رواية لانك انت الفصل الثاني 2بقلم شاهنده (حصريه في مدونة قصر الروايات)
رواية لانك انت الفصل الثاني 2بقلم شاهنده (حصريه في مدونة قصر الروايات)
دلف نوح إلى الحديقة وهو منشغل بمكالمة هاتفية يضع الهاتف على أذنه ويهزّ رأسه بتوتر:
ـ أنا هقوله يا يزيد بس هو مش بيسمع الكلام
أيوه طبعًا هكلمه تاني
توقفت خطواته فجأة عندما مرّ بجانب المسبح حاجباه انعقدا وهو يلاحظ شيئًا غير مألوف.
أنزل الهاتف عن أذنه وحدّق جيدًا كانت هناك حركة خافتة تحت سطح الماء ثم رأى طرف فستانٍ يتمايل وسط الأمواج الراكدة.
شهق بصدمة وصرخ وهو يرمي الهاتف أرضًا:
ـ غفران
قفز في الماء دون تردد سبح بسرعة حتى وصل إليها ذراعاها كانت مرتخيتين ورأسها مائل للخلف ملامحها شاحبة وكأن الحياة تسربت منها أمسك بها بقوة وسحبها إلى الحافة ثم صعد بها وهو يلهث مستلقيًا إياها على الأرض وهو يصرخ:
ـ حد يلحقناااااا! حد يجيب الإسعاف
بدأ بمحاولة إنعاشها وهو يضغط على صدرها برعشة في أصابعه ينظر إلى وجهها المتجمد ويناديها بخشية:
ـ غفران فتحي عينيكي بالله
وسط صرخات نوح المرتعشة بدأ أفراد العائلة يتوافدون إلى الحديقة واحدًا تلو الآخر.
أسيل كانت أول من وصلت ركضت حافية القدمين عيناها تترنحان بين المسبح وغفران المسجاة على الأرض ركعت بجوار نوح وهي تبكي بلهفة:
ـ غفران غفران ردي عليا
كان نوح يضغط على صدرها مرة أخرى أنفاسه متقطعة ويده ترتجف وهو يحاول التنفس بانتظام ليتمكن من الاستمرار
جاء الجد فاروق مسرعًا يتكئ على عصاه ملامحه كانت ممتقعة وصوته خرج مهزوزًا:
ـ حصل إيه؟ غفران مالها؟!
اقترب تميم ببطء عيناه على جسدها الممدد ووجهه شاحب كمن صُدم بطعنة في صدره تمتم بهمس غير مصدّق:
ـ هي هي قالت ساعتها إنها ما بتعرفش تعوم وانا مركزتش
انكمش وجه تميم وتراجع خطوة كأن الكلمات سقطت عليه كالصاعقة نظر إلى غفران مرة أخرى ثم إلى يده وكأنها ارتكبت جر..يمة لا يدركها بعد.
الهواء بدأ يعود ببطء إلى صدر غفران صدرها يهتز تحت ضغطات نوح ثم فجأة سعلت بقوة وانبعثت المياه من فمها وهي تتنفس بقوة كأنها خرجت من عالم آخر.
شهقت أسيل بقوة وانهارت تبكي على صدرها بينما نوح غطى وجهه بيده وهو يلهث براحة وهو يتمتم بهدوء:
ـ الحمدلله الحمدلله يا رب.
جلس الجد فاروق على أقرب كرسي وهو يتمتم بشكر خافت لله.
أما تميم فظل واقفًا مكانه الصدمة تأكل ملامحه ببطء وعيناه لم تفارق وجهها الشاحب كانت على بعد ثوانٍ من الموت بسببه وهي لا تعرف حتى كيف تعوم
في الغرفة
كانت غفران مستلقية على السرير تغطّيها بطانية خفيفة أنفاسها لا تزال مضطربة من أثر الغرق
في الخارج ساد صمت ثقيل كأن الحديقة نفسها اختنقت بما حدث
دخلت أسيل الغرفة بهدوء تحمل كوبًا من النعناع ووضعته على المنضدة إلى جانب السرير.
"اشربي جسمك محتاج سوائل دافية" قالتها بأسى وهي تجلس بجوارها.
رفعت غفران عينيها إليها ثم همست بصوت مبحوح:
"محدش سألني وقعت إزاي؟"
نظرت أسيل إلى الأرض ثم ردّت:
"الكل قال إنك اتزحلقتي وأنا ماحبيتش أفتح كلام يضايقك."
ظلت غفران صامتة للحظة ثم تمتمت:
"تمام."
لم تتحدث أكثر لم تُخبرها أن تميم هو السبب كان بإمكانها أن تصرخ بالحقيقة أن تفضحه لكنها اختارت الصمت ربما لأنها خافت أن يُكذبها أحد أو لأنها ببساطة لا تريد أن تكون هي سبب تفكك هذه العائلة التي بالكاد بدأت تعرفها.
في صباح اليوم التالي
أشرقت الشمس بخجل تنسل خيوطها الدافئة عبر نوافذ الفيلا الواسعة كان البيت لا يزال هادئًا أغلب من فيه لم يستيقظ بعد لكن رائحة القهوة بدأت تعبق في الأجوا
دخلت غفران إلى المطبخ بهدوء، ترتدي بيجامة قطنية وشعرها مرفوع بعشوائية. نظرت حولها للحظات، قبل أن تتقدم نحو الغلاية وتملأها بالماء.
"صباح الخير"
جاء الصوت من الخلف فانتفضت قليلًا ثم التفتت لتجد نوح واقفًا عند باب المطبخ يحمل كوب قهوته ويبتسم
"يا ساتر… خوفتني"
قالتها وهي تضع يدها على صدرها.
ضحك وهو يدخل المطبخ ويقترب منها:
"ماهو أنتي داخلة زي الحرامية كده قولت أقولك صباح الخير بدل ما أزعق."
ردت بابتسامة صغيرة :
"أنا اللي مفروض أزعق… بتدخل المطبخ قبلي؟"
رفع حاجبيه بمرح:
"أنا هنا من قبل ما الشمس تطلع اعملك قهوة؟ ولا لسه زعلانة من الحياة؟"
قهقهت بخفة رغمًا عنها ثم هزت رأسها:
"اعملي بس خفيفة مش عايزة قلبي يطير كفاية امبارح."
بدأ نوح في إعداد فنجان لها بينما جلست هي على الكرسي الخشبي الصغير قرب الطاولة.
"إنت دايمًا كده بتصحى بدري؟"
سألته وهي تراقب حركاته.
ردّ وهو يسكب الماء الساخن:
"آه، عادة قديمة، زمان كنت بشتغل في شغل بيبدأ من الفجر الجسم اتبرمج خلاص."
"واضح إنك نشيط زيادة عن اللزوم."
قالتها بمزاح.
ناولها الفنجان بابتسامة:
"وإنتي واضحة إنك بدأت تفوقي ده تقدم كبير من بعد اللي حصل امبارح."
نظرت له للحظة ثم همست وهي تمسك بالفنجان:
"شكرًا يا نوح لو مكنتش جيت في الوقت المناسب كان زماني…"
قاطعها سريعًا وهو يجلس على الطرف الآخر من الطاولة:
"ما تقوليش كده إنتي بخير وديه أهم حاجة… بس أمانة المرة الجاية ابعدي عن الميه شوية انتي بتخوّفي الواحد."
ضحكت وهي تغطي فمها:
"ولا يهمك… مش ناوية أقرّب منها تاني كفاية اللي حصل."
جلسا في صمت للحظة يتشاركان القهوة والدفء وكان ذلك الصباح أول مرة تبتسم فيها غفران من قلبها منذ وصولها إلى هذا البيت.
في المساء
كانت العائلة قد اجتمعت حول مائدة الطعام الجو العام هادئ لكن خلف الأطباق المتراصة والنظرات المتبادلة كان هناك شيء غير مرئي يثقل الأجواء جلس تميم على طرف السفرة نظراته متنقلة بين غفران التي تجلس مقابله وبين جده فاروق الذي يحاول تلطيف الأجواء بكلمات بسيطة وابتسامة هادئة.
كانت غفران تأكل بصمت وكأنها غير حاضرة تمامًا حتى قاطع صوت الهاتف المحمول ذلك الهدوء المربك ارتجف الهاتف على الطاولة أمامها فمدّت يدها وتصفّحت الشاشة بسرعة.
ـ "أيوه يا نوران"
ابتعدت قليلًا عن الطاولة وهي تتحدث نبرتها تغيّرت فيها شيء من الحياة والاهتمام وهو أمر لم يعتد عليه من حولها منذ ما حدث.
عادت بعد دقيقة وجلسَت لكن هذه المرة كان هناك ترقب في العيون.
رفع الجد فاروق حاجبه وسألها بهدوء:
ـ "فيه إيه يا بنتي؟"
ترددت للحظة ثم قالت بصوت خافت فيه شيء من الحسم:
ـ "صحبتي نوران.. النهاردة عيد ميلادها وعازماني على حفلة صغيرة كده في بيتهم... كنت ناوية أروح بعد العشا."
ساد صمت قصير حتى قال تميم فجأة بنبرة حادة:
ـ "مش هتروحي."
رفعت غفران نظرها إليه عيناها تحاول أن تبقي اتزانها لكنها لم تتكلم بل نظرت إلى الجد تنتظر رأيه.
وقبل أن تنطق بكلمة رفع الجد يده بهدوء وقال:
ـ "غفران كلامها مني أنا."
عمّ المكان هدوء ثقيل وتحرك تميم في مقعده بضيق، بينما استمر الجد بنفس الهدوء والوقار:
ـ "طول ما أنا فيا نفس محدش يعلي صوته عليها... ومحدش يمنعها من اللي يفرّحها طول ما هو في حدود الأدب."
ابتسمت غفران بخجل وهمست:
ـ "شكرًا يا جدو."
هز الجد رأسه وقال بنبرة حازمة:
ـ "بس ترجعي قبل الساعة عشرة مفهوم؟"
ردّت فورًا:
ـ "أكيد."
أما تميم فظلّ ينظر إليها بصمت في عينيه شيء أكثر من اعتراض
قبل أن تتحرك غفران من مكانها رفع الجد يده مرة أخرى وقال بصوت أكثر جدية:
ـ "بس في شرط يا غفران"
توقفت ونظرت إليه باستفهام بينما الجميع ينتظر ما سيقوله.
أكمل الجد:
ـ "تاخدي حد من ولاد العيلة معاكي."
تحرك تميم في مكانه وكأنه يستعد للتطوع لكن غفران سبقته وقالت بسرعة وبابتسامة خفيفة:
ـ "نوح."
في اللحظة التالية
اختنق نوح بلقمة في حلقه وبدأ يسعل بشدة بينما سليم اللي كان يجلس بجواره ضربه على ظهره وهو يضحك:
ـ "ده اسمه جزاء اللي بيقعد ساكت"
سعل نوح وقال بصوت مبحوح وهو يشرب الماء:
ـ "آه لا بجد أنا أنا مش كنت مستعد للحوار ده خالص."
ضحك خفيف خرج من بعض أفراد العيلة حتى الجد فاروق ظهرت ابتسامة صغيرة على وجهه وهو يومئ بالموافقة:
ـ "خلاص نوح يوصلك ويرجعك وابقوا طمنوني لما توصلوا."
هزت غفران رأسها وقالت برقة:
ـ "حاضر"
أما تميم فظلّ صامتًا نظره مثبت عليها وعلى نوح
لكن في عيون تميم كان هناك شي ليس مفهوم
ليست نظرة عدم ارتياح ولا اعتراض كأن بداخله صوت يقول:
ليه مش انا
كانت عقارب الساعة تقترب من السابعة مساءً، والبيت يسوده هدوء خفيف يسبق الحركة
في الأعلى
كانت غفران تقف أمام المرآة تنظر إلى انعكاسها بتردد تُعدل خصلات شعرها المفرودة على كتفيها
وتلتقط أنفاسها قبل أن تتجه نحو الباب.
ارتدت فستانًا بلون وردي ينسدل بنعومة علي جسدها
الفستان كان من النوع الذي ليس به الكثير من التفاصيل .
خامة ناعمة من الساتان الناعم بتنساب على جسدها
الجزء العلوي من الفستان كان مكشوف الكتفين بالكاد يغطي أعلى صدرها بخط ناعم مقوس يبرز رقبتها
كانت غفران ترتدي كعبٍ بسيط بلون اسود وحقيبة يد صغيرة تتدلى من كتفها
لم تضع الكثير من الزينة فقط لمسة خفيفة من الكحل وملمّع شفاه
جعلت ملامحها تبدو أكثر براءة مما هي عليه.
هبطت الدرج بهدوء خطواتها هادئة وصوت الكعب يُحدث رنينًا ناعمًا على درجات السلم
في الأسفل
كان نوح ينتظر وهو يتفحص هاتفه يرتدي قميصًا أبيض مفتوحًا من عند الياقة
وبنطالًا كحليًا أنيقًا شعره مصفف بعناية ورائحته تفوح بعطرٍ رجولي هادئ.
رفع رأسه حين سمع وقع خطواتها وللحظة تجمّد مكانه.
نظر إليها بانبهار واضح عيناه اتسعتا قليلًا وابتسامة صغيرة تشكّلت على طرف شفتيه قبل أن يتمتم بصوت خافت:
ـ "يا نهار أبيض"
تدلت غفران من آخر درجة ووقفت أمامه بثقة مصطنعة وقالت:
ـ "في حاجة؟"
رمش رمش كأنه يحاول ان يستيقظ من تأثير المشهد ثم حكّ مؤخرة رأسه وقال بخفة:
ـ "أه لا لا بس مش عارف أروح ولا أحجز فوتوسيشن بالشكل القمر ده."
ضحكت غفران بهدوء وقالت:
ـ "خليك مركز بس مش معايا ده مجرد عيد ميلاد."
ردّ بسرعة:
ـ "آه بس شكلك طالع كأننا رايحين مهرجان كان مش عيد ميلاد نوران"
في تلك اللحظة ظهر الجد فاروق من إحدى الغرف وألقى نظرة سريعة عليهما قبل أن يبتسم:
ـ "خلي بالك منها يا نوح."
هز نوح رأسه باحترام وقال:
ـ "تحت أمرك يا جدو."
ثم التفت إلى غفران وخرجا سويا
في الخارج
فتح نوح لها الباب قائلًا بنبرة خفيفة:
ـ "اتفضلي يا ست البنات."
خرجت غفران بخطوات ثابتة لكن في قلبها كانت النبضات تتسارع... ربما لأنها تخرج لأول مرة منذ مدة وربما لأن نظرة نوح تلك لم تكن نظرة عادية أبدًا بالنسبة اليها
في السيارة:
كانت السيارة تشقّ طريقها في هدوء الليل، الأضواء تنعكس على الزجاج الأمامي والهواء المنعش يتسلل من النافذة المفتوحة قليلاً.
جلس نوح خلف المقود عينيه على الطريق وابتسامة خفيفة لا تفارقه
أما غفران فكانت تتابع الطريق بصمت قبل أن يقطع الصمت صوته الهادئ:
ـ "تعرفي إنك لما تضحكي الدنيا بتروق؟"
نظرت إليه بسرعة وهي ترفع حاجبها:
ـ "يعني قبل كده كنت مكتئبة مثلاً؟"
ضحك:
ـ "مش اكتئاب بس الجو كان كئيب وإنتي اللي غيرتيه."
هزّت رأسها وهي تنظر للأمام:
ـ "بلاش الكلام المعسول ده يا نوح مش لايق عليك."
غمز لها بعيناه وقال:
ـ "ده أنا عندي كلام يدوّب جبل التلج اللي بينك وبين تميم."
ابتسمت بسخرية:
ـ "جبل تلج؟ ده تميم محتاج نار جهنم نفسها تسيحه."
قهقه نوح وقال:
ـ "طب الحمد لله إني مش هو... عشان أعرف أضحّكك على الأقل."
هزّت رأسها بخفة ولم تعلق.
كان الجو هادئًا ليل ناعم يتهادى على الأسفلت إلى أن ضغط نوح فجأة على الفرامل بقوة فاصطدمت أجسادهم بالمقاعد للأمام وغفران صرخت:
ـ "إيه ده إيه اللي حصل؟"
أشار نوح إلى الأمام وهو يلهث:
ـ "في حد مرمي في نص الطريق"
نزل بسرعة من السيارة وركض باتجاه الجسد الملقى عيونه تتفحّص الملامح المشوشة في الظلام بدا وكأنه شاب في العشرينات قميصه ممزق ووجهه متسخ ومليء بالكدمات.
اقترب نوح أكثر يمد يده ليتأكد من نبضه...
فجأة صرخت غفران من داخل السيارة:
ـ "نوووح خـلي بالك"
استدار نوح بسرعة لكن فوات الأوان
يد قوية سحبته من الخلف وسكين باردة التصقت بعنقه.
جفّ حلقه وارتجفت يداه وعيناه توسعتا
صوت غليظ همس في أذنه:
ـ "ولا كلمة ولا نفس و......"
يتبع
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا