رواية وميض اللقاء الفصل الثالث 3 بقلم آيه شاكر حصريه في مدونة قصر الروايات
رواية وميض اللقاء الفصل الثالث 3 بقلم آيه شاكر حصريه في مدونة قصر الروايات
(٣)
-إنتي مجـ.ـنونه؟ ليه تمشي ورا واحد متعرفيهوش، لوحدك وفي الوقت ده؟
-أنا... أنا بس كنت... كنت عايزة أفهم.
-تفهمي إيه؟
قالها «مالك» متهكمًا وهو يلوح بيده نازقًا، فارتبكت للحظة، وعقلها يبحث عن إجابة، لا يمكنها أن تخبره عن المذكرات... ليس الآن.
أخذت «رهف» نفسًا عميقًا محاولة استماع شجاعتها وتلعثمت:
-آآ... أصل إنت شبه حد أعرفه... واستغربت كنت رايح فين...
أطلق «مالك» ضحكة كالزفرة وقال ساخرًا:
-بجد مش مصدقك!
ابتلعت ريقها بتوتر، ولم تجد ردًا مقنعًا بينما استدار هو بعيدًا عنها، مسح وجهه بكفيه وأخذ نفسًا عميقًا كأنه يحاول تهدئة أعصابه، ثم التفت لها وقال:
-المكان هنا مش آمن، أنا مش عارف عقلك فين عشان تيجي مكان زي ده؟
شعرت بالإحراج من تهورها، ونكست رأسها، ثم قالت بخفوت:
-مفكرتش... أسفة.
كانت هادئة جدًا ولا تجادل، فتاة أخرى كانت لترفع صوتها عليه وتسأله ما شأنه بها؟ لكنها انكمشت على نفسها وصمتت، ظل صامتًا للحظة، ثم التفت إليها مجددًا، وقال بهدوء:
-اتفضلي يا أنسه أوصلك.
استسلمت للأمر، وتبعته بخطوات مترددة، سارت بجواره في صمت، لكن قلبها كان ممتلئًا بالفضول والارتباك، وكأنها كانت تعلم أن هذا اللقاء لن يكون الأخير...
سارا سويًا في الشوارع الضيقة، بينما كانت «رهف» تراقب خطواته السريعة وحركاته الحذرة.
بدا وكأنه يعرف هذا المكان جيدًا، وكأنه اعتاد على السير في هذه الأزقة المعتمة...
تساءلت؛ من هو مالك حقًا؟ ولماذا تشعر بأن حوله هالة من الغموض؟
قطع أفكارها صوته الهادئ:
-إنتي ساكنة فين؟
-في المعادي القديمة...
قالتها بنبرة مرتعشة، فأومأ برأسه دون أن ينظر إليها، فرغم أنه كان يعرف الإجابة لكنه أراد تبديد الصمت بأي سؤال...
واصل السير بخطوات سريعة وهي تجاوره...
كان صمته مثقلًا بالتوتر، فسألته:
-هو إنت مش فاكرني؟ سألتني عن بيت دكتور عطاء قبل كده.
رمقها بنظرة استعادها سريعًا وقال:
-الحقيقة مش فاكر.
قالها بجمود رغم أنه كان يتذكرها جيدًا، بينما شعرت هي بالحرج وتمنت لو لم تسأله، وران عليهما الصمت، وبعد دقائق من المشي، بدأ الشارع يضيء تدريجيًا بأضواء البيوت القديمة.
شعرت «رهف» براحة بسيطة عندما تعرفت على بعض المعالم المألوفة.
توقف «مالك» فجأة، واستدار نحوها قائلًا بهدوء:
-تقدري كده تكملي لوحدك؟
أومأت، وبدلت نظرها بين الطريق الذي يؤدي إلى بيتها ثم إلى وجهه الجامد، وسألته بفضول:
-هو... إنت... إنت ليه كنت هناك طالما المكان مش آمن؟
ظلت عيناه ثابتتين عليها للحظة، بدا وكأنه يفكر في إجابة، لكنه هز رأسه بسرعة:
-عندي شغل هناك.
ضيقت جفونها وسألته:
-شغل ايه؟!
-اعتقد إني مش لازم أجاوب.
شعرت بالإحراج مجددًا، لكنها لم تستسلم، وسألته بعفوية:
-هـ... هو حضرتك مين؟
أدار وجهه بعيدًا، خرج صوته هادئًا لكنه بارد:
-أنا مالك... إنتي اللي مين؟
قالت بصوت خافت ودون أن تنظر إليه:
-أنا رهف.
-ربنا يهديك يا رهف... خلي بالك من نفسك.
قالها بصوت يشوبه بعض السخرية، ثم استدار وانطلق مبتعدًا بسرعة قبل أن ترد أو تسأله عن شيء.
وقفت «رهف» في مكانها، تتذكر حوارهما وهي تراقب ظهره وهو يبتعد، ويغمرها شعور بالارتباك والحيرة معًا...
عادت إلى بيتها بخطوات بطيئة، تشعر بتعب لم تعرف سببه.
كانت تريد أن تهرب من هذا الشعور بالقلق، لكنها تعلم أن الأسئلة لن تتوقف عن ملاحقتها.
دخلت البيت بهدوء، وحاولت أن تتسلل إلى غرفتها دون أن يشعر بها أحد، لكن صوت أمها الحاد أوقفها:
-رهف! رنينا عليكِ مش بتردي كان باقيلنا شويه وننزل ندور عليكِ في الشارع.
تحاشت النظر لعيني والدتها وحاولت أن تبدو طبيعية وهي ترد:
-معلش آسفه... كنت بخلص بحث للكليه يا ماما.
هزت والدتها رأسها مستنكرة وغمغمت:
-هقولك ايه! الحمد لله إنك جيتِ بالسلامة.
ثم أشارت نحو المطبخ وأضافت:
-طيب العشا في المطبخ ادخلي بقا جهزي لنفسك.
أومأت «رهف» برأسها وقالت:
-هغير هدومي الأول...
ثم دخلت غرفتها بسرعة.
ألقت نفسها على السرير، وهمست لنفسها:
-إيه سر الدفتر ده؟ وإيه سر مالك دا كمان؟
أغلقت «رهف» عينيها للحظة، محاولة إيقاف تيار الأفكار المتسارع في رأسها، لكن شعورًا غريبًا تسلل إلى صدرها... ثمة شيء ناقص.
فتحت عينيها فجأة، وتوجهت بنظرها نحو حقيبتها الملقاة بجانب السرير.
مدت يدها تلتقطها لتُخرج الدفتر، وتجمدت في مكانها... السحاب مفتوح والدفتر غير موجود بالجيب الأول!
جلست بسرعة، وبدأت تفتح كل جزء بالحقيبة تبحث بجنون داخلها، فتشت في كل جيب، قلبت محتوياتها على السرير، لكن لا أثر له، شعرت بقلبها يخفق بعنــف وهي تتساءل؛
أين ذهب؟ فقد وضعته في الحقيبة بعد أن قرأته في المواصلات.
تذكرت كيف كانت تقرأ السطور المكتوبة عن اللقاء الثالث، وكيف رفعت رأسها لتجد «مالك» يجلس جوارها وتوترها آنذاك، هل سقط منها هناك؟ أم فقدته أثناء هجـ ـوم اللص عليها؟ وضعت يدها على رأسها بحيرة.
لو سقط في الشارع، فقد يكون الآن في يد أي شخص... أو ربما... مالك؟
اتسعت عيناها فجأة متسائلة هل يمكن أنه التقطه؟
نهضت من على السرير بسرعة، وكان الخوف والقلق يتزايد داخلها.
المذكرات ليست مجرد أوراق قديمة، إنها المفتاح لكل ما يحدث لها... وهي الآن مفقودة، تُرى كيف سيكون اللقاء الرابع؟
همست لنفسها بقلق:
-لازم أرجع أدوّر عليها... بس ازاي دلوقتي؟.
أخذت تقرض أظافرها كانت تعلم جيدًا أن هذا لن يكون سهلًا... لذا قررت ألا تذهب الآن، ستنتظر حتى الصباح.
**********
مرت عليها ليلة مليئة بالأرق، ومع بزوغ أول خيط من خيوط الشمس، كانت «رهف» قد اتخذت قرارها.
لن تستطيع الانتظار أكثر...
ارتدت ملابسها بسرعة، وأخذت حقيبتها بحذر كي لا توقظ أحدًا.
مرّت بجانب غرفة والديها المغلقة بإحكام، ثم تسللت عبر الممر المؤدي إلى الباب الخارجي، أوقفت أنفاسها للحظة عندما أصدر الباب صريرًا خافتًا، لكنها خرجت دون أن يشعر بها أحد.
كانت شوارع المعادي القديمة هادئة بشكل غريب في هذا الوقت المبكر.
سارت بسرعة، متجنبة النظر إلى أي عابر، وعقلها لا يتوقف عن التفكير... هل سقط الدفتر في المواصلات؟ أم في الشارع؟
وصلت إلى المكان الذي توقفت فيه بالأمس، وقفت تتأمل الأرض، تبحث بعينيها عن أي ورقة متناثرة أو أثر للدفتر.
شعرت ببرودة الصباح تتسلل إلى جسدها، لكنها لم تهتم...
بدأت تتحرك ببطء، تمسح بعينيها كل زاوية...
وبعد فترة من البحث لم تجد شيئًا فقررت أن تعود لبيتها...
سارت مسافة والأفكار تدور برأسها، توقفت «رهف» في منتصف الشارع، وشعرت بدموع الإحباط تتجمع في عينيها، أين ذهب الدفتر؟ من يمكن أن يكون قد وجده؟
أخذت تمسح الأرض بنظراتها مرة أخرى...
-صباح الخير يا أنسه رهف.
توقفت مكانها لبرهة، كانت تلك نبرة «مالك» المألوفة، التفتت ببطء، لتجده يقف خلفها، عاقدًا ذراعيه، وعيناه تراقبانها بحذر.
ابتلعت ريقها، ولم تعرف كيف ترد تسائلت؛ هل... هل يمكن أن يكون هو من أخذه؟ وربما هو من سلط عليها ذلك الرجل بالأمس، تسلل الشك إلى قلبها وتناطحت التساؤلات داخل رأسها...
وحين طال صمتها، رفع «مالك» حاجبه، وسألها:
-شكلك ضايع منك حاجه!
شعرت بالحرج والقلق في آن واحد، وقالت بتلعثم:
-أ... أيوه...
اقترب منها خطوة، وسألها بترقب:
-وإيه اللي ضايع منك؟
ترددت للحظة، هل تخبره الحقيقة؟ أم تخفي الأمر حتى تعرف إن كان له علاقة بالدفتر؟ فيبدو أن هناك سر خلف كل هذا!
تلعثمت مرة أخرى:
-مجرد... حاجه عاديه.
لم تستطع تجاهل نظرة «مالك» التي ظلت تراقبها بتمعن، كأنه كان يحاول فك شفرة ما... أو كأنه يعرف أكثر مما يُظهر، سألته بشك:
-هو إنت بتعمل ايه هنا؟
-عندي شغل.
قالها باقتضاب، فسألته باضطراب:
-بـ... بتشتغل ايه؟
ارتسمت على وجهه ابتسامة غامضة قبل أن يجيب بهدوء:
-عندي شركة تسويق رقمي... بشتغل على إدارة حسابات السوشيال ميديا وتصميم الإعلانات.
حاولت «رهف» أن تبدو غير مبالية، لكنها لم تستطع إخفاء دهشتها، سألته:
-شركة... عندك شركه في السن ده؟
ضحك بخفة:
-وماله السن ده؟ على فكره أنا عندي ٢٨ سنه.
شعرت بإحراج طفيف، فاومأت وصمتت بينما رن هاتفه فجأة، فألقى نظرة سريعة على الشاشة، ثم قال:
-لازم أمشي دلوقتي، عن إذنك.
وقبل أن يستدير «مالك» ليغادر، التفت إليها وقال بابتسامة جانبية:
-بالمناسبة... لو حبيتي تشوفي شغلي، دوري على صفحة 'M-Connect للتسويق الرقمي' على الفيسبوك.
وأضاف بابتسامة عذبة:
-عن إذنك... سلام.
لم تُعلق بينما استدار هو مبتعدًا، لكن صوته تردد في أذنها بثقل، وكأنه كان يخفي سرًا ما...
ظلّت «رهف» تراقبه وهو يبتعد، كان قلبها يخفق بشدة، وشكوكها تتزايد.
أخرجت هاتفها بسرعة، وكتبت في مربع البحث على فيسبوك: 'M-Connect للتسويق الرقمي'.
ظهرت الصفحة فورًا...
كان الشعار بسيطًا وأنيقًا، يعكس احترافية واضحة.
تصفحت المنشورات، فوجدت تصاميم مبتكرة ومحتوى جذاب... بدا وكأنه يعرف ما يفعله حقًا.
فتحت قسم الصور، وبدأت تتفحصها واحدة تلو الأخرى.
إعلانات، اقتباسات تحفيزية، لقطات من مقاهي مختلفة... وفجأة توقفت عينها على الشاشة، والصدمة تتمشى على وجهها...
يتبع
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا