رواية شتات الأرواح الفصل الخامس 5 بقلم سليمان النابلسي حصريه في مدونة قصر الروايات
رواية شتات الأرواح الفصل الخامس 5 بقلم سليمان النابلسي حصريه في مدونة قصر الروايات
شتات الأرواح
البارت الأخير
مرت الأيام سريعة، وكانت العاصفة التي اجتاحت حياتهم قد هدأت. ولكن الظلال التي خلفتها تلك الأيام العصيبة لم تكن لتختفي بسهولة. كانوا قد وصلوا إلى مرحلة مفصلية، حيث كل شيء كان على المحك، ولم يكن هناك مجال للخطأ. هذه المرة، كانت الحقيقة قد كُشِفَت، والنوايا باتت واضحة، ولا شيء يمكن أن يرجعهم إلى الوراء. كلهم كانوا يواجهون مصيرهم، وإن كانت بعض الأجزاء منهم لا تزال تتساءل عن الدروس التي تعلموها.
مريم كانت تقف أمام النافذة، عيناها تراقبان السماء التي لا تزال تحمل آثار العاصفة. كانت أفكارها متشابكة، وكأنما كل تفكير يقودها إلى مكانٍ أبعد، حيث لا تجد أجوبة شافية. كانت تتأمل التغيير الذي حصل في حياتها وفي حياة كل شخص حولها. كيف تغيرت الموازين، وكيف أصبحوا في هذه اللحظة يقفون على عتبة الانتقال إلى مرحلة جديدة.
مريم (بحزن خفيف، وهي تتحدث إلى نفسها): "لقد كنا نعيش في عالمٍ موازٍ، حيث كانت الخيبات هي رفاقنا. لكننا الآن، بعد كل ما مررنا به، نملك القوة لنقرر مصيرنا بأنفسنا. لكن، هل نستحق ذلك؟"
بينما كانت مريم غارقة في تفكيرها، كان زين يقف خلفها، ينظر إلى السماء ذاتها. كان الرجل الذي كان دائمًا يبدو قويًا، لكنه في هذه اللحظة بدا وكأنه قد نضج بفعل كل ما مروا به. في عينيه كان هناك شيءٌ مختلف، شيءٌ من التساؤل العميق.
زين (مقتربًا منها، وهو يتحدث بصوت هادئ): "أنتِ تعرفين، مريم، الحياة لا تمنحك فرصة لإعادة الموازين. ربما كانت أخطاؤنا جزأً من قدرنا، لكننا هنا اليوم. لم نهرب من الماضي، بل واجهناه."
مريم (بتنهيدة، وهي تلتفت إليه): "ولكن هل سنتمكن من بناء المستقبل بعد كل هذه الخراب؟ هل سيجد الجميع طريقهم بعد كل ما مروا به؟"
زين (بابتسامة مريرة): "لا يمكننا أن نعيد الزمن، ولكن يمكننا أن نصنع غدًا جديدًا. وإذا كان هناك شيء تعلمته، فهو أننا لا نصنع المستقبل بمفردنا، بل معًا."
في تلك اللحظة، عمر دخل الغرفة، وعيناه تلمعان بشدة، وكأنما كان يحمل في طياته قصة لم تكتمل بعد.
عمر (بصوت عميق، بعد لحظة صمت): "لقد فعلناها. لقد وصلنا إلى حيث كنا نرغب، لكن لا يزال هناك شيء غير مكتمل. السر الذي كنا نبحث عنه، لا يزال يربطنا بطريقة غريبة."
مريم (بقلق، تقترب منه): "ماذا تعني؟ هل هناك شيء آخر؟"
عمر (بحزم): "نعم. السر الذي طالما كان يطاردنا هو ليس ما ظنناه. لقد كان هناك شخص آخر وراء كل هذا. شخص لم نكن نعرفه حتى الآن."
وضع زين يده على كتف مريم، محاولًا تهدئتها، ولكنه في نفس الوقت كان يشعر بالرهبة من كلمات عمر. كان يعلم أن هناك شيئًا لم يُكشف بعد، وأن الحقيقة التي كانوا يهربون منها كانت أكبر مما كانوا يتخيلون.
زين (بصوت منخفض، وهو يفكر): "من هذا الشخص؟ ولماذا لم يكشف نفسه حتى الآن؟"
عمر (بتوتر، وهو يمشي في الغرفة): "إنه شخص من الماضي، من حياة قديمة كنتُ أظن أنها قد انتهت. لكن، يبدو أن هذا الشخص قد ظل يراقبنا، يخطط لكل خطوة نخطوها، وكان يحاول أن يوقعنا في الفخ."
مريم (بدهشة، تقف وتفكر): "هل تعني أنه كان بيننا؟ كان يراقبنا طوال الوقت؟"
عمر (بمكر، يلتفت إليهم): "نعم، هذا ما يعنيه. لكن هناك شيء آخر. هذا الشخص هو الشخص الذي كنا نبحث عنه. وهو ليس سوى... شخص من عائلة قريبة منا. كان يظهر في الظلال، يبتسم في الخفاء، يحيك خططه بينما نعتقد أننا نواجه خصومًا مختلفين."
كانت اللحظات التي تلت تلك الكلمات مليئة بالارتباك. كانوا على حافة اكتشاف أكبر أسرارهم. لم يكن الأمر مجرد قتال بين الحق والباطل، بل كان هناك خيانة في أعماقهم لم يدركوها حتى تلك اللحظة.
زين (بصوت متوتر): "من هو؟ من هو هذا الشخص؟"
عمر (بحزن، وهو يلتفت إليهم): "هو... والدي."
كانت كلمات عمر بمثابة الصاعقة. لم يكن بإمكانهم تصديق ما سمعوه، وكانت مريم أول من نطق بكلمات تملأها الصدمة.
مريم (بذهول، وهي تصرخ): "كيف؟ كيف يكون والدك؟ وكيف لم نعرف؟"
عمر (وهو ينخفض رأسه، متألمًا): "كان هو المسؤول عن كل شيء. منذ البداية، كانت هذه اللعبة الكبيرة جزءًا من خطته. كان يريدنا أن نفشل، أن نتقاتل، أن نتورط في الدوامة التي خلقها لنا. كان يرى فينا مجرد أدوات."
مرت عدة لحظات من الصمت، بينما كانت الحقيقة تتسلل إلى عقولهم. لم يكن هذا مجرد قتال ضد أعداء خارجيين، بل كان قتالًا ضد الخيانة الداخلية. كان عليهم أن يتعاملوا مع هذه الخيانة ويعثروا على وسيلة للتخلص منها.
زين (بصوت غاضب): "لكن لماذا لم يخبرنا أحد؟ لماذا كان علينا أن نكتشف هذه الحقيقة بهذا الشكل؟"
مريم (بتصميم، وهي تحاول تقبل ما حدث): "ليس لدينا وقت للإجابة عن هذه الأسئلة الآن. يجب أن نواجهه. يجب أن نضع حداً لكل ما فعله."
عمر (بابتسامة مريرة): "نعم، يجب أن نوقفه. والدي لا يدرك أننا أصبحنا أقوى مما كان يتخيل."
في تلك اللحظة، كانوا يعرفون أن المعركة الحقيقية قد بدأت. لم تكن مجرد مواجهة ضد شخص واحد، بل كانت معركة ضد الماضي، ضد الخيانة التي حاولت أن تظل في الظلال، ضد تلك الأشياء التي كانت مخفية عنهم لعقود. ولكن في النهاية، كانوا قد وصلوا إلى نقطة اللاعودة.
مريم (بتصميم، وهي تقف أمامهم): "لن نسمح له بأن يحكم علينا. سنواجهه الآن."
خرجوا من الغرفة، وكان كل واحد منهم يدرك أن ما سيحدث بعد هذه اللحظة لن يكون كما كان من قبل. كان عليهم أن يواجهوا أكبر تحدٍ في حياتهم، وأن يتخذوا القرار الذي سيغير مجرى تاريخهم للأبد.
عندما وصلوا إلى الباب، توقفوا للحظة، ونظروا إلى بعضهم البعض. لم تكن هذه فقط نهاية ماضٍ مؤلم، بل كانت بداية جديدة، بداية للحقيقة، والشجاعة، والتغيير.
زين (بصوت هادئ): "كل شيء كان يستحق العناء. ولكننا اليوم، لن نتراجع. لن نسمح لأحد بتحديد مصيرنا."
مريم (بابتسامة حازمة): "لن نقف في الظلال بعد الآن. نحن اليوم في قلب الضوء."
وفتحوا الباب، متجهين نحو مصيرهم، متسائلين ماذا ستخبئ لهم الأيام القادمة.
يتبع بالخاتمهشتات الأرواح
الخاتمة
تأمل مريم في الظلام الذي يحيط بها، ولكن في داخلها كان هناك شعاع من النور يضيء طريقها. ربما كانت لحظات النهاية مليئة بالقلق والشكوك، ولكن هناك دائمًا بصيص أمل في كل بداية جديدة. كانت قد مرَّت بتجارب مريرة، ولكن تلك التجارب منحتها القوة التي تحتاجها لتكمل حياتها. كانت تعرف أنه لا يمكن لأي شخص أن يعيد الزمن إلى الوراء، ولكن ما يمكنها فعله هو أن تبني مستقبلاً أفضل، بأن تتعلم من الأخطاء وتحارب في سبيل أن تبقى على قيد الحياة.
مريم (وهي تتنفس بعمق، وهي تقف أمام النافذة): "لقد تغير كل شيء، ولكن لا يمكننا أن نعيش في الماضي. علينا أن نغادره، ونعثر على الطريق الذي يوصلنا إلى المستقبل. الطريق الذي سيكون لنا، فقط لنا."
زين كان يقف بجانبها، لم يقل كلمة، ولكنه كان يعلم أن مريم قد وصلت إلى نقطة حاسمة. لم يكن فقط الخطر قد انتهى، بل كان هذا اليوم بداية لما كان يجب أن يكون. النهاية الحقيقية للماضي. وبينما كانت عيونهم تراقب الأفق البعيد، كانت الفرحة بمستقبلهم الجديد تملأ قلوبهم.
زين (بصوت منخفض، وهو ينظر إلى مريم): "أنتِ على حق. لا فائدة من إضاعة الوقت في التفكير فيما مضى. الأهم الآن هو ما سيحدث غدًا. ونحن معًا، يمكننا أن نبني شيئًا جديدًا."
كان عمر قد انضم إليهم، وابتسم ابتسامة صغيرة، كأنما يحاول تخفيف التوتر الذي ما زال يسيطر على الجو.
عمر (وهو ينظر إلى السماء): "لن نستطيع تغيير ما حدث، ولكننا استطعنا التغلب عليه. وقد أثبتنا لأنفسنا ولعالمنا أننا أقوى مما ظننا."
كانت الكلمات التي قالها عمر بسيطة، ولكنها كانت تحمل قوة عظيمة. كانت تتحدث عن النضج والوعي الذي اكتسبوه من خلال معركتهم. كانوا قد عثروا على الحقيقة، واجهوا الخيانة، وهزموا التحديات. وكان هذا هو الجزء الأكثر أهمية: أنهم لم يستسلموا، بل قاتلوا من أجل أن يكون لهم مكان في هذا العالم.
ثم، ببطء، قاموا جميعًا بالتحرك نحو الطريق الذي كان سيأخذهم إلى الوجهة القادمة. كان الطريق طويلاً، ولكنهم لم يعدوا يشعرون بالخوف. بل كانوا مستعدين لمواجهة ما قد يأتي.
مريم (بابتسامة واثقة): "نحن لا نعود إلى الوراء. ما بدأناه اليوم هو بداية جديدة. وسنتمكن من بناء حياة أفضل، حيث لا مكان للخيانة، ولا مكان للظلال."
زين (بهدوء): "نعم، لقد انتهينا من الظلام، والآن نبدأ في نحت طريقنا الخاص. ولا شيء سيثنينا عن ذلك."
وفي تلك اللحظة، كان واضحًا أن كل واحد منهم قد تحول. لم يكونوا مجرد أفراد معزولين يواجهون التحديات، بل أصبحوا فريقًا متماسكًا، متحدين في طموحهم ورغبتهم في تحقيق العدالة. كانت الحياة قد أعطتهم دروسًا قاسية، ولكنهم استوعبوا تلك الدروس، واستخدموها لصالحهم.
تقدموا معًا، لم يعودوا يخافون من المستقبل، بل كانوا يحفرون في الأرض بيدهم ليصنعوا مستقبلاً جديدًا.
عمر (بصوت مليء بالثقة): "إننا لا نحتاج للعودة إلى الماضي لنحدد من نحن. نحن هنا، الآن، ونحن من يصنع تاريخنا. ونحن من سنظل نحارب من أجل أن نبني عالمًا أفضل."
كانت اللحظات الأخيرة من هذه القصة هي اللحظات التي لخصت كل شيء. بعد أن مروا بكل تلك الصعاب، لم يعد شيء قادرًا على الوقوف أمامهم. كانوا قد تعلموا أن الحياة ليست مجرد صراع للبقاء، بل هي عن اكتساب القوة من اللحظات الصعبة، ومن ثم العودة أقوى.
مريم (بتصميم لا يخلو من الأمل): "لم نكن مجرد ضحايا للظروف، بل كنا صناع قدرنا. وكل لحظة مررنا بها كانت سببًا في أن نصبح من نحن اليوم."
كانت الكلمات التي قالتها مريم هي خلاصة كل شيء. كانوا قد خرجوا من تحت أنقاض الماضي لينهضوا مجددًا، أقوياء، متحدين، وواعين. لم يكن لهم خيار سوى أن يسيروا قدماً في هذا الطريق الجديد الذي اختاروه، الطريق الذي يلوح فيه الأمل في الأفق. كانت تلك هي النهاية، لكنها كانت أيضًا بداية لرحلة جديدة.
وفجأة، سكت الجميع. لم يكن هناك حاجة للكلام بعد الآن. كانت أفعالهم قد تحدثت بصوت عالٍ، وكانت قد أظهرت للعالم كله أنهم قادرون على مواجهة أي شيء. مهما كانت الصعاب، ومهما كانت التحديات.
زين (بتنهدة، وهو ينظر إلى مريم وعمر): "لا شيء يمكن أن يقف في طريقنا. كل شيء سيكون كما نريده. وسنكتب قصتنا بطريقتنا."
كانت هذه هي النهاية المأساوية للظلال التي كانت تخيم على حياتهم. ولكنها كانت أيضًا بداية جديدة، بداية تضعهم على مسار جديد، ليس فقط من أجلهم، بل من أجل كل من سيواجه تحديات مشابهة.
وفي نهاية المطاف، كانت اللحظة المثالية التي انتظروها: اللحظة التي اكتشفوا فيها أن البقاء على قيد الحياة ليس مجرد غريزة، بل هو قرار. قرار بأن يعيشوا وفقًا لمبادئهم، وألا يسمحوا لأي شيء بتحديد من هم.
أخذوا الخطوة الأولى نحو المستقبل.
النهاية.
لمتابعة الروايه الجديده زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا