القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية حصنك الغائب الجزء الثاني الفصل السابع خمسون والثامن وخمسون بقلم دفنا عمر

 


رواية حصنك الغائب الجزء الثاني الفصل السابع خمسون والثامن وخمسون  بقلم دفنا عمر





رواية حصنك الغائب الجزء الثاني الفصل السابع خمسون والثامن وخمسون  بقلم دفنا عمر



                                    


الفصل السابع والخمسون


_________


تأرجحي على هودج القلب ياملاكي الأصيل


مباركة ليلتنا.. وأهلا بصحبة العمر الجميل


فوحي بعطرك بين أنفاسي وامرحي بين راحتي


فالليلة اغتنمتك بعد أن فاض بي صبري


ونال قلبي المتيم جزاءه من رب العالمين


------------


الألم يزحف بقوة في موضع جنينها..


بطنها المنتفخ زاد ثُقله وما عادت تحتمل


نكزته لينجدها قبل أن تصرخ وتفزع نومته: 



+




_ أحمد.. أحمد.. أحمد.. 


جاء أخر ندائها رغما عنها بصراخ افزع زوجها النائم فانتفض يصيح ومازالت سطوة النوم تكبله: ايه، في ايه يا امونة بتصرخي كده ليه ياحبيبتي؟



+




_ في وجع رهيب في بطني مش قادرة اتحمله.. شكلي بولد يا احمد الحقني بسرعة.. 


_ بتولدي ازاي



+




ردت على ذهوله بصراخها من جديد ليحضر لها والدته ويتصل بالطبيب..ومن ربكته الشديدة توقف عقله بضع ثوان واتصل على أبعد شخص يمكن أن يحتاجه الآن! 


"الحقني يا يزيد.. مراتي بتولد اعمل ايه؟"


________________



+




صوت بكاء طفله ملأ الأجواء وهو يحمله بحرص شديد وعينه دامعة غير مصدق انه يضم طفله لصدره..وينتظر زوجته لتفيق بعد مجهود ولادتها الطبيعية الشاقة عليها، بينما هتفت والدته وهي تنظر لحفيدها بفرحة طاغية: يتربي في عزك ياحبيبي وحمد لله على سلامة مراتك..


قال دون أن يحيد عن صغيره: الله يسلمك يا أمي ويخليكي لينا..


يزيد: ألف مبروك يا طنط..ربنا يجعله ذرية صالحة 


_ الله يبارك فيك يا يزيد وعقبالك


شكرها بتهذيب ثم قال لصديقه:  


_ مبروك يا صاحبي، ما شاء الله ولد زي القمر.. والحمد لله انه مش شبهك خالص.. 



+




تجاوب مع مزحته: ما هو ده اللي طمني.. كده سوق الولد مش هيقف.. وواصل بامتنان ممتزج بخجله: أنا أسف يا يزيد اتصلت بيك وجبتك في عز الليل بشكل يخض، بس والله يا ابني ما اعرف عملت كده ازاي.. المفروض كنت اتصل بالدكتور مش بيك انت.. 



+




_ يا احمد عادي ده موقف صعب وانت كنت نايم وصحيت علي صراخها وطبيعي مخك يقف وتفقد تركيزك.. وبعدين هو انا غريب؟ أنا عمه وحماة في نفس الوقت..( ثم مازحه)  مش هيبقي جوز بنتي اللي لسه مش عارف اتجوز امها.. عادي يكون ليا بصمة يوم ولادته..واهي حاجة أذلك بيها مستقبلا.. 


قال بتهكم: طول عمرك أصيل والله


_من غير حلفان مصدقك.. 



+




قاطعهم مجيء شقيق احمد الأكبر مهرولا عليه بقلق، لتلين ملامحه وهو يرى صغير أخيه بين كفيه فتناوله بحذر وهو يكبر: الله أكبر ما شاء الله.. مبروك يا أحمد.. ولد زي القمر..مراتك عاملة ايه 


_ الله يبارك فيك يا اخويا..أمونة الحمد لله كويسة و هتفوق بعد شوية.. 


يزيد: ناوي تسميه ايه يا أحمد


_ هسميه زين.. إيه رأيكم؟ 


استحسن جميعهم الأسم وجددوا مباركتهم، ثم جاء أهل زوجته ليطمئنوا عليها، فتركهم يزيد بعد قليل وظل البقية ينتظرون إفاقة أمونة.. 


__________



+




_ فين ابني يا احمد؟


تساءلت فور عودتها للوعي، بلثم جبينها بمحبة وقال: زين في الحضانة يا قلبي، شوية والممرضة هتجيبه عشان ترضعيه. 


_ شكله حلو؟


_طالع شبهك.. يعني واد هتتخانق عليه البنات


ابتسمت بوهن: المهم انه بخير.. طنط وموني فين؟


_سبتهم عند الحضانة بيشوفوا زين والممرضة بتلبسه هدومه.. وماما طبعا عمالة تزعق للبنت وتقولها " حاسبي ايده.. براحة علي الولد"


ضحكت ضحكة قصيرة: معقولة؟ يعني زين باشا نطق سميحة هانم؟


_ ولسه يابنتي لما زين يكبر حبة.. هتلاقي ماما بتجري وراه في كل حتة..(واستأنف) على فكرة يا امونة ماما طيبة جدا والله، بس هي قليلة الكلام مش أكتر، لكن صدقيني بعد تشريف ابننا الوضع هيتغير


_ عارفة والله يا احمد ومتفهمة، ربنا يعطيها الصحة والعمر.


_ اللهم امين يا حبيبتي.. 


_ اتصلت بماما وبابا وعرفتهم بولادتي


_ طبعا، وبالليل هيكونوا عندنا..ومش هسيبهم بمشوا من عندنا غير بعد السبوع بتاع الولد


هتفت شاكرة: تسلم ياقلبي.. روح بقي هات ابني عايزة اشوفه


_ حاضر.. دقايق وراجع.. 


__________



+





                


بعد ثلاثة أسابيع! 


صدح رنين هتفها فأجابت بصوت ناعس: ألو


_ انتي لسه نايمة؟ والله عيب انا اللي لسه "والدة"..تكون نشيطة عنكم..عرايس اخر زمن.. 



+




استعادت بعض من إدراكها وقالت: صباح الخير يا أمونة.. معلش والله انا وجوري وبلقيس كمان هلكنا امبارح في شققنا.. كل شوية نكتشف حاجة ناقصة ونروخ نشتريها ونحطها مكانها..لما خلاص رجعنا مش قادرين.. 


_ طبيعي يا حبيبتي هتفضلي مشغولة ومتوترة لحد ما كل حاجة تكمل..بس لازم تفوقوا بقي عشان يدوب تهتموا بنفسكم وتجهيزاتكم الخاصة..انهاردة هنختار الفساتين والاكسسوارات والشوزات بتاعة الفرح..وكده خلاص مش فاضل حاجة تاني.. وتفضوا للماسكات وتناموا بشكل كافي عشان وشكم ينور.. 



+




_ ماشي بس يارب نلاقي اللي انا عايزاه يا أمونة.. في حاجة في دماغي ومش عايزة غيرها.. 


_ متخافيش هنلاقيها وأحسن.. مش بلقيس قالت في كذا مكان بيجيب فساتين زفاف ما نزلتش السوق؟ متأكدة انهاردة هتختاري حاجة منهم.. 


_ يارب عموما انا فوقت خلاص ونص ساعة واكون جاهزة، وبلقيس هتعدي على جوري بالعربية وبعدين أنا..وبعدها هنجيلك فورا..سلام بقى وماتنسيش تصبحي على "زين " خطيب بنتي المستقبلية.. 



+




ضحكت قائلة: من عنية، أهو عمال يعمل صوت زي القطة وبيرد عليكي بنفسه..وانا علي ما تيجوا اكون حضرت له رضعة عشان اما يجوع حماتي تأكله لحد ما ارجع..


قالت ممتنة: ربنا يخليكي يا أمونة.. رغم انك بقيتي مشغولة بالبيبي مصممة تكوني معايا انا وجوري..وحتي بلقيس واخدة أجازة من شركة والدها وفضت نفسها لينا ومعاها إيلاف.. ربنا يخليكم لينا. 


_ علي ايه يابنتي.. ربنا يديم المحبة.. يلا بقي كفاية رغي.. سلام


________________



+




_ يعني انتي مش رايحة الشغل غير بعد فرح بنت عمك؟


_ أيوة يا ظافر..الفرح مش فاضله كتير وانت عارف مشاوير العرايس ولوازمهم.. وبما اني انا وأمونة خبرة قبلهم هنكون معاهم..ومتنساش جوري بنت عمي وأنا أولى من غيري اكون معاها.. 



+




انتهي من ارتداء ملابسه ونثر بعضا من عطره ثم دني منها قائلا بحب: المهم ارجع الاقي مراتي مستنياني..كفاية ضحكتي عليا امبارح وطنشتيني.. 


لثمت خده بدلال: معلش يا ظاظا كنت تعبانة والله ما حسيت نمت ازاي وسبتك.. عموما يا قلبي هترجع تلاقيني..( ثم غمزته بشقاوة) وهعوضلك ليلة امبارح.



+




_ أما نشوف يا نصابة..وسوقي العربية بالراحة وخدي بالك علي نفسك..وختم حديثه بقبلة سريعة ثم غادر لعمله، واستعدت هي لتمر علي الجميع ويبدأوا جولتهم مبكرا


_______________



+




جوري: هنروح فين دلوقت يا بلقيس؟


_ شوفي يا ستي.. أنا شوفت ع اليوتيوب أصحاب "أتليهات" بيستعرضوا تصميماتها الفساتين بشكل واضح وبجد لقيتها مميزة جدا وانبهرت بكام فستان منهم.. حتى اسألوا إيلي.. 


إيلاف: أنا فعلا شوفتهم معاها.. تشكيلة تهبل من جمالها..


بلقيس: واللي عجبني أكتر يا بنات إن متاح تشتري أو تأجري الفستان..مش فقط شراء..


أمونة متدخلة: أهو أنا ليا وجهة نظر في الموضوع ده يا بنات..ليه نشتري فستان وندفع فيه تمن كبير وهو هيتلبس ساعتين فقط في العمر كله.. ومحدش يقولي هيتلبس تاني لأن ده مش بيحصل..أولا جسمنا بيتغير بعد كده ( ثم أشارت لهيئتها مازحة) واديكم شايفين اختكم بعد الولادة.. وثانيا بقى أنا بحس ان في تفاصيل في حياتنا ما نقدرش نكررها مرتين مهما حاولنا..ليلة العمر هتفضل حدث فريد وغير مكرر.. ليه بقي نركن فستان في دولابنا لحد ما يبوظ من الركنة؟ وكمان نقدر نأجر أول لبسة يعنى جديد فعلا.


بلقيس مؤيدة: والله أنا مع وجهة نظرك دي.. ولولا ظافر اشترالي هو الفستان من لبنان وقت مسابقة التوب شيف.. كنت أجرته عادي.. 


عطر: مكدبش عليكم أنا كنت ناوية اشتريه زي ما يزيد قالي.. بس انا خلاص اقتنعت بكلامكم وهأجر فستاني مش هشتري.. 


بلقيس: وانتي ياجوجو قررتي ايه؟


_ أنا مقررة إني هأجر فستاني من قبل ما تتكلموا أصلا.. بصراحة يا جماعة عامر طلع عينه من المصاريف وعارفة انه ضغط على نفسه ماديا عشان يحقق كل اللي حبيت اعمله في شقتي..وخلاص الراجل جيوبه فضيت..عشان كده قلت هوفر شوية في الفستان.. 


أمونة: عين العقل يا جوجو.. 


بلقيس: والأتيليهات اللي هنروحها أسعارها ممتازة. 


واستطردت وهي تهديء من قيادتها: ادينا وصلنا، انزلوا انتوا على ما اركن العربية واجيلكم.. 


عطر: يارب الاقي اللي يعجبني.. 


إيلاف: إن شاء الله هتلاقي.


_______________



+





        



          



                


ظلوا يستعرضوا الفساتين ويتناوبون على قياسها.. فوجدت جوري ضالتها واختارت فستان زفاف مناسب.. بينما لم يروق لعطر شيء منهم.. 



+




بلقيس: الفستان اللي اختارتيه يا جوري فظيع عليكي. أحلي من التلاتة اللي قيستيهم قبلوا.. ولا إيه يا بنات.. 


إيلاف: أنا عجبني هو واللي قبله بصراحة.. مناسبين أو لجسم جوري.. 


أمونة: بس التاني افضل يا إيلي زي ما قالت بلي.. 


عطر: أنا بردو عجبني أخر واحد.. مخليكي ملكة في نفسك كده يا أوزعة انتي. 


رمقتها جوري بحنق ثم قالت بغرور: ياجماعة أصلا أي حاجة ألبسها طبيعي هتبقي حلوة عليا.. عموما مش هكسفكم وهاخد أخر واحد. 


تهكموا لغرورها ثم قالت بلقيس: 


طيب بما إن مش عجبك حاجة هنا ياعطر.. تعالي نروح أتيليه تاني متأكدة هتلاقي فيه طلبك.


____________


"ماشي ياظافر هاخد بالي واسوق على مهلي وهعرفك اما ارجع البيت.. سلام"



+




اغلقت المكالمة مع زوجها وعادت تنضم للفتايات، ثم نظرت بإعجاب لأخر فستان زفاف ارتدته عطر وقالت: ما شاء الله اافستان هينطق عليكي.. بجد رهيب


جوري: اه والله ده اكتر واحد عجبني في اللي عطر لبستهم


أمونة: فعلا مخليها منورة، ولسه اما نكمل لوازمه وحجابه واكسسواراته هيبقي روعة


إيلاف: كده في إجماع علي الفستان ده.. ايه رأيك يا عروسة عجبك ولا لأ؟



+




استدارت عطر لتتفحصه في المرآه جيدا وبدا على ملامحها الرضا وصاحت: والله بابنات انا برضو خطفني الفستان ده وحبيته وكلامكم شجعني اكتر


بلقيس: يبقي علي بركة الله، وكده نشوف شوز الفرح و الاكسسوارات والحجاب مع البادي وبوكيه الورد.. 


جوري: لا ماتشغليش بالك ببوكيهات الورد بتاعة الفساتين.. عامر عمل بنفسه اتنين ليا انا وعطر..


وواصلت بمرح ممزوج بالفخر: انتو عارفين حبيبي فنان ياجماعة في الهاند ميد ومهيصني.. 



+




إيلاف: أيوة يا عم.. هيظبطك بحاجات ليكي لوحدك، ابقي افتكري اختك بسلسلة ولا اسورة حتى.. 


_ من عنية يا ايلي. 


بلقيس: طب يلا يابنات عشان نكسب وقت نشوف اللي لسه ناقص وكده اظن العرايس مش هيكون ناقصهم حاجة تاني. 


أمونة: أيوة يدوب يعتنوا ببشرتهم ويرتاحوا شوية من مجهود الفترة اللي فاتت، ويلا بقى شربوني وأكلوني اي حاجة، أنا برضع وبقيت بجوع بشكل يخوف.. 



+




ضحكت جوري: معلش دي ضريبة الأمومة 


_ بس وزني زاد وبقيت بتكسف من احمد، تفتكروا هعرف انزل وزني تاني


بلقيس: أكيد.. شوية جيم ونظام غذائي وهترجعي لوزنك الطبيعي.. المهم انك قومتي بالسلامة وجبتي بيبي جميل..ربنا يحفطهولك 


_ اللهم امين، عقبالك يابلقيس ان شاء الله 


_ إن شاء الله.. 



+




أومأت لها مبتسمة وهي تكبل حنينها الطاغي للأمومة، تذكرت حديث والدتها وحماتها ألا تتعجل وتنشغل بالأمر، لكنها دعت الله داخلها أن يمن عليها بالحمل قريبا..خاصتا انها تأكدت من صحتها الإنجابية هي وزوجها بعد خضوعهما لفحص طبي واخبرهما الطيبي أن لا شيء يمنع هذا الحلم...وهاهي تنتظره بفارغ الصبر..



+





        


          



                


_ هترجعوا المنصورة امتي بابنات؟


ردت جوري تساؤل إيلاف:  من بكره عشان نشبع من أهالينا شوية قبل ما نستقر هنا.. وهننزل القاهرة تاني يوم الحنة.. يعني قبل فرحنا بيوم.. 


أمونة:  كويس جدا.. والشقتين بتوعكم اتفرشوا فاضل فنش بسيط هيتعمل يوم الفرح


عطر: ماهو ده هيكون دور ماما وخالتو وطنط عبير وطنط دره.. هما اللي هيظبطوا موضوع الأكل في التلاجات وفرش السراير والحاجات دي.. 


بلقيس:  إن شاء الله مش هيكون ناقص حاجة.. وكلنا اهو موجودين وهنسد ماتقلقوش ياعرايس.. 


عطر:  شكرا يا حبيبتي انتي وامونة وأيلاف.. بجد تعباناكم جدا أنا وجوجو.. 


إيلاف: هو احنا مش اخوات ولا ايه؟ وبعدين منا لما اتجوز محمود هطلع عنيكم ومش هسيبكم.. 



+




ضحكوا وصممت بلقيس أن تعزمهم على وجبة غداء سريعة.. ثم قامت بتوصيلهم وعادت للبيت بصحبة آيلاف.. 


______________



+




تنظر لنفسها بضيق في المرآة وهي تستعرض كل زواياها البارزة وتقول:  أنا بقي شكلي ملخبط اوي يا عابد..كل هدومي ضاقت عليا.. ومش عارفة هحضر فرح جوري وعطر ازاي.. 



+




دني منها وهو يحك أنفها بمشاغبة:  هتحضري زي اي ست حامل بطنها شبه البلونة.. ايه المشكلة؟


رمقته بغيظ وقبل أن ترد علي مزحته، صاح الصغير: 


_ماما بلونة.. 


شهقت معترضة بينما قهقه عابد:  أيوة ياهوندا ماما بلونة.. وتعالي نجري من قصادها قبل ماتفرقع فينا.. 



+




قالها وهو يبتعد بالصغير الذي صدحت ضحكته عالية مستمتعا بمشاكسة والدته، فهدرت عليهم: كده؟..بقى لما لسانك يتعدل وتتعلم الكلام تزعل ماما ياهوندا؟..انا مخصماك.. وربنا يسامحكم.. يلا اخرجو من أوضتي وماتكلمونيش.. 


وراحت تعبث بالخزانة وتبعثر الملابس.. فهمس عابد للصغير:  ماما زعلت مننا يامهند لازم نصالحها.. 



+




واقتربا منها بخفة ثم قبض على خصرها وجذبها بعيدا عن الخزانة وهي تقاومه بحنق:  سبني يا عابد.. مش بتتريق عليا انت وابنك وبتقول عليا بلونة وامبارح تقولي كرنبة؟ ماتتكلمش معايا وسبني بقولك.. 


مهند وهو يضحك:  ماما كرنبة


عابد وهو يحذره:  ياعم احنا بنصالحها وانت بتعك الدنيا زيادة..جر ناعم زي ابوك خليها تعدي على خير.. 


قاومته مجددا:  ما انت اللي علمته يقولي كده.. سبني واخرج برة أنا أصلا نفسيتي تعبانة ومش ناقصاكم.. 



+




نجح في السيطرة عليها وحدثها بهدوء:  ممكن اعرف ليه متعصبة كده؟ احنا بنهزر معاكي يا زوما.. 


_ هزاركم وحش.. 


عانقها برفق:  طب حقك عليا ماتزعليش.. والله ده انتي عسل وبقيتي كلبوظة وخدك بقي شبه خد مهند ومش عارف أكل مين فيكم.. 


قهقهت بشدة وقالت: أنا فعلا بقي عندي خدود مضحكة، أعمل ايه ياعابد بس.. مامتك بتأكلني من ناحية.. وماما من ناحية.. والله تعبت.. 


_ معلش خايفين عليكي.. وبعدين انا عايز ابني ينزل شديد وحجم محترم..بمعني انه لما يتولد اقدمله "kg1" "وش" كده.. 



+




_ ليه يعني فاكريني ايه عشان اجيب الحجم ده؟ انت أخرك معايا اسلمك في إيدك تلاتة كيلو.. وانت صرف نفسك بيهم.. 



+





        


          



                


ضحك وشاركه الصغير، فقالت:  لسه مش عايز تعرف انا هجيب ايه؟


_ لأ.. عايز اتفاجيء لحظة ولادتك بالسلامة.. أنا راضي باللي ربنا هيرزقنا به..( ثم نظر لمهند وقال) لو جالك أخ يا هوندا تحب تسميه ايه؟


هتف الصغير سريعا: ديبان.. 



+




عقدت زمزم حاجبيها:  ديبان؟ أول مرة اسمع الأسم ده.. 


عابد:  ده صاحبه في kg.. روحت مرة اخده لقيته بيلعب معاه وسمعت اسمه.. 


زمزم:  ومعناه ايه؟


_ ده مثني "ديب" المفروض ذئبان.. بس في العامية هنقول ديبان طبعا.. لعلمك اسم مميز جدا وصفاته حلوة..ذكاء وشراسة بمعني انه يكون شخص قوي في الحق ما يتظلمش..انا عجبني اوي.. خلاص ياهوندا.. لو جبنا ولد هنسميه على أسم صاحبك.. 


_ بس انا مش موافقة على الأسم ده.. 


_ وحد طلب رأيك أصلا؟ الرجالة اما تتكلم انتي تسكتي.. انا ومهند خلاص قولنا ديبان.. خلص الكلام.. 


مهند مقلدا أخر حديثه مع لدغة محببة: خلث الكلام.. 



+




رفعت حاجبيها لهما ثم تركتهما وغادرت مع قولها: طب مادام رأيي مالوش لازمة.. اتفضل حضر عشا وأكله ونيمه.. انا نازلة لطنط تدلعني شوية.. 



+




صاح عابد عاليا وهي تغلق الباب:  طب تعالي ادلعلك انا يا بنت الناس. 



+




غادرت فنظر لمهند وغمغم:  شكلنا زودناها اوي مع ماما يا برنس.. تعالي ننزل نرخم عليها تحت ونطلعها تعملنا عشا.. 


________________



+




_ بسمة.. هنلبس ايه في حنة البنات؟


_ عادي عندنا هدوم كتير الحمد لله مش شافوها، وبعدين انتي ناسية الطقم التحفة اللي عبده هاداكي به بعد كتب الكتاب؟ 


_ لا مش ناسية، ماهو ده اللي هحضر به الفرح نفسه في القاهرة.. أنا اقصد هنحضر الحنة بأيه..


_ بصي هنشوف هدومنا احنا وياسو.. ولو محتاجين حاجة عادي ننزل بكره نشتريها مش مشكلة معانا وقت وفلوس الحمد لله.. 


_ تمام.. ثم استطردت:  طب نيجي للمهم تفتكري عبده هيوافق علي موضوع بياتي معاكي في القاهرة عند عمة ياسين عشان نحضر الفرح؟


_ وفيها ايه انتي مش معايا؟ امال انا هروح لوحدي مثلا؟ وكمان عطر وطنط فدوى معانا..أنا صحيح محرجة بس كمان مافيش حل تاني.. ياسين رفض اخد غرفة في فندق.. وقالي انها فرصة اتعرف على عمته وجدته وجده لأنهم ماحضروش كتب كتابنا.. 


_عندك حق بس برضو قلقانة من عبده


_ متخافيش هخلي ياسين يكلمه ويعزمه كمان


هللت بفرحة: ياريت يابسمة عبده يحضر الفرح ويبقي معايا هناك.. 


قرصت وجنتها وهي تدللها:  بس كده؟ طلباتك أوامر ياست البنات.. هقول لياسين يقنعه بأي طريقة.. 



+




قبلتها بحفاوة: حبيبة قلبي ياسوما متحرمش منك


ثم شاكستها بغمزة عين:  بس احنا بقينا حلوين اهو ومش بنتكسف زي الأول.. دلوقت أي حاجة عايزة تعمليها تقولي ( هقول لياسين.. ياسين هيعمل.. ياسين معرفش ايه) أيوة ياعم يامدلع من جوزك انت



+




_ والله أنا غلطانة اني قاعدة اخد وادي معاكي.. هقوم اشوف اخوكي احسن من رغيك العبيط ده.. 



+




صاحت تمازحها وهي تبتعد: هتروحي لاخوكي برضو ولا بتخلعي مني عشان تتصلي بحبيب القلب؟ 



+




قذفتها بشيء ما وهي تغمغم بكلمات ساخطة.. وداخلها اشتعل خجلها.. مشاعرها تجاهه صارت واضحة وضوح الشمس..كل يوم جديد يمر عليها وكل موقف ومكالمة ومزحة ونقاش بينهما تنغمس بعشقه وتحبه أكثر..ياسين جدارها الصلب الذي تستند عليه بعد الله..لا تمل الدعاء له واستوداعه عند خالقها.. 



+





        


          



                


اهتز هاتفها بغتة برنين منه، فابتسمت وأجابته:


_ ألو. 


_ وحشتيني! 


هكذا أفصح لها عن شوقه سريعا فغمرتها السعادة وهمست: وانت اكتر


_ وانا ايه يابخيلة؟


_وحشتني والله وكمان كنت في سيرتك مع اختي وبقولها اني هتصل بيك، لقيتك بتتصل انت


_ قلبي سمعك يا بسمتي


_ ربنا يخليك ليا ومايحرمنيش منك


_ ولا منك يا سمسم.. ها.. كنت هتتصلي بيا ليه؟


_ بصراحة حنين خايفة عبده يرفض انها تنزل وتبات في القاهرة معايا و… .


قاطعها: ماتقلقيش انا ظبط الدنيا معاه وكمان عزمته


_ بتتكلم جد؟ دي اختي كانت لسه بتتمنى انه يحضر 


_ أه والله، احنا بقينا أهل يا بسمة.. يعني عبده لو جه عزمني على فرح اخوه ولا اخته هرفض؟ لأ طبعا.. ريحي بالك انتي من اي حاجة وقوليلي.. في حاجة ناقصاكي وعايزة تشتريها قبل الحنة؟ 


_لا الحمد لله وحتى لو ناقصني هنزل اشتريها.. 


_ يعني لسه معاكي فلوس؟


_ أساسا فلوسك زي ما هي والله..منا قولتلك معايا


صاح بحزم:  بسمة.. أحنا هنرجع للكلام ده تاني؟ ولا لازم كل شوية افكرك انك بقيتي مسؤلة مني.. والفلوس اللي بتاخديها مني دي حقك؟


_ عارفة والله..ومش قصدي تزعل.. عموما انا لسه كنت بقول لحنين لو محتاجين حاجة للحنة او الفرح هنروح نشتريها بكره.. 


_ ماشي..بس الفستان اللي هتحضري بيه الفرح انا اشتريته خلاص..عجبني اوي وشوفتك فيه.. بعتلك صورته على الواتس شوفيه.. 



+




تأملت الرداء وانبهرت بفخامته ورقته، لكنها تذكرت شقيقتها.. لو ارتدته سيكون الفرق شاسع بينهما..وهذا لن يرضيها.. 


_ ها ياحبيبتي عجبك ذوقي؟


_ وهو ينفع مايعجبنيش.. ده تحفة فنية مش فستان.. بجد تسلم ايدك يا ياسين.. 


_ مبروك عليكي ياقلبي.. وأكيد هيبقي احلي عليكي



+




ترددت قليلا قبل أن تقول:  ممكن اقول حاجة وتوعدني ما تزعلش؟


_ خير؟


_ بلاش أحضر بالفستان ده


_ ليه يابسمة مش قولتي عجبك؟ لو تحبي اجيبلك غيروا او لما تنزلي القاهرة اخدك و… 


_ لا لا بالعكس ده ابهرني اقسم بالله من جماله.. بس


_ بس ايه يابسمة وضحيلي؟


_ أختي هتلبس فستان اقل فخامة بكتير يا ياسين.. مش هكون مبسوطة لو حنين حست بفرق بنا.. خلي الفستان ده هلبسه معاك لما نتجوز.. واوعدك اني هحضر بفستان يشرفك برضو مش هقصر رقابتك واحرجك قدام الناس متخافش.. 



+




رغم ضيقه لرفضها الحضور بما انتقاه لأجلها.. لكن تغلب عليه احترامه وحبه لها أضعاف.. متي ستكف عن إبهاره بحنيتها ورقتها وإنسانيتها الجمة.. 



+




_ زعلت مني يا ياسين؟ طب حقك عليا لو مصمم أنا


_ بحبك.. 


لجمها گ عادته بتلك الكلمة، واستطرد بقوله الحاني: 


مش هنكر اني اتمنيت تحضري بالفستان اللي اختارته عشانك.. وده مالوش اي علاقة انك تشرفيني او لأ.. انا كده كده متشرف بيكي في اي مكان يا بسمة.. بأخلاقك وطيب أصلك وفخور بحنيتك دي على أختك..حنانك اللي مشتاق اجربها وانتي معايا وفي حضني.. 



+




تخضب وجهها بالحمرة لحديثه الذي استأنف: 


عموما ياحبيبتي اللي يريحك.. والفلوس معاكي ولما اجي هديكي فلوس تاني..اللي يعجبك اشتريه.. مبسوطة؟



+





        


          



                


_ من يوم ما ربنا رزقني بيك وانا مبسوطة يا ياسين.. ربنا يخليك ليا ويقدرني اسعدك..أنت بقيت أغلى شخص في حياتي.. رضاك بقي غايتي..ومش هتكسف اقولك ان انا كمان مستنية اللحظة اللي تجمعنا..انت عرفت تطمني وتملك روحي..انت راجل بجد.. راجل فخورة اني شايلة أسمه.. 



+




اهتز قلبه بما باحت به له


كافأته بأكثر مما توقع منها


غزت رجولته بذكاء وعفوية ليتها تدري تأثيرها


جعلته فخورا انه نجح في بثها أمانه..وحبه..


ماذا يقول ليرد لها ما فاضت به واسعده؟


ربما هي كلمة دائما ماتختصر بينهما المسافات


وتنفذ لقلبها وتشعل الدماء بوجنتيها الشهية.. 



+




_ بحبك يابسمة.. بحبك جدا وربنا يقدرني اسعدك طول العمر.. 


_____________



+




_ جوجو هو عامر هيحضر الحنة معانا بكره؟


_ لأ.. أخوه عامله حنة هناك هو اصحابه.. أنا أصلا كنت عايزة اعمل حنتي في القاهرة.. لكن ماما وخالتو صمموا يعملوها في المنصورة مش فاهمة ليه وجع القلب ده.. 


_ طب ماهو طبعا تتعمل هنا وسط أهلنا عشان يفرحوا معانا، وانتي گ عروسة مالكيش رأي..تحضري من سكات.. 


_ ماشي، زود زعلي منك ومنكم كلكم.. عن اذنك.. 



+




التقطها من ياقة كنزتها: أثبتي مكانك يا زئردة.. زعلانة مننا ليه؟


_ أولا سيبني وبلاش مسكة الحرامية دي.. وثانيا أحترمني شوية انا خلاص هتجوز.. افرض جبت ولاد.. تهزئني قدامهم ويقولوا امهم زئردة؟ وثالثا واللي بجد مزعلني.. انكم ماصدقتوا تخلصوا مني.. عملتوا لآبيه وعطر جناح ليهم هنا وانا لأ.. خلاص مش عايزين تشوفوني تاني بعد الجواز؟



+




_ بصي أصعبهم ثانيا بصراحة..بس هحاول اعملك برستيج قصاد الأغراب.. أما ثالثا مين قالك ان مالكيش مكان ياهبلة..ده كلنا برة وانتي تقعدي وتربعي يا جوجو.. 



+




ابتسمت ابتسامة دلال لإطرائه، فواصل: كل الحكاية ان يزيد قال انه هايجي بعد أجازة جوازه يقضي اسبوع مع ماما زي ماطلبت منه عشان تفرح به هو ومراته.. لكن انتي مع جوزك وعلى ما عامر يجيبك حسب ظروفه طبعا لأنك بقيتي تحت طوعه.. هنكون احنا ظبطنا جناحك براحتنا.. فهمتي؟



+




أومأت له:  فهمت يا عبودي


_ طب تعالي بقى في حضني


وعانقها قائلا: خلاص كبرتي وهتتجوزي يابنوتي.. ربنا يسعدك ياجوري.. لعلمك أكتر حاجة مطمنة قلبي إن يزيد معاكي هناك وهتكوني تحت عيونه.. وجوزك كمان ابن حلال وأصيل وبيحبك.. أوعي يا جوري تزعليه..خليه يحلف بتربيتك وأصلك واعرفي إن رضاه من رضا ربنا.. وفي نفس الوقت لو جه عليكي في يوم اوعي تنسي أن ليكي عزوة تاخدلك حقك.. بس إن شاء الله ياحبيبتي عامر مش هيزعلك ابدا.. أنا متأكد من حبه ليكي..



+




لم تتخيل ابدا ان يدور بينها وبين شقيقها عابد كثير المزاح حوار مؤثر گ هذا..كلماته جعلتها فخورة أن لديها أخ مثله..


بكت وهي تحتضنه فمازحها: يخربيت النكد..بطلي عياط بوظتي القميص بتاعي ياقصيرة.. 


ضحكت وهي تجفف دموعها وقالت:  ما انت اللي كلامك أثر فيا.. أنا كنت ناوية اكتفي بالعياط بتاع الصبح مع ماما.. بس شكلكم عايزين عامر يشوفني ويطفش من عيوني الوارمة.. 


_ لا هو لو هيطفش يبقي من لسانك الطويل..روحي يلا ولو لقيتي مراتي في طريقك ابعتيهالي.. 


قالت بتهكم:  في اختراع اسمه تليفون يا هندزة.. اتصل عليها تجيلك أنا مش فاضيالكم انا عروسة وورايا مليون حاجة.. 


_ طب انجري مش عايز منك حاجة.. 


همت بالسير فأوقفها:  استني نسيت اقولك حاجة.. بكره في الحنا إياكي ترقصي..أخرك تصقفي زي المعازيم.. 



+





        


          



                


تخصرت باستنكار وصاحت:  نعم؟ بلاش أيه؟ أمال لو مش هرقص في حنتي يبقى امتي إن شاء الله؟ ده انا قلت هاخد راحتي وعامر في القاهرة تقوم تمنعني حضرتك؟!


_ أيوة لأن هيبقي في شباب كتير.. وانا اللي هرقص.. 


_ بص ياعامر أنا… 


قاطعها:  أسمي عابد يا مسطولة! 


_ سوري.. ماهي أساميكم شبه بعض اعملكم ايه.. المهم أنا هرقص براحتي ولو فكرت تمنعني عن الرقص وربنا ما هحضر الحنة.. 



+




"مش هتحضري حنتك؟!"


قالها يزيد بدهشة وهو يدنوا منهم، فاستغاث به شقيقه:  تعالي ياكبير شوف اختك.. بقولها مافيش رقص، تقولي مش هحضر الحنة.. عقلها أنت بكلمتين.. 



+




جوري:  يرضيك كده يا آبيه؟ مش انا عروسة؟


يزيد: وست العرايس كمان يا جوجو.. 


_ طب في عروسة بتقف ساكتة ومش بترقص؟


_ وحتى لو في أكيد مش انتي يا روحي


ضحكت لدعابته وهتفت:  بالظبط كده..سيبوني بقي انطلق.. دي ليلة مش هتكرر بلاش نكد الأخوات الصبيان ده وماتزعلونيش في اخر يوم ليا هنا.. 


ابتسم وربت على وجنتها: ولا يهمك ياجوجو، لما تحبي ترقصي تكوني وسط دايرة بنات عشان محدش يشوفك.. 


وانطلقي براحتك.. 


شبت علي قدميها وقبلته وهي تصيح:  قلبي ياناس.. 


ثم رمقت عابد وقالت ساخرة قبل أن تتركهما:  شايف العقل والحكمة؟ أتعلم من الكبير شوية.. 


حدجها بامتعاض: طب امشي شوفي اللي وراكي وقتك انتهى معانا، عايز اكلم يزيد على انفراد..


……… 


_ هو انت لازم تستفزها كده


_ أصلها مسلية أوي وبحب انرفزها جدا..المهم خلينا فيك ياعريس ناقصك حاجة؟ 


_ اطمن كله تمام وشكرا الطقم اللي جبته عشاني للحنة.. ذوقك روعة.. 


_ مبروك عليك ياغالي، هتبقي نجم فيه.. 


ربت بقوة علي كتفه: حبيبي ياعبودي..طمني مراتك عاملة ايه في الحمل؟ 


_ الحمد لله زي الفل.. ماما وطنط بيزغطوها زي البطة.


_ طبيعي عشان تجيب شبل جديد لعيلة ابو المجد


_ بإذن الله..


وواصل:  الليلة محضرلك سهرة حلوة انا وياسين..( ثم غمزه وهو يقول)  حاجة شبابي كده عشان تودع العزوبية قبل ما تدخل القفص ياكبير.. 


_ وانا جاهز يا باشا


_اتفقنا.. هروح اشوف سينو وارجعلك..


_ بالسلامة.. 



+




تنهد وهو يرى الجميع يتسابق لأظهار سعادتهم به هو وشقيقته..لاح طيفها في مخيلته وهاج شوقه لها، لا يصدق ان لا يفصله عن الإجتماع بحبيبته سوي أيام معدودة وتسكن ذراعيه كما احتلت قلبه..رفع هاتفه ليحادثها ويهديء لهفته بصوتها قبل ان يعود شقيقه لبدء سهرتهم الخاصة.. 


_______________



+





امتلأت حديقة المنزل بالكثير من الأهل والمقربين


كما اكتظت الساحة الخارجية بالمدعوين من كل صوب يهنئون رجل بلدتهم الودود الأصيل "أدهم أبو المجد" لزواج أبنه الأكبر وابنته الصغري..وكان أكثرهم الشباب رفاق عابد وياسين الذين جهزوا له مفاجأة برقصات جماعية مبهرة جعلت الجميع يلتف حولهم ويترك احتفال العائلة في حيز الفيلا الداخلي وينضم لهم.. 



+




وازدادت الأجواء اشتعالا حين أعلن مدير الحفل في مكبر الصوت عن رقصة ثلاثية بين عابد وياسين ومحمود.. هدية منهم لأشقائهم يزيد وعطر وجوري.. 



+





        


          



                


صاحت الأخيرة في الجميع:  ياجماعة تعالوا رقصة اخواتنا هتبدأ..يلا بسرعة عشان نلحق دخولهم.. 



+




بدأ مرور عابد وياسين ومحمود  لمنتصف الساحة مرتدين زي صعيدي موحد ومهيب، جلباب فضفاض يصاحبه "عمامة رأس"و "لاسة" فخمة حول العنق ليكتمل مظهرهم المميز..لكن لم تكن تلك مفاجأة دخولهم الوحيدة ورقصتهم الجماعية بعد أن شهق الجميع إعجابا لمرور الصغير مهند بينهم وهو يرتدي نموذج مصغر من الزي الصعيدي الكامل أيضًا..ليحين دور ذهول زمزم وهي ترى صغيرها هكذا


صار مثل الرجال.. أغرورقت عيناها وهي تتنقل بين زوجها وطفلها وشقيقها هامسة:  شايفة يا ماما عابد ومهند ومحمود حلوين ويجننوا ازاي.. حاسة قلبي هينط مني ويروح يحضنهم.. 


أحتضنت عبير كتفيها بفرحة وهي تتمتم بذكر الله لترقيهم:  بسم الله ما شاء الله.. ربنا يحميهم من العين ويحفطهم لينا ياحبيبتي.. وياسين كمان زي العسل، كلهم يخطفوا العين.. 



+




أما الأخير فكانت زوجته بسمة تتأمله بإعجاب شديد وهي تري زوجها لأول مرة هكذا.. ضحكت بسعادة غامرة وهي تتلقى غمزة منه فور رؤيتها.. فمالت عليها حنين مغمغمة:  يانهاري.. ياسين شكلوا فظيع باللبس ده وهو بيرقص.. أنا هغمي عنية خايفة احسدهولك يا أختي..ياريت عبده جه ورقص معاهم ولبس صعيدي.. 


_ قولي ما شاء الله..وتتعوض في حنتك ياستي ( واستطردت)  تعرفي نفسي في ايه ياحنة؟


_ في ايه؟


_ اروح جمبه واقف بين ايديه وهو بيرقص.. بس طبعا دي أحلام مستحيل هعمل كده لكن ده من فرحتي به.. 


صاحت بحنان:  ربنا يباركلك فيه يابسمومة وابقي ادلعي واعملي اللي يعجبك لما تتجوزوا على خير.. 



+




أما عطر فمكثت ترمق شقيقها أيضًا بعين دامعة من فرط سعادتها وهي تراه يحتفل بها خصيصا بتلك الرقصة التي اشتعلت موسيقاها بالفعل وتعلقت الأحداق بحركات ثلاثتهم المدروسة المتناسقة وهم يلوحون بالعصا الخشبية الطويلة.. لتمزح جوري:  العصايا اللي ماسكها مهند بحجم القلم الرصاص بتاعه.. 


نكزتها بلقيس بظهرها:  ماتتريقيش على هوندتي.. ده هو البرنس اللي فيهم والبنات هتاكلوا بعد ماتخلص الرقصة.. صح يا أيلاف؟



+




كانت الأخيرة مسحورة برقص خطيبها محمود وسط الرجال بزيه الذي أضفي عليه عمرا ووقارًا وجاذبية مهلكة.. لم تنتبه لحديث بلقيس التي شاكستها قائلة: حاسبي يابنت هتاكلي الواد ابن عمي بعيونك.. 



+




تحررت من هالة سحره وهي تقول: بلاش رخامة يابلقيس والله هزعل منك.. 


ضحكت وهي تضمها:  خلاص ماتزعليش يا لولو.. ربنا يجمعكم على خير يارب.. حوده يستاهل بس انتبهي احسن حد يعاكسه.. 


_ ماتقلقيش معايا صاعق كهربا


قهقهت وهي تصيح بفخر:  تربيتي.. ايوة كده حصني نفسك في الموقف العنيفة..ماتبقيش بسكوتة مع الكل.. 


_ ماتقلقيش انا تلميذة شاطرة، ومش هسيبك غير وانا متعلمة شوية حركات "جودوا" تنفع للطواريء.. 


_ عنية يا باشا.. هظبطك.. 



+




أما كريمة كانت في عالم أخر ودموعها  تسيل فرحا خاصتا حين اشتعلت رقصة الشباب أكثر بانضمام كبار العائلة إليهم، عاصم وأدهم وناجي ومحمد.. والمعارف أمثال خال ظافر.. لتصبح رقصة رجال جماعية على أنغام موسيقى صعيدية صاخبة.. 



+





        


          



                


دره وهي تهديء فدوى وشقيقتها:  وبعدين معاكم بقى بطلوا عياط وافرحوا واتفرجوا علي الرجالة، الرقصة قربت تخلص.. 


فدوى من بين بكائها:  فرحانة بيهم يا دره ومن الفرحة ببكي.. 


اقتربت منها بسمة وربت عليها بحنان:  ربنا يباركلم فيهم يا طنط ..


_ ويفرحني بيكي انتي وياسين عن قريب ياحبيبتي (ثم حدثت حنين) عقبالك يابنتي انتي وعبد الرحمن..


_ في حياتك يا طنط تسلمي.. ومبروك لعطر ويزيد وجوري.. ربنا يسعدهم.. 



+




تحدثت بلقيس حديث جانبي مع زمزم قائلة وهي ترصد بسمة:  والله خطيبة ياسين دي شكلها بنت حلال ..فاكرة أفكارك السودة في الفترة إياها.. 


ابتسمت مع قولها:  الحمد لله فترة وعدت.. دلوقت هي زي اختي وبعزها والله لأنها فعلا طيبة وأخلاق وعندها عزة نفس كبيرة.. 


_ باين من اللي حكتيه عنها وقت ما اشتريتوا هدوم كتب الكتاب.. ربنا يفرح الجميع.. 


_ يارب.. أمال فين جوزك مش شايفاه؟


_ هناك أهو جنب يزيد.. الاتنين شبه بعض، حاجة تقيلة كده في نفسهم.. مستحيل ينزلوا يرقصوا.. 



+




تلاشى افتراضها بلحظتها وهي تري عابد يسحب شقيقه وظافر عنوة ليجبرهما علي الرقص معهم..لتتسع حدقتي بلقيس بدهشة وزوجها يقوم بذات الحركات المدورسة.. كأن الجميع تشرب التراث الصعيدي وأتقن أنغامه ورقصاته.. أنغام امتزجت معها دقات قلوب محبيهم وكل أنثى تكحلت عيناها حبًا وفخرًا بزوجها وولدها وشقيقها.. 


وانتهت الرقصة وعادت فقرات الحفل الأخرى ليمتد احتفالهم لساعات طويلة من الليل قبل انتهاءه.. 



+




________________


تمت ليلة الحنة گ أجمل مايكون.. تألقت عطر وجوري بطلة أسرة خطفت لُب الجميع..ثم استعدت العائلة في اليوم التالي لنزول القاهرة حيث سيقام حفل الزفاف بعد يومان.. 


…………


ذهبا بصحبة الفتايات لمركز التجميل، بينما أعدت كريمة وشقيقتها ما لذ وطاب للعرسان ثم توجهوا مع الأخرايات لتفقد الشقتين وتخزين الطعام بشكل مناسب.. ثم جلسا ينتحبوا لفراق الفتايات للمرة الأولى! 



+




دره:  وبعدين معاكي ياكريمة انتي وفدوى.. هتقضوها كده وتنكدوا علي بناتكم؟ دي سنة الحياة، زي ما احنا روحنا بيت أزواجنا هما كمان طبيعي يبتدوا حياة جديدة.. وبعدين هما بعيد؟ في كل وقت هتقدروا تزوروهم ويزوروكم .



+




كريمة بصوت باكي:  مش قادرة اتخيل البيت من غير جوري.. دي روحي يادره.. ازاي هتبعد عني.. 


فدوى وهي تشهق من البكاء:  وانا كان نفسي بنتي تتجوز في المنصورة وتبقي قدام عنية.. كنت هروحلها كل يوم اطمن عليها.. 


عبير:  ياجماعة الدنيا قريبة سهل تتقابلوا.. وبعدين دره اهي لسه قاعدة شوية هنا هي هتاخد بالها منهم.. وبعدين جوري وعطر اخواتهم معاهم يعني مش لوحدهم.. و كلمة حق تتقال، إن كان عامر ولا يزيد.. كل واحد فيهم طاير بعروسته وهيشيلها علي كفوف الراحة.. انتوا بدال العياط ده ادعوا ليهم بالتوفيق وقوموا استعدوا الوقت بيعدي وفاضل ساعات قليلة علي الفرح.. ولا ايه يادره؟


_ كلامك مظبوط طبعا.. وانا اتفقت مع بنوتة جاية تظبطنا هنا في البيت.. انا قلت مالناش احنا في جو "البيوتي" والتنطيط هناك، خلينا براحتنا هنا.. 


عبير:  خير ما عملتي


ثم غمزت لهم بمزاح:  أنا عايزة اظبط ابو العيال.. الفرح هيكون ملغم حلويات ولازم املي عين محمد. 



+





        


          



                


ضحكت دره وكذلك كريمة وفدوى التي صاحت: 


والله انتي عسل ياعبير.. ربنا يديم عليكي الروح الحلوة دي دايما ويقوملك بنتك بالسلامة.. 


_ تسلميلي ياحبيبتي وعقبال بناتكم إن شاء الله


ثم ربتت على كتف دره: عقبال بلقيس، والله هتكون فرحتنا الكبيرة.. 


منحتها ابتسامة مشوبة بمسحة حزن:  يارب ياعبير.. مستنية بفارغ الصبر الخبر ده.. 


كريمة برفق:  قريب والله.. قلبي بيقولي كده.. هي مش كشفت هي وجوزها زي ما قولتي؟ 


_ أيوة والدكتور طمنهم الحمد لله.. 


فدوى:  يبقي سبيها علي الله.. بأمر الله هنسمع عنها سمع خير قريب.. ربك كريم


_ ونعم بالله.. 


وواصلت:  طب عن أذنكم انا هتصل بالبنت استعجلها..


________



+




تحفزت الأحداق المحبة لدخول العروسان


وتراقصت الإضاءة عند نقطة ما والجميع متوقع ظهور نجوم الحفل ليباغتهم ولوج عامر منفردًا يتلفت يمين يسار بشكل أثار دهشتهم ، ثم قال عبر مكبر الصوت (ياجماعة.. محدش شاف عروستي؟)


قهقه الحضور وساد صخب وراحوا يتندرون بتهكم مرح علي العريس الذي فقد عروسه ..ليواصل عامر حديثه عبر المكبر وهو يشير بكفه لمستوى منخفض


(هي بنت قصيرة كده، محدش عارف هي فين؟)



+




علت الضحكات أكثر وزادت الجمل الساخرة من بعضهم گ نوع من المزاح، ومن بينهم عابد شقيقها وهو يصيح عليه:  ارجع العربية هتلاقيها تحت في الدواسة.. ما انت عارف الطول مش هايجيب معاها "level " أعلى من كده.. 


نهره أبيه:  اتلم وماتتكلمش كده على اختك


ثم حدث العريس بصوت عالي:  بنتي فين ياعامر؟ 


_ في الحفظ والصون ياعمي.. 



+




ثم أشار لزاوية ما، فتحولت دائرة الضوء عنه لتصوب تجاه المدخل الرئيسي للقاعة، فظهر هودج "عُرس" بعمدان فضية اللون يتخللها ستائر بيضاء شفافة ولامعة.. في المنتصف تقبع عروسه، وفستان زفافها الضخم المميز يعطيها مظهر خلاب شهقت له الأفواه..ورجال بزي مغربي بتقدمون وهم يحملون الهودج من زواياه الأربع..تصاحبهم موسيقى لائقة لدخول مهيب يليق بحبيته التي حقق لها أمنية عابرة أخبرته بها يوما بقدوم عرسها فوق هودج.. وهاهو يحققها لها.. 



+




تحت أنظار الجميع وتصقيفهم الحاد وصافراتهم  غادرت جوري حدود هودجها بحذر ولا تسعها فرحة الدنيا بأسرها، وتذكرت قبل دقائق قليلة كيف غمم زوجها عينيها بوشاح عند باب القاعة.. ثم شعرت به يحملها ويضعها داخل شيء ما لم تدركه إلا حين تأرجح بها، وهمهمة رجال حولها تصل لمسامعها.. وبعد عدة خطوات.. أخبرها أحدهم ان تنزع عنها الوشاح قبل أن تدخل دائرة الضوء.. 



+




بكت فتلقفها زوجها عامر وهو يهمس بأذنيها: مبسوطة يا ملاكي؟.. حققتلك حلمك..


بح صوتها وهي تجيبه من فرط سعادتها:  مبسوطة ان ربنا رزقني براجل زيك.



+




ابتعد عنها بعد صياح مشاكس من رفاقه، ثم أمسك مكبر الصوت ثانيا وقال: مراتي كان نفسها وهي عروسة تركب هودج فوق "جمل" بس طبعا انا لو دخلتها القاعة راكباه كان زمان كل المعازيم سابت الفرح وجريت قبل ما ندوق التورتة اللي تعب فيها التوب شيف.. 



+





        


          



                


هز ظافر رأسه بيأس ومال علي زوجته هاتفا:  أنا عارف ان دماغه هربانة منه.. بس ماتوقعتش جنانه يوصل للدرجة دي.. 


بلقيس ضاحكة:  لا والله ده عمل جو، ودخول جوجو بالهودج بصراحة روعة.. بجد حاجة مش هتتنسي.. والله كأنه مشهد في ألف ليلة وليلة.. ربنا يهنيها.. عامر صاحبك شكله بيحبها اوي.. 


_ مش أكتر منا بحبك


ابتسمت لغزله وردت علبه بما يليق به ثم عادت تتابع ما يحدث وهي تصور كل اللقطات المميزة بهاتفها.. 



+




جلس العروسين علي مقاعدهما المزينة لهما.. ثم حان دور دخول يزيد وعطر التي سرقت الأنظار بفستان زفافها شديد الفخامة والرقة..ملامحها فاتنة وعيناها تضوي گ النجوم..بينما ظهر يزيد بحِلة أنيقة ووسامة


ملفتة نبعت من فرحته الجمة بهذا اليوم.. أخيرا سيجتمع مع عروسه ويستقر قلبه وتبدأ مرحلة جديدة وهامة في حياته.. لكن لم ينتهي الأمر عند هذا الحد..بعد تلقيهم ترحيب صاخب من حضور القاعة ووالدي كلا منهما يلوحون لهما بتهنئة حارة وعيون دامعة من الفرحة.. تراقصت أضواء القاعة مرة أخري ثم انتقلت دائرة الضوء للمدخل الرئيس والعيون تترقب القادم الذي لم يظهر بجسده.. بل صدحت نغمة صوته المميزة عبر مكبر الصوت وهو يغني.. ليصيب عطر ذهول من المفاجأة..وهي تتعرف علي صوت مطربها المفضل " أحمد المغيني" الذي بدأ ظهوره داخل دائرة الضوء ليضفي علي حفل زفافها نكهة خاصة هو وزوجته "نور" ومعهما طفلها.. 



+




صرخت من فرط سعادتها وتعلقت بعنق يزيد الذي راح يأرجحها بين ذراعيه محتويا فرحتها برضا.. والجميل ان الأغنية لم تكن مألوفة لديها.. كأنها أعدت خصيصا لها.. وهذا ما أبرمه مع زوجها حين طلب مجيئه وتحضير اغنية جديدة تصلح هدية لزوجته.. علي انا يعطيه مقابل مادي.. لكن الشاب الخلوق رفض أن يتقاضى أجرا..



+




انتهت فقرة المطرب وتبادل التهاني مع العروسان وبعد وقت غادر.. ثم انتهي حفل زفافهما وتلقوا تهنئة الجميع..وتوجه كل عريس بعروسه لمسكن الزوجية في ذات البناية والطابق..وكل فتاة تعج رأسها بالمخاوف..وأساطير تلك الليلة لا تنتهي، يتداولها كل شخص حسب منظوره و تجربته الخاصة..



+




عطر لم تكن تعلم شيء ولم يحدثها أحدا.. 


ولا تدري ما الذي جعلها تهجش في البكاء بتلك الطريقة فور ولوجها معه لمنزلهما وغلق الباب.. شعور عجيب بالغربة انتابها وهي معه.. رغم عشقها الذي لا تخطئه عين.. وشوقها للحياة تحت كنفه..



+




_ حبيبتي انتي بتبكي كده ليه



+




تساءل بفزع حقيقي وهي تفاجئه ببكائها..


هل تخافه لهذا الحد؟ أيعقل؟


_ طب اهدي وخدي اشربي شوية مية.. 



+




ارتشفت القليل وهي ترتجف بين يديه.. فوضع الكاسة بعيدة وضمها إليه برفق وهو يغمم بأذنيها ببعض الكلمات علها تهدأ.. لكنها ظلت تبكي دون سيطرة.. وأخيرا همست من بين نحيبها ( خايفة)



+




قال باستنكار:  خايفة مني ياعطر؟ أنا يزيد حبيبك تخافي مني؟


واصلت نحيبها فربت علي ظهرها مع تمتمة حانية: 


متخافيش يافواحة..مافيش حاجة هتحصل تخوفك مني والله.. ده وعد.. بطلي عياط بقى عشان خاطري. 


هدأت بالفعل وظلت قابعة على صدره.. وبصوت خافت قالت:  يزيد..شكرا على المفاجأة اللي عملتهالي.. 


_ يعني عجبتك؟


_ جدا جدا.. أنا قلبي كان هيقف من الفرحة.. 


ابتسم وهو يشدد بضمها، فعادت تهتف:  يزيد.. أنا أسفة اني بكيت كده زي الأطفال.. 


شاغبها:  ما انتي طول عمرك طفلة يزيد.. 


رفعت رأسها بتحفز:  لا مش طفلة..سبب عياطي ان في حد قالي عن الليلة دي كلام خوفني اوي.. 


_ حد مين وقال ايه؟ 



+





        


          



                


ترددت ثم قالت:  لأ.. ماينفعش اقولك.. كده هبقى عيلة فعلا وفتانة.. 


طالعها باستمتاع وهو يتشربها بعيناه.. فنادت أسمه بهمس شديد أرجف قلبه من فرط رقته: يزيد


اقترب حتى تلاحمت وجوههما: عيون يزيد.. 


بدا تأثير قربه يضعفها وحاولت أن تتفوه بشيء أخر لم تستطع.. ولم يصبر فارسها أكثر من ذلك.. فاض صبره.. أجتاحها بعاطفته ليعبر معها عالم أخر من فرط سحره غرقت به ومعه.. ضاع الخوف واندثر الخجل على أعتاب جنة حبهما الحلال.. 


_________



+




يتعجب أين ذهبت عروسه! 


هل انقلب مزاح القاعة لحقيقة وضاعت منه حقا؟!


_جوري روحتي فين؟


هكذا صاح وهو يتفقد زوايا غرفة نومه التي ولجها بعد انتهاء مكالمة هامة مع شقيقه.. 


_ يامجنونة انتي فين ردي عليا.. مصيبة لتكوني خلتيني بكلم اخويا ونزلتي لبيت أهلك.. والله اخليها ليلة هباب علي دماغك.. 



+




رصد ما وراء الستائر والمرحاض وداخل خزانة الملابس ثم فجأة لمح طرف فستانها يظهر من تحت الفراش.. ابتسم بخبث وتسلية.. ثم اقترب وجلس عليه وقال متعمدا:  ياريتها تكون مشيت عند أهلها.. أنا اصلا تعبان وعايز انام لوحدي..( ثم شرع بنزع جاكيته عنه وحل أذرار قميصه وخلع حذائه وهو يغني اغنية المطرب الشعبي "ريكو" 



+




طهقان زهقان مضايق


مجروح مذبوح مش فايق


انا ايه راماني الرمية دي


و انا مالي و مال السكة دي


خنقتني و سدت نفسي. 



+




ثم وقف في منتصف الغرفة يرقص بحركات شعبية وهو يدور حول نفسه مرددا نغمة اللحن: 



+




مانا كنت مدلع نفسي


و لوحدي و عايش رايق


طهقان زهقان مضايق



+




"بقى كده ياعامر؟!!"


أيوة كده اظهر على حقيقتك يا غشاش يا نصاب.. 



+




هكذا صاحت وهي تحاول بصعوبة أن تغادر أسفل الفراش الضيق بعد حشر فستانها الضخم، اصطدمت رأسها بحافته الصلبة.. فصاح عليها: 


حاسبي يامجنونة.. هايشوفوكي الصبح ويقولوا عليا ضربتك..( ثم انحنى على ركبتيه وهو يحاول أنا يساعدها لتخرج وقد بدا الأمر معقد فهتف بحنق: أنا مش عارف ازاي عرفتي تدخلي تحت السرير بالبلونة اللي انتي لابساها دي.. براحة.. حاسبي.. 


ثم قال بمكر:  طب كنتي اقلعي الفستان واستخبي براحتك وكنا نلعب أنا وانتي طول الليل تحت السرير.. اقسم بالله ما كنت هعترض.. 



+




جزت علي أسنانها:  عامر.. طلعني وبلاش استظراف.. ولا عايز تنسيني فرحتك اني مشيت.. 


أخيرا استطاع تمريرها من أسفل فراشهما، وقال وهو يلهث:  منك لله يا شيخة فرهضتيني وانا كنت موفر قوتي لحاجة تانية خالص.. بس المفروض ده اللي اتوقعه مع واحدة مجنونة زيك.. 


هدرت بغضب مضحك:  أسكت ماتكلمنيش.. مش كنت بتغني دلوقت وفرحان؟ وانا اللي قلت هتتخض وتدور عليا..بس كويس اني اكتشفتك.. وبعدين ايه الأغنية البيئة دي؟ آل أيه "طهقان زهقان مضايق"


ثم راحت تهمهم:  أنا غلطانة ان سبت مامتي وجيت معاك.. 



+




عناق! 



+




فقط عناق وئد حنقها


وروى به شوقه وهو يحتويها بين ذراعيه


متجاهلا غضبها وهو يدس وجهه في طيات عنقها يتلمس نعومتها بحرية. يستنشق عبقها..يتنعم بجسدها الصغير جدا بين ذراعيه.. بدأت قدميها ترتفع عن الأرض وهو يشد حصاره عليها.. أستكانت.. بدأت تستمتع بقربه.. حنانه..أنفاسه الدافئة التي تغزوها.. ساد بينهما صمت طويل وهي تبادله عناقه.. ثم ابتسمت وهي تقول ورأسها مازال يعلو كتفه غارقة بتأثيره: 



+





        


          



                


"بحبك ياعموري"



+




ابتعد عنها وتأملها بوله مع همسه:  مش أكتر مابحبك أنا.. أنتي اجمل بنت شوفتها.. وأحن مخلوقة.. انتي بحلاوة السكر وقلبك صافي شبه بياض التلج.. روحك نقية لدرجة الملايكة..عشان كده حبيتك ياجوري. وهفضل احبك .. 



+




ولم تعد للكلمات مجالا وهو يكتسحها بطريقته لتعلم جوريته بالفعل كيف يعشقها ويذوب بها.. 


___________



+




بينما هو منهمك بتجربة وصفة جديدة، صدح صوت هاتفه فأجاب وتركيزه مازال مصوبا لما يفعل: أيوة يا بلي ازيك.. 


_ الحمد لله ياحبيبي.. لقيتك مش كلمتني من الصبح وقلت اطمن عليك.. 


_معلش والله مشغول في قالب تورتة ضخم وفي تفاصيل كتير اوي..ولازم يتسلم انهاردة..بس رغم تعبي النتيجة طالعة ممتازة.. هيبقي من القوالب اللي فخور اني نفذتها


_ شوقتني اشوفه يا ظاظا


_ هبعتلك صورته انا تقريبا خلصته.. 


نهضت تحدثه وهي تسير بتروي في محيط غرفتها وقالت:  منتظراه.. وتسلم ايدك مقدما يا فنان


_ تسلمي ياقلبي.. بس مال صوتك يابلقيس؟ كأنك تعبانة


_ والله يا ظافر مش عارفة.. من وقت ما وصلتني الشركة الصبح وانا حاسة اني مش مظبوطة.. تقريبا إجهاد من اليومين بتوع فرح جوري وعطر.. انت عارف اخر أسبوع عملنا مشاوير كتير وكنت مابين المنصورة والقاهرة، نومي كان قليل الفترة دي.. وشكل التعب حل عليا انهاردة.. 


_ خلاص يبقي هاجي اخدك وارجعك البيت لأن كده قلقتني عليكي..وخدي يومين راحة من الشركة


_ لا ياظافر انا أجزت كتير.. وبابا دلوقت بقي معتمد عليا.. ومش عايزاه يفتكر إن بنته مش قد المسؤلية.. أنا…..



+




بترت صوتها بغتة فغمغم بقلق:  انتي ايه؟ بلقيس؟


جاء صوتها واهن وكأنها تلهث: ظافر! 



+




سمع دوي سقوط شيء ما.. هدر صارخا ينادي عليها فلا مجيب..ماذا حدث لها؟! اشتعلت الهواجس في عقله ولم ينتظر لحظة أخري ليكمل تساؤلاته، ترك ما بيده مسقطا هاتفه دون وعي والتقط سلسال مفاتيحه مسرعًا للخارج 


واثبًا تجاه سيارته التي أدارها بسرعة البرق ليصل إليها والأفكار السيئة مازالت تعج برأسه.


______________



+




أخيرا بعد أن تفادى أكثر من صدام في الصريق وصل لغرفة مكتبها الخاص والجًا إليها ليجد زوجته فاقدة للوعي وجسدها ممدد على الأرض وهاتفها جوارها مهشم من أثر السقطة..حاول تمالك أعصابه وهو يحملها بين ذراعيه عابرا بها للخارج ولفت نظره مكتب سكرتيرتها الفارغ..


……… ..


_ طمني يا دكتور مراتي مالها؟


تسائل وكل علامات الفزع محفورة في وجهه فابتسم الطبيب:  أهدى بس ومتخافش دي حاجة طبيعية جدا.. 


_ طبيعية؟ ازاي؟ دي فجأة كانت بتكلمني و… 


أكمل الطبيب:  وداخت ووقعت على الأرض.. عشان كده بقولك ده طبيعي لأي واحدة في أول حملها.. 


لم يبدو على ظافر انه استوعب شيء..كأن عقله توقف وسيطر عليه الغباء وهو يهمس:  هي مين اللي حامل؟ حامل ازاي؟


رمقه الطبيب بدهشة:  نعم؟ ازاي يعني ايه؟ انت مش جوز المدام اللي جوة دي؟


_ أيوة


_ تمام وانا بقولك مراتك حامل يا استاذ مستغرب ليه؟



+





        


          



                


شعر أن قدمه أصبحت هلامًا وكاد يسقط، فاستند على جدار خلفه واغرورقت عيناه وهمهم وكأنه يتذوق الكلمة لا ينطقها:  بلقيس حامل؟!



+




ربت الطبيب على كتفه بتفهم وقال: واضح ان المفاجأة والفرحة مأثرة عليك..عموما ألف مبروك ودي الفيتامينات والمثبتات اللي المدام لازم تمشي عليها.. وطبعا لازم راحة تامة لحد مايمر أول الحمل علي خير.. وألف مبروك مرة تانية.. 



+




تركه الطبيب ومازال بحالة مبعثرة من الذهول والفرحة ورغبته في البكاء.. أخيرا تحقق حلم زوجته واستجاب دعوات والدته..أشهر قليلة ويحمل طفله بين يديه.. جفف دمعاته العزيزة بظهر كفه ثم سجد شكرا لله وقرر أن يخبرها بطريقته.. وسريعا تخمرت الفكرة برأسه..


______________



+




تساءلت وهي تجاوره في السيارة: 


_ هو الدكتور قالك ايه ياظافر؟ أنا عندي حاجة وحشة؟


ابتسم بغموض: لا طبعا قال شوية إرهاق من قلة نومك وانك مش بتاكلي كويس.. 



+




أومأت له والدوار مازال يكتنفها:  انا فعلا من بعد الفرح مش مظبوطة خالص.. 


_ ماهو عشان كده حضرتك تنسي تروحي الشركة الفترة دي نهائي لحد ما تتحسن حالتك.. 


اعترضت قائلة:  ازاي يا ظافر؟ أنا عندي شغل مهم لازم اقوم به.. ولا عايز بابا يقول عليا عيلة وغير مسئولة؟ أنا اما ارجع البيت هاكل كويس وانام بدري وهصحي نشيطة لشغلي، اطمن خالص. 


_ بلقيس.. ماتجادليش علي الفاضي.. مش هتنزلي الشركة دلوقت، مفهوم؟


زمت شفتيها وعقدت حاجبيها بضيق وظلت مطبقة الشفتين بغضب، فتظاهر بتجاهل غضبها وداخله يريد غمسها بين ضلوعه ويصرخ للعالم ويعلن فرحته.. لكن عليه أن يصبر ليعد لها شيئا يليق بهذا الحدث المميز لهما.. 


____________



+




بعد يومان! 


وصل بها لساحة مطعمه فتسائلت ومازالت عيناها معصوبة: أحنا فين ياظافر؟


_  هيفرق المكان معاكي؟


ابتسمت باطمئنان:  لأ طبعا ..بس بصراحة عندي فضول اعرف جايبني فين وصممت تغمي عيوني كده..


_ هتعرفي حالا لأننا خلاص وصلنا.. 


شعرت به يقحمها داخل مصعد ثم عبرت معه لمكان ما وهنا أوقفها وحل الوشاح حول عيناها فرمشت قليلا وهي تستقبل الضوء الساطع بقوة وهو يرصدها باهتمام عاقدا ذراعيه أمام صدره..فراحت تستكشف محيطها بذهول بدأ يتجلى عليها وهي تتوسط أرض قاعة شاسعة لم تراها من قبل..دارت في المكان وهي تتأمل كل التفاصيل بانبهار..صف الأزهار الجانبية.. زخرفة الأعمدة التي أعطتها رونق ملكي شديد الفخامة.. الثرايات التي تتدلى من الأعلى وتوزع أضواء شديدة البهجة..


ثم دنت للمتتصف ووقفت فوق تلك السجادة الملونة وهي تصيح:  الله يا ظافر.. القاعة دي تجنن.. أجوائها مختلفة وفيها فخامة ورقة في نفس الوقت.. بتاعة مين دي وليه جبتني هنا؟


اقترب ووجه نظرها لزاوية ما.. فشهقت وهي تلحظ المكتوب في ركن ما في الأعلى..لم يكن سوى لقبها المحبب من والدها..منحته نظرة تطلب المزيد من التوضيح..فرمقها ظافر بنظرة مطولة وعيناه تتلكأ على تفاصيل وجهها ببطء متشربة إياه بعشق ما عادت تُكبله أصفاد..وقال: دي هديتي ليكي أنا ووالدك اللي شاركني في تمنها وتجهيزها وكتبناها بأسمك.. وانا اللي اختارت اسميها بالاسم اللي انتي بتحبيه.. "قاعة ملكة أبيها" 


رغم انك ملكة متوجة لحبيبك، بس حسيت ان لقبك اللي اتربيتي عليه هيسعدك أكتر.. ولأنها أخيرا خلصت، حبيت تشوفيها أنهاردة لأول مرة.. 



+





        


          



                


ثم التقط كفها ولثم أناملها وقال: 


_ يارب تكون القاعة نالت إعجاب الملكة.. 



+




برقت شمسيها بألق عشق غامر ثم باغتته بالتشبث بعنقه في التحام جارف جعل قدميها تتمايل فوق الأرض گ الطفلة بحضن أبيها..ارتجف جسدها وهو يبادلها احتواء حاني بين ذراعيه، خبئها بصدره.. دار بها متراقصين على دقات قلبيهما..يقبلها ثم يعود ليضمها، فبكت من فرحتها ومشاعره التي غزتها بقوة..وبادلته عاطفته..


بعد قليل هدأت وتيرة مشاعرهما فطبع أخيرا بشفتيه قُبلة مطولة فوق جبينها الضاوي.. ثم سمعت همسته:  أنا عاملك مفاجأة  تانية أحلى من القاعة نفسها..!


_بجد؟ ايه هي؟



+




أشار نحو ركن بعيد لم تلحظة أيضا، فدنت وهو خلفها فوجدت طاولة صغيرة مغطاه بقبة شفافة تشبه "الناموسية"..فقالت بتعجب: ايه دي ياظافر.. تعرف لوهلة افتكرتها سرير صغير من بتاع الاطفال.. فيها ايه دي مش فاهمة؟ اوعي تكون هتخصص ركن للأطفال هنا.. 


_ اكشفي الغطى بتاعها، يمكن تفهمي اقصد ايه.. 



+




قرصت خده بمزاح قائلة:  انت بقيت غامض وشقي اوي انهاردة يا ظاظا وبتلاعبني.. بس انا حابة اوي الجو ده وهشوف مخبي ايه.. 


رفعت القبة الشفافة فرآت أطباق طعام ملونة ومزينة برسومات أطفال جذابة فهتفت بإعجاب حقيقي:  ايه يابني الفن ده.. انت راسم لوحات مش عامل أكل.. تعرف أنا لو طفلة ومش بحب الأكل وحد دلعني كده؟ والله أكل لحد ما بطني تفرقع.. 



+




ابتسم وهو ينتظر أن تلتفت لحقيقة مفاجأته، فقالت بانبهار لم يبرحها:  أنت ازاي عملت شكل دبدوب بالبيض؟ وكما عصفورة.. ولا البنوتة دي كمان.. دي اكيد أنا ياظاظا صح؟ ولا التارت الصغنون ده اللي.



+




بترت جملتها وهي تنظر مليا لأشكال التارت وقد بدأ عقلها يلتقط طرف مفاجأته خلف كل هذا.. 


بيبرونة.. حذاء صغير.. رضيع نائم..


قدم صغيرة..بطة صفراء و كنزة لرضيعة و…..



+




انحنت أكثر تحملق في الحروف الإنجليزية المنقوشة فوق دائرة التارت " Baby "..


بيبي؟!


عادت عيناها تنظر لتجسيد الرضيع النائم ثم البيبرونة ثم لمحت كارت في المنتصف التقطته وقرأت ما حول شكها ليقين..وجعل روحعها تحلق من الفرحة.. 



+




"مبروك لقدوم حفيد ملكة أبيها"


لن تعد ترى شيء من سحابة دموعها لما أدركته.. 


فانحنى ظافر وجثي علي ركبتيه لتكون رأسه أمام موضع جنينها وقال وهو ينظر لوجهها بالأعلى: ابننا عنده خمسة وتلاتين يوم.. يمكن لسه ملامحه مش واضحة.. بس متأكد انه هيكون جميل زيك..وان هو ده الوحيد اللي هينافسك في قلبي بعد كده..



+




تساقطت دموعها ولا تعرف ماذا تقول.. الفرحة تلجمها..الآن فهمت سبب تصرفاته وحرصه عليها اليومان الماضيان.. منعها الذهاب لعملها.. اهتم لإطعامها هو بإصرار غريب.. يعطيها أدويتها صباحا قبل أن يغادرها.. يحذرها أن تفعل مجهودا في غيابه.. وهي حمقاء لم تفهم.. وافترضت غياب روتينها الشهري بضعة أيام شيء عادي ولم تهتم كي لا تتوهم من جديد.. تناست الأمر عمدا وأسقطته من عقلها كما نصحتها والدتها.. لم تكن تعلم أن رب العالمين قد استجاب دعواها وأعطاها مبتغاها.. علا نحيبها فنهض سريعا يضمها هاتفا بقلق حقيقي: اهدي يابلقيس المفروض تفرحي.. والعياط كده غلط عليكي.. 


واشتد باحتوائها وهي تبكي بقوة ومشاعرها خرجت عن نطاق السيطرة بالمعنى الحرفي..فراح يهدئها مع كلماته علها تهدأ حتى استجابت أخير وتوقف بكائها وإن ظلت مستكينة بين ذراعيه فقال بعجب:  انتي مجنونة يابنتي؟ ولا دي هرمونات الحمل ولا ايه مش فاهم أنا.. 



+




ضحكت بقوة وهي تحتضنه حتى دمعت عيناها.. فقال مازحا:  أيوة عارفها دي فعلا هرمونات الحمل الي بتخليكوا تعيطوا وتبكوا في ذات اللحظة وشكلي هشوف معاكي أيام زي الفل.. 


تجددت ضحكاتها، فقبل وجنتها وقال بحب: مبسوطة انك هتبقي أم ياحبيبتي..؟



+




صمتت تتأمله بنظرة مفعمة بعشقها.. ماذا تقول؟ كيف تصوغ فرحتها له؟ الكلمات لا تسعفها ولن تنصف وصف ما يخالجها الآن.. 



+




_ تعرفي انه سؤالي غبي؟ أكيد انتي فرحانة طبعا


نكزته برفق وهي تلومه: ماتقولش على نفسك كده انت جميل.. 


ابتسم واجتاحها بقبلة دافئة ثم احتضن رأسها مع تنهيدة:  الحمد لله يابلقيس ربنا جبر بخاطرنا.. وهنقدر نفرح أهالينا بينا..


_ الحمد لله..أنا كنت بداري شوقي كل اما اشوف طفل مع أمه وادعي واقول يارب ارزقني.. واهو رزقني من فضله.. 


ثم ابتعدت عنه تقول: حبيبي.. أوعدني لما يجي ابننا بالسلامة نروح كلنا عمرة عشان نشكر ربنا وندعي يبارك لنا فيه.


_ حاضر ياحبيبتي أوعدك.. 


ثم واصل وهو يوجهها لطاولة الطعام:  يلا بقي دوقي الدباديب والحاجات اللي تعبت فيها دي.. 


_ مش جعانة


دس بفمها عنوة بعض الطعام مع قوله:  لا انسي الكلمة دي.. أنا اللي هشرف علي أكلك بنفسي.. أنا عايز الولد ينزل يجري مش يزحف.. 


ضحكت وهي تبتلع الطعام ثم قالت:  ليه.. هنجيب كائن فضائي.. وحاولت أن تستجديه ثانيا:  عشان خاطري مش عايزة اكل والله.. خدهم معانا البيت يمكن نفسي تتفتح مع طنط وايلي.. 


ثم تحمست وهي تهتف:  أنا بجد عايزة اشوف رد فعلهم هيبقي ازاي


_ أكيد هيطيروا من الفرحة.. ومش هتعرفي تهربي منهم في موضوع الأكل.. مامتك من ناحية وماما من ناحية.. 


_ انت نسيت بابا؟ يابني ده كان هو اللي بيجري ورايا يأكلني وانا صغيرة.. 


_ خلاص يبقي يستلم هو.. وهاخدك منه وانتي مخلفة الولد.. 


_ بتبعني من أولها انا وابنك يا ابو… 


ثم تساءلت:  صحيح،هو احنا هنسميه ايه لو ولد؟


_ مش عارف.. لكن لو جت بنت أنا في اسم عاجبني ليها


_ ايه هو؟


_ بعدين لما نعرف نوع الجنين.. ويلا بقي مادم مش هتاكلي نرجع البيت.. 


ثم نظر حوله واستطرد:  تعرفي مين هتكون أول عروسة في القاعة بتاعتك؟


_ مين؟


_ إيلاف ومحمود..دي هديتي لاختي وعريسها


هتفت بإعجاب له: انت حنين اوي ياظافر.. قادر تفرح وتراضي كل اللي حواليك.. قلبك سايعنا كلنا ربنا مايحرمنا منك.. أنا بحبك اوي..متهيئلي مفيش واحدة في العالم بتحب حبيبها قدي.. 



+




امطرتها عيناه مفعمة بحبه..ثم ضمها إليه وهو يهمس بخفوت جوار أذنيها: مش أكتر ما بحبك أنا..! 


______________



+





الثامن والخمسون من هنا 


الأقسامروايات شيقة


مقالات قد تهمك


عرض المزيد


روايات شيقة


منذ بضع ساعات


رواية جحيم الديب كامله ( جميع الفصول ) بقلم مينو


روايات شيقة


منذ بضع ساعات


رواية جحيم الديب كامله وحصريه بقلم مينو


روايات شيقة


منذ بضع ساعات


رواية جحيم الديب الفصل الثاني 2 بقلم مينو


روايات شيقة


منذ بضع ساعات


رواية جحيم الديب الفصل الثالث 3 بقلم مينو


روايات شيقة


منذ بضع ساعات


رواية ظلمات آل نعمان الفصل الثالث 3 بقلم لادو غنيم...


روايات شيقة


منذ بضع ساعات


رواية اغتصب روحي الفصل السابع عشر17 بقلم منال كريم


تعليقات


إرسال تعليق


ads


 جميع الحقوق محفوظة ©مدونة مكتبة حـــواء





مدونة مكتبة حـــواء


اخر الروايات


رواية العشق فتنه هارون وفتنه كامله ( جميع الفصول )...


رواية العشق فتنه هارون وفتنه كامله وحصريه بقلم زهرة الربيع...


رواية العشق فتنه هارون وفتنه الفصل الثاني 2 بقلم زهرة...


رواية العشق فتنه هارون وفتنه الفصل الثالث 3 بقلم زهرة...


رواية العشق فتنه هارون وفتنه الفصل الرابع 4 بقلم زهرة...


رواية العشق فتنه هارون وفتنه الفصل الخامس 5 والاخير بقلم...


رواية جحيم الديب كامله ( جميع الفصول ) بقلم مينو


رواية جحيم الديب كامله وحصريه بقلم مينو


رواية جحيم الديب الفصل الثاني 2 بقلم مينو


رواية جحيم الديب الفصل الثالث 3 بقلم مينو


روايات شيقة


0


رواية حصنك الغائب الجزء الثاني الفصل الثامن والخمسون 58 بقلم دفنا عمر


kayla


اخر تحديث : منذ بضع ايام 


47 دقائق للقراءة


رواية حصنك الغائب الجزء الثاني الفصل الثامن والخمسون 58 بقلم دفنا عمر





                                    


الفصل الثامن والخمسون


----------------------------


مهدك منصوبًا في القلب منذ بدأ العمر


مُرصع بدموع السَحرِ ودعوةِ الفجر 


أهلا بكَ بين الضلوع وطيات أحشائي


ربي يحفظك من المُقل وينير محياك سمائي


_____________



+




دقات قلبها تتواثب من فرط ترقبها لرد فعل أبويها ووالدة زوجها وشقيقته، وقد استدعاهم ظافر ليأتوا إليهم بحجة زائفة.. وهاهم ينتظرون وهي تشاهد ما يفعله ظافر هاتفة: 



+




_  انا من كتر ما متحمسة اشوف رد فعلهم قلبي بيدق جامد اوي ومتهيئلي هينط مني علي الترابيزة. 



+




_ لا أهدي كده وخليكي ريلاكس، كده هتزعجي البيبي بتاعنا بدقات قلبك.. 


ضحكت لدعابته وقالت بدلال:  ده لسه حاجة صغنونة مالوش شكل يا ظاظا. 


_ بردوا خليكي هادية..روحي بقي ناديهم احسن بقالنا شوية حابسينهم في الصالون.. 


_ ماشي. 


……… ..


دعت بلقيس الجميع حيث غرفة الطعام، فصاحت إيلاف:  انتو شكلكم مريب اوي كده ليه؟ بلي مخبية ايه؟


بلقيس:  بطلي لماضة أنا مش مخبية حاجة، دي أوامر اخوكي أنا ماليش دعوة.. 


عاصم: المهم انه خير يابنتي؟ طلب جوزك اني اجيب دره واجي ضروري قلقني.. 



+




لمعت عيناها وودت لو ارتمت في أحضانه وفاضت بما لديها، لكن صبرا لا يفصلها عن هذا الخاطر سوى لحظات..ولتكن عرض مفاجأتهم المنتظرة تليق بهم.. 



+




أجاب عنها ظافر: ماتقلقش ياعمي خير بإذن الله.. يلا اتفضلوا أنا محضرلكم حاجة هتحبوها اوي..( التفوا حول المائدة وأبصروا بحيرة ما يعلوها، فقال الأول)  قصادكم أطباق مقفولة زي ما انتم شايفين، كل احد يكشف طبقه ويقول شاف وفهم ايه.. اتفقنا؟ 



+




اجابوا بإيماءة ونزعوا غطاء الصحون ليروا جميعهم قطعة تارت صغيرة مزينة بنفس الاشكال التي صنعها ظافر لبلقيس..وجدت إيلاف مجسم بيبرونة صغير جعل نظرتها تتجمد وعقلها يلتقط مغزاه سريعا بينما بصرت والدتها بطة صغيرة صفراء تشبه تماما أخرى كان يمتلكها أبنها في طفولته، لم يكن صعب عليها فك طلاسمها، أما عاصم فكان من نصيبة حروف كلمة "BaBy " لتتكثف سحابة دموع بحدقتيه وهو يلتفت لدره التي لم تختلف عنه حالًا وهي تحدق في مجسم الرضيع فوق القالب..ليتأكد شعورها أن ابنتها تحمل بأحشائها نطفة حفيدهم المنتظر.. 



+




توجهت المُقل المغرورقة تجاه بلقيس التي تبكي وهي ترصد ردود أفعالهم..وصاح زوجها أخيرا وهو يدور بين وجوههم المصوبة لهما: بلقيس حامل.. 



+




هرولت إيلاف تعانقهم وهي تصرخ وتقول " يعني هبقي عمتو"..أما هدي فراحت تدعوا بنحيب مسموع انفعالا بالخبر السعيد" الحمد لله يارب استجبت دعايا في جوف الليل.. الحمد لله"



+




أما عاصم فجلس وقدماه لا تحمله من تأثير المفاجأة عليه.. صغيرته الحبيبة ملكته وقرة عينه ستصبح أم.. رجائه تحقق وأثمر إلحاحه على الله بأن يقر عينه بحفيد.. 



+




هرولت بلقيس تتوسط والديها وتضمهما وهي تبكي، فأمطرتها دره بالقبلات غير قادرة على قول كلمة واحدة بينما جذبها أبيها وأجلسها فوق قدمه وهو يقول بصوت باكي:  بنتي كبرت وهتبقى خلاص أم..



+






                


ضحكت من بين دموعها:  أيوة يا بابا.. هجيبلك أمير أو أميرة.. بس اوعي تحبهم أكتر مني.. أنا هفضل بردو ملكة أبيها، مش هتنازل عن لقبي عندك مهما حصل.. 


_ لقبك ده منقوش جوه القلب محدش يقدر يمحيه يانور عيني..


ثم نظر لزوجته التي تبكي وهي تعانقها وقال: 


مبروك يا دره ، خلاص كبرتي وهتبقي جدة.. 



+




مدحتها بلقيس بحنان وهي تقبلها: بس اجمل جدة في الدنيا.. وبرضو هفضل كل اما امشي معاكي يفكروكي الناس انك اختي الكبيرة.. 


مازحتها أخيرا وهي تتمالك مشاعرها: بلاش نصب، بيفتكروني اختك الصغيرة مش الكبيرة.. 



+




ضحك جميعهم ونهضت بلقيس تجاه والدة زوجها وانتشلتها من أحضان الأخير قائلة: سبلي مامتك شوية بقي، وعانقها بمحبة:  مبروك يا ماما هدي انتي كمان هتبقي اجمل واحن تيتة.. واستعدي لأن اللي هيربي ولادنا انتي..زي ما ربيتي ظافر وإيلاف احسن تربية.. 



+




ضمتها بقوة وهي تدعوا لها: أنا عمري كله ليكم، ربنا يقومك بالسلامة ياحبيبتي ويتربى في عزكم ودلالكم.."ثم التفتت لوالديها وقالت" مبروك يا استاذ عاصم، مبروك يادره..مافيش مفر الولاد خلاص كبرونا وبقينا جدود رسمي.. 


_ نسيتوني ولا ايه؟ منا كمان هبقي عمتو.. 


ابتسم ظافر بحنان وجذبها إليه: أحلى وأرق عمتو في الدنيا، بس مش ببلاش طبعا.. لازم تتعلمي تغيري بامبرز وتحضري سيريلاك من دلوقت.. 



+




_ ولو عايزني اتعلم اتشلقب على الحيط عشان الاعب البيبي مستعدة.. هاتوه بس بسرعة قبل ما اتجوز عشان الحق العب معاه شوية. 



+




هدي وهي تشاكسها:  انتي هتكوني اعيل من البيبي اصلا. 


دره:  عقبالك يا ايلي اما نفرح بيكي ونشوف ولادك انتي ومحمود.. 


بلقيس:  اكيد عيالهم هيبقوا مجانين زيهم


أيلاف: اتريقي براحتك.. هسكت عشان خاطر ابن اخويا اللي في بطنك.. 


هدي:  ويمكن بنت حد عارف.. 


بلقيس:  طب انتم تتمنوا ايه ياجماعة بنت ولا ولد؟ 



+




عاصم: مش هتفرق، المهم خلقة تامة وانتي تكوني بخير


_ حبيبي ياعصومي..


هدى: صح كلامك مش هيفرق نوع البيبي، المهم هو ومامته يكونوا بخير.. ربنا يبارك فيكم وتملوا البيت علينا ولاد وبنات.. 



+




أمن الجميع على دعوتها..وبعد وقت استعد عاصم ليغادر مع زوجته فلم تتركه بلقيس وصممت هي وزوجها مبيت أبويها معهم وإكمال السهرة.. كما تمسكت هدى أيضًا بمكوثهم الليلة والمغادرة في الصباح..وافق عاصم وانقضى الليل وملكته تتنقل بين أحضان الجميع وظافر يرصد فرحتهم برضا حامدا الله داخله على عطائه.. 


__________



+




اقتسم عاصم فرحته مع جميع العاملين بشركته وأمر بمنحهم مكافأة مجزية تعبيرا عن شكره لله بما مَنْ عليه.. ودائما لأهل بلدته نصيب من أي خير يحدث معه.. لذا قرر نحر ذبيحتان وتوزيعهما علي المحتاجين عل دعواهم الخالصة تقي ابنته شرور الغيب ويحفظ جنينها.. 



+




أما ظافر أعلن في اليوم التالي إعفاء عدد لا بأس به من رواد المطعم من نصف الفاتورة إكراما لقدوم وريثه المرتقب..كما منح العاملين مكافأة نقدية ليشاركهم سعادته..



+





        



          



                


وبعد انتشار الخبر بدأت المكالمات تنهال على بلقيس من بنات وأبناء عمومتها وأعمامها وزوجاتهم لتغمر الفرحة الجميع..فجميلة العائلة ستصبح أما بعد شوق عام كامل.. 


………… 


_ مبروك يا اخويا ألف مبروك.. والله فرحان عشان ربنا رضاك في بنتك زي ما فرحت بحمل مرات ابني واكتر ربنا يعلم.. 



+




عاصم بتقدير: عارف والله يا أدهم.. ماهي بنتك انت كمان.. ولادنا بيكبرونا يا اخويا.. 


_ ومالوا لما نكبر.. ربنا بس يفرحنا بيهم ونشوف ولادهم بيجروا ويتنططوا قصاد عنينا.. 


_ ربنا يديك الصحة عقبال ماتفرح بولاد جوري ويزيد..


_ في حياتك أن شاء الله ياغالي.. 


واستطرد بفخر:  كريمة ناوية تفرق رز بلبن على الكل حلاوة فرحة بلقيس وكمان عشان ربنا يقوم زمزم بالسلامة هي كمان في الشهور الأخيرة خلاص.. 


_ ربنا يطمنا عليهم كلهم ويبارك فيهم.. 


ثم. تنهد مع قوله:  تعرف يا أدهم.. كل اما افتكر الابتلاءت اللي مريت بيها من اول موت ولادي وهما صغيرين واللي حصل لبنتي بعد كده.. اقول سبحان من خلاني اتحمل واصبر.. واهو كافئني.. ادعيلي اشوف حفيدي على خير حتي لو اموت بعديها.. 



+




قال بفزع:  معاذ الله ياعاصم ايه اللي بتقوله ده بعد الشر عنك يا اخويا.. ربنا يديك طولة العمر وتعيش لحد ما تجوز أحفادك كمان..اوعي تتكلم كده تاني الله يرضي عنك، قلب اخوك مش ناقص.. 



+




هون عليه بقوله:  ماتقلقش يا أدهم، مجرد إحساس حسيته وقولته.. ربك كريم.. زي مافرحني هيكحل عنيا بشوفة حفيدي.. 


_ بإذن الله ياغالي.. ربنا يبلغك كل خير وتفضل وسطينا كبير العيلة والسند.. 


_ تعيش يا أدهم..


__________



+




_ والله يا بلقيس افتكرتك امبارح وانا بصلي الفجر وفضلت ادعيلك بشكل غريب كأن ربنا سخر لساني ليكي وبس الليلة دي.. وبعدها حسيت ان قلبي ارتاح كده وقلت انا هسمع خبر حلو قريب.. واهو احساسي صدق.. مبروك يا برنسيسة.. 



+




_ الله يبارك فيكي يا زوما، وعارفة والله انك كنتي بتفكري فيا وتدعيلي.. امال بقي لو عرفتي إن ظافر عرف بحملي قبلي؟  


_ ازاي يعرف قبلك يابنت انتي هتجنيني؟


ضحكت قائلة:  أه والله زي مابقولك كده.. 


وقصت مالديها وزمزم تستقبل كل ما تسرده بدهشة ثم صاحت أخيرا:  يانهار ابيض..ده جوزك ده طلع مش سهل.. قدر يخبي عليكي حقيقة تعبك. 


_ كان عايز يفاجئني.. 


مازحتها زمزم: المعتاد ان الزوجة هي اللي بتفاجيء زوجها بالحمل.. لكن العكس حصل معاكي.. 


_ طبعا يابنتي هو انا متجوزة شخص عادي.. ده ظاظا حبيب قلبي أذكي وأحسن راجل في العالم كله.. 



+




_ طب بس بس براحة علي نفسك هتفرقي من الغرور.. أمال عبودي جوزي يبقى ايه لما جوزك أحسن راجل؟ 


_انسي.. ظاظا مالوش منافس


هتفت بحنق مازح:  طب اقفلي يامغرورة.. 


_ أيوة مغرورة بحبيبي عندك اعتراض


_ هعترض ليه وانا مالي. 


ثم قالت لتشعل غيظها:  ماهو بيقولك القرد في عين امه غزال. 


شهقت بلقيس:  قرد؟ ظافر قرد يا زمزم.. طب بس اشوفك هوريكي.. 


ضحكت الأخيرة بعد ان نالت منها وهتفت:  غيظتك زي ماغظتيني.. ثم التفت للصغير مواصلة:  خدي مهند عايز يكلمك.. 


_ هاتيه ده وحشني والله



+





        


          



                


لقنت زمزم الصغير: 


خد يامهند قول لطنط بلي مبروك


الصغير: مبروك بلي



+




_ قلب بلي يا ناس..عامل ايه يا هوندة


_ كويث 


بلقيس:  كويث؟ دايما ياروحي.. هات ماما اقولها حاجة.. 



+




جائها صوت زمزم فقالت الأولي:  هو ابنك هيطلع "الدغ" في السين ولا ايه؟


_ احمدي ربنا انه بقي يجمع الكلام، ده انا كنت قلقانة عشان اتأخر شوية.. بس الحمد لله بقي بغبغان ومجنن الكل.. ومتهيئلي اللدغة دي مؤقتة.. 


_ والله أصلا سكر وهو بيتكلم كده ببقي عايزة انط في التليفون وابوسه.. 


_ تسلمي ياقلبي.. عقبال ما اكلم ابنك كده ولا بنتك.. هو جوزك نفسه في ايه؟


_ هو والكل قالوا خلقة تامة ومايفرقش نوعه..بس انا بصراحة نفسي في ولد اوي.. 


_ ربنا يديكي اللي نفسك فيه حبيبتي.. 


واسطردت:  هسيبك بقي عبودي علي وصول. 


_ ماشي، سلمي عليه


_ حاضر من عنية.. 


……….. 


انتهت المكالمة وعادت تستلقي بأرياحية على ظهرها، وبعد قليل طرق أحدهم باب غرفتها فسمحت بالدخول.. 


أقبلت عليها والدة زوجها حاملة كاسة عصير وهي تقول:  عملتلك بنفسي عصير فرش يابلي، فطارك الصبح معجبنيش.. 


_ تسلم ايدك ياطنط تعبتي نفسك والله


_ ولا تعب ولا حاجة، ومن هنا ورايح مافيش دلع في الأكل، لازم تتغذي كويس انتي بتاكلي لاتنين دلوقت.. 


_ بس انا حاسة اني نفسي دايما مسدودة وةش بدلع والله.. معدتي بقيت تعباني بسبب الغثيان.. 


_ معلش اهو قد ماتقدري اهتمي بنفسك، وشوية والأعراض دي هتنتهي خالص.. 


_ يارب ياطنط.. 


_______________



+




جلست باسترخاء شديد تستمتع بهدوء الصباح عل تعبها يهدأ قليلا.. وتأثير زقزقة العصافير يبعث فيها سلام وهدوء..شعرت بشيء يتحرك في أحشائها فنظرت لبطنها المتكور وابتسمت هامسة:  صباح الخير..



+




تنهدت ثم عادت تراقب فضاء السماء الصافية، وأخذتها سحابة شرود لذكري يوم ليس بعيد..وهي تستلقي فوق سرير، أعلاها عطاء أبيض والطبيب يتجول بذاك الجهاز الصغير علي سطح بطنها، عيناها تتأمل ما تعرضه شاشة السونار الصغيرة بفضول، متسائلة:  ايه الأخبار يادكتور؟



+




_ خير جدا ماشاء الله..


متحفزة لتعلم ماذا ستنجب؟


ولد ام فتاة؟ 


_ مبروك يا مدام زمزم.. هتجيبي تؤام.. ولد وبنت. 



+




ظنت عيناها معلقة بوجه الطبيب لا تصدق ما قاله..


رُزقت بتؤام ولد وبنت؟


يالا مرم الله وسخاءه..


تُري كيف ستكون فرحة عابد؟ 



+




انتشل عقلها من وقع المفاجأة صوت كريمة وهي تضمها هادرة بانفعال من فرط فرحتها:  احمدك واشكر فضلك يارب..ابني هيجيب تؤام.. الحمد لله.. مبروك يابنتي ألف مبروك.. 


بكت عبير وهي تشاهد ابنتها مغموسة في صدر كريمة بسعادة تشاطرها إياها وأكثر..ابنتها الحبيبة عوضها الله بأكثر مما توقعته لها..ها هي حظت بزوج يعشقها واكتمل عطاء الله لهما بالتؤام الذي سيربطهما لأخر العمر ويعزز قيمتها عند والدة زوجها التي ستفقد عقلها من الفرحة وهي تغمرها بالأحضان والقبلات والدعوات..تذكرت لحظة مماثلة حين علمت بحملها في مهند.. وكيف كان حال ابنتها البائس.. كيف لم تشعر بشيء.. لم تبدي فرحة والحزن لفراق زوجها الراحل مسيطرا علي كل مشاعرها.. أما الأن الظروف اختلفت..كل شيء تعود وتتذوقه بمتعة جديدة.. 



+





        


          



                


غمرتها عبير بعناق جارف معبرة عن فرحتها الكبرى وزمزم تبكي مثلهما ويحتل خيالها وجه عابد.. 



+




_ عاملة ايه انهاردة يا زوما؟ 


قاطع شرودها القصير صوت كريمة، فقالت: 


_ ولله تعبانة يا طنط ومعرفتش انام، قلت اجي ااكلجنينة شوية


_ معلش حبيبتي ده طبيعي لأنك في اواخر شهور الحمل.. ربنا بقومك بالسلامة 


_ اللهم امين


_ لسه مش هتقولي لعابد وتفرحيه؟ 


_ هو اللي مصمم مايعرفش غير يوم ولادتي، وانا بصراحة حابة افاجئه


اشتعل فتيل حنانها بسيرته وقالت: ربنا يرزقه خير الدنيا كله، صحيح كل ولادي حنينين بس عابد اكترهم، مميز عند الكل، محدش كان يشوفه وهو صغير إلا ويلاعبه..ربنا زرع محبته في قلب عباده. 


_ وأنا أولهم ياطنط.. 


ضحكت ثم ربتت علي ظهرها: ربنا يباركلك فيه ياحبيبتي، هو كمان بيحبك اوي. 



+




منحتها ابتسامة راضية وساد صمت قصير بينهما قبل أن تبتره زمزم:  طنط، هو حضرتك لسه كان نفسك تجوزي عابد بنت بنوت؟ 


تفاجأت بسؤالها ولم تجيبها علي الفور، مكثت تتأملها بنظرة مطولة احترمتها الأخري وهي تنتظر منها جوابًا يريحها، فلا يكف عقلها عن طرح هذا الخاطر داخلها..هل حقا تتقبلها والدة زوجها؟ ام تعاملها لمجرد قبول لأمر واقع فُرض عليها.. 



+




_ أنا كنت غلطانة يابنتي في تفكيري وكل اما اتذكر موقفي اخجل من نفسي..ماتزعليش مني في اللي هقوله يا زمزم، انا وقتها بصيتلك علي انك معيوبة لمجرد انك اتجوزتي وخلفتي وابني هيربي حد مش من صلبه مع إن الموضوع بسيط..لما اتجوزتم وبصيت في عيونه لقيته راضي ومرتاح وسعيد وطاير بيكي قلت لنفسي كنت هتعس ابني عشان ايه؟ عشان راجل غيره سبقه وحط بصمته عليكي؟ طب هو ده فرق معاه في حاجة؟ ده الفرق بين البنت والست مجرد لحظة بتعدي بتتحول فيها من الخانة دي للتانية..وكان مكتوب انه مايكونش اول بختك..لكن سعادته اتكتبت معاكي انتي بالذات.. حتى مهند..غفلت عن الثواب اللي ربنا ميز ابني بيه لما يربي يتيم.. عابد فعلا يستحق الجنة لأني بشوفه ملاك.. وفي نفس الوقت ابنك مابقاش ليكي لوحدك لأ..ربنا يعلم بقيت احسه حفيدي بجد..



+




صمتت ومدت أناملها تمسح دمعة زمزم مستطردة: ماتعيطيش يابنتي انا فتحتلك قلبي عشان تعرفي ان نظرتي ليكي اتغيرت وان الدنيا علمتني ان الست اللي اتجوزت مرة مش معيوبة.. وانها هتفضل ست ليها حقوق وما فقدتش مميزاتها وأخلاقها وأصلها..



+




ثم تحسست بطنها المتكور مع قولها: وكفاية إنك هتجيبيلي تؤام يملوا علينا البيت.. انا بعد الايام على وصولهم بفارغ الصبر.. كل يوم ادعي يحفظهم ويبارك فيهم ويقر عيوننا كلنا بيهم.. 



+




مالت زمزم على صدرها بعد أن قبلتها وقالت:  ربنا يريح قلبك ياطنط زي ما ريحتي قلبي بكلامك..أوعدك مش هخليكي لحظة تندمي ابدا ان عابد اخدني..أنا بحبه اوي وكل هدفي يكون مبسوط معايا.. 


_ ربنا يسعدكم ويبعد عنكم الشر يا زوما..يلا هقوم بقي اشوف أدهم صحي ولا لسه عشان الفطار..



+





        


          



                


تتبعت زمزم ابتعادها بابتسامة راضية ثم وضعت يدها علي بطنها هاتفة: سمعتوا ياحبايبي تيتة قالت ايه؟ لما تيجوا بالسلامة اوعوا تتشاقوا وتتعبوها.. لكن اتشاقوا مع بابا عادي.. واخوكم مهند كمان هيلاعبكم.. 



+




ثم ندت عنها تنهيدة وهي تقول:  يارب اولد بالسلامة واحفظلي ولادي وجوزي وكل أهلي وماتحرمنيش من حد بحبه.. 



+




لاح طيف زوجها الراحل وصور خاطفة لحياتهما معا، ضحكاته جلجل صداها في دهاليز عقلها كأن روحه تطلب ان تتذكره بالرحمة، فاغرورقت عيناها وهي تهمس: ربنا يرحمك يا زياد..مش هنسى ابدا العمر القصير اللي عيشته معاك.. ولا إنك ابو ابني الاول..مش هبطل ابدا ادعيلك بالرحمة..وأوعدك سيرتك تفضل حية علي لسان ابنك اللي ماشوفتوش.. الله يرحمك ويغفرلك.. 


---------------


ارتشف بعضا من قهوته ثم قال:  


أنا فرحان اوي ياعبير عشان عاصم اخويا.. فرحته ببلقيس كبيرة لدرجة حسيت وشه نور.. 


_ طبعا يامحمد مش وحيدته وكان عايز يطمن عليها.. ماتنساش بلقيس اتأخرت سنة، هو أه دي فترة تأخير طبيعية بس انت عارف القلق والظنون.


واستطرت: دره كلمتنا مكالمة جماعية عشان تقولنا الخبر انا وكريمة، بقيت عمالة تبكي واحنا نبكي معاها من الفرحة.. ربنا يطمنا عليها هي وزمزم. 


_ اللهم امين


وواصل:  حد عرف ان زمزم هتجيب تؤام؟


_ لا طبعا محدش يعرف غير انا وكريمة ولعلمك بنتك ماتعرفش انك عارف خد بالك تتكلم قصادها او مع اخوك ولا ابن اخوك..هي عايزة تفاجيء الكل وبالذات جوزها اللي أساسا رافض من نفسه يعرف نوع الجنين.. 


_ طب ربنا يستر واعرف اخبي، أنا من يومين كنت خلاص هغلط واقول قدام ادهم وعابد عن التؤام واحنا في استراحة المزرعة..


_ شاطر يامحمد.. انا عارفة ان مش بيتبل في بقك فولة وهتبوظ لنا الدنيا.. بس والله لو بوظت مفاجأة بنتك لجوزها مش هتخلص مني.. انا بحذرك أهو.. 


_ بتهدديني ياعبير؟ هتعملي ايه يعني؟ 


_ مش هخلي مهند ينام معاك لما يجي عندنا يبات بكره.. 


_ طب ايه رأيك انا ومهند اللي هننام لوحدنا وانتي روحي باتي عند بنتك.. 


_ بقي كده يامحمد؟


_ ايوة كده.. 


_ ماشي.. ماتجيش ساعتها تجر ناعم وتقولي البيت مالوش طعم من غيرك يابيرو.. 


_ مادام حفيدي معايا مش هقول.. 


_ طب خلي حفيدك ينفعك.. 


_ رايحة فين يا عبير؟


احنا لسه هنتخانق بكرة مش انهاردة..


‏ده كده نصب في أيام النكد على فكرة.. 


عبير؟ 


لم تجيبه ماضية في طريقها فصفق بكفيه هاتفا بضجر: هتفضلي مجنونة مهما كبرتي.. 


----------



+




ضيق شديد وتوتر يعتريها كلما حان وقت روتين علاج حروق جلدها بذاك الدهان الطبي.. رائد لا يسمح لوالدتها ان تقوم هي بمداواتها ويصر أن يتولى الأمر بنفسه.. رغم محاولاته التي لا تنتهي بإخبارها أنه لا يستاء من حروقها.. لا تصدق.. كيف تصدق أن هذا التشوه لا يُنفره منها؟


كيف تصدق أن رجل بتاريخه الحافل في بلاط الجميلات يتحمل قبح عنقها وكتفها وذراعها وظهرها؟


لم تعد تستطع ارتداء قميص نوم يستحق أن تراه عينه گ زوج..لا يفارقها وشاحها لتخفي به أي تشوهها.. 



+





        


          



                


_ كده الحمد لله دهنت كله.. 



+




أومأت له وهي تتجنب النظر إليه..


فرصدت حدقتاه توترها، مد إبهامه ورفع وجهها إليه وقال:  والله ما فارق معايا.. 


تلبدت عيناها بسحابة دموع وظلت مطبقة الشفتين.. فضمها إليه برفق شديد هامسا بعتاب حاني: وبعدين معاكي.. شكلي هحرمك من المفاجأة اللي محضرهالك



+




غمغمت وهي على صدره: مفاجأة ايه؟


ابتسم مع قوله المشاكس: دلوقتي صوتك طلع لما قولت محضر مفاجأة؟!


ابتسمت ابتسامة واهنة دون قول شيء، فأبعدها قليلا ليناظرها قائلا: هقولك نصها بس.. أنا حددت مع الدكتور أول عملية تجميل هتعمليها بإذن الله في بداية الشهر الجاي، وهو مطمني جدا ان النتيحة هتكون مبهرة بإذن الله.. الحرق هيختفي بنسبة كبيرة.. 



+




_ بجد يا رائد؟ يعني ممكن التشوه ده يتعالج وينتهي؟


_ طبعا ممكن..وانا مش هرتاح غير لما تتعالجي من الحروق دي وتختفي نهائي وترجعي زي الاول..


ابتسمت له براحة وغزى خيالها الأمل ان تستعيد عرش جمالها وأنوثتها، وتعود ثقتها في نفسها كمان كانت.. 


عاد يهمس:  لعلمك كل ده بعمله عشان بس ترجعي لطبيعتك تاني ولثقتك في نفسك..لكن انا هقولهالك للمرة المليون.. أنا متقبلك وراضي وجمالك لسه زي ماهو في نظري.. 



+




طافت عليه بنظرة عميقة ثم قالت: عمري ماكنت اتخيل انك هتساندني كده في يوم من الايام..ولا كان عندي أمل ترجع تحبني تاني.. 


_ اللي عشناه علم في أرواحنا وشكلها من جديد يا تيماء وغيرنا انا وانتي مش انا لوحدي..ولسه رحلتنا هتبدأ لما تخفي وتقدري تهتمي برحمة..وتبني علاقتك تاني بوالدتك واخواتك..هو ده اختبارك الأهم.. أما انا مهمتي اني احافظ عليكم واقوي علاقتي بربنا وابدأ حياة مختلفة بأهداف تستحق اعيش عشانها وأقابل ربنا بيها في حاجة أخرتي.. 


واستطرد: تعالي بقي نطلع نقعد مع الجماعة برة. 



+




ارتدت وشاحها مرة أخرى واطمئنت أن كل حروقها مستترة وترجلت معه حيث تجلس والدتها مع شقيقتها والصغيرة لتقف محدقة بدهشة ممتزجة بسعادتها بما رآته هي و رائد..ضي تقف تصلي وجوارها تقف الصغيرة تقلدها وهي تهتف بكلمتي "الله أكبر" بطريقة مضحكة وساقيها عارية أسفل فستانها القصير.. 


فضحك رائد وعيناه تلتهم ابنته بحنان وفرحة:  شوفتي رحمة بتعمل ايه.. دي غرقانة في الشال بتاع جدتها


هتفت الأخيرة وهي تلتقط طرف الحديث معهم:  حبيبة تيتة بتقلد خالتها.. أول ما "ضي" وقفت تصلي لقيت رحمة بتشد الشال بتاعي ولفت نفسها والباقي زي ما انتوا شايفين كده.. 


ظلت تيماء صامتة تغمر ابنتها بنظرة حانية لتتبدل نظرتها لحزن شديد مع استطرداد والدتها:  معرفش هعمل ايه لما ابعد عنها وارجع بيتي.. 



+




تبادلت هي ورائد النظرات وقال الأخير: وليه ترجعي بيتك؟ هو حضرتك مش مرتاحة معانا


ابتسمت له:  بالعكس يا ابني ده انا كأني في بيتي ربنا يبارك فيك.. بس انا بقالي شهر معاكم من وقت ما رودي خرجت من المستشفي والحمد لله هي بقيت افضل والبركة فيك برضو..وآن الآوان ارجع لبيتي عشان ولادي يزوروني..


_ يزروكي هنا.. 



+





        


          



                


قالها رائد، فتنهدت صامتة وحاد بصرها لتيماء فوجدت عيناها مغيمة بالحزن، سبح ذهنها في فضاء ذكرى الأمس وهي تعافر لتصنع جسرا  يجمع أولادها بشقيقتهم الكبرى، فلم يثمر حديثها سوي الرفض القاطع.. علاقة رودي بأولاد منصور كما تسميهم معكرة لدرجة السواد.. ولديها حق..أبنتها عانت كثيرا ولكنها لن تترك الأمور معلقة بينهم.. ستعيد الروابط بينهم مهما كلفها الأمر.. وكي تفعل هذا يجب أن تغادر لبيتها لتلتقيهم.. ولكل حديث مقال حينها.. 



+




_ أتمنى حضرتك تراجعي في قرارك.. انا وتيماء محتاجينك واتعودنا عليكي.. حتى رحمة اتعلقت بيكي انتي وضي.. عشان خاطري خليكي معانا.. 



+




التزمت الصمت وهي تحدج ابنتها بحزن.. فشعر رائد انهما يحتاجان مساحة خاصة للحديث، فغادرهم وعقله يفكر كيف يصلح علاقة زوجته مع أشقائها.. 


………… 



+




اقتربت منها والتقطت يدها فارتعشت كعادتها لو لامس احدهم موضع تشوها بها فاعتذرت والدتها: سامحيني يابنتي مأخدتش بالي.. 



+




رمقتها بنطرة مطولة ثم همست بصوت فطر قلبها:  عايزة تسيبيني تاني يا ماما؟ 


أغرورقت عين والدتها فواصلت تيماء عتابها الهامس:  هما شبعوا من حنانك وخلاص كبروا مش محتاجينك قدي..أنا لسه محتاجالك.. أنا لسه ضايعة يا ماما. حاسة اني زي الطفلة اللي بتتعلم كل حاجة من جديد..أنا تعبت من فراقك زمان.. بلاش تدوقيني مرارته تاني..


ماتسيبنيش يا ماما على الأقل دلوقت.. 



+




لم تعد لديها طاقة لتقاوم رغبتها باعتصار صغيرتها بين ضلوعها وليس ذراعيها الواهنة.. تلقفتها وهي تبكي وتهمهم:  ولا انا اقدر اسيبك يا نور عيني ده انا ما صدقت رجعتيلي.. أنا عايزة ابعد عشان اقربك أكتر من اخواتك ..أنا في يوم من الايام مش هكون وسطيكم.. مش عايزة اسيبكم متفرقين.. لازم تكونوا عزوة لبعض وتتصالحوا.. اخواتك مالهمش ذنب في حاجة.. انا اللي غلطانة لما أهملتك واتخليت عنك.. أنا بعترف بكده.. وعشان اكفر عن ذنبي لازم اجمعك بيهم.. 



+




_ مافيش حاجة هتجمعني بولاد منصور.. 



+




قالتها هادرة وهي تبتعد عن صدرها بعنف وقد عادت شراسة ملامحها تطغى عليها، فربتت عليها مهدئة:  طب اهدي ياضنايا اهدي واديني فرصة اتكلم.. أنا..  



+




قاطعتها:  ماتحاوليش..ولو عايزة تسيبني مش هقدر امنعك.. لكن انك تقربيني من اللي بكرههم لأ.. مش هسمحلك.. 


_ واشمعنى حبيتي ضي؟ 



+




لوهلة لجمها سؤال والدتها ومنعها أن تغادر.. 


فعادت والدتها تطرق الباب الأخير في قلب ابنتها: 


ما هي كمان بنت منصور.. ليه فتحتي قلبك ليها ومش عايزة تعملي كده مع اخواتها..



+




التفتت تيماء بتلقائية تنظر لشقيقتها التي تلاعب ابنتها بحب ومرح وضحكاتهما معا تسكب في روحها مزيج عجيب من الراحة.. لما خطفت قلبها ضي؟ هي تحديدا من اخترقت قلاع صدها ونفذت داخلها گ نسمة باردة..


سؤال صعب لا تعرف له إجابة..



+





        


          



                


_  اختك ماتتخيرش عن ضي في الطيبة بس انتي افتحي قلبك يابنتي.. أما اخوكي فهو. 



+




_ماتقوليش اخويا.. ولو حصلت معجزة وقدرت اتقبل بنتك التانية.. مستحيل اتعامل مع ابن منصور اللي لما بشوفه بحس اني شايفة ابوه.. انا بكرهوا.. ولو فضلتي تتكلمي عنه هكرهك انتي كمان.. 



+




وابتعدت گ الإعصار تتخفى بغرفتها وعاصفة غضبها تسلب أنفاسها اللاهثة وأطياف الماضي تحوم حولها گ الغربان السوداء..


غرفة مظلمة..


يد حبيثة تعبث بين طيات ملابسها


تنتهك حرمة جسدها البريء..


ترتجف خوفا..


تصرخ بصوت ضعيف


براءتها لا تفهم ما يحدث 


لا تعرف له وصفًا و مسمى


كانت صغيرة لا تعي بعد قباحة البشر


وكل ما تفعله أنها تهرول بعيد عن الشيطان


هكذا كانت تراه حينها..


ملعون..



+




_ أهدى.. 


همس لها رائد وهو يحتوي ظهرها بصدره بعد أن لحق بها في غرفتها.. لم يغادر.. مكث ليستمع لبعض حوارهما عله يستشف شيئا من أسرار زوجته وسبب كرهها لأشقائها..وما سمعه زاد من طلاسمها.. هل كرهها لمجرد انها من أب ثانِ..أم ان للأمر وجه أخر لا يعلمه؟ لما تعادي شقيقها تحديدا دون الأخرين.. ماذا فعل لها.. 



+




_ تعالي ياحبيبتي.. أشربي مية واهدي



+




أطاعته وارتشفت القليل وظلت مستكينة بين ذراعيه گ الطفلة يهدهدها بهزة طفيفة مع قبلات رقيقة فوق رأسها، فأغمضت عيناها مكتفية بحنانه الذي لا ترتوي منه ابدا.. هو ملاذها بعد الله.. هو راحتها وسعادتها.. 



+




_ ممكن اتكلم معاكي شوية.. 


فتحت عيناها ورفعت وجهها إليه ومازلت مغموسة بصدره:  بلاش يا رائد عشان خاطري..مش عايزة اتكلم في حاجة تضايقني.. سيب البيبان مقفولة زي ما هي..


لو فتحناها يمكن نندم.. 


_ ويمكن نلاقي وراها الفرج والخير.. الهروب مش حل ياتيماء.. رفضتي ولا قبلتي انتي ليكي اخوات.. ليه يفضل الجفاء معشش في قلوبكم؟ ما انتي عشتي طول عمرك وحيدة بتتمني عيلة تضمك.. واهو جت الفرصة..خلي والدتك تحاول تساعدك وبلاش تمنعيها.. صدقيني هي هترتاح وانتم متفرقين.. 



+




ابتعدت عنه وغامت عيناها بالدموع وهي تهتف: غصب عني.. أنا لما بشوفهم بيتجدد كرهي ليهم.. وهما كمان مش بيحبوني.. 


_ مين قالك؟ مش يمكن هما عايزين يقربوا وخايفين من صدك ليهم..جربي وبعدين احكمي.. 



+




تنهدت وعادت تنغمس بين ضلوعه:


اللي جوايا مش مجرد صد يا رائد..


انا بشم ريحته فيهم.. 


_ منصور؟


_قول  الملعون الواطي ال…… 



+




ناقوس ما دق بعقله..


كيف لم ينتبه؟!


السر في ذاك الشخص منصور..


هو وحده سبب نفورها


هل يعقل أن…


أشتعلت عروقه بتحفز وانتشلها من فوق صدره ونظرته بدت قاسية وهو يهتف:  منصور أذاكي؟



+




جاءته الإجابة بإطراقة رأسها الحزين.. 


برجفتها وهي تعود لتختبيء فيه كأنها تحتمي به من مجرد ذكرى المفترض أنها انتهت..


تيماء نالها توابع ذنوبه منذ زمن بعيد


هو المسؤل الوحيد عن ما نالها


حتي ولو كان حينها مجرد طفل.. 



+





        


          



                


اعتصرها بذراعيه بقوة وفلتت منه دمعة ندم


ثم همس له:  سامحيني.. أنا اللي أذيتك


تغلبت عليها الدهشة وهي ترفع رأسها لتسأله: أسامحك؟ وأنت ذنبك ايه؟ انا كنت وقتها لسه طفلة مش فاهمة حاجة.. 


_ لا يا تيماء أنا السبب..أنتي مكتوبالي من يوم ما جينا على وش الدنيا.. كنتي شرفي اللي لوثته وانا باستحل لنفسي بنات الناس، لو اتقيت ربنا فيهم كان حفظك ليا حتي وانتي طفلة.. بس نجاستي اللي بدأت بدري اوي طالتك.. سامحيني..أنا استغليتك أسوأ استغلال.. كنت عارف انك بتحبيني وانك ضعيفة قصادي.. وانا بكل خسة وندالة انتهزت الفرصة وضيعتك..


أرجوكي سامحيني..  



+




حملقت به متعجبة منطقة الغريب عليها


رائد لم يعد نفس الشخص ذاته..أصبح يدرك أشياء شديدة العمق والتعقيد..حقا نحن من نؤذي أنفسنا..هي نصيبه في اللوح المحفور.. شرفه منذ نعومة أظافرها..ومنذ كان طفلا.. يا الله ما أعجب قوانينك وكم هي عادلة..


الظلم منا وفينا وميزان العدل منصوبًا بيدك وحدك.. 



+




_ بس تعرفي اني كان ممكن أءذيكي أكتر من كده ورحمة ربنا أنقذتك وحمتني من عار أكبر.. 



+




منحته نظرة تتساءل بصمت فواصل: 


بعد ما انا وانتي بقينا مع بعض.. أصحابي وقتها حاولوا يضغطوا عليا عشان…… 



+




أطرق رأسه بخزي شديد وأختنق صوته بغصة.. فرفعت وجهه أكإليها وهمست له بحنان لتؤازره:  بس انت حمتني منهم.. ماخليتش حد فيهم يقربلي يا رائد..( ثم غمسته هي تلك المرة بين ذراعيها وقالت)


جيتلك برجليا وسلمتلك نفسي..


ومين يلوم الجعان لما يلاقي لقمة سهلة قدامه


محدش فينا أحسن من التاني..


الغلط بدأ عندي..


وانتهى عندك


أو ما انتهاش


فضل متعلق في ديلنا يطاردنا



+




_مين قال يا تيماء إن الجعان مش عليه لوم؟


لو اللقمة دي حرام ومش من حقه..مش بس يتلام..ده يندبح بنارها في جوفه.. وانا بعترف اني دبحتك.. 



+




_ احنا بشر مش ملايكة.. لجام مشاعرنا ورغابتنا الحرام كانت بين ايد الشيطان.. لعب بيها وبينا زي ماهو عايز ومحدش فينا كان عنده رغبه يقاومه.. كنا مستسلمين لسلطانه وغفلانين.. 



+




ضمها أكثر وهو مع قوله:  بس دلوقت لأ.. خرجنا من سيطرته..روحي وقلبي وحياتي في ايد اللي خلقني. 


ثم اكتسي صوته عزم محى خزيه منذ لحظات: وتشهد عليا الملايكة اللي على كتافي بتسجل كل حرف بيطلع مني اني مش هعصاه تاني ولا هسمح لشيء يأذيكي وأنا موجود.. هتقي الله فيكي وفي بنتي..هفضل اطلب من ربي يغفرلي ويسامحني وواثق انه هيسامح لأن رحمته اكيد هتساعنا..



+




واستطرد وهو يغمرها بنظرة يتمازج بها الاستجداء والحب معا: بس انتي ساعديني يا تيماء..



+




لم تخذل رجائه وهي تمنحه ابتسامة طمأنته فعاد يهدهدها بين ذراعيه وخيم عليهما صمت قصير، قبل أن يقطعه بهمهمة خافتة:  في حاجة نفسي اقولها ليكي..ومش بقولها عشان ألومك.. لأ.. اللوم الأكبر عليا، بس هقولها عشان لازم نتعلم أنا وانتي من اللي فات ونستخلص العبر..


تقدري تقولي هنفكر نفسنا باللي عدي عشان نتلاشاه في اللي جاي.. 



+





        


          



                


ظلت قابعة على صدره تنتظر ما لديه، فقال: 


زمان كان ليكي في قلبي مكانة.. كنت معجب بيكي وانا طفل ..كنت بحب شكلك.. عيونك اللي فيها تمرد وذكاء وحزن.. جراءتك وانتي بتلعبي معايا.. ضحكتك.. حاجات كتير جدا جذبتني ليكي.. قلت لنفسي لما اكبر هتجوز البنت دي.. 



+




هنا لم تستطع ان تطل قابعة بين ذراعيه..نزعت جسدها وهي تناظره بذهول حقيقي لما يقول..كان يحبها؟ هي؟؟؟



+




واصل:  وكبرت واشتعل فضولي لشاب لسه بيبتدي عهد رجولته.. أتلهيت في عالم تاني مليان بنات واصحاب سوء علموني كل حاجة وحشة لحد ما فوقتهم في فسادهم وبقيت عليهم زعيم..وقتها حاولت ما ابصلكيش.. حسيت اني هلوث طهارتك بعنية بعد الفواحش اللي ارتكبتها.. حاولت اتجاهلك قد ما اقدر وانتي شاهدة على كده..بس لما جيتي تعرضي عليا نفسك وترواضيني اتصدمت..حطمتي الصورة الأولى اللي رسمتهالك.. حسيت اني عايز اعاقبك مع إن الصح كنت احميكي مني وابعد.. لكن شيطاني خلاني استحليتك وبقيتي زيك زي غيرك عندي..عشان كده في لحظة من اللحظات انا فعلا أعجبت ببلقيس لما قاومتني بشراسة وانا بحاول اطولها..



+




لم تعد دموعها الغزيرة صامتة.. علي صوت نحيبها.. كم قاسي وهو يخبرها بكل هذا الآن.. كأنه يجلد روحها بسوط غليظ.. 



+




جفف دموعها وعاد يهمس:  صدقيني مش بتكلم كده عشان اوجعك.. انا عايزك تتعلمي الدرس لأخره..ولاحظي اني قلت حبيبتك انتي من زمان وفضلت احبك حتى من غير ما احس.. لكن بلقيس كان مجرد اعجاب لحظي برد فعل اتمنيته منك..انا من الأول كنت ليكي ياتيماء.. تخيلي لو كنتي صبرتي ومنعتي نفسك عني؟ أنا كنت كده كده هاجيلك لاني نصيبك وانتي نصيبي.. ونفس اللوم بوجهه لنفسي.. لو انا صنت بنات الناس ماكانش منصور خدش طفولتك.. ماكانش سامر خطفك وحاول يلمسك قصادي وانا عاجز مقدرتش احميكي..القهر اللي حسيته وقتها كان أسوأ عقاب وتكفير في نفس الوقت.. ربنا كان بيقولي دوق اللي جنيته زمان.. ده حصاد أفعالك وآثامك.. 



+




صمت ثم جبينها بقبلة مطولة وعاد يهتف:  وادينا اتعلمنا وندمنا واستغفرنا ولسه طول ما في صدورنا نفس هنستغفر وربنا هيسامح.. ده وعده لينا.. ووعده حق.. 


دلوقت خلاص انسي كل اللي فات.. احنا بنبدأ من جديد بعد ما حرقنا ماضينا الاسود.. عشان كده ماتستغربيش لما اقولك الحروق اللي في جسمك دي هي بدايتنا الجديدة..جلدنا هيتغير زيها


هنكون أصفى..


‏أجمل وأطهر وأقوى..


‏المهم نفضل سوا ونقوي بعض..


‏توعديني؟ 


اعتصرت بين مقلتيها دمعتها الأخيرة وهي تهمس له:  أوعدك.. 


__________________



+




أختلست فرصة لتتحدث في الهاتف! 


_ صباح الخير يا جوجو، خلاص استعديتي انتي وجوزك


قد يعجبك ايضا


منذ عام


رواية هجران رحيل الفصل العاشر 10 بقلم شامة الشافعي


منذ عام


رواية سيف توأم سليم كامله ( جميع الفصول ) بقلم...


منذ عام


رواية سيف توأم سليم كامله بقلم سلمي محمد


_ أيوة ياعطر جاهزين، بلبس حجابي بس


_ طب ماتعرفيش هنقضي شهر العسل فين؟ أخوكي لئيم مش راضي يقر ويعترف.. وانا هموت من الفضول


_ وحياتك وعامر شرحه، مش راضي يقولي رايحين فين، بيقولي هنعرف في المطار.. 


تنهدت باستسلام: خلاص أمرنا لله، هنعرف بعد شوية


_ بالظبط وبعدين خلينا نتفاجيء زي ما هما عايزين


_ عندك حق.. طب سلام عشان اكمل لبسي انا كمان


_ ماشي


___________



+





        


          



                


على السادة المسافرين علي رحلة "… " المسافرة


لدولة تركيا..التوجه للبوابة رقم "… "


كادت جوري أن تقفز من السعادة گ الأطفال لولا أن لجم عامر انفعالها بنظرة تحذيرية لم تخلو من مسحة حنان لفرحتها بعد أن علمت وجهتهما، بينما عطر هللت وهي تنظر لزوجها:  انا مش قادرة اقولك ازاي فرحانة اننا رايحين تركيا..حبيب قلبي يا يزيد.. ربنا يخليك ليا.."ثم حدثت الأخري وهي تصيح" جوجو رايحين عند "ألشين سانجو"


ردت الأخرى بحماس شديد: و حبيب قلبي "باريش"



+




غمغم عامر حانقًا: والله شكلي هرجعك البيت واخليكي تغسلي السجاد هناك.. مين ده اللي حبيب قلبك؟؟؟



+




قالت بوداعة مبالغ بها:  أنت يا روحي.. التاني ده مجرد ممثل كده معجبة به.. 


يزيد:  سيبك منهم، الاتنين مجانين بمسلسلاتهم التركي.. أدينا هنوديهم مرة من نفسهم ومش هتتكرر.. اخرهم معانا الغردقة بعد كده.. 


عامر:  ومالها جمصة؟ دي حتى ترد الروح! 


جوري بامتعاض:  جمصة؟ تصدق قفلتني من الرحلة قبل ما نروحها.. 


عطر:  طب يلا ياجماعة المضيفة كررت النداء.. ابقوا اتخانقوا فوق في الطيارة.. 


_________________



+




هبطت طائرتهم في مطار أسطنبول الدولي


وجهة العشاق من كل بقاع العالم لمدينة الجمال..انتقلوا لفندق "بوسفور" وتم حجز غرفتان متجاورتان وبعد راحة قصيرة بدأ الاستمتاع برحلتهم وزيارة منطقة "تل العرائس" وهي من أجمل الاماكن السياحية في اسطنبول، لما تتمتع به تلك البقعة من هدوء وسحر للطبيعة وهذا ما يناسب تماما أزواج جدد مثل يزيد وعامر مع زوجتيهما.. 



+




أزداد سحر المكان حولهما وهما يعتلون التلة مستمتعين بمنظر غروب الشمس المهيب فوقها، ثم توجهوا لإحدي المقاهي القريبة وتناولوا وجبة مناسبة مع كوب شاي تركي.. وهكذا انتهى اليوم الأول، ثم عادوا لغرفهم في الفندق.. لينالوا قسطا أخر من الراحة.. والوصال.. 


_____________



+




تعجب من صوتها العالي ونهض سريعا متوجها إليها


وهو يصيح: ايه يابنتي بتزعقي للولد كده ليه كأنه فاهمك. 


صاحت بإجهاد شديد:  تعبت يا أحمد خلاص مش قادرة.. غيرتله وأكلته وحميته وعماله الف به الأوضة وبرضو مش عايز ينام وبيعيط.. تعبت خلاص انا مامنتش بقالي يومين.. 


_ طب اهدي بس، هاتيه وروحي نامي.. 


_ مش هيسكت معاك


_ مالكيش دعوة انا هنزل تحت شوية وهتمشي به يمكن زهقان.. 



+




وبالفعل هبط به بعد أن دثره جيدا بالغطاء.. وراح يسير وهو يهدهده ويغني له بخفوت شديد مع مزاحه:  اوعي تقول بابا صوته وحش.. انا بغنيلك عشان تسكت.. 



+




_ ايه منزلك دلوقت يا احمد


التفت لوالدته التي وصلها بكاء الصغير وقال: 


_ مافيش يا ماما بس زين عمال يعيط وأمونة تعبت وبقالها يومين مش بتنام وغصب عنها عصبية، صعبت عليا قلت احاول انيمه هنا على ماهي تنام شوية.. 



+




_ طب هاته واطلع انت تنام عشان شغلك ياحبيبي


_ ازاي يا ماما؟ زين فعلا بقي مجهد جدا وبيعيط كتير وهيتعبك.. ماتحمليش هم شغلي، هبقي اتأخر شوية


ثم مازحها: كأني واخد ساعتين رضاعة.. 



+





        


          



                


ضحكت لدعابته .هي تلتقط حفيدها: 


انت حر المهم هاته وانا هنيمه معايا.. 


ثم حملته مقلوبا وبطنه الصغيرة ترتكز على راحتها المبسوطة فسكت بكاءه على الفور.. وصاح احمد مذهولا:  ايه ده؟ الولد ازاي بطل عياط مجرد ما شيلتيه يا ماما؟ وبعدين قالباه كده ليه مش فاهم؟



+




ابتسمت وهي جالسة تدلك ظهره برفق:  ده عنده انتفاخ يا ابني عشان كده ارتاح لما نام على بطنه، هخلي "سميرة" تعمله رضعة كراوية دافية عشان يطرد الانتفاخ ويخف المغص.. 


_ هاتية ياطنط وانا هعملهاله وانيمه.. 



+




قالتها أمونة التي تبعته للأسفل رغم إرهاقها الشديد لم تتحمل بعد صغيرها وهبطت لتشاهد ما حدث، فقالت والدة زوجها: لا يا بنتي خدي جوزك واطلعوا كملوا نوم هو أصلا سكت اهو، وبعد رضعة الكراوية هينام وانا هريح جمبه.. يلا بقي انتي وهو من غير مطرود خلوني اخد راحتي مع حفيدي.. 



+




همت بالاعتراض فقاطعها أحمد وهو يرمقها بنظرة محذرة:  خلاص يا ماما زي ماتحبي.. 



+




وسحبها من يدها وصعد بها لغرفتهما، فهتف بعد أن استقرا في الداخل:  انت ليه خلتني اسيب زين تحت؟ انا مش هعرف انام وهو بعيد عني.. 


_ مانتي كده كده مش عارفة تنامي


_ ايوة بس هو سكت خلاص


_ سكت مع ماما يا أمونة.. وبعدين هي بتقولك عايزاه ينام معاها وهتعرف تتصرف معاه احسن مني ومنك.. يبقى خلاص ماتجادليش.. ولا عايزاها تزعل وتقول انك بتمنعيها عن الولد؟ 



+




صاحت باستنكار:  أنا يا أحمد؟ أنا برضو بمنع الولد عن جدته؟


لم تلين نبرته وهو يجيب:  أيوة يا أمونة، تنكري إن كذا مرة قبل كده قالتلك هاتي الولد ينام معاها تقولي انه هيتعبها ومش هتعرف تنام من عياطه؟ ماما بتسكت بس بتزعل جواها وانا عارف امي كويس.. 



+




هتفت تدافع:  اقسم بالله ما اقصد ازعلها، زين فعلا عياطه مش بيتقطع.. أشفقت عليها تسهر به.. وكمان مامتك مش هتقدر تروح وتيجي بالولد اللي للأسف اتعود يتشال طول الوقت.. خوفت عليها مش منعته عنها. 


_ بس هي مش هتفهم كده.. 


وأكمل بحزم:  أمونة لو سمحت.. أي وقت ماما تقولك هاتي الولد ينام معايا إياكي ترفضي.. انتي لسه أم بقالك يومين ومعندكيش خبرتها اللي ربت بيها ولدين أحسن تربية.. وأكيد هي هتعرف تراعي حفيدها كويس أوي.. 



+




رمقته بحزن لاتهامه المبطن انها تمنع طفلها عن والدته، ولم تشأ أن تجادله أكثر ويزداد الأمر سوءًا بينهما، فكظمت حزنها وقالت وهي تتجه لفراشها:  ماشي يا احمد..عن إذنك هنام لأني تعبانة من قلة النوم.. 



+




وتدثرت بالغطاء وعيناها دامعة، فدنى منها بعد أن أنبه ضميره لاتهامه القاسي لها.. هو يعلم كم زوجته حنون لكن عدم اندماجها مع واالدته من البداية جعل الهواجس تشتعل برأسه أن تستغل أمونة الصغير وتمنعه بطريقة ما عن جدته.. 



+




احتضن ظهرها بين ذراعيه فلم تتجاوب معه مسدلة جفنيها تخفي دمعتها عنه، فأجبرها أن تستدير إليه ثم راح يمرر إبهامه فوق عيناها لتُشرعهما، فتمردت دمعة هاربة من مقلتيها رغما عنها فانحني يلثمهما مع همسه:  أنا أسف..  



+





        


          



                


اعتدلت لوضعها الأول وهي تعطيه ظهرها معلنة عدم قبولها اعتذاره، فجذبها ثانية وجعل وجهها يقابل وجهه معاودا همسه:  خلاص بقى ماتزعليش، مقصدش ازعلك وعارف والله ان مش قصدك لكن ماما هتفهمك غلط، .انا مش عايز ده يحصل يا أمونة.. أمي من حقها تفرح بحفيدها وتعمل اللي نفسها تعمله معاه.. ماتنسيش احفادها من اخويا عايشين بعيد عنها لكن انا معاها.. يعني وضع ابني مختلف.. فاهماني ياحبيبتي؟



+




أشرعت له عيناها ومنحته نظرة مشبعة بالعتاب وقالت:  ممكن يا أحمد تسيبني دلوقت عشان عايزة انام..أنت عارف ساعتين وزين هيحتاج يرضع خليني ارتاح شوية.. 


رماها بنظرة استجداء قبل ان يغمغم:  لأ مش ممكن.. مستحيل اسيبك تنامي زعلانة.. 


ثم مال ملتقطا شفتيها بقبلة هادئة وقال: ماتبقيش رخمة بقي قولتلك حقك عليا.. ثم غمزها بعينه:  وبعدين ياعبيطة عايزة تضيعي فرصة اننا لوحدينا؟ ده انا هموت عليكي بقالي كام يوم ومش عارف اطولك وانتي مطنشاني ياقاسية.. انتي مابقتيش تحبي ميدو وتشتاقي لحضني؟



+




تمنعت بدلال وداخلها بدأ يغفر له: ماتضحكش عليا بكلمتين انا زعلانة منك


_ مين قال اني هضحك عليكي كلمتين؟ ده انا هقوله قصيدة شعر كاملة بالقافية والتشكيل.. 



+




ضحكت لدعابته في الأخر الأمر واستجابت لرغبته، لكن ظل داخلها جزءً غاضب لاتهامه و لن يترك حقه في العتاب.. لكن ربما في وقت أخر.. 


------------------


في تركيا.. 


_  ياكيما انتي لسه بتعيطي.. والله انا بخير ومبسوطة وزي الفل اذمني يا ماما.. 


جاء صوتها باكي عبر الهاتف: 


_ بس وحشتيني.. البيت وحش اوي من غيرك، احساسي انك خلاص مش عايشة معانا ده تاعبني اوي..أنا قالباها مناحة وابوكي خلاص هيتجنن مني.. 



+




_ مين قال يا ماما اني مش هكون معاكم؟ انا بس هعدي موضوع الزيارات والمباركات بتاع اهل عامر اللي معظهم لسه هيعدوا علينا لما نرجع، وهتلافيني كل اسبوع باجيلك


_ ده كلام.. بكره تنشغلي بجوزك وبيتك وعيالك بعدها وتنسي امك.. 



+




لاطفتها بمرح وهي تغني لها بصوت رقيق: 


_ أنساك؟ ده كلام؟


أنساك يا سلام..أهو ده اللي مش ممكن ابدا



+




قهقهمت كريمة وهي تقول:  مجنونة زي ما انتي.. 


_طبعا يا مامتي جناني ده شيء مفروغ منه


غمغت بحنان:  ربنا يديم عليكي روحك الحلوة دي يا قلب امك انتي ويزيد اخوكي..


وواصلت:  خلاص هسيبك بقي لجوزك وخدي بالك من نفسك اوعي عامر يزعلك وتخبي عني


_ والله يا ماما انا اللي بزعل عامر ويتخاف عليه مني.. انا لسه عاملة فيه مقلب امبارح خلاه كان هيطيرني من غيظه مني لولا أخويا يزيد حماني منه.. 


_ عملتي في الراجل ايه يا مخبولة؟


_ لا دي قصة طويلة يا كيما.. أما ارجع واشوفك هحكيلك كل بلاوية دفعة واحدة.. سلمي بقى على دومي وأنا بالليل هتصل ادلعه شوية.. اوعي تفتكري الجو هيفضالك وتستفردي بابويا لوحدك.. الزئردة لسه موجودة.. 



+




_ اهو عندك ياختي اشبعي انتي وهو ببعض.. أنا هروح اكلم ابني حبيبي اللي بيدلعني.. 


_ ماشي بعتيني في دقيقة يا كيما.. سلام بقي احسن سي عامر بينادي عليا.. وانتي عارفاني زوجة مطيعة. 


تهكمت قائلة:  انتي هتقوليلي.. ده انتي بلسم! 


________________



+





        


          



                


قال هو يجفف شعره المبتل بعد انتهاء حمامه الدافيء: 


كنتي بتكلمي مين ياجوجو ومش بتردي عليا؟


_رديت عليك بس انت ماسمعتش، كنت بكلم ماما، بتطمن علينا ووصتني عليك اوي. 



+




هتف ساخرًا: فيها الخير والله عارفة بنتها، ربنا يستر وينتهي شهر العسل ده على خير.. 


_ أخص عليك يا عموري، بدال مع تدعي ان كل حياتنا تبقي شهر عسل.. 


_ ده لو فضلنا على كده هكمل حياتي خلف القضبان مع مقالبك الهباب دي.. 


قهقت وهي تقول: خسارة، مالكش في الهزار والشقاوة للأسف..طلعت زوج مش فرفوش.. ده انا واخويا عابد وياسين وعطر بنخربها لما بنتجمع من كتر المقالب اللي بنعملها في بعض.. بالذات سينو..عبودي كان بيبهدله.. 



+




لوح لها بيده:  طب استوب ونقطة نظام لأن في إشارة حمرا، تعالي هقولك حاجة مهمة.. 


واقترب منها بالفعل فرفعت يديها أمامها بشكل حمائي قائلة:  ايه ياعامر هتتغابي ولا ايه؟ أنا قلت ايه غلط عشان تشغل اشاراتك الحمرا دلوقت.. هنادي اخويا وربنا.. 


_ شوفتي اديكي بتزودي غلطاتك وشكلنا مش نازلين لاخوكي ومراته عشان نسهر معاهم.. 



+




واستطرد بعد أن حشر رأسها تحت إبطه قبل أن تهرب منه:  أولا مافيش حاجة اسمها سينو.. ابن خالتك اسمه ياسين.. وثانيا الهزار والمقالب بتاعة زمان مابينكم تنسيها.. دلوقت المفروض اتجوزتي وعشمنا في ربنا يرزقك شوية عقل.. ثانيا والأهم.. إياكي تتحامي في اخوكي مني.. 


_ امال اتحامي منك في مين إن شاء الله؟


_ فيا أنا.. 


رمقته بابتسائمة هائمة معتبرة رده ملاطفة، فأفزعها بصياحه الذي أجفلها ومحى ابتسامتها:  يعني اما اعلقك في دش الحمام محدش يدخل بنا..لا اخوكي ولا الجن الأزرق، فاهمة ولا لأ.. 


_ فاهمة فاهمة.. سبني بقي رقبتي اتلوحت بالمسكة الغبية دي..ثم قالت وهي تزفر بضجر:  مافيش أي رقة كده في التعامل يا ساتر عليك زوج.. 


_ ماهو لما تكوني زوجة كيوت هبقي رقيق ولطيف.. انما انتي لاسعة وانا بصراحة اتخدعت فيكي.. 



+




أطرقت رأسها ومثلت الحزن:  خلاص ياعامر اوعدك مش ههزر واعمل مقالب فيك تاني


رمقها مضيقا عيناه بريبة: انتي زعلانة بجد ولا بتشتغليني؟


_ ولا زعلانة ولا حاجة انت مش عايزني عاقلة وهادية؟ تمام مش هتسمع حسي بعد كده.. 



+




جذب خصرها بتملك حاني هامسا قرب محياها:  ربنا مايسكت حسك في الدنيا ابدا..


رفعت عيناها فغمرتها عاطفته المشتعلة مع همسته الحانية..وقالت: حبيبي انت اللي ربنا مايحرمني من حسك، وان كنت بهزر ده يعني عشان مايبقاش شهر عسلنا ممل ونفضل نفتكره واحنا بنضحك علي مواقفنا ولعبنا فيه.. بعد كده حياتنا يمكن تبقي روتينية خصوصا لما نجيب ولاد الدنيا هتتغير.. انا بدلع دلوقت عشان احنا لسه مافيش مسؤلية.. مش عايزة ابقي مراتك بس..لأ.. عايزة احس اني بنتك اللي بتدلع عليك وانت فرحان بيها.. لكن لو ده مضايقك خلاص والله هتقمص شخصية الست الجد اللي كبرت فجأة عشان ترتاح.. 


دني مقبلا وجنتيها بنعومة شديدة وقال: غلبتيني ياشبر ونص..خلاص هزري براحتك بس في الحدود اتفقنا؟


_ اتفقنا في اللي يخصك.. انما مع اخويا ومراته مالكش فيه. 


هز رأسه بيأس:  ماليش فيه؟ والله مافي فايدة فيكي انتي ومرات اخوكي كمان اللي مخبولة زيك.. 


_ علي فكرة اخويا لو سمعك بتقول علي عطر مخبولة هيتغابي عليك


_ محدش يقدر يتغابي عليا


_ أخويا يقدر


_ بصي.. هو لو حصل نصيبة بيني وبين يزيد هيبقي بسببك انتي.. وآن الآوان تتعاقبي مقدما.. 



+





        


          



                


وجذبها خلفه للمرحاض وهي تصيح بخوف:  هتعمل ايه يا عامر بلاش غباوة الهي تنستر يا شيخ ده انا جوجو حبيبتك.. 


لم يجيبها وهو يرفعها ويعلقها في شنكل "الدش" ويثبتها بقبضة يده مع قوله: أديني علقتك زي الفارة..



+




_ نزلني بلاش جنان، أنا لو وقعت منك هتكسر وهكمل شهر عسلي وانا بتنطط زي القرود.. 


لم يتمالك نفسه وهو يضحك، ثم حررها بحرص حتى رست قدميها علي الأرض، ثم فتح صنبور المياة عليها، لتشهق بحنق: غرفتني يامجنون وانا لسه واخدة حمام.. 



+




_ هتبطلي تستفزيني ولا لأ؟


_ هبطل، سبني بقي.. 


تركها وهو يضحك مغادرا ليستعد لسهرتهما مع يزيد وعطر، فرمقت ظهره بعدوانية لم يراها وهمست بخفوت: انت اللي جبته لنفسك يا عامر..وانا مش بسيب حقي.. 


__________


ابتسمت وهي تتشرب صوته ملقيا تحية الصباح عليها عبر الهاتف:  صباح الخير يا ماما


_ يا صباح الورد علي عيونك ياقلب امك، عامل ايه وحشتني أوي يا يزيد.. 


_ الحمد لله ياحبيبتي وانتي وحشتيني اكتر والله


_ تسلم ياحبيبي ربنا يسعدك. ويهنيك بعروستك، عطر عاملة معاك ايه 


_ الحمد لله كويسة


_ اما تخلص شهر العسل هتيجي بمراتك عليا ولا هتنسى امك؟ 


_ مين ده اللي ينسي؟ ده انتي لو عايزاني دلوقت انزل واجيلك يا ست الكل.. 


تأثرت بحلاوة رده قائلة:  ربنا يحرمني من حنيتك ولسانك اللي زي الشهد..خليك مع مراتك متهنى ربنا يفرح قلبك



_ بدعواتك يا أمي، وماتقلقيش ‏وحياتك من المطار بالشنط عليكي ياكيما.. امال مين هيدلعني غيرك.. 


ضحكت مع قولها:  مراتك اللي هتدلعك


_ لا دي لسه مش عارفة تدلع انا اللي بدلعها يا ماما


قهقهت أكثر لمزحته:  ومالوا يا حبيبي، ماهي عروسة برضو وعلي قد ما هتراعيها هتراعيك.. 


وواصلت: لسه مكلمة جوري واطمنت عليها.. ‏ياريتها تقدر تيجي بعريسها وافرح بيكم يومين قبل ماتاخدكم الدنيا.. 



+




‏_ معلش يا ماما عامر في ناس كتير من اهلوا هيزوره لما يرجع، خليهم براحتهم وفي اول فرصة جوري هتجيبه ويقضوا معاكي يومين.. انما انا ياست الكل.. تشاوري بس هاجيلك بمراتي في رفة عين.. 


‏_ ربنا يجبر خاطرك يا ابني.. طب فين عطر اصبح عليها


‏_ معاكي اهي


‏عطر:  صباح الخير ياخالتو، لو كنتي مش طلبتي تكلمني كنت خاصمتك.. 


‏ضحكت لدلالها:  وانا اقدر ياروح خالتك، ده غلاوتك بقيت اكتر من الأول.. ربنا يابنتي يسعدكم ويرزكم الذرية الصالحة 


‏_ الله امين يا كيما.. 


‏_ طبعا مبسوطة إن تؤامك معاكي.. 


‏_ قصدك جوري؟ دي مجننة جوزها يا خالتوا.. الله يكون في عونه


‏_ ماهو بيحبها وهيتحمل لسعان دماغها لحد ما تعقل، وبعدين شوية جنان وشقاوة في الأول كده مايضرش..أوعي تكوني مش فرفوشة كده مع جوزك.. دلعيه وروقيه كده وهزروا واضحكوا والعبوا كمان.. 



+




‏_ ماتقلقيش ياخالتوا.. ابنك في ايد أمينة..أنا مدلعاه علي الأخر.. حتي أسأليه


ضيق يزيد عيناه وهو يكذبها: يا كدابة


شهقت وتركت الهاتف من يدها:  أنا كدابة يا يزيد؟ طب استر عليا قصاد خالتوا 


_ لا ماما عارفاني مابكدبش.  


وصلهم صوت كريمة وهي تصيح:  طب اقفلي يامجنونة واتخانقي انتي وجوزك في السر بدال ما انا مركونة علي الخط كده



+





        


          



                


التقط الهاتف: يعني اكدب يا ماما؟ دي ولا مدلعاني ولا مفرفشاني وكمان عملالي مكسوفة.. انما في المقالب مع جوزي بتتألق ودماغها بتشتغل.. 


_طب روح بقي شوف حالك أنت ومراتك اللي عصبتها بإيدك..وابقي كلمني ماشي. 


_ ماشي يا روحي


........



+




استدار بعد أن أنهى المكالمة، وبصر تحديقها العدواني به، فقال وهو يلجم ابتسامته:  ايه الوش الخشب ده بقي. 



+




أشارت لصدرها وهي تهتف بغيظ:  بقي أنا مش بدلعك يا يزيد وبتسيحلي قدام خالتوا؟ 


_ أيوة.. 


_ طب انزل لوحدك وروح لاختك تدلعك هي..


اقترب منها وقال:  لأ.. عايزك انتي اللي تدلعيني.. 


_ لا مش هكلمك اساسا ومخصماك لحد بكره.. عن اذنك



+




جذبها قبل أن تبتعد:  طب هصالحك


_ لا زعلانة.. 


ثم رمقته بجدية:  يزيد.. هو انا بجد مش مقصرة معاك في حاجة؟ مش مبسوط معايا يعني؟ صحيح لسه فعلا بتكسف شوية بس انا لسه عروسة و… .



+




اجتاحها بقبلة مفعمة بما يكنه لها من حب وما يملاءه من سعادة معها..يكفيه أنها صارت تمسي وتصبح بين ذراعيه.. يكفيه أن عطرها أصبح يحتل شراينه وصوتها على صدره يعزف علي أوتار قلبه ويطرب روحه..فقط يشاكسها.. فلن يمل ابدا تلك العادة.. يغضبها ويراقب ردود افعالها الطفولية ثم يراضيها..أليست طفلة يزيد قبل أن تكون حبيبته وزوجته؟



+




ابتعد عنها لتنعم رئتيها بالهواء ثم قال لها:  بهزر ياحبيبتي، انا بحب انكشك كل شوية.. انما اوعي ابدا تقولي الكلام ده تاني.. انتي مالية عيني وقلبي وروحي وحياتي كلها..



+




ابتسمت ومالت عليه مثل الهرة تتلمس صدره بأمان وهي تغمغم:  أنا بحبك أوي يا يزيد.. نفسي اقول لكل الدنيا اني فوزت بيك


_ أنا اللي فوزت بيكي.. 


واستطرد بنبرة مغوية:  بقولك ايه، ماتيجي نتأخر على جوجو وعامر شوية عشان اقولك كلمتين..


تدللت بصوتها:  انا بردو بقول كده يا زيدوا


_ قلب زيدوا.. 


______________



+




منطقة "مسجد السلطان أحمد" أو الجامع الأزرق كما يسمي خارج  تركيا.. هو كان وجهتهم اليوم في قائمة التنزه والتعرف علي أهم مزارات اسطنبول..بقعة مميزة بمزارات التسوق ومطاعمها ومقاهي والتجول بها سيرا بين الحدائق او بعربات الأحصنة التي تحمست لركوبها جوري وعطر.. 



+




استقل كل اثنين منهما عربة يرمح بها إحدى الأحصنة الجميلة..فوقفت عطر يلفحها الهواء وبسطت ذراعيها وهي تقول:  أنا مبسوطة أوي يا يزيد..المكان فوق الروعة.. جماله يهبل..بجد احلي مفاجأة عملتهالي.. 



+




هتف بحنان وهو يتابع فرحتها:  الحمد لله انك اتبسطتي يافواحة.. ربنا يقدرني واخليكي مرتاحة طول العمر.. 



+




حدجته بنظرة عشق طاغي وقالت: بجد انت عملت عشان حاجات كتير فرحتني يا يزيد.. مش عارفة ارد اللي عملته بايه؟


_ حبيبني وبس.. 



+




قالها ثم قبل وجنتها، فراحت تنظر له لحظات ثم أقدمت علي فعل أذهله وهي تقف وتصيح صارخة بأعلى صوتها كأنها تحدث العالم بأسره ووشاحها يعانق الهواء ويتمايل معها: 



+





        


          



                


_ أشهدوا يا نااااس..


عطر بتحب يزيد


عطر بتعشق يزيد


عطر فازت بحبيب الطفولة اللي حلمت به طول عمرها


أشهدوا أنه حبيبي واني بحبه أكتر من نفسي.. 


أشهدوا إن سعادته وعد هوفيه بعمري كله.. 



+




جلست جواره وهي تلهث من فرط انفعالها تطالع ذهوله الممزوج بفرحته الغامرة لفعلتها..لم ولن تخجل أن تعلنها للعالمين كل لحظة أنها فازت بمن عشقت منذ كانت تحبي..


ربحت من نُقشت حروفه على جدار القلب. 


من نبتت مشاعرها في أرضه الخصبة. 


كبُرت وطاب عودها لأجله


هي زهرة تفتحت ليقطفها بيديه


وها هي تنشر عبير حبها حوله ليغرق بها


كما غرقت فيه منذ زمن.. 



+




  Güzel_



+




قاطع اتصال بصريهما الهائم كلمة سائق الجواد الذي علي مايبدوا مدرك جيدا لحالة العشق بينهما وربما فهم معنى ما باحت به عطر وهي تصرخ حبًا لزوجها، فابتسمت وهي تترجم الكلمة ليزيد:  الراجل الطيب ده بيقولنا جميل بالتركي..شكله بيفهم عربي.. 



+




ابتسم يزيد ومازل يغمرها بنظرة حب مهلكة وألق عشقه يسيل من عيناه، ثم دني فجأة من السائق متبادلا معه حديث قصير.. ثم حاد إليها ونظر لها مرة أخري مع همسته وهو  يقول بلغة تركية واضحة: 



+




+





يعني بحبك بالتركي وبكل لغات العالم يا فواحة.. 


________________



+




راقه مظهرها الشهي وهي تهز شعرها يمين ويسار، تنثر عنه المياة الزائدة ثم أشعلت المجفف لتجفيفه، فاقترب وأخذه من يدها ودني أكثر يتشمم رائحته مغمغما: ريحة شعرك تجنن يا جوجو.. بتحطي فيه ايه؟


استدارت بين ذراعيه لتناظره مبتسمة برقة: بغسله بشامبو  ريحة بالتوت البري ياحبيبي.. مادام عجبك هستخدمه علي طول.. 



+




تنهد وهو يضمها إليه:  متأكده انها مش ريحتك انتي ياملاكي.. 


_ مازحته بدلال:  هي الملايكة بتكون ريحتها توت بري ياعموري؟


_ معرفش ريحتهم ايه..بس اعرف ريحتك انتي وبحبها، حتى وانتي نايمة بتجذبيني بوداعة ملامحك..



+




ثم ابتعد عنها متذكرا شيء بغتة:  بخلاف الوداعة اللئيمة اما بتعكي في كلامك.. 


هتفت بمسكنة:  أنا يا لمبي؟


_ أيوة بالظبط زي دلوقت كده..بتغطي علي مدحك في الجدع المايع ده اللي اسمه شاويش ولا جاويش ولا معرفش ملته ايه ده كمان.. 



+




ضحكت له:  اسمه باريش.. وده مجرد مدح بريء في ممثل انا بح… ..


بترت جملتها مع نظرته العدوانية لها فعدلت قولها:  معجبة بتمثيله يعني مش اكتر.. 


_ طب بذمتك مش أنا أحلي منه


فاضت عليه بنظرة حب حقيقية:  أنت سيد الرجالة في عيوني ياعامر..احن وأوسم راجل في العالم كله.. 



+




برقت حدقتاه واقترب قائلا:  عرفتي تكسبيني يا زئردة.. 


_ لا ده انا اعجبك اوي.. هبهرك بقدراتي.. 


قيمها بنظرة جريئة مع قوله:  هتبهريني أكتر لو تخنتي شوية يا جوجو.. 


_ معقول عايزني تخينة ياعموري؟ 


_ بقول شوية مش كتير.. اللي يشوفك معايا بيفتكرك بنتي.


تدللت عليه:  طب ومالوا.. خليني بنتك.. 


_ ما هو لو تخنتي شوية هتبقي بنتي برضو.. بس بنت كلبوظة شوية.. 


عادت تضحك:  خلاص ياحبيبي مادام عايز كده.. أما نرجع من شهر العسل هاكل مكسرات وحلاوة كتير.. بيقولوا بتزود الوزن.. 



+





        


          



                


_ لا أنا عندي اقتراح أحلى


_ ايه هو؟


_ انتي تاكلي مكسرات



+




ثم ازداد خطر قربه وهو يهمس:  وانا اكل الحلاوة.. 


________________



+




_ عاملة ايه يا حبيبتي؟ بتاكلي كويس ولا لأ؟


_ الحمد لله ياماما كويسة جدا، ومن جهة الأكل اطمني طنط وظافر بيزغطوني مش بيأكلوني. 


_ أمال ايه ياحبيبتي انتي بتتغذي لشخصين دلوقت.. ربنا يقومك بالسلامة يا نور عيني. 


_ تسلمي يامامتي، أحلي حاجة اني ههرب من حصار الأكل كل شوية ده لما انزل شغلي بكره


_ نعم؟ شغل ايه اللي هتنزليه دلوقت يابنتي انتي لازم ترتاحي في البيت لحد ما تولدي



+




ضحكت بلقيس:  اكيد بتهزري يا ماما..عايزاني افضل كل شهور الحمل في البيت؟ هو اخر شهر كفاية وشهر كمان بعد الولادة وارجع شغلي.. 


وواصلت بنبرة فخر: هو بابا مش قالك انا بقيت مهمة معاه في الشركة ازاي؟ ده مايقدرش يستغنى عني


_ ياحبيبتي في كل الأحوال مايستغناش بس دلوقت الوضع اختلف.. انتي لازم تراعي اللي في بطنك


_ ماتقلقيش يا ماما انا مش صغيرة وهعرف احافظ على نفسي كويس.. 


_ بس انا مش موافقة علي عنادك ده يابلقيس.. وهقول لابوكي يمنعك لما يجي


مازحتها: يمنعني ازاي يا درتي؟ هتخليه يقفل باب الشركة في وشي مثلا ؟ 


_ والله لو ما غيرتي رأيك هخليه يعملها.. 


_ الله يكرمك يا أمي بلاش مناهدة على الفاضي، هكمل شغلي مهما حصل ومش هفضل في البيت.. 



+




انتهت المكالمة.. واكتمل الجدال مرة أخرى بعد عودة والدها ليلا من عمله، لتصر بلقيس على نفس رأيها وتنتهي المكالمة دون تغير موقفها. 


………… 



+




_ عجبك عناد بنتك ده يا عاصم؟ وبدال ما تعقلها بكلمتين تقوم في الأخر تقولها اللي يريحك؟ 


_ دره.. لامتى هتفضلي تتعاملي مع بلقيس علي انها صغيرة ومسؤلة منك؟ جوزها معاها وهما الاتنين أدري بحالهم.. صحيح انا كنت عايزها ترتاح في البيت لأني خايف عليها زيك بس مادام هي رافضة خلاص..


وواصل بنبرة أكثر لينا: مش اتفقنا ما نخنقهاش بخوفنا تاني؟ خليها تنطلق وتعمل اللي يعجبها، وبلقيس هتخاف على اللي في بطنها أكتر مننا.. 



+




لم يبدو عليها الاقتناع وهي تجادله:  والله الدنيا مش هتطير لما بنتك تهدي وتستني تولد..انما هقول ايه عنادية زيك بالظبط.. 


_ أيوة اقلبي عليا أنا كمان ماهي دي اخرتها معاكي.. 


زفرت دون تجاوب مع مزحته وقلق حقيقي ينهش قلبها، فتمتم ليطمئنها:  طيب انا عندي حل.. الوحيد اللي له حق يقعدها في البيت ظافر، لو جت منه هتفرق كتير. أنا هكلمه يقنعها عشان خاطرك..ايه رأيك؟


ابتسمت له براحة وتقدير:  ربنا يريح قلبك ياعاصم، ده حل ممتاز جدا.. 


_ تسلمي ياغالية.. يلا عشيني بقي احسن جعان


_ من عيوني الاتنين


____________



+




وقف يستعد لنزول مطعمه، فصاحت زوجته وهي تراقب ما يفعل: ظاظا شوفت المعركة اللي حصلت امبارح بيني وبين ماما وبابا؟


_ معركة ايه دي؟



+




سردت عليه جدالها الساخن مع والديها لعودتها للعمل مرة أخري، وختمت بقولها:  بس ياسيدي ده اللي حصل.. 


قال ببساطة: والله تعبوا نفسهم على الفاضي.. هو انا گ زوج أصرت في حاجة؟


زوت حاجبيه عاجزة عن فهمه:  قصدك ايه؟!


_ يعني محدش محتاج يتعب قلبه ويقنعك.. القرار عندي نافذ من قبل مايتكلموا.. انتي مش هتنزلي شغل غير بعد الولادة.. 



+





        


          



                


حملقت به مذهولة ثم اقتربت وشبح عاصفة علي وشك البدء بينهما:  نعم؟ ومين هيوافق علي كده؟


_انا مش بطلب موافقتك، ده قرار مافيهوش نقاش.. 



+




قالت بضيق:  ظافر سيب شعرك اللي بتسبسبه ده وركز معايا شوية عشان كلامك ده عصبني بجد.. 


تنهد وهو يلتفت لها قائلا:  وايه يعصبك في كلامي؟ انتي لسه في اول الشهر التاني وطبيعي ترتاحي لحد اما تولدي بالسلامة، بعدها ياستي ارجعي شغلك مع والدك تاني انا مش رافض.. 


جادلته بعناد:  وهو كل واحدة تحمل تسيب شغلها وتوقف حالها؟ انا بقيت كويسة في الكام يوم اللي ارتاحت فيهم، هواصل شغلي عادي لحد اخر شهر وبعدين… 



+




_ قلت مش هتنزلي شغلك غير بعد ولادتك. 


_ بس انا مش موافقة علي التحكم ده


حدجها بنظرة جامدة يشوبها لمحة عتاب ثم قال ببرود: 


مادام انتي شايفاه تحكم ومش خوف على ابننا اللي مصدقنا يجي براحتك. 


_ وانا يعني مش هخاف علي ابني؟ أكيد هقدر احافظ عليه وانا بشتغل.. انا ماصدقت لقيت نفسي في شغلي وبابا خلاص بقي يعتمد عليا.. عايزني ارجع تاني مجرد بنت حلوة مركونة علي الرف. 



+




_ شكلك نسيتي انك مابقيتيش بنت أصلا! 



+




_ ماتعلبش بالكلام يا ظافر انت عارف قصدي


_ أنا مش فاضي العب مع حد انا بتكلم في الصح.. ولا نسيتي وقوعك في المكتب لوحدك ومحدش حس بيكي لحد منا جيت لحقتك ووديتك للدكتور؟ انا مش هسمح ده يتكرر وافقد ابني بسبب عنادك.. 



+




صاحت باستنكار: يعني انت كل همك سلامة ابنك وبس؟


رمقها بضيق وقد فاض صبره : انتي مجنونة؟ وهو في فرق بينكم؟


_ أيوة في فرق.. انت طول الوقت مافيش علي لسانك غير اتغذي عشان الولد.. نامي كويس عشان الولد.. ماتتعصبيش عشان الولد..كأنك اختزلت أهميتي في كده وبس وانا اتلغيت خلاص ورغباتي مابقيتش مهمة عندك.. الحاجة اللي بحبها وبلاقي نفسي فيها عايز تمنعني عنها.. 



+




برقت عيناه بغضب وضاق من مزاجها السيء وهي لا تفهم أن همه سلامتها قبل أي شيء.. فقد أعصابه وهدر عليها قبل أن يتركها: شكلها طالبة معاكي نكد ومخك تقريبا خارج الخدمة دلوقت.. أنا خارج وسايبك تتخانقي مع الحيطان، عن أذنك.. 



+




_ ظافر ماتمشيش قبل ما نوصل لحل.. 


ظافر أنا بتكلم معاك.. 


ظافر..؟!! 



+




جاء أخر ندائه بشبه صراخ: 


فعاد إليها وهو يحذرها بصوت حاد رغم خفوته: 


لو صرختي تاني مش هيحصل طيب.. 


ثم واصل قاصدا استفزازها:


عشان العصبية غلط على اللي في بطنك.. 



+




وتركها مغادرا وعيناها تبرق بدموع القهر حزينة لموقفه..


لم تهنأ بعد بذاتها الذي تشبع أخيرا بقيمته في العمل مع والدها ليمنعها زوجها عنه بتلك البساطة..


لا تحتمل خسارة مكاسبها التي لا تقدر بثمن..


ثقتها في نفسها التي ازدادت عشرات المرات


نظرة فخر والدها بها وهي تملأ فراغ كبير داخله


كأنها تقول له أنا لست فتاتك المدللة فقط..


أنا أستطعت ملء فراغ أشقائي لو قدر الله لهما الحياة..


ها أنا غديتُ سندًا لك كما كنت لي أنت دائما..


لكن مع عناد ظافر سيتعطل تحقيق حلمها


فترة ليست هينة.. 


نظرت لبطنها النحيف وربتت عليه بحنان وهي تهمس: 


_ محدش في العالم كله هيحبك ويخاف عليك قدي


بس باباك مش فاهمني..أول مرة اشوفه عنيد وعصبي كده معايا.. طب أنا غلطانة؟ فيها ايه لو اكمل شغلي اللي اتعلقت به وفي نفس الوقت اخد بالي منك؟



+




زحفت دمعة أخيرة على وجنتها، أزالتها وراحت لتصلي علها تهدأ وتفكر كيف تجعل ظافر يعدل عن قراره ويسمح لها بمواصلة العمل مع أبيها.. 


---------


بعد يومان! 


حزنها يخنقه بعد أخر نقاش حاد بينهما، الحمقاء لا تفهم كم يخاف عليها هي قبل اي شيء وسلامتها وجنينها في كفة واحدة لكن كأنها تغار اهتمامه بالجنين.. لا ينكر انه ربما يظهر خوفه بقوة عليه لكن أليس حقه بعد صبر عام وهي يشتهي تحقيق أبوته؟ تنهد وهو ينظر لشعرها الطويل جواره على الوسادة وهي تعطيه ظهرها مدعية النوم..مرر أنامله بنعومة بين خصلاتها بحركة أثارت رجفتها وهي تدس وجهها بين ذراعيها، فغمغم: تيجي اضفرلك شعرك.. 


ابتسمت وردت بخفوت:  لأ شكرا


_ ماشي.. بكرة بنتي تيجي واضفرلها شعرها كل يوم.. 


اعتدلت وهي تقول بلمحة غيرة:  وأنا؟ خلاص مش هتحبني؟



+




ابتسم وهو. يضمها إليه: 


_ بتقولي ايه بس.. انتي النفس اللي بيخرج مني.. بس افهميني.. قراري ده لمصلحتك، أنا عمري ما هنسي منظرك وانتي واقعة على الأرض ومحدش حاسس بيكي



+




_ ياحبيبي ده عشان ماكنتس اعرف اني حامل واجهدت نفسي في فرح جوري، ويومها كمان مافطرتش.. لكن انا هاخد فيتاميناتي كلها وهاكل كويس وهنزل بس تلات أيام في الاسبوع.. أظن ده حل كويس جدا ويرضيك.. 


انتفخ صدره بتنهيدة أخري غمغم: لو تعرفي بخاف عليكي قد ايه؟ بس مايهونش عليا تزعلي ابدا..خلاص اعملي اللي انتي عايزاه .. بس بحذرك لو حصلك حاجة ولا دوختي واتأذيتي مش هسامحك ولا هعاقبك.. 



+




اقتربت منه وهي تلثم خديه تباعا مع نبرة صوت مغوية من فرط دلالها ورقتها:  هتعاقبني كده ولا كده؟


_ لأ.. كده.. 


قالها وهي يجذب الغطاء عليها ويدثرها به 


ليكتمل عقابه..وتشتعل ليلتهما بفتيل شوق لا يهدأ..ويغرقها بمشاعره لتغفوا بعدها بين ذراعيه راضية لما وصلا إليه سويا من حل.. 


_________



+




في اليوم التالي حدث ما كان يهابه


واتصال من سكرتيرة زوجته تصيح عبر الهاتف:


ألحقني يا ظافر بيه..مدام بلقيس داخت ووقعت فجأة وهي في مكتبها مع العميل..   


شق الهواء بهرولته إليها تاركا خلفه كل شيء


وداخله صرع مشتعل بين غضبه منها


وهلعه عليها وعلى جنينهما.. 


دعى الله أن يطمئن لسلامتها أولا


ثم أقسم داخله أن الأمر لن يمضي بينهما بخير!


________


تكملة الرواية من هناااااااا 


تعليقات

التنقل السريع