رواية قلبي بنارها مغرم الفصل السادس وعشرون والسابع وعشرون والثامن وعشرون والتاسع وعشرون والثلاثون بقلم روز أمين كاملة
رواية قلبي بنارها مغرم الفصل السادس وعشرون والسابع وعشرون والثامن وعشرون والتاسع وعشرون والثلاثون بقلم روز أمين كاملة
26💘27
داخل سرايا النُعماني وبالتحديد داخل مسكن فارس ومريم وبعد وصولهم من المركز مباشرةً
كانت تحمل صغيرتها التي تهتم بها نجاة طيلة فترة غياب مريم بالمشفي، وضع فارس جميع الأكياس داخل المطبخ وعاد إليها من جديد،
أخرج من جيب جِلبابة العُلبة القطيفة وأخرج منها طوق صغيرته وأبتسم وتحدث بمرح وهو يُلبسها إياة:
_شوفتي أبوكي چاب لك إية يا سِت جلبي
ضحكت الصغيرة وباتت ترفرف بكفيها بسعادة وضحكات أضفت الفرحة علي قلبي فارس ومريم، إقترب فارس عليها مُستغلاً الوضع وحاوط ظهر مريم ومال بجذعةِ علي صغيرته القريبة من وجه والدتها ووضع قُبلة حنون ونظر بعيناي مريم وتحدث بحديث ذات مغزي :
_ مش هناكل الكباب ولا أية يا أم چميلة ؟!
إبتلعت لُعابها خجلاً وتحدثت إلية بنبرة هادئة كعادتِها:
_ خد چميلة لجل ما أخد دُش بسرعة وأغير هدومي وبعدها أحضر الوكل
حمل عنها صغيرته وتحركت هي بإتجاة غُرفة صغيرتها كي تُحضر ثيابها التي قامت بنقل مُعظمها بخزانة صغيرتها لتخرج بعدها إلي المرحاض الخارجي كي تستحِمّ به كعادتها مُنذُ ليلة زفاف صفا وقاسم وما حدث بها
فأمسك كفها ليُجبرها علي الوقوف وتحدث إليها بعيون مُتوسلة:
_بكفياكِ هجران بجا يا مريم، عشان خاطر ربنا ترچعي لأوضتك لجل ما تنوريها من تاني
وأكمل بعيون متشوقة بها نظرات حنون تدِل علي مشاعر صادقة بدأت تُولد بداخلة لكنه لم يُصرح عنها إلي الأن ولن يتعرف عليها من الأساس :
_ إشتاجت لنومتك چاري ولونس روحك
قوست فمها وأبتسمت وأردفت ساخرة:
_ونس؟ هي دي كُل جيمتي عنديك يا فارس، الونس ؟
وكادت أن تتحرك مُكملة بطريقها، أمسك كف يدها من جديد وتحدث بحيرة :
_ مبعرفش أذوج الكلام أني،
وأكمل بعيون متوسلة :
_ إتحميليني يا مريم علي ما أتعود وأكون لك فارس اللي إنتِ ريداه، أني محتاچك چنبي ، متفوتنيش لحالي إكدة
لان قلبها لكلماتهِ الصادقة ونظراته المتوسلة، شعرت بغُربة روحة ووحدتهُ التي يشعر بها هذا المسكين المتمزق والمُشتت ما بين الماضي والحاضر، فقررت إحتوائة كي لا يشرد أكثر عن دربهِ
بعد مُدة كان يجاورها الجلوس بالأريكة يحمل صغيرتة فوق ساقية ويُطعمها من الحلوي بداخل فمِها تحت سعادة الصغيرة، أمسك قطعة من الحلوي وقربها من فَم مريم تحت إتساع عيناها بذهول من تصرفة الذي ولأول مرة يفعل هكذا تصرف
فتحت فَمها بخجل، وضع لها قطعة الحلوي داخله وهو يبتلع سائل لُعابة من شدة إحتياجة لها ولضمة حُضنِها وتحدث بنبرة حنون:
_ بألف هنا علي جلبك يا مريم
وسألها بإهتمام:
_ عچبتك البسبوسة ؟
هزت رأسها وهي تمضغ ما في فمها، وبات ينظران لبعضيهما بحنان ورغبة من كليهما وأحتياج للأخر ، شعر برأس طفلته يميل فوق كتفة، أسندها سريعً ونظر بإبتسامة إلي مريم مُتحدثً :
_ چميلة نامت، هجوم أنيمها في سريرها علي ما تلمي إنتِ الحاچات دي
وضع صغيرتهُ ودثرها بغطائها جيداً وقام بوضع قُبلة فوق وجنتها برفق وحنين، ثم تحرك للخارج وجدها في المطبخ تصنع له مشروب الشاي بعدما جَلت الصحون وأعادت ترتيب مطبخها وأصبح نظيفً
تحرك إليها حتي وقف بجانبها وتحدث متحمحمً بنبرة حنون :
_ خلصتي اللي عتعملية؟
أجابته بنبرة خجلة وهي تنظر لجهاز فوران المياه :
_خلصت وبعمل لك شاي
إقترب عليها وأمسك كفاي يداها وأحتضنهما برعاية وتحدث وهو ينظر لداخل عيناها بهيام :
_ معايزش شاى أني، أني عاوز مّرتي اللي وحَشتني
إرتبكت بوقفتِها، فسحبها هو من يدها مُتجةً بها داخل غرفتهما وأغلق بابها عليهما ليسترقا معاً من الزمن لحظات سعادة لينعما بها
بعد مُدة كانت تقبع داخل أحضانة، قبل جبهتها وتحدث مُتسائلاً إياها :
_ أني لحد دلوك معارفش إنتِ إية اللي زعلك وخلاكي تسيبي أوضتك، بس أني معايزكيش تسيبيني تاني
ورفع وجهها إلية وتحدث بنبرة صادقة:
_ السرير بارد جوي من غيرك والأوضة كنها جَبري ( قبري ) يا مريم
تنهدت بأسي لكنها قررت عدم البوح بما يذبح روحها، حتي لا تُقلل من شأنها كأنثي لا يراها زوجها بل ومازال يدفن حالهُ داخل إسطورة الماضي العتيق
تحدثت وهي تضع كف يدها علي ظهرة وتمسحةُ بحنان إقشعر لهُ بدنه واستكانت به روحهْ:
_ إنسي كُل اللي فات يا فارس وأطمن،أني مهسيبكش تبات لوحدك تاني،
وأكملت بنبرة توسلية:
_بس إنتَ ياريت تراعيني شوية ، بلاش تحسسني إني مفرجش في حياتك جوي إكدة
أجابها مُتعجبً:
_مين جال بس إنك مفرجاش وياي يا مريم ، مفرجاش كيف وإنتِ بت عمي وأم بِتي ومّرتي، أني عاوزك تكَبري عجلك إشوي عن إكدة.
تنهدت بأسي وسحبت حالها من داخل أحضانة وتحدثت وهي تلتقط مأزرها وترتدية قائلة بنبرة يائسة:
_ هروح أعمل لك الشاي
سحب حالةُ لأعلي وجلس مُستنداً علي ظهر التخت وتحدث بإنتشاء:
_ هات لي وياكِ حتة بسبوسة مع الشاي لجل ما أحلي يا مَريم
تحركت للخارج بقلبٍ مكسور من معاملة هذا الرجل التي تأكدت بأنها لم ولن تتغير حتي بعد كل ما حدث خلال اليوم ومحاولاتهِ إسعادها بشتي الطُرق، لكنهُ ختمها بجملتهِ المُميتة لإنوثتها حيث وصفها بأنها إمرأته وإبنة عمه وأم طفلته الغالية وفقط،
كم كانت تتمني نطقة لكلمة حبيبتي،خليلتي، رفيقة دربي وأحلامي، كم تمنت أن تستمع منه لكلمات الغزل التي باتت تحلم بالإستماع لها منه بعد أن تعلق قلبها به رويداً رويدا وأصبح هو فارس أحلامها ورجلها التي تتمناه ، لكن خجلها وحيائها يمنعاها بالإعتراف له بمشاعرها المكنونة
*** ☆***☆ *** ☆***☆***
روايه قلبيّ بنارِهاَ مٌغرمٌ بقلمي روز آمين
داخل مدينة شرم الشيخ
كانت تجلس بحياء ووقار بجانب ذلك المُتمدد فوق الشيزلونج أمام حوض السباحة المتواجد داخل الفندق،، مغرومةً هي بعيناه حيثُ أصبحت لا تُشيح بناظريها عنها طيلة وقتها، أما ذاك العاشق فكان مُمسكً بكف يدها بتشبُث وكأنهُ يخشي إضاعتِها
شعوراً رائع كان ينتابها من مسكة يده وأهتمامهُ الزائد ودلالهُ الذي يغمرها به مُنذ ان عادَ إليها من القاهرة
نظر لداخل عيناها وتحدث بنبرة حنون :
_مبسوطة يا صفا ؟
أجابتهُ بعيون عاشقة :
_ مبسوطة فوج ما خيالك يصور لك يا قاسم، مبسوطة لدرچة إني حاسة حالي هطير من كُتر سعادتي
شعر بإرتياح وسعادة وتحدث إليها من جديد :
_ ربنا يجدرني وأخليكي أسعد إنسانه في الدنيي كلها يا حبيبتي.
تحدثت إليه بنبرة حنون ونظرات عاشقة :
_ وچودك جنبي وحواليا كفيل إنه يخليني أسعد واحده في الدِنيي يا حبيبي
كان هُناك من يجلس مُقابلإ لهما علي الجانب الآخر لحوض السباحة ،، وكعادتهِ مُمسكً بيدة أوراقة وقلمةِ الرُصاص اللذان يُلازماه طيلة الوقت ، يخطُ به ملامح وجهها الصافية التي جذبت إنتباههْ مُنذُ الوهلة الأولي التي رأها فيها مُنذُ أكثر من سبع سنوات ، وها هو يُكرر ما فعل من ذي قبل ويزيد من الشعر بيت بإضافة ذلك المُخادع من وجهة نظرة
"نعم " ، إنه المجهول ذاته الذي رسم صورتها النقية فوق تلك المحرمة داخل اليخت
إستغرب حين وجدها مازالت مع ذاك الحاد الطباع ،،
كانت تُمشط المكان بعيناها وبلحظة توقفت مقلتيها وذُهلت عندما رأته يجلس مقابلاً لها ، دققت النظر بوجههِ وبمقلتيه اللتان كانتا تنظر لها بتمعن ، لم تشعر بحالها من شدة السعادة التي إنتابتها عندما تذكرته علي الفور ، نعم تذكرت ملامحهُ الهادئة رُغم مرور كل تلك السنوات، لكن تظل ملامحهُ التي تتسم بالطيبة والهدوء والسلام النفسي كما هي، وحينها فسرت ذاك الوجة المألوف التي رأته وسط زحام المارة مُنذُ يومان
نظر لها قاسم وتحدثَ مُستغربً وهو ينظر بإتجاه ذاك الرجُل :
_ بتبصي علي إية يا صفا؟
إلتفتت إلية سريعً وتحدثت بنبرة يملؤها الحماس :
_تخيل يا قاسم مين موچود معانا إهني ؟
نظر لها منتظراً باقي حديثها فأكملت بنفس نبرة الحماس:
_ فاكر الراچل اللي رسم لي رسمة زمان فوج المنديل
ضيق عيناه بعدم إستيعاب فتحدثت هي بنبرة حماسية لتذكيرهُ :
_ الرسام يا قاسم، أني متوكدة إنه بيرسمني دالوك
نظر إلية سربعً ليتأكد من حديثها وبالفعل تأكد حينما رأي وجههُ أعاد ببصرهِ إليها وتحدث بنبرة حادة غائرة :
_والهانم إية اللي مِفرحها جوي إكده إن شاء الله ؟!
نظرت إلية وبلحظة إنكمشت ملامحها وأنطفأت إبتسامتها وتحول وجهها المنير إلي حزين، تحدثت بنبرة يائسة :
_ ولا فرحانة ولا حاچة يا قاسم ،، إنسي كل كلامي
شعر بغصة مُرة وقفت بحلقة عندما لمح حزنها الذي سكن عيناها، وما شعر بحالهِ إلا وهو يهب واقفً وسحبها إليه لتقابلهُ الوقوف وتحدث إليها بنبرة حماسية:
_ تعالي نروح نسلم عليه
إتسعت عيناها بذهول وتحدثت بعدم تصديق:
_ بتتكلم چد يا قاسم؟
تحدث وهو يحتضن كفها الرقيق ويسحبها بجانبه:
_ إمشي معايا بدل ما أرچع في قراري
ضحكت وهي تنظر إلية بعيون تكاد من الهيام تنطقُ صارخة، وصلا لموضع جلوسهُ وما أن شعر الرجل بأنهما يقصداه حتي أغلق أوراقةُ سريعً مخبئً إياها من أبصارهما، ثم وقف إحترامً وتقديسً لمجيأهم إلية
تحدث قاسم إلية بنبرة صوت رخيمة:
_ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نظر عليهما الرجُل الذي تخطي عامهِ الثاني والأربعون ولكن يبدوا علي وجههِ البشوش أنهُ وبالكاد لم يتخطي الخامسة والثلاثون وذلك لنقاء روحهِ الذي يظهر علي وجهه
وتحدث بنبرة هادئة مريحة لسامعيها:
_ وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
نظرت هي إلية وتحدثت بحنين وكأنهُ يذكرها بطفولتها الماضية:
_ حضرتك مش فاكرني يا أستاذ؟
إبتسم لها وتحدث بنبرة هادئة:
_ وأنساكي إزاي بس يا صافية، إنتِ من الأرواح الشفافة اللي الواحد يقابلها مرة واحدة في حياتة وتتحفر ملامحها النقية جوة عقلة
إستشاط ذلك الواقف الذي بدأ يصُك علي أسنانة من شدة غيظة وغيرتة لكنة تمالك من حالة لأجل ألا يُحزِنها ،شعرت هي به عندما ضغط علي كفها بشدة هائلة غير واعي علي حالة
قتحدثت سريعً وهي تُشير إلي قاسم:
_ ده قاسم چوزي، أكيد فاكرة هو كمان
ضحك الرجل بخفة وأجاب وهو ينظر إلي قاسم الرافع قامته وهو يرمقهُ بكبرياءٍ وضيق :
_ ولا الأستاذ قاسم هو كمان يتنسي
هز له قاسم رأسهُ بإستحسان فتحدث الرجُل قاصدها:
_ شايف إنك أزلتي خيوط العنكبوت اللي كانت بتقيد حركتك ومنعاكي من تحقيق أحلامك
ضحكت وتحدثت بنبرة حماسية:
_ هو أنتَ لسة فاكر،أني الحمدلله شيلت كل الحواجز اللي كانت في طريقي وحججت كُل احلامي
ونظرت إلي قاسم بهيام وتحدثت بنبرة أنثي تهيمُ عِشقً:
_وأهم وأعظم أنچازاتي هو چوازي من قاسم والسعادة اللي بعيشها في جُربُه
إبتسم الرجل بخفة وتحدث:
_مبروك يا صافية، بس إوعي تخلي الفرحة تغمي عيونك وتخليكي تلغي شخصيتك القوية اللي بتميزك عن غيرك، وتصبحي تابع لحد
نظر لهُ قاسم قاطبً مُستغربً حديثهُ الغير مباشر، حين إبتسمت صفا وتحدثت بنبرة هادئة:
_ متجلجش عليا، مش ناوي توري لي الصورة اللي رسمتها لي المرة دي ؟
إبتسم بخفة وتحدث نافيً:
_ للأسف، المرة دي أنا مرسمتكيش
خاب أملها وهتفت بنبرة حزينة:
_يا خسارة، لما لجيتك بتبص علينا وبترسم بجلمك، إفتكرتك بترسمني أني وقاسم، جيت لك بسرعة وأني متوكدة إني هشوف رسمة عظمة،
وأكملت بخيبة أمل:
_ بس يظهر إني مليش نصيب
حزن لأجلها وتحدث قاسم وهو يحتضن كفها:
_ يلا بينا علشان نسيب الأستاذ براحتة يا صفا
أومأت لهُ بإيجاب وأستأذنت من المجهول، وتحركت بجانبة مستسلمة حزينة، إستدارت سريعً حين إستمعت بمن يُناديها بصافية.
فنظرت إلية بتمعن فتحدث المجهول ناصحً لها :
_زي ما شيلتي خيوط العنكبوت اللي كانت معششة حواليكي ومكتفاكي ومعجزاكي عن تحقيق حلمك،ياريت تشيلي كمان الغمامة اللي علي عيونك، بصي حواليكي ودققي كويس ، متخليش الفرحة تمنعك من إكتشاف الأسرار
وأكمل مُبتسمً مشجعً إياها:
_ ومهما كانت الحقايق مُرّة وصعبة ، لازم دايما تكوني متأكدة إنك أقوي منها وهتقدري عليها، وهتتخطي كل الصعاب
إنتفض قاسم رُعبً من إستماعة لتلك الكلمات التي نزلت علي مسامعه كصاعقة كهربائيّة زُلزِلّ جسدهِ بفضلِها، إبتلع لُعابة حين نظر لهُ الرجُل داخل عيناه وكأنهُ يكشف ويستشف ما بأعماقةِ من أسرار لا تُحكي ولا يُفهم مغزاها إلا لمن وُضع وجُبر عليها
نظرت له صفا بإستغراب وتحدثت ببراءة :
_ المرتين اللي جابلت حضرتك فيهم وكلامك ليا كيف الالغاز، مبفهمش منية حاچة أني .
أجابها بهدوء:
_ هتفهميه بعد ما يتحقق يا صافية، علي العموم متقلقيش، علشان إنتِ صافية أكيد ربنا هيشيل الغمامة اللي حوالين عيونك، بس كل شئ بأوان
لم يعُد يتحمل أكثر سخافة ذلك المجهول ، أسرع إلية ووقف قُبالته وتحدث بنبرة حادة وهو يتمعن داخل مِقلتية بنظرات غاضبة:
_إنتَ مين؟!
وتقصد إية بألغازك دي ؟
إبتسم الرجُل وتحدث إلية قائلاً:
_أنا مجرد واحد عادي جداً، ربنا مانن عليا بمَلكة بيسمح لي بيها إني أقري جوة عيون البشر اللي مخبياة قلوبهم،
وأكمل نبرة مريحة:
_ رسايل، مجرد رسايل بتعدي قدام عيوني وبقدر أفهم من خلالها اللي مسموح لي إني أفهمة !
كان ينظر له بعيون مذهولة مما يستمع مما جعل تلك الصافية تنظر لكلاهما مُتعجبة حديثهما ونظرات كلاهُما للأخر وكأنهما يتحدثان بنظرات الأعيُن
إقتربت من وقفتهُما التي تُشير بوجود حرب ستنشئ في القريب، أمسكت كف يدهُ بإحتواء وتحدثت إلية:
_ يلا بينا يا قاسم
إنتبة حينذاك علي وجودها والتف إليها سريعً، أومأ لها وتحرك بها للأمام بعد أن ألقي نظرة تحذيرية علي ذلك المجهول الذي إبتسم بخفة وجلس من جديد وأخرج تلك الرسمة التي خبأها عندما تأكد أنهما يقصُداه
نظر إلي الرسمة والتي كانت عبارة عن صفا وقاسم يسحبها من معصمِها مُنقادة خلفةِ بإستسلام وهي معصومة العينان بشريطٍ أسود يُحجب عنها الرؤية تمامً، مُبتسمة بشدة بينت صفي أسنانها ناصعة البياض، من يراها يتأكد أنها تعيش أجمل لحظاتها، لكنها تعيش وهمٍ كاذب ستفيق منه علي كارثة ستُقضي علي جميع أحلامها الوردية
*** ☆***☆ *** ☆***☆***
روايه قلبيّ بنارِهاَ مٌغرمٌ بقلمي روز آمين
ليلاً داخل غرفة يزن التي كان يقطن بها قبل زواجهُ وإنتقاله إلي مسكنه الخاص بصحبة زوجتة ، كان يتمدد فوق تختهِ تائهً شارد بذقنٍ نابت ، يُمسك بين صباعية سيجارةُ يُنفثها بشراهة وذلك بعدما إلتجأ إليها كي ينفث بها عن غضبة وقهر الرجال الذي أصابهُ بعدما علم بشأن عجزة عن الإنجاب
طرقات خافتة فوق باب حُجرته جعلته يخرج من شروده، لكنهُ لم يعر الطارق أية إهتمام وبرغم ذلك وجد من تقتحم الحُجرة،إنها ليلي لا غيرها التي دلفت وتحركت إلية بهيئة جنونية وذلك بعدما هجرها يزن وعاد إلي غرفتة يمكُث بها بعيداً عن وجة تلك التي أصبح يمقت رؤياها البغيضة
هرولت إلية وركعت فوق ركبتيها أسفل تختهِ ومالت علي قدمة تُقبلها وتحدثت متوسلة بدموعها الصادقة :
_ أبوس رچلك يا يزن تسامحني وترچع لشُجتك من تاني
سحب ساقه سريعً يبتعد عن لمستها وإحتضانها لساقه التي تُشبة إحتضان الأفعي بجلدها الناعم وهي تحتضن وتلتف حول ضحيتها بكُل نعومة لتُشعرةُ بالطمأنينة،وهي في الأصل تُريد تكسير عظامه وسحب وتجفيف جسدهِ من أخر نقطة بدمة
هتف بحدة وهو يرمُقها بنظرات مُشمئِزة:
_ إنتِ إية اللي چابك إهني، أني مش جولت لك الصبح معايزش اشوف خلجتك جدامي ؟
أجابته بلهفة وعيون عاشقة:
_مجدراش أني علي البُعد دي يا حبيبي
هتف بحدة:
_الله الوكيل لو ما خفيتي من وشي الساعة دي لكون فايت لك السرايا كلياتها وواخد هدومي وأروح أجعد في الإستراحة بتاعت الچنينة تحت
أجابتة بنبرة صادقة وهي تقترب حيثُ جلسته :
_ يُبجي أنتَ إكدة ناوي علي موتي يا حبة جلبي
وقف سريعً ونفض يدها التي لامسته بها بشمئزاز وتحدث بنبرة حادة:
_ مصدجة حالك إنتِ إياك؟
ميتا كانت جلوب الخونة عتعرف تعشج وتحس ؟
جحظت عيناها وهتفت بنبرة مذهولة :
_ بجيت خاينة خلاص في نظرك يا يزن ؟
أجابها بنظرات كارهة:
_أومال عتسمي كدبك ولفك من ورا ضهري وإنتِ دايرة علي الدچالين الكَفرة بإية
ثم إقترب عليها وأمسكها من ساعدها ولفةُ خلف ظهرها في حركة جعلتها تتألم وتحدث إليها بفحيح:
_ كُتي عتنامي في حُضني كيف ومنين كانت بتاچيكي الجرأة تبصي چوة عيوني وإنت مستغفلاني ومضحكة الخلج عليا
أجابته بدموع عيناها الصادقة :
_أني عِملت كُل ده علشان بحبك يا يزن، كان نفسي أچيب لك حتة عيل لجل ما أفرحك و أربطك بيا أكتر
ترك مِعصمها وتحرك ليُعطيها ظهره كي لا تري تألم روحة وصرخات عيناه وأجابها بحسرة ملئت صوته :
_ وأديني أني اللي طلعت معيوب ومهعرفش أكون راچل وأچيب حتة عيل من صلبي يحمل إسمي ويشيلني في شِيبتي وضعفي
نزلت كلماتةِ ونبراتهِ الضعيفة المُتألمة علي قلبها شطرته لنصفين، وبرغم حُزنها علية إلا أنها لم يطرق حتي بمخيلتِها أن تعترف له بالحقيقة التي تعلمها عِلم اليقين بعدما قصت عليها والدتها كل ما فعلاه هي وأبيها مع طبيب الفحوصات، بل وسعدت لما حدث بتوهمها أنها وبذلك التصرف الخالي من الضمير تحافظ علية وتضمن بقائة مُجبراً داخل أحضانها وللأبد
أخذت نفسً عميقً إستعداداً لإستمرار كذبها علية وأردفت قائلة بنبرة ناعمة كنعومة الأفعي :
_وأني جبلاك علي إكدة يا حبة جلبي ومعيزاش من الدنيي دي كلياتها غيرك إنتَ وبس، معيزاش لا عيال ولا مال ولا حتي ناس في حياتي
وأقتربت علية وتلمست ظهرة بلمسة حنون قائلة:
_معايزاش من الدِنيي كلاتها إلاك يا جلب ليلي
إنتفض بوقفته كمن لسعةُ عقرب وأستدار لها وتحدث والشرر يتطاير من عيناه قائلاً:
_ وأني معايزكيش ولا طايج أشوف خِلجتك جِدامي، إنتِ واحدة كدابة وخاينة للأمانة
وأكمل مُهدداً إياها بنبرة غاضبة :
_ وعليا اليمين لو مخفيتي دالوك من خِلجتي لأكون رامي عليكِ يمين الطلاج ومعاملش إعتبارات لأي حاچة واصل
إستمعت لذلك التهديد وأرتعب داخلها وأنتفض جَسدِها بالكامل رُعبً، وبسرعة البرق كانت مُنسحبة للخلف وتحدثت وهي تقترب من الباب إستعداداً للمغادر:
_ إهدي يا يزن، متخليش الغضب يعميك عن اللي عشجتك وسلمتك روحها وجلبها عن طيب خاطر،
وأكملت مُنسحبة:
_ أني هسيبك دالوك وهعذرك لجل غضبك اللي عاميك وعيخليك تجول حديت مش محسوب
رمقها بنظرة إشمئزاز حين خرجت هي سريعً خَشيةً فقدانةُ السيطرة علي حاله ووصولةُ لقمة غضبة وتنفيذةُ لتهديدة
خرجت وزفر هو بضيق وأخذ نفسً عميقً كمن كان يقبع داخل قُبة لا هواء بها ولا شئ يصلح للحياة
تحرك لتختةِ وأرتمي بجسدهِ علية بإهمال وعاد لأحزانة وقهرة قلبهِ، ثم مد يدهُ جانبً وسحب سيجارة من العُلبة وقام بإشعالها والتنفيث بها بشدة وكأنهُ يصب بها غضبة المكظوم الذي لو خرج لأشعل المنزل بجميع من يسكنه
*** ☆***☆ *** ☆***☆***
روايه قلبيّ بنارِهاَ مٌغرمٌ بقلمي روز آمين
كانت تقبع داخل أحضان ذلك العاشق الذي يجلس فوق الشيزلونج المتواجد داخل ال Suite, يُطعمها الشيكولا بيده ويُدللُها، مسح بإبهامه علي حافة شفتها وأمتص ما بها من بقايا شيكولاته جراء قُبلتهُ لها
وضعت رأسها علي صدرهِ بحنان وتحدثت بدلال إنثوي:
_قاسم، عوزاك تفضل تچلعني وتحبني إكدة علي طول
تنهد براحه وشدد علي ضمتها بذراع والأخر أمسك بكفهِ رأسها وضمها أكثر لصدره وتحدث بنبرة حنون:
_ إنتِ فاكرة إني بچلعك إنتِ إكدة؟
واكمل بحنان:
_ ده أني بچلع روحي وبهنيها بجربي منك يا بِت أبوكِ يا عالية
إبتسمت ودثرت بحالها أكثر داخل أحضانة وتحدثت:
_ هو إحنا هنرچع سوهاچ بكرة خلاص يا حبيبي؟
وأكملت بنبرة مُتألمة:
_يعني كُلها يومين وتسافر القاهرة ومهشوفاكش غير كُل إسبوع يوم ؟
تنهد وأمسك وجهها محاوطً إياة بكفيها وأردف إليها بنبرة حنون قائلاً :
_ معايزش أشوف الحُزن ساكن عيونك تاني يا جلبي، وصدجيني أني مبجتش أجدر أبعد عنك ولو حتي ثواني، إن شاءالله هحاول ما أجعدش في القاهرة غير الأيام اللي فيها جلسات في المحكمة وبس
إعتلت الفرحة ملامح وجهها وتساءلت مُتلهفة:
_ صُح هتعمل إكدة يا قاسم؟
مسح علي شعرها وأرجع خصله منه خلف آذنها وتحدث بإبتسامة:
_ صُح يا جلب قاسم
نظرات عاشقة سكنت مقلتيهما وطالت وحركت مشاعر الرغبة بداخلهما، مال علي شفتها وبات يُذيقها من قُبلاتهِ التي تُذيب كلاهما وتنقلهما لعالم موازي، وحملها برقة واتجه بها نحو تختهما ليحيا معاً حياة العاشقين
بعد مدة كانت تقطن داخل أحضانة تنتفض من شدة سعادتها وشعورها بلذة الحياة،تحدث إليها بنبرة مبحوحة أثارتها:
_ بحبك يا صفا، بجيت مچنون عشجك خلاص
إبتسمت خجلاً وهي تُداري حالها وتندثر داخل صدرة،قهقه هو علي تصرفها وكاد أن يتحدث لولا إستمع إلي رنين هاتفة يصدح من فوق الكومود، تناولهُ ونظر به وأرتبك حين وجد نقش حروف إسم عدنان
مما جعلهُ يسحب جسدهِ ويتخلي عن ضمتهِ لها وهو يرتدي ثيابهُ ويتحدث إليها بإعتذار:
_ معلش يا حبيبتي، هرد علي التلفون في الرسيبشن برة علشان مش عاوز أدوشك بتفاصيل شغلي
أومأت له بإبتسامة وأنسحب هو خارج غرفة النوم، وكاد أن يضغط للإتصال الذي إنقطع لكنهُ تجدد بالرنين من جديد فضغط زر الإجابة وتحدث بنبرة رسمية جادة:
_ أفندم يا أستاذ عدنان
أجابهُ عدنان بنبرة مستائة وهو يجاور شقيقته الجلوس بشقتها :
_ أستااااذ عدنان، للدرجة دي إحنا بقينا بُعاد أوي كدة عن بعض يا قاسم ؟
مكنش العشم يا صاحبي تكلمني بالطريقة الرسمية دي
تنفس قاسم عالياً وتحدث بنبرة جادة :
_ إنتَ اللي وصلت علاقتنا للمرحلة دي بإيدك يا عدنان، فياريت متجيش تلومني علي الإسلوب اللي أنا إختارتة لشكل علاقتنا كرد فعل علي موقفك معايا وعلي اللي أجبرتوني ووصلتوني لية إنتَ وعيلتك.
زفر عدنان وتحدث بنبرة لائمة:
_ وبالنسبة للي إنتَ عملته مع أختي بدون ما تراعي العشرة والصداقة اللي بينا تسمية إية يا قاسم ؟
أشارت له إيناس بإكمال ما أتفقا عليه منذُ القليل وهي تنظر له بإستحسان، وأكمل ذلك المُلقن قائلاً بنبرة صوت حزينة كي يستدعي تعاطفة:
_ يرضي مين إنك تسيب إيناس تاني يوم فرحها وتسافر وتفوتها لوحدها منهارة بالشكل ده، البنت هتموت يا قاسم، أنا جيت لقيتها مغمي عليها من كتر حُزنها وقلة أكلها من يوم ما أنتَ مشيت
كان يستشف كذبة من نبرة صوتهِ، وعَلم بجلوس تلك الحية وتيقن من أنها من تلقنهُ كُل ما يتفوة بهِ كالبغبغاء بدون تفكير، فتحدث بنبرة حادة غاضبة:
_ عدنان، لو عندك حاجه مهمة بخصوص الشغل تستدعي نقاشنا ياريت تقول، غير كده أنا مُضطر أقفل السكة لأني مش فاضي للمهاترات اللي بتقولها دي.
إبتلع ذلك البهلوان لُعابهُ رُعبً من نبرة قاسم الشديدة وتحدث سريعً بنبرة يبدوا عليها الإرتباك مما أكد لقاسم شكوكهُ:
_ لا يا قاسم، الشغل كله تمام وماشي كأنك إنتَ وإيناس موجودين بالظبط .
تحدث إليه بنبرة حادة وهو يغلق الخط :
_ تمام، مع السلامه.
وأغلق دون أن يستمع حتي لردةِ مما جعل إيناس التي كانت تستمع إلي المكالمة عن طريق مُكبر الصوت تستشيط غضبً وتحدثت بنبرة غاضبة:
_ قليل الذوق، ماشي يا قاسم، إن ما خليتك تدفع تمن كل جَليتك وقلة ذوقك معايا ده غالي، ما أبقاش أنا إيناس رفعت
أردف إليها عدنان قائلاً بنبرة تعقلية:
_إعقلي يا إيناس وبلاش تلعبي مع قاسم النُعماني لأن وقتها هتخسري كل حاجة، وياريت متنسيش إنه صعيدي، يعني قرصتة ليكي وإنتقامة هيكون بدون رحمة وأكبر مما خيالك يصور لك.
أجابته بحدة:
_ يعني عاوزني أقف أتفرج وهو بيقلل مني وبيحتقرني بأفعاله المستفزة دي يا عدنان؟
اجابها بدهاء:
_ أكيد ما أقصدش كدة يا حبيبتي، أنا كل اللي عاوز أوصلهُ لك إنك تفكري وتخطتي وتحاولي ترجعي قاسم ليكي من جديد بدل ما تخسرية للأبد.
نظرت له بإستحسان وشعرت بصحة حديثةُ وتعقله
___________________
في الصباح
داخل فيراندا سرايا عِثمان، كان يجلس هو وزيدان ومُنتصر يتناولون مشروب الشاي بالحليب التي أعدته ورد وقدمتهُ للجميع بنفسها ، ودلفت من جديد لداخل المطبخ لتستعد لتجهيز وجبة الفطور لأهل المنزل ولرسمية التي مازالت تُلازم الفراش لشدة مرضها
خرج يزن وألقي عليهم السلام بنبرة حادة وعيون تتلاشي النظر لأيً كان، فهذا للاسف أصبح حالهُ مُنذُ تلك الليلة المشؤمة
وكاد أن يتحرك للخارج فاوقفهُ زيدان قائلاً بنبرة حنون :
_ تعالي يا ولدي إشرب لك كُباية شاي بحليب علي ما الفطور يچهز.
تحدث إلية متلاشي النظر بعيناه تحت نظرات مُنتصر المُتألمة لأجل إنكسار ولده :
_ هبجا أفطر في المحچر ويّاَ الرچالة يا عمي عشان فية شُغل مستعچل لازم يتسلم كمان شوي.
قاطع حديثهُ عِثمان قائلاً بنبرة صارمة:
_ وبعدهالك يا يزن، عتفضل علي حالك المايل ده كتير، أني مش جولت لك فضي حالك يوم لجل ما تدلي ويا عمك علي مصر وتعمل تحاليل چديدة ؟
إشتعل داخلهُ وشعر بدونيتة ونقص رجولتة الذي بدأ يُلازمهُ عندما يُذكر أحدهم هذا الأمر أمامه وتحدث بنبرة حادة :
_ وأني جولت مرايحش يا چدي وبكفياك چبر فيا لحد إكدة
وأكمل بنبرة رجُل مهزوم:
_ مهروحش أني كل شوية للحُكما لچل ما يشفجوا علي حالي ويتفرچوا علي خيبتي وعجزي، أني عرفت نصيبي من الدنيي ورضيت بيه خلاص
في تلك الأثناء كانت فايقة تقف خلف الحائط الداخلي وتتسمع عليهم بعدما كانت في طريقها إليهم تحمل بيدها صَحنً كبيراً من المخبوزات لتقديمةُ إليهم كي تُكحل عيناها برؤيا زيدان التي مازالت تعشق تفاصيلة إلي الآن برغم السواد الذي يملئ قلبها، وأيضاً كي تنال رضي عِثمان عليها بعدما أصبح يبغضُ رؤياها بشدة
إبتسامة سعيدة إعتلت ملامحها حين إستمعت إلي حديث يزن المُثلج لصدرِها وأستشفت وتأكدت من إستسلامه وإعلانه الرايا البيضاء لما أخبرته بهِ هي وقدري
تحدث إلية مُنتصر بنبرة غاضبة:
_حديت إية الماسخ اللي عتجولة ده يا يزن، كَنك إتخبط في نفوخك ، تايه إنتَ إياك عن لعب المحروجة اللي إسميها فايقة ؟
أجاب والدهُ بنبرة صارمة لا تقبل النقاش:
_ أنا جولت كُل اللي عِندي ولو ليا غلاوة في جلبك يا أبوي تنسي الموضوع ده ومحدش فيكم يفاتحني فيه تاني، وإلا قسماً بالله لكون مِطلج ليلي وأروح أبني لي أوضة في چنينة المانچة ومهتشوفوا وشي إهنية تاني
قال كلماته التهديدية وهرول مُسرعً خارج البوابة الحديدية حتي إختفي عن الأنظار، وضع مُنتصر كف يدهُ سانداً به رأسة وتحدث بنبرة مُنكسرة:
_ يا ميلة بختي في ولدي الكَبير
تحدث زيدان إلي شقيقةُ المهموم:
_ متعملش في حالك إكدة يا أخوي ليچري لك حاچة، وأصبر يومين تلاتة إكدة لحد ما يهدي اعصابة وأني بنفسي هاخدة وأعيد له التحاليل تاني
أما في الداخل تحركت فايقة عائدة بما في يدها إلي المطبخ من جديد بعد ذهاب يزن مباشرةً، وتحدثت إلي العاملة بإنتشاء وسعادة ظهرت فوق ثغرها:
_ خدي يا حُسن خرچي الصَحن دي للحاچ برة
رمقتها نجاة بنظرة نارية وتحدثت بتهكم:
_ ملجتيش مواصلات إياك يا فايقة ولا زي عادتك، عِملتي الجراجيش حِجتك و وجفتي وأتسمعتي علي الرچالة وعاودتي
إبتسمت بجانب فمها وأجابتها ساخرة وهي تنظر إلي ورد قاصدة إياها بحديثها :
_أصلي لجيت إن مايصحش إن أسياد البيت يهينوا حالهم ويجوموا هما بشُغل الخَدم.
إبتسمت ورد لتيقُنها أنها تقصدها بذاك الحديث لتقديمها قبل قليل مشروب الحليب الممزوج بالشاي، فتحدثت ورد بنبرة متسامحة:
_عُمر خدمة الست منينا لچوزها وناسه ما كانت إهانة، الإهانة اللي بچد إن الإنسان يكون عارف ومتوكد إنه ماشي في طريج الشيطان، ومع ذلك مكمل في أذيته لخلج الله
إبتسمت ساخرة ورمقتها بنظرة إشمئزاز وتحركت للخارج
________________
أما في الأعلي
كان يغفو وهو يحاوط جسدِها بذراعية من الخلف، تمللت من بين ضمته عندما إستمعت إلي رنين المنبة، مدت يدها بتكاسُل وضغطت علي زر التوقف، وكادت أن تتحرك لولا يداهُ التي كبلتها من جديد وتحدث بصوتٍ مُتحشرج ناعس:
_ خليكي نايمة چاري
إبتسمت بسعادة وأستغربت تحولهُ، وتحدثت إلية:
_ مهينفعش يا فارس، لازمن أروح المستشفي، صفا مش إهنية ولازمن أباشر المستشفي مكانها
شدد من ضمتة لها وتحدث وهو مُغمض العينان بتكاسُل :
_ بلاش المستشفي إنهاردة وخليكي چاري، أني كسلان ومش عاوز أجوم بدري وعاوزك في حُضني
ما كان منها إلا أن أطاعته وأستسلمت لضمته بل ونعمت داخل أحضانة وغاصت من جديد في نومتها الهنيئة داخل أحضان زوجها الدافئة الحنون التي ولأول مرة تشعُر بها
أما عن ياسر الذي قضي يومهُ العملي مُكتئبً لعدم رؤيتةُ لوجة فاتنتة الجميلة التي سحرته وأصبح يومهُ لا يكتمل إلا برؤياها الساحرة التي تُربت علي قلبه وتمنحهُ السلام النفسي
💘💘💘💘
في المساء
وصل العاشقان إلي مطار سوهاج بسلام، وجدوا فارس بإنتظارهم ليقلهم بسيارتة إلي المنزل، وبالفعل إستقلوا السيارة وجلس إثنتيهم بالمقعد الخلفي
نظر فارس لإنعكاس كليهما بالمرأة وتحدث ساخراً:
_ سواج اللي جابوكم أني لجل ما تلطعوني جدام لحالي وتجعدوا تحبوا في بعض إكدة
ضحك كلاهُما وتحدث قاسم الذي يُكبل كتف محبوبتة كمن يخشي هروبها:
_ يا تسوج وإنتَ ساكت يا تنزل وتركب لك أي تاكسي وأسوج أني
أجابهُ ساخراً:
_لا وعلي إية، أسوج وأني مكتوم لجل ما ترتاح حضرتك إنتَ والدكتورة
وصل الثنائي إلي السرايا ولقيا إستقبالٍ حار من الجميع ما عدا يزن وذلك لعدم تواجدة حيثُ أنهُ أصبح يعود في وقتٍ مُتأخر من الليل وذلك حين يتأكد من أن الجميع قد غفي في ثبات عميق كي لا يراة أحدً من سُكان المنزل
وأيضاً ليلي التي أصبحت حبيسة حُجرتِها بعدما تركها يزن وبات لا يطيقُ حتي النظر لرؤية وجهها البغيضُ بالنسبة له، أما فايقة التي كانت تنظر بحقدٍ إلي صغيرها والسعادة التي تنطلقُ من عيناه،
كم بغضت رؤية الراحة والسلام اللذان إرتسما علي ملامحهُ وأستوطنا، بلحظة شعرت بالخطر وبأن عرش إنتقامها الأعمي بات مُهدداً بالإنهيار، وأكثر ما أرق روحِها وأتعبها هو العشق الظاهر وأنسجام روحي هذا الثُنائي ونظراتهما العاشقة المتبادلة والتي تؤكد وتُظهر عِشق كلاهما للأخر
تحرك قاسم وقبل مقدمة رأس عتمان وتحدث بنبرة صوت هادئ وملامح وجة مُبتسمة أكدت لعتمان أن حفيدهُ قد سامحهُ وتأكد من حُسن إختيارة له:
_كيفك يا چدي وكيف صحتك.
ربت عِثمان فوق ظهر حفيدةُ وتحدث بنبرة إستحسانية:
_ بخير طول ما أنتَ بخير يا سَبعي
إبتسم لهُ قاسم بإرتياح كقبل
ثم تحرك إلي والدته بعدما إطمئن علي جدته وأحتضنها وتحدث إليها بنبرة هادئة:
_ كيفك يا أمّا، إتوحشتك
مالت علي إحدي أذناه وهمست بنبرة حادة عاتبة :
_ وعشان إكدة كُنت عامل حظر لرقمي وكل ما أتصل بيك يجول لي مجفول؟
أجابها بمراوغة، فهو حقاً كان مُفعل تلك الخاصية لرقمها وإيناس وكوثر وذلك لعدم إزعاجة هو وحبيبته، وهذا ما أشعل روح فايقة وجن جنونها حين حاولت الوصول إلية بشتي الطُرق لتخبرهُ ما جري لشقيقته كي تُجبرهُ علي قطع إجازتة وعدم إعطائه هو وصفا الفرصة للتقرب أكثر والإستمتاع معاً كي لا تتقارب روحيهما أكثر :
_ الشبكة هناك مكناتش زينة يا أمّا، حجك عليا
تحدثت إلية من جديد:
_ عاوزاك تاجي معاي نطلع فوج لأختك لچل ما أحكي لك علي اللي حُصل لها من إبن المركوب اللي إسمية يزن
إهتز داخلهُ لأجل شقيقته وتسائل مُتلهفً :
_ إيه اللي حُصل يا أمّا، إوعا يكون مّد يده عليها؟
مد يده بس، ده بهدلها جِدام العيلة كِلياتها، ومحدش منيهم نطج ولا حتي جال كلمة نصف بيها خيتك: كانت تلك جُملة خبيثة نطقت بها فايقة لتُشعل داخل صغيرها تجاة يزن وتجاة جميع العائلة
إستأذن من الجميع وصعد إلي مسكن شقيقتة هو وفارس الذي فهم مغزي همس والدتهُ إلي شقيقهُ وأصّر علي الصعود معهُ كي يمنع والدته من ملئ رأس قاسم بأحاديث مغلوطة وغير صحيحة بالمرة، وشحنهِ بالكراهية ضد يزن الذي هو بالفعل يبغضة لعلمهِ أنهُ يكنُ داخل صدرهِ عِشقً إلي صفا
صعد إلي شقيقته وأخذها داخل أحضانة، وما كان من ليلي سوي الإنفجار بالبكاء الحاد وكأنها كانت تنتظر ضمتها إلي صدر أحدهم كي تشعر بالأمان داخلهُ وتُخرج كُل ما تكنهُ داخل صدرها وتُخفيه، وتُعلن عن إنهيارها، ربت قاسم علي ظهرها بحنان وتحدث بنبرة حنون :
_ إهدي يا ليلي، إهدي يا حبيبتي وفهميني إية اللي حُصل،
وأكمل بنبرة متوعدة :
_ وصدجيني، هچيب لك حجك من كُل اللي چُم عليكِ وظلموكِ
جلست فايقة وقصت علية ماحدث من وجهة نظرها الكاذبة الحقود
إشتعل داخل قاسم وكاد أن يتحرك إلي يزن ليُلقنةُ درسً ويتقاتل معه، أوقفةُ فارس الذي أكمل لهُ الحديث التي تعمدت والدتهُ عدم ذِكرة، تحت غضب فايقة وسخطها علي فارس
جحظت عيناي قاسم وتحدث مُلامً إلي والدتهُ قائلاً:
_ معجولة اللي بسمعة من فارس دي يا أمّا، كيف طاوعك جلبك تودي ليلي بيدك للناس الكَفرة اللي ميِعرفوش ربنا دول ؟
ثم نظر إلي شقيقتة وأردف مُعاتبً إياها :
_وإنتِ يا ليلي يا متعلمة يا اللي تعرفي حدود ربنا والصح من الغلط، كان فين عجلك وإنتِ ماشية تابع ورا أمك كيف العامية وبتغضبي ربنا وبتخدعي چوزك ؟
أجابتهُ من بين شهقاتها الحادة ودموع الألم :
_ كُنت عاوزني أعمل إيه يا قاسم، أني كُنت كيف الغرجان اللي متعلج بجشاية، كُنت مستعدة أعمل أي حاچة لجل ما أچيب حتة عيل أفرح بية جلب يزن وأربطة بيا أكتر
سحبها لداخل أحضانة وتحدث وهو يُربت علي ظهرها بحنان:
_ أني هاخدك وياي علي مصر وهوديكي لأكبر دكاترة، ومهسيبكيش غير لما ربنا يراضيكي ويديكي العيل اللي نفسك فيه.
إرتبكت ليلي في حين هتفت فايقة بنبرة قاطعة:
_ مبجاش لية لزوم المرواح والمجي يا قاسم، كل الدكاترة والتحاليل اللي عِملناها جالت إن أختك صاغ سليم والعيب من يزن، هو اللي معيوب ومعيخلفش واصل
تنهد قاسم بأسي علي حال إبن عمهِ وما وصل إلية، فمهما كان يكِن لهُ بعض العداوة لأجل صفا إلا أنهُ يضل إبن عمه الذي يربطهما نفس الإسم والدم وبينهما الكثير والكثير من الذكريات الجميلة التي لم ولن تُمحي بمرور الزمن
أردف فارس قائلاً بإعتراض:
_متجوليش إكدة يا أمّا، يزن راچل من ضهر راچل، وأني متوكد إن فية حاچة غلط في التحاليل دي.
حول قاسم بصرهُ إلية وتحدث بنبرة هادئة:
_ طب ما تاخدة لمعمل كبير في مصر وتخلية يعيد له التحاليل من تاني ويتأكد
إرتعب داخل فايقة من إنكشاف أمر خِطتها وتحدثت بنبرة قوية مصطنعة:
_ الدكتور بعتنا لأكبر معمل في مصر كلياتها
أكدت تلك التي ورثت خُبث وكذب والدتها كي تحمي حالها وعرشِها:
_ هي المعامل الكبيرة دي عتغلط بردك يا قاسم؟
تنهد قاسم وأجاب شقيقتة في محاولة منه لبث روح الأمل داخلها:
_كل شئ جايز يا ليلي، ممكن جداً تكون عينات الفحص إتبدلت وحصل لغبطة من دكتور التحاليل وهو بيكتب التقارير
تحدثت فايقة كي تُغلق ذلك الباب بوجة نجليها:
_مليكش صالح باللحكاية دي يا قاسم لا أنتَ ولا أخوك، عمك مُنتصر ومرته مفكرينا عنكدبوا عليهم، وأي حد فيكم عيدخل معيصدجهوشي ولا هيأمنوا له، يُبجا أسلم حل نبعد خالص ومندخلش.
هتفت ليلي بنبرة تأكيدية:
_ أمي عنديها حَج يا قاسم
إستمع قاسم حديث الأم وإبنتها وحزن كثيراً لأجل إبن عمه وما أصابة
____________
بالأسفل كان زيدان يحتضن صغيرته برعاية تحت نظرات الجميع المُحبة، خرجت صفا من أحضان أبيها وتحدثت إلي عمها مُنتصر:
_ أومال فين يزن يا عمي، مشيفهوش هو وليلي يعني ؟
تحدث الجَد كي يرفع الحرج والحزن عن كاهل ولدهُ وزوجتة ذات القلب المُتألم لأجل نجلها الحبيب:
_ يزن عِندية شغل في المحچر وزمناتة چاي يا دكتورة
أومأت مُبتسمة لجدها الحبيب، ثم أردفت متسائلة جدتها بعدما علمت بمرضها حين سألتها عن تغيُر لون وجهها وعيناها الذي يظهر المرض بداخلهما :
_ والدكتور ياسر كتب لك علي حُجن الأنسولين من أول ما عمل لك التحليل وأكتشف إن عِندك السكر يا جده ؟
أجابتها الجَدة بصوتٍ واهن ضعيف:
_أداني برشام أول يومين مرتاحتش علية، بعدها حلل لي وجال لي إني لازمن أخد إبر لجل ما تجيب معاي مفعول زين.
تحركت صفا وجلست بجانبها ثم رفعت كف يدها وقبلته بحنان وتحدثت :
_ ولا يهمك يا حبيبتي، أني هضبط لك الأكل وإن شاء الله مستوي السكر هينزل ومهتحتاجيش للأنسولين تاني
تدلي قاسم بجوار شقيقهُ من فوق الدرج بوجهٍ مهموم لأجل شقيقتة وإبن عمة، تحرك إلي جدته وقبل جبهتها وسألها عن حالها وصحتها وبعدها تحرك الجميع إلي حُجرة الطعام وتناولوا عشائهم بدون شهية
إنسحب للأعلي هو وصفا دلفا لداخل المرحاض وأخذ كلاهما حمامً دافئً كي يُزيلا تعب السفر وجلسا سوياً داخل غُرفتهما
وقص لها ما حدث مع يزن وليلي مما جعل صفا تتسائل بإستغراب:
_ كيف يعني العيب من يزن وأمّك بذات نفسيها أخدت مني عنوان الدكتور بعد ما جالت لي إن ليها سنتين ونص بتلف علي الدكاترة في المركز إهني، وكلهم بيجولوا لها إنها مسألة وجت؟
سألها مُستغربً:
_جصدك إية بكلامك ده يا صفا ؟
أجابتة بنبرة تشكيكية:
_جصدي إن لو فعلاً الكلام دي صُح، كان علي الاقل دكتور منيهم طلب من ليلي إنها تخلي چوزها ياچي معاها ويعمل تحاليل، لجل ما يتأكد إن المريضة بتاعتة معِنديهاش مشاكل
قطب جبينة وكاد أن يرد عليها لولا إستمعا كلاهُما إلي طرقات عالية متتالية فوق الباب، مما أفزعهما وأسرع هو بإتجاة الباب ليري من الطارق، أما هي فأسرعت لترتدي ثيابً ساترة لجسدها
وجد فارس أمامة وتحدث بنبرة لاهثة تدل علي وجود كارثة حدثت:
_ چِدك عاوزك تحت حالاً يا قاسم
سأل شقيقةُ بنبرة مُرتعبة:
_ إية اللي حصل يا فارس، إنطج وجول فية إية؟
أجابة فارس:
_ يزن تحت، وعيجول إن فية ناس تبع الشرطة هجموا علي المحجر وخرجوة هو ورچالتنا منية بالعافية
خرجت لهما صفا وتساءلت بنبرة مُرتعبة:
_ فية إية فارس ؟
أمسك قاسم مقدمة رأسها وقبلها بعدما قص عليها ما حدث، وتحدث إليها بنبرة مُطمأنة:
_ أدخلي نامي وإرتاحي يا حبيبتي، وأنا هنزل أشوف الموضوع وهطلع لك علي طول
نزل بالفعل وجد جميع رجال المنزل و يزن بجاور جده فتحدث إلية بنبرة هادئة جديدة علية :
_ إزيك يا يزن
أجابه يزن بإقتضاب :
_ الحمدلله.
تحدث إلية قاسم بمهنبة :
_ إحكي اللي حصل كله وشكلهم إية الناس دول، والراچل اللي قال لك إنة تبع الشرطة وراك الكارنية بتاعة ؟
أجابة يزن بنبرة حادة:
_ أني مش صُغير علشان ينضحك عليا يا قاسم، ولا كُنت هسيب مكاني واتحرك برچالتي من غير ما أتوكد إنهم فعلاً شرطة وأشوف الكارنيهات بتاعتهم
عذر قاسم حدتة بالحديث، واردف قائلاً بهدوء:
_ وأني مبجولش إنك صغير يا يزن، أني بس بتأكد إنك شوفت كارنيهاتهم .
تحدث جدة إلية:
_ أني كلِمت مأمور المركز بس جال لي إن شكلهم جاصدين المحاچر بتاعتنا مخصوص وإنة معينفعش يتدخل لأنه بكدية هيُبجا بيتحداهم وهيعملوا مشاكل هو في غنة عنيها،
وأكمل مُفسراً :
_أني كان ممكن أجمع رچالة النجع كلياتها بالسلاح ونمشوهم بالجوة، لكن معايزش الموضوع يخلص بالعُنف وندخل الحكومة بيناتنا
هز قاسم رأسهُ وتحدث:
_ شكلهم إكدة الظباط الفسدة اللي تبع كمال أبو الحسن وبيشتغلوا لصالحة في موضوع تهريب الاثار
هتف قدري بنبرة حقودة وكأنة وجد مادة خصبة للحديث:
_ أني جولت من اللول إن اللحكاية دي مهيجيش من وراها غير الخراب ووچع الجلب، وأهو كلامي طلع صُح والمحاچر اللي هناكُل من وراها الشهد ضاعت منينا
وأكمل وهو ينظر إلي زيدان قائلاً بنبرة أمرة وكأنهُ أصبح الأمر الناهي :
_ من بكرة تروح تسحب ورج الترشيح بتاعك يا زيدان، منجصينش مشاكل ووچع دماغ إحنا مع الحكومة
نظر لهُ قاسم مُستغربً رد فعلةِ وتحدث بنبرة غاضبة:
_ كلام إية اللي عتجولة حضرتك دي يا أبوي، عاوز ولاد النُعمانية علي أخر الزمن يطاطوا راسهم لواحد حرامي كيف كمال أبو الحسن ؟
صاح زيدان بنبرة حادة وهو ينظر لداخل عيناي قدري بثقة:
_ أني منكرش إني مكُنتش رايد موضوع الترشيح دي من اللول، بس بعد اللي حُصل من كمال دي، مسألة الترشيح بالنسبة لي بجت مسألة حياة أو موت يا قدري
بعد الشر عنيك يا جلب أمك، إوعاك تچيب سيرة الموت ديت علي لسانك تاني: كانت تلك جُملة رسمية التي أصّرت علي الجلوس معهم رُغم مرضِها
أردف مُنتصر بنبرة قوية:
_وأني وولادي التنين واچفين في ضهرك يا زيدان
وافقاه يزن وحسن وأيضاً فارس الذي خجل من كلمات أبية الشامتة
في حين هتف عِثمان الذي كان ينتظر ليري رد فعل الجميع، نظر إليهم جميعاً متلاشيً النظر إلي قدري وتحدث قائلاً:
_ هي دي رچالتي وعزوتي علي حَج، رچالتي اللي دائماً جلبهم علي جلب بعض ويدهم واحده جُصاد أي عدو ياجي علينا
إنكمش قدري بجلسته خشيةً غضب أبية، حين تحدث قاسم إلي جدة بنبرة مُطمأنة:
_ مش عاوزك تجلج وإعتبر الموضوع إنتهي يا چدي
وأمسك هاتفة وتحدث إلي رجُل ذو هيبة وموقع حساس بجهاز أمن الدولة، كان قد تعرف علية من خلال قضية مهمة لأحد أقرباءة وانتصر قاسم بها ، ابلغةُ قاسم أن هذة المحاجر مِلكً للدولة، وجدة يدفع المال التي حددته الدولة له سنوياً
قال له الرجل أن يذهب علي الفور إلي هؤلاء الرجال ويهاتفهُ أمامهم ويُفعل خاصية مُكبر الصوت، وبخلال تلك الفترة القصيرة سيُجري إتصالاتة ويتعرف علي هويتهم بطُرقةِ الخاصة والتي لا تصعب علية بكونةِ أحد الرجال الهامة في جهاز أمن الدولة، وقد ساعدة قاسم ومّدهُ ببعض المعلومات التي يعرفها عن كمال أبو الحَسن، وأيضاً أملاهُ يزن بأسماء بعض الرجال الذي رأي إثبات شخصيتهم
بعد حوالي نصف ساعه كان قاسم وزيدان ومنتصر وقدري الذي ذهب بصحبتهم كي يستدعي رضا والده علية ، وايضاً يزن وفارس وحسن ومُعظم رجال العائلة الذي إستدعاهم زيدان وعلي الفور لبي جميعهم النداء، يقفون أمام الضابط الفاسد ورجالة
وقف الضابط الفاسد وتحدث إليهم بنبرة قوية مُهدداً إياهم :
_ جاي عاوز إية يا شاطر منك لية
تحدث قاسم إلية بنبرة ساخرة:
_ شاطر دي تقولها للي بيقدم لك الشاي في مكتبك، إنما لما تيجي تُقف قدام رجالة النُعمانية أسياد النجع وأسياد المركز بحالة، تبقا تقف كويس وتتكلم بأسلوب يليق بأولاد وأحفاد عِتمان النُعماني
هتف الضابط بنبرة حادة مُهينة لشخص قاسم:
_وإنتَ بقا يا حيلة أمك اللي جاي تعلمني الإسلوب اللي هتكلم بيه مع امثالكم ؟
أجابةُ قاسم بنبرة باردة وهو يضغط علي زر الإتصال برجُل الدولة المهم:
_ هو أحنا فينا من قلة الأدب وطولة اللسان ولا إية
جن جنون الضابط وتحدث بنبرة غاضبة وهو يتحرك بإتجاة قاسم كي يتهجم علية ويلكمةُ:
_ ولسة كمان هتدوق طولة الإيد يا روح أمك
تسمر مكانه حين أوقفتة يد يزن الذي إحتجزة كي لا يقترب من إبن عمه، وجحظت عيناه حين إستمع إلي صوت قاسم وهو يتحدث إلي رجُل الدولة :
_ إيوة يا باشا، الظابط اللي كلمت جنابك عنه واقف قدامي وسامعك
تحدث الرجُل موجةً حديثةُ إلي الضابط الفاسد مهدداً إياه :
_ إسمع يا عُمر يا منشاوي
جحظت عين الضابط فأكمل الرجُل حديثةُ:
_ متستغربش إني عرفت إسمك، أنا أعرف عنك كل بلاويك والمخالفات اللي عملتها في شغلك المشبوة مع النائب الفاسد اللي إسمة كمال أبو الحَسن ،
وأكمل بنبرة تهديدية:
_ إسمعني كويس يا عُمر، أنا هدي لك فرصة عمرك وده بس علشان ما أدمرش مستقبلك وإنتَ لسة في بدايتك ، قدامك خمس دقايق بالظبط وتكون لامم البلطجية اللي حواليك دول وماشي من نجع النُعمانية ومن سوهاج كُلها، ولو في يوم شيطانك وزك وحاولت تأذي أي حد من عيلة النُعمانية، ساعتها بس متلومش غير نفسك
وأكمل بنبرة حادة:
_ مش سامع صوتك لية يا عُمر؟
إرتجف جسد عُمر وأجابةُ بنبرة مُرتبكة:
_ تحت أمرك يا باشا، حالاً هتحرك أنا ورجالتي
تحدث الرجل إلي قاسم:
_ لو فيه أي جديد حصل يا متر يا ريت تتصل بيا علي طول وأنا هتصرف
أجابهُ قاسم بنبرة شاكرة:
_ إن شاءالله يا أفندم، وشاكر جداً لأفضال جنابك
أغلق الخط ونظر إلي الضابط الذي وبالفعل بدأ بجمع رجالة البلطجية وتحدث إلية بنبرة ساخرة:
_ يلا يا شاطر، جمع البلطجية بتوعك دول ومشوفش خلقتك في سوهاج كُلها وإلا إنتَ سمعت بنفسك الباشا قال إية
سحب نظرة بعيداً عن مرمي نظر قاسم المُتشفي به وتحرك سريعً مُنسحبً هو ورجالة
حين هتف قدري بنبرة تفاخرية بنجلة:
_ براوة عليك يا قاسم ، سبع يا ولدي الله يحميك
ربت زيدان علي كتف قاسم وتحدث بنبرة استحسانية:
_ ربنا يحميك لشبابك يا ولدي
إبتسم لعمه وأمسك كف يدة وضغط عليها دلالة علي تضامنة
وتحرك الجميع عائدون إلي السرايا بعدما هاتف يزن رجالة وعادوا من جديد إلي المحجر لحمايتة
أما الضابط فهاتف كمال وقص علية تفاصيل ما حدث وأبلغهُ إنسحابهِ من القصة، غضب كمال وتوعد بالرد القاسي علي عِتمان وزيدان
__________________
في منزل زيدان النُعماني
كانت تجاورهُ الجلوس فوق فراش نومتهما وتحدثت إلية بنبرة حزينة:
_ بلاش منية موضوع الترشيح ديه يا زيدان، أني جلبي ممطمنش للي إسمية كمال دي
وأكملت وهي تنظر لداخل عيناه والخوف يُسيطر علي نظرتها له:
_ أني خايفة عليك يا حبيبي
سحبها لداخل أحضانة وربت علي ظهرها كي يُشعرها بالأمان والطمانينة:
_ معادش ينفع الإنسحاب يا ورد، الموضوع كِبر وبجا مسألة كرامة، وأني مهتنازلش عن كرامتي وكرامة عيلتي واصل جدام اللي إسمية كمال دي
وأكمل:
_ مش عايزك تخافي طول ما أنتِ چوة حُضني يا زينة الصبايا
تنهدت بثقل وخبأت حالها داخل صدرة لتتناسي بضمتة أحزانها التي أصابتها جراء ما حدث
*** ☆***☆ *** ☆***☆***
روايه قلبيّ بنارِهاَ مٌغرمٌ بقلمي روز آمين
في صباح اليوم التالي
فاق قاسم من غفوتة ثم أستعد وسافر إلي القاهرة تحت تألم روحة ودموع صفا وصرخات قلبها الذي ما عادَ يحتمل البُعاد عن وليفةُ ولو لساعاتٍ قِلة.
ذهبت صفا إلي المشفي في محاولة منها لمتابعة سير العمل لسببين، الأول أن تتناسي ألم قلبها الناتج عن إبتعاد الحبيب، والثاني أن تعود لعملها التي تعشق مزاولتة.
أوصل فارس مريم إلي عملِها بسيارته وترجلت منها داخل المَشفي وتحرك هو إلي أعمالة التي يكلفهُ بها جده، دلفت وجدت بوجهها دكتور ياسر، نظر لها مُتلهفً لرؤياها فقد إشتاقها وأشتاق رؤية عيناها حد الجنون،
تسمر بمكانهِ لينتظر مرورها بجانبة، إبتسم لها برقة وتحدث بنبرة هادئة تدل علي عشق روحهِ لتلك الجميلة :
_ حمدالله على السلامة يا أستاذة مريم
وأكمل بإبتسامة مُداعبً إياها:
_ إحنا هنبتديها تقصير كدة من أولها ولا إية؟
أجابتهُ بنبرة جادة:
_ أني أسفة يا دكتور، وإن شاء الله هتكون أخر مرة ومهتتكررش تاني
إبتسم لها وتحدث بنبرة متسامحة:
_ ولا يهمك يا مريم، المهم طمنيني، إنتِ كويسة؟
أجابتة بنبرة صارمة وهي تنسحب للأمام في طريقها إلي مكتبها:
_ الحمدلله، بعد إذنك
وهرولت سريعً حتي أختفت داخل مكتبها، تنهد وتحدث بصوتٍ يكادُ مسموع لأذنه :
_ لحد أمتي هتفضلي تهربي بعيونك مني يا مريم، لحد أمتي هتهربي من مشاعري وتعملي نفسك مش فاهمة ومش واخدة بالك من حُبي ليكِ
تنهد ثم تحدث بنبرة متفائلة:
_ علي العموم هانت يا حبيبتي، أنا خلاص قررت أكلم يزن وأطلب إيدك منه، علشان خلاص، مابقتش قادر أصبر علي معاملتك الجافة والرسمية دي أكتر من كدة
_________________
ظهراّ داخل سرايا النُعماني
ذهب عِثمان النُعماني إلي حديقة الفواكة ليطمئن علي المحاصيل بنفسة وليجلس مع يزن ويتحدث معه بخصوص إعادة الفحص مرةً أُخري، أما رسمية فبعد أن أخذت جُرعة الدواء وإبرة الأنسولين دلفت لداخل حُجرتها لتأخذ قيلولتها
أما ورد فكانت تجلس في البهو بجانب نجاة وتحمل إبنة مريم وتُدللها وتداعبها،
نظرت ورد إلي نجاة المهمومة وأردفت بنبرة مُلامة:
_ وبعدهالك يا نچاة، عتفضلي لميتا جاعدة حزينة ومستسلمة لحالتك دي؟
تنهدت نجاة وتحدثت بنبرة محملة بثقل من الهموم:
_ وأني إية اللي في يدي لجل ما أعملة يا خيتي ومعملتوش
هتفت ورد بنبرة حادة:
_ في يدك كتير إنتَ ومُنتصر يا نچاة، إجعدوا وياة وحايلوة وخدوة لمصر من چديد لجل ما يعيد التحاليل،
وأكملت بنبرة تأكيدية:
_ كلياتنا وإنتِ أولنا خابرين زين إن فايقة ممكن تعمل أيتوها حاچة لجل ما تبعد الشك وتأكد للچميع إن عيب الخِلفة عند بِتها
لم تكملا حديثهما حين إستمعتا صوت فايقة الهادر الذي يأتي من فوق الدرج وهي تُنادي علي العاملة إحسان بنبرة غاضبة، وهذا بعدما شاهدت ورد تحمل جميلة حفيدتها التي لم تحملها هي مُنذُ ولادتِها إلا مرات تُعد علي أصبع اليد الواحدة
وهتفت عالياً:
_ إحسان، إنتِ يا اللي إسمك إحسان
خرجت العاملة مُهرولة وتحدثت بنبرة مُرتبكة لحدة وغضب صوت تلك الفايقة :
_ نعمين يا ست فايقة.
أكملت فايقة حديثها بنبرة أمرة:
_ هاتي لي چميلة وطلعيهالي علي شُجتي
وأنسحبت سريعً إلي مسكنها فتحدثت نجاة بنبرة غاضبة:
_ من ميتا وهي عتهتم بچميلة ولا حتي عتعتبرها حفيدتها،
ونظرت إلي العاملة التي تنتظر لتأخذ الصغيرة لجدتها وتحدثت إليها :
_ روحي علي المطبخ يا إحسان، چميلة أمانة أمها ليا ومعسلمهاش لحد غير لأمها أو أبوها
وقبل أن تتحرك العاملة أوقفتها ورد التي تحدثت إلي نجاة وأقنعتها بحديث العقل وأن تبعث بالفتاة إلي جدتها، وبالفعل أخذت العاملة الصغيرة إلي فايقة التي وضعتها فوق التخت لحالها وخرجت إلي بهو الشقة تتحدث مع إيناس لتخبرها بسفر قاسم إلي القاهرة وأن عليها الإستعداد التام لإستقبالة بشكلٍ لائق ومُلفت للنظر
أما بالداخل فتمللت الصغيرة بالجلوس لحالها وأرادت الذهاب إلي جدتها نجاة التي تداعبها وتغمُرها بالدلال طيلة الوقت،باتت الصغيرة تصرخ بالنداء علي جدتها ولكن لم تُعيرها ذات القلب المُتيبس أية إهتمام، بل تابعت ما تفعلةُ من تخطيط للإيقاع بفلذة كبدها داخل براثن إيناس ووالدتها، وذلك لتثأر من زيدان وإبنتة
تحركت الصغيرة في محاولة منها للنزول، ولكن للأسف وقعت من فوق التخت المرتفع علي مفصل ذراعها مما أدي إلي كسرةِ في الحال، صرخت الصغيرة صرخة مُدوية إستمع إليها جميع من بالمنزل وتحركوا علي أثرهِ إلي الأعلى ، إنتاب فايقة شعور سئ، أغلقت الهاتف بوجة إيناس وجرت سريعً إلي الصغيرة وجدت ذراعها ملتوي ومنتفخ بشكلٍ يستدعي الذُعر والقلق
وقفت متسمرة بمكانها لا تدري ما عليها فعله، إستمعت إلي خبطات سريعة متتالية فوق الباب، جرت سريعً إلي الباب وفتحتة، وجدت نجاة وورد وليلي وجميع العاملات
تحركن جميعاً وذُهلن من وضع الصغيرة التي ما زالت مُلقاة علي الارض ، كادت نجاة أن تحمل الصغيرة فصرخت بها ورد وحذرتها من خطورة الوضع وتحدثت إلي حُسن:
_ هاتي أي خشبة عريضة نحطها تحت يد چميلة لجل ما تتأذي أكتر
وبالفعل وضعت ورد ذراع الصغيرة وثبتته فوقة ببعض الأقمشة، في تلك الاثناء حضر فارس بعدما هاتفتة ليلي وأخبرته بما جري
ذهب فارس والجميع إلي المشفي مما تسبب في ذعرٍ للجميع، هرولت صفا إلي فارس وتحدثت بنبرة هلعة بعدما رأت وضع الصغيرة:
_ إية اللي حُصل يا فارس؟
أجابها ذلك الذي يتقطع لأجل صراخ صغيرتة:
_ چميلة وجعت من فوج السرير يا صفا
أتي ياسر بعدما أخبرته الممرضة بوجود حالة كسر مضاعف لطفله بالكاد تتخطي عامها الأول، فتحدث إلي فارس الذي يحتضن صغيرتة ممسكً بها ومشدداً:
_ حط البنت علي الترولي من فضلك يا أستاذ فارس.
نظر لهُ بتيهه فطمأنهُ ياسر، فوضعها تحت صرخات الصغيرة وتشبثها بيد أبيها الذي تحرك معها لداخل غرفة الأشعة، تحركت صفا إلي مكتب مريم وأخبرتها بهدوء، صرخت مريم وأسرعت إلي إبنتها، وجدتها مازالت داخل غرفة الأشعة وممنوع الدخول بأمر من ياسر وطبيب الأشعة
سحبتها نجاة وأحتضنتها وربتت علي ظهرها بحنان
تحدثت إلي والدتها بإستفسار:
_ إية اللي حُصل لچميلة وخلي دراعها ينكسر يا أمّا ؟
نظرت نجاة إلي فايقة وتحدثت:
_ حماتك هي اللي عتجول لنا إية اللي حُصل، لأن بتك كانت معاها وجت ما دراعها إنكسر يا مريم
صاحت فايقة وأردفت بنبرة عالية:
_ نصيبها يا حبيبتي، ربنا كاتب لها تنكسر وهي معاي، إيه، عتعترضي علي أمر ربنا وحكمتة إياك؟
سألتها مريم بنبرة حادة:
_وإنتِ كُنتِ فين يا مرت عمي وجت ما بنتي إنكسرت؟
أجابتها بتبجح:
_ كنت في الحمام يا ست مريم، هتحكميني إنتِ كمان إياك
سحبتها ورد إلي المرحاض كي تغسل وجهها وتُزيل عنها تلك الدموع كي لا تراها الطفلة هكذا وتنهار أكثر
خرجت من المرحاض وجدت إبنتها قد خرجت ودلفت لحجرة الكشف ، دلفت إليهم، وجدت ياسر وفارس وصفا مُلتفون حول الصغيرة وفارس يستعد كي يُجبر للصغيرة ذراعها ،
جرت علي صغيرتها وتحدثت بدموعها :
_ چميلة، بنتي مالها يا فارس؟
نظر لها ياسر بذهول بعدما نزلت علية كلماتها فزلزلت كيانهُ، سألها بنظرات حائرة ونبرة مُرتبكة:
_ بنتك؟
بنتك إزاي يا مريم؟
إتسعت عيناي فارس حين رأي نظرات ياسر وتعبيرات وجهةِ المصدومة، وهُنا عاد بذاكرته وتذكر نظراته إلي مريم ووقوفهِ قبالتها وطمأنتهُ لها حين مرضت جدته رسمية،
إشتعل داخلة وأرتجف جسدة من شدة الغضب والغيرة وتحدث بنبرة غاضبة عالية:
_ بِتها مني يا دكتور، ولا هو سيادتك متِعرفش إن مريم تُبجا مرتي وأم بِتي چميلة
إتسعت عيناي ياسر ولم يستطع السيطرة علي حالة وهتف بنبرة بائسة وعيون تصرخُ ألماً جراء أماله وأحلامهُ التي تحطمت بلحظة:
_ مراتك إزاي، وأمتي ده حصل؟
ونظر سريعً لأصبع مريم وصُدم واتسعت عيناه عندما رأي خاتم زواجها بيدها،
حدث حالهُ صارخً: يا إلهي، سأجن، كيف ومتي حدث ذلك؟
إرتبكت مريم وارتجف جسدها رُعبً من نظرات فارس التي لا تنذر بخير أبداً
حين تحدثت صفا بإستغراب:
_هو فيه ايه يا چماعة
نظر فارس إلي صفا وتحدث بنبرة حادة:
_ شوفي لي دكتور تاني يچبس لبتي دراعها
ثم حول بصرهِ إلي مريم وتحدث وصدرةُ يعلو ويهبط من شدة الغضب والغيرة:
_ تِطلعي من إهني علي البيت طوالي، وأني هچبس چميلة وهچيبها لك
هزت رأسها برفض وتحدثت من بين دموعها مُمسكة بكف صغيرتها التي تصرخ باكية:
_ أني مهسيبش بِتي يا فارس، ومهروحش غير ورِچلي علي رِچلها
صاح بنبرة غاضبة وعيون تُطلق شزراً:
_ تروحي على البيت حالاً ومعايزش كُتر حديت يا مريم، ورچلك مهتخطيش المستشفي دي تاني، فهماني يا مريم
نظرت له تترجاة بدموعها فبادلها إياها بتحذيرية، لأول مرة تراهُ بهذا الغضب، إرتبكت فأخرجتها صفا بعد أن رأت غضب فارس العارم، وعادت إلي السرايا بصحبة ورد بعدما أبلغتهم صفا أن مريم لم تعد تتحمل رؤية إبنتها بهذا الوضع، وهذا بعدما فهمت صفا مغزي الحديث
أما بالداخل، وقف ينظر بغضب إلي ياسر الذي مازالت الصدمة تُلجم لسانة وتُسمر قدماة، وتحدث إلية بنبرة غاضبة:
_ واجف عنديك بتعمل ايه، جولت لك تتفضل تطلع برة
بالفعل تحرك للخارج يجر ساقية بخيبة أمل كبيرة، تحت إشتعال روح فارس وغيرتة التي تُشعل جسدة ، جاء طبيب العظام وجبر للصغيرة ذراعها
بالخارج، تحركت نجاة مُنسحبة بهدوء كي لا تراها فايقة، ووصلت إلي غرفة طبيبة النساء والتوليد وتحدثت إلي أمل:
_ هو أني لو چبت لحضرتك تحاليل معمولة في معمل في مصر،وشاكة إنها متزورة وملعوب فيها هتِعرفيها؟
أجابتها أمل بنبرة صوت هادئة إرتاحت لها نجاة:
_ علي حسب، يعني ممكن تكون متزورة بطريقة مش مهنية فدي بسيطة وبسهولة نقدر نعرف إذا كانت ملعوب في نتايجها ولا لا، وممكن يكون اللي كاتبها حد مهني ومتخصص وساعتها هيكون صعب جداً إكتشافها
تحدثت إليها نجاة بنبرة بائسة:
_طب والعمل يا دكتورة ؟
أجابتها أمل:
_ الحل الوحيد والمضمون علشان تقطعي الشك باليقين، هو إن المريض يعيد التحاليل من جديد، وساعتها هنقدر نعرف النتيجة الصح
تنفست عالياً واجابتها بإستسلام وملامح وجه حزينة:
_ مش راضي يعيد التحاليل، مستكترها علي حالة يا نضري
حزنت أمل لأجل تلك المكلومة، مع العلم أنها تجهل أن شخصية يزن هي المقصودة بالحديث، وتحدثت إليها :
_طب هاتي لي التحاليل دي وأنا هتصرف
هزت نجاة رأسها بإيجاب وتحركت من جديد إلي الخارج تنتظر خروج الصغيرة من الداخل
*** ☆***☆ *** ☆***☆***
روايه قلبيّ بنارِهاَ مٌغرمٌ بقلمي روز آمين
داخل بهو سرايا النُعماني
كانت تتوسط جدها وجدتها اللذان يحتضناها ويحاولا تهدأتها
تحدثت رسمية بنبرة حنون:
_ إهدي يا بِتي، دالوك هياچو بيها بالسلامة وهتُبجا زينة
لم يكملا حديثهما حتي وجدوا فارس يحمل صغيرته وهي تغفوا بسلام بعدما حقنها الطبيب بإبرة منومة كي لا تشعر بألم ذراعها
جرت عليه وباتت تُقبل كف يد ووجنة صغيرتها، تحرك بها ثم وضع الصغيرة فوق ساقي نجاة التي جلست بإسترخاء
تحدثت جدته إلية:
_ حمدالله علي سلامة بِتك يا فارس
أجابها بإقتضاب:
_الله يسلمك يا چدة
وتحرك إلي الدرج وتحدث بنبرة صارمة:
_ مريم، عاوزك فوج
إبتلعت سائل لُعابها وأرتبكت تحت إستغراب الجميع لحالة فارس وملامح وجهةِ شديدة الغضب
*** ☆***☆ *** ☆***☆***
روايه قلبيّ بنارِهاَ مٌغرمٌ بقلمي روز آمين
داخل المشفي
تحركت صفا إلي مكتب ياسر الذي ظل حبيسهُ إلي الآن وتحدثت إلية بنبرة هادئة:
_ ممكن تفسر لي إية اللي حصل جدامي ده؟
نظر لها وهز رأسهُ بيأس وتحدث بنبرة حزينة مُتألمة:
_ والله ما كُنت أعرف إنها متجوزة يا صفا
وأكمل بعيون شبة دامعة:
_ أول مرة شفتها كان يوم فرحك، إتخبط فيها بالغلط وفونها وقع علي الأرض وميلت جبتهولها، أول ما بصيت لعيونها سحرتني، علي طول بصيت في إديها علشان اتأكد إذا كان من حقي أتمادي في مشاعري دي ولا لاء،
وهز رأسهُ بأسي وتحدث:
_ مكانتش لابسه دبلة، والله يا صفا ما كانت لابسة، أنا أستغربت لما لقيت في صباعها دبلة جواز إنهاردة، والله ما كانت لابسة طول الفترة اللي فاتت
حزن داخلها لأجل ذلك الخلوق لانها بالفعل تعلم مدي إحترامة وأدميتة ، إنسحبت للخارج تحت تألم روحها وروح ذلك المذبوح الروح وتركتة يتألم بصمت
_____________
بعد حوالي ساعة، جلست بداخل مكتبها
أمسكت هاتفها وضغطت زر الإتصال وتحدثت بنبرة جادة:
_ مساء الخير يا دكتور محمد، أنا دكتورة صفا زيدان اللي كلمت حضرتك من مُدة بخصوص حالة إبن عمي الباشمهندس يزن مُنتصر عتمان، ومراتة ليلي قدري عتمان
أجابها الطبيب حين تذكرها وتحدث:
_ إفتكرتك يا دكتور، بس هو إبن عمك لية مجاش معاد الإستشارة وجاب التحاليل علشان أطلع عليها ؟
نزلت كلماته علي مسامعها زلزلتها وهذا بعدما تحدثت مُنذ الصباح إلي زوجة عمها فايقة لتسألها عن ما أخبرها به الطبيب، وأكدت لها فايقة أن الطبيب هو من أخبرها بما أخبرت به الجميع
سألته صفا:
_ مرات عمي هي اللي جابت لحضرتك التحاليل يوم الجمعة اللي فات يا دكتور
أجابها مؤكداً ان التحاليل لم تأتي من الأساس وتحدث إليها:
_ أنا متأكد إن التحاليل دي بالذات أنا ما أطلعتش عليها،لأن دكتور حسن اللي موصيني علي حضرتك قالي أكلمة وأبلغة بنتيجة التحاليل أول ما تظهر، علشان هو هيبلغك بيها بنفسة ،
وأكمل مُستغربً:
_ثم أنا مبشتغلش يوم الجمعة من الأساس يا دكتور .
أغلقت معه الهاتف وألف سؤال وسؤال يُراودها، لما كذبت زوجة عمها وأخبرتها أنها قابلت الطبيب وهو بشخصةِ من أبلغها بنتيجة التحاليل؟
ومن أخبرها بتلك النتيجة إذا لم يفعل الطبيب؟
وهل ستُخبر يزن بما علمته، أم ماذا عليها أن تفعل ؟
28💘
☆مهما طال إندثار الحقائق وتواريها عن العيون ☆
☆ لابُد من إزاحة الستار وفضح الظالم وكشف المستور☆
☆ وهذا وعدُ الله للمظلوم☆
صعدت مريم خلف فارس الذي إستدعاها بنبرة غاضبة لا تُنذر بخيرٍ، وجدته يقف عند مدخل مسكنهما، دلفت وما أن تحركت بساقيها إلي الداخل حتي إنتفض جسدها بالكامل من صوت غلق الباب الذي هز أركان المكان بأكملة
تحرك سريعً إلي غرفة نومهما وتحدث بنبرة حادة:
_تعالي ورايا.
تحركت خلفة ووقفت قُبالتة، رمقها بنظرات نارية وسألها:
_ أني مستنيكي تحكي لي كل اللي أنا ما عارِفهوش
نظرت إلية بإستغراب وأجابتة:
_ اللي هو إية اللي إنتَ متِعرفهوش دِي ؟
نظر لها بتحذير وهتف بنبرة حادة :
_موضوع الدَكتور اللي إتصدم لما عرف إن الهانم متچوزة،
وأكمل وهو يصك علي أسنانة من شدة غيظة:
_ البية اللي أماله وأحلامة إتهدت لما سمع إن عِنديكي بِت !
وأكمل بنبرة صارمة:
_ سؤالي بجا يا أستاذة يا مُحترمة، إنتِ ما كُنتيش خابرة بمشاعرة اللي باينة كيف عين الشمس دي ناحيتك ؟
وأكمل بإتهامٍ صَريح:
_ ولا كُنتي عارفة وحاسة بنظراتة واللحكاية كانت علي كيفك، وعشان إكدة مجبتليش سيرة عن موضوع الدِبلة اللي أني إكتشفتة بالصدفة ؟
إكفهرت ملامح وجهها وزُهلت من كلماتة المُهينة بل وإتهامة لها ولعفتها بكل وضوح، هتفت بنبرة حادة وحركات جسدية تدلُ علي شدة غضبها :
_كَنك إدبيت في نفوخك يا فارس، عتجولي أني الكلام الشين دِي؟
هي دي فكرتك عني يا وِلد عَمي ، للدرچة دي شايفني مّرة رَخيصة عتنبسط بنظرات الرچالة ليها ؟
دب فوق دماغة بكفي يداه وتحدث بنبرة جنونية:
_ أومال عايزاني أجول إية وأفكر كيف بعد ماشُفت نظرات العشج اللي خارچة من عين راچل غريب لمّرتي اللي عتنام چوة حُضني ؟
أجابتة بنبرة واثقة:
_ دي مشكلتة هو، وأني ميهمنيش طالما واثجة في حالي ومحافظة علي شرفي وشرف چوزي وعيلتي.
إقترب منها وأمسك كتفيها وهزها بعُنف وهتف بنبرة تشكيكية:
_ ولما أنتِ كنتي ملاحظة إنة حاطط عينة عليكِ، ما جولتليش لية أجيب لك الدبلة لجل ما تِجفلي جِدامة الباب وتأكدي له إنك ست متچوزة وتحطي جِدامة حدود ؟
أمسكت كفي يداه وانزلتهما عن كتفيها وأردفت قائلة بنبرة ضعيفة:
_ميتا كُنت موچود معايا لجل ما أجول لك يا فارس ؟
طول عمرك وإنتَ باعد حالك عني، ميتا حسستني إني مّرتك وخليلتك
ثم نظرت لهُ بإنكسار وهتفت بنبرة حزينة:
_ فاكر يوم فرح صفا لما دخلت عليا إهنية وأني لابسة فستاني، كُنت مستنية منيك كلمة حلوة كيف اللي أي راچل بيجولها لمرتة لما يشوفها لابسة حاچة چديدة،
وأكملت بدموعها التي تغلبت عليها وزُرفت رُغمً عنها:
_ كان نفسي أسمع منيك ولو كلمة واحدة تخليني أخد الخطوة وأبدأ وياك الحياة الچديدة اللي نويت بيني وبين حالي نعيشها سوا، لكن حتي النظرة إستخصرتها فيا
لما طلعت لجل ما أجيب الدبلة بعد ما نسيتها وإنتَ هملتني أطلع لحالي، ورچعت الفرح ومهانش عليك تطلع وياي ولا حتي تستناني لجل ما تدخلني الفرح، وجعت مني الدبلة
واسترسلت بحزن:
_ وبرغم كُل اللي حُصل منيك كنت ناوية أجول لك لجل ما تچيب لي دبلة غيرها
ومالت برأسها ونزلت دموع الألم من عيناها التي تصرخ وأردفت قائلة:
_ بس اللي دبحني بچد وخلاني أكتم حُزني جواتي لما لجيتك داخل وّيا قاسم وبدأت تتلفِت بلهفة وسط الحريم
وضحكت ساخرة وأكملت بدموعها:
_ جال وأني من خيبتي فرحت وجولت لحالي إنك بتدور عليا، بس فرحتي ما طولتش لما شفت عنيك لجيت مرساها ومبتغاها، أشجان يا فارس
إبتلع لُعابهُ خجلاً وحينها علم ما السر وراء هجرها له ولغرفتة
وأكملت وهي تدق بيدها بكُل عزمها علي صدرها:
_ إتجهرت وإتكسر جلبي ورجبتي وأني شايفة چوزي وحبيبي وهو عم يطلع لمّرة غيري وعنيهْ عيطل منيها العشج ، وجتها بس عرفت يعني إية كسرت النِفس ووچع الجلوب،
وأكملت بنبرة مُنكسرة:
_ بجيت أبص حواليا وأشوف الحريم وهما عيبصوا عليا ويتصعبوا علي الحُرمة اللي مملياش عين چوزها ولساتة عايش جواة العشج اللي فات
نظر لها وتحدث بنبرة صوت واهنة مُنكسرة:
_ ومسألتيش حالك أني لية محاولتش أجرب منيكي ولا أديكي وأدي لحالي فرصة لجل ما نعيش ونخلج حياة چديدة؟
مسألتيش حالك أني لية كُت عتهرب من نظرة عنيكي ليا ؟
سألتة مستفسرة:
_ جولي إنتَ لية يا فارس ؟
إبتسم ساخراً وأجابها بنبرة رجُل مُنكسر:
_عشان مّرتي اللي نامت چوات حُضني وخلفت منيها بِتي كانت عتعشج أخوي وريداه،
إتسعت عيناها ونزلت كلماته المُنكسرة علي قلبها شرختة
وأكمل هو مُتألمً :
_ مجادرش أنسي نظرت عنيكي الغضبانة ووجوفك جِدام چدك وإنتَ بتعترضي علي چوازك مني، ولا جادر انسي ليلة دخلتي عليكي وأني بجرب منيكي وحاسس بنفورك وإنتِ بتبعدي چَسدِك عن چَسدي،
مجادرش أوصف لك إحساسي وجلبي اللي كان بيجيد نااار في كُل مّرة كُنت بجرب فيها منيكي وتحضنيني، كُنت بحس بروحي بتروح من چسدي وأني متخيلك عّم تتخيليني قاسم لما بتضميني عليكي، وجتها كُنت بحس بچسمك كَنه شوك بيتغرس في چوات جلبي ويشرخ فيه
كانت تستمع لكلماتة ودموعها تنهمر كشلال فوق وجنتيها،
حدثت حالِها بتألُم:
_ كم تعذبنا وذابت قلوبنا من الألم وذَبُلت حبيبي، لما لم تُصارحني من ذي قبل، لو كنت صارحتني لارحت قلبك من هذا الشك وبدأنا سوياً حياةً جديدة تليقُ بقلبينا
إقتربت من وقفته وتلمست وجنته بكف يدها، وتحدث بدموعها المُنهمرة:
_ربنا يشهد عليا إني من يوم كتب كتابي عليك وأني عمري ما طيف راچل عدي علي خيالي، لا أخلاجي ولا تربيتي تخليني أعمل اللي عتجول علية دي ،مش أني الحُرمة اللي تفرج بين الأخوة يا فارس
وأكملت مفسرة:
_ منكرش إني في اللول كُنت رايدة قاسم، عادي، زيي زي أي بِت شافت في إبن عمها فارس أحلامها
وأكملت وهي تنظر لداخل عيناة والعشق ينطقُ من مقلتيها:
_ بس بعد ما أتچوزتك وعاشرتك عِرفت إن ربنا إختار لي الراچل الصُح اللي كُنت عتمناه، لجيت فيك كُل حاچة إتمنيتها وحلمت بيها وبجيت فارس أحلامي يا فارس
كان يستمع لها وقلبهُ ينتفض من شدة سعادتة، نعم فقد وجد بها كُل ما يتمناةُ الرچل في إمراتة، العفة والروح الهادئة والإهتمام والطاعة والأخلاق الحميدة، لكن علمة بعشقها السابق لقاسم ضل كسدٍ منيع وقف بينهما وجعلة يسجن حالة بداخل الماضي الأليم
حاوط وجهها بكفي يداه وجفف لها دموعها ونظر داخل عيناها وتسائل مُتلهفً:
_ عتتكلمي چد يا مريم، صُح عشجتيني وأني بجيت راچلك وفارس أحلامك ؟
أجابتة بنبرة عاشقة ونظرات هائمة:
_طول عُمرك وإنتَ راچلي يا فارس، حتي من جبل ما تُبجا حبيبي وأني شيفاك راچلي وسندي وچوزي
هتف بسعادة ولهفة غير مُستوعبً إعترافاتها :
_جوليها تاني يا مريم، جولي لي يا حبيبي يا راچلي
إبتسمت بخجل وتحدثت بنبرة رقيقة:
_ بحبك يا فارس، يا راچلي
صرخ متأوهً من شدة اللذة وقال:
_ يا أبووووووووي، وأني عاشجك وعاشج التراب اللي عتخطي علية رچليكي يا سِت البنات
رمت حالها داخل أحضانة بإسترخاء وكأنها تخلصت من حملاً ثقيلاً كان يؤرق روحها ، أما هو فما عاد مُتحملاً رغبتةُ بها، رفعها بين ساعدية واتجة بها ألي فراشهما كي يتوجا إعترافاتهم ويغوصا داخل عالم مختلف، أكثر تفاهُما، وأكثر صراحة، وأكثر راحة وعِشقً
*** ☆***☆ *** ☆***☆***
روايه قلبيّ بنارِهاَ مٌغرمٌ بقلمي روز آمين
داخل القاهرة
كان يجلس داخل مكتبة حيث توجة من المطار إلية مُباشرةً، رحب به جميع العاملين بالمكتب وبدأ هو بمزاولة أعمالة
إستمع إلي طرقات فوق الباب فسمح للطارق بالدخول
وجد السكرتيرة التي تحدثت بنبرة وقورة:
_ مدام كوثر مامت الأستاذة أيناس برة وعاوزة تقابل حضرتك يا أفندم.
بالكاد أكملت جُملتها ووجدت من تقتحم المكتب وتتحدث بنبرة باردة وابتسامة مُصطنعة:
_أنا مستغربة إصّرارك علي إنك تستأذني من جوز بنتي علشان أدخل له
شعر بإختناق وكأن الهواء قد تم سحبة بالكامل من المكان بمجرد دلوف تلك الحيةِ الرقطاء، تحدث إلي السكرتيرة بوجةٍ مُبهم كاشر وما زال جالسً بمكانة غير مهتم بدلوفها :
_ إطلعي برة وأقفلي الباب وراكي من فضلك يا سُهي
أومأت له بطاعة وخرجت بالفعل
تحركت إلية كوثر وجلست بالمقعد المُقابل له واضعة ساق فوق الأخري ثم تحدثت بنبرة قوية:
_ حمداللة علي السلامة يا متر،
وأكملت بنبرة لائمة:
_ مش الأصول بردوا بتقول إن الراجل لما يرجع من السفر،يرجع علي بيتة الأول ويتطمن علي مراتة اللي سابها تاني يوم الفرح ، اللي أعرفة عن الصعايدة إنهم رجالة وعندهم نخوة
وأكملت بنبرة تهكمية مُهينة :
_ ولا أنتَ ما أخدتش من الصِعيد غير الإسم يا أبن النُعماني
إحتدت ملامحة وهتف بنبرة حادة وعيون غاضبة:
_ من غير طولة لسان وردح، قولي جاية لية وعاوزة إية وخلصيني، أنا عندي شُغل متأخر ومش فاضي للت الحريم ده
إستشاط داخلها واشتعلت روحها من عدم تقديرةُ لها وكلامة الجارح المُقلل من شأنها، لكنها قررت اللعب معهُ بذكاء كي تجبرهُ علي تنفيذ رغباتها
وتحدثت بنبرة هادئة:
_ أنا مش هحاسبك علي إهانتك ليا ووصفك لكلامي بالردح، أنا بردوا بنت إصول ومتربية
قوس فمة وابتسم ساخراً فأكملت هي مُتلاشية سخريتة منها:
_ إسمعني كويس وحاول تفهمني يا قاسم، أنا أم وبخاف علي أولادي وكل اللي عملتة ولسه هعملة بعملة علشانهم، أنا هنسي إهانتك لبنتي وإنك سبتها يوم صباحيتها وسافرت سوهاج علشان تقضي فيه الإسبوع اليتيم اللي أخدتة كشهر عسل واللي المفروض إنك كُنت هتقضية مع بنتي
قاطعها بنبرة حادة:
_ أظن ملوش لازمة الكلام ده يا مدام، وخصوصاً إن أنا وإنتي عارفين ظروف الجوازة دي كويس أوي
أجابتة بنبرة بائسة:
_عندك حق، بلاش نقلب في اللي فات وخلينا نتكلم في اللي جاي،
وأكملت بنبرة جادة:
_ طول الإسبوع اللي فات وزمايل إيناس في الشُغل وقرايبها مبطلوش إتصال عليها علشان عاوزين يزروكم ويباركوا لكم، وهي كانت بتتحجج لهم بإنكم مسافرين، بس خلاص إنتَ رجعت لشغلك، يعني مبقاش عندها حجج تاني تقولها
زفر بضيق ورفع عيناه للأعلي وهتف بنبرة تهكمية:
_وبعدين بقا في مواضعكم اللي ما بتخلصش دي، طب وإية المطلوب مني إن شاءالله ؟!
تمالكت من حالها وكظمت غيظها الذي أصابها من إسلوبةُ المستفز والمُقلل من شأنِها وتحدثت إلية متلاشية كلماتة المُتهكمة:
_إيناس عاملة عزومة بكرة لكل زمايلكم هِنا في المكتب، ولازم تقابلهم كويس وتتصرف بطبيعية مع إيناس زيكم زي أي إتنين لسة عرسان وفي شهر العسل، وده طبعاً علشان شكلكم قدام زمايلكم
زفر عالياً وأرجع شعر رأسة للخلف بطريقة تُظهر كّم الغضب الذي أصابة جراء حديثها ثم تحدث بنبرة غاضبة:
_ وإنتوا بقا قررتوا وخطتوا لكُل ده من ورا ضهري، وجايين تبلغوني بعد ما حطتوني قدام الأمر الواقع ؟
وقفت وتحدثت وهي تستعد للرحيل:
_ معلش يا متر، ما أنتَ لو كُنت فاتح تليفونك كُنا بلغناك، علي العموم العزومة دي مهمة لشكلكم إنتم الأتنين، أنا رايحة لإيناس الشقة علشان نجهز لعزومة بُكرة،
واسترسلت بنبرة باردة اشعلتة :
_وهعمل لك الغدا إنهاردة بإيدي علشان تعرف غلاوتك عندي قد إية،
وأكملت وهي تتحرك إلي الباب واضعة إياة أمام الآمر الواقع :
_ أشوفك في البيت علشان نتغدا مع بعض
وتحركت للخارج تحت إستشاطة قاسم من تلك الحية الرقطاء وإبنتها الشمطاء وتصرفاتهما المُستفزة التي أصبحبت لا تُطاق ٠
*** ☆***☆ *** ☆***☆***
روايه قلبيّ بنارِهاَ مٌغرمٌ بقلمي روز آمين
إنتهي دوام العمل داخل مكتب قاسم وتحرك عائداً إلي مسكنة القديم، بعدما قرر رجوعهُ إلي مسكنة الذي كان يقطن بة قبل إنتقالة ليلة عقد قرانة المشؤم من تلك الشمطاء ، دلف وأخذ حمامً دافئً وخرج من جديد وتناول غدائةُ الذي جلبةُ معه من الخارج، وهاتف صفا الذي إشتاقها وأشتاق وجودها بجوارة حد الجنون ثم غفي بثبات عميق،
أما داخل شقتة التي تسكنها إيناس، كانت تجوب بهو المسكن إيابً وذهابً ويبدوا علي وجهها الغضب العارم
أما والدتها التي تجلس بكُل هدوء هتفت قائلة:
_ ما تقعدي يا بنتي خيلتيني
رمقتها إيناس بنظرات نارية وتحدثت بنبرة حادة :
_ أقعد إزاي يا ماما والبية إتحرك من المكتب بقالة أكتر من ساعة ونص علي حسب كلام سكرتيرتة؟
أجابتها كوثر بنبرة باردة:
_ شكلة كدة راح علي شقتة القديمة، علي العموم إنتِ لازم تمشي علي الخطة اللي رسمتها لك أمة، هي قالت لك إن إبنها عنيد واكتر شئ بيجننة لما حد يجبرة علي حاجة، وهي أدري الناس بإبنها،
وأكملت وهي تستعد للرحيل:
_ أنا هقوم أمشي علشان ألحق أغدي أبوكي وأخوكي، زمانهم في البيت من بدري
وأكملت بتوصية:
_ وإنتِ ألبسي وأتمكيچي علشان تشدية ليكِ، وروحي لة علي شقتة وإعملي اللي إتفقنا علية
وتحركت والدتها إلي مسكنها بعدما حملت معها كُل ما لذ وطاب من الطعام التي صنعتة هي وإبنتها لغداء اليوم وعزيمة الغد المُنتظرة
وبعد مدة كانت إيناس تقرع جرس منزل قاسم، تملل بنومتة حينما إستمع إلي جرس الباب، سحب حالة لأعلي وسند ظهرةِ علي التخت، وأستعاد توازنة ثم تحرك إلي الباب وفتحهُ، زفر بضيق حينما وجدها تقف أمامة بكامل هيأتِها وأناقتها وجمالها المُصطنع
تحدث إليها بنبرة باردة:
_ خير يا أستاذة، إية اللي جايبك لحد هنا
تصنعت الحُزن والبرائة وتحدثت بنبرة مُنكسرة:
_ للدرجة دي مبقتش طايق تشوفني قدامك يا قاسم؟
دلف للداخل وأعطاها ظهرة فتحركت للداخل سريعً وأغلقت الباب وأكملت حديثها مستعطفة إياة :
_ راح فين حبك ليا، معقولة كُل اللي كان ببنا والناس كانت بتحسدنا علية يضيع كدة في لحظة
ضل صامتً فإقتربت علية وأحتضنتة من الخلف، إنتفض علي أثر لمساتها التي باتت تُشعرةُ بالإشمئزاز من حالة ومنها
إبتعد عنها سريعً كمن لسعةُ عقرب ونظر لها بإحتقار وصاح بها بنبرة غاضبة:
_ هو إنتِ ما بتحسيش؟ أنا مش قولت لك قبل كدة وحظرتك من إنك تحاولي تتقربي مني تاني، إتقبلي إن اللي كان ببنا خلاص إنتهي، علاقتنا اصلاً إتبنت غلط والفشل هو النتيجة الحتمية ليها
أجابتة بدموعً مُصطنعة كدموع التماسيح كي تستدعي تعاطفة:
_ إنتَ بطلبك ده كإنك بتطلب مني أتخلي عن حياتي، أنا من غِيرك مليش حياة يا حبيبي
تملل بوقفتة وأردف قائلاً بنبرة رافضة :
_ كل كلامك ومحاولاتك دي مُجرد تضييع وقت مش أكتر، فياريت توفري وقتك ومجهودك في حاجة تقدري تستفيدي منها
وأكمل بنبرة جادة:
_وعلي فكره يا إيناس، أنا وإنتِ مش هينفع نشتغل مع بعض في مكان واحد تاني، أنا هديكي مبلغ معقول تقدري تبدأي بية في مكتب صغير بإسمك، وإن شاء الله هيكبر بشغلك وشطارتك إنتِ وعدنان
جحظت عيناها واستشاط داخلها، فلو حدث ذلك ستخسر قاسم وأموال جدة وعمة للأبد وهذا ما ستمنع حدوثةُ وتقف له بكُل ما أُوتيت من قوة
فتحدثت بدموع التماسيح ونبرة إستعطافية كما خطتت لها فايقة :
_ إنتَ كدة فعلاً قاصد تدمرني، قاسم أنا مش هينفع أسيب شُغلي معاك لأنك بكدة بتكون بتكتب نهايتي المهنية بإيدك،
وأكملت بنبرة جادة:
_ بعيداً عن جوازنا وقصة حُبنا اللي إنتَ قررت بين يوم وليلة إنك تنهيها بمجرد قرار ناتج في وقت غضبك،
وأكملت لإقناعة:
_ لكن ما تنكرش إن أنا وإنتَ كابل هايل وبنحقق أعلي النجاحات في أي قضية بنشترك في حلها مع بعض، مش معقول هتضحي بكل ده علشان مجرد شوية زعل بينا وهيروحوا لحالهم مع الوقت
تنهد وتحدث إليها بضيق :
_ المشكلة إنك مش قادرة تقتنعي إن طريقنا خلاص مبقاش واحد، وإن أنا وإنتِ بقا مستحيل تجمعنا أي حاجة بعد كدة، حتي الشغل بقا صعب جداً نكمل فية مع بعض
زادت نار حقدها علية ولكنها كظمت غيظها منه وتحدثت بنبرة هادئة عكس ما بداخلها، وذلك كي تصل إلي مُبتغاها وتتقرب منه بشتى الطُرق كي تحمل داخل أحشائها طِفلً منه وبعدها سيتنازل عن عنادة ويرضخ لها :
_ أرجوك يا قاسم، بلاش تكسرني بالشكل ده ، علي الأقل خليني معاك في المكتب لحد ما موضوع الطلاق يتم في المُدة اللي إنتَ وبابا إتفقتم عليها
وأكملت برجاء ودموع:
_ علي الأقل يبقا شكلنا طبيعي قدام الناس
وأكملت بتألم مُصطنع:
_وبعد الطلاق أقدر ألاقي فرصة جواز تانية كويسة لما الناس تعرف إني مش بتاعة مشاكل وعلاقتي بجوزي السابق كانت هادية وإنفصلنا بطريقة مُتحضرة
شعر بعجز أمام حديثها الذي يتسم بالكثير من العقل، وشعر أنةُ عاجز مكتوفي الأيدي أمام قَدرة الذي مازال يُعاندة ويعطيهِ صفعة تلو الأخري
نظرت إلية بتشفي عندما وجدت داخل عيناة نظرات الإستسلام والضعف وحينها فهمت أن خطت فايقة بدأت بجني ثمارِها، فتحدثت بإستعطاف:
_ يلا بينا علي شقتنا يا قاسم، أنا ما أتغديتش لحد الوقت ومش هاكل غير معاك
حول بصرهِ لها بحدة وتحدث برفضٍ تام:
_ قولت لك مش هينفع وإتفضلي بقا من غير مطرود علشان تعبان وعاوز أنام
إبتلعت لُعابها من حدتة بالحديث وأردفت قائلة بنبرة ضعيفة:
_ خلاص، خلينا نُطلب أكل وناكل وأبات هنا معاك
نظر لها بإحتكار وتحدث بنبرة صارمة وهو يُشير إلي باب الشقه :
_ لو سمحتي، إتفضلي وبلاش تجبريني علي إني أتصرف معاكي بطريقة مش هتعجبك
إستشاط داخلها وتحدثت بنبرة جادة:
_ طب ياريت متنساش عزومة بكرة وبلاش تحرجني قدام الناس.
زفر بضيق ثم تحدث مُجبراً:
_ مش هنسي، وإتفضلي أرجوكِ علشان بجد تعبان ومحتاج أنام
نظرت له بضعف وكسرة سكنت عيناها كي تحثةُ علي التعاطف معها ويتراجع عن قراراتة ، ولكن هيهات، فهو بات يفهم ألاعيبها وسيتصدي لها بكل ما لدية من قوة حتي يتخلص منها بدون خسائر، هكذا حدث حالة وقرر داخلة
تحركت وأغلق خلفها الباب بقوة أشعلت غضبها علية أكثر
*** ☆***☆ *** ☆***☆***
روايه قلبيّ بنارِهاَ مٌغرمٌ بقلمي روز آمين
في الثامنة مساءً
هاتفت صفا يزن وطلبت منه الحضور عند منزل أبيها وأخبرتة أنها تحتاجة في إستشارة لأمرٍ ما يخصها كي تُجبرهُ علي الحضور، وبالفعل أتي وجلست هي تتوسط أبويها وجلس يزن مُقابلاً لهم، قصت علي مسامعهم ما دار بينها وبين الطبيب خلال المكالمة الهاتفية
قطب يزن جبينهُ ثم تسائل مُستفسراً :
_ معناتُة إية الحديت اللي عتجولية دي يا صفا ؟
تنهدت بأسي لحال شقيقها الروحي وتحدثت بذكاء :
_ معناتة إن مرت عمك كِذبت علينا كِلياتنا لما جالت لنا إنها راحت للدكتور بالتحاليل، وأني متوكدة إنها زي ما كِذبت علينا في دي، كِذبت علينا في نتايج التحاليل بذاتها
نظر لها يزن وسألها:
_ وإنتِ إية اللي مخليكي متوكدة من كلامك إكدة يا صفا؟
إبتلعت لُعابها وتحدثت بتردد لخطورة الموقف، ومن المتوقع بأن حديثها هذا سيخلق فجوة كبيرة بين يزن وليلي ومن المحتمل أن يفسد علاقتهما ككُل :
_ بص يا يزن، مرت عمي فهمتني إنها عم تِجري بليلي عِند الدكاترة ليها سنتين ونص، وعلي حسب كلامها ليا وجتها إن الدكاترة كانت عتجولها المسالة مسألة وجت،
وأكملت بنبرة تشكيكية:
_ لو ليلي سليمة كيف ما التحاليل الأخيرة بينت، معجولة ولادكتور من اللي راحت لهم جَبل سابج شك وطلب منيها تچيب چوزها وياها لجل ما يكشف ويعمل تحاليل ويتأكد من إنة هو التاني سليم ؟
نظر لها زيدان وتحدث بإعجاب:
_ عفارم عليكِ يا صفا، تفكيرك سليم وبيوكد كذب اللي إسميها فايقة
تحدث يزن بتشكيك:
_ لو الكلام اللي عتجولية دي طلع صُح ، يُبجا ليلي هي كمان تِعرف كُل حاچة ومشاركة في دبح رچولتي جِدام العيلة كلياتها
صمت تام أصاب الجميع، تحدثت ورد دفاعً عن ليلي:
_متستعجلش في حُكمك علي مّرتك يا ولدي، ليلي لا يُمكن تِعمل إكدة
نظر إلي عمة وتحدث مُتلهفً بنبرة حماسية:
_ بعد بكرة هسافر أنا وإنتَ لمصر وهعيد التحاليل يا عمي
سعد زيدان لقرار إبن شقيقة ولكن تحدث مُعترضً:
_ بلاش أني يا ولدي، خُد وياك فارس لجل ما يبجا شاهد علي خيانة أبوة وأمة
واسترسل حديثهُ مُحذراً:
_ بس جولة يخلي الموضوع في السر وميجولش لحد واصل، لجل ما نضمن إن فايقة تطمن، محدش عارف الحية دي ممكن تعمل إية لو عرفت إنك هتكشف كذبها وخيانتها
أكدت صفا علي حديث والدها وأردفت قائلة بنُصح:
_ أبوي عندية حج يا يزن، وياريت كَمان الكلام اللي دار بيناتنا إهني ميطلعش لمخلوج وبالخصوص چدي، لأنة لو عِرف ممكن يولع الدنيي ومش بعيد يموت فيها مّرت عمي ، چدي واجعة الموضوع وواخدة علي كرامتة وكرامتك يا يزن، فبلاش نسبج الأحداث جبل ما نتوكد
وافقها الجميع الرأي وأردفت ورد موجة حديثها إلي يزن :
_ ياريت يا ولدي متجيبش سيرة صفا في الموضوع ده لحد واصل، بِتي مش جَد أذية اللي إسميها فايقة، ده غير إن وضعها في اللحكاية هيكون حساس جِدام قاسم
إحتدت تعابير وجة يزن وتحدث بنبرة غاضبة :
_ الله الوكيل اللي هيمس شعرة واحدة من صفا لأكون جاتلة، صفا دي أختي وفي حمايتي
إبتسمت صفا وسعدت روحها لما إستمعتة من إبن عمها التي تعتبرةُ شقيقها
*** ☆***☆ *** ☆***☆***
روايه قلبيّ بنارِهاَ مٌغرمٌ بقلمي روز آمين
تحركت صفا من بيت أبيها بصحبة يزن ووقفا بالحديقة يتحدثا سوياً فيما ينتوي يزن أن يفعلة ، ولسوء حظ صفا كانت ليلي تقف بشرفة مسكنها ، جن جنونها وأشتعل قلبها عِندما رأت زوجها يقف بصحبة مُتيمتة السابقة والتي دائماً ما تشك بأنها مازالت تسكُن روحة وقلبة
خرج يزن من السرايا ليقضي سهرتة داخل المحاجر كعادتة مؤخراً، واتجهت هي إلي السرايا، وجدت جدها وجدتها والجميع يجلسون ببهو المنزل
قبلت يد جدها ومقدمة رأسة وتحدثت إلية بنبرة حنون:
_كيفك يا حبيبي وكيف صحتك؟
إبتسم لها وتحدث بنبرة هادئة:
_ أني زين يا زينة البنات
إبتسمت له ثم توجهت إلي جدتها قائلة:
_ معلش يا چدتي إتأخرت عليكِ، حالاً هچهز لك الحُجنة وأچي أديها لك
ربتت رسمية علي يد حفيدتها الغالية وتحدثت إليها:
_ الله يجويكي علي اللي إنتِ فية يا بِتي
نظرت إلي مريم التي تحمل صغيرتها الغافية ويُجاورها فارس الجالس بوجةٍ مُطمئن مُختلف تمامً عن وجهةِ بالمشفي، مالت علي وجنة الصغيرة وقبلتها بحنان وتحدثت إلي مريم بإستفسار:
_ حمدالله علي سلامتها يا مريم، كيفها چميلة دلوك
أردفت مريم قائله بنبرة هادئة :
_ الله يسلمك يا صفا، الحمدللة، زينة
تحركت إلي الداخل وجهزت الإبرة لجدتها وأعتطها إياها سريعً وتحركت للأعلي كي تأخذ حمامً دافئ تُزيل به هم يومها الطويل، ثم تهاتف مُتيمها العاشق ليتثامرا معاً بأحاديثهما الشيقة التي لا تنتهي
وما أن وصلت إلي نهاية الدرج وتحركت إلي باب مسكنها، وجدت من تتدلي من الدرج الأعلي قاصدة إياها ويبدوا علي وجهها الغَضب
إقتربت منها وأمسكتها من كتفيها ودفعتها بقوة علي الباب،تاوهت صفا وأمسكت أسفل بطنها الذي ألمها في الحال، إقتربت منها تلك الشرسة وأمسكت ذقنها بكف يدها واقتربت من وجة تلك المذهولة وتحدثت بفحيح كالأفعي :
_ مش أني حذرتك جبل إكدة وجولت لك تبعدي عن يزن ومتحاوليش تتجربي منية واصل ،
وأكملت بفحيح:
_ عاوزة إية من چوزي يا جَادرة، مش كفاية عليكِ قاسم اللي عُمرة مسلم لحد،سحباه وراكي كيف المسحور ، كمان عاوزة تسحبي چوزى وتخلية تابع ليكي يا فاچرة ،
وأكملت بنبرة حقودة:
_مش مكفيكي خليتي ولاد العم يجاطعوا بعض عشان فُجرك ولعبك عليهم التنين ، شكلك إكدة مهترتاحيش غير لما يجتلوا بعض وتشوفي دمهم سايح جِدام عنيكي بسبب فُجرك يا بِت ورد
لم تتحمل صفا وصمِها بأبشع الإتهامات من تلك الشمطاء، وضعت كفاي يداها علي صدر ليلي ودفعتها للخلف مما جعلها تتراجع وكادت أن تقع أرضً لو قوة بُنيانها ، رفعت صفا سبابتها أمام وجة تلك الحقود وتحدثت بنبرة حادة:
_ إخرسي جطع لسانك، أني أشرف منيكِ ألف مرة،
وأكملت بكبرياء:
_ أني تربية زيدان النُعماني و ورد بِت الرچايبة اللي علمتني كيف أعيش واتعامل بشرف وسط الناس، وأحافظ بروحي علي اللي مني، ومخونش أبداً اللي يأمن لي
وأكملت وهي ترمُقها بنظرات ذات مغزي:
_ مش كيف ناس، الخيانة والكِذب بيچروا چوات دمهم
رمقتها بنظرات نارية وتساءلت مُستفسرة :
_ تُجصدي إية بحديتك السو دي يا بِت ؟
رمقتها صفا بنظرة إشمئزاز وتحدثت بنبرة صارمة:
_ إطلعي علي شُجتك يا شاطرة، وقسماً برب العِزة ما تمدي يدك عليا مرة تانية لأجطعها لك، أني مش جليلة حيلة لجل ما أستني قاسم ولا چدي ياخدوا لي حَجِي منيكي
وأكملت ناصحة إياها:
_ وبدل ما أنتِ واجفة في البلكونة تراجبي اللي رايح واللي چاي وسايبة الغيرة تنهش فيكي، روحي أجعدي وّيا چوزك وأتفاهمي وياه وحاولي ترچعية لحُضنك من چديد بدل ما تخسرية للأبد
وضعت المفتاح داخل الباب وفتحتة ودلفت ثم إعتدلت ونظرت إليها بغضب ثم أغلقت الباب بوجهها، إشتعل داخلها من تلك القوية الواثقة من حالِها، زفرت بضيق وتحركت إلي الأعلى سريعً
_____________________
بعد مُدة من الوقت، كانت تجلس فوق فراشِها بعدما أخذت حمامً دافئً وتوضأت وصلت العشاء، أمسكت أسفل بطنها الذي مازال يُؤلِمها نتيجة دفعة ليلي لها علي الباب، تنفست عالياً، وما أن أمسكت هاتفها بيدها كي تُهاتف مُتيمها حتي وجدت هاتفها مُزين بنقش إسم حبيبها،
ضغطت زر الإجابة علي الفور وتحدثت بنبرة هائمة تدل علي عشقها الهائل لذاك الذي إختطف قلبها:
_ وحشتني جوي يا حبيبي
كان يجلس فوق الأريكة مُغمض العينان، هائمً في صوتها الحنون وأردف قائلاً بنبرة عاشقة:
_ وإنتِ كَمان وحشتيني جوي يا جلب حبيبك،
وأكمل بإحتياج:
_يومي ملوش طعم من غير ضمة حُضنك ونظرة عنيكي اللي بدوب چوة بحورهم الصافية يا حبيبتي
تنهدت براحة وتحدثت بهيام:
_ كلامك حلو جوي يا قاسم، بيدوب جلبي دوب
وأكملت بإستعطاف:
_ هتاچي ميتا يا حبيبي؟
أجابها بصدق:
_ لو عليا، عاوز أچي حالاً لجل ما أنام چوة حُضنك، بس مش هعرِف أنزل جَبل تلات أيام عشان عِندي فيهم چلسات في المحكمة
تحدثت بنبرة مُتأثرة:
_متتأخِرش عليا يا جلب صفا علشان بتوحش روحي
تنهد بسلام وإسترخاء وأجابها:
_ حاضر يا صفا،
وأكمل مُتسائلاً:
_ إنتِ زينة؟
صوتك معچبنيش، حاسك كيف ما تكوني زعلانة ولا تعبانة
إبتسمت حين شعرت وتأكدت بأنهما أصبحا روحٍ واحدة داخل جسدان، وذلك بعدما شعر بها عاشق عيناها من خلال نبرة صوتها، لكنها خبأت عنة كُل ما چري كي لا تجعلهُ يُصاب بالقلق لأجلها أو لأجل شقيقتة وما تخبأةُ الأيام القادمة لها
وتحدثت نافية:
_ سلامتك يا حبيبي، أني زينة الحمدلله، بس بُعدك عني مأثر فيا ومخليني كيف اللي روحها مفارجاها
بعد الشر عنك يا روح جلب حبيبك، كانت تلك جُملة حنون نطق بها قاسم، وضل يُكملان حديث العُشاق حتي غفيا كلاهُما وكُلٍ منهما هاتفهُ فوق أذنة وذلك من شدة إشتياقهُما
___________________
داخل مسكن فارس
كانت مريم تقبع داخل أحضانة الحانية وهو يُشدد من ضمتها إلي صدرة العاري وتجاورها طفلتِها بعدما ضم التختان المتواجدان بداخل غُرفة الاطفال ليغفوا بجانب طفلتهما المُصابة
تحدثت هي بنبرة جادة:
_ أني هاخد أچازة إسبوع من المستشفي لجل ما أجعدة وّيا چميلة وأراعيها
تنفس عالياً مما أكد لها غضبة العارم، وتحدث بنبرة حادة قائلاً :
_ إنتِ مهتروحيش المستشفي تاني واصل يا مريم، والكلام ده مفهوش نِجاش
خرجت من داخل أحضانة ونظرت إلية بعيون يسكُنها الحزن وتحدثت:
_ حرام عليك يا فارس، إنتَ إكدة هتُبجا بتحرمني من الحاچة الوحيدة اللي حسستني إني بني أدمة بچد وليا جيمة، بلاش تِعمل فيا إكدة يا فارس
رمقها بنظرة نارية وتحدث مُستغربً:
_ أني مش مِصدج أصلاً إنك بتتحدتي معاي في الموضوع دِه بعد كُل اللي حُصل إنهاردة
أردفت مريم قائله بنبرة هادئة:
_ حاول تفهمني يا حبيبي، الدكتور ياسر حد محترم وإبن ناس، هو مكانش يعرف إني مِتچوزة من الأساس ومن إهنية حصل اللّبس، وأني بأكد لك إنة شوية إكدة وهينسي الموضوع ويتعامل معاي طبيعي
أجابها بنبرة حادة:
_ وأني لو معارفش ومتوكد من إنة محترم كُنت دفنتة مطرحة
طب يا فارس..
لم يدعها تُكمل حديثها وأردف قائلاً بنبرة حاسمة:
_ إسمعيني زين يا بِت الناس، لو مصممة إنك ترچعي للمستشفي يُبجا أني همشي الدكتور ده من النجع كلياتة،
وأكمل مؤكداً:
_وأني أصلاً كُنت همشية الصُبح لولا إني عارف إن صفا مُعتمدة علية في نچاح المُستشفي، بس طالما إنتِ مصممة علي رچوعك للمستشفي، يبجا أني همشية من بُكرة
أجابتة مُجبرة بوجةٍ حزين:
_ خلاص يا فارس، مهروحش المِستشفي تاني
تنهد وأحاط وجهها بكفي يداه، ثم نظر لها بحب وتحدث:
_ يا مريم أني بحبك وبغير عليكي، مهجدرش أتحمل وچودك في المستشفي مع الراچل دي تاني، إعذري غيرتي عليكِ يا حبيبتي
شعرت بروحها تُحلق عالياً وابتسمت لة وتحدثت برضا:
_ وأني مستعدة أعمل أي حاچة لجل ما تكون مرتاح يا فارس
إبتسم لها وسحبها لداخل أحضانة وتحدث:
_ وأني هكون مرتاح طول ما أني مطمن إنك جاعدة في مملكتك ومخلية بالك من چميلة ومني
إبتسمت وشدد هو من ضمتها وبات يُسمعها من كلمات الغزل ما أنعش قلبها وأسعد روحِها
*** ☆***☆ *** ☆***☆***
روايه قلبيّ بنارِهاَ مٌغرمٌ بقلمي روز آمين
في العاشرة صباح اليوم التالي
ذهبت نجاة إلي المشفي بالتحاليل التي إطلعت عليها أمل وعلمت أنها تخُص يزن، وحينها فسرت تغير حالتة مؤخراً وتذكرت تلك الليلة الذي بات بها داخل مكتبها
وجدت أمل صَغرة بينت لها التلاعُب في نتائج تلك التحاليل فتحدثت إلي نجاة قائلة:
_ التحاليل دي مش مظبوطة يا أفندم ، فيها جُزئية مش ماشية مع باقي النتايج، زي ما قولت لحضرتك قبل كده، لازم التحاليل دي تتعاد في مكان موثوق فيه
إنتفض قلب نجاة من شدة فرحها وتحدثت بنبرة سعيدة:
_ربنا يطمن جلبك ويسعدك يا وش الخير
شكرتها أمل وتحركت نجاة إلي الخارج كي تذهب إلي صفا لتتحدث إليها ويجدا حلاً لإقناع ولدها بإعادة الفحوصات من جديد، إنصدمت حين وجدت يزن بوجهها، حيثُ كان يتحرك متجةً إلي مكتبة مروراً بمكتب أمل
توقف وأستغرب وجود والدته وتحدث إليها متسائلاً :
_ إية اللي چايبك إهنية يا أمّا؟
وأكمل بتوجس:
_ إوعا تكون چميلة تعبت تاني؟
لاحظ إرتباك والدتة الشديد ، وبدأت نجاة تُخبئ ملف الفحوصات المتواجد بيدها
إتسعت عيناة عندما لاحظ ذلك الملف، إختطفةُ سريعً من يدها وانصدمّ حينما قرأ الإسم وتأكد من أنها تخصة ، تحدث بنبرة غاضبة:
_ إنتِ إزاي تعملي فيا إكدة يا أمّا؟
كيف جبلتيها عليا وعلي رچولتي، هُنت عليكي تكسريني جِدامها؟
خرجت أمل عِندما أستمعت لصوتةِ الغاضب أمام باب غرفة مكتبها، وتحدثت إليه بنبرة هادئة :
_ إهدي من فضلك يا باشمهندس ومتقلقش، أسرار المريض وسرية تشخيصة من أولوية شُغلي، وأنا أديت القَسم قدام ربنا علي كدة
وما أن إستمع إلي كلماتِها حتي إشتعل جسدة ناراً وشعر بطعنة برجولتة، تحدث إليها بنبرة غاضبة:
_ مش يزن النُعماني اللي يتجال له إكدة من حُرمة، أني راچل من ضهر راچل ومش محتاچك لچل ما تداري عليا جِدام الخلج،
وأكمل بتحدي وهو ينظر إلي عيناها بشرر :
_ وهعيد التحاليل مخصوص لچل ما أثبت لك إني راچل جوي، وإن التحاليل هي اللي معيوبة مش أني
نظرت إلية وتحدثت بنبرة هادئة لعلمها مدي صعوبة الموقف علية:
_ أنا متأكدة من إن التحاليل دي مزورة، لأن بعض النتائج مش متناسقة مع بعضها وده يأكد لنا إن فية حاجة غلط
هدأت حالتة عندما إستمع لنبرتها المُطمأنة ونظراتها التي جعلتة يشعُر بالراحة والسلام النفسي
أتت صفا عندما إستمعت إلي صوت يزن وتحدثت :
_ خير يا چماعة، صوتكم عالي لية؟
ثم نظرت إلي زوجة عمها وأردفت مُتسائلة:
_ فية حاچة يا مّرت عمي، إية اللي چايبك إهني؟
نظر لها يزن وتحدث وهو يستعد للرحيل:
_ مفيش حاچة يا دَكتورة،
ثم أكمل وهو ينظر إلي والدتة بحدة :
_ إتفضلي حضرتك لجل ما أوصلك علي البيت
ذهبت نجاة بصحبتة وهي ترتجف خشيةً غضب ولدها الغالي منها، حين دلفت صفا بصحبة أمل لداخل غُرفة الكشف التابعة لها وبدأ يتحدثتان فيما دار وفي الفحوصات التي تأكدت أمل من انهُ تم التلاعب بنتائِجها
تحرك يزن مع والدتة واوصلها إلي المنزل بسيارتة دون نطق أحدهما بحرفٍ واحد، صعد إلي مسكنة بعدما أتتةُ فكرة للتأكد إذا ما كانت ليلي علي عِلم بخداعة، أم أنها معهُ بنفس دائرة الخداع، دلف لداخل غرفة نومة المشتركة مع ليلي، حمد ربة عندما وجدها داخل المرحاض وصوت المياة يُنذر بأنها تستحِمّ
بحث سريعً داخل أدراج الكومود والخزانة علي الروشتات الخاصة بليلي والتي كان يكتب لها الاطباء التي كانت تذهب إليهم الأدوية، وذلك بعدما قرر وانتوي أنهُ إذا ثبت صحة رؤية صفا وبالفعل كانت فايقة وقدري قد زورا نتيجة الفحوصات، فحينها يجب علية أن يتأكد إذا ما كانت مُذنبة معهما أم ماذا، وهذا ما سيكتشفةُ بعدما يذهب للاطباء المُعالجون ويستفسر منهما كي لا يظلم ليلي ويحاسبها علي شئ لم ترتكبه،
وجد بعض الروشتات لأسماء أطباء عِدة داخل المركز ، طواهم وخبأهم داخل جيب بنطالة وتحرك للخارج سريعً قبل ان تشعر علية ليلي
___________________
في القاهرة وبالتحديد داخل شقة قاسم وإيناس
إنتهي من دوامة العملي وتحرك مُجبراً إلي العَزيمة التي أشرفت عليها كوثر وقامت بصُنع أنواعً كثيرة جداً من الأطعمة المتنوعة، وطلبت أنواعً من الحلويات والمشروبات من أفخم وأعرق الأماكن، وكُل هذا بعثت فواتيرة علي مكتب قاسم الذي سددهم متضرراً ومُستغربً جشع تلك المرأة وإبنتها واللتان يُشبهان أنثي الإخطبوط
حضر جميع العاملين بمكتب المُحاماة وبعض الأصدقاء، وكانت إيناس مُلتصقة الجلوس بجانب قاسم وممسكة بذراعة طيلة الحفلة ولم تتركةُ ولو لثواني وكأنها بتلك العزيمة تُثبت للجميع ملكيتها لقاسم وشرعية زواجهما، وتُمحي أي ذكري للجميع بوجة قاسم الكاشر ليلة الزفاف، والذي بالحقيقة لم يختلف كثيراً عن اليوم مما زاد سخطها هي ووالدتها علي قاسم
دلفت إلي المطبخ عندما كانت الحفل علي مشارف الإنتهاء، وضعت لهُ مادة مُحفزة لرغبة الرجُل المُلحة في المعاشرة الزوجية، وذلك كي تُجبرةُ علي معاشرتها كزوجة، وخرجت وأعتطةُ كوب العصير
تناولة قاسم منها ووضعة فوق المنضدة بإهمال وعاد للحديث مرةً أخري لبعض اصدقائة ، مما أرعبها هي ووالدتها لإحتمالية فشل مُخطتهم مع فايقة، تلك المرأة المنتسبة للشيطان والتي تتأمر علي نجلها مع اعدائة
إرتبكت إيناس التي كانت تجلس علي حافة مقعد قاسم وتضع ذراعها فوق كتفة بدلال، مما كان يضغط علي أعصاب ذلك المُستشاط الذي لو كان الأمر بيده لصرخ بالجميع وصفعها هي عدة صفعات وترك المكان بأكمله ورحل
أمسكت كأس العصير بيدها وناولتة إياة وتحدثت بدلال:
_ إشرب العصير يا حبيبي
بالفعل بدأ بإرتشافة لأخر نقطة وذلك لعطشة الشديد وايضاً لطراوة العصير وطعمةُ المُنعش كما يعشقة قاسم بالتمام، وذلك كان تخطيط فايقة لإيناس ووالدتها
تحدثت كوثر للجميع بوجةٍ مكشوف وكأن الخجل لم يُولد معها بالفِطرة كباقي البشر:
_ يلا يا جماعة إحنا نروح علشان نسيب العرسان يرتاحوا
حالة من الإحراج الجماعي أُصيبت الجميع وبالفعل تحركوا للخارج، ودلفت كوثر سريعً إلي المطبخ ولملمت ما تبقي من الأكلات المتنوعة التي كانت قد وضعتهم داخل الاكياس لتاخذها معها إلي منزلها
خرجت لهما من جديد وتحدثت إلي إبنتها بعدما رأت التغيرات التي طرات علي وجة قاسم مما يدُل علي بدأ ظهور نتيجة مفعول الدواء :
_ أنا ماشية مع عدنان يا إيناس، أنا شيلت لك الحاجات اللي ممكن تخسر في التلاجة، سيبي كل حاجه زي ما هي وأدخلي نامي مع جوزك، وأنا بكرة هاجي لك من بدري وأجيب معايا ست تنضف لك الشقة
وتحركت للخارج بعدما غمزت لها بعيناها بمغزي، أما ذلك الجالس بخجل بعدما وجد تغيرات طارئة علي جسدة ، تحركت تلك عديمة الخجل إلية ووضعت يدها فوق صدرة بدلال وتحدثت كعاهرة:
_ يلا بينا ندخل أوضتنا علشان ننام يا حبيبي
برغم إرتباكة والتغيرات التي طرأت علية إلا انةُ قاوم رغبتة المُلحة ونفض يدها عنهُ سريعً وتحدث إليها بفحيح ودهاء :
_ حطيتي لي إية العصير اللي إدتهولي من شوية ؟
نظرت إلية وتصنعت البرائة وعدم الفهم وتسائلت:
_ حاجة زي إية، أنا مش فاهمة إنتَ تقصد إية بكلامك ده يا قاسم
أمسك يدها وضغط عليها بشدة وعُنف، كادت أن تنكسر علي أثرها وأجابها:
_ حاجة تثيرني مثلاً وتخليني محتاج لك ضروري وأقرب منك غصب عني
إتسعت عيناها بذهول مُصطنع وتحدثت إلية ببراءة قد أدتها ببراعة:
_ وتفتكر إن أخلاقي ممكن تخليني أوصل للدرجة دي من الدنائة والإنحطاط يا قاسم ؟
صاح بها بعنف وتسائل بهيئة جنونية :
_ أومال أفسر اللي بيحصل لي ده بأية ؟
إرتبكت وتحدثت كي لا تنكشف خطتها:
_ يمكن حد من أصحابك حب يجاملك ولا يعمل فيك مقلب وحطها لك في أي مشروب من اللي كانوا بيدهولك كل شوية،
وأكملت بتبرير:
_ الأصحاب ياما بيعملوا مقالب من النوعية دي في بعض، وخصوصاً لما يكون لسة عريس جديد زيك
عاد بذاكرتة وتذكر أن كثيراً من أصدقائه بالفعل كانوا يذهبون إلي البار الموضوع عليه الكثير من زُجاجات العصائر المُختلفة ويجلبون له المشروبات معهم
زفر بضيق وبدأ بتمرين النفس كي يُهدئ حالة ويُخرج من تلك الحالة الصعبة التي أصابتة ويرفضها هو بشدة
إقتربت منه بدلال أنثوي وتحدثت بعدم حياء وهي تتلمس ذقنة وتنظر لعيناة برغبة:
_ إنتَ لية مكبر الموضوع أوي كدة يا قاسم، تعالي معايا جوة يا حبيبي وأنا ههديك وهبسطك، وأوعدك إني هعيشك ليلة مش هتنساها أبداً طول عمرك
نفض يدها بعيداً عنة وأردف قائلاً بنبرة غاضبة مُشمئزة :
_ إبعدي عني مش طايق لمستك
وتحرك للخارج كالمجنون تحت صياحها وصرخاتِها، أمسكت الكؤس الزُجاجية المُنتشرة حولها وباتت تقذفهم علي الحوائط كالمجنونة مما جعل الزُجاج يتناثر حولها بكل مكان
أمسكت هاتفها وأخبرت والدتها بما جري تحت دموعها المُنهمرة وغضبها علي آنوثتها التي أُهينت بما فية الكفاية تحت يد ذلك العنيد الذي لا يعتبرها أُنثي من الأساس
أما قاسم فعاد سريعً إلي منزلة وخلع عنة ثيابة ودلف تحت صنبور المياة الباردة كي يُخرج من حالتة تلك، وتوضأ وخرج للصلاة وبعدها أمسك بكتاب الله وبدأ بتلاوة ما تيسر لهُ منه، وبعدها شعر بهدوء وسكينة ملئت قلبة، تحرك إلي تختة وبدأ بمهاتفة حبيبة الروح وضل يتحدثان بنبرات عاشقة حتي غلبهم النُعاس وغفي كِلاهُما بنفسٍ هادئة راضية
*** ☆***☆ *** ☆***☆***
روايه قلبيّ بنارِهاَ مٌغرمٌ بقلمي روز آمين
بعد يومان
داخل المشفي الخاصة بصفا، عِند الغروب
كانت تُجري الكشف علي أحد الاطفال، ناولتة إحدي حباة الحلوي بوجةٍ بشوش كي تفرحة، خرج الطفل بصحبة والدته بعدما تم فحصة وشكرها بلطف ،
إتسعت عيناها بذهول عندما وجدتة يهِلُ عليها كشمسٍ ساطعة أُنِيرت حياتها، أغلق خلفة الباب وجرت هي علية مُتلهفة ورمت حالها لداخل أحضانة، أغمض كُلٍ منهما عيناة وهو يتنفس رائحة جسد الأخر بلهفة ، كم إشتاق كلاهما للمسة ورائحة وضمتةُ للأخر
اخرجها من داخل أحضانة ونظر لداخل مقلتيها مُتلهفً وتحدث بجنون:
_وحشتيني يا جلب چوزك، وحشتني ضمة حُضنك ونظرة عنيكي وريحة چسدك اللي مفارجونيش يوم واحد في بُعادك يا صفا
كان صدرها يعلو ويهبط من شدة إشتياقهُما له أردفت بإبتسامة سعيدة:
_ وإنتَ وحشتني جوي يا جلب صفا
نظر برغبة علي شفتيها ثم مال عليهما والتقطهما مُتلهفً وبدأ بالغوص داخلهما بإستمتاع، بادلتة قُبلتة المجنونة بلهفة أشد، غاصا معاً لأبعد الحدود وضمها هو بشدة إلي جسدة بإحتياج، إبتعدا سريعً حين إستمعا إلي طرقات خفيفة فوق الباب
تحدثت وهي تقف بجانب زوجها:
_ أدخل
دلف ياسر بخطوات بطيئة ونظرة عين حزينة ومُنكسرة، للأسف أصبح حالةُ هكذا مُنذُ ما حدث معه
إرتبك حين وجد ذلك القاسم وتذكرةُ وتذكر لقائهما الحاد ليلة الإحتفال بالحِنة، رمقةُ قاسم بنظرات مُحرقة بادلهُ ياسر بأخري غير متقبلة، فألقي عليهما السلام ثم تحدث إلي صفا بنبرة جادة :
_ لو سمحتي يا دكتورة، كُنت محتاجك تيجي معايا علي أوضة الكشف علشان تشوفي حالة وتشخصيها، لأنها تخصصك أكتر مني
كادت أن تُجيبةُ لولا الذي سبقها وتحدث بنبرة صارمة وهو يُمسك كف يدها بتملك قائلاً :
_ الدكتورة مروحة معايا ومعندهاش وقت
نظرت له وتحدثت بنبرة جادة قوية رداً علي تدخلهُ في عملها:
_ معلش يا قاسم، هروح أطل علي الحالة مع الدكتور وأچي لك بسرعة
إستشاط داخلة عندما وجد شبح إبتسامة شامتة وسعيدة بأنٍ واحد تخرج من ياسر الذي شمت بكسر صفا لكبرياء ذاك المغرور، والسبب الثاني أنها لن تتخلي عن أداء واجبها لأجله ولم تستجب لتسلطة عليها
بعد مرور حوالي النصف ساعة، كانت تجاورةُ الجلوس داخل سيارتة بعدما تركت سيارتها بجراچ المشفي، في طريقهما للعودة إلي المنزل
إقتربت علي ذلك الجالس فوق مقعدة بجسدٍ مُتيبس وملامح وجة مقتضبة تدل علي مدي غضبة
إقتربت منه ووضعت يدها فوق صدرة وتحدثت بنبرة حنون:
_ لحد ميتا عتفضل جالب وشك عليا إكدة ؟
هتف بنبرة غاضبة :
_ عاوزاني أرجص لك ولا أغني لك بعد ما كسرتي كلمتي وهيبتي جِدام اللي إسمية زفت ياسر
تنهدت بأسي وأجابتة مُفسرة:
_ مسمهاش كسرت كِلمتك يا قاسم، إسميها لبيت ندي شُغلي ورضيت ضميري ورحت كشفت علي حالة طفل كان بيتألم
وأكملت وهي تلتصق به وتحدثت بدلال أثارة:
_ وملوش ذنب في إن چوزي عيغير عليا وبيعشج مّرتة بچنون
إبتلع سائل لُعابة بشدة من تأثرة بهيأتها التي أثارت رجولتة، فأبتسم لها ورمت هي رأسها فوق كتفة وباتت تدلك له صدرهُ مما أشعل نار إشتياقة لها
*** ☆***☆ *** ☆***☆***
روايه قلبيّ بنارِهاَ مٌغرمٌ بقلمي روز آمين
في مساء اليوم التالي كانت جميع العائلة حاضرة بناءً علي طلب يزن المفاجئ للجميع، عِثمان ورسمية التي بدأت تتحسن صحتها بعد إهتمام صفا و ورد بها وبطعامها، صفا، قاسم، كل أهل المنزل كانوا حاضرين
وقف يزن ينظر علي الجميع بقامة مُرتفعة ونظرة ثاقبة علي فايقة وقدري وليلي وتحدث بنبرة حادة :
_طبعاً كِلكم مستغربين إستدعائي ليكم، وبتسألوا حالكم أني مچمعكم إكدة لية
أشار بتلك الأوراق التي بيده وهتف قائلاً :
_ دالوك هتفهموا وتشهدوا معاي وتشوفوا الحجايج وهو بينكشف
إنتهي البارت
قلبي بنارِها مُغرمُ
29💘30
وقف يزن وهو يُلوح بتلك الأوراق عالياً وتحدث إلي الجميع بنبرة حزينة علي ما حدث له من كَسر رجولتة علي يد أقرب الناس إلية، عمة وزوجتة المَصون:
_الحجيجة كُلها موچودة إهنية
إنتفض داخل ليلي ونظرت برعب إلي يزن، وشعرت أنهُ أنّ الأوان لإزاحة السِتار وكشف الأسرار ، ولم يكُن حال فايقة وقدري ببعِدٍ عنها
قطب عِثمان جبينةُ مُستغربً،وتسائل مُستفسراً :
_فية إية الورج دي يا يزن ؟
أجاب جدة بنظرات مختنقة بالألم :
_ الورج ده فية دليل رچولتي اللي إنكسرت، وهيبتي اللي إنداست تحت الرچلين من أجرب الناس ليا يا چدي،
وأكمل بألم وصوتٍ واهن وهو يتناقل النظر بين عمة وليلي:
_ الناس اللي المفروض يُبجوا سندي وستر وغطا علي، هما اللي كانوا السبب في حرجة جلبي وكَسرِتي جدام العيلة كلياتها
نظر قاسم إلي صفا الجالسة بجانبة بإستغراب لحديث يزن الغير مفهوم بالنسبة له، تنهدت صفا بأسي وعاد كلاهُما ببصرهما من جديد إلي يزن لمتابعة إعترافاتة
إنتفض مُنتصر وهب واقفً من جلستة وتحدث بنبرة حادة:
_ متجول اللي عِنديك يا ولدي وتخلِصنا، هنجضوها حديت بالألغاز إياك ؟
تحدث يزن بنبرة حادة غاضبة:
_هجول بعلو صوتي يا أبوي، معادش للسُكات جواتي مكان
ثم نظر إلي عمة وسألةُ بإستفسار:
_ حضرتك جولت جِدامنا كلياتنا إنك روحت إنتَ ومّرتك للدَكتور اللي صفا بعتتنا لية، و وريتوا له التحاليل وهو اللي جال لكم إني عاچز عن الخِلفة ومهعرفش أخلف عيل من صُلبي واصل، مش إكدة بردك يا عمي ؟
إبتلع سائل لُعابة من شدة توترة، نظرت له فايقة وشجعتة بعيناها وحثتةُ علي الثبات، تمالك من حالِه وتحدث بنبرة مهزوزة أكدت كَذبةِ للجميع:
_ إيوة حُصل
أحال ببصرة إلي فايقة بعدما حصل منهُ علي ما يُريد، ثم سألها هي الأخري:
_ وإنتِ جولتي جِدام العيلة كلياتها في نفس الصالة دي، إن الدَكتور جال لك بالحرف الواحد إن بِتك اللي هي مّرتي صاغ سليم، حُصل يا مرت عمي ؟
أجابتة بقوة وعينان مُتسعتان ثابتتان :
_ إيوة حُصل، والدَكتور بذات نفسية اللي جال لنا إكدة،
وأكملت بتساؤل بنبرة حادة:
_ وبعدين مالك نازل فينا سؤالات لية إكدة، مهنخلِصوش منيها اللحكاية المغفلجة دي إياك ؟
وما أن إستمع لها فارس ولكَذبها حتي أنزل بصرة أرضً تحت قدماة من شدة خجلة، فهو كان شاهداً مع إبن عمة علي حديث الطبيب، وطبيب المركز أيضاً
حين هتف لها يزن بنبرة هادئة ذات مغزي أربكتها :
_ هنخِلصوا يا مّرت عمي ، إصبري أومال علي رزجك.
ثم أقترب من ليلي وسألها هي الأخري:
_ إلا جولي لي يا ليلي، لما كُنتي عتروحي للدكاترة في المركز مع أمك، كانوا عيجولوا لك إية علي حالتك ؟
إنكمشت بجلستها من شدة رُعبها وأرتبكت، وقف قاسم وجن جنونهُ بعدما فقد السيطرة علي حالة حين رأي الرُعب تملك من ملامح وجة شقيقتة، فتحدث بضيق:
_ ما بكفياك عاد يا يزن، مالك، عاملي فيها وَكِيل نيابة ونازل أسئلة في الكُل لية إكدة؟
ما لو عنديك حاچة جولها وخلِصنا ،منجصينش إحنا التوتر دي
نظرت لهُ مُتيمة حبيبها وحزنت لأجلة، وشعرت بإنقباضة داخل صدرِها لأجلة وسألت حالِها بتألم وهي تنظر له:
_معشُوق عيناي وكُليّ، كيف لك أن تتحمل ما ستستمع له آُذناك من دلائل ستؤكد لك كذب وأفتراء، بل وجريمة أهلك البشعة في حق يزن.، ذاك البرئ الذي لم يستحق ما حدث له علي أيادى الشر التي طالتة ووجهت له أبشع وصمة يوصم بها رجُل صِعيدي
في حين إبتسم يزن ساخراً علي حالة وأجابة بنبرة تهكُمية:
_المفروض إنك مُحامي وفاهم اللي هعملة زين يا متر،
وتسائل:
_ مش عيجولوا عِنديكم بردك إن من حَج المُتهم يدافع عن حالة، ويحاول يكشف برائتة من الذنب الموجة لية بكل الطُرج ؟
أمسكت صفا بإحتواء يد حبيبها الباردة وكأنها لرجُلً فقد الحياة، وذلك بعدما بدأ بإستشعار القادم بحثةِ القانوني، نظر لها فطلبت منه بعيناها الهدوء والثبات النفسي
حين تحدث عِثمان الذي فهم هو الآخر مغزي أسئلة حفيدة، وذلك لعلمةِ الشديد طبع حفيدة الجاد الذي لا يُحبذ الثرثرة ولا هي من طبعةِ من الأساس ، بل أن يزن لا يُخرج الكلمات من فمة إلا بموضعها المُناسب ، وجة حديثةُ إلي قاسم قائلاً بنبرة هادئة كهدوء ما يسبق العاصفة:
_ سيب وِلد عمك يكمل حديتة وأجعد يا قاسم
جلس بجانب حبيبتة بنبضات قلب مُتسارعة
ونظر عِثمان إلي يزن وتحدث مُشجعً علي الإستمرار:
_ كَمل يا ولدي سؤالاتك
ثم نظر إلي حفيدتة وحثها علي التحدث قائلاً بنبرة أمرة :
_وإنتِ چاوبي علي چوزك يا ليلي
إبتلعت لُعابها حين شكر يزن جدة بعيناة وعاد ببصرة إليها من جديد ونظر لها ينتظر ردها قائلاً :
_ أني سامعك يا ليلي، چاوبيني
تماسكت بعد نظرات فايقة المشجعة لها والتي تحِثها علي الإستمرار والمُضي فيما إتفقتا علية من ذي قبل، وتحدثت بنبرة واثقة حادة :
_كُل الدَكاترة اللي روحت لهم كانوا عيجولو لي إني زينة وإن اللحكاية حكاية وجت مش أكتر
نظر لداخل مقلتيها وهو يتحري الكذب من عيناها وأردف مُتسائلاً من جديد:
_ طب مفيش دَكتور منيهم جال لك هاتي چوزك وياكي لجل ما نكشفوا علية لتكون المشكلة من عِندية هو ؟
هزت رأسها سريعً وأجابت بالنفي
فأكمل هو:
_ طب والدكَتور عامر البحراوي، اللي روحتوا له أخر مرة من ياجي شهرين، جال لكم إية ؟
إرتبك قدري وكادت ان تزهق روحة من شدة رُعبة جراء تيقنةُ من موعد إنكشاف الحقائق، هتف بحدة وصوتٍ غليظ موجةً حديثةُ إلي والدة قائلاً:
_ خبر إية يا أبوي، إنت عاچبك المسخرة اللي عتحصُل دي إياك؟
جاعد تتفرچ علي حتة عيل إصغير وهو نازل فينا سؤالات كيف ما نكون مُچرمين وعيمرمط في بنتي و إنت عتتفرچ وساكت ؟
رفع عِثمان وجههُ من فوق عصاة الابنوسية العتيقة التي يستند عليها، ونظر لولدهِ بحسرة ملئت قلبة علي كبيرة الذي من المُفترض ان يكون قدوة لاشقائة وأنجالهم، "ولكن للأسف"، ليس كل ما يتمناةُ المّرء يُدركةُ
ثم وجة حديثهُ إلي ليلي وهتف بصوتٍ مهموم:
_ چاوبي علي سؤلات چوزك يا ليلي
نظرت فايقة إلي ليلي بثبات وكأن بنظرتها قد مدت إبنتها بقوة المواصلة، نظرت ليلي إلي يزن وأجابتة بقوة وثبات:
_ جال لنا نفس الكلام اللي جالة غيرة
كدابة يا ليلي، كدابة وخاينة وملكيش أمان ، خونتي الراچل اللي أمن لك واداكي ضهرة بقلب سليم، وكان چزاته طعنة غدر شوهت رچولتة جِدام العيلة كلياتها،: كانت تلك كلمات حزينة قالها يزن بنظرة يأس وجهها إلي ليلي
وأكمل متألمً:
_ وكل ده ليه؟ لجل ما تطلعي إنتِ صاغ سليم جِدام الكِل،
وأكمل بسخط:
_ ملعون أبو كذبك علي أبو عجلي الغبي اللي صدج واحدة مشوة ومريضة زيك
وقفت فايقة وتحدثت بكل صوتها قائلة بتبجُح:
_ إحفظ أدبك وإنتَ بتتحدت وّيا بت قدري النُعماني،
ورمقت قاسم وفارس الصامتان بنظرات نارية وتحدثت:
_وإذا كانوا إخواتها الرچالة سامعين وشايفين بعنيهم أختهم وهي عم تتهان وساكتين ، فأني مهسكتش واصل
صاحت رسمية بنبرة حادة بعدما بدأت بإسترداد عافيتها:
_ إكتمي نفسك يا مّرة وآجعدي مكانك وإنتِ كيف المركوب، عتعلي صوتك في حضور الحاچ والرچالة يا واكلة ناسك ؟
اجابتها بنبرة مُنكسرة لكسب تعاطف الجميع:
_ لا عِشت ولا كُنت لو كُنت جاصدة إكدة يا عمة، أني كُل اللي بعملة إني بدافع عن بِتي اللي كِلياتكم شاهدين علي إهانِتها من يزن وساكتين
رد عليها يزن بتساؤل حاد:
_ إهانة؟
هي فين الإهانة دِي لا سمح الله يا مّرت عمي ؟
أجابتة بنبرة تبجُحية:
_وإنتَ لما تجولها كذابة وخاينة يُبجا إية يا سى يزن ؟
كالأسد الجريح نظر لها وتحدث بنبرة غاضبة :
_ أبجا بوصفها يا مرت عمي، يااللي المفروض أني كيفي كيف ولدك، ومع ذلك جبلتي يتجال عليا إني معيوب ومنيش راچل ومهجيبش عيال
إبتلعت لُعابها، حين حزن زيدان علي إبن شقيقةُ الجريح، أما مُنتصر فهتف بنبرة غاضبة :
_ جول اللي عنديك من غير تزويج للحديت يا ولدي الله يرضي عليك
وكأن بكلماتة قد أعطي الضوء الأخضر لولدة، فأخرج من جيب جلبابة هاتفةُ الحديث وتحدث بقوة وثبات وهو يبحث داخل هاتفة:
_ أني معتكلمش يا أبوي، أني عسمعكم بودانكم اللي عرفتة وخلاني إتوكدت إني متچوز الشيطان بذاتة
حسرة كبيرة ملئت قلوب كُل الحاضرين، ضغط يزن زِر الهاتف وصمت الجميع لينصتوا بتمعن لصوت الطبيب المصري التي أرسلتهم إليه صفا
صوت الطبيب المُسجل من قبل يزن دون عِلم الطبيب :
_ أهلاً وسهلاً بيكم ، إتفضلوا.
صدح صوت يزن وهو يسألة ويُعطية الملف الخاص بالتحاليل :
_ أني چبت لحضرتك التحاليل الخاصة بيا
قطب الطبيب وتسائل مُستفسراً:
_ أومال فين التحاليل الخاصة بمدام حضرتك ؟
أجابةُ يزن:
_ هچيبها لحضرتك في وجت تاني، المهم دلوك تطمني علي التحاليل بتاعتي، أني عِملتها في مكان تاني غير اللي حضرتك بعتنا لية.
نظر الطبيب لإسم المعمل وأشاد به ثم إطلع علي النتائج وتحدث بنبرة هادئة:
_ التحاليل بتاعتك ممتازة ومفيش فيها ما يمنعك من الإنجاب نهائي
إستمع الجميع إلي صوت فارس الواضح بالتسجيل وهو يقول:
_ حضرتك مُتأكد من النتيجة دي يا دَكتور ؟
أجابةُ الطبيب بنبرة حادة:
_ تقصد إية بكلامك ده يا أستاذ ؟
هتف يزن سريعً وأجاب الطبيب بعدما إستشف حنقةُ جراء حديث فارس:
_ فارس ميجصُدش اللي حضرتك فهمتة يا باشا، أصل التحاليل اللي عِملناها جبل سابج جالت إني عقيم ومهعرفش أخلف واصل
ضيق الطبيب عيناها وهتف قائلاً:
_ إزاي ده، التحاليل اللي قُدامي بتقول إن حضرتك معندكش أي موانع تمنع الإنجاب
أغلق يزن التسجيل ونظر إلي فايقة وليلي وقدري،إبتسم ساخراً حين وجد وجوههم شاحبة كشحوب الموتي
تنفس مُنتصر براحة وحمد ربهِ داخل سِرة في حين وقفت نجاة وجرت علي صغيرها واحتضنتة بعيون مُتسعة من شدة سعادتِها وتحدثت:
_ أني كُنت متوكدة إنك سيد الرِچال وأسد كيفك كيف أبوك
وحولت بصرها إلي فايقة ورمقتها بنظرات مُحرقة
أما فايقة التي أصّرت علي إستكمال مُخطتها الحقير والإستمرار في مُسلسل الكذب وتحدثت بنبرة صارمة:
_أني بردك مفهماش، إحنا دخلنا إية في اللحكاية دي يا يزن
إتسعت عيناة من شدة ذهولة من بجاحتها، تحدث مُنتصر إليها بنبرة غاضبة :
_ يعني إية دخلك إية في الموضوع يا مرت أخوى؟
وهو مين اللي كان چاب لنا التحاليل المغفلجة دي وبلانا بيها وخلانا نعيش سبوعين سود ؟
وقف قدري ورمق مُنتصر وتحدث إليه بحدة وصوتٍ غليظ :
_ وإنتَ چاي تسألنا إحنا لية، ماتروح تسأل المعمل
سألتة رسمية بنبرة حادة متهكمة :
_ والمعمل مالة يا زين الرچال
أجابتها تلك المُتجبرة بعينان ثابتتان تحت إرتعاب جَسد ليلي:
_ أكيد التحاليل إتلغبطت بالغلط چوة المعمل يا عمة
سألها يزن بتشكيك:
_ وتحاليل ليلي هي كُمان إتبدلت يا مّرت عمي ؟
سألتةُ فايقة مُستغربة بتصنُع يُخبئ ورائةُ إرتعاب بداخلها ظهر بمقلتيها ورأةُ يزن :
_ وإية اللي دخل تحاليل ليلي في الحديت دي؟
نظر لها وشبح إبتسامة شامتة ظهرت فوق ثغرة وذلك لبداية سقوط قناع القوة التي ترتدية، وتحدث :
_ دلوك هعرفك دخلها إية
مد كف يده داخل جيب جلبابة وأخرج إحدي الروشتات الخاصة بحكيم المركز تحت إستغراب الجميع، ذهب إلي المقعد التي تنكمش داخلة ليلي بقلبٍ ينتفضُ رُعبً وجسدٍ مُرتجف خشيةً فضح خطتهم البشعة،
رمقها يزن بنظرة كصقرٍ غاضب، تمالك من حالِه بصعوبة كي لا ينقض عليها ويفترسها ، رفع تلك الروشتة أمام عيناها وسألها:
_ الروشتة دي بتاعت دكتور المركز اللي كُنتي عتروحي له، ودي الدوا اللي كان كاتبهُ لك صُح يا ليلي ؟
إبتلعت لُعابها رُعبً ولم تجد للهروب سبيلاً ولا مفر من كشف المستور ،فاستسلمت وأجابتة بنبرة مُرتبكة:
_ صُح
هز رأسه بيأسٍ وأسف ، كَم كان يتمني نفيها وعدم معرفتها بالأمر برُمتة، ولكن تحطمت أمالة، ثم تحرك إلي قاسم الذي نظر لهُ مُستغربً وتحدث يزن :
_ خد الروشتة دي يا قاسم واتصل بالدَكتور وأفتح الإسبيكر لجل ما الكِل يسمع ويكون الحديت علي عينك يا تاچر
نظر قاسم للورقة التي بيدة بتردُد لاحظةُ الجميع، وضل ناظراً بها حتي إستفاقَ علي صوت جدةِ الصارم وكأنةُ يأمرة وذلك بعد عِِلمة بمغزي ما يقوم به يزن :
_ خد الورجة من إبن عمك وإتصل وناولني التَلفون يا قاسم
شعرت تلك العاشقة بإنقباضة شديدة بقلبِها لأجل كَم الأذي الذي يتعرض إلية معشوق عيناها، إنتفضت فايقة بجلستِها وبدأ صدرها يعلو ويهبط، وتيقنت أنها النهاية، أما قدري فأرتبك وابتلع لُعابة، بسط ذراعةُ وتناول الروشتة من يزن ثم أخرج هاتفةُ وضغط زر الإتصال وفتح مُكبر الصوت ليصل إلي مسامع الجميع، إنتظر الرد،
إستمع الجميع لصوت الطبيب الذي صدح من خلال السماعة قائلاً :
_ السلام عليكم
أخذ قاسم نفسً عالياً ثم زفرة ليستعيد توازنة وتحدث مُتسائلاً :
_ وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، دِكتور شريف السلاب معايا ؟
أجابةُ الطبيب بإيماء،وتحدث قاسم بنبرة قلقة:
_ الحاچ عِتمان النُعماني كبير نچع النُعمانية رايد يتحدت وياك في موضوع
قطع يزن طريقةُ وهو يتحرك إلي جلوس جدة، وأمسك الهاتف من يدة وتحدث إلي الطبيب نبرة هادئة:
_ أني يزن النُعماني اللي چيت لحضرتك وَيّا فارس وِلد عمي يا دكتور، چدي معاك وياريت تحكي له علي كُل اللي حكيتهُ لنا
ثم سلم الهاتف إلي جدة بعدما وعدةُ الطبيب بقول كلمة الحق
تحدث عِثمان إلي الطبيب بعدما عرفةُ علي حالة:
_ عاوزك تجولي علي كُل اللي حُصل من وجت ما حفيدتي چت لعِندك هي والسِت والدتها
وأكمل بنبرة تأكيدية:
_وخلي بالك من كُل كِلمة هتجولها يا دَكتور، لأن دي أمانة وهتتحاسب عليها جِدام رب العالمين يوم الجيامة
تنهد الطبيب وتحدث مُفسراً موقفة:
_ الباشمُهندس يزن فهمني الوضع وشرح لي الموضوع يا حاج، ومع إحترامى لشخص حضرتك الكريم، لكن لولا إني شُفت بعيني التحاليل المزورة اللي ورهالي وعرفت إن الموضوع فية تلاعُب وضرر نفسي ومعنوي واقع علية،
وأكمل مُبرراً:
_ماكُنتش أفشيت سر مريضة عندي وخونت مهنتي مهما كان مين اللي بيكلمني، وكلامي طبعاً مايقللش من قيمة سيادتك عندي .
تنهد عِثمان وتحدث بنبرة شاكرة:
_ وأني شاكر أفضالك يا دكتور، ويكون في معلومك، الحاچ عِثمان النُعماني مهينساش اللي بيُجف وياة واصل
أجابةُ الطبيب بنفسٍ عفيفة وضمير حي نال بهِ إستحسان عِثمان والمُعظم من الجالسون :
_وأنا بعمل الموضوع ده لوجة الله يا أفندم، ومش مستني أي مُقابل غير من ربنا سبحانة وتعالي
وبدأ بقص ما دار بينهُ وبين ليلي خلال زياراتها إلية بصُحبة والدتها علي مدار العامان والنِصف
وأردف قائلاً بإستكمال تحت إرتجاف جسدي فايقة وليلي :
_ ومن حوالي عشر شهور، جت لي مدام ليلي هي ومامتها في زيارة طبية بعد إنقطاع عن العيادة دام لأكتر من ست شهور، وكانت وقتها بتعاني من مغص مُتكرر في منطقة الرَحِم ،
طلبت منها تعمل تحاليل جديدة ، لكن إنصدمت لما شفت نتيجة التحاليل اللي بينت لي إن الحالة سائت جداً وإن حالة البويضات أصبحت في خطر كبير، ولما سألتهم عن سبب التراجُع الكبير اللي حصل ده انكروا، لكن انا ضغطت عليهم وطلبت منهم يصارحوني علشان أعرف أساس المُشكلة واقدر أساعدهم،
وقتها بس مامتها إعترفت إنها بتوديها لدجالين علشان يساعدوها في حل مُشكلة الحمل، والمصيبة إنها قالت لي إنها كل إسبوع بتوديها لدجال مختلف وكل واحد منهم بيديها مشروبات غريبة ومُضرة طبعاً، وده كُلة غير الأدوية اللي كانت بتاخدها من الدكاترة اللي بردوا متنوعين
وأكمل بأسي:
_ للأسف، مامت مدام ليلي كانت مُتسرعة وغير حكيمة بالمرة في تفكيرها،و إنها عاوزة حمل بنتها يتم بسرعة كبيرة،
وأكمل:
_أنا وقتها طبعاً نصحتها وحذرتها من خطورة اللي بتعملة ده، و طلبت منها توقف كل زيارتها للاطباء والدجالين الكتير أوي دول وتتابع معايا علشان أحاول ألحق أخر أمل لبنتها
وأكمل بنبرة آسفه:
_ لكن للاسف، والدتها ضربت بكلامي كُلة عرض الحائط وبطلت تيجي عندي العيادة،
وأسترسل حديثهُ:
_ ومن شهرين بالظبط، لقيتها جاية وفرحانة جداً وبتقول لي إنها شاكة إن بنتها حامل في شهرين ، لكن بعد الكشف والتحاليل اللي عملناها تاني أكدت إن مدام ليلي ضيعت أخر أمل ليها وإن الجرايم اللي والدتها عملتها فيها عملت لها لغبطة في الهرمونات وإتسببت لها في عُقم، للأسف، مدام ليلي من مستحيل تبقا أم
صدمة ألجمت الجميع وشلت حواسهم، حتي عثمان ،لم تكتمل فرحتة بيزن وأنكسر من جديد لأجل مّصاب حفيدتة الجلل، وقف قدري وتحرك إلي مجلس أبية وتحدث للطبيب بنبرة غاضبة :
_ إنتَ راچل كداب وشكلك إكدة جبضت تمن الهلفطة اللي عتفتري بيها علي بِتي دي
صدح صوت الطبيب من الهاتف وتحدث بنبرة صارمة:
_ بيني وبينك ربنا والمعمل اللي المدام هتعيد فية التحاليل من جديد ، ولو أنا فعلاً كذاب خلي مدام ليلي أو مامتها يكذبوني أنا والممرضة بتاعتي ومعمل التحاليل اللي مدام ليلي كانت بتجري فية التحاليل دائماً، والصيدلي اللي قدام عيادتي اللي كانت المدام بتصرف منة الأدوية في كل زيارة
كانت تستمع لكلمات الطبيب المُميتة لأي آُنثي بقلبٍ يتمزج وعينان تزرِفُ منهما الدموع بألم وغزارة، وكأن الموقف برُمتِة أعاد إلي أذهانِها روايتها المؤلمة، شعر بإنتفاضة جسدِها جراء البكاء حبيبُ صِباها ونضوجها، إنةُ زيدان الذي أمسك يد معشوقتة وضغط عليها بإحتواء وكأنهُ يُخبرها أنهُ دائماً بجوارها،شاعراً بها ومُضمضً لجراحها التي تؤلمة كألمها
نظرت إلية بمقلتيها الدامعتان حُزنً علي تلك الليلي برغم أنها لا تستحِق
نظر قاسم والجميع إلي ليلي وفايقة اللتان كادت روحهما أن تُزهق من شدة رُعبهما، حينها تأكد عِثمان من صحة حديث الطبيب وأغلق معةُ بعد أن شكرةُ
ثم تحدث إلي قدري وهتف بنبرة حادة بعدما رمقةُ بنظرة نارية:
_ ريح رچليك من وجفتك اللي كيف جلتها دي وروح إجعُد چار مّرتك وبِتك يا قدري
إرتبك بوقفتة وتحرك بخزيٍ وجلس بجوارهم
في حين هتف مُنتصر بنبرة غاضبة وهيئة ثائرة :
_ يعني العيب طِلع من بِتك وچاية تلبسيها لولدي يا أم قاسم ؟
واكمل بنظرة مُشمئزة:
_ يا عيب الشوم عليكِ يا بِت عمي
وهتفت رسمية موجة حديثها إلي فايقة بنبرة غاضبة وقلبٍ يتمزق لأجل حفيدتِها :
_ ضيعتي بِتك بچهلك وجلة عجلك يا مّرة يا خرفانة، ربنا ينتجم منك يا بعيدة
صاحت نجاة بنبرة حادة:
_ ويا ريتها خدت عِبرة من اللي حُصل لبِتها بإديها يا مرت عمي، إلا راحت وزورت الورجات وإتبلت هي وبِتها وچوزها علي ولدي سيد الرچالة
وقف قاسم وتحرك إلي أبية ووالدتة وتسائل بذهول:
_ صحيح الكلام اللي عم يتجال دي ؟
لم يتلقي ردً من كلاهُما، بل ضل صامتان ينظران في اللاشئ بوجةٍ مُحتقن بحُمرة الغضب وليس الخجل، وليلي التي تانُ وتبكي بإنهيار وتنظر خجلاً ورُعبً إلي يزن الواقف ينظر إليها بجمود وحِقد
فصرخ بأبية قائلاً :
_ رُد يا أبوي وكذب الكُل وجول لهُم إن كُل دي محصلش وإنة مُچرد سوء تفاهم
ثم حول بصرة إلي والدتة وهتف بنبرة مُتألمة ذُبحت بها متيمتةُ العاشقة :
_ إنطجي يا أماي، دافعي عن حالك وعن ليلي وإنفي التُهم البشعة دي عنيكم
رفعت بصرِها إلية وتحدثت بنبرة قوية غير مبالية لما فعلت من جريمة شنعاء :
_ أني أم يا قاسم، وكنت بحمي بِتي وبحاجي عليها وبحمي بيتها من الخراب
نزلت كلماتها علي قلبة دمرتة، حالة من الهرج والمرج أصابت الجميع، وعلت الأصوات اللائمة لتلك المُتبجحة ذات الوجة المكشوف الذي لا يعرف الحياء مُطلقً ، اخرج الجميع من حالة الغليان صوت عصا عِثمان التي دبت بقوة علي الأرض وصوتهِ الهادر الغاضب حين تحدث:
_ بكفياكم يا ولاد النُعماني، معايزش أسمع صوت حد فيكم واصل
ونظر إلي فايقة وتحدث:
_ يعني إنتِ بتعترفي إنك زورتي الفحوصات بتاعت يزن ؟
رد قدري مُدافعً عن حبيبته الذي لم يعشق سواها:
_ إحنا مزورناش حاچة يا أبوي وتجدر تروح المعمل وتسأل فية وتتوكد بنفسك
صاح عِثمان قائلاً بنبرة غاضبة:
_إسكت ساكت يا خِلفة الشوم والندامة، حسابك لساتة چاي يا جدري الشوم يا دلدول المّرة
تنفست فايقة وتحدثت بنبرة واثقة أجادت صُنعِها وذلك لتاكُدها أن طبيب المعمل لم ولن يفصح عن ما تم بينهما من إتفاق دنئ مهما حدث، وذلك لأمانة قبلً منهُما :
_ كيف ما جالك قدري يا عمي، نتيچة الفحوصات إحنا ملناش يد فيها، وتجدر حضرتك تتوكد من إكدة
نظر لها بنظرة تشكيكية وسألها:
_وحكيم المركز، عيكدب ولا عيجول الحج يا فايقة؟
تنهدت بأسي وتفوهت بالحق وذلك بعد أن تأكدت أن لا فائدة من الإنكار، بل أنهُ سيفقدها الكثير والكثير:
_ الدكتور جال الحجيجة يا عمي
وأكملت بدموع مُصطنعة :
_بس لازمن تعرفوا أسبابي اللول جبل ما تحكموا عليا وعلي بِتي
ويا تري إية هي بجا أسبابك اللي خلتك تِكسريني وتخليني معارفش أرفع عيني ولا اجيم رجبتي جِدام حد؟
كان هذا سؤال يزن الغاضب لها
أجابتة بنبرة ضعيفة ودموع مُصطنعة كي تستدعي تعاطفة معها:
_ كُنت خايفة علي بِتي من كلام وشماتت الناس يا ولدي، إنت محدش شمت فيك، بالعكس، كلياتهم زعلوا عليك ووجفوا معاك لانهم عيحبوك ، لكن أني وبِتي الشماتة كانت هتبجا عيني عينك
تحدثت ورد من بين دموعها المُنهمرة:
_ في حد عاجل يشمت في إبتلاء ربنا ورحمتة لينا، ونشمتوا كيف في بِتنا اللي وجعها بيوجعنا
إستشاط داخل فايقة عندما إستفاقت من تيهتها وشعرت بوجود غريمتها اللدود وزيدان الجالس يترقب للجميع بصمت، وتحدثت بطريقة مريضة كي تذبح روحها، غير واعية ولا مُبالية أن إبنتها أصبحت داخل وضع أكثر صعوبة :
_ عتجولي إكدة لأنك معيوبة ومحساش كيف بيكون حديت الناس.
نزلت كلماتها الموجعة الخالية من الشعور والإنسانية علي قلب تلك الوردة الصافية أحرقتة ، إستشاطت صفا لأجل والدتها وكادت أن ترد، لكن نظرات والدها التحذيرية لها كانت كفيلة بأن تكظم غيظها بداخِلها وتصمت لتري
نظر قاسم إلي والدتة بأسي علي حالها الذي أصبح لا يُطاق،
هتف زيدان بنبرة غاضبة شرسة وكأنهُ تحول:
_ إحفظي لسانك وإتحدتي زين يا فايقة
وأكمل بكبرياء:
_أم الدَكتورة صفا النُعماني اللي النچع كلياتة بيحكي ويتحاكي عليها مهياش معيوبة،
وأكمل بإهانة:
_ المعيوب هو اللي الناس مسلماش من لسانة العِفش وتخطيتة الشيطاني
صاح يزن بنبرة غاضبة بعدما جن جنونة وكأنةُ تحول إلي غول بفعل تلك التي فاقت الشيطان بتخطيتة :
_ حضرتك عتفضل ساكت وسايب جلبي جايد نار كتير إكدة يا چَدي؟
مهتخدليش حج كسرت نِفسي إياك ؟
تنهد الجد الذي يجلس بأسي والألم والحسرة تملئ قلبة علي حال عائلتة، ثم تحدث بنبرة جادة:
_ شوف إية اللي يرضيك يا يزن وأني هعملهولك
رمق ليلي بنظرات نارية وتحدث بقوة:
_ الطلاج، الطلاج هو اللي هيبرد جلبي ويطفي ناري الشاعلة
وقفت ليلي وجرت علية وتحدثت بدموع عيناها:
_ يبجا بتحكم عليا بالموت يا يزن، أني مهجدرش أعيش من غيرك يا حبيبي، هموت لو فُوتني يا يزن
رمقها بإشمئزاز وتحدث عِثمان بنبرة غاضبة:
_ ولما أنتِ عتحبية إكدة يا واكلة ناسك ، كيف طاوعك جلبك ومشيتي كيف العامية ورا الخرفانة أمك وتخطيتها الي كيف تخطيط الأبلسة،
وسألها بحدة:
_ كيف كُنتِ بتنامي وعينك عتغفل چار چوزك وإنتِ دابحة روحة وشيفاه وهو عم يدبل چدام عنيكِ، جلبك مكانش بيتوجع علية ؟
أجابت جدها بدموع :
_ اني عِملت اللي عِملتة دي لجل ما أحافظ علية
أردف يزن بغضب مُتلاشياً حديث تلك الخائنة :
_ أني مهجدرش أعيش مع واحدة خاينة وكدابة يا چدي، كيف هأمن لها من تاني واني نايم چارها
حالة جديدة من الهرج والمرج أصابت الجميع، في حين أصدر عثمان عدة قرارات بنبرة صارمة بعدما اخرس الجميع:
_ يزن هيتچوز من اللي يشاور عليها ويختارها بنفسة لجل ما يخلف منيها ويبجا له عزوة
إشتعل داخل ليلي وجن جنونها، قاطع يزن جدة بإصرار :
_ الطلاج يتم جبل كُل شئ يا چدي، مهعيشش أني وياها يوم واحد
اجابة عثمان بنبرة صارمة:
_ إنتَ عارف زين إن جانون العيلة مفهوش كلمة الطلاج دي يا يزن، ده غير إن بِت عمك خلاص، معادش نافع لها چواز تاني
إشتعل داخل فايقة خشيةً شماتت الحاضرين بها
غضب يزن وعارض جده لكنة بالأخير إستسلم لتعصب عثمان وإصرارة علي ثبات موقفة، وصمت وجلس لمشاهدة ما تبقي من قرارات جدة بعدما اخبر الجميع أنه سيهجرها بالفراش ولن يعتبرها زوجة له من اليوم ، تم ذلك تحت جنون ليلي ورفضها لزواج يزن عليها وهجرها له، ولكن اخرصها غضب عِثمان
أكمل عِثمان وهو ينظر بألم لذلك المُنكمش على حالة خشيةً غضبة أبيةِ:
_ وإنتِ يا كبيري يا أول فرحتي، يا اللي المفروض تكون جدوة لباجي عيلتك، بدل ما تحاجي علي وِلد أخوك وتاخدة تحت چناحك وتعتبرة واحد من عيالك، تجوم تتأمر علية وّيا الحرباية مّرتك وتِكسرة جدام العيلة كلياتها
إبتلع لُعابة وحُزنٍ عميق أصاب قلبي زيدان ومُنتصر ورسمية والجميع، أما قاسم وفارس فشعرا بخزيٍ وعار من قدوتهما السيئة
تنفس عِثمان عالياً ثم أكمل:
_ إنتَ إتفجت علي وِلد أخوك ورضيت بذُلة وكسرت عينة جِدام الكِل،
وأكمل بنبرة صارمة:
_ من اليوم مليكش مكان في داري لا إنتَ ولا الجادرة اللي مصانتش عيشنا وملحنا اللي كلته ويانا
إنشق قلب رسمية لنصفين،وصُدم قاسم وفارس الواقفان صامتان والغزي والعار يشملهما، وإتسعت عيناي قدري وتحدث بنبرة مُرتعبة:
_ هروح فين أني ومرتي يا أبوي، عاوز تطوحني برات البيت وتضحك الخلج عليا بعد العُمر دي كلياتة ؟
صاح عِثمان بنبرة غاضبة:
_تروح في ستين داهية إنتَ والملعونة اللي ماشي وراها كيف الدلدول
وأكمل أمراً بنبرة غاضبة:
_ بكرة الصُبح ملجيش خِلجتك في الدوار لا أنتَ ولا وش الخراب اللي چارك دي، مفهوم
تحرك زيدان سريعً إلي والده وأردف قائلاً بنبرة مُترجية:
_ بلاش يا أبوي، متخليش أخوي يدوج الذُل والمرار والمهانة اللي دوجتهم وعشت فيهم سنين أني ومّرتي وبِتي
نزلت كلماتة علي قلب والدهُ حطمتة،ونظر قدري إلي زيدان بإستغراب وذهول من موقفة المساند له رغم أنهُ كان أول الداعمين لقرار عِثمان لنفي زيدان خارج منزل العائلة، شعر بخزيٍ من حالة وتحركت رسمية ومُنتصر ليدعما زيدان بقرارة
في حين تحدث يزن بنبرة قوية :
_أني اللي إتغدر بيا وإطعنت في ضهري يا چدي، ومهسامحش في حجي ليوم الدين، وبرغم إكدة، أني مموافجش علي نفي عمي برات الدوار،
وأكمل وهو يترجي جدة:
_ بكفياك جرارات ترچع تندم عليها كيف سابج،
وأكملت رسمية بدموع مُترجية:
_ مبجاش في العُمر كتير لجل ما نجضية في الحُزن والفراج يا عِثمان
نظر للجميع وشعر بغصة داخل صدرة، شعر بحُزن لما أوصل أولادة وأحفادة من ألام وأحزان بفضل قراراتة التي لم تكن منصفة للبعض
تحدث وهو يتحرك لداخل حُجرتة بنبرة واهنة:
_ إعملوا اللي يلد عليكم ، بس من إنهاردة قدري ومرتة مهيجعدوش وياي علي سُفرة واحده ولا هتلمنا جعدة بعد إكدة
تنفس قدري وشعرت فايقة بالإنتصار المُزيف من انها مازالت بالمنزل ولم تُنفي كورد وزيدان في السابق
___________________
تحرك قاسم سريعً إلي الخارج بوجةٍ مُحتقن بالغضب، وتحركت خلفة صفا التي باتت تُنادية بصياح ولكنهُ لم يلبي نداها وتحرك سريعً إلي سيارتة ووضع بها مفتاحة، وقبل ان يستقلها امسكتة تلك العاشقة حبيبت زوجها من ساعدية وتحدثت بدموع:
_ رايح فين يا حبيبي.
أجابها وهو يواليها ظهرة لعدم قدرتة علي النظر داخل عيناها:
_ إطلعي علي شُجتك يا صفا، وأني هتمشي شوي بالعربية وأرچع طوالي
إحتضنتة من الخلف وتحدثت بنبرة حنون:
_ مهفوتاكش لحالك وإنتَ إكدة يا قاسم ، رِچلي علي رِچلك منين ماتروح
زفر بضيق وصاح بها عالياً وذلك لشعورةُ بالخزي من حالة ومنها :
_ مهتسمعيش الكلام لية يا بِت الناس، جولت لك فوتيني لحالي، معايزش أجعد مع حد أني
زادت من ضمتها له وتحدثت بإصرار:
_ مهفوتاكش حتي لو فيها موتي
إستدار لها سريعً وتسائل مُتلهفً بعيون مُرتعبة:
_ صُح مهتفوتنيش يا صفا؟
إبتسمت بخفة ونظرت لعيناة بولة وتحدثت:
_ افوتك كيف وإنتَ النور اللي عشوف بيه يا ضي عين صفا
تنفس وضمها إلية بقوة وبات يُشدد من ضمتها وهو مغمض العينان بتألم
بعد مرور أكثر من الساعتان
، كانت تتحرك بجانبة بين أشجار ثمار الفاكهة مُمسكة بكف يدة مُشددة علية بحُب، وهو يتحرك بجانبها بألم لم يشعر به من ذي قَبل، لم يكن حزين لأجل ماحدث قدر حُزنة وخزية من حالة وما فعل بحبيبتة الغالية، وعمة الذي وقف بظهر أبية رغم معرفتة وعِلمهِ بمّدي حقدة علية، وهل سيتحمل قلب جدة ضربة قاضية أخري مثل تلك الفعلةِ الشنيعة التي فعلها بحق من أهدتة الحياة، يا لهُ من شعور مُميت وهو يري عشق وتمسُك تلك البريئة به وهو الي يطعنها بظهرها طعنة غدر قاضية
بعد مرور أكثر من ساعتان قضاها كلاهما بالمشي كُلً بجانب الآخر يداً بيد ، أخرجةُ من شدة رُعبة تلك التي رفعت كف يده وقربتة من فمها وقبلتة بحنان وسألتة بنبرة هادئة:
_ لساتك متعبتش من المشي؟
أخذ نفسً عميقً ثم أخرجةُ وأجابها بنبرة مُهمومة:
_ مجادِرش أروح البيت وأشوف حد جِدامي يا صفا، حاسس حالي مخنوج وروحي عم تطلع من چسدي.
تحدثت بنبرة حنون :
_ سلامتك من الخنجة يا ضي عيني، طب إية رأيك ننام الليلة في الإستراحة بتاعت الچنينة
نظر لها وسألها:
_ هتبات معاي إهنية؟
إبتسمت وأجابتة:
_ هبات معاك في أي مكان تكون فية، أهم حاچة متفارجش حُضني ولا تبعد عني
تحرك كلاهما للإستراحة وتمددا فوق التخت، وسحبها هو لداخل أحضانة، تحدثت بتردد وخجل:
_ قاسم، أني مش عيزاك تتأثر باللي حُصل...
لم تُكمل جُملتها لمقاطعتةُ الحادة:
_ معايزش أتكلم في اللي حُصل يا صفا
تنهدت بأسي لحالة الحُزن والخزي التي أصابتة وتملكت منه، شددت من إحتضانها له، مال علي جبينها وقبلهُ بحنان وبعد مُدة غفت داخل أحضانة أما هو فظل مُتيقظ ومشدداً عليها داخل أحضانة وكأنةُ يخشي رحيلها عن أحضانة
*** ☆***☆ *** ☆***☆***
روايه قلبيّ بنارِهاَ مٌغرمٌ بقلمي روز آمين
ظهر اليوم التالي
ذهب يزن إلي المشفي كي يبحث عن أمل ليُخبرها بأنهُ أعاد الفحص وتأكد من أنهُ قادر علي الإنجاب بمنتهي السهولة ، وأن رجولتة كاملة وليست منتقصة علي حسب فهمة، فمُنذُ أن رأي والدتة تخرج من مكتبها وعلم أنها أصبحت علي دراية بعجزةِ والنار تنهش داخل صدرة، وبات شُغلةُ الشاغل أن يُثبت لها أنة بكامل رجُولتة
وجد باب مكتبها مفتوح، نظر علي موضع جلوسها وجدةُ خالياً طرق فوق الباب عدة طرقات ليتأكد لم يصلة رداً، دار ببصرة علي الشزلونج ليري ما إن كانت تفحص أحد مرضاها، وحينها تأكد خلو الغُرفة تمامً،
وما أن هَم بالذهاب ليبحث عنها حتي وجدها تُقابلة وهي تحمل قدحً من شراب القهوة، نظرت إلية بإستغراب وتسائلت:
_ خير يا باشمهندس؟
تحمحم وتحدث بنبرة هادئة:
_ كُنت عاوز أتكلم وياكِ في موضوع إكدة
ضيقت عيناها بإستغراب وتحدثت وهي تُشير إلية لداخل المكتب:
_ إتفضل
وتحركت أمامة وجلست فوق مقعدها بعدما وضعت قدح قهوتِها فوق سطح المكتب وسألتة :
_ تحب أطلب لك قهوة ؟
هز رأسة بنفي ثم سألها بعدما أثارةُ الفضول:
_ هو أنتِ لية لما بتحتاچي حاچة من الكافيتريا بتروحي بنفسك تچبيها؟
معتطلبيش لية اللي عوزاة من العُمال؟
تنهدت وأجابتة بوجةٍ ونبرة صوت يشُعان طاقة وتواضع:
_ مابحبش أتعب ولا أتسبب لأي حد في مشقة وتعب، وبعدين أنا بحب أعمل كُل حاچة بنفسي وبحب اتحرك كتير علشان أنشط الدورة الدموية بإستمرار
نظر لها بإحترام وأعُجب بأدميتها وحُسن معاملتها للآخر، في حين أكملت هي بنبرة جادة:
_ ما قولتليش، حضرتك كُنت عاوزني في إية ؟
تحمحم ونظر لها وهو يرفع قامتة بكبرياء رجُل إستعاد كرامتة بعدما هُدرت ودُهست تحت أقدام الجميع وأردف قائلاً :
_ أني روحت عيدت التحاليل في مصر
نظرت لهُ بلهفة إستغربها هو وتسائلت:
_ طمني، التحاليل كانت غلط زي ما أنا توقعت؟
رفع قامتة لأعلي وتحدث بكبرباء كطاووس ينفش ريشةُ :
_ طبعاً غلط، التحاليل طلعت متبدلة في المعمل وأني طلعت صاغ سليم وراچل من ضهر راچل
نظرت لهُ مستغربة حديثةُ الرجعي وتحدث بنبرة حادّة:
_ علي فكرة يا باشمهندس، قُدرة الراجل علي الإنجاب مهياش دليل علي رجولتة الكاملة، ولا عدم قدرتة عليها ينقص منها حاجة، رجولة الراجل بتكتمل بأخلاقة ومبادئة وتنفيذة للوعود
وأكملت بيقين:
_ وبعدين دي مشيئة ربنا لعبادُة المُخيرين ، وأكيد لية حكمة في كدة وهو وحدة اللي يعلمها
شعر بالحرج من حالة وبضألة تفكيرةُ العقيم أمام تلك المتسامحة مع الحياة والمؤمنة بالقدر وبحكمة الله
وتحدث مُفسراً لها الوضع:
_ أني عارف كُل اللي جولتية دي ،
وأكمل بنبرة مُتألمة وهو ينظر إليها بعيناة التي ملأها الحُزن:
_ إنتِ بس عتجولي إكدة إكمنك معرِفاش عوايدنا، موضوع الخِلفة بالنسبة للراچل الصَعيدي واعر جوي يا دَكتورة، دي فية دبح لكرامتة وهيبتة جِدام مّرتة وكُل اللي حوالية ، ومهما حاولت أشرح لك مهتفهميش الإحساس والمهانة اللي حسيت بيها وجت ما سمعت الخبر الشوم دِه
كانت تستمع إلية بتمعن وإنصات، شعرت بأنها تُريد إطالة جلستة والإستماع إلية، سألتة بنبرة حزينة:
_ ممكن أسألك سؤال، بس طبعاً لو مش حابب تُرد أنا هتقبل ده جداً
نظر لها بإحترام وأردف قائلاً بنبرة حماسية :
_ جولي وأني عجاوبك مهما كان الموضوع مُحرج
أردفت مُستفسرة:
_ اليوم اللي جيت لقيتك نايم فية هنا في المكتب ، ياتري حالتك اللي أنا شفتك عليها، كان ليها علاقه بالموضوع ده ؟
سحب بصرهِ عنها وتنهد بأسي وتحدث بصدق:
_ كانت أسوء ليلة شُفتها في عُمري كلياتة، كان أول مرة أحس بالمهانة وكَسرة النفس، وساعتها عِرفت يعني إية جَهر الرچال، الله لا يعودها تاني
أردفت مُستفسرة بإستغراب ونبرة شجن :
_ طب هو أنا لية مش حاسة ولا شايفة جوة عيونك فرحة إنك هتبقي أب؟
أجابها:
_ عشان الطريجة اللي عَرفت بيها إني معنديش مشاكل في الخِلفة كانت واعرة عليا جوي، وكشفت لي إني عشت سنتين ونص من عُمري وأني أكبر مُغفل
وأكمل بألم:
_ عارفة يعني إية تدي الأمان لحد وتدي له ضهرك وإنتِ مطمنة ومتفوجيش غير علي طعنة،
وأكمل وهو يصك علي أسنانة من شدة غضبة:
_ طعنة واعرة بطعم الغدر والخيانة والخِسة
وأكمل وهو ينظر داخل عيناها بتمعن :
_ وجتها بتحسي إن الدِنيي معادش فيها خير ولا ناس طيبين، وإن المفروض متديش الأمان ومتسلميش تاني لأي مخلوج علي وجة الأرض
تنهدت بأسي وهي تستمع له بقلبٍ يتمزق وروحٍ تتهاوي بعد إستماعها لكلماتة المؤلمة والتي وكأنها تَصف ما حدث معها بالتفصيل داخل تجربتها المريرة مع دكتور وائل
نظر لها ورأي ألم مُميت يسكن عيناها الحزينة، ظن أنها تأثرت لأجلة، لا يعلم أنهُ وبحديثةِ هذا قد نزع بدون رحمة تلك الضمامة الهشة عن جرحها الذي مازال نازفً، فتنهد وأردف قائلاً لها بشبح إبتسامة واهنة تخرج من إنسان مُحطم نفسياً :
_ ربنا ما يكتبها عليكِ ولا تعيشي الشعور المميت دي
إبتسمت بجانب فمها ساخرة واردفت بنبرة واهنة تخرج من قلب إمراة مُحطمة :
_ متأخرة أوي دعوتك يا باشمهندس.
وأردفت بدُعابة وأبتسامة حاولت بها عدم السماح لتلك الدموع الملعونة التي تصرخ وتأن كي تطلق لها العنان وتسمح لها بالتحرُر :
_للأسف أنا عيشت نفس إحساسك المُر، بس بطريقة أبشع ومُهينة لكرامتي وأدميتي، حكايتي غدر بطعم الإهانة، وعلي إيد أقرب الناس لقلبي وروحي، أو اللي كُنت مخدوعة وفكراهم كدة
قهقة عالياً بطريقة جعلتها تخرج من حالتها وتنظر إلية بضيق وحُزن، وذلك لإعتقادها الخاطئ بأنهُ يسخر منها ومن ما ذكرتة
بادر بالحديث سريعً عندما لاحظ بوادر غضبها، فرفع يدهُ وتحدث بنبرة ساخرة علي حالهُما:
_ يعني إحنا التنين طلعنا كيف بعضينا، إتغدر بينا وأتداس علي كرامتنا من أجرب الناس
تنهدت براحة عندما فسر لها ضحكاتة المُتألمة ونظرت إلية بأسي، نظر داخل عيناها وحزن لاجلها عندما رأي بهما ألم يدل علي كَم الخزلان التي تلقتة تلك المغدور بها
طال نظراتهما كُلٍ للأخر بتمعن وكأنة يقرأ رواية خزلانة في عين الآخر
فاق علي حالة،تحمحم ثم وقف وتحدث لها بنبرة هادئة:
_ همشي أني لجل متشوفي شُغلك
هزت رأسها بإيماء وأبتسامة خافتة، وتحرك هو للخارج، أما هي فأسندت ظهرها للخلف مُستندة علي ظهر المقعد وأراحت رأسها وأغمضت عيناها بألم، وبدأت بإسترجاع ما حدث معها بالماضي
*** ☆***☆ *** ☆***☆***
روايه قلبيّ بنارِهاَ مٌغرمٌ بقلمي روز آمين
بعد مرور حوالي إسبوع علي تلك الواقعة
داخل محافظة القاهرة الكبري وبالتحديد داخل مسكن قاسم وإيناس، كان يجلس داخل غُرفة المكتب المُخصصة داخل الشقة يُراجع أوراقً هامة لقضية يجب دراستها بصحبة إيناس التي ذهبت إلي المطبخ لتعد قدحً من القهوة لها لزيادة التركيز بتلك القضية المُعقدة، أخرجةُ من تركيزةُ الشديد جرس الباب الذي إستمع له، وقف وتحرك إلي الباب حين تحدثت إيناس بصوتٍ عالِ وهو يقترب من الباب ليفتحة:
_ إفتح الباب من فضلك يا قاسم
لم يُكلف حالة عناء الرد عليها وقام بفتح الباب، ذُهل وهو ينظر امامةُ للطارق بعينان مُتسعتان من شدة ذهولهما لرؤيتة
وما زاد الطين بلة هو صوت إيناس العالي وهي تُحدثةُ بنبرة أنثوية رقيقة :
_ لو اللي علي الباب دليفري السوبر ماركت ياريت تحاسبة وتجيب لي الحاجة علي المطبخ لاني محتاجة السكر للقهوة ضروري يا حبيبي
💘💘💘
إهتز قاسم بوقفتة وأرتجف كامل جَسدِة عندما وجدها تقف أمامة بهيأتِها الجنونية والغير مستوعبة لما يدورُ من حولها، تنظر إلية بمقلتيها المذهولتان والكثير من الأسئلة المؤلمة تراودها وتكادُ تفتك برأسِها ، نظرت إلية وسيدان موقفها هما التشتُت والذهولِ
نظر قاسم إليها بذهول وبدأ صدرهُ يعلو ويهبط من شدة رُعبة، صدمة شلت حركتة وربطت عُقدة لسانة، بصعوبة حاول أن يتحرك ويسحبها بجوارة إلي الخارج ويُغلق ذلك الباب من خلفة ولا ينظر لما داخلة من حقيقة عارية لم يرد لمعشوقتة أن يُصاب قلبِها البرئ بأذي الإطلاع علي خباياةِ
تسمرا كلاهُما وحُبست أنفاسهُما حينما إستمعا إلي صوت تلك الإيناس الهادر من الداخل وهي تتحدث بنبرة يملؤها الدلال بإسلوب آنثوي قد إتبعتة مُؤخراً لتُجبر قاسم علي تعود آذناة لإستماع تلك الكلمات حتي يُصبح الأمر لدية عاديً وبعدها ستبدأ بجذبةِ إليها من جديد رويداً رويدا،
هكذا أوهمت حالها أنها بهذةِ الطريقة ستحصل علي إسترجاع قاسم وتملك قلبة كقبل
إيناس بنبرة أنثوية رقيقة :
_ لو اللي علي الباب الدليفري الخاص بالسوبر ماركت ياريت تحاسبة وتجيب لي الحاجة علي المطبخ لأني محتاجة السكر للقهوة ضروري يا حبيبي
وهُنا قد تأكدت تلك التي ذُبحت علي يد مُتيمها من حديث حارس البِناية الذي حدثها به مُنذُ القليل حين كانت تسألة عن إذا ما كان قاسم بالأعلي لتصعد لمُقابلتة.
شعرت بعالمها ينهار تحت قدميها، غصة مُرة وقفت بحلقها وكأن القصبة الهوائيّة أُغلِقت بفضلِها وإحتُجز الهواء المُفترض وصولهُ لرئتيها مما جعلها تشعر بالإختناق
شعر بطعنة قاتلة داخل صدرة شطرتة لنصفين حينما رأي صدمتِها ومعاناة روحها وذهولها الذي أصابها وظهر بعيناها
بصعوبة بالغة أخرج صوتهُ الواهن وأردف قائلاً بنبرة مُهتزة متعجبة :
_ صفا !
نظرت داخل مقلتية بتمعُن وتسائلت بنبرة مُشتتة ونظرات تائهة غير مستوعبة ما يجري من حولِها :
_ لية يا قاسم، عِملت فيا لية إكدة ؟
جصرت وياك في إية لجل ما تتچوز عليا وأني لساتني عروسة ؟!
شعر بأن ساقية لم تعُد تتحمل جسدةِ ولا روحة المُهترئة جراء الصدمة
وأردفت هي قائلة بقلبٍ مُحترق:
_ لما سألت بواب العمارة إذا كُنت موچود فوج لجل ما أطلع لك، رد وجال لي إن لساتة واصل من نص ساعة هو ومّرتة،
وأكملت وهي تهز رأسمها برفضٍ تام:
_ مصدجتش حالي وجولت أكيد الراچل دي مخبول ولا شارب حاچة متوهة عَجله
ورفعت بكفي يداها ولوحت بهما في الهواء بوهن وضعف:
_ جولت لحالي أكيد يُجصد حد تاني غير حبيبي،
مالت برأسها لليمين قليلاً وأردفت بنبرة مهزوزة وعينان تكونت داخلهما لمعة الدموع التي تُريد من يُفسح لها الطريق كي تُعلن عن عصيانها :
_مهو مش معجول حبيبي يدبحني بسكينة تِلمة ويخوني وأحنا مفاتش علي چوازنا إلا يدوب شهرين
إبتسمت بجانب فمها بطريقة ساخرة وأردفت بتهكم علي حالِها:
_ طول ما أني طالعة لهنية وأني بجول لحالي مستحيل الكلام الفارغ دِي يكون حجيجة، قاسم ميعملش فيكِ إكدة يا صفا، مستحيل
وبلحظة تحولت نبرتها الواهنة ونظرتها المُنكسرة إلي نبرة غاضبة ونظرة حادة كالصقر وتحدثت :
_ بس فُوجت من وهمي وتغفيلتي وجت ما مّرتك الچديدة نادتك بحبيبي
أخذ نفسً عميقً ثم أخرجةُ وتحدث بنبرة مُتألمة لأجلها :
_الموضوع مش كيف ما وصل لك يا صفا، تعالي نروح لشُجتي وأني هناك هفهمك علي كُل حاچة.
ضيقت عيناها وتسائلت بنبرة ساخرة :
_شُجتك؟
أومال دي شُجت مين، لتكون جاعد في شُجت المدام وعلي حسابها يا أبن النُعماني ؟
تنهد بأسي لحالة الذهول والألم والحسرة التي إنتابتها جراء ما أكتشفتة وتحدث وهو يُمسك كف يدها ليحثها علي المغادرة بصُحبتة :
_ إهدي يا حبيبتي وأني هفهمك علي كُل حاچة
نفضت يده سريعً ونظرة إشمئزاز ملئت مِقلتيها وهي ترمقةُ بها مما جعل الحَسرة تملئ داخلة وتألمت روحة لأجل كلاهُما
خانتها دمعة ضعيفة فرت هاربة من عيناها مما أشعل روحة وكاد أن يصرخ من شدة تمزقةُ الذي أصاب قلبة جراء دمعتها الغالية التي نزلت بفضلةِ ، إنتوت الرحيل كي لا تضعف وتزرف الكثير من الدموع ويراها بضعفها المُهين لكرامتها الشامخة
إستدارت وهرولت سريعً إلي موضع المِصعد إستعداداً للمغادرة ، صاح بإسمها عالياً مما جعل إيناس تخرج من المطبخ لتري مع من يهمس قاسم،
إتسعت عيناي إيناس وهي تري صفا أثناء وقوفها أمام باب المَصعد وهي تواليها ظهرها وتضغط زر إستدعائة تحت صياح قاسم الذي تحدث برجاء :
_ إستنيني يا صفا، هچيب مفاتيح عربيتي وأچي لك حالاً.
قال جُملتة علي أمل أنها ستنتظرة وتستمع بطاعة إلي حديث زوجها، كما عودتة مُدة الشهرين المُنصرمين
دلف سريعً للداخل تحت سؤال إيناس التي إستغلت الفرصة التي أتتها علي طبقٍ من ذهب دون السعي إليها :
_ فية إية يا حبيبي، مين دي؟
نزلت كلمات تلك اللعوب علي قلبها المغدور شطرتة ومزقتة وهدمت ما تبقي من كبريائها وشموخها العالي ،أغمضت عيناها بألم ونزلت دموعها عِنوةً عنها، لُحسن حَظها أتي المصعد في غصون ثواني وذلك لأنهُ كان يقف بالدور الأعلي لشقة قاسم مباشرةً،
كانت إيناس تترقب إلتفاتِها إليها كي تري وجة تلك القبيحة فاقدة الإنوثة مثلما اخبرها عدنان، تعجبت لإنوثة جسدها الخلفي، أما صفا التي أصّرت علي عدم إستدارتها لعدم قدرتها علي المواجهة مع تلك الشمطاء خاطفة زوجها الخائن ،
كم ودت أن تلتفت لتري تلك التي سحرت مُتيمها وجعلتة يرمي بوعودهُ لها ولأبيها وجدها عرض الحائط، منعها إقترابها من حافة الإنهيار التي لم ولن تسمح لأياً كان بأن يراها علي تلك الحالة المُزرية، في غصون ثواني كانت تدلف إلي المصعد وتضغط زر الإغلاق وهي تواليها ظهرها ويلية زر الهبوط دون الإستدارة مما أحبط إيناس التي كانت تتشوق لرؤياها
خرج سريعً بعدما إلتقط مفاتيح سيارتة وجاكيت حِلتة الذي خلعةُ عنة أثناء حضورة ووضعةُ علي مقعد المكتب بعناية خشيةً إفساد مظهره، شعر بإحباط عندما وجد المَصعد يتحرك للأسفل، جن جنونة وهرول إلي الدرج يتدلاه سريعً كالذي يُسابق الريح تحت صياح إيناس وأسألتها التي لم يُعر حالةُ حتي عناء النظر إليها
مما إستشاط داخل تلك التي شعرت بأمرٍ غريب، هرولت سريعً إلي الداخل واتجهت إلي الشُرفة المُطلة علي مدخل البناية لتري منها كيف هي هيأة تلك الصفا
خرجت صفا من المصعد وهي تُهرول إلي الخارج، ولحُسن حظِها وجدت سيارة تمُر من أمامها فأشارت لها سريعً وتوقفت، صعدت وتحدثت إلي السائق:
_ مدينة نصر لو سمحت
وجدت من يخرج من مدخل البناية ويُشير إلي السائق ليتوقف، تحدثت سريعً:
_ إتحرك بسرعة من فضلك
وتحرك تحت صياح قاسم الذي شعر بحُزن تملك روحة، قبض علي يدة وشدد عليها حتي أبيضت يده وظهرت عروقها ثم. نفضها في الهواء بحركة تدل كّم الغضب والجنون اللذان إنتاباه تحت نظرات إيناس التي تشتعل بالأعلي علي اللهفة التي رأتها بداخل عين قاسم،
دبت بأرجلها الأرض غضبً لعدم إستطاعتها رؤية تلك التي إرتدت نظارتها الشمسية ودلفت سريعً داخل السيارة وهي تنظر بوجهها أسفل قدميها، ولكن ما لفت إنتباهها هي أناقة تلك الصِعيدية وتناسق ألوان ثيابها وخطواتِها المتناسقة التي تدُل علي ثقة وثبات تلك الصفا، وهذا ما تعارض كُلياً مع وصف عدنان لها
تحرك قاسم سريعً لداخل الجراچ الخاص بالبناية واستقل سيارتة وتحرك بإتجاة الطريق التي سلكتة صفا، بات يدور بعيناة باحثً عن السيارة، دق بكف يده طارة القيادة بعُنفٍ حينما لم يجد للسيارة أية أثر، زفر بضيق، ثم أخرج هاتفة وضغط علي رقمها ليُهاتفها
أخرجت هاتفها وضغطت فوق رقم أمل التي عادت إلي داخل الفندق مجدداً إستعداداً لمغادرتة بسيارة النقابة التي ستقلهم إلي محطة القطار المُتجة إلي مدينة سوهاج
تحدثت إلي أمل بصوتٍ واهن ضعيف :
_ إنتِوا فين يا أمل ؟
إستغربت أمل نبرتها وأجابتها بهدوء:
_ إحنا وصلنا الفندق وبنتجمع ومستنيين الميعاد اللي هنتحرك فية لمحطة القطر
هتفت صفا برجاء:
_ متخليش السواج يتحرك بيكم للمحطة إلا لما أچي ، أني في الطريج وإن شاءالله نص ساعة بالكَتير وهكون عِنديكم
سألتها أمل مُستغربة:
_ إنتِ مش قولتي إنك رايحة لجوزك وعملاها لة مفاجأة وهتباتي معاه إنهاردة ، إية اللي خلاكي تغيري رأيك بالسرعة دي يا بنتي؟
تنفست عالياً وأجابتها بنبرة مُختنقة:
_ مجادراش أتكلم دلوك يا أمل
بالكاد أنهت مكالمتها، وما أن وضعت الهاتف بحقيبة يدها حتي إستمعت إلي صدح صوتةُ لتُخرجةُ من جديد لتري بشاشتة نقش إسم ذابح روحها الذي هاتفها أكثر من سّبع من المّرات أثناء هذا الوقت الضئيل، ضغطت زر الرفض بنظرات حادة وقلبٍ يغلي
فصرخ ذلك الذي يستقل سيارتة ويتحرك بها كالمجنون وهو يبحث بعيناة داخل الشوارع عن سيارة الاجرة التي إستقلتها، ما عاد يعلم وجهتة وإلي أين يذهب ليعثُر علي جوهرتة
نظر أمامة وحدث حالة بألم:
_ إلي أين رحَلتي وتركتي فؤادي يحترق حُزنً عليكِ غاليتي، ألم تشعُري بإحتراق روحي وقلبي الصارخ لأجلِكِ،
الرحمة أميرتي فقلبي لم يحتمل فكرة البُعاد،
عودي لقلبي قبل أن يفقد دقاته رُعب من فكرة رحيلك عنة
قلبي يا اللة يشتعل ناراً، ساعدني ولا تتركني بتيهتي وغربتي وحيداً
طرأت بمخيلتة فكرة توجهها إلي المطار،فهي بالتأكيد ستذهب إلية لتستقل الطائرة المغادرة إلي سوهاج،
تنهد وعلي الفور عدل وجهتة ليتجة إلي المطار وحدث حالةُ بتفاؤل:
_مليكة فؤادي وأسرت قلبي،
أنا أتيً إليكِ مولاتي وسأخر راكعً تحت قدماكِ
ولن أكِلُ عن طلب السماحِ حتي تحني عليّ وتوهبيني العفو والغفرانِ
وحينها قسماً برب السمواتِ لأشُق أضلوعي ولأدخلنك بأعماق صدري حتي أخبأكي عن عيون الناسِ
___________
من نافذة السيارة، إستمعت لرنين هاتفها فنظرت إلي شاشتة وجدتها والدتها التي أرادت أن تطمئن عليها وما أن ضغطت صفا زر الإجابة حتي هتفت ورد وتسائلت بإهتمام ولهفة :
_ طمنيني يا نور عيني، وصلتي عِند قاسم ؟
ما أن إستمعت لصوت والدتها الحنون حتي شعرت بحاجتها المُلحة للبكاء التي تحتجزةُ بكل ما لديها من قوة، لكنها تحاملت علي حالها وتحدثت بنبرة ضعيفة لم تستطع إخراج غيرها:
_ وصلت يا أم صفا
سألتها ورد من جديد بنبرة حماسية:
_ جولتي لهُ يا صفا؟
إبتلعت غصة مُرة داخل حلقها وشعرت بوجع شديد تملك بصدرها، ثم أخذت نفسً عميقً وتحدثت بجمود:
_ مجولتش حاچة يا أمّا.
ردت ورد بنبرة لائمة:
_لية يا بِتي مجولتلوش لحد دالوك؟
ثم فاقت من حالة الحماس وشعرت بصوت إبنتها ، فمُنذُ أن نطقت بحروفها الأولي داخل المكالمة وهي تشعر بشئٍ غريب بإبنتِها لكنها فسرتة علي أنةُ مجرد إرهاق سفر بفضل حالتها ليس إلا
سألتها بنبرة قلقة:
_ مالك يا بِتي، فيكِ إية، ليكون قاسم زعل إنك سافرتي من غير عِلمة ونكد عليكِ ؟
نطقت بضعف وصوتٍ يُريد أن يصرخ ويُعلن عصيانة علي الجميع :
_مجدراش اتكلم دلوك يا أمّا، أني چاية في الطريج ولما أوصل هحكي لك علي اللي حُصل
أغلقت ورد الهاتف ثم وضعت كف يدها علي صدرها وتحدثت بإرتياب:
_ جيب العواجب سليمة يارب
وهُنا خارت قوي صفا ولم تعُد تستطع التحمُل بعد، نزلت دموعها بغزارة وكأنها شلال كان مُحتجز وأُطلِق له العنان، نظر لها سائق السيارة وتنهد بألم علي حال تلك الحزينة لكنةُ فضل الصمت إحترامً لقُدسية اللحظة
ضلت تبكي وتبكي بمرارة وشهقت بألم حين تذكرت السبب الذي أتت من أجله
عودة إلي السابق
____________
قبل يومان من الأن
صباحً
كانت تفتح باب شقتها لتستعد للمغادرة إلي المشفي لمتابعة عملِها ككُل يوم، وجدت مريم تنزل من الدرج الأعلي وهي تُجاور فارس الذي يضُم خصرها إلية ويهمس إليها بوجةٍ هائم وعينان عاشقتان تلتهمها بنظراته التي تُقابلها مريم بخجل ممزوج بالسعادة الهائلة
إنفرج فاه صفا وسعد داخلها بشدة حين رأت السعادة تهيم علي هذا الثُنائي التي تحمل لهما داخل قلبها البرئ كل التقدير والمحبة والإحترام، وما زاد من فرحتها هو التغيير الشامل الذي أصاب فارس وحالة الإهتمام المُفاجئ التي بات يغمر به مريم ولاحظةُ الجميع حتي ليلي التي إشتعلت لهذا
خجل فارس وسريعً قام بسحب ذراعة الذي يُحيط به خصر مريم وتحدث مُتحمحمً إلي التي وقفت تنتظر ذلك الثنائي بإحترامً :
_ صباح الخير يا مّرت أخوى، كيفك
إبتسمت بسعادة لمناداتة بزوجة أخي التي تعشقها لشعورها بتملك قاسم لها بتلك الكلمة وهذا الوصف، تحدثت إلية بإبتسامة عريضة بينت صفي أسنانها من شدة سعادتها :
_ صباح النور يا فارس
وسألتهما بإستغراب:
_ أومال چميلة فين؟
أجابتها مريم بهدوء :
_چميلة بايتة مع أمي
نظر فارس لكِلتاهما وجد بعيونهم كلماتٍ مُحتجزة تُريد الخروج فأستأذن وتحدث إلي مريم بنبرة حنون تدل علي مّدي عشقة الذي تملك منه :
_ أني هسبجك بس مهكولش من غيرك، متتأخريش عليا
إبتسمت له بوجةٍ بشوش وهزت رأسها بإيمائة خجلة أشعلت بها نارة الذي لم يعد لدية القدرة علي السيطرة عليها كُلما نظر لعيناها وكأنة يعوضها وحالة علي ما فاتهما سابقً
تحرك للأسفل تحت رعاية عيناي تلك العاشقة التي لم تُحيل بناظريها عنة حتي إختفي طيفة من امام عيناها الهائمة ، ونظرت من جديد إلي صفا وجدتها تبتسم بسعادة وهي تنظر لها بتمعن،
أمسكت كف يدها وتحدثت بنبرة بالغة السعادة:
_مبروك يا مريم، مبسوطة جوي من حالة الإنسجام اللي باينة عليكِ إنتِ وچوزك،
وأكملت بإستحسان:
_ فارس راچل صُح ويستاهل جلبك اللي كيف الذهب.
إبتسمت لها وتحدثت بخجل:
_ الحمدلله
وأكملت بحماس:
_تعرفي يا صفا، حاسة حالي عايشة جوات حِلم چميل جوي وخايفة اصحي منية
إبتسمت لها وطمأنتها ثم تسائلت بجدية:
_ صُح هتسيبي شُغلك ومهترجعيش المستشفى تاني يا مريم؟
أجابتها بنظرة رضا:
_ فارس عاوز إكدة، وحجة عليا إني أطيعة ومزعلهوش مني
أردفت بتساؤل حزين:
_وإنتِ يا مريم، فين حَجك ، بسهولة إكدة تستغني عن حِلمك لجل ما تريحي سي فارس؟
تنفست براحة وتحدثت بنبرة هادئة مُستكينة:
_ فاكرة يا صفا لما عرضتي عليا إني أشتغل وياكِ في المستشفى، وجتها فرحتي مكانتش سيعاني، حسيت إني أخيراً هيُبجا لي عازو وجيمة بين الخلج وأحس بكياني،
وأكملت بأسي ظهر بعيناها:
_ فارس مكانش معتبرني موچودة في حياتة يا صفا، وده خلاني أفجد الثجة في حالي وحسسني إني جِليلة جوي بين الناس
وبلحظة تحول الأسي إلي تفاؤل وهتفت بسعادة :
_ لكن دلوك فارس بُجا بيهتم بيا وإعترف لي إني حبيبتة ومبجاش جادر يستغني عن جُربي واصل ،
وأكملت وهي تضحك بسعادة:
_ أني وچميلة بجينا چوات حُضن چوزي طول الوجت، هعوز إية من الدنيا تاني يا صفا
كانت تستمع إليها بوجةٍ مُشرق سعيد لأجلها
وفجاة توقفت مريم عن الإبتسامة ونظرت إلي صفا بتردد وسألتها:
_ كيفة دَكتور ياسر ؟
أخرجت صفا تنهيدة حارة دلت علي كّم الوجع التي لمستة من روح ذلك العاشق معدوم الحظ:
_ شاغل نفسة طول الوجت في الشغل، ربنا معاه
ثم تفوهت بإستحياء:
_مريم، هو أنتِ كُنتِ عارفة إنة بيكن لك مشاعر چواتة ؟
تنهدت بأسي وتحدثت بنبرة حزينة:
_ كُنت حاسة من نظراتة ،
وأكملت بتبرير:
_بس والله يا صفا ما ليا ذنب في كُل اللي حُصل دِي، أني عُمري ما عَشمتة بحاچة ولا شجعتة بنظرة علي إنة يتمادي في مشاعرة ناحيتي، ولولا إني خچولة ومليش كلام مع الرچالة كُنت جولت له لجل ميفوج من غفلتة اللي كان حابس حالة چواتها دي ،
بس لما لاجيتة بيخلج الفرص لجل ما يتجرب مني ويتحدت وياي ، أخدت جرار إني لازمن أخبرة، وبالفعل كُنت مستنية أي فرصة لجل ما ألمح جِدامة وأخبرة إني سِت متچوزة عشان يشوف حالة بعيد عني
وتنهدت بأسي وأكملت:
_ بس ربنا كان مرتب إنة يعرف بالطريجة دي، وأكيد ربنا لية حكمة في إكدة.
تنهدت صفا وتحدثت وهي تُشير لها بالتحرك:
_ الحمدلله علي كل حال، دكتور ياسر راچل مُحترم وأكيد هيحارب إحساسة وينسي الموضوع كِلاتة، هي بس مسألة وجت
تمنت مريم هذا وتحركا ثم سألتها وهي تنظر إليها بتمعُن:
_ مال وشك يا صفا، لونك مِتغير بجالك يومين
أنزلت بصرها للأسفل وتحدثت بنبرة خجلة:
_ معارفاش أجول لك إية يا مريم، شكلي إكدة حامل
أمسكت مريم يدها لتحثها علي الوقوف وهتفت بسعادة:
_جد حامل يا صفا ؟
وضعت سريع يدها فوق فمها لتحثها علي الصمت وأردفت قائلة:
_ وطي صوتك يا مريم لحد يسمعنا ، أني لسة متوكدتش، هروح إنهاردة أخلي أمل تعملي تحليل لجل ما أتأكدت وبعدها هجول للكُل
حضنتها مريم بسعادة وتمنت لها الراحة والاستقرار مع زوجها
______________________________
بعد مرور حوالي الساعتان
داخل مسكن فايقة التي لم تخرج منة مُنذُ كشف خِطتِها وفضحها أمام الجميع وذلك بناءً علي تعليمات قدري بذاتة وذلك بعدما أخجلتة وجعلتة يظهر أمام العائلة بصورة لا تمت بصلة لنجل النُعماني الكبير، وما أثار خجلة وجعلهُ يستساطُ غضبً وينقلب عليها هو شعورةُ بنبذ الجميع له حتي نجلاه ، تحرك هو للأسفل ومنهُ إلي الباب الخلفي للمنزل المُطل علي الحديقة الخلفية وتحرك للخارج مباشرةً من الباب الخلفي للحديقة كي لا يصطدم بأبية
تحركت هي الآخري إلي الطابق الأعلي واتجهت إلي مسكن ليلي الزوجي والذي أصبح فردي بعدما أصدر يزن أوامرة للعاملات وجعلهم يجمعون جميع اغراضة ونقلوها بغرفتة السابقة كي يستقر بها بشكل مؤقتً إلي أن يجلس مع حالة ويُعيد ترتيب أحوالة
باتت فايقة تدقُ جرس الباب حتي ملت من الإنتظار الغير مُجدي بالنفع ، شعرت بالخطر علي إبنتِها فنزلت إلي مسكنها من جديد وتناولت المفتاح الخاص بمسكن إبنتها ودلفت إلي غرفتها سريعً لتتفقدها ، وجدتها تجلس القُرفصاء فوق تختها مُحتضنة ساقيها وتبكي بمرارة
تنهدت براحة حين وجدتها تجلس بصحة تامة أمامها ، وبرغم قلقها الذي أصابها علي إبنتها إلا أنها لم تجرأ علي التحرك إليها إنشن واحداً وجذب إياها وإدخالها إلي أحضانها كي تُطمئن روح صغيرتها وتبث داخلها شعور الراحة والسكينة، تلك هي فايقة، لا يوجد بقاموس حياتها ما يُسمي بالحنان ودعم من تحبة، بل تعتبرة هذة التصرقات ضعفً لها
تحركت إلي الشرفة بخطوات ثابتة وفتحتها لتُنير تلك الغرفة شديدة الظلام،
ثم نظرت إليها وهتفت بنبرة حادة :
_ عامله في حالك لية إكدة يا بِت ؟
الدنيي كانت خلصت إياك ؟
رمقتها تلك الغاضبة بمقلتها الحادة النظر وهتفت بنبرة ساخطة :
_ معايزاش أشوف حد، همليني لحالي وإطلعي برة
زفرت فايقة بضيق وتحسرت علي حال صغيرتها التي تتملك منها روح الإستسلام سريعً عكس والدتها، تحركت وجلست بجوارها وتحدثت:
_ أهملك تموتي حالك إياك، أني مش جولت لك جبل سابج معحبش اشوفك ضعيفة وخايبة إكدة
وأكملت بملامة:
_عتشمتي فيا حريم الدوار يا حزينة
إتسعت عيناها بذهول وهتفت بحدة:
_ إنتِ محساش بالمصيبة اللي وجعتيني فيها؟
أني بسببك إتحكم عليا إني مبجاش أم طول حياتي، مهعرفش أشيل چواتي حتة عيل من چوزي، ده غير حبيبي اللي عِشت عُمري كلياتة أحلم بالليلة اللي هيضُمني فيها لچوات حُضنة ويبجا مِلكي لحالي، حتي دي إستكترتية عليا وضيعتية من يدي بعمايلك السودة ، أني بجيت وحيدة يا أمّا، هجضي اللي باجي لي من حياتي في الأوضة الضلمة دي لحالي ،
وخبطت بكفاي يداها علي فراشِها وتحدثت بصراخ:
_ حبيبي مهينامش في فرشتي تاني بسببك ، إتحكم عليا أعيش لحالي علي فرشة باردة،ناجصها روح حبيبي
وإنتِ كُل اللي هامك وشاغل بالك ورد ونچاة اللي عيشمتوا فيكي؟
ملعون أبوهم علي أبو تفكيرك وغضبك وحِجدك اللي خلاني ماشية وراكِ كيف العامية
وأكملت بتساؤل مشمئِز:
_ نفسي أعرِف جلبك دي مصنوع من إية؟
حجر صوان؟
أجابتها برأسٍ مرفوع وعينان تشبة حدة الصقر خالية من المشاعر :
_ومين جالك إني عندي جلب من الأساس، الجلب دي للناس الضعيفة،الجلب يضعف ميجويش، الجلب يخلي صاحبة ذليل كيفك إكدة يا بِت قدري، واكبر دليل علي حديتي دي حالتي أني وإنتِ
وأكملت وهي تتحرك بالغرفة و تُشير إليها:
_ بصي لحالك في المرايا وشوفي جلبك العاشق وصلك لإية،
وأكملت وهي تنظر إليها بوجةٍ غاضب وعينان مُخيفتان من شدة إتساعهما:
_ العشج خلاكي ضعيفة وخلاكي عبدة ذليلة عِند راچل ميسواش كيف إبن المركوب اللي إسمية يزن، إبن نچاة لما شاف عِشجك ولهفتك علية ساج دلالة وشاف حالة عليكِ يا حزينة
ثم أردفت قائلة بتفاخر وكبرياء:
_ وأني جِدامك أهو، عُمري ما بليت ريج أبوكِ بكلمة زين ولا حتي نظرة رضا، ومع إكدة عيموت عليا وعيتمني لي الرضا أرضي وأظن دي شيفاه بعينك كيف الشمش
بكت بضعف وتحدثت بوهن :
_ يزن غير أبوي
كلياتهم واحد، رچالة ناجصة خسيسة ، الواحد منيهم أول ما يحس ويشوف العِشج في عين الصبية، يبعد عنيها وتسجت من نظرة، ويروح يدور علي واحدة مهتعبروش ولا شيفاة جِدامها لجل ما يرسم عليها ويخليها تحبة ويحس إنة بكدية بُجا راچل رغم إنة بيتحول لعبد ذليل عِنديها، كِلياتهم صنف واحد، صنف واطي ميستاهلش دمعة واحدة من عين حُرمة
وتحركت إليها من جديد وسحبتها من يداها وتحدثت بعدما وجدت هدوئها وإقتناعها بحديثها:
_ جومي إسَبحي وإلبسي خلجاتك لجل ما نروح للشيخ عِرفان،
وأكملت بنبرة حماسية وصلت إلي ليلي:
_ عيجولوا عِندية خادم عيخلي الراچل خاتم في يد مّرتة وطايع لأوامرها
وأكملت بوعيد:
_ وحياتك عِندي يا غالية ما هيرتاح لي بال غير وأني چايبة لك إبن نچاة ومخلياة ذليل وراكع تحت رچليكِ
إتسعت عيناي تلك البلهاء بذهول وهتفت مُتسائلة بلهفة:
_ صُح الحديت دي يا أمّا ؟
هتخلي يزن يرجع لي بچد؟
إبتسمت لها فايقة ووضعت يدها فوق شعر رأسها تتلمسة وتحدثت بنبرة قوية:
_ ميتا أني جولت لك حاچة ومحصُلتش ؟
إنتفضت ليلي من جلستِها بحماس وتحركت سريعً إلي المرحاض لتنفيذ أوامر والدتها كعادتها
وبعد حوالي ساعة كانت تتدلي الدرج بتفاؤل، بجانب والدتها، وما أن لمحتها رسمية التي كانت تخرج من المطبخ بجانب ورد التي تحمل صنية فوقها ثلاثة أكواب من مشروب الشاي الساخن
حتي صاحت بنبرة حادة:
_ لابسة ورايحة علي وين يا غندورة؟
كظمت غيظها الشديد من لكنة عمتها الساخرة بداخِلها، وتحدثت بنبرة هادئة:
_ رايحة أني وبِتي لجل ما نطُل علي أمي العيانة يا عمة
رفعت رسمية وجهها إليها وتحدثت وهي تُشير بسبابتها إلي الأعلي:
_ إطلعي علي شُجتك وإتلمي فيها يا مّرة يا سّو، وإحمدي ربك إن لساتك جاعدة في الدار بعد عمايلك الشوم دي كلياتها.
وأكملت بنبرة تهديدية غاضبة وهي تُشير بيدها :
_ الله الوكيل لولا إن أخوي وصاني عليكِ جبل مايموت، لكنت جتلتك بيدي دي وخلصت عيلتي من شرك يا واكلة خيرنا وناكراة
تحدثت ليلي بحدة مدافعة عن والدتها :
_ ملوش لزوم الكلام دي يا چدة، وبلاش تكوني ظالمة، أمي من حَجها تزور چِدتي العيانة
تنهدت رسمية بأسي لعلمِها أن حفيدتها تتحرك بأوامر من والدتِها بلا عقل كالتابع، وحزنت كثيراً علي حال ليلي التي يبدوا علي هيأتِها أنها لم تستوعب الدرس التي تعرضت له بمنتهي القسوة، يبدوا أنها لم تستفق إلا علي كارثة كُبري ستحرق معها الأخضر واليابس بحياتها البائسة
تحدثت رسمية إلي حفيدتها بقلبٍ مُنفطر لأجلِها:
_ تعالي معاي يا ليلي، چدتك العچوز رايدة تتحدت وياكِ شوي
ثم رمقت فايقة بحدة وصاحت بها عالياً:
_ وإنتِ يا واكلة ناسك، إطلعي علي فوج ومشوفش خِلجتك تحت واصل
نظرت لها بعيون حادة كالصقر وهتفت بنبرة حاقدة وهي تنظر إلي ورد التي تُجاور نجاة الجلوس فوق الأريكة بهدوء، وهي تنتظر مجئ رسمية للبدء في تناول مشروبهم سوياً،وما زاد حِقدها عليها هو جلوسها بأريحية وملامح وجة يظهر عليها الإرتياح والسكينة وكأنها أصبحت سيدة القصر الأمرة الناهية بعد السلطة التي أعطاها لها كُلً من رسمية وعِثمان :
_ حاضر يا عمة، أني عسمع حديتك وأطلع أغير هدومي وأنزل لجل ما أباشر علي تچهيز الغدا في المطبخ
إتسعت عيناي رسمية نتيجة غضبها العارم وهتفت بقوة:
_ هو أنتِ يا مّرة محساش بالمصيبة اللي وجعتي حالك فيها وطبجت علي راسك؟
كيف عتنزلي وتُجعدي وسطينا من تاني بعد ما سكينة غدرك رشجت چوة جلوبنا كلياتنا يا حزينة
وأكملت بإستغراب:
_ وبأي عَجل يا مّرة يا خرفانة مفكرة إني عخليكي تخطي برچليكِ اللي تنكسر المطبخ من تاني،..
تكملة الرواية من هناااااااا
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا