رواية عودة الذئاب الفصل السادس 6بقلم ميفو السلطان حصريه في مدونة قصر الروايات
رواية عودة الذئاب الفصل السادس 6بقلم ميفو السلطان حصريه في مدونة قصر الروايات
#حكايات_mevo
#عودة_الذئاب
دخل نديم عربته لينصدم عندما فتحت وجد العربة وجلست بجواره. بهت من وجودها، لتبتسم ببراءة وقالت: "ايوه، انا. اتأخرت عليك أكيد؟ لا؟"
رفع حاجبيه وقال: "بتعملي ايه هنا؟"
تنهدت ونظرت إليه، كانت بتتكلم وهي بتضحك، لكن جواها بنت صغيرة طول عمرها بتدور على حتة فيها أمان، حتى لو أمانها ده اسمه نديم وما يعرفش عنها حاجة. لازم تقرب منه، ما تقدرش تبعد فيه حاجة بتشدها...
قالت مبتسمة: "لا، مانا كلمت جدي وقولت له إنه هشغلني في شركة الديب، ووافق. هقعد عند خالتي، شفت بقى الدنيا انحلت ازاي."
رفع نديم حاجبيه وقال: "هيا مين اللي هتشتغل في شركة الديب؟"
قالت ببراءة، وتطرف بعينها: "أنا والله، مش قولت هتشغلني؟"
قال مستنكرًا: "أنا قولت؟"
لتتنهد : "كده بتتهرب، مش قولتك شغلني والنبي وانت ماردتش؟"
رد باقتضاب: "أيوه."
اتسعت ابتسامتها وقالت: "يعني انت سكت، والسكوت علامة الرضا، يبقى إيه قولك بقى؟"
نظر إليها وانفجر ضاحكًا، لتبتسم هي. "يا حلاوة يا ولاد، دا قمر قوي. هتهبلني يا واد قمر، اعمل فيك ايه بس؟"
نظر إليها وقال: "أنا ما شفتش كده."
اندفعت تقول بفخر: "شفت فريدة من نوعي، بس ساعة الجد، واعرة جوي." هز رأسه فاندفعت ومسكت يده. "وحياة الغالين، أي حد غالي على قلبك، شغلني. أنا طيبة وهادية ومؤدبة وشطورة ومجتهدة، وكل الحاجات، والله كل الحاجات. هعملها. شغلني، شغلني."
ضحك وقال: "بس بس، إيه بالعه راديو؟ انت حالة والله."
نظرت إليه وغمزت له وقالت: "شفت اهوه، لو عايز أعملك فقرة الساحر هعملها." شدته وقالت: "اسكت، بيقولوا عليك قتم ونكدي وشديد... بص، أنا هبقى بهجة حياتك، ماشي؟ كل يوم هخش عليك بفقرة التنورة تضحك عشان ما تفضحناش ويبقى ريسنا قتم."
ضحك وقال: "بقي كده أنا قتم."
اندفعت: "لا والله، دا عالم غياره بيغيروا منك، يا رب ينقهرو. شوف، بدافع عنك ازاي! شغلني بقى."
ابتسم وقال: "اعمل ايه، ماشي يا ستي. هتروحي الشركة؟"
لتسرع : "لا والنبي، عايزة أشتغل معاك والنبي والنبي!" وأمسكت يده، "مش عايزة أسيبك. أنت أسطورة وأنا نفسي أبقى جنبك."
حس بيديها على يده، لكن ما كانش إحساس جسدي. كان رجفة من جواه، زي ما يكون بيخبط على حاجة جواه تفتح حاجة اتقفلت ومركونه، وانهال عليها ألف صدى. تنهد. كانت طفلة جميلة، وهو تأثر ببرائتها لأول وهلة. هتف: "خلاص كده هشغلك، بس أنا مش سهل، فاهمة؟ وممكن أزعق. هتستحمليني؟"
أحنت رأسها وظهر الوجع في صوتها وقالت: "لا، ماتخافش. أنا متعودة على الغضب وأي زعيق." تذكرت أهلها وظلت محنية لا تنطق.
أحس بوجع في قلبه. مد يده ورفع وجهها، وجد عيونها دامعة. عينيها بصتها لا كانت بتضحك ولا فيه دلع. كانت عينًا موجوعة بتحاول تضحك عشان ما تبانش مكسورة. نديم حس بحاجة جواه. شاف فيها حاجة بيكتمها، حس إنها نسخة وجع منه.
همس بلين: "طب ليه كده؟ أنا مش هزعقلك، يعني كتير."
قالت بصدق: "أنت بتعلمني ليك حق تزعق، الدور والباقي على اللي بيزعق من غير علام." لتشيح بوجهها.
إلا أنه قال مغيرًا للموضوع: "طب خلاص، هتبقي المساعدة بتاعتي."
مسكت يده مسرعة وقالت: "والنبي، إيه! هبقى جنبك."
نظر إليها لبرهة، تنهد وقال: "هتبقي مساعدتي مش جنبي." ضحكة فلتت منه، بس هو في نفسه مش مصدق كلامه. عارف إنها بدأت تتغلغل جواه.
شعرت بالحرج وقالت: "إيه الواد القتم ده! لا بقولك إيه، أنا هتجوزك يا واد. هتتعبني! انت حر. أنا وقعت فيك يا نصيبة قمر وهيبة وجمال، ودخلت قلبي. هنتجوز إمتى؟ هجيب منك تلات عيال: ولدين وبنت. بنت شبهي وواد قمر شبهك. هتنجدني بعيالي من هم الصعيد وسنينه... هنتجوز إمتى؟ طيب..."
لتسهم فيه.
نظر إليها مستعجبًا وقال: "أنت بتسرحي في ايه؟"
انتفضت وقالت: "هَاه؟ لا مفيش..."
أكمل هو: "طب من بكره تكوني في المكتب. أنا ما بحبش التأخير. هاه؟ ويلا، أوصلك."
همست: "اه وصلني عقبال ما توصني بفستان الفرح. ياني هصبر كتير."
نظر إليها مستعجبًا وقال: "ملحوسة البت، بتكلم نفسها؟" اقترب وقال بنبرة مرحة: "تصبري على إيه؟"
قالت بدون تفكير: "عالفرح والزفة."
أطلق ضحكة عالية. فانتبهت له والتفتت، وجدته قريب منها. فهتفت مرتبكة: "إيه فيه؟ إيه؟"
ضحك وقال: "لا مفيش. اديني العنوان، على مالزفة تخلص نكون وصلنا."
احمر وجهها وانكمشت. "هو سمعني ولا إيه؟ هنفضح كده؟"
أوصلها بالقرب من بيتها، ونزلت ودعته وذهبت سعيدة، وهو ينظر في أثرها وقد تركت تلك الرقيقة بصمة في قلب نديم.
جلس مستعجبًا من نفسه، فقد لمست جزءًا منه لم يعتقد أنه موجود أساسًا.
كانت قد كلمت جدها إنها ستنفذ مشروعها في القاهرة في شركة الديب، ليخبر جابر الذي وافق على الفور، لأنهم يتعاملون مع تلك الشركة. وذهبت تسكن مع خالتها، كانت سيدة طيبة توفي زوجها وتعيش في بيت زوجها ومعها أطفال صغار.
دخلت وجد حجرتها لتجلس سعيدة، إلا أنها سهمت قليلا... تذكرت لمحة من معاملة والدها القاسية وصراخه فيها. هزت رأسها بأسى وقالت: "لا يا وجد، دا أول أختبار ليكي، لازم تنجحي فيه. أنت تستحقي..."
"طب إيه هتوقعيه ازاي؟ دا قمر يا لهوي! أنا وقعت من أول بصه." قامت مسرعة وأحضرت تليفونها، تبحث في النت... كيف تنالين من الرجل؟
جلست باهتمام وقالت: "يلا نخطط بقى، نوقع المز ازاي؟ مش عيب أخطب لبنتك، وأنا بنتي ماليش حد، فهخطبلي. يا رب تمهالي على خير، يا رب. لا أسمر ولا براء. دانا أموت روحي."
"يا لهوي، حقه لو جوزوني أسمر! يا ختااااي! غراب! لا دا الغراب طيب، أقسم بالله دا حنش وحدايه براسين... ال آيه البت تنكسر؟ أعوذ بالله! عيلة كلها غربان... يعني للامانة، براء نص غراب، بس غراب برضه... يا رب... يلا يا دودو، خططي إنتِ، شطورة... بسم الله." بدأت تتصفح النت.
ظلت تقرأ... "أغريه... اكشفي عن جزء من جسدك حتى يعجب بك." نهار أسود! "أغريه... يا لهوي! هنبدأها قلة أدب؟ لا، ربنا ما هيبارك. اتلمي! لا، لا عيب! شوف حاجة تانية."
"أممم... آه، حلوة دي. أحسسه بالضعف. آه، هو قوي وأمور، ومز على الآخر... يا رب، وعدني، وينجدني من الجواز التيران اللي في البيت. دا عيونه قمر وندبته قمرين... يا ترى جتله إزاي دا هتاكل منه حته... أنا هتهبل عليه... هو بتاعي، وش... أه، يجي ياخدني من جدي؟ ولا مش مهم؟ ههرب معاه، ماهو قمر ويلحس العقل..." لتتنهد وتقول: "يا رب، بت وقعه. حد يقع من أول بصه كده!"
سهمت وجلست تشعر بالحزن... "أه، لازم أقع... لازم أفكر إزاي يكون لي حبيب. عمر ما حد حن عليا. عمر ما حد حبني، عمر ما حد طبطب عليا. عشت عمري خايفة، عار على أهلي، بنت وعند أبويا معيوبه، معندوش عيال رجالة، وبيخطط يلبسني لأسمر أو براء عشان أموت روحي." لتنهد وتقول: "لا يا وجد، الواد وقع قلبك من أول يوم. مش عيب إنك تحبي، ومش عيب إنك تسعي إنه يحبك. دا عيونه خطفت عيني من أول دقيقة..."
لتتنهد: "أنا هبله! آه، فيه حد يحب حد من أول مرة كده؟ مهبوشه؟ لا وماله، آه، إيه يعني؟ أنا صح." لتتنهد محرومة حب، "يا ناس، اعمل إيه؟"
"ايوه كده، خلاص! حفظت كل حاجة." قامت سعيدة تقفز فرحًا... "من بكره هنفذ الخطط! يا مز، يا جامد، يا أبو ندبة، قمر أبو عيالي يا ناس... حسن وحسين!"
.........
عند أسمر.. رن صوت غلق الباب، تبعه دخول صديقه ظافر بخطوات سريعة، وكان أسمر يجلس في الشركة ليهتف: "خير؟ خلصت اللي طلبته منك؟"
ابتسم ظافر وقال: "... آه، طبعًا. المكتب الهندسي بتاع شركة الديب اتعاقدنا معاه، وهيبعتوا مندوب أول، وبعدين يجي المهندس الكبير."
هتف أسمر: "اسمع يا ظافر، المشروع ده كبير، وخسارته لو حصلت عالية، هاه، إحنا هندفع ملايين للشركة دي."
هتف ظافر: "الشركة دي مش أي شركة... لها سنين يا أسمر وصيتها واسع في السوق، والمهندس بتاعها وحش... سمعته فوق الكل. نديم الديب، ما حدش يقدر عليه، رغم إنه ما بيقابلش حد، وما حدش يعرفه إلا من خلال مساعده أكرم هو اللي بيعمل كل حاجة، بس الشركة لا غبار عليها. ودلوقتي المندوب هيشرفنا."
تنهد أسمر، فهو يشعر بشيء خاطئ يراوده. كيف تكون شركة مشهورة ولا يظهر رئيسها؟ وتدار من وراء الستار. كان يراقب ظافر وهو يتكلم، يحاول أن يدفع بره الشك الذي ظهر بداخله.
مر الوقت، دخل مدراء الشركة، وتبعهم امرأة ذات شعر أحمر، تضع الكثير من مساحيق التجميل، كانت صارخة الجمال، تلبس ملابس جريئة، جيب قصيرة وقميص يبرز مفاتنها. ملامحها جامده وقويه .. خطواتها واثقة، دخلت تتجه إلى الطاولة. برزت الملكه اخيرا ...انها .. المهرة...
دخلت المهرة بخطوات واثقة، تدق بكعبها رخام المكتب، ترفع رأسها كأنها طاووس عالي، لا تهاب أحدًا. عيناها كانت تلف المكان، لكن عينها وقعت عليه... هو... نفس العينين اللاتي أثرت فيها، نفس الملامح اللي انحفرت في قلبها. لتصدم من وجود أسمر، رجف قلبها، فهو من قابلها عند منزل النيل. لتتمالك نفسها بسرعة حتى لا تنفضح.
وقف ظافر، لتتجه إليه ببرود، وترفع يدها: "مهرة عمران، مساعد مدير إدارة شركة الديب." لتمد يدها: "اتشرفت بحضرتك." نظرة جليدية ترسل شرارات لمن يراها أنها عملاق قادم بعاصفة هوجاء. كانت تعلم جيدًا أن أسمر هو المدير.
رفع أسمر حاجبيه، بداخلًه شعورًا يزعجه. لم يحب أن يكون أمام امرأة قيادية في شركته، فهذا أثار استفزازًا ظهر على وجهه، خصوصًا بعد تجاهلها له.
هتف ظافر: "أنا المساعد يا فندم، بشمهندس أسمر هو المدير." لتستدير باستخفاف... فهو لم يقم من مكانه، كان يراقبها عن كثب، لتهتف ببرود: "أمممم... طيب."
جلست أمامه، وضعت قدما فوق الأخرى، تبتسم ببرود، ونظرت إليه بتحدي. فنظرته تظهر استهجانه واستخفافه بها.
اشتعل هو من جلستها المتعالية، التي حتى لم ترحب به. هتف بنبرة حديدية فيها تحد واستعلاء: "هما الديب مالجوش حد يبعتوه باعتين ست للصعايدة؟"
رفعت حاجبيها، كانت تشعر بنار في جوفها. كانت تعرفه جيدًا، وتذكرت من هو. إنه ابن عمها أسمر أبو الدهب. لم تنسَ رغم صغرها.تذكرت ضربه لها وكلامه لصغيره لا تفهم وقسوته عليها ... تسللت مشاعر اليوم السابق إليها... كان قربه أمس مختلفًا، ليتحول إلى ذلك البغيض. لتنفض أي فكرة تكونت داخلها عنه، وأي مشاعر نتجت عن لقاء البارحة. لتعود تلك المهرة الجامحة.
لم تتأثر، ابتسمت ببرود: "أمممم... طيب، يا أسمر بيه، المشروع والتصاميم اللي حضرتك وافقت عليها فين؟"
قطب جبينه ليهتف ظافر: "آهه، يا آنسة، تقدم يعطيها إياها."
مدت يدها ومسكتها ببرود: "طب ما عطلكوش بقى يا بهوات؟" لتقوم وتنظر إليه بعينيها انحنت امامه تضع يديها علي مكتبه تخاطبه... "روح شوف لك راجل يعملك تصاميمك يا صعيدي، لتغمز له. الستات مالهمش مزاج يعملولك حاجة..."
ورفعت نفسها باستعلاء واستدارت إلى الباب، ليندفع ظافر يهتف: "مهندسة مهرة! بس أنتِ بتعملي إيه؟"
ردت بلا مبالاه وهي تنسحب دون أن تلتفت: "بعمل إيه؟ ماشيه."
قال برجاء، وجديه: "إزاي؟ إحنا اتفقنا، والمهندس نديم عطى كلمته، وكده لو مشيتي خسارة لينا."
لكنها توقفت، لتستدير وتنظر إلى أسمر الذي كان يراقبها بغضب عارم. وقعت عينها في عينه، وقالت بصوت بارد ثقيل: "... ما بحبش أكون في مكان دون المستوى. معلش، أنا ما بقعدش مع أي حد. مهرة ، اللي يقابلها تبقى حلم بالنسباله. أما بقى شغل فوق وتحت، ومين عالي ومين واطي، دا مابيبنيش شغل. إحنا ناس راقية، ودماغها عالية."
لتستدير ولا تنظر إلى أحد، كأنه ليس أمامها. فتحت الباب وهمت أن تخرج، وكانهم عالم دون المستوى.
لتجد الباب أغلق بعنفوان. في نفس اللحظة، شعرت يدًا حولها، تسمع أنفاسه الثقيلة تملأ أذنيها... لتبتسم بهدوء وتعلم أنها أصابت هدفها. لم تتحرك ولم تلتفت.
سمعت صوتًا، نبرته غاضبة: "أظن مش من الخير أنك تمشي بالطريجة دي."
لتستدير بهدوء، كان قريبًا منها، وعيناه كصقر سينقض عليها. ويداه حولها، وعيناه مسلطتان عليها.
هتفت ببرود وتعالي: "مش خير لمين بالضبط؟"
قال بنبرة مشتعلة، فلم تقف أمامه امرأة هكذا من قبل: "ليا وليك، وأظن أنتو تخافوا على خسارتكم."
رفعت حاجبيها: "لا، اطمن، إحنا أدري بخسارتنا يا أسمر بيه. وإيدك عشان مش فاضية. مش عايزة أضيع وقتي."
هتف بانفعال، ونبرة صوته عالية نسبياً: "هو فيه إيه؟ أنت جايه تفركشي الشراكة ؟ دي مش أصول شغل."
ربعت يديها وقالت بجمود، دون أن ترمش أو تهتز. نظرت إليه من فوقه، لتحته... "أولًا، نبرة صوتك ما تعلاش عليّ. إن كان عن نبرة الصوت موجودة، بس أنا ما بحبش أهري في حاجات مالهاش لازمة، وأنا مش ضعيفة عشان أعلي صوتي. دي أول حاجة لو كنا أصلاً هوافق نتعامل مع بعض. ثانيًا، أنا ما فركشتش حاجة، أنا ما وافقتش أصلاً عشان أفركش. أنا كنت جايه أشتغل، بس صاحب الشغل تقريبًا جاي من أيام السينما الصامتة، وسي السيد... وكلام عفا عليه الزمن. فبهدوء، سيادتك، أسمر بيه، بجلالك قدرك، اقعد لحد ما يجي لك اللي يناسبك. أنا ما يناسبنيش شركتك ولا تلزمني يا أسمر بيه. العقلية دي ما تنجحش شغلي."
لتستدير.
أحس بالجنون. كانت تفتح الباب، ولكن صوته كان أسرع. فهتف بانفعال: "أنا هكلم نديم بيه. ما شفتش حد كده."
أفلتت ضحكة ثم نظرت إليه ببرود: "معاك نمرته؟ ولا أديها لك؟" فتحت حقيبتها، أخرجت كارتًا، اقتربت منه، "خد كارته اهوه. بس هو للأسف مش بيرد على أي حد. هبقى أقوله يرد عليك. عن إذنك." فرقعت بالكارت، وقذفته على المكتب بجوار يديه، كانه نكرة لا يسوي، وخرجت.
كانت أنفاسه عالية. وقف يحس أنه سيرتكب جريمة. سمع ظافر: "إيه دا؟ هو فيه إيه؟ بت جمر، يخربيتك، دا لفتنا وجابتنا أرض من غير ما ترفلها رمش."
صرخ أسمر: "جمر إيه وطين إيه علي دماغك؟ البت هانتنا ومشت، دي كان لازم أخبطها بحاجة أجيب أجلها!"
هتف ظافر: "اهدأ يا أسمر، أنت اللي غلطت. حد يقول كده؟ دي أهم مهندسة في شركة الديب."
صرخ بانفعال: "أهي كلمة وطلعت تجوم تجلبها، حريجة كده. مفكره نفسها مين دي ماتسواش انا اسمر تجف تجولي اكده .،البت طايحه وعنيها جامده كننا عبيد عنديها ..يا ناري كنت مسكتها رزعتها علقه تخلص عليها "
تنهد ظافر: "اهدي بقه ...طب ما هي كده اتفركشت، نعمل إيه؟ هنخسر كتير."احنا كان المفروض نبتدي أول الشهر، وماعَتِش ينفع نتأخر أكتر من اكده، مش بعد ده كله نتأخر ونخسر معانا شركات يا أسمر.
صرخ... ماهي غارت في نصيبه هنعمل إيه يعني؟
هتف ظافر... استني، أنا هكلمها. رفع السماعة، اتصل بها : "مهندسة مهره، أنا بس يعني كنت بكلمك يعني عشان... أه طبعًا عايز الشراكة، والشركة نكمل مع بعض... هاه، بكلمك ليه عشان يعني زعلتي مننا وأكده... أيوه فاهم، أنا ما زعلتكيش، بس... هاه... أه، أسمر؟ لا، أسمر مش معايا... هاه... أه طيب، حاضر، حاضر، بس من فضلك ماتمشيش. إنتِ فين؟ طيب، في الكافيه اللي قدام الشركة. طيب، بالله ماتمشي."
قفل الخط، وقف أسمر... مالها ماجتش ليه دي؟
هتف ظافر... ماهي ماهي مش هتيجي.
صرخ أسمر... ليه مش جولت لها تيجي؟ وما زعلتهاش، وطين على دماغها.
ابتلع ظافر ريقه برهبة... هي جالت إن أنا ما زعلتهاش وإن هي ماينفعش تكمل مع... مع...
صرخ أسمر... اتنيل جول...
أكمل ظافر بخوف... هجول اهوه... هي يعني بتجول... ماينفعش مع مع... مع عجليات بالشكل ده وعالم غلبانه في عجلها..
هب أسمر يشعر بالنار...نهار أبوها طين مين يا طين انت .
نظر اليه ظافر ..اهدي بقه ..هيا مش عايزه تشتغل بالشكل ده .
صرخ اسمر .. نعم يا أخويا، هي تطول! مين دي اللي مش عايزة تشتغل معانا؟ تسوي إيه دي؟
هتف ظافر... أحسن مهندسة في شركة نديم، ودراعه اليمين. ليقترب... اسمع يا أسمر، إنت لازم تنزل تجبها.
صرخ أسمر... أجيب مين يا طين؟ إنت انهبلت؟
هتف مسرعًا... ماهي جدامها عشر دقايق، بتشرب جهوتها، جالتلي أكده وهتمشي. جوم ربنا يهديك.
نظر إليه أسمر بغضب...وظافر يقنعه. ظل أسمر يأكل روحه ليهب ويهتف... طب يا ست مهره، أما نشوف عشان الطين الشغل.
ليقوم وينزل لها. لمحته من بعيد، فتحت تليفونها، تتصنع التصفح فيه. اقترب، وقف أمامها، فلم ترفع بصرها. ليتحمحم.
رفعت نظرها بهدوء إليه، اقترب، وشد كرسي وجلس.
هي نفسها ارتبكت للحظة، ودق قلبها بعنف، ولكن في لحظات أسدلت ستارها الحديدي على مشاعرها وأي تأثر فات...
رفعت حاجبيها، قالت باستعلاء: "هو حضرتك مش التربيزات كتير؟ ليه ترابيزتي؟ أظن أنا ما سمحتش لحضرتك تقعد، ولا إيه؟ ولا الصعايدة دلوقتي بقوا مايعرفوش أصول التعامل مع الستات، أو زي ما بتقولو الحريم، ويقعدوا من غير إذن؟ مش فيه حاجة اسمها بيقولو عليها إيه... آه، حرمة الست."
اشتعل عن آخره، وهتف... "أظن تلايمها بقى ونحاول نمشي الدنيا."
مطت شفتيها، واحنت رأسها تتصفح تليفونها، ولم ترد.
هتف بغضب... "هو فيه إيه؟ إنت عاملة اكده ليه؟" إلا أنها لم تعيره اهتمامًا. ظل ينظر إليها بغل. دفع الكرسي للخلف بغضب ليقوم ويقف، يحاول أن يتحكم في نفسه ليهتف بغضب مكبوت... "ممكن نتكلم؟ "
رفعت وجهها تتامله ..، ثم اشارت إليه بإصبعها أن يجلس.
أحس أنه سيهجم عليها يقتلها، ليشد الكرسي بعنف واردا قائلا... "ممكن التصميم؟"
ردت ببرود... "عشان."
زفر بغضب... "عشان نتناقش فيه."
لتقترب منه ومالت بجسدها تنظر إليه، رجف قلبه، فنظرتها تتغلغل إليه، نظرتها مألوفة. لتقول... "هو حضرتك هتتناقش مع ست ما رضيش ليك بصراحة؟"
قال بغضب وعنف... "هو فيه إيه؟ ما خلصنا؟"
لتقوم هي وتقول بعنف أقوى... "نبرة صوتك ماتعلاش، فاهم؟ إنت مش بتتجبي علينا ولا تعطينا حسنة. أنا هنا زي زيك بالضبط، فاهم؟ وبلاها الشراكة اللي هتقرفني دي من أساسه. إيه ده؟ إنت فاكر نفسك مين؟ إنت ماتعرفش أنا مين." لتشد تليفونها وحقيبتها وتهم أن تمشي.
اندفع مسرعًا، يقف أمامها لترتد وتترنح. اندفع، يحتضنها بقوة وضعت يدها علي صدره ..شعر بدقات قلبه ستنفجر من قربها. فرائحتها بداخله استعجب، فهي نفس الرائحة التي تلبسته منذ مقابلة ذات العيون الخضراء.
ارتبكت هي، فهو ذو تأثير طاغٍ عليها، لتبتعد مسرعة. تحكم في نفسه، وهتف... "أظن بدايتنا كانت غلط، ويا ريت نبدأ من جديد." مد يده... "أسمر أبو الدهب، اتشرفت بمعرفتك."
ظلت تنظر إليه لفترة، ترددت.. لحظة سكون بينهم. لتتنهد وتمد يدها. وما أن لامست يده، تعالت دقات قلبها، ولكنها المستحيل بعينه. مستحيل أن تظهر أي مشاعر، فقد قتلت منذ زمن...
قالت ببرود... "مهره عمران... الشرف ليا يا فندم."
ليهتف... "أظن نشوف شغلنا بقى."
هزت كتفيها... "تمام، ماعنديش مشكلة... بكره أجي لحضرتك إن شاء الله."
هتف باستغراب... "طب ليه مش دلوك؟"
مطت شفتيها... "عشان أنا كنت عطيتك مساحة من وقتي وضاعت، وأنا عندي حاجات تانية. مش هيصه. هي يا أسمر بيه، بكره إن شاء الله هاجي لك في نفس الميعاد لتعطيه الورق، وخلي ده معاك. ادرسه كويس."
ظل ينظر إليها بغيظ، لتهتف... "إيه، مش عايز؟ بلاش!"
إلا أنه نتش الملف منها، وهتف... "بانتظارك بكره." ليستدير، والغضب ينهشه. يصعد إلى ظافر يدخل منفعلاً.
هتف ظافر... "فيه إيه؟ قالتلك إيه؟ فيه إيه؟"
هتف بغضب... "حتة مسخوطة، شكل البلياتشو. تقف لي أنا أسمر أبو الدهب؟ طيب، يا ست مهره، ماشي. أنا هعرفك قيمتك." انت ماكت وارسم تحت يدي ماعرفش مين اسمر ابو الدهب والبعد لسانك ده وارجعلك حرمه عن حج ما بلاش اني اسمر .
**********
نعود بالزمن إلى الوراء، إلى تلك اللحظة عندما كان براء يقف مع شجن على الصخور بمفردهم. كان يحتضن شجن ويمازحها، وفجأة ظهر إليهم أحد الشباب يهتف: "إنتوا بتعملوا إيه هنا؟"
شعر براء بالخوف، فهو يعلم من هم هؤلاء الشباب. اقترب براء ووضع شجن وراءه، وهتف: "مالك إنت؟"
ضحك الشاب قائلاً: "مالي، مالي! كيف؟ والمزة بتنور في الضلمة! هي، سيبها دا، حتى الليل بيعمل عمايله، وعايزين نمز."
صرخ براء: "بجولك إيه؟ لم نفسك! بعدين عيب كده! اللي هيجرب من حرمتي هقتله!"
هتف الشاب: "واللي يعني العيبة برضه ينجتل يا... مش إنت براء أبو الدهب برضه؟ زين شباب أبو الدهب، اللي كعبهم فوق الكل!"
هتف براء: "تلم لسانك عن أسياّدك، فاهم؟ جولتلك خطيبتي!"
هتف الشاب: "خطيبتك مكشوفة! إزاي كده؟ فاكرني أهبل؟ بس عموماً هنعرف بعدين."
اندفع الشاب ليبعده، وهنا صرخت شجن فقد أمسكها الشاب الآخر. لتصرخ، فاندفع براء كالوحش، ينهش قلوبهم. انقض على ذلك الشاب وظل يتناحران، بينما الشاب الآخر يمسك بشجن وهي تصرخ. شعر براء وكأن عقله سينفجر، لينقض على الشاب الآخر، يفقده وعيه، ويعود إلى الأول، وينهال عليه حتى هلك.
انتهى منهم، فاندفع إلى شجن، يحتضنها بقوة. "عملوا فيكي إيه؟ كويسة إنتِ؟ زينة، جولي!"
كانت تبكي، ضمها إليه، وهتف: "طب خلاص، خلاص، حجك عليّا إنّي خلاص."
ظلت هكذا، ترتجف، وتنهدت. "خلاص، ماشي بقى..."
همست: "عايزة أروح، أنا خايفة."
تنهد وقال: "جولتلك ماتخافيش وأنا موجود." لتصرخ هي مرة واحدة عندما...
......
تكملة الرواية من هناااااااا
لمتابعة الروايه الجديده زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا