القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية نفق الجحيم (الجزء الاول) الفصل الاول والثاني والثالث والرابع والخامس بقلم ريناد يوسف كاملة

 رواية نفق الجحيم (الجزء الاول) الفصل الاول والثاني والثالث والرابع والخامس بقلم ريناد يوسف كاملة 






رواية نفق الجحيم (الجزء الاول) الفصل الاول والثاني والثالث والرابع والخامس بقلم ريناد يوسف كاملة 




البارت الاول 1


قاعده فمكانها المفضل علي كرسي فالبلكونه بتاعة بيتها واللي عتطل على شارع رئيسي كبير.. مايله بجزعها علي السور الحديد بتاع البلكونه وعتتفرج عالناس اللي رايحه وجايه.. وتشوف البياعين المتجولين وهما عينادوا علي بضايعهم المتنوعه.. وعينها رايحه وجايه مع العربيات اللي معتتقطعش ابداً من الشارع.. كل دا عتراقبه كل يوم من ساعة مااتنقلت للمكان دا وبتحس بنفس عدم الانتماء ونفس الغربه فوسط المجتمع اللي لغاية النهاردة متعودتش عليه ولا علي وجودها فيه. 

مع أنها بقالها سنين طويله عايشه فيه،وعتحاول بكافة الطرق التاقلم والانصهار فيه

لكن للاسف كل محاولاتها كانت نتايجها الفشل.. لان روحها هي اللي رافضه التأقلم.. روحها اللي لساها هناك ساكنه في المكان اللي كبرت واترعرعت فيه. 

غمضت عيونها واتبسمت براحه وحنين مع نسمة هوا هبت علي وشها، فكرتها بنسايم الهوا اللي كانت عتداعب روحها هناك.. لكن طبعاً مع اختلاف النقاء والروايح اللي حملاها النسايم.. واللي مختلفه كل الاختلاف.

بدأت تسافر بالذاكره وتجوب اودية الذكريات السحيقه وتطوي السنين طي. وتضرب بجناحات الحنين فضا المسافات البعيده.. وأخيراً وقفت علي حدود بلدها الحبيبه.. وشافت اشجار المانجه العاليه واشجار التين العتيقه، 

وشافت روحها عتتنطط من شجره للتانيه كيف القرود وتقطف من طرحهم كل اللى تشتهيه عيونها وتطيب عليه نفسها. وتضحك من قلبها وتسرق لحظات سعادة معدوده رغم أنوف الجميع. 


فضلت هناك لحد ماقلبها وعقلها وروحها استكانوا وحست براحة جميله عتسري جواها، كأنها راحت رحله تهدي فيها اعصابها..لكن اللحظات الجميله دايماً عمرها قصير. 

فتحت عيونها ببطئ علي صوت نفير عربية متواصل كان صاحبها عيحث اللي قدامه انه يتحرك قوام ويفتحله الطريق، عاودت من رحلتها البعيده، ورجعت تتامل الشارع مره تانيه وتراقب الناس اللي كيف النمل رايحين جايين شايلين قوتهم ومونة بيوتهم من غير تعب ولا كلل وتسأل حالها:

ياتري كل واحد فيكم ايه نوع الهم اللي شايله فقلبه وماشي بيه واللي يشوفه من بعيد يقول عليه خالي.. ماهي من واقع خبرتها في الدنيا طول ال٥٣ سنه اللي عاشتهم فيها.. أن مفيش حد عايش علي وشها مش شايل هم ولا عنده مشاكل.. مع اختلاف النوع والحجم طبعاً، بس الاكيد.. أن الكل تعبان. 

واثناء ماهي غرقانه بفكرها وتفكيرها في الناس قطع شرودها صوت عتعشقه وتعشق سماعه.. صوات قطرات المطر وهي عتنزل من السما. 

بصت لفوق وضمت حواجبها بغرابه وهي واعيه السما اتلبدت فجأة بالغيوم.. كيف وميته متعرفش.. مع ان في بداية قعدتها كانت فيه شمس خفيفه في المكان وبدالها ان اليوم هيكون مشمس ودافي.. لكن سبحانه مغير الاحوال. 


طلعت تليفونها من جيب البالطوا بتاعها وبصت فيه، وشهقت وهي شايفه الساعه بقت كام واكتشفت ان الوقت سرقها كالعادة وهي فقعدة تأملها اليوميه. 


هبت من قعدتها واقفة وهي عتهمس لنفسها:

والله لو ماعاودوا ولقوا الوكل جاهز لهيخلوا يومك اسود من قرن الخروب ياحزينه.. وابقي لما يسألوكي معملتيش وكل ليه قوليلهم سرقني الوكت واني قاعده في السهرايه عشان متخلصيش من لسان اصغر قرد فيهم. 

كانت عتهرول وهي عتهمس لروحها بالكلام دا، موقفتش غير فنص مطبخها قدام التلاجه.. ففتحتها وطلعت منها المكونات اللازمه للطبخه اللي هتطبخها، واكيد حرصت انها تكون وجبه سريعه عشان تلحق تخلصها قبل رجوع عيالها من مدارسهم وجامعاتهم، اللي عيرجعوا بوشهم عالوكل زي مايكونوا معاودين من حرب ضاريه خاضوها لطلب العلم. 


معدتش غير ساعه وحده وكانت واقفه قدام الاكل اللي عملته وهي راضيه تمام الرضى عنه، واتنفست بارتياح بعد ماخلصت مهمتها، وعاودت بعدها وهي مرتاحة البال قعدت قبال البلكونه بتاعتها مره تانيه عشان تتمتع بأكتر الاجواء حباً لقلبها.. اجواء الشتا والمطر ونسايم الهوا الباردة، اللي بدات تداعب ستاير البيت 

وتزحف بهدوء وتلفلف جسمها النحيل، بس كالعادة السقعه مش عتاثر غير علي اطرافها اللي عيتجمدوا طول الشتا وكأنهم مش من باقي جسمها.. ضمت اديها لبعض وبدأت تنفخ فيهم عشان تحس بشوية دفى فيهم وتحس ان فيهم حياة،وبرضوا مع ذلك هتفضل عاشقه للشتا والمطر حتي لو اتجمدت من السقعه. 


بعدت اديها عن وشها وبدات تفركهم ببعض عشان يتولد الدفي فيهم، وفجأة وقفت اللي بتعمله وهي عتتامل الجرح العميق اللي فيدها، واللي برغم إنه شفى كلياً،، الا انه لساه سايب اثر واضح علي ايدها وجوا روحها وقلبها، والاثر دا استحاله ينمحي مهما عدت عليه السنين. 


ضمت يدها قوام عشان تخبي الاثر قبل ماتهاجمها الذكريات المرتبطه بيه.. وقد ايه هي شاطره فإخفاء الندوب والجروح والتظاهر بالقوه وانها بخير مهما كان اللي فيها واللي عتحس بيه. 

قامت ودخلت جوا اوضتها بعد ماقفلت البلكونه..وقعدت فوق سريرها تتامل ندبة يدها من جديد من بعد مانجحت الذكريات السيئه فإنها تهاجم عقلها وعيونها، وبدات تسأل روحها السؤال المعتاد..أي ذنب عملته عشان اتعاقب عليه بالقسوة دي وعقابه يسيب الاثر دا علي جسمي..أيه اللي عملته فحياتي كلها عشان تسير علي النحو اللي سارت عليه؟ أيه اللي زرعته عشان احصد منه كل الظلم اللي شوفته فحياتي؟ 

فجاوبت نفسها بنفسها:

ماارتكبتيش ذنوب، وكل اللي شوفته فحياتي وسألت روحي عيحصلي باي ذنب كانت الإجابه بتاعته واضحه وضوح الشمس.. لأني اتخلقت في بيئة ذكورية بحته.. حيث الراجل هو الآمر الناهي، الحاكم والجلاد.. هو الملك اللي بيده قلائد الحكم وجميع النساء اللي في محيطه سبايا وجوارى"

اتنهدت بوجع وقلة حيله، ورفرفت برموشها عشان تطرد دمعة هددت بالنزول..لان ديه مش وقت البكا..هي متعودة ان كل حاجه ليها وقت وميعاد.. حتي الحزن والدموع.. ودول بالتحديد خصت بيهم جوف الليل عشان محدش يسمع انينها ولا يشوف ضعفها اللي اتعلمت انها متبينهوش غير بينها وبين نفسها، ولا تخلي حد يحسه حتي اقرب الناس ليها. 

دارت بعيونها في الاوضه شويه وبعدها هربت من كل افكارها وذكرياتها للحاجه الوحيده اللي عترتاح فيها وتحس انها الوسيله الوحيده لتضييع شعورها بالوحده اللي متأصل جواها برغم كل الضجيج اللي حواليها"تليفونها" 

فتحته وفضلت تقلب فيه وتتنقل بين برامج الشوشيال المختلفه.. لغاية مااستقرت في الاخر على اقربهم لقلبها واللي مستعده تقضي عليه ساعات من غير ماتحس بنفسها..وهو برنامج "الواتباد" 

وابتدت تكمل في الروايه اللي بدأتها أمبارح ومقرتش منها غير المقدمه.. واللي جذبها ليها الأسم.. قرت منها فصل والتاني والتالت واتوقفت مقدرتش تكمل قراية من صدمتها فمحتوى الرواية! 


دي مش بس اتصدمت دي حست بالاختناق من اللي قرته.. واللي كان خيالي مليون في الميه ولا يمت للواقع بأي صله.. جايز لو الموضوع ميمسهاش هي شخصياً ولا عاشت احداثه وهي اكتر وحده في العالم متاكده ومستعده تقسم أن الواقع غير اللي انكتب في الروايه.. جايز كان عدى ومر على عقلها مرور الكرام.. لكن الموضوع دا هو محور حياتها واللي عاشت تعاني منه طول عمرها.. وحرمها من حياة طبيعيه منذ نعومة اظافرها كيف ماعيقولوا.. واللي هو موضوع "الاغتصاب" 

وكد ايه ضحكت بوجع وهي عتقرا ان البطل حب البطله بعد مااغتصبها واللي دخلها فنوبة ضحك كانت على وشك انها توقف قلبها.. أن البطله هي كمان بدأت تبادله نفس المشاعر وانها حبته بعد كل اللي عمله فيها. 

حزفت الروايه من المكتبه وابتدت تتصفح الروايات اللي على الموقع وللصدفه قابلتها كذا روايه تحمل نفس الاسم ونفس المعنى.. وعشان كانت مهتمه تدور مابينهم على حاجه معينه بين سطورهم حملتهم كلهم على التطبيق..

وبدأت تدور فيهم كيف المظلوم اللي عيدور على حقيقه من سطرين وسط كومة كلام.. وللأسف طلع فالاخر كله كلام فاضي. 

حزفت كل الروايات اللي حملتها وقررت اني مش هقرا اي روايه تحمل الاسم دا مره تانيه.. لكنها في المقابل اتولدت جواها رغبه ملحه بانها تعرف الكل الوجه الاخر لعملة الاغتصاب. 


وبدون تفكير دخلت لصفحة كاتبه قريتلها كذا روايه واسلوبها عجبني وكان يشدني لدرجة إني ممكن اخلص روايه من رواياتها فيوم واحد أو اتنين بالكتير مهما كانت طويله..الكاتبه دي بالذات كنت حاسه بألفه غريبه ناحيتها مش عارفه ايه سرها.. 

دخلتلها علي الخاص.. وبدأت حديتي معاها كالآتي:

-السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 

آسفه على تطفلى.. عارفه انك متعرفنيش.

- وممكن مترديش علي رسالتي من الاساس.

- بس مش عارفه ليه انتي الوحيده اللي حبيت إني اقولها كل اللي جوايا واحكيلها حكايتي وقصة حياتي وحياة ناس تانيين.. واتمني إنك انتي بالذات اللي تكتبيها.

- مش عارفه ليه حاسه إنها هتطلع من تحت يدك انتي كيف ماحوصلت بالظبط وهتعرفي توصفي كل احساس مريت بيه وتخلي الناس تحسه بالمظبوط.

- اني عقولك اكده عشان سبق وحسيت بكل كلمه كتبتيها فرواياتك اللي قريتهالك.. وإحساسك كان عيمس قلبي.

عموماً لو حالفني الحظ وشفتي رسايلي.. فآني حابه إنك تكتبي حكايتي عشان البنات الصغيرين يقروها ويتعظوا ويشوفوا الدنيا بشكلها الصحيح، والصوره المقلوبه لقصص الاغتصاب و الحب تتعدل فعيونهم ويشوفوها واضحه وضوح الشمس..انتي صعيديه وهتفهمي كل عاداتنا وتقاليدنا ومش هحتاج اشرحلك كل كلمه اقولها. 


القصه بدأت في قريه من قري الصعيد، ولكن قبل الحدث الكبير اللي عتدور حواليه كل احداث القصه.. فيه تفاصيل كتيره عرفتها عن لسان اصحابها ذات نفسهم لازمن تعرفيها فلاول.. خليني احكيلك من البدايه خالص.. 

ضغطت علي زر الارسال بعد ما انهت كتابة رسالتها، وبصت للفراغ وهي عتحاول تحدد تبتدي منين الحكايه. 

من اول الحادثه ولا من المرحله اللي قبلها؟ 


وقررت أخيراً أنها تبدأ من البداية خالص.. من بداية الامر.. وتوصف للكاتبة تفاصيل صغيره، هي متأكدة انها هتفرق جداً معاها


غمضت عيونها وراحت تبحث جوا عقلها عن بداية الخيط اللي هتبدأ من عنده.. وفتحت عيونها بعد ثواني وابتدت تكتب بعد ماعرفت هتبدأ من فين بالظبط..وحكت الحكايه من مكان ماابتدت. 

**************

- شام.. انتي ياقزينه روحتي وين؟ يابوي منك ياشام ومن جلعك وتنطيطك..والله مانتي نافعه.

بسيمه.. بسيمه.. خدي اختك وشوفو العجين خَمر ولا لسه وإن كان خمر هاتوهولي قدام الفرن علي ماأجيب الحطب والقش واحميها. 


أما شام فكانت واقفه فوق سطح البيت المسقوف بأفلاج النخل وجريده وعفت عليه السنين لغاية مااتهالك ويادوب قادر يشيل نفسه.. وعماله تتمايل شمال ويمين بقدها المياس..

وتدور تحت حبات المطر فاردة دراعاتها للمطر بمحبه كيف حبيبه عتستقبل حبيبها بعد غياب،

رافعة وشها لفوق عتتلقىَ المطر فوقه كقبل مشتاق. 

وتضحك مع كل قطره وصوت ضحكتها يقتل صوت السكوت. 


وبمجرد ماسمعت أمها صوت ضحكتها وعرفت موطرحها صرخت عليها بعلو صوتها:

انتي يامجذوبه.. انزلي ياقزينه وبطلي الجنان بتاعك ديه، الناس تقول عليكي ايه وانتي طولك طول النخل وعقلك عقل صخل!

انزلي هتوقعي علينا سقف البيت اللي ساترنا وحامينا..انزلي ياشام السقف دايب لحاله ممتحملش. 


وكالعادة كلام الأم ولا أثر في شام وفضلت زي ماهي تلف وتدور وتستمتع بالمطر والجو اللي عتعشقه عشق.. 

بالعكس دا كلام امها خلاها تزيد في الضحك وترفرف أكتر بجناحاتها كيف فراشه حره طليقه.. 


وعلي صوت ضحكتها اتفتح شباك اخضر وطل منه اللي خلي الفراشه تبطل حوم وتقف خجلانه ميتحركلهاش ساكن.


ومع إبتسامته الجميله وبصته المتفحصه ليها واللي خلت شام حست انها الشمس اللي قشعت كل الغيوم.. اتسمرت شام اكتر كيف ماتكون عيونه ربطتها بخيط خفي.. 


وما هي الا دقايق معدودة قضتها الفراشة وهي مقيدة برباط الخجل، ومن بعدها بدأت تستعيد حركتها وتتحرر ضحكتها من تاني، وترجع ترفرف بجناحاتها مرة تانيه تحت انظاره المستمتعه بفراشته الجميله والوانها اللي تخطف عيون الناظر. 


كانت صاحبة بشره بيضه كيف الحليب وعيون وساع عسليات يشبهوا لون الشمس وكت الشروق وجسد ممشوق وضفيرتين كيف سنابل القمح متدليه من تحت ربطة راسها وعيتمايلوا شمال ويمين مع اقل حركه تتحركها.. 


ومن بين جنونها واستمتاعها بالاجواء والمطره اللي عتعشقها، وحبات اللؤلؤ النازله من السما تغسل روحها قبل بدنها.. وتحسسها بإنتعاش عيفضل معاها من العام للعام، وتتجدد إبتسامتها كل ماتتذكر اللحظات دي.. 


اتوقفت عن الدوران وهي عتسمع الصفاره العاليه اللي معتقدرش ابداً تتجاهل صاحبها.. فهرولت لسور البيت واتسندت عليه في انتظار قدومه من بعيد، وأهي شافت مقدمته الضخمه لاحت في الافق من بعيد.. فضحكت بسعاده وابتدت تشاورله بأديها التنين وتتنطط بفرحه.. 

ومكانش اكتر من مجرد قطر لنقل المسافرين.. واللي وقعت في غرامه من أول مره عدي فيها قدامها علي خط السكه اللي اتعمل قدام دارهم مباشرة ميفصلهمش عنه غير الشارع.. واللي باتت تعرف مواعيده من خلال تغيير مواضع الشمس عالحيطان، وتستناه بلهفه وشوق. 

وكد أيه كانت جواها رغبه وأمنيه أنها تركب جواه وتشوف شكله من الداخل وتبص عالدنيا من شباكه.. 


ولكنها خابره زين إنها أمنيه صعب تتحقق.. دا إن مكانتش مستحيله.. اصلهم ملهمش قرايب فأي بلد تانيه.. ولا حد فيوم من اهلها وقرايبها غادر البلد وهملها.. فبالتالي محداهاش سبب تركب القطر علشانه

قرب القطر عالبيت، وبمجرد مابقي قصاد البيت.. فضلت شام تتنطط وتشاور بأديها للقطر فإبتدا سواق القطر أو المساعد بتاعه يزمر بصفارة القطر كذا مره متتاليين عيرد علي مشاورتها ليه.. بالظبط كيف مايكون عيردلها التحيه.. فضحكت شام بفرحه وفضلت تشاور للقطر لغاية ماإختفي عن عنيها.. 


واول ماإختفي القطر برقت عنيها بخوف بمجرد ماإنتبهت للي عيملته، والغلطه الشنيعه اللي غلطتها.. لانها سبق وعطت وعد للي واقف وراها في الشباك أنها مش هتعمل إكده مره تانيه؛ لأن مشاورتها لسواق لقطر عتخلي نار الغيره تشعلل في قلبه وكذا مره يقولها إن الحركه دي عتدايقه، ومهما حلفتله قبل سابق إنها عتشاور للقطر ذات نفسه مش لسواق القطر معيصدقهاش.. فأضطرت إنها توعده وعد كداب هي عارفه زين إنها مهتنفذهوش ولا هتقدر تلتزم بيه.. انها مهتشاورش للقطر مره تانيه.. واهي خانت الوعد قبال عينه بمجرد ماشافت صاحبها العملاق ابو وش حديد ومقدرتش متستقبلهوش بحفاوه وفرحه كيف كل مره. 

لفت شام بشويش وهي عتمطق فريقها اللي جف من خوفها وهي عتستعد لمواجهة براكين صابر الثايره اللي هتكون علي هيئة شتايم ونظرات غاضبه..

لكن اللي كانت تتوقعه محصلش؛ لانها ملقتش صابر واقف في الشباك من الأساس، ولا لقت الشباك مفتوح اصلاً، فعرفت إن غضبه عدي مجرد العتاب وعرفت إن عقابه النوبادي هيعدي مرحلة الشتايم ومجرد الزعل لانه اتوكد إنها معتجيبش معاها اي نتيجه. 

قضت بعدها كام دقيقه وهي قاعده تحت المطر ساكنه وعتحاول تخمن ياتري أيه هيكون نوع عقاب صابر ليها النوبادي.. هل هيكون خصام؟

ولا ممكن يوصل العقاب للضرب.. ماهو عصبي وهي خابره إنه لما يتعصب قوي معيشوفش قدامه.. والخوف ليكون العقاب اشد واقوي وهو قلع جدور المحبه اللي ليها فقلبه. 

قطع السكون بتاعها والتفكير حس ابوها حبيب قلبها وهي عينادم عليها.

فنست صابر وزعله وخوفها منيه.. وهبت واقفه ونزلت علي السلم بسرعه عشان ترد علي حبيب روحها. 

وابوها شافها نازله بسرعه عالسلم المبلول من مية المطره وابتدا يزعق عليها ويحذرها بخوف، ويقولها تتمهل في النزول عشان رجليها متزلقش في الطين وتقع.

لكن شام مكنتش سامعاله واستمرت تنزل بسرعه لغاية ماكملت السلم واترمت فحضن أبوها الدافى.. وهو ضمها بحنانه المعتاد وإبتدا يمسد عليها ويتحسس خلجاتها المبلوله وهمسلها معاتب:

مش عقولك ياواش ياواش ياشام وانتي نازله، مش خايفه رجلك تزلق وتنكسر كفاله الشر وساعتها تقعدي شهور في الجباير محبوسه،، بذمتك تتحملي التجبير انتي وتقدري ماتتنططيش كيف فرقع لوز!! 

وكمل عتابه ليها وهو حاسس بجسمها اللي بقي كيف قالب التلج من مية المطره فشهر طوبه :


إكده ياشام كلك بقيتي تلُجى ميه فالشتا ديه،، يابتي خافي علي روحك وعلي صحتك هبابه احسن تعيي انتي مش صغيره. 


