القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية سوء تفاهم الفصل الأول إلى الفصل 15الاخيركامله بقلم بتول عبد الرحمن


رواية سوء تفاهم الفصل الأول إلى الفصل 15الاخيركامله  بقلم بتول عبد الرحمن





رواية سوء تفاهم الفصل الأول إلى الفصل 15الاخيركامله  بقلم بتول عبد الرحمن



#سوء_تفاهم


خرجت من شغلها في المستشفى وفي طريقها للبيت خرج في طريقها شابين قطعوا عليها الطريق، الخوف دب في قلبها خاصة أنها اتأخرت على البيت، واحد وقف في طريقها والتاني لف وراها، قلبها بدأ يدق بسرعة، حست بجسمها بيتجمد مكانه

اللي قدامها ابتسم ابتسامة مستفزة وقال "رايحة فين كده لوحدك يا دكتورة؟ متأخرة أوي النهارده!"

بصت حواليها تدور على حد ممكن يساعدها، لكن الشارع كان فاضي، حاولت تاخد خطوة لورا، لكن اللي وراها كان أسرع، قرب أكتر وقال بصوت واطي "إحنا بس عاوزين نتكلم، ليه القلق ده؟"

بلعت ريقها وحاولت تتحكم في رعشة إيديها، بتدور على مخرج، فجأه بدأت تجري وهما جريوا وراها، رجليها خانتها في آخر لحظة، اتكعبلت ووقعت على الأرض، حسّت بألم في ركبتها لكن مكانش في وقت تفكر، قبل ما تلحق تقوم لقتهم بيقربوا بسرعة، واحد منهم ضحك ضحكة خبيثة وقال "فاكرة إنك هتهربي؟!"

حاولت تتحرك، لكن قبل ما يمد إيده عليها، فجأة صوت خطوات تقيلة اتسمع من بعيد… وبعدها صوت واحد حاد وغاضب  "إبعد عنها حالاً!"

عيونهم وسعت، بصّوا وراهم، لقوا شخص واقف في الضلمة، مش باين منه غير ظله الطويل، لكن نبرته لوحدها كانت كفاية تخليهم يتجمدوا مكانهم…

الشابين كانوا فاكرين إنهم يقدروا عليه، لكن في لحظة لقوا نفسهم واقعين تحت ضرباته، واحد منهم حاول يلكمه، لكنه تفاداه بسهولة وردله الضربة بقوة خلّته يترنح لورا، التاني حاول يهاجمه بس قبل ما يلمسه حتى لقى نفسه واقع على الأرض بعد ما خد ضربة قوية في بطنه، في خلال لحظات كانوا الاتنين بيترنحوا، نظرة واحدة منه كانت كفاية تخليهم يقرروا يجروا ويهربوا لكن من غير ما يبصوا وراهم

فضل واقف مكانه لحد ما اختفوا من قدام عينه، وبعدين لف ناحيتها… كانت لسه قاعدة على الأرض، نفسها سريع وعنيها مليانة خوف وصدمة، قرب منها ومد إيده ليها "انتي كويسة؟!"

قامت بسرعه وهي بتعدل حجابها، لسه قلبها بيدق بعنف من اللي حصل، سحبت نفس عميق وقالت بصوت مهزوز "أنا كويسة، شكراً."

عقد حواجبه وهو بيتأملها، كان واضح إنها بتحاول تفضل قوية، رغم إن عيونها كانت بتقول العكس، سألها "انتي تعرفيهم؟"

هزّت راسها بسرعة وقالت "لا، كنت راجعة من شغلي ولقيتهم فجأة في طريقي."

فضل ساكت لحظة، كأنه بيحاول يستوعب اللي سمعه، بعدين قال بنبرة هادية " أوصلك؟!"

رفعت عيونها ليه بسرعة وقالت "لاء، مش لازم، بيتي قريب من هنا، شكرا"

لفت بسرعة ومشيت، لكنه فضل واقف مكانه، متابع خطواتها لحد ما اختفت عن نظره، فتح فونه وابتسم بخبث وبعت رساله بتقول " تم"


وصلت البيت لقت العيله كلها متجمعين والعيون كلها متعلقة بيها، الجو كان مشحون بطريقة غريبة، كأنهم مستنينها بفارغ الصبر… لكن مش بحب، بل بترقب، بشماتة، باتهام.

جدها كان قاعد على كرسيه الكبير، ماسك عصايته، نظرته تقيلة، جامدة، كأنه خلاص قرر حاجة ومش ناوي يتراجع. عينيها دارت في الموجودين، في ناس كانت بتتجنب تبص فيها، وناس تانية كانت مستمتعة بالموقف، مستنية تتفرج على سقوطها

جدها كان قاعد في مكانه المعتاد، ماسك عصايته، نظراته جامدة وصوته خرج بحدة "كنتي فين كل ده؟"

قبل ما تلحق ترد، الست الكبيرة، عمتها ، ردّت عنه، قالت بنبرة مليانه شماته "وكمان هتسألها يا أبويا؟!"

ضرب الأرض بعصايته بقوة، فصوت الخشب على البلاط عمل صدى في المكان، صوته جه حاد وقاطع "مش عايز أسمع صوت مره فيكوا!"

البيت كله سكت، وعيونهم رجعت تتركّز عليها، مستنية ردها. أخدت نفس عميق وحاولت تخلي صوتها ثابت "كنت في المستشفى، هكون فين يعني؟"

عمتها بصّتلها من فوق لتحت، نظرتها كانت تقيلة، مستفزة، كأنها بتقول إنها مش مصدقاها، أما جدها سألها بحدة أكبر "واتأخرتي ليه؟ المفروض تكوني هنا من بدري."

بصت لباباها علشان تفهم في ايه، لكن اللي شافته كان نظرة خذلان… نظرة خلت قلبها يغرق أكتر، شدّت نفسها وحاولت تدافع عن موقفها "كان عندي عملية كبيرة وطوّلت شوية، ليه السؤال؟"

لفّ بنظره ناحية رحمة، حفيدته ، اللي كانت واقفة وعلى وشها علامات الانتصار، كأنها كانت مستنية اللحظة دي بالذات، بصّلها وقال بحزم "فين الصور يا رحمة؟"

رحمة اتحركت بهدوء، راحتله وهي ماسكة الصور في إيدها، قدّمتها له وهي بتقول بصوت بارد "أهي يا جدي، عشان كده اتاخرت "

الجد مسك الصور، وبص فيها للحظات قبل ما يرميها على الطاولة قدام ليلى، قلبها كان بيدق بعنف وهي بتلمح الصور، إيديها بدأت ترتعش لا إرادياً، لكن حاولت تفضل واقفة، مدّت إيدها وخدت واحدة من الصور، وقلبها غاص أكتر وهي بتشوف المشهد اللي حصل قدامها بس بمنظور مختلف… منظور ظالم.

الصور كانت مع الشاب اللي أنقذها، لكن الزوايا… طريقة التقاطها… كلها كانت بتدي إحساس كأنهم قريبين، كأنهم متفقين على المقابلة، كأن اللي بينهم شيء مختلف عن الحقيقة

قبل ما تلحق حتى تدافع عن نفسها، صوت جدها جه ساخط، قاطع زي حد السيف "إيه يا ليلى؟! ما عندكيش كرامة؟! ما عندكيش سمعة تخافي عليها؟!"

عقلها كان لسه مشوش، مش قادرة تستوعب إن حياتها كلها ممكن تتدمر بسبب صور اتاخدت من زاوية غلط، رفعت عيونها لوالدها، كان واقف ساكت، صامت، لكن الصمت أحيانًا بيبقى أقسى من أي كلمات

الصمت كان خانق، لكن في حد كان مبسوط باللحظة دي… رحمة، بنت عمتها، اللي كانت واقفة على جنب، عيونها بتلمع بانتصار وهي بتقول ببرود قاتل "أنا قولت أعمل الصح يا جدو وأوريك الحقيقة بدل ما تفضلوا مخدوعين."

رفعت راسها وقالت بصوت حاولت تثبّته

"دي مش الحقيقة! أنا كنت راجعة من شغلي وفي اتنين وقفوني وكانوا بيضايقوني، الشاب ده أنقذني، بس مفيش بيني وبينه أي حاجة!"

جدها ضحك ضحكة قصيرة، لكن كانت مليانة سخرية أكتر من كونها ضحكة بجد "أنقذك؟! وهي دي طريقة البنات المحترمة؟ تقفي في الشارع مع غريب وتتسندي عليه؟ بالقذاره دي"

عمتها استغلت اللحظة وضربت آخر مسمار في التابوت، بصوت ناعم لكنه سام "الصور بتتكلم، وإحنا عيلة ليها اسمها، ومش هنسمح بأي حد يلوثه."

ليلى حسّت بالدموع بتتجمع في عيونها، لكن رفضت تسيبها تنزل، بصّت حواليها، مستنية حد يوقف معاها، حد يقول كلمة، حد يصدقها، لكن الصمت كان هو الإجابة الوحيدة

جدها اتنهد بعمق، صوته جاي مليان ثقل " قراري اخدته يا ليلى، هتتجوزي بكره"

جدها نادى على والدها بحزم "جهز نفسك… لازم نرتب لجوازها قبل ما الفضيحة تنتشر أكتر!"

ليلى شهقت، صدمة عنيفة ضربتها في صدرها، كأنها تلقت صفعة قوية من الواقع

جواز؟! من مين؟! وإزاي؟!

بلعت ريقها وقالت بصوت هادي رغم إنها كانت بتحاول تسيطر على رعشة صوتها " أنا كنت في شغلي، زي كل يوم، اتأخرت شوية بس… ده مش معناه أي حاجة عشان تقرر قرار زي ده"

عمتها بصّتلها بنظرة كلها استهزاء وقالت وهي بتحرك راسها "شغل؟ لوحدك في الشارع بالليل؟! قولتلك يا حاج، البنت دي مش مننا، متربية على كيفها!"

حسّت ليلى بحرقة في قلبها، ازاي ممكن يتكلموا عنها كده؟ بس قبل ما ترد، صوت عصاية الجد ضرب الأرض بقوة تانية، صوته جه حاسم وقاطع "مش عايز قيل وقال! ليلى، هتتجوزي بكرة!"

" مش عايزه اتجوز أنا، مش بالعافيه"

بصتلها رحمه اللي كانت مستنية اللحظة دي وقالت بصوت كله شماتة "أهو ده القرار الجديد يا ليلى، مالوش رجعة."

حاولت ترد، تحاول تفهم، تحاول تقنعهم… لكن جدها رفع إيده بإشارة منها فهمت إن مفيش نقاش، قلبها كان بيدق بسرعة، عقلها بيرفض يستوعب، ولسه كانت هتتكلم، لكنه قال بجملة قتلت فيها أي أمل للمقاومة "جوازك من مراد بقى أمر محسوم."

رحمه ردت بصدمه وقالت "بس يا جدي، إزاي؟ مراد مسافر، وسامر كان طالبها من أول مرة شافها فيها!"

بصّلها بحدة، والغضب بان في صوته وهو يقول "قولت مفيش مره تتكلم! كلامي خلص."

لف للكل وقال بصوت حاسم "مراد هيوصل الليلة دي، وبكرة كتب الكتاب."

صمت ثقيل خيّم على المكان، الكلام ماكانش عاجب حد، لكن محدش قدر ينطق بحرف، كانوا عارفين إن الجد قراره ما بيتراجعش، وإن أي اعتراض ممكن يقلب عليهم الدنيا

أما ليلى، فكانت حاسه انها مخنوقه

جريت على أبوها، ركعت عند رجليه، مسكت طرف جلبيته بايدين بتترعش، ودموعها بتنزل وهي تقول بصوت مكسور "بابا، أنا معملتش حاجة عشان تجوزوني!"

قال بصوت ضعيف لكنه قاطع "جدك قال كلمته، يا ليلى."

عينيها وسعت بصدمة، دموعها زادت، هزت راسها بعنف وقالت بتوسل " بس أنا محدش يهمني غيرك!"

الكل شهق، الصدمة خيمت عليهم، كأنها قالت شيء محرم، كأنها تحدّت قوانين غير قابلة للكسر، نظرات الاشمئزاز والاستنكار اتوجهت ليها من كل مكان، والهمسات بدأت تدور بينهم

تجاهلت همساتهم وكملت " انت اللي جبتني هنا، وانت بابايا انا، انت اللي ربتني ومحدش غيرك يهمني، عمرك ما أجبرتني على حاجه، ليه دلوقتي ساكت، معقول مصدق الصور الفيك دي؟!" 

أبوها أخد نفس عميق، وبصّلها بحنان مخلوط بحزن وهو بيقول بصوت واطي "أنا واثق فيكي… بس متخليش حد يشمت يا ليلى، خليني أرفع راسي من جديد"

كلماته نزلت على قلبها تقيلة، كأنها كانت مستنية منه حاجة تانية، حاجة أكتر، لكنه رغم ثقته، كان بيطلب منها تستسلم للقرار.

رفعت راسها ومسحت دموعها بسرعة، وكأنها بتحاول تخفي ضعفها، وقفت بثبات مزيف، وبصّت لجدها اللي كان متجنب يبصّ عليها، كأنها مجرد شخص غير مرئي

كانت على وشك تتكلم، على وشك تعترض، لكن قبل حتى ما تنطق بحرف، هو لفّ ضهره وسابها ومشي.

باقي العيلة انسحبوا واحد ورا التاني وسابوها لوحدها 


رحمة كانت قاعده في أوضتها، غضبانة جدا من قرار جدها، ما كانش في دماغها فكرة إنه مراد يتجوز ليلى، حسّت بإن ده ظلم، وقالت بغل "مراد إزاي يتجوزها؟ أنا افتكرت هيجوزها سامر، مراد لاء، مراد ده بتاعي أنا!"

ردّت عليها أمها بصوت مليان خيبة أمل "يا خايبة، احنا كده مخلصناش، ممكن تخلصي منها لسه"

رحمة بصتلها بتعجب وقالت "إزاي؟"

أمها قعدت جنبها وقالت بخبث "لو بكره اكتشفوا إنها مش بنت، وإنها ضيعت شرف العيلة، وقتها إيه اللي هيحصل؟"

رحمة كانت بتفكر للحظة وقالت "هيقتلوها."

أمها ابتسمت ابتسامة خبيثة وقالت "بس كده، ده اللي احنا عايزينه."

رحمة استغربت وقالت باندهاش "بس إزاي؟ إزاي هنخليها مش بنت؟"

أمها بصتلها بصه حاده وقالت بصوت جاد "نفذي اللي هقولهولك واتفرجي."


ليلى كانت لسه قاعده تحت مكانها، مش قادرة تستوعب اللي بيحصل حواليها، الحيرة والألم كانوا جايين من كل مكان، فجأة، حسّت بشخص قريب منها، ولما رفعت عيونها لقيت أدهم ابن عمها واقف قدامها، نزل لمستواها كأنه مش عايز يسيبها لوحدها في اللحظة دي

"عارف إنك زعلانة، بس جدي قال كلمه والكل هينفذها من غير جدال"

صوته كان هادي ومليان تأكيد، لكنه كان صعب بالنسبة ليها "مراد هتحبيه جدا صدقيني، عارف إنك مش واخدة على الجو ده بس معلش، لو مراد مش نصيبك، عمرك ما كنتي هتتجوزيه."

ليلى بصتله بعيون مليانة دموع، مش قادرة تتحمل الكلام اللي بيقوله، هي مش عارفة، مش فاهمة إزاي كل ده بيحصل فجأة، إزاي يكون في شخص بيحدد مصيرها وهي مش قادرة حتى تاخد قرار لنفسها.

"أنا مش مستعدة..." قالتها بصوت متقطع.

"فاهمك، وأنا عارف إن ده صعب عليكِ، لكن مرات كتير لازم نواجه اختيارات ما نقدرش نتحكم فيها، جدي مش ممكن يقول حاجة من غير ما يكون واثق فيها، ومراد هيفهمك، هو مش شخص وحش زي ما انتي متخيله، مراد ده احسن واحد في العيله، جدي فعلا بيحبك أنه اختارلك مراد مع أنه كان ممكن يختار سامر، وسامر شخص سئ "

"أدهم، بس أنا... أنا مش قادرة، انا بجد مش قادره "

"أنا عارف، بس لازم تصبري شوية، اصبري وهتعرفي أن القرار مش سئ زي ما انتي متوقعه"

" شكرا لمحاولتك، معنديش اصلا وقت اعترض، مصيري اتحدد خلاص" 

قالت كلامها ومشيت من قدامه بسرعه

يتبع......

بارت 1 

بقلم بتول عبد الرحمن


#سوء_تفاهم


رحمة سمعت كلام أمها بخبث وقررت تنفذه، مسكت التليفون بسرعة واتصلت بسامر اللي كان لسه مش عارف أي حاجة عن اللي حصل، أول ما رد عليها قالت بصوت متشوق "مش هسألك عن أخبارك، أكيد سمعت اللي حصل!"

سامر عقد حواجبه وقال ببرود "إيه اللي حصل؟"

ضحكت بخبث وقالت "إنت بجد مش عارف؟"

ردّ بنفاد صبر "ادخلي في الموضوع على طول."

قالت بخبث "ليلى هتتجوز."

 اتصدم وقال بسرعة "إيه؟!"

رحمة زودت من جرعة التلاعب وقالت " وهتتجوز بكره "

سكت لحظات كأنه بيحاول يستوعب الكلام، وبعدين قال بحدة "كذابة."

ضحكت وقالت بلهجة كلها خبث " عارف هتتجوز مين ؟! هتتجوز مراد"

هنا الصدمة كانت أكبر، كأنه اتخبط في الحيطة، قال بانفعال "بطّلي تلعبي بيا!"

ردّت رحمة بثقة "لو مش مصدق، ممكن تتأكد بنفسك بكل سهولة...بس بدل ما تتأكد وتضيع وقت، ممكن تكسب الوقت ده وترجع ليلى ليك، والفرصه قدامك"

أتردد شويه بس قال " قصدك ايه يعني؟!"

ابتسمت بخبث وقالت " لو الكل شكوا فيها وعرفوا انها قضت انهارده معاك، وقتها هيجوزوهالك"

قال بسخرية "إنتِ متخيلة إنهم لو شكوا فيها هيجوزوهالي؟ لا يا حلوة، أول حاجة هيعملوها إنهم يخلصوا عليها!"

قالت مكر "لو الموضوع اقتصر على البيت، هيلموه ويجوزوها ليك، بس لو الفضيحة خرجت بره، لو كل البلد عرفت… وقتها هيقتلوها"

"وأنتِ ناوية على إيه؟"

رحمة ابتسمت بخبث، لمست كتفه بلطف وقالت "هجيبهالك على طبق من دهب، بس إنت لازم تكون جاهز… الليلة."


ليلى كانت قاعدة على سريرها، دموعها بتنزل بهدوء وهي بتحاول تستوعب اللي بيحصل حواليها، الباب خبط بخفة، رفعت راسها بسرعة ومسحت دموعها بسرعة قبل ما تقول بصوت مبحوح "ادخل."

الخدامة دخلت وهي ماسكه في إيدها كوباية ماية وشريط دوا، قربت منها بحذر وقالت بصوت ناعم " ليلى هانم، بقالك كتير قاعدة لوحدك، شكلك مش مرتاحة... جبتلك برشام للصداع، يمكن ترتاحي شوية."

ليلى بصتلها بتردد، حست إن جسمها فعلاً متكسر من كتر التفكير والتوتر، مدت إيدها وخدت البرشام من الخدامة وبعدها شربت المايه، الخدامة نزلت بسرعة، لقت رحمة مستنياها بترقب، قربت منها وقالت بصوت واطي "خدته."

رحمة رفعت حواجبها بخبث وقالت "أكيد؟"

الخدامة هزت راسها بثقة "بلعته قدامي وشربت وراه ماية كمان."

ابتسامة انتصار ظهرت على وش رحمة وهي بتقول "تمام" 

طلعت رزمة فلوس من جيبها وادتهالها وهيا بتقول " محدش يعرف حاجه عن اللي حصل " 

اخدت الفلوس وهيا بتقول " انا لا شوفت ولا سمعت"


رحمة مسكت تليفونها بسرعة وكلمت سامر، أول ما رد بصوت متحفز قالت له بنبرة كلها خبث "جهز نفسك، الفرصة قدامك دلوقتي."

سامر بصوت حذر " عملتي ايه؟!" 

رحمة بابتسامة خبيثة "ليلى مستنياك في أوضتها… وهدخّلك بنفسي."

سامر ضحك بسخرية وقال "إنتي بتهزري؟ دي لو شافتني هتصرخ وتفضح الدنيا!"

رحمة ببرود "مش لما تكون في وعيها، خلتها تاخد حاجة هتخليها هادية… مش هتعرف حتى تفتح عينيها كويس."

سامر بصوت متحمس ومترقب " لو كده فأنا جاي حالا"

رحمة ابتسمت بانتصار وقفلوا المكالمة… كل حاجة ماشية حسب خطتها، ولسه المشهد الكبير لم يبدأ بعد.


A few minutes later

رحمة كانت ماشية قدام سامر بحذر، عينيها بتتحرك في كل الاتجاهات، بتتأكد إن محدش شايفهم، سامر كان وراها، خطواته تقيلة، عينيه مليانة لهفة شيطانيه، أول ما قربوا من أوضة ليلى، رحمة حطت إيدها على مقبض الباب بحذر، وبصت وراها، همست له "خليك ورايا، وماتعملش أي صوت."

سامر ابتسم بسخرية وهمس "إنتي واثقة إنها مش هتقاوم؟"

رحمة بعيون مليانة خبث "صدقني… مش هتعرف حتى تفتح عينيها."

فتحت الباب ببطء، ليلى كانت نايمة على السرير، أنفاسها هادية، ملامحها شاحبة تحت ضوء الأباجورة الخفيف، سامر دخل الأوضة بخطوات هادية، عينيه كانت مثبتة على ليلى اللي نايمة على السرير، ملامحها بريئة وهادية كأنها طفلة، رحمة قفلت الباب وراه بهدوء، وقفت جنبه وهمست "اهي… زي ما وعدتك، على طبق من دهب."

سامر ابتسم بسخرية، قرب منها بخطوات بطيئة، قلبه بيدق بقوة، مدّ إيده للمس خصلات شعرها، لكنها تحركت حركة خفيفة، كأن عقلها بيقاوم حتى في غيبوبتها.

وقف بسرعة، لف لرحمة وقال بصوت واطي فيه نبرة تردد "إنتي متأكدة إنها مش هتفوق؟"

رحمة بعيون مليانة خبث "خدت برشام تقيل… حتى لو فاقت، مش هتبقى في وعيها، بس أنت لازم تخلّص بسرعة قبل ما حد يطلع يشوفنا."

سامر لفّ يبص لليلى تاني، حسّ بحاجة غريبة… حاجة مش مريحة. كانت قدامه، سهلة وفي أضعف حالاتها، لكن فجأة، وكأن حاجة جواه صحيت، اتشنج مكانه. ليه حاسس إنه مش قادر يكمل؟

رحمة لاحظت تردده، قربت منه وقالت بصوت شبه هامس لكنه مليان سم "ما تقوليش إنك بقيت جبان؟… دي فرصتك الوحيدة، يا إما دلوقتي، يا إما تنسى ليلى للأبد."

سامر بلع ريقه، عينيه فضلت معلقة على ليلى اللي ما زالت نايمه ببراءه


مراد كان قاعد مع جده، جو البيت كان تقيل، واضح إن في حاجة مهمة عايز يقولهاله، بعد الترحيب والكلام المعتاد عن السفر، الجد اعتدل في قعدته، سحب نفس عميق، وبعدها قال بنبرة حاسمة "عايزك تستعد، بكره كتب كتابك على بنت عمك ليلى."

سأله بصدمه " ايه ؟!'

الجد بصله بجمود "زي ما سمعت، ده قراري، ومفيش نقاش."

مراد شد نفسه بحدة، مسح على وشه وهو بيحاول يستوعب الكلام اللي سمعه، وبعد لحظة صمت، قال بحدة "بس انا مش موافق."

"بتقول إيه؟" صوت الجد كان تقيل، نبرته فيها تحذير واضح، لكن مراد كان مصمم.

"بقول إني مش موافق، مش هقبل أني أتجوز واحدة فجأة كده من غير حتى ما أعرف السبب."

الجد ضرب بعصايته على الأرض بقوة، صوته علي شوية وهو بيقول "مفيش رفض في كلامي، ليلى هتبقى مراتك، غصب عن أي حد!"

بصله وقاله بتحدي "وليه الإصرار ده فجأة؟ في إيه؟"

بصله بصه طويله وبعدها قال ببرود "أنت هتتجوز ليلى لأنها لازم تتجوز، واللي مش عايز ينفذ كلامي... الباب يفوّت جمل."

مراد وشه كان مليان غضب، لكن قبل ما يتكلم، الجد قال بجمود "فكر كويس، لأنك لو رفضت، يبقى مش بس بتخرج من الجوازة دي، أنت بتخرج من العيلة كلها."

سكت لحظه ووقف بثبات، نبرته كانت قاطعة وهو بيقول "يبقى أخرج من العيلة."

 ملامحه اتغيرت، عصبيته بانت عليه وهو بيضرب الأرض بعصايته بقوة أكبر "بتقول إيه يا ولد؟!"

مراد لف ووشه كله تحدي "أنا مش هقبل حد يفرض عليَّ حياتي، ولو ده معناه أني مش من العيلة دي، يبقى خلاص، أعتبر نفسي خرجت منها."

الجد ضيق عينيه وهو بيبص له، غضبه كان واضح، لكن في نفس الوقت كان بيدرسه

"هتخسر كل حاجة يا مراد."

مراد ابتسم بسخرية، رفع حاجبه وقال بهدوء

"ما أظنش إني كنت كسبان حاجة أصلاً."

"آخر كلامك؟"

" ومعنديش غيره، انا مش عيل صغير عشان تفرض عليا قرارات بالنيابه عني " 

الجو كان مشحون ومراد قرر قراره خلاص 


عند ليلى، رحمه قربت منها منها وبدأت تقلعها هدومها، قبل ما تقرب منها سامر وقفها " إنتي بتعملي إيه؟"

رحمة رفعت عيونها له، نظرتها مليانة خبث وثقة وقالت "إنت مش عايزها؟ مش ده اللي كنا مخططين له؟"

لما شافها بتكمل وتبدأ تحرك هدوم ليلى، قرب منها ومسح على وشه بتوتر قبل ما يمسك إيدها بقوة، صوته كان حاد "بطلي، مش هعمل كده."

رحمة رفعت حاجبها باستغراب، سحبت إيدها وقالت بسخرية "ليه؟ خايف عليها؟"

سامر شد نفس عميق، وهو بيحاول يخفي التوتر اللي بدأ يظهر عليه، وقال بحزم "مش كده اللي اتفقنا عليه، إنتي قلتي نثبت إنها…" سكت لحظة كأنه مش قادر ينطق الكلمة، وبعدين كمل "بس مش بالصورة دي."

رحمة قربت منه، حطت إيدها على كتفه وقالت بنبرة ناعمة لكن وراها سمّ "سامر، إحنا محتاجين دليل… الصور دي هتكون كارتنا الرابح، وقتها محدش هيقدر يفتح بقه، لا جدها، ولا مراد، ولا حتى أبوها، كلهم هيجروها ليك غصب عنهم."

سامر عضّ شفايفه، عيناه رايحة جاية بين ليلى اللي نايمة ومش دريانة بأي حاجة، وبين رحمة اللي واقفة قدامه مستنية منه كلمة واحدة بس، وفجأة، ولا كأن حاجة ضربته، سامر سحب خطوة لورا، عنيه كانت فيها تردد واضح وهو بيقول "لاء… مش كده"

رحمه زهقت وقالت " مش بمزاجك يا سامر، دلوقتي هتنفذ اللي انا عايزاه والا هنزل لجدي أقوله انك هنا، ها قولت ايه؟!" 

عرف انها بتستغله بس مكانش عنده حل تاني، بصلها وهز راسه بتأكيد

يتبع.......

بارت 2


#سوء_تفاهم


بدأت تقلعها هدومها ببرود، مش فارق معاها إن ليلي مغيبة ومش في وعيها، بالعكس، ده كان بيسهل عليها المهمة أكتر، بعد ما خلصت رفعت عينيها لسامر اللي كان واقف متردد

"يلا، اقلع" قالتها رحمة ببرود وهي بتقف قصاده، عينيها فيها تحدي واضح.

سامر بلع ريقه، بص للباب كأنه بيفكر يهرب، لكنه عارف إنه خلاص جوه اللعبة، ومش سهل يخرج منها

"رحمة… ده جنون." قالها بصوت واطي، لكن عينيه كانت مترددة أكتر من صوته.

رحمة ابتسمت بسخرية، قربت خطوة وقالت بهمس خبيث "جنون؟ لا يا حبيبي، ده ضمان… ضمان إنها مش هتقوم تاني من الليلة دي بنفس المكانة اللي كانت فيها، وضمان إنك تاخد اللي انت عايزه."

سامر اتنفس بعمق، كان لسه متردد، لكن رحمة رفعت حواجبها وقالت بتحذير "لو مش هتكمل، يبقى اعتبر نفسك انتهيت، مش هيكون ليك مكان في العيلة، وأنا هكون أول واحدة تفضح وجودك هنا"

بصلها بتردد، لكنه شاف التحدي في عيونها، كانت واقفة بثبات، وكأنها مش هتقلب حساباتها ولا تفكر تتراجع.

رحمة قربت منه وهمست "لو مش هتعملها، هخرج دلوقتي وأقول إنك هنا، ومش هضطر أقول أكتر من كده… الباقي هيتفهم لوحده."

سامر بلع ريقه، عارف إن كلامها مش تهديد فاضي، وإنه لو انسحب دلوقتي، رحمة ممكن تقلب الدنيا عليه هو كمان.

بخطوات تقيلة، قرب من السرير، قلبه بيدق بعنف، مد إيده وهو بيحاول ما يفكرش في اللي بيعمله، بس قبل ما يلمسها…فجأة ليلى اتحركت.

كان مجرد حركة بسيطة، نفس عميق أخدته وهي بتقلب وشها الناحية التانية، لكن سامر اتجمد، كأنها مسكته متلبس.

رحمة شهقت وهي بتراقب المشهد، وقبل ما تنطق، سامر تراجع خطوة لورا وقال بصوت مهزوز "مقدرش."

قربت ناحية الباب وقالت " مش بعيد كلامي تاني، حالا جدي هيعرف انك هنا"

قبل ما تمسك اوكرة  الباب وقفها بسرعه " استني استني، استني واستهدي بالله كده"

رحمة ابتسمت بانتصار، قربت من ليلى وهي بتمسك التليفون بتاعها، فتحت الكاميرا وقالت بصوت هادي "صور."

سامر بلع ريقه، قرب من السرير، وبإيد مهزوزة بدأ ينفذ اللي طلبته، رحمة وقفت بتراقب، عيونها بتلمع بخبث، وكل لقطة بتتوثق كانت بتأكد إن ليلى هتتحطم ومافيش مفر.

بعد ما خلص، رحمة أخدت التليفون، بصت للصور وهي بتضحك بخفوت وقالت "دلوقتي… محدش هيقدر ينقذك يا ليلى."

رحمة كانت بتتحرك بسرعة وثقة، رفعت التليفون وبدأت تصور سامر وهو نايم جنب ليلى، كانت بتتنقل بين الزوايا عشان تاخد الصور بأوضح شكل ممكن، كل لقطة كانت بالنسبة لها خطوة أقرب لتحقيق خطتها.

سامر وهو نايم جنبها كان متوتر، بص لرحمة وقال بصوت واطي "خلاص، كفاية كده، الصور دي هتبقى كابوس لو حد شافها."

رحمة ضحكت بسخرية وقالت "هو ده المطلوب… لو حد شافها، ليلى هتضيع، وانت الوحيد اللي ممكن تنقذها… بس بطريقتي."

وقفت لحظة تبصلها بتركيز وابتسامة مكر على وشها، بعدين رفعت عيونها لسامر وقالت بصوت هادي لكنه مليان خبث "دلوقتي ليلى قدامك، ملكك وبين إيديك… اعمل فيها اللي انت عايزه."

قلبه دق بسرعه، بس قبل ما يتكلم كانت رحمة أخدت خطوة لورا، فتحت الباب بهدوء، وخرجت من الأوضة بنظرة كلها انتصار، وهي بتستعد تنفذ خطتها التانية.

فضل سامر واقف متردد، يببص لليلى اللي نايمة قدامه، أفكاره متلخبطة بين إنه يكمل اللي بدأوه وبين إنه ينسحب…


رحمة نزلت تحت بخطوات هادية، لكن عيونها كانت بتلمع بخبث، وهي ماشية في الصاله، لمحت نور مكتب جدها منور، ابتسمت بخبث وكأنها لقت الفرصة الذهبية وقربت بخطوات واثقة، خبطت على الباب بخفة، ومن غير ما تستنى إذن، فتحته ودخلت

جوا، كان مراد قاعد مع جده، وكانوا بيتكلموا بجدية، صوتهم هادي لكنه مليان قوة، لحظة دخولها، الاتنين بصولها وجدها سألها بنبرة جامدة لكن فيها استغراب "في حاجة يا رحمة؟"

رحمة اتنهدت بخفة، وكأنها مترددة، ورسمت على وشها ملامح الطيبة والقلق، وبعد لحظة صمت قالت بصوت كله براءة مصطنعة "بصراحة، في حاجة، وأنا في أوضتي شفت سامر داخل هنا..."

الجد ضيق عيونه باستغراب وزهول وقال بحدة "وهييجي ليه؟! وإزاي محدش قالي؟"

رحمة رفعت عيونها له، ومالت راسها شوية كأنها مترددة تقول اللي في بالها "لأنه جاي لليلى."

مراد اللي كان ساكت ومستمع، ضيق عيونه وبصلها بريبة، لكن قبل ما يلحق يقول أي حاجة، رحمة كملت كلامها كأنها بترمي قنبلة تانية "أنا شوفته داخل عندها."

الصمت عم الأوضة للحظات، قبل ما جدها يضرب كفه على المكتب بقوة ويقوم يقف بسرعة، خرج من مكتبه بسرعه، ملامحه كانت مشدودة والغضب باين عليه، مراد اتوتر هو كمان، وخرج وراه من غير كلام، لكن عيونه كانت بتدور على رحمة اللي حس انها بتحور


سامر كان واقف مكانه، متجمد، مش عارف يعمل إيه، ليلى قدامه نايمة، والفرصة قدامه واضحة، لو استغلها صح، ممكن يجبرهم يجوزوه ليلى غصب، بس في نفس الوقت، كان عارف إن جدها مش هيسكت على حاجة زي دي، ولو اكتشف وجوده هنا، احتمال كبير يخلص عليه قبل ما يفكر حتى يدافع عن نفسه، شعور بالخوف ضربه، قلبه بدأ يدق بسرعة، عقله كان بيصرخ يحذره، لازم يتحرك بسرعة قبل ما حد يكتشفه، بدون تفكير، مد إيده بسرعة على قميصه اللي كان مرمي على طرف السرير، لبسه في ثواني، وهو بيحاول يهدِّي أنفاسه، بص لليلى العريانه قدامه وبلمحه سريعه لمح اسدالها، خده ولبسهولها ولم هدومها اللي على الأرض بسرعه خباها، بصلها واخد نفس طويل وقال " اسف يا ليلى، سامحيني"

بص حواليه يحاول يخرج من عندها، عينه وقعت على البلكونة، خرج وبص لتحت، المسافة مش قليلة، بس لو فضل واقف هنا أكيد نهايته هتكون أسوأ، أخد نفس عميق، حاول يسيطر على رعشة إيده، وبعدها مسك طرف السور، رفع جسمه، وقبل ما يلحق يفكر في العواقب، كان بينط…


الجد كان ماشي بسرعة، خطواته كانت تقيلة وحاسمة، وطلع على أوضة ليلى وهو بيغلي من الغضب، وراه رحمه اللي كانت مستعدة تتفرج على أكبر فضيحة، ومراد اللي كان مش فاهم إيه اللي بيحصل بس حاسس إن فيه حاجة غلط، بمجرد ما وصلوا، فتح باب الأوضة بعنف، الباب خبط في الحيطة بصوت عالي، ورحمه حابسة أنفاسها، مستعدة للقنبلة اللي هتفجر الدنيا، كانت متأكدة إنها خلاص كسبت، وإن كل حاجة هتنهار على راس ليلى دلوقتي

لكن…

كل آمالها اتدمرت في لحظة.

الباب اتفتح، والمفاجأة كانت إن الأوضة فاضية إلا من ليلى، نايمة ومتغطية كويس كأنها غرقانة في النوم العميق. مفيش سامر، مفيش فضيحة، مفيش حاجة تثبت كلامها.

الجد بص لليلى، وبعدين لف لرحمه، نظرته كانت حادة وباردة، مش قادر يصدق اللي بيحصل، مراد كان واقف على الباب، عيونه بتراقب كل تفصيلة، وبدأ يشك إن في حاجة مش مظبوطة.

رحمه حاولت تستوعب، دماغها مش قادرة تفهم… سامر كان هنا، راح فين، ومشي امتى، هيا مكملتش خمس دقايق حتى، وقفت في مكانها متلخبطة، قلبها بيدق بسرعة، متوقعتش أنه يعرف يهرب

جدها لف ناحيتها وسألها بصوت تقيل مليان ريبة "إنتي متأكدة من اللي بتقوليه يا رحمه؟"

اتلجلجت للحظة، لكنها بسرعة جمعت نفسها وقالت بثقة مصطنعة "أيوه يا جدو، أنا شوفته بعيني وهو داخل هنا، مش ممكن أكون غلطانة!"

مراد اللي كان ساكت طول الوقت، اتقدم خطوة وقال ببرود "طيب فين هو؟"

رحمه اتكتمت، عينيها دارت في الأوضة، كأنها بتدور على دليل، لكن مفيش أي أثر، ليلى نايمة ببراءة، مفيش أي حاجة تبين إنها مش لوحدها

الجد بص لمراد وقال بحسم "صحّيها."

مراد قرب من السرير، لمس كتف ليلى بخفة، وحاول يصحيها "ليلى... ليلى قومي."

لكنها مكنتش بتتحرك، نفسها كان منتظم، كأنها نايمة في سبات عميق، زود قوة لمسته، بس مفيش استجابة.

رحمه بدأت تحس بالقلق، إيه اللي بيحصل؟ ليلى نايمة بعمق غريب.

مد جدها إيده ولمس جبينها، بص بقلق وقال "البنت دي نايمة نوم مش طبيعي... لتكون تعبانه ولا حاجه"

عيون مراد لمعت بغضب، وبص لرحمه بريبة، حاسس انها السبب، مكانش مرتاحلها، بص لجده وقال " يمكن نومها تقيل، سيبها نايمه يا جدي والصبح تفوق" 

قال كلامه وهو بيبص لرحمه يدرس تعابيرها

جده وافقه وبص لرحمه وسأل " يعني هيا نايمه دلوقتي ولا مع سامر، وضحي كلامك يمكن سامر موجود قدامي وأنا مش شايفه"

رحمة بسرعة حاولت تبرر لجدها "يمكن أنا اتسرعت، بس أنا شوفت سامر داخل، ومتأكدة إنه كان هنا!"

الجد كان باصصلها بحدة، ملامحه مكنتش بتوحي إنه مصدقها، بالعكس، كان فيه ريبة وغضب واضحين، رحمة كانت عايزة تورّيه الصور، لكن عقلها كان أسرع منها، لو ورتهاله، هيبدأ يسألها جابتها منين، وهي مش مستعدة تلاقي إجابة تخرجها من الموقف ده، فقررت تسكت، لكن عقلها بدأ يشتغل بفكرة جديدة، نزلت راسها شوية، واخدت نفس عميق قبل ما تقول بصوت هادي "أنا آسفة لو كنت سببت توتر بدون سبب، بس أنا كنت خايفة... شوفت سامر وهو داخل وماعرفتش راح فين بعدها."

الجد فضل ساكت، عيونه كانت رايحة جاية بينها وبين ليلى اللي لسه نايمة، مراد كان واقف على جنب، بيبصلها بشك 

رحمة حاولت تظهر هدوء مزيف وهي بتقول "يمكن يكون خرج تاني، أو حد شافه..."

الجد مسح على دقنه ببطء، وبعدين قال بصوت تقيل "هنشوف."

خرج من الأوضه وهيا فضلت واقفه مكانها، مراد كان واقف ساكت، لكن عقله شغال بسرعة، نظراته لرحمة كانت مليانة شك، وبدأ يربط الأحداث ببعضها، ليه هي الوحيدة اللي شافت سامر؟ وليه كانت متحمسة بالشكل ده تثبت حاجة ممكن تخلّص على سمعة ليلى؟

عيونه ضاقت وهو بيراقب تعبيرات وشها، طريقة كلامها، حتى حركات إيديها اللي كانت بتحاول تبان هادية لكنها متوترة، حاجة فيها مش راكبة على بعضها.

بهدوء بس بنبرة تقيلة قال "إنتِ متأكدة من اللي قولتيه؟"

رحمة رفعت راسها بسرعة، وبصت له كأنها متفاجئة من سؤاله، لكنها حاولت تسيطر على تعابيرها وقالت بثقة مصطنعة "طبعًا متأكدة، أنا مش هقول حاجة من غير ما أكون شفتها بعيني."

مراد ساب نظراته ثابتة عليها لحظات، وبعدين ابتسم ابتسامة باردة وقال "غريب... لإن لو سامر كان هنا فعلًا، كان زماننا لقيناه."

اتوترت لكنها ما استسلمتش وقالت بسرعة "يمكن خرج بسرعة قبل ما نلحق نمسكه"

قال بسخريه " يمكن موجود في أحلامها ولا حاجه، متنسيش تشوفي أحلامها ليكون مستخبي هناك" 

قال كلامه وخرج بسرعه قبل ما تتكلم


ليلى حست بصداع رهيب وهي بتفتح عنيها ببطء، الدنيا كانت ضبابية وكأنها فقدت إحساسها بالوقت، قامت من السرير بتعب، دماغها تقيلة وجسمها كأنه مش ملكها، عينيها لفت في الأوضة بقلق، كل حاجة مكانها، مفيش حاجة غريبة… بس الشعور اللي جوّاها مش مريح، حست برجفة وهي بتبص على نفسها، وهنا شهقت "إسدال؟!"

إزاي؟! إزاي لابسة إسدال وهي فاكرة إنها نامت بلبسها العادي؟ لمست قماش الإسدال بايد مرتعشة، عقلها بيحاول يربط الأحداث، بس مفيش حاجة واضحة، آخر حاجة فاكرها إنها كانت في أوضتها، قاعدة لوحدها ومتضايقة، الخدامة جابتلها برشامه تهديها شويه وبعدها نامت، بس نامت بهدومها مش بالإسدال، مين اللي غير هدومها؟!

حست بخوف، بخوف كبير بيجري في عروقها، ايه اللي حصل، ليه هيا مش فاكره انها غيرت هدومها

باب أوضتها خبط بعنف، اتخضت من الخبطه بس فتحته بسرعه، لقت الخدامة واقفة قدامها بملامح جامدة وقالتلها "جدك تحت عايزك حالًا."

ليلى رفعت حاجبها باستغراب وسألتها بقلق "ليه؟ في حاجة حصلت؟"

الخدامة هزت كتفها بلا مبالاة "معرفش، بس شكله متضايق."

هزت راسها وقررت تنزل بسرعة، غيرت هدومها ونزلت السلالم بخطوات متوترة، لقت الكل متجمع في الصالة، العيون كلها عليها، وكل نظرة منهم كانت طعنة في قلبها، نظرات احتقار، غضب، استنكار... حتى أبوها، حتى جدها اللي كان قاعد مكانه ساكت، عنيه مش بتتحرك من الفراغ اللي قدامه.

حاولت تفهم، مفيش ولا صوت بيتكلم، كلهم ساكتين بس النظرات كانت كفاية تخلي قلبها ينقبض، نفس مشهد امبارح بيتكرر، قربت بخطوات حذرة وقالت بصوت مهزوز "نعم يا جدو، حضرتك نادتني؟"

جدها رفع عينه ليها ببرود، مدّ إيده ليها، في إيده صور، ملامحه كانت صلبة، قاسية، مخيفة.

خدت الصور من إيده وبدأت تشوفها، أول ما عينيها وقعت على أول صورة شهقت، إيديها اترعشت، عينيها وسعت بصدمة، الصور كانت ليها... كانت في أوضتها... وكانت مع سامر

اتجمدت، نفّسها بقى متقطع، عقلها مش مستوعب، إزاي؟ إزاي الصور دي موجودة؟ وإمتى حصل ده أصلاً؟

يتبع.........

#سوء_تفاهم


كانت شايفة الصور قدامها ومصدومة، إزاي؟ إزاي الصور دي اتاخدت؟ إحساس بالرعب مسك قلبها، عينيها فضلت تتنقل بين الصور بسرعة، رفعت وشها لجدها وقالت بصوت متقطع، بالكاد طالع منها

"والله العظيم أنا متفاجئة زيي زيكم... معرفش ده حصل إزاي!"

محدش من الموجودين كان مصدقها، كل العيون كانت بتبصلها باشمئزاز واستنكار،  قلبها كان بيخبط في صدرها بقوة، بصت لأبوها برجاء، عينيها مليانة دموع وقالت بسرعة "وأنت يا بابا لازم تصدقني! أنا معرفش مين اللي بيعمل معايا كده، بس والله في حد عايز يأذيني!"

جدها وقف ببطء، ملامحه كانت غامضة، لكن صوته وهو بيتكلم كان كفاية يهزها من جوا "ياريت الموضوع اقتصر علينا وبس... البلد كلها معاها الصور دي، يعني الفضيحة بقت بجلاجل!"

الدنيا لفت بيها، اتصدمت لدرجة أنها حست أنها هتقع من مكانها، همست بصوت مش طالع منه غير الذهول

 "يعني إيه؟ ومين عمل فيا كده؟ حد يفهمني!"

رحمة اللي كانت واقفة في الركن بتراقب الوضع بعيون خبث، دخلت في اللحظة المناسبة وقالت بنبرة كلها انتصار مستتر

"ما أنا قولتلك يا جدي... شوفته معاها امبارح."

قبل ما تكمل، جدها لفّلا بسرعة، نظرته كانت زي السيف وهو بيقول بصوت غاضب حاسم "لو واحدة اتكلمت، هربيها من اول وجديد إزاي تحترم اللي بيتكلموا! اللي محدش طلب منه كلام... مسمعش صوته!"

رحمة اتجمدت مكانها، ليلى بصّتلها بكره واضح في عينيها وقالت بصوت مليان غضب وقهر "شفتي مين معايا؟!"

رفعت الصور في وشّهم وهي بترعش، وبصّت للكل وقالت بانفعال "أنا مكنتش فايقة أصلًا! شوفوا... شوفوا الصور! مكنتش في وعيي!"

جدها بصلها بنظرة تقيلة، ملامحه كانت متحجرة وصوته خرج ببرود جارح "وده الأنيل... إنك مكنتيش صاحية والصور بتتاخد، عارفه ده معناه ايه؟!""

هزّت رأسها بعدم تصديق، الدموع كانت على حافة عينيها وقالت بصوت متحشرج "الصور دي أكيد مش حقيقية... والله ما أعرف ده حصل إزاي!"

اتنهد جدها بعمق، نبرته كان فيها شيء من اليأس وهو بيقول "ولو حتى احنا صدقناكي... أهل البلد هيصدقوا؟ هنلفّ على البلد واحد واحد ونقولهم كدب؟!"

حست الدنيا بتلف حواليها، رجليها ما كانتش قادرة تشيلها، قعدت على أقرب كرسي، وحطت راسها بين إيديها بتعب وانهيار، قبل ما تقدر ترد، عمتها دخلت في الحوار بصوت مليان غضب "ولسه بتتكلم معاها يا أبويا؟! لو واحدة مننا مش هتعمل كـ..."

قبل ما تكمل، صوت الجد ارتفع بشكل حاد وحاسم "خدي بنتك وامشوا من هنا!"

عمتها اتجمدت مكانها، عيونها اتسعت بصدمه وقالت بانفعال "إيه؟!"

بصلها ببرود وصوت قاطع "زي ما سمعتي... قولت مش عايز أسمع صوت واحدة فيكم! الباقي ساكت، أشمعنا إنتي وبنتك اللي بتولّعوا الدنيا؟! هي خربانة أصلًا!"

عمتها كانت على وشك تردّ، لكن لما شافت نظرة الجد، بلعت غضبها وقالت بامتعاض "خلاص، مش هتكلم... لما نشوف آخرتها!"

لف ناحية ليلى، كانت ملامحه غامضة وهو بيسألها بحدة "إيه يا ليلى... مش هتقولي حاجة؟!"

ليلى قامت ببطء، عينيها كانت ميتة، مفيهاش أي حياة، وقالت بصوت خالي من أي مشاعر "اللي حضرتك شايفه مناسب... اعمله."

في اللحظة دي، مراد دخل، ملامحه كان عليها أثر توتر، لكنه كان بيحاول يبان هادي وهو بيقول بجدية "محدش بقى معاه الصور دي خلاص، اتطمن يا جدي."

الجد لفّله، عيونه كانت مليانة تفكير عميق قبل ما يرد بصوت تقيل "وهنمحي الصور من ذاكرتهم إزاي؟!"

مراد بصّ لجدّه بثبات وقال بصوت هادي لكنه قاطع "مش مهم تتمحي من ذاكرتهم... هينسوا مع الوقت."

جدّه ردّ عليه بحدة، غضبه كان واضح في كل حركة من حركاته "بعد إيه؟! هينسوا بعد إيه؟!"

مراد زفر بضيق وقال ببرود "وده يهم في إيه؟!"

صوت الجد كان قاطع وحاسم وهو بيرد

 "يهم طبعًا... دي فضيحة!"

مراد خطا خطوة لقدام، وقف قدام جده مباشرة، ملامحه كانت جدية وصوته ثابت وهو بيقول "وانت ناوي على إيه يا جدي؟! إيه اللي في دماغك؟!"

الجد بصله بجمود وقال بدون تردد "لو انت هتتجوزها يبقى الدخلة بلدي."

صدمة ضربت ليلى بكل قوة، حسّت إن الدنيا سحبت الأرض من تحت رجليها، عينها وسعت بذهول، ولسانها اتربط من الصدمة، قبل ما باباها يقدر يردّ، كان صوت مراد سبق الكل وهو بيقول بحسم وغضب واضح "على جثتي! مستحيل حاجة زي دي تحصل!"

الجد زمّ شفتيه بغضب وقال بحدة "وهنلمّ الفضيحة دي إزاي؟!"

مراد رفع حاجبه باستهزاء، صوته كان فيه تحدي وهو بيرد "إن شاء الله عنها ما اتلمّت! هو أنا اللي هتجوز ولا الناس؟!"

الجد سكت لحظة، كان بيفكر بعمق، عيونه كانت بتلمع بالغضب والتردد قبل ما يقول بجدية "خلاص... مش هتبقى بلدي، بس لازم نسكتهم، وإلا لازم تتجوز سامر!"

مجرد ذكر اسم سامر خلى مراد يتوتر، عيونه اشتعلت غضب وهو بيقول بصوت واطي لكنه حاسم "جهزوا نفسكم... كتب الكتاب في معاده عادي، وأي طريقة تانية غير الدخلة البلدي أو فيها اهانه لليلى، أنا موافق... علشان نسكت الناس زي ما حضرتك بتقول!"

قال كلمته الأخيرة، وبدون أي نظرة زيادة، لفّ ومشي، سايب وراه قنبلة موقوتة...

بمجرد ما مراد خرج، ليلى انسحبت بهدوء على أوضتها، عقلها مشوش ودموعها محبوسة في عينيها، مش قادرة تستوعب اللي بيحصل، الدنيا كلها بقت فوضى حواليها، والكل بدأ فعلاً في تحضيرات كتب الكتاب، ماعدا واحدة بس كانت واقفة بتغلي من جوه... رحمة


كانت قاعده مع امها، والغضب باين على وشهم،  ماكنتش مصدقة إن خطتها فشلت، وإن ليلى لسة واقفة على رجليها.

رحمة عضت شفايفها بغيظ وقالت لأمها وهي بتتمتم بحدة "شايفة؟ خطتك مجابتش نتيجة!"

أمها زفرت بضيق وهزت راسها، نبرتها كانت مليانة استياء وهي بتقول

"سامر اللي غبي! البنت كانت قدامه، حد قاله يبقى جبان ويمشي!"

رحمة رفعت حاجبها بسخرية وقالت

"والله لو شوفته مش هسيبه! ده حظها إيه ده؟! كل ما أفكر إنها هتقع، ألاقيها نجت!"

عضت على أسنانها وعيونها كانت بتلمع بنار الانتقام، هي ما بتخسرش، ومستحيل تسيبها تفلت منها بسهولة...


ليلى كانت قاعدة في أوضتها، عقلها مشوش ودموعها بتنزل بهدوء، مش قادرة تستوعب اللي بيحصل حواليها، فجأة الباب خبط بلطف قبل ما يتفتح وتدخل أم مراد بابتسامة ودودة

ليلى بسرعة وقفت باحترام، لكن أم مراد رفعت إيدها بإشارة إنها تقعد وقالت بصوت حنون "اقعدي يا حبيبتي."

ليلى بلعت ريقها وقعدت جنبها، قلبها مقبوض، لكن الست مدّت إيدها وطبطبت على كتفها بحنان، صوتها كان كله دفء وهي بتقول "متزعليش، أنا عارفة إنك مقهورة ومش مصدقة اللي بيحصل، بس أنا متأكدة إن كل ده خير، جوازك من ابني مراد هيكون أحلى حاجة حصلت في حياتك."

ليلى كانت بتسمع كلامها، بس عقلها كان مشغول بأفكارها، مكنتش متخيلة نفسها في الموقف ده أبدًا.

أم مراد كملت بابتسامة مطمئنة "اعتبري الموضوع سوء تفاهم بسيط، وصدقيني في الآخر هتكتشفي إنه كان أحلى سوء تفاهم يحصل، متخليش حد يشمت فيكي يا بنتي"

ليلى رفعت إيديها ومسحت دموعها بسرعة، وبصتلها بعيون مترجية وقالت "يعني انتي مصدقاني؟! أنا معرفش حاجة عن الصور اللي كل شوية تتبعت لجدي دي، والله امبارح ك..."

قبل ما تكمل، أم مراد قاطعتها بنبرة حاسمة لكن مليانة طيبة "متبرريش يا ليلى، أنا مصدقاكي من امبارح، بس متكلمتش عشان قرار جدك دخل مزاجي."

ابتسمت ابتسامة دافية وكملت "مش هلاقي لمراد ابني لا أغلى ولا أحلى منك، ربنا يهنيكي يا حبيبتي."

حطت إيدها على خد ليلى بحنان وقالت "قومي اغسلي وشك، خدي دش بارد ينعنشِك، واستعدي لليوم، وخليكي متطمنة، مراد عمره ما هيجبرك على حاجة انتي مش عايزاها."

سابت ليلى تفكر في كلامها وخرجت، وسابتها في دوامة مشاعر متناقضة، بين الخوف، والارتياح، والشك...


ليلى فضلت قاعدة شوية، عقلها مشوش ومشاعرها متلخبطة، كلام أم مراد كان مريح، لكنه في نفس الوقت خلّاها تحس إنها محاصرة، وكأنها بتتدفع في طريق هي مش متأكدة منه.

بعد لحظات، قررت تقوم تاخد دش زي ما نصحتها، يمكن يخفف من التوتر اللي حاساه، المايه البارده ساعدتها تهدى شوية، لكنها لسه مش قادرة تتخيل إنها خلال ساعات هتكون متجوزة مراد، الشخص اللي بالكاد بينهم أي تعامل.

بعد ما خلصت، خرجت من الحمام ولقت الخدامة مستنياها بعلبة فيها فستان أبيض بسيط، أنيق، لكن مش مبهرج، واضح إن كل حاجة كانت متجهزة بسرعة، وده زوّد إحساسها إنها ملهاش رأي في أي حاجة بتحصل.

لبست الفستان بهدوء، والخدامة ساعدتها تلف طرحتها ، كانت حاسة إنها روبوت بيتم تحريكه من غير ما يكون عنده خيار.


مع المغرب، بدأ الضيوف القريبين يتجمعوا في البيت، وكان واضح إن العيلة كلها مستنية اللحظة دي، الرجاله في القاعة الكبيرة، والستات في جناح تاني، وأم مراد كانت قاعدة جنبها، ماسكة إيديها كأنها بتطمنها، رغم إنها هي نفسها كانت متوترة.


رحمة كانت واقفة بعيد، عيونها مليانة غضب مكبوت، مش مستوعبة إزاي ليلى خرجت من المصيبة اللي كانت مجهزاهالها، وإزاي في لحظة، بدل ما تبقى مفضوحة ومنبوذة، بقت عروسة في بيت العيلة،


مراد كان في القاعة، قاعد جنب جده، اللي كان هادي لكن نبرة صوته وهو بيكلم الشيخ كانت حاسمة، مراد نفسه كان هادي ظاهريًا، لكن داخله كان عاصفة، هو اللي اقترح يتجوزها عشان يلم الموضوع، لكن دلوقتي وهو قاعد بيستعد يقول "قبلت"، كان حاسس إنه داخل على مرحلة مش عارف نهايتها إيه، الشيخ بدأ إجراءات كتب الكتاب، ووسط صمت الجميع، مراد نطق بكلمته الأولى "قبلت الزواج من ليلى عبد الرحمن."

في اللحظة دي، ليلى حسّت إنها فقدت آخر جزء من حريتها


دخلت أوضتها بخطوات مرعوبة بعد اطول ليله عدت عليها، اي بنت بتستنى اليوم ده بس هيا لاء، أول ما دخل وقفل الباب جسمها اتنفض، قلبها كان بيدق بسرعة، وبصتله بعيون مليانة رعب

قرب منها بخطوات هادية بس تقيلة وقال بصوت ثابت "أنتِ عارفة أنتِ هنا دلوقتي ليه، صح؟"

هزت راسها بعنف، حاسة نفسها مخنوقة، الكلام مش قادر يطلع من بوقها، ملامحها كانت بتصرخ، حتى لو صوتها ساكت

لاحظ ارتباكها، فقال بنبرة أهدى شوية "طب قولي الحقيقة، وأنا هصدقك."

عينيها دمعت، كانت حاسة بالقهر بس لازم تدافع عن نفسها حتى لو عارفة إن محدش هيصدقها، بصوت مرتعش قالت "أنا دكتورة محترمة... إزاي تشكوا فيّا الشك البشع ده؟ ليه بالطريقة دي؟ لو كلكوا شاكين فيّا، كان ممكن تودوني لدكتورة تكشف عليا، بس مش كده... مش بالطريقه دي"

اتنفس ببطء وكأنه كان بيحاول يختار كلماته "أنتِ في المنيا يا ليلى... يعني عمرهم ما هيقتنعوا بالكلام ده وانتي عارفه كده كويس، هنا كلهم تقليديين، وأظن أنتِ عارفة هما مستنيين إيه، صح؟"

رجفة جسمها زادت، حسّت إن الأرض بتضيق حواليها وقالت بصوت مختنق

"طب... ولو مطلعتش زي ما أنتم عايزين؟ لو طلعت فعلًا... ضيّعت شرف العيلة؟ هتقتلونِي؟!"

بصلها شوية، ملامحه كانت متجمدة، وكأنه بيفكر في حاجة مش قادر ينطق بيها وبعدين قال بحسم "عمري ما هسمح بحاجة زي دي تحصل، خلينا نكون متفقين... أنا مصدقك، ومصدق إنك أشرف من الشرف نفسه، وبالرغم من إنهم مستنيين تحت يعرفوا... مش هقرب منك يا ليلى."

بصتله بعدم فهم، عقلها مش قادر يستوعب كلامه، قالت بصوت مشحون بالضياع "ومين هيسمحلك متقربش؟ أنا دلوقتي بقيت مراتك، حتى لو مش عايزاك، بس مضطرة أنفذ كلامهم… مضطرة أورّيهم دليل شرفي، عمرك ما هتعرف تقف قدامهم."

بصلها بصه طويلة، كأنه كان بيحاول يحفظ ملامحها، أو يمكن كان بيحاول يلاقي الكلمات الصح قبل ما يقول بصوت هادي لكنه مليان وجع " محدش هيجبرك تعملي حاجه انتي مش عايزاها، مقدرتش اقف قدام جدي واعترض، بس طول ما احنا هنا ولوحدنا انا مش هحكم عليكي زيهم، انتي في امان"

وقف قدامها، عيونه مليانة حاجة هي مش قادرة تفسرها، يمكن شفقة؟ يمكن غضب؟ يمكن شيء أعمق بكتير من أي حاجة تقدر تفهمها دلوقتي،كمل كلامه بنبرة هادية لكنها قوية "مش عايز أكسرك زيهم، عشان كده مستحيل أبقى قاسي وأقضي عليكي."

سكتت لحظة، حسّت كأن الدنيا لفت بيها، مش قادرة تفهم قصده، رفعت عيونها ليه وقالت بضعف "يعني إيه؟"

فضلت واقفة في مكانها، عيونها معلقة عليه، بتحاول تفهم اللي بيدور في دماغه، فجأة، اتحرك ناحية الكومود، مسك المنديل الأبيض اللي كان متني فوقه، وعينيه كانت باردة، كأنه حسم أمره خلاص

يتبع.........

بقلم بتول عبد الرحمن 

بارت 4


#سوء_تفاهم


راح ناحية طبق الفواكه، مسك السكينه وبدون أي تردد جرّح كفه بيها

ليلى شهقت ، قربت خطوه ناحيته بس وقفت في آخر لحظة، عقلها كان مشلول من الصدمة، الدم نزل من إيده بسرعة، بس هو كان هادي، حطّ المنديل على الجرح وسابه يشرب الدم.

بصّلها أخيرًا، وقال بصوت ثابت 

"هو ده الدليل اللي هما عايزينه، صح؟"

فضلت واقفة مكانها عيونها مثبتة على المنديل اللي بقى أحمر، قلبها بيدق بسرعة وهي مش قادرة تصدق اللي بيحصل، رفعت عيونها له، لقت نظرته ثابتة، هاديه وكأنه مقتنع تمامًا باللي بيعمله

اتكلمت بصوت مهزوز 

"مراد...أنت… أنت بتعمل إيه؟!"

مسح عرقه بكفّه التاني وكأنه مش متأثر بالجرح وقال ببساطة

 "بديهم اللي مستنيينه"

هزّت راسها بعدم تصديق، صوتها طلع أضعف من قبل 

"أنت مجنون؟ ده مش حل!"

"بالنسبالهم ده الحل الوحيد، وأنتِ عارفة كده كويس، دلوقتي محدش هيقرب منك، محدش هيقدر يشكك فيك، ولا حتى يسأل تاني"

دموعها نزلت من غير ما تحس، مش قادرة تستوعب إن الحل الوحيد اللي قدامها كان كذبة… بس كذبة أنقذتها. بصت له نظرة طويلة، مزيج من الامتنان والخوف والضياع، وقالت بصوت مخنوق 

"ليه؟ ليه عملت كده؟"

قرب منها خطوة، وبصّ في عيونها مباشرة وقال بهدوء 

"لأنك تستحقي حد يصدقك."

وقفت في مكانها وهي مش قادرة تاخد نفس، عقلها لسه مش مستوعب اللي بيحصل بصتله، لقته بهدوء بدأ يفك أزرار قميصه بعد ما قلع الجاكيت، عيونها وسعت بخوف، خطوة رجعت بها لورا لا إرادياً، اتحرك ناحية البلكونة، فتح بابها، بإيد ثابتة، مسك المنديل المليان دم، وبنظرة سريعة ناحيتها، رفعه ورماه لتحت

لحظة صمت طويلة… بعدها، سمعوا صوت الهتافات والتهليل من تحت، أصوات فرح ورضا، كأن الحرب انتهت، كأن العار اللي كانوا بيستنوه ما جاش

رجع ببُطء، قفل باب البلكونة ووقف قدامها، بصّلها نظرة طويلة، وقال بصوت هادي

 "خلاص… الليلة انتهت."

فضلت واقفة مكانها، أنفاسها متلاحقة، عقلها مش قادر يلاحق اللي حصل، الهتافات اللي جاية من تحت كانت بتزيد، أصوات الفرح، الرضا، والانتصار الوهمي اللي هما مصدقينه.

رفعت عيونها له، لقت ملامحه جامدة، مش بتبين أي إحساس، وكأنه مجرد شاهد على مسرحية سخيفة اضطر يمثلها

بلعت ريقها بصعوبة، وقالت بصوت ضعيف

 "كده… خلاص؟"

 "آه، خلاص."

راح ناحية الدولاب واخد هدومه، فجأة، سألته بصوت مهزوز "برضو عايزه اعرف ليه؟ ليه عملت كده؟"

" لاني عمري ما هقرب من واحده مش عايزاني"

أخد باقي هدومه وهيا سألت

" وايه اللي هيحصل دلوقتي؟!"

قعل بهدوء من غير ما يبصلها

"ولا حاجة."

لفّت وشها ناحية البلكونة، حسّت بغصة وهي فاكرة إزاي المنديل وقع، إزاي صوتهم علي، وكأنهم كانوا مستنيين دليل مش مهم مصدره… المهم يكون موجود.

وهي مستغرقة في أفكارها، سمعت صوته بيكمل، هادي بس حاسم 

"إنتي هتنامي هنا، وأنا هنام على الكنبة. وبكرة… نتصرف."

رفعت عيونها له، لقته خلاص سحب المخدة ورماها على الكنبة، كأنه بيعلن إن الليلة دي انتهت

دخل الحمام وسابها مكانها، قعدت على السرير، حطت وشها بين إيديها وبدأت تعيط بصوت مكتوم، كأنها بتحاول تخبي وجعها حتى عن نفسها. كانت عارفة إن الليلة دي مش هتعدي من غير ما تسيب فيها أثر، حتى لو مفيش حد لمسها، الألم كان جوه… 

خرج من الحمام وراح ناحية الكنبه، قعد بيحاول يسترخي لحد ما لقاها بتقرب منه، ركعت على ركبها قدامه، مسكت إيده المجروحة برفق، صوابعها كانت بتترعش وهي بتمر عليها، وكأنها بتحاول تخفف وجعه… أو وجعها هي.

رفعت عيونها ليه، كانت مليانة دموع، وبصوت مخنوق قالت

"طب… لو أنا فعلاً طلعت زي ما هما بيقولوا؟ لو طلعت فعلاً ضيّعت شرف العيلة؟"

الحروف كانت تقيلة وهي بتخرج من بوقها، وكأنها نفسها مش قادرة تصدق إنها بتقول كده، بس كان لازم تعرف… لازم تفهم هو شايفها إزاي.

سكت، بصّلها، عيونه كانت غامضه

" انتي حالا انكرتي ده؟!"

" مش يمكن بكدب"

بصلها بصه طويله قبل ما يقول بنبره واثقه 

"لو كنتِ فعلاً زي ما هما بيقولوا… ما كنتيش سألتي السؤال ده أصلاً."

مكانتش متوقعة الإجابة دي، حاولت تتكلم بس لقت نفسها ساكتة، بتاخد كلامه جواها وتحاول تستوعبه

 كمل، نبرته فيها يقين غريب 

"المذنِب مش بيدوَّر على تبرير… ولا بيسأل حد لو كان غلط ولا لا، انتي دلوقتي بتسألي لأنك نفسك مش مصدقة اللي حصل، لأنك بريئة، حتى لو الدنيا كلها شكّت فيكي."

دموعها نزلت أكتر، لكنها المرة دي كانت مختلفة، مش دموع ضعف… كانت دموع حد نفسه يصدق الكلام اللي بيسمعه.

رفعت إيده المجروحة، بصّت فيها للحظة قبل ما تهمس

 "بس ده مش هيغيّر حاجة… هما خلاص حكموا عليّا."

اتنهد، شدّ إيده برفق، بس بدل ما يسحبها بعيد، مسح بيها دموعها وهو بيقول بهدوء 

"وأنا حكمي هو اللي يهمك دلوقتي."

سكت لحظة، وبعدين كمل بنبرة أخف 

"وقولتلك… أنا مصدقك."


رفعت عيونها ليه، لأول مرة من ساعة الليلة الطويلة دي، حسّت إن فيه حد شايفها… حد واخد صفها، حتى وهي نفسها مش عارفة تعمل كده، طلب منها تغير فستانها وتنام، لفتله أيده قبل ما تنفذ كلامه


رحمة كانت واقفة في بلكونة اوضتها سامعه الزغاريد والتهليلات، عينيها مليانة غل، إزاي كل ده يحصل قدامها وهي مش قادرة تعمل حاجة؟ كانت فاكرة إنها حسمت الموضوع وإن ليلى خلاص انتهت، لكن دلوقتي... دلوقتي كل حاجة اتغيرت، عضت شفايفها بقهر، إزاي ليلى تطلع منها سليمة؟ إزاي مراد يتجوزها وكأن مفيش حاجة حصلت؟ معقول اتجوزوا بجد؟ معقول الدم ده دم عذريتها ؟!! دي كانت فرصتها، الفرصة اللي كانت هتدمر بيها ليلى للأبد، وسامر بكل غبائه ضيعها عليها!

رفعت عينيها ناحية البيت اللي بقى فجأة كله فرح، حست بقهر رهيب، وبدون وعي، لقت نفسها بتضغط على إيدها بعصبية وهي بتهمس بحدة "مش هسيبك، حتى لو اتجوزتي، حتى لو الدنيا كلها صدقتك... أنا لسه هنا، ولسه ليا دور!"

وبخطوات سريعة، لفت ودخلت اوضتها، لكن جواها كان بركان، بركان مستعد ينفجر في أي لحظة!


أبو ليلى تحت كان ساكت طول الوقت، عينيه مليانة تفكير وألم، لكن أخيرًا رفع راسه وبص لابون بحدة، وقال بصوت ثابت رغم الحزن اللي فيه "قولتلك ليلى مستحيل أشك في أخلاقها، وبرغم كده، معارضتكش!"

كان قاعد بصمت، بيهز رجله ببطء، كأنه بيحاول يبلع الكلام اللي سمعه، لكن ملامحه كانت متوترة، مش مرتاح.

أبو ليلى كمل بصوت مبحوح لكنه مليان قوة "لإني عارفك، وعارف إنك مهما كان عندك شك، مش هتجبرها على حاجة إلا لو متأكد، بس دلوقتي؟ دلوقتي بقى حقي أسأل... إنت متأكد إنك ظلمتها؟"

عض شفايفه، بص بعيد كأنه مش عايز يواجه كلام ابنه، لكنه مردش.

"مفيش رد، صح؟ لإنك شايف اللي أنا شايفه، ليلى بريئة، وإحنا اتسرعنا، وإنت بالذات اتسرعت!"

رفع الجد عينيه أخيرًا، نبرته كانت هادية لكنها تقيلة "أنا عملت اللي كنت شايفه صح... وعملت اللي يحميها برضو."

ضحك أبو ليلى بسخرية مريرة وقال

"تحميها؟ تحميها من مين؟ من أهلها؟!" ضرب على صدره بايده بألم وكمل "من أبوها؟ من جدها اللي المفروض يكون سندها؟!"

سكت لحظة، خد نفس عميق وقال بهدوء قاتل "أنا وافقت على الجواز عشان ليلى، عشان مش عايز أشوفها محطمة، لكن عمري ما هنسى اللي حصل، وعمري ما هسامح نفسي على لحظة واحدة شكيت فيها فيها، بس الأهم..." بصله مباشرة وقال بجفاء "عمري ما هسامحك، لإنك كنت المفروض تحميها، مش تكون أول واحد يتخلى عنها."


مراد كان ممدد على الكنبة، عينيه مفتوحة وسقف الأوضة قدامه، بيحاول ينام لكن عقله مشغول بكل اللي حصل، مشاعره متداخلة، ما بين الغضب، الاستسلام، والإحساس إنه اتسحب لحياة مكنش مخطط لها

على الناحية التانية، ليلى كانت نايمة على السرير، لكنها زيه، النوم كان آخر حاجة ممكن تيجيلها، دموعها نزلت بهدوء، وكل ما حاولت تكتم شهقاتها، قلبها كان بيصرخ أكتر، مش مستوعبة إزاي حياتها اتقلبت بالشكل ده، إزاي من مجرد بنت عادية بقت زوجة لشخص هيا بالكاد تعرفه، وبالطريقة دي.

بعد لحظات، مقدرتش تتحمل أكتر، قامت من مكانها، لمست زرار الأباجورة، ونورها الدافي انتشر في الأوضة

مراد لاحظ حركتها، غمض عينيه كأنه نايم، لكنه كان سامع أنفاسها المضطربة. وبعد لحظة، سمع شهقة خفيفة.

فتح عينيه بهدوء، لف وشه ناحيتها، وشاف دموعها بتنزل بدون توقف، حست بوجوده فمسحت دموعها بسرعة، لكن صوت شهقتها فضحها

قام من الكنبة، قرب منها بخطوات بطيئة، وهو بيقول بصوت هادي لكنه مليان قلق "في إيه؟ إنتي كويسة؟"

ليلى رفعت عيونها وبصتله، هزت راسها بسرعة كأنها بتحاول تطمنه، لكنها مكنتش قادرة تخدع حد، حتى نفسها.

مراد قعد على طرف السرير، عيونه ماثبتة عليها باهتمام وهو بيقول بصوت هادي "منمتيش ليه لحد دلوقتي؟!"

ليلى بلعت ريقها، عينها هربت منه وهي بتمسح دموعها بسرعة، تحاول تسيطر على صوتها المرتجف وهي بترد "معرفش... مش عارفة أنام."

مراد زفر بهدوء، مسح بكفه على وشه وهو بيقول "متفكريش في اللي حصل، صفي عقلك واسترخي، انسي اخر يومين من حياتك دلوقتي"

بصتله بعدم تصديق، ضحكة قصيرة مليانة سخرية خرجت منها غصب عنها "إزاي؟ إزاي أبطل أفكر؟ حياتي اتقلبت في يوم وليلة، ولقيت نفسي في وضع عمري ما تخيلته... إزاي ببساطة أتناسى؟"

مراد مكنش عنده إجابة، هو نفسه مش قادر يتجاوز كل اللي حصل، لكن نظراته كانت مليانة هدوء غريب، كأنه عايز يطمنها بأي طريقة.

"أنا مش بقولك تنسي، بقولك افصلي دماغك شويه، ولينا قاعده مع بعض، كل حاجه هتكون كويسه"

ليلى عضت شفايفها بتوتر، كانت عايزة تقول حاجات كتير، تشتكي، تصرخ، تعترض، لكن كل ده خلاص ملوش فايدة.

"أنا... حاسة إني تايهة، مش عارفة حياتي رايحة لفين."

مراد قرب منها خطوة بسيطة، نبرته كانت جدية وهو بيقول "وأنا مش هسيبك تضيعي، ولا هسمح لحد يكسرك."

كلماته كانت غير متوقعة، ليلى بصتله باستغراب، مش قادرة تستوعب موقفه، لكنه قام وقف، سحب المخدة بتاعته من الكنبة وقال بهدوء "حاولي تنامي، بكره يوم جديد."

وبدون ما يستنى ردها، رجع للكنبة ونام عليها، سايبها لوحدها وسط دوامة أفكارها


تاني يوم، صحيو على صوت خبط جامد على الباب، ليلى كانت لسه نايمة، بس مراد فاق بسرعة، عدل قعدته وهو بيمسح وشه، شال المخده والغطا ورتب الكنبه وراح يفتح الباب، لقى الخدامة واقفة بصينية فطار كبيرة، بصوت هادي قالت "صباح الخير، الحاجة باعته الفطار."

مراد أخد منها الصينية من غير ما يرد، لكن قبل ما يقفل الباب، سمع صوت زغروطة حادة جاية من بعيد، رفع حاجبه باستغراب، وبص ناحية الممر، لقى مامته جاية بخطوات سريعة وهي بتزغرط، ووشها مليان فرحة

"صباح العسل على عريسنا وعروستنا!"

دخلت الأوضة من غير استئذان، وبدأت تبص حواليها بحماس، أول ما شافت ليلى لسه نايمة، بسطت ابتسامتها وقالت لمراد بصوت واطي بس فيه دلع "طب قوم صحيها"

مراد بص لمامته بملامح جامدة وقال بنبرة هادية "سيبيها ترتاح، امبارح كان يوم طويل عليها."

مامته لوت بُقها وقالت بمزاح "طويل عليها بس؟ مش عليك إنت كمان؟"

مراد مردش، بس لمعة عيونه كانت كافية تخلي أمه تضحك وتقول "ماشي يا سيدي، مش هضغط عليك، بس افطروا كويس، عايزه الاكل كله يخلص"

سابته ومشيت وهي لسه مبسوطة، مراد قفل الباب ولف لقى ليلى فتحت عينيها وبتبصله بشرود "إيه؟ إيه الجو الصاخب اللي صحيت عليه ده؟"

قالت بصوت مبحوح، حاطة إيدها على جبينها كأنها بتحاول تفوق، مراد حط الصينية على الترابيزه وقال بهدوء " دي ماما جايبه الفطار، بس شكلها جايبه للعيله كلها"

ليلى اتعدلت وهيا بتحاول تفوق، مراد قالها " يلا قومي افطري "

ليلى هزت راسها ببطء وقالت بصوت واطي "مش جعانة…"

مراد رفع عينه وبصلها " انا مش باخد رايك، انا بأمرك، مينفعش تقعدي من غير أكل"

ليلى بعدت عينيها عنه وقالت "قلتلك مش قادرة."

مراد مد أيده ليها بلقمه وقال بإصرار " هتقدري دلوقتي"

ليلى بصتله بجمود، لكن لما شافت إصراره ونظراته اللي بتقول إنه مش هيتراجع، سحبت نفس عميق وخدت اللقمة من إيده، أكلتها من غير كلام

مراد ابتسم بنصر وقال بهدوء "شطورة، كلي كمان."

ليلى لفّت وشها الناحية التانية وقالت وهي بتمسح بقايا الأكل من شفايفها "مش هينفع تفضل تفرض عليّا حاجات بالطريقة دي طول الوقت علفكره، مش هقبل"

مراد ضحك بخفة وقال "أنا مش بفرض حاجة، بس لو هتفضلي تتدلعي كده يبقى اه هفرض عليكي، ومجبره تسمعي كلامي لانك بقيتي مراتي، مش مهم ازاي وامتى بس انتي مراتي"

كلامه دخل قلبها بالرغم من حدته، بس مردتش، خدت نفس هادي وكملت فطارها من غير اعتراض، وهي حاسة بنظراته اللي متعلقة بيها طول الوقت


عدى الصمت بينهم للحظات، كان الجو متوتر، ومليان تساؤلات مالهاش إجابة مراد أخيرًا كسر الصمت وسألها بصوت هادي لكنه حاسم "قوليلي... إيه اللي حصل امبارح؟!"

ليلى رفعت عينيها له، ملامحها كانت مترددة، مش فاهمة هو عايز يعرف إيه بالضبط، فسألته بعدم فهم" عايز تعرف ايه بالظبط؟"

مراد ثبت نظره عليها، وقال بجدية " كل حاجة، من أول اليوم."

ليلى بلعت ريقها بصعوبة، كانت مشوشة، الأحداث كلها مختلطة في دماغها، لكنها حاولت تسترجع اللي حصل، وبعد تفكير بدأت تحكيله كل حاجه من اول ما رجعت من شغلها لحد الصور اللي اتصورتلها مع الشاب في الشارع، وأمر جدها انها تتجوز، سكتت فجأة، عيونها سرحت في الفراغ، كأنها بتعيش اللحظة تاني، مراد كان مستنيها تكمل، لكن لما لقاها وقفت فجأة، سألها بهدوء وهو مركز في ملامحها "وبعدين؟!"

مراد كان مستني تكمل، لكن لما شافها سكتت وملامحها بقت متوترة، قرب منها وقال بهدوء "وبعدين؟"

"دخلت أوضتي، كنت مضايقة من كلام جدو، حسيت إني مش قادرة أتنفس، فقعدت على السرير... وبعدها..."

اترددت، كانت حاسة إن في حاجة ناقصة، حاجة مش قادرة تفتكرها بوضوح، مراد لاحظ ارتباكها، قال بهدوء "بعدها إيه يا ليلى؟"

"مش عارفة... آخر حاجة فاكراها إني كنت لوحدي، بعدين صحيت لقيت نفسي... كنت لابسه إسدال مع اني نايمه بهدومي، معرفش ازاي، ولما نزلت لقيت صور ليا مع..."

مراد عقد حواجبه، حس إن في حاجة غلط، حاجة مش راكبة مع اللي حصل، قرب أكتر وسألها بتركيز "بتقولي إنك ما كنتيش في وعيك؟ طيب، شربتي حاجة؟ أكلتي حاجة قبل ما تنامي؟"

ليلى فكرت، كان صعب عليها تفتكر كل التفاصيل، بس هزت راسها ببطء وقالت " لاء، يادوب اخدت برشامه للصداع بس"

مراد ضيق عينيه وسألها بسرعة "برشامة إيه؟"

كملت بهدوء" شادية جابتهالي امبارح وقالتلي إنها هتهديني شويه، بعدها محستش بحاجه تانيه"

مراد عقد حواجبه وركز معاها أكتر، صوته بقى جدي وهو بيقول "نوع البرشام إيه؟"

ليلى حركت رأسها بعدم تأكد، حسّت إنها مش قادرة تفكر كويس، أو يمكن ما اهتمتش وقتها، فتمتمت "معرفش... أكيد مخدتش بالي يعني وأنا فى وضع زي ده، مكنتش مركزة وأكيد مش هركز في البرشام."

هز راسه ببطء وهو بيربط الخيوط ببعض

يتبع........

بارت5


#سوء_تفاهم


ليلى نزلت وقابلت باباها، كان باين عليه الحزن، ولما شافها سألها بلهفة "عاملة إيه يا حبيبتي؟ كويسة؟"

ليلى هزت راسها بإيجاب، فشد على إيدها وقال بحسرة

"سامحيني يا ليلى إني مكنتش أب فعلاً... أنا بثق فيكي ثقة عمياء، بس..."

قاطعتُه بسرعة وقالت بحسم "أنا مش زعلانة يا بابا، وانت بالنسبالي أحسن أب، أنا اللي مكنتش فاهمة إن الدنيا فيها شياطين عايشين وسطنا... صدقني، أنا بخير."

اتنهد وقال وهو بيبص بعيد "يعني مش زعلانة إني مَمنعْتِش جوازك؟"

هزت راسها بنفي وقالت بابتسامة خفيفة "ده نصيبي، وأنا راضية بيه، المهم عندي كان إنك تصدقني مش أكتر، وتعرف إني مش ماشية على هوايا زي ما الناس قالوا."

بصلها بحب وقال "عمري ما صدقت عنك حاجة وحشة، ده أنا اللي مربيكي وعارف أخلاقك، بس لساني اتربط يا بنتي لما شفت الدليل اللي عايروني بيه..."

سكت لحظة وكمل بصوت مكسور "حسيت إني عاجز، إني أبوكي ومقدرتش أحميكي..."

قربت منه وشدت على إيده بحنان "لا يا بابا، انت كنت سندي، وهتفضل سندي، وأنا عارفة إنك مكنتش عارف تعمل إيه وقتها، بس دلوقتي، أنا هنا، وإحنا مع بعض، وكل حاجة هتعدي"

بصلها بحب وعيونه دمعت


ليلى كانت داخلة المطبخ تدور على شادية علشان تسألها عن البرشام اللي ادتهولها، لكن وهي معدّية، قابلت رحمة. حاولت تتجاهلها وتعدي كأنها مش شايفاها، بس رحمة وقفتها بحركة استفزازية وقالت بضحكة جانبية "صباحية مباركة يا عروسة! إيه؟ اتطردتي من أوضتك ولا إيه؟"

ليلى وقفت في مكانها، لفّت ناحيتها وبصتلها ببرود، وقالت بصوت ثابت "دي حاجة متخصكيش... ياريت تخلي لسانك جوه بوقك، ومش عايزة أسمع صوتك طول ما أنا موجودة!"

رحمة بصتلها من فوق لتحت بنظرة كلها تحدي وقالت بنبرة مستفزة "لساني؟ وأنا حرة فيه... ومش لساني بس، أنا حرة في حاجات تانية كتير، بس لسه... هتشوفي، هتشوفي وتعرفي أنا مين، وخلي بالك... حياتك هتبقى جحيم!"

قبل ما ليلى ترد، فجأة، صوت جه من وراهم، صوت بارد بس فيه حزم وتهديد واضح "حاولي... حاولي تضايقيها تاني، أو حتى تقولي كلمة مش عاجباها، وشوفي إنتي هيحصلك إيه... وقتها، هتعرفي مين هو مراد!"

رحمة لفّت بسرعة، عينيها كانت مليانة صدمة وخوف، واتلغبطت وهي بتحاول ترد "أنا... أنا..."

مراد تجاهلها تمامًا، كأنها هوا، وبص على ليلى مباشرة، عينيه فيها اهتمام واضح وهو بيسألها "إيه اللي نزلك يا ليلى؟ لو محتاجة حاجة، كنتِ قوليلي، وهتبقى عندك حالًا"

ليلى بصت لمراد، كانت مستغربة طريقته، بس في نفس الوقت مش قادرة تفهم هو بيعمل كده ليه. حسّت بنظرة رحمة اللي كانت واقفة مترقبة، عينيها مولعة غيظ، فقررت ما تطولش في الكلام. قالت بهدوء " كنت هسأل شاديه على حاجه"

مراد عقد حواجبه وقال بحزم "حاجة إيه؟"

ليلى اتلغبطت للحظة، بس بسرعة ردت " حاجه مش مهمه، هبقى اسألها بعدين"

مراد بصلها شوية، كأنه بيحاول يفهم هي بتفكر في إيه، بعدين قال بصوت واطي بس فيه أمر "ارجعي أوضتك، ولو محتاجه شاديه هبعتهالك"

رحمة كانت واقفة متكتفة، بتبص لمراد بغيظ وقالت بسخرية

"إيه الحنية دي؟ العروسة لسه متعودة على الدلع ولا إيه؟"

مراد لف ناحيتها بنظرة جمّدت الدم في عروقها وقال ببرود قاتل "متخلينيش أضطر أفكّرك بمكانك الحقيقي هنا، فاهمة؟"

رحمة بلعت ريقها، وحاولت تبان قوية، لكنها سكتت، ليلى حسّت بجو التوتر اللي بين الاتنين، بس مكنش عندها نية تقعد أكتر، فمشيت من غير ما تبص وراها، بس كانت حاسة بنظرة مراد اللي فضل متابعها لحد ما اختفت من قدامهم.


رحمة طلعت لامها وهي هتموت من الغيظ، دخلت ورمت نفسها على السرير وقالت بصوت مليان قهر "لو فضلت أكتر من كده، هموت من القهر!"

أمها بصتلها بتركيز وسألتها بهدوء مصطنعه "ليه؟ حصل إيه تاني؟"

رحمة عدلت قعدتها واتكلمت بحدة

"تخيلي يا ماما، مراد بيدافع عنها إزاي! بيعاملها كأنها ملكة، وكأنها أهم حاجة عنده، وأنا.. أنا ولا كأني موجودة!"

أمها سمعتها بهدوء وهي بتفكر، وبعد لحظة ابتسمت ابتسامة خفيفة وقالت "لما نشوف الملكة دي، هتفلت من إيدي إزاي!"

رحمة بصتلها باستغراب وقالت "يعني إيه؟"

أمها قربت منها ومسحت على إيدها كأنها بتهديها وقالت

"إنتي بس هدي نفسك شوية، خليكِ ذكية. بانيله إنك الطيبة والمظلومة، استفزيها من تحت لتحت، خليه هو اللي يشوفها وحشة، خليه يكرهها ويسيبها بنفسه، من غير ما نضطر نعمل حاجة واضحة."

رحمة ابتسمت ابتسامة خبيثة وقالت "فكرة حلوة... أسيبها هي اللي تخسر كل حاجة بإيدها!"

أمها هزت راسها بموافقة، وعيونهم الاتنين لمعت بدهاء وهم بيخططوا للي جاي...


مراد دخل المطبخ بخطوات ثابتة، لكن عيونه كانت مليانة شك. أول ما لمح شادية، نده عليها بصوت هادي لكنه كان حاد بما يكفي يخليها تتوتر.

شادية لفتله بسرعة، قلبها دق بسرعة وهي بتشوف نظرته اللي كانت بتحلل كل حركة منها، قربت منه وهي بتحاول تخبي توترها وسألته "نعم يا بيه؟"

مراد بصلها  بصه طويلة قبل ما يسألها مباشرة "البرشام اللي جبتيه لليلى، كان اسمه إيه؟"

اتوترت أكتر وبلعت ريقها بصعوبة، وقالت بتردد "معرفش اسمه بالظبط، بس فاكرة شكله."

مراد عقد حواجبه وسألها بحدة أكتر "وفين البرشام ده؟"

حست إن الأرض بتتهز تحت رجليها، لكن بسرعة حاولت تخرج من الموقف، وقالت

"ثانية واحدة، هجيبه لحضرتك."

مشيت بسرعة ناحية أحد الأرفف، فتحت درج، وطلعت شريط برشام للصداع. رجعت بسرعة وهي بتقدمه له وقالت

"هو ده، البرشام اللي اديته لها."

مراد أخده منها، لف وخرج من المطبخ، وسابها واقفة مكانها وهي بتحاول تسيطر على رعشة إيديها.


مراد طلع الأوضة بخطوات هادية، لقى ليلى قاعدة على السرير، شكلها كان مجهد، لكنه حس إن فيه حاجة مش مريحة.

قرب منها ومد لها كوباية العصير وهو بيقول بنبرة فيها أمر مستتر "اشربي دي."

ليلى بصتله لحظة، وبعدين خدت الكوباية منه وشربت، من غير ما تناقش أو تسأل. مراد كان بيراقبها وهي بتشرب، وبعد ما خلصت، طلع من جيبه برشامة ومدها لها وهو بيسأل بجدية "دي نفس البرشامة اللي خدتيها امبارح؟"

ليلى خدت البرشامة منه وبصت لها كويس، وبعد ثواني رفعت عيونها له وقالت بتعجب "دي كبيرة أوي... التانية كانت أصغر!"

مراد ضيق عيونه وهو بيستوعب كلامها، إحساس الشك اللي كان عنده زاد، وبدأ يفكر بجدية... فيه حاجة غلط، ولازم يعرف إيه هي

ليلى رفعت عيونها لمراد باستغراب وسألته "انت جبته منين؟"

مراد مسك البرشامة بين صوابعه وقلبها كأنه بيدرسها، وبعدين بص لها وقال بهدوء غامض "هقولك بعدين."

ملامح ليلى شدت وقالت بإلحاح "مراد، لو فيه حاجة لازم أعرفها، قولي دلوقتي."

قرب منها، لمعة خفيفة في عيونه كأن في عقله حاجات كتير مش عايز يصرّح بيها، وبصوت هادي لكنه حاسم، قال "مش دلوقتي، لما أتأكد من حاجة الأول."

حست إن فيه حاجة مش مظبوطة، وإنه مش بيقول كل اللي في دماغه، لكن قررت ما تلحش أكتر… على الأقل دلوقتي.

الباب خبط والخدامة قالت بصوت هادي

"الغدا جاهز "

مراد بص لليلى وقال بهدوء "يلا ننزل."

نزلوا سوا وإيديهم في إيدين بعض، كان الكل متجمع على السفرة، الجو كان مشحون، ورحمه أول ما شافتهم الغيظ كان واضح في عنيها، كانت هتقوم من مكانها وهي بتضغط على المعلقة بغضب، لكن مراد سبقها وقعد، بعدها شاور لليلى علشان تقعد جنبه.

ليلى كانت هتقعد، لكن فجأة لقت عمتها سبقتها وقعدت، سكتت علشان ما تعملش مشكلة، لكن مراد ما سكتش، بص لعمته وقال بصوت واضح "يعني مش شايفاني بشاورلها تقعد؟!"

سهام رفعت حاجبها وقالت بحدة

"تقعد في مكان تاني، أنا قعدت خلاص."

مراد صوته علي وقال بحزم "لا، انتي اللي تقومي وتقعدي في مكان تاني، دي مراتي ومكانها جنبي علطول، فاتفضلي دوريلك على مكان تاني."

سهام بصتله بحدة وقالت "إنت ازاي تكلمني كده؟! بتتكلم معايا كده علشانها؟!"

ليلى حست إن الموضوع بيكبر، فبصت لمراد وقالت بهدوء "خلاص، هقعد في مكان تاني."

لكن مراد بص لها بحدة وقال بصوت عالي

"استني هنا!"

بعدها بص لعمته وقال ببرود "اتفضلي قومي، في كراسي فاضية قدامك."

قبل ما حد يتحرك، الجد جه بصوته التقيل وسأل "فيه إيه؟!"

سهام لقتها فرصة وقالت وهي بتشاور على ليلى "شايف يابا، شايف بيعمل ايه مع عمته علشان دي؟!"

مراد بص لها وقال بحدة

"دي ليها اسم على فكرة، وليها احترام زي ما عايزانا نحترمكوا، واللي يكلمها بطريقة مش عاجباني كأنه كلمني أنا، ومش هسمح لحد يعاملها وحش."

ابو ليلى كان قاعد وكلام مراد عاجبه فمتكلمش،الجد سكت لحظة، وبعدين بص لسهام وقال بهدوء قاطع "قومي يا سهام، هو عايز يقعد جنب مراته."

سهام قامت وهي بتبص لمراد بغضب، قعدت على الكرسي اللي جنبه، ليلى قعدت مكانها، لكن كان واضح عليها التوتر، بصلها مراد بطرف عينه وقال بصوت واطي بس حاسم "متسيبيش حد يهزك، انتي هنا مكاني ومكانك جنبي."

رحمة كانت بتغلي، عضت على شفايفها وهي بتحاول تتحكم في نفسها، لكنها ما قدرتش تسكت، قالت بتهكم "بسم الله ما شاء الله، حب عمرك هو، يعني نسيت كل اللي حصل، عادي؟!"

مراد ساب المعلقه وبصلها بنظرة باردة، وقال "أنا قلت قبل كده، حاولي تضايقيها تاني وشوفي هيحصل ايه."

رحمة سكتت وهي بتحاول ما تبينش خوفها، لكن الكل لاحظ ارتباكها، أما الجد فكان بيتابع كل حاجة  بصمت، وبعد لحظات قال بصوت تقيل "الأكل قدامكم، كل واحد ياكل في هدوء."

بدأوا ياكلوا، لكن التوتر كان واضح في الجو، ليلى كانت حاسة إنها وسط معركة مش عارفة نهايتها، لكنها كانت عارفة حاجة واحدة بس… مراد مش هيسيبها لوحدها وسطهم وده كان مطمنها

أم مراد كانت مهتمة بليلى وبأكلها ورحمة كانت هتموت من الغيظ، عنيها كانت بتولّع وهي شايفة أم مراد مهتمة بليلى كأنها بنتها، بصت لأمها بحزن، وسهام كانت متضايقة جدًا، سكتت شوية وهي بتلعب في الأكل وبعدين فجأة رفعت رأسها وندهت على شادية بصوت هادي

"شادية، هاتيلي طبق شوربة لو سمحتي."

شادية جابت الطبق وحطته قدامها، سهام حركته بايديها ناحية ليلة فوقع على رجليها وكانت سخنه جدا

يتبع......

بقلم بتول عبد الرحمن 

بارت 6

#سوء_تفاهم 


ليلى شهقت بصوت عالي، الألم كان أشد مما تخيلت، حسّت بسخونة الشوربة بتحرق رجلها بقسوة، لدرجة إنها ما قدرتش حتى تحبس دموعها، نطّت من مكانها وهي بتترنّح، كأنها مش قادرة تقف، وكانت على وشك تقع لولا إن مراد كان أسرع منها، بسرعة، لف إيده حوالين وسطها وسندها، صوته كان مليان رعب وهو بيقول بحدة "ليلى!!! انتي كويسة؟!!"

مقدرتش ترد، كانت بتنهج، ودموعها نزلت من شدة الألم، حاولت تبعد عن إيده ووقفت على رجلها، لكن مجرد ما حاولت، صرخت وجسمها اترعش من الألم، الكل قام بقلق وباباها جري عليها يشوفها، قلبه كان بيتقبض وهو شايفها بتترعش، مسك إيدها بحنان وقال بصوت مليان خوف "حبيبتي... رِجلك، وجعاكي أوي؟"

ليلى بالكاد قدرت تهز راسها بإيجاب، كانت بتحاول تمسك نفسها، لكن الألم كان شديد

مراد وقتها خرج من المطبخ وكان معاه ازايز مايه سقعه جدا،  نزل على ركبته قدامها، مسك الزجاجات، وبدون ما يفكر، بدأ يفضي المياه الساقعة على رجلها

"آااااااه!" ليلى صرخت، جسمها كان بيترعش من الألم والبرد اللي ضربها فجأة، بس مراد مسك رجلها بحذر وقال بصوت كله قلق "معلش، استحملي يا ليلى، استحملي، لازم نهدّي الحرق بسرعة!"

"مراد!!!" أمّه صرخت بفزع، لكن مراد كان منفصل عن كل اللي حواليه، مش سامع غير صوت نفسها اللاهث، مش شايف غير وشها اللي بقى شاحب من الألم.

"هتتحسني… هتبقي كويسة، ده وعد…" كان صوته مكسور، مش عارف بيطمنها ولا بيطمن نفسه.

ليلى شهقت من البرودة المفاجئة، جسمها اترعش، لكن الألم بدأ يخف شوية… الدموع كانت لسه في عينيها، لكنها رفعت وشها وبصتله… ولأول مرة، شافت الرعب الحقيقي في عينيه

كان خايف عليها… جدًا.

أبوها بصله باندهاش، ما توقعش يشوف مراد بالحالة دي، مرعوب، متوتر، وعاجز. لكنه برضو لمس في صوته صدق غريب.

أما الجد، فكان ساكت، بيراقب بصمت، وعقله بيدور بأفكار مش هينة.

ليلى كانت هتموت من الألم، مراد شالها وطلع بيها لاوضتهم ومهتمش بكلام حد منهم

ام مراد قامت وطلبت من شاديه تطلعلهم مرهم للحروق


الجو فضل متوتر على السفرة، كل واحد كان بيبص للتاني، لكن العيون كلها كانت متجهة لسهام

الجد ضرب بعصايته على الأرض بقوة وقال بصوت مليان غضب "إنتي عملتي إيه يا سهام؟!"

سهام حاولت تتظاهر بالبراءة وقالت "وأنا عملت إيه يعني؟! الشوربة وقعت بالغلط، مالقيتوش غيري تلوموني؟!"

أم مراد اتكلمت وهي نبرتها واضحة إنها مش مقتنعة بكلامها

"بالغلط؟! سبحان الله، الغلط ده بقى مقصود وواضح أوي!"

أبو ليلى بصلها وقال بصوت هادي لكنه تقيل "أنا ساكتلك وسايب كل واحد في حاله، بس لو حد افتكر إنه يقدر يأذي بنتي يبقى غلطان، واللي هيغلط تاني مش هسكت."

رحمة، اللي كانت قاعدة ساكتة، قالت ببرود وهي بتتجاهل نظراتهم "هو ليه كل حاجة تحصل للهانم تبقى مؤامرة؟! مش يمكن فعلًا حصل غلطة؟"

أم مراد بصتلها وقالت بحدة "لما الغلطة دي تتكرر أكتر من مرة يبقى اسمها حاجة تانية يا رحمة، وإنتي عارفة كويس إيه اللي أقصده."

سهام انفجرت أخيرًا وقالت وهي بتقوم من مكانها بعصبية " لسه جايه وعاملين عليها كده، اومال لو قعدت شويه كمان، هتطردنا وتبرطع في البيت براحتها"

الجد بصلها بحدّة وقال "كلامك ده مش هيعدي تاني، ليلى فرد من العيله دي، واللي مش عاجبه يشوف له مكان تاني."

سهام عضت شفايفها بغضب، قامت من مكانها وهيا بتبرطم


فوق عند ليلى ومراد، ليلى كانت قاعده على السرير حاسه بألم شديد، مراد فضل ماسك رجل ليلى، عينيه فيها رعب واضح، كأنه مش قادر يشوفها بتتألم بالشكل ده، لما المايه هدّت السخونة شوية، مسح رجلها بلطف بفوطة مبلولة بمايه باردة، وبعدين فتح علبة الكريم وبدأ يدهن الحرق بإيده، بحذر كأنها شيء هش ممكن ينكسر

"حاسه بإيه دلوقتي؟" سألها بصوت واطي وهو بيبصلها، بس ليلى كانت مغمضة عينيها وبتحاول تسيطر على الألم.

"لسه... بتوجعني..." صوتها كان مكسور، ودموعها بتنزل من غير ما تتكلم.

مراد فتح فونه ورن على رقم وقال "هاتولي دكتوره حالًا، مش عايز أي تأخير!"


الدكتور وصل وشاديه وصلته للاوضه، خبطت على الباب ومراد فتح وشاف الدكتور 

قاله بحدة، صوته كان مليان استنكار وهو بيقول "نعم؟!"

الدكتور وقف مكانه بثقة ورد بهدوء "أنا الدكتور اللي طلبتوه، قالولي إن في حالة مستعجلة هنا."

لكن بدل ما تهدا الأوضاع، مراد وشه بقى عصبي، لمعت عيونه بغضب وهو بيتقدم خطوة لقدام "دكتور؟! دكتور إزاي يعني؟! وإنت جاي ليه أصلاً؟!"

الدكتور بصله باستغراب وقال "حضرتك مش اللي طلبت دكتور؟! أنا جاي أتابع الحالة..."

مراد قاطعه بصوت أعلى، غضبه بان بوضوح "حالة إيه وكشف إيه؟! إنت عايز تكشف على مراتي؟! إنت بتهزر؟!"

الدكتور اتفاجئ من رد الفعل، لكنه حافظ على هدوءه وقال بجدية "يا أستاذ، أنا دكتور، ودي شغلتي.."

قرب منه بخطوات سريعة وكأنه هيطرده بره البيت بنفسه وهو بيقول "شغلتك دي تخليها لأي حد تاني! محدش هيكشف على مراتي، أنا مش عايز أي دكتور، أنا عايز دكتورة! مش هيكشف عليها راجل، فاهم!"

الدكتور اتنحنح وقال بهدوء "أنا فاهم وجهة نظرك، ولو في دكتورة متاحة تقدر تيجي، مفيش مشكلة، لكن كل دقيقة بتعدي من غير ما نشوف حالتها ممكن يكون ليها تأثير."

"اتصرفوا، هاتوا دكتورة، بس مش انت اللي هيكشف عليها." قالها بصوت قاطع، كأنه مش ناوي يسيب مجال للنقاش.


بعد شويه الدكتوره وصلت، شافت رجل ليلى وكشفت عليها بسرعة، وبعدين قالت بصوت هادي "الحمد لله، الحرق من الدرجة التانية، بس اتلحق في الوقت المناسب، لازم تفضل تحط الكريم، وتغير عليه مرتين في اليوم."

مراد ما تكلمش، كان ماسك إيد ليلى وعينيه لسه مليانة توتر، ولما شاف عيونها بتدمّع تاني، شد عليها أكتر وهمسلها

"أنا هنا، مش هسيبك، متخافيش."

أبوها قرب منها، مسح على راسها بحنان وقال "أنا آسف يا بنتي، كان المفروض أحميكي من البداية."

ليلى بصتله وابتسمت وسط وجعها وقالت بصوت واطي "أنا كويسة يا بابا، متقلقش."


بعد ما الجو هدي والكل انسحب، رحمه عينيها وقعت على حاجة مكنتش متوقعة تلاقيها… تليفون ليلى، كان واقع جنب الكرسي اللي كانت قاعدة عليه.

بصت حواليها بسرعة، اتأكدت إن محدش واخد باله، وبحركة هادية، مدت إيدها وخدته، قلبها كان بيدق بسرعة، بس ملامحها فضلت جامدة، قفلته بسرعة وحطته في جيبها، وبعدها قامت من مكانها ومشيت براحة كأنها معملتش أي حاجة

طلعت على أوضتها، أول ما دخلت، قفلت الباب وطلعت الموبايل، قعدت تتأمله للحظة وهي بتفكر… إيه اللي ممكن تلاقيه فيه؟ وهل دي فرصة ليها إنها تمسك حاجة على ليلى؟ ابتسامة صغيرة ظهرت على وشها وهي بتقول لنفسها بصوت واطي "نشوف بقى يا هانم… مخبية حاجه ولا لاء؟!"

فتحت الموبايل، لكن أول ما الشاشة نورت، ظهر قدامها طلب الباسورد.

عقدت حواجبها بضيق وتمتمت "طبعًا مقفول… مش بالساهل كده."

حاولت تدوس كذا رقم عشوائي بس مفتحش

اتنفست بعمق وهي بتحاول تفكر… هل في رقم ممكن يخطر على بالها؟ تاريخ ميلادها؟ رقم سهل؟ ولا ايه بالظبط؟

رفعت عينيها بتفكير وهيا بتفكر تفتحه ازاي، ملقتش غير حل واحد


رحمة خرجت من البيت من غير ما حد يشوفها 

بعد نص ساعة، كانت قاعدة في محل صغير بعيد عن البيت، قدامها شاب شكله عادي بس واضح إنه فاهم في الحاجات دي.

بص للموبايل وقال "الموديلات دي صعبة شوية، بس هحاول… بس طبعًا مش ببلاش!"

رحمة رفعت عيونها له ببرود وهي بتطلع من شنطتها فلوس وتحطها قدامه "أهم حاجة يتفتح"

الشاب أخد الموبايل وبدأ يشتغل عليه، وبعد حوالي ربع ساعة، الموبايل فتح أخيرًا.

رحمة مسكته بسرعة، قلبت في الواتساب والرسائل، بس ما لقتش حاجة مريبة، راحت على إضافة جهة اتصال جديدة وسجلت رقم غريب باسم "حبيبي"

بعدها، قفلت الموبايل بسرعة، أخدته وشكرت الشاب، وخرجت من المحل وهي حاسه بنشوة الانتصار.


رحمة رجعت البيت وهي ماسكة الموبايل في إيدها، قلبها بيدق بحماس، دخلت على المطبخ، لقت شادية، قربت منها وهمست بصوت واطي "شادية، خدي الموبايل ده ووديه لليلى، قوليلها إنك لقيتيه واقع على الأرض جنب السفره"

شادية رفعت عيونها ليها باستغراب "موبايل ليلى؟ وقع فين ده؟"

رحمة قربت منها أكتر وقالت بإصرار "ملكِيش دعوة بالتفاصيل، قولي كده وخلاص."

شادية اترددت لحظة، لكنها في النهاية خدت الموبايل من إيد رحمة وخرجت من المطبخ.


ليلى كانت قاعده وفارده رجليها، مراد كان قاعد جنبها، باصص عليها بقلق، كل شوية يسألها لو عايزة حاجة.

الباب خبط، ودخلت شادية وهي ماسكة الموبايل في إيدها

" لقيت موبايلك واقع تحت السفرة فقلت أجيبهولك."

مراد أخده منها وشكرها، شادية هزت راسها وخرجت


رحمة قعدت على سريرها، فتحت الموبايل بسرعة وركبت الخط الجديد اللي كانت محضراه من الأول، قلبها كان بيدق بحماس غريب وهي بتكتب رقم ليلى في جهات الاتصال، بعدين فتحت الواتساب وبدأت تبعت رسايل ورا بعض علشان تلفت الانتباه

وقفت لحظة وهي بتبص للشاشة، ابتسامة صغيرة ظهرت على وشها وهي متخيلة رد فعل مراد لو شاف الرسايل دي… الموضوع هيبقى ممتع أكتر مما توقعت.


مراد حطه جنبها على الكومودينو وقعد جنبها وسحب الغطا عليها أكتر، وقال بصوت واطي فيه حنية "نامي دلوقتي، حاولي تتناسي الالم"

ليلى هزت راسها بإرهاق، كانت لسه بتعدل مخدتها لكن صوت اهتزاز الموبايل جنبها خلاها تفتح عينيها بكسل، مدت إيدها وجابته تقفل الصوت، اتفاجئت برسايل كتير ورا بعض من رقم مجهول بس متسجل باسم "حبيبي"

رفعت حواجبها وهي بتفتح الواتساب وتشوف الكلام… قلبها وقع في رجلها وهي بتقرأ

"وحشتيني يا حبيبتي ❤️"

"مش عارف أبطل أفكر فيك"

"مبقتيش تردي ليه من آخر مره؟"

"متقوليش إنك نسيتي اللي كان بينا؟!"

ضربات قلبها سرعت، وشها اصفّر، مش مستوعبة اللي بتشوفه، مين ده؟! وليه بيبعتلها كده؟! كانت لسه هتقفل الموبايل، لكن فجأة سمعت صوت مراد بيسألها

"إيه ده؟!"

يتبع.................

بقلم بتول عبد الرحمن 

بارت 7


#سوء_تفاهم


ليلى لما سمعت صوت مراد اتوترت، عقلها عجز عن التفكير،  مش عارفه تعمل ايه، مدّت إيدها بالموبايل لمراد وهي مغمضة، كأنها بتقول "اللي يحصل يحصل".

مراد خد الموبايل منها، عنيه كانت مشحونة بالقلق، لكن أول ما شاف الإشعارات المتتالية، حاجبه اترفع، ضغط يفتح الرسايل، وقبل حتى ما يقرأ الكلام، عينه وقعت على الاسم اللي متسجل... "حبيبي".

الدنيا سكتت لحظة، أو يمكن عقله هو اللي وقف، نظراته جمدت على الاسم، صدره علي ونزل بنفس تقيل، كأن في نار بتتأجج جواه، قلب في الرسايل بسرعة، كل رسالة كانت بتضغط على أعصابه أكتر

رفع عينه لليلى، ملامحه كانت متشنجة، وصوته طلع واطي لكنه مليان غضب مكبوت "حبيبي؟!"

مراد عينه كانت مسمرة على الشاشة، وكل ما يبص للرقم المتسجل باسم "حبيبي"، الدم بيجري في عروقه أسرع، رفع عينه ليها، صوته كان هادي، لكنه كان مرعب من كتر ما هو متحكم في غضبه.

"إيه ده؟!"

ليلى رفعت كتفها ببرود ولامبالاه وكأنها مش فارق معاها اللي يحصل "معرفش، أنا زيي زيك بالظبط."

مراد ضيّق عيونه، مش مستوعب إنها بتتكلم بالبرود ده، الرقم متسجل باسم حبيبي وهي بتقول معرفش؟!

"بس الرقم متسجل."

هزت راسها ببطء وقالت بنفس الهدوء والاستسلام

"معرفش إزاي."

مراد ضغط بإيده على الموبايل جامد، عقله شغال بأقصى سرعته، يحاول يربط الأحداث ببعضها. 

بعد لحظة، قرر يتصرف بنفسه

فتح الشات، صباعه كان بيجري على الكيبورد بسرعة

عنيه كانت مليانة غضب وهو بيكتب بسرعة، صوابعه بتضغط على الحروف بعنف، الكلمات كانت حادة، جارحة، وساخرة، وكأنه بيقطع أي فرصة للي قدامه إنه يتكلم تاني

بمجرد ما ضغط "Send"، قفل الموبايل ورماه على السرير، نفسه طالع نازل، غضبه مش بيقل، بالعكس، كل ما يفكر في اللي حصل، يحس بنار مولعة جواه.


على الناحية التانية، رحمة كانت قاعدة متحفزة، عينيها بتلمع بالإثارة، قلبها بيخبط في ضلوعها وهي شايفة إن الرسايل اتشافت

ابتسمت بخبث وهي بتقرب الموبايل أكتر لوشها خاصة لما شافته "Typing..." ، مستنية الرد اللي هيفتح لها باب للي جاي

لكن اللحظة اللي استنتها اتحولت لصدمة

الفرحة كانت لسه مرسومة على وشها، لكن أول ما ظهرت الرسالة، اتبدلت ملامحها في ثانية لما قرأت الرساله

وشها احمرّ بغضب، عنيها وسعت، إحساس بالقهر مسكها من قلبها "إيه القرف ده؟!"

رمت الموبايل بعيد، قامت من على سريرها وهي بتحاول تهدي أنفاسها، لكن الغيظ كان مسيطر عليها


مراد قعد وهو متضايق، عينيه كانت سودة من الغضب، قلبه مقبوض، وحالة من التوتر كانت مسيطرة عليه، خد الموبايل، فتح الرقم اللي بعت الرسايل وسجله عنده، عنيه ثابتة عليه كأنه بيحاول يفك شفرة اللي بيحصل.

ليلى صوتها طلع ضعيف وهي بتسأله "إنت بتعمل إيه؟"

مردش، صوابع إيده قفلت على الموبايل بقوة، خد نفس عميق وهو بيحاول يسيطر على أعصابه، وبعدها قام فجأة من مكانه

ليلى رفعت عينيها ليه بقلق، بس قبل ما تنطق بكلمة، كان هو بالفعل بيخرج من الأوضة وهو ماسك الموبايل في إيده.

خطواته كانت تقيلة، مليانة عصبية، خرج وهو مش شايف قدامه غير حاجة واحدة... يعرف مين صاحب الرقم ده، وإيه اللي بيحصل بالظبط

مراد نزل ودخل المطبخ بخطوات سريعة وعنيفة، عيونه كانت مشتعلة بالغضب، ولما شاف شادية واقفة، مسك دراعها بقوة خليتها تأن من الألم.

"موبايل ليلى جبتيه منين؟" قالها بصوت حاد مليان تهديد.

شادية اتوترت، عينيها دارت في المكان كأنها بتدور على مخرج، وقالت بسرعة "لقيته واقع عل....."

ماكملتش، لأنه قاطعها بصوت أعلى

"كدابة! ولو مقولتيش الحقيقة، هتبقى دي آخر دقيقة ليكي في البيت ده!"

شادية شهيقها بقى متلخبط، التوتر كان واضح على ملامحها، لكنه ما استناش، سحبها معاه برا المطبخ وهي بتحاول تفلت.

"رحمة! رحمة اللي قالتلي أوصلهولها وأقولها إني لقيته!" قالتها بسرعة كأنها بتتخلص من حمل تقيل، بس ماكانش كفاية تهرب.

مراد وقف فجأة، بصلها بعين ضيقة وهو صوته بقى أهدى بس أخطر "والبرشام؟"

حست بجسمها بيتجمد، لسانها انعقد، بس حاولت تتحكم في نفسها وقالت بتوتر "معرفش برشام إيه!"

مراد قرب منها خطوة، ضغط على أسنانه وقال بلهجة قاطعة

"مش هعيد كلامي مرتين."

شادية كانت على وشك البكاء، رفعت إيديها بتوتر وقالت بصوت متقطع "بس أنا معرفش إيه البرشام ده، أقسم بالله م اعرف!"

مراد كان خلاص فقد صبره، عينيه كانت سودا وهو بيقول كل كلمة بحدة "اللي طلعتيه لليلى أول امبارح كان برشام إيه؟ ولو كدبتي، أقسم بالله هتقعدي في بيتكوا لحد ما تموتي، ده لو بقى عندك بيت أصلاً!"

شادية بلعت ريقها بصعوبة، حسّت إنها خلاص في آخرها، وقالت بخوف "رحمة! رحمة هي اللي قالتلي أطلعهولها وأديها البرشام ده، وقالتلي أقُولها إنه للصداع، بس والله معرفش حاجة تانية، ده اللي هي قالتهولي!"

مراد بص لها ببرود، كأنها مجرد حاجة مقرفة مش إنسانة، وزقها بعيد عنه باشمئزاز قبل ما يخرج من المطبخ بخطوات سريعة


رحمة عضت شفايفها بغيظ، كل ما تفتكر الرسالة اللي اتبعتت، الدم كان بيفور في عروقها، أكيد مراد هو اللي بعتها، ليلى مستحيل تكتب كلام بالجرأة دي، إحساس القهر كان بياكلها، بس هي مش هتستسلم بسهوله

خدت نفس عميق وهي بتفكر، اللعبة لسه ماخلصتش، ولو ليلى فاكرة إنها كسبت الجولة دي تبقى غلطانة، هتلعب معاها لعبة القط والفار، بس هي اللي هتكون القط، وليلى هتبقى الفار المحبوس في زاوية من غير مهرب، لو اضطرت تآذيها، هتعملها من غير تردد، ولو كان الحل الوحيد هو إنها تموتها... يبقى كده وكده هتخلص منها بأي طريقة.

بسرعة خدت موبايلها، شالت الخط وكسّرته بين صوابعها، ورمته بعيد وهي بتنهج، مفيش دليل دلوقتي، بس هل ده كفاية؟


مراد خرج وهو مغموم، الخطوات كانت تقيلة كأنه شايل جبل على كتافه، بس جواه كان بركان، دلوقتي كل حاجة وضحت، رحمة هي ورا كل ده، بس مش هيسيبها تفلت بسهولة.


فوق، في الأوضة، ليلى كانت واقفة عند الشباك، الهوا البارد بيلعب في خصلاتها، واقفه شايفه مراد وهو واقف تحت وبعدها خرج من البيت، فضلت واقفه مكانها بتفكر هو راح فين وهيعمل ايه؟


عدى حوالي ساعتين وهيا لسه واقفه مكانها، شافته داخل من البوابه وطالع، عينيها كانت متعلقة بالباب، أول ما مراد دخل، حسّت قلبها بيرتاح شوية، كأنها كانت ماسكة نفسها طول الوقت ده ومستنية بس تشوفه عشان تتنفس.

بمجرد ما شافته، قربت منه بلهفة، صوتها كان مليان قلق وهي بتسأله "كنت فين؟"

مراد مردش، بس خطاويه كانت ثابتة وهو بيقرب أكتر، فجأة مد إيده وسحبها في حضنه، ضمّها بقوة كأنه بيحاول يثبت إنها هنا، إنها قدامه

ليلى كانت مذهولة، مستغربة حركته، بس في نفس الوقت، حسّت قد إيه هو متوتر، قد إيه هو مضغوط، وحتى لو مش فاهمة السبب، لقت نفسها بتمد إيديها وبتبادله الضمة، كأنها بتطمنه من غير ما تسأل، بعد عنها ومسك وشها بين ايديه، عينيه كانت مليانة إصرار وهو ماسك وشها بين إيديه، صوته كان هادي، لكنه تقيل، كل كلمة كانت طالعة منه بصدق يخليها تحس بأمان محستش بيه قبل كده.

"ليلى، انتي مهمة أوي عندي، ومهما يحصل، هكون سندك، ومحدش هيقدر يقربلك ولا يأذيكي طول ما أنا موجود."

نبرته كانت فيها وعد مش مجرد كلام، كأنه بيحط جدار بينها وبين أي خطر.

"واللي يفكر يأذيكي، هيشوف مني وش عمره ما شافه، لو الدنيا كلها يا ليلى وقفت ضدك وصدقوا أي حاجة وحشة عليكي، فأنا لاء، عمري ما هصدق حاجة وحشة عنك، وصدقيني، حقك هيرجعلك."

عينيها لمعت بدموع كانت حابسة نفسها من الصبح، ولأول مرة من ساعة ما بدأت المشاكل، حست إنها مش لوحدها، وإن في حد فعلاً مستعد يحارب عشانها

مسح دموعها بحنان، إيده كانت دافية على خدها، وصوته كان أهدى من أي مرة قبل كده

"يلا نامي وارتاحي، ولو احتاجتي حاجة، قوليلي وهتكون عندك."

كانت لسه متأثرة بكلامه، قلبها بيدق بسرعة، لكنها هزت راسها بموافقة من غير ما تتكلم مراد قرب منها أكتر، وكأنه بيطمنها للمرة الأخيرة قبل ما يسيبها، وبعدها اتحرك بعيد وهو بيبص لها بنظرة فيها كل حاجة، حماية، اهتمام، وإحساس مش محتاج كلام.

ليلى راحت للسرير، حست إنها فعلاً تعبانة، مش بس جسدياً، لكن نفسياً كمان، بس كلامه كان زي البلسم على قلبها، لأول مرة من فترة، حسّت إنها في أمان، وإن في حد مستعد يكون درع ليها ضد أي حد يأذيها.


تاني يوم، كانوا كلهم قاعدين على السفرة، الجو كان هادي بس مليان توتر خفي، كل واحد بياكل في صمت، مراد قام بهدوء، راح المطبخ بنفسه، وبعد لحظات رجع وهو شايل طبق شوربة سخنة.

وهو ماشي، قرب من المكان اللي سهام قاعده فيه، وفجأة... الطبق وقع من إيديه، والشوربة اندلقت عليها.

شهقت وهي بتقوم من مكانها، صرخة مكتومة طلعت منها وهي بتحاول تبعد السخونة عن هدومها، رد فعلها مقلش عن ليلى،  كل اللي على السفرة بصوا بصدمة، ليلى برقت وهي مش مستوعبة اللي حصل، كانت هتقوم ، لكن قبل ما تتحرك، مراد مسك إيديها وضغط عليها بخفة

بصتله مستغربة، لقت عينيه ثابتة وهادية، كأنه بيقول لها "متتدخليش" فهمت قصده، فرجعت لقعدتها وسكتت.

أم مراد رفعت حواجبها وقالت بحدة "مراد! إيه اللي عملته ده؟!"

رفع كتفه بلا مبالاة وهو بيرد "غلطات بتحصل... مش كده برضو! غصب عني اكيد"

سهام كانت واقفة مكانها، عينيها مليانة غضب وقهر، حسّت بالسخونة لسه على هدومها، بس اللي كان حارقها أكتر هو الإهانة اللي مراد لسه عملها فيها قدام الكل، مسحت طرف هدومها بسرعة، وبصت له بحدة وقالت بصوت مبحوح من الغيظ "إيه يا مراد؟ بتنتقم ولا إيه؟"

مراد رفع عينه لها ببرود، وبكل هدوء قال "غلطات بتحصل يا عمتو، ما إحنا كلنا معرضين للغلط... مش كده برضو ولا ايه؟"

نبرته كانت مليانة سخرية واضحة، وكلامه كان رد صريح على اللي حصل مع ليلى امبارح

سهام شدّت نفس، حاولت تهدي أعصابها، مش هتسمح لحد يهزّها، رفعت راسها وقالت ببرود "تمام، بس متتخيلش إنك أذيتني، انت اللي هتشوف الأذية قريب."

سهام طلعت أوضتها وهي بتنهج، الإحساس بالسخونة كان حارقها، بس القهر اللي جواها كان أكبر بكتير، دخلت الأوضة بقوة ورمت الإيشارب بتاعها على الكرسي، وفضلت تئن من الألم، ورحمه كانت وراها بتجري بسرعة، مسكتها من دراعها وقالت بقلق " الوجع مهديش؟!"

سهام زعقت فيها وهي بتحاول تمسح هدومها " بقا على اخر الزمن يحصل فيا كده؟ الواد بقى قليل الأدب وواقفلي على الوحدة، وأنا مش قادرة أعمله حاجة!"

رحمه بصتلها بحدة وقالت "لا، تقدرّي! بس مش بالعصبية، لازم تفكري بهدوء، لازم تخليه هو اللي يندم، مش إحنا اللي نتوجع!"

سهام قعدت على طرف السرير، خدودها مشتعلة، ونفسها داخل طالع بعصبية، بصت لرحمة وقالت "أنا مش هسكت، ليلى دي لازم تختفي، بأي طريقة!"

رحمة ابتسمت بخبث وقعدت جنبها وقالت بهمس " هتختفي، بس لازم نهدى كام يوم علشان نعرف نتصرف إزاي كويس المرادي، لازم الأول نخطط كويس اوي"


بعد ما سهام طلعت، الجد ضيّق عيونه وبص لمراد بحدة وقال "غصب عنك؟! من امتى إيدك بقت خفيفة كده؟"

مراد رفع كتفه ببرود وقال "اللي حصل بقى، المهم محدش مات."

أمه بصت له بقلق وقالت "مراد، متتعاملش معاها بالطريقه دي؟"

مراد مسك كوبايته وشرب منها بهدوء وقال "وأنا قلت حاجة؟ حصل اللي حصل وخلاص."

ليلى بصتله، كانت فاهمة إنه قصد يرد اللي حصل امبارح، سألته بصوت واطي "ليه عملت كده؟"

مراد مال ناحية ودنها وقال بهمس "رد اعتبار، واللي جاي أكتر."

عيونها وسعت وهي بتسمع كلماته، حست برعشة خفيفة في قلبها، كان فيه حاجة غريبة في طريقته، مش بس انتقام... لا، ده كان تحذير، وكأنه بيقول لها "أنا مش هسيب حقك، حتى لو اضطريت ألعب بالنار."


عدى كام يوم، ورحمة وسهام بقوا شبه منعزلين، لا بيتعاملوا مع حد ولا حد بيتعامل معاهم، كأن في خط واضح مرسوم بينهم وبين باقي البيت، مراد كان بيعامل ليلى كأنها ملكة، اهتمامه بيها زاد بشكل ملحوظ، وكل تفصيلة في يومها كانت تحت عينه، أمه كمان كانت بتحاول تعوضها، بتعاملها كأنها صاحبة البيت، وكأنها بنتها مش مجرد زوجة ابنها.


رحمة كانت في أوضتها، رايحه جايه بتوتر، كام يوم وفي حد بيراقبها، نظرات غريبة، خطوات مش مفهومة، مين اللي بيراقبها ده وليه.

راحت ناحية الشباك، فتحت الستارة بحركة عصبية وبصت برا، في حد واقف تحت، ملامحه مش واضحة بسبب الضلمة، لكن شكله ثابت في مكانه، وعينه عليها مباشرة.

بلعت ريقها وهي بتحاول تهدى نفسها، بس عقلها كان شغال بأقصى سرعته... الشخص ده مش صدفة، كل ما تخرج تلاقيه في وشها، كل ما تتحرك تحس بيه وراها، كأنه ظلها.

مقدرتش تستحمل أكتر، نزلت بسرعة، عقلها بيصرخ إنها لازم تفهم في إيه، مين الشخص ده وعايز منها إيه، خرجت من البيت بخطوات مترددة، حاولت تتظاهر إنها ماشية عادي، لكنها كانت حاسة بيه، بيحرك خطوته مع كل حركة منها، كل ما تسرّع يسرّع، كل ما تهدى يهدي.

وصلت لمكان فاضي بعيد عن البيت، وقفت، سمعت صوت خطواته بتقرب، قلبها كان بيضرب بسرعة، ورجليها تقيلة كأنها مربوطة بسلاسل،حست لأول مرة إنها لوحدها تمامًا... لو حصلها حاجة، محدش هيعرف هي فين، حاولت تاخد نفس عميق لكن صدرها كان مقفول بالخوف.

وفجأة، لمحته قدامها، وقف ناحيتها، ابتسم ابتسامة خلت الخوف يزيد في قلبها


مراد كان قاعد مع ليلى وعينيه فيها تساؤل غريب، قال بصوت هادي لكنه واضح "عايز أتكلم معاكي."

ليلى رفعت عينيها ليه، ركزت في ملامحه، مستنية تكملته.

قال بهدوء لكن كلماته كانت تقيلة عليها "انتي في حد في حياتك؟"

برقت عيونها بدهشة، مش مصدقة إنه بيسألها سؤال زي ده، هي لسه بتستوعب حياتها الجديدة معاه، وهو بيسألها كأنها في موضع اتهام.

شاف تعبيراتها فقال بصوت أخف "حد في حياتك من الأول... وارد إنه يكون في."

اتلغبطت، مش فاهمة ليه بيسألها السؤال ده، لكن ردت بحدة حاولت تخفي بيها توترها "وانت بتسألني كده ليه؟ انت بقيت جوزي خلاص!"

نبرته فضلت هادية لكنها فيها عمق غريب "لإنك كنتي مجبرة تتجوزيني، يعني دي مش حياتك اللي بتحلمي بيها، أكيد ليكي أحلام تانية، وأنا مش عايز أمنعك عنها."

حست بكلامه بيهزها، كأنها بتمشي على أرض مش ثابتة، سألته وهي بتحاول تفهم "يعني إيه؟"

نظرته كانت ثابته عليها وهو بيقول "يعني اعتبري نفسك متجوزتنيش، قوليلي عايزة تعيشي حياتك إزاي، وأنا هطلقك وكأن مفيش حاجة حصلت."

حست إن قلبها وقع، طلاق؟ ليه؟ عينها لمعت بالدموع اللي حاولت تحبسها، قالت بصوت حاولت تثبته "انت عايز تطلقني؟"

رد بهدوء "أنا اللي بسألك."

قامت من مكانها بسرعة، وقفت قدامه وقالت بصوت متهدج "أنا فعلاً مكنتش بحلم بزوج زيك، ولا بحياة زي دي."

قلبه ضرب بعنف، حس إنه فقدها، لكنه لسه متعلق بكلمة هتقولها، عينه فضلت على ملامحها، وهي كملت بنفس النبرة بس كان فيها إحساس أعمق "لإنك أحلى من أحلامي، لو كنت حلمت بزوج تاني عمره ما هيبقى زيك، انت أكبر من أحلامي."

وسعت عينيه بدهشة، وكأنه مش متأكد إذا كان بيسمع صح، قرب منها، رفع وشها بإيديه، خلاها تبصله مباشرة، وسألها بصوت أهدى لكنه محمل بمشاعر كتير "يعني إيه يا ليلى؟ انتي مش عايزة تتطلقي؟"

هزت راسها ببطء بالنفي، وسألته بنفس الطريقة "وانت؟ عايز تطلقني؟ في حد في حياتك؟"

سكت للحظة بيفكر، لكنه هز راسه بسرعة وقال "لاء، محدش في حياتي... غيرك."

همست بصوت بالكاد مسموع "يعني مش هتطلقني؟"

بص في عينيها مباشرة وقال بحزم "جواب السؤال ده عندك انتي، عمري ما هجبرك على حاجة انتي مش عايزاها."

بصتله لحظات، كأنها بتتأكد من إحساسها، وبعدين فجأة قربت منه وضغطت كفها على صدره، وبعدها ضمته بحركة مفاجئة، كأنها بتجاوبه من غير كلام، كأنه حمايتها وسندها اللي ملهاش غيره

السكون اللي كان في الأوضة اتحول لهالة دافية من المشاعر، مفيش صوت غير دقات قلبهم اللي كانت أسرع من المعتاد ليلى حسّت بحضنه وكأنه الأمان اللي كانت بتدور عليه طول حياتها، وكأنها أخيرًا وصلت للمكان اللي ينتمي ليها.

مراد بص في عينيها، عينيها اللي كانت بتقول كل حاجة من غير كلام، كان شايف فيها حاجات كتير… خوف، تردد، بس الأهم، كان شايف الحب.

مسح على خدها بإيده، بصوت هادي لكنه مليان مشاعر قال "انتي متأكدة؟"

هزّت راسها بنعم، وهي عينها بتلمع بدموع فرح مش حزن.

مراد ابتسم، ابتسامة دافية كلها حب وراحة، وقرب منها أكتر، بصلها بنظرة حب، اهتمام، امتلاك، لمستهم كانت كأنها أول مرة، كأنها وعد جديد بينهم… وعد بالسعادة، بالأمان، وبداية لحياة جديدة

يتبع.......

بارت 8 

بقلم بتول عبد الرحمن

#سوء_تفاهم


ابتسم ابتسامة خلت الخوف يزيد في قلبها، وقال بهدوء

"ممكن أتكلم معاكي شوية؟"

رحمة رفعت عينيها ليه، بتحاول تفسر ملامحه، بس عقلها كان مليان احتمالات مرعبة، الرعب خلى صوتها مهزوز وهي بتقول "عايز إيه؟"

ابتسامته فضلت في مكانها، لكن نبرته كانت جادة وهو بيرد"بصراحة... أنا معجب بيكي، من ساعة ما شوفتك ومش قادر أبطل تفكير فيكي، كنت عايز أتكلم معاكي بس خوفت تفهميني غلط."

رحمة اتجمدت مكانها، اللحظة دي مكانتش متوقعة، كانت متأكدة إنه بيلاحقها لسبب تاني، كانت متخيلة الأسوأ، بس اللي قاله... وقع عليها بغرابة.

فضلت ساكتة، عقلها شغال، بتحاول تستوعب... هل ده بجد ولا بيهزر؟

رحمة بصتله بتركيز، لسه مش مستوعبة اللي بيقوله، قالت بنبرة مشككة "ده بجد؟ إنت أكيد بتهزر!"

ابتسم بخفة، عينه كانت ثابتة عليها بثقة، وقال "أكيد مش ههزر في حاجة زي دي... قولتي إيه؟"

رحمة زمت شفايفها، حسّت إن الوضع غريب، وقالت بتردد

"قولت إيه في إيه؟"

قرب خطوة صغيرة، كأنه مش عايز يخوفها بس برضه عايز يقرب، وقال بصوت هادي لكنه مصمم "في اللي لسه قايلهولك، ردّك إيه؟"

رحمة ابتسمت بس مش عارفة ترد، كان فعلاً فاجئها، مكنتش متخيلة إن كل المراقبة دي كانت علشان كده، قالت بصراحة

"بصراحة... إنت فاجئتني."

اتنهد، كأنه كان مستني ردها بفارغ الصبر، وقال

"آسف لو كنت خوفتك... بس كنت خايف تضيعي مني."

رحمة قلبها دق بسرعة، كلامه كان غريب لكنه لمس حاجة جواها، فضلت ساكتة، مش قادرة تحدد هي حاسة بإيه، لكن في حاجة في الجو بينهما كانت بتقول إن اللقاء ده مش هيكون الأخير.

رحمة أخدت نفس عميق وقالت وهي بتحاول تتحكم في توترها "وأنا مكنتش أعرف إني كنت موجودة أصلاً علشان أضيع!"

ابتسم ابتسامة هادية، كأنه متوقع ردها، وقال "وجودك كان واضح أوي، بس إنتي اللي مش واخدة بالك... أو يمكن مش عايزة تاخدي بالك."

رحمة عضت شفايفها وهي بتحاول تدرس كلامه، كانت متعودة تكون هي اللي بتلعب بالناس، مش حد يلعب بيها، لكنها حست إن الشخص ده مختلف، مش زي أي حد قابلته قبل كده.


ليلى كانت نايمه في حضن مراد، قلبها بيدق بهدوء على إيقاع أنفاسه المنتظمة، رفعت راسها بهدوء، بصتله... ملامحه وهو نايم كانت أهدى بكتير من شخصيته وهو صاحي، كأنه بيتخلى عن صلابته للحظات بس، قربت منه، لمست خدّه بأطراف صوابعها بخفة، وباسته جنب شفايفه، لمسة سريعة لكنها مليانة مشاعر متلخبطة بين الحب والامتنان والخوف من بكرة.

ضمته أكتر، كأنها خايفة يختفي، كأنها محتاجة تحس إنه موجود بجد مش مجرد حلم هتصحى وتلاقيه راح، كانت عارفة إن بينهم حاجات كتير متعقدة، بس دلوقتي، في اللحظة دي، هو كان أمانها الوحيد، وكانت مستعدة تتمسك بيه مهما حصل

مراد حس بلمستها واتحرك بخفة، بس مفتحش عينيه، كأنه مستمتع باللحظة حتى وهو بين النوم والصحيان، ليلى فضلت حضناه، بتحاول تستمد من وجوده القوة والأمان اللي كانت محتاجاهم وسط كل اللي بيحصل حواليها.

حست بضربات قلبه الهادية، وبطريقته اللي بقت غريبة معاها... بين الحماية والاهتمام، وبين الغموض اللي مش قادرة تفهمه، قربت أكتر، همست بصوت يكاد يكون غير مسموع "مراد... أنت معايا، صح؟ مش هتسيبني؟"

فجأة، صوته جه هادي، لكنه كان واضح

"وأنا سبتك قبل كده؟"

فتحت عينيها على وسعهم، لقت عيونه مفتوحة، نظراته فيها حاجة مش قادرة تفك شفرتها، حاجة بين الحنان والسيطرة، مد إيده ولمس خدها بلطف، صوته كان فيه نبرة دفء "عمري ما هسيبك يا ليلى متخافيش، فاهمة؟"

هزت راسها بإيجاب، بس في قلبها كانت لسه متوترة، فيه حاجات كتير غامضة، فيه ناس حوالين حياتها بيحاولوا يدمروها، ومش عارفة هتقدر تواجه كل ده إزاي، لكنها عرفت حاجة واحدة بس... طول ما مراد جنبها، هي مش هتكون لوحدها

مراد كان عينيه مليانة تساؤل، كان عايز يعرف، عايز يسمع منها بنفسه، فقال بصوت هادي لكنه مليان جدية "ندمانة؟"

ليلى رمشت باستغراب، قربت شوية وهي بتسأله بهمس "أندم على إيه؟"

مراد خد نفس عميق، قرب أكتر وقال بصوت واطي كأنه خايف يسمع الإجابة "على اللي حصل بينّا..."

قبل ما يكمل، ليلى رفعت إيديها بسرعة، لمست شفايفه بأطراف صوابعها تمنعه يتكلم، وهزّت راسها بنفي، عينيها كانت مليانة دفء وهي بتقول بصدق "عُمري... بالعكس يا مراد، حسيت بأمان وأنا معاك، انت أكتر واحد حنين عليّا."

نظرته ليها تغيّرت، كأن كلامها هداه، كأنها أزاحت عن قلبه حمل تقيل، مسك إيدها اللي على شفايفه، وباسها بحنان، ابتسامة دافية زينت وشه وهو بيتملى منها.

بهدوء، سحبها لحضنه، حضنها كأنها كل العالم، وهي استكانت بين دراعه، مسحت خدها على صدره وسمعت دقات قلبه المنتظمة، دقات كانت بتطمنها إنها مش لوحدها، وإنها في أمان... في حضن مراد.


رحمة دخلت البيت بهدوء، خطواتها كانت حذرة، كأنها خايفة حد يشوفها أو يوقفها ويسألها أسئلة مش مستعدة ترد عليها، كانت عايزة توصل أوضتها من غير ما حد يحس بوجودها، لكن فجأة خبطت في حد، اتراجعت خطوة بسرعة وهي بتحاول تسيطر على أنفاسها المتلاحقة، رفعت عينيها بقلق... ولقت أدهم واقف قدامها، عيونه مسلطة عليها بنظرة فاحصة.

"انت جيت إمتى؟" سألته بسرعة بصوت متوتر، وهيا بتحاول تدارى اضطرابها.

"كنتي فين؟"

نبرة صوته كانت مش مجرد سؤال، كانت تحقيق صريح، وهو مش ناوي يسيبها قبل ما يعرف الحقيقة.

رحمة بلعت ريقها بسرعة وهي بتحاول تفكر في أي رد يخرجها من الموقف، بصتله ببرود مصطنع وقالت "كنت عند صاحبتي"

أدهم ضيق عيونه وهو بيراقب تعابير وشها، كان واضح إنه مش مصدقها بسهولة.

"صاحبتك؟ وفي الوقت ده؟" قالها بنبرة مليانة شك.

رحمة رفعت حاجبها بتحدي وقالت "أيوه، في الوقت ده، هو أنا لازم أستأذنك عشان أخرج؟"

أدهم قرب منها خطوة، صوته كان أهدى لكنه أخطر "لاء، بس لازم تكوني صريحة، لأن شكلك وتصرفاتك بيقولوا إنك بتكدبي

رحمة حاولت تحافظ على هدوئها رغم إن قلبها كان بيدق بسرعة، فركت إيديها في بعض بتوتر قبل ما ترد "بص، أنا مش في مود تحقيقات دلوقتي، ممكن تسيبني أدخل أوضتي؟"

أدهم وقف مكانه لحظة، كأنه بيقيم رد فعلها، لكنه في الآخر زفر بهدوء وقال بجمود "براحتك، بس خلي بالك... خلي بالك"

وبدون ما يقول حاجة تانية، لف وسابها واقفة، طلعت أوضتها بسرعة وقلبها بيدق بقوة، بس مش من الخوف… من الفرحة. قفلت الباب وراها، وسندت عليه وهي بتبتسم لنفسها، قربت من السرير ورمت نفسها عليه، حست بالدفء وهي بتغرق في أفكارها، اخيرا هتتحب زي ما كانت بتتمنى


تاني يوم، سهام كانت مستعدة تنفذ خطتها اللي بتحضر لها من أيام، دخلت أوضة رحمة، شدّت الستارة خلتت نور الشمس يملى المكان، وبصوت حاسم قالت "قومي، يلا بقى!"

رحمة اتقلبت في السرير بضيق، مغمضة عيونها بتعب "ماما… خمس دقايق كمان، مش قادرة."

شدت الغطا وقالت بحدة "مفيش خمس دقايق! قومي، عرفت هنعمل إيه مع مراد وليلى."

رحمة فتحت عيونها ببطء، اتعدلت وسألت باهتمام

"إيه؟"

سهام ابتسمت بمكر، نظراتها مليانة خبث وهي تقول "هجبلهم اللي يكرههم في عيشتهم."

رحمة رفعت حاجبها بشك، وهي بتحاول تستوعب كلامها "مين؟"

سهام قربت منها وهمست باسم، رحمه ضحكت وقالت " كانت فين من زمان"

"جه الوقت دلوقتي انها تظهر"


ليلى صحيت وفتحت عيونها بتكاسل ومدّت إيدها في الفراغ جنبها… لكن السرير كان فاضي.

رفعت راسها بسرعة، قلبها دق بقلق وهي بتدور بعينيها في الأوضة

"مراد؟"

لكن مفيش رد.

قامت من السرير، مشيت لحد الحمام، فتحته لكنها لقت المكان فاضي برضه، عقدت حواجبها، هو راح فين من غير ما يصحيها؟

الباب اتفتح بهدوء، وظهر مراد وهو داخل بابتسامته الوسعة، شايل صينية فطار مليانة بالأكل.

ابتسملها وقال بنبرة دافية "أحلى صباح على أحلى ليلى في الدنيا."

ابتسمت ليلى تلقائيًا، قلبها اللي كان مقبوض من لحظات دق براحة، بصتله بحب، وهيا حاسه بالأمان اللي ملقتهوش غير معاه.

"صباح النور... كنت فين؟"

قرب منها، حطّ الصينية على الكومود، وقبل ما تقدر تقول حاجة تانية، سحبها لحضنه وهمس عند ودنها " كنت بحضر الفطار لمراتي الحلوه"

ضحكت بخجل، وهي حاسه إن يومها بدأ بأجمل طريقة ممكنة.

ليلى استكانت في حضنه للحظات، بتستمتع بالدفء اللي بيديهولها بدون أي مجهود، رفعت راسها وبصتله بابتسامة حالمة "فطار إيه ده؟ شكله مغري."

مراد شدها بخفة وقعدها على السرير، قعد جنبها وبدأ يحط لها الأكل في الطبق، عيونه متركزة عليها كأنها أهم من كل حاجة حواليه.

"فطار خاص للأميرة ليلى… كله من إيدي."

رفعت حاجبها بدهشة، وقالت بمزاح "إنتَ اللي عملته؟ مش مصدقة، أكيد حد ساعدك."

ضحك مراد وهو بيقرب لقمه من شفايفها "خلاص، ما تصدقيش… بس كُلي، وبعدين احكمي."


بالليل، كلهم كانوا قاعدين في الصالة، الجو هادي لكن فيه ترقب غريب، فجأة، الباب اتفتح ودخلت واحده… واحده قوية، هيبتها سابقاها، حضورها مسيطر وواضح انها شخصيه صعبه

يتبع.....

بقلم بتول عبد الرحمن 

بارت 9


#سوء_تفاهم 


بالليل، كلهم كانوا قاعدين في الصالة، الجو هادي لكن فيه ترقب غريب، فجأة، الباب اتفتح ودخلت واحده… واحده قوية، هيبتها سابقاها، حضورها مسيطر وواضح انها شخصيه صعبه

بمجرد ما ظهرت، وقفوا كلهم احترامًا ليها، لكن السلام كان بفتور واضح… هي مش من النوع اللي الكل بيرتاح في وجوده، ومش بتسمح لحد يتمادى معاها حتى في سلامه، مراد على عكس الباقيين، اتقدم وسلم عليها بحرارة، كان واضح إنه بيكنّ لها احترام كبير، أما ليلى فرفعت إيدها علشان تسلم، لكن ثريا ببساطة مشيت جنبها وكأنها مش موجودة، تجاهلتها تمامًا!

ليلى حسّت بضيق في صدرها، إحساس بالرفض بدأ يتسلل ليها، لكن بخبرتها مع العيلة دي، عرفت تخبي مشاعرها كويس ومتبينش أي حاجة.

سهام استغلت اللحظة، وبابتسامة ظاهرها الود وباطنها الخبث قالت"وحشتينا ياما."

الجد نده على شادية بسرعة وكأنه عايز يقطع أي كلام قبل ما يبدأ "خدي ثريا لأوضتها يا شادية."

لكن ثريا متحركتش، رفعت حاجبها وقالت بنبرة حادة "مش لما أفهم اللي حصل الأول؟"

الجد بصلها بجمود وقال بهدوء حازم " مفيش حاجه مش واضحه ولا مفهومه"

"حفيدي يتجوز من غير فرح كبير؟ ومن غير حتى ما حد يقولي؟ وواحده بيتكلموا عنها ازاي، والأهم من كل ده تبقى مين؟ ملقيتوش غير دي، كان ممكن حد تاني يتحمل فضيحتها غير مراد، مراد ليه عروسه بِكر لسه" صوتها كان قوي، فيه عتاب واضح، لكن كمان فيه غضب مكبوت

مراد كور ايده بغضب، ملامحه بقت جامدة، وعينيه كانت نار، نار غضب وتحدي، نار راجل مش مستعد يسمح لحد إنه يهين مراته، حتى لو كان أقرب الناس ليه.

صوته طلع هادي، بس فيه نبرة تهديد خفية، نبرة رجّعت الصمت للصالة كلها " أولا اللي بتتكلمي عنها دي بقت مراتي، ومش هسمح لأي حد مهما كان مين يقلل منها، اي حد بقا ايا كان، ثانيا جوازنا كان لظروف غامضه، كان عباره عن كتب كتاب بس البلد كلها احتفلت بيه ومحدش قالك عشان انتي بعيده، فكان لازم تعرفي بعدها بفتره على ما الأمور تتظبط، ثالثا محدش اتكلم عنها خالص بالوحش، والسبب في ده " 

وجه نظره لرحمه وسهام وهو بيكمل " هيتحاسب، رابعا ليلى بالنسبالي احسن من ١٠٠ ملكة جمال، اخيرا وليس اخرا، ليلى متفضحتش اصلا عشان الم الفضيحه والكل عرف ده ليلة الدخله، خامسا حتى لو ليلى مكانتش بِكر بالرغم من أنها كانت فدي حاجه تخصني انا وهيا بس "

ثريا رفعت حاجبها، الباقيين كلهم كانوا بيتابعوا الموقف بصمت مشوب بالحذر، حتى الجد، اللي دايمًا صوته بيحسم الأمور، كان ساكت، كأنه مستني يشوف مراد هيعمل إيه.

مراد قرب خطوة، بص لعينيها مباشرة، وكمل بصوت مليان ثبات "أنا اخترت ليلى بنفسي ومحدش اجبرني، فياريت كفايه تعامليني على اني واحد صغير، انا مسؤول بما يكفي عن نفسي"

ثريا ضحكت ضحكة قصيرة، فيها استهزاء واضح، قبل ما تقول "شكلك فعلاً مش واخد بالك إنت بتكلم مين."

مراد بصلها ببرود، وبعدين رد بنفس النبرة الواثقة "بالعكس… أنا عارف كويس أوي أنا بكلم مين، لكن الظاهر إنك إنتي اللي مش واخدة بالك إن مراد اللي كنتي تعرفيه زمان، معادش موجود."

الجد فجأة اتحرك، ضرب الأرض بعصايته، صوته جه قوي وحاسم "كفاية كده! اللي حصل حصل، ومراد اختار… واللي عنده اعتراض يحتفظ بيه لنفسه، واعتقد يا ثريا مش وقته، روحي ارتاحي في اوضتك الأول انتي لسه راجعه من سفر"

ثريا بصتله بنظرة طويلة، قبل ما ترفع راسها بشموخ، وبدون أي كلمة زيادة، مشيت من قدامهم

سهام بصّت لمراد بسخرية قبل ما تسيب المكان وتمشي، وكأنها بتقول له إنها متأكدة إن اللي جاي مش هيكون سهل عليه، رحمة لحقت بيها، مشيت وراها من غير ما تقول ولا كلمة، بس عقلها كان شغال بأفكار كتير.

رحمة دخلت أوضتها بسرعة وقلبها بيدق، قفلت الباب وراها بحذر، وبإيد مرتعشة فتحت موبايلها، فضلت تبص للشاشة لحظات قبل ما تفتح المحادثة اللي بينها وبينه.

ضغطت على اسمه، ورنّت عليه، مستنية تسمع صوته، ثواني قليلة، ورد عليها بصوت هادي لكن فيه نبرة سعادة واضحة "كنت مستني مكالمتك."

رحمة ابتسمت لا إراديًا، وحست بفرحة غريبة، صوتها كان هادي وهي بترد "مش عارفة ليه كلمتك، بس… حسيت إني محتاجة أسمع صوتك"

ضحك ضحكة خفيفة وقال "وأنا مبسوط إنك كلمتيني، كنت بفكر فيكي طول اليوم."

رحمة حست بخجل، بس في نفس الوقت، كان عندها فضول تعرف أكتر عنه، فضلت تتكلم معاه لفترة، وكل كلمة منه كانت بتخلي قلبها يدق أسرع، يمكن لأول مرة تحس إن في حد مهتم بيها بالشكل ده…


مراد أخد ليلى من إيدها وطلعوا أوضتهم، كان ملاحظ إنها مش مرتاحة، ملامحها مكنتش زي العادة، فيها حاجة مخلياها متضايقة، أول ما قفل باب الأوضة، قرب منها وسأل بصوت دافئ لكن حاسم "مالك؟"

ليلى حاولت تبعد عن عيونه، حركت إيديها بعشوائية وقالت بسرعة "مفيش."

رفع حاجبه باستغراب، قرب أكتر وقال بنبرة أقوى " متقوليش أن اللي حصل تحت ضايقك ؟!"

ليلى أخيرًا رفعت عيونها ليه، اتنهدت وقالت بصوت هادي لكنه مليان توتر "جدتك شكلها مش حباني."

قرب منها أكتر، بص في عيونها بتركيز، لمس خدها بطرف صوابعه وقال بصوت هادي لكنه ثابت "مش مهم، المهم أنا… ولا عندك رأي تاني؟"

ابتسامة خفيفة بدأت تتشكل على وش ليلى، ضحكت بخفة وقالت "لاء، معنديش."

مراد ابتسم وهو شايفها بدأت تهدى، لكن بالنسباله ده مكانش كفايه، بص في عيونها بتركيز، حس إنها مترددة، مش بس بسبب جدته، لكن كأنها لسه مش مستوعبة مكانها في حياته، قرب منها أكتر، لمس وشها بإيده بحنان وهمس بصوت دافي "اسمعي يا ليلى، الحب مش حاجة بتيجي في لحظة، وجدتي صعب حد يكسب ودها بسرعة، بس ده ميهمنيش… أنا اللي يهمني انتي، أنا اللي اخترتك، ومش هسمح لحد يأثر عليكي أو يضايقك."

ليلى بصتله بعيون مليانة مشاعر متلغبطة، ابتسامته الهادية كانت كفيلة تطمنها، لكنها قالت بصوت منخفض "بس أنا مش عايزة حد يكرهني، خاصة حد قريب منك."

" ميهمنيش، اللي يكرهك يكرهك واللي يحبك يحبك"

مراد قرب أكتر، لمس خدها بحنية وعيونه غاصت في عيونها، كانت بتبصله بتوتر بسيط لكنه مفوتتش نظرة الحب اللي كانت واضحة فيها، بصوت هادي لكنه مليان شوق همس "أنا عايزك تفضلي معايا كده على طول… قريبة، مرتاحة، ومش شايلة هم حاجة."

ليلى ابتسمت بخجل، حست بدفء كلماته بيلفها، كأنها في مكان آمن، بعيد عن أي حاجة ممكن تزعجها، رفعت إيدها ولمست وشه بخفة وقالت "طول ما انت جنبي، هكون كده."

مراد ابتسم، وكأنه كان منتظر يسمع الجملة دي منها، قرب أكتر، لمس جبينها بشفايفه في قبلة طويلة مليانة حب واحتواء، بعدها همس جنب ودنها "بحبك."

ليلى حست بقلبها بيدق بسرعة، رفعت عيونها ليه وابتسامتها زادت، قربت منه أكتر وهمست "وأنا كمان، بحبك يا مراد."

مراد سحبها لحضنه، حضنها بقوة، وكأنه خايف تروح منه، وهي استكانت بين إيديه، حاسة إنها أخيرًا في مكانها الصح، مع الشخص اللي قلبها اختاره من غير تردد.


تاني يوم، صحيت ليلى على صوت خبط على الباب، كان الصوت متكرر وسريع، كأن اللي برا مستعجل، فتحت عيونها بكسل، لقت مراد بيقوم من جنبها بخطوات تقيلة، راح ناحية الباب وفتحه.

شادية كانت واقفة برا، ملامحها جدية كالعادة، وقالت بصوت هادي لكنه واضح "ثريا هانم عايزاكم تحت."

مراد هز راسه بتفهم، من غير ما يسألها عن السبب ورد باقتضاب "حاضر."

شادية مشيت فورًا، ومراد قفل الباب ورجع لقى ليلى بتبصله بنعاس، صوتها كان مبحوح شوية من النوم لما سألته "في إيه؟"

قعد جنبها على السرير، مسح على شعرها بحنية وقال "تيته طلبت ننزل تحت."

ليلى رفعت فونها، فتحت الشاشة بعين واحدة وهي بتحاول تشوف الساعة، وبصوت متعجب قالت "بس ليه بدري كده؟!"

مراد ابتسم وهو بيعدل الغطا عليها، وقال بنبرة هادية "هي بتحب كل حاجة بمواعيد… الفطار، الغدا، العشا، حتى الكلام له وقت عندها."

ليلى نفخت بخفة وهي بتحاول تفوق، قامت بتكاسل وهي بتتمطى، لكن جواها كان فيه إحساس غريب… هل اليوم ده هيكون عادي، ولا ثريا مستنياها بحاجة جديدة؟


نزلوا لتحت، وكانت السفرة متجهزة بكل أنواع الفطار، العيلة كلها متجمعة كالمعتاد، ليلى قعدت جنب مراد، لكنها حسّت من أول لحظة بنظرات ثريا اللي كانت مركزة عليها، مكنتش مجرد نظرات عادية، كان فيها حاجة مخلياها مش مرتاحة، كأنها تحت اختبار مش مفهوم.

مراد لاحظ توترها، قرب منها شوية وهمس بصوت واطي "مش بتاكلي ليه؟"

ليلى رفعت عيونها ليه بسرعة، وقالت بصوت حاولت تخليه عادي "باكل أهو."

لكن الحقيقة، كانت بالكاد لمست الأكل.

مراد معجبهوش ردها، مد إيده بلقمة وأكلها بنفسه، حركة عفوية منه، بس مكانتش عفوية بالنسبة لثريا.

ثريا بصتله بحدة، اعتراضها كان واضح، وبعد لحظة صمت تقيل، قالت بصوت صارم "معندهاش إيد يعني؟"

مراد رد بهدوء، وكأنه مش شايف ان اللي عمله فيه أي حاجة غلط "مراتي… وحبيت أأكلها، فيها حاجة دي؟"

ثريا رفعت حواجبها وقالت بحدة أكتر "الكلام ده في أوضتكم، لكن هنا… السفرة دي ليها احترامها."

مراد رفع عيونه ليها بثبات، ملامحه مكنتش بتعبر عن أي خوف أو تردد، وقال بجملة زودت غضبها أكتر "مراتي… وأحب أدلعها في أي وقت، وبالنسبالي، هي طفلتي اللي لسه متعرفش حاجة، وأنا باخد بإيدها."

ثريا ضربت كفها في السفرة بعصبية، وقالت بصوت عالي "من إمتى بترد عليا؟!"

الجو اتوتر، بس قبل ما أي حد يتكلم الجد قال بصوت هادي بس واضح "مش عايز أسمع صوت… الكل ياريت يخليه في حاله."

الصمت ساد المكان، ليلى فضلت متوترة، بس جواها كان فيه شعور مختلف… مراد كان جنبها، وده لوحده كان كفاية.

بعد الفطار، ثريا رفعت عيونها ناحية ليلى، وبعد لحظة صمت، قالت بصوت هادي لكنه ماشي بأمر "اعمليلي قهوة."

قبل ما ليلى ترد، مراد دخل في الكلام فورًا، نبرته كانت حاسمة "في ناس هنا لكده."

ثريا رفعت حاجبها بنظرة كلها تحدي، وقالت بثقة "وأنا طلبت من مرات حفيدي… فيها حاجة؟"

ليلى كانت متابعة الحوار، وعارفة إن الموضوع ده ممكن يسبب مشكلة، فقررت تقطع التوتر، وقامت بهدوء وهي بتقول بابتسامة "هقوم أعملها حالًا، بتشربيها إيه؟"

ثريا رفعت كفها بحركة بسيطة وقالت بشموخ "سادة."

ليلى هزت رأسها باحترام، وسألت الباقي "حد تاني عايز قهوة؟"

الكل رفض، فمشيت على المطبخ، بس قبل ما تدخل، كانت نظرات سهام متعلقة بيها، نظرات كلها استمتاع باللي بيحصل. 


ثريا شبكت إيديها ببعض، نظرتها كانت حادة وهي بتسأل مراد مباشرةً "ازاي تتجوز بالسرعة دي ومن غير فرح يليق بيك؟"

مراد كان متحكم في أعصابه، لكنه ردّ بثبات وهو بيرفع حاجبه "الظروف أجبرتنا، بس ده مش معناه إني مش هعملها فرح يليق بيها… لاء، هعمل والناس كلها هتحضره كمان."

ثريا رفعت حاجبها، نبرتها بقت مستفزه اكتر وهي بتسأله "وياترى… إيه الظروف دي بقى؟"

مراد سحب نفس طويل قبل ما يرد بصوت قاطع "دي حاجة تخصنا إحنا بس."

ثريا ضيّقت عيونها، وبصوت بارد قالت "البلد كلها عرفت بالموضوع… وتقول تخصكوا إنتوا بس؟ إزاي؟ إزاي تسمح لنفسك تتجوز واحدة مشكوك في شرفها؟"

في لحظة، مراد وقف فجأة، الكرسي وراه اتحرك مع حركته العنيفة، نظراته كانت نارية وصوته جهوري وهو بيقول بغضب "ليلى أشرف من الشرف نفسه! ودي حاجة أنا متأكد منها… واللي هيجيب سيرتها في حاجة زي كده تاني، يبقى بيعمل عداوة معايا أنا!"

سكون رهيب ساد المكان، حتى الجد بصّ لثريا بحدة، كأن نظراته بتحذرها من الاستمرار… لكن ثريا مردّتش

عبد الرحمن ابو ليلى انسحب بهدوء ورا مراد وهو حاسس ان بنته مع الشخص المناسب، وأنه مفيش داعي يتدخل اصلا طول ما في شخص زي مراد وراها

ليلى كانت واقفة في المطبخ، صبّت القهوة بحذر، لكن صوت النقاش العالي اللي كان جاي من الصالة شد انتباهها، قلبها بدأ يدق بسرعة، وحسّت إن في حاجة غلط بتحصل، حاولت تركز في اللي بتعمله، لكن عقلها كان مشغول بمراد، وبالكلام اللي سمعته من ثريا.

بعد لحظات، بدأ الكل ينسحب من الصالة، الجو كان متوتر، حتى الخدم كانوا بيتحركوا بحذر، ليلى أخدت نفس عميق، قررت إنها لازم تواجه الموضوع بدل ما تهرب منه.

مسكت الصينية بحزم وخرجت من المطبخ، مشيت بخطوات ثابتة لحد ما وصلت لثريا اللي كانت قاعدة في مكانها، ملامحها هادية لكن عيونها فيها نظرة مسيطرة.

ليلى وقفت قدامها، حطت الفنجان قدامها وقالت بصوت ثابت " اتفضلي، اتمنى تعجبك"

ثريا رفعت عيونها وبصّتلها من فوق لتحت، ليلى حمحمت وقالت " ممكن اتكلم معاكي شويه"

يتبع..................

بارت 10


#سوء_تفاهم


ثريا رفعت عيونها وبصّتلها من فوق لتحت، ليلى حمحمت وقالت " ممكن اتكلم معاكي شويه"

مسكت الفنجان واخدت رشفة صغيرة بعد لحظة صمت، قالت بنبرة باردة "وإنتِ عايزة تتكلمي عن إيه بالضبط؟"

ليلى شدت ضهرها، عرفت إنها دخلت معركة كلامية، ولازم تكون قوية فيها.

ليلى اخدت نفس طويل وقعدت على الكرسي لكن ثريا رفعت إيدها بإشارة خفيفة وقالت ببرود "أنا مقولتلكيش اقعدي."

ليلى رفعت عيونها بثبات، حسّت بالتحكم اللي بتحاول ثريا تفرضه عليها، لكنها رفضت تتهز، وقفت بهدوء وقالت بصوت واثق "ميهمش، أنا هقف لو ده اللي يريحك، بس هقول اللي عندي."

ثريا رفعت حاجبها باهتمام، حست إن ليلى مش سهلة زي ما توقعت، فحطت الفنجان على الطاولة وقالت " سامعاكي، قولي اللي عندك."

ليلى أخدت نفس عميق، كانت عارفة إنها لازم تثبت نفسها قدام ست زي دي وقالت "أنا عارفة إن جواكِ أسئلة كتير عني، وعارفة إنك شايفة إن جوازي من مراد حاجة مش مقبولة، بس اللي محتاجة تعرفيه إني بحبه، وهو كمان بيحبني، وإنتِ أكتر واحدة عارفة إن مراد عمره ما بيعمل حاجة غصب عنه."

ثريا ضيقت عيونها، وبنبرة هادية لكن حادة، قالت "الحب حاجة، والاختيار الصح حاجة تانية، وأنا شايفة إنك مش الاختيار المناسب."

ليلى حسّت بكلامها، لكنه زادها إصرار، فابتسمت بخفة وقالت "الوقت هو اللي هيبين، وإنتِ بنفسك هتعرفي إن اختيار مراد عمره ما كان غلط."

ثريا مردتش فورًا، لكنها فضلت تراقبها بنظرات فاحصة، وكأنها بتحاول تقرأ اللي جواها

ليلى حست بكل حرف قالته ثريا، وعرفت إن كرهها ليها مش مجرد رفض، لكنه متأصل في حاجة أعمق، رفعت عيونها ليها بثبات وقالت بهدوء "إنتِ كرهاني علشان أنا حفيدة ضرتك، حقك، بس أنا مأذيتكيش في حاجة، ومش طالبة منك غير إنك تطلعيني من دماغك."

ثريا وسعت عيونها مع كلام ليلى، كأنها اتصدمت من جرأتها، لكنها بسرعة أخفت ده ورفعت راسها بشموخ، بصتلها بحدة وقالت بصوت قوي "إنتِ إزاي تكلّميني كده؟"

ليلى متهزتش، بالعكس، فضلت محافظة على هدوئها وهي بتقول "أنا بقول الحقيقة، مش أكتر."

ثريا ضربت كفها على الكرسي بانفعال، نظرتها كانت نار وهي بتقول بحدة "وإنتي مين أصلاً عشان أحطك في دماغي؟!"

ليلى رفعت حاجبها بخفة، وابتسمت ابتسامة هاديه لكن مليانة تحدي وقالت بثقة "حفيدة ضرتك، ومرات حفيدك."

الكلام نزل على ثريا زي السهم، خلاها تسكت للحظة، لكن نظرتها فضلت مشتعلة، والمعركة اللي بينهم كانت لسه في بدايتها.

ليلى انسحبت بسرعة من قدام ثريا من غير ما تنطق بكلمة، كانت حاسة إن أي رد منها هيزود التوتر، فاختارت الصمت.

مشيت بخطوات سريعة وخرجت من الصاله، قلبها بيدق بعنف، لكن ملامحها كانت ثابتة، أول ما بعدت عن أنظار ثريا، أخدت نفس عميق تحاول تهدي بيه نفسها، لكنها كانت عارفة إن اللي جاي مش هيكون سهل.

ليلى طلعت أوضتها بسرعة، أول ما دخلت قفلت الباب ووقفت لثواني بتحاول تستوعب اللي حصل، قلبها كان بيدق بسرعة، وعقلها مشغول بكلام ثريا اللي كان واضح فيه الرفض التام ليها.

قعدت على طرف السرير وسندت رأسها على إيديها، بتحاول تهدي نفسها "أنا مش لازم أتأثر بكلامها، المهم إن مراد واثق فيا" قالتها لنفسها بصوت واطي، كأنها بتحاول تقنع قلبها قبل عقلها.

لكن رغم كل حاجة، إحساس الوجع كان موجود


بعد فتره مراد فتح باب الأوضة بسرعة، أول ما شاف ليلى قاعدة على طرف السرير وعينيها شاردة، عرف إن كلام ثريا مأثر عليها أو ممكن تكون عملتلها حاجه

قفل الباب وراح ناحيتها، قعد جنبها ومسح على ضهرها بحنية "مالك؟"

ليلى رفعت عينيها ليه وحاولت تبتسم، بس الابتسامة موصلتش لعيونها "مفيش، كنت بفكر بس."

مراد مسك إيدها وضغط عليها بحنان "بتفكري في كلام تيته، صح؟"

ليلى سكتت، بس هو فهم ردها من نظرتها، قرب منها وقال بصوت هادي "اسمعيني يا ليلى، أنا متأكد من كل حاجة بينا، ومش هسمح لأي حد يهزك أو يحسسك إنك مش في مكانك الصح."

ليلى حست بالدفا في كلامه، دموعها كانت على وشك النزول، بس أخدت نفس عميق وقالت "أنا مش عايزة أبقى سبب مشكلة بينك وبين عيلتك يا مراد."

مراد هز راسه بحزم "وإنتِ عمرك ما هتكوني سبب مشكلة، بالعكس، إنتِ الحاجة الوحيدة اللي متأكد منها في وسط كل ده."

قرب منها أكتر، مسح على خدها بإيده، وبصوت كله دفا همس " وحتى لو انتي سبب اي مشكله فعلا وهما معترضيين عليكي ميفرقش معايا، لو اضطررت للاختيار بينك وبينهم هختارك انتي، أنا خلاص يا ليلى بقيت حاسس بالمسؤوليه تجاهك، مش هقدر اسيبك ابدا أو اتخلي عنك"

ليلى أخيرًا ابتسمت، ورغم كل حاجة، حسّت بالأمان وهي معاه، ضمته بكل قوتها وهيا بتتنهد بارتياح


وقت الغداء، ثريا نادت عليهم عشان ينزلوا يتغدوا، ليلى كانت مترددة ومش عايزة تنزل، لسه حاسة بالضغط، لكن مراد لاحظ توترها وقرب منها وهو بيقول بحنان "لو مش عايزة تنزلي، ممكن نتغدى هنا، مش فارقة معايا."

ليلى بصتله بابتسامة خفيفة، مقدرة اهتمامه، لكنها هزت راسها بهدوء وقالت "بلاش، أكيد جدتك عايزة تقعد معاك."

مراد رد بثقة وهو بيقرب منها أكتر "مش مهم، المهم راحتك إنتي."

ليلى حطت إيديها على خده بحب وقالت "لاء يا حبيبي، خلينا ننزل."

غمز لها بابتسامة، وبكل هدوء، مسك إيدها وسحبها معاه لتحت، وهو عارف إن أي حاجة تواجهها، هو هيكون جنبها.

نزلوا لتحت، وكل العيلة كانت قاعدة على السفرة.

ثريا كانت قاعدة في مكانها المعتاد، بتراقب ليلى بنظراتها الفاحصة، وسهام كانت مستمتعة بالموقف، عارفة إنها مشحونه ومش هتسيب الموضوع يعدي بسهولة.

أول ما ليلى قربت من كرسيها، ثريا فجأة بصت لـشادية وقالت بحدة

"شادية، شيلي الطبق ده، العدد كده زايد واحد، مزوداه ليه؟!" 

كانت بتشاور على مكان ليلى

ليلى رفعت حاجبها باستغراب، وقبل ما تسأل، ثريا كملت وهي بتبص لها بقسوة

"أنا مش باكل مع ناس مش من مستوايا، فالأفضل تتعشي في أوضتك."

ليلى حسّت بالإهانة، لكن حاولت تفضل هاديه، عبد الرحمن كان بيستعد للرد لكن مراد سبقه، قام واقف، ونظرته كانت نارية، ضرب بكفه على السفرة بقوة، لدرجة إن الكل سكت فجأة "كفاية!"

نظرته كانت مباشرة على ثريا، اللي لأول مرة ظهر على وشها علامة صدمة.

"أنا احترمتك، وعمري ما رفعت صوتي عليكِ، لكن اللي بيحصل ده مش مقبول."

بص للكل، نبرته كانت حازمة وقاطعة "ليلى مراتي، ولو حد شايف نفسه أكبر منها أو أحسن منها، يبقى هو اللي يسيب السفرة، مش هي!"

ثريا كانت على وشك الرد، لكن الجد قاطعها بحزم "مراد عنده حق، السفرة دي للجميع، ومحدش ليه الحق يهين حد هنا."

ثريا شدّت على إيديها بغضب، لكنها فضلت الصمت.

مراد اتنفس بحدة، عيونه كانت مليانة غضب واضح، باصص لثريا بنظرة قاسية قبل ما يتحرك من مكانه ويمسك ايديها بحزم

بص للكل بنظرة صارمة وقال "أنا مش هقبل الإهانة دي، لا منكِ ولا من أي حد، ليلى مراتي، واللي مش عاجبه يتعامل معايا أنا، مش معاها."

ثريا كانت بتبصله بصدمه، لكن قبل ما ترد، كان مراد بالفعل بيشد ليلى من إيدها وبيطلع بيها لفوق.

ليلى كانت ماشية جنبه، حاسة بكمية المشاعر اللي جواه، غضبه، قهره، وحمايته ليها، لكنها فضلت ساكتة.

أول ما دخلوا الأوضة، مراد ساب إيدها وراح ناحية الشباك، واقف متوتر وواضح إنه بيحاول يسيطر على غضبه.

ليلى قربت منه بهدوء، ولمست دراعه بخفة وقالت بصوت ناعم  "مراد"

لفلها، وكان في عيونه نار، لكنه فجأة شدها لحضنه بقوة، وكأنه كان محتاج يطمن إنها فعلاً معاه، وإن محدش هيقدر يبعدها عنه.

"مش هسمح لحد يهينك، أنا موجود."

ليلى حست بكمية الحماية اللي في صوته، ولفت إيديها حواليه بهدوء، وهمست "وأنا مش هسيبك، مهما حصل"


عدى كذا يوم ومراد كان بيرفض تماما ينزل هو وليلى، طلب منها تفضل في اوضتها واي حاجه تحتاجها هتكون عندها، بالرغم من محاولات الكل إلا أنه كان رافض تماما، وثريا كانت رافضه تتكلم معاه ابدا بسبب تطاوله معاها في الكلام

في يوم، ليلى كانت زي كل يوم حاسه بملل، مراد رجع من برا عيونه كانت فيها إصرار واضح وهو بيقول " عارف انك حاسه بملل وزهقانه، ايه رأيك لو ترجعي شغلك اليومين دول على ما اظبط دنيتي "

ليلى رفعت عيونها له بتردد وقالت بهدوء " بس جدو منعني أروح الشغل."

مراد اتجمد في مكانه لثواني، ملامحه اتحجرت وعيونه اشتعلت بالغضب، قرب منها خطوة وقال بصوت واطي لكنه كان أشبه بالعاصفة "جدك منعِك؟!"

ليلى بلعت ريقها بصعوبة، حسّت بطاقة الغضب اللي بتتصاعد منه، بس فضلت ثابتة وقالت "آه، قال إني طالما متجوزة يبقى مكاني في البيت."

مراد ضحك ضحكة قصيرة لكنها كانت أقرب للسخرية، لف وشه كأنه بيحاول يسيطر على نفسه، وبعدين رجع يبصلها وقال بحدة "وأنا بقا شايف إن مكانك في المكان اللي إنتي تختاريه، ومحدش في الدنيا ليه الحق يمنعك عن حاجة، حتى لو كان ابوكي نفسه مش جدك'

لف وراح على الباب، فتحه بقوة كأنه بيعلن حرب، بصّلها قبل ما يخرج وقال " من بكره تنزلي شغلك، كده كده يومين وهنمشي من هنا"

وخرج وهو عيونه بتلمع بالغضب

ليلى جريت وراه، ندهت عليه بصوت فيه رجاء "مراد! استنى بالله عليك!"

لكن مراد كان مكمل طريقه بخطوات سريعة وثابتة، عناده وغيظه كانوا واضحين في كل حركة منه، نزل السلالم بخطوات عنيفة، وهي وراه بتحاول تلحقه، بس مفيش فايدة.

لما وصل للباب فتحه بعصبية، ليلى مسكت دراعه بقوة، صوتها مليان توتر "مراد، عشان خاطري، مفيش داعي لكل ده!"

مراد لفّلها بحدة، عيونه كانت مشتعلة بالغضب، وصوته كان حاد "إزاي مفيش داعي يا ليلى؟! إزاي وأنا بشوف حد بيتحكم فيكي ويحاول يسلب منك حقك وأنا واقف ساكت؟! أنا عمر ما حد اتحكم فيا، ومستحيل أسمح لحد يتحكم فيكي!"

ليلى حست بقوته، بإصراره، بس في نفس الوقت كانت خايفة من اللي ممكن يعمله. مسكت وشه بين إيديها، قربت منه وهمست برجاء "بالله عليك، مش عايزة مشاكل أكتر، مش عايزة تبعد عنهم أكتر بسببي، مش عايزة أحس إني سبب في أي حاجة تزعلك منهم أو تزعلهم منك"

مراد بصّلها للحظة، صراعه الداخلي كان واضح، كأنه بيحاول يقرر بين الانتقام من عيلته أو حمايتها، شدّ نفس عميق، وبعدين مسك إيدها برفق، ضمها بين إيديه وقال بهدوء نسبي "مش هسيب حقي وحقك، بس عشانك... هحاول أكون هادي."

ليلى ارتاحت شوية، بس كانت عارفة إن الهدوء اللي بيتكلم عنه ده مجرد قناع، وإن العاصفة لسه جوا عيونه، مستنية اللحظة المناسبة علشان تنفجر.

مراد خرج وهي وقفت مكانها بتحاول تستوعب اللي بيحصل، قلبها كان مقبوض وقلقانة من رد فعله، فجأة، سمعت صوت سخريه من وراها "لاء برافو، عجبتيني، سخّني الدنيا وباني للكل إنك بريئة أوي."

لفت بسرعة، شافت سهام واقفة بتبصلها بنظرة كلها تحدي واستفزاز.

"إنتي بتكلّميني أنا؟" سألتها ليلى ببرود، رغم إن جواها كان فيه نار مولعة.

"أومّال بكلم خيالك لامؤاخذة!" قالتها سهام بابتسامة جانبية كلها خبث.

ليلى أخدت نفس عميق وقالت بهدوء "أنا مش هرد عليكي عشان انتي عمتي مش أكتر."

كانت هتمشي، بس فجأة حسّت بإيد بتشدها بقوة، لفت بسرعة ولقت سهام مسكاها وبتضغط على دراعها، قربت منها وهمست بحدة "حتى لو الكل صدّق إنك بريئة، أنا لأ… وهييجي يوم وتقعي فيه!"

ليلى بصتلها بجمود، قلبها كان بيدق بسرعة، بس قبل ما ترد، سمعت صوت بيناديها "ليلى!"

يتبع............

بارت11


#سوء_تفاهم


ليلى لفت بسرعة، كانت أم مراد، حست بالراحه شويه وأنها انقذتها من سهام

"تعالي معايا يا بنتي، كنت عايزة أتكلم معاكي شوية."

ليلى سابت دراعها من قبضة سهام من غير حتى ما تبصلها، مشيت بسرعة ناحية أم مراد، كأنها بتجري على طوق نجاة.

أم مراد خدت ليلى ودخلوا الأوضة، وقبل ما ليلى تنطق، لقتها بتاخدها في حضنها بحنان وبتقول "متزعليش يا بنتي، أنا عارفة إنك مظلومة، وعارفة إن البيت ده صعب، بس أنا جنبك، ومش هسمح لحد يضايقك، على قد ما اقدر هحاول"

ليلى حسّت أخيرًا إنها مش لوحدها، وإن في حد في البيت ده بيحبها بجد…

ليلى فضلت في حضن أم مراد شوية، لأول مرة من ساعة ما دخلت البيت ده، حست بدفا حقيقي، حست إن في حد شايفها بجد، مش مجرد حد جاي يقيمها ويحكم عليها.

رفعت راسها وبصتلها بامتنان وقالت بصوت مهزوز "أنا مش عارفة أشكرك إزاي… بس بجد وجودك فرق معايا أوي."

أم مراد ابتسمت لها بحنان وربّتت على إيديها بحنان وقالت بصوت هادي لكنه مليان حزن "أنا عشت في البيت ده سنين طويلة… كنت صغيرة وضعيفة، ومحدش كان بيسمع صوتي، دايمًا مظلومة، بس كنت أسكت… يمكن لأنهم كانوا أقوى، ويمكن لأن محدش كان مهتم يسمعني أصلاً."

ليلى بصتلها باهتمام، لأول مرة تشوف الوجع في عينيها بوضوح، سألتها بخفوت "بس ليه كنتي ساكته؟ "

أم مراد ابتسمت ابتسامه باهتة وقالت "كنت مفكره إن ده الطبيعي… وإن الست مالهاش حق تتكلم، بس مع الوقت فهمت إن السكوت هو اللي بيخلينا ضعاف، هو اللي بيخليهم يفتكروا إننا مجرد جزء من الأثاث، مش بني آدمين ليهم مشاعر وأحلام."

سكتت لحظة، وبعدين بصت لليلى مباشرة وقالت بحزم "أنا مش عايزاكي تبقي زيي، مش عايزاكي تسكتي وتعيشي تحت رحمة حد، أنتِ ليلى، ليكى كيانك، ليكى شخصيتك، ولو سكتّي، هتفضلي تندمي طول عمرك."

ليلى حسّت بكلامها جوة قلبها، بس القلق كان لسه جواها، قالت بهمس "بس أنا مش عايزة مشاكل، مش عايزة مراد يعادي الكل عشاني."

أم مراد شدت على إيديها وقالت بثقة "مراد ابني راجل بجد، بيعرف ياخد حقه، وبيعرف يحمي اللي بيحبهم… متخافيش، هو عمره ما هيسمح لحد يدوس عليكي، ده هياخد حقك حتى اللي راح"

أم مراد سكتت لحظة، كأنها بتجمع شجاعتها عشان تقول حاجة كانت جواها من زمان، وبعدها بصت لليلى وقالت "ثريا ست قوية… شديدة جدًا، وعمرها ما بترحم حد، حتى أقرب الناس ليها."

ليلى بصتلها بتركيز، مستنية تكمل، فأم مراد كملت بصوت هادي لكنه تقيل بالحكايات القديمة "أنا من يوم ما دخلت البيت ده، وأنا عارفة إني لازم أسمع الكلام، ولازم أنفذ كل حاجة من غير اعتراض، لأنها ما بتحبش حد يعارضها، ولو حد عمل كده… بتعرف كويس أوي إزاي تذله، وتكسره كمان."

ليلى سألت بقلق "بس إيه اللي خلاها كده؟ ليه بالشدة دي؟"

أم مراد ضحكت ضحكة مالهاش فرحة وقالت "القوة… لما حد يفضل ماسك القوة طول عمره، بيخاف يسيبها، ثريا مسكت العيلة من ساعة ما اتجوزت جدك ومحدش قدر يقف قدامها، طول عمرها بتحب السيطرة، ومش بتسمح لحد يخرج عن اللي هي عايزاه."

ليلى حسّت برجفة في قلبها، سألت بهدوء "وإنتي؟ عمرك ما حاولتي تاخدي حقك؟"

أم مراد بصتلها بعيون حزينة وقالت "حاولت… بس كنت لوحدي، ومحدش وقف معايا، ولا حد سمعني… بس إنتي مش لوحدك يا ليلى، معاكي مراد، ومراد مش هيقبل إنك تعيشي نفس اللي أنا عشته."

ليلى سكتت، لكنها كانت حاسة إن الأيام الجاية مش هتكون سهلة، خصوصًا لو ثريا قررت تدخل حياتها أكتر من كده، كانت عندها اسئله كتير جدا، لسه في أمور غامضه بالنسبالها


مراد وصل للمصنع وهو مبيفكرش غير في حاجة واحدة، ليه منعوا ليلى من شغلها؟ دخل المكان وهو ماشي بخطوات تقيلة وواضحة، والعمال كانوا بيبصوله باستغراب، لأنه عمره ما كان ليه دخل بالمصنع.

أول ما دخل المكتب الرئيسي، لمح جده قاعد بيتكلم مع حد، لكنه وقف لما شاف مراد، رفع حاجبه وقال ببرود "مراد، إيه اللي جابك هنا؟"

مراد رد بنفس البرود "جيت أسأل ليه منعت ليلى من شغلها؟"

جده سابه واقف ومردش، وكأنه بيتجاهله تمامًا، لكن مراد ما استناش وقال بصوت أعلى "مش من حقك تمنعها عن حياتها، دي شغلها ومستقبلها، ليه تتدخل بالشكل ده؟"

جده بص للراجل اللي قدامه وقال" نكمل كلامنا بعدين؟" 

الراحل انسحب وقبل ما يرد، باب المكتب اتفتح، ودخل أبو ليلى أول ما شاف مراد اتفاجئ، لكنه حافظ على هدوئه وقال "خير يا مراد؟ مالك داخل كده؟"

مراد لف ناحيته بعينين مليانة غضب وقال "أنا اللي أسألك، إزاي تسمح لبنتك يحصل فيها كل ده وتسكت؟ إزاي تقبل تتظلم قدامك؟"

أبو ليلى شد نفس عميق وقال بهدوء مصطنع "مراد، في حاجات مش بتتفهم بسهولة، وده احسن من المشاكل"

مراد اتحرك خطوة ناحيته وقال بنبرة تهديد "مشاكل إيه؟ بنتك بتتظلم وساكت؟ ليلى مش لوحدها، وأنا مش هسكت، ولو إنت قابل، فأنا لأ!"

أبو ليلى سكت لحظة، وبعدين نزل راسه بأسف، كأنه مش قادر يواجه نظرة مراد الغاضبة

مراد ضيق عينيه وهو بيتابع ردة فعله، حس بغليان في دمه، إزاي راجل يسكت على ظلم بنته؟

بص له بحدة وقال "يعني إنت عارف إنها مظلومة وساكت؟! إزاي؟! إزاي تقبل ده؟!"

أبو ليلى فضل ساكت، كأنه مش لاقي رد.

مراد هز رأسه بسخرية وقال "للدرجة دي خايف منهم؟! للدرجة دي بنتك ما تفرقش معاك؟!"

رفع أبو ليلى راسه أخيرًا، وعينه كانت مليانة وجع " انا اكتر واحد خايف عليها، ولو مكنتش اعرف انك هتحميها كنت خدتها ورجعنا مطرح ما جينا، دلوقتي انت اللي هتاخد دوري، بس لازم تاخد بالك كويس، انا مش هتحمل خسارتها"

بصله بحده وقال " يعني ايه اخد بالي؟ مين اللي ممكن يأذيها اصلا"

ابو ليلى سكت تماما، جده اتكلم وقال " انت جاي تحاسبنا؟!" 

مراد بصله وقال بحدة "أنا مش جاي احاسب ولا حتى استأذن، ليلى هترجع شغلها، ومحدش له كلمة عليها غيري، وده اخر كلام عندي"

جده رد ببرود "وأنا قلت لاء"

مراد ابتسم بسخرية وقال "هنشوف بقى مين كلمته اللي هتمشي في الآخر."

وبدون ما يستنى رد، لف وخرج من المكتب بخطوات واثقة، وهو واخد القرار إنه مش هيسيب حق ليلى مهما حصل.


ليلى سألت ام مراد بتردد "طب… هي ليه أصلاً مشيت؟"

أم مراد رفعت عينها ليها، التردد كان واضح عليها، وكأن السؤال ده كان محرم، حاجة المفروض تفضل مدفونة.

لكن ليلى ما استنتش، كملت بفضول أكتر "وإزاي سمحت لجدو يطلقها؟ يعني… مش المفروض كانت تحارب؟ العيلة دي كلها واضح إنها بتحب السيطرة، إزاي سابت اللي حصل يعدي كده؟"

أم مراد أخدت نفس عميق، بانت على وشها ابتسامة حزينة، كأنها بتفتكر حاجة بعيدة، حاجة كانت محفورة جواها سنين طويلة "مش كل الحروب تنفع تتخاض يا ليلى… وأحيانًا، الهروب بيكون الحل الوحيد."

سكتت لحظة، كأنها بتوزن كلامها قبل ما تقوله، قبل ما تاخد قرار إذا كانت فعلاً هتحكي ولا لاء

"ثريا مش واحدة بتتهزم بسهولة، لكن اللي حصل وقتها… كان أكبر من أي عناد، أكبر من أي قوة، وأكبر حتى من إنها تحاول تقاوم."

ليلى حسّت إن الحكاية أعمق بكتير من مجرد طلاق، وإن وراها سر… سر تقيل جدًا

"طب… إيه اللي حصل؟"

أم مراد بصتلها نظرة طويلة، وبعد لحظة صمت… قررت تحكي

"هي السبب في موت جدتك."

ليلى اتجمدت في مكانها، قلبها وقع في رجلها، حسّت إن الكلام مش داخل عقلها، مش قادر تستوعبه، عينيها وسعت بصدمة وهي بتقول بصوت متقطع "إنتِ بتقولي إيه؟!"

أم مراد معلقتش، وكأنها بتفكر في الماضي اللي حاولت تنساه لسنين.

"جدتي… ماتت بسببها؟ إزاي؟!"

أم مراد رفعت راسها أخيرًا، عيونها كان فيها خليط غريب من الحزن والغضب، كأنها مش قادرة تحدد مشاعرها ناحيتها حتى بعد كل السنين دي.

"مقدرتش تتقبل إن جوزها يتجوز عليها… كانت شايفة نفسها الوحيدة في حياته، ومعرفتش تتعامل مع الوضع… يادوب سنة عدت، وسمعنا إنها ماتت."

ليلى كانت لسه مصدومة، عقلها بيرفض يستوعب إن واحدة بالهيبة دي ممكن تكون قاتلة، لكن أم مراد كملت كلامها بنفس النبرة الهادية اللي بتخوف أكتر من العصبية "ولما جدك عرف إنها السبب، طلقها وطلب منها تمشي، بس مشيها مش كان كفاية، حذرها إنها لو قربت من أبوكي محدش من عيالها هيشوف ورث، عشان كده مقربتش منه لدلوقتي، بس......"

كانت لسه هتكمل، بس فجأة سكتت، كأنها استوعبت إن اللي بتقوله كبير، ووجود ليلى في النص مش هيكون في صالحها لو عرفت أكتر، خصوصا اللي جاي

ليلى فضلت ساكتة، مش قادرة تنطق… ممكن توصل القسوة والغيرة بالواحد لكده؟ للدرجة دي؟!

ليلى بصتلها بتركيز، عقلها مش قادر يهضم الكلام اللي سمعته، بس فضولها كان أقوى منها، فسألت بسرعة "كنتي هتقولي إيه؟ كمّلي!"

أم مراد خدت نفس عميق، وبعدها قالت بحزم وهي بتبص بعيد عنها "كفاية لحد كده، مش هقدر أقولك حاجة تانية، بس خدي بالك منها… هي وسهام، ثريا مستحيل تسمح إن كل الورث ده يبقى ملكك، مراد وأبوكِ هما الورثة الكبار، وكل اللي باقي بنات… تفتكري ليه رجعت؟ أكيد مش هتسيبك في حالك، وهتحاول تفرّق بينك وبين مراد… وجودك مرفوض عندها يا ليلى، مستحيل تتقبّله!"

ليلى حسّت بقلبها بيتقبض، ليه كل ده؟ هي مش في دماغها الورث، ولا أي حاجة من اللي بيتكلموا عنها! بصتلها بذهول وقالت "يعني ده سبب كرهها ليا؟"

أم مراد هزّت راسها بثبات، وعنيها كان فيها تحذير واضح "أكيد… ومش بس كده، لو قدرت تتخلص منك، هتعملها من غير تردد، زي ما عملت في أي حد وقف في طريقها."

الكلام كان تقيل، وقع على قلب ليلى كأنه حجر، اتخشبت في مكانها، وبعد لحظة سألت بصوت متردد مليان خوف "قصدك إيه؟… هي قتلت حد غير تيتة؟"

أم مراد فجأة وشّها اتغير، كأنها استوعبت إنها قالت حاجة مش لازم تتقال، فحاولت تتراجع بسرعة وقالت وهي تبعد عينيها عنها "لأ! أنا قصدي عموماً… يعني، إنها مستعدة تعمل أي حاجة لو حسّت إنها مهددة."

ليلى حست أن كلامها ناقص، اكيد في حاجات تانيه، بدأت تربط الأحداث ببعض وحست انها مش متحمله كل الكلام ده


رحمة كانت قاعدة على سريرها، الموبايل في إيديها وعينيها فيه، بتضحك بخفة وهي بتسمع كلامه، بقا هو كل وقتها، كل تفكيرها، بتهرب من كل حاجة حواليها بالكلام معاه.

"بجد؟ طب ماقولتش كده ليه من الأول!" قالتها وهي بتضحك، صوتها كان مليان حماس وهي بتسمع صوته من الناحية التانية.

"أنا بحب أسمعك وإنتِ بتتكلمي، بحب ضحكتك."

سكتت لحظة، حسّت قلبها دق بسرعة، ده كان أول حد يقولها كلام زي ده، أول حد يحسسها إنها مهمة، إنها مش مجرد حد عادي.

"وأنا كمان بحب أسمعك..." قالتها بصوت واطي وهي بتبتسم، ومكملة كلامها معاه، ناسية كل حاجة تانية

سهام دخلت الأوضة من غير استئذان، ورحمه بسرعة قفلت الموبايل وحطته جنبها، رفعت عينيها بغضب وقالت "إيه يا ماما! مش في باب؟ تخبطي قبل ما تدخلي!"

سهام بصتلها بنظرة سخيفة، شفتها اتعوجت بسخرية وهي بتقول "باب مين يا أم باب؟ الله يرحم، هو احنا بقينا أغراب عن بعض؟"

رحمة حاولت تسيطر على انفعالها، بس ملامحها كانت واضحة إنها متضايقة. قالت ببرود وهي بتقوم تقف "مش موضوع أغراب، بس من باب الاحترام يعني."

سهام ضحكت بسخرية أكتر وقالت "احترام؟ هو إنتِ بقيتي بتتكلمي عن الاحترام؟ وبقيتي مخفية في أوضتك على طول كده ليه؟ شيلتي مراد من دماغك يعني؟"

رحمة رفعت عينيها بضيق وقالت ببرود وهي بتحاول تبين إنها مش مهتمة "ما هو اتجوز، أعمله إيه يعني؟"

سهام ضحكت ضحكة خفيفة، قربت منها وهي بتقول بصوت مليان خبث "نعم ياختي؟ أومال مين اللي هيوقعه؟ انتي ناسية ولا إيه يا روح أمك إن مراد هو الوريث الوحيد بعد خالك؟"

رحمة حست بجملتها بتنور في دماغها، لمعت عينيها للحظة، لكن بسرعة خبّت أي تعبير على وشها وقالت بحذر "وإنتي عايزاني أعمل إيه يعني؟"

سهام قعدت جنبها، ومسكت إيدها بحنية مصطنعة وقالت بصوت كله دسائس "الفرصة لسه في إيدك، متستسلميش بسهولة يا بنتي... مراد مش هيبقى لليلى، مراد ليكي إنتي، بس تعرفي تلعبيها صح!"

رحمة بلعت ريقها، دماغها شغالة بأقصى سرعة، بس هل تقدر فعلاً تلعبها بالطريقة اللي أمها عايزاها؟

اتنهدت بضيق وقالت بصوت مليان إحباط "طب ما إحنا حاولنا، بس إديكي شايفة هو بيعمل إيه عشانها... ده مش شايف حد غيرها أصلاً!"

سهام ضيقت عينيها بدهاء، قربت أكتر من بنتها وهمست بكلماتها المسمومة "يبقى نخلص منها."

رحمة رفعت عينيها بصدمة خفيفة، قلبها دق بسرعة، لكن أمها كملت ببرود قاتل "وخاصة إن ستك أصلاً مش حباها، زي ما خلصنا من أمها وستها، نخلص منها هي كمان، أكيد أمي مش هتقول لأ، بالعكس دي هتساعدنا كمان."

رحمة بلعت ريقها بصعوبة، عقلها بدأ يستوعب اللي أمها بتقوله، بس قبل ما تنطق، سهام كملت وهي بترسم صورة المستقبل قدام بنتها "وبكده جدك هيجبره يتجوزك، وساعتها تخلفيله عيل ويبقى كل العز ده بتاعك... كله في إيدك، يا إما تاخديه، يا إما تسيبيه لليلى تعيش فيه وإنتِ اللي تندمي!"

رحمة فضلت ساكتة، عينها مليانة تفكير، قلبها ينبض بقوة... هل هتوافق؟

رحمة قعدت على سريرها وهي سرحانة، عينها متعلقة بالسقف وعقلها مشوش بين حاجتين... مراد، اللي كانت دايمًا شايفاه حلم حياتها، واللي عمره ما شافها، ولا الشاب اللي بقى شاغل وقتها مؤخرًا، واللي كل ما تكلمه تحس معاه براحة غريبة.

حست بجسمها بيتقل، وكأن قرارها هيغير حياتها للأبد، هل هتمشي ورا كلام أمها وتحاول تبعد ليلى عن طريقها؟ ولا هتنسى مراد وتكمل حياتها مع حد تاني؟

كل حاجة قدامها كانت ضبابية، وكل خيار فيهم كان ليه تمن، بس هي ماكانتش عارفة هي مستعدة تدفع تمن إيه بالظبط!


مراد رجع البيت وعينه فيها تصميم واضح، قراره اتاخد، لازم هو وليلى يمشوا من هنا، هيواجه صعوبة؟ أكيد، بس مش هيسمح إن ليلى تعيش نفس الظلم اللي أمه عاشته طول حياتها.

يتبع.........

بارت 12


#سوء_تفاهم 


دخل الأوضة وهو شايل همه على اكتافه، لقى ليلى قاعدة على السرير، كانت سرحانه في الكلام اللي سمعته، الصدمه لجمتها انهارده، هل أيامها معدوده ولا مراد مس هيسمح لحد يأذيها، تفكيرها خلاها مش حاسه بحاجه حواليها ولا بمراد اللي دخل 

أول ما شافته، جريت عليه بسرعة، حضنته بخوف، هو ضمها جامد وحاول يهدّيها، دموعها نزلت وهي مش قادرة تفهم إيه اللي بيحصل، لكن الخوف كان أكتر شعور حساه في اللحظة دي.

سألها بلهفة "مالك؟ حد ضايقك؟"

قالت له بانهيار "أنا خايفة يا مراد، أنا مش عايزة حاجة من الدنيا غيرك، مش عايزة حاجه خالص، وحتى شغلي مش عايزاه، مش عايزاك تعمل مشاكل مع حد من العيلة دي، عشان خاطري يا مراد، أنا عايزة أعيش حياتي معاك، عايزة ألحق أكون معاك، تعالي نسيب كل حاجه هنا ونمشي، وبابا ييجي معانا، مش عايزة حاجة هنا، لو بتحبني فعلاً، عشان خاطري."

مراد حسّ بوجع عميق في قلبه، اتنهد وكأنه عايز يحس بوجودها أكتر، مسك وشها بين إيديه، رفعه وبص في عينيها، وصوته طلع مليان قلق شديد وهو بيقول "اهدي، اهدي بس، إيه اللي حصل؟ حد كلمك أو قالك حاجة؟ مالك فيكي ايه؟"

عيونها مليانة خوف، قالت برعشه " مراد، انا مش عايزه اكون هنا، انا خايفه، عايزه امشي من هنا، مستعده اعيش معاك حتى لو في خرابه بس نمشي من هنا، عشان خاطري يا مراد"

" ليلى في ايه، حد ضايقك طيب، ردي عليا"

سألها بقلق

هزت راسها وقالت "لاء، محدش قالي حاجة، بس أنا خايفة يا مراد، ممكن يحاولوا يموتوني، وأنا خايفه"

مراد كان مش مصدق احساسها ده، وايه سببه، قرب منها أكتر، شدها ليه جامد، وقال بصوت حازم "محدش يقدر، طول ما أنا معاكي محدش يقدر، أنا هنا اهو."

لكن ليلى كانت متوترة أكتر، عيطت وحست إنها مش قادرة تلاقي مكان للأمان، قالت له مرة تانية بصوت ضعيف "طب نمشي من هنا، مراد… نمشي، بالله عليك"

مراد بص في عيونها، كانت مليانة خوف وعزيمة، قال بهدوء وحزم "هنمشي، وحياتك عندي هنمشي، انتي أهم حاجة عندي، واي حاجة تانية مش هتفرق، مكان ما تروحي، أنا هروح معاك."

كمل بشرود "كام يوم وأكون ظبطت الدنيا، وهنرجع القاهرة تاني، ماشي؟" قالها بصوت ثابت وعينه بتراقب ملامحها.

ليلى فضلت ساكتة للحظة، كانت بتحاول تستوعب كل حاجة، وبعدين هزت راسها ببطء من غير كلام.

مراد قرب منها أكتر، لمس وشها بإيده بحنية وقال "ماتقلقيش، أنا معاكِ، ومش هسيب حد يضايقك تاني."

عينيها كانت مليانة مشاعر مختلطة، بس في الآخر، وثقت في كلامه


رحمة خرجت من البيت براحة، قلبها بيدق بسرعة، عيونها بتدور عليه، وبمجرد ما شافته مستنيها بالموتوسيكل، ابتسمت بخفة وراحتله بسرعة، ركبت وراه وهو من غير كلام اتحرك بسرعة بعيد عن أي عيون بتراقبهم، الطريق كان هادي، والهواء بيلعب في طرحتها، كانت حاسة إنها معاه في عالم تاني، عالم مفيهوش خوف ولا قيود.

بعد شوية، وقف في مكان هادي تمامًا، مفيهوش حد غيرهم، نزلت وهي بتحاول تخبي ابتسامتها، لكنه قرب منها بسرعة، مسك إيديها بحنية، وبص في عيونها وهو بيقول بصوت دافي مليان شوق "وحشتيني."

ضحكت بدلع وهي بتبصله بمكر وقالت  "بجد وحشتك؟ ولا كلام وخلاص؟"

قرب أكتر، صوته كان واضح إنه مش بيجامل، كان صادق لدرجة تخلي قلبها يدق أسرع "مبقتش قادر أعيش من غيرك."

إيده لفت على وسطها، قرب منها أكتر، باسها بوسات متفرقه وهو بيغازلها، بس هي بعدت شوية وقالت بصوت مبحوح "عبده..."

رد عليها وهو عيونه مثبتة على ملامحها الناعمة "عيونه"

اتنهدت وقالت بصوت متوتر، خوفها بدأ يظهر "إحنا هنفضل كده لحد إمتى؟ لو حد عرف إني بكلمك، هتكون نهايتي."

شدها أكتر ناحيته، كأنه عايز يطمنها ويثبت لها إنه مش هيسيبها أبدًا، وقال بحسم "قريب وهنكون في بيت واحد يا حبيبتي، أنا بس بظبط دنيتي مع أهلي وهاجي أتقدملك."

عيونها لمعت وهي بتقول "بجد؟"

ابتسم وهو بيهز راسه بثقة "طبعًا، المهم سيبك من ده دلوقتي… انتي وحشاني أوي."


مراد كان قاعد على المكتب، عينه في شاشة اللابتوب وهو بيخلص شغله، وليلى كانت قاعدة على السرير بتقلب في فونها بس عقلها مشغول بثريا واللي سمعته عنها، كلام حماتها لسه في دماغها، ثريا قتلت جدتها بسبب غيرتها وحقدها، هل رجعت علشان تخلص منها وتعرف تسيطر على مراد، ممكن نهايتها تكون قربت 

وسط الهدوء، خبط حد على الباب، مراد كان مشغول فقال من غير ما يبص

"افتحي انتي يا ليلى، أنا مشغول."

ليلى قامت بخطوات هادية ناحية الباب، فتحته، واتجمدت مكانها لما لقت ثريا واقفة قدامها، بملامح جامدة ونظراتها بتقرأها من فوق لتحت، كأنها بتحاول تخترقها.

" فين حفيدي؟" قالتها بثبات، وعينيها بتلمع بحدة.

ليلى بلعت ريقها وقالت بصوت حاولت تثبته "اتفضلي، في حاجة؟"

ثريا دخلت بخطوات هادية، بس ليلى كانت حاسة إن الأرض بتتهز تحتها

ثريا دخلت بخطوات تقيلة، وعنيها بتلف في الأوضة كأنها بتقيم كل تفصيلة فيها، من شكل الأثاث لكل حاجه، مراد كان لسه مركز في اللابتوب، بس مجرد ما سمع صوتها رفع عينه، وقفل الشاشة ببطء وهو بيقول ببرود "خير ؟!"

ثريا قعدت على الكرسي اللي قدامه، رجل على رجل، عينيها مليانة صرامة وهي بتتكلم بحدة "اللي حصل ده عندي كبير أوي، لما أبعتلك تنزل وترفض تنزل، ولما قبلها تعلي صوتك عليا، كل ده مش مقبول بالنسبالي"

مراد كان ثابت، ملامحه ما فيهاش أي تردد، رد عليها بصوت هادي لكنه حاسم "مش هقدر أكون موجود في مكان مراتي مش موجودة فيه، مش هقدر أحط لقمة في بوقي من غيرها، الأكل هيكون من غير طعم، صدقيني المكان اللي مراتي متكونش فيه، ما يلزمنيش، رفضك ليها كأنك رفضاني بالظبط، اما لاني عليت صوتي فده بسبب نرفزتي، انتي بتهيني مراتي قدامي فده رد طبيعي، مش هنكر اني غلطان بس كنت رد فعل "

ثريا رفعت حواجبها بدهشة، ضيقت عينيها وهي بتراقبه، وبعدين قالت بسخرية واضحة "للدرجة دي؟ واحدة زي دي تعمل فيك كده؟"

مراد قرب بجسمه، نبرته بقت مليانة صدق وحزم "أنا بحبها يا تيته، راعي مشاعري وبلاش تقفي قصادنا، ليلى في كفة، وكل الناس في الكفة التانية."

ثريا ضحكت ضحكة خفيفة، فيها خبث، وقالت بنبرة متلاعبة "وأنا هحاول أتقبلها... بس متحلمش بأكتر من كده، عشانك انت بس."

مراد بصّلها للحظات، حسّ أنها مش مقتنعة، لكن مجرد أنها قالت كده كان كافي بالنسباله في الوقت الحالي، اتنفس بعمق، وبصّلها بامتنان وقال بصدق "مش عارف أقولك إيه... بس كلامك عندي كبير"

ثريا ما ردتش، بس بصت له نظرة أخيرة قبل ما تسيبه وتخرج، وسابته واقف في مكانه، بين إحساس الراحة المؤقتة والقلق من اللي جاي


ثريا خرجت من أوضة مراد وهي ملامحها متجهمة، وقبل ما توصل للممر، لقت سهام مستنياها عند الباب، ملامحها كلها ترقب وهي بتقول بصوت واطي "عملتي إيه؟"

ثريا أخدت نفس عميق وقالت ببرود "فعلاً زي ما قولتي، متعلق بيها ومش هيسيبها."

سهام رفعت حاجبها بدهشة، قربت منها أكتر وقالت بنبرة متحمسة "طب وعملتي إيه؟"

ثريا ابتسمت ابتسامة خفيفة فيها خبث وقالت "قولتله إني هتقبلها."

سهام ضحكت ضحكة قصيرة وقالت بحماس "حلو أوي كده... يبقى لازم نخلص منها زي ما خلصنا من اللي قبلها، بابا محذرناش منها، يبقى نلعب براحتنا."

ثريا سابت الكلام يتردد في دماغها، ملامحها كانت جامدة، لكن عينيها كان فيها نظرة غامضة، ما بين التفكير والتخطيط، ولسه اللي جاي كان أخطر.


تاني يوم مراد كان بيلبس بسرعة، مستعد للخروج، لكن ليلى قربت منه بخطوات هادية "مراد، أنا زهقت من القعدة في الأوضة هنا، هكلم أدهم ونخرج شوية، ماشي؟!"

مراد وقف مكانه، لف ناحيتها بعينين ضيقة "تخرجي معاه؟"

هزت راسها ببساطة وقالت "أيوه، علشان زهقانة."

ملامحه اتشددت وهو بيقول بحدة "أنا موجود أهو، تكلمي أدهم بتاع إيه؟"

حاولت تهدي الموقف وقالت "عادي يا مراد، أدهم زي أخويا، من ساعة ما جيت هنا وهو معايا علطول، وبينفذ اي حاجه اطلبها منه"

حس بضيق، صوته كان اهدى لكن أخطر وهو بيقول "الكلام ده قبل ما أكون أنا موجود، فاهمة؟"

ليلى اتنهدت بحيرة وقالت "بس انت مشغول يا مراد، اهو هتخرج وتسيبني لوحدي، مينفعش أقولك وانت مضغوط كده وعندك شغل"

مراد قرب خطوة، صوته كان قاطع وهو بيرد "لاء طبعًا، تقوليلي أنا... أومال أنا لازمتي إيه؟! أسيب الدنيا كلها عشانك عادي، بس ليه تلجأي لغيري مش فاهم؟"

ليلى رفعت إيديها كأنها بتهدي الوضع وقالت بهدوء "عادي والله، إنت مكبر الموضوع ليه؟ أدهم مش بس ابن عمتي، بقى صاحبي كمان، من ساعة ما جيت هنا وهو معايا."

مراد شد فكّه بغضب واضح، رد بصوت واطي لكنه قاطع "ده مش مقبول خالص بالنسبالي، أدهم ابن عمتي انا كمان وبحترمه، بس مش هسمحلك تخرجي معاه طول ما أنا موجود، مش هكون مرتاح وانتي محتاجه لغيري، فاهمة؟ فـياريت متطلبيش مني حاجة زي دي تاني، تمام؟"

ليلى شافت الجدية في عيونه، فهزّت راسها وقالت بنبرة معتذرة "لو كنت أعرف إنك هتتضايق مكنتش طلبت منك، بس بقالي فترة مش بشوفه، فقولت منها أقعد معاه شوية ومنها أغير جو."

مراد أخد نفس عميق وهو بيحاول يهدي نفسه، بص لليلى اللي كانت واقفة قدامه بعيون بريئة، شايلة في نظرتها شوية زعل، قرب منها أكتر، لمس خدها بإيده بحنان وقال بصوت دافي "ما تزعلنيش منك، أنا مش عايزك تحسي إنك لوحدك أو مضطرة تروحي لحد تاني غيري عشان تحسي بالونس، أنا هنا علشانك، ولو حسيتي بالملل أو الضيق، قوليلي، هنخرج سوا، هنغير جو سوا، بس بلاش تحسسيني إنك محتاجة لحد تاني غيري."

ليلى ابتسمت ابتسامة صغيرة، حسّت بحنيته وضعفه قدامها، رفعت إيدها ولمست كفه اللي كان على خدها وقالت بهمس "أنا مقصدتش أزعلك، أنت أغلى حاجة عندي يا مراد، بس كنت حاسة بالزهق شوية."

مراد شدها في حضنه بحب، حضنها بقوة كأنه عايز يطمنها ويطمن نفسه، همس جنب ودنها "متخافيش، طول ما أنا موجود، عمري ما هسيبك تحسي بالوحدة."

ليلى ضحكت بخفة وهي حاسة بالأمان بين دراعاته، رفعت وشها وبصتله وقالت "طب دلوقتي أنت رايح فين؟"

مراد ابتسم وهو بيشد خصلة من شعرها بحنان وقال "رايح أشوف شغلي، بس طالما مراتي زهقانة، يبقى هنخرج بعد ما أخلص، موافقة؟"

ليلى عيونها لمعت بالسعادة، هزّت راسها بسرعة وقالت بحماس "موافقة طبعًا!"

مراد ضحك وهو بيطبع قبلة خفيفة على جبينها، وبعدها استعد للخروج

قبل ما يخرج، لف وبص لليلى بتركيز، صوته كان هادي لكنه مليان تساؤل "علاقتك كانت عاملة إزاي بإدهم لما جيتي هنا؟"

ليلى سكتت لحظة، كانت بتحاول تفهم كلامه، ولما استوعبت أنه بيحاول يخفي غيرته، ابتسمت بخفة وقالت "عادية، كان بييجي يوميًا يقعد معايا ويحاول يأخدني على الجو هنا "

مراد رفع حاجبه، قرب منها خطوة وسأل بنبرة أعمق "وبييجي يوميًا ليه؟ مكنش في حد غيره يعني؟"

ليلى ابتسمت أكتر، قربت منه وحطت إيدها على صدره وقالت بهدوء "مراد، أنت عارف إني كنت لوحدي هنا، وهو كان الوحيد المتاح يساعدني، عماتك كلهم متجوزين وبناتهم متجوزين ومحدش بييجي هنا اصلا، ادهم الوحيد اللي كنت مرتاحه معاه، واكيد انت شايف بنفسك الوضع، دي حاجه مزعلاك يعني "

مراد فضل ساكت لثواني وهو بيبصلها، وبعدها سحب نفس عميق وقال بصوت هادي لكن واضح فيه الحسم "مفيش حاجة تزعلني طول ما أنتي عارفة حدودك، وبتقدّري أنا مين في حياتك."

ليلى حطت إيديها على خده بحب وقالت "أنا مقدراك جدًا، وعارفة إنك مش زي أي حد، وادهم بالنسبالي كان مجرد سند في وقت كنت محتاجة حد يفهمني، بس دلوقتي أنا معاك، ومش محتاجة حد غيرك."

مراد ابتسم أخيرًا، لمس كفها بحنان وقال "تمام، بس خلي بالك، أنا مش هقبل إنك تحتاجي حد تاني غيري أبدًا، عايز اكون كل حاجه ليكي"

ليلى ضحكت وقالت بخفة "وأنا مش محتاجة غيرك اصلا يا سي مراد"

مراد قرب منها ومسك ايديها، باسها بحب وقال " بحبك" 

قالت بابتسامه " بموت فيك" 

يصلها بابتسامه مليانه حب وبعدها لف وخرج وهو متطمن، وليلى واقفة مكانها، مبتسمة وسعيدة إنها قدرت تهدي غيرته بطريقة لطيفة.


عدت الأيام، ومراد كان خلّص كل ترتيباته، ظبط دنيته وقرر إنه يمشي هو وليلى، يسيبوا المكان ده بكل مشاكله وذكرياته.

نزل تحت وجمع الكل، ملامحه كانت جامدة، نظرته ثابتة وهو بيتكلم بجدية ومستعد للعواقب، وعنده قنبله هيفجرها الليله، هيقلب الطاوله عليهم كلهم "أنا وليلى هنمشي من هنا."

يتبع...........

بارت 13

#سوء_تفاهم


الجملة وقعت في المكان كالقنبلة، أول حد اعترض كان أبو ليلى، اللي رفع رأسه بسرعة وقال بحدة "مش هيحصل، ليلى مش هتخرج من هنا، أنا مش هقدر أكون بعيد عنها."

مراد بصله بهدوء، وعينيه مكانتش فيها أي تردد "يا عمي، ليلى دلوقتي مراتي، وشرعًا، المفروض تعيش معايا، تسمع كلامي أنا، مش كلام حد تاني، وأنا قررت اخدها ونمشي"

الجد بصله وقال باستهجان "وايه السبب اللي يخليك تاخد القرار ده؟"

اتنهد وقال " عايز اكون حر انا ومراتي"

 ثريا رفعت حاجبها بسخرية " قصدك ان........"

مراد لف نظره ليها وقال بهدوء حاسم "لو تقصدي إنك السبب، فهقول لاء، إنتي مش قاعدة هنا علطول، فبالتالي مش عاملالي أي مشكلة، لكن... متنسوش إن شغلي في القاهرة، وحياتي هناك اصلا "

مراد سكت فجده كمل وقال "كمل، عايز أسمع كل اللي في دماغك."

مراد لف عينه ناحية أمه، اللي كانت ساكتة، بتراقب بصمت، وبصوت هادي لكنه حاسم قال "وللمرة الألف، هقولك يا أمي، ياريت تيجي معايا، متسبيش نفسك في المكان ده، اللي عمرك ما كنتِ مرتاحة فيه."

الكل بص ناحيتها منتظر ردها، لكنها نزلت عينيها وقالت بصوت ضعيف "مش هقدر، هنا مكاني، وهفضل فيه طول عمري."

مراد شدد على أسنانه، لكنه ما ضغطش عليها أكتر، هو عارف إنها اتعودت على الحياة دي، لكنها مش عارفة إنها تستحق حياة أفضل، رفع عينه تاني ناحية جده اللي لسه عيونه عليه، جده سأله بهدوء مخيف "ولو قولت لاء؟"

مراد بص له بثبات، متهزش ولا اتردد، قال بحزم "يبقى أنا آسف، بس القرار مش في إيد حد غيري"

سهام وثريا كانوا بيتبادلوا النظرات، ثريا حست أن لو مراد مشي هيا مش هتعرف تخلص من ليلى، لازم تتصرف، قالت " وايه كمان؟ بتكافئها بايه تاني يا مراد، واحده زي دي مينفعش تعمل عشانها كل ده، دي زيها زي الخدم اللي هنا" 

مراد حرك رأسه بيأس، قال بهدوء " وده انتي قررتيه خلاص، بقيتي انتي اللي تقرري وتاخدي القرارات"

وقفت بعيون مليانة غضب وقسوة، نظرتها كانت بتخترق مراد، اللي كان واقف قدامها ببرود، ملامحه مبتتحركتش وهو بيسمعها بتتكلم بحدة "إنت اتجوزتها وداريت عنها فضيحة بجلاجل، وانت عارف كويس أوي إن اللي زيها مصيرهم إيه؟"

مراد رفع حاجبه ببرود وقال بصوت هادي لكنه كان مرعب "مصيرهم إيه؟"

شدت ضهرها وبصوت جاف قالت "مصيرهم القتــ ـل، البنت دي عار على العيلة، لما حد بيغلط غلطة زي دي يبقى لازم يموت."

الهواء في الصالة بقى تقيل، الكل كان بيتابع المواجهة دي بترقب، بس مراد؟ مراد كان واقف ببرود خطير، ابتسم بخبث وقال بنبرة كلها تحدي "حلو، خليكي قد كلامك بقى."

عقدت حواجبها بعدم فهم، لكنه حوّل نظره فجأة ناحية رحمة، اللي حسّت إن الدم انسحب من جسمها وهيا شايفه نظراته 

صوت مراد جه واضح، قاطع السكون المخيف اللي حلّ على المكان "كده في حد هنا يستحق يموت."

رحمة اتجمدت في مكانها، عينيها وسعت بخوف، هل معقول... معقول عرف حاجة؟! 


"بالظبط... يا ترى هتصلح غلطتك بقى؟"

مراد ضحك بسخرية، ضحكة كانت مليانة تهديد أكتر، وبنبرة باردة قال "مغلطتش عشان أصلحها، بس في حد تاني واقف بينا هنا يستحق القتل، لأن زي ما قولتي... هو ضيع شرف العيلة."

رحمة حست بجسمها بيترج، قلبها كان بيدق بسرعة جنونية، فهمت إنه يقصدها، قررت تنسحب بهدوء قبل ما تتحول المواجهة دي لكابوس، بس مجرد ما حاولت تتحرك، صوته جه أقوى، أقسى، وكأنه كان مستني اللحظة دي "رايحة فين يا رحمة؟ مسمعتيش كلام جدتك اللي أمك زنت عليها بيه ولا إيه؟ يا ترى ليكي نفس الرأي؟"

رحمة حسّت إنها محاصرة، عيون الكل عليها، وكأنها متهمة في محكمة، لكنها كانت متأكدة من حاجة واحدة... مراد مش هيسيبها تهرب بسهولة.

لفّ عينه في الصالة، كل الوجوه كانت متجمدة، الصدمة حاضرة في كل نظرة، حتى ثريا اللي كانت دايمًا متماسكة، لأول مرة ملامحها تهتز.

رحمة، واقفة مكانها، عينيها اتغرقت بالدموع، أول مرة تحس بالخوف بالشكل ده، صوتها طلع مهزوز وهي بتقول بتردد "يعني إيه؟ مش فاهمة..."

مراد قرب خطوة، نبرته كانت أخطر وهو بيرد "أفهمك، وماله..."

مدّ إيده بهدوء، مسك الفون، وصله بالشاشة الكبيرة، وفي لحظه ظهر فيديو…

الكل شافه، كل حاجة بقت واضحة، رحمه كانت مع الشاب اللي ماشيه معاه، في وضع مش ولا بد

صدمة، غضب، عدم تصديق… رحمة حست برجليها بتترج، نفسها بقى متقطع، كأنها وقعت في حفرة ملهاش قاع.

مراد، بهدوء قاتل، قفل الفيديو، بصّ لجده مباشرة وقال بصوت واضح "إيه يا جدو؟ فيه تبرير؟ يا ترى، إيه بقى التبرير على فيديو زي ده؟ بكامل قواها العقلية، مع واحد هي ماشية معاه، مش أول مرة، لا كانت مغيبة، ولا كانت في الشارع، ولا حتى بحجابها!"

الصالة غرقت في سكون مرعب، محدش قادر يرد، محدش قادر حتى يتحرك، كل العيون كانت موجهة ناحية سهام، اللي وقفت متجمدة، ملامحها فقدت لونها، قلبها كان بيدق بجنون وهي بتبص لبنتها… بنتها اللي كانت دايمًا فخورة بيها، دلوقتي واقفة قدامها وعارها مفضوح قدام العيلة كلها.

رحمة رفعت عيونها، بصت لأمها بضعف، لكن سهام مقدرتش تردلها النظرة، كل حاجة كانت بتنهار حواليهم… واللي جاي أسوأ

الجد بصّ لرحمة بعيون مليانة غضب وقسوة، صوته جه قوي وثابت " الفيديو ده حقيقي ؟!" 

سهام اللي ردت بسرعه وقالت " اكيد لاء يابا، انت تصدق ان رحمه تعمل كده؟!" 

قال بحده " مطلبتش منك انتي اللي تتكلمي" 

وجه نظره لرحمه وقال " ردي يا بنت بنتي" 

رحمه كانت بترتجف، مش مصدقه اللي بيحصل، ازاي اصلا، بصتله وقالت بصوت مهزوز "جدي، و... والله العظيم ما عملت حاجة!"

الجد ضرب بعكازه الأرض، صوته كان كالرعد وهو بيقول "الكلام ده ميكفيش! الفيديو واضح وصريح، وانتي ساكته ومش قادرة تدافعي عن نفسك!"

دموع رحمة كانت بتنزل غصب عنها، قلبها كان بيدق بجنون، نظرات العيلة كلها كانت مصوبة عليها،  سهام كانت واقفة مكانها، مش قادرة تدافع عن بنتها أكتر من كده، كأنها منهارة من جواها.

رحمة هزت راسها بضعف وقالت "جدي، حد لعب في الفيديو… حد عايز يوقعني في المصيبة دي… أنا مستحيل أعمل كده، مستحيل!"

مراد ضحك بسخريه، الجد سكت شويه بيفكر وقال 

"هسيبلك فرصة واحدة… زي ما عملت مع ليلى، لو هو مستعد ييجي ويتجوزك، هتمشي معاه بالحلال، لكن لو مجاش، أبوكي هيعرف، وانتي عارفة هو ممكن يعمل إيه!"

رحمة شهقت بخوف، جسمها بدأ يرتجف، عرفت إن الجد مبيهددش، وإن اللي جاي أخطر بكتير من اللي فات.

مراد، اللي كان واقف متابع المواجهة بنظرة باردة، رفع حاجبه وقال بصوت ساخر لكن فيه حدة "هو مش لسه هيعرف؟ الفيديو مع البلد كلها."

الكل شهق بصدمه، عارفين إن والد رحمة راجل شديد، راجل مبيقبلش الغلط، راجل ممكن يقتلها بدون تردد لمجرد أنها غلطت غلطه زي دي 

ثريا حست إن الأرض بتتهز تحتها، لأول مرة تفقد السيطرة على الأمور، سهام وقفت مكانها، عنيها بتلمع بالدموع، مش مصدقة إن حياتهم كلها ممكن تنهار في لحظة.

رحمة رفعت عينيها بخوف، بصت لجدها، بعدين لمراد، وقالت بصوت متقطع "لا… لا يمكن…"

لكن الحقيقة كانت واضحة… النهاية قربت، ومفيش مفر

مراد كمل بصوت أقوى، نبرته كانت كلها غضب وتهديد "أنا فصلت الفيديو…اللي اتشاف جزء صغير، لسه الفيديو كامل وأسوأ من كده، ولو عايزين تتأكدوا، هتلاقوه مع أي حد في البلد."

الهدوء اللي كان في الصاله اتكسر بصوت شهقات مكتومة، عيون مليانه بالخوف، وقلوب بترتعش، كل واحد فيهم استوعب معنى الكلام، الكارثة مش بس جوه البيت ده… الكارثة انتشرت!

مراد رفع صوته أكتر، عنيف، قاطع، ملامحه كانت مرسومة بالغضب القاتل "أنا حلفت قسم… حلفت إني أنتقم لليلى من اللي أذاها، وأنتوا؟ فضحتوها مرتين قبل كده! آه، مش بنفس الصورة، بس أنا انتقامي أقوى… أنا مش بسيب حقي!"

كانت كلماته زي السكاكين بتطـ ـعن الكل، سهام كانت واقفة، قلبها بيتقطع، إحساس القهر قتــ ـلها، إزاي بنتها تتفضح بالمنظر ده؟ إزاي الفضيحة تجيب العار للعيلة بالشكل ده؟

رحمة نفسها كانت بتترجف، أدركت إن نهايتها خلاص قربت، عداد عمرها بدأ يخلص، وأي محاولة للنجاة دلوقتي شبه مستحيلة.

أما ثريا، فكانت مشلولة، لسه من لحظات كانت بتقول لازم ليلى تتحاسب، لكن دلوقتي… هل كلامها ده ينطبق على رحمة كمان؟ هل هتقدر تواجه الحقيقة بالطريقة اللي فرضتها على غيرها؟

أم مراد كانت واقفة وقلقانة، كانت عارفة إن اللي حصل مش هيعدي، وإن النار اللي ولعوها هتحرق الكل، بلا استثناء.

أما أبو ليلى، فكان واقف متحير، مش عارف يفرح إن مراد رجع حق بنته، ولا يزعل على بنت أخته اللي اتدمرت حياتها!

وأخطرهم الجد، كان متجمد مكانه، نظرته قاسية بس عنيه فيها لمحة صدمة، الأمور وسعت، خرجت عن السيطرة، ورغم إنه عمره ما شجع القتل… إلا إنه عارف إن أبو رحمة مستحيل يسكت.

دلوقتي، كلهم في انتظار العاصفة اللي على وشك إنها تبتلعهم


الباب اتفتح بعنف، صوته دوّى في المكان زي طلقة رصاص، وكل العيون اتجهت ناحية المدخل، وهناك… وقف أبو رحمة، ملامحه كانت مرعبة، وراه رجالة كتير، وشوشهم كلها غضب واستعداد للدم!

صوته جه زي الطوفان وهو بيقول بغضب مكتوم "فينها؟ فين ال*** اللي جابتلي العار؟"

رحمة حست برجليها بتخونها، نفسها اتحبس، وعينيها لفّت على الكل كأنها بتدور على مهرب… بس مفيش مهرب!

ثريا كانت واقفة ثابتة، لكنها حسّت إن الوضع خرج عن السيطرة، نظرتها راحت لمراد اللي كان واقف مكانه ببرود، كأنه مجرد متفرج.

أبو رحمة لفّ بعينه على الموجودين، ولما وقعت عينه على بنته، كان المنظر أشبه بعاصفة، خطى ناحيتها بخطوات سريعة، رحمة تلقائيًا تراجعت، لكن كان مستحيل تهرب "يا بنت الـ...!"

إيده ارتفعت بسرعة، لكنها منزلتش، لأن صوت سهام قطع الجو المشحون وهي بتصرخ "لاااااا! بالله عليك يا أخويا، دي بنتك، حرام عليك، اسمعني!"

أبو رحمة لفلها، عنيه كانت مليانة احتقار وهو بيقول "بنتي؟ دي لسه بنتي؟ دي فضحتنا ووسخت اسمنا كله! مهي ربيتك الوسخه "

رحمة كانت مرعوبة، دموعها محبوسه في عينيها وهي بتبصله برجاء، لكن ماقدرتش تنطق بأي كلمة.

" هغسل عاري بايدي" 

صوته كان قاطع، محدش قدر يعترض، شد رحمة من دراعها، جرّها معاه رغم مقاومتها الضعيفة، ووسط توسلات سهام اللي انهارت على الأرض وهي بتعيط، خرج من البيت، ورجالته اتبعوه.

حاولت تروح وراهم، لكن الجد وقفها بنظرة صارمة، صوته جه قاطع "انتي السبب في كل ده، لو كنتي ربيتي بنتك صح ما كنتوش وصلتوا للفضيحة دي!"

دموعها نزلت، مش عارفة ترد، مش عارفة تعمل إيه، في اللحظة دي حست إنها فقدت كل حاجه

الدنيا سكنت للحظات ، كأن كل الأصوات ماتت.

ثريا أخدت نفس عميق ومسحت على جبينها، وبصت لمراد، اللي كان لسه واقف بجمود، كأنه مشافش أي حاجة.

أما سهام، فرفعت عنيها له، نظرتها كانت مليانة كره، مش مصدقة إنه كان واقف متفرج ومعملش أي حاجة، بل كان سبب اللي حصل

"إنت السبب!"

نطقت بيها بصوت مليان حقد، قبل ما تمشي وتسيب المكان، سايبه وراها جو مليان توتر، ونظرات كلها تساؤل عن اللي جاي 


رحمه في عربية ابوها مرعوبه، الأجواء مشحونة بالخوف والتوتر، عقلها مش قادر يستوعب اللحظة اللي هي فيها، أبوها وصل لمكان مهجور وبعيد، شدها بعنف من العربيه، صوته كان بيزلزل المكان "وسختي شرفك يا ***، جبتيلي العار!"

رحمة كانت في حالة انهيار تام، حاولت تتكلم، تدافع عن نفسها، بس هو كان بيصرخ، مش مهتم بكل توسلاتها، وكل اللي قاله كان "لازم أغسل عاري بإيدي!"

طلع المسدس من جيبه ووجهه ناحيتها، دمه بيغلي

رحمة، وهي في حالة انهيار تام، حاولت بكل ما تبقى لها من قوة تتوسل ليه، وقالت بصوت خافت، مكسور "والله ما كان قصدي! والله ما كنت أعرف! أنا آسفة، آسفة! سامحني، اديني فرصه"

لكن مشاعر الغضب كانت أقوى من كل شيء، هو كان متجاهل تمامًا توسلاتها، مسدس في إيده، ضغط على الزناد... الوقت كان بيقف، وكان قلبها بيدق بسرعة، وكل شيء حواليها كان في حالة من الهمس والصمت المقلق، طلعت الرصاصه عرفت اتجاهها، فوقعت على الأرض سايحه في دمها 


عدت أيام على موت رحمة، البيت كان أشبه بمقبرة، السكون قاتل وكل زاوية فيه مشبعة بالحزن والندم، أمها، سهام، كانت عايشة بنص روح، عيونها غارقة في السواد، والدموع بقت جزء من ملامحها، مفيش حاجة قادره تخفف وجعها، الا الانتقام 


مراد كان واقف قدام ليلى، ملامحه جامدة، لكن في عينيه كان فيه نوع من الحزن، وكأن الموضوع أكبر من مجرد قرار هيمشيه في حياته، ليلى كانت لسه مش مستوعبة اللي حصل، هزت راسها، عينها مليانة دموع، والموقف كان بيخنقها، حسّت إنها في عالم تاني.

مراد قرب منها وقال لها بهدوء "ليلى، كان لازم ده يحصل، هما كانوا بيخططوا يعذبوا فيكي من الأول، كانوا عايزين يدمروا حياتك، كانوا عايزين يعملوا فيكي نفس اللي حصلها"

ليلى ردت بصوت متأثر "أنا خوفت يا مراد... القتل هنا سهل، سهل جدًا."

مراد حط إيده على كتفها وقال "وأنتِ مش لوحدك، هنمشي من هنا، خلاص كده، مينفعش نعيش وسط الناس دي تاني."

ليلى هزت راسها وقالت له " لازم نمشي، نمشي ونبدأ حياتنا من جديد، نعيش مع بعض بعيد عن كل ده."

مراد بصلها بنظرة هاديه، ابتسم وقال "وهنبدأ من أول وجديد، هنكون مع بعض في مكان ما يهمناش فيه حد غيرنا"


سهام كانت قاعدة في أوضتها، عنيها مسمرة في الفراغ، ودماغها شغالة بأقصى سرعة، الحزن على رحمة كان قاتلها، بس دلوقتي الغضب هو اللي كان مسيطر، مراد… لازم يدفع التمن، لازم يحس بنفس الوجع اللي حسته، لازم يندم على اللحظة اللي وقف ضدهم فيها، هيا عارفه هتحرق قلبه ازاي


مراد نزل وراح آخر الجنينه، لقى شاديه مستنياه هناك، أول ما شافته، قربت منه بسرعة وقالت بصوت متوتر "ناويين يخلصوا من مدام ليلى، قالوا هيخلصوا منها زي ما عملوا قبل كده في أي حد وقف قدامهم."

مراد ضيق عينيه وقال بحزم "قولي التفاصيل يا شادية، عايز أعرف كل حاجه."

شادية أخدت نفس وقالت "سمعت مدام سهام بتقول إنها هتنتقم لرحمة، بس مكنوش بيتكلموا في التفاصيل، كل اللي عرفته إن ثريا هانم قالتلها تتخلص منها من غير شوشره."

مراد حس بغضب مكتوم، بس مسح على دقنه بايده وحاول يفضل هادي " بس كده؟!" 

شاديه هزت راسها وقالت " ايوه، مستنيين الوقت المناسب"

مراد بص لها نظرة كلها جدية وقال " حاولي تعرفي ناويين يعملوا ايه بالظبط، عايز التفاصيل"

شادية بلعت ريقها وردت بثقة "حاضر، هحاول" 


تاني يوم مراد دخل اوضته، كانت ليلى واقفة مستنياه وكل حاجة جاهزة، دخل وبص حواليه، قبل ما يسأل بهدوء "كله جاهز؟"

هزت رأسها وقالت "آه، لميت كل حاجة، بس تفتكر بابا هنا هيكون كويس؟"

مراد رد بثقة "مش هيقدروا يعملوا حاجة، مشكلتهم معايا أنا."

ليلى اتنهدت بقلق وقالت "يبقى نمشي بسرعة، حاسة إني مخنوقة أوي هنا، خاصة كل ما أشوف عمتو سهام، بتبصلي كأني السبب في اللي حصل لبنتها."

مراد قال بحزم "لو حد السبب يبقى هي، متحطيش في دماغك وانسي كل اللي فات، من النهاردة هنبدأ حياة جديدة بعيدة عن كل ده."

راح ناحية الشنط، مسكها وقال وهو خارج "هنزل الشنط في العربية، خليكي هنا."

ليلى بصتله وهو ماشي، قلبها مقبوض، لكنها حاولت تقنع نفسها إنهم خلاص هيسيبوا كل حاجة وراهم، وهما على وشك بداية جديدة


سهام كانت مراقباهم، سامعه كل كلامهم، شافت مراد بينقل الشنط بحرص، ابتسمت بخبث وهي بتهمس لنفسها "مش بالسُّهولة دي يا ابن اخويا."

في الوقت ده، كان مراد بيحط آخر شنطة في العربية، وبعدها ليلى نزلت وهي متوترة، ركبت جنبه وقالت " انت شايف انه صح نمشي من غير ما نعرف حد" 

مراد بصلها وقال " لما نوصل أو حتى نخرج من هنا هرن علي جدو اعرفه، بس لازم نمشي في السر آمان اكتر"

ليلى اتنهدت وقالت وهي بتبص حواليها " أنا فعلا مش هرتاح غير لما نخرج من هنا، حاسة بخنقة."

مراد رد وهو بيحاول يطمنها "احنا خلاص في اخر خطوه، إن شاء الله خير."

بعد فتره ليلى بصتله وقالت " مراد انا عايزه اقولك حاجه" 

بصلها وقال " سامعك، قولي " 

ابتسامتها وسعت وقالت " أنا......" 

لكن قبل ما تكمل الجملة، فجأة ظهرت عربيتين قدامهم قطعوا طريقهم 

ليلى شهقت بخوف، قلبها بدأ يدق بسرعة، وهي بتبص لمراد بقلق، بس هو كان كل خوفه عليها، مش على نفسه.

بصلها بجدية وقال "اقفلي العربية، ومتفتحيش الباب مهما حصل."

مسكت إيده بسرعة وعينيها مليانة رعب "لاء، متنزلش، مراد، لاء!"

لكن مراد كان قراره محسوم، قال بحزم "اهدي، واسمعي الكلام."

سحب إيده منها، نزل وقفل العربية بإحكام، مستعد لأي حاجة هتحصل إلا أنها تتإذي


مراد وقف قدام العربية، عينيه بتتحرك بسرعة بين العربيتين اللي حاصروه.

 البابين اتفتحوا وخرج منهم رجالة كتير، ملامحهم شرسة وكلهم مسلحين.

شد اكتافه واستعد، صوته كان هادي لكنه محمل بالتهديد " من غير شوشره، ابعدوا عن طريقي احسن ليكوا"

بس محدش رد، واحد منهم رفع سلاحه وابتسم بسخرية "مش بمزاجك، احنا مش هنأذيك" 

شاور على ليلى وقال " بس سلمهالنا"

مراد شد حواجبه، ضحك بسخريه، وبسرعة، أول ما حس إن الحوار مش هينفع، ضرب أول واحد قريب منه، حركته كانت سريعة وقوية، خلّته يوقع السلاح من إيده، لكنه ماكانش لوحده، الرجالة هجمت عليه دفعة واحدة، كان بيقاوم، يضرب ده ويوقع التاني، بس كانوا كتير، كل ما يوقع واحد، غيره يهجم عليه.

ليلى كانت بتصرخ جواه العربية، بتضرب على الإزاز وهي شايفة مراد بيتكالبوا عليه، حاولت تفتح الباب، لكن القفل كان محكم.

ضربة قوية جات لمراد على ضهره، وقع على ركبه وهو بيحاول يستجمع نفسه، لكن قبضة تانية نزلت على وشه، نزف من شفته لكنه حاول يقوم، بس رجالة كتير كانت متركزة عليه، ماسكينه وبيضربوه بعنف.

واحد منهم راح للعربية، كسر الإزاز وسحب ليلى وهي بتصرخ "مراد!!"

مراد حاول يقوم، حاول يوصلها، لكن ضربوه تاني، وقع على الأرض وهو مش قادر يتحرك، نظرته كانت كلها غضب وهو شايفهم بياخدوها قدامه، صوته طلع ضعيف لكنه محمل بوعد "هجيبيكوا.. والله لهجيبيكوا!"

ليلى فضلت تصرخ وهي بتتحرك معاهم، عينيها مليانة دموع، كل اللي في بالها إنها تفضل مع مراد، لكن الضلمه غطتها لما حطوا حاجة على وشها، وحطوها في العربيه واتحركوا، مراد حاول بكل قوته يتماسك، لكن كل قواه انهارت، عينيه قفلت مع بعد العربيه عنه

يتبع.....................



#سوء_تفاهم 


سهام ابتسمت بانتصار وهيا بتسمع أن خطتها بتنجح، لمعة الشر في عيونها فضحت كل اللي جواها، نزلت بسرعة على ثريا، ملامحها مليانة غل وانتصار، وقالت بثقة "كله تمام."

ثريا رفعت عيونها ليها بترقب وسألتها ببرود "خلصتي عليها؟"

سهام هزت راسها وهي بتبتسم بخبث "لاء... لسه، هخليهم يقتلوها قدام عنيه."

ثريا ضيقت عينيها، صوتها كان حازم وهي بتقول "بلاش يا سهام، قولتلك مش عايزة شوشره، تخلصي منها بهدوء."

لكن سهام كانت مصرّة، الشر كان متحكم فيها، نبرة صوتها كانت مليانة وجع وغضب وهي بتقول "لازم أحرق قلبه عليها.. زي ما حرق قلبي على بنتي!"

ثريا اتنهدت بقلق، هي كانت فاهمة وجع سهام بس مش عايزة الموضوع يجذب الأنظار أكتر، سألتها بصوت هادي"وهي فين دلوقتي؟"

سهام ابتسمت بخبث وقالت "في السرايا القديمة.. حطتها هناك لحد ما أجيبه هو كمان."

كل ده كان تحت سمع شادية اللي كانت واقفة بعيد بتسمع الكلام بصدمه، قلبها كان بيدق بسرعة، لازم تتحرك قبل ما يفوت الأوان!


مراد فاق، كان لسه في مكانه، جسمه موجوع وكأن حد داس عليه بمية رجل، بس أول ما افتكر اللي حصل، قام بسرعة، عينه دورت على موبايله اللي كان مرمي على الأرض، مسكه ورن على شادية، صوته كان مليان توتر وغضب.

"اعرفي سهام حطت ليلى فين.. بسرعة!"

شادية اترددت لحظة، بس في الآخر قالت بصوت واطي"في السرايا القديمة.. قالت هتخلص منها قدامك، هتحرق قلبك عليها.. الحقها بسرعة، بس خلي بالك من نفسك، متروحش لوحدك"

مراد قفل المكالمة بدون أي كلمة زيادة، رمى الموبايل على الكرسي جنبه، وداس على البنزين بكل قوته، الطريق كان طويل، بس في عينه مكنش فيه غير هدف واحد..."ليلى"


وصل عند السرايا

الرجالة كانوا واقفين على البوابة، مراد قرب منهم بهدوء، جه من ورا واحد، مسك رقبته بسرعة ولفها بعنف، الصوت اللي طلع كان كفاية يخلي التاني يلف بسرعة بس قبل ما يتحرك، الطلقة كانت سبقت تفكيره، وقع على الأرض بدون نفس.

دخل السرايا، مسدسين في إيده، كل ما يشوف حد، يضربه بدون تردد، بدون رحمة، كان عامل زي التور الهايج، واحد ورا التاني وقعوا تحت رجله، لحد ما فتح باب أوضة وشافها..

ليلى كانت موجوده ومربوطه، حاطين على وشها قناع ، قرب منها بسرعه وفكها، رفع القناع من على وشها وهو شايف رجفتها، اول ما شافته رمت نفسها في حضنه وهي بتترعش، الدموع كانت بتنزل من غير صوت، بس حضنها كان بيحكي كل اللي عدا عليها.

مراد مسك وشها وقال بسرعة "لازم نخرج من هنا، بسرعة.."

بس قبل ما يتحركوا، الباب اتفتح بقوة، وصوت سهام المليان خبث ملى المكان "شاطر يا مراد.. وصلت لوحدك.. قولت تيجي بنفسك بدل ما أجيبك.. واهو تشوفها وهي بتموت قدامك، هي وابنك!"

مراد وقف مكانه، عينه وسعت وهو بيبص لليلى اللي كانت بتترعش في حضنه، سألها بصدمة

"ليلى...؟!"

سهام ابتسمت بنصر وقالت "هي مقالتلكش؟ مراتك حامل يا مراد.. والنهارده هحرق قلبك عليها وعليه!"

مراد كان متلخبط، كان مصدوم، قلبه بيدق بجنون، ومخه مش قادر يستوعب الصدمة، هو دلوقتي مش مسؤول عن ليلى بس، لاء، مسؤول عن ابنه كمان! ابنه اللي لسه حتى مظهرش للدنيا، واللي سهام بتهدده إنه مش هيشوفه أبدًا.

مشاعره كانت متلخبطة جدًا، المفروض يفرح، المفروض يحضن ليلى ويباركلها، بس إزاي يفرح وهو شايف الموت حواليهم؟ فرحته اتقطعت قبل حتى ما يحسها، وكأنها كانت مجرد سراب، وهم مش مسموح ليه يحسه

شدد على قبضة ايده، عنيه كانت ما بين ليلى وسهام، صوته كان مليان غضب وكبت "ابعدي عنها يا سهام.. كفاية اللي حصل، كفاية اللي دمرتيه!"

بس سهام ضحكت ضحكة خلت الدم يغلي في عروقه، وقالت ببرود "لاء لسه.. لسه موصلتش للنار اللي حرقت قلبي على بنتي.. كنت فاكرني هسيبك تخرج من هنا بيها؟ لاء يا مراد.. دي نهايتكم انتوا الاتنين!"

مراد بلع ريقه، دماغه بتلف، مخه بيحاول يلاقي أي مخرج، بس قلبه كان متلخبط.. خوفه على ليلى، غضبه من سهام، والمسؤولية اللي بقت فجأة مضاعفة عليه، كل ده كان بيخنقه.

سهام خرجت بخطوات هادية، نظرتها كلها خبث وشر، وقبل ما تمشي، قالت للناس اللي معاها بصوت بارد لا فيه رحمة ولا إنسانية "كتفوه، اغتصـ ــبوها قدامه وبعدها اقـ ــتلوها، احرقوا قلبه!"

قالتها وهي بتبتسم ومشيت تدندن كأنها معملتش حاجه

مراد كان هيتجنن، الدم فار في عروقه، عينيه بقت سودا من الغضب، بس مش على نفسه... على ليلى! على مراته اللي واقفة قدامه مرعوبة، حاضنة بطنها بخوف على ابنهم اللي جوه، وعدد اللي قدامه كبير اكبر من تحملاته

شاف واحد من الرجالة بيتحرك ناحيتها، والتاني بيقرب منه عشان يمنعه يتحرك، بس مراد ما كانش شايف غير اللي ناوي يلمس ليلى، بعنف، نطر اللي ماسكه، واندفع ناحية اللي بيتوجه لليلي ضربه بكل قوته، كان بيضرب بدون رحمة، بدون تفكير، كأن القوة اللي جواه ما بتنتهيش، اضطر يلجأ للمسدس.

واحد ورا التاني وقعوا، بعضهم ميت، بعضهم متصاب، وبعضهم بينزف على الأرض مش قادر يتحرك.

ليلى جريت عليه، كانت بتتنفس بصعوبة، بس ما شافتش غيره، ما شافتش غير الجروح اللي مالية جسمه، وشه اللي بقى ملهوش ملامح من كتر الضرب.

"مراد!" نطقت اسمه بخوف وهي بتمسكه قبل ما يقع، بس جسمه كان خلاص منهك، كان بيترنح، لحد ما سند نفسه عليها، رفع إيده ولمس وشها بحنية رغم كل اللي فيه، ابتسامة صغيرة ظهرت في وسط الدم وقال بصوت واهن "مستحيل اسمح لحد يقرب منك... ولا من ابني."

عينيها اتملت بالدموع أكتر، رغم كل اللي حصله، لسه بيفكر فيها... في ابنهم.

"يلا نمشي من هنا يا مراد، تعالي نروح المستشفى، انت اتشلفطت عشاني!" قالتها بصوت بيترعش، بس مراد ابتسم وقال بصوت ضعيف "ومستعد أموت عشانك."

مسكت إيده، شالتها بإيدين بتترعش وكأنها عاوزة تحافظ عليه حي بأي طريقة، وخرجوا مع بعض. 

مراد كان هلكان، بيتنفس بصعوبه، بيترنح في مشيته، مكانش قادر بس لازم يخرجوا من هنا، هو خلص طاقته في عدد كبير، بالرغم من أنهم هواه بس كان حاسس بتعب، كان خلصان، ليلى كانت سانداه لحد ما خرجوا لبره شويه، مراد وقف في مكانه، جسمه كله اترعش، وجع شديد في جسمه، حس بحاجة دافية بتنزل على بطنه.

بص لنفسه ببطء، إيده اترفعت على جنب بطنه… دمـ ـه.

اكتشف أنه متصاب بطلقه، لكنه مكانش حاسس، الجرح كان كبير، والدـ ـم بينزل بغزارة.

ليلى لاحظت ارتعاشه، شافته بيبص لنفسه بصدمة

"مراد؟!" صوتها كان كله خوف وهي بتحاول تسنده أكتر، بس هو كان بيترنح، عينيه بتغيم، ووقع على ركبه.

"لا لا لا، مش دلوقتي، مراد، قوم، اسند عليّا، استحمل، هنخرج من هنا"

بس هو كان حاسس إن رجله تقيلة، كل حاجة حواليه بقت ضباب، كان سامع صوتها، حس بإيديها بتضغط على جرحه تحاول توقف الدم، بس خلاص…

همس بصوت ضعيف

" امشي يا ليلى، عايزك تبعدي عن هنا قبل ما حد تاني ييجي"

هزت راسها بسرعه وبعدم تصديق

"مش هسيبك، مستحيل!" كانت بتعيط بحرقه، بترج جسمه، بس هو ابتسم، ابتسامة ضعيفة وهو بيرفع إيده ويمسح دموعها، وشها بقا مليان دـ ـم أثر لمسته، قال بوهن" وشك اتبهدل" 

قالت بسرعه ودموعها مستمره في النزول " فداك عمري كله "

ابتسامة صغيرة ظهرت وهو بيقول بصوت يكاد يكون همس "مش قولتلك... مستعد أموت عشانك؟... أنتي أحلى حاجة حصلتلي..."

هزت راسها بعنف، دموعها بتنزل أكتر، مش قادرة تصدق اللي بيحصل "لا! هتبقى كويس! هموت من غيرك، انت وعدتني!"

مسكت إيده، وحطتها على بطنها، بصوت مليان رجاء قالت "ابنك هنا، مستنيك يا مراد، هنمشي من هنا وهنعيش مع بعض، هتكون معانا!"

بصلها بعينين مليانين وجع، كان نفسه يصدقها، بس كان عارف إن وقته خلص، ابتسامة حزينة اترسمت على شفايفه وهو بيقول بصوت مخنوق "كان نفسي... دي أحلامي يا ليلى... بس من إمتى الأحلام بتتحقق؟..."

شهقت بالبكاء، مسكت وشه بإيديها، قربته منها وكأنها بتحاول تنفخ فيه الحياة، لكنه بصعوبة قال "خلي بالك على نفسك... وعلى ابننا... كلمي أدهم لما تخرجي من هنا، هو هيمشيكي من هنا... عيشي يا ليلى... متخليش سهام تأذيك... ابني أمانة عندك... ربنا يعلم اني كان نفسي اعيش معاكي اكتر بس هو نصيب"

بصلها للمرة الأخيرة، عيونه بتتأمل ملامحها اللي بقت آخر حاجة هيشوفها في حياته، وبعدها... همس

"بحبك..."

وبعدين...

عيونه اتقفلت.

ليلى اتجمدت، عقلها رفض يصدق، فضلت تهزه، تصرخ، تنهار وهي بتقول

"مراد!!! مراد فتح عيونك! مراد بالله عليك رد عليا! مش قولت مش هتسيبني؟! هتكون كويس والله، فتح عينيك وبصلي"

لكن ما كانش فيه أي رد...

صرخت، صرخة هزت المكان، وجعها، حزنها، كسرتها، خرجوا كلهم في الصرخة دي وهي بتصرخ بألم، بصوت اخترق السما

"مراااااااااااااااااااااااااااد!!!" 


كانت حاسة إن الدنيا كلها ضلمت في لحظة، المكان بقى صامت بشكل يخوف، حتى صوت أنفاسها كان مخنوق، كأن روحها بتنسحب معاها.

حطت راسها على صدر مراد، بتحاول تسمع أي نبضة، أي إشارة إنه لسه هنا، لكنه كان ساكن... بارد... بعيد!

شهقت بحرقة، دموعها كانت بتنزل بدون توقف، إيديها كانت بتترعش وهي بتحضنه أكتر، بتحاول تمسكه، بتحاول تزرعه في الدنيا اللي قررت تاخده منها غصب!

"مراد بالله عليك، متسبنيش... أنا ضعيفة من غيرك، أنا بموت يا مراد، حاسة إن روحي بتطلع، ما تمشيش وتسيبني لوحدي!"

كلامها كان مليان ألم، صوتها كان مكسر، مش قادرة تصدق إن ده فعلاً بيحصل، إن الشخص اللي حماها بكل قوته، اللي ضحى بنفسه علشانها، خلاص... مشي!

رفعت راسها ببطء، عيونها الضايعة فضلت تدور في ملامحه على أي حركة، على أي دليل إنه بس نايم... مش رايح للأبد!

بس ما كانش فيه غير السكون... والبرد اللي بدأ يزحف لجسمه، واللي خلا قلبها ينزف أكتر!

عدى وقت وهيا منهاره، متعرفش ايه اللي حصل، هما فين والساعه كام وهيا بقالها قد ايه كده، مكانتش مستوعبه اي حاجه، مكانتش مصدقه نفسها، حبيبها راح، ملحقتش تعيش معاه، وبسبب مين، بسبب سهام، اه هيا سهام، سهام السبب، عايشه وسط ناس قاتله، مكانتش حاسه بحاجه خالص في حياتها ولا فارق معاها غير اللي حرمتها من الشخص الوحيد الصح في حياتها، خرجت من المكان وهيا مش في دماغها غير أنها تنتقم لحبيبها، يا قاتل يا مقتول انهارده، خرجت وركبت عربيته وعينيها سوده من الغضب، موبايل مراد جنبها بيرن، عينيها كانت مشوشة بالدموع، بس قدرت تلمح اسم "شادية" على الشاشة.

بإيد مرتعشة، فتحت المكالمه

جه صوت شادية من الناحية التانية، صوتها كان عادي في الأول، جاهل تمامًا المصيبة اللي حصلت "مراد بيه حضرتك كويس؟"

لكن ليلى كان صوتها مليان رعب وألم

" م....مراد مات"

ليلى استغربت كلمتها، ايه اللي هيا بتقوله ده، وليه بتقول كده، شهقت شادية بصدمة، كأن الدنيا وقفت عندها، كل كلمة سمعتها كانت زي طعنة في قلبها "يا مصيبتي!"

لكن ليلى كانت خلاص منهارة تمامًا، صوتها طلع مقهور

"هو وعدني مش هيسيبني! والله وعدني! وعدني هيحميني! وعدني هيكون في ضهري وعمره ما هيسيبني! بس مقدرش ينفذ الوعد ده، وكل ده بسببها، هيا اللي حرمتني منه"

دموع شادية نزلت بدون ما تحس، كانت عارفة إن الألم اللي في صوت ليلى مش ألم عادي، ده وجع كسرة، وجع فراق... وجع ضياع.

حاولت تتمالك نفسها وقالت بصوت ثابت رغم الرجفة اللي فيه "أنا معاكي في أي حاجة هتعمليها"

ليلى مسحت دموعها بعنف، نظرتها كانت شر، مستعده لأي حاجه وقالت " يبقى تنفذي اللي اقولهولك"

بعد ما قالتلها طلبها 

بهدوء قاتل، رمت الفون من إيدها، بصت للمكان نظرة أخيرة، بعدها اتحركت... ودموعها كانت آخر شيء سابته وراها، لكن نار الغضب كانت مشتعلة جواها، ومستحيل تنطفي!


وصلت ليلى البيت وهي بتاخد أنفاسها بصعوبة، قلبها كان بيدق بجنون من الغضب، من القهر اللي ماليها، شادية كانت مستنياها، فتحت لها الباب الخلفي بسرعة، من غير كلام، بس عنيها كانت بتقول كل حاجة.

أول ما دخلت ليلى، اتجمدت في مكانها، نظرتها وقعت على الفستان اللي كانت لابساه، غرقان بالدم… دم مراد! 

ليلى رفعت عنيها لشادية وقالت بصوت بارد رغم العاصفة اللي جواها "عملتي اللي اتفقنا عليه؟"

شادية هزت راسها بتأكيد "مفيش حد في البيت غيرهم… هما الاتنين بس."

الكلمات دي زودت النار اللي جوا ليلى، الغضب كان بيجري في عروقها، بصت لشادية، والكره اللي في عيونها كان واضح.

شادية بصوت هادي، بس مليان معاني "طلبوا مني قهوة… واهي جاهزة."

طلّعت حاجة صغيرة من جيبها،ازازه شفافة فيها سائل قاتم، بصت لليلى وقالت "ده سـ ـم قوي… مش بيموت على طول، الأول بيهري كل اعضاء الجسم وبعدها بيموت"

ليلى مسكته بإيدها المرتعشة، بس بسرعة تمالكت نفسها، فتحتها وصبت السم في فناجين القهوة ببطء… وهي بتحس بكل نقطة منه كأنها انتقام صغير بياخد حق مراد.

بصت لشادية، بصوت مليان قهر وأمر صريح "طلعيهالهم"

شادية أخدت القهوة وخرجت، في اللحظة دي، ليلى سمعتهم.

بره، في الصالة…

سهام كانت قاعدة مع ثريا، ابتسامتها كانت مليانة غل، وهي بتتكلم بمتعة "مشوفتيش رعبها ولا رعبه؟ وخصوصًا لما عرف إنها حامل! خليه يتقهر عليهم العمر كله."

ثريا كانت هادية بس صوتها كان فيه توتر "أهم حاجة محدش يقرب منه… مراد لاء"

سهام ضحكت، ضحكة خبيثة وقالت "يادوب خد علقة محترمة… أنا عايزاه يتعذب، مش يرتاح!"

فجأة، دخلت شادية بالقهوة، وقفت قدامهم، سكتوا للحظة، بعدها خدت كل واحدة فنجانها وبدأوا يشربوا.

سهام ارتشفت منها باستمتاع وقالت "نفسي أشوفه بعد اللي حصل."

ثريا ابتسمت هي كمان، شربت من الفنجان وقالت بارتياح "خلصنا من بنت عبد الرحمن أخيرًا!"

لكن ليلى، اللي كانت واقفة ورا الباب، كان الوضع عندها مختلف…

كانت حاسّة بغليان، بقهر، بغضب لو اتحول لنار هيحرق الدنيا كلها، كانت عايزة تخرج تقتلهم بنفسها، بإيديها، بدون وسيط، بدون سم، وده اللي حصل 

مسكت سكـ ـينة  وقطعت انبوبه البوتوجاز، فتحت كل العيون

شاديه دخلت، بصت للسكـ ـينة  اللي في إيدها، وبصوت حاسم، سألتها "بتعملي إيه؟"

ليلى ردت بثبات، بدون تردد

"دورك خلص، امشي إنتي!"

خرجت ليلى، بخطوات ثابتة، بعيون مش شايفة غير هدفها… السكـ ـينة في إيدها، والانتقام كان أقرب من أي وقت مضى


بمجرد ما شافوها…

الوقت وقف، الصدمة غطت الموقف كله، عيونهم وسعت بعدم تصديق، وكأنهم شافوا شبح قدامهم.

سهام شهقت، الفنجان وقع من إيديها على الطاولة بصوت عالي، نظرتها كانت متسمرة على ليلى.

ثريا، بايد مرتعشة، مسكت فنجانها بقوة وكأنها بتحاول تتأكد إنها في حقيقة مش كابوس… عينها كانت متعلقة بالسكـ ـينة  اللامعة في إيد ليلى، وبعدين رفعت نظرها ببطء لعيونها… العيون اللي كانت مليانة نار، نار انتقام مفيش حاجة في الدنيا هتطفيها.

ليلى اتحركت خطوة لقدام، بصوت مليان غل، عيونها مش بترمش وهي بتقول

"لاء… مموتتش، مش بموت بسهولة، ومش هسمح لنفسي أموت قبل ما انتقم!"

الكلمات وقعت زي الصاعقة، الصمت كان خانق، قبل ما ثريا تتلعثم بصوت مهزوز "إنتي… إنتي انهبلتي ولا إيه؟ إيه اللي في إيدك دي؟!"

ليلى ابتسمت… ابتسامة مليانة قهر، ابتسامة كانت أسوأ من ألف تهديد، وقالت بصوت منخفض بس كل كلمة منه كانت بتقطع فيهم "دي؟… دي سكـ ـينة ."

رفعتها قدامهم، خليتهم يشوفوها كويس، خليتهم يستوعبوا الرعب الحقيقي اللي مستنيهم، وبعدها بصت لهم نظرة طويلة، باردة، وقالت بهمس "هآخد بيها روحكوا… هنتقم"

قربت، وقربت 

ثريا قالت بحدة وهي بتحاول تخفي رعشتها "إنتي اتجننتي بجد؟! إزاي ترفعي علينا السكـ ـينة ؟!"

سهام أخيرًا استوعبت، نظرتها اتحولت لغضب أعمى وهي بتصرخ "إنتي بسبع أرواح ولا إيه يا بت؟! كل ما أحب أخلص منك، تظهريلي تاني! يبقى لازم أخلص عليكي بإيدي!"

هجمت عليها بسرعة، لكن ليلى كانت أسرع…

بغل وقهر، غرزت السكـ ـينة في بطنها وهي بتصرخ "دي كده الموتة التانية… أصل القهوة كانت مسمومة!"

ثريا شهقت بفزع، جسمها وقع على الكرسي، عيونها وسعت من الصدمة…

سهام فتحت بُقها شهقة ألم، الدـ ـم نزل من بوقها، عيونها بتبص لليلى بعدم تصديق… لكن ليلى لسه مخلصتش…

سحبت السكـ ـينة وغرزتها تاني وهي بتهمس بقسوة "أول موتة… عشان ستي!"

سحبتها تاني، وغرزتها بوحشية أشد، وكأنها بتقتلع روحها معاها، وقالت بجنون

"وتاني موتة… عشان أمي!"

سحبتها آخر مرة، عيونها كانت مليانة شرار، غرستها ببطء وكأنها بتديها كل العذاب اللي عاشته، وهمست بصوت مليان انتقام "والأخيرة… عشان حبيبي اللي قتلـ ـتيه بدم بارد يا مجرمة!"

سهام شهقت، جسمها اترنح ووقع على الأرض، غرقانة في دمـ ـها… انتهى أمرها!

لكن ليلى مكنتش هتسيب ثريا كمان … قربت منها، كانت بتنهج بخوف، عينيها مليانة رعب، مش مستوعبة اللي بيحصل…

ليلى قربت ببطء، السكـ ـينة في إيديها بتقطر دم، حطتها عند رقبتها وهمست بصوت هادي لكنه كفيل يخلي ثريا تترعش "هتموتي يا ثريا… ومش هتشوفي جنيه من الورث… طلعي في الروح يلا، وزي ما قولت لبنتك!"

وبدون تردد، غرست السكـ ـينة في بطنها وهي بتهمس بخبث "أول موتة… عشان ضرتك!"

سحبتها بقوة، وغرزتها تاني وهي بتقول بقسوة أشد "ودي… عشان أمي!"

ثريا شهقت، عينيها اتقلبت… جسمها تراخى… خلصت!

ليلى بصتلهم نظرة أخيرة، عينيها باردة، وبعدها…

تفت عليهم بغل، ولفت عشان تمشي، خرجت من البيت و......

بـــــــــووووووم!!

انفـــــــجــــــــار!

كل حاجة اهتزت، النيران ولعت في البيت، الدخان غطى السما، وكأن الجحيم فتح بابه علشان يبلع اللي يستاهلوا العذاب!

رجليها خانتها، وقعت على الأرض، إيديها اتحطت على بطنها… عينيها مليانة دموع… بصت على البيت اللي بيتحرق قدامها وبصوت مرتجف همست "حقك رجع يا مراد… خدتهولك بنفسي… بقيت مجرمه زيهم"

دموعها نزلت بحرقة، ابتسمت رغم الألم، حطت إيديها على بطنها بحنان وهمست بصوت متقطع "سيبتلي أغلى حاجة… لو هحبه، فده علشان هو ابنك…"

بصت للسما، عينيها مليانة حزن، وهمست بكلمة أخيرة

"في رعاية الله يا حبيبي!"

تمت....

الأخير 

by batool abdelrahman



تعليقات

التنقل السريع