القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية نفق الجحيم (الجزء الاول) الفصل الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر بقلم ريناد يوسف كاملة

 


رواية نفق الجحيم (الجزء الاول) الفصل الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر  بقلم ريناد يوسف كاملة 






رواية نفق الجحيم (الجزء الاول) الفصل الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر  بقلم ريناد يوسف كاملة 







نفق الجحيم

البارت الحادى عشر11

توفيق: كرار إنت رحت ليه الموقع عشية إمبارح؟

كرار سمع سؤال أبوه وحس إن حد رماه من فوق جبل عالي هبده عالارض مره وحده..

توفيق باصص لملامح كرار بتفحص، وبمجرد ماشاف لونه إتخطف ساب العيش من يده وشبك صوابع اديه فبعض وإستني بترقب يشوف كرار هيقول أيه.. ولما ملقاش رد من كرار وشاف عنيه عتتنقل مابين الكل عرف إنه مش خالي وإنه صوح راح الموقع وعمل نصيبه.


توفيق بحس عالي:

انطوق قول رحت الموقع ليه عشيه وعميلت أيه.. هتقول إنت ولا اقول اني.


كرار إبتدت اديه يرجفوا وحتي شفايفه، وجسمه تلج كأنه قاعد فوسط لوح تلج عريان.. وكل القاعدين بطلوا وكل وبصوا لكرار بإستغراب لحالته، وكل واحد عيسأل روحه نفس السؤال اللي سأله توفيق لكرار.. ياتري راح ليه الموقع؟ 


عديله لتوفيق : بطل زعيق هبابه ياتوفيق هينزلك البواسير يافقرى.


أما حوريه والحريم فطلعوا جرى من الموطبخ علي حس توفيق ووقفوا قدام باب الموطبخ، وحتي العيال اللي كانوا عيلعبوا فالحوش جارهم وقفوا عن اللعب وبصوا علي سيدهم اللي عيزعق! 


وكرار بقي يتلفت حواليه بخوف وعينه جات على امه بصلها بإستجاد، وهي راحت عليه قوام ملبيه لإستجاده، ووقفت جاره وحطت يدها على كتفه وردت هي على توفيق:

مالك ياتوفيق عتزعق في الواد العيان إكده ليه!؟ 

توفيق بصلها بغضب وقالها بتحذير صريح ميقبلش الجدل:

إخفي من قدامي دلوك عشان ميبقالكش في الطيب اللي هياخده ولدك دلوك نصيب.. وحق لا إله الا الله ياحوريه لو سمعت حسك فالساعادي لأكون مخلص عليكي(بطل. قه) وحده ومكومك فنص الحوش إهنه. 

بلعت حوريه ريقها بخوف وبهداوه بعدت يدها عن كتف كرار، وبمجرد ماعيملت إكده كرار حس إنه بقي ضهره عريان للريح وإتسحبت منيه كل الحمايه.. 


قام توفيق ووقف على حيله بعد ماحس إن فيه نايبه كبيره مستنياه من تحت راس كرار، وخصوصي لما كرار قام مره وحده ورمح علي بره بكل سرعته على آخر مصدر حمايه ليه، واللي متوكد إن هو الوحيد اللي هيقف معاه قدام ابوه ومهيتخلاش عنه. 

توفيق بمجرد ماكرار جري من قدامه بخوف كيف الفيران وقف مع روحه يربط الاحداث اللي جرت، وحالة الراجل وكلامه وخوف كرار والخاتم، والموضوع مخدش منيه غير ثواني وكان فاهم كل حاجه، وفوراً راح على اوضة أمه جاب

(البن.دقيه) و إتحرك ورا كرار علي بره وباقي العيله كلها جريت  وراه. 


أما كرار فراح علي بيت أبو دراع ملقهوش قاعد، فدخل يدور عليه في الجنينه وسط الشجر كيف المجذوب وعارف إنه اكيد هيلقاه هناك. 

وبالفعل أبو دراع كان عيلف وسط الشجر وينضف الحشايش الناميه تحت الشجر البكارى، وأول ماسمع وراه خشوله واعره فأوراق الشجر الناشفه اللي عالارض، وقف عشان يشوف أيه اللي وراه فاتفاجأ بكرار عيتضرب فيه. 

أبو دراع بإستغرب:

كرار! مالك فيك إيه وعتجري من إيه؟ 

كرار بخوف وانفاس مقطوعه: دسني، دسني يابو دراع قوام أبوي جاي وراي وهيموتني. 

وقبل ماأبو دراع يسأله عن حاجه كان واعي عمه توفيق جاي عليهم وماسك البن.دقيه فيده، واخوه نعيم ماشي قباله وعيكلم فيه، وواضح إنه عيهديه، وكمان باقي اهل البيت كلهم جايين وراه


وابو دراع بص لكرار بلوم؛ ١عشان إتوكد من اللي شايفه إنه عمل عمله النوبادي أكبر من أي عمله عملها قبل سابق. 


أما حدا بيت عبد الصمد.. 


دهب : صابر طلع ومعاودش تاني ياعبصمد. 

- ولا هيعاود ياحوريه وكل الحق معاه.. مفيش راجل يقبلها على روحه ياناس.. مفيش واحد ياكل حتتة لحمه من ورا خشم الكلاب. 

دهب: والله لو عاشق صوح وواد أصول كان عيملها ومهمهوش.. لكن صابر طلع أي كلام. 

وعبد الصمد بص لشام اللي إبتدت تفتح عينها علي كلامهم وطلع تنهيدة بحسره على حالها شقت صدره شق. 

أما شام فبصت للسقف من غير ولا كلمه والدموع سالو من عنيها، وحاسه بوجع فجسمها فوق إحتمالها.. بس وجع الجسم مياجيش حاجه قدام وجع القلب والروح اللي كانت حاسه بيهم في اللحظه داي.. خلاص بقت تتشبه بحتتة لحمه ساقطه من خشم كلاب! خلاص بين يوم وليله حياتها كلها إتدمرت ومبقاش ليها اي قيمه ولا عازه مع اي حد؟ 


وفي الاثناء داي دخلت بسيمه من الباب وهي ماسكه فيدها كباية حليب دافيه، وإتقدمت بيها علي شام ووقفت جارها وقالتلها بأمر:

قومي إشربي ياشام عشان تطيبي وتقدري تتكلمي وخشمك يونطوق، وتقوليلنا مين اللي عيمل فيكي إكده.. مين اللي استضعف بنات عبصمد إكمنهم ولايا حداهمش اخ راجل يحامى علي عرضه  وابوهم راجل كبير ومهدود الحيل.. بس واللي رفع السما وبسط الارض وغلاوتك عند اختك ياشام مبقاش اني بت عبد الصمد لو مخدتلك حقك تالت ومتلت. 


وعبد الصمد رد عليها من غير مايبصلها:

إيوه إطلعي انتي خدي حقها عشان تعاوديلي زيها وبدال ماوحده يبقوا تنين وشيل طين فوق الطين ياعبصمد. 


شام لفت وشها ببطئ علي بسيمه وملامحها خدت وضع البكا، وبسيمه حطت كباية الحليب علي الكوميدينو وقعدت جار اختها علي السرير، وبهداوه رفعت دماغها ومسكتها عدلتها نص قعده وسندتها عليها وقلبها إتقطع وهي سامعه انين أختها اللي محاملاش حتى القعده، وجابتلها كباية اللبن وقربتها علي خشمها، ورفعت الكبايه عشان شام تشرب منها، لكن شام مفتحتش خشمها ولا رضيت تشرب، وبسيمه برضوا مياستش، وفضلت حاطه الكبايه علي خشم شام بإصرار، لغاية ماشام تعبت وحست إنها مش هتتخلص من بسيمه غير لما تشرب، وبالفعل شربت. 

لكنها مقدرتش تشرب اكتر من بوقين تلاته وبعدها هزت دماغها برفض..وبسيمه مرضتش تضغط عليها اكتر. 

ركنت الكبايه جارها ونومت شام مره تانيه، وطلعت بره الأوضه؛ عشان تعاود المره داي بصينية وكل لأبوها وامها، وحتي ليها ولبشاير اختها كمان. 


بسيمه بأمر:

يلا كله هياكل ومحدش يقول حاجه الوكل مليهش صالح بالحزن، لا الجوع هيخلي اللي إتكسر يتصلح ولا الشبع هيزيد الطين بله.. دلوك وكت لازمن كل واحد فينا يكون بحيله.. والحيل مهياجيش مع قلة الوكل ديه هيروح بذيادة. 

مد يدك يابو شام وكل عشان تقوم تشوف مين اللي عيمل فعرضك إكده وكلنا هندورا عليه معاك. 

عبد الصمد بصلها ومردش عليها وشاح بوشه الناحيه التانيه، وهي قعدت جاره وغمست لقمه صغيره ومدتهاله قدام خشمه، ونفس اللي عيملته مع شام عيملته معاه ومع امها ووكلتهم غصب، أما بشاير فكانت عامله كيف الاطرش في الزفه مفاهماش حاجه.. وكل اللي فاهماه إن شام عضها ديب والكل زعلان عليها، ولما لقيتهم كلوا كلت زيهم. 

خلصوا وكل وشالت بسيمه الصينيه ولساها هتروح للحوش هي وبشاير يشيلو الظاطه اللي إتأخروا فشيلها النهارده سمعت حس محاسن أم صابر عتنادم عليهم. 

دعتها بسيمه للدخول وقوام بعتت بشاير  خبرت أبوها عبد الصمد بوجودها، وهو هب واقف هو ومرته وطلعولها، وكلهم أمل إن صابر يكون قالهم شام بيها شوية تعب وعشان إكده جات تزورها.


دهب: اهلا ياام صابر تعالي ياخيتي اقعدي واقفه ليه؟ 

محاسن بدون مقدمات وبملامح جامده: له يادهب الكلمتين اللي جايه اقولهم ممستاهلينش قعده.. اني جايه اقولكم إن كل حاجه قسمه ونصيب وبتكم متلزمناش. 

خلصت كلامها ولفت ومشت طوالي من غير ماتسمع منهم اي كلمه. 

عبد الصمد بص لدهب مرته يأكدلها اللي كان عيقولهولها قبل شويه بكلام ام صابر، 

ودهب دموعها نزلوا ومسحتهم قوام.. واتبسمت بأمل وهي واعيه محاسن وقفت علي باب الدار ولفت عليهم، وأتهيألها إنها هترجع فكلامها، لكن أبهى صوره للخذلان إتجسدت قدام عنيها وهي سامعه محاسن عتقولها:

وصوح قبل ماانسى يادهب.. كمان محروسه بت خالي اللي كانت فاتحتك فإنها هتاخد بسيمه لولدها بعد ماصابر يتجوز شام، عتقولك إنها صرفت نظر عن الموضوع خلاص.. خلصت كلامها وطلعت وردت الباب وراها. 

والحسره كلبشت فقلب عبد الصمد بعد ماسمع كلامها وهو واعي بناته العار طالهم كلهم، وقعد على حيله وفضل يشيل في العاوين من قدام الكانون ويحط على راسه ويندب حظه وحظهم ويقول:


ليه ياصابر.. ليه تفشي السر وتفضح عرضي وسط الناس ليه.. لما انك مش هتقدر تستره مكانش فضحته.. كنت قولتلي بيني وبينك معاوزهاش ومكنتش صعدتها لحد من ناسك.

ياسيرتك اللي بقت علي كل لسان ياعبصمد.. يافضيحتك اللي اتفضحتها على آخر الزمن ياعبصمد.. ياريتي مت ولا شفت اليوم ديه يارب. 


اما شام فكانت سامعه كل حاجه من جوا وقلبها عيتعصر عصر، وسامعه فودانها كل كلام صابر الحلو اللي كان يقولهولها وإنه عيحبها وميقدرش يستغنى عنها، وحاجات كتير إكتشفت لتوها إنها طلعت كلها كدب فكدب. 


قعدت بسيمه جار ابوها عالارض ومسكت اديه اللي عيشيلوا في الرماد بتاع الكانون ويرفعوا فوق راسه وقالتله:

أمانه عليك يابوي ماتعمل إكده فروحك.. قوم ياعبصمد وشوف مين اللي شيلك الطين على راسك وقوب راسه قَب وخليه يعرف إن الله حق.. قوم إحنا ٣ ولايا مليناش غيرك لو جرتلك حاجه الديابه مش هتستني جوف الليل ولا الخلوه عشان تنهش فلحمنا.. هتنشه فعز النهار ر والشمس طالعه وعلى عين الكل. 


عبد الصمد بوجع: وهو اني كنت نفعتكم فأيه واني حي يابتي، ولا حوشت عنكم ايه.. اني طلعت زيي زي عدمي.. طلعت خيال مقاته ميخوفش حتي زرزور. 


أما دهب فقعدت بعيد وابتدت تنوح علي حال بناتها وجوزها اللي عيموت قصاد عينها ومش عارفه تصبره بكلمه ولا تهون عليه، وهي واعيه حالته وعارفه إن كلام الدنيا كلياته ولا هيغير فحالة حد فيهم حاجه. 

دخلت بشاير على شام فغفله من القاعدين بره وقربت منها، وحبت جبينها بحنان، وقعدت جارها ومسكت يدها وقالتلها:


تعرفي ياشام اني عحبك قوي.. عحبك اكتر من البت بسيمه الرديه اللي عتضروبي وتفضل تزغد فيا واحنا لحالنا لما مااسمعش كلامها ولا تقولي علي حاجه واتأخر فيها..

إنتي طيبه وحنينه قوي ياشام..اني معارفاشي ليه ابوكي عيشيل الطين ولا ليه صابر سابك وكل ديه عشان عضة ديب.. بس اللي اعرفه إني هموت وراكي لو جرتلك حاجه وموتي واتلفتت حواليا ملقتكيش.. 

وريني يختي عضة الديب داي فين وواعره كد أيه؛ عشان اطمن عليكي إنك مهتموتيش وهتطيبي وهتعاودي تتنططي كيف القرود من تاني.. والله لو اشوف الديب اللي عيمل فيكي إكده

لأد. بحه وأشويه وأوكله للبت بسيمه بالغصب. 

بصتلها شام وحاولت تتبسملها لكنها مقدرتش، وغمضت عنيها بألم وكل اللي جه قدام عنيها.. صورة الخاتم أبو فص اوحمر، والكلام العفش اللي كانت عتسمعه من الكلاب التلاته، والوجع اللي كانت حاسه بيه ساعتها، واللي لساها حاسه بيه.. وابتدا جسمها يتنفض كيف اللي إتعرضت لتيار كهربا. 

وبشاير أول ماشافت حالتها داي صرخت وجريت علي بره تنادم حد فيهم عشان يشوفها. 

وراحتلها امها وبسيمه والتلاته فضلوا يضموا فيها ويلكلكوا بالغطا ويهدوها وكل فكرهم إنها بردانه،او حاسه بوجع، ميعرفوش إن اللي حاسه بيه إحساس اكبر واقوي من أي إحساس في الدنيا بالوجع أو البرد.. إحساس الغصب. 


أما عبد الصمد ففضل قاعد فموطرحه وإبتدا يفكر هيعمل إيه، واللي اهتداله وقرر إنه ينفذه فوراً إنه راح بحالته داي علي بيت جلال ابو صابر جيرانه،

ووقع فعرضهم إنهم يكتموا عالخبر اللي سمعوه، وإنهم ميفضحهوش وسط الناس، وعاتب صابر عشان فتش سره، 

وكان مستني من صابر وابوه وامه حق الجيره والعشره والعيش والملح يتردوله فصورة وعد منهم بالستر وكلمه تطيب الخاطر.. لكن اللي حوصول إنهم أول من مسك كرباج الذل وإبتدوا يضربوه بيه، ويحملوه هو مسئولية اللي حصل لبته، ويأنبوا ضميره من غير ماتاخدهم بحالته شفقه ولا رحمه، وحتي صابر كان من ضمن الجُلاد.

وعاود عبد الصمد من حداهم وهو حاسس إن الدنيا خلاص ضلمت فعنيه وانه عيطلع في الروح ومسألة وكت وقلبه هيقف من كتر الوجع اللي جواه. 


أما حدا بيت المقاول.. 

توفيق وصل حدا كرار وابو دراع ورفع الس. لاح عليه وقاله بأمر: 

كل حاجه كنت تعميلها كنت اعديها واقول هينه وبكره يكبر ويعقل ويبطل الطيش بتاعه ديه.. لكن يوصل بيك الحال لأعراض الناس وشرفها ياكلب!؟ 

أبو دراع فضل يتلفت علي كل الواقفين ومفاهمش حاجه ولا عارف إيه اللي عيجرا! لكنه وقف مابين توفيق وكرار، وخلي كرار وراه وبوز البند. قيه بقي متوجه على صدره هو وقال لتوفيق:


بالهداوه ياعم، كل حاجه تتحل بالهداوة.. قولي بس فلاول كرار عيمل ايه وبالله عليك ومتعملش حاجه فساعة غضب راعيها الشيطان. 

توفيق بعصبيه: أبو دراع.. اللي عيمله صاحبك النوبادي لا ينفع فيه هداوة ولا الشوطان ليه دخل فيه.. عشان الشوطان نفسه هو اللي واقف وراك.. صاحبك هتك عرض ياابو دراع.

الكل سمع الكلمه وكل واحد عبر عن صدمته بحركه مختلفه، وأبو دراع لف وبص لكرار اللي كان عيتنفض ويصب عرق فعز الشتا ،وعرف إن كلام ابوه مظبوط، وخصوصي لما ربط بقعة الدم اللي شافها على جلابيته الصبح باللي عيقوله ابوه.. وبهدوء أبو دراع إتحرك من قدام كرار، ووقف علي جنب وشبك اديه ورا ضهره، وخد نفس جامد وبص قدامه بملامح متجهمه..

وداي اول نوبه أبو دراع يعملها ويهمل كرار فمواجهة خطر أو وجع.. لكن اللي عيمله النوبادي أبو دراع متقبلهوش أبداً، وكانت صدمته فكرار صاحب عمره اكبر من صدمة الكل. 

أما كرار فبحركة ابو دراع وتخَليه عنه لأول مره فحياته.. حس إنه فرصته في الحياة إنتهت، وإنه ميت على أيد ابوه ميت لا محاله لأن العمله اللي عيملها متوكد إنها فعرف أبوه ملهاش غير عقاب واحد.. وهو اللي هيعمله دلوك. 


وفي اللحظه داي إتصرف تصرف الانسان اللي عيواجه الموت ومستعد يعمل أي حاجه عشان يدافع عن حياته، فاترمى تحت رجلين ابوه عالارض ومسك فيهم وبكي بحسه العالي وهو عيقول لأبوه:


مش اني اللي هتكت عرضها الأول يابوي.. والله العظيم مااني ديه همام ومن بعد منيه السيد، واني كنت اخر واحد.. والله مااني اللي خدت شرفها ولا هتكت عرضها.. همام والله هو اللي عيملها. 


هو قال إكده وكل اللي كان مصدوم من الكلام اللي قاله توفيق ومستغربه وعندهم أمل يطلع كدب او سوء فهم، قضت عليه الصدمه تماماً بعد إعتراف كرار.. 


اما نعيم فسمع الكلام ديه وزعق في الحريم بعلوا حسه:

غوروا انتوا عالبيت واقفين إهنه تعملوا ايه، غوروا ياقللات الحيا ياعديمين الربايه.. خلص كلامه والكل فضل واقف علي حاله عشان الصدمه كانت أكبر من خوفهم من أي زعيق يزعقه حد عليهم، 


وتوفيق شاف إن الحريم مسمعوش الحديت فرفع الب.ندقيه فوق للسما وضرب طلقه في الهوا وهو عيقول:


اللي هنزل البندقه والاقيها لساها واقفه قدامي الطلقه الجايه هتسكن نافوخها.. والحريم بعد الطلقه والكلام كلهم جريو علي البيت والخوف مخليهم كيف الراهاوين. 

ووصلوا نص المسافه ولقوا عديله جايه وراهم تمشي بالراحه علي كد حيلها متسنده على عصايتها، وعدوها وهما عيجروا مفيش وحده وقفتلها حتي.. وعديله شافتهم عيرمحوا الرمح ديه ووقفت موطرحها بخوف وهي مقادراش ترمح زيهم وفضلت تزعق عليهم وتشتم فيهم عشان يستنوها ومعارفاشي تكمل ولا تعاود. 


أما توفيق فكان عنده آمل لاخر لحظه إن ولده يقول مش أني، وإن الموضوع فيه غلط.. وإن واد توفيق ميوصلش بيه الحال ابداً لأنه يعمل العمله داي.. لكن للأسف طلع اسواء من السوء وخيب آخر أماله، وبمجرد ماذكر أسامي همام والسيد توفيق عرف فوراً إيه اللي جسره علي إنه يعمل العمله داي. 

بص توفيق لابو دراع وسأله بغضب: 

وإنت لميته هتداري عليه وعلي عمايله، عارف معناها ايه لما يوبقي عامل عمله كيف داي وتسانده فيها وتغطي عليه؟ تبقي إنت كمان متقلش وساخه عنيه. 


أبو دراع كان هينطوق ويدافع عن حاله لكن سبقه كرار لما قال:

ابو دراع ميعرفش حاجه، ابو دراع كان عاملني سهرت معاهم وشربتلي سجارة حشيش وسطلين بوظه بس، اني مقولتلهوش اي حاجه تاني. 


توفيق سمع حديته ديه عن الحشيش والبوظه، وكلامه عليهم وكأنهم حاجه عادي يعملها ووطي (البن.دقيه) حطها على دماغه، وإهنه الكل صرخ وجري علي توفيق ومسكوا البندقيه وخلعوها من يده بالعافيه ونعيم بغضب قاله:

إتجنيت ياتوفيق ياك، عاوز تموتلك راجل؟


توفيق رد عليه بغضب أكبر:

بالله عليك قولي هو فين الراجل ديه يانعيم؟ يابوي اني مخلفتش غير راجلين، وديه حتي مينفعش أحسبه علي حريمي؛ عشان حتي الحريم حداها شرف وكرامه ودين وإيمان اكتر منيه.. ديه كلب سعران ماشي ينهش فاعراض الناس مره بعنيه ومره ببدنه وبعافيته، والنصيبه إنه عيتعافى عالولايا والغلابه.. إنت مشوفتش يانعيم الراجل اللي كان في الموقع الصبح كانت حالته عامله كيف؟ 

شفتش الكسره اللي كسرهاله ولدي يانعيم، شفت. عمته المتمرمته تراب واني عامله مهووس اتاري ولدي اللي صابغله عمته بالعار!

نعيم: بس إهدي وهدي حالك وتعالا نشوفولها حل مع بعض. 

توفيق:

مليهاش حل يانعيم ديه مش توب إتقطع هنرقعوه، ديه شرف كيف عود الكبريت وولدي شطه وحرق بيه حياة وليه وأبوها وعيلتها كلها.

ياخوي الواد ديه كان لازمن يموت من صغره ؛ لانه مليهش عازه، وطول ماعايش وعيكبر نصايبه عتكبر معاه واني معادش فيا حيل ولا قلب يتحمل عمايله الشينه تاني. 

بس تعرفوا.. داي غلطتي أني؛ عشان اني اللي مشديتش عليه كيف إخواته وهملته لأمه تجلعه، واني خابر زين إن جلع الحريم معيطلعش غير عيال نيه.. بس ورحمة اللي ترابه لساه مابرد لأكون مربيك من اول وجديد ومعلمك الادب ياكرار الكلب. 


خلص كلامه وبص جاره لمخلوف وقاله بأمر:هات حبل طويل قوام يامخلوف.. قوام. 

خلص جملته وبص لمخلوف بتاكيد، ومخلوف رمح قوام يجيب الحبل، عشان متوكد إن في اللحظه داي توفيق ناره قايده واللي هيخالفله أمر هتطوله النار هو كمان مع كرار. 

نعيم فمحاوله بائسه: ياولد ابوي قولتلك إهدي وتعالا نشوفولها حل الأمور متتاخدش إكده.. اني عقول إن مادام أبو البنيه معرفش حاجه يوبقي نكفوا عالخبر ماجور ولا من شاف ولا من دري. 


توفيق بغضب: إتقي الله يانعيم إنت معاك ولايه.. ترضاه علي بدور اللي عتقوله ديه،، بذمتك ترضي علي روحك تكون موطرح الراجل الغلبان اللي حالته كانت تقطع القلب الصبح ديه؟ 


نعيم سكت لأنه ملقيش كلام يقوله يرد بيه علي كلام توفيق، ووصل في اللحظه داي مخلوف بالحبل وخده منه توفيق وبص لكرار وقاله بأمر:

قوم ياكلب واقف وضهرك للشجره.. ومن بين الكل نده عاللي متوكد إنه هيساعده فربط كرار من غير تردد:


عزت.. تعالا قَوِم العويل ديه ووقفهولي علي الشجره.. 

وبالفعل عزت نفذ الأمر فوراً وثواني وكان مثبت كرار علي الشجره وأبوه ربطه بالحبل وقرط عليه على مرأى من عيون الكل، ومحدش قدر يتحدت، وبعد ماخلص بص لصفوت وقاله بأمر:


صفوت خد سلام وتروحوا تجيبولي أُس البلا همام والسيد وابهاتهم معاهم، 

ولو مرضوش ياجوا تكروهم بالعافيه كر، ولو ملقيتوهمش تدوروا عليهم وتجمعوهم لو مدسوسين فقمقم.. مسافة الطريق وعايزهم قدامي. 

خلص كلمته ووطي علي فرع شجر عفي كان عالارض اتلافاه، وطبعاً كان معروف هيعمل بيه أيه، وكرار شاف الفرع فيد ابوه وابتدا يصرخ بخوف ويستنجد بكل واحد من الواقفين بدوره ويندهه بإسمه؛عشان يحوش عنه أبوه، 

والنصيب الاكبر من التوسل كان لأبو دراع اللي بين كل اسم والتاني كان ينطق إسمه ويقوله الحقني ياخوي.. لكن أبو دراع ولأول مره يحس إن كرار عيمل العمله اللي ملهاش حداه دفاع ولا تنفع معاها شفاعه، فقال لصفوت :

صفوت إستني أني رايح معاكم اجيب العيال دول، أصلي نفسي اجيبهم بزفه تليق بيهم وباللي عيملوه.. داني نادرها. 

قالها وإتحرك اول واحد فيهم وهمل كرار لمصيره اللي يستحقه. 

وبمجرد ماخطي كام خطوه سمع صوت خبطة الفرع على جسم كرار اللي صرخ من قعف راسه، لكن برضوا حتى الصرخه موقفتهوش ولا اثرت فيه، وكمل مشي وهو عيقول لروحه.. 

إن كرار فعلا ميستاهلش غير المعامله داي، وإن الضربه اللي اداهاله الصبح وندم عليها لو حكموه علي كرار فاللحظه داي هيديه الف ضربه وضربه اوعر منها، وبرضك مش هيشفى غليله منيه ولا من اللي عيمله. 


أما توفيق ففضل يضروب فيه مرحمهوش ولا رحم صراخه ولا كان سامع للي عيتوسلوا فيه عشان يسيبه بعد ماقطع النفس تحت يده، غير لما دراعه وجعه من الضرب ومبقاش قادر يرفعه عشان يضروب بيه تاني. 


اما حوريه فامن أول مادخلت البيت وهي عتولول وتنوح على ولدها، وقلبها عيرجف من خوفها عليه من ابوه، ومهديتش وبالها اطمن غير ومعروف داخل من الباب بتاع البيت عليهم بالبندقيه ووداها على اوضة سته موطرحها.. وكتها بس عرفت إن ولدها نفد من الموت على يد ابوه، ومهما كان اللي هيعمله فيه بعد إكده هين ويلاقوا عليه مادام حسه في الدنيا باقي. 


خلص توفيق ض.رب فكرار وهمله وقعد بعيد عنه بس عينه عليه، وجار منيه قعد نعيم ومخلوف، والتنين عايزين يهونوا عليه ويهدوه لكنهم مش عارفين يقولوله ايه.. ولا يصبروه بأيه علي كرار وعمايله،  واللي هما التنين عارفين إن أبوه علي حق فكل اللي عيعمله فيه، وإنه قليل عليه كمان. 

شويه ووصل صفوت بالعربيه الفورد هو وسلام وابو دراع زانق همام والسيد في الكرسي الوراني ونازل فيهم دكيم وضرب بواني فوشهم لما ورم سداغهم التنين، ودخلوا بيهم علي الجنيه، وبمجرد ماهمام والسيد شافوا كرار مربوط في الشجره واللي حاصل فيه.. بلعوا ريقهم بخوف، وقلبهم وقع فرجليهم، واتوكدوا إن كرار فشى السر الكبير، بعد ماكانوا فاكرين إنهم متجرجرين عشان شربوا كرار معاهم حشيش بس.. 

وقفوا التنين قدام توفيق اللي بص للسيد وقاله بإتهام صريح:

سيد مادام إنت اللي بديت وخدت شرف البت كيف ماقال كرار توبقي العمله عملتك لحالك وإنت اللي تشيل الليله وحدك، وهشيع لناس البت ياجوا يشوفوا شغلهم معاك دلوك.. البت طلعت بت ناس ومن عيله كبيره قوي وناسها طاحناهم النار عليها وقالبين البلد قلب من عشيه بالسلاح علي اللي هتك عرضهم. 

وإهنه السيد صرخ بحسه كله.. والله همام اللي عميلها وهو اللى جاب البت للنفق وهو اللي خد شرفها اول واحد اني كنت التاني، والله العظيم همام. 

وبس سمع توفيق الحديت إتوكد من إن ولده عيقول الحق وإن همام هو اللي بدا بالبت فعلاً. 

توفيق بص لهمام وقاله: يعني إنت الشجيع اللي فيهم ياخسيس.. إنت اللي خطفت وهتكت ومن قبلها جرجرت الرجلين للشرب والسكر والعربده.. يعني إنت راس الحيه. 

همام بنفي: له مش اني لحالي كلنا مع بعض.. ومتفرقش الأول من التاني من التالت.. الصحن مش مهم مين اللي عياكل فيه قبل مين المهم إن كله داق وكل، ومش عدل إن اللي كل اول لقمه يتقال عليه هو اللي خلص الصحن لحاله. 


توفيق: له وعتعرف تلعب لسانك بالحديت كمان! صوح إنك واد فاجر. 

خلص جملته وبص لبوابة البيت ولقي ابو همام وابو السيد جايين لحالهم ووشهم مخطوف بعد ماالجماعه جابوا عيالهم قدامهم فالعربيه كيف المقبوض عليهم وهما ملقوش موطرح فالعربيه فجم وراهم مشي أو بمعنى اصح جري. 


وصلوا حد توفيق وشافوا عيالهم مضروبين وخدودهم وارمه وشافوا كرار مربوط فالشجره وقلوبهم وقعت فرجليهم، وعرفوا إن عيالهم راعيين النصايب عملوا نصيبه جديده، واتوكدوا لما توفيق قالهم عاللي حوصول..وبس توفيق خلص كلامه ألتنين مسكوا ولادهم ضرب، وخصوصي لما خوفهم توفيق من عيلة البت وقالهم إنها عيله كبيره وهياجوا ياخدوا بتار اللي إتعمل فبتهم. 

وحكم توفيق إن همام يتجوز البت طالما هو اللي بدا بيها وهو اللي خطفها. 

وهمام سمع الحديت ديه وجن جنونه. 


وللحكاية بقيه... 


بقلم / ريناد يوسف صاحبة السعادة.


نفق الجحيم الفصل ١٢

***************


همام سمع حديت توفيق وإتجنن وفضل يزعق بعلوا حسه:


-لا والله لايمكن ديه يوحصول، ايوه عايز تبعد التهمه عن ولدك وتلزقها فينا احنا؛ اكمننا غلابه وحدناش اللي يسندنا زيك.. له والله مايحصول ولا يكون.


توفيق بغضب: 


يعني ايه حديتك ديه ياد إنت؟


همام: 


يعني اني مهتجوزش وحده وطأوها معاي اتنين، بالك لو وحدي كان ماشي وكنت خدتها، إنما اني اكون الخروف اللي يشيل الليله وتلبسوني الصايعه اللي عتطلع فنصاص الليالي لحالها داي والله مايمكن.


توفيق قرب منيه ومسكه من قب جلابيه وبغضب مكتوم قاله:


والصايعه داي لقتوها بت ولا ملقتوهاش؟


شفت شرفها بعينك ولا مشفتهوش؟


همام ببرود:


كنت سكران ومشفتش حاجه.


توفيق:هحلفك علي كتاب ربنا! 


همام :احلف ومالو. 


توفيق همله وبص للسيد وقال لخلف: هات كتاب الله ياخلف من بيتك.. وقلع الانجاس دول وحطهم تحت الطرمبه؛ خليهم يطهروا عشان يحطوا يدهم عليه ويحلفو إنهم مشافوش شرف البنيه.


السيد رد عليه قوام:


له يابوي شفناه شفناه ودمها غرق الدنيا كمان والله


همام زعق فيه:


ديه جرح ياخايب من الغشوميه اللى كنا فيها.. اسكت إنت مفاهمش حاجه احنا كنا سكرانين مدريانينش.


توفيق خبط اديه فبعض، وبعدم استيعاب رد عليه:


يعني إنت مش مكفيك ضيعت حياتها اللي جايه.. كمان عايز تضيع سنين عمرها اللي فاتت، وتطلع البنيه مش زينه عشان بس تطلع من المغرز اللي إنت فيه؟! 


همام بثقه:


اني مش فمغارز ولا عتبلى على حد، البنيه اللي عتقول عليها داي لو شريفه متطلعش فنصاص الليالي، ولو معاها رجاله وناس كيف ماعتقول ميطلعوش بناتهم لحالهم في الليل وهما يقعدوا نايمين كيف الحريم في البيوت. 


ولما تاجي تخوف حد خوفه بكدبه تتصدق.


توفيق رد عليه بكف علي وشه وهو عيقوله: يعني اني كداب ياكلب؟


وهو ضربه بقلم وأبوه طبق عليه بالتاني وقاله:


ايا قليل الربايه عتغلط فالاكبر منك يافردة المركوب! وكمان فالمقاول بذات نفسه، اني والله بايني معرفتش اربي.


خلف بسخريه: باينك!


توفيق: نهاية الكلام يابو همام ولدك هيتجوز البت.


ابو همام : يابوي واني موافق.


همام: واني والله ماتنطبق سماكم علي ارضكم مموافق.


توفيق: وتكسر كلام ابوك؟


همام: واكسر رقبته لو غصبني اخد وحده بت ليل. 


توفيق بنفاذ صبر وقلة حيله: اتجوزها واني اديك


 الفلوس اللي إنت عايزها.


همام: ولا مالك كله، ولا مال قارون، اني صوح


 ممعايش فلوس بس مش هفيه ولا مدلدل.


وفر فلوسك يامقاول اني مهتجوزش حد.. حداك


 اتنين غيري اهم إنت حر جوزها لاي حد فيهم.


توفيق: طيب وتلاته بالله العظيم ماحد هيتجوزها غيرك.


همام بإبتسامة مكر: هنشوفو. 


وبعد كر وفر فى الكلام، ومناهده، وشد وسحب، الكل وافق على إن همام هو اللي يتجوز البت، وإن توفيق يتكلف بالجوازه كلها من اولها لأخرها، ماعدا همام هو الوحيد اللي مكانش راضي. 


وروحوا همام والسيد مع أبهاتهم على بيوتهم على وعد إن بكره هيروح همام وابوه والمقاول لبيت الراجل عشان همام يتجوز بته ويصلح غلطته. 


وبعدها طلع توفيق من البيت بعد مااتوعد للي


 هيفك كرار بالعذاب على يده، وحكم عليه إنه يبات الليل كله وهو مربوط في الشجره في البرد؛ 


عشان يتربى ويدوق هبابه من العذاب اللي دوقه لغيره. 


أما كرار فإبتدا يفوق وحس بإن جسمه إتكسر تكسير من ضرب ابوه فيه، وبقي مش حامل الصليل اللي فعضمه من الوجع.. وبص شمال ويمين ملقاش حد حواليه، وكان المغرب خلاص والدنيا إبتدت تضلم تحت الشجر المغوف،


وحس برعشة برد عتسري فكل جسمه فوق وجعه وخوفه.. وشويه وسمع صوت خطوات جايه من وراه.. وثواني وكان ظاهر قدامه ابو دراع حامل كومة حطب ناشف على كتافه، ورماهم بالقرب من كرار ومشي ناحية بيته.. 


ومهما نده عليه كرار مكانش يرد عليه كأنه مش سامعه. 


اما حوريه.. 


فكانت شفقانه علي كرار ولدها من البرد والوجع، ونفسها تجري عليه وتاخده فحضنها، لكنها عارفه إنها لو عيملت إكده هتوبقي جنت على روحها مع توفيق.. فسكتت وصبرت على وجع قلبها عليه. 


اما باقي اهل البيت فكانوا كلهم بلا استثناء مش مصدقين لا اللي سمعوه، ولا اللي شافوه لحد اللحظه اللي هما فيها، ولا عقلهم مستوعب كبار وصغيرين إن حد من بيت المقاول توفيق اللي الكل عيحلف بحياته يطلع منيه الفعل الشين ديه، وكل اتنين ماسكين بعض طول الوكت ونازلين ودوده في الموضوع ديه. 


اما حدا كرار فبعد شويه عاود ابو دراع من بيته وعلى كتفه فرشه وغطا وفيده قفه صغيره وحطهم كلهم بالقرب من كرار، وراح جاب ليفة نخل وشوية عفش وقرب الخشبات من كرار على كد مايقدر وولع فيهم.


 وراح على الفرشه فرشها وقعد عليها وإبتدا يراعي النار عشان تولع زين.. وشويه بشويه إبتدا يتولد الدفى ويحس بيه كرار، اللي إتبسم وهو باصص لابو دراع اللي برغم إنه عارف زعله منيه في الساعه داي عامل فقلبه ايه، لكنه برضوا برغم زعله لساه حنين عليه، وعيعمل معاه اللي محدش من ناسه اللي من لحمه ودمه إتجراء يعمله خوفاً من المقاول. 


شويه وقام أبو دراع بعد مافتح القفه وطلع منها وكل وجه ناحية كرار، وقرب الوكل من خشمه عشان ياكل منه.. بس وهو شايح بوشه للناحيه التانيه بعيد عنه. 


قطم كرار من العيش قطمه والتانيه والتالته، وبعدها همس لأبو دراع بندم:


والله العظيم ندمان وعارف إني غلطت غلطه متتغفرش بس غصب عني.. ديه السكران محدش عيحاسبه عاللي عيعمله ولا يقوله فسكره ياخي.. أمانه عليك يابو دراع الا إنت متتخلاش عني.. داني اخوك اللي عاهدته هتقف معاه وهتحميه من الدنيا كلها ولا نسيت؟ 


وما كان من ابو دراع بعد ماسمع كلام كرار الا إنه بعد عنه وراح رجع الوكل للقفه وغطاها، ونام عالفرشه واتغطى وحط يده تحت دماغه وفضل باصص للنار، وعينه ابداً مرفعهاش على كرار ولا كان عاوز يشوف شكله؛ عشان متاخدهوش بيه أي شفقه ولا رحمه. 


وإنقضت أول ساعات الليل وتوفيق قاعد في المندره لحاله عيأنب روحه علي سوء تربيته لكرار وتقصيره معاه، وكيف إنه هيتسأل عنيه يوم يُسأل كل راعٍ عن رعيته، وخوفه من إنه يومها مش هيوبقي عارف يقول لربه أيه، ولا يبرر غفلته عن ولده بأيه، مخلي قلبه عيرجف من الخوف. 


وبعد ليل طويل عالكل والكل قاعد سهران والعيون مزارهاش النوم، فاحت روايح الفجر وطل نهار جديد.. وعاود توفيق للبيت، وخدته الخطاوي لعمله الاسود المتجسد فكرار ولده يشوف حد كسر كلامه وفكه، ولا لساه كيف ماهو على ربطة إيده. 


ووقف من بعيد وهو واعيه لساه مربوط ونايم وهو واقف، وواعي النار قايده جار منيه وابو دراع قاعد قباله، ولف توفيق وهملهم بعد مااتنهد بقلة حيله وغلب، وهمس لروحه وهو ماشي:


ربنا اداك كل النعم ياولدي بس إنت جاحد.. إداك الصحه والغنى والصاحب الزين اللي الناس عتتمنى حد بنص محبته يكون فحياتها..بس الطبع العفش غلاب، وإنت ديل كلب وعمرك ياولدي ماهتتعدل لو عشت لحالك وسط قبيلة ملايكه.. هتشوف برضك الغلط فين وتعمله. 


دخل توفيق البيت وشاف اللمضه الجاز بتاعة امه قايده وعاليه وأوضتها منوره، وكمان حوريه مرته اول ماالباب بتاع البيت زيق نزلت قوام علي السلم، كيف ماتكون كانت واقفه عليه مستنيه.. وتوفيق أول ماشاف وشها بصلها بغضب خلاها وقفت موطرحها عالسلم مكملتش نزول، وراح هو على اوضة أمه.. عشان في الساعه داي مكانش طايق يبص فوش حوريه؛ لأنه خابر زين إنها أوس الخراب كله، وكل الغلط مولود من بطن أفعالها. 


قعد توفيق جار أمه وبكل كُبره وشيب شعره وسنه الكبير.. نام على رجلها كيف عيل صغير عيهروب من غضب الدنيا ويتخبى فأمه عشان تحميه منيها. 


فضلت عديله تقراله قرآن وتصبره وتهون عليه لغاية ماأذن الفجر وقام توفيق ودخل حمام امه عشان يتوضى ويصلي، ولقي حوريه عتدخل الأوضه عليهم وهى محمياله الميه وموديهاله الحمام كيف كل يوم،


 وعاودت للموطبخ تعمل في الفطور اللي مش عارفه مين هياكله النهارده، ولا مين هيلقاله نفس للوكل من اصله. 


وشويه وإبتدا البيت كله يصحى واحد ورا التاني فمعادهم المعتاد.. لكن الوشوش مكانتش صاحيه تضحك ومرتاحه كيف كل يوم. 


الكل إتجمع علي وجبة الفطور، وكيف ماحسبتها حوريه لقتها، وولا واحد فيهم مد يده على لقمة وحطها فخاشمه، والكل مشربش غير الشاي السادة وقاموا حامدين ربهم وهملوا الوكل كيف ماهو وزي مااتحط اتشال. 


نعيم: هاه ياخوي هتعمل إيه النهارده


توفيق: هعمل اللي إتفقنا عليه يانعيم، هاخد همام وابوه واروح لبيت الراجل اللي مش عارف هعرفه كيف واسأل عليه مين وبأنهي إسم! وهنطلبوا البت للجواز ونستروه ونستروا عرضه. 


نعيم هز راسه بموافقه وكمل شرب الشاي وحط الكبايه قدامه وقاله:


طيب هتروحوا كيف، هتروحوا بالقطر؟ 


توفيق: له قطر ايه هنروحوا بالطرومبيل انتوا اللي هتروحوا بالقطر إحنا خطابه ولازمن ندخلوا عالراجل باللي يشرح قلبه هبابه وينور عينه قدام الناس.. وصيلي أبو دراع ياصفوت او حتي قول لمخلوف أبوه وهمل ابو دراع.. قوله ياجيب كام صندوق فاكهه من اللي طارح في الجنينه ويحطهم في الطرومبيل علي ماياجي همام وابوه..خلص كلامه وصفوت قام ينفذ. 


وبعد ماقال لمخلوف عاللي عاوزه أبوه عاود وراح مع اخوه وعيال عمه وعمه على محطة القطر عشان يركبوا ويروحوا الموقع. 


أما حد بيت شام.. 


شام صابحه متنشنشه هبابه واحسن شويه من إمبارح، وقدرت النهارده تتعدل وتقعد علي حيلها بمساعدة بسيمه، وعبد الصمد ودهب لساهم على نفس حالهم.. ومن عشيه بيتهم مفضيش من الناس اللي رايحه وجايه، منهم اللي يسأل علي عبد الصمد ويشوفه مطلعش لغيطه ليه من إمبارح، ومنهم اللي جايين لشام اللي ممتعوداش تغيب عن الشارع والقعده معاهم ويعدي يوم بحاله ميشوفوهاش.. وكان عذر الكل إن شام مصخنه ومحمومه حُمه واعره، وعبد الصمد خايف عليها وقاعد جارها. 


شام لبسيمه بحس يادوب طالع وزور مجروح من البكا والصراخ بتوع اول عشيه: 


سنديني طلعيني عالسطوح يابسيمه عايزه اشوف حاجه. 


بسيمه بصتلها بشفقه وقالتلها:


له ياشام إنتي لساكي مرضانه مهتتحمليش الطلوع اني ماصدقت إنك بطلتي نزف النهارده.. احسن جرحك ينزف تاني ياخيتي.. وبعدين انسي السطوح خلاص معادش فيه حاجه منها نفع يتطل عليها من ع السطوح. 


بسيمه كانت تتحدت وهي عارفه أختها شام عايزه تطلع السطوح ليه، وكانت خايفه عليها من خيبة الأمل فاللي لساها مشعبطه فيه قلبها.. ولكن لما شافت شام مصممه وعتحاول تقف لحالها، ساعدتها وخدتها عشان توريها بعينها وبقلبها إن اللي متعشمه فيه خساره فيه العشم. 


طلعت بسيمه بشام خطوه خطوه، وابوها وامها شافوها والتنين بصوا للارض لأنهم مش متحملين يشوفوا بتهم في الحاله داي.. وشام شافت عيونهم هربت عشان متبصلهاش وقلبها إتعصر، وخصوصي من ابوها اللي كانت دايما عتوعى صورتها فعنيه وهما عيلمعوا بالفرحه كل مايشوفوها. 


ووحده وحده طلعت شام للسطح مع بسيمه،، ووقفت وبصت للشباك اللي قلبها عيقولها إن صابر واقف وراه وشايفها، وحلفت لو طل منيه لهتبكيله بدال الدموع دم؛ لحدت مايحن عليها ويرحم حالها ويمكن قلبه بشوفتها يتفكر المحبه. 


وكيف ماعيقولوا قلب العاشق دليله، وفعلا صابر طلع واقف في الشباك وشايفها، لكنها شافته لما زيق الشباك حاجه بسيطه وبص من وراه كأنه مقاعدش، وكد أيه صعبت عليها نفسها من اللي عيدس روحه منها، بعد ماكان عيعد الوكت بالدقيقه عشان يتجمعوا سوا فأوضه وحده وتحت سقف واحد. 


وطالت الوقفه، وطال الجفا، وتعبت شام وصابر محنش ولا خدته بيها أى شفقه من اللي كانت متأمله فيها.. واخيراً قفل شباكه خالص فوشها كانه راجع حاله طول الوكت ديه، وشاف إن القرار اللي خده كان الصواب، ومع قفلة شباكه حست شام إن ابواب الدنيا إتقفلت كلها فوشها.. فهمت بالنزول مع بسيمه،، ويادوبها خطوه اللي إتحركتها.. ووقفت لما سمعة صفارة حبيبها.. 


لفت عشان تشوفه كيف كل مره، لكنها مكانتش حاسه بأي فرحه بيه كيف كل مره، مع إنه النوبادي كان عيصفر كتير كأنه حبيب عاتب على غياب حبيبته عنه طول النهار إمبارح، وإنه إتشغل باله عليها،، ووصل قبال البيت والصفارات زادت.. وشام إتبسمت غصب عنها لأبو قلب حديد اللي طلع أحن عليها من اللي بين ضلوعه قلب لحم ودم بالكدب. 


اما عند عبد الصمد ودهب.. 


دهب: مقولتليش ياعبصمد عاللي نويته وواعياك طول الليل عتقلبه فراسك؟ 


عبد الصمد رد عليها من بين شروده:


هعمل اللي عيتعمل في الظرف ديه يادهب ومفيش بديل عنيه.. يالتُقاله والبحر ياالقطر. 


وإهنه دهب سمعت الكلام وضربت على صدرها وهي عتصرخ بعلوا حسها وتقول:


بتتتتتااااااااي.. 


أما حدا توفيق.. 


خد بعضه وخد الطرومبيل وراح علي بيت همام لما لقاه عوق عليه هو وأبوه، وأول ماوصل البيت ونادم على ابو همام بعلوا حسه، طلعله أبو همام والغريبه إن ابو السيد كمان كان معاه، والتنين كان باين على وشهم الخزي وقلب توفيق وقع فرجليه وعرف إللي حوصول من مناظرهم، وإن النمرود اللي إسمه همام نفذ وعيده.. وإتوكد من ديه لما أبو همام قاله إن همام والسيد خدوا خلجاتهم وطفشوا وإنهم صحيو الصبح ملاقوهمش. 


يتبع..



نفق الجحيم الفصل ١٣

توفيق سمع إن همام والسيد طفشوا  يعمل ايه ولا يسوى إيه، وشايف من العدل إن همام هو اللي يتجوز البت مش حد غيره لأن هو السبب وهو الظالم البادي.


وشويه وعاود على بيته والهم راكبه من ساسه لراسه وراح قعد جار مخلوف علي مصطبته وبقلة حيله قاله:


دبرني ياوزير، وديه بعد ماحكاله عن هروب التنين الأندال وطفشانهم من البلد، ومخلوف فضل ساكت معارفشي يقوله ايه ولا يشور عليه بأيه فموضوع لا فيه شور ولا قول ولا ليه غير حل واحد وهو اللي اتقال ومتنفذش. 


عم السكوت دقايق بعدهم رفع توفيق راسه من الأرض وبص بعينه للمربوط في الشجره بعيد واتنهد بمراره وهمس لمخلوف:


ياهل تري يامخلوف داي آخر واكبر طمايم كرار ولا حداه حاجات اكبر؟ مع اني مظونش إنه فيه أكبر من اللي عيمله ديه ولا هيكون..ولا اقولك.. مش هظون حاجه؛ عشان ولدي كل مره عيخلف ظني ويعمل اللي عمره مايخطر فخيالي.. طيب بذمتك أني لو كتلته على إكده مش اصلح ليه وليا.. والله وبالله لو كان حداي كرامات وععرف الجاي داسسلي إيه كنت عيملت كيف مالخضر عيمل في الغلام الصغير وخلصت الدنيا من شروره.. آاااخ يابوي على عمي البصر والبصيره واللي عاملينه فيا يامخلوف اااخ. 


مخلوف رد عليه بنبره هاديه وهو عيحاول يخمد النار اللي عتاكل فيه وكل:


إستغفر ربك ياتوفيق ديه كله قدر ومكتوب ومسطر عالجبين، ولازمن المكتوب يتقرا ويتشاف ياخوي.. هدي حالك بس إنت واللي سيرها هيرسيها. 


رد عليه توفيق بوجع: ولا بينها مرسى ولا واعيلها بر يامخلوف.. مواعيش غير بحر غويط من الهم وأني واقف فنصه وولدي كرار عيشدني لتحت عايز يغرقني.. واني عامل كيف اللي ليه ايام فنص البحر وقوته خارت وخلاص مبقاش فيه حيل يشابي ويعافر اكتر من إكده. 


مخلوف: هونها بس انت وهي هتهون لحالها والعُقد ليها حلال.. المهم.. مش كفايه على كرار إكده واروح افكه الواد تلاقي رجليه بادوا من الوقفه عليهم من عاشيه والبرد نخر جتته.. مش يوبقوا أُس الفساد حرين وعيرمحوا في الدنيا والمهبل اللي إنضحك عليه متربط وعيتعذب. 


توفيق: همله يتعذب لما يعرف إن الله حق عشان هو مش زيهم ولا ينفع يتشبه بيهم، ولا كان ينفع يماشيهم من اصله.. ديه واد المقاول يامخلوف واد المقاااااول. 


مخلوف قام وإتحرك من قدامه ناحية كرار وهو عيقوله: خلاص عاد يامقاول اللي حوصول حوصول والواد مهيتحملش اكتر من إكده.. خلص كلامه وكان بعد عن توفيق فطريق كرار ومداهوش أي فرصه إنه يعترض، ووصل لكرار وإبتدا يفك فيه، وكان أبو دراع جار منه عيلف تحت الشجر القريب، وبمجرد ماشاف ابوه عيفك فكرار جري عليه.. وأول مامخلوف خلص فك الحبل اللي كان بفضله كرار صالب طوله عالشجره.. هوى كرار من طوله ع الأرض،بس إتلقاه أبو دراع على اديه قبل مايوصلها.. وشاله ومشى بيه وهو حاسس إن قلبه متشتت مابين محبته ليه، وغيظه منه اللي مخليه عايز يرزعه عالأرض يقسمه نصين.. ووصل بيه أبو دراع حدا بيتهم وكان هيدخله جواه.. لكنه رجع تاني وعاود بيه لبيته هو، لأنه خابر إن توفيق مهيخليش حد يلافيه لقمه ولا بوق ميه حتي، والكل هيخاف منيه وينفذ عشان يأمن بطشه حتي حوريه مرته. 


ودخله بالفعل لبيته ونومه ففرشته وغطاه، وهمله وطلع، وكل ديه قدام توفيق اللي كان شايفه وعيتمني لو ولده كرار طلع فنص أخلاق ابو دراع بس، كان هيفتخر بيه ويرفع بيه راسه طول الوكت، مع ان التاني فيه هبابة طيش.. بس طيش مع قلب صالح مش طيش مع قلب جاحد مليان خبث. 


قام توفيق ودخل للبيت وراح على امه وقعد جارها وحكالها هي كمان اللي حوصول، وطلب منيها تقوله حل من الخبره اللي السنين علمتهالها، وأمه قالتله عالحل من وجهة نظرها.. 


عديله: اول هام عارفاك عقلك هيوديك لفين ياتوفيق.. وعقولك من دلوك موِته اهون عليه من إنك تعمل فيه إكده، وتجوزه وحده مش هو اللي خد شرفها ولا هو اللي بدا بالغلط معاها، َكمان اللي سبقه ليها تنين ولاد حرام وواد الحرام كياد ومهيخلوهش يرفع راسه في البلد، وكل ماهيشوفوه هيشاوروا عليه ويضحكوا عشان اللي آنيها فبيته وشايله إسمه هما دايسين عتبتها قبله. 


يوبقي مفيش غير إنك تعوض الراجل ديه باللي يسكته هو وبته ويكفيه، عشان يهمل بلده ويهج منها.. مع إنه لو حُر مش هيعملها وهيعمل حاجه تانيه خالص كلنا عارفينها، وهي اللي عتتعمل فالبنات اللي عيجرا فيها كيف اللي جرا لبته.. بس برضك عشان تخلص ضميرك.. اديه القيرشنات عشان توبقى دفعت ديتها وهو بعد إكده حر فيها. 


قام توفيق من جار أمه وهو حاسس إن اللي قالته هو الحل الامثل وراح على الصندوق الحديد بتاعه فتح قفله وطلع منه فلوس كتيره حطهم فجيبه وطلع. 


أما حوريه فبمجرد ماتوفيق همل البيت جريت علي بره تشوف ولدها ودموعها سابقاها، وبس خطت بره الباب ورايحه ناحية الشجرة اللي كان مربوط فيها كرار وقفها ابو دراع اللي كان عيدور في الطرومبه وهو عيقول:


ولدك نايم جوه ففرشتي روحيله حدش قاعد. 


حوريه سمعت إكده وإتهلل وشها بالفرحه عشان إتفك أسر ولدها وعرفت إنه أكيد إتفك علي يد أبو دراع، ولأول مره فحياتها ترفع اديها للسما وتدعيله بحسها العالي:


روح يابو دراع ياولدي ربنا مايرميك فديقه ويفكلك كل كرب قادر ياكريم.. خلصت كلامها وكانت وصلت للبيت ودخلته وراحت علي ولدها بلهفه وفضلت تحب فيه وتطبطب عليه ودموعها غرقت وشه وهو كمان دموعه سالت معاها وهو عيقولها بعتب: إكده يمه تهمليني وترمحي.. هان عليكي كرار تسيبيه لحاله فيد جوزك وانتي خابره إنه ممكن ينهي عمره فدقيقه وحده ومن غير مايرفله جفن! 


حوريه بندم: سامحني ياولدي غصب عني، وحتي لو كنت قعدت مكنتش هقدرع امنع اذاه عنك ولا كنت اقدر اقف في وشه وإنت خابر أبوك لما عيغضب عيوبقي عامل كيف الطوفان.. وخصوصي النوبه داي ياكرار إنت غلطت غلطه كبيره قوي ياولدى. 


كرار بندم: والله غصب عني ومكنتش بعقلي، ولو كنت داريان مكنتش عميلتها واصل.. أمانه عليكي يمايه اتوسطيلي حدا ابوي يسامحني النوبادي واني معدتش هكررها تاني واصل ولا هغلط نص غلطه حتى. 


حوريه: واصلا معادش فيه وسع معاك للغلط ابوك خلاص ياكرار جاب اخره منك واني متوكده ان عقابه ليك النوبادي هيكون فوق طاقتك، واوعاك تفكر ان هبابة الضرب اللي خدتهم دول ولا الليله اللي تربطتها شفت غليل ابوك منك،، له ياكرار داني شفت فعنيه وعيد ميكفيهش فيه شهور يعلمك فيهم الادب.


كرار بخوف: يمه انتي جايه تواسيني وتطمنيني ولا جايه تخوفيني.


حوريه: جايه افطنك عاللي مستنيك ومستنيني معاك ياواد بطني،، ما اهو اني كمان لازمن هينوبني من الحب جانب وهيشيل ويحط فوق راسي وكله بسببك ومن تحت راسك.


كرار بوجع: خلاص يمه طيب أحب علي يدك اني محاملش حتي الكلام، همليني لحالي دلوك ويعمل اللي يعمله فيا عاد هو حر.


إتنهدت حوريه وقامت من جاره وهي عتقوله: طيب ياكرار ههملك لحالك.. بس هعاود كمان هبابه بالوكل عشان تاكل إنت من إمبارح الصبح على لحم بطنك..خلصت كلامها ومشت طوالي بعد ماشافت كرار غمض عنيه وهو عياخد نفس جامد وينفخه، وراحت علي البيت تعمله لقمه ياكلها. 


أما حدا همام والسيد.. 


سيد وهو عيتلفت حواليه فمحطة القط : هنروحوا فين دلوك ونقعدوا كد ايه في البرد ديه وفبلد غريبه منعرفوش فيها حد ولا حد يعرفنا؛ عشان يدينا بطانيه حتي نحطوها علي جتتنا في الرصرصه داي، اني مش عارف أني ليه مطاوعك فكل حاجه تعملها ياخي وفي الاخر عتاخد في الرجلين واتمرمط معاك. 


همام: ومين عيضروبك علي يدك عشان تعمل الحاجه ياسيد، هو مش كل حاجه عميلتها كانت بمزاجك، ولا لازمن همام في الاخر هو اللي يشيل الليله كلها ويطلع هو الشيطان وانتوا الملايكه؟ 


وعلى العموم روح ياسيد موطرح ماتروح وفارقني من النهارده لا ليك دعوه بي ولا لي دعوة بيك وجزره وقطمها جحش عاد.. روح عاود البلد اني مقولتلكش تعالا معايا إنت اللي مسكت فديلي وشبطت وقولت خدني معاك. 


سيد بخوف: ايوه ياخوي اعاود البلد عشان البسها اني وميلاقوش قبالهم غيري بعد ماانت طفشت والتاني فلوس ابوه عملاله سد عالي محدش يقدر يخطيه و يتعدى عليه. 


همام بعصبيه: 


يعني لا إكده عاجب ولا إكده عاجب، لا راضي تهملني ولا عايز تقعد معاي.. اعميل ايه اني طيب فزن امك ديه؟ 


سيد بإستسلام: خلاص يابوي ممتكلمينش تاني. 


همام: إيوه إكده اتكفي واقعد ساكت ولما تاجي تتحدت إفتكر قبلها إني عمري ماغصبت حد على حاجه واصل، وكل واحد عقله فراسه وعارف خلاصه، وإني مش هخلي حد يحملني نتايج غلطه واصل. 


وبالفعل سكت السيد وسلم امره فيد همام وكيف ماهيعمل همام السيد مقرر يعمل، وموطرح مايحط همام رجله السيد هيمشى فوق خطاويه. 


أما حدا توفيق.. 


توفيق وصل للبلد بالطرومبيل، وراح علي الموقع، وقعد واقف لغاية ماشاف واحد من اهل البلد اللي كانوا واقفين امبارح وعبصمد ماسك في الغفير عطا كان معدي راكب حمارته وبإستنجاد نادم عليه وقاله:


يابلدينا.. وقف خد يابلدينا تعالى إهنه. 


قرب منيه الراجل بالحماره ووقف قباله وقاله:


إيوه يابيه عاوز أيه مني؟ 


توفيق: كنت عايزك تدلني على بيت الراجل اللي كان واقف إهنه صبحية إمبارح وعيقول إن نعجته إتسرقت وكان عيدور وعايز يعرف مين اللي سرقها. 


الراجل سكت ثواني وكرمش وشه وهو عيفتكر وبعدين ملامحه اتبسطت وهو عيقول:


إيوااا... ديه عبصمد ابو شام.. بس ليه أنت عتسأل عليه.. عرفت اللي سرق نعجته مين! حد من رجالتك؟ 


توفيق: يابوي حد من رجالتي مين بس داني كنت عايز اطمن عليه شكله كان يقطع القلب إمبارح. 


الراجل:


له إطمن هو زين.. هو صوح مطلعش من بيتهم امبارح طول النهار من زعله علي نعجته، بس تلاقيه طلع لغيطه النهاردة. وإستعوض ربنا فيها. 


توفيق: طيب بقولك ايه يابلدينا اني عايز اروحله بيته ينفع تدلني عليه؟ 


الراجل: وايه اللي يقل نفعه بس يابيه.. بيت عبصمد اخر بيت في صف البيوت اللي قدامك داي ولون بابه اخضر. 


شكره توفيق وراح على بيت عبصمد اللي دله عليه الراجل، ووقف قدام منيه وحس برهبه شديده وهو عيستعد إنه يدخل يشتري عرض واحد بالفلوس. 


خبط توفيق علي غلق الباب خبطتين، وبعد لورا خطوتين واستني هبابه وشويه وفتحت الباب صبيه حلوه تطلع فعمر بدور بس طبعاً فرق السما عن الأرض بين التنين في الشكل والطول. 


بسيمه: إنت مين ياخال وعايز ايه؟ 


توفيق:عايز عبصمد يابتي ياترى هو ديه بيته ولا اني تايهه ولا ايه؟ 


بسيمه: له وصلت ياخال.. استني هبابه اناديمهولك من جوه. 


ودخلت بسيمه وردت الباب وراحت نادمت ابوها اللي من اول ماطل من الباب توفيق غمض بألم وهو شايف حالته  متدهوره عن إمبارح، وحتي عنيه مش قادر يفتحهم في الضو وكان باين عليهم إنهم نزفوا دمع لغاية ماقربوا يتعموا. 


عبد الصمد وهو عيحط يده قدام عنيه يحجب نور الشمس عنهم عشان يشوف زين:


مين اللي عايزني.. إنت مين؟ 


توفيق بنبره حنونه: ايه ياراجل ياطيب متفكرتنيش،، اني المقاول بتاع النفق. 


عبد الصمد: ايوه ايوه اتفكرتك.. طيب عايز حاجه يعني ولا ايه؟ 


توفيق اتلفت حواليه وبص لفوق علي سطوح البيوت، واتوكد إنه محدش جاره ولا شايفه وهمس لعبصمد.. أني جاي بخصوص بتك واللي جرالها وعايز اتكلم معاك لحالنا. 


وهو قال إكده وعبد الصمد هجم عليه هجوم المغلول وكل الحيل فجأة عاودله ومسكه من خلجاته وقاله:


توبقي عرفت مين اللي عيملها صوح.. طلع واحد من رجالتك مش إكده.. اني كنت خابر من لاول ميعملهاش غير نجس غريب. 


توفيق وهو عيحاول يهدي عبد الصمد:


طيب هدي عشان محدش يسمع حاجه وتوبقي فضيحه عاد. 


عبد الصمد:


له متخافش الفضيحه حوصلت وسيرتي بقت على كل لسان من اول يوم..يعني مبقاش فيه حاجه اخاف عليها.. ودلوك تقولي في التو عاللي عميلها وتسلمهوني عشان اشفي غليلي من اللي مرمغ شرفي فلارض. 


توفيق: هقولك كل حاجه بس ندخلوا جوه.. يابوي عيب عليك حتي عشان خاطر الغربه اللي اني فيها فبلدكم، ووقفتي قدام بيتك..ندخلوا جوا وهنتفاهموا والله وكل صاحب حق هياخده. 


فك عبد الصمد اديه هبابه بهبابه عن توفيق وبصله شويه قبل مايزعق:


طريق ياللي جوه معاي ضيف.. طررريق


وبعدها فتح الباب وشاور لتوفيق عشان يدخل. 


دخل توفيق ودار بعيونه في البيت اللي كان راعيه البساطه ودور علي موطرح يقعد فيه لغاية مالقي مصطبه صغيره جار الكانون وقعد عليها وشاور لعبد الصمد عشان يقعد جاره وهو عيقوله:


تعالا جاري إهنه ياعبصمد متقعدش واقف علي حيلك ومتأهب عشان تفط عليا فاي وكت اني مليش ذنب يابوي أني مرسال خير وجاي الاقي معاك حل لنصيبتك. 


قرب منه عبد الصمد وقعد جاره وبحزم قاله:


مين اللي عيملها قولي. 


توفيق سكت هبابه وطاطى راسه للأرض وبعد ثواني رفعها وهو عيقوله:


اللي عيملها واحد واطي محداهوش دين ولا اخلاق ولا نخوه.. اللي عيملها واحد بلاشرف. 


عبد الصمد: ديه كله اني عارفه ومش عايزك توصفلي فأخلاقه اني عايزك تقولي على إسمه وتعرفني طريقه وبسس. 


توفيق بأسف:


ياريت كان ينفع ولا كنت اعرفله طريق.. والله وبالله كنت جاي النهارده وناوي اجيبه فيدي عشان يكتب عاللي هتك عرضها ويخليك ترفع راسك وضهرك المحنى.. لكن الكلب بعد مااتفقت معاه عشيه علي كل حاجه صحيت الصبح لقيته طفش. 


عبد الصمد بغضب: طفش غار على فين يعني.. قولي على طريقه واني اجيبه لو راح فأخر الدنيا. 


توفيق: والله لو اعرف راح فين لأقولك طوالي هداري عليه ليه يعني.. وبعدين ياسيدي وعد عليا اليوم اللي هيعاود فيه البلد لهاجيبهولك متربط وارميه تحت رجليك واخليك تاخد حقك منه.. بس دلوك اني جاي اديك دول واقولك همل البلد وشوفلك بلد تاني روحها واشتريلك فيها بيت وعمره واسكن فيه بأهل بيتك.. روح لبلد محدش فيها عارفك ولا عارف اللي جرا لبتك. 


عبد الصمد بإعتراض: عايزني اهروب من بلدي بعارى؟! اهمل بلد ابوي وجدودي واهمل أرضي وبيتي واروح اعيش ناقوله فبلد تانيه! 


طيب وهو اني إكده ابقا داويت حاجه!؟ ماهو الناقوله عيوبقي معروف إنه هربان من بلده لبد تانيه يامن تار يامن عار.. واني ابو البنات اللي معيتاخدش منها تار يوبقي مفيش غير العار اللي نقلني من موطرحي وخلعني من ساسي. 


عقولك ايه يابيه خد قرشيناتك عاودهم لجيبك واني هاجيبلك كتاب الله تحلف عليه إن اللي عيمل العمله طفش ومقاعدش ولا تعرف طريقه. 


توفيق: له ياعبصمد متجيبش كتب.. اني هحلفلك باللي أكبر من كتاب الله.. هحلفلك بالله نفسه..عشان الحلف بغير الله ميجوزش.. وعزة جلال الله إن اللي خد شرف بتك طفش ومحد عارفله طريق.. طفش بعد ماعرفته وحكمت عليه ياجي يكتب عليها. 


عبد الصمد شاف الصدق فعيون توفيق وحديته ورد عليه بقلة حيله وقلة حيل وهو عيضروب بأديه علي جوانب رجليه:


طيب ومادام طفش جايني ليه دلوك.. جايني تعملي ايه.. جاي تديني قرشينات؟ واصلا عتديني ليه إنت فلوس.. قولي اللي عيملها ديه يوبقالك ايه عشان تدفع القرشينات داي كلها.. أكيد هو ولدك اللي قولتلي إنه كان غايب عن الشغل إمبارح صوح؟ 


توفيق سكت ومردش وعبد الصمد عرف إنه حط يده عاللي عيملها وبحزم قاله:


يوبقي هو ولدك اللي صبغ عمتي وجاي تفديه بفلوسك.. روح ياشيخ ربنا يفضح ولاياك ويوقفك فموطرحي وابقي اشوف الفلوس هتعملك ايه. 


وتوفيق سمع الدعوة واتزلزل كيانه ووقف قدام عبد الصمد وقاله بتوسل:


حرام عليك ليه الدعوة داي.. والله ماولدي اللي خد شرف بتك ولا هو اللي هتك عرضها..توفيق كان عيحلف علي إن همام هو اللي بدا وخد شرفها، لكنه كان حاسس إنه عيتحايل عاليمين، ومن جواه عتتصدع روحه لأنه اول نوبه يعملها، وخوفه من ربه خلي قلبه يرجف رجف.. 


عبد الصمد بصله بشك وسأله:


ولما هو مش ولدك خفت من الدعوة ليه؟ 


وإهنه ردت عليه شام اللي فتحت الأوضه مره وحده وطلعت وهي متسنده علي بسيمه وقالتله بكل الغل اللي جواها:


خايف من الدعوة عشان هو عيحلف على واحد بس هرب وهما كانوا تلاته يابوي.. كانوا تلاته مش واحد.. تلاته كل واحد فيهم بنفس مِختلف وريحه مِختلفه.. تلاته يابوي كان واحد يسلمني لواحد الليل بطوله.. تلاته وصلوني للموت ألف مره وكانوا يرجعوني من علي بابه اخد نفسي يادوب دقيقتين وياخدوني للموت ويخلوني اقاسي طلوع الرروح وسكرات الموت من تاني.. هو عيحلف علي واحد بس فيهم وخايف من الدعوه عشان اكيد فيهم حد قريب عليه ولا مكانش شخلل جيبه وجاي يرمح. 


وإهنه سكت توفيق ونكس عنيه للأرض بعيد عن شام اللي كانت عترجف كيف زعف النخيل، وعبد الصمد غمض عنيه للي عيسمعه لأول مره من بته، واتخيل اللي قاسته وقلبه إتعصر، وحس بوجع بته وإتمني في اللحظه داي لو كانوا التلاته قدامه كان قط. عهم بسنانه قطي.ع..وبص لتوفيق وقاله بإتهام:


هاه ايه رأيك في الحديت ديه.. عتداري علي مين تبعك بفلوسك يابيه. 


توفيق: مش عداري اني عتحدت بالاصول.. اللي خطفها وخد شرفها اول واحد يوبقي هو اللي هتك عرضها وهو الملزوم بيها.. اللي يكسر قفل باب هو اللي يتلام من اصحاب البيت مش اللي خش لما لقي الباب مفتوح. 


عبد الصمد بعصبيه: يابوي إنت عتقول إيه.. ديه كلام ايه ديه؟ 


توفيق: ديه كلام العقل ياعبصمد.. دلوك ذنب بتك اتفرق علي تلاته.. ومينفعش التلاته يتجوزوها لا شرع ولا دين يحلها،، يوبقي نحكموا العقل واللي بدا هو اللي يتحمل. 


عبد الصمد وهو عيوضروب كف بكف:


شرع ايه ودين ايه اللي جاي تتحدت عنيه إنت.. انتوا تعرفوا شرع ولا دين ولا حداكم مله من اصله.. اللي يربي أنجاس عيهتكوا فاعراض الناس لا عيبوبقا حداه مله ولا دين يابوي.. 


توفيق: ربنا يسامح ومعذور فكل اللي تقوله والله وأي حاجه تقولها عاللي إنت فيه ديه قليله.. خد يابوي الفلوس وإسمع كلامي وهمل البلد وانساها وانسي ناسها وعيش انت وبناتك بعيد عن العيون اللي عارفاكم..خلص كلامه واتحرك ناحية الباب لكن وقفوه ادين عبد الصمد اللي مسكوا فيه وهو عيقوله:


يعني ايه كلامك ديه يعني مفيش فايده.. يعني هتهملني وتمشي وترتاح إنت واللي عملوا عملتهم واني اقعد فنص النار واتنقل من بلد لبلد من غير ذنب ولا سيه؟ 


توفيق وهو عيشيل ادين عبد الصمد من عليه بالراحه: 


والله اللي فيدي واللي اقدر عليه قولتهولك وقدمتهولك.. انما اكتر من إكده مفيش فيدي غير إن أول مايظهر همام اجيبهولك ويكتب علي بتك. 


قال كلامه وطلع وهمل عبد الصمد يهاتي مع روحه ويردد بحسره:


وهو مين اللي هيستني لما يعاود.. ومين اللي حداه وكت للصبر والشرف كيف الميت لو إتدس عن العيون ريحته تفضحه ومعينفعش معاه غير الدفن تحت التراب. 


خلص كلامه وراح على الفلوس اللي سابهم توفيق ومسكهم ورماهم كلهم جوا الكانون اللي كانت ناره خامده بس جمره لساه حامي، وبشاير جريت عليهم ، بس كان الجمر لهف الفلوس اللي تحت كلها ولحقت هي اللي من فوق وكان مبلغ كبير. 


اما شام فبصت لأبوها وبلعت ريقها بحسره لما عقلها إستوعب حديته، ودخلت  الأوضه ونامت وكمرت روحها بالغطا وهملت دموعها تبل مخدتها وهي عتتخيل حياة أهلها من بعدها، وكيف إن العار هيلاحقهم طول عمرهم.. والاهم من ديه كيف هيكون إحساس الموت.. هيكون كيف الإحساس اللي شافته، ولا هيكون اسهل وربنا هيسهله عليها وهو خابر إنها مظلومه.


دخلت عليها بسيمه اللي فهمت هي كمان اللي رمى عليه حديت ابوها ونامت جارها وحضنتها وشهقاتهم هما التنين بقت ترد علي بعضها، وجاتهم بشاير كمان نامت جار شام من الناحيه التانيه وحضنتها وبكت معاهم بس معارفاش عيبكوا علي أيه وكل الحديت اللي عيدور ديه بالنسبالها الغاز مليهاش حل فعقلها الصغير. 


عدى عليهم وكت وهما حاضين بعض، وقامت بسيمه من جارهم وراحت تحضر لاختها الوكل اللي عتحبه عشان تاكل، ولما طلعت شافت ابوها شارد ومهموم وعرفت إنه عيقلب الشر فدماغها،، حضرت الوكل وعاودت علي الاوضه مره تانيه، وقوموا شام هي وبشاير بالعافيه عشان تاكلها لقمه، وبمجرد مااتعدلت شام من علي السرير ضربت بسيمه على صدرها وهي شايفه موطرحها:


ياحزني إنتي نزفتي تاني ياشام؟ 


ردت عليها شام بعدم إهتمام:


له يابسيمه ديه دم حيض مش نزيف.. اصل ديه ميعادها كيف مااكون ناقصاها ولا باقي فيا دم يتصفي.. ولا خليه يتصفى ياعمي هعوز الدم فأيه واني على كف الموت. 


خلصت حديتها وقعدت تاكل، ولأول مره من ساعة اللي حوصول تاكل وتملى بطنها، كيف ماتكون عتاخد آخر حقها من الدنيا. 


عاود توفيق للبيت بعد ما حس إنه مفيهش حيل يكمل اليوم في الموقع ولا يقف في الشغل بعد اللي شافه من حال عبد الصمد وبته والكسره اللي هو فيها، واللي مهما غالط روحه وبرأ ولده من الذنب الا إنه الذنب طايل ولده وطاله هو كمان دلوك، وبسبب كرار ولده إبتدا يجني الذنوب على كبر بدال ماعيقول يلا مسك الختام. 


عدت الساعات والليل رمى عباية الستر السوده علي الناس، وعبد الصمد عينه ماغفلتش وأول ماقسم الليل قام يتسحب وقام دخل الأوضه يتسحب ومد يده علي شام يصحيها من غير ماامها اللي نايمه جارها تحس، وإتفاجأ بيها عترد عليه من اول مالمسها وعتقوله بهمس:


صاحيه يابوي..إمهلني دقيقه ألبس اللي يستر بدني وجايه وراك.. قالت كلامها وإتعدلت وبصتله وهو نكس عيونه للأرض  بعد مابص لدهب بخوف، وهمستله شام تطمنه:


متخافش مهخليهاش تحس بحاجه.. إطلع إستناني بره واني جايه وراك طوالي. 


وإتحرك عبد الصمد لبره بخطوات مهزوزه وقلب وعقل عيتصارعوا وقعد عالمصطبه ويادوب عدوا هبابه ولقي شام طالعه عليه وهي متلفله بالسواد ولافه الشال القاطيفه حوالين دماغها واللون الاسود هياكل منها حته لما واجهت ضو الكلوب، وجمالها بعز ماهو باهت من اللي هي فيه الا إن عبد الصمد اتهيأله إن الموت هيستحي ياخد الجمال ديه كله ويهمل الناس العفشه تعيش. 


قام عبد الصمد وقف علي حيله وهمسلها بصوت عيرجف:


سامحيني ياشام يابتي غصب عني. 


شام بإبتسامة وجع:


مسامحاك يابوي من كل قلبي وعارفه إنه غصب.. بس أمانه عليك من بعد مني هتوبقي غسلت عارك وتعيش مرفوع الراس وأوعاك تاخد وحده من خياتي بذنبي ولا تحاسبها عاللي لا ليا ولا ليها ذنب فيه.. اوعاك تكرههم يابوي.. وكملت بدموع.. وأوعاك تنساني. 


قاوم عبد الصمد دموعه وحاول يسيطر علي رعشة شفايفه عشان ينطوق لكنه مقدرش يطلع حرف واحد يرد عليها بيه، وكأنه إتلجم، وكل اللي عيمله إنه مسك الكلوب و إتحرك قدامها خطوه والتانيه على بره وهي لحقته وفي الخطوه التالته توازنه إختل وكان هيوقع رمحت عليه شام وسندته بخوف وبكل حيلها البايد وهمستله بمحبه:


اسم الله عليك من الطيحه ياحبيب الروح. 


وإهنه شهق عبد الصمد وهو عيقولها:


متصعبيهاش اكتر ماهي صعبه يانن عين إبوكي


شام: معصعبهاش ومهياش صعبه داي كيف شربة الميه.. بس هم إنت بينا قبل ماحد منهم يفيق وتوبقي مناحه. 


وطلعت شام مع ابوها تواجه المحتوم، وبرغم القوة اللي كانت عتتصنعها الا إن من جواها روحها كانت عتصرخ من الخوف وعتطلب النجده.. ولغاية ماوصلت شام قبال النفق وعند الألات وغصب عنها رجفة الخوف اللي كانت محبوسه جوا قلبها اتحررت وطغت علي كامل جسدها وسنانها بقوا يخبطوا فبعض وتخبيطهم كان مسموع.. وعبد الصمد اللي كان متقدم عنها بخطوه عاودلها ومسكها وسندها أو اتسند عليها والتنين كملوا الطريق ميعرفوش كيف، وصوت الديابه مع برد الشتا وسكللة الليل والموت اللي مستني فآخر الطريق خلوا شام تحس مع كل خطوه إن رجليها عيغرزوا فطين عميق بالعافيه عتقلع رجلها منه وتخطي الخطوه اللي بعدها


وللحكاية بقية

نفق الجحيم الفصل ١٤


الكاتبه ريناد يوسف


وقف اخيراً عبد الصمد وشام وقفت هى كمان معاه بعد ماطلعوا عن حدود البلد،ا


وتلفتت شام شمال ويمين وبعدها خدت نفس وهي واعيه أبوها عيمدلها يده، وبيد عتترعش حطت يدها فيده وإتحرك بيها ناحية شريط القطر، وطلعوا الزلط وقعد عبد الصمد فنص شريط القطر وشد شام عشان تقعد هي كمان، وكان الشريط اللي القطر عيعدى فيه في الوكت ديه قاصد وجه بحري، وقعدت شام جاره فنص شريط القطر بالظبط، واتربعت وفضلت تدعي ربها إنه يسامحها ويغفرلها كل ذنوبها والصوت عيترعش رعش من رهبة الموقف، وعبد الصمد مكانش قادر ينطوق، بس طول الوكت عنيه تسرسب في الدموع وباصص لبكرية قلبه اللي الخوف خلاها إتكمشت وبقت كيف القمريه، وفدقايق قعدها وهو باصص عليها عدى قدام منيه شريط حياته كله من يوم مااتولدت شام وشالها اول مره وكبر فودنها وشم ريحتها.. شاف روحه وهو عيناغيها، وشاف لما كبرت هبابه وهو واخدها فكل موطرح يروحه وهو وشايلها فوق كتافه وكانت تلاغي الطير الفايت وتضحك للهوا كيف ماعيقولوا، وكل الناس كانت تشيل وتحط وتحب فيها من حلاتها وخفة دمها وحلاوة لسانها.. وبعد ماكبرت وشاف إنها وارثه كل حاجه منه الطبع والشكل وحب نفس الحاجات اللي عيحبها، إتوكد إنها هي الوحيده اللي دوناً عن بناته اللي صوح ينطبق عليها قولة حته منه.


شدها عليه وخدها فحضنه وضم جسمها اللي عيترعش لجسمه اللي عيترعش اكتر منها لان هو كمان مكانتش حالته تقل عن حالتها سوء.. فضلت شام شويه فحضنه وبعدها بعدت عن حضنه وهي حاسه بصليل في الحديد بتاع شريط القطر وإهتزاز، وديه دليل علي إن القطر جاي وإنه علي مسافه قريبه منهم فقالت لابوها بحروف متقطعه:


خلاص يابوي إطلع إنت من بين القضبان القطر جاي. 


عبد الصمد بص لناحية القطر وحس هو كمان بذبذبات الحديد وبص لشام وفضل يتلفت حواليه كأنه تايه، وبعدها رجع شام لحضنه مره تانيه ومسكها جامد وهو عيقولها:


له مش ههملك هنموتوا سوا.. هروح معاكي ياشام منين ماتروحي مش ههملك متخافيش. 


ردت عليه شام وهي عتحاول تبعد عنيه وتزيحه باديها التنين بكل قوتها بره قضبان القطر:


إيه اللي عتقوله ديه يابوي! كيف تموت معاي طب وامي واخواتي يعملوا ايه من بعدك وإنت ذنبك ايه تموت طيب؟ 


عبد الصمد رد عليها بألم:


وانتي يعني كان ذنبك ايه يابتي، زي مانتي هتموتي من غير ذنب ياشام.. خليني اقاسمك في المكتوب يابتي. 


شام بخوف علي ابوها:


طيب وخياتي يابوي مين ليهم من بعدك، مين يحامي عليهم لو إنت هملتهم؟ 


رد عليها بصوت عيرجف: واني يعني لما كنت قاعد حاميت عليكي ولا نفعت بحاجه ولا شلت عنك اذي ياشام.. اني زي قلتي يابتي مليش عازه.. ومن بعدك هموت كل يوم بالهبابه..اسكتي ياشام وخلينا نروحوا سوا مههملكش تموتي لحالك. 


خلص حديته وضم شام لصدره ودفن دماغها فيه وهو واعي كشاف القطر بان من بعيد، وغصب عن شام رفعت راسها وشافت القطر جاي وحِس بكاها على، ومسكت فأبوها وتبتت فيه بخوف من الموت عمره مايضاهيه اي إحساس بالخوف من اي حاجه في الدنيا. 


وثواني وسمعت شام صوت صفارة القطر عتصفر بدون توقف، كيف مايكون عرفها وحس إنها صاحبته اللي عتستناه كل يوم وعيصرخ عليها عشان تبعد من قدامه.


وفضل القطر يقرب ويصرخ وشام تصرخ وابوها يترعش ويقول يارب سامحني، وفاخر لحظه وكان بينهم وبين القطر يادوبك كام خطوه وإتفاجئت شام بأبوها عيتدحرج بيها بره قضبان القطر ويادوبك طلعوا براهم والقطر عدى من جارهم وهواه طير خلجاتهم ورجف روحهم. 


شام بعد ماعدى القطر رفعت راسها من حضن ابوها اللي كان ضاممها ليه بخوف وسألته:


ليه يابوي عيملت إكده! عتبعدني ليه عن الموت بعد ماكان قريب مني، ليه هتخليني استناه من تاني؟ دا انتظار الموت واعر قوي يابوي. 


عبد الصمد:


الظاهر ان لينا لسه لقم في الدنيا يابتي.. اني جه علي بالي واحد هو الوحيد اللي هيقدر يبت فمشكلتك ويشوفلي حل فنصيبتي.. وإن ديه ملقاش الحل يوبقي ملهاش اي حل يابتي. 


شام بإستغراب: مين ديه يابوي؟ 


عبد الصمد: انتي متعرفيهش يابتي ديه حلال العقد.. بس ادعي ربك تتفك عقدتك علي يده. 


وقام عبد الصمد وقومها، وراح علي المحطه وقعد يستني أول قطر رايح لبلد الشيخ العادل اللي ياما سمع عنيه وعن حكمته وراجحة عقله. 


ساعتين وبعد اذان الفجر بالظبط جه قطر ووقف علي المحطه، وقام عبد الصمد وقوم شام عشان يركبوا القطر، وبمجرد مالقطر قرب وحطت شام رجلها فيه من جوه حست برعشه فجسمها كيف ماتكون حبيبه دخلت لقلب حبيبها. 


وركبت شام القطر اللي ياما حلمت إنها تركبه وتدخل جوا قلبه وتشوفه من الداخل، وياه علي فرحة قلبها لو كانت ركبته فظرف غير داي وفوكت سابق، لكن للأسف دايماً الحاجات الجميله فحياة بعض الناس عتاجي متأخره ومش فميعادها خالص. 


بصت شام من شباك القطر وهو ماشى وشافت البيوت والنخل والشوارع عيجروا كيف عمرها اللي عدي وهي غفلانه وممدياش خوانه إنه قصير ولازمن تتمتع بكل دقيقه فيه.. لكن ربنا ليه حكمه بإن الانسان ميعرفش قضاه عشان مياخدش حذره. 


عدى القطر محطتين والتالته وقف فيها وقام عبد الصمد ومد يده لشام عشان تقوم معاه.. وشام قامت، وحطت يدها فيد ابوها، ومشت معاه بطاعه كيف ماسيدنا إسماعيل طاع ابوه إبراهيم ووافقه على دب حه.. بس الاختلاف إن سيدنا إسماعيل وافق ابوه على أمر ربه، أما شام فوافقت أبوها علي امر العادات والتقاليد وحكم العجز قدام العار مع إن اللي المفروض يركبهم العار علي عملتهم السوده عايشين وهيكملو حياتهم، وكأن اللي عيملوه شيئ طبيعي وغريزة مش محكومه بأي أحكام شرعيه ولا فيه قيود تتفرض عشان تعاقبهم! 


قامت شام مع ابوها، وإتمشت في القطر لغاية بابه وطول ماهي ماشيه ايدها الحره عتمشي علي كراسيه وتلمس كل حاجه تطولها فحركة وداع للمُحب المخلص. 


ونزلت شام وراحت مع ابوها موطرح ماواخدها ومعارفاش هي رايحه وين ولا جايه من فين، ولا مين اللي أبوها قالها إنه هيروح يحط رقابهم بين أديه، وهو الوحيد اللي فيده يرفع الروس أو يوطيها لباقي العمر بكلمه وحده منيه وحكم محدش هيقدر يخالفه! 


وفضلوا التنين ماشيين فشوارع تشيلهم وشوارع تحطهم وأبوها كل هبابه يسأل حد عن عنوان الراجل ديه ويدله اللي يسأله علي شارع يمشيه ويخلصه وفآخره ويسأل واحد تاني..


وفالاخر وصلوا لشارع ووقفوا قدام مندره واسعه مفتوحين بيبانها التنين واللي بره يقدر يشوف اللي جواها.. كانوا قاعدين كام راجل، وفوسط القعده فوش الباب كان قاعد شيخ كبير دقنه كبير واوبيض ووشه كان عيشع نور. 


شام بصلها ابوها وبأمر قالها:


نزلي ياشام شالك علي وشك وغطيه..


وشام عيملت إكده وهو مسكها من يدها ودخل بيها المندره وبعد مارمى السلام قال بحسه العالي:


السلام عليكم ياأهل السلام.. غريب وجاي طالب العون وواقع فعرض أهل الهمم وناخي الشيخ جاهين.. ياتري هو وسطكم ولا مقاعدش؟ 


خلص كلامه ورد عليه الشيخ اللي كان في النص بحس عالي:


وصلت يابوي والشيخ جاهين اهل للنخايه ويده دايماً ممدوده بالعون.. أطلب تُجاب. 


عبد الصمد: عرضي نهشته ديابه سعرانه وصبغت عمتي ومخدتش منيهم غير كل باطل..وضاع الحق مع عديمين الدين والشرف. 


الكل همهم بصدمة ومنهم اللي إتصعب ومنهم اللي دعا ربنا يستره ويستر ولاياه، وجاهين غمض عنيه بحسره وبعدها فتحهم وقال بحسه العالي:


حكيم.. خد ياولدي المستوره ووديها السرايه حدا امك واختك وخليهم يكرموا ضيفتهم مليح، وقول لامك ضيفتك مكروبه متهمليهاش على هوا نفسها من غير ماتضايفيها باللي يسد جوعها وتحدتيها باللي يطمن قلبها. 


حكيم بطاعه: حاضر يابوي.. وإتقدم عن شام وعيونه في الارض وقالها: إتفضلي معاي ياخيتي..وخدها ومشي


جاهين: وإنت يابشندي اعمل كباية شاي قوام للراجل الطيب ديه عشان يشربها ويحكيلي اللي حوصول من البدايه. 


وانتوا ياأهل الخير كل واحد تصاحبه السلامه علي داره فصلكم خلص وخلاص كل حاجه بقيت عال العال. 


وابتدا الكل يطلع وابتدت المندره تفضي الا من الشيخ جاهين وعبد الصمد وبشندي وغازي.. 


جاهين: غازي قوم إقفل البيبان بتاعة المندره وروح شوف حالك بره وشوف وراك ايه؟ 


غازي: ليه ياعمي ماخليني معاك واشوفك هتحكم بإيه عشان اتعلم منك! 


جاهين بتفكير: طيب خليك واتعلم بس الكلام اللي هيطلع دلوكيت يتبلع في البطن وميطلعش وانت صفيان مع حد. 


غازي: عيب ياعم هو اني عيل ولا ايه! 


جاهين مردش عليه وبص لعبصمد وقاله: هاه يا ياشايل الهم للممات احكيلي. 


وابتدا عبد الصمد يحكي ومع اول كلمه دخل حكيم من بره وقفل باب المندره وراه من تاني وسمع الحكايه معاهم من طقطق لسلامو عليكم. 


خلص عبد الصمد الحكايه ورفع راسه لقي كل الروس مطاطيه قهر من اللي سمعته، والشيخ جاهين عيمسد علي لحيته بتفكير وبصله عبد الصمد بترجي وقاله:


إيه حكمك ياشيخ العدل ونصير المظلوم؟ 


اتنهد جاهين وقال لعبصمد.. الحكم ديه عايز تروي ياابو البنات وخصوصي وإن دم بتك وذنبها متفرق علي تلات مجرمين.


عبد الصمد: واني محداييش وكت للتروي ياشيخ، اني ريحة بتي فاحت في البلد ويا الستر.. يا الطَم. 


بص جاهين لحكيم ولده اللي في الفتره داي كان عيعده للمشيخه وسأله:


قولت ايه ياحكيم في الحاله داي، الحكم العادل من وجهة نظرك يكون ايه؟ 


رد عليه غازي: وليه حكيم اللي يقول رأيه.. شيخ المستقبل هو اللي يقول وتشوف حكمه زين ولا شين. 


جاهين:طيب قول ياشيخ المستقبل. 


غازي اتربع واتنحنح وبصوت رخيم قال:


اني رأيي إننا لو جوزناها لواحد منهم نبقوا عنظلموه دوناً عن الباقيين، وهيكون هو اللي شال الليله كلها لحاله، فأني رأيي إن كل واحد فيهم يتجوزها هبابه ويطلقها يعني تلف عالتلاته عشان كل واحد فيهم يكون شال نايبه من الغلط. 


جاهين بصله وفتح عنيه علي وسعهم وزي منيه عيمل حكيم وعبد الصمد. 


جاهين بعد مافضل باصص لغازي بصه خلته معارفشي يعمل ايه من الاحراج وحس انه قال كلام مايتقالش، فك غازي رجليه وقعد زين وسكت وهو حاسس بالحرج. 


جاهين: 


قول حكمك إنت ياحكيم. 


حكيم: بص يابوي.. اني رأيي من رأي غازي إن التلاته مذنبين والتلاته لازمن ياخدوا عقابهم، وعقابهم يكون دفع مبلغ مالي يضلعهم ويضلع اهلهم عشان يعوفوا إن الربايه الخايسه عتخسر، والفلوس تروح لعم عبد الصمد.


اما بالنسبه لشام فيتجوزها اللي قاعد منهم، واللي هو واد المقاول. 


أما التنين الباقيين بمجرد رجوعهم للبلد بعد مايعقد واد المقاول علي المستوره ويتطمنوا انهم نفدوا منها ، يعقدوا علي بنات عبد الصمد التنين، وديه لانهم محدش هيقيم عينه عليهم ويبصلهم ولا حد هيرضى يتجوزهم بعد اللي اتعمل فاختهم، فحتي لو شام اتسترت هيقعدوا التنين فرقبة الراجل الغلبان. 


جاهين بتفكير: كلامك زين ياولدي.. بس دول حشاشين واخلاقهم شينه وبكده البتين هيكونوا اتظلموا من غير ذنب! 


حكيم: وهي شام كانت إتظلمت بأي ذنب يابوي..وهما كمان طالهم الظلم زيها من غير ذنب.. وجايز لما العيال داي يلاقوا حريم معاهم حلالهم يمنعوهم إنهم يأذوا عشرات زي شام ويعملوا العمله ويهربوا، ويمكن يكون طيش شباب وغلطه وتروح لحالها وخصوصي إنهم عيال مقفلوش العشرين لسه.. يعني الطيش راعيهم وراعي خطاويهم..وبعدها هينصلح حالهم. 


ياما ناس فأول عمرها كانت شياطين وتابت وبقي ينضرب بيهم المثل في التقوي والخوف من الله. 


إتبسم جاهين وهو عيتطلع لولده وعجبه حكمه وبص لعبصمد وسأله:


إيه رايك فكلام ولدي حكيم ياعبد الصمد. 


عبد الصمد: والله القول والشور ليك انت ياشيخ واللي تشوف فيه الصالح اني راضي بيه وباصم بالعشره.. إنت أكيد ادري مني اني مخي مطووش معارفشي راسي من رجلي، ولا عارف ايه اللي لازمن ينعمل وايه اللي مينعملش. يعني اني من ايدك داي لايدك داي وفصل واني البس. 


جاهين: يوبقي نمشوا بشور حكيم ونستروا التلات ولايا ونقطعوا اي لسان يتلسن على عرضك. ودلوك قولي اسامي اللي اهل العيال الطايشه داي عشان اشيع عليهم واجيبهم وافصلهم بفلوس تعلمهم الادب. 


وفعلا عطي عبد الصمد الاسامي للشيخ جاهين وجاهين شيع اتنين من الغفر لبلد عبصمد بالاسامي وطلب منهم ميعاودوش من غير حد فيهم. 


وبدأ يضايف عبد الصمد ويطمنه ونجح هو وحكيم إنهم يطلعوه من الحاله اللي هو فيها ويحسسوه إن نصيبته ليها حل بعون الله. 


اما قبل سابق في السرايا حدا تماضر وغاليه بمجرد دخول شام عليهم مع حكيم.. 


حكيم بلغ امه رسالة أبوه وهملهم وطلع، وتماضر بصت لشام وقالتلها:


تعالي يابتي اقعدي واقفه ليه. 


تماضر: قربي ياضيفة الشيخ البيت بيتك وموطرحك واحنا حداكي ضيوف.. قربي يابنيتي واكشفي عن وشك وخليني اشوف طلتك البهيه. 


شالت شام الشال عن وشها ببطئ وكشفت عن وشها وتماضر سمت وصلت على النبي وقالتلها:


اللهم بارك.. ايه الحسن والجمال ديه كله، ربنا يحفظك من العين يابتي.. قربي تعالى سلمي عليا باليد وخليني اشوف ليه وشك الحلوا ديه لونه مخطوف، وليه متلفلفه بالسواد وانتي لساكي طالعه للدنيا جديد وفعز عمر الفرحه ! 


قربت شام منها وسلمت عليها وميلت على يدها حبتها وتماضر ضمتها ليها وحضنتها لما جست يدها المتلجه اللي عترجف. 


تماضر وهي حاضنه شام: 


هوني على روحك يابنيتي وهدي حالك مهما كان اللي انتي فيه محلول بعون الله علي يد الشيخ جاهين..


شام: يارب ياخاله يكون اللي اني فيه ليه حل مع اني مافتكرش. 


اما غاليه فكانت واقفه جار باب الموطبخ جار زبيده لما شام كشفت عن وشها وفضلت ساكته شويه متتكلمش وبعدها ميلت علي زبيده وهمستلها:


زبيده هي داي بت صوح؟ 


زبيده وهي باصه لشام بإعجاب: إيوه بت اومال ايه مشايفاش الحلا يعني ياغاليه! 


غاليه: ماعشان اني شايفه الحلا عسألك ياقزينه واقولك لما داي بت آااااني ابقا اييه؟ 


زبيده بضحكه: انتي توبقي تمساحه ياتمساحه. 


غاليه: دلوك بس صدقت وآمنت يازبيده وعرفت إن أمي علي حق.. يابوي ايه البنته العتلعلط داي؟ 


زبيده: صلي عالنبي هتنشي البت عين تكوميها ياقزينه.. همي معاي نجهزوا لقمه للبنيه اللى شكلها مداقتش الزاد بقالها ايام داي وبالعافيه صالبه طولها. 


ودخلت غاليه وزبيده الموطبخ وهملوا تماضر مع شام لحالهم. 


تماضر: احكيلي يابنيتي عن وجيعتك وخليني اشيل معاكي باين عليكي شايله حمل اكبر منك. 


وبدأت شام تحكيلها عن كل اللي حوصول وبعد ماخلصت كانت دموع تماضر مغرقه وشها وشالها وشهقاتها طلعت زبيده وغاليه من الموطبخ يشوفوا مالها جرالها ايه. 


غاليه: مالك يمه عتبكي كيف اللي ماتلها عزيز إكده ليه.. وانتي ياصبيه مالك هتموتي من البكا ياقدري.. مالك يابوي وحدي ربك مفيش حاجه تستاهل وبلوتك هينه بعون الله. 


تماضر من بين دموعها:


همليها فحالها ياغاليه وهمليها تنفس عن همها بالدموع عشان شغلتها مش هينه ابداً.


غاليه: بس هتموت من كتر النفيس إكده يمه..قومي ياخيتي قومي هحميلك هبابة ميه اتشطفي وشيلي التراب ديه من فوق جتتك وهجيبلك غيار من حداي..يلا عشان تاكليلك لقمه. 


شام بياس: همليني ياصبيه بالله عليكي اني مفياش حيل اقوم من موطرحي ولا عايزه اتشطف ولا اغير ولا ليا نفس آكل حتي. 


تماضر: معلهش يابنيتي اسمعي كلام خيتك وقومي معاها وهيحلها الحلال بعون الله.. قومي عشان خاطر المره العجوزه العاجزه اللي قاعده قبالك داي واللي مفيش فيدها غير إنها تدعيلك. 


شام: حاضر يمه هقوم عشان خاطرك. 


وقامت بالفعل شام مع غاليه واتسبحت وحست إن ربنا اداها النهاردة فرصه تانيه عشان تعيش. 


أما حدا المقاول فبيته الصبح بدري قبل مايطلع على شغله لقي مخلوف واقفله علي باب البيت عينادم عليه.. 


توفيق: ايوه يامخلوف تعالا فيه حاجه ولا ايه؟ 


مخلوف: فيه تنين عايزينك بره وعيقولوا إنهم مرسال جايلك من بلد تانيه. 


توفيق قام وهو مستغرب وراح على مخلوف وسأله:


مرسال من مين وايه اللي جايبهم على ريق النوم إكده! 


وإستغفر ربه بقلة حيله لما باله راح إنهم ممكن يكونوا جاين من طرف عبد الصمد وإن الحكاية مش هتخلص بقرشينات كيف ماعقله حدثه. 


طلع توفيق للراجلين ووجه كلامه لواحد منهم وساله:


صباح الخير يابو عمو.. قولي إنت مرسال من مين يابلدينا؟


رد عليه الغفير:


مرسال من بلد الشيخ جاهين شيخ بلد(.....) وطالبك لمجلس فصل في التوا والساعه إنت وتنين تانيين معاك. 


توفيق هز دماغه بأسى:


اشهر من نار على علم فوق جبل عالي يابوي مين اللي ميعرفش الشيخ جاهين بس... حاضر يامرسال الحق جاي معاك طايع وملبي. 


وراح معاهم توفيق وخدوا معاهم ابو همام وابو السيد. 


ووصلوا حدا الشيخ جاهين وفصلهم قدام عبد الصمد بالفصل اللي خلى الكل عقولهم شتت ولكن مقدروش يعترضوا. 


جاهين: هاااه شايف فعنيكم إن الكلام ملاددش عليكم؟! 


توفيق: له ياشيخ حاشا لله حد يعترض علي فصل شيخ الشيوخ. 


ابو السيد: إيوه منتا متعترضش عالفصل عشان إنت مش خسران حاجه ولدك وهيتجوز وفلوس ومعاك بالكوم وتدفع ولا شي يضلعك.. انما احنا الغلابه نجيبوا الفلوس داي كلها من وين، داني عن نفسي هعوز ابيع قيراطين من حتتة الارض اللي حيلتي وشقيت عليها العمر بحاله. 


همام: واني شرحك والله ياخوي.. ياشيخ بكفايه إن العيال يتجوزوا البنته وخلاص علي إكده ومعاوزينش منهم شوار ولا اي حاجه. 


جاهين: له يابو الزين لازمن تخسر من اللي قعدت تجمع فيه وتسعى لإمتلاكه ونسيت وإنت عتسعى ع الفلوس وحوز الأرض تربي ولدك.. لو كنتوا ربيتوا ولادكم زين كان زمانهم بقوا زرعتكم الأصيله الزينه ودراعهم كان بقالكم مدرار دهب. 


الخلاصه أني حكمت وعايز اشوف مين رضى بالحكم ومين نعملوا عليه حق عرب. 


توفيق: اني موافق. 


ابو همام من غير نفس: واني كمان. 


السيد: واني زيكم يعني هي جات عليا! 


وقاموا التلاته روحوا بلدهم يشوفوا هيعملوا ايه ويتصرفوا كيف. 


أما قبل سابق فبيت عبد الصمد... 


فتحت دهب عيونها وبصت لموطرح شام وشافته خالي وعرفت إن عبد الصمد خدها للمحتوم وقعدت علي حيلها وإبتدت مراسم حزنها المكتوم. 


بكت وصرخت بس وهي حاطه اديها التنين على خشمها عشان محدش يحس ولا يصحى ولا يسمع.. لكن هيهات.. لانهم يادوبك كام دقيقه بالظبط ولقت بسيمه داخله عليها الاوضه وبمجرد ماشافت موطرح شام خالي صرخت وقالت بووووووه. 


وعلي حسها صحيت بشاير وهي كمان صرخت معاهم علي اختها اللي فرشتها فاضيه. 


اما حدا توفيق فبيته. 


كرار بحسه العالي:


له يابوي حرام عليك اوعك تظلمني وتلبسني غلطة همام. 


توفيق: وإنت مغلطتش معاهم اياك! 


كرار:غلطت مش هنكر بس غلطي مش كد غلطهم. 


توفيق:


كد غلطهم اقل اكبر الحكم صدر واني قدمت السمع والطاعه. 


اني مش همشي بحكم ظالم.. ليه محكمش علي اي حد غيري انه ياخدها واني اخد وحده من اخواتها، اشمعنا اني اللي آخد المعيوبه؟! 


توفيق:


هتاخدها وترضي بالحكم ورجلك فوق رقبتك احنا رضينا بالحكم وقولنا امين قدام الناس هتصغرني؟


كرار : اني لا ليا دعوة بحكم ولا بكلام فاضي اني البت الفاجره اللي عتطلع فنصاص الليالي من دارها داي متلزمنيش وبعدين مش اني اللي ابتديت بيها وخدت شرفها لاول. 


توفيق بغضب: عقولك ايه ياكرار اللي اتحكم بيه هيمشي ومعاوزش كلمه في الموضوع ديه تاني، واحمد ربك انها جات علي كد اكده والموضوع اتلم من غير فضايح واسمع ياشرقي واسمع ياغربي ومتجرسناس في البلد.. ولا انت عتحب الجرس والفضايح؟


كرار اني لا عحب الجرس ولا الفضايح اني قولت اللي حداي وخلاص..قال كلامه وهم عشان يطلع من البيت لكن حس ابوه وقفه وهو عيقوله بغضب


: اقف عندك..


عليا الطلاق ماتتحرك خطوه من موطرحك لغاية مااعاودلك.. قالها ودخل علي اوضة امه عديله اللي من أول مادخل أوضتها قدامها صرخت بخوف لما عرفت هيعمل ايه وقالت: 


بوووه ياتوفيق له ياولدي..


وبصت علي كرار وقالتله:


غور ارمح ياواكل امك رايح يجيبلك البندقه ويبن.. دقك غور وخليها تتطلق امك ميعملش حاجه بدال ماتموت.. وحوريه سمعت كلام عديله وراحت علي الاوضه ورا توفيق و شافته عيجيب في البندقه بتاعة ابوه المتعلقه علي الحيطه صوح، وطلعت جري علي كرار بخوف وقالتله:


ارمح علي بره قوام ياولدي ابوك النوبادي هيموتك صوح.. اجري علي ابو دراع خليه يدسك منيه.. اجري ياكرار ابوك عيطلع يحط طلقه فراسك من غير تفكير.. إطلع ياولدي وإنفد بعمرك وكل حاجه بعد العمر هينه.


كرار سمع كلام امه وجري بكل سرعته ويادوب طلع من البوابه بتاعة البيت كان ابوه طالع من الأوضه ورفع البندقه وضرب طل. قه وراه خلت الكل صرخ بخوف لكنها مجاتش فيه وقدر يطلع بره البيت والجنينه خالص..


توفيق بعد ماطلع كرار بص لحوريه وقالها:


سمعتي إني حلفت عليه يمين طلاق صوح؟


حوريه عتبكي بخوف ومردتش لكن اللي رد عليه امه عديله:


ايوه سمعت، وكلنا سمعنا واني شاهدة


توفيق: حيث إكده انتي طالق ياام الحشاش. 


وللحكاية بقيه.. 


الكاتبه ريناد يوسف.


نفق الجحيم ١٥


الكاتبه ريناد يوسف


حوريه ضربت علي صدرها بصدمة اول ماسمعت توفيق طلقها وصرخت بعلوا صوتها:


إنت عميلت ايه ياتوفيق! 


عديله بفرحه:طلقك


حوريه راحت لتوفيق ووقفت قدامه وبالدموع قالتله: هونت عليك ياتوفيق بعد عشرة السنين داي كلها تطلقني؟ 


عديله:إيوه بزياداكي. 


حوريه لتوفيق: طيب اروح وين واجي منين ياتوفيق واني مليش موطرح غير إهنه وإنت خابر.. داني إتولدت إهنه واتربيت إهنه وإتجوزت إهنه ولو طلعت بره حيطان البيت ديه اتوه ومعرفش اعاودله تاني.. 


عديله: ومعاوده ليه؟ 


توفيق كان ساكت ومراددش عليها وهي تتكلم وعديله هي اللي ترد عليها، لغاية ماحوريه صرخت فيها بعلوا حسها عشان تسكت وتهملها فحالها. 


اما توفيق فبعد ماحوريه خلصت كلامها وجه كلامه لبته فكريه اللي كانت واقفه جار كل اللي واقفين ومراقبين الموقف:


فكريه انتي ونعمه حضرولي خلجاتي وكل حاجتي وطلعوها بره البيت، واني هشيع مخلوف وابو دراع ياخدوهم يحطوهم فبيتهم.. من اليوم وطالع لا هدخل البيت ولا عايز اشوف اللي فيه. 


قال كلامه وطلع وهمل حوريه وراه تبكي وامه عديله تزعق فيها وتقولها:


طفشتي الراجل من بيته شاله تطفش روحك منك يابعيده.. ارتحتي على إكده يابوز الاخص يابومه.. يلا احسن خليه يطلع يشتري بيت جديد وحلوا ويتجوز وحده شباب صغيره تدلعه وترقصله. 


وإهنه حوريه صرخت بعلوا حسها:


بوووووووووه حوشوها مني لاموتها يأما اكتل حالي.. 


وجات عليها جري ورده خدتها ودخلت بيها لأوضة كرار ولدها وقفلت عليها الباب عشان متسمعش حديت عديله اللي عيخليها تشعلل فوق ماهي مشعلله. 


اما حد الشيخ جاهين.. 


حكيم: 


كيف يعني حكمي ناقص يابوي؟ 


جاهين: ايوه ناقص ياولدي ولازمن يكمل.. هو حكمك الانسب لعبد الصمد بس فيه ظلم كبير هيوقع علي الولايا دول.. الا اذا... 


حكيم : الا اذا ايه يابوي؟ 


جاهين: الا اذا وقفنا على راس المحكوم ومهملناهوش يرتع في اللي ملكناه عليه، يعني العيال دول ميتهمالوش بعد جوازهم من البنته علي هواهم.. لازم يكون حد عفى فوق راسهم يفكرهم كل هبابه إن البنته مش لحالهم وإن وراهم اللي يوقفلهم.. والحد ديه هيكون إنت ياحكيم.. وقبل ديه كله عشان يتجوزوا البنته لازمن أول هام اللي هياخد المستوره الكبيره اللي وقع عليها الجرم توافق عليه هي وتقولها بلسانها انها راضيه تتجوز اللي حكمنا إنه يتجوزها والا جوازها يكون باطل..


 وكمان قبل ديه كله التلاته يعاهدونا ويعاهدوا ربنا قدامنا بالتوبه النصوحه ويحلفوا يمين الله إن اللي عيملوه لا هيتكرر ولا ينعاد. 


وكمان فيه عقاب ليهم عايز تنفيذه يكون بيد ابهاتهم.. ومش هقول إن العقاب يحصول قدام اهل بلدهم عشان هتكون صعبه عليهم، مع إنهم المفروض يكونوا عبره للكل.. لكن خلينا نخلوا ديه يحصول قدام اهل بلدنا إهنه عشان خجلهم من الناس يكسر الشر فنفوسهم ويفكروا الف نوبه قبل مايعملوها.. والاب اللي يعمل إكده بيده هيكون داوى هبابه من غفلته عن تربية ولده.


حكيم: والعقاب ديه هو الجلد طبعاً.


جاهين : ١٠٠ جلده لكل واحد من التلاته بيد أبوه.


حكيم:  وفكرك هيوافقوا علي الحكم ديه؟ 


جاهين: والله ديه الفصل وهما مايخدوش منيه اللي يلد عليهم ويهملوا الباقي.


حكيم هز دماغه لأبوه، وبص لعبد الصمد اللي نايم جاره علي الدكه بتعب ورايح في النوم وفاتح خاشمه وانفاسه عاليه كأنه ليه سنه منامش وهمس بأسى علي حاله:


مسكين يابو البنات.. ااااخ يابوي على العادات والتقاليد والاعراف اللي حاكمانا داي ومكبلانا بسلاسل العيب، واللي ميصحش ومينفعش، ومخليه المظلوم يستجدي حقه من الظالم! والله لو يحكموني عاللي سن العادات داي وخلاها نهج يحكم مجتمع بحاله لأكون حاطط طل. قه فنص راسه وأقوله.. داي عشان اللي فرضته علي ناس مليهاش ذنب وولعت النار وهملت جمرها لغيرك ينكوي بيها. 


جاهين: ياولدي هذا ما وجدنا عليه ابائنا واجدادنا.. إحنا كل اللي فيدنا إننا نغيروا نفسنا ومنعملوش الغلط ونبقوا مثال زين للناس ونجبروها بالمحبه تقلد افعالنا.. ومن إهنه يبتدي تغيير العادات اللي مش راضيين عنها وحده وحده.. ولحدت ماديه يوحصول والعادات العفشه تتغير إحنا محكومين بيها. 


ودلوك روح عاود للبيت عشان امك زمانها قلقانه عليك، مطليتش عليها اليوم بطوله النهارده.. وقولها النهارده ابوي بايت في المندره مع الضيف. 


حكيم: له يابوي إنت اللي تروح تبيت في السرايا واني وغازي اللي هنبيتوا في المندره إهنه.. البيت فيه بنيه غريبه ومايصوحش شباب يبيتوا فيه، وخصوصي غازي اللي عينه ماهتهداش لحدت مايشوفها ويملي عينه منيها. 


جاهين: معاك حق ياولدي والله.. طيب روح هات من البيت غطا ليك ولغازي وهاته علي يدك وتعالا بدال مايحملنا العار.. آاااخ ياخوفي ياحكيم ليعمل عمله كيف اللي عيملوها الحزانه دول فبنات الراجل الغلبان ويهد كل سيره طيبه عميلتها بين الناس. 


حكيم: له من النحيادي إطمن يابوي غازي عيهد فيها وشغال الله ينور، يعني سكر وغوازي وموالد مستني منيه ايه تاني؟ غازي مايقلش عنيهم فحاجه.. داني خايف اول ماتحكم علي العيال دول بالجلد يقولوا كنت اتعافيت بأحكامك علي واد اخوك.. بس ربك كريم وهما اغراب مش من نواحينا ولا يعرفوا حاجه عنيه. 


جاهين بحسره:


يعني أعمل فيه ايه ياحكيم أكتر من اللي عيملته معاه قولي.. علام وعلمت، دين وحلال وحرام وعرفت، قسوه وقسيت، قولي قصرت معاه فأيه؟ فيه إيه تاني يتعمل مع غازي عشان ينعدل ومعميلتوش؟! 


حكيم: ولا فيدك حاجه ولا قصرت معاه فعمايل.. غازي عوده مال يابوي ومهيتعدلش.. القصد. 


هاروح اني للسرايا اجيب الغطا واشوف امي وغاليه واشوف غازي فين واجيبه وناجوا عشان إنت تروح وتلحق تناملك هبابه قبل اذان الفجر. 


جاهين: روح ياولدي روح. 


وراح حكيم للسرايا ووقف علي بابها يستأذن قبل مايدخل، ومدخلش غير وغاليه مدياله الأمان وقايلاله يدخل. 


سلم عليها أول مادخل وسالها علي أمه وقالتله إنها فغرفتها وراحلها.. 


ودخل حكيم علي أمه اللي فردتله دراعاتها بشوق وهي عتقوله: كيفك يانن العين.. اتوحشتك قوي النهارده ياريحة الجنه. 


حكيم وهو عيترمي فحضنها ويمسك ايدها يحبها:


كيفك يالبة القلب.. واني كمان اتوحشتك قوي.. كيفك اليوم وكيف صحتك؟ 


تماضر: بخير طول ماعيني وعياك بخير يانضر عيني.. قولي ايه اللي غيبك اليوم بطوله إكده؟ 


حكيم:


النهارده كنت في الارض يمه عشان يوم الري، وقبل منها كنت قاعد جار ابوي مع الراجل الغلبان اللي هده الزمان ديه. 


تماضر:تقصد أبو شام؟ 


حكيم:إيوه هو يمه.. قولي ابو الهم، قولي ابو الوجع، أبو الكسره.. الراجل حالته تبكي الحجر ربنا يستر علي الولايا جميعاً. 


تماضر: حقه ياولدي ماانت خابر ميكسرش ضهر الراجل غير شرفه..داني البنيه كانت تحكيلي النهارده عاللي صابها وعيوني مبطلتش سح في الدموع لما الدنيا شبرت قدامي.. ربنا ينتقم من اللي كانوا السبب. 


حكيم:آمين يارب يمه. 


تماضر: طيب وهتحكمولهم بأيه ياحكيم؟ 


حكيم حكي لأمه علي الحكم وأمه ملامحها اتغيرت واتجهمت ومنطقتش. 


حكيم: مالك يمه هو الحكم ظالم ولا ايه؟ 


تماضر: ظالم لناس وعادل لناس ياولدي.. وفي الحكم ديه بالذات عشان حد من الاطراف يتنصف لازم طرف تاني يتظلم.. يعني إنتوا بحكمكم ديه جايز هتأدبوا العيال وناسهم، وجايز هتخلوا عبد الصمد يقيم راسه وسط الناس من تاني.. وخلينا نقول جايز ومش بعيد علي ربنا خيات شام يعرفوا يعيشوا مع اجوازهم مع انها صعبه بس مش مستحيله. 


لكن شااااام ياحكيم.. شام هتعيش طول عمرها تتمني لو كان ابوها موتها ولا إنه خلاها تعيش الظلم اللي هيوقع عليها من كل الناس.. من جوزها وناسه وناسها، وحتي إخواتها لو تعبوا فحياتهم هيلعنوها في الساعه الف مره علي اللي عيجرالهم بسببها. 


شام هتعيش بلعنة العار ياولدي وهتشيل فوق طاقتها. 


حكيم اتنهد وسألها: طيب قوليلي أيه البديل ياام حكيم؟ 


تماضر: مفيش بدايل ياولدي غير بديل واحد للأسف وإنت خابره زين. 


حكيم: يبقي نبَدّوا الحياة عالموت ياتماضر وتصبر المسكينه لعل الله يُحدث من بعد ذلك أمراً.. وياعالم يمكن شام ربنا يكرمها وتكون احسن وحده فإخواتها.. وكيف ماقولتي مفيش حاجه بعيده عن ربنا. 


تماضر: ونعم بالله ياولدي. 


حكيم: طيب اني طالع هاخد غطى واخد غازي من غرفته ونروحوا نبيتوا في المندره جار الضيف؛ عشان ابوي ياجي ينام ففرشته.. يلا تصبحي بخير وعلي خير يالبة القلب. 


تماضر: روح ياولدي تصبح علي الجنه ونعيمها. 


طلع حكيم بعد ماإدى حس لغاليه وقالتله يطلع وادته الأمان، وسألها علي غازي وقالتله إنه فأوضته فوق وطلعله.. 


حكيم خبط علي الباب ودخل لما غازي اذنله وكان نايم وحاطط اديه تحت دماغه وباصص للسقف.. 


حكيم: قوم ياغازي يلا رايحين المندره. 


غازي بعدم إهتمام: إشمعنا؟ 


حكيم:عشان البيت فيه صبيه وعيب ماشباب يبيتوا فيه.


غازي بصله وكشر وقاله: إيوه واني مالي ومالها الصبيه يعني، وبعدين خايفين عليها من ايه هيجرالها ايه اكتر من اللي جرالها يعني! داي مبقتش يتخاف عليها من حاجه واصل كل اللي عيخافوا عالبنيه منيه جرالها.. وبعدين حتي لو نفسي هفتني عليها هي جات عليا يعني هيهيهييييه


حكيم: غااااازاي.. هتقوم تطلع معاي دلوك ولا اروح اشيعلك عمك يعرف شغله معاك؟ 


غازي وهو قايم: له وعلي ايه ولا عمي ولا خالي مناقصش قلة قيمه اني ووجع راس عالمسا.


حكيم: هاتلك غطى معاك الدنيا برد في المندره. 


غازي: علم ويطاع ياسي حكيم.. اهه ياعمي البيت يوبقي بيت ابونا وياجوا الفواجر من اخر الدنيا يطردونا.. قال كلامه وشال بطانيته ونزل علي السلم يغني بعلوا حسه:


ويابهيه وخبررريني عيمل فيكي ايه ياسيييين.. يابهيه ديه مكانش ياسين واحد دول كانوا كتيييير.. ويابهيه وخبرييييني.. وهو يغني ويتلفت حواليه في السرايا ويضحك وحكيم يلز فيه على بره وخايف احسن البت تسمعه وهي مش ناقصه. 


يوم صعيب عدى على دهب واخواتها وهما عارفين إن شام طلعت ومش هتعاود تاني.. لكن عبد الصمد معاودش ليه النهار بطوله وكمان لليل محدش عارف وابتدوا يتقبلوا إن خسارتهم بقت بالجمله وراحت البت وابوها سوا، ودهب روحها علي وشك إنها تفارقها وتحصلهم وكل هبابه يغمي عليها ويفوقوها. 


أما حد بيت توفيق.. 


ابو دراع طلع ورا كرار لما شافه عيجري علي بره من أبوه، وفضل يدور عليه في البلد كلها وفي الاخر لقيه حدا العباره قاعد. 


قرب عليه وقعد جاره ومن غير ما يبص عليه قاله:


وبعدهالك ياكرار.. لحد ميته هتتعب قلب أبوك وتتعب قلوبنا كلنا.. بسببك الكل عيخسر.. بنيه غلبانه واخواتها وابوها وامها حياتهم إتدمرت، وأمك بعد العمر ديه مع ابوك بسببك إطلقت.. قولي وبعدهالك هتعقل ميته وتبطل اذيه فكل اللي حواليك؟


كرار بصله بإستغراب لما سمع إن ابوه طلق أمه وكان هيتكلم لكنه سكت لأنه مهما اتكلم في اللحظه داي حديته مليهش اي قيمه ولا هيتسمع.


فكمل ابو دراع كلامه :


قوم يلا بينا معاودين البيت إتأسف لأبوك وقوله اني من يدك داي ليدك داي ومتاخدش امي بذنبي واتحمل عواقب اللي عيملته ورجل مره وحده فحياتك ياخي. 


رد عليه كرار وهو باصص بعيد: له


ابو دراع بإستغراب:له ايه؟ 


كرار: له ممعاودش بيوت ولا هقول لابوي اني من يدك داي ليدك داي.. بس هرجل حاضر.. هرجل واعمل كيف ماغيري عيمل.. ومش هرضي بحكم ظالم.. وههروب ومهعاوش تاني.. ويوبقي المقاول يشوف هيجوزني الفاجره داي كيف.. ماهم همام والسيد مش احسن مني عشان هما ينفدوا بجلدهم واني البس.. 


وللحكاية بقية


بقلم صاحبة السعادة ريناد يوسف.


تكملة الرواية من هناااااااا 


لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله الجزء الاول من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا





تعليقات

التنقل السريع