بعدت شام عن حضنه ودارت حوالين نفسها دوره كامله وهي عتقوله:


آني مبرداناشي يابوي اني عحب الشتا والمطر،، عحب ريحة الطين وريحة الهوا المتحمل بريحة الأرض والزرع،، عحب الريحه اللي تخلي الروح تنتعش وتفرح داي.. 

وقبل مايرد عليها أبوها سبقته أمها في الرد وهي طالعه من جوا الحوش وشايله حزمة حطب بين أديها وصرخت فشام:

عشان حلوفه معتحسيش، وبصت لعبد الصمد اللي إتبلت خلجاته من حضنته لشام وصرخت فيه بنفس الصوت الغاضب:

إكده ياعبصمد تبل خلجاتك انت كمان فعز الشتا ديه! 

طيب شام وبصمنالها بالعشره انها مجنونه وناقصه عقل، إنت عاد ياكبير ياعاقل تعمل إكده ليه؟ 

إتبسم الأب وهو عيتطلع لشام بفخر كأنه عيقولها إنه عاشق بته وعاجبه جنانها.. وعارف إنها وارثه الجنان ديه منيه هو.. عشان في صباه كان مجنون ومتهور زيها إكده بالظبط.. وعشان إكده ممستغربش عمايلها ولا عيلومها عليها. 


ولكنه سكت ومرضيش يقول أي كلمه من اللي عتدور فخُلجه عشان ميجيبش لروحه الكلام من دهب مرته، ويواجه نوبة غضب منها ممكن توصل لانها تكسر حزمة الحطب اللي فيدها علي دماغه.. وديه لانه خابر هي متغاظه من شام وفطفطتها وجنانها وعصبيتها وعندها..ودايماً تقولهاله فوشه.. إن كل طبع عفش فشام ورثته منه هو وهو السبب فيه، وأنه فرحان بيها وعيحبها ويميزها عن باقية إخواتها للسبب ديه.. وغير الطبع كمان شام ورثت منيه جمال الشكل.. لان عبد الصمد يعتبر أوسم سكان القريه بلا منافس والكل عيشهد بحلاته وملامحه المخطوطه خط ومرسومه كيف لوحه جميله ميشبعش منها اللي يبصلها. 


وبرغم إن عبصمد فضل ساكت الا إن سكوته ديه مأخفاش عن دهب مرته اللي عيدور فخُلجه.. عشان هي عتقدر تقراه وتقرا افكاره وكل اللي عيدور جواه من قبل حتي ماينطق ومن غير مايتحدت.. فهزت راسها بقلة حيله وبعدت من قدام البت وابوها ومنطقتش بكلمه وحده عشان خابره زين إن الكلام مع التنين دول بالذات ضايع في الهوا وممنوش أي فايده.. 

لكنها فضلت تبرطم مع نفسها بإن جلع عبد الصمد لبته هو اللي خارب طبعها، وإنها مش هيتصلح حالها غير لما تتجوز وتروح لبيت جوزها وتبعد عن أبوها ودلاله الزايد وجلعه الماسخ ليها.


وبمجرد ما وصلت حدا الفرن رمت حزمة الحطب من طول دراعها قدام مَحمى الفرن وإبتدت تولع النار جوا الفرن عشان تسخن مسافة مالعجين يخمر. 


وفي الأثناء دي طلعو اتنين بنات من أوضه من اوض البيت، وهما حاملين ماجور العجين بين أديهم.. وإتقدموا بيه وحطوه جار الفرن وغطوه وهملوه عشان يكمل خُمره في دفى اللهيب.. وبعدوا هما التنين عن لسان اللهب لكنهم قعدوا قريبين من الفرن مستأنسين بالدفى اللي طالع منها. 


دهب : بسيمه هاتي الطُراحه والبشكور، وأنتي يابشاير هاتي الفوده وأغسليها وغيري ميتها.. 


ردوا البتين في حس واحد : 

حاضر يمه..وإتحركوا قوام ينفذوا أوامر أمهم بدون تأخير.. وشويه وسخنت الفرن وبدأو البتين وحده في تقريص العيش على الطراريح والتانيه تفرد وتحط لامها عالمطرحه وامهم تدخل العيش الفرن وتكمل سواه. 

أما شام فكانت قاعده علي مسافه منهم وإبتدت تمشط شعرها من مية المطر بعد مابدلت خلجاتها وجابت لابوها هو كمان غيار جديد غير الخلجات اللي بلتهمله ودخل عشان يبدل.. وشويه وطلع الاب من الاوضه وهو مبدل وقعد جار شام، وسألها وهو عيتطلع لأمها وإخواتها اللي عيخبزوا:

مش ناويه تتعلميلك حاجه من شغل البيت تنفعك زي اخواتك البنات اكده ياشام؟ 


قوليلي لما تتجوزي وتروحي لبيت اهل جوزك ويقولولك قومي اخبزي ولا اطبخي هتقوليلهم ايه وكتها،، ولا تطلعينا بسواد الوش قدامهم وانتي خيبانه ويقولولك مكنتيش فبيت ناسه عياكلوا ويطبخوا كانوا علموكي! 


بصتله شام واتبسمت وهي عتقوله: 

هتعلم يابوي وهشرفك متخافش لساه الوكت بدري علي الحديت ديه اني لساتني صغار. 

ولأول مره شام تشوف إعتراض ابوها علي شى تقوله او تعمله وهو عيهز راسه يمين وشمال برفض ويرد عليها: 


له ياشام مانتيش صغار،، انتي حداكي ١٨ سنه واللي كدك فاتحين بيوت ومخلفين عيل وتنين كمان،، ولو كنت تَبعت خُطابك كان زمانك زيهم اكده قاعده فبيت جوزك دلوك وعيالك عيتنططوا حواليكي،، بس عشان انتي متجلعه مرضيتش اتعجل فجوازك واخليكي تتحملي مسئولية البيوت بدري، وقولت اسيبك تشبعي جلع فبيت ابوكي، والجواز والبيوت والمسئوليه قاعدين ولاحقين عليهم. 

لكن بذياداكي اكده عاد ياشام مهنضيعوش العمر في اللعب والتنطيط،، من النهاردة تتقربي لخدمة البيت والبهايم مع امك واخواتك البنات،، وفي خلال ٦ شهور تاجي تقفي قدامي إهنه وانتي متعلمه الطبخ والنفخ والخبز والحلب وتديني التمام وتقوليلي.. آني بقيت جاهزه يابوي. 


بعدت شام المشط عن شعرها وإتطلعت لابوها وهي حاسه بإستغراب من كلامه ديه وسألته بحيره:


جاهزه لأيه بالظبط يابوي، وأشمعنا بعد ٦ شهور بالذات! 


فتبسم الأب ومال عليها لغاية ما اصبح وشه جار ودنها وهمسلها بصوت فرحان:


عشان بعد ٦ شهور هيكون جوازك يانن العين وبكرية القلب. 

قالها ومسك خصله من شعرها وبعد وشه وهو عيتأمل خيوط الدهب المتجسده فشعرها وكمل:

الفوله جالها كيالها، وسبيكة الدهب المكنونه جالها الجواهرجي بتاعها اللي عارف قيمتها زين وهيقدر غلاها.. 


خلص جملته وبص لعيونها العسليه المفتوحين علي آخرهم من الصدمه عشان يشوف تأثير الكلام عليهم.. وإتبسم وهو شايف حركة نن عينها اللي عيتحركوا بلا هواده، ودي حركة دايماً شام عتعملها لما تخاف من شى لدرجة الرعب.. فكمل كلامه بسرعه عشان يهدي خوفها اللي خابر زين هو نابع من أيه:


متخافيش ياشام دا صابر مش حد غريب


شام بمجرد ما سمعت الاسم حست بقشعريرة عتسري بطول عمودها الفقري وأن ضربات قلبها أختلفت وتيرتها واتبعترت دقاتها بعشوائيه.. ونكست عنيها للأرض بخجل وعطت المجال لأبوها عشان يكمل حديته فواصل الاب:


صابر واد جلال صاحبي وأخوي اللي عارفه وعارف اخلاقه وطباعه زين،، وخابر انه الانسب ليكي من بين كل الخلايق.. الواد عاشقك ياشام من صغر سنه ومن سنين كل هبابه يفتح معاي موضوع خطبتك واني أأجل واقوله لسه بدري، 

ومن خوفه احسن حد ياخدك منه مكانش يغيب حاجه و يعاود يفتح الموضوع من تاني واني اطمنه فكل مره انك ليه ومش لغيره..وخصوصي واني خابر ان قلبك انتي كمان ميال يابت عبصمد. 

بس النهارده واني داخل البيت من هبابه لقيته اعترض طريقي ووقف قبال يتنفض كيف الملبوس وقالي،، بص ياعم عبصمد هما ٦ شهور هصبرهم علي شام وبعد اكده هتجوزها.. عشان لا آني حداي موانع ولا انتوا يبقي ايه لزوم التأخير عاد؟! 


واني بصراحه استحيت أأجل اكتر وقولتله آمين،، والدهب والمشيه بعد سبوع من النهارده، والجواز بعد الست شهور،، وعشان اكده عقولك اوعاكي ياشام تقصري رقبة ابوكي فبيوت الناس الغريبه وتخليهم يقولوا بت عبصمد ناقصه ربايه وناقصه علام.. عايزك دايماً فعيون الكل كامله مكمله يابتي، واياكي فيوم تندميني علي جلعي ليكي. 


هزت شام دماغها لأبوها بموافقه وطاعه وقامت من جاره ورمحت علي أوضتها دخلتها وردت الباب وراها؛ عشان تتخبي من ابوها وتداري خجلها اللي بان علي وشها وخلاه اشتعل من شدة الخجل..ودي أول نوبه شام تحس بالخجل قدام أبوها.


وكيف متخجلش وابوها عيحدتها فموضوع جوازها ومهما كانت درجة قربها منه الا إن الخجل والمستحى في الموقف دا بالذات ساد وسيطر علي كل ذره فكيانها. 

وبمجرد ماقفلت شام باب أوضتها علي حالها فضلت تدور حوالين روحها بفرحه.. وليه لا واللي عتعشقه وتتمناه من صغرها إتقدم لخطبتها وخلاص هتكونله وليفه وأم لعياله ومفيش حاجه هتفرقهم من إهنه وطالع..

ووقفت عن الدوران فجاة وهي عتقول لحالها:

طيب وعمل أيه فزعله مني؟ 

آني خابره إنه واخد علي خاطره مني بالقوي.. ولازمن اراضيه وأطيب خاطره.. أصل مفيش خطبه عتتم بين اتنين متخاصمين. 


وفضلت هبابه قاعده فأوضتها تفكر، وبعدها هبت واقفه وطلعت من أوضتها بعد ماخدت ربطة راسها وحطتها فوق دماغها وطلعت تهرول لبره البيت بعد مابصت علي ابوها ملقتهوش، فقالت لامها إنها رايحه البندق تقعد مع صاحباتها البنات كيف كل يوم.. 

وطلعت جري من غير ماتاخد حتي الموافقه من إمها ولا تستني ردها حتي.. ورمحت عالبنات اللي عيتجمعوا كل عصريه في" البندق"المكان الواسع ديه اللي علي اطراف البلد وهو أشبه بساحة حرب واسعه وإتسمي بالبندق عشان فيه مدفع قديم عيضروب في رمضان ويعلن عن ميعاد إفطار الصايمين. 

وكالعادة دهب الأم متملكش من أمر شام حق الرفض لخروجها، فشام واخده موافقه مسبقه من أبوها إنها تطلع لوين ماتريد، وكت ماتحب مادام الخروج والرجوع قبل أذان العشا وفوكت ونسة اهل البلد اللي كلهم حراس لعرض بعض، وكلهم راعيين لبنتتة البلد..

وكل البنات في البلد كانت تطلع كيف ماهي عايزه بس بمشورة الاهل ولو اترفض الطلوع تقعد.. إنما حريه كامله كيف اللي حدا شام دي.. للحق مكانش حد واخدها.. ولا حتي إخواتها البنات اللي كانت أمهم هي اللي متوليه زمام امرهم، وكانت دايماً تقول لابوهم بكفايه عليك شام خربت اخلاقها هملني آني اربي دول بمعرفتي. 


طلعت شام من بيتهم ووقفت علي مسافه من البيت وهي شايفه معدات ضخمه لونها اصفر أول نوبه تشوف حاجه زيها واقفين قرب خط السكه الحديد.. واتعجبت لانها من مفيش كانت فوق السطح ومكانش فيه حاجه كيف دي! ففضلت واقفه تسأل حالها ياتري أيه المكن ديه وعيعمل أيه؟ واتلفتت حواليها لعلها تلاقي حد تسأله ويقولها أيه الحاجات دي وواقفه إهنه ليه؟ 

لكنها ملقتش.. فهمت تواصل المشي.. لكنها وقفت موطرحها أول ماسمعت حسه اللي خلاها جفلت عشان لساها ماسحه بعنيها المكان كله مكانلوش وجود كأنه ظهر من العدم! 

فدارت عليه ووقفت قصاده وهمسلها بصوت غاضب مجاوب من غير مايسمع السؤال:


معدات حفر، عارف فضولك عياكل فقلبك دلوك عشان تعرفي دول ايه وجايين اهنه ليه.. سكت ثواني وهو عيتفحصها بعيون عيتطاير منها الشرر وكمل:

وعشان ترتاحي اكتر،، هيحفروا نفق تحت الارض يوصل الناحيه الغربيه بالناحية الشرقيه من البلد، عشان اللي يحب يعبر للجيهه التانيه ميمشيش كل المسافه اللي عنمشوها داي لغاية مانوصلوا للمزلقان. 


وكمان عشان الحوادث اللي عتوحصول لما الناس تعدي شريط القطر ومتاخدش بالها لقربه وياخدهم فوشه زي مافيش. 


واتنهد وبعدها كمل معاتب : 


واديكي عرفتي كل حاجه، روحي يلا مكان ماانتي رايحه، ولا خليكي واقفه شاوري لعمال الحفر وخليهم يشاورولك كيف ماعتشاوري لسواقين القطورات. 


إتبسمت شام وهي شايفه الغيره طاغيه علي عيون صابر وكلامه وردت عليه بدلال وهي عتمسك طرف ربطتها وتلعب بيه بين صوابعها :

اخص عليك ياصابر.. سواقين ايه اللي عشاورلهم اني عشاور للقطر مش للسواقين والله، وقولتهالك قبل سابق. بس إنت ظالم وعتحب ترمي حبايبك بتهم باطله. 

فلانت ملامحه وهو شايف دلالها الواضح وقالها بعتب مُحب:

وهو القطر عيضربلك من حاله صفاره لما عتشاوريله ياشام، ولا عيشوفك بكشفاته من بعيد؟ وكمل بنبرة صوت واطيه اقرب للهمس وهو عيتطلع لإبتسامتها اللي نقلته من موطرحه لعالم تاني:


عتتلوني عليا يابت عبصمد اكمنك عارفه اللي ليكي فالقلب؟ 


فأتصنعت شام الزعل ودورت وشها للناحيه التانيه وكان الدور عليها في العتب النوبادي:

آني ياصابر عتلون! كتر خيرك ياواد عم جلال.. طيب يلا غادرني قبل ماتشوف باقي الواني اللي عتلون بيها،، اصل الظاهر انك واعيني كيف الحرابي كل دقيقه بلون.. 

قالتها و اطلقت الريح لرجليها وبعدت عنه وزادت سرعتها وهي سامعاه عينادم بإسمها وهي مرداش ولا معبراه، وكانه لا سمع لمن ينادى.. وفدقايق كانت مبعده عنه مسافه كبيره وكأنها مهره جامحه عتمشي علي اربع قوايم.. فرفع نبرة صوته عشان توصل لمسامعها :


علي راحتك ياشام،، علي راحتك خالص، كلها ٦ شهور واكسرلك جناحاتك اللي عترفرفي وتفري بيهم مني دول،، واعرف مااعلمك الادب من أول وجديد. 


كل شَى بالصبر حلوا يابت عمي عبصمد.. 


خلص كلامه واتوكد إنها سمعته لما دارت وشها عليه وكشرتله عن اسنانها في حركه منها عشان تغيظه، ولكن حركتها دي كل اللي عملته بصابر، إنها خلته يضحك بخفه 

علي الطفله المتخبايه جوا جسد الأنثي اللي عيتمايل قدامه ومخلي قلبه عيتمايل معاه بدون إدراك.. كما يتمايل السكران الغايب عن وعيه.. وأتمني من كل قلبه أن الست شهور اللي عيفصلوه عن السعادة يمروا فلمح البصر عشان يأسر غزالته فعرينه ويحجبها عن عيون كل البشر ويحتفظ بيها لنفسه ولقلبه وعيونه هو وبس.. 


يتبع 

بقلم ريناد يوسف



نفق الجحيم

البارت الثاني 2

ممنوع النقل لاي جروب لان الروايه حصري وممنوع نشرها علي اي مدونه بدون اذني


فضل صابر على نفس وقفته مراقب غزالته بعيون عاشق، وقلب متيم، وعقل مغيب في عشقها كشارب الخمر.. له دا اقوي من شارب الخمر كمان، فشارب الخمر يصحوا بعد غفوته، أما العاشق فيبقي طول الوقت سكراناً. 

كان يتنهد التنهيدة ورا التانيه وهو واعيها عتبعد عن عيونه وحده وحده، ومع كل خطوه تخطيها وتبعد عنه بذيادة، ويشوف النسيم يلاطف اطراف شالها الحرير، ويخليهم يطيروا في الهوا كيف جناحين فراشه عتستعد للطيران.. تزيد نار شوقه ليها مابين ضلوعه، ويتوعد ليها بينه وبين روحه.. ان بس ينقضوا الست شهور..هياخد فراشته ويحبسها فبستان قلبه ويقفل عليها جميع المنافذ ويقفل البيبان بأقفال المحبه..ويأسرها بين حجرات قلبه الاربعه ويداريها من عيون الكل. 


أما شام فكانت ماشيه في طريقها ولكن عيونها متعلقة بالوحوش الصفرا الضخمه، ودب الرعب في قلبها ورجفت أوصالها لما وصلت قصادهم وبقت في مواجهتهم، واتهيألها للحظة أنهم مخلوقات حقيقية، او هما وحوش الحكايات التي كانت تحكيهالها أمها هي واخواتها وهما صغيرين قبل النوم.. وكان الوحش الاضخم بينهم ليه اسنان مدببة وطويله، والاقل منه له لسان حلزوني، والاصغر من الكبير واخد نفس شكله بس بأسنان أقل، وكانه طفله الصغير! 

فمدت الخطاوي وهرولت هروله عشان تمشي من قبالهم وهي معتقده انهم هيهاجموها في أي لحظه. 


وصلت الساحه وإبتسمت  وهي شايفه بوضوح حنه اخت صابر صديقتها المقربه وتؤام روحها، وباقي البنات صحابهم قاعدين على جزع نخلة اعتادوا أنهم يقعدوا عليها دايماً،

وبمجرد ما رفعت شام يدها في الهوا وشاورتلهم.. الكل شاورولها بفرحه ورحبوا بيها بحفاوه كيف ماعيعملوا اول مايشوفوها فكل مره.. وديه لأن شام ليها فقلوب الكل محبه مخليهاهم يحسوا مع طلتها كأنها هلال العيد طل عليهم.. ودا لأنها عمرها مازعلت حد بكلمه ولا كان اسلوبها فظ ولا فيها خصله عفشه فطبعها تخلي حد ينفر منها.


اتقدمت شام ووصلت حدا البنات وقعدت جارهم وبدأت كلامها عن المطر اللي غرق الارض كلها وفرحتها بيه وعن الشتا وجماله وحبها ليه..وفآخر كلامها بلغتهم بخبر خطوبة صابر ليها.. وكأنه سابت الخبر للآخر عشان يكون مسك الختام. 

وبس قالت شام الخبر.. كل البنات هللت بفرحه وباركولها والكل نطق فنفس واحد:

اخيرااااً ياشاااام!! 

وقامت حنه اخت صابر من موطرحها وراحت على شام وحضنتها وهي عتعمل صوت ملوش اي علاقه بالزغاريت وعامله حالها عتزغرت والكل ضحك عليها.. خلصت زغروتتها المزعومه وبعدها همست لشام فودنها:

وآخيراَ بلح الشام هيتلم على عنب اليمن تحت سقف واحد ونار عشق اخوي هتنطفي وشوقه يخمد ويبطل سهر الليالي.. وحتي انتي هيرتاح قلبك المتلاع عليه ياحزينه. 

ضحكت شام بخفه واحمرت خدودها واتلونت بلون الكسوف وهي عتسمع كلام حنه..وللاسف متقدرش تنكر حاجه منه ولا تكدب قدامها وقدام الكل أن قلبها متلاع بحب صابر لحفظ ماء وشها حتي.. 

وديه لأنها خابره إن الكل عارف باللي فقلبها لصابر وفقلب صابر ليها من زمان بدري. 


****************


أما في مكان تاني.. وتحديداً في بلد تبعد عن بلد شام حوالي تلات ساعات بالعربيه في بيت كبير مبني علي مايقارب القيراطين وحواليه جنينه كبيره مزروعه على حوالي ٢٠ فدان ارض، والجنينه بالبيت عيفصلهم عن باقي البلد سور عالي ب٣ بوابات واحده رئيسيه واتنين فرعيين واللي يشوف السور وتصميمه يقول أنه اتعمل عشان يعزل البيت والجنينه عن باقي العالم.

وكأنه مملكه خاصه معزوله عن باقي البلاد.

وصاحب المملكه دي كان اسمه "توفيق" 


او المقاول زي مالكل كان مسميه؛ ودا لانه عيملك معدات تقيله وعيتعامل بيها مع الحكومه في المشاريع اللى عتحتاج  المعدات دي فتنفيذها ، وآخر مشروع حكومي إتعاقد عليه هو حفر نفق مشاه تحت خط السكه الحديد في قرية الملايحه، ودي تبقي قرية شام وعيلتها . 


أما البيت من الداخل فكان مبنى بطريقة تقليديه علي طراز أغلب بيوت البلد في الوقت دا. 

، ولكن الاختلاف كان في مساحة البيت الكبيره، فهو يعتبر اكبر بيوت القريه والقري المجاوره كمان.. حيث أنه متقسم لغرف وكل غرفة بحمام صغير خاص بيها، وعدد الغرف في الدور العلوي كانت اكتر من الدور الارضي.. وتقريباً اوض الارضي نص أوض الدور العلوي؛ 

ودا لان باقي المساحه بتاعة الدور الأرضى كانت متاخده في الحوش الواسع اللي فنص البيت، ومطبخ اتبنى على حوالي ٢٠ متر مربع فى آخر البيت.. وكان المطبخ نصه مسقوف ونصه من غير سقف عشان يصرف دخان الكوانين المبنيه فيه.. واللي عيتم عليها طبخ الوكل. 

أما نص المطبخ التاني فكان فيه براميل بلاستيك وحديد بمختلف الاحجام ودا عشان يتشال فيها كل خزين الموطبخ من دقيق وعيش وتوابل وبقوليات؛  للحفاظ علي الخزين من التلف و الفيران والحشرات. 

وكمان جار البراميل كان فيه نمليه خشب كبيره ببيبان طوليه متقسمه لأدراج وواخده تقسيمة دولاب الهدوم تقريباً.. ودي كانت مهمتها حفظ العيش المخبوز والوكل المطبوخ اللي ممكن يتعرض للسم من التعابين والحشرات السامه اللي كانوا دايماً يلاقوا منهم في البيت وفي المطبخ تحديداً، ودا بسبب الجنينه اللي حوالين البيت واللي من الطبيعي انها تكون مسكن لجميع انواع الحشرات. 


وكانت تقسيمة الدور الارضي كالتالى :

غرفتين واسعين غرفه من داخل غرفه وليهم حمامهم الخاص ودول كانوا استثناء دوناً عن الغرف كلها لانهم مخدع الجد كارم والجده عديله أبو وام توفيق..وكمان الاوضتين دول يعتبروا هما الملجأ والملاذ الآمن المفتوح دايماً لكل افراد العيله، الصغير قبل الكبير وطول الوكت وكمان ديوان لفض المنازعات والمشاكل الصغيره بين الاخوات والسلايف وولاد العم كبيراً وصغيراً. 


أما باقي غرف البيت والدور العلوي بالذات  فساكن فأوضتين منهم كانوا قبال بعض توفيق ومرته وأخوه نعيم ومرته. 

وباقي الاوض كان فيهم صفوت واد توفيق الكبير ومرته ورده بت عمه نعيم وولادهم التنين، وسَلام واد نعيم البكري ومرته نعمه بت عمه توفيق وولدهم الصغير اللي لساه مولود جديد، وبدور بت نعيم بت البنوت كانت قاعده معاهم فأوضه فنفس الدور، ..وكمان معروف واد نعيم ومرته فكريه بت عمه توفيق ودي كانت حامل لانهم متجوزين بقالهم يادوب كام شهر. 


أما عزت وكرار ولاد توفيق العُذاب كانوا ساكنين في الدور الارضي، 


وكان البيت أشبه بقبيله صغيره من الاولاد الصغار والكبار وقائد القبيله دي وراعيها هو توفيق؛ بما ان هو اللي عيصرف من شغله علي البيت كله باللي فيه.. وكلمته مسموعه وتمشي عالكبير قبل الصغير حريم ورجاله، اما اخوه نعيم فكان شغلته الدعبسه عالمناقصات بتاعة الحكومه والشمشمه علي المشاريع الكبيره اللي ينفع توفيق اخوه يدخل فيها فمعداته وتحصيل دفعات فلوس المشاريع من الحكومه وتقبيض العمال. 


وفيوم كيف باقي الأيام الجد كارم ومرته عديله قاعدين كيف عادتهم عالدكه فوش باب البيت المفتوح عالجنينه يتسامروا، ودخل عليهم توفيق من البوابه بخطواته الغاضبه وملامحه اللي متبشرش بالخير ووصل لغاية الدكه اللي قاعدين عليها أبوه وأمه وقعد جارهم، بعد مارمى عليهم السلام وسألهم علي صحتهم، 

وبعدها بص لمرته حوريه اللي كانت واقفه علي باب الموطبخ عتبصله بخوف وبعيون ماليها الغضب سألها:

ولدك المجلع فين ياحوريه؟ 

اتلجلجت حوريه وهي عترد عليه لانها متوكده إن كرار عمل مصيبه جديده من شكل أبوه وعصبيته:

- مما ممعرفاشي ياتوفيق، ماانت خابر إنه معيقوليش رايح وين ولا جاى منين ولا حد عيعرف موطرحه. 


توفيق خد نفس جامد ونفخه وهو عيدب عكازته في الارض كذا مره ورا بعض؛ وحركته داي معناها إنه عينذر بقدوم عاصفه هوجاء من غضب عارم وطبعاً الكل عارف مين سببه.

فبصت حوريه لحماتها عديله والتنين بلعوا ريقهم بخوف ومحدش كانت حداه الجراءه يسأل توفيق فيه أيه ولا ينطق فاللحظه داي غير أبوه كارم اللي قاله:

روق ياتوفيق وكل نايبه عتبتدي كبيره وتصغر.. وقول ايه النايبه اللي هببها كرار النوبادي. 

رد عليه ولده توفيق بصوت عالي ونبره عتوصف كمية القهر اللي جواه:

وآني هفضل اتحمل نوايب المكفي ديه لحدت ميته يابوي.. آني خلاص تعبت وفاض بيا.. يعني اني ربيت راجلين جوزت منهم واحد والتاني طوع يميني وماشي فى ضلى، وبتين كبرتهم وجوزتهم محسيتش بيهم،وياجي الزفت ديه علي آخر الزمن يمرمطني ويجريني وراه كيف المجذوب ارَقِع واداوى فاللي يخربه مع الناس.. الهي ربنا ياخده البعيد ويريحني منه ومن قرفه. 

واهنه صرخت الام والجده سوا:

بعد الشر.. الشر بره وبعيد.. وكملت حوريه بزعل واضح.. واااه ياتوفيق.. عتدعي علي ولدك بالموت؟ حرام عليك ديه لحمك ودمك ولساه صغير ميفهمش وكل اللي عيعمله ديه طيش شباب وهيكبر ويعقل.. ديه كل عمره ٢٠ سنه ولساه مشافش من الدنيا حاجه. 

توفيق: ماهو ديه اكبر سبب لدعايا عليه.. عشان من وهو عيل صغير وكل يوم يجيبلي نصيبه شكل بس يطلع الشارع.. كيف الفروج معيطلع من عشته نضيف ويعاودلها بالوسخ على رجليه،

وياريته بعد مايعمل المشكله ولا يبدأ العركه عيواجه ويعلم على اللى قباله.. الا عيتخبي كيف الفار ويخلي أبو دراع هو اللي يتصدي لمشاكله ويدافع عنه ويرفع عنيه الأذى وياخده بداله.

عقولك ايه ياحوريه غوري من قبالي وقفلي علي سيرة ولدك الني ديه وقندليلي فنجان قهوة اتسممه، حاكم راسي بقت كيف الطبل من كتر الغيظ وحاسس مخى نَمل من عمايل ولدك..غوري.

اتحركت حوريه من قباله قوام ومن غير نص كلمه وجريت علي الموطبخ عشان تنفذ الامر اللي لو إتأخرت في تنفيذه هي خابره زين إن كل غضب توفيق جوزها من ولده كرار هينصب عليها هي. 


فضل توفيق ينفخ بغيظ وغلب وأمه وأبوه يهدوا فيه.. لغاية مابص للبوابه اللي إتفتحت ودخل منها أتنين ولده كرار.. والتاني ("قطب " الشهير بأبو دراع.. شاب طويل طول ملفت قوى البنيه مفتول العضلات بشرته قمحيه ملامحه حادة عنده ٢٥ سنه ودا يكون واد أجيره وصاحبه مخلوف) واللي ساكن هو وابوه فبيت صغير مبني على اول الجنينه بتاعه البيت ورا بوابة السور طوالي، 

وهو وأبوه المسئولين عن رعاية الارض والجنينه اللي حوالين البيت  وقطف محصولها وبيعه وتسليم تمنه لتوفيق.

أما أمه فاتوفت من كام سنه ومن بعدها أبوه مخلوف رفض الجواز وفضل عايش مع ولده ابو دراع لحالهم..

ونظراً لإخلاص مخلوف  وطيب اخلاقه وأمانته توفيق كان مآمنه علي كل حاجه أرضه ومحصوله وحراسة معداته.. وحتي علي أهل بيته في غيابه هو واخوه وعيالهم طول النهار بره البيت فأشغالهم. 


كرار اول ماوعي أبوه قاعد والغضب متجلى علي ملامحه اتأكد ان أبوه عرف بعركته مع واد العمدة.. وقف موطرحه وبصله بخوف، وبص لابو دراع وبلع ريقه وهو عيترجاه بعنيه إنه ميهملهوش.. وكيف كل مره ابو دراع طمنه بحركه من عنيه إنه مهيخليش حد يأذيه.. ومسكه من دراعه واتقدم بيه علي جوه ووقفوا قبال توفيق، ورمي أبو دراع السلام ع الكل وبص لتوفيق وخصه بالكلام:

شوف ياعم الحج عشان الظاهر إنك دريت بالعركه.. كرار مغلطش وواد العمده هو اللي بدا الغلط والمجاكره.. وإحنا رجال واللي يغلط فينا منهملهوش من غير مانعرفوه غلطه حتي لو كان مين وواد مين. 

بصله توفيق وبص ليده اللي لساه دم واد العمده عليها مغسلهوش وقاله :

ياابو دراع قولتلك الف مره متتدخلهوش فمشاكل وتطيح فمخاليق ربنا عشانه.. ديه واد لئيم واللي عياجي فوشك يغلط فيه مره من غير سبب.. آني متوكد إن الزفت ديه عيكون غلطان فيه الف مره وهما لحالهم، ومخلي روحه واصله لطرف مناخيره، فياجي الشقي يبظم بكلمه علي كرار من غيظه ولا يحاول يرد كرامته ويبقي رمي روحه في الهلاك معاك. 

قولتلك الف مره آني وابوك واهل البلد والدنيا كلها.. متخليش دراعك سلاح للظالم لكن إنت مفيش فايده فيك.. متعافي بقوتك علي الناس ومخلي البجم ديه طايح في الخلايق علي حس دراعك، وكل يوم عداواته مع الناس عتكتر لما مبقاش حد طايقه.. ولا طايقك إنت كمان. 


رد عليه أبو دراع وهو عيرفع قبضة ايده وعيبص للدم اللي عالق فيها:

واني قولتها قبل سابق ليك ولابوي ولاهل البلد وللدنيا بحالها.. إني مههملش اخوي يتهان ولا حد يمس طرف توبه طول ماني عايش وعتنفس هوا ربنا.. آني وكرار خاوينا بعض بالدم، وعاهدنا بعض علي الاخلاص ونصرة بعض على الدنيا كلها. 


رد عليها توفيق بغضب:

يعنى هتفضل طول عمرك تنصرة في الظلم وتسانده حتي في الباطل يابو دراع.. يعني مفيش فايدة لاي حديت معاك؟

ياولدي إنت مش عتفيده إكده بالعكس إنت عتضره وتضر حالك معاه.. وآني بصراحه مبقتش ملاحق علي مشاكلكم.. ولازمن تكون للزفت ديه وقفه. 


وفي اللحظه دي رد عليه عزت ولده الوسطاني اللي كان واقف على باب أوضته وسامع حديت ابوه:

وهو ديه اللي عقولهولك من زمان يابوي.. كرار فاع قوي وديه عشان قاعد فاضي لا شغله ولا مشغله وربايته في الشغل .


فرد عليه ابوه توفيق مأيد: الظاهر ان كلامك هو عين العقل ياعزت..كرار صوح مش متربي وحان وكت الربايه ولو ربايته في الشغل يبقي آن أوانه خلاص.. وعليا الطلاق من امه بالتلاته لو مانزل كرار الشغل من بكره لاكون راميه هو وامه اللي فسدته داي في الشارع، واخليهم يستجدوا اللقمه كيف كلاب السكك، ويبقي يخلي الجلع وقلة الحيا ينفعوه وينفعوها.. بقي آني ولدي يبص لعرض الناس ياناس.. آني أقف بسواد الوش قبال العمده واطاطي راسي اللي عمري ماطاطيتها قدام حد واني عاخد حديت فجنابي كيف عيل صغير عامل عمله! 

أني العمدة يقولي أنت حابس عرضك وطالق كلابك علي عرض غيرك! 

اني يتقال عليا اني مربي كلاب.. عارف لما حد يقول لحد أن ولده كلب معناها ايه ..معناها ان الكلب معيخلفهوش غير كلب ياعويل.. افرح ياكرار انت وامك بدال ماترفع راس ابوك بأدبك واخلاقك وربايتك خليته كلب وسط الخلايق. 


خلص كلامه وضرب الارض بعكازه وقام واتحرك على بره ومردش على أسف كرار ولا توسلاته ليه بانه يسامحه. 

طلع وسابله البيت كله عشان مش طايق يبص فوشه ولا يشوف خلقته..ونبه علي عزت بس أمه تخلص عمايل القهوة يجيبهاله على الجنينه حدا بيت مخلوف. 


وبمجرد ماتوفيق طلع من البيت كرار هجم على عزت ومسكه من خلجاته  وهمسله وهو صاكك على اسنانه بغضب:


اظن الفرحه مش سايعاك فاللحظه دي ياعزت. يارب تكون مبسوط دلوك ونفسيتك مرتاحه! 

رد عليه عزت بإبتسامة انتصار ونظرة زهو: 

مبسوط ومرتاااااح فوق ماتتصور.. يلا عاد ياخي بكفياك جلع واتفطم من باط امك وانزل اشتغل وأشقي كيف الرجال اللي أنت محسوب عليهم.

خلص جملته ونفض ادين كرار من خلجاته واتحرك من قدامه قوام ودخل الموطبخ ورا أمه بحجة فنجان القهوة اللي هياخده لأبوه؛ عشان عارف أن كرار فاللحظه دي عامل كيف بركان غضب عيفور وهيحرق أي حد قدامه..

وانه النوبادي وبعد حلفان ابوه مش هيقدر يتملص من نزوله للشغل كيف كل مره، وأنه قُضى الأمر وخلاص. وكمان هرب من نظرات ابو دراع ليه اللي هتحرقه وهو واقف فموطرحه من زعله علي كرار. 


أما كرار فأتحرك قوام على أوضته فتح الباب بعنف وقفله بعنف أكبر.. وقعد على سريره يتأفف من عمايل اخوه عزت ومن حكم أبوه اللي صدر النوبادي بأثر غير رجعي. 

أما أبو دراع فساب البيت وطلع يتحدت مع عمه توفيق شويه ويحاول يمتص غضبه من ناحية كرار ويقنعه أن كرار مغلطش النوبادي، وأن كل اللي حوصول مع واد العمده مجرد سوء تفاهم وسوء فهم مش أكتر.

راحله وهو حاسس أن مهمته النوبادي فإقناعه صعبه ومش هتجدي بأي نفع؛ وخصوصاً وهو رايح يقنعه بحاجه هو نفسه مش مقتنع بيها وعارف إنها كدب.. لكنه شايف أن دا حق الصاحب على صاحبه، وهو سيد من يعرف اصول الصداقه وسيد من يوفى حقوقها. 


وبينما كرار كان فأوضته نايم علي سريره وحاطط اديه تحت راسه وباصص للسقف وحاسس بظلم بين وقع عليه النهاردة بحلفان ابوه عليه النوبادي عشان ينزله الشغل غصب وحاطط كل الذنب عند عزت اخوه. 

باب الأوضه اتفتح بشويش ودخلت عليه أمه حوريه بخطوات بطيئه، وبمجرد ماوقفت قدامه همستله بمحبه:

كرار ياولدى.. أني خابره انك محروق من كلام ابوك وواخد على خاطرك منيه.. بس ياولدي اوعاك النوبادي تقف فوشه ولا تعارضه عشان متخسرهوش وتخسر محبته ليك للأبد.. خده علي كد عقله وانزل الشغل وشويه واتحجج بأي حجه وسيب الشغل وقوله هشتغل في الارض، وان شغل الحفر مش جاى على هواك..أبوك حلف النوبادي وانت عارف انه طول ماحلف معيرجعش فحلفانه والحلفان بتاع ابوك لا عمره عيكون لغو ولا عتكونله رجعه فيه ولا يصومله كفارة.. خلاص ياولدي النوبادي الأمر نفذ ولا اني ولا انت ولا أي حد فيده تبديله..

وبالله عليك ماتزعل روحك ياحبيبي ولا تنقهر معتحملش اشوفك في الحاله داي ياقلب امك.

زفر كرار بقلة حيله وهز دماغه لامه بالموافقه وشال يده من تحت راسه وفرك وشه بيها وهو عيحاول يتخلص من شعوره بالضيق وهمسلها بتعب:

حضريلي الوكل طيب على مااقوم اتحمم واعملي حساب ابو دراع هياكل معاى.. وهاتيلي بستلة ميه حاميه علي الحمام أو خلي وحده من خواتي البنات توديها علي مااطلعلي غيار نضيف غير ديه. 


ردت عليه حورية: آني اللي هجيبلك الميه خواتك البنات مفاضيينش كفايه عليهم خدمة رجالتهم.

كرار: طيب يلا عشان الحق ابو دراع قبل مايتغدي مع ابوه نواشف. 

برطمت حوريه بغضب:

- يادي ابو دراع وسيرته.

قاطعها كرار بعصبيه: أمااااه.. الا ابو دراع.. قولتلك الف مره اياكي تبينيله او تبينيلي انك مقابلاهوش؛ انتي خابره آني عحبه كد ايه، وخابره زين ان اللي عحبه معتحملش عليه الهوا.. متخلينيش ازعل منك يمه.. كله الا حبايب كرار يام كرار.. يلا روحي اعملي اللي قولتلك عليه وخلي وحده من بناتك تجيبلي شوية ميه اتندح بيهم. 


كظمت حورية غيظها وهملت الأوضه وطلعت منها وهي عتبرطم فى سرها بكل عبارات السب والشتايم على أبو دراع وحتى أبوه مخلوف؛ لأن التنين دول دوناً عن غيرهم ليهم حدا جوزها وولدها منزله ومكانه ومحبه هي ذات نفسها متملكش زيهم، ولا حتي نصهم فى قلب جوزها وولدها..

فالأب مخلوف مستولي علي عقل وقلب جوزها.. وولده ماشي على نفس نهجه وواكل بعقل وقلب ولدها كرار حلاوة ومعيمشيش خطوه وحده من غير مايكون معاه ورجلهم علي رجل بعض، 

وراميه ذنب سوء اخلاق كرار كله على ابو دراع، وان هو اكبر سبب في فساد اخلاق ولدها.. 

منين جابت الافتراض دا واستندت فيه على أيه متعرفش ولا حد يعرف.. بس هو دا اللي طول الوكت فدماغها ومقتنعه بيه تمام الاقتناع. 

راحت على الموطبخ ودورت علي كانون لساه جمره موهوج وحطت عليه الوكل عشان تسخنه لكرار. 

وغرفت من آذان الميه الفاير وملت بستلة (اناء المونيوم خاص بحفظ المياة) وودتها لكرار علي الحمام اللي فأوضته. 


أما كرار فدخل واتحمم قوام قوام  وطلع ينادي ابو دراع عشان يتغدى معاه، 

وبمجرد ماطلع من بوابة البيت واتلفت حواليه شاف ابو دراع متشعلق فوق برميل وعيقلم فشجرة مانجه من الشجر اللي زارعه بيده من سنتين. 

نادى عليه بعلوا حسه وقاله:

ابو دراع.. امي زمانها حضرت الوكل لو عايز تاكل انزل وتعالا قوام عشان اني مهستناكش. 

خلص كلامه ولف يعاود للبيت وقبل مارجله تخطي عتبة البيت ابو دراع كان سابقه وداخل قبل منيه. 

ضحك كرار وهو واعي لهفة ابو دراع عالوكل الباينه فسرعة خطاوى رجليه، ودخل وراه وراحوا على اوضة كرار وقعدوا يستنوا الوكل. 

وفي الوكت دا دخل ابو دراع حمام اوضة كرار واتشطف فيه بباقي الميه السخنه اللي فاضله منيه في البستله من تراب الشجر وغسل اديه استعداداً للوكل.

وشويه ودخلت ام كرار شايله صينيه عليها كل الاصناف اللي عيحبها ولدها الغالي، وحطتها علي الطربيزه وطلعت بعد مابصت لابو دراع بنظرة كره هو عارفها زين ومتعود عليها، ومعيعملهاش اي قيمه. 

وهو أول واحد بدأ بالأكل ومد يده عاللي في الصينيه قبل كرار ولدها وخد احسن واعفى حمامه كمان..كنه عيعاندها ويغيظها ويزود كرهها ليه.

طلعت حوريه وهي عتبرطم وتشتم فابو دراع وتتمني لو إنه يختفي من حياة ولدها.. متأكدة ان كل الامور وكتها هتكون تمام. 


اما كرار وابو دراع اثناء اندماجهم في الوكل.. مره وحده ابو دراع رفع راسه لما لمح طيفها معدي من قدام باب الأوضه، واللي كنه طاقه واتفتحتله على الجنه. 

اتوقفت كل حواسه واتسمرت عيونه عليها وهي معديه قباله ولمعت عيونه بنظرة تمني وهو واعي بدر البدور معدية من قدام باب الأوضه.. أهم واكبر أمنياته، ومحور دعواته، اللي لو إتحققت فلتذهب بعدها كل الامنيات للجحيم، فلا الحوجه للاماني من بعدها. 


أما كرار فرفع وشه لما لاحظ ان ابو دراع اتوقف عن الوكل. ولما شافه باصص فين زفر بديقه وقاله بنهرة :


متحكي مع عمي ياابو دراع وتريح قلبك وعنيك اللي راحو من كتر المراقبه من بعيد لبعيد دول.. وبعدين أني ممتحملكش تبص لعرضي ياخي! ومهما كان قربنا من بعض أني عشوفها تقيله إنك تاكل بت عمي بعنيك إكده قدامي..والله لولا ماانك صاحبي واخوي كنت شبعتك كتل كل مااشوفك تتطلعلها. 

ابتسم ابو دراع ورد عليه بتهكم: شوفوا مين اللي عيتحدت عاد.. ومادام عارفها عتوجع وتحرق قوي إكده هتستحلها ليه لنفسك وتاكل بنات الناس بعيونك ليه ودايما موقع روحك في المشاكل ومركب نفسك الغلط؟! 

عالأقل أني غرضي شريف وعيني مش نكسه ولا قصدي بعرضك حاجه عفشه ياسي كرار. 


رد عليه كرار قوام:

وهو ديه اللي مصبرني ومسكتني عليك لحد دلوك.. بس برضك لازمن تحط للوضع ديه حد وتشوفله آخر، وتخلي ابوك يخطبلك بدور من عمي وتتجوزها وتريح عنيك اللي بظوا من موطرحهم من كتر البصبصه طول السنين الفاتت.. وكمان عشان تريحني آني ياخي. 

غمض ابو دراع عيونه وزفر بقلة حيله ومردش على كرار لكنه همس لنفسه:

الامر مش بالسهوله اللي انت مفكرها دي ياكرار..عمك ولا عياله عمرهم معيشوفوني ولا يشوفوا ابوي بعينك وعين ابوك ياكرار 

والظاهر ان بدور هتفضل حسره فقلبي وعيوني لآخر العمر، وأمنيه مستحيل تتحقق مهما طالت سنين التمني.


وكمل وكله قوام قوام وطلع من البيت وهو عيصارع روحه المتلهفه لشى عارف زين أنها مهتطولهوش، وخصوصي بعد تلميحات سلام اخو بدور ليه قبل سابق كذا مره فكذا مناسبه إنه مش كد المقام.. وغير إكده نعيم ابوه وابو بدور اللي مش شايفه ولا عيعامله غير على اساس إنه أجير فأرضهم وكلاف لبهايمهم وبواب علي بيتهم لا أكتر ولا أقل. 

ومن سنين وابو دراع عيحاول فكل يوم أنه يقنع قلبه يقطع حبال الود، لكن القلب فأمور المحبه اكبر عاصي وأشد عنيد.


عاود أبو دراع تاني للي كان عيعمله وعاود لقص فروع أشجار المانجه، اللي السنادي فرحته متتوصفش بيهم وهو شايف الشجر بانت عليه بشاير الخير، وطرحه اصبح وشيك وأبو دراع متأمل ان السنادي تظهر شماريخ طرحه.

أما كرار فأتمدد شويه ففرشته وحاول ينام، لكن صورة بت العمده اللي شافها النهارده بالصدفه وجمالها اللي زلزل كيانه مرضياش تروح من قبال عنيه.. واللي اخوها متحملش بصاته ليها وهي معديه بالكارته هي وامها، ومسك فيه، ولولا وجود ابو دراع معاه وحاشه عنه  كان زمانه مسففه التراب. 


قام كرار من فرشته علي صوت أخوه عزت وهو عيتجادل مع أمه وفتح الباب وطلع وسمعه بوضوح وهو عيقولها:

أيوه يمه ارتحت، والمفروض انتي كمان تكوني مرتاحه زيي.. أصل بصراحه أني واخواتي مش هنقعدوا طول عمرنا نشقوا، وولدك كرار نايم في البيت كيف الحريم، ويتصرف عليه من شقانا وتعبنا.. مش احنا نقعدوا فعز الصهج وطهابيج الحر والسموم راكبين الحديد المولع من حرارة الشمس وجسمنا يكب في العرق كب وروحنا تبقي رهقانه رهق.. ولا فعز الشتا يلفح فينا الهوا وادينا ورجلينا تكون متلجه ومقادرينش نتحكموا فأطرافها وهو نايم جارك اهنه في الضل والدفى، ووقت مايعوز ايوتها حاجه لو لبن العصفور يحضرله فالتوا واللحظه وبدون تعب ولا جهد ومتتقابلش طلباته غير بالسمع والطاعه.


عزت:كان عيتكلم بعصبيه لدرجة أن حسه كان عالي وفيه هجوم واضح على امه وعيتكلم بحرقه طالعه من نص قلبه، وكرار شاف منظره وهجم عليه ومسكه من خلجاته وبعيون حمره كيف عيون الغول قاله :

بص ياعزت..اسامحك واعديلك  فأي حاجه تخصني أو تخص اي حاجه في الدنيا.. الا انك تعلي حسك على أمي وتهينها وتتعدى عليها حتي بنبرة الصوط. 


أنت كيف تتجرأ وتزعق فيها بالشكل ديه.. إنت اتجنيت أياك.. وبعدين داري الكراهي بتاعتك هبابه ياخي مش اكده.. اصل المجاهره بالغل عيبه فحقك ياكبير ياعاقل.. وخلاص ريح هبابه وهدي نفسك.. اللي عتتردح عليه من زمان اهو حوصول، واديك وصلت لمبتغاك وابوي حلف عليا انزل الشغل معاك، يارب تكون مبسوط دلوك ونفسيتك مرتاحه.

عزت  : اول هام أسمها أُمنا.. ماهي مش امك لحالك هي، وانا يحقلي اكلمها كيف مابدي، ومش من حقك تعترض علي طريقتي معاها.. ديه بالنسبه لأول هام.. أما ثاني هام عاد.. سكت لثواني وإتطلع لوش كرار المحقون بالغضب وهمسله بإبتسامة تشفى:

أيوه ياكرار ياواد امك أني مبسوط ومرتاح فوق ماتتصور إنك نازل الشغل. يلا عاد بكفياك جلع واتفطم من باط امك وانزل اشتغل وأشقي كيف الرجال اللي أنت محسوب عليهم..يكفاك مياصه لحد اهنه.. داني واني فسنك كنت أشطر حفار فعمال ابوك.. وأنت لحد دلوك. معتعرفش تشغل المعده حتي ولا تحرك سطلها ياعويل. 

خلص حديته ونفض ادين كرار من فوق هدومه وغادر وهمل كرار بناره القايده واتمني أن النار تفضل تاكل في كِبره وعنجهيته وجلعه لما تقضي عليهم خالص، وينزل من سماه العاليه علي الارض واللي يسير عليهم كلهم من شغل وتعب ومرمطه  يسير علي دلوعة امه. ....


أما حوريه فابعد ماعزت مشي مدت يدها تمسد علي دراع كرار بحنيه وهو مسك يدها وقربها من خشمه وحبها وهو عيهمسلها:

كله الاكي ياغاليه.. أنتي اهم وحده عندي في الدنيا. 

وديه لأنه خابر زين ان امه هي جبهته القويه اللي عيتدارى وراها من هجوم الكل عليه وعيستقوى بيها على كل اللي فى البيت، ولولاها يضيع وسطهم ويتداس تحت الرجلين وميبقالهوش أي قيمه وسطهم .


بقلم.. ريناد يوسف...



نفق الجحيم

البارت التالت

والتنزيل من هنا ورايح علي حسب التفاعل بس هه. 

النهارده اول يوم ينزل كرار الشغل وقام الصبح بدري على صوت اخوه عزت المزعج وهو بيصحيه بفرحه واضحه فنبرة صوته:

- قوم ياحيلتها.. قوم النهارده اول يوم ليك فعالم الرجوله.

فاق كرار من نومه وهو عينفخ ويفش ورمي الغطى من فوقه، وقام وهو عيستغفر ربنا، واتلفت حواليه ومن الشباك القزاز اللي عيطل على حوش البيت شاف الدنيا لساها مغبشه، والصبح مصبحش زين! .. غمض عنيه ونفخ بغلب ودخل عالحمام، اتشطف وراح عالموطبخ وشاف امه ومرت عمه واخواته البنات التنين وبنات عمه التنين واقفين على الكوانين وعيعملوا الفطور!

صبح عليهم وجاتله امه جري، حبته على خده وفضلت توصيه يطول باله على ابوه النهارده ويتحمل رزالة اخوه عزت ويعدي يومه علي خير؛ لغاية ماربنا يعدلها. ووعدته انه مش هيطول في شغل الحفر، هما كام يوم بس على عقل ابوه؛ وبعدها هترجع الامور تاني على هواه وكيف مايحب. 

هزلها كرار دماغه بموافقه مرغم عليها، وراح علي اوضته لبس خلجات يناسبوا الشغل، وطلع لقي ابوه وعمه وعيال عمه التنين، واخواته التنين، وجدته وجده كلهم قاعدين على الطبالي، والحريم عتجيب في الوكل وتحط قدامهم ويتحركوا بنشاط كيف خلية نحل فايقه الصبح نشيطه! . 

وكل ديه عيحصل فوكت كرار كان فاكر ان الناس كلها فيه عتكون نايمه زي حلاته!.. اتاري يومهم عيبتدي بدرى قوي ويومه هو بالنسبالهم يتحسب نص يوم بس! 

راح كرار ناحيتهم وهو باصص لعزت اخوه اللي من اول ماعيونهم اتلاقت وهو عيحاول يخفي إبتسامته عن الكل بس الشماته باينه فعنيه وكرار واعيها زين.


توفيق اول ماشاف كرار قرب ووقف جار الطبليه بص بعيد عنه بزعل وقاله:

تعالا قنبر إهنه واتريق يومك طويل وفي الموقع مفيش وكل.. مهتاكلش غير بعد ماتخلص شغل وتعاود، ومهتلقاش غير الميه تقربع فيها لما تتغمي لو شربتها على معده خاليه. 


حوريه جات من الموطبخ ماسكه فيدها طبق كحروت مسلوق ومدحرجاه في السمن البلدي عاملاه مخصوص لكرار عشان عيحبه وحطته قدامه وطبطبت علي ضهره وهي عتقوله:

كل ياحبيبي واسمع حديت ابوك انت طالع على شقى وتعب. 

خلصت حديتها واتعدلت من ميلانها وشافت توفيق عيبصلها بغضب، وعرفت انه هيسمعها كلمتين واعرين بسبب طبطبتها علي كرار وحنيتها عليه دوناً عن الكل، واللي توفيق عيكره يشوفها عتعمله  قدامه، ورامي لوم بوظان كرار واللي فيه دا علي جلعها الزايد ليه من يوم ماولدته. 


اتحركت من جارهم قوام، وبمجرد مامشيت، وقبل ماكرار يمد يده علي طبق البيض كان عزت مادد يده ومتلافي منيه اتنين، حط وحده فخشمه مره وحده ووحده قدامه.. وهو عمل اكده وكرار زعق فيه بغيظ وقاله:

-ايه الطفاسه والسَعر اللي إنت فيه ديه يابارد انت. 

وقبل ماعزت يرد رد عليه ابوه:

مالك ياكرار اتنجمت ياك؟ مالوكل كتير قدامك! فيها ايه لما اخوك يتلافه من صحنك حاجه؟ مش هتبطل الانانيه والعفاشه اللي انت فيها داي ولا ايه.. اتعلم تحب اخواتك واللي فيدك متعزهوش عليهم مهما كان قليل وملوش قيمه أو كتير وغالي عليك. 

وحط فبالك ان اللي النهارده فيدك ومش فى يد اخوك، بكره هيكون فى يد اخوك ومش فى يدك.. واللي هتلافيه بيدك هتتلافاه تاني وهيتردلك بالهبابه. 


كرار بغلب: يابوي كل الموال ديه عشان  بيضه! الطبق اهه خليه ياكله كله ياعمي اني معاوزش منيه خالص. 

بس يكون فمعلومك يابوي.. ولدك عزت طول عمره عينه عاللي فيدي وعيحب ياخده حتي لو مش محتاجه.. هو عيحب يقهرني مش اكتر..وبدال ماتكلمني أني عالانانيه والعفاشه.. كلم ولدك على الحكد  والاستكتار والبصه للي مع الغير. 

خلص حديته وقام من ع الوكل وطلع لبره البيت.. واول ماطلع شاف ابو دراع عيجر فمكنة الميه وعيشبكها فالحمار عشان يوديها عالمسقى ويروي الارض. 


كرار :صباح الخير يازفت انت كمان. 

ابو دراع: واه؟! 

كرار: مالك ياد؟ 

- ماليش.. بس هو ايه اللي هيوحصول النهارده قايم بدري؟.. ولا منمتش من عشيه ولا ايه؟ 

كرار: له نمت ياخوي وشبعت نوم.. انت ناسي اني هنزل معاهم الشغل من النهارده ولا ايه آني مش قايلك من عشيه! 


- ههههههههه والله والفرخ هيكبر ويبقي راجل ودراعه هيجيب الخير. 

كرار بعصبيه: هتعملي كيف عزت ياخي انت التاني، مش كفايه عليا تقطيمه ليا من عشيه وبصاته المليانه شماته عالصبح ولؤمه اللي سد نفسي وكدرني!


ابو دراع كشر واختفت ضحكته ورد عليه: وليه يكدرك عزت الكلب؟

هملهولي اني النهارده هخليه يحرم يقولك نص كلمه ولا عينه تترفع فعينك، وبدال ماهو اللي فرحان فيك هقلبلك اني كفة الميزان واخليه يتدس منك عشان متتمقلتش عليه.

جرجرهولي بس إنت النهارده فاخر النهار عالساحه وقوله ابو دراع هينازل النهارده وهمل الباقي عليا.

دا ماعاش اللي يكايدك واني على وش الدنيا، هو نسا اننا متخاويين بالدم واللي يزعل اخوي يبقي جنى على روحه ولا ايه؟ 

كرار: عزت معينساش حاجه واصل بس هو اللي مغشم حاله ومستضعفني. 


أبو دراع:

ماقولنا لا عاش ولا كان.. علي العموم النهاردة نعرفوة مقامه ونوروه مين الضعيف فيكم. 


اتبسم كرار وقرب من  ابو دراع وحضنه وهمسله جار ودنه: كفو ياأخ مجابتهوش امي.. كفوا يا سند كرار وحامي ضهره. 

قالها وبعد عن حضنه وابو دراع طبطب علي دراعه وقاله: 

روح ياخوي واشتغل وبينله انك ارجل منيه واشد واقوى..ووري ابوك والكل ان كرار راجل ماهوش مدلدل ولا ني ولا بجم كيف ماالكل عينعته.. واني هوريه إنك مش هفيه ليه يتشمت فيك.. صوح هو اخوك.. بس آني اخوك اللي هبقي معاك علي اخوك، وولد عمك، وع الغريب، وكل اللي يأذيك. 

قالها واتحرك من قدام كرار بعد ماضرب الحمار عشان يمشي وهو شال خرطوم المكنه علي كتفه ومشى وراه. 


اتجمعوا الشباب كلهم بره البيت  بعد ماخلصوا فطور وتوفيق علي راسهم وطلعوا بالعربيه الفورد بتاعتهم كلهم سوا محشورين فيها حشر.. صفوت وسلام نزلوا على الطريق عالموقع القديم اللي كانوا واخدين فيه شغل قبل سابق عشان يشوفوا تشطيباته وصلت لحد فين،

وكرار وعزت ومعروف كملوا عالموقع بتاع النفق مع أبوهم وعمهم نعيم. 


بعد ساعات من الشغل.. 

كرار وهو عيمسح عرق أول نوبه يعرف إنه عينزل فعز الشتا:

ايه الحر ديه وايه الشمس اللي فعز الشتا داي وأيه التعب ديه؟

عزت بضحكه: عشان تشوف الرجال عتعمل ايه وانت قاعد في البيت نايم في الضل، ويوم ماتطلع من البيت تطلع تتمشي ساعة العصاري وتتشاكل مع خلق الله.. شوف الفلوس اللي عتصرفها عتاجي منين وكيف.


رد عليه كرار بغضب من كل التعب اللي حاسس بيه 

:أنت تخرس خالص ومسمعش حسك ولا نَفسك حتي.. أصلاً إنت سبب كل المشاكل اللي فحياتي.. ياخي حل عني عاد وطلعني من دماغك مش فيه معاك اخ تاني غيري أسمه صفوت، سايبه وماسك فخُناقي انا ليه؟


عزت: الاخ التاني معيعملش حاجه تفور الدم ولا تخليني افتح خشمي عليه حتي.. اصلاً محدش غيرك فوِلد بيت كارم عيغلط.


اتجاهل كرار عزت وهجومه عليه ومرضيش يزود معاه في الكلام لأنه عارف ان عزت لو لقي منيه رد مش هيبطل رط خالص، وهو فالساعادي مفهوش أي طاقه لكتر الحديت أو المجادله.. لكنه واصل الشغل بقلب من نار ودراع من حديد ميتناسبوش ابداً مع واحد اول مره يندلي الشغل، ولا اول مره فحياته يسوق مُعدة تقيله! 

وكل ديه تحت عيون عزت اللي قاعد ومراقب كل حركة عيعملها كرار بعيون صقر متابع فريسته ومستنيلها لحظة ضعف يهجم عليها فيها ويسمعه مالا اذن تحب السمع ولا نفسُ تطيق. 


وأخيراً خُلص اليوم.. واللي اتعلم فيه كرار اساسيات السواقه كلها والحفر، وعلي آخر اليوم كان سايق الجرافه كنه سواق بقاله شهور عيتعلم مش أول نوبته في السواقه، 

ودا كان انجاز بالنسباله وبالنسبه للكل ومحدش كان متوقع منيه النتيجه داي من أول يوم واصل..

لا ابوه ولا اخواته وعمه ولا حتى العمال.. لكنه داس علي روحه وجه علي نفسه واشتغل الشغل دا كله عشان يغير صورته فعيون الكل كيف ماوصاه ابو دراع ،وكمان عشان ميديش الفرصه لعزت انه يشمت فيه ويتشفي ويفرد قلوعه عليه قدام الناس بمعرفته وخبرته ويعامله كانه عيل صغير وهو وصي عليه وعيعلمه. 


اتشطف كرار واستعد  للرحيل مع الناس بعد أصعب يوم مر عليه فحياته، حس فيه أن حتي روحه تعبت مش بس جسمه، وركبوا العربيه اللي جم فيها وحودوا علي الباقيين في الموقع التاني خدوهم وعاودوا للبيت، ومفضلش في المواقع غير الغفيرين اللي عيبيتوا يحرسوا المعدات بالليل. 


وبمجرد وصول كرار للبيت راح على خليله اللي كان قاعد علي المصطبه قدام داره  واللي بمجرد ماشاف كرار ابتسم ودارى ابتسامته قوام، لكن كرار كان شافها بوضوح. 

قعد جاره وملامحه اتألمت بمجرد ماقعد من التعب، وبص لابو دراع وقاله:

عتفصخ بضبك ليه ياد إنت؟ ولا متفصخش ليه! قاعد ياخوي مرتاح في السهرايه انت وغيرك طِلعت روحه النهاردة في الشغل. 


رد عليه ابو دراع وهو عيرجع بضهره لورا عالحيطه ويسند دماغه على اديه اللي شبكهم فبعض وعيبص للشجر الجديد اللي قلمه كله النهاردة، والجنينه المرويه كلها، ورد عليه بهدوء:

اللي عتقول عليه قاعد مرتاح ديه عمل شغل النهاردة لا انت ولا عشره معاك تقدروا تخلصوه فيوم واحد.. بس انت معاك حق فأني صوح مرتاح. مرتاح واني شايف الشجر مروي وشبعان ميه وبالل ريقه.. مرتاح واني مقلم شجراتي ومنضفهم ومخليهم كيف العرسان عيتمايلوا بخفه مع نسايم الهوا، بعد ماخفيت حمولهم اللي ملهاش عازه، وشلت فروعهم الميته الناشفه.. مرتاح واني حاسس اني عامل اللي عليا ومواراييش ايوتها حاجه. 


كرار بص علي الشجر والجنينه وشاف ان كلام أبو دراع مظبوط وانه صوح عمل شغل كتير النهاردة.. لكنها مش غريبه عليه لأنه دايماً عيشتغل شغل عشر رجاله من غير مايحس بأيوتها تعب، 

ودايماً ابوه توفيق يعرض عليه انه يجيبله عيلين يساعدوه في شغل الجنينه وتقليم الشجر حتي لكنه معيرضاش ويقوله الجنينه ممحتاجاش غيري، ووكت مااقصر ولا اغلب فيها هقولك تجيبلي اللي يساعدني. 

رد عليه كرار بجملته المعتادة اللي دايماً يقولهاله هو وكل شباب البلد: 

يابوي انت ممسوس قلنهالك الف مره وعرفنا اللي فيك خلاص. 

إبتسم أبو دراع أبتسامة رضى ورد عليه: ولا ممسوس ولا حاجه.. هذا من فضل ربي. 

قالها وبص لكرار اللي وقف فجأة وهو عيقول: آاااخ اقوم ادخل اتسبح واغير خلجاتي قبل ماحيلي يحط والتعب بتاع النهاردة يحل عليا ومقدرش اقوم من موطرحي.. اوبقي تعالى اتغدى معاي بعد قيمة ساعه اكده مش هاكل معاهم وهستناك.. 

بس تاجي بروحك اني لا هطلعلك ولا هنادم عليك، لا فيا حيل ولا جباير. 


خلص حديته واتحرك من قدام ابو دراع علي البيت اللي كانت امه واقفاله علي بابه وبمجرد وصوله ليها استقبلته بالحضن وهي عتقوله:

يعطيك الف عافيه ياغالي.. تعبت يانن عيني باين على وشك ياقلب امك.. خش اتسبح غرفتلك ميه حاميه من الاذان ودخلتهالك لحمام اوضتك ومحضرالك غيارك جوا .. 

اخواتك وعيال عمك قعدوا عالوكل لقفانين من الجوع اول مادخلوا انت اتخلفت عنهم ليه ياغالي؟ 

رد عليها كرار وهو ماشي بعد مابعد عن حضنها: قعدت مع ابو دراع هبابه استهوى.. حضريلنا الوكل اني وهو عبال مااتسبح هموت من جوعي يام كرار. 


حوريه: يخسى الجوع ياضي عيني.. حالا هحميلك الوكل انت والمخفي من عيوني. 


خلصت كلامها وراحت علي الموطبخ قوام 

ودخل كرار اخد حمامه وطلع لقي ابو دراع قاعد مستنيه في الحوش بتاع البيت، وكان ابوه توفيق قاعد واخوه صفوت وواد عمه سلام وعمه نعيم  وعيتحاسبوا علي آخر مقاوله قبضوا تمنها. 

وشوية وطلعت امه بصينية الوكل اللي شافها كرار وفرك اديه بحماس ومن اول ماتحطت قدامه نزل عالوكل بشفعه وجوع كأنه مكلش بقاله اسبوع بحاله!


ابوه بصله واتنسم خشمه بإبتسامه، وكل اللي كانوا قاعدين بصوله بإستغراب لأن كرار معروف عنه ان وكلته ضعيفه وعمره ماكل بالشكل ديه؟! 

أما أبو دراع فكان الوحيد اللي شفقان على كرار من بعد امه وصعبان عليه تعبه فأول يوم شغل ليه، الا انه كان فرحان ليه عشان خلاص هيسيب طريق البلطجه والسرمحه وافتعال المشاكل ويشتغل ويبقي راجل كد المسئوليه. 

خلصوا الرجاله حسبتهم  وشربو شايهم وكل واحد راح يعمل مصلحه شكل.. اللي طلع من البيت واللي دخل اوضته يرتاح وتوفيق ففضل قاعد مع ابوه وامه هبابه يتسامر معاهم قبل مايطلع يشوط عالارض ويشق عليها.

أما كرار فبعد ماخلص غداه هو وابو دراع فطلع معاه يمشي رجليه وضهره اللي اتحنطوا من القعده علي كرسي الجرافه طول النهار، 

وفضلوا يتمشوا في البلد، لغاية ماكرار جرجره بالمشي يم البحيره.. وقعدوا جار المعديه اللي عتربط البلد بالبر التاني، واللي فيه البندر، واي حد من أهل البلد  محتاج حاجه من البندر لازمن يعدي عالمعديه عشان يوصل.

وديه معناته أن المكان مزحوم دايماً بالناس اللي رايحه وجايه.

ابو دراع بطبيعته معيحبش التجمعات ابداً ولا عيهوي القعده فمكان مزحوم بالخلق، لكنه ميقدرش يسيب كرار يقعد فمكان زي ديه لحاله؛ 

عشان هو خابر إن الهدف من جية كرار للمكان ديه هو الفرجه على بنات البلد اللي رايحه وجايه عالبندر مع اهلها..

وممكن أي حد دمه حامي علي عرضه وميرضاش ببصة كرار لعرضه يمسكه  ويضربه كيف ماحوصل كتير قبل سابق..واخر مره عشيه لما اتعارك معاه واد العمدة. 

وبرغم إنه خابر زين إن الغلط عيكون راكب كرار من ساسه لراسه.. وعينصحه كتير يبطل العادة العفشه اللي فيه داي..الا ان كرار فالنقطه دي بالذات معيسمعش غير كلام نفسه الأماره بالسوء. 

وكالعادة أبو دراع معيقدرش يسيبه ياخد جزاة غلطه، وعيدافع عنه فكل الاحوال سواء ظالم.. او ظالم برضك.. وحاسس ان حمايته واجبه عليه. 


واثناء ماأبو دراع  قاعد يتحدت مع كرار شافه تاه منيه وراح لدنيا تانيه، وعيونه لمعت وهو باصص بعيد.. التفت ابو دراع موطرح ماعيبص كرار وعرف ايه اللي خد عقله لما شاف شوقيه بت العمده جايه مع امها علي المعديه من جيهة البندر ومعاهم اخوها اللي اتعارك مع كرار امبارح وأبو دراع ضربه، ولساه وشه شوارع من ضرب امبارح. 


أبو دراع شاف وش واد العمدة اللي اتطعن بالغضب أول ماوعيه هو وكرار وشاف عين كرار لساها متعلقه بأخته بعد كل اللي حوصول عشيه..

  فقام ومسك يد كرار  وحاول يقومه وياخده بعيد ويبعده عن الموطرح كله.. لكن كرار اتسمر موطرحه ومرضيش يتزحزح شبر واحد.. واهنه ابو دراع مكانش قدامه غير أنه يقف قبال كرار وواد العمده ويوحي بملامحه الحادة وحركات جسمه أنه مستعد يخوض معركه كيف بتاعة امبارح واكتر لو فكر أنه ياجي يم كرار أو يحتك بيه. 

فما كان من ولد العمده بعد اللي داقه على يد أبو دراع امبارح الا انه ينزل من هو وامه واخته ويمشيوا فطريقهم من سكات من غير شوشره؛ وخصوصاً وانهم اليومين دول عيروحو البندر يشتروا جهاز اخته اللي هتتجوز قريب من واد عمها ومعاوزش بعراكه مع كرار كل هبابه تطلع عليها كلمه تمس شرفها وتتلغي جوازتها. 

لكنه ضمر لكرار علقة موت علي بصته لعرضه وعلى الكتله اللي خدها علي يد أبو دراع، وحلف لهيعطيهاله مهما كلفه الامر ومهما طال الوكت. 

بس عشان ديه يوحصول لازمن يتحقق شرطين.. 

اولهم أن أخته تكون اتجوزت واد عمها وانتهي امر خوفه عليها، وتانيهم ان كرار يكون لحاله من غير ابو دراع. 

لكن دلوك هيفضل كاظم غيظه منيه ومن أبو دراع غصب عنه، ومهما طالت الايام هتفضل نار الكتله اللي خدها امبارح قدام عيون الكل قايده بين ضلوعه وخصوصاً وهو واد العمده وكعبه كان عالي علي كل اقرانه، وإمبارح إتكسرت عينه قدام الكل، وفوق دول ودول اتضرب وهو على حق وعيدافع عن عرضه ومخدش لا حق ولا باطل.. ومش هتطفى النار غير بنار متلها تقيد فبدن كرار وقلبه لما تفحمهم. 


ابو دراع بعد مامشي واد العمده:

يلا ياكرار بزياداك قوم عاود عالبيت وهاتلي عزت عالساحه، واني هقول للكل ان فيه نزال والم الشباب كلهم.

النهارده لازمن اكسر عين عزت الخبيثه اللي عيبصلك بيها بغل طول ماانت قباله، واعلمه ان اللي فى حمى ابو دراع محدش يقربله حتي بالبصه. 

اتبسم كرار وبحماس رد عليه:

تصدق كنت ناسي الموضوع ديه خالص!


ابو دراع: بس اني معنساش حاجه تخصك ياكرار.. وأنت معذور ولازمن تنسي اصلك هتفتكر ايه ولا أيه.. عقلك ديه هيفكر فكام حاجه ياولداه.

فهم كرار قصد ابو دراع وضحك وهمله وراح عالبيت  يجيب اخوه عشان يسلمه لابو دراع يأدبهوله ويحطله حد لغله  وغيرته منيه وشماته الدايمه. 


وانطلت الكدبه علي عزت اللي راح مع كرار قوام بس عرف ان ابو دراع هينازل،

وأكيد نزال لابو دراع ميتفوتش.. ووصل عزت علي الساحه،

وابو دراع كان مجمع اغلب الشباب وواقف وسط الساحه كيف اسد جعان مستني الفريسه اللي هيهجم عليها.


والكل واقف ومترقب يشوف الخصم اللي اتجراء النوبادي واتحدي ابو دراع وطلبه لنزال؛ وخصوصاً ان من فتره بعيده محدش عملها بعد ماشباب البلد كلها والبلاد اللي حواليها اتأكدوا ان ابو دراع محدش يقدر يغلبه واصل..وان لقب ابو دراع مجاش من فراغ، 

واتسمى بيه عن جداره..وديه لأن دراعه عمره مااترفع علي حد الا ورجع غالب، ولا يوم ابو دراع باتله حق بره ونام الليل قبل ماياخده..وكمان عشان اتعرف عن ابو دراع انه ممسوس وإن فيه قوه مش عند حد كيف قوة شمشون الجبار. 


الكل بيتلفت عشان يطلع واحد من بين الصفوف ويقول لأبو دراع اني منازل، 

وكلهم شوق يعرفوا مين ديه الجاهل باللي هيجراله من ابو دراع ومخايفش من بطش يده!

مع ان الكل متوكد ان مفيش حد فالنواحي كلها ميعرفش ابو دراع وآخرة نزاله! 

بس الترقب طال ومحدش ظهر.. وقطع صوت الصمت ابو دراع وهو عيبص لعزت بعيون كلها تحدي ويقول للكل بحسه العالي وعينه متعلقه بعزت:

اليوم النزال بيني وبين عزت واد عمي توفيق.. عزت بقاله مده حاسس روحه بقي عفي وعيتعافى علي خلق الله، والنهاردة جاي عشان يوريني ويوريكم كد ايه هو عفي.. وان قوته فبدنه مش بس فلسانه.. اصل قوي اللسان لازمن يكون عفي البدن.. عشان لو غلط فحد بلسانه وهو مش كده هيبقي جاب لروحه ورطه ياعالم هيطلع منها كيف. 

عزت كان عيسمع حديت ابو دراع وقلبه ابتدا يغوص بين ضلوعه من الخوف، ومش مصدق اللي عيسمعه! وجوفه جف من الورطه اللي اتوكد إنه اتحط فيها.. وفهم الخطه اللي اترسمت عليه من كرار وابو دراع، واللي بيها ابو دراع هيكسره لكرار. 


بص عزت حواليه بإستنجاد عشان حد يلحقه بأي طريقه من الورطه داي، لكن للأسف ملقيش. 

وشاف روحه وسط الناس واتقال علي لسانه إنه طلب ينازل.. ولو انسحب يكون جاب لروحه العار وسط الكل وبقي مضحكة كل الشباب فى مجالسهم لشهور قدام 

فاتقدم بخطوات مهزوزه ووقف وسط حلقة الحاوي اللي كانت معموله من الشباب، وشمر كمام الجلابيه بحركة شجاعه كدابه، وابتدا يدور حوالين أبو دراع وعيمثل الثبات لكن من جواه عيترعش من الخوف، وعيتشاهد في سره وعيسأل حاله ياتري أيه اللي هيتكسر فيا النهاردة، دراع ولا رجل ولا ريشه من رياش صدرى؟ 


ومفيش ثواني وكان هاجم عليه ابو دراع وكان مكومه فالارض وبارك عليه وهاتك ياضرب من اللي تحبه عين المظلوم لظَلامه. 

أما كرار فكان واقف عيتفرج والضحكه شاقه حلقه وهو شايف أبو دراع عيسفف اخوه التراب وعيتمني من كل قلبه انه يزيده من الضرب لحد ما يبرد نار قلبه منيه ولا كنه اخوه ولا يعرفه.


أما فبيت عبد الصمد. 

-بسيمه.. بشاير.. ادخلوا الحوش لموا الظاطه وطلعوها فوق السطوح وقرصوها جله عشان تنشف.. وانتي ياست شام تعالي اقعدي قدام الكانون واغلي خلجات ابوكي البيض دول، وزهريهم وانشريهم، واني داخله انعسلي هبابه.. بس اوعاكي الزهره تزيد ولا تبقع فالملافح وتضحكي الناس علي ابوكي. 


شام بإعتراض:

له يمه مهقعدش قدام كوانين.. أني معتحملش هوج النار ولا ريحة الدخان وانتي خابره ديه زين. 


دهب: ايوه ولحدت ميته يعني هتفضلي إكده؟ فهميني طيب هتقولي ايه لأهل جوزك ولا لجوزك لما حد يقولك اطبخي ولا اعملي حاجه عالكانون؟فكرك هتقدري تتجلعي وتقولي له وأيوه كيف دلوك ولا ايه؟ 

شام: وكتها يحلها الحلال يمه.. عارفه اني هعمل غصب عني ومهقدرش اقول له.

بس مادام وكت الغصبانيه مجاش يبقي همليني ارتاح من المكتوب لحدت ماياجي.. ولوكتها فرج ورحمه. 

هزت دهب دماغها بقلة حيله وهملت شام وراحت علي الحوش ورا بناتها وقالت لبسيمه تغلي خلجات ابوها وتنشرهم بعد ماتخلص قريص الجله مع اختها..

وعاودت ولقت شام واقفه وعتتلفت شمال ويمين وعرفت انها عتدور علي طرحتها عشان تطلع.. فزعقت فيها بعلوا صوتها خلتها فطت من موطرحها برجفه:

عتدوري علي ايه انتي.. تلاقيكي عايزه تطلعي على إكده! 

مايزي وانجري عبي الزيره والعلاوي من الطلمبه عشان ميتهم تروق من العكار وتصفي.. او روحي قرصي جله مع اخواتك البنات..اكنسي الحوش وتربي تحت البهايم.. اعمليلك حاجه نافعه بدال الفطفطه بتاعتك داي.. مش ابوكي قالك تتقربي علي كل حاجه وتتعلميها؟ 

شام: 

ابوي قال اتعلمي مش اشقي.. يعني اعرف اللي معرفهوش.. واني عباية الزيار متعلماها، وكمان قريص الجله وكنس الاحواش عارفاه ومعاوزش علام.. 

يبقي سيبيني يادهوبه عاد اطلع وادخل كيف مايحلالي قبل مااتجوز واتحبس واتنشق علي شوفة الشوارع بتاعة البلد  والمشي فيها نشوق. 

خلصت كلامها وطلعت رامحه من قدام امها مدتلهاش اي فرصه انها تعترض علي كلامها ولا ادتها فرصه تتكلم من اساسه. 


وأول ماطلعت من الباب ضحكت بفرحه وهي واعيه القطر جاي من بعيد وكانت هترفع اديها عشان تشاورله لكن فلحظة لقت صابر طالع من العدم وواقف قدامها ومانع عنها بجسمه شوفة القطر، ومهما حاولت انها تميل يمين وشمال عشان تشوفه كان يميل معاها ويحجب عنها الرؤيه، كيف عزول واقف بين حبيبه وحبيبها!

لكن بعملته داي هو حجب الصورة بس محجبش الصوت، ولا قدر يمنع صفارات القطر المتتالية اللي كأنها صفارات الحبيب اللي واقف تحت بيت حبيبته وعيصفرلها عشان تطلله ويشوفها. 


يتبع.. 

بقلم / ريناد يوسف❤️🌹


نفق الجحيم

البارت الرابع 4

ممنوع نقل الروايه لاي مدونه بدون إذني


بعد مامشي القطر شام بصت لصابر بزعل وقالتله بعتب:

اكده تخلي القطر يفوت ومتفرجش عليه ياصابر؟ 

صابر بغضب:ياشام خلي حداكي هبابة دم.. كيف يعني ابقي اني واقف قبال عنيكي اللي تندب فيهم رصاصه دول، وتهمليني وتبصي عالقطر؟ فيه ايه القطر احسن مني اني عايز أعرف؟

صابر خلص جملته وفضل باصص لشام بعتب مستني منها إجابه لسؤاله، لكن اللي لقاه من شام ضحكه طويله أولها كان حُر وآخرها كتمت صوتها بطرف طرحتها عشان الضحكة كانت طالعه من القلب وعترن بصوت عالي. 

فضل صابر مستنيها تخلص ضحك وترد عليه، لكن شام كانت كل ماتنهي الضحك.. تعيد الضحكه من تانى، 

لغاية ماصابر يأس أنها تخلص ضحك واتسند علي الحيطه وربع اديه وكتم ابتسامته وفضل يتطلعلها بعيون كلها محبه وفرحه ورغبه، وخصوصاً وهو شايف وشها اللي اضحي كيف حباية طماطم مستويه من كتر الضحك وخدودها يتولع منهم كعب بوص من شدة الحمار واللمعه.. وفي اللحظه داي كل اللي اتمناه أنه يضمها ويلمس خدودها اللي كيف مايكونوا عيقدحوا شرار، والشرار اتبتر علي جسمه وولع فكامل جتته نار معادش متحملها. 

أما شام فبعد ماخلصت ضحكها اخيراً همستله بدلع : عتغير عليا من قطر ياصابر! عتحط روحك قبال حتتة حديده؟ 

رد عليها صابر وهو عيتفحص نار خدودها اللي بدت تهدا وتخمد:

ايوه ياشام عغير عليكي من حتتة حديده.. عغير عليكي من الهوا اللي عيلف حواليكي ويطير طروف ربطة راسك ويلاعبك. وايوه عقارن حالي بحتتة حديدة عشان انتي معتوعيش عيونك. عتلمع كيف وانتي عتبصي على حتتة الحديده داي بعشق معوعاهوش ليا فعنيكي وانتي عتبصيلي! 

انتي معتشوفيش حالك عتبقي عامله كيف والقطر معدي قدامك ياشام؟


شام ملامحها خدت وضع الجديه وهي واعيه صابر عيتكلم جد وباين عليه انه متألم صوح من محبتها للقطر فقربت عليه وقالتله بحنان:

بس اني معحبش حد ولا حاجه في الدنيا كدك ياصابر.. ولا حتي القطر.. أنت عشقي من يوم ماوعيت عالدنيا وحب صباي ولحد شيبتي محدش هياخد موطرحك في القلب، ولا هيقربه حتي.. الظاهر أنك مخابرش اللي ليك فقلب شام كد ايه ياواد عم جلال. 

اتبسم صابر ولانت ملامحه وغمض عيونه وزفر براحه ممزوجه بشوق ورد عليها وهو مغمض:

بسك ياشام من حديتك الحلو ديه قلب صابر الغلبان هيقدر على ايه ولا ايه.. هيقدر علي وشك اللي عينقط حُسن ولا علي لسانك اللي عينقط شهد ولا علي قدك اللي عينقط غوايه! 

بزياداكي وروحي شوفي كنتي رايحه وين ولا جايه من وين ولا قوليلي اني كنت هعمل ايه.. طوشتيني يابت عبصمد وخليتيني لا عارف حالي رايح ولا جاي!؟ 

روحي ياشام واعملي حسابك اني هلم الناس واعمل قعدة واقرا فاتحتك، ويمكن اكتب عليكي بالمره واسكن داركم ليل نهار، لحدت مااخدك فبيتي بعد الست شهور اللي حاسسهم ست سنين بحالهم..روحي ياشام من قدامي دلوك اكرملك واحسنلي.


ضحكت شام وبصتله بطرف عينها بصه خلت قلبه يرجف وروحه ترفرف مشتهيه ضمه وعقله وقف عن الادراك كيف ماعيعمل كل مايشوفها. 

واتحركت من قباله قبل مايفقد عقله ويتصرف قدام الناس تصرف لا يحمد عقباه.

أما هو ففضل باصصلها وهي ماشيه قدامه وكل شويه تلتفت ليه وتضحك بكسوف وتداري ضحكتها بطرف طرحتها وتدور وشها تاني.. وهمس لروحه بقلة صبر:

آه ياشوق لو تقف قبالي راجل لراجل كنت فطستك بين اديا وريحت كل القلوب من نارك. 

قالها واتنهد واتحرك من موطرحه، لكنه وقف يتفكر كان طالع من بيتهم ولا كان بره وراددله قبل مايشوف سلابة عقله وقلبه!؟ 


أما عند أبو دراع فساحة المعركة.. 

ابو دراع وطي على عزت وساله بصوت خافت: هاه ياعزت عينك ولسانك هيتطاولوا علي اللي فى حما ابو دراع نوبه تانيه؟ 

عزت رفع يده اللي عترجف ومسح الدم اللي علي طرف خشمه وبص فيه وهز دماغه لابو دراع بنفي وغمض عنيه وهو حاسس ان كرامته اتبعترت كيف حبات عقد لولي تحت رجلين كرار دلوعة امه، واللي فرط عقد كرامته أبو دراع اللي لولاه كان عزت هيعرف يربي كرار رباية صوح.. وعلي كد الناس اللي كانت متجمعه كلها عزت مكانش واعي من بينهم غير اخوه كرار وابتسامته اللي من الودن للودن، وفرحته وشماته فيه.

وعاهد روحه أن الشماته فالأذيه دين، ورد الاذي وكسرة النفس قصاص وهياخده من كرار ولو بعد حين وبأي طريقه. 

أبو دراع وعي عزت هز دماغه وقام وقف ونهي النزال، وشال عزت علي كتفه ومشي بيه يعاودة علي البيت وكرار ماشي وراهم، وواعي قطرة دم عتنقط كل كام خطوة من خشم عزت علي ضهر ابو دراع وجلابيته، وأهه عتطلع منه بين الحين والحين، 

ومن وسط نشوته وفرحته بكسرة اخوع مفكرش ابداً ان قطرات الدم داي ماهي الا قطرات من خزان كراهي اتعبى جوه عزت من ناحيته لما فاض واتدلدق. 

وصل أبو دراع للبيت بعزت شايله ورماه علي الدكه جار جده كارم، وجدته عديله اول ماشافته وشافت وشه اللي ملامحه مش باينه من الدم ندبت علي صدرها بفجعه وبصوت عالي قالت:

بووووه ياتوفيق عليك وعلي حظك فعيالك اللي كل يوم واحد يرجف قلبك، يامن الخوف، يامن الكيد والغيظ.. مين ضربه ديه كمان وشلفطه شلفيط إكده؟ عميلت ايه يامقندل انت قولي..كانت تتكلم وتهز بأديها التنين فعزت وف الاخر ضريته علي وشه بقلم خلته أن من الوجع بحس عالي.. 

وعلي حسه طلعت أمه من الموطبخ هي ومرت عمه والبنات يشوفوا فيه أيه وليه ستهم عتولول؟ 

وأول ماحوريه شافت ولدها وحالته رمحت عليه وهي عتصرخ بخوف:

يامرك ياحوريه المطفطف.. مالك ياعزت.. ماله اخوك ياكرار ايه اللي عيمل فيه إكده؟ 

رد عليها أبو دراع وهو عيعدل فقب جلابيته بزهوا:

مالهوش دا طلب ينازلني في الساحه قدام الكل واني نازلته وعطيته اللي فيه النصيب وعلمته ميناطحش اللي اعفي منيه مره تانيه.. خديه يام صفوت سبحيه وهوني عليه وقوليله متتعافاش مع حد إنت مش كده نوبه تانيه. 

حوريه سمعت كلام أبو دراع وصرخت بغضب:

يعني إنت اللي عميلت فيه إكده! تتكسر اديك انشاله وتعدم عفيتك اللي اتعافيت بيها علي ولدي.

أني قلة اصل زي اللي حداك داي ياواد مخلوف عمري ماشفت ولا هشوف فحياتي.. يبقي لحم كتافك من خيرنا وتاكل من مالنا وتتعافى علينا؟! 

صوح صدقوا اللي قالوا اللي اختشوا ماتوا يابوى.. اني بس ياجي توفيق وهخليه يشوفله صرفه معاك وياني ياانت وابوك فيها. 

أبو دراع كان هيرد بس سبقه كرار وهو عيقول لامه بحس عالي زلزل المكان:

أمااااه.. الا أبو دراع قولتلك.. كام مره نبهت عليكي وقولتلك اوعاكي تحدتيه إكده مره تانيه كام مره؟ 

حوريه بحس عالي وصراخ:

امال عايزني احدته كيف ياسي كرار؟ انت مواعيش الردى عامل فأخوك ايه قبال عينك ولا ايه؟ ياولدي دا المثل عيقولك اني واخوي عالغريب.. وإنت عتعين الغريب علي أذي اخوك كيف؟ ديه بدال ماتمسك فيه وتخلص منيه كل ضربه ضربها لاخوك بغل وقلب اسود وهوعامل حاله عينازله ويلعب معاه! 

كرار:ديه نزال واللي مش كد الدح ميعرعرش. 

رد عليها عزت بصوت تعبان: عتعاتبي فمين يام كرار وولدك هو اللي مسلمني ليه بيده.. عتعاتبي فاللي رسم الخطه ولا اللي نفذها.. ولدك والخدام طابخينها مع بعض ووكلوهالي. 


اتحركت حوريه ناحية ابو دراع وابتدت تضروب فيه باديها التنين وبكل قوتها علي ضهره وهي عتقوله:

له.. كرار مليهش صالح ديه الحنش ديه، هو اللي عيخطط وينفذ ومخلي ولدي فيده كيف الشخليله.. إنت غرضك ايه من اللي عتعمله ديه فهمني؟ 

امشي غور إطلع من اهنه ياقليل الاصل.. امشي غور من قدام وشي.. طول عمرك ديحلاب وداخل للمهبل ديه من حتتة الصحوبيه والاخوه ومفهمه انك حبيب وعتعمل كل حاجه لموصلحته، وانت حنش معشش فعبه، عترفع راسك تلدغ بيها كل اللي حواليه من سكات وتضمها تاني فعبه.. 

وعارفه ومتوكده انه هياجي اليوم اللي هتلدغه فيه هو كمان، بس بعد ماتكون خليته يصفي لحاله، لا أهل ولا حبايب ولا خلان.. هيكون مفيش غيرك انت وبس ملفوف حوالين رقابته وفي الوكت المناسب هتخنقه وتموته.. كيفك كيف ابوك بالظبط.. نسل حناشه وخد بيتنا وكر ليه. 

فضلت تتكلم وتضروب فأبو دراع ومع كل ضربه تزيحه ناحية الباب خطوة لغاية مابقي عالباب واخر مره زاحته بكل قوتها بره الباب وقفلته وراه. 

أما ابو دراع فمكانش همه كلامها ولا كان هيحطه فباله ولا يتأثر بيه لولا ماشافها واقفه علي باب الموطبخ وشايفه الموقف وسامعه الكلام اللي اتقال كله.


أتحرك أبو دراع بعصبيه وراح ناحية طلمبة الميه اللي قدام بيتهم وابتدا يدورها بعنف بيد وحده وياخد منها ويغسل فوشه اللي حاسس الصهج عيطلع منه من كتر الإحراج اللي حاسس بيه.


وبعد كام غرفة ميه لقي يد عتمسك معاه دراع الطلمبه وتدوره مكانه، وبص شافه كرار.. شال ايده من الطلمبه واتنهد بديق وبحركه سريعه قلع جلابيته والسديري  اللي تحتها ونعله، وقعد تحت الطلمبه وخد ميتها المتلجه علي جسمه الفاير فعز طوبه والجو تلج  وادين حوريه معلمين علي ضهره وكلامها معلم فروحه. 


كرار : هتعيا ياحزين ويلفحك البرد! 

- دور ياكرار وانت ساكت ابو دراع عفي معيعياش دور. 

كرار بحنيه: حقك عليا آني متزعلش، ماانت خابر أمي وحافظها، وعارف انها معتحبكش من الباب للطاق، ومتعود علي حديتها الماسخ ومعتاخدش عليها.. صعدتها ليه للقلب النوبادي يابو اخوه؟! 

-عشان النوبادي مكانش الكلام بيني وبينها وبينك بس ياكرار.. كان الكلام قدام الكل. 


كرار: قصدك كان قدامها هي.

اقولك يابو دراع اني هحدت أبوي فموضوعك أنت وبدور وافاتحه فاللي عيدور فخُلجك واللي مكمور فقلبك بقاله سنين، وهو عيحبك وهيتوسطلك حدا عمي آني متوكد..

اصلي مش هينفع اشوفك كل هبابه قلبك موجوع إكده وكل ماحد يقولك كلمه قدامها نفسك تنكسر وروحك تدبل. 


-له اوعاك تعملها.. عالاقل دلوك..اوعاك تقطع الشعره اللي متأمل بيها أن الظروف هتتحسن ويجد جديد من عند ربنا يقربها مني.. لكن دلوك لا الوكت ولا الظروف ولا النفوس مناسبه للكلام دلوك ياكرار. 


اتنهد كرار وقفل الموضوع؛ عشان عارف ان أبو دراع عيركبه الهم كل مايفاتحه فيه، وغير الحديت بضحكه وهو عيقول لأبو دراع:

بس يد أمي تقيله والله عملت اللي مقدرش عزت يعمله وعلمت علي ضهرك كف كف وصباع صباع هههههه

أبو دراع: لولا انها امك كان زماني مبلعها كفوف اديها، بس قيمتها انت وابوك. 

خلص كلامه وقام وقف ولبس نعله وراح علي بيته وهو عاري الصدر وبردان الروح وكرامته متزفزفه من القهر.


أما كرار فعاود للبيت من تاني وبص لعزت وإبتسم بشماته وهو واعي أخته فكريه عتطبب فجروحه، وأمه وسته قاعدين يولولو عليه وعاللي جراله،ودخل أوضته ونام علي سريره بتعب بعد يوم طويل اتكلل بنجاحه في الشغل، وبفرحته فعزت أخوه اللي مهيقدرش من اليوم وطالع يتشمت فيه ولا يدايقه تاني. 

غمض عنيه وراح في النوم والكلام ديه كان المغربيه.. وصحي بعدها علي حس نعمه اخته وهي عتصحيه وتقوله:

كرار.. ياكرار قوم كلم أبوك عايزك بره بالعَجل قوم. 

فتح كرار عنيه وفرك وشه وقام وهو مستعد للكلام اللي هيسمعه من أبوه واللي مش هيكون هين بالمره. 

طلع من أوضته وبص في الحوش شاف الكل متجمع وعزت قاعد وسطهم ومدنقر راسه في الأرض بإنكسار، وابوه عامل كيف البركان المكتوم وحَمار الغضب كاسي ملامحه.. بلع ريقه واتقدم عليهم.. 

كرار: السلام عليكم 

توفيق: لا سلام ولا رحمه تنزل عليك ياشيخ. 

كرار اتطلع لكل الوشوش وشافها محقونه بالغضب ومفيش حد فيهم رافع عيونه من الارض ولا عيبصله بيهم.. فاتقدم خطوتين وبصوت يادوبك طالع قال:

أبوي اسمع مني.. وقبل مايكمل توفيق قاطعه بضربه من عكازه عالارض وقاله:

معاوزش لا اسمع منك ولا اشوف وشك قبالي، واخفى من قدامي دلوك عشان حسابي مش معاك انت.. قالها وقام وقف علي حيله وبخطوات سريعه راح على بيت مخلوف وولده. 

خبط على الباب خبطتين جامدين بالعكاز وابو دراع رد عليه، وقبل مايفتحله الباب كان كرار واقف جاره قدام الباب وعيقوله:

جاي لابو دراع ليه؟ أبو دراع مليهش ذنب ولدك اللي طلب ينازله هو ماله. 


توفيق بص لكرار بغضب وقاله:

أيوه صوح حديتك مظبوط.. أبو دراع محداهوش ذنب.. الذنب كله حداك إنت وإنت اللي لازمن تتأدب.. قالها ومسك عكازه بأديه التنين ورفعه في الهوا ونزل بيه علي دماغ كرار فتحهاله وكل ديه فأقل من ثانيه.


رجع كرار لورا خطوتين وهو حاطط يده علي دماغه يكتم الد. م اللي سال منها فوراً! وباصص علي ابوه ولساه مش مستوعب اللي ابوه عيمله من شويه، وانه ضربه لأول مره فحياته! وكمان وهو في السن ديه؟ 

ثواني فضل فيهم كرار واقف عيبص لأبوه قبل مايحس بأن الدنيا لفت بيه ويتسند عالحيط بضعف وحاسس انه مش قادر يحافظ علي توازنه.. وفي اللحظه داي ابو دراع فتح الباب وشافه وشاف حالته واتلقاه بين اديه وسنده علي جسمه وبص لتوفيق بغيظ بعد ماشاف الدم اللي غرق وش كرار وخلجاته ولسه هيتكلم لكن قاطعه توفيق:

أيه يابو دراع! هتضروبني اني كمان عليه كيف ماضربت أخوه؟ 

اوعاك تفكر إنك بكده خدمت صاحبك.. له بالعكس دانت خلقتله عداوة كبيره مع حد المفروض يكون معاه كيف الجسد والروح ميفترقوش ولا يتخاصموا.. إنت بيدك عملت هابيل وقابيل جداد يابو دراع، وبيت الضغينه في قلوب الاخوات، بعد ماكانت غيره خفيفه وكانت هتروح وتزول مع مواقف صغيره يظهر فيها رباط الاخوه مابينهم. 

ولعلمك انت ربنا مش هيسامحك عاللي عتعمله ديه وهيحاسبك عليه؛ لانك عتأذي اللي موجهلكش أذي.. واوبقي اقف يوم القيامه قدام ربك ولما يسألك ضربت فولان ليه ولا أذيت علان ليه قوله عيملت اكده عشان خاطر كرار! 

ابقي شوف كرار هينفعك بأيه (يوم يفر المرء من اخيه،وأمه وأبيه، وصاحبته وبنيه،لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه) يعني كرار اللي عتدافع عنه وتلم سيئات فحجرك بالكوم بسببه، هو اول واحد هيفر ويتبري منك وينكر معرفته بيك وصِلته بكل اللي عميلته فدنيتك عشانه. 

خلص كلامه وبص لكرار بسخط ودور وشه ولسه هيتحرك لقي مخلوف وراه شايل ربطة خشب من فروع الشجر الناشفه جامعهم لدفى الليل وواقف ومش فاهم ايه اللي عيجرا! 

وبمجرد ماعينه وعيت لكرار غرقان فدمه شهق ورمي الحطب واتقدم علي كرار اللي ساند دماغه علي صدر ابو دراع وهو عيسأل بخوف:

وه وه.. ماله كرار كفاله الشر ايه اللي سيح دمه إكده! 

رد عليه توفيق وهو مديله ضهره:

ولدك اللي سيح دمه يامخلوف وسيح دم اخوه قبل منه.. ومن أهنه ورايح أبو دراع مليهش صالح بكرار ولدي..لا قعدة سمر تجمعهم، ولا حتي مشوار طريق يلمهم على بعض.. بذيادة لحد اهنه عاد، صحبتهم مهيتجنيش من وراها غير الشرور. 

خلص كلامه وهملهم وطلع بره مرضيش يعاود للبيت من تاني لأن دماغه ممتحملاش كلام حورية مرته؛ اللي خابر زين انها النهارده لا هتهدا ولا هتنام وفرصتها علي ابو دراع ولقيتها.. وللأسف النوبادي لا هيقدر يدافع عنيه ولا يسكتها؛ عشان هو بنفسه عارف ان ابو دراع غلط غلط كبير.. مش عشان ضرب ولده.. لا 

عشان ضربه لصالح اخوه.

يمكن لو كانوا اتعاركوا لاي سبب تاني كان فوتهاله وقال طيش شباب عيتهاوشوا مع بعض.. انما الضرب يكون لخصومة اخ ضد اخوه! داي فيها عداوه واعره قوي. 


ومخلوف بس مشي توفيق من قدامه بص لابو دراع بعتب وقاله:

متجيبهاش البر ياقطب غير لما تهد علي راسك وراس ابوك كل السيرة الحلوه اللي عشت طول السنين ابنيها بين الناس..

مش هتعقل غير واحنا حاملين رحالنا وماشيين من البيت اللي عشت طول عمري فيه، ومن البلد كلها، وانت خابر زين اننا ملناش متوى غير إهنه.. اعقل ياولدي وخليني قاعد فموطرحي اللي كبرت واتجوزت وخلفت وشبت فيه. 


خلص كلامه ونتر اديه بزعل ودخل علي البيت وهو عيبرطم بينه وبين حاله ويهز دماغه بعدم رضى. 

أما ابو دراع فسند كرار ودخله البيت وقعده علي المصطبه اللي من داخل الباب، ودخل يشوفله حاجه يوقف بيها دمه السايح. 


عاود أبو دراع من جوه وفيده تلفيحه بيضه من بتوع ابوه وبرطمان البن، وقعد جار كرار وفتح البرطمان وكب منه فوق جرح كرار وكتمه بيده غير مبالي بألم كرار وبعدها مسك التلفيحه وابتدا يلفها علي الجرح بصنعه وهداوه، وكرار كل شويه يرفع عينه عليه بخجل ويقوله:

حقك علي يااخوي انت اتهزقت من أبوي وابوك واتضربت من أمي واتحرجت قدام بدور وكل ديه بسببي.. آني محقوقلك وحقك على راسي. 

أبو دراع بزهق: قولتلك الف مره ياكرار متاخدش فبالك محصلش حاجه، بطل رط اني متعود علي التهزيق بسببك مهياش اول نوبه يعني. 

كرار: له بس النوبادي العيار زاد عليك حبتين حقك علي متزعلش. 

-يوووه مقولتلك خلاص ياخي متزهقنيش.. قالها وضرب كرار علي دماغه فوق التعويره بالظبط خلاه اتألم. 


مخلوف كان جارهم عيصلي العشا وختم صلاته وبصلهم هما الاتنين واتنهد ولف وشه وابتدا يسبح علي سبحته.. 

وأبو دراع شافه و غمض عنيه وخد نفس عميق وزفره بتعب ومتكلمش.. فتولي المهمه كرار اللي راح قعد قصاد مخلوف وقاله:

أمانه عليك ياعم متزعل من ابو دراع ولا تزعله.. آني السبب فكل اللي جرا واني اللي خليته ضرب عزت. 

مخلوف استغفر ربه ورد عليه بهدوء:

ماهي دي النصيبه ياكرار.. انك انت اللي عتكون السبب في كل حاجه وكل مره، وأبو دراع هو اللي عيتحاسب ويوبقي في الوش ويشيل الشيله بدالك.

ياولدي إنت في لاول ولآخر واد المقاول توفيق، ومهما الناس لامت عليك مهيقدروش يأذوك كرامه لابوك وقيمته ومقامه وسطهم..

إنما إحنا ياولدي فقاره والفقير ضهره عريان وسط الناس وابو مين اللي مايضربه عليه.. واديك بنفسك شوفت أول واحد أبوك لما اتحط ابو دراع وولدة فكفه.. كفة ولدة اللي طبت،

وأول حاجه عميلها إنه قال لابو دراع يبعد عنك، وهو اكتر واحد خابر إن الغلط كله عليك؛ بس شاله من على ولده ورماه عالغريب. 

وآني ولدي مهما عيمل عشانك برضك في الاخر غريب، وبكلمه من أبوك ميبقالوش وجود بينكم.. انتوا رباط دم ومهتتفرقوش مهما حوصول، والداخل مابينكم خسران ياولدى، 

فبالله عليك تسمع كلامي.. ابوك قال لابو دراع يبعد عنك، بس اني عارف ولدي مخه زنخ ومهيبعدش لو حطوا راسه بين شقين رحاية وطحنوه.. برضك اللي فمخه هيفضل فمخه.. فأني هطلبها منك انت.. بعد عن ابو دراع ياكرار، ومتدخلهوش فمشاكلك وعدواتك وبالذات بينك وبين اخواتك.. هملنا عايشين اني وهو إهنه لغاية مااموت واندفن جار أمه فمدافنكم، وبعدها هو حتي لو حد مشاه من إهنه العمر لساه قدامه ويقدر يبنيله معيشه فموطرح تاني.. لكن آني لا هقدر ولا هعرف.. وخلاص ياولدي العمر ماباقيش فيه كتير خليني اعيشهم براحه الله يرضي عليك. 


اتنهد كرار وهز دماغه بتفهم وقام وقف علي حيله وبص لأبو دراع بصه اخيره قبل مايطلع من البيت ويخطي كام خطوه ناحية بيتهم.. لكن وقفه حس ابو دراع وراه وهو عيقوله:

بعتني بكلمتين ياردي! 

لفله كرار وقاله: 

هعمل ايه يعني إنت مسمعتش حديت أبوك؟ 

رد عليه أبو دراع وهو عيتقدم عليه:

له سمعته.. بس وأيه يعني كلمتين ابوي اللي قالهم ماهو طول عمره أبوك عيحذرني من دفاعي عنك، وامك عتحاول تخليني أبعد عنك بكل الطرق، وآني لا عسمع لديه ولا عتبع داي.. تقوم إنت من أول كلمتين تبيع ياهلس! 

كرار: مبايعش والله بس صعب عليا أبوك. 

أبو دراع: له وإنت الصادق دانت خفت من أبوك ولقيت ان الضرب واعر ومهتتحملوش.. مع إني ياما كلت ضرب من تحت راسك واتحملت عشانك وبدالك بس إنت سَو. 


كرار اتبسم ورجع لابو دراع وقف قدامه وقاله: معاك حق يابوا الصحاب.. دا حتي عيب عالدم اللي اتخلط ببعضه.. قالها وبص للجرح اللي فبطن إيده واللي أخوه بالظبط فبطن يد أبو دراع والاتنين ابتسموا وقوام حضنوا بعض.. ومكانوش واخدين بالهم للي كان واعيهم من بيته ولا للي كان داخل من البوابه وواعيهم هو كمان، وسواء ديه أو دوكها هما التنين هزوا دماغهم بيأس علي كتلة المشاكل اللي لقت درع قوة من غير عقل تعمل عملتها وتتخبي وراه. 


كرار بعد عن باط ابو دراع وقاله: هنطلعوا النهاردة نسهروا ع القهوة؟ 

أبو دراع: فيك نفس للسهر؟ 

كرار: أيوه اومال ايه.. دا بالذات النهاردة السهر هيحلوا عشان همام والسيد قالولي واني معاود من الشغل انهم اتوحشوني وعايزين يقعدوا معايا هبابه. 


ابو دراع سمع ألاسمين دول وملامحه كلها اتغيرت وهمس بديق:

تاني همام والسيد ياكرار! اني مش قولتلك بلاش التنين دول معرتاحلهمش. 


كرار: والله أني معارف إنت كارههم ليه ياخي دول حتي عيال جدعان وقعدتهم كلها ضحك وميتشبعش منها. 

ابو دراع: بس حشاشين والكل في البلد خابر وريحتهم فايحه واللي عيمشي معاهم عيتوصم بعارهم ويطوله الكلام اللي عيتقال عليهم.. وانت واد توفيق المقاول ومينفعش حد يجيب سيرتك بالعاطل. 

كرار: والله حشاشين نشاشين لحالهم.. أني عقعد جارهم هبابه عالقهوة قدام الناس كلها وعلي عينك ياتاجر.. ومتخافش عشان اني واد توفيق محدش هيقدر يجيب سيرتي واصل.. ويلا جهز حالك للسهر وتقل قلبك إحنا فحمى المقاول ياد. 

يلا سلام هروح اغير خلجاتي عشان نطلعوا. 

أبو دراع : له مفيش طلوع النهارده خليها بكره.. انت النهارده تعبان ومضروب وحالتك حاله.. بكره ابقي اطلع واسهر كيف ماانت عاوز، دلوك ادخل ناملك هبابه عشان وراك شغل الصبح. 

كرار: ماني نايم من المغرب لدلوك ومجاينيش نوم! 

ابو دراع: يوبقي روح غير وتعالى هعملك دمسه ونسهروا اني وإنت في الجنينه نشووا قناديل شامي ونتحدتوا عن خيبتنا. 


كرار : خلاص ماقول بعد قولك.. حضر الدمسه والقناديل واني هغير وجايلك.. وخلي همام والسيد لبكره. 

خلص كلامه وراح ناحية بيتهم وابو دراع شبك اديه ورا ضهره وراح يتمشي حوالين البيت وسط الشجرالصغير وهو عيفكر فاللي خسر كل ماء وجهه النهارده قدامها.. واللي كل مايفتكر الموقف يوبقي عايز يروح علي حوريه مرت عمه توفيق 

ويخ.. نقها لحدت ماروحها تطلع بين أديه


دخل كرار البيت ومكانش فيه غير جده كارم وجدته عديله قاعدين والباقيين كلهم اتفرقوا على مخادعهم. 

كرار: وين أمي ياستي؟ 

عديله بصتله وضربت علي صدرها لما وعيت لدماغه المربوطه والدم اللي علي وشه وخلجاته،ولسه هتسأله أيه جراله اتحرك من قدامها عالموطبخ يدور علي أمه بنفسه وفعلا لقاها في الموطبخ.. 


كرار:امه هاتيلي شويه ميه اتسبح عشان ها...وقبل مايكمل جملته التفتت امه اللي كانت مميله عالكانون وصرخت بعلوا حسها وهي شايفه منظره :

بوووووه ياخلق..مين اللي سيح دمك انت كمان؟ 

كرار: ابوي عشان ولدك عزت. 

حوريه: يامرررك ياحوريه الهي ربنا ياخدك يابو دراع ياللي عيالي دمهم عيتصفي واحد ورا التاني.. مره بيدك ومره بسببك..ربنا يعَدمني شوفتك قبال عيني يابعيد. 

كرار:أممممااه.. قولتلك الا ابو دراع يمممه بطلي دعا عليه عالفاضيه والمليانه، بكفايه سميتي بدنه النهارده بكلامك وخجلتيه قدام الكل وكسرتي نفسه! 

حوريه: الهي يتسم بسم طريشه من إحنشة الجنينه وتطلع روحه قبل مايلقوله طب ولا دوا. 

كرار بعصبيه: يووووه.. انشاله كل اللي تدعيه علي ابو دراع يجي فيا انا ياشيخه. 

حوريه بخوف: واه الشر بره وبعيد عنك ياولدي. 

كرار: لو عتحبي ولدك متدعيش عليه.. عشان هتدعي علي ابو دراع يبقي عتدعي عليا.. ودلوك هتدخليلي بوق ميه اتغسل بيه وغيار اتكفن بيه ولا اقعد بخلجاتي دول وزفارة الدم اللي فيهم للصبح؟ 


حوريه وهي عتتحرك قوام: له ياغالي هوديلك الميه اهه.. روح ياضناي علي اوضتك واني هاجي وراك طوالي.. خلصت  كلامها واتلافت بستله من المكفين علي القفص الجريد وعدلتها وابتدت تصب فيها الميه الحاميه ودخلتها ورا كرار عالحمام بتاعه وطلعتله غيار وهملته يتسبح وطلعت. 


في الاثناء داي كان توفيق عاود من بره وقاعد جار أمه وابوه.. شافته حوريه وسالته بزعل:

حمداله عالسلامه يامقاول.. هتتعشي اجيبلك الوكل؟ الكل اتعشى وراح ينام. 

توفيق: له معاوزش طفح  ولا حاجه واكل وشارب من عيالك لما صايباني تُخمه. 


حوريه: والله عيالي ماليهم صالح ديه أُس النصايب اللي يعملها كل مره وعيالي يقعوا فيها..أني بس مش... وقبل ماتكمل قاطعها توفيق بضربه من عكازه في الارض مصحوبه بزعيقه:

حوريه اقفلي خاشمك واقصوفي الكلام عشان اني ممتحملش رط؛ راسي عامل كيف الطبل.. وتعملي الصالح لو تخشي تنامي وتحرميني طلتك البهيه. 

حوريه بغيظ: إكده ياتوفيق؟ 

توفيق بتأكيد: ايوه اكده ياحوريه. 

حوريه بعند: طيب عند فيك ممشياشي من إهنه ولا هحرمك من طلتي البهيه واصل.. وادي قعده اهي.. وراحت علي الدكه اللي قبالهم وقعدت عليها. 

توفيق هز دماغه بقلة حيله واستغفر ربه وطلع سبحته يسبح بيها.. 

كارم ميل على ولده وهمسله بشفقه: 


حملك تقيل ياتوفيق ياولدي وعيالك نفوسهم مش صافيه لبعض وديه مهيخليهمش يحطوا اديهم فأدين بعض زيك إنت واخوك ولا يبقوا ايد وحده واصل. 

توفيق بتنهيدة: مش مهم يبقوا أيد وحده يابايه.. المهم أن كل واحد فيهم يأمن بطش ايد التاني.. الفراق سُنه ووارد، بس المهم ان الفراق متصحبهوش عداوه.. والأيد لو مش فالايد متبقاش كرباج تجلد. 


كارم: والله ياولدي اني شايف إن الأم هي السبب فأن العيال تتفرق.. مرتك عتفرق بين الاخوات وجلعت واحد وركبته علي راس التنين التانيبن وخلته كيف يوسف وسط باقي عيال يعقوب لما صابتهم الغيره منيه مع أن ابوهم عمره ماأبدي محبته ليوسف قدامهم لكنهم حسوها وابتدا المتكاد بنار الغيره يخطط لأذاه.. اشحال دي اللي عتجاهر بالمحبه وتخص بيها واحد دونا عن الباقيين 

شوف عدويه مرت نعيم اخوك عتعامل كيف ولادها التنين زي بعض، ومعتفرقش حتي في المَحَنه والكلمه الحلوة مابينهم  لاهي ولا ابوهم، 

وشوف كيف لو سلام قال أااخ معروف اول واحد يجري عليه ويقوله بيا ولا بيك ياخوى. 


توفيق نفخ بقلة حيله وبص علي حوريه وهمس بحس واطي: صوح.. معاك حق يابوي، لو صلحت الارض هتصلُح الزرعه.. لكن لو الارض خاشش عليها دم زرعها عيطلع كيف عيالي اكده. 


عديله ميلت علي ولدها وهمستله:

بس خلي بالك عزت خبيث برضك ومش ساهل  وعلى كد إكده كرار قلبه اصفى منيه ومعيحبش الاذي لحد.. 

كرار كل عيبه انه ودني وخفيف وأي حد يقدر يوديه ويجيبه يعني معيحكمش علي عقله، طول عمره ماشي بشور غيره. 


توفيق: عارف يامايه كرار واللي بيه، وعشان إكده عايز اعلمه المرجله.. كرار كبر معادش صغير واللي كده فاتح بيت، بس ديه أمه نسونته وخلته بقي بلم من كتر الجلع.

عديله: ايوه هي حوريه السبب فكل حاجه عفشه في البيت ديه،وهي اللي عتخرب كل حاجه.. اضروبها ياتوفيق وكسر علي راسها العكاز بتاعك هي بت حلال وتستاهل..قالتها وبصت علي حوريه وهزتلها دماغها ولعبتلها حواجبها عشان تكيدها. 

ضحك توفيق بخفه وهمس لأمه: طول عمرك عتكرهيها ياعديله وكل السنين داي مقدرتش تخليكي تقبليها. 


عديله وهي عتبص لحوريه بغيظ وتديق عنيها: طب بذمتك داي تتقبل ولا تتبلع ياتوفيق؟ 

ميل عليها توفيق وهمسلها بحس يادوب طالع: لا والله لا تتقبل ولا تتبلع، وعتقف في الزور كيف اللقمه الناشفه.. قال حوريه قال.. الله يرحمك ياعمي عالاسم ويسامحك يابوي عالورطه. 

كارم بحس واطي زيهم: واني مالي ياد! اني غصبتك؟ اني شاورتك انت واخوك علي بنات عمكم وانتوا اللي رضيتوا،،لو كان واحد فيكم مرضيش ورمح كان حد هيقدر يمسكه؟ 

توفيق: النصيب عاد.. بس يعني ليه سميتوا علي اسمي حوريه واديتوا عدويه الغلبانه لنعيم! مكان خد هو حوريه واني خدت عدويه. 

كارم: نعيم غلبان وعدويه واعره كانتش هتنفع معاه، كانت هتقوله هش يركب القوار(بناء صغير مخصص لحفظ الغلال) .. الواعره عايزه الواعر اللي يشكمها، وكل واحد ربنا عيديه شيلته علي كد مايتحمل. 

توفيق بتنهيدة إستسلام: الحمد لله علي كل حال.. قدر الله وماشاء فعل. 


حوريه كانت متابعه الوشوش والخشوم من بعيد ومديقه عنيها وراميه ودنها معاهم وصرخت لما بطلوا كلام بحسها كله :

خليكم كل ماتصفوا مع بعض قطعوا ففروة حوريه وهاتوا وحطوا فوق راسها من غير ماتعملكم حاجه.. وانت ياتوفيق اقعد اسمع لحديت امك اللي عايزه تخرب بيتك وتجرسك بعد ماعيالك بقيوا رجاله وانت بقيت جد ورجلك والقبر.. وعلي موتي ياتوفيق تتجوز ولا تجيب وحده عليا والله اولع فيكم كلكم. 


توفيق رفع حواجبه بإستغراب وبص لأمه يشوف أيه اصل الكلام الجديد ديه وامه غمضتله علي شفتها التحتانيه وعلي عنيها وهمستله بحس واطي: 

مهووسه هناخدوا عليها ماانت خابرها زين.. قوم ياولدي قوم افرط ضهرك علي فرشتك هبابه وريح مخك انت راجل شقيان وتعبان ومفيكش مخ لرط الحريم المهاويس داي. 


وفعلا طاوعها توفيق وقام ركب علي أوضته وهمل حوريه مرته تبرطم وتردح مع حالها.. أو بمعني اصح مع عديله حماتها ومرت عمها. 

أما عديله فهملت حوريه تتحدت مع نفسها ونادمت بعلوا حسها: عدويه.. بت ياعدويه.. انتي يابت ياام سلام. 

عدويه بصتلها من باسطة السلم فوق:

ايوه يامرت عمي عايزه حاجه؟

عديله:

ايوه.. انزلي  يابت هاتي هبابة ميه حاميه لعمك وحطي فيهم هفة ملح عشان ينفع رجليه اللي عيبيت يعوي كيف الكلب من وجعهم. 

كارم بعصبيه:كلب لما ينبش مصارينك يابعيده الملافظ سعد يابومه. 

عديله بضحكة كدابه: هههه مقصديش يابو توفيق داني شفقانه عليك من وجع الليل. 

خلصت كلامها ونزلت عدويه من فوق ودخلت الموطبخ ودقايق وجاتلهم شايله بين اديها قروانه المونيوم فيها مية حاميه بملح وحطتها تحت رجلين عمها كارم اللي نزل رجليه فيها قوام كنه ماصدق لقيها،  وعاودت الموطبخ وهي عتسألهم:

رايحه اغلي بلح لنعيم حد فيكم عايز أعمل حسابه؟ 

كارم: اعمليلي كبايه معاكي، بس متحطيلهاش سكر. 

عدويه: حاضر ياعمي. 

أما عديله فرفعت رجلين منطلونها هبابه وحطت رجليها هي كمان مع كارم في القراوانه. 

كارم وهو عيزيح رجليها برجليه: 

اوعي إكده وبطلي الغيره بتاعتك مش خالطه جحشك فكل حاجه! 

عديله: اسكت ياكارم رجليا عينقحوا عليا في الليل خلي الملح يسحب منهم الرطوبه..وكملت وهي عتزيح فرجليه برجليها: اوعي إكده متبقاش طماع مش عايز تروق وحدك وتاخد العافيه لحالك!


فضلوا يتناقروا مع بعض وحوريه متابعه بعنيها وودانها معاهم وكاظمه غيظها من مرت عمها، وكل تفكيرها انها عتزن فودان ولدها توفيق وعايزه تجوزه عليها واخر مازهقت من القعدة قامت عشان تنام. 

عديله صبرت لما حوريه طلعت نص السلم وعملت حالها عتكلم كارم جوزها وان حوريه مسامعاهاش وقالتله: 

مردش عليك توفيق لسه عالعروسه ياكارم؟ 

حورية سمعت الكلمه وخبطت باديها التنين علي رجليها وغوايشها عملوا صوت وركبت رمح علي توفيق تطين عيشته. 


كارم بعد ماركبت حوريه بص لعديله وقالها:

طول عمرك كيادة يامره انتي. 

عديله: معكيدش غير اللي يستاهل الكيد وإنت خابر... وفسح رجليك هبابه اكده رجليك كيف مراكب الللي واخدين الطشت كله. 

كارم: انتي اللي قنصه وفيكيش رجلين عشان إكده عتشوفي الناس ورجليهم كبار. 

وفضلوا يتناقروا وعدويه سامعاهم من الموطبخ وعتضحك عليهم وطلعت البلح لعمها وركبت. 

أما كرار فطلع لابو دراع كيف ماواعده وقضي السهرة كلها معاه في الجنينه. 


تاني يوم الكل قام وراحوا علي الشغل بعد مافطروا مع بعض كلهم ماعدا عزت اللي مقامش ولا طلع وقالهم إنه تعبان ومهيقدرش يروح الشغل النهارده.. وديه خلي توفيق طول الوكت يبكت فكرار بالكلام وانه هو اللي أذى اخوه وكرار كان يسمع وياكل وهو ساكت. 


بعد مالحريم لموا الوكل وصبنوا مواعين الفطور وقفت حوريه فنص الموطبخ وابتدت توزع الشغل عليهم كيف عادتها:

وردة وفكريه.. ادخلوا عالحوش زمان ابو دراع طلع المواشي وهاتوا الكعوله وطلعوها عالسطح وقرصوها جله يلا.. وانتي يابدور اطلعي هاتي حطب من بره وسجري الكوانين للطبيخ واعملي التقليه، نعمه تطلعي ٦ كيلات غلة قمح من عالسطح وتغربليهم عشان يتطحنوا بكره الدقيق مفاضلش فيه كتير، وانتي ياعدوية تعالي معاي ند.. بحوا البح ونريشوه.. يلا خلصونا عشان لسه ورانا عميل دبداب. 

خلصت كلامها وكل وحده فاللي واقفين راحت علي مهمتها وهي وعدوية راحوا لمهمتهم. 


طلعت بدور للجنينه وفي الوكت ديه أبو دراع كان واقف في الجنينه وعيدور الطلمبه ويغسل فشوية جرجير فيده جايبهم من حوض الجرجير عشان يفطر بيهم هو وابوه.. وأول ماشاف بدور طالعه تاخد حطب رمى الجرجير اللي فيده فحوض الطلمبه وجري عليها وهو واعيها عتلم في الخشب فباطها 

- عنك انتي يابدور أني هوديلك الخشب، احسن تكون طريشه لابده تحت منيه ولا دفان وتلسعك بعد الشر. 

بدور رمت اللي فيدها ورجعت لورا بخوف وهي عتقول:

يامري طريشة ايه ودفان ايه اني عخاف منهم.. خلاص هات انت الحطب واني داخله.. قالت إكده وراحت علي البيت قوام.. وهو فضل مراقبها وهي ماشيه.. لكن مش هو بس اللى كان مراقب.. عزت كمان كان مراقب وشاف عنيه اللي عتاكل بدور وكل وابتسم بفرحه بعد مالقي السبب اللي هيخلص بيه تاره من ابو دراع.. وهو إنه يقول لابوه وعمه علي عشق ابو دراع لبدور ويطربق الدنيا علي راسه. 


وللحكاية بقيه... 

بقلم / ريناد يوسف.. صاحبة السعادة


نفق الجحيم 

البارت الخامس 5

ممنوع نقل الروايه بدون إذني


أبو دراع شال الخشب وراح بيه ناحية البيت وداخل من البوابه شاف عزت واقف عندها.. بصله وابتسم وكمل دخول وهو عيقوله:

واه شايفك واقف على رجليك يعني! داني قولت هتقعد سبوع تحبي حبيه ههههه تاراك شديد ياملكوم.. إجنب لاالخشب يضيع عينك وتوبقي كريم العين وتقول أبو دراع فقعهالي. 

ودخل من جاره وكح وصبح بحسه العالي علي كارم:

أصباح الخير ياجد.. كيفك يابوي وكيف صحتك..وبص لعديله إصباح الخير ياستي عامله ايه

كارم رد عليه الصباح وعديله قالتله:

وطي حسك طوشتنه وخش على طول ودي الخشب جوه محدش قاعد. 

دخل ابو دراع الموطبخ ونزل الخشب وبص يمين وشمال وفعلاً ملقيش حد قاعد! 

اتنهد بخيبة أمل بعد ماكان متأمل فنظره تانيه النهارده من بدر البدور يسعد بيها باقي يومه. 

لف عشان يطلع ووقف وهو شايف عزت فوشه باصصله ومبتسم إبتسامه مفاهمش معناها، واتركن علي جنب ومدله يده بمعني اتفضل اطلع! 

ومن غير كلمه أبو دراع طلع وهو مستغرب أدب القرود اللي نزل علي عزت مره وحده واللي مش بعادة! لكنه نسب ديه لكتلة إمبارح وإنها ادبته وخلته يحترم روحه. 


طلع ابو دراع للجنينه وشاف السديري بتاعه عليه تراب من الخشب، غير ورق الشجر الناشف اللي نزل فضهره.. فقلع السديري ونفضه وابتدا ينفض بيه جسمه، ومواعيش اللي واقفين علي سور سطح البيت، وعيتفرجوا عليه، ويتهولوا مابينهم وبين بعض علي طوله وجسمه وعضلاته، ويقارنوا بين اللي شايفاه عيونهم وبين اجوازهم.. وطبعاً مشايفينش اي وجه مقارنه!

وردة : واه ياواكل ناسك كل ديه طول وعرض تقولش اتفصل في الرخص الواكلهم. 

نعمه: ياخيتي نسلهم كله اكده انتي مواعياش ابوه مخلوف عامل كيف ضلفة بوابة البيت! 

فكريه: تعرفوا يابنات اني حاسه إن كل الناس بره سور البيت ديه طوال وعراض اكده زي مخلوف وولده، وإن فيه حاجات كتيره احنا منعرفوهاش وإننا بحبستنا في البيت ديه مشايفينش ولا عارفين حاجه وفايتنا كتير. 

ردت عليها بدور اللي كانت راكبه تجيب بصل من خزانة البصل والتوم اللى عالسطوح: 

يابوي عاإللي فايتكم ياحزانه؛ ماانتوا مشوفتوش اللي اني شفته واللي عيني نضرته.. عالم تاني ودنيا تانيه غير الدنيا. 


وردة اختها: ايوه ايوه عيدي وزيدي انتي في المره اليتيمه اللي اندليتي فيها البندر وكانت من سنين وكنتي لساكي عيله صغيره مغمضه متعرفيش حاجه، ولساكي عايشه عتتفكري فيها لدلوك وهتقعدي طول عمرك تغيظينا بيها.. اشحال متكونيش اندليتيه عشان تخلعي ضرسك! 


بدور: ومستعده اخلع درس تاني ياورده يخيتي بس اندلاه مره تانيه واشوف اللي شوفته تاني.. يابوي عالناس اللي لابسه خلجات نضيفه والحريم اللي طالعه بشعرها ولابسه مشلح لحد الركبه وماشيه برجليها الملعلطه بالشراب لحم الهوانم من غير حيا ولا كسوف، ولا الرجاله اللي لابسه منطلون وشقيطه لون بعض ورابطين رقبتهم بشريط ملون كيف الشريط اللي عنربطوا بيه المعيز.. شكلهم كان يضحك والله هههههه

بنات اني نفسي اطلع من البيت ديه واطلع بره جنينته وسوره واشوف الدنيا الحلوة اللي بره. 

نعمه: ديه ممكن يوحصول فحالة وحده.. انك تطلعي من الدايرة وتتجوزي من بره العيله مع انها مهتوحصولش واصل، ومسيرك يالعزت يالكرار ولاد عمك، واللي صار علينا يصير عليكي.. اتولدتي اهنه، وهتتجوزي اهنه، وتقضي باقية حياتك اهنه، وتموتي اهنه.

مع ان فيه فرصه قدامك يابت يابدور لو صحتلك يوبقي ربنا عيحبك قوي ورادلك يتفك اسرك. 

بدور بعدم فهم: فرصة ايه داي يانعمه؟ 


ورده بتحذير: همليها مفاهماش وخلي عنيها مغمضه يانعمه متفتحيش عينها عاللي مهيوحصولش وتخليها مترضاش بمقسومها وتتبطر عليه.. اكتمي خاشمك وقرصي الجله اللي فيدك من سكات. 

فكريه بسرحان: ويعني هي مواعياشي المحبه اللي جوا العيون ياورده لحالها ولا حاسه بيها؟! 

وردة: له داي جالوس طين لا عتوعى ولا عتحس ولا عتشوف من اصله.. بركيها بس انتي علي صحن مش وحزمة لبين(سريس) وسيبيها تحش كيف النعجه.. أو همليها علي حلة محشي عالكانون تقوم بنصها وهي عالنار، هو ديه بس اللي هي فالحه فيه أختي وعاجناها وخابزاها. 


بدور هبت واقفه بعد ماسمعت كلام ورده والكل مفكره هتتعارك مع ورده علي كلامها لكنها قالتلهم:

أني مفاهماش حاجه من اللي عتقولوه ديه! بس علي سيرة الوكل اني دافنه بطاطا في الكانون عشان تطيب ونسيتها زمانها اتفحمت ياحزني.. يقطعكم ويقطع حكاويكم اللي ملهاش عازه داي.. ودخلت قوام الاوضه بتاعة خزين البصل والتوم ملت حجرها بصل قوام قوام ونزلت تجري. 

ضحكوا البنات عليها وورده بصتلهم وقالتلهم: مش قولتلكم متفهمشي حاجه.. بس احسن والله؛ ديه عدم الفهم فحالتها فضل ونعمه.. يعني داي لو حست بعشق ابو دراع ليها واتمنته لروحها كيف ماهو عيتمناها هتعرف تبص لحد من ولاد عمها اللي عاملين كيف القرود جاره دول تاني؟ 


فكريه:قرود فعينك فيه حد يقول علي عيال عمه قرود ياقرده انتي.. طيب ما لو هما قرود توبقي انتي كمان قرده زيهم! 

ورده : وهو انتي واعياني قولت علي روحي اني ست الحسن يعني ياست فكريه! 

وبعدين ياستي متزعليش روحك مش قرود.. بس برضك هما فين وابو دراع فين.. دول لا يشبهوله ولا حتي ياجوا جاره حاجه لا فجسم ولا فرسم هنكدبوا علي بعض ولا ايه؟ 

نعمه: طب اكتمي ياحزينه لتكون امك ولا مرت عمك راكبين السطح ويسمعوكي وانتي عتتغزلي فابو دراع وتبقي زفتك النهارده علي عينك ياتاجر، وخصوصى مرت عمك اللي عتطيق العمى ولا تطيق ابو دراع ولا ابوه. 

وردة: والله العين طول عمرها ماعتكره غير الاحسن منها.. ومرت عمي عتكره ابو دراع عشان مشايفاش واحد فعيالها زيه. 


فكريه بخوف: بوووووه بوه.. والله انتي يومك باينه مامعدي النهارده وشكلك حتي احنا هتجرجرينا فرجليكي للإهانه وقلة القيمة.

قرصي وانتي ساكته ياحزينه وبعدين استحي هبابه دانتي مرت اخونا خافي مننا حتي لنروحوا نفتنوله عليكي ونقولوا مرتك عتبصبص لابوا دراع وعاجبها ونخلوه يدب صوابعه فعنيكي يفقعهملك. 


ورده: ولا عبصبص ولا نيله ياعمي اني راضيه بنصيبي وخابره زين ان الرجاله الزينه للموعودين مش للحسابين وبنات بيت الحج كارم عمرهم ماكانوا موعودين.. طول عمرنا حسابين وبس.

قرصوا جله قرصوا وعوموا فالجلة اللي خلت اديكم ورجليكم شققت من القشف كيف الارض البور..قرصوا ياحزانه جاكم الحزن فوق الحزن اللي انتوا غاطسين فيه لشوشتكم واني اولكم. 


خلصوا البنات تقريص الجله واندلت ورده ونعمه عشان يعجنوا الدبداب ويعملوه وهملوا فكريه تغربل في الغله لحالها. 


ابتدت ورده تطلع في الدقيق عشان تعجن وفكريه غسلت القروانه وجهزتها وابتدت تولع الكانون عشان يسقر وفضلت تبرطم وهي عتولع فيه:


ياناس اني عيوني عيوجعوني من دخانة الكانون وخصوصي لما النار متكونش ساقره واولعه من اول وجديد حرام عليكم. 

دخلت عدويه الموطبخ هي وحوريه وسمعت بتها عتقول اكده راحت عليها بشفقه وقالتلها:

اتاخري انتي اوعي هولعلك اني الكانون واقعدلك قدامه.. بس انتي هاتي الطراريح ورشيها دقيق وحضريها للقريص..وقعدت قدام الكانون بعد ماولعته واستنت لما النار تصفي

أما حوريه فقعدت بعيد وحطت البحات في طشت قدامها وابتدت تفتح فيهم  وسرحت وهي محاساش انها جار الكانون الوالع وبعد شويه

عدويه: ايه ياحوريه عتفكري فأيه ومهمله النار سرحت وطلعت من الكانون وهتلحم فطرف توبك ياخيتي!

حوريه انتبهت وزاحت النار اللي طلعت من الكانون جواه تاني وردت علي اختها بتنهيده:

عفكر فعجوزة البين اللي عايزه تخرب بيتي وكل ماتشوف وش جوزي تقعد تودودله عشان يتجوز ويجيب عليا مره بعد السن ديه ياعدويه.. اني معارفاشي هي كارهاني وقارشه ملحتي من اول الزمان إكده ليه؟ 

عدويه:

ولا قارشه ملحتك ولا حاجه داي عتنكشك بس، انما هي غلبانه والله، هي صوح كتيرة كلام بس ديه طبعها من زمان ومرت عمك وعارفاها هعلمك عليها يعني ياحوريه؟ 

طنشي ياخيتي وفوتي هبابه وريحي راسك.. وبعدين جواز أيه اللي خايفه منيه ديه هو يعني جوزك فالسن ديه يحقله جواز ياحوريه متخلي الطابق مستور! 


حوريه: إيوه مانتي لازمن تقولي إكده مانتي معملاش معاكي حاجه عفشه وعتحبك عشان عتتنمسنيلها وتفصخى فوشها عمال على بطال، حبكم برص انتوا الجوز.. وكملت بدلع.. وبعدين مين ديه اللي محيقيلوش جواز في السن ديه ياحبيبتي دا الدهن في العتاقي اتكلمي عن روحك وعن اللي معاكي اني جوزي لساه قاعد بحيله الهم والباقي علي عبد الباقي. 


عدويه بصتلها بطرف عينها وردت عليها: إيهي.. بقي إكده.. طيب مادام إكده ميوبقي من حقه يتجوز ويغير عتبته بوحده جديده طول مالراجل قادر ومقتدر، وخصوصي إنك خلاص راحات عليكي ياخيتي وعجزتي وبقيتيش تنفعي طبله ولا طار..وطول النهار تقعدي تقولي اي رجلي راسي ضهري ايدي وتقعدي تفضلي على روحك ابو فاس لما تخلى ريحة البيت كله ابو فاس.. طب والله مرت عمي طلعت عتفهم ههههههه

خلصت جملتها واتحركت مبعده قوام من قدام حوريه اللي مدت يدها علي حطبه مولعه من الكانون وعدوية متأكده ان حوريه لو طالتها في اللحظه داي هتحطها فعينها،والبنات كلهم قعدوا يضحكوا عليهم.. 

حوريه بغيظ: عتضحكوا علي ايه يابُلغ.. غوروا وحده فيكم تشوف ماعون الفريك فيه كتير ولا قرب يخلص وهاتوا كيله اعملوها وهي الصومعه مفتوحه قبل ماتتليس وحطوها عالكانون تطيب.. خلصوا الوكت رايح ماجييش والرجاله زمانهم على وصول.. وانتي ياقليلة الربايه تعالي اقعدي قدام كانونك النار طفيت.. كانت باصه لعدوية اللي واقفه علي باب الموطبخ وبصالها وعتضحك.. 


أما حدا كرار في الموقع:

معروف: انزل ياكرار هركب موطرح اهويك شويه. 

كرار بص لابوه اللي كان واقف قريب منيه وباصص علي خط الحفر وقالب وشه من الصبح  ومراضيش يبص علي كرار واصل ورد عليه بقوة عكس التعب اللي دابحه:

له يامعروف كتر خيرك اني متعبتش.. وبعدين اصلا الشغل اللي كنتوا عمالين تظيطوا عليه وعلي تعبه لا طلع متعب ولا حاجه.. أنتوا بس اللي عتهولوا الأمور. 


معروف بضحكه: إنت عتقول إكده عشان لساك في البدايه ضهرك متصلبش من القعده علي كرسي المُعده سنين ومسكك وجع الضهر والكتاف.. كلنا كنا زيك إكده فلاول فاكرينها ساهله.. على كل حال كمل ربنا يعطيك العافيه والصحه ياواد عمي وتفضل دايماً عفي واحنا نريدوكش غير عفي. 


أما حدا شام في البيت.. 


عبد الصمد دخل البيت بعد ماخلص شغله فالغيط بتاعه:

عاوافي عليكم يانوارات الدار 

ردوا عليه بسيمه وشام وبشاير اللي كانوا قاعدين عيحتوا قناديل شامي(الدره الناشفه بيفرطوا غلتها) 

مراحب يابوي يعطيك الف عافيه

عبد الصمد وهو عيتلفت حواليه: أمال فين أمكم يابنات مقاعداشي معاكم ليه! طلعت ياك؟ 

شام: له يابوي دخلت تريح هبابه عشان ضهرها طول النهار واجعها النهارده. 

عبد الصمد اتغيرت ملامحه للزعل ورد عليها وهو رايح ناحية اوضتهم:

كتر خيره ضهرها معاها ٣ بنات شحوطه وشغل الدار التقيل كله لساه فوق راسها ويدها قبل يدكم فيه. 

خلص حديته وكان وصل باب الأوضه فتحه وطل منيه براسه لدهب اللي اتبسمت من اول ماشافته وقالها بصوت حنون:

بعد الشر عالزين من الرقده.. سلامتك ياقنديل الشامي. 

اتعدلت دهب نص عدله وردت عليه:

يسلم عمرك ياغالي.. قوام هدخلك ميه حاميه للحمام واتسبح علي مااحميلك الوكل. 

عبد الصمد: له والله ماانتي قايمه ولا عامله حاجه.. والميه والوكل مايحضروه غير ربع دستتة الخيل اللي بره دول.. قالها وطلع وزعق في البنات وقالهم يقوموا يحضروا الوكل والميه ويشوفوا البيت عايز ايه يعملوه؛ عشان حلف علي امهم ماتقوم النهارده من فرشتها واصل.. 

وفعلا البنات سمعوا الكلام وقاموا بسيمه تجهز الوكل وبشاير تدخل ميه لأبوها وغيار وشام طلعت السطوح بحجة إنها هتشوف قفص الكتاكيت جات عليه الضله ولا لساه في الشمس عشان تنقله.. وطبعاً كانت حجه للهروب من الخدمه وكمان السبب الحقيقي لطلوعها عالسطح هو قرب معاد القطر اللي خلاص باقيله هبابه وياجي حسب الشمس اللي على الحيطه. 

طلعت شام فوق السطح ونقلت الكتاكيت من الضله للشمس وقعدت جارهم هبابه وفجأة هبت واقفه لما سمعت الصفاره اللي عتخلي قلبها يرقص من الفرحه.. 

جريت علي السور بتاع البيت ومن اول ماعيملت إكده سمعت خبطة شباك عيتفتح بعنف وبصت لقت صابر واقف فشباك أوضته وباصصلها بترقب وعيون عتقدح غيره.. 

عقدت شام اديها ورا ضهرها ورجعت خطوه لورا وهي عتبص فكل مكان كانها عتدور علي حاجه تايهه منها ومش هدفها تشوف القطر، لكن بمجرد ماوصل القطر قبال البيت وابتدا صفير شام لقت روحها عترفع اديها وتشاور وتتنطط وقبل مايخلص القطر رمحت علي تحت من قدام عيون صابر، وهو ماكان منه الا إنه مسك صحن فاضي كان موطرح بلح فأوضته وضربه عليها.. مجاش فيها بس جه جارها وهي نازله عالسلم وكملت نزول وهي عتضحك.. 


خلص اليوم وكرار عاود مع ناسه للبيت واتسبح ومرضيش يتغدي معاهم ووصى امه عشان تحضرله وكل وتدخلهوله أوضته بعد ماابوه يطلع؛ عشان هيجيب ابو دراع يتغدي معاه.. وكالعادة أمه شاطت من الزعل والنوبادي مرضيتش تعمل وكل وقالتله:

لا هعمل وكل لا ليك ولا لأبو دراع وشوفلك حد غيري يوكلك هباب البرك بتاعك. 

كرار بزعل:إكده يمه؟ طيب معاوزكش تعمليلي حاجه.. وراح علي الموطبخ ووصى اخته نعمه عاللي قاله لأمه ووصاها بس تحضر الوكل تبعتله واد اخوه صفوت الكبير ممدوح عشان ينادمه من حدا أبو دراع، وهي قالتله حاضر وبعدها طلع طوالي على ابو دراع. 


طلع كرار قدامهم وابوه عرف انه رايح لابو دراع واتنهد بغلب، وعزت استغل تنهيدة الغيظ داي وقاله:

أبوي عايزك إنت وعمي لحالنا فموضوع مهم. 

توفيق بص لعزت ولده بتفحص يستشف طبيعة الموضوع، وعمه بمجرد ماعزت قال إكده ضحك بفرحه وقاله:

عارفه الموضوع ياعزت وموافق عليه وبصراحه لو متحدتش إنت وطولت أكتر من إكده كنت آني هحدت ابوك فيه.. ع البركه ياولدي إنت طلبت واني وهبت. 


عزت اتلفت حواليه بعدم فهم لقصد عمه لكن صفوت اخوه وضح المعني:

أيوه إكده ياولد ابوي  كمل نص دينك وادخل القفص برجلك كيف ماعميلنا بزياداك راحة بال عاد.. مبارك عليك يجعلها جوازة العمر يارب.. بس يعني ليه ابوك وعمك لحالهم مااحنا كلنا خابرين وعارفين إنك هتخطب بدور ولا تكونش بقيت عتستحي منينا ياد؟


معروف: همله ياصفوت الواد وشه جاب الوان من المستحه.. بس تعرفوا ايه اللي خلي عزت يطلب الجواز النهارده.. الكتله اللي اداهاله ابو دراع خلت عقله رد فراسه بعد ماكان متزحزح هبابه ههههههه


الكل ضحك ونعيم رفع اديه التنين من علي الوكل وقال:

نقروا الفاتحه عاد وخير البر عاجله.. والجواز بعد شهر من النهارده. 

الكل رفع اديه يقرا الفاتحه وتوفيق معاهم، حتي وهو واعي إن عزت علي طرف لسانه فيه حكي كتير، لكنه مقدرش الا إنه يتجاهل كل حاجه دلوك ويقرا الفاتحه معاهم، مع إنه كان متمني بدور لكرار عشان بجوازه منها هيتحقق اللي بقاله كتير عيتمناه. 


اتقرت الفاتحه وقام عزت من علي الوكل وهو حاسس إنه مضروب على راسه ضربه اوعر من ضرب إمبارح اللي خده من ابو دراع، وإنه اختار الوكت الغلط للكلام اصلا وإنه ورط روحه توريطه تمام. 


دخل عزت أوضته وقفل الباب وراه وشويه ولحقه ابوه ومن أول مافتح باب الأوضه عزت قام  وبحفاوه استقبله  ودخله:

خش يابوي تعالا.. تعالا.. 

دخل توفيق وقعد علي السرير وبص لعزت اللي واقف قدامه ومنكس دماغه في الارض بزعل وقاله:

قول اللي حداك اني سامعك. 

عزت رفع وشه وقاله: اقول ايه يابوي؟ 

توفيق: اللي كنت عايز تقوله ليا اني وعمك  والحديت خد سكه تانيه.. عارف إنك. مكنتش هتتحدت فموضوع جوازك من بت عمك، وإنه كان حداك موضوع غيره.. قوله يلا اني سامعك. 

إتقدم منه عزت وقعد جاره وبصله وبعدها بص بعيد وقاله: الموضوع بخصوص أبو دراع وبدور يابوي. 


توفيق ضرب الارض بعكازه ضربه خفيفه وهز دماغه بتفهم وقاله:

خابر إن أبو دراع قلبه هاوي بدور ياعزت.. بس من ميته وإحنا عنمشوا علي هوى القلوب.. وأصلا من ميته بنتتنا عندوها للغريب وعنطلعوا عن سلوا بيت كارم فان بت العم لولد العم؟ 

عزت: طيب كيف اتجوزها واني خابر إن فيه واحد عينه منها وعيبصلها بتمني؟ 

توفيق:

مش مهم.. داي غلطته عشان عشم فاللي مش ليه، وعارف زين انه مش ليه.. واطمن ابو دراع حيل مابدور اتسمت علي إسمك مهيرفعش عينه عليها.. ابو دراع متربي زين وعيعرف الاصول مليح. 

عزت: لو عيعرف الاصول مكانش بص لعرض غيره من أساسه.. وخصوصي عرض اللي لحم اكتافه من خيرهم وعايش فعزهم. 

توفيق: هو اتمني مبصبصش ياعزت، ولا اتطاول فيوم حتي بالبصه.. اني مراقبه من زمان وحافظ بصة عينه وعارف آخرها.. 

ولو عارف ان عينه نكسه مكنتش دخلته الدار علي حريمي.. أبو دراع عشق والعشق مش حرام ولا عيب، هو بس غلط بانه ملجمش قلبه من لاول، واهو هيتحاسب علي غلطه بوجع قلبه.. اكفي عالحديت ماجور وجهز نفسك لفرحك علي بت عمك. 

عزت بغضب: له يابوي معاوزهاش اديها لكرار احسن 

توفيق: صدقني كان فنيتي إن بدور لكرار.. بس خلاص كلمة عمك نفذت والفاتحه اتقرت والنصيب اتكتب واللي حوصول حوصول. 

عزت: طيب عالاقل متخليش الجواز دلوك أجلوه هبابه علي مااكون دورت الموضوع فدماغي زين. 

توفيق بزعيق: عزززت.. تدور متدورش مفيش حياد عن جوازك من بت عمك.. واوعاك تكون عايز تاخد الفرصه عشان تتفلفص من الجوازه بالحيله وتوقع بت عمك فمشاكل.. بدور قطه مغمضه وليهاش صالح بأبو دراع، ولا عتعرف حاجه فدنيتها غير الوكل والطبخ والنوم.. هتلعب بعقلك الخربان اكسرهولك.. اوعاك تماصخني مع اخوي وتوقعنا فبعض علي اخر الزمن.. سامع ولا له. 


عزت بطاعه: سامع يابوي سامع. 

توفيق: ودلوك اني هطلع لعمك وأقوله إن الفرح اتأجل لأول الصيف عشان نفصلوا عفشه زينه ونجيبوا الشوار من البندر علي راحتنا عشان مفاضيينش اليومين دول.. واحنا صوح مفاضيينش والا كان الفرح اتعمل فمعاده بعد شهر كيف ماحكم عمك. 


خلص كلامه وقام وقف وطلع من الأوضه وهمل عزت عيصارع النصيبه اللي حط روحه فيها، والحفره اللي كان هيحفرها لابوا دراع وقع فيها هو، واتليس فبدور اللي من يوم يومه مشايفهاش واصل ولا  اتخيل فيوم انها تنفع تكون مرته!. 


طلع توفيق من أوضة عزت وطلع من البيت خالص وراح يشوط علي الجنينه وهو فطريقه شاف أبو دراع وكرار قاعدين سوا من داخل بيت مخلوف وعيتحدتوا ويضحكوا.. راح عليهم ووقف قصادهم والتنين وقفوا وهما مستعدين للشتيمه اللي هيسمعوها منيه علي قعدتهم سوا.. 


لكن اللي حوصول إن توفيق إتكلم بكل هداوه وهو عيوجه كلامه لكرار:

روح لاخوك عزت وراضيه وباركله.. النهارده قرينا فاتحته علي بت عمك بدور.. روح افرح لفرحة اخوك كيف ماكلنا فرحناله.

خلص كلامه وهملهم ومشي وفي اللحظه داي كرار كان مستعد يحلف إنه سمع صوت كسرة قلب أبو دراع فودانه. 

بلع كرار ريقه ولف بهداوه علي أبو دراع اللي كان واقف كيف الصنم معيرفلهوش جفن.. ومره وحده أبو دراع هوى علي الأرض كيف جبل عالي إختلت موازينه وماكان من كرار إلا إنه صرخ بإسمه بعلوا حسه والصرخه وقفت أبوه اللي كان بعد كام خطوه عن البيت.. لكنه اتجاهل وكمل طريقه وهو عيهمس لنفسه:

تستاهل يابوا دراع كل اللي إنت فيه واللي هتكون فيه من تحت ايدك.. واللي عياجيله الأذي من تحت أيده الله يزيده. 


وللحكايه بقيه... 

بقلم /ريناد يوسف.. صاحبة الكآبه هههههه


تكملة الرواية من هناااااااا 


لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله الجزء الاول من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا





تعليقات

التنقل السريع