القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية حصنك الغائب الفصل السابع 7بقلم دفنا عمر (حصريه في مدونة قصر الروايات)

                                    


رواية حصنك الغائب الفصل  السابع 7بقلم دفنا عمر (حصريه في مدونة قصر الروايات)    







رواية حصنك الغائب الفصل السابع 7بقلم دفنا عمر (حصريه في مدونة قصر الروايات)    



رواية حصنك الغائب 


بقلم دفنا عمر


الفصل السابع


-----------



+




غارقة بطيات الذكرى وهي تصعد درج مسكنها، مستعيدة بعقلها ما حدث منذ أشهر قليلة! وكيف بدأت لعنة حقدها تنثر بذورها الشيطانية بأرض صداقة كاذبة، خدعت بها رفيقتها التي منحتها ثقة كاملة دون أي احتمال للغدر..! 



+




رائد: ليه عايزة تنتقمي منها كده؟ إيه الداعي إني اظهر في الصورة.. مادام في كل الأحوال انتي هتجيبها لحد عندي برجليها؟!



+




استعرت حدقتي تيماء بنظرة مشتعلة تفيض غلًا: 



+




_عشان أكسرها..!



+




مافيش أصعب على الواحدة من إنها تحب واحد ويخونها.. طعنة السكينة اما بتيجي من أكتر حد انت مأمنه على نفسك، بتوجع! بتوجع أضعاف وجعها وهي مغروزة فيك.. الجرح ساعتها مش هيتداوى بسهولة.. وهو ده اللي انا عايزاه.. عايزاها لأول مرة تجرب إحساس انها اترفضت.. إنها رخيصة.. رخيصة أوي.. لأنها هتكون زيها زي غيرها.. لأ.. هتكون ابشع من غيرها.. هيتكسر غرورها وينطفي جمالها.. ويروح زمانها وينتهي.. وتوسع الطريق لغيرها..! 



+




رغم أنه يعرفها جيدًا.. "تيماء" فتاة نارية الطباع.. كما هي نارية بأونثتها التي تثيره.. لكن تفاجأ حقًا بكم "الكُره" الذي تكنه لتلك الفاتنة! ويا ويل من تعاديه تيماء! 



+




_بردو مافهماش السبب لحقدك عليها..! 



+




تمتم بعبارته متشوقًا لإجابة تروي فضوله، فأردفت وسواد عيناها يزداد قتامة وغموض: 



+




_ لأن عندها كل حاجة تخليها سعيدة ومش ناقصها حاجة..كل حاجة عندها زيادة.. جمالها زيادة.. أب بيعاملها زي الأميرة، وأم مغرقاها في حنان ودلال وحب..وابن عم بيعشق ترابها وبيتمنى رضاها گأنها " ملكة الكون"..عندها عيلة كبيرة ودافية محاوطاها..عيلة وعزوة قوية..! إسمها لوحده يجيب الفخر ويحسسها بأمان...!



+




ثم استطردت "بمُقلة" دامعة وهي تواجهه حدقتي رائد ببؤس وحرمان جعله يشفق عليها، رغم أن لين الطباع لا يشبه ابدا، هو مثلها أقسى من الحجر، لكنها بتلك اللحظة حصلت علي تعاطفه النادر: 



+




ليه هي تاخد كل ده من الدنيا لوحدها، وانا بتسول حب أمي واهتمام ابويا..وبعاني الوحدة.. ليه هي نقية ونضيفة أوي وأنا غرقانة في ال .........! في الخطيئة! 



+




يراقبها بتمعن ويداه تحمل " كأس من مشروب محرم"..متعجبًا من كم الحقد الدفين داخل تلك التي تجلس أمامه بهيئة مغرية، فاضحة! والتوى ثغره بسخرية، فما يضيره من خدمة لذيذة كتلك.. إيقاع فتاة عصية مثل " بلقيس" هي بالأساس متعته الكبرى ولعبته المفضلة!.. وتحدي يزيد إحساسه برجولته وقوة جاذبيته مع فتاة عجز الجميع عن لفت نظرها.. " عداه"..! هو فقط من سيطر عليها سيطرة كاملة! وكم يزهو بهذا الشعور! 



+




عادت تسترسل بحديثها وعيناها تنضح غل، وجملة بعيدة يصدح صداها بخلايا عقلها: 



+




" ألحقوا يا بنات.. أستاذ " وسام" طلب إيد بلقيس وهي رفضته"



+






                


مازال صدى صوت الرفيقات يدوي بأذنيها، وقلبها يتلقى صدمتها الأولى گمراهقة صغيرة وقعت بعشق معلمها..! فراحت تسرد ما بخاطرها وعيناها تغيم أكثر


مبحرة بتلك الذكرى: 



+




زمان واحنا في مدرسة الثانوي.. كل شباب المدارس حوالينا حاولوا يصاحبوها بس محدش قدر ولا هي سمحت لحد..وكل الأساتذة كانوا هيتجننوا عليها.. خطبها نص مدرسين المدرسة! حتى أستاذ " وسام" اللي جه وقتها مدرستنا جديد.. وأول واحد مشاعري اتحركت ناحيته بقوة واتمنيته بجد يكون ليا، أعجب بيها هي، وطلب ايدها.. ووالدها رفض..ليه مقدرش يلاحظني ويعرف قد أيه كنت عايزاه! دي أول حاجة سرقتها بلقيس مني، خدت كل حاجة مني.. " الأهتمام.. الحب.. دفى العيلة.. فخر السمعة.. الجمال الزيادة.. كل شيء اتمنيته كان موجود عندها وليها..!



+




لمعت عيناها بومضة جنون وهي تغمغم: 



+




وده مش عدل يا " رائد".. لازم الروس تتساوى! الملكة خلاص لازم تنزل من على العرش وتسلم تاجها لغيرها، زمانها لازم ينتهي.. وتنكسر عينها..وتنشرخ روحها.. مش هتبقى أحسن من حد بعد انهاردة! ولا هتكون أفضل مني في حاجة.. وزي ما أنا اتلوثت بذنوبي.. هي كمان هتتلطخ بالخطايا.. هتكون ليك ولغيرك..! وقتها بس هتعرف إنها بغبائها ضيعت ملاك نضيف اللي حبها بجد.. واختارت طريق هلاك هتنكوي بناره لحد ماتتحرق! 



+




رمقها بنظرة غريبة وغمغم بذهول: يخربيتك.. كل ده " كُره" ليها..إنتي ابهرتيني بكم الشر جواكي! ولأول مرة اخاف منك يا تيمو!



+




نفضت عنها تلك الحالة التائهة وهي تسرد أسباب حقدها على بلقيس، ثم ضحكت ضحكة ماجنة: 



+




_ تخاف مني أنا يا صقر؟! ده أنت حبيبي.. وأنا ملك إيديك ورهن إشارتك.. أنت بس ترضى عني! 



+




ضحك گ شيطان رجيم.. وأطلق لها وعدًا يشوبه الفخر المسبق أنه سيُتم مراسم سقوط الملكة الفاتنة ودفن غرورها للأبد..ويدعس بقدميه كرامتها ويُسلب براءتها.. وقريبًا..ستغدو وليمة له وهدية لرفاقه بعده! 



+




ثم امتدت يداه تحوط "خصرها" وتتلمسها متجولة على تفاصيلها بجرآة..ليغرق معها بوحل الرزيلة من جديد.. مُرحبة هي "بدنس" قربه الذي اعتادته.. مُخدرة بوعده الزائف أنها يوما ما.. ستحمل أسمه بعقد زواج حقيقي! 


....................



+




اقتحم مداركها الشاردة صوت الخادمة وهي تخبرها: 



+




_ والد حضرتك يا ست تيماء اتصل أما ماردتيش على تليفونك. وبيأكد عليكي السفر بكرة وإنك. تكوني جاهزة، وهو هيكون منتظرك في المطار ! 



+




التفتت لها ترمقها بنظرات تائهة وقد بدت بوعيٍ بعيد، وغمغمت بخفوت ومازالت تحت تأثير أفكارها: أنا فعلا لازم اسافر.. لازم ابعد.. ابعد قد ما اقدر وارمي كل حاجة ورايا حتى حبي.. خلاص مبقاش ليا مكان هنا يا دادة! 



+




لم يدرك عقل العجوز شيئًا مما تفوهت، فهتفت بصدق تجاه من ربتها منذ الصغر: هتوحشيني يا ست تيماء! 



+





        



          



                


نبرة العجوز الحنون الصادقة، أخرجتها عنوة من عمق شرودها وهي تفكر بهروبها الذي صار حتمي، بعد أن تكتشف بلقيس ما أوقعتها به.. وهي تراهن أن عار الأخيرة سيُكبل لسانها ولن تذكر أي شيء يلطخ سمعتها وسمعة والديها.. لكن تحسبًا للأمر.. طلبت السفر بعيدًا، واستجاب لها والدها.. ستختبيء بتلك الدولة البعيدة بعض الوقت..حتى تتغير الأمور لتلائم عودتها من جديد! 



+




اقتربت من الخادمة وهتفت: هو انتي بجد زعلانة أني هسافر يا دادة؟ 



+




المرأة بصدق: ربنا عالم يابنتي قد إيه زعلانة، أنا ربيتك واتولدتي على ايدي، انا اللي كنت بأكلك واغيرلك واعملك كل حاجة.. واما كنتي بعد الشر بتتعبي أنا اللي كنت بسهر معاكي واتابع علاجك لحد ما تتعافي..مامتك وباباكي كانوا موكلين كل أمورك ليا.. يبقي ازاي مش هزعل على فراقك! 



+




الدموع تزحف على بشرتها ببطء وذهنها الشارد يتسائل سؤال انتقل دون شعور لأطراف لسانها وهي تهتف بحسرة: 



+




ليه ماما محبتنيش كده وحرمتني من حنانها يا دادة؟ ليه بابا عمره ما اهتم غير إنه يبعتلي فلوس وبس.. ليه كل واحد اتجوز وسابني اتسول الحب والحنان والاهتمام والدفا..! وكانوا بيعاندوا بعض بيا وعلى حسابي.. ليه أنا وحيدة وهما على وش الدنيا.. ليه رغم اني متوفرلي فلوس أصرفها واعيش براحتي، بس حاسة إني فقيرة اوي.. وإني جعانة وبردانة..! كأن مافيش حاجة في الدنيا دي قادرة "تسترني" وتحميني.. ماما وبابا سابوني لجوع مشاعري وبرد روحي الفاضية في بُعدهم وفراغ وجودهم، كل واحد بيثبت للتاني ازاي مبسوط من غيره.. ومع غيره، ونسيوني.. حقي ضاع وسطيهم.. أنانيتهم دمرتني..!



+




بكت العجوز بصمت متألمة من سرد شعورها القاسي، مسكينة سيدتها الصغيرة.. وحقًا فقيرة لكل ما ذكرت! 



+




ارتفع حاجبي العجوز بدهشة وهي تشاهد تبدل نظرة تيماء التائهة لأخرى تضوي ببريق مخيف وهي تتمتم بنبرة جنونية ناقمة: أنا مش بحبهم يا دادة.. بكرههم الاتنين! ولولا مصلحتي إن اروح لبابا ماكنتش هفكر اسافرله واعيش معاه ابدًا..!



+




"وكل ذنب أنا بعمله في رقبتهم..!"



+




انهارت قوها بتلك اللحظة، واحتضنت نفسها بذراعيها، وهي تغمغم بوعي غائب جملتها الأخيرة بتتابع وكأنها تعتذر وتبرر لضميرها: كل ذنب أنا بعمله في رقبتهم.. ثم ضحكت بشكل هستيري: ومهما كان الدنب مش هندم.. لأننا بقينا زي بعض يا دادة.. بقينا زي بعض.. الروس اتساوت..مابقاش في حد احسن مني! الملكة مابقيتش ملكة.. بقيت مجرد جارية.. وانا لأول مرة هكون السيدة قصادها..!



+




صعقت السيدة من انهيار الفتاة أمامها وحالتها الغريبة وهذيانها الذي لا تفهمه.. فاحتضنتها لتجد، جسدها گ كتلة نار، رغم ارتجافها الواضح.. الفتاة "محمومة" هكذا فسرت هذيانها وحالتها العجيبة، وهتفت بصوت عالي مفزوع: 



+




الحقني يا عم صبري.. الست تيماء معرفش مالها.. اطلب الدكتور، دي جتتها مولعة نار! 


_____________________________



+





        


          



                


تدور أمامه بحذر..وعيناها تفحص تفاصيل الغرفة المحتجزة بها مع هذا الوغد علها تجد مخرجًا.. وللعجيب انها لاحظت وجود واجهة زجاجية تأخذ حيز مبير من الحائط..! تعجبت! كيف يكون بهذا الغباء.. يخطط لفعلته البشعة تلك بغرفة يسهُل الفرار منها.. هل استهان بها لهذا الحد؟


وافترض أنها ستكون كبعوضة تلدغدغ أسد بأذنيه!!! 


حسنًا .. لقد منحتها الظروف فرصة للفرار ولن تهدر ابدا تلك المنحة!! الآن يجب إسقاط هذا الثور وشل حركته بأي شكل، حتى تستطيع تحطيم الوجهة و القفز خارجها قبل أن يلاحظ " قطيع التيران" رفاقه جلبة عراكهما ويتدخلوا ويكون حينها فرارها من براثنهم، ضربًا من الخيال!! 



+




تمتم بثقة ترتقي للغرور المفرط: 



+




سلمي نفسك أحسلك من غير حركات بهلوانية مقاومتك مهما كانت هتتكسر قصادي.. وأديكي اختبرتي قوتي بنفسك.. مش هتقدري تتخطيني أبدا.. مهما حاولتي..واتبسطي ياحلوة زي ما هنتبسط..!



+




ثم غمز لها بوقاحة: 


علي الأقل أول مرة هتكون مع رائد اللي حبتيه.. واللي أكيد كنت نفسك تدوقي حبه.. الفرصة أهي جت لحد عندك.. وسيبك من المسميات التقيلة.. اللي هتخسرية سهل ترجعيه بحتة عملية وترجعي تاني بنت زي ماكنتي.. وتخدعي أي مغفل يطلب القرب.. شوفتي الموضوع بسيط ازاي وانتي اللي معقداه..! 



+




وقفت تطالعه باشمئزاز وقد ازدادت رغبتها بالتقيء من فرط قذارته.. كيف لم ترى حقيقته قبل الآن.. كيف تكون بتلك السذاجة والحماقة والغباء والعمى عن قبحه؟! 



+




الآن تذكرت " يزيد"..الآن أدركت من منهما القبيح! 


ومن استحق قلبها وكل مشاعرها وكل احترامها.. الآن علمت من ضيعت.. وقيمة من خسرته..! ذُرفت دموع ندمها بغزارة.. فظن أنها خائفة.. فاقترب بحذر وتمتم بفحيح شيطان: متخافيش أنا هخليكي مبسوطة أنا.......... !



+




بُترت كلماته وقسمات وجهه تجعدت بألم وهو يتلقى صاعقة قدميها التي ركلته بصدغه حتى سالت دماءه القذرة من جانب شفتيه.. فرمقها بابتسامة قبيحة متمتما: وماله يا قطة.. خربشي براحتك.. عشان لما ادبحك.. هيكون انتصار لذيذ.. وممتع أكتر! 



+




اشتعل كل جسدها، وشبت نيران العزيمة داخلها.. !


وهذا النجس يستعرض أمامها قوته ويطلق وعود بنيلها لا محالة.. فتفحصت المكان حولها لتجد ما يساعدها.. لمحت قنينة زجاجية بطاولة قريبة.. فتنفست بعمق وضيقت حدقتيها وصوبتهما تجاهه بهدوء حتى لا تخطيء هدفها نحوه.. يجب أن تفعلها وتصيبه دون خطأ..!! وبحركة مدروسة التفت حول نفسها والتقطت القنينة وبسرعة خاطفة كسرتها نصفين تحت أنظاره، ثم دارت سريعًا بجسدها في الهواء وسددت ضربتها، فرشقت القنينة المهشمة بكتفه، وشلت حركته ونالت منه، فتآوه من ضربتها وانحنى قليلًا..لكن لم يسقط بعد.. حتما رشق زجاج قنينة بكتفه لن تكفي، ودون تباطؤ للحظة واحدة، تبعت فعلتها المؤلمةِ له بضربات قوية لكتفه المصاب وأنفه وصدغيه، ثم قفزت بقوة ملوحة بقدمها لتسقط گ القذيفة على جانب وجهه، أخمدت باقي مقاومته، ثم هوى أرضًا مصطدمًا بشيء ما صلب خلفه، وهو يطالعها بعين جاحظة مذهولة.. وتحول لونه للأزرق من شدة الألم! ثم أغلق عيناه وفقد الوعي.. أو ربما فقد الحياة..! 



+





        


          



                


تنفست الصعداء بعد نجاح هجومها.. ولكن لم يدم الحال كثيرًا فصدوح هتاف رفاقه الذين أتوا بنابحهم گ الكلاب، يطرقون الباب بعنف بعد سماعهم صوت العراك ثم صراخ رفيقهم فور الطعن الحاد بكتفه!! 



+




لن تُضيع الوقت.. التقطت وسادة قطنية كبيرة، گ درع يحمي وجهها عند الاحتكاك بالواجهة، ثم عادت قليلا للوراء مبتعدة عن الشرفة بمسافة تسمح لها بالقفز والاصطدام القوي بزجاجها.. فينكسر وتعبر إلى الخارج سريعًا..!



+




وهذا ما فعلت ركضت بسرعة ثم قفزت قفزة عالية وأدارت جسدها بمرونة في الهواء ودفعت قدميها وتناثر الزجاج وعبرت بفعل السرعة التي أتمت بها قفزتها.. وسقطت من ارتفاع ليس خطير، فالسرداب الذي تبينت أنها كانت مخطوفة داخله لا يرتفع سوى درجات قليلة..لملمت جسدها المتكوم فوق الأرض سريعًا متجاهلة أي ألم، وتفحصت المكان الذي بدا مختلفًا وأكثر رعبًا..و خالي بشكل مخيف، والليل اسدل عليه أستاره السوداء، ليزداد المشهد سوءً وغموض! 



+




لم يكن اصطدامها بالأرض هين .. جُرح جسدها من قطع الزجاج والنزيف ينتشر ببقع مختلفة منها، وجُزعت قدمها اليمني بشدة وألم رهيب بظهرها، وكادت تصرخ فور سقوطها.. ولكن كتمت صراخها داخلها بألم، وهي تعين نفسها على مواصلة الهروب مرة اخرى.. فالخطر لم ينتهي.. مازالت فريستهم ما لم تبتعد بأقصى سرعة ممكنة.. وآمنة..!!!



+




راحت تركض وتركض ولم تلتفت لألم قدمها المصابة.. وصبت كل تركيزها وجهدها بالعدو، أملًا في الفرار والنجاة..وگأنها تحولت لآلة! .. من أجل والديها اللذان لا يستحقان حدوث تلك المأساة! ومن اجل نفسها التي ستعيد تهذيبها بعد هذا الدرس القاسي إن نجت من براثنهم!! 



+




**************************


جالسًا سامر يراقب دخان سيجارته باستمتاع متلذذ، وعين خياله تعرض لمرآة عينه كيف بدأ نصب شباكهم القذرة حول من لُقبت بملكة جمال الجامعة! 


............ .



+




بلقيس عاصم أبو المجد!! "



+




وكأن للأسم مذاق يتذوب حلاوته بين شفتيه


ويجعله يرتشف حروفه بمتعة!! 


فصاحبته ذات فتنة وسحر طاغي! 


ملكة بين أقرانها تمامًا گ اسمها بالتاريخ..!! 



+




تتعامل مع الجميع وكأنهم رعاياها..! 


تترفع عن محادثة الشباب ولا تسمح لأحدهم أن يدنو لمدارها.. وكأنها نجمة تدور بفلك لا يساع سواها..! 



+




أثارت غيرة وحقد بنات جنسها..!


وتلك كارثة لو تعلمون..!


وربما ينتظر ايقونة الجمال تلك منهنَ حروب كثيرة!!! 



+




تسلل لعقله الشارد صوت صديقه "سامر" مثرثرًا: 



+




_دي مش معبرة شباب الجامعة كلها، مغرورة بس صارووووخ يابني!



+




أزال نظارته الشمسية ليتبين تلك التي صارت حديث رفاقه ومحط اهتمامهم وحقدهم! كما صار إنهزامها وذُلها مطلبًا لرفيقة لياليه المشينة، " تيماء"..!.. 



+





        


          



                


تبسم ثغره بمكر وخبث وثقة وقد بدأ للتو بداخله تحدي جديد ولذيذ لفريسة وطأت بقدميها عرين الأسد..وسيكون أكثر من سعيد إن وضع هو بصمته الأولى عليها وحين يفرغ من التهامها، سيترك بقايا عظامها لباقي القطيع يتسلى بها..!! 



+




هو گ زعيم لرفاقه.. يتمتع بينهم بالريادة! 


و يمهد الطريق أولًا ويضع سيطرته الكاملة على فريسته ويغزو ببراعة كل حصونها ويلوث أرضها الخصبة..!! 



+




_ أيه يا بني سرحت في ايه بكلمك!! 



+




التفت إليه : معاك يا سامر وسامعك كويس!! 



+




فأجابه : بما إنك "زعيم" الشلة بتاعتنا.. شوفلنا سكة للبت دي.. شكلها متعبة.. مابتكلمش حد من الشباب وشايفة نفسها اوي.. 


وواصل بعبث: بس يحقلها بنت اللذينا جمالها يلوح!!! 



+




تمتم وهو يصوب بصره إليها وعيناه كعين صقر يتفحص ويعاين فريسته بتمعن: 



+




_ الملوحة نعدلها..! والمغرورة نكسرها يامعلم..!! 



+




صفق سامر بكفيه هاتفًا بحماس وتشفي: 


_ أيوة كده يا " رائد".. النظرة دي أنا عارفها..ومتأكد إن محدش هيجيب مناخيرها الأرض غيرك يازعيم!



+




التوى ثغره بابتسامة مغمغمًا بثقة وغرور:



+




_ هيحصل ..حضر سفرتك وضيوفك للوليمة الجديدة!!!!


..................... 



+




" هو صاحبك طول جوه كده ليه؟ عايزين نشوف البضاعة إحنا كمان، أنا عامل دماغ عالية ومتكلفة وكده هفوق قبل ما اخد مزاجي ياعم سامر!"



+




إنتشله أحد رفاقه من شروده وهو يسترجع كيف استعان بصديقه "رائد"، كي يُركع غرور تلك الفتاة العصية عليهم جميعًا.. فما استطاع أحدًا منهم اختراق حدودها ونيل حتى مجرد علاقة "زمالة" والعجيب أن من حاك تلك المكيدة معهم، وأوقعها بشباكهم رفيقتها الوحيدة.. تيماء!..وهذا ما لم يستوعب أسبابه، ولكن لم يهتم.. فلن تُشكل معرفته


فارق.. الأهم تحقيق الهدف.. ونيل تلك الأيقونة والتنعم بها بيوم قريب! 



+




عندما وصل بأفكاره لهذا الحد، أطلق سامر ضحكة عالية، فهتف صديقه " رمضان" ببلاهة: 


هو انا قولت نكتة ياجدع؟! بقولك صاحبك "رائد" اتأخر أوي وأنا تعميرة دماغي هتطير! 



+




سامر ببقايا ضحكاته السمجة: ياعم اتقل شوية حتى لو هنبات هنا، ورانا إيه.. معانا صيدة تقيلة والسهرة هتحلى وهتبقى صباحي! 



+




وصل مسامعهم بغتة صوت " آهة" عالية أتية من سرداب الفيلا حيث يختلى "رائد" بالفتاة! فأسرعوا تباعًا يتفقدون ما يحدث، وما أن وصلوا قُبالة الباب الموصد حتى صاروا يطرقون بعنف، هاتفين: رائد! في حاجة عندك؟! "دوى صوت تكسير زجاج عنيف فجأة..فتبادلوا نظرات مُرتابة، وتابعوا الطرق بشدة، وأمام قوة كفوفهم الطارقة، كُسر مزلاج الباب وانفرج، ليُصعقوا برؤية " رائد" غارق بدمائه، وزجاج الشرفة مهشم عن أخرة، والفتاة مختفية..فأسرع سامر يتطلع من الشُرفة، فلم يلمح"بلقيس" مازالت تركض بمجال بصره، فأسرع آمرًا البقية: 



+





        


          



                


_ رامز، رمضان، فوزي! بسرعة خدوا العربية واجروا ورى البت دي هاتوها قبل ما تبعد أكتر وتودينا كلنا في داهية، والأفضل ماترجعوش بيها هنا، روحوا الشقة التانية بتاعتنا.. بسرعة اتحركوا قبل ما تهرب، وانا هنقل " رائد" لأقرب مستشفى قبل ما دمه يتصفى! 



+




أطاعوه بعد أن فاقوا من "هالة" ذهولهم مما رآوه، وعقلهم يحاول استيعاب، أن فتاة ضعيفة مثلها، تفعل ما فعلت بشاب قَوِيّ گ ذاك " الصقر" كما يلقبوه بينهم!.. استقلوا ثلاثتهم سيارة أحدهم، وطاردوها ورغم اختفائها من محيطهم، إلا أنهم موقنين أنها لن تبتعد كثيرًا بحالتها تلك! 


_____________________________



+




تكاد تنهب الأرض ركضًا بقدمها المجذوعة، والدماء تنرف من شتى جسدها بفعل أحتكاكها بقطع الزجاج، ولكن لن تستسلم لهم، ستدافع عن شرفها لأخر رمق..!



+




عتمة الطريق تبتلعها وتخيفها بشدة، المكان بعيد تمامًا عن أي عمران يمكن أن تحمتي به، أو تستنجد بقاطنيه! ماذا تفعل وهي وحيدة، هاتفها وحقيبتها لا تدري عنهما شيء! وبخضم نضالها ومحاربتها للآلم الشديد والخوف المُرجف لذاتها، أطلقت العنان لعبراتها الغزيرة بكاءً على ما وصلت إليه بتمردها وكذبها، رغم براءة هدفها، فقط ارادت بعض التحرر ونيل تجربة مختلفة وتذوق بعض المجازفة، كيف لها أن تعلم بغدر صديقة گ تيماء، سلمتها لأنياب ذئاب يريدون ذبحها گ الشاة، لتكون وليمة سهرتهم!! 


يا الله أشملني بعنايتك ولا تجعلهم ينالوا من عفتي


فالموت أهون من أن أكون ملوثة بأيديهم!



+




"اللهمَّ إنى أبرأ إليك من حولى وقوتى ومن كل حول وقوة فإنه لاحول ولا قوة إلا بك فكن حولي وقوتى يا كريم"



2




هكذا صارت تردد داخلها دعاء حفظته من والدتها الدائمة تكراره علي لسانها.! ويا خجلها من ربها الآن، لم تتذكره بيُسرها.. وتطلب منه العون بعُسرها..! 



+




*********************************


في منزل أدهم أبو المحد! 



+




رصدت عيناها حالة التردد التي تصيب ولدها " عابد" وشعرت گأنه يريد قول شيئًا ما، فهتفت " كريمة": 



+




_ في حاجة ياعبودي؟ حساك مش على بعضك! 



+




فرك أسفل عنقه من الخلف، وقال بترقب لوجه " أمه" : كنت عايز اعمل حاجة، بس مش حابب تضايقي ياماما.. ! 



+




عقدت حاجبيها: حاجة إيه؟



+




_ يزيد وصاني وصية يا أمي.. إني اسأل على مرات عمي وبلقيس، وعمي طبعًا..وانا من نفسي من غير مايوصيني كنت هعمل كده، لأن مهما حصل احنا أهل ومش لازم يبقي في بنا زعل. عشان سبب هو نصيب في الأخر! ثم أكمل بترقب: وانا بصراحة نويت اعدي عليهم دلوقت اطمن وأأكد إن مافيش حاجة اتغيرت.. واتمنى يا ماما تاخدي الموضوع ببساطة.. أنتي وطنت دُرة أصحاب عمر، ماتخليش حاجة تضيع الصداقة دي عشان خاطري! 



+




بقدر غضبها الذي مازال مستعرًا كلما تذكرت وجع ولدها "يزيد"..بقدر ما فَرحت برجولة عابد وأخيه، وحنانهما الذي يكفي الجميع ويفيض.. لن تشتت هي علاقات أسرية وطيدة وصلة دم لن تنمحي برغم كل شيء.. عاصم ودُرة وبلقيس هما جزءً من عائلتهم، ولن يستقيم الحال بالتجاهل، فلتأخذ هي مساحتها الكاملة من الوقت لتسامح، دون منع سواها من أداء واجبه.. مدت يدها وبعثرت شعره بمشاكسة: 



+





        


          



                


_ عارف أيه اللي مفرحني في اللي قلته؟! إني أخيرا شوفتك بتتكلم زي العاقلين من غير جنانك وهزارك! 



+




عبث بمزاح وهو يشير لرأسه بسبابته: كده نعكشتي " القُصة يا كريمة"..! ضحكت، فالتقط يدها ولثمها: حبيبتي يا "كيما" كنت عارف أن قلبك ابيض من القطن المصري نفسه ومش هتضايقي وهتسمحي أروح بنفس راضية! 



+




واستطرد: طب همشي أنا بقى عشان الحقهم قبل ما يتعشوا😂


هزت رأسها وهي تراقب مغادرته مبتسمة برضا: 


مجنون ومش هتعقل ابدا..! ثم تنهدت بحنان: ربنا يحميك أنت واخواتك يابني! 


____________________________



+




ستفقد عقلها من شدة القلق.. وانقباض قلبها يتصاعد، هناك سيء يحدث مع ابنتها.. هي أكيدة.. أين أنتي يا ضي العين.. يا الله أحفظها أينما وجدت! 



+




_ فرجينيا جميلة الجميلات.. وحشتيني يا طنط دُرة! 



+




بوغتت بصوت "عابد" أتيًا بمرحه المعهود وهو يخاطبها بلقب يعتاد قوله لها مزاحًا، فحاولت أن تبتسم مرحبة به، فآبت تقاسيم وجهها أن تنصاع لها ولو بابتسامة كاذبة فقالت بحزن: أهلا يا عابد.. عامل إيه يا حبيبي! 



+




لاحظ شحوبها وقلقها وردها الفاتر وهي تخاطبه فهتف بقلق: 


مالك يا طنت، وشك اصفر وشاحب والقلق واضح عليكي، في مشكلة؟ ثم دارت عيناه بالمكان وقال: عمي عاصم فين وبلقيس؟



+




لم تستطع المقاومة وهو يذكر ابنتها المفترض وجودها بهذا الوقت.. خانتها دموعها، فانقبض قلبه واقترب مستفسرًا: في إيه يا طنت، بلقيس فيها حاجة؟ عمي بخير؟ قلقتيني في أيه؟!!!!



+




شعرت بخواء وماعادت قدماها تحملها، فجلست بمقعد خلفها وهي تتمتم: بلقيس راحت عيد ميلاد صاحبتها من الصبح مارجعتش ياعابد، وبقالها ساعات مابتردش على تليفونها، ودي مش عوايدها، هي عارفة قلقلي عليها ووعدتني كل ساعة هتكلمني وترد على اتصالاتي أنا وابوها.. بس مابتردش علينا، وقلبي بيقولي بنتي في مشكلة.. وانا إحساسي عمره ماكدب عليا خصوصا ناحية بلقيس! 



+




انتقل قلقها إليه، وتوجس من غيابها، ولكن لابد من بثها الطمأنينة، ومؤكد سيفعل شيء لأجل سلامة ابنة العم.. هتف برفق: 


طب ممكن تهدي ياطنت ومتخافيش، ومعلش احكيلي بالظبط هي خرجت الساعة كام، وراحت فين تحديدا وقالتلك إيه أخر مرة اتصلتي بيها..! 



+




اخبرته بكل ما لديها، وهو يستمع إليها باهتمام شديد، وتمتم: طب وعمي فينه؟


_ بيلبس وقال هيروح يجيبها من النادي اللي بلقيس قالت الأحتفال فيه! 



+




" عابد؟!"



+




التفت له عابد فلاحظ شحوب عمه هو الأخر، فشعر بضيق شديد، وامتن كثيرًا لقراره بأن يأتيهم هذا المساء بالذات، وإلا ما كان عَلم بما يحدث.. دائمًا ما يتباهى العم بهم ويردد انهم سنده بعد الله، وعون لابنته الوحيدة.. وسيكون كذلك، لن يهدأ أو يتركه قبل عودة بلقيس.. هتف وهو يقترب منه: عمي أنا جاي معاك عشان نجيب بلقيس! 



+





        


          



                


أومأ برأسه المطرقة بحزن مغمغمًا: شكرًا يابني، ربنا يباركلي فيك يا عابد! 


_____________________________



+




لم يجدوا أي احتفال لعيد الميلاد المزعوم، حتى أن العامل أكد لهما أن اليوم لم يُقام أي احتفال بخلاف التجمعات العائلية المعتادة ..وقع قلبه بقدميه.. كيف العمل.. أين ابنته؟! كيف يصل إليها؟!! شعر باختناق ففك "أزرار" قميصه ملتقطًا بعض الهواء، وشعر بدوار، وكاد أن يميل جسده فأسنده " عابد" متمتما بجزع:



+




عمي مالك.. تعالي ارتاح هنا.. ثم نظر للعامل الذي لم يغادرهم، لو سمحت كوباية مية بسرعة! 


أسرع الرجل بإحضار قنينة ماء مثلجة.. فتجرع " عاصم" القليل، ونهض بغتة عازمًا على شيء، فتحدث عابد: رايح فين ياعمي! 



+




هتف بحزم: هقدم بلاغ للشرطة في اختفاء بنتي! 


__________________________



+




" صعب يتم بلاغ قبل مرور 24 ساعة حضرتك"



+




تلقى عاصم رد الظابط بغضب وقهر، هاتفًا: يعني إيه حضرتك؟ بنتي مابتردش علي تليفونها طول اليوم، وهي عارفة إنها لازم تطمنا عليها كل ساعة.. ووالدتها هيجرالها حاجة من الخوف.. وسيادتك تقولي لازم يمر 24 ساعة؟؟ اختفائها مش طبيعي وأنت لازم تتصرف، ده شغلك! 



+




هبطت قبضتيه بعنف على سطح مكتبه متمتما بحدة هادرة: ماتعليش صوتك، ومش أنت اللي هتفهمني شغلي إيه! 



+




" أتكلم عدل لوسمحت.. احنا بنطلب منك طلب في صميم شغلك ده.. وقدر إن اللي قدامك أب خايف على بنته، وماتنساش إنك بتقبض فلوس أخر الشهر عشان خدمة المواطن يا حضرة الظابط"



+




هكذا زئر عابد بصوت هادر، ملقيًا جملته بقوة على مسامع الضابط المسؤل ، بعد استياءه من طريقة حديثه مع العم "عاصم"..! وعدم تقديره للموقف بشكل " جدي" كما يجب! 



+




صفق الظابط بسخرية مجيبا عابد: حلو أوي المحاضرة دي.. طب إيه رأيك مافيش بلاغ هيتم إلا بعد مرور 24 ساعة زي ما قلت! ولو مش عاجبك اشرب من البحر! 



+




برقت حدقتي عابد بغضب مخيف وللحظة فقد عقله وضم قبضته وهَم بتوجيه لكمه رادعة لذاك " الضابط" السخيف، فأوقفه عمه: عابد... سبني أنا اتصرف من فضلك وبلاش تهور.. كفاية المصيبة اللي احنا فيها..! 



+




ثم اقترب من الضابط الذي يرمقهما ببرود، وقال: 



+




إسمعني يابني.. أنا عارف إن القانون بيقول لازم يمر 24 ساعة عشان "يتفعل" أي بلاغ.. بس اللي قدامك ده أب لبنت وحيدة، هي أمله في الدنيا روحه والنفس اللي خارح من صدره.. بنتي في خطر انا حاسس بيه


ومكتفني إني مش عارف مكانها عشان اساعدها.. وانت أكيد ليك أخت أو زوجة أو حتى خطيبة.. حط أي واحده فيهم مكان بنتي وحكم ضميرك.. كنت وقتها هتستني 24ساعة عشان تتحرك؟؟؟؟



+




ربما أكسبته طبيعة شغله الغلاظة والفظاظة وقساوة القلب. وهو يتعامل مع أصناف من البشر لا يستقيم الحال معها إلا بتلك الطريقة.. لكنه لن ينكر تأثره بما قال ذاك الأب المكلوم.. هو محق، لو أيًا مما ذكر مكان ابنته لتحرك دون تأخير للحظة واحدة! 



+





        


          



                


هتف بعد أن أثمر حديث العم عاصم داخله: 


قولي بالظبط إمتى خرجت بنتك.، واخر مرة كلمتوها



+




انتعش قلب عاصم بالأمل، مع استجابة إنسانية الظابط معه، وابلغه بكل ما أراد معرفته، وبعد برهة تفكير، تمتم " عادل" الظابط: 



+




طيب هو في إجراء لو عملناه هيساعدنا نعرف مكانها بسرعة! 


بينما " عابد" يراقب حديثهم بتركيز وصمت مكتفًا ساعديه دون التدخل مثلما أمره العم عاصم.. هتف الأخير بلهفة: أيه هو حضرتك؟!!!



+




عادل: بما أن بنتك معاها تليفون في خاصية "التتبع عن بُعد" نقدر من خلاله نحدد موقعها ونكون عندها في أقرب وقت! 



+




تهلل وجه عاصم: طب ابدأ أرجوك، كل دقيقة تأخير أكيد مش في صالح بنتي..!



+




تحرك "عادل" بالفعل وشرع بتنفيذ فكرته، وبعد أن أثمرت محاولته بعد وقت.. أستطاعوا تحديد مكانها..فحسب ما عَلم من الموظف المنوط به تلك المهام، اخبرهم أن الهاتف المذكور، موجود بمدينة " المنصورة الجديدة" تحديدًا على الطريق الساحلي، قُرب مدينة " جمصة" ..!



+




قُطب جبين " عابد" ، وأضيقت حدقتاه، وداخله بتسائل كيف وصلت ابنة عمه لتلك المنطقة المنعزلة تقريبا، والتي مازالت في طور العمران.. بينما اتسعت عين " عاصم بذهول" وأطرافه ترتعد خوفًا: جمصة؟ طريق ساحلي؟! إيه وداها هناك؟! دي قالت رايحة عيد ميلاد صاحبتها في نادي قريب من الجامعة؟! 


_____________________________



+




روحها مفجوعة علي غياب ابنتها..الهواجس السوداء تتجسد لعقلها بصور بشعة، شعرت إنها تريد محادثة أحد، علها تصرف ذهنها عن أفكاره ستقتلها هلعًا، إلى أن يصل زوجها ومعه ابنتهما.. رفعت يدها المرتجفة بالهاتف، لتضغط رقم احدهم، وما ان استجاب حتى هتفت بلوعة: كريمة! 



+




لم يكن "نداء" لأسمها بقدر ما استشعرته "استغاثة" مبطنة بطيات نبرتها الواهنة الباكية ، فهتفت الأخير بجزع.: دُرة؟ في إيه؟ مال صوتك؟حصل إيه؟ لم تتلقي سوى آنة وجع خافتة، ثم أختفى صوت أنفاسها وانتهي كل شيء! 



+




----------------------------------------


" أخر تسجيل إشارة للتليفون.. هنا بالظبط! "



+




هتف الظابط بجملته وعيناه تتفقد تفاصيل المكان بنظرة خبير يبحث عن أي دليل أو شيء يوصله للمفقودة.. أما " عابد" فتتفحص عيناه المكان الخاوي من أي منزل.. فقط مساحة واسعة، لم تجهز للعمران، وبحر قريب..!



+




_ لقينا دي سعادتك! 



+




التفت جميعهم للعسكري، فوجدوا بيده، " طوق" شعر أخضر! فهتف " عاصم" بهلع وصوت متقطع: دي.. دي لبنتي.. " توكة " بلقيس! 



+




اضيقت حدقتي " عابد" متذكرًا يوم أن وجد أخيه يحمل مغلف كبير لتشكيلة " أطواق للشعر من نفس الشكل.. ليهديه لبلقيس..!



+




_ هاتولي بنتي.. أنا عايز بنتي! 



+




هرول يلحق عمه الذي انهارت قواه وأوشك على السقوط..فلا مجال لأي شك الآن.. بلقيس تعرضت على الأغلب لاختطاف بشكلٍ ما..يا الله كيف التصرف أين ابنة العم وكيف يساعدها..! وكيف يهديء أبيها الذي سيفقد عقله..!



+





        


          



                


الضابط: لو الخطف عشان فدية.. يبقي أكيد هيتم اتصال قريب عشان اللي خطفها يتفاوض معاكم! 



+




تمتم عاصم بشبة نواح: ياريتهم يتصلوا وياخدوا اللي ياخدوه بس محدش يمسها..! آه يا بنتي.. إنتي فين ياحبيبة ابوكي.. فينك يانور عيني.. يارب احمي بنتي.. يارب دي هي اللي حيلتي.. هموت لو جرالها حاجة.. احفظهالي يارب ورجعهالي سليمة! 



+




عابد محاولا مده بالقوة والعزم: أرجوك ياعمي اتماسك.. بإذن الله هنلاقيها، أحنا هنا قريبين منها، خلينا ندور في المستشفيات ونسأل في كل مكان هنا يمكن يكون حد لقاها..! 


الضابط الذي بدا يتعاطف أكثر من قبل مع هذا الأب المسكين: بالظبط كده.. وانا بالفعل عملت اتصالاتي وبعت صورة بنتك، لأشخاص موجودة هنا وممكن تساعدنا، ومنتظر منهم خبر.. ودلوقت فعلا هنروح نشوف كل المستشفيات.. وبإذن الله نلاقيها..!


------------------------------------------



+




بعد أن مضى وقتًا والأوغاد الثلاث يحاولون العثور عليها، لمحها أخيرًا أحدهم، فابتسم بطفر قذر متمتما داخله، أن المعادلة المنطقية تقول، هروبها ركضًا بقدم مريضة وجسد ينزف وروح تموت رعبًا، لن تنفُد من أياديهم أو سيارتهم السريعة التي اقتربت منها فعليًا، وغادر الثلاث ليلحقوا بها بعد أن عرقلوا ركضها المتعرج بقدميها..! وجسدها يترنح بإرهاق واضح!!! 


............ .... 



+




ألتفوا حولها گ "حلقة محكمة" أحاطت كل جوانب فرارها التي لجأت لها.. ورغم إرهاقها الشديد وآلامها المبرحة.. هدرت فيهم بقوة محذرة أن يحاولوا المساس بها.. فضحكوا مستهزئين وهم يتحركون حولها يطالعوها بتسلية وهي تصرخ: 



+




"ابعدوا عني بدال ما "نهايتكم" تكون على إيدي ياكلاب!!" هتف احدهم بتهكم: 



+




_وإذا ما بعدناش ياقطة، هتعملي أيه! 



+




وهتف أخر: البت دي عبيطة، بتعافر مع مين؟



+




وثالث: طب انجز أنت وهو خلينا نخلص في الليلة السودة دي.. ياريتني ماجيت الله يحرقكم!!! 



+




رد أولهم: جرى أيه ياعم، هو حد ضربك على ايدك، مش أنت اللي أول ما قلتلك على اللي فيها "ريلت" وصممت تيجي تاخدلك دور!!!! 



+




تسمع بأذنيها ما يقال بينهم وتكاد تسقط اشمئزازًا ورعبًا، ما العمل وهي وحيدة گ العصفورة بين نمور متوحشة؟!! لا، لن تستسلم..إذا أرادوها، فلينالوها جثة هامدة، على أن تكون حية وهي تُذبح بسيف قذارتهم! 



+




راحت تدفعهم بيديها، وتركلهم بقدميها بكل شراسة وقوة وإصرار على النجاة من شباكهم " العفنة"..فتصيبها ركلاتهم وضرباتهم بالمثل وأكثر! 


وازدادوا تمسكًا بنيلها وكسرها ..!


طال النزال العنيف بينهم، وهي وحيدة تتلقى الصفعات والضربات واللكمات القاسية من كل اتجاه، عاجزة عن صد أغلبها.. وأياديهم النجسة تحاول استباحتها، فتمزقت ملابسها، وأصبحت منهكة القوى، وهم "كُثر" بأجسادهم صلبة، خارت قواها رغمًا عنها بعد أن نالها الكثير من تعديهم عليها بالضرب المبرح، حتى سقطت أمامهم بوعي شبه غائب!!! 


فحملوها گ " كومة قمامة" ليُقحموا جسدها الدامي، بحقيبة السيارة، وتوجهوا بها لمكان أخر، كما اتفقوا مع سامر!!! 



+





        


          



                


**************************



+




ما عادت تملك سوى البكاء المؤلم بعد أن سقطت بشباكهم مرة أخرى، وضعوها گ دمية بحقيبة سيارتهم تنتظر بأي لحظة وقوف عجلاتها، ليأخذوها لمكان أخر لا تعرفه، هل اقترب هلاكها حقًا؟!!!


ستكون تلك نهايتها بتلك الصورة البشعة؟! 


بلقيس ملكة أبيها، وقرة عين والدتها الحبيبة المدللة، الفتاة المغرورة التي رفضت حب رجلًا گ يزيد! 


الذي كان دائمًا يخبرها أنها بنظر الجميع دمية يريدون امتلاكها، أما هو فعشق روحها قبل جمالها، لم تنتهكها نظراته مرة واحدة، (ولكنه كان قبيح يا بلقيس أليس هذا كان حكمك عليه يا عديمة العقل!!!)


صدقت والدتي حين اخبرتني.. ستندمين على ضياع رجلا گ يزيد، كان عشقه خالصًا..!



+




آه.. يا حسرة على ما وصلت إليه! ليت الزمن يعود الآن لأخبرك يا يزيد أنك أصبحت أوسم الرجال بنظري، وأن القبح قد أدركت الآن حقيقته بصوره شديدة البشاعة بدواخل البشر الذين ظننتهم ملائكة مقربين! لُدغتُ من سمومهم وأنازع الآن حتى أجد ترياقًا قبل أن ينتشر سمهم بجسدي.. فيكفي ما نال روحي التي لن تعود كسابق عهدها..! 



+




تدفقت دموعها وهي تتمتم بصوت عقلها:



+




يارب ماليش غيرك في اللحظة دي.. ألهمني القوة والذكاء وانقذني بقدرتك وقوتك من ايديهم.. يارب مش هقدر ابص في عين أمي وابويا تاني لو طالوني ولوثوا شرفي بقذارتهم، يارب ماتسيبنيش ليهم! 


يارب انقذ بنت ضعيفة مالهاش ملاذ ولا ملجأ غيرك ياكريم!!!! 



+




ظلت تضرع داخلها بخشوع وبكاء راجية دعم خالقها 


فضوي بعقلها بغتة فكرةً غريبة ما كانت تتصور أن تأتيها بهذا الموقف.. وربما تجد فيها " الخلاص" من مأزقها.. تدفق الأمل في أوصالها..والفكرة تغزو عقلها ولم يبقى سوى التنفيذ! 


ولكن هل ستسطيع تنفيذها كما يجب لتنجو؟! أم ستخذلها قواها التي ما تبقى منها شيئًا والدوار يهاجمها بشراسة؟!


_______________________



+




بقلب تلك الأجواء التي تخطف الأنفاس.. على نفس الطريق بحضن نفس العتمة التي يتخللها أضواء " عواميد"الأضاءة الليلية.. أنبعث صوت فيروز من داخل سيارة " رمادية" اللون، يقودها شاب لم يتجاوز الثلاثين بعد، ويجاوره شاب في مثل عمره، يتمتم: 



+




_ياعم " ظافر" شغل حاجة تصحصح شوية.. هنام منك أنت وفيروز اللي مشغلها دي! 



+




هدأ صوت المذياع قليلا، وهتف برصانته المعهودة: 


أولا ده راديو أنا مش محدد اسمع فيروز تحديدًا..بس أكيد يعني محدش يختلف عليها.. أنت اللي ذوقك عجيب زيك..!


واستطرد: وياريت تنام فعلا وتريحني من صوتك ده شوية، خليني اركز في السواقة! 



+




بالفعل أرتخى " عامر" بمقعده قليلا ومدد جسده هاتفًا: خلاص انا هنام، وانت شغل اللي يعجبك يارايق! 



+




أسدل جفنيه محاولًا استجلاب النوم، فتذكر شيء، فاعتدل يطالع رفيقه متمتمًا:



+




_ بس تعرف ياظافر غريبة أوي، نبقي اصحاب سنين جامعة، وأول مرة اعرف إنك من المنصورة وطلعت عيلتك كبيرة كمان..!



+




أردف بزهو: طبعًا يابني.. عيلة " الشباسي" من أكبر عائلات المنصورة.. بروح زيارات، بس أنا عمري ماعشت هناك عشان كده ما ذكرتهاش قصادك.. أنا قاهري.. ووالدي ووالدتي أصولهم من المنصورة نفسها..! 



+




هتف " عامر" بإيماءة: منطقي بردوا ، لأنك مش بتزورها كتير.. بس بصراحة طلعت مدينة رائعة.. غير ماكنت متصور خالص.. ومبسوط إني زورتها معاك..! 


وادينا اتفقنا على سعر كويس للأرض بتاعتك..


وراجعين بالليل في الروقان.. عشان نتابع شغل العمال الصبح.. أكيد "أنتخوا" في اليومين اللي غبناهم في المنصورة! 



+




_ ده أكيد طبعا.. عموما أدينا هنقف فوق راسهم لحد ما ينجزوا بسرعة..!



+




_ إن شاء الله ..وتذكر شيئًا فأردف: نسيت اقولك يا ظافر.. "البرفانات" اللي وصينا عليها حمادة صاحبنا جابها أمبارح، وأنا أخدتهم وحطيتلك بتاعك في الجاكت...والبرفان بتاعي سبته في البيت.!



+




تمتم "ظافر" بكلمات شكر.. وعاد " عامر" مسترخيًا كما كان دون أي تعقيب أخر، مسدلًا جفنيه، أما "الأول" شرعت عيناه تراقب الطريق عن كَثَب، ومازال صوت فيروز ينساب لأذنيه، فارضًا أجواء دافئة صافية.. 



+




وبينما ظافر منهمك بقيادته، لفت نظره "سيارة" تعبر جواره بسرعة شديدة، وقد ظهرت فجأة من خلفه لتتخطاه.. وقائدها ينهب الطريق بجنون، بدت قيادته غير "آمنة" تمتم بخفوت: غريبة، في حد يسوق كده.. ربنا يستر عليهم..! 



+




وفجأة لاحظ شيئًا عجيب يحدث، أَمعن النظر محاولًا التأكد مما يرى، عله 'يهذي" من قلة النوم، ويخدعه بصره، متمتما لنفسه بخفوت: غريبة! إيه اللي بيحصل ده؟!



+




ثم اتسعت حدقتاه بدهشة، ونكز صديقه الذي سقط في غفوة سريعة: عامر.. فوق ياعامر وشوف اللي انا شايفه ده حقيقة ولا بيتهيئلي! 



+




تمتم الأخير بصوت ناعس: في إيه يا ابني سبني انام!


_ قوم بس ياعامر هوريك حاجة! 



+




استجاب علي مضص وهو يتأفف. متطلعًا لما أشار " ظافر" ففرك عينيه بقوة ليتأكد مما رآى هو الأخر! 



+




ترى ماذا شاهد ظافر عامر؟


وماهو مخرح بلقيس من تلك المحنة؟


وهل وجود سيارة ظافر قدرًا على نفس الطريق، سيمثل فارقًا لبلقيس؟ أم سيمر الأمر مرور الكرام دون أن يدرك هو وصديقه أن احد ما يحتاج مساعدته..!


__________

تكملة الرواية من هناااااااا 


تعليقات

التنقل السريع