رواية قلبي بنارها مغرم الفصل الحادى والاربعون والثانى والاربعون والثالث والاربعون والرابع والاربعون والخامس والاربعون بقلم روز أمين كاملة
رواية قلبي بنارها مغرم الفصل الحادى والاربعون والثانى والاربعون والثالث والاربعون والرابع والاربعون والخامس والاربعون بقلم روز أمين كاملة
قلبي بنارها مغرم
#الفصل_٤١
تحدث ضابط الشرطة قائلاً بقوة :
_ معايا أمر بالقبض علي السيد قدري عِثمان بتهمة قتلـ.ـه لزوجتة، السيدة ماجدة سمير عبداللطيف
جحظت أعين فايقة ونظرت إلي قدري الذي تفوه بنبرة مُرتعبه:
_ ماچدة إتجتلت، يا ليلة مش فايتة
هتفت فايقة مُتسائلة بنبرة مُشتتة غير مستوعبة لما يجري من حولها وكأنها داخل إحدي كوابيسها :
_ عيجول إيه الظابط دي يا قدري، وماچدة مين اللي عيتحدت عنيها دي ؟
1
أغمض عِثمان عيناه بتألم وعدم قدرة ، في حين إهتز داخل قاسم لعلمهِ بزواج والده بإمـ. ـرأة أُخري، وتحدث إلي والدتهُ بنبرة صامدة:
_أدخلي چوة يا أم قاسم وخدي ليلي وياكِ
رفضت التحرك وإلتزمت مكانها كي تستوعب ما يجري وتطلع علي ما سيُقال
ثم وجه قاسم سؤالاً إلي الضابط قائلاً بنبرة جادة:
_ ممكن يا أفندم أشوف أمر الضبط لو سمحت.
أخرج الضابط أمر الضبط وأعطاه إلي قاسم الذي ألقي بصره عليه وتنهد بأسي، أومأ بيأس ثم نظر إلي الضابط وتحدث برجاء:
_ إدينا ربع ساعة بالظبط يا أفندم، هنبدل هدومنا أنا و والدي وهنيجي معاك حالاً
إرتعب قدري ونظر إلي قاسم وتحدث بإرتياب ورُعب ظهر داخل عيناه :
_ عروح وياهم ليه يا قاسم، أني مجتلتهاش يا ولدي، الله الوكيل ما جتلتها
إتسعت عيناى فايقة بذهول وامسكته من ذراعة وأجبرته علي الإلتفات إليها وتحدثت وهي تهزهُ بنبرة حادة وجنون:
_ هي مين دي اللي مجتلتهاش يا قدري، إنتَ صُح متچوز عليّ !4
كان يتهرب من النظر إلي وجهها مُبتعداً بمقلتاه عن مرمي عيناها، فتحدث قاسم وهو يمسك قبضتاها ويحاول تخليص أبيهْ منها :
_ مش وجت الحديد دي يا أم قاسم، أدخلي چوة وأني لما أرچع أني وأبوي نُبجا نتكلموا
لطمت خديها عندما إستشفت من حديث قاسم معرفتهُ بالأمر وتأكدت حينها أن أمر زواج قدري عليها بأُخري بات واقعً، فتحدثت قائلة :
_ يعني أبوك طلع متچوز عليّ بچد وإنتَ خابر وساكت يا قاسم ؟1
تحدث زيدان إلي قاسم مُتسائلاً بتيهه :
_ هي إيه اللحكاية بالظبط يا قاسم
صمت قاسم ونظر إلي جده الذي شلت الصدمة حواسهُ وعقدت لسانهُ، تحدث الضابط بنبرة جادة:
_ ياريت تتفضل معايا علي البوكس وما تضيعش وقتنا
تحدث قاسم بثبات إنفعالي:
_ بلاش البوكس من فضلك يا حضرة الظابط، أبويا متهم لم تثبت إدانتهُ بعد، مش مجرم علشان حضرتك تاخده في البوكس
وأكمل بثقة:
_ أنا هجيب والدي وأمشي ورا حضرتك بعربيتي، وتقدر تخلي عسكري من عندك يركـ.ـب معانا
هز الضابط رأسهُ رافضً بإصرار:
_ مش هينفع يا أستاذ ،دي إجراءات ولازم تتم، أنا بنفذ الأوامر والقانون هنا لازم يتنفذ علي الجميع سواسية
تحرك زيدان إلي ضابط الشرطة وتحدث بنبرة جادة مُعرفً عن حالهُ :
_ أني زيدان النُعماني عضو مجلس الشعب عن الدايرة، وقدري النُعماني يُبجا أخوي
نظر لهُ الضابط بإحترام وتحدث بنبرة وقورة :
_ غني عن التعريف يا أفندم، حضرتك كُنت مشرفنا في مركز الشرطة إمبارح وقت فرز الأصوات، وألف مبروك علي الفوز السـ.ـاحق
أومأ لهُ بهدوء ثم تحدث بإحترام:
_ الله يبارك في حضرتك يا باشا، أني بس بطلب منيك توافج علي اللي جاله الأستاذ قاسم المُحامي، وأني يا سيدي اللي عسوج العربية لجل ما جلبك يتطمن
أومأ الضابط بموافقة وتحرك جميع الرجال يبدلون ثيابهم بأخري
هرولت فايقة خلف قدري الذي صعد الدرج حتي دلف إلي حُجرة نومـ.ـهِ وأمسك بجلبابه ليرتـ.ـديه، جذبته منه بحـ.ـده ونظرت داخل عيناه وهتفت بجنون وعدم تصديق :
_ إتچوزت عليّ صُح يا واكل ناسك، تتچوز علي فايقة ست الستات ليه يا حزين ! جصرت وياك في إيه؟
و لكزته بكتفهُ وهتفت:
_ أُنطج
تهرب من عيناها وجذب جلبابهُ من بين يديها وأدار جسـ.ـدهُ ليعطيها ظهـ.ـرهُ وشرع بإرتدائهِ، فتحركت لتقابل وقوفهُ وصاحت عالياً بنبرة حقود:
_ حط عينك في عيني كِيف الرچـ.ـالة ورُد عليّ، تطلع مين المحروجة ماچدة دي اللي إتچوزتها علي فايقة
دلف قاسم علي عُجالة وتحدث إلي والده بنبرة حزينة:
_ يلا بينا يا أبوي
كاد أن يتحرك لكن يد فايقة كبلته وجذبته قائلة بصياحٍ عالي:
_ يلا علي فين، معيخرجش من إهني إلا لما يجولي إتچوزها ميتا وفين،
وسألته:
_بجالك كَد إيه مستغفلني يا قدري، شهر؟ شهرين ولا تلاتة، إنطج يا بايع ناسك
صاح بها قاسم وتحدث غاضـ.ـبً بنبرة حـ.ـادة:
_ إنتِ مواعياش للمصيبة اللي وجعت فوج راسنا إياك !
أبوي متهمينه في جريمـ.ـة جتل وإنتِ عتفكري في شغل الحـ.ـريم الفاضي دي ؟
وأكمل وهو يتحرك ساحبً أبيه بيده:
_يلا يا أبوي الله يرضي عنيك
تحرك كلاهما تحت ذهول تلك التي تتلفت حولها كالمجذوبة وكأنها داخل كابوس1
نزل الدرج فتحدثت رسمية وهي تهرول إلي ولدها بقلبٍ مُرتجف:
_ عِملت إيه في حالك يا قدري ، ضيعت نفسك يا حزين
نظر لها وتحدث بإرتعاب:
_ مجتلتهاش يا أمّا، مجتلتهاش
ثم نظر إلي عِثمان الذي يستند علي عصاه وينظر أرضً بإنكسار واستسلام وتحدث بنبرة مستعطفة:
_ اني برئ يا أبوي، الله الوكيل ما جتلتها، وحياة عيالي مجتلتها
تنهد عِثمان وهز رأسهُ بيأس فهرولت رسمية إليه وتحدثت لتحسهُ علي التحرك السريع :
_ إنت عتفوتهم ياخدوا ولدي علي الجسم كيف الحرامـ.ـية وجتالين الجُتلة وتجعُد تتفرچ يا حاچ ؟
وأكملت بصياحٍ عالي:
_ كلم المأمور ولا أي حد من معارفك الكتير، إتصرف يا عِثمان
ضل صامتً ينظر في نقطة اللاشئ بشرود، لائمً حالهُ علي تخاذلهُ بأمر زواج نجلهُ برغم معرفتهُ، لا يدري لما صمت علي تلك الزيجة لكنهُ بالتأكيد كان صمتً مخزي و أدي إلي نتيجة كارثـ.ـية بمعني الكلمة
في حين تحرك بصحبة قدري، قاسم، زيدان، مُنتصر، فارس ويزن وحسن
تحرك زيدان وقاد سيارته مصطحبً معهُ قدري ومنتصر
أما قاسم ف أستقل سيارتهُ تحت عيناي تلك الحزينة التي تقف في الفيراندا الخاصة بوالدها بجسـ.ـدٍ مُرتجف رُعبً من ما يجري ، نظرت علي ملامح وجههِ الكَاتمة وتألـ.ـم داخلها عليه، ليت بإستطاعتها أن تهرول إليه وتحتـ.ـضنهُ كي تُطمئن روحه الهلعة ، ليت بإستطاعتها سحب ما بداخلهِ من أحزان وتبديلها إلي سعادة
أما هو فما كان يشعر بها أو بأيً كان، كل تفكيرهُ الآن كيف سيقوم بتخليص والدهُ من تلك الكارثـ.ـة التي ستُطال العائلة جميعاً وتلوث ثوبها ناصع البياض ، تحرك بسيارته خلف عمه زيدان وسيارة الشرطة التي سبقتهم تحت تجمع الأهالي والعائلة خارج بوابة السرايا، حقاً يا لها من طامة كُبري ستطال الجميع
بعد مرور حوالي النصف ساعة، وصل الجميع إلي قسم الشرطة التابع إليه نجع النُعماني، دلف قدري وقاسم وزيدان إلي غرفة التحقيق، وقف قدري كأي متهم في قضية، وأفصح زيدان وقاسم عن شخصيتهما إلي الضابط، كنائب للبرلمان والأخر كمحامي مدافعً عن المتهم
أشار لهما الضابط المسؤول عن التحقيق بقضية قتـ.ـل ماجدة بالجلوس وتحدث إلي كلاهُما :
_ إتفضلوا إرتاحوا
نظر قاسم علي والده، وغصة مؤلـ.ـمة إقتحمت صـ.ـدرهِ فجعلته يشعر بالوجـ.ـع ، لأول مرة مُنذ نشأته يشعر بضعف والده ويراهّ علي هذه الحالة الضعيفة ، كيف لهُ الجلوس و والدهُ واقف كمُذنبٍ
نظر إلي الضابط وتحدث بنبرة جادة رافضً الجلوس :
_ إتفضل حضرتك إفتح التحقيق
أما زيدان الذي شعر بألـ.ـمٍ تملك من داخل روحهُ حين رأي نظرات قاسم المتألمـ.ـة لأجل والده ، فوجه نظره إلي الضابط وطالبهُ قائلاً برجاءٍ خاص:
_ لو سمحت يا حضرة الظابط، أني ليا عنديك رچاء خاص، ياريت تسمح لقدري بيه يجعد لجل ما نجعد إحنا كمان
تبادل الضابط النظر بين ثلاثتهم فلاحظ نظرات الحُزن مشتركة بينهم، فتحدث قائلاً بنبرة أدمية:
_ مع إنه ممنوع قانوناً ، بس هنمشيها علشان خاطرك يا حضرة النائب
وأشار إلي قدري ليجلس، فجلس وتلاهُ زيدان ثم قاسم الذي تحدث إلي الضابط قائلاً بتساؤل مهني :
_ ممكن أعرف إيه هي الأدلة اللي خلت حضرتك تأمر بضبط وإحضار موكلي السيد قدري النُعماني ؟
تحدث الضابط بنبرة عملية قائلاً:
_ جالنا بلاغ إنهاردة الساعة سابعة بعد المغرب، بيقول إن فية جريمـ.ـة قتـ.ـل تمت في شقة 9 عمارة 18 في شارع الجسر، ولما توجهنا لمكان الجـ.ـريمة ، إكتشفنا إن القتيـ.ـلة عمرها حوالي 30 سنه، إسمها ماجدة سمير عبداللطيف، وتم قـ.ـتلها ب بذبـ.ـح حـ.ـاد في رقـ.ـبتها وعدة طعـ.ـنات في الكُليّ ، وتقريباً ده اللي تسبب لها في نزيف حاد أدي إلي الوفاة الفورية ،ودي طبعاً كلها تكهنات وإجتهاد مننا، لأن تقرير الطب الشرعي لسه هيظهر بعد يومين، ومن شكل الجثة اللي شفناها نقدر نقول إن الجريمة تقريباً كده تمت إمبارح.
تنفس بعُمق ثم أكمل مُفسراً :
_ و لما روحنا نعاين المكان،لقينا الباب سليم والشقة مفيهاش اي حاجة تدل علي إنها سرقة أو إن حد غريب هو اللي دخل وقتـ.ـلها
وأكمل وهو ينظر إلي قدري :
_ولقينا صاحبة القتيـ.ـلة موجودة جنبها ومنهارة من العياط، وأول كلمة قالتها لما شافتنا إن جوز ماجدة هو اللي قـ.ـتلها، وإنها عاوزة تقدم فيه بلاغ لأنه هدد ماجدة بالقـ.ـتل لو ما أتخلصتش من العيل اللي في بطنها منه خلال إسبوع
إتسعت أعيُن قاسم وزيدان ونظرا إلي قدري الذي سحب مقلتيه بعيداً عن بصريهما
فأكمل الضابط قائلاً بإستفاضة :
_وكمان البواب شِهد وقال إنه سمع خناقة وصوت عالي بين القتـ.ـيلة وجوزها اللي هو السيد قدري قبل الجـ.ـريمة بحوالي إسبوع،يعني كلامه تطابق مع كلام صاحبتها، وبناءً علي كلامهم إستخرجنا من النيابة أمر الضبظ
سألهُ قاسم بحِسٍهِ القانوني:
_ ممكن أعرف الجريمـ.ـة أُكتشفت إزاي ؟
أجابهُ الضابظ شارحً بإستفاضة:
_ إحنا جالنا بلاغ بالتليفون من واحد من سُكان العمارة، ولما وصلنا للمكان لقينا زي ما قُلت لكم، صديقة القتـ.ـيلة وإسمها أحلام عبدالله، كانت قاعدة جنبها ومنهارة من العياط،
ولما سألنا البواب إزاي تم إكتشاف الجريمـ.ـة، قال إن صاحبتها جت له بعد المغرب وقالت له إنها بترن علي ماجدة من إمبارح وهي ما بتردش عليها في التليفون ، البواب هو كمان قلق من كلامها لأنها ماظهرتش ولا طلبت منه يشتري لها حاجة زي عادتها، صاحبتها طلبت من البواب يكسر الباب عليها لأنها خايفة تكون مغمي عليها من أثر الحمل، كسروا الباب ولما دخلوا لقيوها مقتـ.ـولة وغرقانة في دمـ.ـها في المطبخ
صاح قدري بنبرة مُعترضة ومرتعبة:
_ الله الوكيل ما جتلتها يا بيه، أني صُح هددتها معنكرش، لكن مجتلتهاش
ثم نظر إلي زيدان وتحدث مُستعطفً:
_ والله ما جتلتها يا زيدان
تنهد زيدان بأسي وتحدث الضابط :
_ علي العموم إحنا هنبدأ التحقيق الساعة تسعة الصُبح، وهناخد أقوالك بالكامل
ثم نظر إلي قاسم وأكمل :
_وإنتَ بصفتك محامي المتهم هتحضر التحقيق وأبقا إستفسر براحتك وأسأل الشهود في اللي إنتَ حابب تعرفه
وأكمل وهو ينهض من فوق مقعدهُ :
_ إتفضلوا حضراتكم لأن الوقت إتأخر وأنا لازم أطلع الإستراحة بتاعتي علشان أنام لأني هصحي بكرة بدري للتحقيق، والمفرض إن إنتم كمان تروحوا وتناموا علشان تكونوا جاهزين لبكرة، اليوم هيكون صعب علي الجميع ومحتاج التركيز من الكُل
وقف الجميع وتحدث زيدان وهو ينظر إلي أخية بقلبٍ نـ.ـازف:
_ وقدري بيه، عينام فين يا باشا ؟
تنهد الضابط وتحدث :
_ هو المفروض يبات في الحجز بصفته متهم، لكن أنا هخليه ينام هنا في المكتب لحد الصبح
وأكمل مسترسلاً :
_ وده بس علشان خاطرك يا سيادة النائب
أردف زيدان قائلاً بنبرة شاكرة :
_ كتر خيرك يا باشا، وأسمح لي أنا عشيع له شوية حاچات من البيت وعشيع كمان وّكَل للعساكر اللي إهني، حضرتك خابر إن إنهاردة كُنا عاملين ليلة كَبيرة فرحة الإنتخابات والوّكل كتير والحمدلله
أومأ لهُ الضابط بتفهم فتحدث قاسم بقلبٍ يـ.ـتمزق حُزنً وهو ينظر إلي والدهُ ويتـ.ـألم لنظرة الإنكـ.ـسار التي سكنت عيناه:
_بعد إذن حضرتك، أنا عاوز أفضل مع أبويا هنا في المكتب
نظر له الضابط وأردف قائلاً برفضٍ قاطع:
_ مينفعش يا أستاذ، حضرتك رجُل قانون وفاهم
إقترب زيدان من وقفة قاسم وربت علي كتفهُ وتحدث:
_ لازمن تروح وتنام يا قاسم لجل ما تُبجا فايج بكرة للتحجيج
نظر قدري إلي ولدهُ بثبات مُصطنع محاولاً تقويتهُ وطمأنة قلبهِ عليه:
_ روح مع عمك يا ولدي ومتعتلش همي، أني هبجا تمام،
واكمل برجاء وتمني أدمـ.ـي قلب قاسم:
_ روح لجل ما تريح عجلك وچسـ.ـدك وتاچي لي بكرة فايج وتطلعني من إهنيه، معايزش أجعد إهني كتير يا قاسم
بصعوبة بالغة تحرك قاسم مع عمه تاركً والدهُ، إستقل قاسم سيارته وجاورهُ زيدان بعدما ترك سيارتهُ الخاصة لشباب العائلة الذين رفضوا مغادرة القسم ، وجلسوا داخل سيارتهم في الخارج ليكونوا بالجوار من عمهم منتظرين إرسال الخفير الذي سيأتي بالطعام والثياب إلي قدري وباقي أفراد الشرطة
كان يقود سيارتهُ بصمتٍ تام، شعور مُميت إجتاح روحهُ حينما ترك والدهُ ورحل، كل ما يجول بخاطرة الآن هو كيف سيقضي والدهُ ليلتهُ السيئة علي ذلك المقعد وحيداً
فاق من شرودهُ علي صوت عمه الذي سأله مسفسراً :
_ من ميتا وإنتَ عارف إن أبوك متچوز علي أمك ؟
زفر بضيق وتحدث مهمومً :
_چدي جال لي يوم ما صفا عرفت بچوازي عليها
جحظت عيناي زيدان وهتف بذهول:
_ أبوي هو كمان كان عارف !
صمت قاسم وأحترم زيدان ألـ.ـم قلب قاسم وحُزنهُ لأجل والدهُ، ففضل الصمت إحترامً لحالتهُ
❈-❈-❈
تدلت من فوق الدرج وجدت جميع النساء جالسات حتي عليه وصباح اللتان أتَيا مهرولتان عندما أُشيع الخبر بالنجع وأنتشر بلحظات كإنتشار النار في الهشيم،
أما عِثمان الذي دلف إلي حُجرته وأوصد بابها ليضل حبيسها كعادة حُزنهُ مؤخراً1
كانت صفا وعمتها عَلية تجاورتان رسمية التي تنتحب وهي تخبط فخديـ.ـها بكفاي يداها قائلة:
_ يا حرجة جلبي عليك وعلي اللي نابك يا قدري
تحركت إلي عمتها و وقفت قُبالتها ومالت بوجهها لتتطلع عليها ثم صاحت بنبرة غاضبة مُعترضة :
_ بدل متندبي علي ولدك البياع ، إندبي علي بِت أخوكِ اللي وصاكِ عليها جَبل ما يموت وإبنك باع وأشتري فيها علي آخر الزمن
وصاحت مُتسائلة بنبرة حادة وعيون مُشتـ.ـعلة :
_ يتچوز علي فايقة ليه، جصرت معاه أني في إيه؟1
ونظرت بحقد علي ورد الجالسة بمقعداً تنظر أرضً بملامح وجه حزينة لما حدث لشقيق زوجها وعم إبنتها، وهتفت بنبرة تُقطرُ حِقـ.ـداً وغِـ.ـلً :
_ ده غيره مرضاش يتچوز علي الأرض البور اللي مچابتلوش غير حِتة بِت 1
رفعت صفا وجهها لتنظر عليها بتعجب لأمر تلك الحـ.ـقود، واستشاط داخلها وكادت أن ترد عليها بإعتراض، فتطلعت ورد إليها وحركت أهدابها بهدوء لتحث إبنتها علي إلتزام الصمت وعدم الرد علي تلك غريبة الأطوار
حين أكملت تلك الشمطاء بصياحٍ عالّ موجهه حديثها إلي رسمية:
_ يجوم ولدك يتچوز علي أم الرچاله، ده أني چايبة له بدل الراچل تنيين يسدوا عين الشمش
ومن جديد حولت بصرها ونظرت إلي ورد وصاحت:
_ وأخرتها يكسرني جِدام اللي يسوي واللي ميسواش ويشمت فيا العدو ؟
نظرت لها ورد وهزت رأسها بإستسلام لكنها فضلت الصمت عن الرد علي تلك الحقودة التي وبرغم مصائبها إلا انها لا تكُف عن أذية الغير بكلماتها المسمومة
حين هتفت عَلية الجالسة بجانب والدتها تُهدئ من روعها قاصدة بحديثها فايقة :
_ إجفلي خاشمك يا مّـ.ـرة يا سّو،
وأكملت بنبرة حادة:
_ ده بدل ما تداري وتخجلي منينا واجفة بعين جوية تعايري ست الستات
وأكملت صباح التي تحمل داخل قلبها الكثير من الغضـ.ـب بإتجاة تلك الفايقة وهتفت بنبرة حادة :
_ لساتك عتعايري ورد بخلفة البِت حتي بعد اللي نابك يا حزينة؟
بدل ما تطعظي من اللي حُصل لك ! ، علي الأجل ورد صانت چوزها وكفته وملت عينه، الدور والباجي علي اللي جضت عُمرها كلياته وهي راشجة عينها في حال كُل اللي حواليها، إلا حالها
وأكملت بنبرة صريحة:
_ سبحان الذي يُمهِل ولا يُهمل،
واسترسلت بتذكير :
_ زمان حرضتي أمي علي زيدان لجل ما تخلية يتچوز علي مّرته، وفضلتي تزني علي دماغها لحد ما خلت أبوي خرچ زيدان ومرته وطردهم برات الدار وهي بتهم لساتها حتة لحمة حمرا شايلينها علي إديهم
جحظت عيناها بلونهما شديد الحَمار وذلك جراء إشتـ.ـعال روحها وغضـ.ـبها وهتفت بنبرة حادة :
_ إنتِ شمتانة فيا يا صباح ؟
ردت صباح بنبرة صارمة :
_ أني مشمتناش يا بِت خالي، أني بس عفكرك بإن اللي عيتمني حاچة عِفشة للناس، ربنا بيبتليه هو بيها
صرخت رسمية بنبرة حادة قاصدة بحديثها الجميع:
_ إجفلي خاشمك يا مّـ.ـرة مِنك ليها، معيزاش أسمع حِس واحدة فيكم وإلا وكتاب الله أجوم أچيب البندجة وأطُخها بيدي
ثم نظرت إلي فايقة وصاحت بنبرة غاضبة :
_وإنتِ يا حُـ.ـرمة، بدل ما أنتِ واجفة تندبي علي دماغنا كيف غُراب الشوم إكده، إجعدي وأدعي لچوزك ربنا ينجيه من المصيبة اللي حطت فوج دماغه ودماغنا
وأكملت وهي تُشيح بيدها إلي أعلي الدرچ :
_ ولو مجدراش تمسكي حالك وإنتِ جاعدة ويانا ، يُبجا تغوري علي مطرحك فوج وإندبي إهناك علي عُمرك براحتك
جلست فايقة وكظمت غيـ.ـظها بداخلها
بعد قليل دلف قاسم يجاورهُ زيدان الذي طلب من عمال المنزل بأن يعدوا الطعام ويقوموا بإخراجهُ للخفير، وطلب قاسم من ليلي بأن تصعد للأعلي وتضع ثيابً وكل ما يلزم والدها داخل حقيبة صغيرة
تحدثت رسمية إلي قاسم بصياحٍ مـ.ـؤلم لقلب أم يتقـ.ـطع حُزنً علي ولدها:
_ فوت أبوك لحاله وچيت من غيره ليه يا قاسم ؟
أجابها زيدان الذي تحرك وجلس بجوارها وقَبـ.ـل مقدمة رأسها مُهدئً إياها:
_ عيخرچ يا أمّا، بس إنتِ هدي لي حالك
هتفت فايقة بتساؤل إلي قاسم بنبرة عالية :
_ أبوك طلع متچوز عليّ صُح يا قاسم ! متچوز علي أم الرچاله يا واد !
تنهد قاسم وتحدث بهدوء:
_ إطلعي علي شُجتك وحاولي تنعسي لك شوي يا أمّا
صاحت غاضبة بنبرة عالية:
_ أنعس كيف يا راچلي وأبوك غدر بي وإنت عارف وساكت
واسترسلت بنبرة لائمة:
_رضيتها علي أمك كيف يا واد الكَسـ.ـرة دي !
لم يعد بقدرتهِ التحمُل بعد، فقد فاض بهِ الكيل وطفح، نظر لها متعجبً وتحدث متهكمً ليُذكرها بحديثها التي قالتهُ من ذِي قبل :
_ عتكبري اللحكاية ليه يا أمّ قاسم، لا أنتِ أول ولا آخر واحدة چوزها يتچوز عليها1
وأكمل بنبرة لائمة مُذكراً إياها :
_ مش دي حديتك بردك يا أمّ قاسم، ولا أتغير الحديت وبجا ملوش عازه لما چيه لحد عنديكِ !
نظرت إليه صفا بتألُـ.ـم بعدما فهمت مغزي حديثهُ، شعور مرير إجتاح مشاعرها التي أُصيبت بإضطراب تجاههُ، جزءً منها وهو الضمير وقلبها يحدثاها بل ويطالباها بالتحرك إليه وأخذهُ لداخل أحضـ.ـانها لتحتويه وتسحب عنه حزنهُ وقهر الرجال الذي يشعر به، جراء شعورة بالعجز الذي أصابهُ عندما ترك والدهُ وعاد بدونه
والجزء الاخر وهو العقل وكرامة الآنثي بداخلها، واللذان يطالباها بالمكوث والثبات بمكانها وليذهب الجميع إلي الجحيم وليتحمل كُلٍ نتيجة أفعاله
هتفت فايقة قائلة بإستغراب حال نجلها:
_ حتي إنتَ كمان لما شمتان في أمك يا قاسم ؟
خليت للعدو إيه يا وِلد بطني !
إتسعت عيناه ذهولاً وأردف مُتعجبً:
_ أني ممصدجش اللي شايفه جِدامي يا أمّا، إنتِ سايبة المصيبة اللي حطت علي راسنا وجاعدة تتحدتي في الكلام الفاضي دي ؟
ثم صاح بكل صوتهِ بنبرة غاضبة توحي إلي وصولهُ للمنتهي:
_ لو مواخداش بالك يا أم قاسم عجول لك أني ، أبوي متهمينه بجتل المّـ.ـرة اللي متچوزها في السّر ، وصاحبتها شاهدة عليه إنه هددها وجالها إنه عيجتلها في خلال الأسبوع دي، والبواب أكد علي كلامها وجال للظابط إنه سمعه وهو بيتخانج وياها من أسبوع فات
وأكمل بتيهه وعيون زائغة:
_ وأني عامل كيف الأطرش في الزفة ومفاهمش أيتوها حاچة ، ومطلوب مني أطلع أنام واني چسـ.ـدي مـ.ـولع إكده، وأستني لبكرة لجل ما أعرف التفاصيل عشان أشوف عتصرف وأخرچه من المصيبة اللي رمي حاله فيها دي كيف
واكمل بخزيٍ :
_ دي غير فضحيتنا في وسط المركز كلياته، وكل دي في نفس اليوم اللي عمي نچخ فيه في البرلمان، حتي ملحجناش نفرحوا
واسترسل لائمً بتعجُب :
_ وحضرتك سايبه كُل البلاوي اللي حاطة علي نفوخنا دي، وكِل اللي هامك كيف يتچوز علي أم الرچاله !
وقفت صفا وتحدثت إليه بنبرة مُرتعبة خشيةً علي صحته :
_ هدي حالك يا قاسم ليچري لك حاچة
حول بصرهِ إليها وتحدث بنبرة ساخرة:
_ الدَكتورة صفا بذات نفسيها عتطلب مني أهدي حالي ؟
واسترسل لائمً بتساؤل مـ.ـؤلم :
_ عهمك وعتخافي عليّ إياك يا دكتورة !
واسسترسل شارحً:
_ ده أنتِ أكتر واحدة ورتني الويل ودوجت علي إديها المرار، ده أني في عِشجك شفت وعرفت كيف بيكون ذُل الرچال وجهرتهم
1
ثم أخذ نفسً عالياً ليُهدئ به روعه كي لا يُحزنها، ثم نظر إلي والدتهُ وتحدث بنبرة صارمة:
_ يلا يا أمّا علي مطرحك فوج
صاحت بصوتها العالي وتحدثت بإعتراض:
_ معتحركش من إهنيه غير لما تجولي علي كُل حاچة
وأكملت وهي تُدقق النظر داخل مقلتاه بعيناي تُطلق شزراً :
_ عرفها ميتا المدعوجة دي، ومن ميتا وهو مستغفلني ومتچوزها عليّ !
نظر لها وحقاً لم يعثُر بداخلهُ عن كلمات تعبر عن ما أصابهُ من تلك غريبة الأطوار
هتف زيدان بعدما طفح به الكيل منها :
_ متچوزها من أربع سنين ومسكنها في شُجة في المركز، وكانت حِبلة في شهرين كُمان،
وأكمل بتساؤل متهكمً :
_ إكده إرتاحتي يا فايقة
جحظت عيناها وتفوهت بتيهه بنبرة ضعيفة وهي تنظر في نقطة اللاشئ :
_ حِبله، أربع سنين ، يا خيبتك الجوية يا فايقة، يا مرارك الطافح يا بِت سَنية
أسترسل زيدان حديثه بنبرة لائمة بحدة :
_ دايرة تخطتي وترسمي عشان توجَعي الكُل في مصايب لجل ما جلبك اللي مليان بالغـ.ـل ما يهدي ويرتاح ، ونسيتي چوزك وأهملتيه، خلتيه يطلع يدور علي راحته بره مع نسـ.ـوان الله أعلم بحالهم، جنيتي إيه من حجدك غير المرار والخسارة يا فايقة
هتفت ليلي وهي تنظر إلي عمها بنظرات تُقطرً غِـ.ـلً:
_ مبكفياكم عاد، خلاص، بجيتوا كلياتكم ملايكة وأمي هي الشيطان وسطيكم، نازلين جلد فيها وفايتين أخوكم اللي راح إتچوز واحده وكمان حِبلت منيه ، وماسكين في الغلبانه ونازلين تجطيع في لحمها ؟
وصاحت بعيون تطلقُ شزراً:
_ بكفياكم ظلم وأفتري يا عيلة ظالمة، لحد ميتا عتفضلوا تكيلوا بمكيالين ؟
وأكملت بنبرة مسمومة:
_ لما قاسم أخوي حب زميلته في المكتب واتچوزها جومتوا الدُنيي عليه ومجعدتوهاش لحد دلوك،
وأكملت وهي تنظر بحـ.ـقدٍ علي صفا:
_وكُل ده لجل چلوعة أبوها صفا هانم
ونظرت إلي عمتها عَلية وتحدثت ساخرة :
_ دي حتي عمتي عَلية معتكلمش قاسم من يوميها ومجطعاه لچل عيون بِت أخوها الغالية
وأكملت وهي تُفرق نظرات كارهه علي الجميع:
_ وبرغم إن كلياتكم خابرين إن چوزي طلب من چدي يد اللي ما تتسمي اللي چابتها لنا صفا هانم في المستشفي لجل متشغل بيها بال يزن،
واستريلت بإهانه لزوجها:
_ والمحترم چوزي ريل عليها وچري وراها كيف الأهبل
وأكملت بنبرة حقود:
_ وچدي وافج إنه يچيب لي ضُرة ويجهر بيها جلبي، جِبل عليا اللي مجبلهوش علي حبيبة جلبه بِت ولده الغالي، حتي أخواتي الرچاله وأبوي لما عرفوا وسكتوا
إنتفضت نجاة من جلستها وهتفت بغضب لأجل ولدها:
_ إجفلي خاشمك اللي عينجط سم وإتحشمي وإنتِ عتتحدتي علي راچلك
وأكملت بنبرة حادة :
_ وإيش چابك إنتِ لصفا لجل ماتطلبي تتعاملي كيفها، إياك صفا كانت راحت زورت التحاليل وأفترت علي چوزها وطلعته معيوب جِدام عيلته يا واكلة ناسك
وأكملت بنبرة حادة مستفزة :
_ وحياتك عندي معرتاح إلا لما أچوزه وأفرح بخلفُه وأشوفهم بيتحركوا جِدام عنيا
تعالت الاصوات بين النساء وبدأن بقذف الكلمات ورميها كقذائف فتاكة في وجوه بعضهن1
إنتبه الجميع لصوت ذلك الغاضب الذي فاض به الكيل وما عادَ فيه التحمُل بعد، إنهُ قاسم لا غيرهُ بثوبهِ الجديد والذي وصل إليه بفضل تصرفات الجميع :
_ معايزش أسمع صوت واحدة فيكم وإلا وكتاب الله عطلع عليكم غُلب اليوم كِلاته
وأكمل ناهراً إياهم بشدة:
_يلا كُل مّـ.ـرة منيكم علي مطرحها، معايزش ألمح طيف حُرمـ.ـة منيكم إهنيه واصل
إرتبك الجميع من شدة غضبهُ فتحدث وهو ينظر إلي جدته :
_ يلا يا چدة، إدخلي لچدي ومتفتوهوش لحاله
وحول بصرهِ إلي عمتاه وهتف قائلاً :
_ وإنتِ عمه صباح، جهزي حالك إنتِ وعمتي عَلية عشان أخلي الغفير خسان يوصِلكم
تحدثت صباح بإعتراض:
_ أني معسيبش أمي وأبوي في الظروف دي وأعاود لبيتي يا قاسم
كاد أن يعترض فتحدث زيدان بهدوء:
_ سيب عماتك بايتين ويا چدتك يا ولدي
تفهم ثم نظر إلي الجميع وتسائل:
_ واجفين ليه، مسمعتوش الحديت إياك ؟
وتحدث إلي ليلي أمراً بنبرة حادة :
_ وإنتِ، خدي أمك وطلعيها علي مطرحها ومتفوتيهاش لحالها،
تحركتا ليلي وفايقه، ومريم ونجاة، أما عَمتاه فأسندتا والدتهما وادخلاها حُجرتها بجانب عِثمان المعتزل،
نظر قاسم لعمه الواقف وزوجته المنتظران صفا التي تنظر لهُ بدموع داخل عيناها، والألـ.ـم يسيطر عليها، تريد الذهاب إليه وسحبهِ لداخل أحضانها لكنها تنتظر الخطوة الأولي منه
نظر لهم بجمود وصرامة، فأخر شئ يحتاج إليه الأن هو الشعور بالرأفة والشفقة منها هي بالتحديد ، فيكفي كّم الإذلال والعجز والشعور بالقهر الذي شعر بهم أمام والده، يريدها ويُريد ضمة حُضـ.ـنها ، لكن بإرادتها لا شفقةً منها علي حالة
تحدث وهو يتحرك ويعطيهم ظهـ.ـرهُ إستعداداً لصعودهِ الدرج:
_ خد مرت عمي والدكتورة وروحوا علي داركم يا عمي
وأكمل وهو يصعد أولي درجات الدرج:
_ تصبحوا علي خير
تصنمت بوقفتها ونزلت دموعها حين رأت داخل عيناه قهـ.ـراً وألـ.ـمً لم ترهُ من قَبل،يحدثها قلبها ويطالبها بالتحرك خلفهُ
أمسكها زيدان الذي شعر بتمزق روحها وتحدث ليحثها علي التحرك معهُ:
_ يلا يا بِتي نروحوا علي دارنا، سبيه لحاله، إكده أحسن ليه1
أومأت بموافقة وتحركت بجانب والديها بقلبٍ صارخ لأجل متيم روحها ووجـ.ـعهُ
❈-❈-❈
صباح اليوم التالي
كانت تتدلي الدرج وهي تترقب حولها بإرتياب خشيةً من أن يراها أحداً، وذلك بعدما باتت تتلـ.ـوي بجـ.ـسدٍ يشـ.ـتعل نــ.ـاراً وقلبٍ يحتـ.ـرق من شدة غيرتها المُرة بعد إستماعها إلي حديث صفا الخاص بشأن إنتواء زواج رجُـ.ـل حياتها يزن من غيرها ، مما جعلها تُصيب بحالة من الجنون وعدم السيطرة علي حالة الغضـ.ـب الشـ.ـاعلة بداخلها ، فذهبت في الحال إلي فارس قبل الذي حدث مع والدها مباشرة وسألته عن صحة ما قصته علي مسامعها تلك الصفا، وبالفعل أكد صحتهُ لها
وهذا ما جعلها تتجاهل ما حدث مع والدها وتنتوي الذهاب إلي مّشفي جدها لتواجه تلك الأمل وتضع لها حداً يُريها حجمها الحقيقي
وصلت إلي نهاية الدرج وهي تتسحب، ومن حظها العثر وجدت نجاة تخرج من المطبخ، تطلعت عليها وهتفت بإستغراب:
_ رايحة فين يا ليلي علي الصُبح إكده ؟
إرتعب داخلها وتحدثت بنبرة مُرتبكة :
_خلعتيني يا مّرت عمي، فيه حد يطلع بوش الناس إكده من غير إحم ولا دستور ؟
رمقتها نجاة بنظرة ساخرة وهتفت بنبرة مُتهكمة:
_ سلامتك من الخضة يا مّرت ولدي، أچيب لك طاسة الخضة لچل ما تخطيها ؟
أغمضت ليلي عيناها ثم زفرت بضيق وتعنت فأعادت نجاة علي مسامعها السؤال مرةً أُخري قائلة بنبرة صارمة وهي تتطلع بإستغراب علي هيأتها المُنمقة فوق العادة وثوبها الأنيق :
_ ما جولتليش، متشيكة من الصُبح إكده وفايتة أمك في المصيبة اللي هي فيها ورايحة علي وين ؟
تحدثت بنبرة حزينة إصطنعتها لحالها:
_ أني طول الليل جاعدة چاريها وعيني مغفلتش عنيها، ومفوتهاش دلوك غير لما أتوكدت إنها راحت في النوم ، إتسحبت من چارها وجولت أروح أطمن علي چدتي سَنية وأطمنها علي أمي،
وأكملت بحُزنٍ مُصطنع:
_تلاجيها عِرفت الخبر الشوم دلوك بعد ما أنتشر في النچع كلاته وزمانها جلجانه علي أمي وجاعدة تندب حظها الشوم
نظرت لها نجاة مُتعجبة لأمرها ، كيف لها بأن تكُن بتلك الأنانية، ألم يشغل بالها أو يُحزنها ما حدث لأبيها ليلة أمس وأحزن المنزل بأكمله وأصابهُ بالخَيبة والخُزلان !
سألتها نجاة بنبرة جادة:
_جولتي لچوزك إنك خارچة ؟
لوت فاهها ساخرة وتحدثت بنبرة تهكمية:
_ چوزي ! وهو فين چوزي دِه، هو أني عُدت بشوبه ولا بلمح حتي طيفه ؟
وتحدثت قائلة وهي تتحرك في طريقها إلي الخارج:
_ علي العموم أني مش هتأخر، ساعة بالكَتير وهعاود جَبل ما أمي وچدتي رسمية يصحوا
وخرجت سريعً تحت إستغراب نجاة من أمر تلك غريبة الأطوار عديمة الشعور
داخل مّستشفي الصفا
خرجت أمل من غرفة الفحص الخاصة بها وتحركت داخل الرواق ، وجدت بطريقها ياسر فأوقفته وتحدثت إليه بتساؤل _
: هي صفا إتأخرت أوي ليه كده إنهاردة يا دكتور !
أجابها بتساؤل متعجب :
_ هو إنتِ ما عرفتيش اللي حصل إمبارح لعمها؟
ضيقت عيناها وتساءلت بإستغراب:
_ عمها؟ عمها مين، وإيه هو اللي حصل بالظبط فهمني
أجابها بأسي :
_ عمها قدري، والد جوزها ووالد مرات الباشمهندس يزن ، الشرطة جت قبضت عليه بالليل والبلد كُلها كانت مقلوبة،
وأكمل شارحً لها وهو يتلفت حولهُ بترقب :
_ بيقولوا إنه طلع متجوز واحدة تانيه في السر علي مِـ.ـراته ومقعدها في المركز ، ومـ.ـراته دي لقيوها مقتـ.ـولة في شقتها ومتهمينه هو بقتـ.ـلها
شهقت أملّ وأتسعت عيناها بذهول، وبتلقائية وضعت يدها علي فمها وتحدثت :
_ يا نهار أبيض، طب وإيه اللي حصل؟
أجابها وهو يرفع كتفاه للأعلي:
_ الشرطة تحفظت عليه وبايت في مركز الشرطة من إمبارح علي ما القضية تتحول للنيابة العامة
إنتفض داخـ.ـلها عندما تذكرت يزن وتخيلت حالة حُزنهُ، قطع حديثهما دخول تلك المتعالية إلي رواق المّشفي، وتحركها إليهما قاصدة وقفتيهما ، ثم وقفت مقابلة لها وتحدثت وهي ترمق أملّ بإستعلاء دون إلقاء السلام عليهما :
_ عاوزة أتحدت وياكِ في موضوع لحالنا
إستغرب ياسر حِدتها وطريقتها المتعالية في الحديث، و أمل أيصاً التي تحدثت بنبرة هادئة وهي تُشير إليها علي غرفتها الخاصة بالفحص :
_ إتفضلي معايا
دلفتا سوياً إلي الداخل وتحدثت أمل إليها وهي تجلس :
_ إتفضلي إقعدي وإتكلمي ، أنا تحت أمرك
تحركت ليلي وهي تنظر عليها بحقـ.ـدٍ وكُـ.ـرهً واضح وهتفت قائلة بتعالي:
_ طبعاً لازمن تكوني تحت أمري، مش شغالة عندينا وعايشة في خيرنا
رمقتها أملّ بنظرة تعجبية من طريقتها الغير لائقة بالحديث، لكنها تنبهت بفطانتها إلي أنها بالتأكيد علمت بأمر طلب يزن السابق للزواج منها
فتحدثت بكبرياء إمتثالاً إلي كرامتها وعزة نفسها :
_ من فضلك، ياريت تخلي بالك من كلامك وتنتقي ألفاظك ، أنا مش شغالة عند حد، أنا دكتورة محترمة وليا وضعي، وباخد أجر قصاد الخدمة اللي بقدمها للناس
هتفت ليلي بنبرة تهكمية:
_ محترمة ؟
وأكملت بنبرة ساخرة :
_بلاش الكلمة اللي تضحك دي علي الصُبح ،
واسترسلت بنبرة غاضبة مهينة لشخص أملّ :
_ وهي فيه واحدة محترمة بردك تلعب علي راچـ.ـل متچوز وتشغل له باله وتضحك عليه لجل ما يتچوزها وتتنعم في خيره وفلوسه الكَتير ؟
وأردفت قائلة بنبرة ساخرة وهي ترمقها بنظرات إشمئزازية :
_ إياكِ تكوني جولتي لحالك إن يزن عيحبك بچد يا مهشكة إنتِ ، يزن بيلعب بيكِ لچل ما يخليني أغير عليه وأرچع وياه كيف الاول
ضيقت أمل عيناها بإستغراب لحديث تلك الكاذبة، فتحدثت ليلي بتأكيد كاذب:
_ يزن محبش في حياته ولا عيحب غيري، يزن عيموت عليّ وعاوز يشـ.ـعلل العشج في جلوبنا من تاني زي زمان، ولما لجاكي رامية حالك عليه كيف الـ.ـغواني وبـ.ـنات الليل جال وماله، أتسلي وياها كام يوم وأخلي نـ.ـار ليلي تشعـ.ـلل من چديد وبعدها أرميها في أجرب كوم زبالة
إستشاط داخل أملّ وصاحت غاضبة بنبرة حادة :
_ لحد هنا وكفاية أوي ، كلمة تانية وهسمعك اللي عُمرك ما تحبي تسمعية وهطردك برة المكتب ده
صاحت ليلي بغضب قائلة:
_ يا بچحتك يا بِت ، عتطرديني من مِلك أبوكِ إياك ؟
صحيح اللي إختشوا ماتوا
رمقتها أمل بإشمئزاز وهتفت:
_إسمعي يا ست إنتِ، أنا مش هنزل مستوايا وأرد علي بني ادمة سوقية زيك، بس هطلب منك لأخر مرة إنك تتفضلي تخرجي من هنا بالذوق، وده بس إحترامً للدكتورة صفا والباشمهندس يزن، غير كده أنا كُنت عِرفت أتصرف معاكِ كويس أوي، وعاملتك بالمستوي اللي يليق بواحدة زيك
هتفت ليلي بنبرة جارحة:
_ وكمان ليكي عين تبجحي وتهدديني يا خطافة الرچـ.ـالة يا سو،
واسترسلت بإتهام زائف وأهانة:
_ وأني عستني إية من واحدة رَخيصـ.ـة رامية حالها علي راچـ.ـل متچوز وعتچري وراه لچل ماله ومال أهله اللي طمعانة فيه
أشارت أمل بسبابتها في وجه ليلي هاتفة بحدة :
_ إحترمي نفسك وإتكلمي كويس
وأكملت لحرق روحها :
_ جوزك اللي بتقولي عليه ده هو اللي جالي وطلب مني الجواز بعد ما شرح لي طبيعة العلاقة اللي ما بينكم واللي فهمت منها إنكم في حُكم المطلقين وإنه هاجرك وقاعد لوحدة، و وعدني إنه هيطلقك علشان ما يظلمكيش
وأكملت بكبرياء وكرامة:
_ ومن كام يوم جه وبلغني إن جده رفض إنه يخلية يطلقك، وطلب مني إننا نتجوز علي الوضع ده، وقال لي إنه هيبني لي بيت لوحدي علشان أعيش فيه براحتي وأكون مطمنه، لكن أنا اللي رفضت،
واسترسلت موضحة:
_ ورفضي مش إعتراضً علي شخص الباشمهندس لا سمح الله
وأكملت قائلة بقوة وشموخ :
_ رفضي كان لأن مش أنا اللي أقبل أرتبط براجل متجوز وأخد لقب الزوجة التانية، وأسمح لاي حد يجيب سيرتي بكلمة بطالة
هدئ داخل ليلي عند إستماعها لذلك الحديث المطمأن لروحها ثم إبتسمت بخفوت وتحدثت بنبرة ساخرة:
_شاطرة ، خليكِ بجا ثابتة علي موجفك دي جِدامة
ثم رمقتها بنظرة كارهه واردفت قائلة بنبرة تهديدية:
_ لأن لو حصل غير إكده، متلوميش غير حالك من اللي عيچري لك علي أدين ليلي النُعماني
ثم أكملت وهي تُشير بيداها بطريقة مخيفة وملامح وجة شريرة:
_ لو جربتي من راچـ.ـلي تاني، عجتلك بأديا التنين دول وأشرب من دمـ.ـك وأني متمزچة
ثم رمقتها بنظرة تهكمية وهتفت بنبرة ساخرة:
_ سمعاني يا مهشكة إنتِ
هتفت أملّ وهي تُبسط ذراعها وتُشير بيدها إلي باب الغرفة قائلة:
_ خلاص، إرتاحتي وإتفشيتي وقولتي كل اللي جاية علشان تسمعهولي ، إتفضلي بقا من غير مطرود بدل ما اتصل بالباشمهندس وأخليه يبجي ياخدك بنفسه
إرتعب داخلها وهتفت بنبرة تهديدية:
_ الله الوكيل لو يزن عِرف إني چيت لك إهنيه واتحدت وياكِ، ليكون آخر يوم في حياتك يا واكلة ناسك إنتِ
وأردفت مهددة إياها برفع سبابتها أمام وجهها:
_ خلي كلامي حلجة في ودانك عشان معكررهوش تاني
وأكملت :
_بعدي عن يزن وحافظي علي لجمة عيشك بدل ما أخرچك من المستشفي والنچع كلياته بفضيحة بچلاچل
قالت كلماتها الآخيرة وهي تتحرك إلي الباب الذي فتحته وخرجت ثم قامت بصفقهِ بشدة إهتزت لها الجدران تحت ذهول أملّ وإشفاقها علي يزن من تلك الشمطاء الغير مناسبة لهُ والتي لا تصلح علي الإطلاق بأن تكون زوجة لذلك الخَلوق
إرتمت بجسدها فوق المقعد بإهمال وهي تنظر أمامها وعدم الإستيعاب سيد موقفها1
❈-❈-❈
في اليوم التالي
داخل قسم الشُرطة ، فُتح التحقيق في القضية بحضور الجميع
سأل المحقق حارس العقار قائلاً :
_ قولي يا صميدة، ماشفتش حركة غريبة في العمارة يوم إرتكاب الجريمـ.ـة ، ناس غريبة طلعت العمارة، حركة غريبة، خبط رزع، حاجة زي كده يعنى
أجابهُ صميدة بتأكيد:
_ لا يا بيه، العمارة كانت هادية كيف العاده،
وأجاب مُتذكراً :
_ مفيش غير حُـ.ـرمة لابسة نجاب هي اللي طلعت علي فوج ، ولما سألتها رايحة علي وين جالت طالعة لحد جريبها في الدور السابع، والجتيلة كانت في الدور التالت يا بيه
1
سألهُ الضابط من جديد:
_ طب وقدري النُعماني جوز القتيـ.ـلة، مجاش في اليوم ده ؟
أجابهُ صميدة:
_الكِذب خيبة يا بيه، أني مشفتهوش من يوم اللخناجة الكبيرة وحسهم العالي من أسبوع
وضع صميدة إمضائهُ وخرج
وبعدها وقفت أحلام عبدالله صديقة ماجدة وتحدثت بصياحٍ مفتعل وهي تنظر إلي قدري:
_ هو اللي قتلـ.ـها ما فيش غيره يا بيه3
وأكملت بدموع التماسيح :
_ أنا كُنت عند ماجدة من ست أيام، لقيتها بتعيط وكانت مرعوبة، ولما سألتها قالت لي إنها قالت لقدري إنها حامل ، لكن هو طلب منها تسقط العيل، ولما رفضت هددها بالقـ.ـتل وأداها مهلة إسبوع
قطب قاسم بين حاجبية وسألها بنبرة تشكيكية:
_ قولي لي يا أحلام، إنتِ وماجدة متعودين تتكلموا في التليفون يومياً؟
أجابته بقوة :
_ أيوة يا أستاذ، إحنا كُنا بنتصل ببعض كل يوم، ماجدة دي أصلها كانت زي أختي بالظبط
سألها قاسم من جديد :
_ طب وهي كانت بترد عليكِ كل ما ترني عليها، ولا بترد حسب ظروفها ؟
إرتبكت ثم تحدثت:
_ كانت بترد علي طول طبعاً
صاح قدري مكذبً إياها:
_ كدابة يا بيه، أني كُنت منبه علي ماچدة وجايل لها لا تدخلها عِندينا ولا تكلمها حتي في التلفون، وساعات كانت بترن وأني في البيت وماچدة تجفل السكة في وشها وتجولي إنها معتردش عليها واصل
إبتسمت أحلام وتحدثت بنبرة تشكيكية:
_ وهو أنتَ غلبان أوي كده لدرجة إنك كُنت بتصدق أي حاجة تقولها لك ماجدة ؟
وأكملت شارحة وهي تنظر إلي الظابط :
_ يا باشا ماجدة الله يرحمها كانت بتترعب منه، لأن المفتري ده كان بيمد إيده عليها ويضربها، ده كان حارمها من إنها تزور أهلها يا باشا، وماجدة كانت واحدة غلبانة وعاوزة تعيش
وأسترسلت بإستفاضة:
_ علشان كده كانت مفهماه إنها مقاطعة الكُل زي ما هو عاوز، ومن وراه كانت بتعمل اللي علي كيفها كله
وأكملت بإستشهاد :
_ ولو مش مصدقني ممكن تروح تسأل الجرسونات اللي في كافيه الإنسجام اللي في شارع محروس السمان، هيقولوا لك إن أنا وماجدة كنا بنروح نتعشي ونشيش هناك مرة كل أسبوع علي الأقل
1
أخذ الضابط توقيعها علي أقوالها وأنصرفت، ثم تحدث قاسم بعدما إنتابهُ الشك من تلك المرتبكة وفضحتها عيناها الزائغة الغير ثابتة:
_ بعد إذن سعادتك يا باشا، أنا بطالب بأخذ موكلي لمكان الجريـ.ـمة وبطالب بمعاينة جميع محتويات الشقة
بالفعل تحرك فريق التحقيق إلي مكان الجريـ.ـمة وتمت المعاينة، لاحظ قدري غياب المشغولات الذهبية جميعاً وبعضً من ثيابها الثمينة
1
أعطت الشرطة مواصفات المصوغات ووزعتها علي أصحاب محلات الصاغة وذلك بعدما أبلغهم قدري بإسم الصائغ الذي كان يتعامل معهُ دائماً ، وأعطي الصائغ مواصفات المشغولات بناءً علي تلك الفواتير التي كان قدري يقوم بالإحتفاظ بها داخل دُرج سري في خزانة ملابسه الخاصة به
حولت القضية إلي النيابة العامة، وأخذ قدري أربعة أيام علي ذمة التحقيق، وذلك لعدم وجود أي كسر في الباب او أي عُنـ.ـف يدل علي الإقتحـ.ـام
وتقدم قاسم ببلاغً يتهم فيه أحلام بقتـ.ـل ماجدة لغرض السرقة، وبالفعل تم القبض عليها بعد تفتيش منزلها و وجود بعض المشغولات الذهبية، وأيضاً العثور علي ثياب ماجدة المتغيبة التي ذكر قدري مواصفاتها
لكنها بالفعل أنكرت وأدعت أن ماجدة هي من أهدتهم إياها
في نفس اليوم تقدم أحد الصائغين بأنه وجد بعض المشغولات التي ذُكرت في النشرة الرسمية التي وزعتها الشرطة، وذكر بأن إمرأه في بداية عقدها الثالث هي من باعتها له
وعند مواجهة الصائغ بأحلام في حضور قاسم تحدث الصائغ بتأكيد وهو ينظر إلي تلك المُرتعبة :
_ هي دي يا أفندم اللي چت وباعت لي الذهب
وأكمل ليُخلص حالهُ:
_ ولما سألتها علي الفواتير، قالت لي إنها كانت متجوزة واحد من الخليج وكان بيجبهم لها هدايا من غير الفواتير، ولما طلقها ورجع بلده، إحتاجت فلوس وأضطرت تبيعهم
صرخت أحلام وتحدثت بنبرة مُرتعبة:
_ حرام عليك، أنا ما عملتش حاجة، إنتَ بتفتري عليا ليه ؟
تحدث إليها وكيل النائب العام بنبرة أحبطتها:
_ الإنكار مش هيفيدك يا أحلام، أحسن لك تعترفي بإرتكابك للجريمة لأن القضية إتقفلت خلاص وكل الأدلة ضدك .
صرخت وتحدثت بنبرة مُرتعبه:
_ أنا هقول علي كُل حاجة ياباشا، ما أنا مش هلبس الليلة لوحدي والقاتل الحقيقي يخرج منها زي الشعرة من العجين......
42💘
صرخت أحلام وتحدثت بنبرة مُرتعبه:
_ أنا هقول علي كُل حاجة ياباشا، ما أنا مش هلبس الليلة لوحدي والقاتل الحقيقي يخرج منها زي الشعرة من العجين
سألها الضابط مُتعجبً بإستغراب :
_ هو أنتِ ليكِ شريك يا أحلام ؟!
أجابتهُ وهي تبكي بإنهيار:
_ يا بيه أنا بِت غلبانة، لا ليا في القتل ولا عُمري فكرت فيه، أنا أه مش هنكر إن كُنت بغير من ماجدة من بعد ما أتجوزت اللي إسمه قدري ده كمان ، وده لأنه كان معيشها في هّنا وستتها بعد الشقي والهم اللي شافته معايا، كان دايماً عيني علي الذهب والهدوم الغالية اللي بيجبها لها وكنت بتمناها لنفسي ، بس إني أفكر أقتـ.ـلها ورحمة أمي ما حصل
وأكملت بشرحٍ وافي :
_من فترة كده، ييجي من عشرين يوم مثلاً، جالي راجل وقال لي إنه عايزني في شغلانة هاكل من وراها الشهد، فرحت وقولت أخيراً الدنيا هتنصفني وهتديني حقي أنا كمان
وأكملت:
_ المهم لما سألته قالي إنه تبع راجل كبير أوي هنا في سوهاج، والراجل ده ليه تار عند عيلة قدري وعاوزين ياخدوه منهم بس مش عاوزين يظهروا في الصورة، وقالي إنهم لما دوروا ورا العيلة كلها ما لقوش ولا غلطة غير جواز قدري من ماجدة،
وأكملت بدموع ولهفة قائلة:
_ بس أنا وحياة النعمة ما كنت فاكرة إن الموضوع هيوصل للقـ.ـتل يا بيه ، المهم، الراجل ده إداني عشرين ألف جنية ربط كلام، وطلب مني أقرب أوي من ماجدة وأسألها دايماً عن قدري، وأبلغه بكل تحركاتها، من حوالي إسبوع ماجدة إتصلت بيا وكانت منهارة، وطلبت مني أجيب لها نجار وأخليه يشتري معاه كالون من الغالي للباب، لأنها إتخانقت مع قدري وخايفة منه وعاوزة تغير الكالون
ولما روحت لها لقيتها مرعوبة، المهم النجار غير لها الكالون ومشي، وهي قعدت معايا وحكت لي كُل اللي حصل بينها وبين قدري
وأسترسلت وهي تبكي :
_ مشيت من عندها وأنا الفرحة مش سيعاني لسببين، أولهم إن أخيراً قدري هيرميها رمية الكـ.ـلاب وهترجع تتمرمط في الشغل زيي من تاني، وتاني سبب إن الراجل كان واعدني إن كل خبر هقوله له هيديني عليه مبلغ مُعتبر،
كلمت الراجل ده وقابلته، إداني خمسين ألف جنية، ماصدقتش عنيا لما شفتهم في إديا ، وبعدها لقيته بيطلب مني إني ألبس نقاب وأروح لماجده شقتها
ونظرت للأمام تتذكر كُل حدث
عودة لما قبل عشرة أيام
دق جرس الباب فتحركت ماجدة إلي الباب، تنظر من العين السحرية للكشف عن هوية الطارق قبل أن تفتح له خشيةً من أن يكون الطارق قدري، وجدت أمامها إمرأة منتقبة وملتزمة بزيها الإسلامي الفضفاض، إرتعب داخلها وأستغربت، فسألت من خلف الباب قائلة :
_ مين اللي برة ؟
كشفت أحلام عن وجهها برفع النِقاب وتحدثت بنبرة هادئة لطمأنت صديقتها:
_ أنا أحلام يا ماجدة إفتحي
إستدعي تصرف ماجدة إلي إستغراب صديقتها وفتحت لها الباب الموصد بالمفتاح وعدة ترابيس، وتحدثت بإستغراب:
_ وعاملة في نفسك كده ليه يا منيلة ؟
وأكملت بنبرة تهكُمية ساخرة :
_ ولا يكونش ربنا تاب عليك وبطلتي شغل التلات ورقات بتاعك !
إستدعي تهكم ماجدة غضب أحلام لكنها تمالكت من حالها وهي تدلف إلي الداخل وتتحرك لتجلس علي الأريكة بجسـ.ـدٍ مُرهق :
_ لا وإنتِ الصادقة ، متخفية من اللي ما يتسمي صلاح النمس، قارفني في الرايحة والجاية من وقت ما نهيت معاه اللي بينا وقلت له إننا ما ننفعش نتجوز
إستغربت ماجدة جلوس أحلام بثيابها السوداء ونقانها المرفوع وتسائلت بتعجُب :
_ هو أنتِ هتفضلي قاعده لي باللبس ده؟
أجابتها أحلام بنبرة مُرتبكة:
_ أصل أنا مش هطول في القاعدة كتير، شوية كده وهنزل علي طول، أنا بس قولت أجي أكل معاكي لقمة بسرعة كده وأونسك، وأنزل علشان عندي مصلحة شغل هقضيها
نظرت لها ماجدة وتحدثت وهي تلتقط هاتفها المحمول من جوارها :
_ طب إستني أما أكلم البواب يجيب لنا فراخ مشوية من تحت
أشارت أحلام بيدها سريعً لإيقافها:
_ ما تكلميش حد، أنا طلبت الأكل دليفري وأنا جاية، وزمانه علي وصول
نظرت لها ماجدة بتعجُب من أمرها وتحدثت متهكمة :
_ مالك يا أحلام، إنتِ عيانة ولا إيه يا بت، دي أول مرة من يوم ما عرفتك تعزميني !
ضحكت أحلام وهتفت ساخرة:
_ وشكلها هتبقا الآخيرة وحياتك
أردفت ماجدة قائلة :
_ طب إقلعي الجوانتي اللي لابساه في إيدك ده وقومي إغسليها علشان تعرفي تاكلي
إرتبكت بجلستها عندما إستمعت إلي صوت بهاتفها يوحي بإستقبال رسالة نصية، قرأتها وعلمت أن الشخص المنتظر قد أتي،فتحدثت بإرتباك :
_ هقلعة لما أفتح للدليفري وأحاسبه
إستمعت إلي صوت الجرس فتحدثت إلي ماجدة بإرتياب :
_ أهو الأكل وصل، قومي بقا هاتي لنا كام طبق علي معلقتين وكبايتين علشان ناكل فيهم
أومات لها ماجدة ودلفت إلي المطبخ وهرولت أحلام تفتح الباب للرجل المتخفي في زي عامل دليفري ويرتدي قفازات بيداه ،أشارت لهُ علي باب المطبخ بدون حديث ، فتحرك الرجل سريعً إلي الداخل، وجد ماجدة موالية ظهرها إلي الباب وتُمسك بيدها باب المطبخ لتُجلب منه الصُحون،
وقف خلفها وكمم فمها سريعً وبسرعة البرق قام بذبح عُنقها، ثم قام بطعنها عدة طعنات في موضع الكُليّ مما أدي إلي وفاتها بالحال وأرتماء جسـ.ـدها علي الأرض جثةً هامدة
جرت أحلام علي غرفة النوم وفتحت الخزانة وأخذت منها كل المشغولات الذهبية وأنتقت بعض قطع الثياب التي كانت تروق لها، ثم وضعتهم داخل حقيبة وتحركت بصحبة الرجل تاركين ماجدة جثة هامدة غارقة بوسط دمائها دون أية بصمات أو عنف يدل علي دخول أحد غريب داخل الشقة، وبهذا يكون المتهم الأوحد هو قدري
عودة إلى الحاضر
كانت أحلام تقص ما حدث علي مسامع وكيل النائب العام بحضور قاسم الذي تحدث بإتهام :
_ أنا بتهم كمال أبو الحسن بإنه وراء إرتكاب الجريمـ.ـة وتلفيقها لموكلي يا أفندم
بالفعل تقدم قاسم ببلاغ ضد كمال أبو الحسن، وبعد التحريات وتعرف أحلام علي الرجل الذي أظهرت التحقيقات أنه إبن عم كمال وكان يساعدهُ لأخذ ثأر ولدهُ الذي قُتـ.ـل بسبب عائلة النعماني ، وذلك لعدم إستطاعة كمال لأخذ الثأر بيده نظراً لوجودهُ داخل السجن
طالب قاسم بالإفراج الفوري عن والدهُ وبدون أية ضمانات وذلك لثبوت التهمة علي أحلام وشريكها بتحريض من كمال أبو الحسن التي أُضيفت جريمـ.ـة قـ.ـتل عمد مع سبق الإصرار والترصد إلي جرائمة العديدة والتي وبالتأكيد سينال حكمً بالإعدام عليها
خرج قدري من النيابة بقلبٍ حزين مهموم، وجلس بغرفة في الطابق السفلي معتزلاً الجميع حيث أُصيب بحالة من الإكتئاب الحـ.ـاد بعدما حدث له وفضيحة عائلتة علي يده، وأيضاً كانت فايقة سببً مباشراً في عُزلتة، وذلك لغضبها الشديد منه، حيثُ أنها وصل بها الآمر إلي عدم نزولها من أعلي وعدم إستقباله عند خروجهُ من الحجز، وذلك ما أصابهُ بالإحباط
❈-❈-❈
بعد مرور يومان علي خروج قدري وبرائتهُ من قضية قتـ.ـل ماجدة
كانت تقف داخل غرفة الكشف أمام إحدي الأسِرة، تتابع فحص أحد الأطفال التي يتمسك بيد والدتهُ،، إستمعت إلي طرقات سريعة فوق الباب،
إنتفـ.ـض جسـ.ـدها رُعـ.ـبً عندما فوجئت بالباب يُفتح بطريقة عنيـ.ـفة وتظهر أمامها الممرضة التي تحدثت إليها بهلع :
_ إلحجينا يا دَكتورة ، فية حادثة جطر واعرة جوي جُصاد النَجع ورچالة البلد لحجو المصابين ونجلوهم إهني ومحتاچينك برة ضروري
نظرت إلي والدة الطفل وحالها البالي وجرت إلي مكتبها وتحدثت علي عُجالة وهي تكتب إليها :
_ إبنك عِنديه إلتهاب شديد في اللوز ،، عتدي الروشيتة دي للدكتور اللي واجف في الصيدلية برة وجولي له إنك تبعي، وهو عيصرف لك الدوا كلياته من غير فلوس
وتركتها وجرت مسرعة إلي الخارج،، وجدت يزن أمامها يحمل طفلاً ويسرع به داخل الرواق ليصله إلي إحدي الغرف وتحدث إليها بنبرة صارمة وهو يرتعب لأجلها :
_ ماتجريش للعيل يجري له حاجة يا صفا
وأكمل علي عجالة :
_ شوفي دكتور ياسر والدَكتورة أمل فينهم وبلغيهم بسرعة
هتفت صفا إلي الممرضة رُقيه علي عُجالة :
_ خلي صادق يچمع كل الممرضات والدكاترة اللي في النچع لجل ما يساعدونا، وچهزي لي إنتي ونرجس كل السراير وإتوكدوا إن الأچهزة شغالة زين
ثم أشارت بيدها إلي إحدي الغُرف إلي الرجال وهم يحملون المرضي بين ساعديهم كي ينقذوا أرواحهم :
_ دخلوهم في الأوضة دي بسرعة يا رچالة
وجدت أمل وياسر يأتون مهرولين إليها وتحدثت صفا إلي أمل علي عُجالة :
_ چهزي لي غرفة الإنعاش حالاً يا دَكتورة عشان نستجبل فيها الحالات الحرچة ،، وإنتَ يا دَكتور ياسر،، إفحص المرضي وشوف الحالات الحرچة لجل ما ننجلها بسرعة
وأشارت بيدها إلي الممرض الواقف :
_ خرچ ترولات برة لجل ما يحطوا عليها المصابين ليكون حد مأذي في عظامة ولا عمودة الفجري ويتأذي اكتر
وجرت إلي إحدي الغرف سريعً وبدأت بفحص المرضي وتقديم الرعاية اللازمة إليهم
حالة من الهرج والمرج أصابت المشفي الصغير الذي إستقبل أكثر من ثلثمائة مُصاب ، ما بين جريح بجروح طفيفة وبين حالات حَرِجة أُحتِجزت داخل العناية المشددة وما بين حالات متوسطة وكسور بالعِظام
تحدثت صفا إلي أمل الواقفة بثبات:
_ فيه حالات چروح في الإستجبال محتاچة لخياطة يا دكتورة، من فضلك تاخديهم علي أوضتك وتعملي لهم اللازم
أومأت لها أمل بطاعة ، وكادت أن تتحرك أوقفها يزن الذي سألها مستفسراً بإستغراب:
_ عتخيطي لهم الچروح كيف يعني !
وأكمل برسمية حيث أنهُ قرر معاملتها رسمياً وبمنتهي الرسمية ليعاقبها علي رفضها لإتمام زيجتهم والتخلي عن شرطها العنيد:
_ مش حضرتك المفروض دكتورة أمراض نسا !
نظرت إليه والحُزن ملئ عيناها جراء معاملتهِ الجافة معها وتحدثت إليه بصوتٍ ضعيف:
_ وحضرتك ناسي إني بعمل عمليات قيصرية، يعني عمليات جراحية وبقوم بخياطة الجروح بمنتهي الدقة
أومأ لها بلامبالاة ثم هرول إلي الخارج لمساعدة طاقم التمريض في جلب المزيد من المصابين من الخارج لتقديم المساعدة الطبية لهم
بعد حوالي النصف ساعة كانت المّشفي تإجُ بأهالي النجع الكرام الذين أتوا إلي تقديم المُساعدة بكل صورها وبشتي أنواعها ، فمنهم من تطوع لحمل المرضي ونقلهم إلي الغُرف بمساعدة طاقم التمريض ، ومنهم من تبرع بالدماء بعد فحوصات لتأمين عملية النقل إلي المريض
الجميع أثبت حقاً أن أهل الصعيد هم أهل مروءة وأنسانية كعادتهم
خرجت صفا سريعً من غرفة الفحص وتحدثت إلي يزن :
_ باشمهندس يزن، إتصل حالاً بمستشفي سوهاچ المركزي لجل ما تشيع لنا عربيتين إسعاف مُچهزين ، جول لهم عِندينا تلات حالات حرچة وللأسف ملهمش مكان إهني ولازم نجلهم حالاً للعناية ،
وأكملت بتأكيد:
_ جولهم يتحركوا بأقصي سُرعتهم عشان لو لا قدر الله إتأخروا ممكن يفجدوا حياتهم
أومأ لها بموافقة وتحدث وهو يُسرع إلي الإستقبال :
_ حالاً يا دَكتورة
حالة من الرعب والهلع أصيب بها الجميع أثر تلك الفاجعة وهم يرون كل هؤلاء البشر بإصاباتهم المختلفة وهُم يتألمون أمامهم، ولكن بفضل الله وجهود تلك القرية الصغيرة التي كانت مِثالاً يُحتذي به أمام الجميع إستطاعت صفا وزُملائها إجتياح تلك المحنة بجدارة
كانت تخرج من إحدي الغرف كي تدلف لأخري لمتابعة الحالات
وجدت والدها يدلف إلي المّشفي علي عُجالة وهو يتفحصها بشمول من قمة رأسها إلي أخمَص قدميها ، إقتربت عليه وتحدث وهو يمسك بكفيها برعاية وإطمئنان :
_ إنتِ زينة يا صفا ؟
أجابته سريعً كي تُطمئن هلعهُ الظاهر بعيناه :
_ أني زينة يا أبوي، متجلجش عليّ يا حبيبي
أومأ لها وتحدث بهدوء :
_ ريحي حالك إشوي لجل اللي في بطنك ميتإذيش يا بِتي
نظرت إليه بتألم وتحدثت بضمير مهني :
_ معينفعش أشوف الناس تعبانه ومحتاچة لي وأجف آتفرچ عليهم من بعيد لجل ما أريح حالي يا أبوي
ثم ضغطت علي مسكت يده لتطمئن هلعه وهتفت :
_ متجلجش عليا يا حبيبي،، أكيد معسيبش حالي لحد ما أجع من طولي يعني ، روح إنتَ شوف مصالحك وأني هبجا تمام إن شاءالله
وأكملت برجاء :
_ بس بعد إذنك يا أبوي ، ياريت تخلي أمي وصابحة يعملوا شوربة سخنة وكام فرخة إكدة لجل المصابين لإن معظمهم مسافرين من أسوان للقاهرة وأكيد أهلهم يا إما من أسوان يا من القاهرة وفي الحالتين معيعرفوش ياچوا دلوك واصل
أومأ لها وأردف قائلاً :
_ متعتليش هم الموضوع دي ، أني عكلم أمك في التلفون وعكلم كُمان چدك عِثمان وإن شاء ماحدش عيحتاج لحاچة
وأكمل شارحً :
_ بس أني معينعش أسيب إهنيه ، ناسية إني بجيت عضو مجلس شعب إياك ولازمن أبلغ المركز بالحادثة وأجف ويا الناس
واسترسل شارحً :
_ده غير إن ضميري معيسمحليش أروح وأفوت الناس المصابة دي كلياتها، حتي لو مكتش نايب في البرلمان، فانا إنسان يا بِتي
نظرت إلي والدها بنظرات ممزوجة بالحنان والفخر والتباهي، لهذا الأب بدرجة الإنسان، حقاً هي فخورة به وكثيراً
بعد مرور عدة ساعات هدأ الوضع قليلاً ، خرجت صفا إلي رواق المّشفي وجلست بإرهاق شديد ظهر علي وجهها وهي تستند علي المقعد بساعدها لتجلس بهدوء خشيةً أذية صغيرها ، تحرك إليها يزن وبسط يدهُ وأعطاها عبوة عصير مُغلفة وتحرك إلي الداخل إلي أمل ليُعطيها عبوة عصير كي تمدها بالطاقة، فبرغم حُزنهُ الذي أصاب قلبه منها إلا أنهُ ما زال يعتبرها مسؤولة منه ويرتعب عليها
بدأت بإرتشاف العصير، ثم وجدت من يأتي إليها وبيده مايك ، ويبدوا علي وجههُ أنهُ مُراسل لإحدي القنوات التلفزيونيه الشهيرة
تحدث إليها بإستفسار وهو يُسجل معها مباشر علي الهواء :
_ مساء الخير يا دكتورة ، ممكن نطمن منيكي علي حالات المصابين
أشارت بيدها رافضة التصوير وتحدثت بقوة :
ممنوع التصوير لو سمحت ، الوضع لا يُحتمل لعبكم بمشاعر الناس ومتاچرتكم بألامهم ومصايبهم ، مشايفش بعينك المصيبة اللي إحنا فيها إياك
تحدث إليها المذيع متفهمً الأمر :
: حاشي لله يا دكتورة ، انا مش جاي أخد سبج صحفي ولا أتاجر بمشاعر الناس زي ما حضرتك فهمتي.
وأكمل مُفسراً وهو يصور مباشر :
_ المصابين معظمهم من القاهرة وأهاليهم سمعوا عن الحادثه من المواقع الإخبارية ومواقع التواصل الاچتماعي ، وأكيد معظمهم في الطريج جايين لذويهم، وأكيد كمان حالتهم صعبه جداً وعاوزين أي خبر يطمنهم عن حالة أهلهم الصحية
أومات لهُ بتفهم وتحدثت بهدوء وثبات إنفعالي تُحسد عليه:
_ أحب أطمن كل الأهالي وأجول لهم ميجلجوش ، ولادكم وأهاليكم بخير وفي إيد أمينة، البلد كلاتها إهنيه وأتبرعوا لولادكم بالدم، وأحب أطمنكم وأجولكم إحنا أهاليهم لحد ما توصلوا بالسلامة
سألها المذيع بإستفهام :
_ هي المستشفي دي حكومي ولا خاصة يا دكتورة ؟
أجابته بنبرة هادئة:
_ المستشفي بناها چدي عِثمان النُعماني هدية لأهل بلدهُ ولأهل المركز كلياته، وكمان الحاچ زيدان عِثمان النُعماني نائب مجلس الشعب مُتبرع بصيدلية خارچ المستشفي، والصيادلة اللي موچودين فيها بيصرفوا الدوا للمرضي بالمجان
تحدث المذيع إليها بإستحسان :
_ ربنا يزيدهم من فضله، حاچة چميلة إن الناس تستخدم فلوسهم في خدمة الناس الغلابة، ياريت كل الناس تعمل إكدة مكانش هيبُجا فيه حد محتاچ ولا هيُبجا فيه عوز واصل
أردفت قائلة بنبرة جادة:
_ محدش مچامل الناس بحاچة، كله مال الله وراح لأهل الله
وأكملت بيقين:
_ ربنا ممحتاجش منينا حاچة، إحنا اللي محتاچين لرضاه علينا ، ومحتاچين لكل عمل يجربنا منيه لچل مانوصل لبر الأمان وياه
أردف قائلاً بهدوء وهو ينظر إليها بإعجاب واستحسان :
_ عنديكِ حج يا دكتورة
أتت الشرطة وأطمأنت علي المصابين وأخذت أقوالهم في الحادثة ، وحضر جميع أهالي المصابين إلي النجع وأطمأنوا علي ذويهم، خرجت معظم الحالات المستقرة وأصحاب الإصابات الطفيفة ورحوا عن النجع شاكرين لأهلهِ الكِرام وحاملين ذكري عطرة ستبقي في أذهانهم ، وضل أهالي الحالات الحرجة في ضيافة وكرم نجع النعمانية
ليلاً
داخل سرايا النُعماني
كانت جميع العائلة مجتمعة عدا صفا ويزن اللذان مكثا داخل المّشفي ليتابعا الحالات ويقوما علي رعايتهم وتقديم الخدمة الصحية لهم
كانوا جالسون وهم يشاهدون وينظرون بتمعُن علي شاشة التلفاز بفخرٍ وأعتزاز وهم يرون برامج التوك شو والقنوات الإخباريّة جمعاء، تتناقل فيما بينهم الخبر الأبرز علي الساحة، حادثة القطار بالتأكيد، ويشيدون بشهامة ومروئة أهل الصعيد ككُل، وبنجع النُعماني خاصةً،
وذلك بعدما حدث اليوم ونقلتهُ الكاميرات التي كانت عين شاهد علي الترابط والتكافل المجتمعي والوقوف كأيدٍ واحدة لمواجهة تلك الفاجعة الكُبري
إستمع عِثمان إلي الفيديو الخاص بصفا وحديثها المُنمق الذي يدعو إلي التفاخر، كادت عيناه أن تزرف دموعها الحنون حين إستمع إلي حديثها وهي تُشيد بجدها في بنائة للمشفي الخيري
تنهد بأسي وتحدث وهو ينظر إلي زيدان بعيون أسفة نادمة وكأنهُ يعتذر له عن كل ما مضي :
_ البِت اللي جاطعت ولدي بسببها سنيين وجولت له يتچوز علي أمها الأصيلة لچل ما يچيب لي الولد اللي يخلد إسمه وإسم عيلتي ، هي اللي رفعت راسي وشرفتني جِدام الدنيي كلاتها، خلدت إسمي وربطته في عجُول الناس بعمل الخير والمروئة
وأكمل بأسي وهو ينظر أرضً دلالةً علي شدة خجلهِ من حالة قاصداً بحديثهُ واقعة قضية قدري :
_ في الوجت اللي رجالتي ركبوني فيه العار وخلوني لأول مرة أطاطي راسي جِدام الخلج كلاتها، تاچي هي وترفعهالي من چديد،
وأكمل مُتباهيً بها تحت إستشاطة ليلي وغليان قلبها الأسود :
_كيف متكون بحديتها دي عطبطب علي جلبي وتجولي إرفع راسك يا چدي، إنتَ عِثمان النُعماني، متليجش بيك المهانة وكَسرة النِفس
تنهد الجميع بأسي وشعر عِثمان حينها أنهُ أضاع عمرهُ هباءً في الحفاظ علي عادات وأفكار ما أنزل الله بها من سلطان، بل خلقها البشر بأياديهم كي يصنعوا منها أدواتً لتدمير أنفُسهم وعدم الحصول علي الراحة أو العيش بهناء
❈-❈-❈
بعد مرور يومان علي الحادثة
بعد الغروب داخل حديقة النُعماني
وصل ذلك العاشق إلي نجع النُعماني يتطلع إلي رؤيا متيمتهُ كي يُشبع روحهُ وقلبهُ المُلتاع من شدة الإشتياق ، فحقاً إشتاق رؤياها حد الجنون، أتي علي أمل النظر إلي مقلتيها الفيروزية كي يٌشبع روحةٌ المُشتاقة
دلف من البوابة الحديدية بسيارته الخاصة، وجدها تجلس فوق مقعداً وسط الحديقة كشمس صيفٍ ساطعة فرضت أشعتها علي كل ما حولِها فآٌنارتة وجملتة وأعطت لهٌ رونقً خاصً ،، لم تكتمل سعادتهُ حين تفاجأ بجلوسها بجانب ذاك اليزن المجاور لها وأمامهما بعض الأوارق اللذان يتابعاها بجدية
إشتعل جسدهٌ وتملكت منه نار الغيرة التي باتت تٌشعل داخلة بالكامل وتُألمة، نعم تصالحا هو ويزن وتسامحا، لكنها حبيبته، معشوقة عيناه الذي يتـ.ـمزقُ من شدة الغيرة عليها حتي من أبيها
كظم غيظهُ بداخله كي لا يظهر عليه ويفقدهُ الكثير من هدر كرامته مجدداً علي يداها، صف سيارتهُ وتحرك إلي تلك التي إنتفض داخلها وبات قلبها يتراقص ويتغني عندما هلّ بدرُها الغائب عن سمائة،
وقف قبالتهما وتحدث بجمود:
_ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ردوا عليه السلام ووقف يزن إحترامً لحضورهُ واختضـ.ـنهُ بأخوة، بادلهُ إياه قاسم بحب واحترام رغم غيرته الشديدة منه،
ثم نظر إليها وتحدث بملامح وجة جامدة :
_ كيفك يا دكتورة
أجابته بنبرة صوت ضعيفة تدل علي هيامها :
_ الحمدلله
إبتلع لُعابهُ وغصة مُرة تملكت من قلبه، وهو ينظر إلي بطنها المُنتفخ جراء وصولها علي مشارف شهرها السابع، تظاهر بالتماسك وتحدث متسائلاً :
_ الولد زين؟
اومأت له بعيناها لتطأنتهُ وأكمل هو مُبرراً :
_ جلجت عليكم يوم الحادثة لما شفت الاخبار وكنت عاوز أنزل لجل ما أطمن عليكم، بس ظروف شُغلي ما سمحتش .
هزت رأسها دون إجابه حين تحدث يزن قائلاً :
_ الحمدلله يا قاسم عدت علي خير ، ده كان يوم الله لا يعوده إلا بالخير
أومأ قاسم ثم تحدث وهو ينصرف ليدلف لداخل السرايا:
_ الحمدلله
قال كلماته وتحرك سريعً إلي الداخل تحت حُزن قلب تلك العاشقة لعدم إهتمامه بها الواضح، وكأنها أصبحت لا تُعني لهُ شئً علي الإطلاق
صعد إلي الأعلى بعدما تبادل السلام مع الجميع وأطمأن علي والده الذي بدأ يخرج من حالة الإكتئاب التي أصابته، دلف لداخل غرفة نومه، خلع عنه ثيابهِ وألقاها أرضً بغضب وغيظ وغيرة، دلف لداخل المرحاض ووقف تحت صنبور الماء البارد كي يُطفئ نـ.ـار قلبهُ الشـ.ـاعلة التي هبت بكامل جسـ.ـدهِ حينما رأها تجلس بصحبة يزن، ضل يغمر جسـ.ـده تحت الماء علهُ يُهدئ من إشتـ.ـعال روحه التي وصلت للمنتهي
ليلاً، كان يقف بشُرفة غُرفته يتحدث من خلال الهاتف إلي إحدي موكليه، كان يتحدث بنبرة هادئة، وجد من تخرج إلي شُرفتها سريعً بعدما إستمعت إلي صوت معشوقها، وقفت تتطلع حولها وكأنها تستطلع السماء وتستنشق الهواء النقي، كادت أن تُصيب بالجنون عندما وجدت منه اللامبالاة وعدم التقدير لخروجها ولو حتي بنظرةٍ واحدة
تعمد ذلك التجاهُل كي يُشـ.ـعل روحها ويُجبـ.ـرها علي الإستسـ.ـلام والخضـ.ـوع إلي قلبها وندائاتهُ وترتمـ.ـي داخل أحضـ.ـانهُ حين يستدعيها هو
أنهي مكالمتهُ ودلف إلي الداخل دون أن يُعيرها إية إهتمام وكأنها سراب، إشـ.ـعل داخلها بالغضـ.ـب وانتفضت، دلفت إلي غرفتها وجلست علي تختها وكذلك هو ، بات كلاهما ينتفضُ بجسـ.ـدٍ يشـ.ـتعلُ نـ.ـاراً من شدة الإشتياق والغضب والغيرة علي حبيبهُ، لا يفصلهما عن بعضيهما سوي بضعة مترات، لكنهُ الكبرباء لعنة الله عليه
❈-❈-❈
بعد مرور إسبوع علي حادثة تصادُم القطار
دلف دكتور وائل بسيارتهِ الفارهة إلي مدخل مشفي الصفا، ترجل منها تحت إستغراب كُلً من يزن الذي كان يقف داخل الحديقة بصحبة العُمال المسؤلون عن عملية صيانة الكهرباء والإنارة بالمشفي والذين كانوا يقومون بالكشف الدوري الشهري
تحرك وائل بأناقته وجاذبيتهُ المُلفتة للأنظار وتحدث إلي الجَمع :
_ لو سمحتم، مش دي المستشفي اللي شغالة فيها دكتور أمل عبدالحميد ؟
قطب يزن جبينهُ ورمقهُ بنظرة إستغراب وتسائل مستفسراً :
_ إنتَ مين، وعاوز الدَكتورة أمل في إيه ؟
ضيق وائل بين حاجبية بإستغراب لحدة ذلك المتداخل، وأجابه بنبرة هادئة:
_ أنا دكتور زميلها وجاي لها من القاهرة، ومحتاج أقابلها ضروري
كاد أن يتحدث لولا أن سبقهُ ذلك المتداخل المدعو بـ سلامة، الموظف المسؤول عن الإستقبال قائلاً بترحاب وهو يُشير إليه ويدعوهُ إلي الدخول:
_ إتفضل وياي يا باشا وأني هدلك علي مكتب الدَكتورة
تحرك وائل بصحبة سلامة إلي الداخل تحت إحتـ.ـراق كيان يزن وإشـ.ـتعال النـ.ـار بقلبه العاشق وتوعدهُ للفتك بسلامة حين تحن إليه الفرصة
وقف بجسـ.ـدٍ ينتفض غضبً ما بين ناريـ.ـن، نـ.ـار الغيرة التي تنهـ.ـش داخلهُ علي إمراته ويريد الدخول الفوري إليها ليري ويعرف من ذلك الغريب، ونـ.ـار كبريائهُ وكرامة الرجل التي أُهينت علي يد تلك الحبيبة وتمنعهُ التدخل
شعور غريب تملكهُ بأن ذلك الرجُل هو زميلها الذي تخلي عنها وغـ.ـدر بها، نـ.ـار شـ.ـاعلة لم يستطع إخمادها
في الداخل، إستمعت تلك القابعة خلف مقعدها إلي بعض الطرقات، سمحت للطارق بالدخول، دلف سلامة قائلاً بإبتسامتهِ السمجة :
_ فيه ضيف چاي لك من مصر وطالب يجابل حضرتك يا دَكتورة
قطبت جبينها وترقبت الدخول، إتسعت عيناها وأنتفض قلبها غضـ.ـبً عندما رأت ذلك الحقيـ.ـر بائع الود والعهد، وائل الذي أتي لها بعدما علم مكان إقامتها من القنوات التلفزيونية والصحف الإلكترونية التي اذاعت خبر الحادثة، أتي إليها وكلهُ حنين وأشتياق إلى الماضي الجميل، أتي علي أملٍ أن توافق علي الرجوع إليه من جديد ويهرول عائداً إلي القاهرة كي يُطلق ريماس ليتزوج من أمل مثلما كانا إتفاقهم بالماضي ، وكأنهُ يُبدل أحذيتهُ وليست زوجات بعقدٍ مقدس من الله
كانت تستمع إليه بملامح وجه مُبهمة وهو يشرح لها كّم معاناته في إبتعادها عنه، وكم أنهُ أساء الإختيار وندم عندما فضل المظهر عن الجوهر، بات يتحدث ويعتذر دون الإستماع لكلمة واحدة منها تُعبر عن ما بداخلها ، كانت تنظر إليه وتستمع بهدوء وملامح مُبهمة غير مفسرة
إستمعت إلي طرقات خفيفة وبعدها فُتح الباب دون إنتظار الرد بالسماح ، وجدت أمامها ذلك العاشق بعيناه المشـ.ـتعلتان بنـ.ـار غيرة العِشق، لم تدري لما أصاب قلبها رعشة عنيفة وشعور بالراحة والإطمئنان وكأنها وجدت أمانها وحِصنها المنيع
تحدث ذلك العاشق بعدما قرر التخلي عن كبريائهِ أمام جنون الحُب ولتذهب الكرامة أمام عشقهِ الهائل إلي الجحيم، هتف متسائلاً بنبرة صارمة :
_ ممكن أعرف مين الأستاذ وچاي ليه؟
نظر لهُ وائل مستغربً غضـ.ـب ذلك الرجل، في حين تحدثت أمل إليه بنبرة باردة:
_ ده دكتور كُنت شغالة معاه زمان
ثم وقفت وتحركت إلي يزن وبدون مقدمات أحتضـ.ـنت كف يدهِ برعاية وحنان ونظرت إلي وائل بقوة وشموخ وتحدثت:
_ أحب أعرفك بالباشمهندس يزن النُعماني،
ثم حولت بصرها إلي يزن وتحدثت بإبتسامة حانية وفخر ظهر علي ملامحها :
_ خطيبي
إتسعت عيناي يزن وانتفض قلبهُ وبات يتراقص علي أنغام كلماتها التي تخطت بروعتها أعظم السمفونيات العازفة
إشتعل داخل وائل وتسائل مصدومً :
_ خطيبك ؟
أجابهُ ذلك الذي إحتضـ.ـن كفها برعاية وتملُك لرجُل عاشق حتي النُخاع:
_ إيوة خطيبها، والفرح بعد شهر واحد من دلوك
ثم نظر لعيناها وتحدث بنبرة عاشقة وعيناي هائمـ.ـة أحرقـ.ـت قلب وائل من الغيرة، وأشعـ.ـلت قلب أمل بعشق حبيبها :
_ مش إكده يا حبيبتي
إبتسمت بسعادة هائلة وأجابتهُ بموافقة وعيناي تنطقُ عِشقً وأحتياج:
_ أيوه يا يزن
بات صـ.ـدرهُ يعلو ويهبط من شدة سعادته والشعور بالإحتياج، ، إحتـ.ـضنت الأرواح وتعانقت الأعيُن بإشتياقٍ جارف، وقالت العيون ما لم يقلهُ حديثَ، كل هذه المشاعر الهائلة ظهرت تحت إحـ.ـتراق روح وائل الذي تأكد بأنهُ إفتقد فُرصة الرجوع وخسارتهِ لحبيبتهُ وإلي الأبد
فاق يزن من حالة العشق العـ.ـنيف الذي أصابهُ وأقتـــ.ـحم كيانهُ بالكامل، حول بصرهِ علي ذلك الجالس ينظر عليهما والألم والحسرة يملئان قلبهُ ويظهران بعيناه وتحدث بنبرة صارمة شبه طارداً له :
_ شرفت يا دَكتور، وياريت الزيارة دي ما تتكررش تاني
وأكمل مهدداً:
_وإلا رد فعلي عيكون عنيـ.ـف ومعيعجبكش واصل
وعي وائل علي حاله وتحامل ووقف ثم تحرك إلي وقفتهما وتحدث بنبرة مُنكسرة إلي أمل:
_ مبروك يا دكتورة
قال كلماته وانسحب سريعً وأغلق خلفهُ الباب، نظر لها متلهفً ليستشف من عيناها إذا كان ما تفوهت به مُنذ القليل تقصدهُ حقاً، أم أنها تفوهت به كناية في ذلك الوائل ليس إلا
فنطقت تلك العاشقة التي رأت حيرتهُ داخل عيناها وهي تُشدد من ضـ.ـمة يدها ليده:
_ بحبك وما أقدرش أستغني عنك، وهتجوزك تحت أي ظروف وغصب عن أي حد
إتسعت عيناه وشعر وكأن روحهُ حُلقت في السماء وباتت تتراقص من شدة سعادته، وهتف بنبرة شديدة السعادة :
_ وأني عاشجك وعاشج الهوا اللي عتتنفسية يا أمل
وأكمل مبتسمً بإعتراف :
_ ويكون في عِلمك، أني كُنت عارف إن جلبك عيلين ويرچع ويحن لحبيبه ، مهو مش معجول جلبي يعشجك جوي إكده وإنتِ تفوتيه ينكوي بنـ.ـارك،
واكمل ضاحكً:
_ وعشان إكده موجفتش بُني البيت اللي عيُبجا مملكتك يا ست البنات
نظرت لداخل عيناه وتحدثت بعينان شبه دامعه:
_ بحبك يا يزن، بحبك أوي
كان يشعر وكأنهُ إمتلك العالم إجمع، نظرت إلية بترقُب ثم أردفت قائلة بنبرة مُترددة:
_ يزن، ليلي جت لي هنا وهددتني
جحظت عيناه واتسعت وتسائل مُتلهفً:
_ هددتك كيف يعني؟
وبات ينظر عليها ويتطلع بذعرٍ وتسائل :
_ عِملت لك حاچة ! أذتك يا أمل، إنطجي
أشارت سريعً إليه بيداها لطمأنتهُ بعدما رأت ملامحهُ المذعورة:
_ أنا كويسة يا يزن أرجوك ما تقلقش،
وأكملت بنبرة حرجة:
_ أنا مكنتش ناوية أقول لك، بس بصراحة بنت عمك دي شكلها شرانية ومش سهلة، أكتر حاجه قلقتني إن تهديدها ليا حسيته أوي، يعني حسيت إنها ممكن فعلاً تنفذ تهديدها وتعمل أي حاجة
سألها متلهفً:
_ هددتك بإيه يعني ، جولي يا أمل
هزت رأسها بلامبالاة وتحدثت:
_ مش مُهم التفاصيل ، صدقني أنا مكنتش هقول لك علشان ده مش طبعي ، لكن اللي شجعني أعرفك هو إني شفت الرُعب في عيونها لما قولت لها إنها لو ما خرجتش من المستشفي حالاً هتصل بيك وأخليك تيجي تاخدها بنفسك، وكمان تهديدها الصريح ليا إني لو عرفتك إنها جت هنا واتكلمت معايا خلاني أتأكد إنها فعلاً خايفة منك
قالت كلماتها وتحدثت برجاء:
_ من فضلك يا يزن، ياريت تتكلم معاها بهدوء وتفهمها إن اللي عملته ده لا يليق بيها ولا بمكانة عيلتها
هتف مطمأناً إياها برجوله وحماية:
_ إطمني يا حبيبتي، معايزكيش تخافي طول ما أني چنبك، وليلي أني هعرف أوجفها عِند حدها
أرادت أن تُخرجهُ من حالة الحُزن التي أصابته جراء ما فعلتهُ إبنة عمه لحبيبته فتحدثت بنبرة حنون أثـ.ـارت جنونهُ وأشعلتـ.ـه:
_ أخاف إزاي وإنتَ راجلي يا يزن،
وسألته بدلال جديد علي شخصيتها الجادة :
_ مش إنتَ قولت لي إنك راجلي وأماني ؟
جن جنونهُ وبات قلبهُ يدُق بوتيرة عالية كطبول الحرب، أجابها بعيون تصرخُ عِشقً:
_ إيوه أني راچلك وأمانك وحمايتك يا أمل، وإنتِ مّرتي الحلوة اللي عتنسيني چوة حُضـ.ـنها مّر الأيام، عكون لك الراچل والسند والحماية ، وعتكوني لي الكِتف الحنين اللي علاجي فيه راحتي
إبتسمت بسعادة فتحدث هو بعيون هائمة تقطرُ غرامً :
_ عاشجك يا أمل
إنتهي البارت
قلبي بنارها مغرم
43💘
عاد وائل إلي القاهرة يجر بأذيال خيبة أملهِ الكُبري، شعر بأنهُ خسر الكثير من الإحترام لذاتهِ بتلك الزيجةِ الملعونة ، قرر أن يقوم بتطليق ريماس ليبتعد عن تلك العائلة ويحاول أن يبدأ حياة جديدة، لكنه بمجرد وصولهُ إلي منزله ليفاتحها بأمر الطلاق، وجد والدتهُ ووالدهُ بإنتظاره وبوادر السعادة ترتسمُ فوق وجوههم، نظر علي ريماس التي تجاور والدتها بإرهاق يظهرُ فوق ملامح وجهها
جرت عليه والدتهُ وهتفت قائلة وهي تحتضـ.ـنهُ بسعادة هائلة :
_ مبروك يا حبيبي، أخيراً سمعت الخبر اللي ياما حلمت بيه وأستنيته
قطب جبينهُ بإستغراب وتسائل مُستفسراً :
_ خبر إيه ده يا ماما اللي جايب حضرتك وبابا تستنوني هنا والفرحة مش سيعاكم بالشكل ده ؟!
أجابتهُ إلهام والدة ريماس بسعادة بالغة:
_ ألف مبروك يا دكتور، هتبقا بابي
إنصدم داخلهُ وشعر بعالمهُ ينهار من تحت قدماه، ماذا عليه أن يفعل وهو الذي إنتوي الإبتعاد، لكن يبدوا أن للقدر معه رأيً آخر
إقترب منه والدهُ وأحتضـ.ـنهُ بشدة وربت علي ظهره مُهنئً إياه، نظر لتلك الريماس وجدها تنظر إليه بسعادة بالغة وكأنها قامت للتو بفتح عكة، شعر بالمهانة عندما لم يجد أمامهُ سوي الرضـ.ـوخ والإستسلام للأمر الواقع، وذلك لعلمهِ الشديد بعدم موافقة والديه لفكرة الطلاق نهائيً في وجود طفل يتمناهُ كلاهُما منذُ الزمان لوحيديهما
أما عدنان الذي شكر ربهُ علي عدم مشاهدة كوثر وإيناس إلي حادثة القطار التي ظهرت بها صفا، وذلك لوجود كوثر داخل المشفي حيثُ أجرت عملية إستئصال الزايدة الدودية ورافقتها إيناس لمدة خمسة أيام،لم يشاهدوا خلالها التلفاز ولا حتي مواقع التواصل الإجتماعي علي هواتفهم الذكية،
ويرجع ذلك إلي دخول كوثر في حالة حرجة بعد إجرائها العملية، وبعد تحسُن حالتها وخروج كلتاهما من المشفي كان الموضوع قد هدأ كثيراً وأختفي من الساحة وظهور موضوعً بديل لتتناولهُ المواقع كما جرت العادة
_______________
ليلاً داخل سرايا النُعماني
دلف يزن باحثً عن عائلتهُ كي يقوم بإبلاغهم بموافقة أمل بالزواج منه ، إستمع إلي أصواتهم تخرج من داخل حُجرة الطعام فتيقن أنهم يتناولون وجبة عشائهم
خطي بساقيه إلي الداخل ونظر إلي الجمع الكامل حتي عمهِ زيدان و ورد وصفا أتوا بناءً علي طلب عِثمان الذي طلب حضورهم بإلحاح وتمنِي، حتي يشعر بلمة عائلتهُ من حولهُ كقبل
تحدث يزن قائلاً بنبرة هادئة :
_ متچمعين عِند النبي إن شاء الله
إبتسم لهُ الجميع وأمنوا ورائهُ بتمني، ثم وجه الحديث إلي جده بنبرة جادة:
_ چدي، كُنت حابب أبلغك إن أني والدكتورة أمل حددنا ميعاد الفرح، وإن شاء الله عيكون بعد شهر من دلوك
تنهد عِثمان، وعدة مشاعر متناقضة تملكت من داخلهُ، شعور بالسعادة لاجل زواج حفيدهُ الغالي وفرصة لتكوينهُ لأسرة سعيده وإحتمالية رزقهُ بأطفالاِ
وبنفس التوقيت شعور بالحُزن والتـ.ـألم لأجل حفيدتهُ وحزنها الذي أصابها عندما إستمعت إلي ذاك الخبر المشؤوم بالنسبةِ لها
صمت تام أصاب الجميع لنفس أسباب عِثمان، فالجميع أُصيبَ بعدة مشاعر مُخطلتة
تحدث الجد بنبرة عاقلة :
_ علي خيرة الله يا ولدي، وأني عخلي المجاول يزود لك عدد الرچالة اللي عيشتغلوا في البيت لجل ما يخلصوه بسرعة ويشطبوه جَبل الشهر ما يخلص
إنتفضت ليلي واقفه وتحدثت بفظاظة :
_ يعني حضرتك موافج علي إنه يچيب لي ضُرة ويجهر جلبي بيها ؟
وأكملت بتساؤل غاضب أدمي قلب عِثمان:
_عترضي عليا اللي معترضهوش علي غيري ليه يا چدي ؟
واسترسلت بتعجُب لأمرهِ:
_هو أني مش بردك حفيدتك ولا إيه يا حاچ عِثمان !
تنهد بأسي وأجابها:
_ حفيدتي وغالية عليّ وربي عالم بغلاوتك في جلبي يا ليلي،
وأكمل مضطراً:
_ بس المُصلحة حكمت يا بِتي، إبن عمك لازمن يكون له وريث لإسمه وإسم عيلته
ثم أكمل بنظرة لائمة:
_ واللي إنتِ عملتيه في إبن عمك مكانش جليل بردك
كانت فايقة تنظر إلي الجميع بشرٍ وتوعد، لكنها لم تقوي علي التفوه بحرفٍ واحد بعدما باتت تتعامل من رسمية وعِثمان بأسوء أنواع المعاملة لتيقنهم أنها السبب الرئيسي لما وصل له قدري
نظر يزن إلي ليلي وتحدث بنبرة حادة:
_ إنتِ كمان ليكِ عين تعترضي ولساتك عتتحدتي
ثم نظر إلي جدهُ وهتف بنبرة حادة:
_ الهانم المحترمة بِت الأصول اللي حضرتك منبه علي أبوها إنها متخرجش بره البيت، كسرت كلمتك وكلمت أبوها وراحت المستشفي واتهجمت علي الدكتورة أمل بالكلام وهددتها
إبتلعت ليلي لُعابها خشيةً غضب يزن في حين تحدثت نجاة التي نظرت إلي ليلي بذهول وهتفت :
_ روحتي لها ميتا يا حزينة ؟
وأكملت بتذكُر :
_ أكيد صباحية يوم أبوك ما خدته الحكومة، لما كدبتي عليّ وجولتي لي إنك رايحة تطُلي علي چدتك سَنية
صاحت بنبرة كاذبه وإنكار:
_ إنتِ كُمان عتعومي علي عومها يا مّرت عمي !
وأكملت بإتهام كاذب لأمل:
_ دي واحدة ملعونة عتفتري عليّ بالكذب لجل ما يزن يصدجها ويجلب عليّ
صاح بها بنبرة صارمة :
_ يزن ممحتاچش يسمع من حد لجل ما يجلب عليكِ يا بِت عمي، اللي عِملتية خير شاهد،
وأكمل بدفاع وقوة رجُل عاشق:
_ ثم الدَكتورة أمل دي أني أضمنها وأضمن كِلمتها برجبتي
وأكمل وهو يُشير بيده إليها بنبرة تهديدية:
_ لاخر مرة عنصحك لوجه الله وعجولها لك كِدام چدك وأبوكِ وإعمامك وأخوكِ ، الله الوكيل، لو مسيتي أمل ولو حتي بكلمة طيبة، لتكوني طالج بالتلاتة يا ليلي
ثم نظر إلي جدهُ وتحدث:
_ أظن من حجي إني أحمي الحُرمـ.ـة اللي عتكون مّرتي، ولا إيه يا چدي؟
أومأ لهُ عِثمان وتحدث بجدية:
_ عداك العيب يا ولدي
تحدث قدري بنبرة جادة:
_ ربنا يتمم لك علي خير يا ولدي
وأكمل وهو يرمق ليلي بنظرات متوعدة:
_ وبِتي أني كفيل بيها وجادر أحمي الخلج من شرها
غضب داخل ليلي وشعرت بالخُزلان من أبيها ، أما فايقة التي صاحت وتحدثت بنبرة مُتهكمة:
_ وإيه كُمان يا سيد الرچالة ؟
وأكملت بنبرة لائمة :
_ دِه اللي ربنا جدرك عليه ؟
ده بدل ما تُجف في ضهر بِتك كيف ما زيدان وجف لبِته في وش الكُل حتي أبوه، تجوم تجوله مبارك وبِتي أني عكسر لك رجبتها !
رمقها بنظرة حارقة وتحدث بنبرة حادة بعدما فاض به الكيل من أفعالها :
_ إجفلي خاشمك يا مّـ.ـرة، وبدل بجاحتك وعينك الجوية دي، خلي بالك من بِتك وجولي لها تحافظ علي اللي باجي من بيتها
وجهت ليلي نظراتها الكارهه إلي صفا حيثُ أنها مقتنعة تمام الإقتناع بأن صفا هي من جلبت تلك الأمل من أجل أن تُشغل عقل يزن بها وينشغل باله وينسي بها ليلي ، فزاد حقدها علي صفا وباتت تفكر بطريقة إنتقام تليقُ بتلك الصفا وما صنعته، كي تشفي غليلها منها
_______________
بعد يومان
ذهب الحاج عِثمان بصحبة مُنتصر وزيدان ويزن إلي المّشفي ، ودلف إلي حُجرة أمل الخاصة بالفحص، وطلب منها الموافقة علي طلبهُ الزواج من حفيده يزن، وذلك حسب الشرع والأصول
إشتدت سعادة أمل وأدمعت عيناها حين شعرت تقدير عائلة يزن وترحيبهم بدخولها إلي عائلتهم رغم ظروفها وعدم وجود وليً لها، حيث توفي والدها الذي كان وحيداً لوالديه ولم يتبقا لها سوي والدتها وشقيقتها
إحتضنها عِثمان بحنان وأشعرها بأبوته هو وزيدان ومنتصر تحت سعادة يزن وفخرهِ بأفراد عائلتهُ الحنون ،طلب منها زيدان القدوم إلي داره والمكوث بها بصحبة صفا بإعتبارها ستُصبح إبنة العائلة عن القريب، لكنها إعتذرت بكبرياء
إصطحبها يزن باليوم التالي إلي إحدي محلات الصَاغة وجلب لها الكثير والكثير من الذهب حسب العُرف الدارك ولم تستطع أمل الإعتراض تحت إلحاح ذلك اليزن
كان جميع العُمال يقفون ويعملون علي قدمٍ وساق للإنتهاء من أعمال المنزل وتجهيزهُ للزواج، وذلك بعدما تفرغ يزن بشدة لحثهم علي الإسراع ، كل هذا تحت إشتـ.ـعال روح ليلي وبرغم غليانها من تلك الأمل إلا أنها لم تقوي علي الإقتراب منها حتي ولو بكلمة، خشيةً غضب يزن وتنفيذهُ لتهديدهُ وخسارتها لهُ وللأبد
تحركت بصحبة والدتها خارج السرايا في الخفاء من باب المطبخ الخلفي بمساعدة العاملة منيرة ، وذهبتا إلي الدجال، وطلبتا منه أن يصنع لهما سحراً أسوداً إلي يزن كي يترك تلك الأمل ويعود من جديد إلي أحضـ.ـان ليلي ذليـ.ـلاً علي حد وصف فايقة وغلها
إستغل ذلك الدجال جهلهما وغبائهما وطلب منهما ذهبً من اللتان ترتديه كِلتاهما بجانب المال الكتير اللتان غمرتاه به، ووعدهما بكذب وضلال بأن يجعل منهُ عبداً طائـ.ـعً ذليلً لتلك الليلي
مما جعل كِلتا العقربتان تسعدا وتتحركا من جديد عائدين إلي داخل السرايا بمساعدة تلك العاملة مرة آخري، ثم أمرتها فايقة بأخذ تلك المياه التي أعطاها الدجال لهما وطلبت منها بأن تقوم بنثرها أمام الغرفة التي يسكنها يزن ليخطوا بها ويأتي السحر بمفعولهُ بتلك الطريقة
❈-❈-❈
بعد مرور حوالي عشرة أيام
صباحً بمنزل زيدان، فاقت مُبكراً وتناولت وجبة فطارها بصحبة والديها، وتحركت سريعً كعادتها لتذهب إلي المّشفي لمتابعة عملها التي تعشقه ، تحركت بأولي درجات الدرج وما شعرت بحالِها إلا وساقيها تنزلق لترتمي علي ظهرها للخلف وتزحف بظهرها علي الدرج لتصل لنهايته مع صرخاتها العالية التي إستمع لها كُلً من زيدان و ورد التي خرجت سريعً وما أن رأت إبنتها متسطحة علي ظهرها أسفل الدرج حتي لطمت خديها وصرخت بإسمها عالياً:
_بِتي
وكادت أن تُهرول إليها لولا يد زيدان الذي جذبها بقوة وتحدث وهو ينظر إلي الدرج ويدقق النظر علي تلك المادة اللامعة الموجودة عليه:
_ حاسبي يا ورد، السلم كَنه مدلوج عليه حاچة بتزحلج
وتحدث وهو يتمسك بالترابزين ويتدلي إلي إبنته بحرسٍ وأنتباه:
_ إمسكي في الترابزين زين
وصل إلي تلك المُتألمـ.ـة التي تضع يدها فوق أحشائها وتصرخ بشدة مما جعل جميع من في السرايا يخرج هلعاً بعدما إستمعوا إلي صراخ صفا وورد من داخل غرفة الطعام وهو يتناولون وجبة إفطارهم
إتسعت أعين فايقة ولطمت خديها عندما لاحظت وجود دمـ.ـاء وكأنهُ نزيـ.ـفً خاص بالجنين
هتفت ورد متسائلة إبنتها:
_ حاسه بإيه يا بِتي، في حاچة وجعاكي؟
صرخت صفا قائلة بألـ.ـم مُضني :
_ضهري وبطني عيتجطعوا يا أمّا ، عموت
هلع أصاب الجميع جراء منظر الدمـ.ـاء التي تسيلُ منها علي الأرض، رسمية نجاة ومريم التي صرخت بإسم إبنة عمها الغالية، وحتي فايقة التي خشيت خسارة نجل ولدها البكري،
حملها زيدان بين ساعديه وضمها لصـ.ـدرهِ والخوف ينهش داخلهُ ويتأكلهُ ، وتحدث إليها مطمأنً إياها:
_ متخافيش يا صفا، عتُبجي بخير إنتِ و ولدك
وتحرك بها وهو يهتف إلي يزن بنبرة أمرة :
_ إفتحي لي باب العربيه يا يزن وكلم الدكتورة أمل تچهز حالها علي ما نوصلوا عنديها
وتحدث إلي فارس:
_ دور العربية يا فارس وإطلع بسرعة علي المستشفي
أومأ لهُ الشابان وتحركا بسرعة هائلة، إستقل الجميع السيارات وتحركوا حتي عِثمان ورسمية كلاهما لم يقوي علي الجلوس في المنزل والإنتظار
تحركت سيارات العائلة سريعً خارج البوابة الحديدية عدا تلك التي تقف داخل فيراندا السرايا من بداية الآمر ولم يتحرك لها ساكن، نظرت لاخر سيارة خرجت من البوابة ثم ظهرت علي محياها إبتسامة شامتة،
رفعت رأسها لأعلي شامخً وتنفست بإنتشاء وسعادة ثم تحركت إلي الداخل ومنهُ إلي غرفة الطعام لتُكمل إفطارها بشهية عالية تحت إستغراب عاملات المنزل
في الطريق، أخرجت فايقة هاتفها وأخبرت قاسم بما جري، مما جعلهُ يترك ما بيده ويتجه إلي المطار بقلبٍ يرتجفُ رُعبً علي حبيبته فقط لا غير
داخل المشفي، وصلت السيارة التي تقِلُ صفا وتوقفت أمام درج المشفي، وتم نقلها سريعً علي الترولي من قِبل طاقم التمريض والأطباء الذين كانوا بإنتظارها بعد إتصال يزن، ودلفت إلي داخل غُرفة أمل حيثُ جهاز السونار،
تابعت أمل الكشف عليها بصُحبة صديقتها الطبيبة مي التي حضرت من القاهرة مصطحبة والدتها معها لمساعدة أمل في تجهيز ما يلزمها كعروس، وذلك بعدما قررت السيدة إيمان والدة مي بأن تأتي وتُساند أمل وتساعدها بتجهيز عُش زوجها السعيد، كي لا تشعُر أمل باليُتم رغم وجود والدتها علي قيد الحياة
تحدثت مي الطبيبة الماهرة بتخصُصها:
_ الحالة صعبة جداً يا أمل، ولازم تدخُل العمليات فوراً وإلا هنفقد الجنين
إستمعت صفا المنهارة بدموعها المُنسابة فوق خديها كشلال وأرتعب جسـ.ـدها بشدة وصاحت برجاء:
_ أرجوكِ يا أمل إتصرفي بسرعة،
ثم وضعت كف يدها فوق أحشائها تتحسـ.ـس وضع جنينها الذي يتحرك في الداخل بتشنج وهتفت بنبرة مرتعبة:
_ مش عاوزة أخسر ولدي ، ده هو الأمل اللي فاضل لي اللي لو راح هروح وراه
ربتت أمل علي كتفها وتحدثت بنبرة مُطمأنة :
_ إهدي من فضلك يا صفا، الإنفعال والتوتر ده مش حلو لا ليكِ ولا لحالة الجنين
وتحركت إلي الخارج لتخبر الجميع قائلة بأسي:
_ صفا حصل لها نزيف حادّ نتيجة الوقعة، ولازم نولدها بعملية قيصرية حالاً
وأكملت بأسي:
_ بس علشان تكونوا معايا في الصورة لازم أبلغكم وأقول لكم إننا ممكن لاقدر الله نفقد حياة الطفل
صاحت فايقة بوجه أمل قائلة بنبرة حادة مُستغلة الوضع:
_ فال الله ولا فالك يا غراب الشوم إنتِ
نظرت لها أمل بإستغراب في حين صاح بها يزن مدافعً عن زوجته المستقبلية قائلاً بنبرة صارمة:
_ مّرت عمي
كظمت غيظها منه وصمتت في حين أكملت أمل باقي حديثها شارحة بأستفاضة :
_ إسمعوني كويس من فضلكم ، أنا أهم حاجة عندي هي حياة صفا وإني أقدر أخرجها سالمة من أوضة العمليات وبس، لو ربنا بيحبنا هيساعدني أنا ودكتور مي في إننا نقدر ننقذ حياة الطفل مع الأم
تفوهت تلك المكلومة علي إبنتها ووجهة سؤالها إلي أمل بنبرة ضعيفة مُرتبكة وهي تسترجع الماضي الأليم داخل ذاكرتها وكأنهُ شريط سينمائيً :
_ هي صفا ممكن تشيل الرحم ؟
نظرت لها أمل بأسي وتحدثت بنبرة حزينة:
_ للأسف يا طنط ، أوقات كتير بيكون إستئصال الرَحِم هو الحل الوحيد للسيطرة علي وقف النزيف علشان ننقذ حياة الأم،
وأكملت لطمأنتها:
_ بس إن شاء الله النزيف يقف وما نضطرش نلجأ للحل ده
وتبادلت النظر إلي الجميع وأردفت برجاء:
_ إنتم بس إدعوا لها
ثم نظرت إلي زيدان وتحدثت:
_ زيدان بيه، بما إن أستاذ قاسم مش موجود فأنا محتاجة موافقتك علشان أبدأ في العملية ، لازم كمان تمضي لي علي إقرار بموافقتك علي دخول صفا لأوضة العمليات، وتحملك المسؤلية الكاملة علي اللي هيحصل جوة
دبت ورد علي صـ.ـدرها في حين تحدث زيدان بجسـ.ـدٍ يرتجف:
_ هاتي لي الإجرار دي لجل ما أمضية، وأدخلي لها بسرعة
وأكمل محفزاً إياها:
_ ربنا معاكِ ومعاها يا بِتي
تحدث يزن إليها بعيون مشجعة:
_ أني واثج فيكِ بعد ربنا يا أمل، ومتوكد إنك عتخرچي بصفا وبالواد كمان
أومأت لهُ بجدية ودلفت إلي الداخل سريعً لتُشرعا هي وصديقتها بالبدأ بإجراء العملية والخروج منها بأقل الخسائر المُمكنة
نظرت ورد إلي جميع الحضور وباتت توزع عليهم نظراتها الكارهه وهتفت بنبرة حادة:
_ لساتكم مشبعتوش أذية فيا وفي چوزي جولتوا تكملوا علي المسكينة بِتي ؟
إنتبه لها الجميع فأكملت مُفسره:
_ مكفكوش معايرة وشماتة فيا طول السنيين اللي فاتت چايين دلوك تكملوا المشوار مع الغلبانة صفا !
وأكملت صارخة :
_ مستكترين عليها يكون لها العزوة والسند اللي حرمتوها وحرمتوني منيها ليه ؟
ثم حولت بصرها إلي فايقة وبعيون تطلقُ شزراً أردفت قائلة بتوعد وهي تُشير بيداها :
_ وكتاب الله لو بِتي چري لها حاچة هي ولا ولدها لاكون جتلاكي بإديا دول، ومحد عيعرف يخلصك مني غير وروحك خارچة علي يدي ورايحة للي خالجها
جحظت عيناي فايقة وهتفت قائلة بذهول:
_ كَنك إتخبلتي وفجدتي عَجلك يا مّـ.ـرة، عتشكي فيي وتتهميني إني عاوزة أجتل وِلد إبني اللي عترچاه من إسنيين يا مخبولة إنتِ !
وأكملت صادقة:
_ ده أني جاعدة بعِد الليالي لجل ما أشيله علي يديا وأخده چوة حُضـ.ـني وأشم فيه ريح ولدي البكري
رمقتها بنظرة غاضبة وهتفت بإتهام :
_ ميتا كُتي عتحبي حد وتاخديه چوات حُضـ.ـنك يا واكلة ناسك إنتِ ؟
ده أنتِ معمِلتهاش وّيَا عيالك اللي من لحمك ودمك، عتعمليها مع وِلد صفا بِت عدوتك ؟!
أجابتها فايقة بتهكُم :
_ عيجولوا أعز من الوِلد وِلد الوِلد يا أم صفا، مش إكده بردك ولا إيه ؟
جذبها زيدان وأدخلها لداخل أحضـ.ـانهُ وتحدث وهو يُرتب علي ظهرها بحنان كي يُهدئ من روعها:
_ إهدي يا ورد وأصبري لما نطمن علي صفا وولدها
ثم نظر بعيناي تُقطرُ شراً وتحدث:
_ وبعد إكده أني ليا تصرف تاني مع اللي دلج الزيت علي السلالم
أردف عِثمان متسائلاً بإستفسار :
_ إنتَ متوكد إن فيه زيت مدلوج علي السِلم يا ولدي ؟
تحدث يزن مؤكداً لجدهُ:
_ الزيت موچود وأني شفته بنفسي واتوكدت منيه يا چدي، ومغرج السلالم من أولها لأخرها كمان
خرجت ورد من أحضـ.ـان زوجها وتحدثت بتوعد ونبرة غاضبة:
_ الله الوكيل لأجدم فيكم بلاغ في المركز يا عيلة النُعماني، وأخليهم يجروكم واحد واحد علي المركز لجل ما يعرفوا مين اللي كاره بِتي إكده
وهنا لم تستطع الصمود وأنهارت باكية وهي تنظر إلي زيدان بقلبٍ يرتجف رُعبً :
_ عيشيلوا لها الرحم وتُبجا كيف أمها يا زيدان
ونظرت إلي رسمية وفايقة وأردفت بتساؤل :
_طب أني كُنتوا كارهيني إكمني مكنتش منيكم، لكن هي ليه ! دي لحمكم ودمكم يا ناااااس
نزلت دموع رسمية وشعرت بالخزي والعار من حالها، وسحبها زيدان من جديد إلي أحضـ.ـانهُ وتحدث:
_ عتجدري البلا جَبل وجوعه ليه يا بِت الناس ( هتقدري البلا قبل وقوعة ليه )
وأكمل برضا ويقين:
_ إرفعي يدك للسما وجولي يا رب، وإن شاء الله ربنا معيخزلناش
بكت داخل أحضـ.ـانهُ وهتفت مناجية ربها بأعلي صوتٍ:
_ يارب، يارب تنچي لي بِتي، ملناش غيرك نلچئ له يا حبيبي
بعد مرور حوالي ساعة، دلف يهرول داخل رواق المّشفي، وجد الجميع مازال منتظراً بقلوبٍ مرتجفه مترقبة لما هو أتّ
تحرك إليه فارس وتحدث:
_ حمدالله علي السلامه يا قاسم
سأل شقيقهُ بترقُب :
_ صفا خرچت ولا لسه؟
هز لهُ رأسهُ نافيً
نظر إلي الجميع ثم توجه بسؤالٍ لقلبٍ يتمزق ألماً:
_ إيه اللي حُصل لصفا، وجعت كيف ؟
أغلقت ورد كتاب الله ( القرأن الكريم) التي كانت تقرأ بهِ كي يُهدئ من روعها ويرزقها الطمانينة
ثم نظرت إليه وتحدثت بإتهام :
_ إسأل أمك يا قاسم
قطب جبينهُ بإستغراب وهو ينظر إليها وتسائل مستفسراً،:
_ وأمي مالها بوجوع مّرتي يا مّرت عمي !
هتفت ورد بنبرة حادة:
_ لجينا السلالم بتاعت دارنا كلياتها متغرجة بالزيت، جولي إنتَ مين عيعمل إكده إن مكاناتش أمك يا حضرة الافوكاتو ؟
حول بصرهِ سريعً إلي والدتهُ التي هتفت قائلة بنبرة حادة:
_ الله يصبرني علي چنانك دِه يا مّـ.ـرة
إستشف قاسم من نظرات والدتهُ ونبرة صوتها أن لا دخل لها فيما حدث، لكنهُ فهم أن الحادث بفعل فاعل، ولم يكن قاسم إن لم يتعرف عليه، وتوعد داخلهُ بأن لن يتركهُ إلا وهو جُثةً هامدة ولكن صبراً، يطمئن أولاً علي صغيرتهُ وبعدها سيثأر لها
وجد ياسر يخرج من غرفة الفحص الخاصة به فهرول إليه وتحدث أمراً:
_ عاوز أدخل أوضة العمليات عند الدكتورة صفا
أجابهُ ياسر بتفهم:
_ أنا فاهم قلقك ومقدره، بس للأسف مش هينفع، إدعي لها، وبعدين هما إن شاءالله شوية كده وهيخرجم
هتفت ورد بنبرة قلقة متسائلة:
_ عيعملوا إيه چوة لحد دلوك يا دكتور، احب علي يدك تدخل لهم چوة وتطمني علي بِتي
تنهد بأسي وتحدث ليُطمأنها:
_ إهدي حضرتك وأطمني، دكتورة أمل ودكتورة مي من أكفئ الدكاترة في تخصصهم ، حضرتك دول كانوا متعينين في أكبر مستشفي إستثماري في البلد، والمستشفي دي معروف عنها إنها مش بتعين أي حد غير لما تتأكد إنه برفكت في شغله ويستاهل بجد يكون موجود ضمن طاقم المستشفي
حالة من القلق أصابت الجميع وبدأت الجدة وورد ونجاة بالبكاء الشديد مما جعل الدماء تغلي داخل شرايين قاسم الذي صرخ بهم بعدما فاض بهِ الكيل:
_ بطلي عويل منك ليها، إدعوا لها بدل عويلكم دي
بالكاد أنهي جُملتهُ وفُتح باب غُرفة العمليات وخرجت منهُ أمل، هرول الجميع إليها يتسائلون بنبرات مرتعبة، فتحدثت سريعً لتهدأت رُعبهم الذي ظهر فوق ملامح وجوههم :
_ إطمنوا يا جماعة، صفا بخير والبيبي كمان زي الفُل
واسترسلت بشرحٍ موافي:
_ هي بس الرئة بتاعته غير مكتملة وهنضر نحجزه في الحضانة لمدة إسبوع واحد وهيبقا زي الفل
سألتها ورد مُتلهفة:
_ والنزيف يا بِتي، وجفتوه ؟
أجابتها بإبتسامة مطمأنة:
_ النزيف وقف بفضل الله ثم دعواتكم، وصدقوني هي زي الفُل
سألتها رسمية بتأكيد لطمأنت قلبها علي صغيرة ولدها الغالي:
_ والرحم يا بِتي، طمنيني، صفا عتخلف تاني ؟
أجابتهم بنبرة وابتسامة هادئة:
_ هتخلف تاني وتالت وعاشر لو حبت كمان يا تيتا
شعور بالفرحة عمُ المكان وطغي علي الجميع بلا إستثناء، وتعالت المباركات والتهنأة
عدا عاشق متيمتهُ الذي سألها متلهفً:
_ هي صفا مخرچتش من چوة ليه ؟
أجابتهُ بهدوء :
_ أنا سبتها مع دكتورة مي بتفوقها وجيت علشان أبشركم
تحدث عِثمان شاكراً إياها:
_ الله يطمنك ويبشرك دايماً بالخير يا بِتي
إبتسمت لهُ وشكرته
هتف قاسم قائلاً لها :
_ أني عاوز أدخل لمّرتي يا دكتورة
نظرت إليه وأومأت بموافقة بعدما لمحت رُعبهُ وقلقهُ داخل عيناه، تحرك سريعً إلي الداخل بصحبة أمل، لمحته مي التي كادت أن تعترض علي دخولهُ لولا يد أمل التي أشارت إليها لتمنعها من الإعتراض
إقترب عليها بساقان مُرتجفتان من هول اللحظة، فقد كانت مُسطحة علي التخت الخاص بالعمليات ترتدي الثياب الخاص المُعقمة، مغمضة العينان وغائبة عن الوعي تماماً، إنتبه إلي صوت جنينهُ الذي كان مُعلقاً من ساقيه بيد طبيبة الأطفال،
حيث كانت توجة لهُ ضربات خفيفة فوق ظهرهُ كالمعتاد لإفاقته وإخراج صوتهِ، إرتبك حينما رأه ورهبة إجتاحت كيانهُ ، أصبح مشتت العقل والكيان بينهما ، لكنهُ إستعاد وعيهُ سريعً وثبت بصرهِ علي وجه مُتيمة روحهُ
في حين وضعت طبيبة الأطفال الصغير داخل الحَضانة نظراً لنقص نموهِ بسبب الولادة المبكرة، لكن حالتهُ ككُل جيدة، وتحركت بهِ سريعً إلي الخارج كي تضعهُ في الغُرفة المخصصة للحضانات
إقترب منها وأمسك كف يدها يتلمسهُ بإشتياق وحنين ولهفة وخوف، ضل ينظر إلي مي ويُتابعها وهي تضرب بكف يدها فوق وجنتها لإفاقتها وإستعادة وعيها
إستمع إلي همهمات تخرج منها بصوتٍ ضعيف، وبدأت بتحريك أهدابها وفتح عيناها شئً فشئ ، نظرت أمامها لتري رتوش لوجوهٍ مشوشة حولها، إستمعت إلي رنين لأصواتً أيضاً مشوشة وكأنها داخل حُلمً
إبتسمت بخفة حينما وجدت وجههُ يقترب منها ويميل عليها ويتحدث بكلمات غير مفهومة لذهنها وغير مسموعة إلي أذُنيها
للحظة خُيل لها أن طيفهُ يزورها داخل منامها كعادته، نطقت بنبرة ضعيفة للغاية مع شبح إبتسامة لعاشقة مُتيمة :
_ حبيبي
إشتدت سعادتهُ وتحدث وهو يتـ.ـلمس خدُها المياس بنعومة غير عابئً بمن حولهُ :
_ يا عيون حبيبك وجلبه من چوة
إبتسمت له بسعادة لإستماعها لكلماتهِ المُدللة وتأوهت بدلال
وأكمل هو بعيون ضاحكة وابتسامة جذابة رائعة:
_ حمدالله علي سلامتك يا جلب حبيبك
همهمت من جديد وتحدثت غير واعية :
_ خُـ.ـدني چوة حُضـ.ـنك يا قاسم وضمـ.ـني جوي، عاوزة أشم ريحة چسـ.ـدك لچل روحي ما ترُد فيا
تحمحم بخجل عِندما رأي إبتسامات كل من بالغرفة علي تلك العاشقة التي كشف حقنها ببنج التخدير عن مكنون مشاعرها الداخلية
تدخلت أمل التي بدأت بالخبط علي وجنتها من جديد لإفاقتها وإخراجها من تلك الحالة المُحرجة للجميع ، هتف متلهفً وهو يوجه حديثهُ إلي أمل:
_ بالراحة عليها
أجابتهُ امل بعملية:
_ لازم أخبط علي خدها ومناخيرها جامد علشان تفوق وتُخرج من تأثير البنج
وبالفعل بدأت بإستعادة وعيها وأول كلمة نطقت بها وهي تنظر إليه مُتلهفه خشيةً إستماعها لخبر فقدانها لطفلها :
_ إبني يا قاسم ، إبني فين ؟
ضم يدها بين راحتيه بشدة كي يطمئن روعها وتحدث مطمأنً إياها :
_ إبننا بخير يا حبيبتي، إطمني
هتفت بنبرة قلقة غير مصدقة إياه:
_ عاوزة أشوفه
إبتسم لها وتحدث بهدوء:
_ الدكاترة خدوه علي الحَضانة لأن الرئة بتاعته غير مكتملة، بس دكتورة أمل طمنتني وجالت لي إن وضعه مُستجر ( مستقر ) الحمدلله
بعد حوالي نصف ساعة، كانت تتسطح علي التخت داخل الغُرفة التي خُصصت لها، تتأوه بعدما بدأ تأثير البنج في الزوال ، يلتف حولها الجميع وهم يحمدون الله علي سلامتها وجنينها
تحدث قاسم إلي جدهِ بنرة صارمة:
_ يلا بينا يا چدي علشان أوصلك للسرايا
علم زيدان من ملامح وجههُ الصارمة أنهُ ذاهب لإكتشاف المُتسبب فيما حدث لغاليتهُ وكاد أن يفقدها وجنينهُ معاً، فهتف قائلاً :
_ خدني وياك يا قاسم
علم الجميع من معالم وجه قاسم السبب وراء ذهابهُ حتي تلك المُتسطحة
إنتفضت فايقة واقفه من جلستها كي تذهب معهم للإطلاع علي الوضع ومعرفة من المتسبب فيما حدث، هي بالاساس باتت شبه مُتأكدة من الفاعل، ولهذا السبب ستذهب معهم، تحرك قاسم، عِثمان، زيدان، قدري، يزن، فايقة
كاد فارس أن يتحرك معهم لكن قاسم طلب منه هو وحسن المكوث بجانب صفا والجميع كي لا يتركوا النساء بمفردهم
وصل الجميع إلي حديقة السرايا وجمع قاسم جميع العاملات حتي صابحة عاملة ورد، وحتي الخفراء المسؤلين عن حماية السرايا، وقفت ليلي ومريم وفايقة المرتعبة داخل الفيراندا يُشاهدن
هتف زيدان مُدافعً عن صابحة وحُسن قائلاً :
_ خرچ خالتك حُسن وصابحة برة الموضوع يا قاسم، دول أني أضمنهم برجبتي
صاح قاسم بنبرة حادة:
_ مش عخرچ حد جَبل ما أعرف مين كارهني ورايد لي الأذية جوي إكده ، محدش خارچ دايرة الإتهام يا عمي
صمت زيدان لتيقُنهُ صحة حديثهُ، ثم تحدث قاسم بفطانة وإدعاء :
_ اللي دلجت الزيت للدكتورة صفا مجدمهاش حل غير إنها تعترف
وأكمل بنبرة زائفة وهو يُشير بسبابتهُ لأعلي شُرفته كي يُرعبهم ويحِس ذاك المُجرم أو المجرمة علي الإعتراف :
_شايفين كشاف النور الكبير اللي متعلج في بلكونة شُجتي دي ؟
رفع الجميع قاماتهم ينظرون عليه فأكمل قاسم بإدعاء:
_ أني زارع كاميرات مُراجبة فيه وعتصور كل حاچة بتُحصل في الچنينة
وأكمل ليدب الرُعب داخل أوصال الفاعل:
_ وأكيد الكاميرات صورت اللي عِمل إكده ، بس جَبل ما أطلع وأشوف اللي فيها، عاوز أدي فرصة للي عِمل إكده
أسترسل بطمأنة:
_ لو إعترف بنفسيه وأتأسف عسامحه، لكن لو ما أعترفش دلوك وكابر ، عطلع أشوف الكاميرات وعبلغ النيابة تاچي تاخده
وأكمل مُهدداً:
_ والله الوكيل معخليه يشوف الشمس تاني بعنيه
بالفعل أتت خطتهُ بجني ثمارها حيثُ إرتعبت تلك الفتاةُ المسماه ب منيرة وهتفت بإرتياب ونبرة مُرتعبة:
_ أني عجول علي كُل حاچة يا بيه
إنتفض جـ.ـسد ليلي ونظرت بتحذير إلي العاملة التي لم تهتم وهتفت بدموعها:
_الست ليلي هي اللي جالت لي أخد جزازة الزيت وأغرج بيها السلالم جَبل ما الدَكتورة صفا تصحي
أغمضت فايقة عيناها بإستسلام لاعنة غباء صغيرتها التي كتبت شهادة وفاتها بيدها بمنتهي الغباء
في حين أكملت منيرة بجسـ.ـدٍ ينتفض رُعبً :
_ الله الوكيل ما كُنت موافجة يا بيه ، بس هي هددتني وعطتني خاتم دهب من حَداها، وجالت لي لو عِملت إكده هيُبجا الخاتم بتاعي وعتدهولي، ولم مسمعتش حديتها عتجول للكل إني سرجته منيها وتوديني الجِسم
جحظت عيناي قاسم مما إستمعهُ، أحقاً شقيقتهُ هي من أرادت قَتـ.ـل صغيرهُ قبل أن يخرج إلي الدُنيا ويري نورها !
إقترب منها قدري وقام بصفعها علي وجنتها بقوة مما جعلها تتهاوي بوقفتها وتحدث :
_ إنت اللي عِملتي إكده في مّرت أخوكِ وولده يا واكلة ناسك !
إبتلع قاسم لُعابهُ بتألم وغصة مُرة وقفت بحلقهِ وتحدث بنبرة صارمة إلي حُسن :
_ خدي البنات ودخليهم علي المطبخ يا خالة حُسن
وأكمل محذراً:
_ اللي حُصل إهنيه لو حد في النچع خد خبر بيه، معرحمش اللي جالت وحسابها عِندي عيكون تجيل جوي معتجدرش علي تسديده
وأكمل وهو يجذب تلك العاملة من يدها ويسلمها للخفير قائلاً:
_ إرمي البِت دي في أوضة الخبيز لحد ما افضي لها يا حسان
أومأ لهُ الخفير وأيضاً العاملات اللواتي أومأن بطاعة وأرتياب وبالفعل تحركن إلي الداخل والخفراء إلي خارج السرايا
حول قاسم بصرهِ إلي ليلي وسألها بنيرة حزينة مُتعجبً :
_ عِملت فيكِ إيه عفش يا ليلي لجل ما تتأمري مع الخدم علي مّرتي !
جالك جلب كيف يا بِت أبوي تإذي ولدي اللي عستني مچيته بفارغ الصبر لجل ما أخده چوة حُـ.ـضني
أذيتك في إيه أني لچل ما تإذيني في حبيبتي و ولدي ؟
نظرت إليه بعيون تقطرُ حِقداً وصاحت بغضب فاقدة السيطرة علي حالها :
_ مكتش جصداك إنتَ يا قاسم، أني كُنت عاوزة أنتجم من اللي دمرت لي حياتي وسرجت مني كُل حاچة،
وأكملت شاردة وكأنها تُحدث حالها:
_من صُغرها وهي عتسرج كل اللي عتمناه لحالي، حُب چدها وچدتي والكِل كليله
ثم نظرت إلي يزن وهتفت بكلمات أحرقـ.ـت بها قلب قاسم وأشـ.ـعلت به نـ.ـار الغيرة :
_ ده حتي الراچل اللي عحبه من صغري وياما إتمنيته لحالي لما فضلها عليّ وعشجها هي
أنزل يزن بصرهِ أرضً جراء خجلهُ الذي أصابهْ،
وأكملت هي بحقدٍ اظهر مّدي سواد قلبها :
_ ولما أتچوزت حظها رماها في حُضـ.ـن الراچل اللي عاشت عُمرها كلياته تحلم بيه وبحُضـ.ـنه
وأكملت وهي تنظر إلي قاسم بغضب:
_ لا والراچل دي يعشجها ويتمني رضاها في نفس الوجت اللي چوزي يكرهني فيه ويُهچر فرشتي
وأكملت بصباحٍ وغلٍ أظهر كّم أنها شخصية مريضة غير سوية :
_ حتي العيل اللي ياما أتمنيته لجل ما أربط بيه چوزي وأحببه فيا واغلي نفسي بيه عِنديه ، خدته هي وفَرحت بيه جلوب العيلة كلياتها وبجا الكُل مستني چيته علي نـ.ـار
ورمقت والدتها بنظرة حارقـ.ـة وأردفت بلوم:
_ ده حتي أمي لما معملتش حساب لحرجة جلبي، وفِرحت لما عرفت إنها حِبلة في واد
وصاحت معترفة عالياً بغضبٍ وحقد:
_ إيوه أني اللي عملت إكده يا قاسم، ولو أطول أخنجها بإديا هي وعيلها مهتأخرش
هتفت فايقة التي نهرتها ولكزتها بذراعها بقوة:
_ إكتمي نفسك يا حزينة، إدبيتي إياك يا بِت
حول يزن نظرهِ إلي جده بذهول وتحدثت عيناه بلوم وانتظر منهُ ردة فعلهُ ، أخذ عِثمان نفسً عميقً ثم تحدث إلي يزن بشجاعة وإصرار بعدما فهم مغزي نظراته :
_ إرمي عليها يمين الطلاج يا يزن
إنتفض داخل يزن وكأنهُ وجد الخلاص، حين هرولت هي إلي يزن وتمسكت بذراعهُ وهتفت صارخة بتوسُل:
_ إوعاك يا يزن، أحب علي يدك متنطجهاش
نفض ذراعهُ باعداً إياها عنهُ بشدة وهتف بنبرة عالية وهو يرمقها بإشمئزاز:
_ إنتِ طالج، طالج، طالج بالتلاتة
تابع الجزء، الثاني من الفصل
قلبي بنارها مغرمُ
بقلمي روز آمين
💎الجزء الثاني من الفصل الثالث وأربعون 💎
صرخت وارتمت أرضً تحت أعين الجميع الناظرين عليها دون شفقةً أو رحمة عدا والدتها فايقة
وتحدث عِثمان بقوة إلي قدري :
_ قدري، تترمي كيف الكلـ.ـب في أوضتها لحد ما تخلص عِدتها، وبعدها عشيع ل صالح وِلد ذكي النُعماني اللي مرته ماتت من شهرين ، عجول له يتچوزها لجل ما تربي له عياله التلاتة
صرخت وهزت رأسها بهيستريا وتحدثت برجاء:
_ أحب علي يدك يا چدي بلاش ، رچعني ليزن وأني هعيش خدامة تحت رچلية، والله عمشي كيف ما تجولو لي، بس بلاش تچوزني لحد غير يزن
صاح يزن بنبرة صارمة:
_ أني طلجتك بالتلاتة ومن إنهاردة إنتِ متحرمة عليّ كيف أختي وأمي
وأكمل مؤكداً :
_ مفهاش رچوع خلاص يا بِت عمي
هتفت فايقة قائلة بدموع لأجل إبنتها التي أضاعت حالها بمنتهي الغباء:
_ أحب علي يدك بلاش صالح ولد ذكي يا عمي، دِي راچل مچنون، ده كان عيضرب مّرته يكسر لها عظمها، مرة ضربها بحديدة وفتح لها نفوخها
صاح بها عِثمان قائلاً بنبرة صارمة:
_ ياريته يعمل إكده يمكن يعلمها الأدب اللي جصرتي إنتِ وأبوها في إنكم تعلمهولها
كان يقف في حيرة من أمرهُ، مذهولاً مما فعلته شقيقته ومدي حقدها علي زوجته، وبنفس الوقت حزينً لأجلها وما أصابها
تحدث بنبرة ضعيفة تأثراً مما علمه:
_ إهدي وخلينا نفكروا زين يا چدي، بلاش صالح ونستنوا يمكن تاچيها فرصة وَيّا راچل زين
صاح عالياً بإعتراض:
_متستاهلش، صدجني يا ولدي ما تستاهل الراچل الزين ولا الفرصة الزينة، هو مفيش غير صالح اللي عيربيها صُح ويعرفها إن الله حج، وأهي تربي له العيال وتكسب فيهم ثواب
كانت تهز رأسها بطريقة هيستيرية رافضة لواقعها الجديد
جذبها قدري من ذراعها ليُجبرها علي الوقوف وتحرك ساحبً إياها خلفهُ بطريقة مُهينة وتحدث:
_ إمشي علي فوج ومشوفش خلجتك برة أوضتك تاني وإلا عجتلك بيدي
صعد قدري بها إلي الأعلى وادلفها داخل غرفتها القديمة المتواجدة بمسكنه، ألقاها أرضً بحدة وتحدث بفحيح إلي فايقة بنبرة تهديدية :
_ تِعرفي لو رچلها خطت بره الأوضة دي ععمل فيكِ إيه
لم تجيبهُ من شدة دموعها التي إنهمرت بشدة فصاح هو بها قائلاً :
_ سمعاني يا مّـ.ـرة
إنتفض داخلها وهزت رأسها بإيجاب، فرمقها هو بنظرة إشمئزاز وخرج صافقاً خلفهُ الباب بقوة
تحرك قاسم إلي سيارته وقادها متوجهً بها إلي المّشفي حيثُ زوجتهُ وولده،
تلاهُ يزن الذي ذهب إلي أمل حيثُ كانت تتابع حالة صفا فطلب منها الذهاب معهُ ودلف بها داخل مكتبها وبدون مقدمات تحدث بنظرة ساكنة :
_ أني طلجت ليلي
إتسعت عيناها بذهول وهتفت مستفسرة بنبرة مُرتبكة غير مستوعبة:
_ بتتكلم جد يا يزن، فعلاً طلقتها؟
إنتفض داخلهُ بسعادة عِندما رأي سعادتها التي لم تستطع تخبأتها تطلُ من داخل عيناها وأجابها :
_ طلجتها بالتلاتة وبدون راچعة وبموافجة چدي كُمان
ثم قص لها ما بدر منها مما جعلها تستاء وتُذهل من كّم الاذي المتواجد داخل تلك الليلي
تحدث إليها بنبرة ممتنة:
_ ربنا حجج لك شرطك يا غالية وعكتب عليكِ وأني خالي، بس بعد ما بينتي لي إنك شرياني وباجية عليّ وإني أغلي عنديكِ حتي من مبادئك
إقترب عليها ونظر داخل عيناها بعشقٍ وأردف بنبرة حنون:
_ عُمري مهنسا لك إنك إختارتي راحتي علي راحتك يا أمل، ربنا يجدرني لجل ما أسعدك يا حبيبتي، ووعد عليا معخلي جلبك يعرف طريج للندم واصل،
واسترسل مُتفاخراً:
_ عحُطك تاچ علي راسي وأتباهي بيكِ وسط الخلج يا أصيلة
كادت أن تبكي من شدة سعادتها وأردفت قائلة بنبرة حنون:
_ كفاية يا يزن أرجوك، أنا كده ممكن أعيط
أجابها بثقة وتأكيد:
_من إنهاردة معادش للبُكي مكان بيناتنا ، كفاية علينا اللي عشناه في الهم والنكد، اللي چاي كله چلع لينا يا حبيبتي
وأكمل وهو يبتلع لُعابهُ تأثراً بأشتياقهُ لها:
_ أني عجول لچدي نكتب الكتاب الأسبوع دي بدل منخلوه لأخر الشهر مع الفرح
وأكمل وهو ينظر إلي كف يدها الموضوع جانباً:
_ نفسي أمسك يدك من غير ما أخاف من حساب ربنا، نفسي أخدك چوة حُضـ.ـني وأطمنك يا أمل
أجابتهُ بعقلانية:
_ إهدي وأصبر يا باشمهندس، أصلاً كل اللي فاضل تلات أسابيع
نظر لعيناها وتنهد وأردف قائلاً:
_ الصبر مّل مني يا دَكتورة
ضحكت لهُ بدلال أشـ.ـعل روحهُ
في الخارج، ذهب ياسر إلي البوفيه كي يطلب من العامل قدحً من القهوة ليظبط لهُ حالتهُ المزاچية ، وجد دكتورة مي تقف هي الأخري بإنتظار قهوتها فتحدث إليها بإعجاب مهني :
_ مبروك يا دكتور مي علي نجاح العملية
وأكمل بإشادة:
_حقيقي برافوا، إنتِ ودكتور أمل عملتوا معجزة إنهاردة وبدون أي خسائر ، وقفتم النزيف وانقذتم الأم والطفل وحافظتم علي الرحم
إبتسمت إليه بخجل وأجابته مُرتبكة وذلك لشدة إعجابها به عندما رأته مُنذُ ما يقارب من خمسة أشهر، داخل المؤتمر الذي ذهب إليه بصحبة صفا وأمل في ذلك اليوم المشؤوم بالنسبة إلي صفا :
_مُتشكرة جداً يا دكتور، دي شهادة غالية من حضرتك في حقي
نظر لداخل عيناها ورأي عِشق تلك الخجولة له، وبرغم عشقهِ الهائل للرقيقة مريم، إلا أنهُ قرر إعطاء حالهُ فرصة العيش والحب من جديد عَل تلك الجميلة تُنسيه مريم وعشقها المستحيل ، إستغل وجود والدة مي وقرر طلب مي للزواج منه وسيُنهي تعاقدهُ مع صفا بعد ان إطمأن عليها وتأكد من جدارتها لإدارة المشفي لحالها، وسيرحل من النجع بأكملهُ حاملاً معهُ ذكريات جميلة لم تُنتسي أبدا، علي أمل بداية جديدة مع مي
❈-❈-❈
داخل غرفة صفا، كان يجلس بمقعدٍ جانبي بجوار زيدان بوجوه مهمومة
أما هي فكانت تلتف حولها نساء العائلة، ورد، رسمية، مريم ونجاة، عَلية وصباح التي همست بنبرة حزينة كي لا يصل صوتها إلي مسامع قاسم وزيدان، أو يستمع إليه أحداً من عُمال المشفي :
_ممصدجاش لحد دلوك اللي سمعته من زيدان، معجول ليلي يوصل بيها الحجد وتعمل إكده، طب ليه
تنهدت صفا وتحدثت بنبرة ضعيفة لإنهاء الحديث في ذلك الموضوع وهي تنظر علي وجه قاسم الحزين لأجل ما جري:
_ خلاص يا عمه الله يرضي عليكِ، الحمدلله علي كُل اللي حصل
تحدثت رسمية بنبرة تحمل الكثير من الهموم:
_ معرفاش البِت دي طالعة شاردة لمين !
لوت عَلية فاهها بتهكم وتحدثت ساخرة:
_ معرفاش صُح يا أمّا
زفرت رسمية بإستسلام وصمت الجميع
ليلاً
أصيب زيدان بإرهاقٍ شديد فاجبرهُ قاسم علي العودة إلي منزله كي يستريح ، وضل هو بصحبتها و ورد وعلية، دلفت أمل كي تُعطيها جُرعة الدواء فطلبت منها الإعتدال لتتناول بعضً من الطعام كي لا يحدث لها هبوطً في الدورة الدموية بسبب نقص الغذاء ،
تحرك هو وقام بسندها وجلوسها ، كانت متعبة للغاية ضعيفة بجسـ.ـدٍ مستسلمً لا تقوي حتي علي صلب جسـ.ـدها، تحرك وجلس خلفها واضعً رأسها لتستند بها علي صـ.ـدره
وتحدث بنبرة تُقطرُ حنانً:
_ ريحي چسـ.ـدك عليّ يا صفا، ويلا كُلي عشان تاخدي الدوا
أجابته بنبرة صوت غاية في الضُعف بفضل العملية والوقوع ايضاً الذي أثر علي ظهرها بقوة :
_مجدراش أكل
بسط يدهُ إلي عمته وتحدث إليها:
_ هاتي صَحن الشوربة إهنيه وأني عوكلها بيدي يا عمه
وقفت عمته وتناول هو الملعقة وبات يُطعمها بيده تحت سعادة أمل وحزن ورد وعَليه علي ما أصاب ذاك الثُنائي العاشق، شعرت بعودة الراحة والطمانينة التي إفتقدتها جراء الإبتعاد عن أحضـ.ـانهُ الحانية،
إنتهت من تناول الطعام وأخذت أدويتها بالكامل ولم تطلب منه الإبتعاد، في غضون بضع دقائق غفت علي صـ.ـدرهُ وكأنها كانت تحتاج لأحتضـ.ـانهُ وضمــتهُ لها كي تغفو بسلام
همست ورد وهي تحثهُ علي تمددها قائلة:
_نيمها علي السرير يا ولدي وجوم إنتَ ريح چسـ.ـدك لصـ.ـدرك يتإذي
أجابها مُتنهداً بإستسلام :
_ ياريت كُل الأذي يُبجا إكده يا مّرت عمي
نظرت عَليه إلي ورد بحزن وصمتا
❈-❈-❈
بعد مرور أربعة أيام، عادت صفا إلي منزل والدها مُرغمة، تاركة طفلها داخل الحضانة بصحبة قاسم الذي لم يتركهُ ولو ساعة واحدة ليرتاح بها، فقد وعد صفا بأنهُ لن يتركهُ بتاتاً ولهذا عادت هي إلي المنزل بدموعها بعد أن إطمأنت علي صغيرها بوجود والدهُ بجانبه
بعد ثلاثة أيام آخري،
دلف قاسم بسيارته التي يقودها فارس،وتدلي منها حاملاً صغيرهُ الذي إكتمل نموهُ بالكامل بفضل الله، وتحرك به إلي عِثمان الجالس بالفيراندا وهو يحملهُ ويُقربهُ منه، وضع قُبلـ.ـةً فوق جبينهُ ودعا لهُ بالصلاح والمباركة، وأمر الخفير بجلب الذبائح لذبحها وتوزيع لحومها صدقة علي أهل النجع، فرحةً بشفاء حفيدتهُ وصغيرها وخروجهما سالمين من تلك الحادثة
وطلب من فارس ويزن الذهاب إلي المركز لشراء كُل ما يلزم للتجهيز للإحتفال بقدوم الصغير
كانت تجلس بصحبة نساء العائلة داخل غرفة بالاسفل بمنزل والدها، تبكي بدموعها كعادتها مُنذٌ أن تركت صغيرها وحيداً وعادت بدونه، فاليوم كان من المفترض ان تحتفل بمرور إسبوع علي مجئ صغيرها إلي الدُنيا "ولكن" أنظر ماذا حدث
إتسعت عيناها وانتفض قلبها من شدة سعادته حين رأتهُ يدلف إليها بطلتهِ البهية، حاملاً بين ساعديه صغيرهُ الذي إكتمل نموهُ ورئتهُ بالكامل بفضل الله سبحانهُ وتعالي الذي إستجاب بعظمته إلي دعوات الجميع
هتفت بلهفة قائلة:
_ مالك
إبتسم لها وتحرك إليها متحدثً بدعابة:
_ مالك چاي لك بنفسيه لجل ما يطمنك عليه ويُسكن حُضنـ.ـك
وأكمل وهو يضعهُ داخل أحضـ.ـانها برعاية:
_سمي الله وخدي ولدك يا صفا
لم تستوعب لما يدور من حولها وتراهُ بعيناها، أحقاً إستمع الله إلي رجائها ودعواتها وأعاد لها صغيرها معافياً وبصحة تامة، يا إلهي كم أنتَ عظيم ورؤوف وقادرً علي كُل شئ
إحتضـ.ـنت صغيرها وباتت تُنثرهُ بالقُبـ.ـلات المتفرقة فوق كُل ما تطالهُ شفـ.ـتاها من جسـ.ـدهِ الرقيق، قامت عمتها صباح بإطلاق الزغاريد هي وورد وأيضاً صابحة العاملة التي جرت علي المطبخ بعد تلقيها إشارة من ورد للتحضير إلي كل ما يلزم للإحتفال بسبوع المولود
في حين هتفت رسمية سريعً :
_ طلعي صَـ.ـدرك ورضعي ولدك يا بِتي، لجل ما يشبع ويملي بطنه وچسـ.ـمه يحلو إكده
حزن داخلهُ حينما نظرت إليه تلك العنيدة تطالبهُ عيناها بالخروج كي تقوم بعملية إرضاع صغيرها، تحامل علي حالهُ وخرج
ليلاً، إحتفل الجميع بمراسم السبوع الداركة لدي الجميع وسط سعادة كل من في الدار عدا ليلي القانطة بغرفتها تبكي وتنتحب حظها العثر وما أوتّ إليه
بعد الإنتهاء طلب قاسم من جميع النساء تركهُ وصفا لحالهما بصحبة رضيعهما كي يتحدثا
جلس بجوارها فوق التخت وتحدث وهو ينظر إليها :
_ بكفياك عِند وبُعد لحد إكده يا أم مالك ،
وأكمل برجاء ونبرة حنون:
: وغلاوة ولدك لتاچي معاي لجل متنوري شُجتك إنتِ ومالك
إبتلعت سائل لُعابها من شدة تأثرها بنبرة صوتهُ الصادقة الحنون الراجية، فقد إقتربا كثيراً فترة الإسبوع المُنصرم حيثُ كان دائم التواجد معها ووصل الأمر به إلي أنه كان يُطعمها بيده حينما كانت تمتنع عن الطعام لأجل حُزنها علي صغيرها، ولكن ليست هي التي تستسلم بسهولة وتتنازل عن كرامتها
تحدثت بجمود وملامح وجه حادة إصطنعتها بصعوبة بالغة :
_ إنتَ خابر شرطي زين، طلجها الأول
أردف قائلاً:
_عنرچع تاني للعِند يا صفا، معايزش ولدي يتربي بعيد عن حُضنـ.ـي يا بِت الناس
وأكمل بنبرة جادة:
_ طب إرچعي شُجتك ووعد عليا مهجربش منيك واصل ولا عضايجك لحد ما المُدة تخلص، ها إيه رأيك ؟
نظرت إليه وتحدثت بعيون شبه راجية :
_ طلجها وأني أعاود
جولت لك معينفعش جبل ما تعدي السنة ، جملة مستسلمة نطق بها هو
فاستشاط داخلها واستفزها تمسكهُ بتلك الزيجة الملعونة، فهتفت بعناد وكبرباء :
_ وأني كمان مينعش أرچع جبل إكده
إنتفض واقفً من جلسته وهتف بنبرة حادة :
_ لساتك مشبعتيش ذُل وكسرة وإهانة فيا يا بِت زيدان؟
وأكمل لائمً حالهُ :
_ بس العيب مش عليكِ، أني اللي أستاهل اللي يچري لي عشان رخصت حالي بزيادة وياكِ
وأكمل مهدداً:
_ إشبعي ببيت أبوكِ وأجعدي فيه لحد ما تستكفي، وأبجا راچل دلدول وأستاهل ضرب الچزمة لو شُفتي خِلجتي إهنيه تاني، ولا چبت لك سيرة المرواح
قال كلماتهِ وهرول خارجً كالإعصار تحت قلب تلك المتألمة لأجلهِ ولأجل حالها وصغيرهُما، تريدهُ بل يتمزقُ داخلها من شدة الإشتـ.ـياق له ، تحتاجهُ وتحتاج لضـ.ـمة صـ.ـدرهُ لتشعُر بروحها الغائبة عنها مُنذ الكثير
لكن تُريد منه أن يحفظ لها كرامتها أولاً، تريد منه أن يُشعرها بأهميتها لديه، بتفضيلهُ لها علي أية إعتبارات أخري، ضـ.ـمت صغيرها إليها واجهشت ببكاءٍ مرير يُمزق داخلها
❈-❈-❈
جاء يوم الزفاف المنتظر، فرحة يزن وأمل التي ستكتمل اليوم
داخل منزل زيدان الذي أصّر علي جلب أمل لمنزلهُ كي يتم خروجها من منزله لتُزف إلي عريسها
نزلت من فوق الدرج وهي ترتدي ثوب زفافها الراقي، تجاورها والدتها التي هاتفتها إيمان والدة مي وطلبت منها الحضور للوقوف بجانب إبنتها بذلك اليوم المُميز لكل فتاة، اتت بسعادة وقلبٍ يتراقص عِندما رأت كل مظاهر الثراء الفاحش التي ستتنعم به صغيرتها الأخري
جلست وسط النساء اللواتي حضرن للتهنأة
تحدثت إليها صفا التي جلست بجانبها لتوصيتها علي إبن عمها الغالي :
_ مبروك يا أمل، خلي بالك من يزن، يزن غلبان ومفرحش في حياته جبل إكده ، حِني عليه وإحتويه وأني متوكده أنه عيحُطك في عنيه من چوة
أومات لها وتحدثت بإبتسامة مُشرقة:
_ يزن في عيوني وقلبي يا صفا، ما تقلقيش عليه
ضلت الفتيات تتراقصن وتتهادين بأجسـ.ـادهم بسعادة وفرحة، حتي إنتهت المراسم
دلف يزن لإصطحاب عروسهُ والذهاب بها إلي عُشهما السعيد، تسمر بوقفته حينما وجدها تقف أمامهُ بثوب زفافها ووجهها المُزين بالبسيط من أدوات التجميل التي أظهرت أنوثة وجمال أمل التي كانت تتعمد تخبأتهم تحت ثيابها العملية وملامح وجهها الصارمة
إقترب عليها وهو ينظر إليها بعيون عاشقة متشوقة لأول كل شئ معها، أمسك كف يدها ووضع به قُبـ.ـله ثم مقدمة رأسها وتحدث بصوتٍ مبحوح من أثر اللحظة:
_مبروك يا حبيبتي، المأذون كتب الكتاب وبجيتي حلالي خلاص،
وأكمل بسعادة:
_ عمي زيدان كان وكيلك
شعرت بالراحة والطمأنينة وأجتاحت موجة من السعادة كيانها وهتفت بنبرة يطغو عليها الفرحة:
_ الله يبارك فيك يا يزن
تهافت عليهم الجميع لتقديم التهاني والمباركات
إصطحبها مُتجهً إلي الخارج ومنهُ إلي منزلهما السعيد مع صوت الموسيقي الصادح وإطلاق الزغاريد من جميع الموجودات من نساء العائلة،
تحت إستشاطة قلب ليلي الحبيسة بغرفتها، حيث قام قدري بغلق باب غرفتها عليها بالمفتاح تجنبً لإفتعالها المشاكل مُجدداً
كانت تبكي وتصرخ بشكل هيستيري وهي تضرب علي صـ.ـدرها بقبضة يدها بقوة ، لم تستوعب بعد أن يزن أصبح مِلكً لغيرها من النـ.ـساء، كُلما راودت عقلها فكرة أنهُ سيـ.ـحتضن غيرها وتتمدد بجانبه فوق فراشــهِ وتتنعم داخل صـ.ـدرهُ، تشـ.ـتعل النـ.ـار بجـ.ـسدها وبقلبها وتشعر بروحها تنسحب من جـ.ـسدها وكأنها تُريد الرحيل
دلف يزن مصطحبً عروسهُ إلي الداخل وأغلق باب منزلهُ وبقي الجميع داخل الحديقة
كانت تقف أمام منزل أبيها تنظر علي ذلك الذي يُقابلها علي الصف الآخر بجوار أعمامه وأبناء عمومته وشقيقهُ، ينظر أمامهُ بملامح جامدة
ألقي نظره عليها وتلاقت الأعين، فهتف هو قاصداً صابحة المجاورة لها وتحدث بجمود:
_ صابحة، هاتي لي مالك چوة لجل ما أشوفه جبل ما أسافر
قال كلماته وأدار لها ظهره وتحرك إلي الداخل
شعرت بألم رهيب تملك من قلبها من معاملتهُ الجافة وتحركت هي الآخري إلي الداخل لتستريح حيثُ أنها مازالت متعبة من أثار وقوعها وعملية القيصرية التي لم تتجاوز الثلاثة أسابيع بعد
داخل السرايا كان يحتـ.ـضن صغيرهُ مقربً إياه منه، ينثرهُ بالقُبلات الحنون ويداعب وجنتهُ بحنان، تحت إبتسامات صغيرهُ بنسختهُ المُكررة منه ولكنه إحتفظ بعيناي والدتهُ الفيروزية، ضل يُداعبهُ حتي حان موعد إقلاع الطائرة فأعطاه برفقٍ ورعاية إلي فايقة قائلاً بحنان:
_ وديه لأمه لچل ما ترضعه يا أمّا
وأكمل وهو يلتقط جاكت حِلته ممسكً إياه بيده:
_ أني ماشي، يدوب إكده ألحج ميعاد الطياره
هتفت فايقة بنبرة إعتراضية :
_ أني معرفاش إنتَ مستعچل علي إيه، مش كُنت بيت ويانا وطلعت إطمنت علي خيتك
شعر بالضيق من مجرد ذكر إسم شقيقته، فهو مازال غاضبً منها ولم يعطها العُذر إطلاقً لما فعلته
تحرك منصرفً بدون إضافة كلمة واحدة واستقل سيارته تحت نظرات تلك العاشقة المراقبة لإنصرافه من شرفتها بالأعلي، مع تجاهلهُ التام لها مما جعل الحزن يتملك منها
____________________
داخل غرفة نوم يزن الذي خلـ.ـع عنه ثـ.ـيابهُ وهي ايضاً وقامت بالصلاة خلفهُ كي يبدأ حياتهما علي طاعة لنيل رضا الله عليهُما
إنتهيا من الصلاة وأبدل ثيابهما، دلف من الداخل وأنبهر مما رآه أمام عيناه، كانت ترتدي ثوبً مخصصً للنوم قصيراً لمنتصف الفخـ.ـدين، ذات صـ.ـدراً مفتوح يظهر مـ.،ـفاتن نهديـ.ـها، واضعة بعض مساحيق التجميل الخفيفة التي أظهرت جمالها الفتان
تحرك مسلوب الإرادة حتي وقف قُبالتها واضعُ كف يدهُ الحنون فوق وجنتها مداعـ.ـبً إياه بدلال وتحدث وهو ينظر إلي مقلتيها بإحتياج:
_نورتي بيتك ومملكتك يا ست البنات
إبتسمت خجلاً وتحدثت وهي تنظر داخل عيناه بعيون عاشقة:
_ ميرسي يا يزن
تحدث إليها بإنبهار:
_ إنتِ حلوة جوي يا أمل
إبتسمت خجلاً، أمسك ذقنها ورفعها لتقابل عيناه، غاصا معاً بالعيون التي تحدثت واستفاضت، ثم مال علي شفتيها وألتقطهـ.ـما ليتذوقا معاً أولي قُبـ.ـلاتهما، ذابـ.ـا معاً داخلها وما شعرت بحالها إلا وهي تندمج معهُ بقبلتـ.ـه المُثيـ.ـرة و تشدد من ضمتـ.ـها له وكأنها تخبرهُ أنهُ أصبح أمانها وآنتهي الأمر
فصل قبلتـ.ـهما ونظر لها بسعادة واحتياج ، مال بجسـ.ـدهِ ثم قام بحمـ.ـلها وتوجه إلي فراشهـ.ـما كي ينعمـ.ـا معاً ويستمتعـ.ـا بأولي جولاتهم العشقيـ.ـة الحلال
بعد قليل كانت تقبع داخل أحضـ.ـانه، واضعه رأسها فوق صـ.ـدرهُ العـ.ـاري، يحتويها شعور بالأمان والسند والحماية التي باتت تبحث عنهُم طيلة حياتها بعد وفاة والدها مُبكراً
أما هو فكان يُشدد من ضمتـ.ـهُ وأحتوائهُ لجسـ.ـدها وكأنهُ وجد ضالته ويخشي إضاعتها من جديد
رفع وجهها ليحثها علي النظر إليه وتحدث بنبرات هائمة لرجُلٍ عاشق:
_ مبروك يا جلبي
أجابته بنبرة خجوله:
_ الله يبارك فيك يا حبيبي
إشتعـ.ـل داخلهُ وانتفض من كلمة حبيبي التي نطقتها وتحدث:
_يا أبووووووي علي كلمة حبيبي واللي عِملته في المسكين يزن
وأكمل بدعابة كي يجعلها تخرج من خجلها :
_ بالراحة علي حبيبك يا دَكتورة، حبيبك مش كَد حنيتك دي كلياتها ، عموت في يدك إكده وأبجا شهيد العِشج
وضعت يدها سريعً علي شفتـ.ـاه لتمنعه الحديث وتفوهت بإرتياب:
_ إوعي أسمعك تجيب سيرة الموت تاني علي لسانك
وأكملت بنظرات متفائلة وعيون هائمة في عشق حبيبها :
_ إحنا هنعيش ونتهني جوة حُضـ.ـن بعض، هكون لك السَكن والسّكِينة، وهتكون لي السند والحماية، إحنا تعبنا كتير يا يزن، وجه وقت الراحة خلاص
كان أبلغ رد منه علي جمال كلماتها أنهُ إلتقط شفتـ.ـاها من جديد ليُذيقها من جديد ويتذوق شهد عسليـ.ـهما المُميز
إنتهي البارت
قلبي بنارها مغرمُ
44💘-- بعد مرور شهران علي يوم ميلاد مالك
كان يوم الإحتفال بحنة حسن مُنتصر، أخر حفيد للنُعماني الكبير حيثُ كان أكثر الأحفاد وأوفرهم حظاً، وذلك بعدما قرر عِثمان عدم التدخل وترك لهُ أمر إختيارهُ لشريكة الحياة بكامل إرادتة الحرة وعدم التدخُل نهائيً ، وذلك بعدما رأي بأُم أعيُنهُ ما جناهُ أحفادهُ الغوالي من تحكماتهُ وإجبارهم علي الشريك
فلهذا قد ترك لهُ الخيار ، فأختار حسن إحدي الفتيات الساكنة بالمركز و التي كانت تدرس معهُ بجامعة التجارة بالفرقة الأولي عندما كان هو بالفرقة الرابعة،وأعُجب وارتبط بها عاطفئً، حتي إقامة حفل الزفاف الذي قرر حسن إقامتهُ داخل قاعة كُبري في المركز التابع له نجع النُعماني ، وافق علية عِثمان رغم إعتراضهِ داخلياً
صباحاً داخل منزل زيدان، خرجت ورد من داخل المطبخ تحمل ببن يداها صِيْنِيَّة موضوع عليها الكثير من المُعجنات الساخنة التي أعدتها بنفسها بمساعدة عاملتها الوفية صابحة
حولت بصرِها إلي الباب الخارجي وهي تنظُر إلي ذلك الثُنائي السعيد وتحدثت بنبرة لائمة:
_ كل دي تأخير يا يزن، عمك وصفا جاعدين من بدري علي السُفرة ومرضيينش يدوجوا الوّكل غير لما تاچوا
إبتسم لها يزن الذي أصبح منزل زيدان بيتهُ الثاني حيثُ إحتضنهُ زيدان هو وأمل وطلب منه أن يأتيا كُل صباحٍ ليتناولا وجبة إفطارهُما وجميع وجباتهم حتي لا يشعرا بالإنعزال والوحدة كما شعر هو و ورد بالماضي
وذلك بعدما قرر يزن عدم الذهاب إلي السرايا لحين موعد زواج ليلي حيثُ أن شهور عدتها لم تنتهي بَعد ولم يتحدث جدها مع صالح بشأن زواجهُ منها إتباعً للشريعة ، وجاء قرار يزن ذلك لتجنُب إثارة المشاكل وزعزعة الإستقرار داخل السرايا
هتف يزن وهو ينظر إلي تلك المحتضنة لذراعهُ برعاية وتملُك :
_ إسألي الدَكتورة وچلعها المَاسخ ،
وأكمل شارحً بدُعابة:
_ساعة بفوج فيها وساعة في الحمام وساعة بتلبس خلجاتها لما جربت أشُج خلجاتي منيها
إتسعت أعيُن أمل وتحدثت بنبرة حزينة مُصطنعه:
_ بقا كدة يا سي يزن
ونظرت إلي ورد التي أصبحت تُناديها بأُمي بعدما غمرتها بحنانها ورعايتها وأهتمامها التي إفتقدتهُما بعدما تحولت والدتها من أم إلي جهاز ألي لعين ينظر لكل شئ ويقدرهُ بالمادة ، وتحدثت تشتكي إليها بنبرة دُعابية :
_ عاجبك كدة يا ماما ؟
ضحكت ورد وتحدثت:
_ هما الرچالة كُلهم إكده، كُل حاچة يچيبوها في الحُرمة لجل ما يطلعوا حالهم منيها كيف الشعرة من العچينة
وتحدثت وهي تتقدمهم بإتجاة غرفة الطعام:
_ إدخلوا يلا لجل ما تلحجوا تفطروا جبل ما الدنيي تتزحم
دلفت ودلفا خلفها ذاك الثُنائي العاشق، ألقي يزن السلام علي عمهِ وصفا، ثم تحدثت أمل بإحترام إلي زيدان:
_ صباح الخير يا بابا
أجابها بنبرة حنون:
_ صباح الخير يا بِتي
وأشار بكف يده :
_ إجعدي يلا لجل ما تُفطري
جلس الجميع وشرعوا بتناول الطعام فتحدث زيدان موجهً حديثهُ إلي يزن وسألهُ عن التجهيزات التي تتم خارجً داخل الحديقة، الخاصة بإحتفال ليلة الحنة :
_ الناس بتوع الفراشة خلصوا ولا لسة يا يزن ؟
أجابهُ يزن وهو يبتلع ما في فمه:
_ خلصوا يا عمي والطباخين وصلوا وأنا داخل من إشوي، وأبوي وعمي قدري وحسن معاهم
طب هِم يا ولدي لجل ما نطلع لهم ونجف وياهم ، جملة قالها زيدان
نظرت أمل إلي الطعام وأقشعرت ملامحها حين شعرت بالغثيان من رائحته، لاحظت صفا المقابلة لها تغير لون وجهها، لكنها صمتت لعلمها سبب تلك الحالة ، لاحظ زيدان النظرات بين صفا وأمل التي تغير لون وجهها وأصبح باهتً
فتحدث بحنان الأب:
_ مالك يا بِتي، معتاكليش ليه؟
صمتت هي وأنزلت بصرها خجلاً، وأبتسم يزن وهو ينظر إليها وسعادة الدنيا تملئ قلبهُ الجميل
أما ورد التي ضحكت بسعادة وتحدثت إلي زيدان وهي تلكزهُ في كتفهِ بدلال قائله:
_ مبارك يا سيادة النايب ، عتُبجي چد كمان تمن شهور
إنتفض قلب زيدان من شدة سعادتة جراء تلقيه ذاك الخبر السعيد ، نظر إلي يزن وسألهُ بعيون مُتلهفة:
_ مّرتك حِبلة صُح يا يزن ؟
أومأ لهُ يزن بعينان سعيدة شاكراً للمولي، فتحدث زيدان بنبرة أب حنون :
_ وساكت ليه يا ولدي، مجولتش ليه لجل ما ندبحوا ونوزعوا علي الناس الطيبين ونفرحوهم
أجابتهُ ورد بنبرة جادة :
_ أم يزن معيزاش حد يعرف دلوك غير لما ليلي تتچوز ، مفيش غيرنا إهنيه اللي نِعرفوا ، حتي الحاچ عِثمان ومّرت عمي معندهومش خبر
أومأ لها بتفهُم ثم حول بصرهِ إلي أمل وأردف قائلاً بنبرة حنون :
_ مبارك يا بِتي، ربنا يجومك بالسلامة
إبتسمت لهُ بعيون سعيدة لشدة حنانهُ وأردفت قائله:
_ متشكرة يا بابا
دلفت هدية، تلك العاملة التي تعمل حديثً بمنزلهم والتي أتت بها ورد حتي تهتم بالمنزل بجانب صابحة كي تتفرغ هي بالكامل لرعاية الصغير والعناية به
خطت للداخل وهي تحمل الصغير مالك الذي فاق من غفوتهُ للتو ، أشار لها زيدان وهتف مُتلهفً:
_ ناوليني حبيب چده وسيد جلبه
نظرت لهُ صفا وابتسمت لأجل سعادة وتعلُق والدها الشديد بصغيرها، وتنهدت وظهر الأسي فوق ملامح وجْهها التي أصبحت حزينة بفضل تعمُد قاسم لتجاهلها التام وعدم محاولاتهُ لمراضاتها كالسابق
حمل زيدان الصغير وبات يُكيل لهُ القُبلات ويداعبهُ ليري إبتسامة الصغير التي تبعث في قلبهِ السعادة وتُشعرهُ بعوض الله عليه
❈-❈-❈ داخل مّسكن فارس ومريم
كانت تغفو بين أحضـ.ـانه في ثباتٍ عميق وكذلك هو، تملل من نومتهِ حينما إستمع إلي رنين هاتفهُ ، بسط يده إلي الكومود بتكاسُل وألتقط هاتفهُ وأفتح عيناه بنُعاس ينظر في شاشتهُ، تملل حين رأي نقش إسم والدتهُ
ضغط زر الإجابة وأجابها بنبرة ناعسة، فوجدها تصيح قائلة بنبرة ساخرة :
_ نموسيتك كُحلي يا فارس باشا، لساتك نعسان في حضـ.ـن بِت نچاة لدلوك
وضع كف يده علي وجههُ ومسح عليه وتحدث مُتسائلاً بتملل:
_ خبر إيه يا أمّا عاد علي الصُبح، مالك جالبة عليّ ليه إكده !
أردفت قائلة بنبرة ساخرة:
_ صُبح مين يا إبن قدري ، الساعة عدت ثمانية والطباخين خُم والچنينة أتملت برچالة العيلة، وإنتَ لساتك نعسان چار ست الحُسن والچمال
وأكملت بنبرة جادة :
_إنزل لجل ما تكلم أبوك يخلي ليلي تنزل معانا في حِنة الحريم، إتحايلت عليه وراسه وألف سيف تفضل محبوسة في أوضتها
زفر بضيق علي حال شقيقته العنيدة التي أوصلت حالها إلي الهاوية، وتحدث بنبرة هادئة:
_ حاضر يا أمّا، عفُوج وأخد دُش وأنزل طوالي
أغلق معها ونظر لتلك التي أفتحت عيناها وسحبت جسـ.ـ.دها لأعلي حتي إستقرت داخل أحضـ.ـانه من جديد، وتحدثت بسعادة وهي تتمسح بصـ.ـدرهِ كقطة سيامي:
_ صباح الخير يا حبيبي
إبتسم لها برغم الضيق الذي أصاب قلبهُ عِندما تذكر حال شقيقته، لف ذراعهُ حول خصـ.ـرها وجذبها عليه وتحدث وهو يشدد من ضمـ.ـتها:
_يا صباح الفل
تمطأت بدلال وسألته:
_ مّرت عمي كانت عاوزة إيه؟
أجابها بإقتصار:
_ بتصحيني لجل ما أنزل أجف ويّا الرچالة
نظر لها وتحدث بنبرة جادة :
_ مريم
نظرت له فأكمل هو بعيون حنون :
_ أني عاوز أچيب منيكِ عيال تاني
إنتفض داخلها بسعادة وتحدثت مُتلهفة لتشوقها هي أيضاً لحملها طفل أخر منه، لكنها كانت تنتظر إتخاذ الخطوة الأولي منه :
_صُح يا فارس ؟
إبتسم بشدة حتي بان صفي أسنانه وذلك لشدة سعادته لما رأه من سعادة إرتسمت علي ملامحها وتحدث :
_صُح يا حبيبتي، بعد ما نِخلصوا من فرح حسن عاخدك علي المستشفي عِند أمل لجل ماتعين لك الوسيلة
شعرت بسعادة ليس لها مثيل ورمت حالها داخل أحضـ.ـانهُ من جديد، إحتواها هو ثم وضع قُبلـ.ـة حنون علي مُقدمة رأسها
بعد قليل كان يتدلي الدرج وتجاورهُ هي، شعرت بنـ.ـار الغيرة تشتـ.ـعل داخل صـ.ـدرها حين نظرت أمامها ووجدت أشجان إبنة خالته بدور حاملة طِفلها وتجلس بجانب والدتها وفايقة يحتسون مشروبً بارداً، وما أن رأت فارس يتدلي الدرج حتي ثبتت عيناها عليه وباتت تنظر إليه بإشتياق جارف غير مبالية بكُل من حولها وبالعالم أجمع، ولا حتي بتلك المستـ.ـشاطة عاشقة حبيبها
حولت بصرها سريعً علي فارس لتستشف ردة فعلهِ، وجدته ينظر أمامهُ بملامح وجهٍ عادية، خالية من المشاعر التي كان يحملها ويكنُها إلي تلك الأشجان في السابق ، إستشعر بها وبحرقة روحها بقلب الحبيب، فحول بصرهِ إليها سريعً ونظر لها ليُطمأنها بعيون العاشق، ثم تمسك بيدها وأحتضـ.ـنها برعاية وحُب
إبتسمت له وتحركت بجانبهُ حتي وصلا لجلستهم، ألقي السلام علي الجميع ثم نظر إلي خالته وتحدث بإبتسامة حانية وهو يُبسط ذراعهُ ليُصافحها :
_ منورانا يا خالة، كيفك وكيف صحتك ؟
إبتسمت له خالته وتحدثت بنبرة حنون، برغم أنها شقيقة فايقة إلا أنها كانت النقيض لها :
_ تسلم وتعيش يا حبيبي، مبارك لوِلد عمك وعجبال ما تخاوي چميلة
حول بصرهُ إلي ملاكهُ البرئ وتحدث بنبرة حنون وهو يتمسك بكف يدها:
_ جربب، جُريب جوي إن شاء الله
مما أخجل تلك الرقيقة وأكمل برسمية وهو ينظر إلي تلك الحزينة وتحدث دون أن يصافحها متبعً أوامر دينهُ الحنيف وايضاً إحترامً لمشاعر زوجتهُ الرقيقة :
_ كيفك يا أم مروان
أجابته بعيون لائمة وحزينة:
_ الحمدلله يا ولد خالتي، بخير
لم يُعيرها ولا لنظراتِها إهتمام مما أسعد روح تلك العاشقة، ونظر إلي والدتهُ وهو يستعد للتحرك إلي الخارج:
_ عاوزة حاچة يا أم قاسم
أجابته فايقة:
_ سلامتك يا ولدي
واسترسلت لتُذكرهُ:
_ ما تنساش تفاتح أبوك في الموضوع اللي حدتك فيه في التَلفون
أجابها وهو يتحرك ساحبً معهُ عاشقة روحهُ:
_معنساش
وقف بها بعيداً ونظر لها بعيون عاشقة تحت نظرات أشجان المُحترقـ.ـة والتي مازالت حابسة حالها داخل خانات ذكرياتها المؤلمة، رُبما تكون صفعة فارس لها بداية الإفاقة والنظر لما مّن الله عليها به من نِعم كثيرة
تحدث إليها بطمأنة عاشق:
_ إطمني وريحي بالك يا غالية، معادش في الجلب غيرك
وأكمل بإبتسامة حانية :
_ ملكتي الروح وإنتهي الآمر يا أم چميلة
إبتسمت بخجل وتحدثت بعيون تنطقُ عِشقٍ وامتنانً:
_ ربنا يخليك ليا وميحرمنيش منيك يا حبيبي
إبتسم بسعادة وتحرك إلي الخارج فأخذت هي نفسً عميقً وأستدارت تنظر إلي أشجان نظرة مَلك مُنتصر ثم تحركت إلي المطبخ للبحث عن والدتها وطفلتها التي لا تفارق حُضـ.ـن نجاة
ظهراً داخل منزل الحاج عتمان
كان منزل العائلة يأجٌ بالزائرين من نساء العائلة وبعض السيدات من عائلات أخري اللواتي أتين للمباركة لزواج حسن ،، كانت ورد تجلس بين النساء أما صفا فكانت بداخل منزل أبيها تٌحمم صغيرها وتغمرهٌ بالروائح العطرة ليكون بإستقبال والدهٌ الذي يشتاقة وأشتاقتهُ هي حد الجنون
أجواء مٌبهجة تعمُ علي المنزل ، حيث كان دق الطبول ورقص الفتيات والتصفيق والاغاني من سيدات العائلة يصدح في جميع أرجاء المنزل إستعداداً لإستقبال ليلة الحِنة التي ستبدأ ليلاً
كانت أمل تجاور نجاة التي أمسكت يدها وتحدثت بنبرة قلقة وهي تنظر إلي فايقة التي ترمُق أمل بنظرات حاقدة:
_ إجعدي يا بِتي وإياكِ تتحركي من چاري، وإوعاك تشربي أي حاجة إهنيه، حتي بُج الماية معيزاكيش تدوجيه
وأكملت بإرتياب:
_ اللي إسميها فايقة جِرابها مبيخلاش من البلاوي، ومحدش يِعرف هي بتفكِر وناوية علي إيه
أردفت أمل بنبرة هادئة لتهدئ من روع والدة زوجها الحنون :
_ مش للدرجة دي يا ماما، وبعدين هي ماتعرفش إني حامل أصلاً
نظرت لها نجاة وتحدثت بتذكُر :
_ نسيتي اللي عِملته الحرباية بِتها في صفا إياك ؟
ودي كانت مّرت أخوها و ولده، مابالك بعدوتهم عيعملوا فيها إيه
نظرت أمل إليها وأومات بطاعة
تحركت فايقة وجلست بالمقعد المُجاور لأريكة ورد التي تجاور نجاة وأمل، ثم وضعت ساقً فوق الأخري بكبرياء وتحدثت بنبرة شامته ساخرة :
_ عجبال ما بِتك ربنا يهديها يا ورد وترجع لبيت چوزها، بدل ما هي مخلية سيرتها لبانة في حَنك اللي يسوي واللي ما يسواش من نسوان العيلة
وأكملت شامتة :
_ عيجولوا ورد وزيدان چلعوا بِتهم بزيادة ولجل إكدة معمرتش وشكلها إكدة مش بتاعة چواز ، عيجولوا كمان مهمله جوزها وسايبة بيتها وجاعدة چار أمها
واسترسلت ساخرة:
_ الغَفر عيشفوها طالعة داخلة عِنديكم والناس معتفوتش حد في حاله
رمقتها ورد بنظرات ناريـ.ـة وأردفت قائلة بنبرة حادة قوية:
_ جطع لسان اللي يجيب سيرة الدَكتورة بكلمة عِفشة
وأسترسلت حديثها قائلة بنبرة ساخرة :
_ بس بردك الناس معذورة يا سلفتي، معيعرفوش بالغـ.ـدر والخـ.ـيانة اللي وجعوا علي بتي من المحترم إبنك ، حضرت المحامي اللي المفروض هو اللي عيجيب الحجوج للناس وينصفهم ،، بس نجول أيه يا سلفتي
وأكملت بنبرة ساخرة متهكمة إستشاطت داخل فايقة :
_ باب النجار مخلع والرك في الأساس علي التربية
إبتسمت فايقة بشماته وتحدثت بهمس ضعيف:
_ متجلجيش يا غندورة ، دلوك اللي ميعرفش عيعرف وجُرستِك عتُبجا بجلاجل إنتِ وبِتك
لم تٌكمل حديثها الهامس حتي أتت إحدي العاملات وتحدثت إليها:
_ ست فايقة ، الغفير مرعي عيجول لحضرتك إن السواج جاب الچماعة اللي إنتِ أمرتية لچل ما يروح يچيبهم من المطار
وقفت فايقة سريعً وتحدثت بسعادة مُبالغ بها:
_ روحي يابِت إستجبليهم بسرعه وخدي معاكي هنية وشيلوا عنيهم الشُنط
وتحركت سريعً تقف في مدخل المنزل ، نظرت ورد إلي نجاة بإستغراب وتساءلت :
_ چماعة مين دول يا نجاة اللي سلفتك عزماهم وچايين كُمان بطيارة ؟
هزت نجاة كتفيها بعدم معرفة وتحدثت:
_ عِلمي عِلمك يا ورد ،، جال يا خبر بفلوس
ولم تٌكمل جٌملتها حتي وجدت تلك الإيناس تدلف إلي الداخل برأسٍ شامخ مرتفع وهي تنظر إلي الجميع بتفاخر وكبرياء، تجاورها كوثر التي تنظر بإنبهار إلي السرايا ومساحتها الهائلة
أسرعت إليها فايفه وأخذتها بين أحضـ.ـانها بودٍ وسعادة وتحدثت بترحاب لم يستمع إليه أحداً من علو الصوت :
_ يا أهلاً يا أهلاً بمرت الغالي ،، نورتي بيتك يا أستاذة
هدأت الطبول وصمت الجميع وتوقفوا عن الغناء والتصفيق وجلسن يترقبن كشف هوية هاتان الزائرتان
وأحتضنت فايقة كوثر تحت إستغراب جميع الحاضرات اللواتي بدأن يتسائلن عن تلك السيدة كاشفة الشعر التي ترتدي ملابس ضيقة للغايه ، وتُجاورها تلك التي ترتدي فوق رأسها حجابً صغيراً وترتدي تحتهٌ ملابس ضيقة للغايه تُجسد معالم جسـ.ـدها ، نظرن النسوة إليهما بعيون مُتسعة وذلك لعدم إعتيادهم علي رؤيتهم لتلك الملابس المُتحررة والجديدة عليهم
إرتبكت الجدة بجلستها وحدثت حالها حين فهمت بفطانتها شخصيات تلك الزائرتين:
_ فعلتيها فايقة ، كنتٌ أعرف أنكِ تٌخططين لكارثة ، لكن لم يأتي بمخيلتي أنكِ تُدبرين تلك الكارثة التي ستعصفٌ بالمنزل بأكملة
أمسكت فايقه يد إيناس وهي تحثها علي التحرك للداخل ونادت بصوتٍ عالي لتلك التي تجاورها بالأساس، لكنها تُريدُ لفت أنظار الجميع ليس إلا :
_ هنية
أجابت هنية مٌسرعة خوفً من بطش تلك المُتجبرة عديمة الرحمه وتحدثت :
_ نعمين يا ست فايقة
أجابتها بقوة كي تٌسمع جميع الحاضرات :
_ خدي شنط ستك الأستاذة إيناس وطلعيها علي أوضة سيدك قاسم الأولانية ، وشنطة الهانم حطيها في الأوضة بتاعت اللضيوف اللي فوج
وأكملت بتفاخر وهي تنظر إلي رسمية :
_ جربي يا أستاذة وسلمي علي ست الكل الحاجة رسمية
في تلك الأثناء كانت صفا تحمل صغيرها وتدلف لداخل المنزل بسعادة وهي تٌقبله ، تسمرت بوقفتها حين إستمعت لصوت زوجة عمها وهي تُحدث هنية وتكشف عن شخصية إيناس ، تراجعت للخلف سريعً وحمدت ربها أنها لم تدلف بعد للداخل وتضع حالها في موقف لا تُحسد عليه ، أسرعت عائدة إلي منزل أبيها بدموعها المُنهمرة علي وجنتيها جراء تلك الإهانة الكُبري لها
أما بالداخل ، فتساءلت إحدي سيدات العائلة إلي فايقة التي كانت تنتظر هذا السؤال بتلهف :
_ معتعرفيناش بضيوفك ولا إيه يا أم قاسم ، شكلك إكده تعرفيهم زين ؟
نزلت تلك الكلمات علي قلب ورد شطرته إلي نصفين وتألمت علي حال صغيرتها ، أمسكت نجاة كف يدها كنوعٍ من المؤازرة وأستغربت جُرأت تلك الفايقة بأن تأتي بزوجة قاسم إلي هنا، اما أمل فتحركت سريعً عائده إلي منزل زيدان لتكون بجانب صفا
تعالت الهمهمات بين الحاضرات، شعرت ورد بأن روحها تكادُ أن تزهق من شدة قلقها الذي أصابها من ما هو أتْ ، الأن ستفهمن الحاضرات لما صفا تاركة منزل الزوجية ، وستتهامزن فيما بينهُن عندما يعرفن السبب، سيقولن فيما بينهُن إن إبنة النعمانية فضل عليها زوجها أنثي أخري وذهب إلي القاهرة ليتنعم داخل أحضـ.ـانها تاركً زوجتهُ وصغيرها
كادت فايقه أن ترد ، أخرستها رسمية التي وقفت وأردفت قائلة وهي تتطلع إلي النساء:
_ دي والدة وأخت زَميل الأستاذ قاسم في المكتب، چايين لجل ما يحضروا الفرح ويانا
ثم وجهت بصرها إلي فايقة وأرعبتها بنظرة تحذيرية هي وضيفاتها الغير مرغوب بتواجدهُما، وتحدثت إليها بحدة وصرامة بعدما طفح بها الكيل من أفعال إبنة أخيها التي لا تٌحتمل :
_ خدي ضيوفك وطلعيهم علي أوضهم وبكفياكِ رط حَريم ماسخ ملوش عازة .
وأكملت حديثها إلي النساء المتواجدات بصيغة أمرة :
_وإنتِ يا حُرمـ.ـة منك ليها ،، يلا كل واحدة علي دارها وأبجوا تعالوا بالليل لما الحِنة تبدأ
مازال الجميع علي حاله يتهامزن ويتسائلن ما الذي إستدعي غضب تلك المُتجبرة رسمية إلي هذا الحد، أما كوثر التي كانت تنظر إلي تلك السيدة عديمة الذوق غريبة الأطوار التي بدلاً من أن تقف إحترامً لهما والترحاب الشديد بهما، تقوم بتوجيه حديثها الوقح هذا إلي فايقة وتتجاهلهما وكأنهما هما والعدم سواء
نظر الجميع إلي بعضهن وبدأن بالتهامز والتلامز بين بعضهن البعض فتحدثت الجده ناهرة إياهُن :
_ مسمعانيش إياك يا حُرمـ.ـة منك ليها ؟ جولت كل واحدة علي دارها .
تحركن سريعً بتخبط خشيةً غضب تلك المُتجبرة بهُن ، وقفت هي وتحدثت لتلك الناظرة لها بتعجب وضيق وكبرياء:
_ متأخذنيش يا ست ،، أصل أني مكانش عِندي عِلم بوصولكم
وأكملت وهي تنظر إلي فايقة بتوعُد:
_ وأني بجا مكرهش في حياتي كلياتها كَد إن المية تچري من تحت رچليا وأني مدرياش
ثم رمقت فايقه بنظرات أرعبتها قائلة بحدة :
_ بس ملحوجة ، أني ليا تصرف تاني عيخلي كُل واحد إهنيه يعرف مجامه صُح
وأكملت إليها :
_ خدي ضيوفك طلعيهم فوج يا أم قاسم وأبجي إدلي تاني عشان عوزاكِ
إبتلعت فايقة لُعابها، ثم حولت رسمية بصرها إلي ورد وأردفت قائلة بإحترام بنبرة هادئة :
_ وإنتِ يا أم الدكتورة ، جومي لدارك وأبعتي لي مالك مع صابحة لجل ما أتونس بيه
ثم نظرت إلي فايقة المتسمرة خجلا من ضيوفها ومن تلك المُقابلة اللتان تلقوها ، ورٌعبً من نظرات تلك الرسمية التهديدية وتحدثت بحدة:
_ واجفة متسمرة ليه إكده يا وَليّـ.ـه ،، مسمعتنيش إياك !
فاقت من ذهولها وتحدثت بإرتعاب:
_حاضر يا عمة ،إتفضلوا وياي يا جماعة
وقبل أن يخطوا إلي الأعلي أوقفتهم رسمية بصوتها الجهوري:
_ إستني عِنديكِ منك ليها
نظرن اليها وأكملت هي بنبرة تهديدية غير لائقة بإستقبال الضيوف وخصوصاً عِند أهل الصعيد الذين يتسمون بالكرم والمروئة وحُسن الإستقبال ، لكنها تعلم في قرارة نفسها سوء نيتهما تجاة حفيدتها الغالية :
_ معيزاش مخلوج من النجع يعرف عنيكم كلمة أزود من اللي أني جولتها جِدام الحريـ.ـم من إشوي
ونظرت إلي كوثر وإيناس وهتفت بحدة:
_ إنتِ أم عدنان زميل قاسم، وإنتِ أخته، مفهوم
إرتبكت إيناس من كلمات تلك المتجبرة فتحدثت إليها بنبرة ناعمة بعد أن قررت تستدعي تعاطفها وسحبها إليها :
_ مفهوم يا تيتا، أهم حاجة حضرتك تكوني راضية ومرتاحة
وأكملت بلؤم:
_ وصدقيني يا تيتا، أنا مش جاية هنا أنا وماما علشان نعمل مشاكل، أنا جاية أتعرف عليكم ونقضي وقت لذيذ علشان نقرب من بعض مش أكتر
قوست رسمية فاهها بطريقة ساخرة إستدعت غضب كوثر التي تحدثت بنبرة تهكمية:
_ أي أوامر تانية يا حاجة ولا نطلع نغسل وشنا من تراب السَفر ؟
لم تُعيرها حتي عناء النظر إلي وجهها وأشاحت بيدها بحدة إلي أعلي الدرج في إشارة منها بالإنصراف، زفرت كوثر بضيق وتحركتا خلف فايقة التي تيقنت أنها تخطت حدودها وأنها بفعلتها تلك قد إستدعت غضب رسمية، وأن الأسوء قادم لا محال
ولكن الهدف يستحق المُجاذفة، فهي إلي الآن مازالت تخطط بفضح الآمر للنيل من فضيحة إبنة زيدان وتحقيق إنتقامها الأسود التي وبرغم كل ما حدث لها، مازال هو شُغلها الشَاغل
خرجت ورد واتجهت إلي منزلها ، وجدت صغيرتها تبكي وسط المنزل ويجاورها زيدان ويزن المُستشاطان مما قصتهٌ عليهما صفا وأمل التي تحمل الصغير فوق ساقيها برعاية
إقتربت علي إبنتها وأحتضنتها بحنان ، ونظرت إلي الصغير التي تحملهُ أمل ، كان يصرخ بشدة وكأنهُ شعر بحُزن والدتهٌ وأستمع إلي صوت شهقاتها وهي تبكي بذاك الإنهيار
تحدثت ورد إلي يزن بهدوء:
_ خد مالك من أمل و وديه لچدتك لجل ما يهدي شوي يا يزن
أطاعها وأخذ الصغير وذهب
نظرت ورد إلي زيدان وتساءلت بنبرة حادة غاضبة:
_عتعمل أية مع فايقة يا زيدان ؟
تنهد وأردفَ قائلاً بغيظٍ مكظوم:
_ فايقة أتخطت حدودها وياي ، ولازم لها ردع لجل ما تِعرف مجامها زين
تحدث يزن الذي أتي من جديد وهو يتحرك لجلستهم :
_ صفا لازمن تطلج يا عمي ، مّرت عمي وقاسم بدأوا يتصرفوا علي إن الموضوع بجا أمر واقع ولازمن الكٌل يرضخ ويرضي بية
رمقهٌ زيدان بنظرة حادة وتحدث :
_ چدك لو سمع كلمة طلاج دي عيطربج الدِنيي فوج دماغنا
أردفت تلك الباكية من بين شهقاتها العالية قائلة بنبرة صارمة:
_ يزن عنديه حج يا أبوي ، أني خلاص معيزاش اللي إسمة قاسم دِه ، مطيجاش أفضل علي ذمته بعد اللي حُصل دة يوم واحد
تحدثت مريم التي دلفت للتو:
_ إهدي يا صفا وكل مُشكلة وليها حل
تنفس زيدان عالياً ثم زفر بهدوء ثم قام بسحبها من داخل أحضـ.ـان ورد ليدخلها لأحضـ.ـانه وتحدث وهو يُربت علي ظهرها بحنان :
_ إهدي يا دكتورة وأني ليا كلام تاني مع أبوي وقاسم
أردفت ورد بنحيب وملامة:
_ياما إترجيتك وجٌلت لك بلاش منيها الجوازة دِي ، جولت لك إني حاسة إنها عتُبجا بداية الشوم والشجا لجلب بتي مصدجتنيش يا زيدان
تنهد زيدان في حين تحدث يزن بغضبٍ:
_ زمان البلد كلياتها عتتكلم علي بِت النُعمانية اللي چوزها إتچوز عليها واحدة تانية
أجابته ورد مطمأنة الجميع:
_محدش من الحَـ.ـريم عِرف حاچة يا ولدي، چدتك جطعت حديت فايقة جبل ما تعرف الحَـ.ـريم علي واكلين ناسهم دول
وأكملت بريبة من أمر تلك الفايقة وما تُخفيه دائماً داخل جُعبتها:
_ بس أني مضمناش الحَية اللي إسميها فايقة
وأردفت بنبرة متخوفة:
_ مش بعيد تخبر الكِل في الحِنة بالليل
إنتفض زيدان من جلسته وتحرك بصحبة يزن إلي عتمان المتواجد بمندرة العائلة المتواجدة داخل الحديقه وقص له كل ما بدر من فايقة ، وبعث هو لقدري وقام بتوبيخهٌ أمام الجميع علي تصرف زوجتة التي لا تُعير لوجودهُ في حياتها أية إهتمام وتتصرف بما يحلو لها
طلب منه أن تذهبا السيدتان بعد إنتهاء مراسم الزواج مباشرةً ،، وغضب عِثمان أيضاً من قاسم ولكنهٌ تراجع بعدما أقسم لهٌ قدري أنهُ علي غير علم بما فعلته والدتهٌ، وأقسم لهُ أنهُ سيضع حداً لتلك الفايقة وتصرفاتها التي أصبحت لا تُحتمل
❈-❈-❈ تحرك قاسم من مكتبة مٌباشرةً إلي مطار القاهرة ومنه إلي مطار سوهاج،، حتي وصل إلي نجع النُعمانية
دلف بسيارته إلي داخل الحديقة، وجد زيدان يقف بجوار يزن وكأنهٌ ينتظرهُ ، ولكن ما أدعي إلي إستغراب قاسم كّم الغضب الهائل الذي رأهُ يتطاير من عيناي عمهِ علي غير العادة مؤخراً
إقترب عليه قاسم وتحدث بترقُب:
_ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حدق زيدان عيناه وتحدث إليه بنبرة شديدة الغضب:
_ هو ده حجي عليك ومجداري عنديك يا وِلد أخوي ، عاوز تكسر بِتي وتهينها جدام حَـ.ـريم البلد كلياتها ؟
أجابهٌ بنبرة حاده :
_ ما عاش ولا كان اللي يكسر صفا ويهينها وأني علي وش الدنيي ، فيه أية يا عمي ! حٌصل أية لحديتك دِه ؟
تحدث يزن بنبرة حادة :
_ معارفش فية أية يا متر ، فيه إن سيادتك چايب مّرتك المصراوية وأهلها لجل ما تعرِف باجي البلد إنك إتجوزت علي بت النُعماني الأصيلة ؟
تجمدت الدماء بجسد قاسم وإحتقنت ملامحةُ بالغضب وتحدث بحدة:
_ كلام أية الفاضي اللي عتجوله دِه يا يزن ، بتخرف إنتَ إياك !
هتف زيدان بنبرة حادة:
_ يزن معيخرفش يا وِلد أبوك ، يزن عيجول اللي إنتَ وأمك خططوا له زين ونفذتوه لجل متكسروا بتي جدام البلد كلياتها
كور يده وظهر الغضب بعيناه وتحدث بحدة بالغة:
_ يشهد عليا الله إني برئ من إتهامك دِه يا عمي ،، وأني أول مرة أسمع بيه
وأسترسل بنبرة غاضبة بعدما علم بفطانتهُ أنها والدتهُ لا غيرها:
_أني عارف مين اللي عمل إكدة وليا معاه تصرف تاني ،، وإن كان علي إيناس وأهلها ، أني عخليهم يسيبوا النجع حالاً
أردفَ زيدان بنظرة لائمة :
_ بعد أية يا قاسم بيه ، بعد ما أمك چابتها لحد إهنيه بكل بچاحة وجهرت جلب بِتي
ونظر له بإستسلام وتحدث بنبرة بائسة:
_منك لله يا قاسم علي اللي عملته في بِتي
وأكمل يعيناي غاضبة متوعدة:
_ بس إنتَ مش غلطان ، الغلط كله عليّ إني لسه جابل المسخرة دي عليها وساكت ، بس بكفياني سكات لحد إكدة
وكاد أن يتحرك جذبهٌ قاسم من ذراعة و وقف أمامه وتحدث بترجي وأسي ظهر بعيناة :
_ الله وكيلك يا عمي ما تعمل حاچة تأذيني بيها أني وصفا ومالك
وأكملت بوعد:
_أني عريحك من الموضوع دِه كلياته ، صدجني يا عمي
نظر له وأستشف الصدق من عيناه ، لكنه فضل الصمت وذهب تاركً إياهما
نظر لهُ يزن واردفَ بترجي :
_ بكفياك ظٌلم عاد يا قاسم ، لو معتريحاش إعتجها لوجة الله وطلجها
نظر له وتحدث بنبرة جادة:
_ حد بيعتج روحه ويفصلها عن چسمة بيدة يا وِلد عمي ؟
وأكملَ مٌحذراً :
_ آطلع منيه الموضوع دِه عشان منخسرش بعض من تاني يا يزن
وتركه وتحرك إلي جدهُ وتحدث بعدما أبلغ عِثمان بعدم عِلمهِ بمجيئهما :
_ أني طالع حالاً أمشيهم وأخلي السواج يوصلهم للمطار كيف ما چابهم
أوقفهُ عِثمان وتحدث بنبرة حادة:
_ عاوز تركبني العار يا قاسم
وأكمل :
_علي أخر الزمن عِثمان النُعماني عيطوح ضيوفه من داره وكُمان حَريم ؟
واسترسل لائمً :
_يا عيب الشوم عليك يا ولد النُعماني يا أصيل
توقف قاسم وزفر بإستسلام، ثم تحدث الجد متسائلاً بترقُب :
_ عتعمل إيه يا قاسم ؟
هز قاسم رأسهُ وأجابهُ بتوعد:
_ كُل خير يا چدي، كل خير
وأكمل مفسراً:
_
إديني مُهلة لبكرة الصُبح تكون السرايا فضيت من حِنة الحريم، وبعدها نتجابل كلياتنا في المُندرة
قال كلماتهُ التي طمأنت عِثمان وانسحب للأعلي تحت غضب رسمية منه ، طرق باب غرفتهُ السابقة بعدما علم بوجود والدتهُ بصحبة كلتا الخبيثتان
دلف بعدما تأكد من والدتهُ أنهما ساترتا جسديهمـ.ـا، وعلي غير المتوقع نظر لكلتاهما وتحدث بنبرة باردة وملامح وجه يبدوا عليها الراحة، بلكنة قاهرية :
_حمدالله علي السلامة، نورتوا سوهاچ كلها
وأكمل بنبرة ذات مغزي:
_ ونورتوني أنا بشكل شخصي
مما إستدعي إستغراب ثُلاثي الشر حيث تحدثت كوثر بنبرة حنون حاولت بها جذبهِ إلي عالمها من جديد كالسابق :
_ الله يسلمك يا حبيبي ، وحشتني يا قاسم
وأكملت بنبرة ناعمة كحية رقطاء :
_ جالك قلب تقعد كُل المُدة دى من غير ما تسأل علي ماما كوثر ؟
مكنش العشم يا جوز بنتي
العجيب أنهُ ابتسم لها وتحدث:
_ معلش بقا حضرتك، الدُنيا تلاهي زي ما بيقولوا
وأكمل وهو ينظر إلي والدتهُ التي تنظر إليه ببلاهه، فقد تخيلت أن يغضب ويثور لكنهُ فاجأها:
_ إيه يا أم قاسم، ما جبتيش غدا وحلويات للضيوف ليه
وأكمل مُبتسمً بطريقة إستغربتها إيناس:
_ إنتِ عوزاهم يقولوا علي أهل الصعيد بُخله ولا إيه؟
هتفت كوثر بنبرة سعيدة:
_ ما عاش ولا كان اللي يقول عليكم كدة يا أبن الأكابر
في حين تحدثت فايقة بنبرة سعيدة بعدما رأتهُ من ولدها:
_ أني بلغت الغفير مّرعي يخلي الطباخين يچهزوا صَنية مليحة ، ولما يچهزها عخلي هنية تطلعها إهنيه
تحركت إليه إيناس وتحدثت بنبرة أنثوية:
_ إزيك يا قاسم
نظر لها وتحدث بهدوء :
_ أنا تمام، تمام جداً
وأكمل متسائلاً ببرود :
_ أستاذ رفعت عامل إيه
أجابته بنبرة رقيقة وهي تنظر إليه بعيناي عاشقة:
_ بابا كويس أوي، وبيسلم عليك كمان
هز رأسهُ وأردف بإرتياح:
_الله يسلمه
ثم نظر لثلاثتهم ليخبرهم بنبرة تحذيرية حادة وكأنهُ تحول:
_طبعاً مش محتاج أنبهكم إن موضوع الجواز لو إتعرف هنا هتحصل مشكلة كبيرة،
وأكمل محذراً:
_ بس ليكم،مش لحد تاني
إبتلعت فايقة لُعابها وأيضاً إيناس وكوثر اللتان أتت لتحقيق حلميهما بإنتشار خبر زواج قاسم بين الجميع واعلانها زوجة رسمية له كي يضعاه أمام الأمر الواقع
أجابته كوثر التي إنتوت تغيير خطتها واللجوء إلي الحُصان الرابح كي تحصل علي ما تريد وخططت إليه سنوات عده :
_ إطمن يا قاسم، إحنا مش جايين نعمل لك مشكلة مع أهلك
إبتسم لها بجانب فمه، ثم نظر إلي والدتهُ وأردف قائلاً وهو يحثها علي تتبعهُ :
_ تعالي معاي يا أمّا
في نفس التوقيت، خرجت صفا إلي شرفة حُجرتها لتتنفس بعض الهواء علهٌ يُهدئ من روعها ولو قليل ويٌحسن من مزاجها الذي تعكر بفضل ما حدث ، وجدت شُرفة غرفته السابقة مفتوحه ويخرج منها أصواتً هادئة، لمحت طيفهُ يتحرك إلي الخارج وتليه والدتهُ
وتحركت إيناس مُتجهةً إلي الشرفة كي تستطلع المكان، تحركت صفا أيضاً سريعً كي لا تُشاهدها تلك الملعونة خاطفة سعادتها ، جلست فوق فراشها والدموع تنهمر من عيناها بعدما رأتهُ وهو خارج من غرفتها، وما أشعل النـ.ـار بداخلها أنها تسكن غرفتهُ، ستغفوا علي فراشه وتشتم رائحته
إنتفضت من جلستها وجففت دموعها، ثم أخذت نفسً عميقً بعدما أنتوت أن تحـ.ـرق قلب تلك اللعوب هي ووالدتها وأيضاً الساحرة الشريرة المُسماة بفايقة !
وأقسمت لحالها بأنها ستقلب السحر علي الساحر وبدلاً من أن تعطي لهم الفرصة بإحـ.ـراق روحها كما خطط ثلاثتهم ستكون هي من تحرق قلوبهم وترد لهم الصفعه بأقوي منها
تحركت إلي خزانة ملابسها وأخرجت ثوبً مثيراً للغاية كانت قد إبتاعته من إحدي متاجر فرنسا الشهيرة عبر الإنترنت ، وبرغم أنهٌ قصير ويٌظهر مفاتنها بالكامل ولا يصلح بتاتً للخروج بهِ للعلن ، إلا أنها إبتاعته لشدة إعجابها به
وضعته علي جـ.ـسدها ونظرت لإنعكاس صورتها في المرأة وحدثت حالها بحماس :
_أهلا بكم في جحيم إبنة النعماني أيتها الملعونات ، أنتم من إبتدتن الحرب ، فعليكن إكمالها للنهاية ودعونا نري من هي الفائزة بتلك الليلة الموعودة ، لم أكن إبنة النعماني حقاً إن لم ألقنكم درساً قاسياً لم ولن يٌمحي من ذاكرتكم الملعونة علي مر العصور
❈-❈-❈
دلف خلف والدتهُ إلي مسكن والدهُ بعدما أخبرها انهُ يريد الحديث معها علي إنفراد ، وما ان أغلقت الباب واستدارت حتي وقف مقابلاً لها وبعيون صارخة سألها:
_ عتعملي فيا ليه إكده يا أمّا ، عتأذيني وتأذي ولدي ليه ؟
وأكمل بصياحٍ عالّ:
_مريداليش الراحة ليه؟
نظرت إليه وتحدثت بإستغراب:
_اني عأذيك وأذي مالك يا قاسم
واسترسلت بنبرة صادقة:
_ ده أني ربنا وحده اللي عالم غلاوتك وغلاوة ولدك في جلبي كَد إيه، ده أنتَ البِكري الغالي اللي الجلب شافه جبل العين
نظر لها بتيهه وتحدث مُتأثراً بتعجب :
_ولما هو إكده مستكتره عليا الراحة ليه، كُل ما أجرب خطوة من مّرتي وإبني بتبعديني عنيها ميل ليه !
وأكمل بعيناي شبه دامعة وقلبٍ مُحطمً وروحٍ منهزمة:
_ ده أني بعِد الأيام بالساعة والثانية وبحلم باليوم اللي أرچع فيه مّرتي وولدي لحُضـ.ـني
وسألها:
_ عاچبك شندلتي وأني جاعد لحالي إكده ؟
ده أني مفرحتش بإبني ولا خدته ونيمته ليلة في حُضـ.ـني كيف الناس
وأكمل مُتألمً بقلبٍ نـ.ـازف:
_ شُجتي حزينة يا أمّا وفرحتي بولدي مطفية، عدخل شُجتي بلاجيها خراب وباردة مفيهاش روح كيفها كيف الجَبر،
وسألها لائمً:
_ معتحسيش بولدك وحرجة جلبه ليه !
مستكتره عليّ ليه حُضـ.ـن المّـ.ـرة اللي عوضتني حنانك اللي عمري ما دوجته ؟
نزلت كلمتهُ علي قلبها زلزلته وأشعرتها بالتقصير والخجل من حالها
وأكمل هو صادقً متأثراً:
_ في حُضـ.ـن صفا لجيت الراحة والسّكينة اللي كِنت عدور عليهم
واسترسل بحنين وعيناي مُتألمة:
_ حنت عليّ وضمتني وحسستني إني لساتي بني أدم عِندي مشاعر وبحس، صحت لي ضميري اللي كان متغفل بجاله ياما
وأكمل بنظرة إتهام :
_ عِملت لك إيه المسكينة لجل ما تجهري جلبها وتچيبي لها الحرباية دي لحديها ؟
كانت تستمع إليه ولأول مره بقلب الأم ، شعرت بكّم المعاناة الذي يشعر بها ولدها وتخنق روحه ، إرتبكت وتحدثت بنبرة زائفة من شدة خجلها :
_ أني چيبتها لچل ما تشعلل جلب صفا من الغيرة وترچع لك زاحفـ.ـة علي رچليها
قطب جبينهُ ورمقها بنظرات تشكيكية غير مصدقً حديثها وأردف قائلاً:
_ چد يا أمّا ؟
وأكمل متهكمً :
_ لا والله كتِر خيرك.
وأكمل بنبرة مُنكسرة :
_ أحب اطمنك وأجول لك إن عمي زيدان عاوز يطلج بِته مني بسبب مساعدتك ليا كيف ما بتجولي
واسترسل محملاً إياها الذنب:
_يا رب تكوني إرتاحتي
إرتعب داخلها وانتفض لأجل سببان، أولهما ثروة زيدان التي لم يستطع ولدها التنعُم بها إذا حدث الطلاق، والاخر هو حرمانها وولدها من مالك الذي سيتربي داخل أحضـ.ـان زيدان وورد بعيداً عن قاسم
فتحدثت بذهول:
_عمك جال لك إكده ؟!
وأكملت لطمأنتهُ :
_ متجلجش يا ولدي، چدك معيرضاش بالطلاج
أجابها نافيً حديثها :
_ ناسية إياك إنه سمح ليزن يطلج ليلي ؟
إرتعبت من داخلها وأكمل هو بنبرة هادئة ذات مغزي :
_ علي العموم إنتِ جدمتي لي خدمة عُمري وإنتِ مدريناش
ضيقت عيناها وأردفت بتساؤل:
_ تُجصد إيه بحديتك دي يا ولدي ؟
إبتسم بجانب فمه وأجابها بمراوغة:
_ مجصديش يا أمّا
إستمع إلي صوت المفتاح في كالون الباب، وظهر والدهُ بملامح وجه غاضبة تلاهُ فارس الدخول
هرول مُسرعً إلي فايقة وأمسك ذراعها وقام بليهِ مما جعلها تصرخ وتحدث هو بفحيح:
_ وبعدهالك يا بِت سَنية، منوياش تچبيها لبر ليه ؟
جري عليه قاسم وفارس وحاولا تخليص والدتهما من ببن قبضتهُ القوية وتحدث قاسم مُترجيً:
_سيبها لجل خاطر ربنا يا أبوي، ما يصحش تعمل في أمي إكده
شدد من قبضته أكثر وتحدث بغيظ من بين أسنانهُ:
_ فوتني أربيها يا قاسم يمكن تحس علي دمها وتوعي لحالها وتشوف بعنيها الأذي اللي عتصيب بيه عيالها
بكت ونزلت دموعها من شدة الألم وتحدثت:
_ سيب يدي يا قدري ، دراعي عينخلع
بصعوبة خلصاها قاسم وفارس من قبضته وخبأها فارس خلفهُ وتحدث برجاء وهو ينظر لأبيه :
_ الله وكيلك ما تجرب عليها تاني يا أبوي
أمسكهُ قاسم وأردف مهدأً إياه:
_ إهدي يا أبوي
وقف قدري ينظر علي تلك التي تختبئ خلف ولدها والرُعب يظهر بعيناها وهتف بنبرة غاضبة :
_ بعملتك السو دي چيبتي اخرك وياي يا بِت سنية، روحي وإنتِ..
وقبل أن يُكمل كلمته وضع قاسم كف يده مكممً به فم والده وتحدث بعيناي مترجية :
_ بلاش يا أبوي
وأكمل بتوسُل:
_ إنتَ إكده معتأذيش أمي لحالها، إنتِ عتأذيني أني وليلي وفارس،
وأكمل بنبرة تعقُلية:
_ مفكرتش في شكلنا جِدام الخلج وأمنا عتطلج وإحنا رچالة كبيرة إكده ؟
وأكمل:
_طب وأمي عتروح فين بعد العُمر اللي جضته وياك ده كلياته
نفض قدري كف نجلهُ وهتف بنبرة حادة:
_ تروح في ستين داهية، تجعد ويا أمها تخدمها وتتذلل لإخواتها لجل ما يدوها اللجمة تاكُلها
كانت منكمشة علي حالها متشبثة بجلباب نجلها لتحتمي بظهرهُ، تنظر علي قدري ودموعها تنهمر بشدة فوق وجنتيها، غير مستوعبة حالة الغضب التي وصل لها بفضلها
تحدثت بنبرة ضعيفة من بين دموعها:
_ هونت عليك يا قدري، عايز تطلجني بعد عشرتي وياك
نظر لها بغضب وتحدث ناهراً إياها:
_ وإنتِ كُنتي صُونتي العِشره إياك لجل ما ابجي عليكِ !
وأكمل بنبرة حاقدة :
_ ده أنتِ لعنتي اللي إتبليت بيها وبليت عيالي معاي، كان عجلي فين طول السنيين اللي فاتت وأني ماشي وراكي كيف الأعمي وفايتك تسوجيني كيف ما بدك
وأسترسل غاضبً :
_الله يلعنك يا فايقة، الله يلعنك
تحدث فارس في محاولة منه للتهدأة :
_ إهدي يا أبوي وأمي معتعملش حاچة تاني
ونظر إلي والدتهُ مُتسائلاً:
_ مش إكده يا أمّا ؟
أومأت إليه بطاعة سريعً فتحدث قدري مهدداً :
_ دي أخر فرصة ليكِ وهديها لك لجل خاطر عيالك، لكن الله الوكيل غلطة تانية وعكون مطلجك وبالتلاتة
وأكمل أمراً إياها وهو يرمقها بنظرات غاضبة :
_ تروحي تنبهي علي المّرة السو اللي إسميها كوثر هي والحرباية بِتها، لو حد من النچع عرف إنها مّرت قاسم، وكتاب الله لأدفنهم صاحيين وما عخلي الدبان الازرج يعرف لهم طريج ،
وأكمل بنبرة حقود :
_ وإنتِ عتطلجي بالتلاتة وعيالك دول معيشفعولكيش عِندي واصل
واسترسل متسائلاً :
_ سمعاني زين يا واكلة ناسك ؟
هزت رأسها عدة مرات مُتتالية دلالة علي رُعبها منه، رمقها بإشمئزاز وخرج صافقً الباب خلفه
بكت بشدة وخجل لأجل الأهانة التي تعرضت لها بحضور نجليها
نظرت إليهما وبكت بشدة مما جعل قاسم يتحرك لوقفتها ويسحبها من بين يداي فارس ويحتضـ.ـنها بإحتواء ويُربت علي ظهرها بحنان
إنفجرت بالبكاء وكأنها كانت تحتاج لذاك الحُضـ.ـن كي تُخرج ما بداخلها من مخزون مُنذُ عقود، بكت وبكت داخل أحضـ.ـان قاسم الذي ينظر لشقيقهُ ويشعران بالأسي علي تلك الظالمة التي ظلمت حالها وخَسِرتها قبل أن تخسر الجميع
إقترب فارس وأحتضـ.ـنها أيضاً وضلت علي وضعها لأكثر من نصف ساعة حتي هدأت
إنتوت التوقف عما تفعلهُ ليس ندمً، لكنها وجدت أنها لم ولن تُجني من حقدها وأنتقامها سوي جلب الخراب لها ولأولادها فقررت أن تترك هذا الانتقام بعدما سعت إلي تحقيقهُ بشتي الطُرق، لكن محاولاتها جميعً بائت بالفشل الذريع
بل وعادت علي حياتها بالدمار، وأكثر شئ أجبرها علي التراجع هو التغيير الجذري الذي حدث إلي شخصية قدري مُنذ تلك الحادثة المشؤومة،وتهديده المباشر لها والذي يستطيع بالفعل تنفيذهُ
نظرت إلي قاسم وتحدثت بنبرة ضعيفة:
_ حجك عليّ يا ولدي، ووعد مني معجربش علي عِيشة حد فيكم تاني
أردف قاسم بتمني:
_ ياريت يا أمّا تِعملي إكده بچد، عتريحينا وتريحي حالك
وأكمل علي حديثهُ فارس مترجياً:
_ نفسي نرتاح وچسـ.ـمنا يبرد من المشاكل إشوي يا أمّا
أومأت لهُ بصدقٍ وأكملت برجاء:
_ أني ليا عنديكم طلب، أحب علي يدكم تتحدتوا ويّا چدكم وتجولو له يرچع في موضوع چواز أختكم من صالح وِلد ذكي النُعماني،
وأكملت:
_هي خلاص معادتش عتعمل مشاكل تاني، عتجعُد لحد ما عدتها تُخلص وربنا يُرزجها بچوازة زين
زفر قاسم وتحدث:
_ حاضر يا أمّا، بس ياريت تخلي بالك عليها وتحاولي تعجليها وتجوليلها تخليها في حالها
وأكمل :
_ مش كُل مرة تسلم الچرة يا أم قاسم
تحدث فارس إلي والدتهُ بإستسلام :
_ أني كلمت أبوي وچدي علي إن ليلي تنزل الحِنة مع الحريم، بس چدي رفض
نظرت هي إلي قاسم تترجاة فتحدث هو:
_ إكده أحسن لها ولمرت يزن يا أمّا، محدش يضمن ليلي لو شافت أمل جدامها ممكن تِعمل إيه، بعد الفرح عجعد أني وفارس وياها وبعدها عتكلم مع چدي وأخليه ينزلها تحت تاني
وتحرك للخارج كي يذهب لمراضاة تلك الغاضبة
❈-❈-❈
داخل غُرفة صفا
إستمعت إلي طرقات فوق بابها ثم دلفت العاملة صابحة
وجدتها تسجد فوق سجادة الصلاة لتأدية فرض صلاة العصر، وقفت صابحة بهدوء لحين إنتهائها من الصلاة
وتحدثت بنبرة هادئة :
_قاسم بية تحت وطالب يجابلك يا دَكتورة
إشتعل داخلها غضبً عندما إستمعت إلي ذكر إسمه، وأردفت بجمود وحده وهي تخـ.ـلع عنها إسدال الصلاة :
_ روحي جولي له معيزاش تجابل حد
اجابتها العاملة بتأكيد:
_ الست ورد جالت لي أنبه عليكِ وأجولك إنك لازمن تنزلي
زفرت بضيق ثم أجابتها بإستسلام:
_ خلاص يا صابحة ، روحي إنتِ وأني نازلة وراكي
خرجت صابحة وتحركت هي أمام مرأتها تٌعدل من ثيابها ولفت حجابها بإحكام وتحركت هابطة الدرج للأسفل
كان يجلس محتضنً صغيرة ويضمهُ إلي أحضـ.ـانهُ بشوقٍ جارف وبجانبهِ عُلبة من حلوي الشيكولاتة التي تعشقها هي وكان يُجلبها لإياها، والأن تحجج بصغيرة رغم أنه لم يتناول الطعام بَعد ، وما أن رأها تأتي حتي وقف سربع وبقلبٍ يدق بوتيرة عالية كطبول الحرب نظر إليها مُنتظراً مجيئها لوقفته حتي تصافحهٌ مرحبه به
لكنها أصابته بالإحباط وتحركت لمقعد مقابلاً له من بعيد وجلست واضعة ساق فوق الأخري قائلة بنبرة جامده:
_ خير يا متر ، صابحة جالت لي إنك عاوزني في موضوع مهم
تنهد من تلك المعاملة الجافة التي لم تتوقف عنها ولو ليومٍ منذ ذاك اليوم المشؤوم
جلس بخيبة أمل واضعً صغيرةٌ فوق ساقية من جديد وتحدث بنبرة متأسفه :
_أني جاي أتأسف لك إنتِ ومّرت عمي علي اللي حٌصل من أمي
نظرت له ورد بتعجب وتحدثت بحدة وأتهام:
_ عايز تفهمني إن إنتَ مكنتش تعرف بمجيتهم دي ؟!
وغلاوة مالك عندي ما كنت أعرف ،، جملها قالها وأسكت بها الجميع لعلمهما كيف هي غلاوة صغيرة بقلبه وتعلقهٌ الشديد به
وأكملَ وهو ينظر إلي ورد :
_ تفتكري يا مرت عمي إني كنت هبقا عارف وأسمح لها تاجي لحد إهني وأجبلها علي صفا ؟
تحدثت صفا بنبرة ساخرة كي تستدعي غضبة وتٌشـ.ـعل غضبهٌ أكثر من تلك الحرباء :
_ ذنب أقبح من عذر يا متر ،، مش عيب بردك حفيد النعماني الكبير مرته تخرج وتسافر إكدة علي كيفها من غير إذنه ،
وأكملت بتهكُم علي شخصهُ:
_ تصدج كنت فكراك مسيطر عن إكدة
وبالفعل حدث وتحدث إليها بصياح عالي :
_ بكفياكي عاد يا صفا، صبري علي الإهانه ليه حدود
وبسرعة هائلة إمتص غضبهُ كي لا يُثير غضبها، ثم أكمل بنبرة حنون كي يسترضيها :
_ وصدجيني ، التجاوز ده مش مسموح بيه غير لصفا وبس
إبتلعت لٌعابها من هيئته، فمهما تظاهرت بالبرود والجمود إلا أن قلبها الملعون مازال عاشقً له حتي النٌخاع برغم كل ما حدث
تحدث هو إلي ورد من جديد بنبرة جادة :
_ أني مليش علاجة بيها نهائي يا مّرت عمي، سبج وجولت لكم جَبل إكده، أني ساكن لحالي في شُجتي الجديمة وخرچتها من المكتب هي وأخوها وفصلت شُغلنا عن بعضية، ومن وجتها معارفش عنيها أي حاجة
زفر بضيق وأكمل:
_ أني لما وصلت وعمي جال لي، كنت هخلي السواج يوصلهم لحد القاهرة ويرچعوا تاني كيف ما چُم، بس جدي عتمان اللي إستعيبها وجال لي عيبه في حقنا كصعايدة نمشوا ضيوفنا بالطريجة المُهينة دي
وأكمل ناظراً لعيناي أسرة قلبهُ لمراضاتها :
_بس لو إنتِ عايزة إكده يا صفا أني عسفرهم حالاً وأتحمل نتيجة جراري جِدام چِدي
ردت عليه بقوة وشموخ ونظرات حادة :
_ الموضوع كلاته لا يعنيني لا من جريب ولا من بعيد، تجعد تمشي، ولا يهمني
تنهد بأسي ، ثم وقف وأعطي مالك إلي ورد وأتجه لذاك الصندوق الكبير والذي يجاورةُ أخر صغير كان قد جلبهما معهُ من القاهرة وضلا داخل صندوق السيارة
وفتح الصندوق الكبير وأخرج منه ثوب سهرة مميز باللون الأحمر الصريح الذي يشد البصر بفضل تلك الأحجار السوداء التي زينته وجعلت منه مُبهراً للغاية
وتحدث وهو ينظر إليها بإبتسامة حانية :
_أني جبت لك الفستان ده لچل ما تحضري بيه الفرح بكرة في الجاعة ، إختارته لك مخصوص علي ذوجي، يارب بس يعچبك
أجابته بنبرة سمجه :
_ مكانش ليه لزوم تكلف حالك، بطلت أمشي علي كيف حد وأبجي تابع ، وبعدين أني خلاص، إشتريت لحالي الفستان اللي هحضر بيه
أجابها بثقة لم يدري من أين أتت لهٌ :
_لازمن تلبسي الفستان ده لأنه شبه البابيون بتاع بدلتي
نظرت لهُ بإستنكار وأكمل هو بإبتسامة ساحرة:
_ إختارتها نفس لون الفستان علشان نبجا مطجمين مع بعض
روح إديه لمّرتك وطجم وياها ، عتبجوا كابل لايج جوي علي بعضيكم ،،،،، جملة مستفزة وجهتها لهُ، لكنه تمالك حاله لأبعد الحدود
وتحدث بهدوء وعيون تنطقُ عِشقٍ :
_معينفعش يا غالية ، اللي ياچي علي ذمة صفا زيدان مينفعش ياچي علي مجاس أي حٌرمـ.ـة بعديها
سألتهُ ورد بنبرة متعجبة :
_ ولما هي غالية صٌح ، عملت فيها إكدة ليه يا وِلد النُعماني ؟
تنهد بأسي وأردف قائلا :
_ غالية وربي شاهد إن ما فيش في جلبي وحياتي أغلي منيها يا مّرت عمي
إشتعل داخلها بنـ.ـار عشقة عند استماعها لتلك الكلمات لكنها ضلت علي صمودها
وتحرك هو إلي الصندوق الصغير ونظر لها بإبتسامة وهو يٌخرج حِلة صغيرهُ النسخة المصغرة من حلتهِ ،والتي تحمل رابطة عُنق تٌشبه ثوب صفا وقد فعل هذا خصيصاً لعلمهِ أنهٌ سيخضعها لإرتداء الثوب وذلك لعشقها لصغيرها ومدّي تعلقها به
وتحدث إليها:
_ودي بدلة مالك باشا ونفس بابيون أبوه وفستان الغالية أمه
إنتفضت واقفة وخرجت دون أن تُعيرهُ إهتمام مما أحزن قلبهُ
❈-❈-❈
جاء المساء وليلة الحنة ستبدأ للتو
تحركت صفا إلي منزل العائلة وبجوارها هدية
كانت هدية تحمل الحقائب الخاصة بصفا والتي تحتوي علي الثوب التي سترتدية بليلتها تلك ،وذلك لأنها سترتدي ثوبً محرر وستترك لشعرها العنان والحرية وكذلك ستفعل كل فتيات العائلة كالعادة ، لذا فكل فتاه ترتدي ثيابها المتحررة وترتدي فوقها عبائتها السمراء تبع العادات الخاصة بعائلة النعماني ، وحين وصولها لمنزل الحنة تخلع عنها عبائتها وتجلس وسط النساء بحريتها
دلفت للداخل برأسٍ شامخ وجدت الجده تقف في البهو تباشر الترتيبات اللازمة لإستقبال المعزومات ، نظرت لها وأبتسمت وفتحت ذراعيها في دعوة منها لإستقبال حفيدتها الغالية لداخل احضـ.ـانها
إبتسمت صفا وذهبت لها ووضعت رأسها علي كتف جدتها وتنفست بهدوء
وتحدثت الجدة بتفاخر وشموخ وهي تٌربت علي كتفيها بحنان:
_ براوه عليكِ ، هي دي الدَكتورة صفا بت النعمانية علي حج
خرجت من بين أحضــانها وتحدثت بهدوء :
_بعد إذنك يا چدتي، أني عطلع في أوضتك اللي فوج علشان أغير هدومي
إبتسمت لها الجدة بموافقة وصعدت صفا
بعد حوالي الساعة والنصف ،،كانت جميع النساء قد حضرن للإحتفال بليلة الحناء ، وقد بدأ الجميع بالأحاديث الجانبية والتهامز وهن ينظرن إلي تلك الغريبة ووالدتها ، كانت ترتدي ثوبً خاص بالسهرات باللون الأخضر وترفع رأسها عالياً بكبرياء وهي تنظر للموجودات بتعالي وشعور يتملكها بأنها الأفضل بينهن
حتي ظهرت تلك الصفا وهي تتدلي بدلال وشموخ من أعلي الدرج ،، وبلحظة إتجهت جميع الانظار إلي تلك الساحرة الفاتنة اللواتي ينتهزن أية فُرصة لزواج يحدث ببيت النُعماني كي يمتعن اعيُنهم بالنظر إلي تلك الفاتنة هائلة الجمال
إستغربت حال النساء اللواتي سحبن بصرهن بلمح البصر ووجهوا أبصارهم لجهه أخري ،
نظرت للأعلي حيث أنظار الجميع ،، إهتز داخلها وانتفض جسـ.ـدها رُعبً وبلحظة إستشعرت بالخطر وبدأ الشك يساورها بأن تلك الجميلة من الممكن أن تكون صفا ، غريمتها وشريكتها بزوجها
كانت ترتدي ثوبً باللون الكشمير مفتوحً عند فتحة الصـ.ـدر ويضهر مفاتـ.ـنها بشكلٍ مُثير، طويلاً إلي الاسفل لكنهُ بفتحة عند الفخـ.ـد تُظهر جمال ورشاقة جسـ.ـدها البّض
نفضت من رأسها بأن تكون تلك هي الصفا، فهل من الممكن أن يترك قاسم تلك الحورية لأي سببٍ كان، كما حدث في الماضي ؟!
تحدثت إليها كوثر التي تدقق النظر إلي صفا بذهول :
_ لتكون دي مّرات الموكوس قاسم
وأكملت بشرود :
_علشان كده ما رضيش يقرب لك يا إيناس ؟
أجابتها إيناس بنفي وهي تبتلع لعابها رُعبً من تأكيد الفكرة:
_أكيد مش هي يا ماما، إنتِ ناسية وصف عدنان
إستمعتا إلي نجاة زوجة مٌنتصر وهي تتغزل بمفاتن صفا وهتفت قائلة بتباهي :
_ الله أكبر عليكي يا دكتورة صفا ، جمال وجاه وأصل ونسب الله أكبر ، زينة صبايا المركز كِلليتة يا بتي
وحولت بصرها إلي فايقة وضيفتيها المذهولتان وتحدثت بنبرة تهكمية :
_ ربنا يحرسك من عيون الحاسدين والحاجدين اللي تندب فيهم رصاصة
رمقتها فايقة بنظرات نارية ولو كانت النظرات تٌصيب لأنتهي أمر نجاة في التو واللحظة
نظرت لها إيناس والغل والغيرة بدأت تنهش بصـ.ـدرها وحدثت حالها ،، من تلك بحق الله ؟
أتلك أيقونة الجمال الصارخ هي بذاتها الفتاة الصعيدية التي تزوجها قاسم وأنجب منها وحيدهٌ ؟
الآن فهمت المغزي من تحول قاسم الذي جعلهُ يبتعد عنها ولم يقترب منها ويجعلها زوجة شرعية له إلي الآن، ولكن هل هذا فقط هو السبب ؟
شعرت بالخطر والأن وفقط فهمت مغزي تغير قاسم المفاجئ بإتجاهها ، وتيقنت أن تلك الصفا إستطاعت وبجدارة أن تنزلها من علي عرشها السابق بقلب قاسم
حدثت حالها بلوم
يا لغبائي وتغافُلي ، أحتقر حالي الأن كلما تذكرتُ أني وبغبائي من بعث قاسم إلي تلك الفاتنة وبلا رجعة، كان لابد أن أفهم مٌنذ البعيد أن من إبتعد عني لأجلها لابد وأن تكون صارخة الجمال
رمقتها بنظرات حاقدة وحدثت حالها:
_ إذاً أنتِ أيتُها اللعينة من زحزحت مكانتي بقلب قاسم، وبعد أن كٌنت أجلسٌ كملكة علي عرش قلبه الساذج ، أصبحت أتمني حتي لقب الوصيفة !
إشتعل داخلها ثم تحركت إلي حيث تقف تلك الصفا لتتحدث إليها كي تُطمئن حالها وتُرضي غرورها عندما تكتشف غباء تلك الصفا
فقد كانت تتيقن من أنها مجرد فتاة ضعيفة ساذجة، هكذا رسمت صورتها في مٌخيلتها أو ربما هكذا تمني فكرٌها
إقتربت منها تحت نظرات الجميع المترقبه لهما وتحدثت إيناس بكل تفاخر :
_ إنتِ بقا اللي إسمك صفا مرات قاسم التانية ؟
جصدك الأولي ، مش التانية ،هكذا أجابتها صفا بوجهِ شامخ مرفوع لأعلي
إبتسمت إيناس بجانب فمها بطريقة ساخرة وتحدثت بنبرة مُتعالية:
_ ومالك فرحانة أوي كدة وإنتِ بتقوليها ؟!
وأكملت كي تحرق روحها :
_عارفة يا صفا الزوجة الأولى الناس في مجتمعنا الشرقي بينظروا لها إزاي
ضيقت صفا جانب عينها وأشارت لها فيما معناه أن تٌكمل حديثها
فأكملته بالفعل إيناس قائلة بنبرة مٌتعالية :
_ المجتمع بينظر دايماً للزوجة الأولي بإنها الست الناقصة اللي الزوج ملقاش راحته عندها وماعرفتش تثبت له أنوثتها ولا هو قدر يتقبلها كأنثي كاملة في حياته
وأكملت بعدم إستحياء كعادتها :
_بالبلدي كده ملقاش عندها اللي يكفية ويملي عينه كراجل، فدور علي ست كاملة علشان تسد النقص والفراغ اللي عنده
إتسعت عيناها بذهول لقلة حياء تلك الحرباء وتطاولها عليها بتلك الطريقة الرخيصة ،، إستشاط داخلٌها ولكنها سريعً تمالكت من حالها وتوعدت لتلك الشمطاء ، فلم تكن صفا إبنة زيدان وورد إن لم تٌلقنٌها درسً قاسياً يتركٌ أثراً داخل روحها الشريرة
إبتسمت صفا وأردفت قائلة بنبرة باردة:
_ أولاً، النجص اللي عتتكلمي عنيه دِه مابيبجاش عِند السِت ، بالعكس ،، ده بيُبجا جوة الراچل ومتأصل فيه
وأكملت بدهاء ونبرة ساخرة :
_ بس ما جولتليش يا مدام ، بما إنك خبيرة وعلي دراية في نظرات المجتمع ، ياتري أية هي نظرت المجتمع للست اللي تجبل تتجوز بكامل إرادتها من راچل متچوز جبلها
وأكملت وهي ترمقها بإشمئزاز :
_وتجبل بكل مهانه بنص راچل واللي هيتبجا لها منيه من الزوجة الأولي
وأكملت بنبرة تهكمية :
_ ومش بس إكدة ، دي جبلت تتچوزه في السر كيف الحرامية ومفيش مخلوج من أهلة حضر جوازها منيه ، بالذمة فيه مهانة وذُل أكبر من إكدة؟
إبتسمت إيناس بجانب فمها ونظرت إلي فايقة وتحدثت بنبرة قوية كاذبة :
_وتفتكري يا دكتورة الراجل اللي بيحب واحدة وهيموت ويتجوزها هيحتاج مين من أهله علشان يشاركة فرحتة أكثر من أبوة وأمه وأخوة ، بيتهئ لي ده كان إثبات قوي جداً من قاسم علي عشقة ليا وتقديرة لشخصي ولشخص أهلي
شعرت صفا بغصة مريرة إحتلت أعلي عٌنقها حتي أنها كادت أن تختنق، وشعرت بطعنة عميقة غزت ظهرها لحضور عمها ونجله وشهودهما علي ذبحـ.ـها
ضحكت إيناس وتحدثت بنبرة شامتة:
_ مالك يا دكتورة ، إنتِ تعبانة ولا حاجة؟
تراجعت صفا سريعً وعادت إلي صمودها وتحدثت بقوة تليق كونها إبنة النعماني:
_ أني زينة ، وحابة بس أفسر لك وأجول لك عن اللي متعرفهوش عن عاداتنا إهني ، إهني الكلمة الأولي والاخيرة والجيمة الوحيدة في البيت ده هو چدي وچدتي وأي حد بعد إكدة يبجا سد خانة وملوش عازة
وأكملت بإهانة:
_ يعني قاسم جاب لك السهل ، سد الخانه كيف ما بيجولوا
وأكملت بتفاخر ورأسٍ مرتفع لأعلي:
_ لكن صفا زيدان هي اللي الحاج عِثمان النعماني يُجعد ويتشرط ويشهد علي كتب كتابها ويُبجا وكيلها
وأكملت بإبتسامة شامتة كي تكشف لها كذبها بعدما تركتها تتحدث لمغزي في نفسها :
_وعلي فكره ، أني عارفة إن چواز قاسم منيكي علي الورج وبس، وما هو إلا تسديد فاتورة جديمة
وأكملت ساخرة:
_تكفير ذنوب كيف معيجولوا
واستريلت لإذلالها:
_ده طبعاً بعد ما رفضك وكان ناوي يرمي لك جرشين بكل مهانة تمن السنيين اللي ركنك فيها چاره وإنتِ عم تستنيه كيف الچارية
وأكملت مفسرة :
_ وبعد ما أبوكِ راح له وأترچاه لجل ما يتچوزك سنة لجل ما يسترك من كلام الناس، وبعدها عيجطع حتة الورجة اللي كيف جلتها وينساكي، ويمكن كُمان لو شافك في الشارع بعد إكده ما يِعرفكيش
كانت تستمع إليها بقلبٍ يشـ.ـتعل وجـ.ـسدٍ ينتفض من شدة ثورته لكنها لملمت شتاتها سريعً وتحدثت بنبرة زائفة بعدما قررت أن تحرق روحها :
_وقاسم بقا هو اللي ضحك عليكِ وفهمك الكلام الأهبل ده يا شاطرة ؟
ثم ضحكت بكبرياء رافعة قامتها للأعلي وتحدثت:
_ والله برافوا عليك يا قاسم،
واسترسلت بنبرة جادة:
_ خياله واسع أوي حبيبي، دي قصة ياخد عليها أوسكار
وأكملت وهي تقرب وجهها منها:
_ يا خسارة يا دكتور، كُنت فكراكِ أذكي من كدة
واسترسلت لزعزعت ثقتها:
_ تفتكري واحد بيعشق واحدة من تمن سنيين وكان فيه بينهم مكالمات ومغامرات يااااما بعدد شعر الراس
وأسترسلت بتهكم:
_في يوم وليلة كده هيكتشف إنهُ خلاص، بطل يحبها ومش عاوز يتجوزها ؟
وأكملت بدهاء في محاولة منها لتشتيت عقل صفا :
_ طب بلاش دي، واحد وواحدة هيدخلوا أوضة نومهم يوم فرحهم ويتقفل عليهم باب واحد، معقولة مش هيلمسها ؟!
وأكملت متهكمة :
_ والله قاسم ده طلع دماغ، عرف يبلفكم بقصة هبلة ما يصدقهاش حتي تلميذ في إعدادي
وبالفعل إستطاعت أن تُشتت عقل تلك المتخبطة، وبرغم تشتت عقلها إلا أنها إستعادت توازنها وتحدثت بنبرة قوية عندما تذكرت حديث قاسم في مواجهتهّ بالعائلة،عن تركهُ لها في اليوم التالي لعقد القران ورجوعهُ إلي صفا :
_ طب ولما جصة حبكم عظيمة وچبارة جوي إكده، إيه اللي خلاه يسيبك يوم الصباحية ويرجع لي وياخدني شرم الشيخ أسبوع بحاله
وأكملت ضاحكة بشماتة عندما رأت حرقة روح تلك المستشاطة:
_ولا هو علشان بيحبك جوي، حب يدوج حلاوة عشجك چوة حُضـ.ـن صفا
وقامت بإطلاق ضحكة عالية عندما رأت وجه إيناس إشتعل وتحول إلي اللون الأحمر وابتلعت لُعابها خجلاً عندما لم تجد رداً مناسبً علي حديث صفا
تحدثت صفا بنبرة ساخرة وهي تُشير بيدها لأعلي :
_ فيه بانيو فوج في الأوضة اللي إنتِ جاعدة فيها ، نصيحة مني تطلعي دلوك تمليه مايه صاجعة وترمي حالك فيه بدل ما تولعي وإنتِ واجفة إكده وتحرجي لنا البيت وياكِ
رمقتها بنظرة إشمئزاز وتحركت تجلس بكبرياء واضعة ساقً فوق الأُخري وسط دعم كامل من نساء عائلتها، وتحت إحتراق قلب كوثر التي صُدمت من هيأة وأنوثة وجمال تلك الصعيدية
داخل إحتفال الرجال
تحرك ووقف جانبً بعيداً عن صوت الموسيقي الصادح، أخرج هاتفهُ وتحدث إلي حارس البناية المتواجد بها شقتهُ التي تسكُنها إيناس :
_ إسمعني كويس يا باهي، عاوزك حالاً تجيب لي نجار وتخليه يستني معاك، وانا هبعت لك الاستاذ أحمد زميلي من المكتب، تخلي النجار يفتح كالون الشقة
وأكمل بحرسٍ:
_ تخلي مراتك تدخل أوضة النوم لوحدها، تلم كل هدوم وحاجة الأستاذة إيناس الخاصة في شُنط وتنزلها عندكم علشان هتيجي تاخدها بعد يومين
وأكمل:
_ وتلم لها كمان حاجة المطبخ في كراتين وتنزلوها بردوا عندك
سألهُ الحارس بنبرة فضولية:
_ خير يا باشا، إنتوا هتعزلوا ولا إيه ؟
أردف قاسم بنبرة حادة أرعبته:
_ وإنتَ مالك، حاشر نفسك ليه في اللي ملكش فيه
وأكمل بنبرة حادة:
_ إنتَ تسمع الكلام اللي يتقال لك من سكات، فاهم يا باهي
إرتبك باهي وتحدث بطاعة لذلك الذي يغمرهُ دائماً بالمال الوفير ليبعث لهُ بكل ما يدور داخل شقة إيناس، وذلك بعدما إختارهُ ليكون عينه علي إيناس، فحتي وإن كانت مجرد زوجة علي الورق فهي بالنهاية زوجتهُ ولابد من مراقبة تصرفاتها وضمان سلوكها الحَسن
اغلق معهُ وهاتف أحمد سمير، المحامي الذي يعمل معه داخل المكتب والذي يعتبرهُ بمثابة ذراعة الأيمن :
_ ركز معايا يا أحمد، عاوزك تاخد معاك كام راجل كده وتروح حالاً علي شقتي اللي ساكنة فيها الأستاذة إيناس، أنا كلمت البواب وهو مستنيك هو ومراته ومعاه النجار، هيفك كالون الشقة ومرات البواب هتلم حاجة الأستاذة إيناس الخاصة في شنطة وتنزلها عندها تحت
وأكمل:_ وإنتَ خلي الرجالة تلم الموبيليا كلها وتبعوها لأي تاجر بأي تمن
واسترسل مؤكداً:
_ سامعني يا أحمد، أي تمن المهم العفش ما يبتش في الشقة إنهاردة
وأكمل بتوصية:
_ النجار معاه كالون جديد، هيركبه وانا هكلم السمسار علشان يشوف بيعة للشقة في أقرب وقت
أطاعهُ أحمد وأغلق قاسم الهاتف وتحرك عائداً مرةً آُخري إلي الإحتفال
بعد إنتهاء الإحتفال بليلة الحِنة الخاصة بالنساء ،دلفت إلي غرفة جدتها المتواجدة بالطابق الثاني والتي صعدت إليها لتنال قسطاً من الراحة بعيداً عن ضجيج العاملات التي يقُمن بتنظيف السرايا من الفوضي التي حدثت جراء ما خلفهُ الإحتفال ، قامت بقياس الضغط لها وأعطتها إبرة السُكري، وبدلت ثوب السهرة المُثير بملابس مُحتشمة كي تتحرك إلي منزل أبيها، وخرجت وأغلقت الباب خلفها بعد أن دثرت جدتها تحت غطائها بعناية ورعاية
كانت تتحرك داخل الرواق كي تتجه إلي الدرج ومنهٌ إلي منزل والدها، وصلت إلي باب شقتها وجدت يد تمتد وتسحبها بعنف للداخل وبعدها أغٌلق الباب ووقف خلفهٌ بجسـ.ـدهِ كالسد المنيع أمامها
كادت أن تصرخ لولا ظهورهٌ أمامها كالأسد الجائع بتلك النظرات الراغبة الممزوجة بعشقهِ الهائل لتلك الصافية
إنتهي البارت
قلبي بنارها مغرم
#الفصل_٤٥
بعد إنتهاء الإحتفال بليلة الحِنة الخاصة بالنساء ،دلفت إلي غرفة جدتها المتواجدة بالطابق الثاني والتي صعدت إليها لتنال قسطاً من الراحة بعيداً عن ضجيج العاملات التي يقُمن بتنظيف السرايا من الفوضي التي حدثت جراء ما خلفهُ الإحتفال ، قامت بقياس الضغط لها وإعطائها إبرة السُكري، وبدلت ثوب السهرة المُثير بملابس مُحتشمة إستعداداً للتحرك إلي منزل أبيها، وخرجت وأغلقت الباب خلفها بعد أن دثرت جدتها تحت غطائها الوثير بعناية ورعاية
كانت تتحرك داخل الرواق كي تتجه إلي الدرج ومنهٌ إلي منزل والدها، وصلت إلي باب شقتها وجدت يد تمتد وتسحبها بعنف للداخل وبعدها أغٌلق الباب ووقف خلفهٌ بجسـ.ـدهِ كالسد المنيع أمامها
كادت أن تصرخ لولا ظهورهٌ أمامها كالأسد الجائع بتلك النظرات الراغبة الممزوجة بعشقهِ الهائل لتلك الصافية
نفضت عنهُ يدها وتحدثت بنيرة حادة ناهرة إياه:
_ إتچنيت خلاص يا قاسم ،أيه اللي عتعمله ده ؟
أجابها بأنفاس مُتقطعه وعيون راغبة وهو يتطلع إلي مفاتنها بجنون وعِشقٍ هائل :
_ إتچننت عشان رايد مّرتي ؟
إرتعبت من هيئته الجنونية وأردفت قائلة بنبرة صارمة:
_ أوعي من جِدام الباب خليني أروِح يا قاسم
أجابها مُعترضً بنبرة حاده:
_ عتروحي علي فين يا صفا ، مكانك الحجيجي إهني
وأكمل بعيناي هائمتان ونبرة عاشقة:
_ في شُجتك، جوه حُضـ.ـن جوزك حبيبك
إبتلعت لعابها من نبرته العاشقه وعيناه الراغبه الهائمة وتحدثت بثبات زائف:
_ بعِد عن طريجي يا قاسم وبطل الچنان اللي عتعمله ده
معتحسيش بنـ.ـار حبيبك الجايدة ليه يا صفا ؟ جملة قالها بنبرة توضح إحتـ.ـراق روحه ومدي إشتياقه لفاتنتة
ربعت ذراعيها ووضعتهُما فوق صـ.ـدرها وتحدثت بلهجة ساخرة:
_ روح لمّرتك المصراويه اللي فضلتها عليّ خليها تحِس بيك وتديك اللي ملجتهوش عند صفا يا وِلد عمي
إقترب منها ومال عليها بطوله الفارع وأمسك كتفيها بحنان وأردفَ قائلاً بنبرة صوت لرجُلً عاشق :
_ اللي عِند صفا وجوة حُضـ.ـنها مش موجود عند أي حٌـ.ـرمة في الدنيي كِلاتها
واسترسل مُذكراً إياها:
_ وبعدين أني جولت جَبل إكده، مليش مّـ.ـرة غيرك ومرايدش يكون لي
وأكملَ برغبه ظهرت بعيناه:
_ مُشتاق لك يا صفا ورايدك، رايد حلالي اللي ربنا شرعهُ لي وده لا عيب ولا حرام
إبعد يا قاسم ،،جملة قالتها بقوة زائفة
مال عليها وتحدث بجانب شفتاها:
_ مجادرش خلاص يا جلب قاسم، معادش ينفع البُعد
شعرت بأنفاسهِ الساخنه العطرة تلفح عٌنقـ.ـها وتُداعبهُ بنعومه ، وتغلغل عطرهُ التي تعشقه داخل أنفها فهز كيانها بالكامل
ومن دونَ سابق إنذار إقترب منها وآلتهـ.ـم شفتـ.ـيها وبدأ بتقبيلهـ.ـما بعُنفٍ وجوع ، كادت أن تستسلم له تاركة حالها وتنساق لرغبتـ.ـه وتتعمق معه سارحة بجولة غرامية جديدة تٌضاف إلي جولاتها القليلة جداً معه ، لولا كرامة الآُنثي التي إنتفضت بداخلها وقامت بصفعها بقوة كي تستفيق من ذاك الوضع المُهين لإنوثتها، علي الفور وضعت كفاي يداها علي صـ.ـدره ودفعته بقوة تهاوي علي أثرها
كاد أن يقترب عليها من جديد لولا تلك الطُرقات التي جعلتها تبتعد مٌنتفضه بهلع ،نظر لها بعيون متشوقه، فأسرعت هي إلي داخل غرفة النوم الخاصه بهما معاً وأغلقت عليها بابها لتختبئ بعيداً عن عيون الطارق
أخذ نفسً عميقً ليُهدي من حالة النشوة التي أصابته جراء إقترابهُ منها، هندم ثيابهُ وتحرك إلي الباب وقام بفتحهِ مُضطراً ليتفاجأ بتلك الإيناس التي ترتدي ثوبً رقيقً وتضع عطراً مُثيراً في محاولة جديده منها كي تسحبهُ إلي عالمها، ولربما إستطاعت إغوائه ليحدث بينهما هُنا ما لم يحدث بالقاهرة
وتحدثت بنبره ناعمة متجاهلة تلك النظرات المُهينة التي رمقها بها :
_ مساء الخير يا قاسم، كُنت حابة أتكلم معاك في موضوع مُهم
أجابها بنبرة قويه مُتعجبً لأمرها :
_ من أمتي وإحنا فيه بينا مواضيع مهمه ولا غير يا إيناس !
تحدثت بدلال وإغواء وهي تتحرك بساقيها للداخل بطريقة مستفزة له:
_ طب مش تقولي إتفضلي الأول وتعزمني علي حاجة أشربها معاك
وأكملت بدُعابة غير مقبولة لدية:
_ إنتَ بخيل ولا إيه يا مِتر ؟
أجابها بنبرة جادة شبة أمرة وهو يُشير إليها للخارج بجسدٍ مشدود أثر غضبهِ الشديد من أفعالها :
_ من فضلك يا أُستاذة، ياريت تتفضلي علي أوضتك حالاً، وجودك هنا وفي الوقت المتأخر ده ما يصحش وغير مقبول
تحركت إلي وقفته لتُقابلهُ وتحدثت بنبرة حزينة مُصطنعة بجدارة:
_ أنا مراتك علي فكرة لو مش واخد بالك، يعني وجودي هنا طبيعي جداً ومبرر قدام الكُل
هتف بحدة ناهراً إياها:
_ ما تضحكيش علي نفسك يا إيناس، إنتِ عارفة كويس أوي إن العقد اللي بينا ده باطل وملوش أي قيمة
وأجابها لتستفيق من غفلتها تلك وتكُف عن محاولاتها التي لا تكل منها ولا تمل :
_ ويكون في عِلمك، البيت كله هنا عارف إن جوازنا صوري، مجرد ورقة ملهاش أي لازمة
وأكمل بإعتزاز وتفاخُر كي يُسمع تلك الماكثة بالداخل :
_ده غير إن الشقة دي ليها مّلكة ، وماينفعش أي حد غيرها يخطيها برجله
إستشاط داخلها لكنها تلاشت وتجاهلت حديثه لتُكمل مخططها التي أتت من أجله حسب تعليمات كوثر
ثم أدارت بعيناها داخل الشقة تتفحصها بعناية والغل يتأكل من قلبها، كّم كانت هادئة وراقية الذوق، من يراها يشعر وكأنها قصراً مُصغراً من فخامة أثاثها ، بلحظة شعرت بالغيرة والغضب من تلك التي تنعمت وفازت بكل ما يملكهُ قاسم، الحُب، الإحتواء، الإحترام والولد وحتي المال وحياة الترف والدلال التي تحياها
كُل ما حلُمت هي به وخططت لأجلهِ سنوات عديدة، ذهب بغمضة عين إلي تلك الصفا، وقدمتهُ هي بغبائها علي طبقً من ذَهب
زفر بضيق وهتف بنبرة حادة وإهانة لشخصها:
_ من فضلك إتفضلي علي أوضتك
خطت بساقيها إلي الداخل تتلفت حولها بعدما تيقنت بذكائها وجود تلك الصفا، وذلك بعدما دققت النظر مؤخراً ولاحظت حالته المُشعثة ورائحة العِطر الأنثوي التي تملئ المكان وأيضاً إضاءة غُرفة النوم :
_ إنتَ فيه حد هنا معاك يا قاسم ؟1
لم تٌكمل جملتها حين إستمعت لباب غرفة النوم وهو يٌفتح لتخرج منه تلك الساحرة مبدعة الجمال وهي ترتدي ثوبً للنوم مُثيراً للغايه، حيثٌ يكشف عن نهديهـ.ـا المستديران ناصعان البياض4
ويكشف أيضاً عن فخـ.ـديها المُمتلئتان بتناسُق مُثير، حيث كان الثوب بالكاد يصل إلي نصف فخـ.ـديها، بلونهِ الأزرق الذي أوضح بضة ومعالم وجمال جسـ.ـدها المُثير ، مما جعل منها أيقونة أنوثة مُتحركة
وتحدثت بكل إثارة وجُرأه إصطنعتها بإعجوبه كي تحـ.ـرق روح تلك الأفعي خاطفة حبيبها :
_ معاه مّرته يا مدام ، عِند سيادتك مانع ؟!
إستشاطت إيناس غضبً عندما نظرت إلي قاسم وجدته ينظر لتلك الصفا بعيون زائغه تتحرك فوق مفاتنها بجوعٍ ولهفه وتؤكد لمن يراه للوهله الأولي أنه لم يرا نساءً من ذِي قَبل، أو هو حقاً عاشقً حتي النُخاع لتلك الساحرة
تحدثت إيناس إليه بصدرٍ يعلو ويهبط من شدة غضبها وغيرتها مُتجاهلة تلك الصفا لحـ.ـرق روحها :
_ لو سمحت يا قاسم، تعالي معايا علي الأوضة لأن محتاجاك في موضوع مهم جداً وضروري نتكلم فيه إنهاردة
أجابها باللكنة الصعيدية وهو مازال مُثبتً بصرهِ علي تلك الفاتنه وكأن عيناهٌ قد سٌحرت وأنتهي الأمر:
_ جولت لك روحي علي أوضتك، أني مفاضيش ولا عاوز أتحدت وّيا حد
في حين تحركت صفا وإقتربت من قاسم وألصقت جسـ.ـدها به ثم لفت إحدي ذراعيها حول خصـ.ـرهِ والأخري وضعتها فوق صـ.ـدرهِ بإثارة، لتُثبت لتلك الحية الرقطاء ملكيتها لذلك العاشق ، وتحدثت بنبرة حادة مُهينة :
_ هو إنتِ ليه غاوية تچيبي الإهانة لحالك
وأكملت ساخرة وهي ترمُقها بنظرة مُشمئزة :
_ الراچل من الصُبح عمال يجول لك إن چوازنا صوري، والبيت كِلاته عارف
وأكملت بكبرياء ورأسٍ شامخ:
_ وميصحش وچود الچواري في شُجة المَلكة
وأكملت بإهانة متعمدة:
_ إيه، معتحسيش للدرچة دي، معدتش عليكِ حاچة إسميها كرامة جَبل إكده ولا مخدتيهاش في الكُلية
كان ينظر إليها بعيناي مُتسعتان بذهول مما يري أمامهُ، هل حقاً تلك التي أمامهُ هي صفا لا غيرها !
أما تلك الشمطاء فقد إشـ.ـتعل داخلها من تلك التي أهانتها وجردتها من كرامتها أمام حالها وقاسم، فقررت بذكاء عدم مجابهتهُما الأن كي لا تٌهين حالها أكثر من ذلك ، لكنها لم ولن تستسلم بالتأكيد وستحاول لاحقآ ولكن بطريقة مُختلفة'
رمقتها بنظرات حارقـ.ـة متوعدة ثم تحركت إلي الخارج بعدما تأكدت أن معركتها أصبحت خاسرة أمام تلك الفاتنة ، صفقت خلفها الباب بشده وغضب زلزلت بها أركان المكان
نظر إليها بإنبهار فهرولت هي لداخل الغرفه سريعً وكادت أن تُغلق بابها لولا كف يدهُ الذي سبقها ودفع الباب مما جعلها تتهاوي بوقفتها ،،جري عليها وأمسك خصرها قبل أن تقع أرضً
إشتعلت وجنتيها خجلاً وحاولت إفلات حالها من بين براثينهٌ ولكن دون جدوي
رفعت بصرها تنظر بعيناها المرتبكة وتحدثت بنبرة ضعيفه بعدما رأت داخل عيناه جوعً لم ترهُ من قبل،يبدو أنهُ وصل للمنتهي :
_ سيبني يا قاسم عشان أروح لـ مالك
ضمها أكثر لصـ.ـدرة وأجابها:
_ مالك تلاجية نايم ومرتاح في حضـ.ـن جدته ومفيش خوف عليه ، الخوف كِلياته أصبح علي أبو مالك
وأكمل برجاء:
_ إرحميني يا صفا
سبني يا قاسم ،،كلمة قالتها بضعف
أجابها بقوة وإصّرار :
_ ريحي حالك وإهدي يا جلبي ،وعاوزك تتوكدي إن مفيش جوة عتخليني أبعد عن حُضنـ.ـك الليلة وخصوصاً بعد ما شوفتك بهيئتك دِي
خبطته بشدة فوق صـ.ـدره وتحدثت بقوة :
_ إبعد عني يا قاسم ، نچوم السما أجرب لك من إنك تلمس شعرة واحده مني
فك يداه من فوق خصـ.ـرها ثم أوثق يداها وأرجعها خلف ظهرها مما جعلها مٌلتصقه بجسـ.ـدهِ أكثر وتحدث برغـ.ـبة مٌشتـ.ـعلة :
_ عاوزك يا صفا، ليه عتمنعي عني حلال ربنا ؟
نظرت إليه بقوة وتساءلت بنبرة جادة:
_ رايدني صُح يا قاسم ؟
أجابها بنبرة مٌتلهفة :
_ مرايدش غيرك يا عيون قاسم
تحدثت بقوة وثبات:
_ تٌبجا تطلجها ، وده شرطي لجل ما تجرب مني وتاخد حلال ربنا كيف ما بتجول
نظر لها بثبات ثم أجابها وهو يُقربها منه أكثر :
_ بعدين ، نٌبجا نتكلموا في الموضوع ده بعدين يا صفا
أجابته بقوة وإستماته :
_ دالوك يا قاسم، عنتكلموا دالوك
نظر لها بعيون راجية وتحدث:
_ بعدين يا صفا لچل خاطري
أردفت قائلة بنبرة حادة :
_ وأني جولت لك دلوك يا قاسم وجبل ما تلمـ.ـس شعرة واحدة مني
وأكملت بإعتزاز وشموخ:
_ ده حجي ومعتنازلش عنيه ، صفا متجبلش جِسمة راجلها علي إتنين ، يا تكون لصفا لحالها وساعتها هبجا مّرتك وتحت طوعك
وأكملت برأسٍ شامخ :
_ يا إما معطولش مني شعرة واحده، مش صفا زيدان اللي تجبل بواحدة تانية تشاركها في راچلها وحبيبها
نظر لها بجنون وتساءل :
_ حبيبها يا صفا ؟ لساتني حبيبك صُح ؟
إبتلعت لُعابها وأنزلت بصرها عنه متهربه وتساءلت بنبرة جادة:
_ جولت أيه يا قاسم ؟
أجابها بإنصياع لأمرها ولأمر الهوي:
_ حاضر يا صفا ، عطلجها بُكرة
دالوك يا قاسم وقبل ما تجَرب مني ، كلمات تفوهت بها بقوة ونبرة أمرة
ضيق لها عيناه وتساءلَ مٌتعجبً:
_ دالوك اللي هو كيف يعني ،إعجَلي يا صفا وأوزني كلامك زين ،أخرج كيف أني بحالتي المشندله دي !
أجابته بقوة وعناد:
_ مليش صالح عاد ، أني جولت دالوك يعني دالوك
نظر لها بقوة وبدون سابق إنذار دفعها بقوة لتتهاوي وتقع فوق تختهِ وتحدث بفحيح:
_ ملعون أبو عشجك علي أبو شوجي اللي عيزلني ويخليكي تتحكمي فيي
إنتفض داخلها حين رأت غضبه، كاد أن يتحرك خارج الغرفه وبالفعل وضع يدهٌ فوق موصد الباب ليفتحه، سبقتهٌ يدها التي أمسكت كفهُ لتمنعهٌ من الرحيل، وأحتضـ.ـنته من الخلف واضعه رأسها علي ظهـ.ـره مُتشبثه به وتحدثت بنبرة حنون مٌترجية:
_ ما تمشيش يا قاسم
تصلب جسـ.ـدهِ ووقف مكانه دون حديث فأكملت هي:
_ ماتفوتنيش لحالي
إبتلع سائل لُعابه من هول اللحظة، وحين شعرت هي بإستكانته لفت وجههِ لها وأمسكت يده وسحبته إلي تختها في دعوة صريحه منها
تمدد بجانبها فارتمت هي لداخل أحضـ.ـانه وتحدثت بدلال أنثوي لا يليق إلا بها:
_ عشجاك يا حبيبي وعشجك نصيبي ومبتلاي،، غصب عني الغيرة بتنهش في صـ.ـدري وتشعـ.ـلله ، مجدراش أتخيلك مع واحده غيري
رفع ذقنها ونظر لها بعيون مذهوله وأردف مُتساءلاً :
_ للدرجة دي عتعشجي قاسم يا صفا ؟!
أجابته بقوة وغيرة تنهش عيناها :
_ وأكتر يا جلب صفا من جوة ، أني بعشج النفس اللي عيخرج منيك ومعيرجعش تاني
إنتفض داخله من شدة سعادته وهتف متسائلاً:
_ بس إنتِ خابرة زين إني ما لمستهاش، أني جولت لك جَبل إكده يا صفا
سألتهُ بلهفة وغيرة عاشقة أدماها الهوي :
_ صُح ما لمستهاش يا قاسم، وحياة مالك تجولي الحجيجة
أمال برأسهِ وأردف قائلاً بنبرة رجُل عاشق حتي النُخاع:
_ ألمسها كيف وأني إختصرت فيكِ كل مُتعة الدنيا وچمالها مش بس حريمها
ثم رفع رأسهٌ بشموخ وتحدث واعداً إياها :
_ وحياة عشجك لطلجها بكره الصبح لجل عيونك الغاليه يا ست البنات
إنتفض داخلها وتساءلت بلهفه:
_ صٌح يا قاسم، عطلجها صٌح ؟
إبتسم لها وتحدثَ بثقه :
_ قاسم النعماني مبيجوليش أي كلام ،وخصوصً لما يكون الحديت ده خاص بصفا
وأكمل بنبرة حادة شرسة:
_ ولعلمك يا صفا، أني كُنت ناوي علي إكده من لما وصَلت من المطار ولجيتها إهنيه هي وأمها ، كله كوم وإنها تاچي لحد إهنيه وتحاول تمـ.ـس كرامتك كوم تاني يا غالية
إبتسمت بسعادة ورمت حالها داخل أحضانة وأردفت قائلة بنبرة سعيدة:
_ ربنا يخليك ليا يا قاسم
ضمها إليه وأخذ نفسً عميقً يشتمُ بهِ ريحها الذي إشتاقهُ حد الجنون، وبدأ بتقبيل عنقها ليٌذيبها ويجعلها تنسجم معه وتسبح ببحر عشقهما الحلال، وبلحظات غاصا داخل عالمهما الخاص، عالم السحر والخيال، الملئ بالسعادة والإستكانة والأمان2
❈-❈-❈
دلفت إلي غرفة والدتها تفرُك كفيها ببعضيهما والغضـ.ـب والغـ.ـيرة ينهشـ.ـان داخلها
أسرعت إليها والدتها التي بعثتها إلي قاسم لتقوم بإستدراجة، وأردفت قائلة بنبرة مستفسرة :
_ إيه اللي جابك بسرعة كدة يا إيناس ؟
مش قولت لك تحاولي معاه بشتي الطُرق ؟
أجابتها بفحيح ووجهٍ مٌحتقن بالغضب :
_ وأديني سمعت كلامك وما جنتش منه غير قلة القيمة والبهدلة قدام الملعونة مّراته.
ضيقت كوثر عيناها بإستغراب وتساءلت بتعجُب :
_ قدام مراته اللي هو إزاي يعني !
هو مش المفروض إن مراته قاعده عند بباها من وقت ما عرفت موضوع جوازك إنتِ وقاسم ؟!
ضحكت بإستهزاء وأردفت قائلة بنبرة ساخرة :
_ ده الكلام اللي العقربة اللي إسمها فايقة فهمتهُ لنا، وإحنا من غبائنا صدقناها ومشينا وراها زي المغفلين بالظبط
وأكملت بنبرة مُشتعـ.ـلة:
_ بس اللي شفته بعيني من شوية ما بيقولش كده أبداً يا ماما
تساءلت كوثر بنبرة قلقة:
_ وأيه بقا اللي شفتيه ومخليكِ راجعة مش طايقة نفسك بالشكل ده ؟!
أجابتها بنبرة مٌستشيـ.ـطه :
_ شُفت بعيوني الدكتورة المحترمه خارجة من أوضة نومها لابسه لانچري ما تلبسهوش غير واحده بتعشق جوزها وبتتمني نظرة رضا منه
وأكملت بغيرة مُشتـ.ـعلة ظهرت بعيناها:
_ وشُفت نظرات في عيون قاسم ليها بتقول إنه بيعشق التراب اللي بتمشي عليه
إبتلعت كوثر لٌعابها رٌعبً وتساءلت بنبرة قلقه:
_ طب وبعدين يا إيناس،هنعمل إيه؟
دي كانت فُرصة إننا نستغل وجودنا هنا وتدخلي له وتحاولي بأي طريقة تخليه يتمم جوازه عليكِ قبل الأربع شهور اللي فاضلين دول ما ينتهوا1
وأكملت لتذكيرها:
_ دي كده اللي إسمها صفا دي هتبوظ لنا كل تخطيتنا ، إنتِ ناسية الدكتورة اللي روحنا لها وظبطت لك الهرمونات بالحبوب المُنشطة للحمل اللي إديتها لك
زفرت إيناس بضيق وتحدثت بحِنق وأستسلام :
_ وأنا يعني كُنت هعمل إيه يا ماما في وجود الزفتة دي كمان
ثم أكملت بنبرة مُشتتة:
_ اللي يشوف معاملته الكويسه ليا أنا وإنتِ وترحابة لينا أول ما شافنا، ما يشوفش الطريقة المُهينة اللي كلمني بيها قدام اللي إسمها صفا دي
وأكملت بإستغراب:
_ ده كأنه إتحول
أجابتها كوثر بنبرة جادة:
_ أنا قولت لكم من الأول إن الواد ده خبيث ولئيم محدش فيكم صدقني
وأكملت شارحة:
_ هو كُل اللي يهمه إنه يوصل لفلوس عمه ويكوش عليها كلها لوحده
وأكملت بعيناي حاقدة :
_ فاكر إنه هيخلص منك بعد السنة ما تعدي ويضحك عليكِ بالشقة والعفش والكام ملطوش اللي وعدك بيهم عند الطلاق
واسترسلت بتوعد وعيون تطلقُ شزراً:
_لكن ده بُعده، هو لسه ما يعرفش كوثر ونابها الأزرق
قطبت إيناس جبينها وتساءلت مُستفسرة:
_ إنتِ ناوية علي إيه بالظبط يا ماما ؟
نظرت لها بعيون يكسو علي طابعها الغموض وتحدثت:
_ ناوية أدخل كبيره في الموضوع، هلعب علي نقطة النخوة والرجولة عند الراجل الكبير وأخليه هو اللي يجبر حفيده علشان يتمم جوازه منك2
وأكملت بإبتسامة نصر:
_ أقفي واتفرجي علي أمك وهي بتخطط وبترسم لك صح1
❈-❈-❈
داخل غرفة قاسم وصفا
كانت تضع رأسها فوق صـ.ـدرة براحة، تنتفض من شدة سعادتها أما هو فحدث ولا حرج، ،كان يشعر وكأنهٌ أمتلك العالم أجمع بإمتلاك قلبها ورضاها عليه مُجدداً
شدد من ضمتهِ بتملك وأردف قائلاً بنبرة هائمة :
_ أية في الدنيي كلياتها يستاهل إنك تحرمينا من أحضـ.ـان بعض يا صفا !
أجابته بنيرة مٌنكسرة لائمة:
_ إنتَ اللي حرمت حالك وحرمتني معاك يا قاسم لما فضلت عليّ
وكادت أن تٌكمل لولا أصابع يده التي وضعها فوق شفتاها الوردية ليٌحجب بهما حديثها اللائم قائلاً بنبرة مترجية:
_خلاص يا صفا ، معايزش أسمع حاچة تعكر مزاچي إنهاردة ، خليني فرحان بجُربك من جلبي ورچوعك اللي رچع لي روحي من چديد بعد ما كانت مفرجاني
إستكانت داخل أحضـ.ـانه وتنفست بإنتشاء وشدد هو من ضمتها مُربتً علي ظهـ.ـرها بحنان ، ثم رفع ذقنها وتلاقت الأعين من جديد وذابت بنظراتهم والحديث ، مال علي كريزتيها وبدأ بتقبيلـ.ـهما بهدوء وحنان سُرعان ما تحول إلي عاصفة جديدة وأندمجا معاً لابعد الحدود
لولا صوت هاتفه الذي رنَ معلناً عن وصول مكالمة ، إبتعدا مٌرغمين ، ومد هو يدهٌ فوق الكومود وألتقطهٌ وأبتسم لها قائلاً :
_ ده عمي زيدان
إنتفضت بنومتها وجلست تداري جسـ.ـدها مما جعلهٌ يدخل في نوبة ضحك وتحدث مداعبً إياها :
_مالك إتخلعتي لية إكده ، جايبك من شارع جامعة الدول أني إياك !
إنتهي الإتصال وبدأ من جديد فتحدثت هي علي عجل بنبرة مُرتبكة وعيناي زائغتان :
_ رد بسرعة يا قاسم ،رد وجول له إني عند چدتي وچايه حالاً
نظر لها بحُزن تملك من قلبه، ثم تحدث بنبرة حازمة:
_ هرد يا صفا وهجول له إنك نايمة في حضـ.ـن جوزك ، معنسرجوش إحنا لجل ما نتداري كيف اللي عاملين عاملة
إبتلعت لٌعابها من نوبة الغضب التي إنتابته، وضغط قاسم زر الإجابه وتحدث بنبرة جادة :
_ إيوه يا عمي
تساءل زيدان بنبرة قلقه:
_ ماتِعرفش صفا فين يا قاسم؟
وأكمل بإرتياب:
_بعت لها صابحة عند جدتها ملجتهاش وبكلمها علي تلفونها مجفول
أرجع ظهره للخلف وأخذ رأسها واضعاً إياها بحنان فوق صـ.ـدره وأراحها، ثم أجابهُ بهدوء:
_صفا معاي يا عمي، هنباتوا الليله أنا وهي في شُجتنا
إنتفض زيدان غضبً وتحدث مٌعترضً بنبرة حادة:
_حديت إيه اللي عتجوله دي يا قاسم، كيف يعني عتبات وياك في شُجتك ؟
أغمض قاسم عيناه بحزن علي ما أوصل به حاله وتحدث إلي عمه بنبرة صارمة :
_ صفا مّرتي وحلالي وبايته مع جوزها يا عمي، وأظن ده لا عيب ولا حرام
إحتدت ملامح وجه زيدان وهتف بنبرة غاضبة :
_ خدتها منيك لحالك إكده يا وِلد أبوك؟
وأسترسل غاضبً:
_ملهاش أب تجعد وياه وتستأذنه إياك ؟
وبعدين علي أي أساس أصلاً خدتها، إحنا مش فيه بيناتنا شرط ولازمن يتنفذ جبل ما ترچعها لدارك ؟
أخذ قاسم نفسً عالياً وأردف قائلاً بنبرة هادئة كي يسترضي ذاك الغاضب ويحثهُ علي الهدوء :
_إهدي يا عمي، وصدجني أني بكره الصُبح عريحك وعنفذ لك كُل اللي عتأمر بيه
ثم نظر إليها وتحدث بعيناي هائمة في عشقها :
_ وأني تحت أمرك وأمر صفا في كل اللي عتطلبوه
وأكمل برجاء :
_ أني بس كل اللي طالبه من حضرتك تصبر عليّ للصُبح، وعلي الساعة عشرة إكده،عنتجابل في المُندرة ووعد مني إني عراضيك وأراضي مّرتي
هدأ زيدان قليلاً بعدما إستشف من حديثهُ الوعد الصادق، فأردف بنبرة جادة :
_ ماشي يا قاسم، خليني صابر معاك للأخر، لحد ما أشوف بكرة عتعمل إيه
وأكمل كي يطمئن علي صغيرته:
_إديني صفا أطمن عليها
أشار لها بالهاتف فأغمضت عيناها من شدة خجلها من أبيها الذي لم يأتي حتي بمخيلتها حين إنجرفت خلف مشاعرها معهُ متناسية العالم بأكمل
أخرجت صوتها بصعوبة قائلة بنبرة مُرتجفة بفضل خجلها الشديد :
_ إيوه يا أبوي
سألها زيدان بإختصار :
_ إنتِ زينة يا صفا ؟
شعرت بالإرتباك والخجل يغمر روحها وبصعوبة بالغة تحدثت:
_ أني زينة يا حبيبي، متجلجش عليّ
تفهم زيدان وضعها وشعر بخجلها الشديد منه فصمت كي لا يُزيدها عليها، وأخذ قاسم منها الهاتف ليُعفيها حرج الموقف وتحدث إلي عمه من جديد :
_ بعد إذنك يا عمي، ياريت تبعت مالك مع هَدية لجل ما يبات في حُضـ.ـن أبوه وأمه
أومأ لهُ زيدان وأغلق معهٌ سريعً، فصاحت به ورد التي كانت تستمع بترقُب عبر مُكبر الصوت ، متساءلة بتعجُب لأمر زوجها :
_ إنتَ عتسيب البِت تبات وياه جبل ما يطلج المصراويه يا زيدان ؟!
أجابها وهو يتحرك إلي غرفة نومهما :
_ وأيه اللي في يدي أعمله يا ورد
وأكمل بإستسلام:
_ الواد جالها لي في وشي ومخزيش مني ، مّرتي وحلالي وبايته ويّا جوزها
ثم إلتفت لتلك التي تتحرك خلفهُ حاملة الصغير بين ساعديها برعاية، ونظر إليها بحدة وهتف قائلاً بنبرة غاضبه:
_ وبدل ما إنتِ جاية تلوميني وزعلانة إكده، روحي لومي علي بِتك الي راحَت له لحد عِنديه بمزاچها
هزت رأسها بإعتراض قائلة بنفيً مؤكد:
_ بِتي متعملش إكدة واصل ، أكيد هو اللي غصبها لچل ما تبات معاه بالجوة
سألها ساخراً :
_ مصدجة حالك إنتِ إياك؟
وأكمل مُوضحً :
_ إنتِ خابرة بِتك زين ومتوكدة إن مفيش مخلوج يجدر يغصبها علي حاچة هي معيزهاش
وأسترسل قائلاً بنبرة حادة بفضل غضبهِ الذي أصابهُ جراء ما حدث :
_ جومي إندهي لهَدية خليها تاخد مالك وتوديه لعِنديهم
إنتفض قلب ورد ونظرت إلي الصغير التي تحملهُ وتُحتضنه برعاية والذي لم يبتعد عن أحضانها مُنذ ولادته، حيثُ أنهُ يغفو بجانبها هي وزيدان وعندما يحتاج لتناول حليب والدتهُ تذهب بهِ إلي صفا التي تُبيت ليلاً بغرفة بالطابق الأسفل لتكون قريبة من صغيرها
وهتفت بإرتعاب وهي تُقربهُ من أحضانـ.ـها :
_ لا، مالك عيفضل معاي
زفر لرؤيتهِ هلعها، وأردف قائلاً بنبرة هادئة :
_ ومين بس اللي عيرضعه طول الليل يا ورد
وأكمل ليحثها :
_جومي چهزي له شنطة وحطي له فيها كام غيار علي الحاچات اللي عيحتاچها الليلة لحد ما نشوف بكرة عيُحصل إيه
وأكمل وهو يتحرك إلي الخارج من جديد:
_ يلا بسرعة وأني عروح أنده لهدية
أما تلك المرتعبه التي مازالت واضعه رأسها فوق صـ.ـدرهِ وتحدثت بنبرة خجلة مُحملة بالهموم:
_ مكانش لازمن تجول لأبويا إكده يا قاسم، كُنت جول له إني عند چدتي وراجعه
لف لها وجهه ومال علي جانب شـ.ـفاها وضع بها قٌبلـ.ـة حنون وتحدث بترجي :
_ صفا، أني رايج جوي إنهاردة وبعيش أسعد ليلة في حياتي، متنكديش عليا الله يخليكي وسبيني أفرح وأتهني بحُضـ.ـنك
إبتسمت له ولفت ذراعها حول عُنقـ.ـه مما أسعده وجعلهٌ يلف ساعديه حول خصـ.ـرِها ويجذبها إليه من جديد ليُخبرها بطريقته عن مّدى إشتياقهُ الجارف لها
بعد مرور حوالي النصف ساعة
إستمع إلي قرع جرس الباب، فتحرك هو إلي الخارج، ثم دلف إليها من جديد حاملاً صغيرهُ وحقيبة اشيائهُ، كان الصغير مازال مُستيقظً حيثُ أن يومه الفعلي إبتدأ للتو، تحركت وحملت الحقيبة عنه، ثم فتحتها لتُخرج أشياء صغيرها وبدأت بوضعها علي الكومود
أما ذاك الذي جلس فوق الفراش حاملاً صغيرهُ بين ساعديه بعناية فائقة، شعور هائل تملك من كيانهُ وهو يحمل قطعة منه، يري بعيناه ثمرة عشقهُ من مالكة قلبهُ وهو يتجسد أمامهُ في صورة طفل جميل زاد من ترابطهما الروحي والمعنوي أكثر فأكثر
رفع صغيرهُ بحذر وقربهُ من وجههُ وبدأ بتقبـ.ـيلهُ بحنان ولهفة، أغمض عيناه ودفن أنفهُ داخل عُنق الصغير وبدأ يشتم رائحتهُ الذكية التي تُشبه رائحة الجنة في طَيبها
كانت تنظر إلي حالته بألم وحُزن علي ما وصلا إليه معاً وبأياديهم، تحركت وجلست بجانبه، وضعت رأسها سانده إياها علي ذراعه وهي تنظر علي صغيرها الذي يبتسم لأبيه بسعاده وكأنهُ شعر للتو بإستكانة روحي والداه
نظر لها وتحدث بإنبهار وعيناي سعيدة:
_سبحان الله، وارث عيونك بالمِلي
إبتسمت بهدوء وأردفت بفخر:
_ بس واخد منيك كُل ملامحك
أمسكت كف صغيرها وأكملت بإعتزاز :
_ نفس كف إيدك وشكل صوابعك، حتي رچليه شبه رچلك
ضحك لها وغمز بوقاحة قائلاً :
_ ده أنتِ علي إكده كُنتِ مركزة چامد وياي
إبتسمت خجلاً وأكمل هو بهيام:
_للدرچة دي عاشجة چوزك يا بِت زيدان
إبتسمت خجلاً ودفنت وجهها في ذراعة، بدأ الصغير بالصياح والإعلان عن حاجته للطعام، أعتدلت وأخرجت نهـ.ـدها لتُطعم صغيرها تحت سعادة ذاك الذي جلس خلفها وأسند ظهـ.ـرها علي صـ.ـدره، وبدأ بالنظر لوجه صغيرهُ الرضيع وهو يبتسم له ويُداعبهُ تحت شعور تلك الصافية بأنها أمتلكت الدُنيا بأسرها
قضيا ليلتهُما كٌلٍ داخل أحضان الأخر يتسامران بأحاديثهما الشيقة، كان كلاهُما يستمع مُتلهفً لحديث الآخر كي يكون علي دراية لما جري طوال مّدة الفُراق مع نصفهِ الأخر، ضل يتسامران و رضيعها يتوسط حُضنيهما
ومع رفع أذان الفجر وقع كلاهما صريعً للنوم داخل أحـ.ـضان الأخر بعدما غفي صغيرهما ونقلهُ قاسم داخل مهدهِ الذي جلبهُ له قبل ولادته، عندما كان يُمنيّ حالهُ برجوعها إلي أحضـ.ـانه بعد ولادة صغيرهُ مباشرةً
❈-❈-❈
في صباح اليوم التالي
داخل الفيراندا الخاصة بمنزل عِثمان
كعادتهِ يجلس بصحبة ولداه قدري ومُنتصر وتجاورهم رسمية، يحتسون مشروب الحليب المُمتزج بالشاي مع بعض المُعجنات لحين إنتهاء العاملات من تجهيز وجبة الإفطار الأساسية
إقترب عليهم زيدان الذي تحدث بملامح وجه جامدة:
_ صباح الخير
ردد الجميع عليه
نظر إلي والده وهتف بنبرة حادة لم يستطع السيطرة عليها:
_ يرضيك اللي عِمله قاسم دِه يا أبوي؟
سألهُ قدري مُستفسراً :
_ عِمل إيه قاسم يا زيدان ؟
نظر لهُ بعينان مستـ.ـشاطتان وأردف قائلاً بنبرة حادة :
_ معارفش إياك يا قدري؟
ضيق قدري عيناه بعدم إستيعاب لحديث زيدان فأكمل هو شارحً عندما تأكد من عدم معرفتهُ :
_ حضرة المحامي المُحترم اللي خابر الإصول زين، خد بِتي وبيتها معاه في شُجته من غير ما يرچع لي ولا حتي يعمل لي إعتبار
وأكمل وهو ينظر إلي والدهُ وسألهُ:
_ يرضيك اللي حُصل من حفيدك دِه يا أبوي ؟
إنتفض داخل رسمية وهتفت بنبرة سعيدة :
_ يا ألف نهار أبيض ، والله بردت نـ.ـاري وفرحت جلبي يا ولدي بحديتك دي
وأكملت بتساؤل سعيد:
_ يعني صفا دلوك وَيّا قاسم فوج في شُجتها ؟
تملل من حديث والدتهُ وهتف مُتسائلاً :
_ وهي المواضيع اللي كيف دي عتتاخد بسهولة إكده ده بردك يا حاچة رسمية ؟
مش فيه إصول ولازمن نتبعها ولا إيه؟
أجابهُ قدري بنبرة حنون صادقة ليحثهُ علي الهدوء:
_ الكلام دِه يمشي مع الغريب يا أخوي، لكن قاسم إنت اللي مربيه وكيف ولدك
أردف عِثمان بنبرة هادئة كي يُطمئن نجلهُ علي صغيرته :
_ هدي حالك يا زيدان وطمن بالك علي بِتك ، قاسم عِمل الصُح واللي كان لازمن يُحصل في وچود الولية الحرباية دي هي وبِتها فوج
وأكمل شارحً :
_ وبعدين كُلها كام ساعة وقاسم عيراضيك ويراضي مّرته جِدام الكِل
وأكمل وهو يومئ لهُ بعيناه بتأكيد:
_هو وعدني بإكده وأني واثج فيه
وأكمل وهو يُشير إليه بنبرة ودودة:
_ تعالّ أُجعد چاري وأشرب لك كُباية شاي
هدأت ثورة زيدان الواهية، فهو بالأساس كان يستشعر بإقتراب إزاحة تلك الغُمة وذلك بعد حديث قاسم المطمأن له، لكنهُ غضب فقط لكونهِ كان يتمني عودة إبنته إلي زوجها بعد إنتهاء قاسم من فض زيجته التي دمرت حياتها، بالفعل جلس بجانب أبيه يحتسي المشروب
فاقت كوثر من غفوتها قبل السابعة صباحاً،وإرتدت ملابسها سريعً وتدلت إلي الأسفل كي تقابل عِثمان ، تحركت إلي الفيراندا بعدما إستدلت عليها من إحدي العاملات بعد أن سألتها عن تواجد عِثمان
تحدثت بوجهٍ مبتسم بزيف وهي تُفرق نظراتها المترقبه علي وجوه الجالسين :
_ صباج الخير
نظر لها الجميع بإستغراب وأسترسلت هي حديثها وهي تنظر إلي قدري:
_ إزيك يا حاچ قدري
رمقها قدري بنظرة مُشمإزة وذلك لعدم تقبلهُ لتلك السيدة ولا الإرتياح لشخصها مُنذُ أول لقاء بينهما فتحدث بنبرة رخيمة:
_ أهلاً
أكملت بحماس وهي تنظر إلي عِثمان متلاشية طريقة قدري:
_ أكيد حضرتك الحاج عِثمان كبير البلد وكبيرنا كُلنا
قطب جبينهّ ونظر إلي تلك المُتنمقة فهتفت وهي تتحرك إليه وتُبسط لهُ ذراعها لتُجبرهُ علي مصافحتها :
_ أزيك يا حاج، أنا مامت إيناس مرات حفيدك قاسم
أثارت تلك الجملة حفيظة زيدان الذي شعر بالإستياء لأجل إبنته.
في حين تحدث إليها عِثمان الذي يستند علي عصاه بكف يده رافضً مصافحتها مما أسعد رسمية وزيدان والجميع :
_ ما تأخذنيش يا سِت، كيف ما أنتِ شايفة، يدي ساند بيها چسـ.ـدي العچوز علي العصاية
أردفت قائلة بمنتهي البرود وهي تسحب كف يدها:
_ ولا يهمك يا حاج
وأكملت بمنتهي التبجُح:
_ أنا بعد إذنك كُنت حابة أتكلم مع حضرتك لوحدنا في موضوع خاص
ضيقت رسمية عيناها وهتفت بنبرة حادة:
_ خاص كيف يعني يا حُرمـ.ـة
إبتسمت لها بزيف وتحدثت مفسرة:
_ يعني موضوع ما ينفعش نتكلم فيه قُدام الكُل يا حاجة
رمقتها رسمية بنظرة غاضبة وهتفت بنبرة حادة :
_ فاكراني چاهلة ولا معفهمش حديتك إياك يا حُرمـ.ـة
إبتلعت لُعابها من هيئة تلك الغاضبة ولسانها السليط ، في حين تحدث عِثمان وهو يُفرق نظراتهُ علي انجالهُ الثلاث:
_ جولي اللي رايداه جِدام الكِل، أني معخبيش حاچة علي ولادي واصل
أجابته بنبرة راجية:
_ الموضوع اللي عاوزة أكلم حضرتك فيه مش هينفع أقوله قدام حد يا عُمدة
إنتفض زيدان من جلسته وأنسحب إلي منزلهُ بعدما فاض به الكيل وطفح من حديث تلك المتبجحة، ففهمت هي بفطانتها أن هذا الغاضب هو زيدان
ودلف عِثمان ورسمية بصحبة تلك الشمطاء إلي غُرفة إجتماعات العائلة،
فتحدثت تلك الخبيثة بعدما أشار لها عِثمان بالبدأ في الحديث:
_ أنا هدخل في الموضوع علي طول ومن غير ما أزوق الكلام،
أنا واقعة في عرضك يا عمدة وبناشد الراجل الصعيدي اللي جواك، في إنك تخلي قاسم يتمم جوازه علي بنتي إيناس2
قطب عِثمان جبينهُ مستغربً إنحطاط تلك المتبجحة في حين نهرتها رسمية قائلة بنبرة حادة:
_ إتحشمي يا حُـ.ـرمة وخلي عندك خِشي
إرتبكت وهتفت سريعً تشرح المعني المقصود من حديثها :
_ أرجوكِ يا حاجة تفهمي المقصود من كلامي صح
وأكملت وهي تنظر لذاك الثعلب الذي ينظر إليها بترقب مستشفً لما داخلها:
_ أنا عاملة علي فضيحة بنتي لما تتجوز من راجل تاني بعد ما تطلق من قاسم بعد السنة اللي متفقين عليها ما تعدي
وأكملت بلؤم:
_ تفتكر جوزها هيقول عليها إيه لما يلاقيها لسه بنت بنوت1
واسترسلت حديثها بنبرة خبيثة لإجبار عِثمان علي الإقتناع بحديثها :
_ ده غير إن الموضوع ده هيمس سُمعة قاسم هو كمان وهيشوة رجولتة قدام الناس
وأكملت لتبُث الرُعب داخل أوصال ذاك العجوز بشأن حفيدهُ البكري :
_ وأظن يا عمدة إنتَ مترضاش أن حفيدك يتقال عليه كلام بطال من اللي يسوي واللي ما يسواش
وأكملت متصنعة الخجل وهي تنظر أرضً:
_ حضرتك أدري مني بالرجالة وتفكيرهم في المواضيع دي، تخيل كدة كمية التشهير بحفيدك لما جوزها يكتشف إنها بعد ما قعدت علي ذمته سنة بحالها، لسه بنت
الرجالة ما بتصدق واكيد هيتكلم في كل مكان وسُمعة قاسم هتبقي في الأرض، وما تنساش إنه محامي مشهور وسُمعته مهمة جداً علشان شغله
إستشاطت رسمية وكادت أن تتحدث أوقفها عِثمان بإشارة من يده، وتحدث هو:
_ أول هام، الراچل الصُح معيجيبش سيرة شرف مّرته جِدام الخلج كيف معتجولي ، تاني هام، لو راجل بچد وعيحب بِتك، عينبسط لو لجاها كيف ما ربنا خلجها
وأكمل بنبرة جادة :
_ والأهم من ده كلياته إني معجدرش أجبر حفيدي علي حاچة هو مريدهاش وحاسم فيها أمره
وأسترسل برأسٍ شامخً مرتفع:
_ وبخصوص حديتك العِفش عن سُمعة حفيدي، فدي محدش يجدر يتحدت فيها لأن حفيدي متچوز ومخلف واد، ودي كفيل إنه يخرس أي حد يفكر بس يتحدت
ثم رمقها بنظرة حادة وهتف قائلاً :
_ لو خلصتي حديت إتفضلي علي فوج في أوضتك والفطار عيطلع لك إنتِ وبِتك لحد عنديكم
تنهدت بأسي وتحركت عائدة تجُر أذيال خَيبتها بعدما فشلت خِطتها وهُزمت من ذاك الثعلب العجوز التي لم تستطع سيطرة فكرها عليه2
❈-❈-❈
عِند الساعة العاشرة صباحاً
تمطأت بدلال وتكاسُل فوق فِراشها ، حركت أهدابها و أفتحت عيناها سريعً حينما وجدت حالها مُكبلة بقيود العِشق ، نظرت لذاك الذي يستند بذراعه علي الوسادة وينظر عليها بعيناي هائمة في جنة عِشقها
شعور هائل إجتاح كيانها عندما رأتهُ يغمرها بتلك النظرة الحنون، تحدث وهو يضمها إليه بشدة:
_صباح الورد، إيه النوم ده كلياته ؟
إبتسمت إليه وتحدثت بنبرة متحشرجة أثر النُعاس :
_ صباح النور،
وتسائلت مُستفسرة :
_هي الساعة كام؟
أجابها وهو يُميل علي جانب كريزتيها ليلتقطها ويقطف قُبـ.ـلة سريعه :
_ مالنا إحنا بالساعة والوجت
ثم إنتفض واقفً وكشف عنها الغطاء وحملها بين ساعديه بقوة وتحدث وهو يُلقي نظرة علي مهد صغيرهُ الغافي :
_ يلا ناخد شاور جبل ما الإذاعة الوطنية تفتح علي الرابع وتبدأ بإذاعة نشيدها الوطني
تفاجأت من جنونهُ وتحدثت بنبرة قلقة:
_عتوجعني يا قاسم
أجابها وهو يتحرك بها داخل المرحاض ويغلق بابهُ خلفه بساقه ويتحرك إلي كبينة الإستحـ.ـمام:
_ لتكوني فاكرة إن لساتك موجعتيش يا دَكتورة
أنزلها بعناية ووقف قُبالتها وأردف قائلاً بنبرة عاشقة وهو يـ.ـنزع عنها ثيـ.ـابها:
_ ده أنتِ واجعة في عشج قاسم من وإنتِ لساتك عتتعلمي المشي
نظرت له وسألته بدلال :
_ وميتا قاسم وجع في عِشج صفا ؟
أجابها بنبرة صادقة وعيناي نادمة:
_ قاسم إكتشف إنه أكبر مُغفل في الدنيي كلياتها ، كان عيكابر وينكر عشجك ويمـ.ـوته چواته
وأكمل مُعترفً بعيناي شبه دامعه :
_ أتاريني كُنت مولود بيه زيه زي باجي أعضاء چسـ.ـمي يا صفا
ألقت بحالها داخل صـ.ـدرهُ وأغمضت عيناها لتسرح معهُ بعالمهُ الملئ بالسحر والهيام
بعد قليل كانت تقف أمام مرأتِها تُجفف شعرها، ينظر عليها ذاك الذي يقف بجوارها يعدل رابطة عُنقة ويُصفف شعر رأسهُ بعناية فائقة، من يراه يعتقد أنهُ عريس يتجهز لليلة زفافهُ
إنتهي مما يفعلهُ وأمسك هاتفهُ وتحدث إلي أبيه وطلب منه أن يُبلغ والدته بأن تستدعي كوثر وإيناس إلي غُرفة الإجتماعات، وأيضاً ليلي
وكان قد أبلغ جده داخل إحتفال الحنة بالأمس بأن يُخبر يزن ويطلب منه الحضور هو وزوجته وأيضاً عمتاه، صباح وعّلية
أغلق مع والدهُ
ونظرت هي إلي إنعكاس صورتهُ في المرأه وتحدثت بنبرة مُنكسرة مستضعفة وعيناي مترجية:
_ إوعاك تخزلني مرة تانية يا قاسم
وأكملت وهي تُميل برأسها بترجي:
_ معجدرش المرة دي يا حبيبي، ده أني ممكن أروح فيها
إنتفض قلبهُ لأجلها وتحرك إليها سريعً وقام بإحتضانـ.ـها من الخلف وشدد من إحتوائهُ لها وتحدث:
_ أني وعدتك خلاص يا غالية
نظرت لإنعكاس عيناه وسألته بترقُب مُميت:
_ يعني صُح عطلجها ؟
وأكملت بتمّني:
_ومن إنهاردة معيكونش ليك مّـ.ـرة غيري يا قاسم ؟
هز رأسهُ وتحدث لإزالة ألام روحها :
_ ميتا كان ليا مّـ.ـرة غيرك أني
ثم شدد من ضمـ.ـتها ودفن أنفهُ داخل عُنقـ.ـها وأردف مُطمإنً إياها :
_ طمني بالك وخليكي واثجة فيا، ووعد عليّ لأرچع لك هيبتك وأخلي كرامتك تاچ فوج راس الكِل
تملل الصغير من نومته وبدأ بالصياح ليُعلن لوالداه أنهُ هُنا ويطالبهم بالإنتباه له
تحركت إليه وبدأت بتبديل ثيابهُ وتعطير جسده إستعداداً للهبوط للأسفل
____________________
داخل منزل يزن وأمل
تمللت أمل التي إرتدت ملابسها واستعدت للذهاب إلي السرايا قائلة بإعتراض قلق:
_ أنا مش عارفة إيه لازمة إني أروح معاك في الإجتماع ده يا يزن
وأكملت مُفسرة بحساسية:
_ إنتم عيلة واحدة وأكيد هتتناقشوا في مواضيع حساسة تخُص العيلة ، المفروض ما أكنش موجودة منعاً للحرج
أجابها وهو يقترب عليها ويحتضنـ.ـها ليُطمأنها :
_ إذا كان چدي بنفسيه اللي مأكد عليّ إنك لازمن تكوني موچودة، وجال لي إن دي رغبة قاسم بذات نفسية
وأكمل لائمً لها:
_ وبعدين إيه نغمة إنتوا عيلة واحدة دي، أومال إنتِ من أنهي عيلة إن شآء الله ؟
وأكمل بنبرة صارمة:
_ إنتِ مّرتي وأم ولدي ولا بِتي اللي عياچي وينور حياتي ، ولازمن تعرفي إنك خلاص، من اليوم اللي بجيتي فيه مّرتي بجيتي نُعمانية أصيلة
إبتسمت له بحنان ورمقتهُ بعيناي شاكرتان تفيضُ حنانً وعرفان، فضـ.ـمها هو بقوة وتنفس براحة، وحدث الله بينهُ وبين حالهُ وشكرهُ علي نعيم عشقها والعيش الهنئ بجانبها وحياة الإستقرار التي أنعم اللهُ ومّن بهُ عليه بعد الشقاء
بعد قليل
نزل الدرج وهو يحمل صغيرهُ بين ساعديه برعاية وتجاوره تلك التي ترتجف، نظر لها
وتحدث بنبرة صارمة:
_ إرفعي راسك لفوج يا أم مالك ، عاوزك تدخلي وياي وراسك مرفوعه جِدام الكِل
إطمأنت لحديثهُ وتحركت بجانبه، وتحدث هو إلي حُسن كبيرة العاملات:
_ خالة حُسن، خلي واحدة من البنات تطلع تلم حاچة الضيوف اللي فوج، وتعبيهم ف شنطهم وتديهم للسواج يحطهم في العربية عشان عيمشوا كمان إشوي
أطاعتهُ حُسن تحت إطمإنان صفا،
دلفا كلاهما لداخل الغرفة متجاوران برأسٍ سامخ مُرتفع وتحدث هو بنبرة قوية لجميع الحضور :
_ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رد الحميع السلام فتحرك هو إلي ورد التي تنظر إلي الصغير بعيناي مُترقبة قلقة، نظر إليها بحنان وأعطاها الصغير التي إلتقتطهُ من بين يداه مُتلهفة وبدأت تُنثرهُ بالقُبـ.ـلات كمن كان تائهاً داخل صحراء وجف حلقهُ وتشقق من شدة العطش، وبلحظة إتوجد أمامهُ بئراً من الماء العذب، فشرب وأروي ظمأهُ الشديد
وقف أمام زيدان وأمسك مُقدمة رأسهُ و وضع بها قُبـ.ـلة إحترام وتقدير ، نال بها إستحسان مُعظم الحضور
ثم أمسك كف يدهُ ومال بقامته ووضع فوقهُ قبـ.ـلة تعبيراً عن مّدي أسفهِ واعتذارهُ
رفع رأسهُ ونظر إلى عيناه وتحدث متأسفً عما فعلهُ ليلة الأمس :
_ حجك علي راسي يا عمي
أومأ لهُ زيدان بعيناه فيما معناه أنهُ عفا عنه
تحرك ووصل إلي خاطفـ.ـة أنفاسهُ التي تخجل من والداها والجميع، وأمسك كف يدها وأمال برأسهِ كثيراً في حركة دلالة علي الإعتذار الشديد والتذلُل وتحدث بنبرة حنون :
_ حجك علي جلبي يا غالية، أني غلطت في حجك يوم ما عِملت حساب لناس ماتسواش
وأكمل بنبرة قوية صارمة وهو ينظر لها بدلالة :
_ بس ملحوجة يا بِت أبوكِ يا عالية
أمسك أيضاً مُقدمة رأسها ووضع عليها قُبلة إعتذار، ثم أخذ نفسً عميقً ولف وجههُ لكلتا المُستشاطتان التان تجلستان والغل والحقد يأكُل من روحيهما
وتحدث بنبرة حادة وعيناي كصقرٍ يترقب لفريستهُ :
_ معرفتي بيكم كانت أكبر غلطة عِملتها في حالي
وأكمل نادمً:
_ عيلتكم كانت الوَحل اللي غرست واتوحلت فيه في مشوار توهتي ، ولما فوجت وربنا نور بصيرتي وچيت أخرچ منيه لجل ما أنضِف حالي ، كان خلاص فات الأوان، مسكتوا فيا بكُل جوتكم وسحبتوني چواه لجل ما أغرس فيه أكتر
واسترسل:
_ حاولت أراضيكم بجرشين لجل ما تعتجوني لوجه الله وتفكوني من الرابطة السودة اللي ربط بيها حالي
وأكمل وهو ينظر إلي إيناس:
_ لكن أبوكِ دخلي من حتة الفضيحة وباب الستر، إترچاني لچل ما أسترك وأستره جِدام عيلته اللي عيشمتوا فيه
وأكمل مُفسراً :
_ وافجت عشان أني راچل وچدي رباني علي إني عمري ما أكسر راچل ولا أرُد ضعيف لچئ لي
وأسترسل كي يضع الجميع داخل الصورة :
_ شرطت عليه وعليكم إن الچواز عيُبجا علي ورج
ثم حول بصرهُ إلي عاشقة حبيبها وتحدث بنظرة هائمة:
_ ما هو مش معجول أكون متچوز صفا النُعماني وأجدر أشوف أو أعاشر أي حُرمـ.ـة غيرها
شددت من ضمـ.ـة يده كنوعٍ من العرفان، فحول بصرهِ إلي تلك اللتان ستنفـ.ـجرا وأكمل:
_وكان من ضمن شَروطي عليكم كمان إن لو مّرتي ولا أهلي عِرفوا عن طريجكم عتكوني طالج في يومها
وأكمل لتوضيح الموقف للجميع:
_كتبت الكتاب إبتغاء مرضاة الله ليس إلا ، وبيت في الشُجة أني في أوضة مجفولة عليّ وإنتِ في أوضة تانية ، وتاني يوم استنيت لما أهل أبوكِ جُم باركو لك وعِملت اللي عليّ ، سافرت أني وچيت لمرتي إهنيه وجعدت وياها إسبوع ، و لما رچعت علي القاهرة رچعت علي شُجتي الجديمة
واسترسل:
_ حتي لما الدَكتورة صفا عِرفت وجيامتي جامت، مرديتش أطلجك وجولت هي ملهاش ذنب، ده ربنا اللي عمل إكده وأكيد ليه حكمة من ورا اللي حُصل
وأكمل بنبرة حادة:
_رضيت بنصيبي وبُعد مّرتي عني اللي وچع جلبي وشرخ روحي ، وبرغم إني كُنت عموت في اليوم ألف مرة بسبب بُعدها ، إلا إني جولت لحالي إتحمل يا واد، ربنا رايدك تكفر عن ذنوبك لجل ما يطهرك وترچع بعد السنة لمّرتك وإنت نضيف ومسدد كل فواتير الماضي الملعون
وأكمل بنبرة حادة وهو يرمق إيناس بغضب :
_ مّرتي ولدت ولَدي البِكري وهي بعيدة عن أحضـ.ـاني، محسيِتِش بفرحة ولدي ولا جومة مّرتي بالسلامة وكل ده بسبب الحُزن والنكد اللى عِشناه اني وهي وأهلنا بسبب غلطتي اللي بدفع تمنها وهما كمان معاي
وأردف متألمً:
_ حملتها معاي ذنب غلطتي، وسددت الفاتورة وياي وهي ملهاش أي ذنب في كُل دِه
وبلحظة تحولت نظراته إلي غاضبة شرسة وأكمل وهو يرمقهما بنظرات حارقة :
_بعد كُل اللي عِملته علشانكم دي ، تاچي لكم الجرأة وتاچوا لحد إهنيه لجل ما تفضخوا مّرتي وتجهروها جدام حَريم العيلة
وأكمل وهو يرمقهما بنظرات مُشمئزة:
_ لا وكمان چيالي شُجتي وبكل رُخص وإنحطاط عوزاني أتمم چوازي عليكِ وفكراني أهبل
إشتعل داخل إيناس وتحدثت بإعتراض:
_ قاسم من فضلك، بلاش تجريح
صاح بنبرة مُرعبة إنتفضت علي أثرها هي ووالدتها :
_إنتِ تخرسي خالص وتسمعيني زين للأخر
وأكمل شارحً:
_ يعلم ربنا أني كُنت متجي الله فيكم لاخر لحظة، ومكانش في بالي الطلاج غير بعد السنة برغم المصايب اللي بعيشها بسبب جوازة الشوم دي
وأكمل بنبرة شامتة وعيون مُتسعة من شدة غضبها :
_ بس علشان نيتي الخير وجلبي الطيب ونيتكم السو وضميركم الملوث، ربنا بعتك إهنيه مخصوص لچل ما أنهي اللي بيناتنا بالطريجة اللي تليج بيكِ إنتِ والحرباية اللي چارك
نظر لهم وأخذ نفسً عميقً وابتسم براحة ظهرت علي وجههُ وشدد من مسكة يد تلك التي تجاورة وهتف بنبرة حادة صارمة:
_ إنتِ طالج، طالج، طالج بالتلاتة يا بِت كوثر1
هتف قدري بسعادة لا مثيل لها تحت سعادة جميع من بالغرفة:
_براوه عليك يا وِلد أبوك
في حين إشتعل داخل ليلي حقداً وهي تنظر لسعادة صفا التي تنظر لحبيبها بعيناي هائمة، أما فايقة فلم تعُد تهتم بالموضوع بعد تأثُرها بحديث قاسم عن تشتت روحهُ، فبالاخير هي أم وتُريد الراحة لولدها، وأيضاً تهديد قدري لها وضعها في خانة وحَجَم وقزم من دورها2
إشتعل داخل إيناس وشعرت بعالمها ينهار تحت قدماها، في حين جحظت عيناي كوثر وهتفت بنبرة حادة غاضبة لتُعلن عن أصلها:
_نعم يا حبيبي، إنتَ فاكر إنك هطلقها بسهولة كدة وأنا هقف أتفرج، ده أنا أهد الدُنيا فوق دماغك إنتَ وأبوك
رمقها قدري مُتحدثً بنبرة غاضبة :
_ إجفلي خاشمك يا مّـ.ـرة بدل ما أدفنـ.ـك مكانك صاحية إنتِ وبِتك
صاحت به قائلة بنبرة حادة:
_ تدفني ده إيه يا عنيا، إنتِ فاكرها سايبة ولا إيه
تحدثت صباح مدافعة عن صغيرة شقيقها :
_ إنتِ مسمعاش يا مّـ.ـرة إياك ولا إطرشتي ، قاسم طلج بالتلاتة
وأكملت شبه طاردة:
_ يعني تخلي عِنديكي كرامة وتاخدي بتك السو دي وتغوروا من إهنيه
أجابتها متبجحة:
_ مش قبل ما أخد حقها يا حبيبتي
وأكملت بمنتهي الوضاعة وهي تنظر إلي عِثمان الذي إتخذ دور المتفرج الصامت تاركً الآمر برُمته إلي قاسم :
_ أنا عاوزة تعويض عن الأربع شهور اللي فاضلين لبنتي يا عُمدة
أجابها قاسم بنبرة شامتة:
_ التعويض الكبير أنا مخليهولك مفاجأة لما ترجعي القاهرة
وأكمل بنبرة حادة وهو ينظر إلي إيناس :
_ هدومك وحاجة المطبخ اللي كنتي جيباها في جهازك هتلاقيها مستنياكي عند البواب
وأكمل مُبتسمً:
_ أنا بعت العفش إمبارح وغيرت كالون الشقة وعرضتها للبيع، ومش بعيد يكون جالها مُشتري في الوقت اللي إحنا قاعدين بنتكلم فيه ده
إتسعت عيناي إيناس وهتفت بنبرة حادة بجنون :
_ إنتِ بتقول إيه يا قاسم ، الكلام اللي بتقوله ده لو فعلاً نفذته أنا هوديك في ستين داهية، لان الشقة دي بكل ما فيها بتاعتي، إنتَ ناسي إتفاقك مع بابا ؟
ضحك شامتً وأجابها:
_ إنتِ وأبوكِ المهزء اللي أخليتم بالإتفاق وجيتي لي لحد هنا برجليكِ علشان تنالي الجزاء اللي تستحقية
وأكمل بنبرة ساخرة :
_ وبعدين هتوديني في داهيه إزاي يا أستاذة ؟
وأكمل مذكراً إياها:
_إنتِ ناسية إن عقد الجواز مكتوب فيه ألف جنية مؤخر صداق
، ده غير إننا مكتبناش قايمة، يعني حضرتك قانونياً ما تقدريش تتنفسي لأن ملكيش عندي أي حقوق
وأكمل بنبرة غاضبة وهو يرمقها بإشمئزاز :
_ والوقت ياريت تاخدي والدتك وتتفضلي، السواق مستنيكم برة في العربية وشُنطكم جاهزة فيها،
وأكمل بنبرة متهكمة :
_ وأنا طلعت كريم معاكم وحجزت لكم طيارة الساعة 2 الظهر، يعني يا دوب تلحقوا تتحركم قبل الطيارة ما تفوتكم
صاحت كوثر بنبرة غاضبة وهتفت قائلة بنبرة تهديدية :
_ طالما الحكاية وصلت لكدة يبقا عليا وعلي اعدائي يا قاسم
واسترسلت :
_ ما أنا مش هسيبك تتهني بالتورتة وتلهفها لوحدك وتطلعنا من الحكاية إيد ورا وإيد قدام
ثم وجهت بصرها إلي زيدان وهتفت بنبرة حاقدة:
_ لازم تعرف يا محترم، إن أخوك وإبنه كانوا مخطتين إن قاسم يتجوز بنتك مع إيناس علشان يلهفوا كل فلوسك وشقاك اللي مستكترينه عليك
وأكملت وهي تنظر لعيناي قدري:
_ تنكر إنك جيت لنا لحد البيت وقعدت تقنع فيا أنا وجوزي وولادي علشان نوافق بجواز قاسم من بنت أخوك، ووعدتنا بإن الجوازة دي لو تمت هينوبنا من الحب جانب ؟
إرتبك قدري وشعر بالخزي والعار أمام عائلتهُ ، إتسعت أعين الجميع وهم ينظرون علي قدري وقاسم بذهول
في حين تحدث زيدان قائلاً :
_
إنتهي البارت
قلبي بنارها مُغرمُ
تكملة الرواية من هناااااااا
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا