رواية خيانة الدم الفصل الخامس والسادس بقلم الهام عبد الرحمن حصريه في مدونة قصر الروايات
رواية خيانة الدم الفصل الخامس والسادس بقلم الهام عبد الرحمن حصريه في مدونة قصر الروايات
رواية خيانة الدم الفصل الخامس والسادس بقلم الهام عبد الرحمن حصريه في مدونة قصر الروايات
الفصل الخامس
فى صباح اليوم التالى كان راغب يجلس فى مكتبه يقوم بمراجعة بعض الاوراق حينما دخلت عليه احدى الخادمات....
راغب: خير يازينب فى حاچة؟!
زينب بتردد: ايوا ياسيدى البيه كنت عاوزة أجولك على حاچة حُصلت امبارح من سيدى أكرم بيه ولازم تعرف بيها دى بردك سمعة العيلة وآنى متربية فى الدار اهنه وحجكم عليا ان دبة النملة اوصلهالك يا سي راغب.
راغب بنفاذ صبر: اخلصى يازينب وبطلى لت وعچن وجولى الكلام اللى حداكى آنى مفاضيش للت الحريم ده ورايا أشغال مهمة.
زينب بتأتأة: أ... أصل... يعنى
راغب بحدة: ماتنطجى يابت انتى.
زينب: حاضر ياسيدى البيه هجول اها آنى امبارح بالليل كنت راچعة من عند ستى ورد وكانت موصيانى أشوف الفرسة بتاعتها ولدت ولا لسة ولما روحت اللسطبل لاجيت سيدى أكرم بيه واجف مع البت زهرة بنت عبد الرحيم السايس وكانوا... كانوا يعنى.....
راغب بحدة: ماتنطجى يابت المركوب انتى ايه اللى حصل؟!
قصت زين كل ماسمعته من حوار أكرم وزهرة فضيق راغب عينيه وأصدر صوت همهمة ثم قال لها...
راغب بغضب: طيب اخفى دلوك من جدامى وحسك عينك كلمة تطلع منيكى لمخلوج والا يبجى نهاية عمرك فاهمة.
زينب بخوف: حاضر ياسيدى راغب مش هنطج كلمة والله.
وهمت بالرحيل ولكن راغب استوقفها قائلا...
راغب: عاوز عينك تبجى على البت دى ودبة النملة توصلنى فاهمة ياواكلة ناسك.
زينب: حاضر حاضر.
راغب وهو يشير لها بالخروج: يلا اخفى من جدامى.
جلس راغب يفكر فيما سمعه من تلك الخادمة ولان شخصيته معقدة ومليئة بالتناقضات فقد شعر بالغضب والتهديد من مشاعر اكرم تجاه زهرة، فهو لايهمه الحب أو الصدق بقدر مايهمه الحفاظ على السيطرة والنفوذ داخل العائلة. فقد رأى راغب فى تصرفات أكرم نوعا من التمرد الذى قد يعرض مصالحه وسلطته للخطر وأنه يريد أن يتحدى النظام الذى وضعه بنفسه فى العائلة، فقرر مواجهة أكرم ففى أحد الامسيات عندما كان أكرم يجلس فى حديقة المنزل دخل راغب الحديقة بوجه ملئ بالغضب وتحدث بصوت عالى وملئ بالسخرية...
راغب: أكرم بتهيألى إن عندى حاچة مهمة لازم تعرفها، سمعت إنك بتدور على فضيحة چديدة للعيلة؟!
يرفع أكرم رأسه وينظر الى راغب بثبات، فهو يعلم أن المواجهة كانت آتية لا محالة فرد عليه قائلا...
أكرم: لو بتتحدت عن زهرة يبجى مفيش فضيحة ولا حاچة، بس فى حب حاچة مش هتفهمها أبدا ياراغب.
راغب وهو يضحك بسخرية ويقترب من أكرم ويواجهه بعينيه بتهديد: حب!! انت بتتحدت عن حب لبت السايس؟ انت عايز تچرچر اسم العيلة فى الطين عشان شوية مشاعر مراهجة؟
أكرم وهو يحاول الحفاظ على هدوئه ولكنه يشعر بالغضب وداخله يشتعل: المشاعر دى مش شوية مشاعر مراهجة زى مابتجول. آنى بحب زهرة، وهعمل أى حاچة عشان أكون معاها حتى لو كان التمن إنى أواچهك وأواچه العيلة كلها.
اقترب راغب من أكرم وأخفض صوته ولكنه كان ملئ بالغضب المكتوم وقال....
راغب: انت مفاهمش ياأكرم آنى مش هسمحلك تضعف العيلة بالشكل ده انت طول عمرك بتحاول تتمرد لكن المرة دى مش هتفلت منيها بسهولة.
أكرم بتحدى وهو يرفع صوته بثبات: آنى مش محتاچ إذنك ياراغب، زهرة مش مچرد بت السايس، وهى تستحج الحب والاحترام زى أى حد تاني وآنى مش هسمح لأى حد حتى انت إنه يهينها.
شعر راغب بالاهانة من كلام أكرم وقبض على يديه بغضب: آنى كنت دايما الجوى اللى فى العيلة وانت عمرك ماكنت كد المسئولية لو كت فاكر انى هسيبك تدمر كل اللى بنيته تبجى غلطان.
أكرم بصوت ملئ بالاصرار وكأنه يعلن الحرب: آنى مش خايف منيك ياراغب طول عمرك بتحاول تسيطر على الكل لكن مش هتسيطر على حياتى ولو حبى لزهرة بيهددك تبجى دى مشكلتك مش مشكلتى.
تراجع راغب بخطوات بطيئة وعينيه تمتلئان بالغضب والتصميم، ثم قال بحزم....
راغب: أوعاك اتفكر انى هسيبك تعمل اللى فى دماغك ياأكرم انت هتبعد عن البت دى والا محدش هيندم غيرك حط عجلك فى راسك تعرف خلاصك ياواد عمى.
ثم ترك الفناء وصوت خطاه القوية يتردد فى الارجاء مشيرا الى ان هذه ليست نهاية المواجهة بل بدايتها، شعر أكرم بالقلق لكنه ايضا شعر بالقوة لوقوفه ضد راغب فى سبيل الحب الذى يؤمن به.
دخل راغب الى المنزل ووجهه لايبشر بالخير فصعد على الدرج متوجها الى حجرته ولكنه توقف على نهاية الدرج حينما وجد عثمان قبالته....
راغب: بَعِد من وشى السعادى يا عثمان آنى عفاريت الدنيا بتتنطط جدامى.
عثمان بسخرية: وايه اللى مخليها تتنطط ياولد ابوى ماتهدى أعضائك اشوية.
راغب بحدة: عثماااان آنى مطايجش حالى دلوكيت بعد عنى وسيبنى فى حالى.
عثمان باستفزاز: لا اهدى كدا ووفر حمجتك دى لبعدين للمرار اللى هتشوفه على يدى.
راغب بنفاذ صبر: بوووووه بعد عنى بدل ماأجتلك بيدى دلوك.
ذهب راغب الى حجرته وهو يتوعد لأكرم وعثمان بالهلاك.
حينما دخل راغب الحجرة وجد سما تجلس أمام المرآة تمشط شعرها الطويل ببطء وكأنها غير مهتمة بما يحدث حولها. نظرت اليه عبر انعكاس المرآة بهدوء ثم قالت بنبرة عادية....
سما: صوتك واصل للبيت كله خير ايه اللى حصل المرادى؟!
اقترب منها راغب ببطء وعينيه تشتعلان بالغصب والضيق....
راغب: اللى حصل عاوزة تعرفى اللى حصل؟ هجولك عثمان وأكرم ناويين معايا على نهايتهم.
سما بقلق: ايه اللى حصل عملوا ايه؟!
راغب بغضب: دول ناس مش عارفة مكانها فين كل واحد فيهم مفكر نفسه يجدر يلعب معاي..
سما دون أن تدير وجهها إليه، وضعت المشط على الطاولة واستدارت لتواجهه...
سما: وانت مش شايف انك بتكبر اعدائك؟ عثمان خرج من السجن ومش هيسكت وهيفضل يدور على اللى يثبت بيه برائته واكرم انت دايما بتعامله على انه لسة طفل صغير مش من حقه يعمل حاجه هو عاوزها عاوز الكل تحت طوعك الكل ينفذ اومرك وبس انت فاكر ان خططك كلها هتمشى زى ماانت عاوز؟!
راغب وهو يضحك ضحكة خافتة لكنها كانت تحمل تهديدا مبطنا واقترب منها اكثر:
راغب: وانتى بجى ناوية تبجى زييهم وتجفى فى وشى؟!
نظرت سما فى عينيه بثبات، ثم قالت ببرود: أنا ماليش دعوة بحربك بس خلى بالك كل لعبة وليها نهاية وأحيانا اللاعب الأقوى هو اللى بيخسر.
وقف راغب أمامها وعينيه تتفحص وجهها بحثا عن اى تحدى، ثم مد يده ليلمس خصلات شعرها بصوت خافت لكنه ملئ بالتحذير وقال...
راغب: أوعاكى تنس انك مرتى وان اى حد فى حياتى عدوك زى ماهو عدوى واللى هيجف جدامى حتى لو كان عثمان... نهايته الهلاك.
شعرت سما بالخوف والقلق على عثمان ولكنها حاولت عدم اظهار أى تأثر بحديثه واستدارت لتواجه المرآة مرة أخرى وقالت بنبرة جافة...
سما: زى ماقولتلك خلى بالك من النهاية.
تركته واقفا خلفها يحمل فى عينيه غضبا يكاد يفجره لكنه لم يجد ردا. ظل واقفل خلفها للحظات يحدق فى انعكاسها فى المرآة، فرغم كلماته المليئة بالتهديد الا انه سعر بشئ غريب فى نبرتها، كأنها لم تعد تخشى غضبه كما كانت من قبل.
اقترب منها أكثر ووضع يده على كتفها وضغط قليلا كأنه يريد فرض سيطرته عليها لكنها لم تتحرك ولم تبد اى ردة فعل تشعره بالانتصار.
راغب بصوت منخفض وبارد: انتى متغيرة جوى ياسما زمان كنت بتخافىمن أى كلمة دلوك بجت نبرة صوتك مختلفة. اوعاكى تكونى فاكرة نفسك بجيتى جوية عشان عثمان رچع اهنه.
رفعت يما عينيها لتقابله فى المرآة وقالت بهدوء: أنا مش قوية ولا حاجه لكن فى نفس الوقت مش لعبة فى ايدك تعمل فيها اللى انت عاوزه، فى حاجات كتير كنت بعملها عشان احمى نفسى واحمى بنتى لكن خلاص انا عارفة انى لازم اواجهك فى يوم من الايام.
راغب وهو يضحك بسخرية: تواچهينى؟! تواچهينى كيف؟! آنى اللى چبتك اهنه آنى اللى خليتك فى المكانة اللى بجيتى فيها انتى بجيتى مرت الكبير كبير عيلة البحيرى اللى اى بت فى البلد بس تتمنى تراب رچليه ولا نسيتى اياك انتى كنتى ايه وبجيتى ايه.
استدارت سما هذه المرة لتواجهه مباشرة وكانت نظرتها مليئة بمزيج من الغضب والتحدى...
سما: وانا عارفه كويس انت مين انت واحد انانى خان اخوه ودمر حياته واستولى على مراته وبنته لكن اوعى تفتكر ان الشر دايم حتى اقوى الناس بييجى وقت وبيقعوا وانت قربت من الوقت دا ياراغب.
كلمتها الاخيرة جعلت راغب يتراجع خطوة للخلف دون ان يدرك كانت نظرتها ثابتة وقوية بطريقة لم يعهدها من قبل لكنه سرعان ماايتعاد توازنه وأخذ خطوة للامام محاولا ان يعيد سعور السيطرة...
راغب: انتى فاكرة انك هتجدرى تجفى جدامى؟ لو فكرتى للحظة انك ممكن تجفى ضدى هتشوفى منى وش عمرك ماشوفتيه.
سما وهى تبتسم بسخرية: أنا شوفت كل وشوشك ياراغب الخوف، الكذب، التهديد، حتى وش الغدر عيشته معاك مفيش حاجه جديدة ممكن تخلينى أخاف اكتر.
شعر راغب لاول مرة بضعف خفى فكلمات سما كانت تضربه فى اماكن لم يتوقعها لكنه اخفى ارتباكه وابتسم ابتسامة باردة...
راغب: كويس انك فاكرة كل ده عشان لما اتصرف متبجيش تستغربى بس خليكى فاكرة حاچة واحدة لو فكرتى تخونى رغباتى أو تحاولى تساعدى عثمان هتكون نهايتك اسرع مما تتخيلى.
تركها راغب ودخل الحمام قا الباب خلفه بعنف تاركا سما امام المرآة تنظر لانعكاسها.
بعد لحظات تنهدت وامسكت بمشطها مرة أخرى لكن يدها كانت ترتجف قليلا همست لنفسها بصوت بالكاد يسمع....
سما: انتهى وقت الخوف... لازم اتحرك قبل فوات الاوان.
فى احدى الليالى شعر عثمان بالارق فتوجه خارجا من حجرته الى حديقة المنزل عله يستطيع محو الارق الذى يلازمه بسبب كثرة تفكيره فى كيفية الوصول الى اى دليل يساعده على معرفة قاتل ابيه.
كانت سما فى ذلك الوقت تقف فى شرفة غرفتها تشم الهواء العليل عله يريح قلبها ولكن كيف للقلب ان يرتاح ومعذب قلبها يجلس امامها، لا تستطيع حتى النظر اليه، فهربت من عيناها دمعة متمردة حينما وجدته على تلك الحالة وكأنه شخص يائس وعاجز فخرجت منها آهة مهمومة وتنهدت بحزن وعقلها يسترجع احدى الذكريات بينهما....
flash back....
فى غرفة المعيشة فى منزلهما الصغير كانت سما ترتدى فستانا بسيطا باللون الازرق الفاتح وعبق الورد يملأ الغرفة. دخل عثمان للتو من العمل يحمل بين يديه باقة من الزهور. نظرت له سما بابتسامة مشرقة وهى ترتب بعض الكتب على الرف وتحدثت قائلة....
سما: عثمان حمدالله على السلامة ياحبيبى ايه الورد الجميل دا ياروحى انا كدا هيبقى عندى جنينة من كتر الورد اللى بتجيبهولى.
عثمان وهو يقترب منها بخطوات واثقة ويضع الزهور على الطاولة: انتى تستحجى ورود العالم كله ياجلب عثمان بكفاية انى كل يوم بصحى على أچمل وش فى الدنيا واسمع همس أروع صوت اللى أچمل من صوت الكنارى.
شعرت سما بالخجل ونظرت الى الارض وهى تضحك بخفة وتقول....
سما بخجل: انت دايما بتعرف تخلينى احس باجمل احساس فى الدنيا وكانى بطلة من بطلات الروايات الخيالية.
اقترب منها عثمان وامسك يديها ونظر فى عينيها بعمق وقال بهمس....
عثمان: بس انتى أكتر من اكده ياروحى انتى كل حاچة أنا محتاچها فى حياتى تعرفى؟ لما بكون فى المستشفى وأبجى مع العيانين بفضل أفكر واجول ياترى لو كان العالم كله فيه ناس زيك كان هيبجى كيف؟ أكيد هيكون زى الچنة.
سما وهى تضع يدها على وجهه برقة: أنا فعلا اكتر ست محظوظة فى الدنيا عارف انا بحب اوى اشوفك وانت بتتكلم بحماسك عن احلامك وعن مرضاك وعن العالم اللى انت عاوز تغيره.
عثمان وهو يقترب منها اكثر ويضع يديه على خصرها برقة: لكن آنى جدرت أحجج أهم حلم من احلامى وهو انك بجيتى مرتى وعلى اسمى، انى أجدر اتطلع فى عنيكى كل يوم وآنى خابر انى الراچل الوحيد اللى فى جلبك.
أغمضت سما عينيها بخجل عينيها بخجل للخظة قبل ان ترفع رأسها وتنظر إليه: ولو قولتلك انى انا اللي حققت الحلم، من ساعة مادخلت حيانى حسيت وكانى ماشية فى طريق كله سعادة مبتنتهيش.
ضيق عثمان المسافة بينهما وهمس بالقرب من أذنها: أوعدك ياجلب عثمان إن السعادة دى متنتهيش واصل من حياتنا.
وضعت سما راسها على صدره واستمعت الى دقات قلبه: وانا مصدقاك وحيات كل دقة من قلبك لأعيشك فى هنا وسعادة.
ضمها عثمان بين ذراعيه برقة وحنان وطبع قبلة رقيقة على جبينها وهو يهمس بحب: ودايما هتفضلى أميرتى وچوه جلبى.
عادت سما من ذكرياتها، ودموعها تملأ عينيها وهى تتساءل كيف تحولت هذه اللحظات السعيدة إلى ألم وخيانة.
فى الحديقة قطع رنين الهاتف شرود عثمان فاعتدل فى جلسته وامسك هاتفه ونظر الى هذا الرقم الغريب الذى يتصل به باستغراب وقام بالرد عليه...
عثمان: السلام عليكم مين معاى.؟!
المتصل: كيفيك ياعثمان بيه؟
عثمان: مليح الحمدلله مين حضرتك؟!
المتصل: مش مهم تعرف آنى مين دلوك المهم انك تعرف مين اللى جتل الحاچ صفوان.
هب عثمان واقفا وتحدث بلهفة: انت مين وتعرف اللى جتل ابوى كيف؟! انطج جول ساكت ليه؟!
المتصل: اهدى بس ياعثمان بيه الامور متتاخدش اكده نتفج الاول وبعدين اجولك على كل حاچة.
عثمان باستغراب: تجصد ايه؟!
المتصل: كلك نظر يابيه المعلومات اللى عندى هتريح بالك وتخليك تبطل تفكير وتعرف الحجيجة اللى بسببها جضيت خمس سنين من عمرك فى السچن.
عثمان بقوة: طلباتك؟
المتصل: خمسة مليون چنيه وآنى هجولك على كل المعلومات اللى عندى.
عثمان بتفكير: بس المبلغ دا كتير جوى وآنى مهجدرش اوفرهولك دلوك.
المتصل بسخرية: بجى عثمان بيه عين اعيان الصعيد مهيعرفش يچهز مبلغ اصغير كيف ده؟ لا دى هزلت.
عثمان بضيق: اجفل خشمك خلاص هچهزهولك عاوزه ميته؟!
المتصل: هتصل عليك بكرا وأجولك.
ثم اغلق الهاتف سريعا ولم ينتظر جواب عثمان عليه.
عثمان وقف مكانه للحظات بعد إغلاق المكالمة، يحاول أن يهدئ أعصابه ويستوعب ما حدث. كانت الأفكار تتسارع في رأسه وأخذ يحدث نفسه
عثمان: "ياترى دى فرصة عشان أعرف الحجيجة؟ ولا مچرد محاولة لابتزازي؟".
عاد إلى مقعده في الحديقة، محاولًا جمع شتات أفكاره، لكنه شعر كأن الحديقة بأكملها تضيق عليه.
في تلك اللحظة، لاحظت سما من شرفتها تغير حال عثمان. لم تستطع مقاومة رغبتها في معرفة ما حدث. أمسكت بوشاحها الخفيف وخرجت بهدوء إلى الحديقة. حين اقتربت منه، ترددت للحظة ثم قالت بصوت خافت:
سما: عثمان... انت كويس؟
رفع رأسه ونظر إليها، وفي عينيه خليط من القلق والغضب، لكنه حاول أن يخفيهما:
عثمان: آه، كويس... مالك؟ ليه نازلة فى الوجت المتأخر ده؟
سما بصوت هادئ: شوفتك مهموم، قولت يمكن محتاج حد تتكلم معاه.
عثمان ابتسم بخفوت، لكنه لم يقل شيئًا. وقفت سما أمامه للحظات، ثم جلست على المقعد المقابل له، وعيناها تتابعان حركاته المرتبكة.
سما: لو في حاجة ممكن أساعدك بيها، قولي.
عثمان وهو يشبك يديه ويخفض رأسه: مفيش حاچة، مچرد تفكير في اللي فات... وفى اللي چاي.
لم تصر سما على سؤاله أكثر، لكنها لم تستطع أن تمنع نفسها من الشعور بالقلق عليه. كانت تعلم أن عثمان يخفي شيئًا، ولكنها اختارت أن تصمت، ربما لأن صمتها هو الطريق الوحيد لتبقيه قريبًا منها.
بعد دقائق من الصمت، رفع عثمان رأسه وقال فجأة:
عثمان: سما... لو حد جالك إنه يعرف حاچة ممكن تغير حياتك كلها، بس هيطلب منك تمن كبير... تعملي إيه؟
سما وقد شعرت بالارتباك: على حسب... إيه الحاجة اللي هيقولها؟ وهى مهمة قد إيه؟
عثمان وهو ينظر في عينيها بجدية: لو كانت الحجيجة... الحجيجة اللي طول عمرك بتدوري عليها.
صمتت سما لبرهة، ثم قالت بنبرة حزينة: الحقيقة دايمًا ليها تمن، بس في حاجات مينفعش نشتريها، حتى لو كانت الحقيقة.
نظر عثمان بعيدًا، وكأن كلامها أزعجه أو جعله يعيد التفكير. ثم نهض فجأة وقال:
عثمان: شكرا يا سما... أنا محتاچ أكون لحالى شوية.
وقبل أن ترد، كان قد تركها وعاد إلى داخل المنزل. بقيت سما في مكانها، تنظر إلى المقعد الفارغ الذي كان يجلس عليه. شعرت أن هناك عاصفة تقترب، وأن عثمان في قلبها، ولكنها لا تعرف إن كانت ستستطيع مساعدته، أو إن كان يريد مساعدتها من الأساس.
---
في صباح اليوم التالي، كان عثمان ينتظر بفارغ الصبر المكالمة التي وعده بها المتصل. عندما رن الهاتف، التقطه بسرعة:
عثمان: أيوة؟
المتصل: چهزت الفلوس؟
عثمان: هچهزها... بس محتاچ أعرف إنك مش بتلعب معايا.
المتصل بضحكة قصيرة: مش أنا اللي بلعب يا عثمان بيه... جبل ما نتجابل، هبعتلك دليل اصغير يطمنك.
عثمان بلهفة: دليل؟ دليل إيه؟
المتصل: هتشوف بنفسك... افتح إيميلك بعد ساعة.
وأغلق الهاتف مرة أخرى دون أن يعطي عثمان فرصة للرد.
بقي عثمان متوترًا، يراقب عقارب الساعة حتى مرت الساعة كاملة. فتح حاسوبه ودخل إلى بريده الإلكتروني. وجد رسالة تحمل عنوانًا: "الحقيقه تبدأ هنا". فتح الرسالة، ليجد فيها صورة... صورة لوالده وهو يجلس في مكتبه، والدماء تغطي صدره، لكن الغريب أن الشخص الذي ظهر في زاوية الصورة لم يكن سوى... .
ياترى عثمان هيعرف مين القاتل ولا لسة فى مفاجآت تانية هستنى توقاعتكم فى الكومنتات.الفصل السادس
عثمان ظل ينظر إلى الشاشة بذهول، نبضاته تتسارع وعقله يحاول استيعاب ما يراه. كانت الصورة قاتمة، لكنها واضحة بما يكفي لإظهار والده وهو جالس على كرسي مكتبه، والدماء تغطي صدره. في زاوية الصورة، ظهر ظل رجل يقف خلفه، لكن ملامحه لم تكن واضحة؛ كل ما استطاع رؤيته هو ظهره وملامح غامضة لملابسه.
عثمان بحيرة: "مين ده؟ ويا ترى الصورة دى حجيجية؟"
أغلق عثمان الشاشة بسرعة، وكأنه يخشى أن يظهر الشبح من خلفه. وقف، يمرر يده على وجهه ويحاول تنظيم أنفاسه. ثم أمسك بهاتفه واتصل بالرقم الذي أرسل له الرسالة، لكن المتصل لم يرد.
جلس على كرسيه مرة أخرى، وعيناه معلقتان بالشاشة. عاد وفتح الصورة، محاولًا التركيز على أي تفاصيل يمكن أن تساعده. لاحظ شيئًا صغيرًا على يد الرجل الظاهر في الصورة: ساعة فضية تلمع في معصمه. كان هذا كل ما استطاع تمييزه، لكن هذه التفاصيل زادت من غموض الأمر بدلاً من حله.
رن الهاتف فجأة، قاطعًا تفكيره. التقطه بسرعة:
عثمان: ألو!
المتصل بصوت ساخر: الصورة عچبتك، مش اكده؟
عثمان بغضب: مين ده اللي في الصورة؟ إنت عاوز مني إيه؟
المتصل ببرود: اهدى يا عثمان بيه، أنا اللي عندي الأچوبة... بس أنت لسه ما جدمتش المطلوب.
عثمان: أنت بتلعب بالنار. لو عرفت إنت مين، هخليك تندم على كل كلمة جلتها!
المتصل ضاحكًا: تهديداتك مش هتفيدني. زي ما شوفت، عندي حاچات أكتر ممكن تغير كل حاچة. چهز الفلوس، وأنا أجولك كل اللي أنت عاوزه.
عثمان بصوت يحمل حدة وتوتر: لو طلع اللي عندك كذب، هخليها آخر كذبة تجولها في حياتك.
المتصل: خلي كلامك لنفسك. بكرا الساعة عشرة بالليل، هتاچي لحالك بالمبلغ اللي طلبته، وهبعتلك مكان المجابلة جبلها بساعة. ولو حاولت تعمل أي حركة، مش هتشوف أكتر من اللي شوفته في الصورة.
انتهت المكالمة، وعاد الصمت يسيطر على المكان. عثمان أغلق الهاتف بقبضة مرتجفة، ثم ضرب بقبضة يده على الطاولة بقوة. "مين البنى آدم ده؟ ويا ترى ممكن يكون حد جريب مننا؟".
بدأ الشك يتسلل إلى عقله، لكنه لم يستطع استبعاد أي احتمال. كان يعلم أنه يقترب من الحقيقة، لكن الطريق كان محفوفًا بالخطر.
في اليوم التالي، كان عثمان يسير في أرجاء المنزل كمن يبحث عن إجابة بين الجدران. فجأة، وجد نفسه واقفًا أمام مكتب والده المغلق منذ سنوات. دفع الباب ببطء، وكأن عبق الماضي تسلل إلى أنفه. كان المكتب مليئًا بالذكريات، لكنه لم يأتِ للذكريات، بل للبحث عن أي دليل ربما أغفل عنه في الماضي.
بدأ يفتح الأدراج ويبحث بين الأوراق. فجأة، وجد دفترًا صغيرًا مكتوبًا بخط يد والده. كان يحتوي على ملاحظات وأسماء، لكن اسمًا واحدًا لفت انتباهه: "راغب". إلى جانب الاسم، كانت هناك جملة قصيرة مكتوبة: "لا أثق به... يتلاعب بالحقائق".
أغلق الدفتر بيدين مرتجفتين، وعيناه تتسعان. "هل كان والدي يعرف أن راغب يخفي شيئًا؟"
رن الهاتف مرة أخرى، لكنه هذه المرة كان رقمًا مألوفًا... راغب.
عثمان تحدث بلهجة باردة: أيوا يا راغب.
راغب بصوت هادئ: عثمان، كنت عاوز أكلمك عن موضوع مهم.
عثمان وهو يحاول كتم أعصابه: اتفضل.
راغب: مش وقته على التليفون. لازم نتجابل وش لوش
عثمان: تمام... جولي فين وميته؟
راغب: بعد العشا هستناك فى المكتب بتاعى.
أغلق عثمان المكالمة، لكن قلبه كان يمتلئ بالشكوك وأخذ يردد فى نفسه
عثمان: "يا ترى راغب عارف أني جربت من الحجيجة؟ ودلوك بيحاول يستدرچني لحاجة أكبر؟".
في تلك الليلة، قرر عثمان مواجهة راغب، لكن في الوقت نفسه، كان يخطط للذهاب إلى اللقاء الذي حدده المتصل. كان يعلم أن اللعب بالنار خطير، لكنه أيضًا لم يعد يخشى الاحتراق.
عثمان قرر أن يبدأ بمقابلة راغب أولًا، ولكنه كان على يقين أن الحوار لن يكون وديًا. وضع مسجلًا صغيرًا في جيبه لتوثيق أي شيء قد يدين راغب، فقد كان الشك يملأ قلبه تجاهه.
---
في منزل العائلة، دخل عثمان قاعة الجلوس حيث كان راغب يجلس متكئًا على الأريكة الفاخرة، وكان يمسك سيجارة مشتعلة في يده ونظرة امتعاض في عينيه.
راغب (بنبرة سخرية): شايفك بتمشي في البيت كأنك مالكه!
عثمان (بهدوء مليء بالحدة): وجودي في البيت ده حجي، مش هبة ولا فضل منيك يا راغب.
راغب ضحك بتهكم وأشار بيده نحو عثمان:
راغب: حجك؟ حجك كان في الزنزانة اللي طلعت منها! على الأجل كنت مريحنا هناك.
عثمان تقدم بخطوة للأمام، محاولًا السيطرة على أعصابه:
عثمان: أنا مش چاي أسمع كلامك اللى زى السم ده. أنا هنا عشان أفهم... كنت تعرف مين اللي جتل أبونا؟
راغب جلس ببطء وابتسامة ساخرة ترتسم على وجهه:
راغب: فاكرنى بوليس تحجيج ولا إيه؟ لو عندك شكوك، روح اشتكي.
عثمان: واضح إنك بتلف وتدور. بس خليني أوضح حاچة... لو اكتشفت إن ليك يد في الموضوع، حياتك مش هتبقى زي ما هي.
راغب أشعل سيجارة مرة أخرى ونفث الدخان في الهواء:
راغب: تهديداتك ما بتخوفنيش. وعلى فكرة، لو كنت شاكك إني عارف حاجة، ليه ما سألت نفسك ليه آنى ماجولتهاش وجتها للبوليس.
عثمان (بصوت منخفض مليء بالشك): يمكن لأنك كنت خايف... خايف تنكشف.
ارتفع حاجبا راغب بتهكم، لكنه لم يرد.
رن هاتف عثمان فجأة، قاطعًا التوتر. كان الرقم الغريب يتصل مرة أخرى.
راغب: مين اللي بيتصل عليك؟
عثمان: ولا يخصك.
خرج عثمان من القاعة للرد:
المتصل: چاهز؟
عثمان: مستعد، جولي فين؟
المتصل: الچسر الجديم، الساعة 10 بالليل. لو چبت حد معاك، اعتبر العرض لاغي.
أغلق عثمان المكالمة بسرعة وعاد إلى القاعة. كان راغب يراقبه بعينين مليئتين بالشك.
راغب: أنت متورط في حاچة؟
عثمان: زي ما جولت... مش شغلك.
ترك عثمان المنزل دون أن ينتظر رد راغب، لكنه كان يعلم أن المواجهة مع راغب لم تنتهِ بعد.
---
اللقاء عند الجسر
عند الساعة العاشرة تمامًا، وصل عثمان إلى الجسر القديم. كان المكان موحشًا، والظلام يغطي كل شيء إلا بقعة صغيرة مضاءة بضوء القمر. وقف عثمان يتلفت حوله، محاولًا تمييز أي حركة.
ظهر رجل ملثم من بين الظلال، مرتديًا ملابس سوداء بالكامل، يحمل حقيبة صغيرة في يده.
عثمان: وين الدليل اللي وعدتني بيه؟
الرجل: معايا. بس الأول، الفلوس.
عثمان: وريني الدليل الأول.
الرجل أخرج هاتفًا محمولًا من الحقيبة وفتح فيديو. ظهر فيه مكتب صفوان، وظهر نفس الشخص الغامض الذي في الصورة. الرجل الغامض رفع يده ليكشف عن ساعة فضية تلمع في معصمه.
عثمان: ده مش كفاية. مين ده؟
الرجل: الفيديو يكمل لو دفعت.
عثمان قرر الضغط عليه:
عثمان: ولو ما دفعتش؟
الرجل (بصوت مهدد): لو ما دفعتش، مش هتشوف أكتر من اللي شوفته.
في تلك اللحظة، سمع عثمان صوت خطوات قادمة من خلفه. التفت بسرعة ليجد راغب يقف بعيدًا، يحمل سلاحًا في يده ووجهه يعلوه غضب قاتم.
عثمان (بصدمة): إنت بتعمل إيه هنا؟
راغب (بنبرة حادة): ما تسألش أسئلة مالكش إچابة عليها. إنت اللي عملت في نفسك اكده لما دخلت في حاچات أكبر منيك.
الرجل الملثم بدأ يتراجع بخطوات بطيئة، لكن راغب رفع السلاح نحوه:
راغب: ولا خطوة... سلم اللي معاك!
الرجل ضحك بصوت عالٍ:
الرجل: إنتو الاتنين أغبياء... فاكرين إنكم ممكن تمسكوا حاچة؟
في تلك اللحظة، أطلق راغب رصاصة أصابت الحقيبة التي يحملها الرجل، فأسقطها وهو يركض في الظلام.
عثمان انحنى بسرعة وأمسك بالحقيبة. عندما فتحها، وجد بداخلها أدلة أخرى: مفتاح إلكتروني وبعض المستندات. لكن قبل أن يتمكن من فحصها بدقة، سمع صوت راغب يقترب منه.
راغب (بصوت منخفض وملامح مليئة بالكراهية): أنت ليه لسه عايش يا عثمان؟ لو كنت مكانك، كنت فضلت في السچن للأبد... مكانك اهناك، مش اهنه.
عثمان نظر إليه ببرود، ثم رفع الحقيبة أمام وجهه:
عثمان: لو عاوز تعرف مين اللي هيخرچ من حياتنا جريب، استعد... الحجيجة قربت تظهر.
ترك راغب واقفًا في الظلام، وعاد إلى سيارته، مصممًا على كشف الحجيجة، مهما كان الثمن.
بعد ليلة طويلة مليئة بالقلق والتفكير، قرر عثمان أن يبحث في مكتب والده القديم. كان يشعر دائمًا أن هناك شيئًا مفقودًا، وأن الحقيقة ربما مخبأة بين أوراق صفوان، والده الراحل.
---
في مكتب صفوان
دخل عثمان المكتب مرة أخرى ليكمل البحث فيه وأغلق الباب خلفه بإحكام. كان الجو خانقًا، مليئًا برائحة الأثاث القديم والغبار. تحركت عيناه بين رفوف الكتب وأوراق متناثرة على المكتب. بدأ في سحب الأدراج واحدًا تلو الآخر، يبحث عن أي شيء قد يكون مفيدًا.
بين الأوراق المبعثرة في الدرج السفلي، وجد دفترًا جلديًا بني اللون، مزينًا بحواف ذهبية. بدا الدفتر قديمًا ولكنه محفوظ بعناية. على غلافه كان مكتوبًا بخط والده الواضح:
"صفحات حياتي... لمن يأتي بعدي"
شعر عثمان بوخزة في قلبه وهو يفتح الدفتر. تصفح الصفحات الأولى، حيث تحدث والده عن أحلامه وتطلعاته، وعن بناء الإمبراطورية التي أراد أن تكون إرثًا لعائلته.
ولكن بينما كان يقرأ الصفحات التالية، بدأ يلاحظ تغيرًا في نبرة الكتابة...
---
صفحة من المذكرات
"ابني راغب... كنت فاكر أن چواه بذرة خير، لكن الأيام أثبتتلي عكس اكده. طموحه مالوش حدود ، بس طموحه ده اتحول لطمع. شوفته كيف بيبص لكل حاچة بمتلكها وكأنه عاوز كل حاچة لنفسه. مكنتش متصور أن ياچى اليوم اللى أحس فيه بالخطر من فلذة كبدي."
---
عثمان توقف عن القراءة للحظة، كأن الكلمات كانت خنجرًا في قلبه. أكمل القراءة بشغف أكبر، بحثًا عن المزيد من التفاصيل.
---
"راغب بدأ يظهر عداءً واضحًا ناحية أخوه عثمان. كان بيحاول دايما إنه يبعده عن جرارات الشغل، وكان بيبصله بصات مليانة كراهية. آنى ماأستبعدش أنه يعمل أي حاچة عشان ياخد اللى هو عاوزه. أحيانًا بحس أنه بيراجبني، كأني عجبة في طريجه. آنى خايف من اللى ممكن يعمله بعد موتى..."
---
عثمان أغلق الدفتر للحظة، وأخذ نفسًا عميقًا. ثم عاد وفتحه لقراءة الصفحات الأخيرة.
---
"لو كنت بكتب الكلمات دى ومعتش موچود، فاعرف ياولدى أني حاولت بكل جوتي انى أحمى كل اللى بنيته، ولكن يظهر أن العدو كان من الداخل. عثمان، إن كنت بتجرا كلامى ده ، فعشان خاطريياولدى حافظ على شجايا وتعبى . متسيبش الطمع يدمر اللى عشت عمرى ابنيه. راغب مش هيتردد في فعل أي حاچة عشانيحجج هدفه. حاذر ياولدى منيه وخلى بالك على حالك... واعرف أنني دايما چارك حتى لو مبجتش عايش فى الدنيا."
---
أغلق عثمان المذكرات بيدين مرتعشتين، وعيناه ممتلئتان بالغضب والحزن. تذكر كل المواجهات مع راغب وكل الأفعال التي أثارت شكوكه. أدرك الآن أن والده كان يحذره منه طوال الوقت.
وقف عثمان، واضعًا المذكرات في جيبه، وقرر مواجهة راغب بالحقيقة. هذه المرة، لن يترك الأمور تسير كما يريد راغب.
---
في مواجهة راغب
عاد عثمان إلى المنزل، متوجهًا مباشرة إلى القاعة الرئيسية، حيث كان راغب يجلس متكئًا على الأريكة.
عثمان (بغضب): كنت دايمًا شاكك إنك سبب كل المصايب... والنهارده اتأكدت.
راغب (بابتسامة باردة): اتأكدت من إيه؟
عثمان (يخرج المذكرات ويلوح بها): ده كلام أبوي، اللي كنت بتحاول تسرج كل حاچة منيه... كلامه عن طمعك وخيانتك.
لأول مرة، ظهر التوتر على وجه راغب، لكنه حاول أن يخفيه بابتسامة مصطنعة:
راغب: كلام ورج؟ ده اللي معتمد عليه؟
عثمان: الكلام ده كفاية يدينك جدام أي حد. وأقسم بالله، يا راغب، لو كنت السبب في موت أبويا، مش هيكونلك مكان بيناتنا.
راغب وقف بغضب، موجهًا إصبعه نحو عثمان:
راغب: وإنت فاكر إن حد هيصدجك؟ ده كلام ميت! أبوك مش اهها عشان يدافع عن نفسه.
عثمان (بنبرة واثقة): بس آنى اهنه... وأبوي سابلي دليل يكفي أفضحك جدام الكل.
ترك عثمان الغرفة وهو يسمع صراخ راغب من خلفه. كان يعرف أن المواجهة الحقيقية لم تبدأ بعد، لكنها قادمة لا محالة.
فى صباح اليوم التالى
داخل القصر، في قاعة الجلوس
جلس عثمان على الأريكة، يقرأ بعض الأوراق التي عثر عليها في مكتب والده، يحاول ربط الخيوط. في تلك اللحظة، دخل راغب بهدوء غير معهود، مرتديًا ملابس منزلية بسيطة، وملامح وجهه تبدو نادمة ومليئة بالشفقة المصطنعة.
راغب (بصوت منخفض): عثمان... ممكن نتحدت اشوية؟
رفع عثمان عينيه بحذر، ونظر إلى راغب ببرود.
عثمان: لو عندك حاچة مفيدة جولها... ما عنديش وجت أضيعه.
اقترب راغب وجلس على كرسي مقابل له، متجنبًا النظر في عينيه مباشرة:
راغب: بصراحة، أنا مليت من العداوة اللي بيناتنا. إحنا إخوات يا عثمان... والدم ما يتحولش لعداوة مهما حصل.
عثمان (بجفاء): عداوة؟ أنا ما شوفتش إلا كره منك طول حياتي، دلوك فاكر إني هصدج كلامك؟
تنهد راغب وأمسك رأسه كأنه يعاني من ثقل كبير:
راغب: يمكن أكون غلطت كتير، بس صدجني، ما كنتش أجصد أأذيك واصل. يمكن كان في بينا مشاكل بسبب شغل أو بسبب اختلافاتنا... بس كل ده ملوش جيمة دلوك.
عثمان (بحدة): المشاكل دي ما كانتش بسبب اختلافات، كانت بسبب طمعك وحجدك... والحجايج مش هتتغير بكلام معسول.
قام راغب من مكانه وبدأ يتحرك في الغرفة كأنه يبحث عن الكلمات المناسبة:
راغب: ماشي... عارف إنك مش هتصدج بسهولة. عشان كده چايبلك حاچة ممكن تغير رأيك.
أخرج راغب ظرفًا بنيًا من جيبه، ووضعه على الطاولة أمام عثمان.
راغب: دي معلومات عن شخص كان بيهدد أبونا. كنت مخبيها لأني كنت خايف أتكلم وأتسبب في مشاكل أكتر.
عثمان نظر إلى الظرف بريبة، ثم أخذه وفتحه بحذر. وجد بداخله مجموعة أوراق تتحدث عن معاملات تجارية مشبوهة بين صفوان ورجل يُدعى "شاكر العوامي"، وهو تاجر معروف بسجله الإجرامي.
عثمان (بصوت يشوبه الشك): شاكر العوامي؟ إيه علاجة أبوى بيه؟
راغب: أبوى كان مضطر يتعامل معاه في صفجة كبيرة، لكن شاكر خان الاتفاق وكان بيهدد أبوى لو ما نفذش طلباته. أنا كنت أعرف عن الموضوع ده، لكن ما جدرتش أواچهه وجتها.
عثمان (بلهجة حادة): وإيه اللي يمنعك دلوك؟ ليه جررت تتكلم فچأة؟
راغب (بصوت يبدو صادقًا): لأني خايف عليك، يا عثمان. عارف إنك بتدور وبتحفر، وده ممكن يعرضك للخطر. شاكر شخص خطير، ولو عرف إنك بتحاول توصله، ممكن يأذيك.
نظر عثمان إلى راغب، يحاول قراءة وجهه. على الرغم من كلمات راغب العاطفية، شعر أن هناك شيئًا مريبًا.
عثمان: غريبة جدوى إنك فچأة اكده بجيت خايف عليّ. دايمًا كنت بتحاول تتخلص مني، والنهارده عامل فيها الأخ الحنون؟
راغب (بتظاهر بالانكسار): عثمان... صدجني، آنى بس عاوز أحميك. يمكن غلطت في حاچات كتير، بس مش معجول أأذي أخوا الوحيد.
عثمان (بهدوء مخيف): لو كنت صادج فعلاً، مش هتمنعني من الوصول للحجيجة... حتى لو كانت ضدك.
راغب صمت لوهلة، ثم وضع يده على كتف عثمان بلطف:
راغب: الحجيجة أحيانًا بتكون مؤلمة أكتر مما تتخيل. بس آنى معاك... لو احتچت حاچة، هتلاجيني چارك
ثم خرج راغب من الغرفة، تاركًا عثمان ينظر إلى الأوراق بتفكير عميق.
جلس عثمان مع الأوراق لساعات، يدرس كل كلمة بعناية. رغم أنها بدت منطقية في الظاهر، إلا أن شيئًا ما في داخله لم يكن مرتاحًا.
بدأ يبحث في سجلات قديمة عن اسم "شاكر العوامي"، ليكتشف أنه كان شريكًا سابقًا لراغب في بعض الأعمال المشبوهة. عندها، أدرك أن الأدلة التي قدمها له راغب ليست إلا خطة لإبعاده عن الحقيقة.
وقف عثمان، ممسكًا بالأوراق، وعيناه مليئتان بالغضب:
عثمان: راغب... مش بس كنت كذاب، لكن كمان بتحاول تلاعبني؟ المرة دي مش هسكت. الحجيجة أجرب مما تتخيل.
ترك عثمان الغرفة، عازمًا على كشف خطة راغب واستكمال طريقه نحو العدالة.
تكملة الرواية من هناااااااا
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا