكي بحرقة:
_ ليلي من وجت مخبرناها إمبارح من لما عاودنا من مصر وهي يا جلب أمها، دمعتها منشفتش من علي خدها ومبطلتش بُكي
هتفت نجاة قائلة بنبرة حادة مُشككة :
_ بطلي شُغل التلات ورجات بتاعك ده يا فايقة وجومي هاتي لي التحاليل اللي أني متوكدة إنها عتكشف كِدبك.
وأني عكدب في حاچة زي دي لية يا نچاة، إية المُصلحة اللي عتعود عليا من إكدة؟
جملة نطقتها فايقة بنبرة مليئة بالثقة
أجابتها تلك المُشتعلة:
_لجل ما تخبي علي عمايلك السودا والبلاوي اللي شربتيها لبِيتك واللي أني متوكدة إن هي السبب في تاخير الحَبل عنديها،
وأكملت بإتهام:
_ وبدل ما تاچي تجولي الحجيجة وتطهري حالك، تجومي تچيبي العيب عند ولدي سيد الرچالة
إنتفض قلب ليلي وارتعب داخلها عندما نظر لها يزن مُستغربً حديث والدتهِ الغامض بالنسبة له، نهضت فايقة سريعً وتحدثت بتلبُك خشيةً إنفضاح أمرها :
_ الله يسامحك علي ظُلومتك ليا يا خيتي، علي العموم أني هطلع أچيب لك التحاليل و وديها لأي دكتور إهني، وإنتِ تعرفي أني مبجولش غير الحجيجة وربي شاهد عليا
وجة قدري بصرهِ نحو نجاة وتحدث بنبرة قوية أجاد تقمُصها بعدما نظرت له فايقة طالبة العون منه والمُساندة :
_ أني مش فاهم لزمته إية التشكيك دي يا نچاة، ما چوزك وولدك جاعدين منطجوش أهم، إشمعنا أنتِ اللي إعترضتي وعتكدبي حديتنا ؟!
كانت أشبة بهِرة شرسة علي أتمّ الإستعداد لغرس حوافرها الحادة داخل لحم أي شخص يحاول أذية صغارها، رمقتهُ بنظرات غاضبة وأجابتهُ بقوة جديدة عليها لا تعلم مصدرها :
_لأن محدش يعرف خبايا مرتك وتخطيتها العِفش جَدي يا أبو قاسم
وهُنا هتف عتمان الذي عُقدَ لسانهِ جراء صدمتة من تلك الكارثة التي حلت بحفيدة فتحدث مُستفسراً :
_ عمالة تلفي وتدوري علي إية يا نچاة ، متجولي طوالي تجصدي إية بحديتك دي ؟!
نظرت لها فايقة مُستعطفة إياها بأن تلتزم الصمت وتحفظ السر الذي لا يعلمه سوي كِلاهما وليلي
فتحدثت نجاة بقوة ضاربة نظرات فايقة التوسلية عرض الحائِط:
_ أني عجولك علي اللي بجالي سنتين كتماة في بطني وجافلة عليه خاشمي يا عمي، وإنتَ أحكم بيناتنا،
واسترسلت بقوة وهي تُشير بيدها إلي فايقة:
_السِت فايقة بجالها سنتين عتلف ببِتها عِند دچالين المركز كلاته من وجت ما أتچوزت لحد دالوك ، شربتها وصفات وخلطات يامّا وأني كُنت ساكتة ومخروسة علي أمل إن الحَبل يتم وأشوف عوض ولدي بيچري جِدام عِنيا
دبت رسمية علي صدرها وتحدثت بإستنكار إلي فايقة:
_ يا حومتي، هي حصلت الدچالين يا مّرة يا خرفانة إنتِ، وأمنتي لبِنتك كِيف تدخل عِند الناس العِفشه دي يا حزينة ؟!
إتسعت أعيُن يزن بذهول وحول بصرةِ لتلك المُنكمشة علي حالِها تنظر علية بترقب ورُعب كالجَرو المذعور
حين هتفت فايقة مُدافعة عن حالها وإبنتها من تلك الإتهامات التي من الممكن أن تُفسر بشكل خاطئ لدي الجميع :
_ أني مهملتش بِتي دجيجة واحدة لحالها مع حد يا عمة، رچلي كانت سابجة رِجلها في اي مكان بتدخلة، والناس اللي كُت بروح لهم كلياتهم مُحترمين وسمعتهم الطيبة سبجاهم
هدر بها عِثمان بنبرة صارمة وعيون مصدومة :
_سُمعة مين اللي سبجاهم يا مّرة يا خرفانة يا أم عَجل ناجص ، هما دول يعرفوا ربنا من الأساس لجل ما يكون عِنديهم أخلاج ؟!
ثم حول بصرهِ علي قدري الذي يجلس داخل المقعد يكاد من شدة خجلهِ وزعُرةِ أن يختفي داخلهُ وتحدث مُتهكمً :
_وإنتَ يا دلدول الحُرمة يا اللي محسوب عليا كَبيري وإنتِ أصغر عيل في الدوار دماغة توزن عشرة من عينتك ، كُنت تعرف باللي عم تسوية غُراب البين دي وَيّا بِتك ؟!
نطق سريعً مُخلصً حالهِ من غضب والدة الذي يُشبة الإعصار :
_الله الوكيل مَعرِف غير دالوك يا حاچ، أني زيي زيكم
رمقهُ عِتمان بنظرة إشمئزاز قائلاً بتهكم ساخر:
_ ما أنتَ لو راچل صُح ومالي عين بِت سَنية مكانتش إستغفلتك وعِملت اللي علي كيفها يا خلفة الشوم والندامة
وقف يزن سريعً وتحرك إلي موضع جلوس ليلي وأمسك كف يدها وسحبها بعُنف قائلاً وهو يصفعها بقوة علي وجهها :
_ مش هو لوحدة اللي مّرتة عَم تستغفلة ومش معتبراة راچل ودايرة علي كِيفها يا چدي
قال كلماتهِ الغاضبة بعيون تطلقُ شزراً، نزلت الصفعة علي وجنة ليلي جعلتها تتهاوي بوقفتِها، فشهقت نساء العائلة ووضعت ورد يدها علي فمها بذهول، حين جرت فايقة علي صغيرتها واحتضنتها قائلة بنبرة غاضبة وهي تنظر بشر إلي يزن:
_ جطع يدك اللي مدتها علي بِتي
جري فارس وأمسك يزن محاولاً تهدأتهُ وتحدث :
_مش إكدة يا يزن، إمسك حالك أومال
أسرع قدري ووقف بجانب زوجته وإبنته وتحدث موبخً إبنهِ:
_هو ده اللي ربنا جدرك علية بعد ما ضرب خيتك جِدام الكل يا خِلفة الندامة ؟!
ثم حول بصرهِ إلي يزن وتحدث بنبرة خالية من الرجولة والشهامة والأصول:
_ وإنتَ يا عِرة الرچَالة، بدل ما تداري خيبتك وعَجزك چاي تستجوي علي بِتي وتضربها لجل ما تداري ضَعفك
جحظت أعين يزن وشعر بطعنة برجولتة، شعور مُميت بالعجز والخجل والنُقصان تملك منه حتي أنه لم يقوي علي رفع عيناه في أحدٍ من المتواجدين، وقعت الجملة علي قلب فارس احرقتة لأجل إبن عمه وصديقة الصدوق بل وشقيقهُ ورفيق دربة وتحدث بنبرة مُلامة:
_ إية اللي عتجولة دي يا أبوي؟!
نظرت مريم من وسط دموعها الغزيرة إلي فارس بإستحسان لما قام به من أجل شقيقها
حين جري علية زيدان الذي شعر بإبن شقيقهُ الذي يعتبرهُ ولدهُ الذي لم يحظي بإنجابه وحاوطه بذراعه وتحدث إلي قدري قائلاً بنبرة غاضبة وعيون تطلق شزراً :
_إية السِم اللي عيطلع من خاشمك ده يا بني آدم إنتَ ؟!
تحرك مُنتصر سريعً إلي قدري وأمسكهُ من تلابيب جِلبابة وهزهُ بعُنف وتحدث:
_ بدل ما تتشطر علي ولدي وتدبحه بحديتك دي، روح ربي مّرتك القادرة اللي دايرة علي كِيفها وملبساك العِمة يا عِرة الرچالة
جرت رسمية علي أنجالِها وهي تصرخ بعلو صوتها محاولة التهدأة والفصل بينهما ، وزيدان الذي وقف يتوسط شقيقاه محاولاً بشِدة فَكاك قبضة يد مُنتصر الخانقة لقدري ،،
هدر عِتمان بعلو صوتهِ ودق بعصاة الأبنوسية الأرض وأردف قائلاً بنبرة حادة :
_ بعدوا يدكم عن بعض يا واد منك لية، والله عال يا ولاد عِتمان، جة اليوم الي أشوف فية عيالي ماسكين في هدوم بعض وبيتعاركوا جِدامي
إبتعد الجميع عن بعض جراء حديث عِتمان، وأمسكت رسمية بتلابيب زيدان وهي تتهاوي وتُغمض عيناها قائلة بنبرة ضعيفة مُستنجدة:
_ إلحجني يا زيدان.
صرخ زيدان بإسمها وحملها بين ساعدية تحت صرخات وأرتياب الجميع وجري بها سريعً لداخل حُجرتِها وقام بتمديدها فوق التخت وجري عليها عتمان بهلع محاولاً إفاقتِها
بادر فارس بالإتصال علي دكتور ياسر وابلغةُ بالحضور الفوري، أما يزن الذي ما زال مُتسمراً بوقفته بعيون مُتحجرة غير واعي لما يجري من حولهِ وكأن روحهُ قد فارقت الحياة ولم يتبقي منه سوي جسدهِ البالي وفقط، تحركت تلك الباكية وقابلت وقوفهُ وتحدثت بدموعها وهي تتلمس كف يده بترقب:
_ يزن.
فاق علي حاله وجذب يده بحدة ثم رمقها بنظرات مُشتعلة مُشمئِزة وانسحب للخارج تاركً المكان بأكملة، إتجة إلي حدائق الفواكة المتواجدة بغرب النجع، وجلس بها شاردً بائسً حزينً علي حاله وما أوي إلية
داخل السّرايا، أتي ياسر وأجري الكشف علي رسمية التي إكتشف أنها مُصابة بداء السُكري ويرجع هذا بسبب تقدمها بالعمر وهذا ما ساعد بإرتفاع شديد بضغطِها، أعطاها الدواء المناسب لحالتها وتحرك للخارج مع فارس، لاحظ وقوف مريم واقفة بجانب ورد ونجاة وهي تبكي بإنهيارٍ تام لأجل ما أصاب شقيقها وانتهت بما حدث لجدتها من إنهيار تام ، إشتعلت روحهُ وصرخ قلبه مُتألمً لأجل دموعها الغالية ،
فتحدث موجةً حديثهُ إلي الجميع وهو يختصها بالنظر:
_ إطمنوا يا جماعة، الحاجة كويسة وإن شاء الله حالتها هتتحسن أكتر بعد ما أخدت الأدوية
نظرت إلية مريم بضعف ألمهُ كثيراً ثم تحدثت إلية ورد بإمتنان:
_ ربنا يطمن جلبك يا دكتور .
شكرها وأنسحب مُستأذنً للخارج تحت إستغراب فارس من تصرف ياسر ولكنه نفض من دماغهِ سريعً لاجل الوضع الراهن لأهل المنزل
أسرع الجميع إلي حُجرة رسمية وجدوها تتمدد بوسط عِثمان و زيدان المُمسك بكف يدها برعاية يتحسسيهُ بحنان ليبث الطمانينة لقلب غالية قلبة وأول من عرف الحب علي يدها، والدتهُ الحنون القاسية، نظر عِتمان علي الجميع بوجة حاد وتحدث أمراً بصرامة:
_ يلا كل واحد ياخد مرتة وعيالة وعلي فوج معايزش حد إهني واصل .
كاد زيدان ان يتحرك أوقفة صوت عِتمان الذي تحدث قائلاً :
_ خليك إنتَ چار أمّك يا زيدان
إنتفض قلب زيدان من شدة سعادتة، هو بالاساس لا يُريد ترك يد غاليتة
وأكمل وهو ينظر إلي ورد موقراً إياها ومعظمً من شأنها كعادته في الأونة الأخيرة وكأنهُ بهذا التعظيم يعتذر منها علي ما بدر بالماضي والظلم الذي وقع عليها سابقً من جميع العائلة :
_ وإنتِ يا أم الدكتورة، إدخلي المطبخ إعملي لحماتك شوربة الخُضار اللي جال عليها الدكتور
إشتعل داخل فايقة وكاد قلبها أن يصرخ من شدة الغضب والغيرة وهي تري الجميع بدأ يمقطها وينجذب لتلك الساحرة الشمطاء علي حد تفكيرها ووصفها لها ،
أجابتهُ ورد بنبرة طائعة:
_ من عيوني يا عمي.
ونظرت إلي رسمية وتحدثت إليها بنبرة حنون:
_ ألف سلامة عليكِ يا مرت عمي
أمالت لها رسمية بعرفان وذلك لعدم قدرتها علي الحديث
أشارت فايقة بيدها إلي ورد مانعة إياها من التحرك في طريقها إلي المطبخ وتحدثت إلي عِثمان بنبرة مُنكسرة حاولت بها جذب النظر إليها ورجوعها إلي مكانتها العالية كما السابق :
_ خليني أني اللي أعمل الشوربة لعمتي يا حاچ، لأن أني أدري الناس باللي عتحبة عمتي
هدر بها عتمان قائلاً بنبرة حادة وملامح وجه مكفهرة:
_ جولت لك إطلعي علي مُطرحك ومعايزش أشوف خلجتك جِدامي، معتسمعيش الكلام لية يا حُرمة ؟
هرولت إلي خارج الحُجرة وبسرعة البرق كانت في نهاية أعلي الدرج
أمسك زيدان كف والدته وتحدث بصوتٍ حنون :
_ سلامة جَلبك يا ست الكُل
نظرت إلية بحُزن وأنكسار المرض، فنزلت دمعة من عيناها وتحركت نحو أذنها جففها لها سريعً ومال علي جِبهتها وقبلها بحنان
نظر عِتمان إلي زيدان وضيق عيناه بتفكر ثم تحدث بنبرة تشكُكية:
_ زيدان، أني عاوزك تاخد ولد أخوك وتدلي بيه علي مَصر لجل ما تعيد له الكشوفات والتحاليل لأني ممصدجش ولا كِلمة من اللي جالها أخوك هو والعجربة اللي متچوزها
هزت رسمية رأسها بضعف وتحدثت:
_ عين العجل يا ولد عمي، ولد مُنتصر عفي وزين زي ابوة وچده
أومأ لهُ زيدان بطاعة وتحدث بإحترام:
_ من غير متجول يا أبوي، أني كُنت ناوي أعمل إكدة لأن كيف مجالت نچاة، فايقة جرابها واعر كيف جراب الحاوي تمام، وبيرها غويط ملوش جرار .
______________________
تحركت فايقة إلي شقة إبنتها كي توبخها بعدما رأت إنهيارها ونظرة الرعب بأعيُنها بالأسفل أمام الجميع مما جعلها مُرتابة ليشك بأمرِها الآخرون ، وجدتها متكورة علي حالها فوق التخت تبكي بشدة
وقفت تتطلع عليها بكُرة، رافضة حالة الإستسلام تلك التي تتملك منها ، كم تبغض أن تري وريثتها بكُل هذا الضعف والهوان، كم تمنت لها أن لا يُصيب قلبها بلعنة العِشق ولا يُميلُ لأحدهم بتاتاً كي لا يُضعفها غرامها وتبقي صامدة أبية ولا يستطيع أياً كان كسرها او إذلالِها تحت إسم العِشق
تحدثت بنبرة حازمة وملامح وجة صارمة:
_ فوجي لحالك وبطلي نويح يا بِت، أني مش هحاسبك علي اللي عِملتية تحت جِدام الكل، مش وجته، بعدين هنتحاسبوا ، بس عوزاكي تجمدي وتثبتي جِدام الكل لجل ما الموضوع يعدي علي خير
صاحت بصراخ هيستيري :
_كيف هيعدي يا أمّا، يزن ضاع من يدي خلاص، يزن مد يده عليا لأول مرة في حياته، وكل ده بسببك إنتِ
جحظت عيناي فايقة بشكلٍ مُخيف لناظرة وتساءلت بنبرة حادة:
_ بسببي اني يا واكلة ناسك إنتِ ؟
صُح ناكرة للچميل كِيفك كِيف بجيت ناسك، بجا هي دِي جزاتي بعد اللي عِملته لجل ما أكسركيش جِدام اللي يسوي واللي ميسواش يا حزينة ؟!
شهقت ليلي من شدة بكائها فتحدثت تلك المُتجبرة عديمة القلب والمشاعر قائلة بنبرة حادة:
_جومي يابِت إدخلي الحمام واتسبحي لجل ما تفوجي من حالتك المشندلة دي
وأكملت بنبرة قوية :
_ معيزاش أشوفك إكدة، ملايجش عليكِ الضعف يا بِت فايقة ، يلا جومي
قالت كلماتها الحادة الخالية من الإنسانية وانسحبت من المكان تاركة صغيرتها المنهارة دون أن تسحبها لأحضانها وتحاول طمأنة خوفها، أو حتي تحتوي ضعفها الذي يملأها
هكذا هي فايقة النُعماني، إنسانة عديمة الضمير معدومة الحِس والشعور حتي بمن يحمل چيناتها ، فقد سحبتها دائرة الإنتقام داخلها ونزعت من قلبها الرحمة حتي أنها أصبحت بلا شعور أمام أطفالها ، عاشت حياتها بالكامل لم تحتوي صغارها، لم تتذوق حلاوة إحتضانهم ولم تذيقهم إياها، يا لكِ من مسكينة بائسة أيتها الفايقة، فقد خسرت وتخطتكي الكثير من المشاعر الأدمية السامية وأفتقدتها بسبب إنتقامك الأعمي
______________________
دلفت فايقة مسكنها وجدت قدري يجوب المكان إيابً وذهابً ويبدوا علي ملامح وجهةِ الغضب الشديد، وبمجرد رؤيتهُ لها حتي تحرك سريعً وقابلها الوقوف وتحدث بنبرة مُلامة مُرتعبة :
_ جولت لك بلاش منية الموضوع المجندل ده يا فايقة، جولت لك الدِنيي هتولع من حوالينا مصدجتنيش، وأديها هتطربج فوج نفوخنا وهنتفضح جِدام الكِل كَليِله
نظرت له بقوة وتحدثت بنبرة واثقة:
_ إهدي يا قدري وأمسك حالك أومال، مفيش حاچة هتتكشف ولا حد عيعرف أيتوها حاچة ، التحاليل وهديهالهم يروحوا بيها وين ما بدهم
وأردفت وهي تنظر أمامها بتمعن :
_ التحاليل سليمة وعتجول إن العيب من يزن وإن بِتي صاغ سليم، ما أحنا مدفَعناش الفلوس دي كلياتها في حتة ورجة وفي الاخر نجف خايفين إكده
ورجعت بذاكرتها إلي قبل شهران من الآن عندما أخبرتها ليلي وهي في قمة سعادتها قائلة :
_ كَن اللي مستنيينه من زمان حُصل يا أمّا
تسائلت فايقة مُستفسرة:
_خير يا ليلي،ومالك فرحانة جوي إكدة ؟
أجابتها بكبرياء وهي ترفع قامتها لأعلي:
_ خير بالجوي يا أمّا،شكل إكدة زماني هيضحك لي وهترحم من كلام اللي يسوي واللي ما يسواش
ضيقت فايقة بين حاجبيها ونظرت لها بعدم إستيعاب فتحدثت ليلي مفسرة حديثها بنبرة خجلة بعض الشئ:
_ الدورة الشهرية مجاتنيش الشهر اللي فات، بس أني مختش في بالي وجولت يمكن متخربطة زي ما حُصل معاي جبل إكدة،بس الشهر دي كمان مجاتش وميعادها فات من أربع أيام
وأكملت وسعادة الدنيا بعيناها:
_ شكلي حِبلة يا أمّا
شعرت فايقة بسعادة الدنيا تسكن قلبها وبرغم أنها شبة تأكدت من حمل صغيرتها إلا أنها نوهت عليها بألا تُخبر أحداً وبالأخص يزن لحين ذهابهما إلي الطبيب والتأكد من صحة الخبر
وبالفعل بعد يومان ذهبت إلي الطبيب وأخبرته بما تشعر، وبعد ان أجري الكشف عليها أخبرها بعدم وجود حمل وطلب منها إجراء بعض الفحوصات،، وبعد أن قامت ببعض الفحوصات وذهبت بها إلية وتفحصها جيداً
نظر لها بشك قائلاً:
_ التحاليل ظاهرة لي إن فيه مشكلة، بس مش هقدر أحددها بالظبط غير بتحاليل تانية علشان الصورة تكتمل قدامي وأتأكد من شكوكي.
سألتة فايقة بتخوف تحت نظرات ليلي المُرتعبة:
_اللي هي إيه شكوكك دي يا دكتور ؟
أجابها بعملية:
_ بلاش نسبق الأحداث يا مدام وخلينا ننتظر نتيجة التحاليل الجديدة أفضل
وكتب لها نوع الفحص الذي يُريد منها إجرائة
وبالفعل ذهبتا إلي المعمل من جديد وقامت ليلي بعمل الفحص المطلوب منها وبعد يومان ذهبتا للطبيب من جديد متخفيان كعادتهما حيث قامت فايقة بإخبار رسمية بأن والدتها مريضة وعليها الذهاب إلي زيارتها والإطمإنان عليها بصُحبة ليلي
ذهبت إلي المعمل وأحضرت الفحوصات ثم إتجهت إلي الطبيب مرةً آُخري وجلستا يترقبان حديث الطبيب الذي ضل يتفخص التقرير بتمعن شديد
أخذ نفسً عميقً ثم زفرة وتحدث بملامح وجة تُسيطر عليها الشفقة:
_ للأسف يا مدام ليلي، التقارير بتأكد عدم وجود أي بويضات عندك نهائى
معناته إية الحديت دي يا دكتور؟
جملة مُستفسرة نطقت بها ليلي بعدم فِهم
أجابها الطبيب بأسي:
_ يعني حصل لك إنقطاع مُبكر للبريود وللأسف حملك أصبح مستحيل ، بالبلدي كده كأنك دخلتي في سِن اليأس بس في سِن مُبكر جداً
صاحت بهِ فايقة قائلة بحدة:
_إية التخاريف اللي عتجولها دي يا دكتور الهَم إنتِ ؟
كظم الطبيب غيظة من إسلوبها الفظ الخالي من أداب الحديث ولباقتة، لكنه راعي مشاعرها وعذر حِدة حديثها الناتج عن ما أصابها من ذهول جراء ما أستمعت
وتحدث مُفسراً بنبرة تعقُلية بعدما قام بضبط النفس :
_ دي مش تخاريف يا مدام، دي النتيجة الطبيعية بعد كُل العَك والجهل اللي عملتية في بنتك، كمية الأدوية الكتير اللي أديتها لها مع الاعشاب والخلطات الخزعبلية اللي كنتي بتشربيها لبنتك عملت لها لخبطة في الهرمونات، مع طول المدة وإستمرارك في اللي بتعملية إتحولت من لخبطة إلي خلل في الهرمونات
وأسترسل حديثه بنبرة مُلامة:
_ بنتك كان عندها مشكلة بسيطة هي اللي مأخرة الحمل وكانت ممكن تتحل بس بالهدوء والصبر، وده الكلام اللي أنا قولته لحضرتك لما جيتي لي بيها بعد جوازها بشهرين،
واكمل بأسي:
_بس حضرتك ماصبرتيش وبقيتي بتوديها كل إسبوعين تقريباً لدكتور شكل، وده طبعاً علي حسب كلامك اللي قولتهولي من يومين ،
وأكمل مُسترسلاً:
_وكل دكتور منهم يكتب لك أدوية غير التاني ،
وأكمل لائماً وهو ينظر لتلك الليلي الباكية بإنهيار:
_ وياريتك إكتفيتي بالأدوية لوحدها، ده أنتِ كُنتِ بتديها خلطات مجهولة المصدر وتغليها وتشربيها لها علي الريق.
هز رأسهُ يمينً ويساراً وتحدث بأسي :
_للأسف يا مدام، إنتِ دمرتي بنتك بأديكي وضيعتي عليها فرصة إنها تبقي أم
رمقتةُ بنظرات ساخطة وتحدثت وهي تهم بالوقوف:
_ اني اللي ضيعت بِتي يا واكل ناسك إنت، الله الوكي شكلك إكدة مفاهم تحت رچليك، عمال تخرف وتخربت بالكلام وعاوزني أصدج تخاريفك دي ؟
وأكملت بنبرة ساخرة:
_جال إية، بِتي اللي مكملتش التمانية وعشرين سنه وصلت لسن اليأس، يأس لما ياخد أچلك.
وتحدثت أمرة بنبرة صارمة لإبنتها الباكية:
_ جومي بينا يا بِت لجل ما نشوف حكيم ببفهم صُح
أخذت إبنتها ونظر الطبيب إلي طيفهما ثم تحدث بوجةٍ مُشتمئزً:
_ ست جاهلة متوحشة
مرت الأسابيع سريعً وما أن علمت من صفا عن أمر الحكيم الشهير حتي تشبثت بالفكرة وأتجهوا إلية سريعً علي أمل أن يكون تشخيص الطبيب السابق خاطئ، وطلب الطبيب منهما القيام بعمل فحوصات ليزن ومريم كي يطلع علي نتائج الحالة جيداً
وفي صباح الأمس، فاقت باكراً حيثُ غفت بمسكن قاسم بعد إنتهاء حفل الزفاف، ثم ذهبت بصحبة زوجها إلي معمل التحاليل الشهير الذي أرسلهُما إلية الطبيب وذلك لدقة تقاريرة
وقف قدري أمام السكرتير المُختص بتسليم التقارير الخاصة وأخبرهُ أنه يريد مقابلة المُختص كي يستفسر منه عن نتيجة الإختبارات بدقة، وبالفعل إتجهوا إلي مكتب المُختص الذي نظر إلي الإختبارات
وتحدث إليهما بعدما تفحصها جيداً:
_ تحاليل الاستاذ يزن بتأكد إن هو سليم 100٪% ومعندوش أي موانع للخلفة
وأكمل بتعابير وجة غير مُبشرة بالمّرة:
_للأسف تحاليل الأستاذة ليلي بتؤكد عدم قدرتها علي الحمل نهائيً ، البويضات عندها مُنعدمة،ونسبة حدوث الحمل مستحيلة بسبب دخولها في مرحلة إنقطاع الطمث المُبكر
صدمة ألجمت لسان قدري وفايقة التي فقدت الأمل الأخير لها بتلك الكلمات التي وقعت عليها كصاعقة صعقت معها جميع أمالها وكسرت قامتها، ولكنها لم تكن فايقة إن إستسلمت لقدرها وللواقع، ستحارب إلي نهاية المطاف إلي أن تحصل علي كل شئ تريدةُ
إستمعت إلي صوت قدري وهو يحثها علي الوقوف ليغادرا، نظرت إلية بنظرات حادة كالصقر وتحدثت:
_ إجعد يا قدري، عندينا عرض زين جوي للدكتور
نظر لها المختص وتحدث مُستفسراً:
_ عرض ! عرض إية ده يا أفندم اللي بتتكلمي عنه؟!
أجابته بثبات إنفعالي:
_ تاخد كام وتبدلي التحاليل دي
جحظت أعين قدري في حين وقف المختص وتحدث إليها بنبرة حادة:
_ إنتِ بتقولي إية يا سِت إنتِ، إتفضلي أخرجي برة بدل ما أطلب لك الشرطة وألبسك قضية رشوة
تحدث قدري إليها بنبرة حادة:
_ جومي يا أم قاسم وبكفيانا فضايح لحد إكدة
لم تلتفت إلي حديث زوجها ولم تُعيرةُ إية إهتمام، ثم وضعت ساق فوق الآخري ونظرت إلي المُختص وتحدثت بنبرة واثقة قوية:
_ 100 ألف چنية وتغير لي التجاليل وتخلي عيب الخلفة من يزن
إبتلع الرجل لعابة ونظر لها بتشكيك ثم نفض رأسهُ من الفكرة وكاد أن يتحدث قاطعتهُ هي بتحدي:
_ 150 ألف وتعملي تجرير ميخرش الماية وجبل ما أخده من يدك هتنزل وياي في أي بنك أسحبهم لك حالاً ، وده آخر كلام عِندي يا إما أروح لأي واحد غيرك يعملي كل اللي أني عيزاه بربع التمن دي
سال لُعاب الرجل فتساءلت هي بنبرة حادة:
_ جولت إية يا دكتور؟!
تحدث قدري مُحذراً إياها :
_ بلاش يا فايقة، اللحكاية اللي عتفكري فيها دي لو إنكشفَت عتخفلج علي دماغنا ويمكن تكون فيها نهايتنا
سبقها المُختص بالرد بعدما أغراهُ المال :
_ أنا هكتب لك تقرير واظبطهولك بحيث مفيش مخلوق يقدر يشك فيه
وأكمل لإقناعة:
_ وأظن محدش هيشُك في مصداقية معمل عريق وكبير زي المعمل ده
وبالفعل زور لهم المختص التقرير وتوجهوا بعدها مباشرةً إلي المطار كي يستقلا الطائرة المتوجهه إلي سوهاچ
عودة للحاضر
سألها قدري بنبرة قلقة:
_ العمل إية دالوك يا فايقة لو الموضوع إتكشف،
أجابته بنبرة باردة واثقة :
_بسيطة يا قدري، عنجول الموظف خربط وهو بيحط نتيچة التحاليل عِند يزن، والموظف بجا بتاعنا خلاص، عنكلمة وهيصدج علي كلامنا جِدامهم ويچيب لهم التجرير الحجيجي وخلِصنا
تنهد بحيرة وتوجس من أمر تلك المُتجبرة التي لا تترك شئ للظروف ودائماً تخطط لكل شئ بطريقة رائعة
*** ☆***☆ *** ☆***☆***
روايه قلبيّ بنارِهاَ مٌغرمٌ بقلمي روز آمين
بالأسفل، طلب عِتمان من زيدان و ورد المبيت معهُ داخل السرايا تحسبً لأي جديد يحدث في حالة رسمية ووافق زيدان بترحاب هو وزوجتة
أما يزن فكان اليوم هو أسوء يوم مر بهِ مُنذُ أن نشأ وترعرع وكبر، تأخر الوقت كثيراً وهو مازال بحديقة الفاكهه، هاتفته نجاة ومنتصر ومريم كثيراً لكن دون جدوي وذلك لغلقهِ هاتفة للهروب مبتعداً عن الجميع ،
شعر بالتعب والنعاس فساقتة رجلية إلي المَشفي، حاول فتح غرفة الكشف الخاصة بصفا أو ياسر وذلك لوجود سَرير كشف بهما، لكن لسوء حظة كانتا مغلقتان، تحرك لغرفة أمل وفتحها وتحرك سريعً إلي السرير الخاص بالكشف وتمدد بجسدهِ المرهق علية، لم يُكمل دقائق حتي غفي بثباتٍ تام من شدة إرهاقة
ليلة كالحة صعبة قضاها الجميع ما بين مُنكسر وحزين وأخر مُرتعب من فكرة إنكشاف أمرة،، ما عدا ثُنائي العشق الذي غرد طائر الحُب فوق عِشهما السعيد فجعلهما وكأن روحيهما طائرة سابحة في جنة الغرام
كان يجذب جسدها إلية لاصقً إياه بجسده بحميمية ، واضعة هي رأسها فوق ذراعةِ الممدود لها بحنان ، ينظر كلاهُما داخل عيون الأخر بهيام
تحدث مُداعبً إياها وهو يتلاعب بخُصلات شعرها الحريري بين أصابع يده :
_شفتي كُنتي حارمة حالك من إية بالمخدة اللي كُنتي حاشراها بيناتنا
وأكمل:
_بذمتك متعة نومك چوة حُضني دي مپتخلكيش تفكري إنك تولعي في مخدة الشُوم دي أول ما نرچعوا ؟
ضحكت عالياً وتحدثت إلية:
_ ما أني سيبالك إنتَ المُهمة العظيمة دي،
وأكملت بنعومة سلبت بها عقلة:
_ مش إنتَ وعدتني وإنتَ في القاهرة إنك أول ما ترچع سوهاچ عتولع فيها ؟
جذبها أكثر إلية وتحدث غامزاً بعيناه:
_ ملحجتش، كان عِندي مهمة أسمي وأعظم وأهم ، بس أوعدك إن أول ما نروح هتكون دي أول مهمة أجوم بيها
ثم مال علي شفتاها وقبلها بحنان وأكملا حديثهما ومداعباتهما التي تُقرب روحيهما أكثر وأكثر، ثم غفا بأحضان بعضيهما بقلوب سعيدة مطمأنة
ضل فارس جالسً طيلة الليل بجانب مريم المنهارة لأجل شقيقها، يربت علي كتفتها بحنان، لا يدري أيداوي جراحها أم جراحة، فحقاً الألم مُشترك بينهما والوضع منتهي السوء للجميع
_______________
في الصباح، أتت أمل باكراً كي تستعد لتجهيز حُجرة الكشف الخاصة بها وتجعلها لائقة لإستقبال المرضي، فتحت باب غُرفتها وإذ بها تري يزن مُمدد علي السرير الخاص بالكشف يغط في نومٍ عميق ، إتسعت عيناها من هيأته وتملك الغضب منها فتحركت إلية وتحدثت بنبرة حادة:
_ إنتَ يا محترم
فُزع يزن من حدة صوتها وجلس سريعً يتلفت وهو مزعوراً، يستكشف المكان من حولهِ حتي إستقرت عيناه علي تلك الغاضبة التي تحدثت من جديد وهي تضع يداها داخل خصرِها:
_ ممكن حضرتك تفسرلي إية اللي أنا شيفاه قدامي ده ؟
وأكملت بتهكم:
_ مستشفي محترمة دي ولا لوكاندة يا باشمهندس
وضع كف يده فوق وجهة وفركهُ بتعب ولا مبالاة وكأنهُ لا يستمع لصريخها من الأساس، وهذا ما آثار جنونها وزاد من حِدتها حيثُ هتفت قائلة بشدة:
_هو حضرتك مش سامعني، ولا أنا هوا واقف قدامك ؟
وقف منتصب الظهر يهندم من ثيابه وتحدث مُتهربً من عيناها:
_ أني آسف يا دكتورة، أني كُنت إهني وتعبت فجأة وملجيتش غير أوضة الكشف بتاعتك هي اللي مفتوحة،
وأكمل مُعتذراً:
_ أني أسف واوعدك مهتتكررش تاني
شعرت بحالة البؤس والألم اللذان يخرجان من صوتة وعلمت حينها أنهُ يواجة مشكلة عميقة وانهُ ليس بخير، علي الفور تراجعت وتحدثت بنبرة هادئة:
_ إنتَ كويس؟
أومأ لها بإستسلام دون النظر بعيناها وتحرك مُتجةً إلي الخارج بجسدٍ هزيل يتهاوي وروحٍ تائهة، نظرت أمل علية مُشفقة علي حالتة التي ولأول مرة تراه عليها
إنتبهت حين وجدت مريم تُسرع إلي شقيقها وتحدثت بنبرة مُتلهفة:
_ إنتَ فين وسايبنا هنموت من الجلج عليك يا يزن ؟
إنتَ كويس يا أخوي ؟
هز لها رأسهُ وتحدث بصوتٍ هزيل ضعيف:
_أني بخير
أردفت قائلة بنبرة حزينة:
_ أبوك وأمك عيموتوا عليك مناموش طول الليل، يلا يا حبيبي روح خد دوش وغير هدومك دي ونام، وإن شاء الله خير
تحرك وأكمل طريقةِ بجسدٍ هزيل مُنهزم نزلت دموع مريم فتحركت أمل التي كانت تستمع حديثهما الدائر أمام باب غرفتها، وقفت أمام مريم وتحدثت:
_ أستاذة مريم، إنت كويسة ؟
هزت مريم رأسها نافية فسحبتها أمل من يدها وتحركت بها للداخل وأجلستها قائلة بنبرة مساندة:
_ إرتاحي وأنا هطلب لك عصير ليمون يهدي أعصابك
دلف ياسر سريعً بعدما شاهد خروج يزن بتلك الحالة المُزرية وسأل مريم بإهتمام ولهفة بعدما رأي دموعها :
_ فية إية يا أستاذة مريم، هو الباشمهندس مالة ؟
وقفت وتحدثت وهي تُجفف دموعها بكف يدها الرقيق:
_ خير يا دكتور، مفيش حاچة
وتحدثت مُنسحبة بهدوء وذلك لحرصها الدائم علي التواجد مع ياسر بمكان يجمعهما سوياً :
_ بعد إذنكم .
تحركت للخارج ونظر ياسر إلي أمل وسألها مُستفسراً :
_ هي إية الحكاية يا دكتورة ؟
أجابته بنبرة مُتأثرة :
_ تقريباً كدة الباشمهندس ببمر بأزمة نفسية بسببٍ ما، تعابير وشة بتقول إنه إتعرض لصدمة شديدة هزت كيانة بقوة، وغالباً الصدمة دي خاصة بالعيلة، لأن الأستاذة مريم هي كمان عندها نفس الأعراض لكن علي أخف وبشكل مُبسط
قطب جبينهُ وتساءل بطريقة دُعابية:
_ إنتِ متأكدة إنك تخصص نسا وتوليد؟
إبتسمت له بهدوء فأكمل هو:
_ حضرتك بتتكلمي بمهنية متخصص نفسي
تنهدت وتحدثت بنبرة مُحملة بالألم:
_ هموم الناس وقلوبهم المكسورة مش محتاجين دكتور علشان يقدر يشوفهم جوة عيونهم اللي بتصرخ من الألم ، هما محتاجين حد بيحس مش أكتر
نظر لها بتمعن وتأكد من أن بداخل قلبها ندوبٍ عميقة ناتجة عن جرح لم يُشفي بعد
فتحدث هو مُتعمداً كي يُخرجها من حالتِها:
_ دكتور صفا كلمتك إنهاردة؟
حركت رأسها نافية وأردفت:
_ إنهاردة لا، لكن كلمتني إمبارح كانت بتطمن علي سير العمل
*** ☆***☆ *** ☆***☆***
روايه قلبيّ بنارِهاَ مٌغرمٌ بقلمي روز آمين
داخل كافية بوسط مدينة سوهاج
تجلس ماجدة بصحبة صديقتها أحلام تتناولان الطعام بشهية عالية
تحدثت أحلام ناصحة لصديقتِها :
_أنا لو منك ما أسيبش الفرصة اللي جت لي علي طبق من دهب دي تضيع من إيدي أبداً
نظرت لها وتسائلت بتهكم:
_ وكُنتي هتعملي إية بقا يا أذكي أخواتك لو كُنتي مكاني ؟
أجابتها أحلام بنبرة جشعة:
_كُنت هطلب منه يجيب لي ذهب ويحط لي في البنك مبلغ كده محترم، وأهدده لو ما أنفذش هروح لأبوة وأقول له علي جواز حفيدة التاني علي بنت إبنة، واللي حصل بموافقة وحضور قدري بذات نفسة
ضحكت ماجدة ضحكتها الشهيرة الرقيعة مما جعل أبصار الرجال المتواجدون داخل المكان تتجة إليها فتحدثت غير مبالية بنظراتهم :
_ ده أنا أبقي أكبر مُغفلة لو عملت كده، إنت علشان ماتعرفيش قدري وشرة سهل عليكي تقولي كلامك ده،
وأكملت وهي تنظر لها بعيون متسعة:
_ يا بنتي اللي زي قدري ده مستعد يعمل أي حاجة علشان يحافظ علي اللي هو فية، حتي لو هتوصل إنه يخلص مني
وأكملت وهي تسترخي للخلف فوق مقعدها:
_ وبعدين أنا من مصلحتي إني أفضل الحُضن الحنين لقدري، أهو بيصرف عليا ومعيشني في هنا وعز ماكنتش أحلم بيه،
وأكملت وهي تنظر أمامها في تفكر:
_ وبعدين مين اللي قال لك إني ما فكرتش إني أستغل موضوع جواز إبنة علي بنت أخوة ده
وأبتسمت لصديقتها وأشارت إلي مقدمة رأسِها وتحدثت بتفاخر:
_ بس بالعقل يا أحلام، الموضوع محتاج تخطيط صح علشان ما يبانش إني بهددة وبحطة قدام الأمر الواقع
ضحكت صديقتها بخفة وسألتها متلهفة:
_أنا بردوا قولت أكيد ماجدة مش هتسيب فرصة زي دي تعدي من تحت إديها من غير ما تستفاد منها، قولي لي بقا علي خطتك الجُهنمية ؟
ضحكت ماجدة بشدة وأجابتها بمراوغة :
_ لما يبقا ييجي وقتها هقول لك أكيد
ضحكت إثنتيهما بخلاعة واكملا طعامهما مع حديثهما الذي لا ينتهي تحت نظرات الرجال علي تصرفاتهم وضحكاتهم الخليعة
*** ☆***☆ *** ☆***☆***
روايه قلبيّ بنارِهاَ مٌغرمٌ بقلمي روز آمين
مر أربعة أيام علي هذا اليوم المَرير المُوجع للجميع
وصل فارس إلي المشفي كي يصطحب مريم معهُ عائداً بها إلي منزلهما، حيثُ كان يمُر من جانب المشفي وقرر أن يمر عليها ويصطحبها لأجل أن لا تتأخر علي إبنته الغالية، دلف إلي رواق المشفي وجد دكتور ياسر يقف بجانب موظف الإستعلامات مُمسكً بيدة دفتر يتفحصةُ بإهتمام.
تحرك فارس إلية وتحدث بوجهٍ بشوش :
_ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نظر إلية ياسر ورد بإحترام ووجهٍ مُبتسم :
_ وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، أهلاً وسهلاً فارس باشا، وأنا أقول المستشفى نورت لية، أتاري حضرتك مشرفنا
إبتسم فارس لكلمات ذلك الرجل المُجامل وتحدث بمِثلِها :
_ المُستشفى منورة بوچودك يا دَكتور.
أردف ياسر متسائلاً:
_ ياتري جاي للباشمهندس يزن ؟
وقبل أن يُجيبهُ دلف من مدخل المَشفي رجُل يصرخ من شدة الألم الناتج عن كسر مُضاعف لساقة، إلتفت ياسر سريعً إلي منبع الصوت، وأستدار من جديد وبسط يدهْ بالملف واعطاهُ إلي موظف الإستعلامات وتحدث إليه:
_ دخل ده للأنسة مريم وخليها تراجعه كويس علشان محتاجة إنهاردة .
وتحرك سريعً إلي المريض، إنفرج فاه فارس وتحدث بصوتٍ ضعيف بالكاد مسموع لدية:
_ أنسة؟ يا سنة سوخة يا ولاد، بجا مرتي أني عيتجال عليها أنسة بعد سنتين ونص چواز؟
وأكمل بتوعد وهو ينظر لأثر ياسر:
_ مَمليش عينه أني إياك ولد المركوب دي !
ودلف علي عُجالة لتلك الجالسة بالمقعد المتواجد خلف مكتبها، تحرك إلي مكتبها ومال عليه بجذعهِ وتحدث إليها بنبرة حادة:
_الدكتور اللي إسميه ياسر بيجول للموظف دخل الملف للأنسة مريم، هي الهانم مجيلاش إهني إنها متچوزة إياك ؟!
ولا أني ممليش عنيكي يا بِت مُنتصر ؟
كانت مُنكبة تنظر علي الملف الذي وصلها للتو مع الموظف، رفعت وجهها ونظرت بإستغراب علي ذلك الذي يبدو من صوتهِ الغضب الهائل وتسائلت مستفسرة:
_ فارس، إية اللي چابك إهني ؟
إعتدل بوقفته ونظر لها وتحدث بنبرة صارمة:
_ چاي أخدك لچل منروحوا مع بعض، وبعدين مچاوبتيش علي سؤالي ليه؟
عجولك ياسر عيجول للموظف الأنسة مريم، ممليش عينه أني إياك واكل ناسة دي ؟
تنهدت بأسي ووضعت كفيها فوق المكتب وشبكتهما ثم تحدثت بلامبالاة إستشاط غضبة :
_ وهو هيعرف منين إنك چوزي، ولا أني متچوزة من الأساس ؟
نظر لكفيها وأتسعت عيناه حين لم يجد بهما خاتم زواجهما، إستشاط داخلهُ وتسائل بنبرة غاضبة:
_ فين دبلة چوازك يا أستاذة، أتاري الراچل عم يناديكي بأنسه، عندية حج طبعاً وإنتِ عملالي فيها ولا السندريلا سُعاد حسني في صغيرة علي الحُب .
نظرت له بعيون مُنكسرة وتحدثت بنبرة حزينة مُتألمة:
_ دبلتي وجعت في بلاعة الحمام من أكتر من شهر، وچوزي ما أخدش باله ولا حتي لاحظ الموضوع إلا دالوك.
شعر بحُزنِها وتألم لأجلها ولم يدري لما شعر بالغيرة الشديدة وتحدث بنبرة حادة لم يستطع تمالك حاله:
_وإنتِ لية ما جولتليش يا مريم لجل ما أچيب لك دِبلة غيرها ؟
نظرت داخل عيناه بإنكسار وإحباط، تحطمت روحه من نظرتها وشعر كم هو صغير بأعين حالهِ فتحدث وهو يبتلع لعابة بحزن:
_ طب يلا بينا عشان أخدك علي المركز جَبل ما نروحوا وأچيب لك دبلة بدل اللي وجعت
تحركت معهُ بعدما إنتهت من مراجعة الملف وإعطائةُ للموظف كي يوصلهُ إلي ياسر، وأستقلت السيارة بجانبه وذهب بها إلي المركز ودلفا إلي محل المصوغات الذهبية، وأنتقي لها خاتمً بنفسهِ وألبسها إياه برقة أستغربتها مريم وأستغربت حالهُ ككُل حين تحدث:
_ الخاتم هياكل من إديكي حِتة، أول مرة ألاحظ إن إديكي ناعمة جوي إكدة
إبتسمت مريم بمرارة وتحدثت بنبرة ساخرة :
_ تطور هايل يا فارس بيه
وأكملت بنبرة إستسلام:
_يلا بينا عشان نروح لچميلة
شعر أنهُ مُقصر بحق زوجته وأنها تستحق أفضل من تلك معاملة، فأمسك كف يدها ليحثها علي الوقوف،ثم تحدث إلي بائع المجوهرات قائلاً :
_ عاوز سلسلة رجيجة عليها حرف ال F، وزيها بس علي أصغر لطفلة صغيرة وعليها نفس الحرف.
أماء لهُ الجواهرجي بطاعة وتحرك لإحضار طلبهِ
حين تفاجأت مريم بتغيرة وشعرت بالسعادة قليلاً من إهتمامهِ وتحدثت بنبرة ساخرة :
_ إكدة الموضوع إتحول ل تهور ومبجاش تطور
ضحك عالياً وتحدث إليها بغمزة وقحة:
_ هو إنتِ لساتك شوفتي تهور
مالت نظرها للأسفل بحزن فتحدث هو سريعً :
_ لساتني هاخدك عِند بتاع الكباب والكُفتة وأشتريلك عشان عارف إنك عتحبية، وكمان هعدي علي محل الحلواني الكبير اللي إهني في المركز وعچيب لك منية البسبوسة بالمكسرات اللي عتحبوها إنتِ وچميلة،
وأكمل بتساؤل مُحب مُهتم:
_ ها، عاوزة أيتوها حاچة تانية يا ست البنات ؟
إتسعت عيناها بذهول وأستغراب مما تراهُ عيناها وتستمعهُ آُذناها من ذلك الذي عاشت معهُ وعرفت علي يده المعني الحقيقي للإهمال وكسر الخاطر والنفس مُنذُ زواجهما وإلي الأن
سعد داخلها بعدما أمسك القلادة وألبسها إياها وتحدث بنبرة سعيدة:
_ مبروك عليكي يا مريم
وأصطحبها مُمسكً كف يدها وتحرك بها داخل الأسواق ليبتاع لها كل ما تشتهي نفسها أو تُشار علية عيناها، مما أسعدها لا لأجل ما أبتاعتة، ولكن لشعورها بالإهتمام والإحتواء التي ولأول مرة تعيشهُ مع زوجها
*** ☆***☆ *** ☆***☆***
روايه قلبيّ بنارِهاَ مٌغرمٌ بقلمي روز آمين
داخل مدينة شرم الشيخ
إنتهت من إرتداء ملابسها بالكامل وهيأت حالها إستعداداً للخروج، وقفت مُنتظرة خروج مُتيم روحِها من المِرحاض كي يصطحبها إلي مطعم خارج الأوتيل ليتناولا عشائهما سوياً، تحركت إلي شرفة الجناح وباتت تُمشط بعيناها معالم المكان وهي تنظر إلي وجوة المّارة بتمعُن ، وبلحظة إنتبهت وخُيل لها مرور أحد الوجوة المألوفة لِدي بصرِها، عادت ببصرِها سريعً إلي حيثُ رأت شبح هذا الوجة وباتت تتفحص الوجوة بتمعن مُتلهفة رؤيته ، لكنها وللأسف لم تعثر علي شئ لشدة زحام الشارع المُكتظ بالمّارة ،إختفي الشخص وكأنهُ سرابً وتبخر بين الزحام
إهتز جسدها وأنتفض رُعبً حين وجدت من يُكبل خصرِها ويحتضنها من الخلف، قطب جبينةُ وسألها مُستغربً حالتِها ونظرتها المُذبهلة وجسدها المُنتفض بين يداه :
_ إية يا حبيبي، مالك؟
تنفست الصعداء حين إستمعت لنبرة صوت حبيبها وأستكانت وتراخي جسدِها بين يداه بعدما شعرت بالأمان في حضرتة ثم تحدثت:
_ سلامتك يا حبيبي، بس كَني شوفت حد أعرفة معدي بين الناس
ضيق بين عيناه وتحدث إليها مُتساءلاً :
_حد تعرفية زي مين يعني ؟
أجابته بعقلٍ مُشتت :
_معرفاش يا قاسم، هو كان معدي في وسط الزحمة ومعرفتش أميز هو مين ولا أني شفته فين جبل إكدة بالظبط
لم يُعطي لحديثها إهتمام زائد وتحدث بلا مبالاة وهو يُقبل وجنتها بحُب :
_تلاجيكي بس بيتهئ لك يا حبيبتي،
وابتعد قليلاً وامسك يدها وهو يحثها علي التحرك قائلاً :
_ يلا بينا ننزل عشان أني چوعت جوي
إبتسمت له ولامست ذقنهِ وتحسستها بيدها بحنان لمّس قلبه وطمأن داخلة وتحدثت هي :
_ يلا يا حبيبي
بعد قليل كانت تجلس بالمقعد المُقابل له،مبتسمة الوجة تنظر إلية وسعادة الدنيا تجمعت وسكنت قلبها ومقلتيها التي تغمرهُ بنظراتٍ تنطقُ عِشقً وحنان، أما هو فكان واضعً يدهُ فوق يدها الممدودة فوق الطاولة ممسكً بها بإحتواء مما جعلها تُحلق في سماء العِشق جراء سعادتها الهائلة، جاء النادل إليهما ليستفسر عن ما يُريداه
فسألها قاسم بلكنة قاهرية:
_ تحبي تاكلي إية يا دكتورة ؟
نظرت له وتحدثت خجلاً:
_ هاكل من اللي هتاكل منية
إنتفض قلبهُ من شدة سعادته بطاعة إمرأتة التي تعشق رجُلها لدرجة الإنصياع التام والتشبه به، تحمحم وحاول التماسك ثم نظر إلي النادل وتحدث إلية:
_هات لنا بيكاتا بالشامبنيون مع رز أبيض وسلطة خضرا
سألهُ النادل بإحترام وهو يُسجل ما يُملي علية :
_تحبوا تشربوا حاجة مع الأكل يا أفندم ؟
نظر لها قاسم فأجابته عيناها بترك الخيار له فتحدث:
_ هات لنا فيروز انانس بس يكون ساقع ومِشبر
إبتسمت له لتيقنها أنه إختير هذا المشروب خصيصاً لتيقنهُ أنها تُحبذ شرابهُ عن غيرة من المشروبات
رحل النادل وتحدث قاسم إليها مُتساءلاً:
_ عاوزة حاچة تاني يا حبيبي؟
حركت رأسها نافية وتحدثت بعيون مُغرمة :
_ عايزاك دائماً چنبي ومحاوطني بحبك وبحنيتك يا حبيبي
إبتسم لها بحنين وتحدث:
_ هتصدجيني لو جولت لك إني معارفش هرچع القاهرة كيف وأني فايت جلبي وروحي في سوهاچ، تعرفي يا صفا
ترقبت إلي حديثه بكل حواسِها فأكمل هو:
_مبجيتش بحس بالراحة والسلام والسكينة غير وإنتٌ نايمة چوة حُضني
ونظر داخل عيناها وأردف بنبرة حنون:
_ غيرتيني جوي يا صفا، حولتيني من ألة للشغل لا بحس ولا باستمتع بأي حاچة، لإنسان بحس وبفرح وبخاف، بخاف وبترعب من فكرة بُعادك عن حُضني وحرماني من أماني وسلامي النفسي اللي ملجتهوش غير چوة روحك يا صافية
وأكمل وهو ينظر داخل أعين تلك التي تستمع إلية بكل ذرة بجسدها:
_ تِعرفي إن ليكي نصيب كبير من إسمك
إبتسمت وتساءلت مُستفسرة:
_ كِيف يعني؟
أجابها بنبرة مستكينة:
_ روحك صافية شفافة، بتشد أي حد يجرب منيها وتطهرة وتصفي روحة من التشتت والضياع والحِجد ، طهرتيني من ذنوبي الكَتير يا صفا
أردفت بنبرة هادئة وعيون تشعً حنانً:
_إنتَ أخر واحد ممكن يعمل ذنوب أو يإذي غيرة يا قاسم، ذنوبك كُلها في حَج حالك، دايماً بتاچي علي حالك وتإذيها لجل ما تراضي اللي حواليك
إبتسم بفمِ مقوس ساخراً من حالة وتحدث بنبرة مُتألمة وعيون نادمة:
_ إنتِ اللي بتجولي إكدة يا صفا، ده أنتِ أكتر واحدة أني أذيتها بكلامي الأعمي وبغبائي وبأنانيتي ، ده أني وجفت جدامك وجولت لك معايزكيش، ومش أني الراچل اللي غيري يختار له المّرة اللي هتنام چوة حُضنة،
وأكمل بنبرة صارخة من شدة ألمِها:
_ أني دبحتك بغبائي وتمردي الأعمي يا جلبي
أشارت بيدها كي تحثهُ علي الصمت وأردفت قائلة بنبرة بها رأفةً علي كليهما:
_ إنسي يا حبيبي، إنسي كُل اللي عدي كيف ما أني نسيته ودفنتة في وسط دفاتري الجديمة وردمت علية بعشقك اللي زهر جواتي وملي حياتي حُب وسعادة وفرحة، نستني كل ألامي ودموعي اللي عدت.
شعر بطعنة بقلبهِ وكأن أحدهم قام بكل جبروت بطعنةِ بخِنجرٍ حاد وبشق صدرةِ وإنشطارهِ لنصفين وتركهُ نازفً مُتألمً عاچزاً حتي عن الصراخ والتعبير عن إغتيالة،
إنتفض داخلهُ وزاد إرتعابه من فكرة عِلمها بما جري وكيف سيكون مردود هذا الخبر المشؤوم علي وقعها لو لا قدر الله علمت
أخرجهُ من حالة تألم ضميرة الصارخ الذي يؤنبهُ طيلة الوقت حضور النادل الذي أحضر الطعام وبدأ برصةِ فوق الطاولة بشكل منسق وطريقة حرفية وتحدث إليهما بكل إحترام :
_ سهرة سعيده يا حضرات
بعد رحيل النادل تنفس قاسم عالياً ونظر لها بعدما إستعاد توازنة وتحدث بإبتسامة مزيفة تحامل علي إخراجِها جراء همه الذي أصابة:
_ يلا كلي يا حبيبتي
إبتسمت له وبدأتا بتناول طعامهما تحت سعادتها التي تخطت عنان السماء وهي تحيا معهُ كُل أول مرة !!
إنتهي البارت
قلبي بنارها مغرمُ
تكملة الرواية من هناااااااا
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا