القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية حصنك الغائب الفصل الخامس عشر والسادس عشر بقلم دفنا عمر (حصريه في مدونة قصر الروايات)

 


رواية حصنك الغائب الفصل الخامس عشر والسادس  عشر بقلم دفنا عمر (حصريه في مدونة قصر الروايات) 





رواية حصنك الغائب الفصل الخامس عشر والسادس  عشر بقلم دفنا عمر (حصريه في مدونة قصر الروايات) 






رواية حصنك الغائب الفصل الخامس عشر 15 بقلم دفنا عمر


                               


رواية حصنك الغائب


بقلم دفنا عمر 


الفصل الخامس عشر! 


--------------

أطرقت رأسها بخجل وهو يقترب منها، فتنحت والدتها لتفسح له المجال، انضمت جوار أخيه " أيهم" بزاوية بعيدة! 



+




وقف "رائد" قُبالتها مآخوذًا بجمال محياها وهيئتها شاعرًا گأنها "ملكة" غادرت إحدى صفحات الأساطير وحلقت بجناحيها وهبطت لعالمه لتمنحه وحده كل هذا السحر.. أما هي فما أن اقترب حتى رفعت وجهها إليه ورفرفت أهدابها لتتألق عيناها المكحلة بعشقٍ طغى على زُرقة لون " كحل" زينتها فتمتم بخفوت: مبروك! أجابت مباركته بصوتٍ رقيق خجول، فدنى ولثم جبينها برغبة لم يستطع تجاهلها،ثم جعلها تتأبط ذراعه متجهًا لسيارته المزينة بشكل أنيق، فهتف أخيه مشاكسًا وهي يمنحه غمزة ماكرة: أظن أنا ماليش لازمة دلوقت ياعريس.. وبقى معاك اللي احسن مني! 



+




ابتسمت رودي بخجل، ولم يعقب رائد سوى بابتسامة بسيطة.. فاستطرد أيهم: 


عموما أنا هاخد طنط ونمشي وراك لحد القاعة! 



+




وبالفعل صعد رائد مع عروسه، وأيهم بصحبة والدة رودي، مطلق أبواق سيارته بشكل صاخب متتابع يوحي بالبهجة والمرح.. فانتبه السائرين حوله وأدركوا أنه عُرس لأحدهم فتطوعوا بمحبة مشاركين بأطلاق أبوق سياراتهم بنفس اللحن الصاخب ببهجة، گ تحية ومباركة وهم يضحكون ويشيرون للعروسين بتهنئة ودودة..!


_______________________



+




گعادة أي أحتفال، تمت فقراته تباعا بعد عقد القران، ورائد يحاول الاندماج ومبادلتهم التهاني الكثيرة، أما رودي فلم تفارق ثغرها الشهي الابتسامة، إلى أن أتت فقرة الرقصة الهادئة بينهما.. أحاط خصرها وقربها منه وعيناه تتشرب هيئتها الفاتنة بجرآة، وكأن غريزته القديمة المتعطشة لجنسها مازالت تفرض سيطرتها عليه وهو يطالعها گ رجل تحركت رغباته، ولأول مرة يعترف لنفسه أن اقتراح والدته لزواجه لم يكن سيء لهذا الحد.. وزوجته بتلك الرقة والجمال والحب الذي تعلنه بتملك أدهشه واعجبه وأرضاه، وهي تهمس في أذنه بنعومة: 



+




أنا الليلة دي أسعد مخلوقة على الأرض يا رائد.. ولو هموت دلوقت مش عايزة حاجة من الدنيا تاني.. بعد ما امنيتي بيك اتحققت.. واوعدك ياحبيبي اني هنسيك كل حاجة تعباك.. مش هتفتكر معايا غير كل حاجة حلوة.. هنبني ذكرياتنا سوا من أول وجديد..هنتولد مع بعض وهنتعلم كل حاجة سوا وهتكون حياتنا دافية وجميلة لدرجة هتنسى انت كنت مين قبل كل تقترن أسامينا! 



+




تلقى عاطفتها الصريحة تجاهه بسعادة خدرت عقله وكل ما يؤرقه عن ماضيه كما تخدر كتفه الذى مالت عليه برأسها، تاركة ذراعيه تهدهدها على أنغام محيطهما غير عابئين بأحداق الجميع المراقبة لالتحامهما برقصة ناعمة وموسيقى تثير الكثير من العواطف في نفوس منصتيها..



+




وبعد وقت انتهت رقصتهما ثم احتفالهما.. ليبدأ احتفال أخر وخاص.. هي من نظمت مراسمه..لأجله.. ولأجل ليلتهما الأولى..!


__________________________



+





                


لأول مرة تغفو براحة وسكينة منذ فترة طالت وهي تراقب ابن قلبها رائد.. أخيرا تحقق مطلبها وتزوج وينعم الآن بين أحضان زوجته.. لا يهم بعد ذلك ما سيحدث.. والآن أصبحت مستعدة للقاء ربها مطمئنة.. نهضت تتوضأ وتصلي لله شكرا ، أن أبلغها رجائها، وظلت تدعوا بتألف قلوبهما سويًا وسريعا.. فإن تغلغل العشق بقلبه.. ستتبدل غربته..بوطنًا وسكن يآوي روحه ويعوضه عن كل ما فقد!


_____________________



+




لا يعرف كيف انجرف معها بعاطفتها وأنوثتها التي اختلطت برغباته گ رجل كان في ماضية يستبيح كل جسد دون رحمة.. جادت عليه عروسه بسخاء مستعرضة كل ما لديها لتجذبه إليها دون خجل مدركة حقها وأجرها حين تسترضيه گ زوج.. 


أما هو، فتحررت طاقته الكامنة داخله ووشت عن طبيعته الماجنة الشرهة لتلك المشاعر.. انطلق مآخوذًا بسحرها متنعمًا بعناقها مجذوبًا في بحورها معافرًا بأمواجها گ خبير أعتاد الغوص منذ زمن! 


_____________________



+




تعجب من صديقه الذي التقط صوره له "سيلفي" وليس من عاداته أن يفعل مثل تلك الأمور، فتمتم أحمد بفضول مازح: 


هو الباشمهندس من إمتى بيحب يتصور سيلفي؟


ثم غمز بإحدي عيناه: وبعدين إيه "الكرافت" الأنيق ده، أول مرة اشوفه عليك، هو في عصفورة ولا حاجة



+




مط يزيد شفتيه بتهكم: 


أنا بتاع عصافير بردو يا فاسد.. ده حد جابلي هدية وحبيت اتصور وابعتهاله.. حاشر نفسك ليه بقى! 



+




_ يا راجل؟! هدية من حد؟ ماشي يا استاذ براحتك خالص، وربنا يرزقني باللي يجبلي حتى "شرابات".. ووقتها بردو هاخد سيلفي واقولك نفس الكلمة! 



+




تصور سريع تجسد لذهن يزيد وهو يتخيل أحمد يبعث لإحدهن صورة لجوارب قدميه، فضحك وهو يصفق بيأس: مافيش فيك فايدة.. أنت وعابد أخويا نفس العينة.. حاجة مسخرة بصراحة! 



+




أراد استغلال الفرصة لترميم ما حدث سابقًا حين لفظ هديتها وجرحها.. خاصتًا مع تلميحها الأخير له بحرية أن يتقبل هديتها أو يقذفها بعيدا كما فعل..صغيرته العنيدة مازالت غاضبة مما حدث.. ويجب أن يراضيها.. ضغط على ذر الإرسال بهاتفه مع رسالة مشاكسة لم يكن ينتويها، لكنه اشتاق استفزازها وردود افعالها الطفوليه! 



+




( على فكرة لونها وحش أوي، ذوق أحمد صاحبي أحلى..بس قلت أجبر بخاطرك والبسها)



+




كانت تلوك بفمها لقيمة خبز الزعتر الذي تعلمت صنعه من صفحات النت عندما اهتز هاتفها برنين، ما أن تفقدته حتى تجعدت قسماتها بغيظ وجزت على أسنانها مبرطمة: يعني حتى محصلتش ذوق صاحبك ماشي يا ابن خالتي.. ابقي قابلني لو جبتلك حاجة تاني.. واكتفت بإرسال ايموشن غاضب


فرد بأخر ضاحك يلوح بلسانه.. فلم يطل عبوس وجهها وابتسامة فَرحة تتسرب لشفتيها بسعادة لارتدائه هديتها تلك المرة، راحت تتأمل وسامة محياه بوله وسرعان ما تلاشت بسمتها مع زفرة حزينة نبعت من داخلها لأدراكها حقيقة أنها لا تمثل بالنسبة له سوى طفلة صغيرة گ شقيقته جوري! 


___________________


بعد بضعة أيام! 



+





        



          



                


تبادل أدهم ودُرة بعض كلمات الوداع مع عائلتهم، قبل ذهابهم واستقرارهما المؤقت في القاهرة.. لتغير الأجواء حول بلقيس كما نصح طبيبها، وبعث كل ما يخص حالتها لطبيب أخر يقطن بالقرب منهم ليتابع هو حالتها بدلا منه! 


.................. .



+




_حمد لله على السلامة ياعمي.. مبسوط انك اتنقلت القاهرة .. وبإذن الله تغير المكان يفيد بلقيس! 



+




عاصم برجاء: ده عشمي في ربنا يا يزيد يا ابني. أنا حاسس إنها خطوة متأخرة، وكان لازم تغير مكانها من زمان.. يلا الحمد لله كله خير



+




_ ونعم بالله، كله بآوانه، وكده هتكون اقرب للشركة، وهتتابع مع طبيبها هنا.. وأنا معاك في أي حاجة حضرتك عايزني اساعدك فيها تحت امرك



+




_ تسلم يا ابني ده عشمي فيك! 


_______________________



+




بعد أسبوع! 



+




يراقبها باستمتاع وهي تقفز گ الطفلة وتجاري صغيرها في اللعب بالكرة بتلك الزاوية الخالية من الحديقة.. ضحكاتها تنافس براءة طفلها "مهند".. كم بدت جميلة مرحة، رغم ظروف موت زوجها وآلمها.. ولكنها تحاول منح صغيرها لحظات مبهجة گتعويض له عن عدم وجود "أبيه"



+




تذكر أنه سمع حديثها مع بلقيس وكيف عانت نفسيًا بعد موته، فبعث الله لروحها نطفة زوجها الراحل لتهديء قساوة رحيله، وگأن خالقها يؤازرها بمنحة إلهية كي تصمد وتعود لها رغبتها في الحياة بعد أن زهدت بها.!



+




_ إنت واقف كده ليه يا عابد؟!



+




أجفله صوت والدته، فالتفت إليها: 


لا ابدا أنا لسه واصل من الزرعة، بس سمعت ضحك مهند، ولقيته بيلعب مع والدته، فوقفت اتابعهم من بعيد من غير ما اقاطع لعبهم، واحرج زمزم..! 



+




رمقته بريبة: غريبة! 


تسائل باستغراب: إيه الغريب مش فاهم! 



+




عابد ابني اللي اعرفه مش حسيس وعنده ده كده! وكان زمانه راح خطف الكورة من بنت عمه ولعب هو مع مهند..! 



+




استعاد عابد روحه المرحة: تقريبا يا " كيما" والله أعلم ابنك هيبتدي يعقل للأسف، ماتنسيش إني بقيت مهندس زراعي قد الدنيا، ولازم ابطل هزار شوية..!



+




ثم فاجأها بنكزة مفاجئة من أنامله لخصرها الأيمن، فانتفضت مابين رغبة في الضحك والحنق معًا هاتفة: لا واضح انك بتعقل أوي.. طمنتي الصراحة"



+




رد بمشاكسة: اعقل مع الكل إلا معاكي انتي يا "كيما" يا عسلية قلبي! 



+




رمقته بغضب كاذب، وحالفها الحظ أنها تحمل طبق من الفاكهة، كانت أعدته للصغير وزمزم.. التقطت ثمرة تفاح وقذفتها بوجه، فتلقفها عابد من الهواء بكفه ، وقضم بعضها متمتما باستمتاع مستفز: 



+




_ يا سلام على قلب الأم.. انا فعلا جعان جدا.. وهصبر نفسي بتفاحتك على ما تجهزوا الغدا..! وروح بقى اسلم على صاحبي الصغير " هوندا" واكل انا وهو الفاكهة دي! 



+





        


          



                


وتركها تهز رأسها بيأس وعبوس مزيف، تلاشي وحلت ابتسامة حانية وهي تغمغم بخفوت: 


ربنا ما يحرمك من الضحكة الصافية دي يا عبودي.وتفضل كده وما يصيب قلبك وجع يا بن بطني! 


___________________



+




ما أن لمحت قدوم عابد، حتى توقفت سريعًا عن الركض أمام الصغير بحرج، فهتف لها بمرح: أهو عشان عارف إنك هتتكسفي وتبطلي لعب.. كنت واقف بعيد، بس ماما حضرت طبق فاكهة ليكي انتي ومهند.. فقلت لا مفر من قطع المباراة العنيفة بتاعتكم دي! 



+




مازحته: اتريق اتريق.. فين المباراة دي.. ده كل الأهداف بتاعة ابني جت في وشي وفي عيني..!



+




ضحك وهو يرفع إليه مهند ويقبله: معلش بقى لازم تتحملي حماس اللاعيب الصغير لحد ما يتعلم.. ثم أعطاها طبق الفاكهة مردفا بحماس: طب اتفرجي بقى على مباراة بجد بين "الشبل والأسد!"



+




وبدأ يستعرض أمامها بعض مهاراته بتنطيط الكرة فوق أطراف أصابع قدمه بشكل ادهشها وهي تراه گ لاعب محترف يحرك الكره بمرونة استحوذت على انتباهها واتسعت عيناها تتابعه باستمتاع مبهورة، اما الصغير فتابعه وهو يضحك سعيدا باستعراض عابد أمامه وعيناة تتابع الكره مصفقًا بحماس مطلقًا ضحكات طفولية أطربت قلب زمزم وأسعدت عابد! 


.....................


بعد إنتهاءه من استعراض مهاراته، هتفت زمزم: 



+




إيه يابني ده.. ابو تريكة معانا ومش داريين.. أنت ثروة قومية ياعابد! 



+




ضحك لانبهاراها، وتمتم بتواضع: مش للدرجادي يعني.. امال لو شوفتي يزيد اخويا.. هتنبهري بجد لأنه احرف مني بكتير.. وخدي التقيلة بقى.. اللي علمنا كرة القدم وممكن يميحنا كلنا بمهارته هو عمي عاصم نفسه.. واحنا اخدنا منه حب الكورة وشغفها ..وعايزة تستمتعي بقي.. تشوفينا اما كان يجي ماتش مهم ونتلم كلنا وبيبقي تجمع عالمي!


وواصل: صحيح بتشجعي أي فريق؟



+




هتفت ببساطة: رغم جهلي التام بكرة القدم.. بس انا أهلاوية وأفتخر.. ثم همست بمزاح: وإلا بابا يعلن عليا الحرب


قهقهة ثانيًا: طبعا يابنتي.. احنا عيلة متعصبة وماشية بمنطق اللي مش أهلاوي.. لا يدفن في المقابر المسلمين! 



+




لم تتمالك نفسها من الضحك حتى أصابها السعال لجملته وهتفت بعدها: 


لا ياسيدي انا في الأمان..أهلاوية وزي الفل! 



+




عابد بجدية مباغتة: في سؤال عايز اسأله.. بس خايف اتصدم! 


_ سؤال أيه؟ اسأل قلقتني! 



+




تمتم: إنتي هندي ولا تركي؟



+




ضيقت حدقتيها ومقصده غائب عن إدراكها، مترجمة حيرتها هاتفة: نعم؟! قصدك إيه مش فاهمة؟



+




_ يعني بما إن كل البنات بقيت مغرمة مسلسلات هندي و تركي، فانتي إيه فيهم.. تركي زي جوري.. ولا هندي زي مرات عمي؟!


وواصل بمرح: ولا أجبني زي بلقيس وعمك عاصم؟!



+




هزت رأسها مطلقة همهمة مضحكة، ومازحته: طب قولي انت الأول إيه فيهم؟!



+




أجاب مزاحها: أنا "واتس آب" إن شاء الله! 



+





        


          



                


ضحكت مرة أخرى، فابتسم لرؤيتها تضحك بتلك الأريحية، بعد أن لمس انزوائها قليلا في باديء الأمر. وسمعها تردف من بين الضحكات: أجابة غير متوقعة بصراحة.. عموما ياسيدي، أنا ولا حاجة من اللي ذكرته.. تقريبا نادر اما اتابع حاجة في " Tv"



+




ثم استطردت بحماس: عارف بقى انا بحب إيه؟!



+




_ الراديو! 



+




حدجته بدهشة بعد جوابه الصائب وتسائلت: 


عرفت ازاي اني بحب الراديو؟



+




تأملها ثونِ قصيرة أردف بعدها: معرفش.. بس انا بقيت اقدر احلل شخصيتك واستشف ميولك..!



+




صمتت برهة وغزاها شيء من الحرج، ثم نفضت عنها هذا الشعور قائلة: أنا فعلا بعشق الراديو ياعابد.. زي بابا بالظبط.. اتربيت على محطاته الصبح والقراءن الكريم بصوت "الشيخ عبد الباسط عبد الصمد" والبرامج الخفيفة الصباحية..وبموت في سهراته وانا بتخيل صور الممثلين في دماغي كأني شايفاهم! بتابع أغرب القضايا وبعرف أحل اغلبها واحدد الجاني من نفسي! 


طغت طبيعته المرحة فقاطعها: يعني بقى عندك حس إجرامي عالي 



+




ضحكت بعناب كاذب: كتر خيرك يا ابن عمي! 


واستطردت: وعارف بحب إيه كمان مع الراديو؟



+




_ الروايات! 



+




رفعت حاجباها بريبة تلك المرة: أكيد بابا قالك صح؟ 



+




ابتسم بهدوء: أبدًا والله، بس ده نتاج طبيعي يكمل الصورة التخيلية لشخصيتك، طبيعي تشغلي الراديو وتمسكي رواية تتابعيها على صوته.. 



+




رفعت حاحبيها ثم مازحته: لا ده انت فراستك عالية أوي انهاردة يا ابن عمي ويتخاف منك! 



+




ابتسم وبادلها المزاح: أنا طول عمري نبيه واذكى أخواتي



+




ضحكت بخفوت وتابعت بشيء من الجدية: 


فعلا، بحب الروايات جدا لأنها بتدخلني عالم منفصل تماما عن الواقع! 



+




_ بس المهم انها مش تأثر على حياتك نفسها.. وماتكونيش إنسانة حالمة زيادة عن اللزوم.. الدنيا فيها أمور كتير محتاجة تكوني واقعية عشان تستوعبيها صح.. ! لأن ببساطة أقل أزمة نفسية مهما كانت بسيطة هتزلزلك وتحسسك إن العالم انتهى..ومواجهتك للأزمات هتكون ضعيفة. لأنك عيشتي في خيالك السهل الوردي أكتر ما اختبرتي حقائق الحياة اللي كتير بتصدمنا..! وده تحديدا عيب الشخصية دي يا زمزم! 



+




شخصت عينيها وغامت مع سحابة حزن غشتها، ثم تلآلآت العبرات بمقلتيها عندما لاحت لها ذكرى زوجها الراحل " زياد" وهو يحدثها بنفس الطريقة العقلانية ويصفها بما أطلقه عابد عليها.. كما تذكرت كيف أخبرته بدلال كان يعشقه.. أنها ستظل كذلك وسيكون هو مصدر قوتها وأمانها.. مثلما كان حبيبها واستاذها بالجامعة.. سيضحى أستاذها في الحياة وكل شيء.. لكنه رحل سريعًا.. دون أن يُعلمها كيف تحيا دونه..!



+




" زمزم.. إنتي بتبكي؟!..أنا قلت حاجة زعلتك؟" 



+




جففت وجهها وفركت أنفها بظهر كفها متمتمة: لا أبدا يا عابد.. أنا بس افتكرت جوزي الله يرحمه! 



+





        


          



                


_ للدرجة دي كنتي بتحبيه؟



+




أجابت سؤاله بنبرة حزينة: وهفضل احبه.. مافيش حد هياخد مكانه في قلبي..


قد يعجبك ايضا


منذ عام


رواية زوج مأجور الفصل التاسع 9 بقلم زهرة الربيع


منذ عام


رواية انا الفلاحة كامله وحصريه بقلم منال عباس


منذ عام


رواية انا الفلاحة كامله ( جميع الفصول ) بقلم منال...



+




غزته مشاعر غير واضحة ولا يفهمها، وكأن شيئًا بأعماقه نفر من هذا التصريح الموشوم بوفائها النادر لزوجها.. وتسائل داخله، هل يستحق " زياد" هذا الوفاء؟ جميل أن يموت المرء ويظل محتفظًا بمكانته لدى أحبائه.. وبالأخص الزوجة.. بعد ان أصبح عالمنا يعج بنماذج مغايرة للطرفين! 



+




_ عمرك حبيبت ياعابد! 



+




فاجئه سؤالها وقطع سيل أفكاره، فاكتفى بهز رأسه نفيًا، فواصلت: 



+




ربنا يرزقك الزوجة الصالحة. إنت انسان مميز ومليان صفات حلوة.. وأكيد تستحق زوجة تسعدك! 



+




" بس المهم تكون زيك يا زمزم"



+




رمقته بحذر ممزوج بدهشتها.. فأسرع بتوضح مازح يزيل أثر جملته العفوية: 



+




_ أقصد تكون عندها وفاء زيك.. مش اموت من هنا وهي تروح تتجوز بسرعة..تستنى بعد موتي سنة على الأقل عشان مشاعري گ ميت! 



+




هتفت بانزعاج وضيق صادق: 


بعد الشر عليك يا ابن عمي.. ماتجيبش سيرة الموت تاني أرجوك.. أتمنى تعيش عمر طويل مع اللي هتحبها وتتجوزها وهتربوا ولادكم سوا.. أنا سمعت مرة ان المفروض نتمني افضل واحسن حاجة عشان ناخدها.. ماتفكرش في الموت تاني لو سمحت! 



+




ظل يطالعها بشفقة بعد أن لمس عقدتها من سيرة الموت بعد ما تعرضت له..وسمع همسها الحزين وهي تنظر لزاوية بعيدة: 


_اظاهر بنت عمك بقى عندها عقدة من سيرة الموت! 



+




هتف برفق نختلط بحنان فطري لشخصه: بنت عمي مؤمنة وقوية ومافيش حاجة تعقدها ابدًا



+




وواصل بإطلاق وعده الصادق: 


أوعدك اني هدعي دايما بحاجات حلوة.. وهتمنى اني اعيش مع اللي احبها عمر طويل! 



+




وقدرًا وقعت عيناه على الصغير مهند وهو يهرول إليه ليقبع بين قدميه ببراءة، فأكمل جملته: 



+




واننا هنربي ولادنا سوا..! 


___________________________



+




عبر الهاتف: 



+




_صباح الخير ياعمي، أخباركم إيه طمني! 


عاصم: الحمد لله يا يزيد كلنا تمام! 



+




_ طيب أنا قلت اسيبكم كام يوم ترتبو أموركم ، بس حابب أعزمكم على العشا بكرة انت وطنط دُرة وبلقيس.. واهو فرصة بلقيس تغير الأجواء تماما.. وانا واثق هيعحبك المكان جدا..! هو قريب من بيتك على فكرة! 



+




عاصم: خلاص يا زيدو موافق، هبلغ مرات عمك وهننتظرك..! 



+




_ بأذن الله ..وصل سلامي لطنط وبلقيس! 



+




_ حاضر يوصل.. في رعاية الله يا ابني! 


____________________



+




في اليوم التالي! 



+




مال على أذن زوجته دُرة مغمغمًا: 


كويس إنك عرفتي تاخدي الجاكت من بلقيس، مكانش هيبقى مناسب ابدا تخرج بيه برة البيت! 



+





        


          



                


_ الحمد ياعاصم قدرت اقنعها إننا لازم نسيبه عشان ممكن يضيع مننا.. ووافقت، هي بقيت تستجيب ساعات لكلامي! 


_ ربنا كريم، عموما يلا عشان يزيد زمانه جه ياخدنا..! 



+




أتى يزيد وتبادل معهم التحية ثم أستدار ليأخذ مقعده الأمامي خلف عجلة القيادة، وانطلق بهم لوجتهم.. " كافيه ومطعم الصحبة الطيبة"


___________________



1




أنتقى يزيد طاولة في إحدى الزوايا البعيدة نوعًا ما عن ازدحام رواد المطعم كي لا تهابهم بلقيس التي توسطت والديها مستمدة منهما الأمان! 


وزعت دُرة أنظارها بانبهار حولها وهتفت: 


بصراحة عاجبني الديكور أوي، حاجة. مريحة للأعصاب بجد. ولا. إيه ياعاصم؟



2




ووافقها بإيماءة: عندك حق.. رائع.. ثم وجه حديثه لابنته وهو يربت على كفها بحنان: حبيبة بابا أكيد مبسوطة هي كمان! 


ابتسم يزيد وقال: الحمد لله إن ذوقي عجبكم، ولسه أما تدوقي الأصناف المميزة اللي ابتكرها صاحب المطعم وبقي متميز بيها جدا..! 



+




بعد دقائق اضطر يزيد للابتعاد قليلا للرد على مكالمة هامة من إحدى عملاءه، أما عاصم فتصادف معه نفس المكالمة الهامة التي تخص عمله، فتركوا دُرة وبلقيس منتظرين قدوم الطعام! 



+




لحظات وأتى شاب حاملا أطباق متعددة وراح يضعها بشكل مرتب حيث مكان كل فرد، وأثناء عمله السريع، وقعت عيناه علي وجه بلقيس التي بدت أمامه قمة الفتنة والجمال، ودون وعيه راح يتأملها بنظرات نهمة، بالوقت التي التهت دُرة بالبحث عن هاتفها داخل الحقيبة فلم تلحظ نظرات الشاب المريبة لابنتها.. توترت بلقيس وانكمشت على نفسها أكثر، وللحظ السيء، دوى بذات اللحظة صوت سقوط مجموعة صحون زجاجية من شاب أخر عند طاولة مجاورة..لتكتمل خلفية الصورة الذهنية بخيالها مع أجواء مشابهة..لصوت تهشيم الزجاج الذي تقفز منه هاربة من بين أنياب خاطفيها.. نظراتهم النهمة قبلها والتي تشبه نظرات الشاب الذي رمقها منذ لحظات، كلها خوطر تكالبت عليها..فصرخت واضعة كفيها على أذنيها، مسدلة جفنيها بقوة عل خيالاتها تتلاشى ومخاوفها تهدأ..!



+




انتفضت دُرة فور صدوح صراخها وراحت تهدئها ظنا أن صوت سقوط الزحاج المهشم هو فقط ما افزعها، كما هرول يزيد وعاصم إليها.. ولكنها ظلت مقيدة بأغلال الذكرى المؤلمة وهي تطارد ذهنها وتتجسد وكأنها حقيقة بنفس التفاصيل وهي تصرخ مستغيثة.. تئن وجعًا ورَكلات أقدامهم الصلبة تأتيها من كل صوب تجلدها..وجسدها غارقًا بدمائه مكوم بحقيبة سيارة، وأصواتهم تصدح بلهاث.. يهمهمون بانتصار رخيص لنيلها..! 



+




وهنا أخترق قساوة الذكرى.. صوته! 


فاهتزت الصورة التي تُقيدها، وتوقف بحلقها الصراخ! واختفت من مرآة خيالها كل أثر لهم..! ولم يبقى إلا صوته وحده يطمئنها وكأنه ينقلها بطياته لعالم أخر! جدرانه الأمان.. سماءه الدفء.. هواءه عبق مميز احتل محيطها ونفذ لرئتيها ليرسخ بها حقيقة وجوده..! هل أتى منقذها وحاميها و"حِصنُها الغائب"؟



+





        


          



                


_ أيه اللي بيحصل هنا بالظبط.. الأنسة بتصرخ ليه؟



+




ارتجفت أهدابها وانفرجت جفناها لتستقبل تقاسيم وجهه وهو يهدر بكلماته الحادة الشاب والأخير يدافع بلعثمة والخوف وهيبة من يحدثه تطغى عليه بقوة: 



+




_ والله يا استاذ ظافر ما عملت حاجة للأنسة! 



1




فواصل بذات الحزم والحدة: 


_طب اتفضل على شغلك يا علاء وحسابك بعدين ! 



+




ثم التفت يطالع الجميع بقلق:


أسف يا بشمهندس لو اللي حصل ازعجكم.. هي حاجة مش مقصودة أكيد! 



+




وبتلقائية حادت عيناه لتلك المذعورة بينهم يبحث عن شيء أصابها واستدعى صراخها الذي زلزل سلام الجميع !..فضاقت حدقتاه معتصرًا ذهنه كي يتذكر أين رآى تلك الملامح الخائفة؟! لم تطيعه الذاكرة وهو يفتش عنها بعقله، وهو يؤگد لنفسه أنه حتمًا مر عليه هذا الوجه.. هو ليس مما ينسون الوجوه سريعًا..!



+




طال شروده وعيناه تجول على محياها دون إدراك، أما هي، نظراتها أختلفت مابين ذهول واستغاثة وشوق بآنٍ واحد! لا يعرف كيف استطاع قراءة حزمة مشاعرها المتقلبة بمقلتيها..وبينما هو عالقٍ على أطراف أهدابها يتأملها دون قصد.. باغتت وأذهلت الجميع وجعلت أحداقهم تتسع لأخرها وهي تهرول نحوه باندفاع لم يترك لعقله هو نفسه مجالًا للاستيعاب، مستقبلًا اندفاعها المرتقب وهي تدور متخطية أجساد الجميع لتصل حيث يقف، ملتهمة المسافة الفاصلة في غمضة عين، فأصابت بإندفاعها المباغت اتزان جسده، وتشبثت أناملها بظهر قميصه، محتمية به گ درع تستجدي حمايته من خطرٍ لا يراه سواها..! فاهتزت أوصاله للمستها المستجدية وأكتسى وجهه ذهولًا من فعلتها التي لم يفهمها..وعيون المحيطين تحدجهم بفضول، وهي تكاد تحتضن ظهره وكفاها ترتجف بخوف استشعره وتأثر به! وأسنانها تصطك ببعضهما، وشفتيها التي صامت عن الكلمات أشهرٍ طوال، تهمس له همسة لم تصل لسواه من الحاضرين! 


..................... 



1




بينما أبويها مآخوذان بما تراءى لهما لفعل بلقيس العجيب، انتزع يزيد نفسه سريعًا من سطوة الدهشة، وجذبها بقسوة بعد أن تلمس تشبثها المستميت به گ طفلة عنيدة، وظافر كما هو متصلب لا يقوى على الحراك.. ولا يستطع إثناء يزيد عن قسوته التي تلمسها وهو ينزع الفتاة بعيدًا بعنوة حاملًا جسدها الهزيل گ العصفور الثائر، مغادرًا المكان بأكمله.. تحت أنظار عاصم الذي تحرر أخيرًا من اصفاد دهشته وتمتم ببعض عبارات الأسف مبررًا لظافر مرض ابنته النفسي وأنها غير واعية لما تفعل ولا تعرفه من الأساس، أما دُرة فلحقت بيزيد وأقحمت ابنتها داخل السيارة بعد أن قاومت بعناد باكي دخولها وعيناها متعلقة "بغائبها العائد".. فأوصد يزيد بابها المجاور بعد أن رفع حواجز الزجاج حتى يحجم صخب صراخها، ثم عاد لظافر معتذرا بشيء من الخشونة حيرت الأخير وكأنه يحمله ذنب شيء لا يعرفه..! واصطحب العم خارج محيطه مبتعدًا به، فتبعهم ظافر سريعًا وراقب ابتعادهم وعيناه مثبتة على تلك التي مازالت في حيز بصره باسطة كفيها على زجاج النافذة المسدل ونظرة عيناها ترسل له طلاسم معقدة بدموع صامتة.. لم تكن نظرة بقدر ما كانت استغاثة أثارت كل خلاياه حين استشعر استجدائها له! وتردد صدى همستها بعقله وهي تختبيء خلف ظهره مثيرة داخله حمية رجولية اشتعلت بلمستها التي ارجفته مثلها، ليومض بذهنه ذاك الحلم الغريب بفتاة غامضة الهيئة تلفظ نفس استغاثتها من مكان ما..!



+





        


          



                


رفع كفه ومسد به على جانب وجه ليهديء تلك البعثرة التي أصابته..فلمح أسوارة قميصه ممزقة ومنزوع أحدى أزرارها البيضاء! فأعاد عليه عقله لحظة تشبثها بذراعه وابن العم يجذبها عنوة.. فدنى بأنفه واستنشق اسوارته فوجد عبق يشبه عبقه هو.. يخصه دون غيره.. وهو ما اعتاد نثر عطره إلا على صدره! كيف وصل وفاح بتلك الغزارة من معصمه؟! هل تضع الفتاة عطر لا يناسب طبيعتها گ أنثى؟ والأغرب انه نفس عطره المعتاد؟! 



+




ظل يراقب رحيلها لأخر بؤرة استطاع نظره الوصول إليها حتى اختفت تماماً..لكن لم تختفي حروف اسمها التي ترددت بين جنبات عقله !



+




_ بلقيس! 



3




__________________________



+




حمم من نار استعرت بقلبه گ بركان يتأجج داخله بعد أن شاهد احتمائها الغريب بذاك الرجل! من أين. تعرفه؟ ولما هو تحديدًا من تلمست منه الآمان! فلا يفسر بفعلتها تلك سوى انها اعتبرته جدار آمن توارت خلفه واستجدت حمايته هو وحده" لما ليس هو؟ أليس أقرب وكان أولى لها أن تستغيث به دون غيره؟ 



+




_ الحمد لله نامت! 



+




هكذا تمتم عاصم وهو يجلس جواره على إحدى الأرائك بتهالك محررا أذرار قميصه العلوية مستطردا: 



+




_ أنا مش قادر افهم حاجة، ليه بلقيس اتصرفت كده، ماشي فهمت إن تكسير الزجاج حواليها خوفها، بس ليه تجري على الراجل وتحرجنا معاه، انا ماكنتش عارف ابررله اللي حصل ازاي ، بس قولتله ان اعصابها تعبانة شوية ومش واعية لتصرفها..! ( ظل يزيد على صمته الشارد فناداه عاصم) يزيد؟ انت مش معايا ولا إيه؟ 



+




تنحنح بحرج: لا معاك يا عمي بس بفكر بكلامك، انا كمان محتار! 



+




تنهد الأخير: أنا مش عارف لحد امتي هتفضل في حالتها دي.. نفسيتي تعبانة أوي يا يزيد مبقيتش قادر اتحمل اسوفها كده، انا خايف يجرالي حاجة واسيب بنتي كده هشة ضعيفة تايهة في الدنيا.. بدعي ربنا مايخدش أمانته إلا اما يطمني عليها واشوفها بقيت بخير .! 



+




نغزه قلبه لحديث عمه اليأس فمال بكتفيه وأمسك كفه وأردف برفق: ضاقت ولما استحكمت حلقاتها فُرجت وكنت أظنها لا تفرجُ!..منحه العم نظرة مفعمة بالحزن وعيناه مترقرقة رغما عنه! فواصل يزيد: ربنا يبارك في عمرك ياعمي وتعيش وتشوف بلقيس بخير وسعيد ومتهنية وناجحة في حياتها.. فين صبرك وإيمانك بالله.. مش دايما تقولي إن مافيش حاجة بتحصل لينا غير لغرض وحكمة؟ واننا كل ما صبرنا.. كل ما ربنا جازانا على صبرنا بفرحة تبكينا.. ليه تيأس بسرعة؟ وواصل: 



+




وبعدين ليه بتنسى وجودي انا والباقيين، بلقيس حواليها الكل أوعى ياعمي تخاف عليها من الزمن والوحدة..انا موجود..وكلنا حمايتها وأمانها بعد ربنا.. وانت مش أب لبلقيس وبس.. انت أب لينا كلنا وعارف احنا بنعتبرك إيه ومش محتاح افكرك.. احنا عزوتك في الدنيا.. أوعى تنسى ده وتفتكر انك وحيد ابدًا..! 



+





        


          



                


أطرق العم رأسه ليواري عبراته ومشاعره التي فاضت ممتنة لرزقه بابن شقيق گ يزيد!.. هو محق.. لا يجب أن يشغل عقله فافتراضات مليئة بالتشاؤم.. دائما هناك طاقة نور نستمدها من توكلنا التام على الخالق.. ثم بمن منحنا إياهم نبراثًا يضيئوا لنا عتمة الصعاب والابتلاءات بالحياة التي لا تَعد سوى أختبار صبرٍ.. يعد نفسه وعدًا ألا يرسَبُ فيه مهما طال الوقت! 


______________________



+




أثناء مروره في طريق المغادرة، لمح المعطف الذي ترتديه بلقيس دائمًا وهو مغلف بغطاء شفاف، وعلى ما يبدو ان الخادمة تنوي توصيله لغرفها، فأوقفها قائلا: 



+




لحظة.. هتودي الجاكت ده فين؟


أجابت الخادمة: انا استلمته من التنضيف وهطلعه غرفة ست بلقيس! 


_ طب هاتيه وروحي انتي انا هوديه! 



+




ثم تنحى بإحدي الزوايا الهادئة وراح يتفحصه ربما أثمر فحصه عن أي شيء "يشي" بصاحبه! وبعد ثواني من تفقده لاحظ وجود "جيب" صغير مختفي داخل مثيله بحجم أكبر.. عليه قطعة صلبة ملتصقة بخطوط من طرفيها ومثبتة بالجيب، وكانت عبارة عن حروف ما أن قراءها حتى جحظت مقلتيه وهو يردد الحروف المنقوشة بالمعدن الذهبي! 



+




ظافر..؟! 


__________________________



+




جالسة بفراشها تنظر لكفها المضموم، محتجزة بقوة شيئًا أقتنصته حين تشبثتب بذراعه ويزيد يجذبها رغمًا عنها..فعلقت بأناملها إحدى أزراره..بسطت كفها ببطء لتشاهد ما اغتنمته بتساؤل..هل تحلم أنها قابلته؟ لكن كيف وجزءًا من قميصه فوق كفها الآن.. هل استجاب أخيرا منقذها لندائها الخفي من قبو روحها البعيد؟! هل اخترق حدود الحلم لترسوا قدماه على أرض واقعها گ فارس الحكايات القديمة متمثلًا بذاك الشخص الذي رآته أمس؟ وهل ستراه مرة أخرى؟!



+




_ بلقيس.. إنتي صحيتي يا حبببتي! 



+




لم تجيب والدتها التي دلفت إليها لتوها، فواصلت دُرة دون انتظار إجابة: 


يلا ياحبيبتي قومي عشان نفطر وتاخدي علاجك! 



+




هزت رأسها بإيماءة وهي تنظر لوالدتها التي لم تنتبه بعد لفعلتها المستحدثة..وعادت تسألها دون أن تنتظر أي رد فعل، فقط تحدثها كما أخبرها الطبيب: إيه رأيك ياقلب ماما نروح النادي اللي بابا اخدنا فيه الأسبوع اللي فات؟! هتصل بيه يبعت السواق يودينا..! 



+




والتفتت بالفعل لتهاتف زوجها، لكن تصلب جسدها بغتة وانتفضت عروقها وجحظت عيناها التي كذبت ما رآت! وهي تستدير بعنف كاد يؤذي عنقها محدقة بابنتها التي هزت رأسها مبتسمة تطالع عيناها..! 



+




اقتربت لها مآخوذة بما تراه وكررت سؤالها على ابنتها وهي تترقبها بتركيز شديد: 



+




_ تحبي تروحي النادي يا بلقيس؟ 



+




هزت الأخيرة رأسها بقوة أكبر مع ابتسامة حانية وهي تطالع دُرة، ولم يعد الجمود يسكن عيناها.. بل أشرقت شمس الحياة بمقلتيها المغموسة بلون العسل



+




فكاد قلب دُرة أن يتوقف وهي تتلفقها بين ذراعيها لتتوسد صدرها لتسمع نبضها الصاخب.. والكلمات الجياشة تختلط بالعبرات: 



+




أخيرا يانور عيني.. أخيرا استجابتي ورجع الحياة بابتسامتك الحلوة.. أخيرا هترجعي لأمك تاني..! 


ثم. رفعت وجه صغيرتها وحاوطته براحتيها متمتمة بمشاعر متهدجة: وحشتيني يابنتي.. وحشني صوتك.. وحشني ضحكتك.. اتكلمي عشان خاطري.. خلي الروح تدب فيا تاني! 



+




لم تستجيب بلقيس للحديث، لكن يظل رد فعلها نتيجة أثلجت صدر والدتها وأنبتت براعم الأمل بشفاء قريب.. وهرولت تحدث زوجها لتخبره بما حدث، فركض إليها وما أن رآها حتى غمرها بأحضانه الدافئة وهو يبكي..!



+




وكأنها لم تشعر به إلا الآن.. كم أشتاقت "حصن" أبيها الآمن الدافيء..هو أيضًا حصنها الحاني! وگرد فعل أخر زاد دهشتهم وسعادتهم معًا..رفعت بلقيس يدها بتردد لتحيط خصر والدها الذي يحتجزها على صدره.. وما أن شعر بيدها تحوطه، حتى تصلب جسده ووقفت أنفاسه وهو ينقل بصره بين وجه ابنته وبين ذراعها التي تعانقه.. فنظر لزوجته الباكية فرحًا.. وهلل بصوت مختنق من العبرات: 



+




_ شوفتي يا دُرة بلقيس عملت إيه؟! بلقيس حضنتني، بنتي حست بيا.. حضنت أبوها..بنتي رجعتلي يادُرة! وظلا يبكيان وهما يغمراها بالقبلات الممتزجة بدموعهما.. متنقلة بين أحضانهما، وگأنهم يستقبلوها لأول مرة في عالمهم.. گأنها ما ولدت من رحم والدتها إلا الآن! 



+




أما هي فلم تخمدُ لهفة أبويها ومشاعرهم الدافئة بين أحضانهما تساؤلها الخائف! 



+




هل سترى منقذها مرة أخرى؟


_____________________


                                    


الفصل السادس عشر! 


-----------------


لم يترك أحدا من عائلته إلا وهاتفه وحدثه بمشاعر جياشة أن ابنته بدأت تستجيب لهما.. ولم تقل سعادة


شقيقاه أدهم ومحمد وأبنائهما بما علموا.. الجميع كثف دعواته بفرجٍ قريب، حينما تعود لها عافيتها كاملة، فكم اشتاقوها.. ويتمنون عودتها إليهم! 



+




أما يزيد.. فكان رد فعله أكثر تشتتًا وعقلة يربط استجابة بلقيس بعد ماحدث في المطعم.. بتلك الطفرة لحالتها الآن؟!.. هل لظافر علاقة بالأمر؟ وهل هو نفسه من وجد أسمه بالمعطف؟ كيف التقيا أذًا وهو هنا وهي هناك.. معقول هو من أنقذ ابنة العم؟! كيف له أن يتحقق من صحة ظنونه.. لا يجوز سؤاله مباشرًا.. يجب ان يحتاط فربما يكون الإسم مجرد مصادفة لا أكثر وليس لظافر علاقة بها! 



+




طرأ بعقله فكرةٍ تساعده بكشف اللثام عن الحقيقة! وإما أن يُنفي هذا الأمر.. أو يُؤكد. وبعدها سيعلم خطوته القادمة! 


___________________



+




في عيادة الطبيب! 



+




تسائل باهتمام واضح: 


_ احكي بالظبط حصل إيه يوم ما روحتوا المطعم ياسيد عاصم.. عشان افهم السبب اللي خلاها تتصرف كده وتستجيب ليكم وتخرج من عزلتها..! 



+




_ هو فجأة وقع شوية اطباق واتكسرت فبلقيس خافت من الصوت وانكمشت زي عوايدها وفضلت تصرخ.. بس فجأة سكتت! 


الطبيب: إيه سكتها؟! ركز معايا في التفاصيل لأنها هتفرق جدا في أسلوب علاجها..! 



+




شرد عاصم وهو يعيد الموقف بمخيلته وقال بتردد: 


_ أنا مش عارف دي ملحوظة مهمة وليها علاقة أو لأ.. بس اللي لاحظته أنها أول ماجه صاحب المطعم وزعق في الشاب اللي وقع الأطباق واتسبب في الصخب اللي حصل، لقيت بلقيس سكتت فجأة وبعدين فتحت عينها وهي بتبصله أوي كأنها عارفاه يا دكتور.. واللي ادهشني تصرفها بعدها اما جريت ناحيته واستخبت وراه هو بالذات! لدرجة اني حسيت بحرج كبير منه ومابقيتش عارف اقول إيه



+




وزي ما قلت لحضرتك دي أول مرة تروح المطعم ده او تشوف الشخص ده.. كان المفروض لو خافت تستخبى فيا أنا أو حتى في ابن عمها.. لكن استاذ ظافر؟! انا فعلا مستغرب ومش فاهم حاجة! 



+




الطبيب وهو يحلل ما يتفوه به عاصم بتركيز جم: 


طب وصاحب المطعم ده كان رد فعله ايه؟ ويعرفها مثلا؟ يعني قالك انه شافها قبل كده؟



+




_ الحقيقة يادكتور كان مستغرب اكتر مننا.. وحسيته اتحرج من تصرف بنتي.. وهو كمان مافهمش حصل ليه! وأكيد مايعرفهاش.. حضرتك بنتي طول عمرها عايشة في المنصورة.. وهو في القاهرة..هيقابلها فين؟



+




هز رأسه بملامح شاردة، ثم قال: 


في حاجة غلط وغامضة في اللي حكيته.. وفي رابط ما بين ظافر وتحسن بلقيس.. بس على كلامك هما ما اتقابلوش.. لكن ده اللي احنا عارفينه..بس هل ده كل اللي الحقيقة ولا في خبايا نجهلها ؟! 



+




عقد حاجبيه بحيرة: 


بتلمح لأيه حضرتك.. أنا بنتي عمرها ما راحت مكان معرفوش ولا قابلت حد من ورايا.. هتعرفوا منين؟ حتى الحادث حصلها في المنصورة.. وظافر ده من القاهرة وعايش فيها..! 



+





                


الطبيب: طيب أنا عايز اقابل ظافر! ممكن تطلب منه يزورني في العيادة أو اي مكان تاني! 


عاصم: أيوة يا دكتور اقوله إيه يعني.. انا مش حابب اكلم حد غريب في أمور خاصة ببنتي.. وانا شايفها مجرد صدفة وهي ماتعرفوش! 



+




صمت برهة أخرى وقال: طيب عندي اقتراح.. إيه رأيك تروح بيها المطعم ده تاني؟



+




عاصم وقد وصله غرض الطبيب: عشان نختبر رد فعلها تاني هناك؟


_ بالظبط.. وقتها هنعرف.. هل صاحب المطعم تحديدا هو سبب تحسن بلقيس.. أو هننفي الأفتراض ده تماما..! 


____________________



+




يزيد: يعني الدكتور بتاع بلقيس طلب تروح بيها المطعم تاني؟! 


_أيوة يا ابني، بعد ماحكيتله كل شيء قال احتمال يكون لصاحب المطعم علاقة، ورغم اني نفيت انهم يكونوا اتقابلوا.. قال لازم نتأكد! وواصل: 


إنت إيه رأيك في الكلام ده يا يزيد؟



+




تمتم بنظرة غامضة: مش غلط اننا نتأكد ونفهم.. وانا هروح معاك لو مش ممانع ياعمي! 


_ همانع ليه ياحبيبي انا بس مش حابب اعطلك عن شغلك! 



+




_ مافيش حاجة عندي اهم من الموضوع ده! 



+




أومأ العم برأسه والأفكار تتقاذفه وسؤال يجول بخاطره منذ ان تتحدث مع طبيب ابنته.. هل رآت بلقيس ظافر قبلًا؟؟؟؟؟


_____________________



+




العبق..آنة الخوف بصوتها المستغيث.. ارتجافة أناملها وهي تتوسد ظهر قميصه..ورجفته هو عند احتمائها الذي أثار داخله الكثير من المشاعر.. وأحلامه بأخرى ذكرته هي بها ولا سببًا لذلك.. ! 



+




جميعا طلاسم أجتمعت بعقله لتسلب سلامه وتُحرم عليه لذة النوم طيلة ليلته الفائتة! ما هو سبب حالتها وتشبثها به دون غيره وگأنها تعرفه! رغم أنها لم تراه حين لمحها في المنصورة أثناء تريضه العابر قربها..! 



+




أمسك هاتفه وراح يطالع تلك الفتاة الشاردة بزاوية الصورة التي التقطها قدرًا وتعجب تلك المصادفة ولم يفهمها..! أخترق أجواءه رنين الهاتف، فوجدها والدته گعادتها تهاتفه بهذا التوقيت لتطمئن عليه! 



+




_ عليكم السلام يا ست الكل، أخبارك إيه وأخبار أيلي، أحسن دلوقت؟


جائه صوتها الحاني: بخير ياحبيبي الحمد لله اتحسنت عن الأول! وواصلت: حبيت اعرفك إن عمك ومراته وبنته جايين الليلة يطمنوا على "إيلاف" بعد عملية الزايدة، وأنا طبعا هصمم يتعشوا معانا، ابقي تعالى بدري شوية! ما يصحش تكون مش موجود! 



+




هتف بطاعة: حاضر يا أمي.. أنا هتصل بعمي ارحب بزيارته، وهكون عندك بدري! 


_ تيجي بالسلامة، سلم على عامر"


_ الله يسلمك، من عنية! 


_ اسيبك في رعاية الله! 


_وانتي كمان ياحبيبتي!



+




أغلق معها وعاد لغز الفتاة يحتل ذهنه من جديد!أستنتاجاته تميل لشيء لن يفصح عنه الآن، فليترك الأيام القادمة تجيبه عن تساؤلاته، مادام اقدرهما رتبت تلك المصادفات الغريبة، ربما مازال في جعبتها الكثير والكثير.. وهو سينتظر ما ستجود عليه الأقدار! 



+





        



          



                


_ في زبون عايز يكلم حضرتك يا ظافر بيه! 



+




استدار لإحدى العاملين: ليه؟ في مشكلة حصلت؟


العامل: معرفش، هو شاف الفاتورة ولقيته بيقولي فين صاحب المطاعم! 



+




هتف بإيماءة: تمام، أنا جاي! 


__________________ 



+




_ حضرتك صاحب المطعم؟!


_ أيوة.. تحت أمرك! 



+




ابتسم الرجل أشيب الرأس وتمتم: 


أولا حبيت أشكرك وابدي إعجاب شديد بأصناف الأكل والنظافة والأهتمام الواضح هنا.. حقيقي شيء يشرف.. وتاني حاجة لقيت في الفاتورة ملحوظة إن



+




أسرع ظافر بمقاطعته: دي أختياري حضرتك، لو مش حابب عادي براحتك! 


ابتسم ببشاشة مرة أخرى وقال: مين قال مش عايز يا ابني، ماتتصورش ازاي فخور بالفكرة، وإنك گ صاحب مشروع تفكر في المحتاجين وتعطي فرصة لزباينك يشاركه في الثواب..!


تمتم ظافر: بس الكلام ده يستحقه كمان عامر صاحبي وشريكي، كل حاجة بنقررها سوا..! 


العجوز بإعجاب: ما شاء الله ربنا يريدكم يا ابني، عموما أنا مش هكتفي بالمبلغ الزهيد اللي انت كاتبه كمساهمة من الزباين لوجبات إضافية تتقدم للي مايقدروش على الفاتورة! لأ! 


ثم أخرج من جيبه رزمة من النقود وقال: 


دي حاجة بسيطة لأن للأسف مش معايا دفتر شيكاتي، لكن هاجي مرة تانية وهساهم معاك في مبلغ كويس لأن الحمد لله مرتاح ماديا.. وهكون مبسوط جدا لو ساعدتني في توصيل المبلغ ده لأصحاب الحاجة! 



+




ظافر بسعادة: حقيقي بشكرك على المساعدة، وثقتك فيا إنك تستأمني على فلوسك دي مسؤلية كبيرة! 



+




_ وأنت قدها.. صحيح أنا معرفكش.. بس الشاب اللي يمارس عمله بضمير ويكون أمين على صحة الناس، وكمان يشركهم في ثواب زي ده، لازم أثق فيه.. بكرة هاجي وربنا يجعلنا فاعلين خير يا ابني، ده اللي هناخده من الدنيا، وخصوصا واحد زيي على مشارف الموت! 


انفبض قلبه لذكر الأخير للموت فهتف بصدق: 


ربنا يبارك في عمر حضرتك ويديم عليك الصحة! 



+




منحه العجوز ابتسامة بدت حزينة: الصحة راحت والعمر كمان رايح، الحمد لله على كل حال! 



+




وجد نفسه يسأله دون تفكير: حضرتك عندك ولاد؟



+




عصفت حدقتي العجوز الذابلة المحاطة بتجاعيد كثيرة بحزن واضح وأردف: عندي وكانوا بيسألو ويزروني كل اسبوع مرتين بعد ما مراتي ماتت من سنتين، بس خدتهم الدنيا بعد كده وبقوا يسئلوا عني كل اما يفتكروني، شهر ولا أكتر..! واسترسل وكأنه يروي عطشه للحديث مع أحدهم: تعرف يا ابني، أنا كان عمري ما اكل في مطاعم ابدا، كنت واخد على أكل مراتي ومحبش غيره، ومتأخذنيش، كنت بقرف من أكل برة..بس اما بقيت خلاص أكل كل يوم لوحدي، قلت اجرب اجي هنا.. وكنت محظوظ بالتجربة، عشان كده لما لقيت مستوى النضافة هنا والإهتمام شامل كل حاجة والأكل باين انه حاجة معمولة بضمير مرضيتش امشي إلا أما اشكرك..!


وتنهد وهو يتمتم: معلش صدعتك وعطلتك عن شغلك بكلامي، عموما انا ماشي وأكيد هاجي تاني! 



+





        


          



                


شعر بالضيق لأجله وتمتم بحرج: أولا انا اللي محظوظ بكلام حضرتك معايا وبمساعدتك المادية، وثانيا ممكن اطلب حاجة لو مش يضايقك؟! 


_اتفضل يا ابني!


( عايز رقمك) فابتسم العجوز لطلب ظافر وقال: بالعكس ده يشرفني تاخد رقمي اتفضل.. وتبادلا الأرقام سويًا وسجله ظافر بأسم" العم أكرم" و استأذنه بالاطمئنان عليه كل حين! فتبعه بشفقة لوحدته رغم اقامة أبنائه بنفس المدينة.. وشعر بالأسف لأجلهم.. فلن يعوضا هذا الأب بعد يرحل عن عالمهما.. وسيقتلهما الندم حين يدركوا كم أهملوه..!


____________________



+




ليلتهما الأولى! 



+




لم تكن البداية. گ عهد كل عروسين.. الرجل متلهف يترقب أول لحظات الخلوة، والعروس خجول تفرك أصابعها بتوتر منتظرة بادرته الأولى.. مع رائد ورودي أختلفت طبيعة الأشياء وهي تجتاح برودته بلهيب عشقها وتخترق حصونه بسهام أنوثتها التي أبرزتها بشراسة وهي ترتدي قميص أحمر ناري گ لونه بخيوط متشابكة عجز عن ستر شيئًا من جسدها، وكلما اقتربت كلما ازدادت وتيرة أنفاسه صخبًا ورجولته تآن لنيلها.. تحولت رودي لفتاة ليل له وحده وهي تستعرض كل أسلحتها أمامه..هي زوجته ووالدته وصديقته وغانيته.. ستغدو له بكل ألوان الأنوثة حتى لا يشتهي غيرها وهي تعلم كيف كانت حياته العابسه في الماضي القريب..! 


_ تعرف إني طول عمري كنت بحلم اكون معاك؟.. ليك لوحدك.. كل مشاعري ليك أنت لوحدك..!



+




استقبل همسها وهي تعانقه بدفء سرى في عروقه وهي تداعب خصلاته.. وعادت تهمس: 



+




عارفة انك يمكن مش حاسس بيا.. ولا بتحبني يا رائد.. لكن انا مش هستسلم "لحصنك المنيع" اللي انت بانيه لنفسك وحابس روحك فيه..هخليك انت اللي تفتحلي أبوابه بأيدك! 



+




تجرع ريقة وإثارته تزداد وفضوله يعلوا لمراقبتها وهي تتمادا لتذيب جموده وتصهر روحه ليشعر انه ما عادت تحملهما أرضًا أو تظللهما سماء.. وكأنهما أضحوا طائران محلقان في فضاء شاسع لا يحوي سواهم! 



+




ألتحما بلقاء عاصف مابين عشقها الجارف له واحتياجه القاسي گ رجل فقد هويته لكن لم يفقد طبيعته الماجنة وهو ينغمس معها بلذة ليلتهما الأولى لينتهي الأمر وكلًا منهما غرق بسلطان نوم احتواهما معًا لينتهي لقاءهم الأول بين زوجة تعرف كيف تملك زوجها.. ورجل يعلم كيف يقضي لحظاته الخاصة..!


___________________



+




أيهم: أنا مبسوط أوي يا أمي انك وافقتي تيجي تقضي معايا فترة أنا والولاد، ماتتصوريش كمان مراتي فرحانة ازاي بوجودك! 



+




تبسمت والدته بحنان: وانا كمان ياحبيبي مرتاحة وسطيكم، أهو. اشبع منكم شوية وبعدين اروح اعمل عمرة وارجع لأخوك رائد.. يكون أخد راحته مع مراته في أول جوزهم بدون عزول زيي! 



+




_ خير ما عملتي يا أمي.. وكده قسمة العدل تبقي مع كل واحد فينا شوية، يعني انا مش هسيبك لرائد، لازم توعديني بزيارة تاني! 



+





        


          



                


غامت عيناها بغموض: إذا كان في عمر يا ابني! 



+




لم ينتبه لنبرتها الحزينة وهو يقطع لها بعض الفواكهة: ربنا يحفظك ويطول عمرك ياحبيبتي، يلا كلي طبق الفاكهة ده وانا هسيبك مع الولاد وهرجع بعد شغلي! 



+




تمتمت ببعض الدعوات وهي تودعه برضا.. ثم انتقلت أفكارها لرائد وكيف حاله هو وعروسه! تُرى هل استطاعت رودي كسب وده وترويضه؟!


____________________



+




منذ زواجهما ورودي تغرقه بعاصفة مشاعرها التي ادخرتها له.. لم تخجل بكونها هي من تعبر دائمًا عن مكنونها حتى وإن لم يكسر جدار عزلته معها، بل تفرض وجودها وتحاصره بكل الطرق حتى يعتادها.. تزرع بكل لحظة لهما ذكرى لتُثري أيامهما بأكبر قدر من الذكرايات، وتدرك يقينًا أنها ستذيب جليده وتصهره بقطرات عشقها وتصل علاقتهما لعمق لن تؤثر به تقلبات الأيام فيما بعد.. هذا يقينها..!



+




الآن حان موعد استيقاظه، فلتعد له افطار مميز وشهي وترتدي شيئًا يليق بعروس تسعى لإسعاد زوجها وتوقظه بطريقتها وتعلم ان أفعالها تروقه گ رجل لم تُطمس طبيعته الشرهة حتى وإن كان معها شحيح الكلمات! 


............ 


عبرت غرفته حاملة صينية كبيرة تحوي أطباق الطعام ووصعتها جانبًا، ثم صعدت جواره وراحت تمرر أناملها بنعومة على وجه، فبدأ بإفاقته وهو يرمش عدة مرات مستقبلًا وجها المضيء هاتفًا بنعاس مازال يتملكه: صباح الخير! 


لثمت خده وهي تتمتم: صباح العسل ياحبيبي! 


يلا حضرتلك فطار جميل قوم نفطر سوا..! 



+




نهض بنصف جلسة ثم مسح على وجهه يزيل أثر نومه: مش جعان دلوقت يا رودي! 



+




أمسكت كفه وجذبته بمشاكسة محببة: 


بطل كسل نمت كتير أوي.. قوم خد حمام وتعالى نفطر وبعدين نخرج نتفسح.. عازماك على مكان جميل هتحبه! 


لم يكن متجاوبًا مع حماسها فهتف بهدوء: 


رودي مش لازم كل يوم خروج، خلينا في البيت انهاردة.. انا حاسس اني تعبان! 



+




هتفت بإلحاح: ياحبيبي ده كسل مش تعب.. أنا عاملالك برنامج حلو اوي هيبسطك.. هنزور مكان جميل جدا وهنتغدا وبعدين هنروح سينما ونتعشى واخر اليوم نرجع البيت ننام.. وقتها بقي انا كمان هكون تعبانة وهننام سوا..! 



+




أدرك استماتتها بإسعاده، وصبرها لتحملها موده الكئيب اغلب الوقت..أصبح داخله يمتن لها.. وربما تولد بقلبه شيء أكبر من الأمتنان تجاهها! هز رأسه بإيماءة موافقة راضخًا بأخر الأمر لها، ونهض يشاركها يومها المرح الذي اعددته لأجله! 



+




_ خلاص ياستي سيبيني اخد حمام يفوقني ونبتدي البرنامج بتاعك! 


صفقت مثل الأطفال مهللة: أيوة كده ياحبيبي.. بسرعة بقي مش عايزين نضيع دقيقة! 


............ ..



+




لم تبالغ حين اخبرته بتنظيمها هذه النزهة الرائعة


، والتي تركت به أثر شديد الدفء والبهجة وهو يراقب ضحكاتها وحماسها وسعادتها الجلية معه..تلك الفتاة تعشقه حقًا منذ زمن..! وتريد أن تبني معه تاريخ جديد بمذاق مختلف كما وعدته قبلًا..فصارت تلتقط الصور ومقاطع الفيديوهات القصيرة وكأنها توثق لحظاتهما الجميلة لتدفن داخله أثار أخرى تؤرقه.. گ كوابيسه التي حتمًا تصلها بآناته حين تزور نومه وهو بين ذراعيها.. يشعر بها كل ليلة تمسح حبات عرقه وتهدهده گ أمه.. وتغني له بنبرة هامسة. فيغفو بسلام! 



+





        


          



                


استطاعت إذابة تلك القشرة الصلبة من جموده.. أصبح يتجاوب معها ويضحك متناسي كل شيء..ولم يعد يريد إحزانها..بل يود لو يجعلها سعيدة ويعطيها مشاعر كما تجود عليه بما لديها بسخاء..! 



+




ماذا لو بدأ صفحة جديدة بحروف أكثر دفئًا وثراء وعلاقة يستمد منها قوة يحتاجها وهو بهذا الضعف؟! صدق أخيه حين أخبره أن العمر سيمضي، والأفضل أن يحيا أيامه مهما كانت وهو سعيد..أحيانًا تكون سعادتنا قرار.. نحن من نتخذه ونعمل علي تنفيذه! وسيتخذه لأجلها.. سينسى ما لم يتذكره إلى أن يأتيه طواعيةٍ عل أنفاسه اللاهثة تهدأ داخل صدره.. وإن زارته الكوابيس.. سيختبيء بين ذراعيها وينهل من حنانها ليففو گ طفل بين أحضانها..! 



+




أكملا نزهتهما ثم توقفت عيناه بغتة على شيئًا جذب انتباهه فاقترب ليتبينه وهي جواره تضوي مقلتاها من شدة سعادتها..! 


____________________



+




_أنت هتنام من دلوقت يا رائد؟



+




تأمل هيئتها الكارثية المستندة بقامتها على أعتاب باب غرفته تنظر له بإغراء وجسدها متألق بقميص نوم نبيذي أظهر مفاتنها بسخاء ما عاد بقادر علي مقاومته! 



+




فاقتربت هي لتعزز هجومها الأنثوي بالتصاقها جواره هاتفة برعشة لمسته بها: أنا بردانة أوي..ثم اشتعلت عيناها بحب وهي تهمس بأذنه: بس قلت لازم اجرب القميص اللي انت اشتريته..دي أول حاجة تجيبهالي على ذوقك يا رائد! 



+




_معرفش ليه لما شوفته حسيته اتعمل عشانك! 



+




همس لها وعيناه تلتهم تفاصيلها بجراءة وهو يُقرن همسه بلمسات خبيرة اصهرتها لينغمسا بمعركة عاطفية أخرى لا يتضح أيًا منهما كان أكثر قوة.. حنانها وعشقها؟ أم عطشه الفطري الذي يرويه من رحيق أنوثتها القاتلة..!



+




ألقى ظهره ليستريح وظلال النوم تثقل جفيه، فتنهدت وهي تتوسد برأسها صدره: مبسوط معايا يا رائد؟



+




داعب خصلات شعرها المتناثرة بعشوائية: عارفة شعوري إيه بالظبط؟


رفعت وجهها قليلا لتسأله وهي تشمل وجهه بنطرة هائمة: إيه يا حبيبي؟



+




_ حاسس إنك زي المخدر اللي بيقضي على كل أوجاعي.. بس مجرد ما مفعوله بيروح.. بيرجع ألمي تاني.. برجع تايه.. برجع اسأل أنا مين واحتار واتعذب.. انا كنت ازاي.. وأذيت مين! 


التفت إليها تلك المرة وهو يحدثها بهمهمة كأنه يحدث ذاته: 


جوايا إحساس قوي إني أذيت حد.. حد بيزوني في أحلامي بيخنقني.. كل مرة بفتكر اني مش هصحى وهموت من كتر مابحس بقرب الموت مني.. أنا بخاف انام يا رودي.. ثم اعتصرها بين ذراعيه كأنه يحتمي بها بعناقه القاسي: 


أوعي تسيبني نايم كتير.. انقذيني من عذابي ورجعيني تاني لجنتك.. مش عايز سحرك يروح.. عايز افضل متخدر بيكي عشان انسى نفسي.. دلوقت بس عايز انساها.. خلاص مش عايز افتكر حاجة.. كلام أخويا صح.. يمكن ربنا بيعطيني فرصة تانية وانا لازم استغلها..! 



+





        


          



                


اشتدت بضمه وهي ثلثم جبينه بأمومه غلبت عاطفتها تلك المرة وهي تحاول تهدئة ثورته التي استشعرتها بلمساته القاسية: أهدى يا حبيبي أوعدك مش هخليك تفتكر غير إنك في حضني.. أوعدك ابدل كوابيسك لأحلام حلوة.. مش هخليك. تفوق من جنتي ابدا..! 



+




صاحب همسها الأخير لمسات ناعمة رودت خوفه وأشعلت رغبته لينجرف معها بعاصفة أخرى أخمدت باقي قوتهما معًا ليستسلما لغفوة متعانقين!


______________________



+




كان يناقش بعض الأمور الإدارية مع صديقه " عامر"..وبغتة وقع بصره عليها تتوسط والدها وابن العم بنظرات تائهة مشتتة.. كأنها تبحث عن شيء ما.. تذكر دموعها المستغيثة به وهي تطالعه من خلف زجاج النافذة.. لا يعرف لما شعر أنها تناجيه هو دون غيره.. كما لا يفهم لما ربط عقله بينها وبين الفتاة التي تزوره بأحلامه وتستغيث بصوتها دائما..لم يحيره شخص في كل حياته سوى تلك الفاتنة الصامتة الخائفة..!



1




هم لاستقبالهم ثم توقف فجأة وتراجع! شيء من التوتر اعتراه وجعله يعدل عن فكرة ترحيبه بهم! 



+




_ إيه ياظافر واقف كده ليه؟



+




نظر لصديقه وغمغم: 


ابدا ياعامر.. كنت هروح ارحب باستاذ عاصم وبشمهندس يزيد.. بس افتكرت ان عندي حاجة اعملها.. عموما انا هغيب شوية وارجع عشان لو حد سأل عليا..! 


_ خلاص تمام.. وانا هبص كده على المطبخ واشوف الشيفات، عايز اقولهم كام ملحوظة تخص قايمة الأصناف الجديدة! 


_ ماشي.. سلام! 


_____________________



1




أصبحت تعلم بوجوده.. هو هنا.. تشم عبقه.. تترقب وجوه جميع الرواد لأول مرة دون خوف.. بعد أن أدرك عقلها أن حاميها يقطن هذا المكان..وكأنها استمدت منه قوةٍ ما جعلتها على تلك الحالة العجيبة..لكن هل يعرفها؟ يذكرها؟ 



+




بينما هي توزع النظرات حولها بشرود وصمت. يراقبها يزيد عن كثب.. لا يفلت شاردة ولا واردة تصدر منها..لاحظ لأول مرة تفحصها الوجوه بعد أن كانت تخاف الجميع.. هل يعقل ان تكون مدركة لوجوده هنا وتبحث عنه؟ تجرع ريقه بألم إن صحت ظنونه.. هل وجدت ابنة العم ملاذًا مع سواه؟!!!


رغم تظاهره أمام الجميع بانغماسه بعمله وتشيد مستقبله.. إلا أنه كان ينتظرها تعود إليه بطريقةٍ ما.. حتى حين عدل مظهره وهيئته.. كانت حافزه الخفي الذي لا يدركه أحدًا..مازالت گ الوشم داخله.. موصوم قلبه بها وموصد عليها..مازالت ملكته.. ومازال هو مجرد عاشق يطوف حول قصرها عله يجد بابًا يوصله لطريق لقلبها..! 



+




_ يزيد.. اطلب ظافر كده! 



+




نفض شروده وهو يجيب العم: حاضر ياعمي! 


ثم أشار لأحد العاملين مرسلًا في طلب صاحب المطعم دون ذكر اسمه تحديدا..! وظل منتظرًا وهو يتقلب على جمر..! وبعد قليل أتى إلهم " عامر" صائحًا بترحيب: يا أهلا بالباشمهندس يزيد.. وعاصم بيه اللي شرفنا بوجوده! وصاحب المنتجات المميزة! 



+




خيبة أمل أصابت يزيد حين حضر صديقه..لما لم يأتي ظافر بدلاً منه؟! حادت عيناه تجاهها، فوجد ملامحها يشوبها الضيق والإحباط.. هل كانت تنتظر مثله؟ 



+





        


          



                


اما عاصم فتمتم بابتسامة ودودة: 



+




_ أهلا بيك يا استاذ عامر.. والشرف لينا.. والحمد لله ان شغل شركتنا نال اعجابكم.. وكفاية يكون لينا بصمة بسيطة في المشروع العظيم ده، حقيقي انتوا عاملين حاجة مميزة ومريحة للأعصاب! 



+




_ شكرا ياعاصم بيه.. الحمد لله.. كان حلمنا أنا وظافر 


من وقت الجامعة.. وربنا وفقنا..وواصل: اتمني اصناف اليوم تعجبك..!



+




عاصم: أكيد طبعا.. ثم تسائل بعد تردد طفيف: 


أمال فين استاذ ظافر مش شايفه؟


عامر ببساطة: مش موجود حاليا. راح مشوار مهم..!


غيمة إحباط طغت على تقاسيم عاصم وهو يهز رأسه: الله يعينه.. كنت حابب اسلم عليه! 


ثم نظر ليزيد فوجده على نفس حالته ويصاحبه مسحة شرود، فهتف: طيب هنشوف كده menu "المنيو" ونختار حاجة.. مشتاق اجرب ابتكارتكم! 



+




_ بإذن الله تعجبك.. عموما لو احتاجتكم حاجة انا موجود! 


وغادرهما، فهتف عاصم: حظنا سيء.. شكل هنضطر نيجي تاني.. خلاص هنطلب خاحة خفيفة ناكلها ونمشي ونيجي بعدين! 



+




وافقه يزيد بنفس أيماءته الشادرة.. والأفكار لا تهدأ بعقله.. مختلسًا النطرات لتلك الساكنة.. التائهة بدروب لا يعرف أين ستأخذها.. وكيف سيكون حاله هو حينها


______________________



+




لم تراه..لما لم يأتيها؟!


ظلت عيناها تتحرك على تفاصيل المكان وهي تغادر خلف ابيها الذي يحتضن يدها.. ويحدثها بحنان، أدخلها لمقعدها الخلفي وربط لها حزام الآمان.. ويزيد يجاوره بمقعد القيادة وأبيها يمتم: أرجع انت على شغلك يا يزيد وانا هرجع ببلقيس على البيت عشان دُرة مش هترتاح طول ما بلقيس بعيدة عنها.. وتتعوض بزيارة تانية.. وواصل بحماس: بس لاحظت يا يزيد ازاي بلقيس كانت مش خايفة زي كل مرة؟ ثم حدج ابنته في مرآة السيارة أمامه وهو يغمغم: نفسي تتكلم معايا..!



+




ربت يزيد على كفه: هتتكلم إن شاء الله وقريب اوي.. انا حاسس بكد! 



+




انطلق العم سائرًا..ويزيد يرمقها بين لحظةٍ وأخرى، ليجدها بحالة من الشرود والصمت..مراقبته لها اكسبته قدرة على تحليل نظراتها المختلفة.. أحيانًا خائفة.. وأحيانٍ أخرى شاردة مثل الآن.. أما المرة التي حيرته بتفسيرها.. حين منحته نظرة يشوبها خجل من نوع غريب لا يشبه الخجل المعروف بمعناه! ..وكأنها توصل إليه شيء تريد قوله ولا تستطيع التصريح به! وكم كان محقًا بتفسيره.. ويومًا ما.. ستخبره بالكثير والكثير! 


______________________



+




عامر: أول مرة اشوف بنت عاصم بيه.. بس كان شكلها غريب.. ومعرفنيش عليها.. وانا اتكسفت طبعا اكلمها


ظافر: عادي هتلاقيه ما انتبهش..! وليه بتقول شكلها غريب.. وحشة مثلا؟



+




عامر بعفوية ودون نية سوء: وحشة؟ دي كتلة فتنة! 


رمقه ظافر بعبوس لظنه أنه يجاهر بمعاكسة الفتاة! وهذا سلوك لا يحبه فتمتم: جرى إيه يا عامر! أنت كنت بتبص على البنت بصة مش كويسة.. أظن مايصحش الجرآة دي! 


_ لأ طبعا.. انت فهمت غلط، والله وما بعاكس.. انا اقصد. إن البنت جميلة أوي بس خسارة.. شكلها مش طبيعي.. عينها كانت زايغة وتايهة.. حسيت فيها حاجة.. كأنها مريضة! 



+





        


          



                


لم يعقب ظافر كما لم يخبره بما حدث المرة الماضية، ولا يعرف لما لم يريد ذكرها معه! 


_ ظافر؟.. مش سامعني؟. بقولك البنت شكلها مش طبيعي.. انت معايا في الملحوظة دي؟ 



+




_ مش واخد بالي ياعامر.. وسيبك من الكلام ده.. وركز في شغلنا..!


_________________



1




كما وعد تماما نطم عابد تجمع لعائلته هو وعمه "محمد" في النادي، كي يقضوا وقت ممتع سويا


عابد: بقولكم إيه تيجوا نلعب حاجة بدال قعدتنا دي.


جوري وهي تطرق الطاولة بحماس: نلعب الشايب يا بودي. 


حذرها بمرح: موافق بس اللي هيخسر هبهدله بأحكامي! 


أدهم: ولو أنا خسرت يا ولاد هتحكموا على ابوكم بأيه؟


اتجهت له جوري نحوه وقبلت وجنته: هحكم عليك تاخدني في حضنك وانام جنبك بدال ماما يا دومي.


لكزتها كريمة: يا سلام يا اختي لسه نونو حضرتك عشان تنامي جنبه!


عابد بمزاح: إيه يا كيما انتي بتغيري ولا ايه وفيها إيه دي زي بنته مش غريبة ولا انتي ماتقدريش علي بعد دومي


لطمه أدهم علي كتفه برفق: أختسي يا ولد ومالكش دعوة بوالدتك. 


ضحك شقيقه محمد: خليه ياخد راحته يا دومي بودي ابن اخويا بيتكلم صح وانا گعمه متضامن معاه


هلل عابد ملوحا بذراعه بحماس: يعيش عمي محمد، صحيح العم الفرفوش رزق ياجدعان! 


حدج أدهم أخيه بدهشة: إيه جرالك يامحمد؟ هو وجودك مع الواد عابد الكام يوم اللي فاتو خلوه بهت عليك ولا ايه؟ 


قهقهت عبير زوجة أخيه: لا على فكرة يا أبو يزيد، محمد جوزي أصلا فرفوس وعابز ابنك اللي طالعله، هو وابني محمود ياما جننوني انا وزوما وكنا بنتجنن من مقالبهم فينا.. مش كده يا زمزم؟


غمغمت الأخيرة بشيء من الوقار: فعلا، وبالذات محمود أخويا داهية هو كمان! 


عابد باعتراض: قصدك أيه بقى هو كمان ياست زمزم؟ يعني انا كمان داهية؟


هتفت بثقة ومرح: أين هو كده! 


أخبرها بتوعد: ماشي يازمزم، نلعب الشايب ويا ويلك لو وقعتي تحت إيدي في أحكام اللعبة، هنتقم منك! 


قالت بتحدي: أكيد مش هخسر قصادك وانا اللي هنتقم في الأحكام يا ابن عمي! 


حذرها: متنسيش يا بنت عمي أنا عابد من آل ابو المجد ومبخسرش تحدي ابدا. 


صاحت بغرور: وانا كمان من عيلة ابو المجد يا أستاذ ولا نسيت. 


عبير وهي تتابع تحديهم بكثير من السعادة، وابنتها تستعيد رويدا روحها المرحة التي كانت عليها بسرعة لم تتوقعها، وترى بعين فطنتها أن لعابد تأثير ما عليها، وكم ترحب بهذا التأثير مادامت ستعود زمزم كمان كانت، سريعا ما استعادت عبير روحها المرحة وقالت بمتعة: طب يلا نبدأ ياعبودي ونشوف مين هيخسر أو يكسب فيكم! 


محمود ساخرا: عبودك؟ وواصل وهو يحدث عابد: أمي خدت عليك أوي يا ابن عمي.. ده أنا ذات نفسي دلعتني في الإعدادية! 


ضحكت كريمة: والله انت واد فقري ياحودة! 


محمود: كمان حودة؟ ماشاء الله واضح ان هيبتنا گ أبناء ضايعة وسط العيلة دي يا جماعة! 


لكز أبيه محمد رأسه:  ياعم بلا نيلة هيبة ايه يالا. 


تدخلت جوري بلمستها المرحة هي الأخرى: مافيش أصلا حاجة اسمها هيبة عشان تضيع يا محمود، إحنا بلا فخر شعارنا "خليك فرفوش متبقاش أفوش"


قهقه جميعهم لجملة جوري وتمتم محمد: وربنا انتي واخوكي مصايب بس عسل. 


" عسل اسود يا عمو محمد"


التفتوا لياسين الذي أقدم عليهم بتدخله المرح كعادته، فتبادلو معه التحية، وتسائل عابد بفظاظة زائفة: 


أنت إيه اللي جابك النادي، حد عزمك؟؟؟؟


زمزم بإحراج: إيه اللي بتقوله لأبن خالتك ده يا ابني، انت مش طبيعي على فكرة! عيب كده



+





        


          



                


ياسين وهو يلتقط مقعد فارغ وجلس عليه: لا ماتحطيش في بالك يا أخت زمزم.. وحياتك ولا أكنه قال حاجة ولا هعبره أصلا 



+




ضحكت كريمة: هما كده مع بعض من صغرهم يازمزم.. متعودين يهزأو بعض عادي ومحدش بيزعل م التاني! 



+




عابد باستنكار: إيه يهزؤا بعض دي ياكيما.. الملافظ سعد يا أمي محدش يقدر يدوسلي على طرف


جوري بضجر : كفاية رغي بقا عايزين نبدأ لعب عشان نشوف مين هيخسر ويتحكم عليه  ثم حادت لوالدتها مع قولها الراجي بطفولة: ادعيلي اكسب يامامتي! 


استجابت كريمة: يارب تكسبي انتي وزوما بنت عمك.



+




ياسين: واحنا كفار قريش ياخالتو؟ محدش هيدعلنا..!


مازحه أدهم: وانتوا محتاجين، انت وابن خالتك نصابين في لعب الكوتشينة.. بس انا وعمكم مصحصحين.. إياك حد فيكم يتلصص على ورق البنات! 



+




عابد بعد أن أحضر "ورق لعبة الكوتشينة" :



+




يلا تعالوا نبدأ، وبدأ توزيع الأوراق عليهم بالتساوي، والأباء يتابعوا لعبهم بحماس مع بعض العبارات الساخرة بين لحظة وأخرى



+




وأول من خسر كان ياسين وصار لازامًا عليه تنفيذ أحكام الجميع عليه! وأولهم كانت زمزم التي هتفت: أنا ماليش في الأحكام.. وأعفيت عنك! 


ياسين مهللًا: الله أكبرررررر. أوقسم بالله انتي أحسن واحدة في العيلة.. بنت أصول صحيح.. إلهي تنستري ياشيخة! 



+




عابد بغضب زائف لزمزم: يعني إيه. عفويتي.. إحنا بنهزر؟



+




ياسين بتهكم: أه بنهزر أمال أحنا عاقدين جلسة في مجلس الشعب 



+




عابد مسترسلا: زمزم أحكمي عليه لو سمحت خلي اللعبة تحلى.. أغاظت: لأ 


_ مااااشي خليكي فاكراها


وحان دور حكم جوري فقالت: بص بقى يا ابن خالتي انا ليا 3 أحكام بس هخليهم واحد بس عشان غلاوتك عندي.. وواصلت : عارف الطفل الصغير اللي هناك بياكل شيبسي ده؟


التفت ياسين وهتف براحة: اه ياستي.. عايزة اشتريلك شيبسي والله انتي محترمة وأميرة وهروح اجيبلك واحد عائلي حالا يا جوجو.. 



+




جوري: لأ رايح فين؟ أنا عايزاك تروح تاخد كيس الشيبسي اللي مع الولد ده وتجيبهولي


ياسين مزبهلا: نعم ياختي اخده منه ازاي، ده هيقول عليا حرامي ويفضحني ويجرسني في النادي كله



+




انفجرت ضحكات الجميع خاصتًا مع تصميم جوري، فانصاع ياسين للتنفيذ علي مضض، وكانت النتيجة هي صراخ الطفل ومناداته لأبيه والذي كاد أن يتعارك مع ياسين لولا تدخل عابد وحل الأمر تحت أنظار عائلته التي تتابع بقهقهة صاخبة رافقها سعالهم! 



+




وحان دور حكم عابد على ياسين، فقبل الأخير رأسه باستجداء مضحك: أبوس ايدك ياعابد ماتتغابي في أحكامك.. كفاية الزئردة اختك كانت هتخلي الوحش أبو الواد بتاع الشيبسي يطحني من الضرب..!



+




عابد بود مريب: عيب عليك ده انت اخويا وصاحبي


ياسين: أستر يارب ياريتني ماجيت


عابد: عارف الحيط ده؟ أرسملي عليه نخلة بس كبيرة! 


ياسين باندهاش: نعم؟ ( عابد: أرسم نخلة في أسهل من كده؟) تمتم. ياسين بقلق: ماشي.. وبالفعل انتهي من رسم نخلة كبيرة علي الحائط، ولم يسلم من دهشة المارة الذي تابعوا بفضول ما يفعل هذا المعتوه بنظرهم.. فهتف عابد ببساطة: أطلع هاتلي منها بلح عشان نفسي فيه! 



+





        


          



                


لم يعد هناك سيطرة على ضحكات محمد وعبير ومحمود وأدهم وكريمة لدرجة أصابت أغلبهم بالسعال الشديد.. أما جوري فراحت تحيي أخيها بفخر: حبيبي ياعبودي هي دي الأحكام ولا بلاش.. أما زمزم فمن كثرة ضحكها أخفت وجهها بين كفيها تحاول التحكم بصوتها.. يشاركها الصغير مهند بضحكه دون أن يفهم شيء! 



+




ياسين: أقسم بالله أنا غلطان اني لعبت مع مجنون زيك انت واختك.. العيلة دي مافيهاش إلا زمزم ومهند



+




عابد ببرود: أنا مستني البلح على فكرة! 



+




فضحكت زمزم: هاتله بلح يا ياسين شكله جعان 


ياسين: هما هيبهتوا عليكي ياعاقلة.. أنا لسه بشكر فيكي



+




عابد بشهامة أوجست ياسين أكثر: 


طب ماتزعلش خلينا في الحكم التاني يمكن يعجبك


دورلي على نملة حامل وتحديدا جمب ترابيزة الراجل اللي كان هيضربك. من شوية



+




نقل ياسين بصره بينه وبين الرجل الذي نظر له قدرًا بعدوانية وكأنه ينتظر منه أي احتكاك لينال منه وهتف: 



+




أنا همشي وابقي دور انت على النملة مع اختك المعتوهة


صاح عابد وهو يضحك: خلاص يالا تعالي عفيت عنك.



+




تزامن مع صياحه حضور عطر وأبويها وما أن علمت ما حدث حتى هتفت بتوعد: بقى بتستفردو باخويا وتحكموا احكام غبية؟ طب لاعبوني بداله واللي هيخسر فيكم هعرفه الأحكام على حق.


صفق ياسين بحماس: أيوة بقى أموت أنا في تصميم المهندسين وتخطيطهم اللولبي



+




عابد بسخرية: ماشي ياقردة ورينا نفسك


............ 


خسر عابد وأصبح مجبرا على تنفيذ أحكام الجميع، فقالت جوري: أنا بعفيك من أحكامي ياعبودي


عابد: أوختشي حبيبتي



+




زمزم بمشاكسة: أنا بقى حكمي تروح تجيب النملة الحامل اللي طلبتها من ياسين من شوية


عابد بحنق: بقى كده يا بنت عمي تعفي عن ياسين وتحاكميني انا... طب خليكي فاكرة



+




ذهب عابد للرجل وهتف بتهذيب: أسف لإزعاج حضرتك.. بس ابن خالتي اللي شوفته من شوية ده مريض نفسي للأسف بيطلب طلبات غريبة وعقلة تعبان ولو مش اتنفذت أوامره بتجيلوا حالة استبحس خطيرة.. فبعد أذنك هدور على نملة هنا عشان ده طلبه.. ثم هتف بتأثر زائف: أدعيله حضرتك يخف.. ده لسه في عز شبابه الرجل بشفقة: الله يشفيه ليكم.. اتفضل خد راحتك..وبعد برهة عثر على نملة فالتقطها وعاد ووضعها على الطاولة رامقا زمزم بغيظ: اتفضلي ياهانم



+




استفزته: حامل؟


_ والله اكشفي عليها لو عايزة


ضحكت وسط الجميع، وجاء دور عطر التي هتفت ببساطة: 


عارف الظابط اللي واقف في لجنة المرور جمب النادي؟ أجابها عابد بأيماءة فواصلت: روح قول للظابط وريني بطاقتك وإذا رفض اضربه قلم



+




ضحك ياسين متهكما: أيوة عشان يسكعك على قفاك ويرميك في القسم والمساجين يحفلوا عليك ونرتاح منك اسبوع


عطر بنفس المزاح: واما تطلع من السجن ان شاء الله ابقى اكمل الأحكام عليك 


......... .


واصلو لعبتهم إلى أن خسرت زمزم فأعفاها الجميع من العقاب إلا عابد الذي هتف متشفيا: جيتي تحت ايدي ومحدش سمى عليكي يابنت العم


محمد محذرًا: واد ياعابد.. إياك تضايقها وإلا هعلقك فوق الشجرة اللي وراك 



+




عابد: لا إكسكيوزمي بقى ياعمي.. دي قوانين لعبة ومحدش يدخل.. ليا عليها حكمين ومش هتنازل عنهم



+




زمزم وعقدت ذراعيها بتحدي: سيبه يابابا انا مستعدة



+




عابد: أول حكم عايزك ترسميني وانا شايل مهند في عشر دقايق، لو رسمك عجبني هعفيكي من حكمي التاني، لو مش عجبني يبقي ليا حكم! 



+




تعجبت من معرفته بإتقانها للرسم، لكن لم تنشغل كثيرا، ربما علم صدفة من أبويها، وشرعت ترسمه مع طفلها وهي تختلس النظرات له تلقائيًا بين متابعة الجميع بشغف.. أما عابد فكان داخله سعيد بحصوله علي تلك المنحة واقتنائه رسمه تجمعه بالصغير الذي صار يعشقه.. كما علم مصادفة انها كانت تهوى الرسم وتوقفت عنه منذ وفاة زوجها، وأراد أن يعيدها لبعض طقوسها المحببة بهذا الحكم الذي في ظاهره عقاب، أما في فحواه مكافأة لها وله معها..! 



+




ولم يدرك أنه قدرًا ودون ترتيب منه، صنع معها أول ذكرى ستترسخ في نفوسهما گ بذرة خبأتها يد القدر بأرض مستقبلهما ويومًا ما ستنبت وتشرق عليهما ألوان الحياة وبهجتها.. لينمحي ذاك اللون الرمادي گ لون قلمها الرصاص! 



+




رغم أن الصورة أبهرته واستشعر دفئها، إلا أنه تظاهر بعدم. رضاه عنها، وحكم عليها أن تصنع لهما في الغد وليمة الغداء ليري كيف ستنجح متصورًا عجزها عن صنع شيء يرضي الجميع.. فهل ستبهره أيضًا بمذاق طعامها كما أبهرته برسمتها.. أم ستفشل بهذا الأختبار؟


________________________



+




عامر: مين يصدق ياظافر بقالنا سنتين بس فاتحين المطعم والكافيه والحمد لله بقى لينا رواد بيفضلوا يجوا هنا وأردارات حفلات واسمنا بقى مميز



+




_الحمد لله كله بمجهودنا.. 


عامر: عشان كده عايز يكون اليوم ده مميز.. وانا في فكرة في دماغي



+




ظافر: فكرة إيه؟


_ هقولك.. وراح يقص افكاره بحماس شاركه إياه ظافر وقال: خلاص موافق وعاجبني الفكرة! 



+




_ وطبعا لو عايز تعزم حد معين، كلمه من دلوقت! 



+




أومأ بشرود طفيف وهو يغمغم: في خد فعلا محتاج اشوفه في اليوم ده.. ودي فرصة مش هتتكرر



+




ترى ماهو اقتراح عامر بشأن احتفالهم؟


ومن الشخص الذي سيدعوه ظافر؟


____________________



تكملة الرواية من هناااااااا 

تعليقات

التنقل السريع