القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية نفق الجحيم (الجزء الثاني) الفصل السادس والسابع والثامن والتاسع والعاشر بقلم ريناد يوسف كاملة




رواية نفق الجحيم (الجزء الثاني) الفصل السادس والسابع والثامن والتاسع والعاشر  بقلم ريناد يوسف كاملة





رواية نفق الجحيم (الجزء الثاني) الفصل السادس والسابع والثامن والتاسع والعاشر  بقلم ريناد يوسف كاملة




نفق الجحيم الجزء الثاني الفصل السادس

❈-❈-❈


دخلت شام الأوضه وقعدت على السرير، وغمضت عنيها بوجع، وحست بنغزه فقلبها، فرفعت يدها وحطتها عليه ودلكته وهي عتاخد نفس جامد وتطلعه محمل بنار القهر، ودقايق وكان ابو دراع واقف عالباب عينادى على سته عديله تاخد بت شام منه.

عديله راحتله ومدت يدها خدت البت منه وقالتله بنبرة شكر:

-تسلم ياولدي انك وريت البت لستها وجدها وقدرت تحكم عالبوو، ربنا يفرح قلبك كيف مافرحت قلوبهم.

ابو دراع بهم:

-والله ماخابر ياستي ان كانت قلوبهم فرحت ولا اتقهرت بزياده بشوفة البت الصغيره من غير امها؟ 

على العموم ربك يجازي الظالم..بصي البت فيه فخلجاتها فلوس، اللُكه الكبيره من جدها، والصغيره من حكيم واد الشيخ عرفي شام بيهم، 

وقوليلها ابوكي عيقولك لو يعرف بولادتك كان جابلك اكبر زياره في الدنيا.

خدت عديله منيه البت ودخلت بيها جوا لشام، وقالتلها اللي قالهولها ابو دراع، وشام مسكت بتها وقربتها عليها وشمتها وبكت وهي عتقولها:

- تعالي يابتي اشم فيكي ريحة الغوالي، ريحة اللي خدوكي فباطهم وضموكي لقلبهم بدالي، وابتدت تشم فيها وتبكي، وبعدها طلعت الفلوس، ومسكت فلوس ابوها وقعدت تشم فيهم واتبسمت وهي شامه ريحته في الفلوس، وريحة المسك اللي دايماً امها تحطه وسط خلجات ابوها وتعطرهم بيه، وضمتهم علي قلبها،وفضلت تشم فيهم لما حست أن خلاص ريحتهم راحت، حطت الفلوس على بعضها وعطتها لستها عديله تعينهملها معاها، وبعد نوبة البكا ماهديت، ابتدت شام تاخد نفسها، وتشوف الحلوا في الموضوع، وإن اهلها شافوا بتها وعرفوا انها ولدت وقامت بالسلامه، وطمنتهم عليها وهي اطمنت عليهم، وبعدها خدت بتها فحضنها ونامت براحه، وصوت شهقاتها الخفيفه بس اللي كانت معكره سكون الاوضه، وعديله مع كل شهقه منها تتصعب وتهز راسها بأسى على عيله، فباطها عيله بقت مسئوله عنها لحالها، وياريتها شافت من الدنيا اللي تتقوى بيه وتعيش على اطلاله، الا ماشافت غير القهر والذل وشكلها لسه ياما هتشوف، وهي مش باقيالها ولا هتعيشلها كتير عشان تعينها عاللي هي فيه وتخفف عنها، ولأول مره فحياتها تدعى لنفسها بطولة العمر؛ لغاية ماتتطمن على شام وتشوفها وهي مرتاحه وربنا جابر بخاطرها.


أما ابو دراع فأتحرك من قدام الباب، وراح عالجنينه شوط عليها وشاف ايه المطلوب فيها عمله، وبعدها راح على حوش الغنم وكل الغنمتين الفاضلين في الحوش، وشاف الحوش فضي من الغنم اللي طول الفتره اللي فاتت لحمة البيت كلها منهم، ومن بعد ماكان مليان بقي هِو، وفكر فى فكره، وقرر يفاتح فيها نعيم أول ماياجي.

❈-❈-❈

اما حدا بسيمه وهمام

همام بص لبسيمه بحرج وعايز يقولها حاجه بس خجلان. 

وبسيمه كانت قاعده تشتغل بالصوف فحاجه لسه فبدايتها ومش معروفه ايه هي، ومركزه عليها انتباهها كله، لكنها انتبهت لهمام وهو بيكح كحه مصطنعه، وفهمت انها حركه للفت انتباهها، فبصتله وسألته:

عايز حاجه؟ 

همام رد عليها بنفي عكس رغبته: 

-له معاوزش حاجه سلامتك. 

بعد رده بسيمه رجعت للي فيدها، لكنها حست بهمام وإنه عايز حاجه ومحروج، وتقريباً خمنتها، وخصوصي إن عزام روح يجيبلهم وكل من البيت وغيار نضيف لهمام من بدري، فركنت اللي فيدها على جنب وقامت وقربت من همام، ومن غير كلام وطت تحت السرير واتلافت القصريه المدوره الخاصه بالمرضى، وقالتله وهي باصه بعيد:

-هساعدك اني عشان عزام مطول مش هياجي دلوك، واظون لو هتقدر تتحمل مكانش لوصت اللوصه اللي انت فيها داي وعيونك عتشرق وتغرب من شدة زنقتك. 


همام كان هيتكلم، لكن فعلاً هو مزنوق ومحتاجها، والنقطه دي بالذات مينفعش فيها مكابره،فسكت ونكس عيونه للأرض وهو حاسس بالخجل، لأنه مكانش يتمنى ابداً إن أول تقارب بينه وبين بسيمه، وأول لمسه لبدنه من اديها تكون بالطريقه داي او للسبب ديه واصل، لكن الامنيات هتفضل مجرد امنيات، فيه البسيط منها يتحقق، والاكتر يتبخر فى فضا الحرمان. 


خلصت بسيمه مساعدته، وطلعت من جاره للحمام، وعاودت تاني، وبصتله وشافته محروج منها، فحبت تزيل الحرج وقالتله وهي باصه بعيد:

شوف ياهمام، من اليوم وطالع متحسش بالحرج مني؛ عشان موضوع الحمام ديه وقضيان حاجتك اني اللي هكون مسئوله عنيه، لان عزام مش قاعدلك في البيت ليل نهار، هيكون وراه مشاغله، والموضوع ديه الواحد مرته اللي عتشيله فيه، وديه الطبيعي يعني. 

رد عليها همام وهو حاسس إنه عايز يقوم يحب على راسها من فرحته بيها وبأصلها الطيب الغلاب، وغير ديه على نطقها لأسمه اللى عتحاول تتحاشى نطقه من أول مااتجوزته، ومقالتهوش غير بس مره أو اتنين وكانوا بغضب، لكن سجن عجزه كتفه، واكتفى بإنه رد عليها من موطرحه وقالها:

-اصيله يابسيمه، اصيله واصلك غلاب يابت عبصمد، تسلم البطن اللي شالتك، ويسلم اللي علمك الاصول على اصولها.

❈-❈-❈

أما عند ابو دراع 

فبعد ماخلص شغل في الجنيه غير خلجاته وطلع قاصد المندره، لأنه خابر إن الكل في الوكت ديه عيكونوا متجمعين فيها، وفعلا دخلها وشاف رجالة بيت المقاول كلهم قاعدين محدش غايب منهم، فدخل عليهم ورمى السلام وقعد وسطهم، ووجه كلامه لنعيم بعد ماخلص نعيم الكلام اللي كان عيقوله لولده سلام، وسؤاله عاللودر وشغله وقاله:

-احمم.. عم نعيم كنت عاوز اخد رأيك فحاجه. 

نعيم انتبهله ورد عليه:

-خير ياابو دراع قول عاوز ايه؟ 

ابو دراع:

-الحوش فضي من الغنم ومبقاش فيه غير غنمتين اتنين، وانتوا محدش فيكم سائل ولا قايل نجيبوا شوية غنم تاني في الحوش بدال مافضي، ولا حد مدور. 

نعيم قاطعه:

ياابودراع ماانت خابر الظروف من ساعة موت اخوي، وان اللي جاي يادوبك على كد اللي رايح، يعني مفيش فلوس نشتروا غنم ولا غينيمه. 

أبو دراع:

-طيب ياعم اني هستأذنك اجيبلي اني كام غنمه بفلوسي واحطهم في الحوش واوكلهم من حشايش الارض اللي تحت الشجر داي، وإكده إكده اني عشيلها كل يوم وارميها، اهو استفاد منيها. 

نعيم بصله ولسه هيرد عليه لكن سبقه عزت:

-إيوه تشتري غنم وتوكله ببلاش من الجنينه وتبيع وتلهف مكسبه لحالك، وبعدين فلوسك ايه يابو فلوس انت،هو انت حيلتك فلوس؟ 

أبو دراع بصله ورفع حاجبه ورد عليه:

-إيوه حداي فلوس، أمال اني وابوي طول عمرنا عنشتغلوا وناخدوا كرانا هوا ولا ايه؟ 

عزت:

- له كنتوا تاخدوا كراكم من فلوس الفواكه اللي كنتوا تبيعوها من ورانا بعد مانقطعوا المحصول وانتوا تلقطوا اللي يتوه مننا في الشجر، ومن فلوس الخشب بتاع الشجر العجوز الميت اللي كنتوا تقطعوه وتبيعوه، ومن فلوس الارض اللي كنتوا ترووها للناس بمكنة الري بتاعتنا، والبيت اللي متاويكم من غير إيجار، وكل ديه كنا فاكرينه كراكم على مراعاتكم للجنينه، بس الظاهر إن ديه الحَس غير اللي عمي توفيق كان يعطيهولكم دس!


وقف ابو دراع على حيله بعد ماسمع كلام عزت ورد عليه وهو صاكك على سنانه:

شوف ياعزت، اني اعديلك اي حاجه تقولها عليا وممكن ابلعهالك، لكن تقرن اسم أبوي بظن السوء، قسماً عظماً اكسر رقابتك واربعك اربع تربع. 

ولعلمك كل اللي عتقول عليه ديه وتحسب فيه مكانش يدخل جيبي ولا جيب ابوي منيه مليم اوحمر، وكله على يد أبوك الله يرحمه، إحنا الحرام طول عمرنا بيننا وبينه حد الله. 

عزت بضحكة سخريه:

-إيوه إيوه، عتستشهد باللي مات عشان مفيش حد يكدبك ولا يقول حصل ولا محصلش، عتجيب شهود من تحت الأرض. 

ابو دراع بغضب اكبر:

-له مش من تحت الارض بس، فيه شهود فوق الارض كمان كانوا شاهدين على كلامي ديه.. ولا ايه ياعم نعيم متتكلم وتقول شهادة حق؟ 

نعيم :

-إيوه ياعزت كلام ابو دراع مظبوط، هو وابوه مكانوش ياخدوا مليم اوحمر من كل الحاجات اللي إنت قولت عليها داي، وكل حاجه كانت تتباع من الجنينه كانت عتتصرف عليها سماد وغاز للمكنه وشجر صغير ينزرع مكان العجوز القديم. 


عزت سمع الكلام بتاع عمه وسكت خالص منطقش، وأبو دراع بصله بصة قرف ومتكلمش، ولا حتى قعد يستنى رد نعيم عاللي قاله، وخد بعضه وطلع على بره المندره، ومحدش قاله وقف، ولا حتى كرار، اللي كان طول الوكت يسمع وساكت، كيف مايكون عيقوله، اني اقدر اساعدك واديك الاذن، بس هتخلى عنك كيف ماانت اتخليت عني وبقيت ضدى مش معاي. 


دخل أبو دراع الجنينه، وقعد عالمصطبه قدام بيته، وهو حاسس بكسرة نفس وهو معاود محروج من وقفته قدام الرجاله كأنه عيستجدي منهم، وهو كل اللي طلبه إنه يستغل موطرح فاضي، مش هيفرق معاهم فحاجه. 

فضل قاعد على نفس قعدته يعاتب فروحه اللي رخصت حالها بطلبها من رجالة بيت المقاول، وفي الاثناء داي لاحت اللي ساكنه القلب من فوق السطوح، واللي عتخلى قلبه يتشال ويتحط لما يشوفها، واتبسم بينه وبين حاله وهو باصصلها، لكنه قوام نكس عنيه للأرض وهو عيفتكر انها مبقتش ليه، ولا ليه حق البصه عليها حتى، واستغفر ربه، وبالغصب سكت قلبه عن الهبد اللي عيهبده بين ضلوعه كيف مايكون عيخبط عليهم عشان يفتحوله يطلع ويروحلها، وسلسل عيونه اللي كانوا هيموتوا ويوقعوا عليها مره تانيه ويتملوا فحلاها. 


وأثناء ماكان فى عز جهادة مع نفسه سمع حس سلام جاره عيقوله:

-جايلك فموصلحه ليا وليك وهتخليك تعمل اللي إنت عاوزه ومحدش هيفتح خشمه معاك بكلمه، وهاخد حِماك قدام الكل.. بس بشررط 

هشترى عشرين راس غنم وتراعيهم مع غنماتك وتقول إن الغم كله بتاعك إنت، ومتعرفش حد إني ليا فيه حاجه. 


رفع ابو دراع عيونه على سلام وسأله بعجب:

-وليه يعني؟ 

رد عليه سلام وهو عيتطلع عالجنينه كيف مايكون عيقيسها بعيونه شبر شبر وقاله:


-عشان خلاص ياابو دراع من إهنه وطالع اللي هيحوز هيحوز لتفسه، واللي هيقدر يخطف من الكعكه حته هو بس اللي هياكلها ويسد جوعه بيها. 

واني شايف إن حتى إنت اهه بديت تتنصح وعايز تعملك موصلحه، فمش غريبه يعني إن كل واحد يدور على حاله هو بس. 

هاااه قولت ايه، موافق ونربحوا احنا التنين، ولا هتقول له ولا تستفاد إنت ولا اني. 

أبو دراع سكت ثواني يفكر وبعدها رد عليه:

موافق بس بشرط.. العشرين راس اللي عتجيبهم ليا فيهم خمسه كراي وحق خدمتي فيهم وكل وشرب وقص ورعيه.. ولا هشتغلك كلاف وراعى ببلاش اياك؟ 

سلام:

-كتار الخمسه اتنين كفايه. 

ابو دراع: اربعه اخر كلام. 

سلام:

- تلاته ومتنطوقش

أبو دراع:

موافق بس انقيهم على عجب عيني. 

سلام:

-استبينا، شوف ميته هتروح السوق تلقط اللي هتجيبه لروحك عشان هروح معاك اني كمان اجيب بتوعي. 

خلص كلامه وهمل ابو دراع وراح ناحية البيت وهو مبتسم بنصر، وأبو دراع همس لنفسه ورا منه.. والله وابتدت جدران بيتك ولمتك وعزوتك يامقاول تسقط طوبه ورا طوبه، وطلع الاسمنت اللي طول عمرك عتأسس بيه فجدران المحبه وتبنى بيه جسور الأخوة مغشوش، والطمع كشر عن انيابه خلاص


❈-❈-❈

اما عند بيت عبد الصمد

قاعد هو ودهب مرته وبشاير بته عيتغدوا، وسمعوا خبط عالباب فقامت بشاير تفتح، وأول مافتحته وقفت متفاجئه وهي واعيه اللي عالباب، واللي كان السيد ومعاه مره كبيره فى سن امها دهب، والظاهر إنها أمه، واتوكدت من إكده لما المره داي هجمت عليها مره وحده وخدتها فحضنها وهاتك يابوس ومن وسط المباوس قالتلها:

-انتي بشاير خطيبة السيد ولدى مش إكده؟ايوه انتي أومال ايه ماهو مفيش غيرك صبيه في الدار. 

خلصت جملتها وبصت للسيد وهي مبتسمه وقالتله:

-صوح فلقة قمر كيف ماقلت ياسيد وطلعت شكل الوصف بالمظبوط، واني اللي كنت عاملاك عتخرط! 

السيد رد عليها بوله:

اديكي شفتي بعينك يمه صدقتيني دلوك؟ 

أم السيد:

صدقتك ياولدي، صوح البنيه سبحان من خلق فصور. 

بشاير كل ديه واقفه وساكته ومنطقاش بكلمه، لكن قطع السكوت حس أبوها عبد الصمد من وراها وهو عيقولها:

-عسألك يابشاير مين عالباب مين عالباب مراداشي ليه يابنيتي؟ 

وبس وصل وشاف اللي عالباب، حتي هو اتاخد من المفاجأه للحظات، وبعدها انتبه وابتدا يرحب بالسيد وامه الترحيب اللي يليق بعبد الصمد واصله:

السيد؟ 

اتفضلوا يابوي اتفضلوا واقفين ليه عالباب إكده؟ 

خشي يابشاير وخدي خالتك معاكي وضايفوها مليح انتي وامك واعملي ضيافه للسيد وهاتيهالنا عالمندره. 

هزت بشاير دماغها بطاعه وخدت ام السيد معاها ودخلت بيها جوه، 

وعبد الصمد اتقدم عن السيد على باب الاوضه اللي عاملها مندره للضيوف، والسيد طول ماماشي وراه عينه علي بشاير وهي ماشيه، ومش شايف حتي مواطن رجليه ولا حاسس بخطاويه. 


ودخل هو وعبد الصمد المندره، وابتدا السيد الكلام، وأول جمله قالها:

-حقك علي راسي ياعم عالعمله اللي عيملتها والغلطه اللي غلطتها فحقك، اني والله ندمان ندم مايعلم بيه غير ربنا، بس والله يومها كنت سكران ومغيب وماعرفت اني هببت ايه ولا كان فيا ذرة عقل حتي اميز بيه إني عرتكب اكبر جريمه في الدنيا، فحق بتك وحقك وحق اهلي وحق نفسي.. حقك على راسي. 


خلص كلامه ووطى على يد عبد الصمد حبها بحركه سريعه مقدرش عبد الصمد يتفاداها، وكمان وقف وحب على راسه قوام، وقعد وكمل قبل ماعبد الصمد يعقب علي كلامه وتصرفه:

-اني تبت لله ياعم وعرفت ان الله حق وهقعد اكفر عن ذنبي لاخر يوم فعمري.. واحب اطمنك على المحروسه بتك اللي هتكون من نصيبي، بأذن الله إني هحطها فعيوني وهصونها وهعاملها بما يرضى الله وهتكون تاج فوق راسي، وديه عهد يحاسبني عليه ربنا وانت تحاسبنى عليه لو موفيتش. 

عبد الصمد:

- ياولدى إنت لساك صغار عالوعود والعهود والكلام الكبير اللي عتقوله ديه، إنت لساك مبلغتش سن الجواز من الاساس فكيف هتعرف قيمته ومسؤليته، وبعدين إنت جاي تقولي الكلام ديه ليه دلوك، واشمعنا دلوك بالذات بعد ماشفت بشاير في المستشفى! 

السيد:

مش هكدب عليك ياعمي أني صوح لما شفت بتك عجبتني ودخلت مزاجي وفرحت بنصيبي اللي قسمهالي، ومن ساعة ماشفتها واني لا على حامي ولا على بارد، وقلت فعقل بالي إنها اكيد كارهاني وهتتجوزني غصبانيه عشان الحكم اللي اتحكم وبس. 

واني مش عايز إكده، اني عايز اتجوزها ونبقوا كيف اي اتنين طبعيين، وميكونش مابينا غير الموده والاحترام، وديه مش هيوحصول فيوم وليله، فقولت اقرب الكام شهر الفاضلين دول. 

واحاول اني اخليها تصدق وتآمن إني تبت وانها كانت غلطه ومش هتتكرر وتغفرهالي،؛ عشان لما نتجوزوا متكونش في النفوس حاجه. 


عبد الصمد خد نفس وزفره وبص للسيد وحس بإرتياح وهو واعي الصدق فعنيه، ورد عليه وقاله:

-والله ياولدي إنت كنت صوح ساعى للخير والمحبه الخالصه لوجه الله فربنا هيعينك عليها، اما إذا كنت ساعى لشي تاني فربنا هيقفلك بالمرصاد؛ عشان الولايا مكسورين الجناح وحوبتهم ربنا وحده اللي عيخلصها ومعينسهاشي لعلمك.

 

السيد:

والله ياعمي اني ماقاصد غير كل خير، ومن اليوم وطالع هكونلك الواد اللي مخلفتهوش واكون تحت رجلك تؤمرني تلاقيني لبيت وقلتلك نعم وحاضر، وايش ماتعوز، وايش ماتحتاج اني سداد، والايام هتثبتلك. 

عبد الصمد اتنهد ورد عليه:

فعلا الايام وحدها هي اللي هتبين وتكشف المطمور جوا القلوب.

خلص كلامه وشاف بشاير بره الباب واقفه بصينية الشاي والضيافه، قام اتلافهم منها ودخل بيهم وهي مشت راحت تقعد جار امها وام السيد اللي من ساعة مادخلت وهي لازقه جارها وعماله تفعص فيها وتتملى فجمالها. 

قعدت بشاير بعيد لما عاودت حداهم تاني وام السيد قالتلها:

- ايه ياحبيبتي قعدتي بعيده عني ليه، تعالي جاري إهنه ياحبيبتي

ردت عليها دهب:

بزياداكي قظقيظ فى البت ياام السيد، انتي مش لسه جايه تشوفيها عشان تخطبيها لولدك، الفاس وقعت في الراس وصاروا فحكم المخطوبين بحكم الشيوخ، فمليهش عازه اللي عتعمليه ديه. 


أم السيد ردت عليها بضحكه وهي عتميل تفتح صره جارها كانت داخله بيها فيدها:

-له والله مالقصد ياحبيبتي، بس كل الحكايه انها عجباني وكل حاجه فيها عجباني وعتملا فجمالها مش عقظقظ، وكنت عايزاها تقعد جارى عشان افرجها اني جايبالها ايه.. قالتها وهي عتطلع حتتة جلابيه مطوه صفره لماعه بسلكه مدهب من الصره، وكمان شال لونه عنابي، وجلابيه جاهزه بكالوش لونها كرومبي، وشبشب لونه ازرق بتوكه لماعه، وحطتهم على رجل دهب وقالتلها:


دول ذوق السيد، نزل البندر مخصوص امبارح جابهملك على عجب عينه ومن حر ماله، وقالي يمه تعالى نروحوا نودوهملها ونفرحوها، وجابلك حاجه تانيه كمان بس هو اللي هيديهالك بروحه، عشان عايز يقولك كلمتين لحالكم ويفهمك على حاجه، والمهمه داي مهمتك يادهب يختي، شاوري جوزك وقوليله السيد عايز يحكي مع خطيبته كلمتين لحالهم. 

سمعت دهب الكلام، وبصت لبشاير تشوف ردة فعلها، لكن بشاير مكانش واضح عليها اي رد فعل، وملامحها كانت جامده، وحتى الخلجات اللي جايباهملها ام السيد مبصتش عليهم، ولما ملقتش شام منها رد فعل بالرفض، شالت الخلجات من حجرها وحطتهم على جنب، وقامت تعمل اللي قالت عليه ام السيد، من سكات. 

دهب قدام باب المندره، وشاورت لعبد الصمد، وهو قام وراحلها، ولما وصلها قالتله بحس واطى:

أم السيد عتقول إن ولدها عايز بشاير فكلمتين وانه جايبلها حاجه عايز يديهالها قلت ايه؟ 

عبد الصمد بصلها وبص للسيد ورجع بصلها تاني وسألها:

-انتي رأيك ايه يادهب؟ 

دهب: اني رأيي خليهم يتحدتوا يمكن ربنا يرمى المحبه فى القلوب ويهديهم على بعض، ويتعدل حال وحده فيهم مش هيبقوا التلاته بختهم مايل. 

عبد الصمد هز دماغه بموافقه، وقالها تنادي بشاير، ووقف استناها لحد ماجات، وخلاها تدخل وقعدها قبال السيد عالدكه المقابله ليه، وهو طلع من المندره بس قعد قدام بابها علي دكه بحيث إنه شايفهم هما التنين، بس مسامعش عيقولوا ايه. 


اما السيد فبمجرد مادخلت بشاير الاوضه وقعدها ابوها قباله، وقلبه نصب فرح وبقى يرقص بين ضلوعه ويتشال ويتحط، وأول جمله نطقها بدون وعي:

-انتي حلوه قوي قوي يابشاير

بشاير رفعت عنيها عليه بإستنكار لجراءته، وإن المفروض أول لقاء بينهم ميديهش الحق يقول الكلام ديه، ولا يخلي حداه الجراءة كمان! 

والسيد بمجرد ماشاف الاستنكار فعيونها وهي بصاله قوام صلح موقفه وقالها:

-اني والله ماقصدي اقول حاجه عفشه واصل،اني بس اللي فعيوني على لساني، وعيوني اللي شايفينه مش شويه. 

خلص كلامه ومد يده فجيبه وطلع منها قماشه صغيره حمره مربوطه، وفتحها ورفع من وسطها حجل فضه بسفاسيف، وبص لبشاير وقالها:

ديه اشتريتهولك عشيه يابشاير من حر مالي ومن تعبي وشقاي هو والحاجات اللي عطتهملك امي، وكلي عشم إنهم يكونوا عربون محبه. 

بشاير:

-عربون محبه؟! هو انت مفكر إن المحبه عيشتروها شرا ولا ايه؟ اللي فهمك إكده غشيم وغلطان. 

السيد ابتسم ورد عليها بفرحه:

يابوي عالحسس اللي احلا من ناي الواد غندور! 

بشاير سكتت ومردتش وبصت بعيد، والسيد كمل حديته: بصي يابت الحلال، صوح المحبه محدش عيشتريها، بس كمان الرسول عليه الصلاة والسلام قال:

( تهادوا تحابوا) ، يعني هادوا بعض عشان تكون فيه محبه بينكم، وديه الكلام اللي علمهولنا الشيخ حكيم،

 وداي هديه متي ليكي وراجي بيها محبتك. 

بشاير بصتله وحضرت حالها عشان ترد عليه وتفكره إنه مليهش حق في الطلب ديه بالذات، وان اللي عيمله مليهش شفاعه ولا سماح، لكنه سبقها بالكلام وقالها:

شوفي يابشاير، اني خابر زين اني هببت ايه، والنهارده اني مش جاي انكره ولا اقولك انسيه واللي فات مات؛ عشان اللي عيملته فلحظة طيش مني عمره ماهيموت ولا هيتنسى اني خابر، بس عايز اقولك واللي انزل القرآن اني ماكنت بعقلي ولا برشدي، ولا فاكر من اللي جرا يومها غير طشاش، وحتى اختك مافاكر منها شي ولا عارف ملامحها ولو شفتها في الطريق والله مااعرفها.

اني كل اللي جاي اقوله اني نادم، نادم ومستعد اكفر عن غلطتي باللي تطلبيه وتؤمري بيه، وأوعدك هصونك واعزك وتكونى إنتي بس اللي فى القلب والعين وفوق الراس كمان، 

و يابت الحلال إحنا خلاص مصيرنا اتربط فرقابى بعض، واني معاوزش يكون مابينا غير كل خير. 

جايلك وناخى اصلك الطيب وكرم اخلاقك وطالب منك تسامحيني وتعطيني فرصه تانيه، رب العباد بجلالة قدره عيغفر، واني طالب السماح من عبده من عباده، ياهل ترى هلاقى حداكي الغفران يابت الأصول ولا هترديني خايب الرجا مكسور الخاطر؟ 

بشاير كانت عتسمعه بملامح جامده، وبعد ماخلص كلام منطقتش، وهو بص لعيونها وشافهم جامدين، اتنهد وكمل وهو باصصلها:

اني خابر إنه مش بالساهل، وعارف إني هتعب على ماانول الرضى، بس اني أوعدك يابت عمى عبد الصمد، وحياة عيونك الحلوين دول لأحاول وأحاول وأحاول. 

ومش هتعب ولا همل وابطل دق علي باب قلبك لغاية ماتفتحيلي الباب وتدخليني ويوبقي بيتي وسكنته. 

خلص كلامه ووقف واتحرك ناحيتها وهي مراقباه بعيونها، وحط القماشه بالحجل جارها، وبعدها اتحرك ناحية عبد الصمد ووقف قدامه وقاله:

لو تتكرم تناديلي امي ياعم عشان نعاودوا بلدنا بزيادنا. 

عبد الصمد:

-مالسه بدري ياولدي..خليكم اتعشوا معانا، قلتوا متغديين وحلفتوا وصدقناكم، خلونا نقوموا بواجبكم عالتمام عاد. 

السيد:

- بدري من عمرك وعمر حبايبك ياعم، معلهش يادوبك نلحقوا والجايات كتير وهنقعدوا اكتر. وبعدين مين قالك إنك مقمتش بواجبنا، ديه كفايه ملاقاتك لينا بس داي لحالها بألف واجب 

تسلم ياابو الأصول عالاستقبال اللي مكنتش متوقعك تستقبلهوني، ومتشكر ليك عشان سمحتلي اتحدت معاك ومع بتك وهملتوني اقول اللي فخاطري.. انتوا ناس من دهب وتتحطوا عالراس والله. 


ابتسمله عبد الصمد ومردش عليه، ونادى على مرته دهب وقالها تقول لام السيد إن السيد مستنيها عشان يعاودوا، ودهب قالتلها وام السيد قامت طوالي،

 وطلعت هي والسيد وهما التنين الرضا ماليهم من بشاير  اللي مكانوش يحلموا بيها عروسه للسيد حتى فأحلامهم ولا كانوا يحلموا يناسبوا واحد كيف عبد الصمد فطيب اصله وكرم اخلاقه. 


أما بشاير فبمجرد مامشى السيد وأمه، وابوها وامها مشوا من قدام المندره، بصت للحجل، ومدت يدها عليه بتردد، ومسكته ورفعته قدام عنيها وبصتله واتأملته كتير، واثناء تأملها كلام السيد كان عيدق فراسها وينعاد على مسامعها، وبعد وكت من التأمل رفعت رجلها عالكنبه، ولبست الحجل فيها، وبصتله هبابه قبل ماتنزل رجلها وترفع التانيه تلبس فيها الفرده التانيه، وبعدها وقفت على حيلها وخطت خطوتين، والحجل سفاسيفه عملت صوت خلاها ابتسمت وهي عتسمعه، ورجعت قعدت تاني، ومدت رجليها وهي عتتأمل الحجل عليهم، وعتسأل حالها ياترى الحجل بتاع السيد اللي حطته فرجليها ديه هيكون قيد من وجع، ولا هيكون رباط محبه؟ 

وياترى فيه أمل إن قلبها يميله فيوم من الأيام وينسى اللي جرا لشام بسببه، ولا هيفضل القلب معبي وشايل وملكوم منه لاخر العمر ؟! 


يتتتبع

نفق الجحيم الجزء الثاني الفصل السابع


❈-❈-❈

قامت بشاير ودخلت اوضتها بعد ماقلعت الحجل وخدته فيدها هو والقماشه الحمره اللي كان مسرور فيها، وكمان الخلجات اللي لقتهم عالدكه بعد ماامها وابوها دخلوا يناموا، ودخلتهم اوضتها حطتهم علي السرير، واتمددت عالسرير جارهم وهي عتتأمل فيهم، وبعد شويه غمضت وراحت في النوم وهي عتدعى ربها يقويها عاللي جاي ويكتبلها الخير ويبعد عنها الشر..ويكون ربنا شايلها ايام حلوه

❈-❈-❈


قاعد همام على على سريره في المستشفي، مهموم ومدايق وحاسس إن الهوا اللي حواليه اختفى مع روحتها، ومش عارف يتنفس، وكل شويه يزعق فعزام بسبب ومن غير سبب:

-عزام يازفت تعالا اعدلي المخده ورايا مش عارف ارجع دماغي لورا، وضهرى وجعنى. 

عزام:

-مااني توي عادلهالك ياهمام؟ 

همام بعصبيه:

- اتزحلقت ياخي،مش مريحاني ياسيدي، عايزه تتعدل تاني، هيجرالك ايه يعني لما تخف نفسك وتاجي تعدلها؟ خلاص عدلة المخده بقت متعبه وقومتك بقت صعبه؟ خلاص بديت اكون تقيل عليك وتتأفف عليا وتمل من خدمتي؟ 

إيوه ماني من أهنه ورايح هكون شيله الكل يفر منها ويهروب. 

عزام قام جري عليه وهو عيتعجب من كلامه وقرب يعدله المخده مره رابعه وهو عيقوله:

-ليه عتقول إكده ياخوي، اخص عليك ياهمام برضك اني اكل منك فيوم من الايام واهرب واشوفك شيله؟ 

همام بكسره:

-هي دي الحقيقه ياعزام ليه مستغرب، ايوه اني بقيت شيله، وبقيت واحد عاجز لا حول ليه ولا قوه، والكل ماهيصدق يهروب من جاري، واهي بسيمه اول وحده مشت وماصدقت تهروب من جاري وشكلها مجاياشي تاني. 

عزام رد عليه بعجب اكبر:

تهروب ايه بس وماجياشي تاني ايه! ياولد ابوي المخلوقه روحت تتسبح وتغير خلجاتها وتعملنا لقمه ناكلوها بدال الوكل النواشف اللي عناكلوه بقالنا كذا يوم وبطننا نشفت منيه، وأمك واخواتك البنات مافاكرينش فينا بفتيته حاف حتى، ولا كأن ليهم حد مرمي فى المشتشفى. 

همام رد عليه بحس مخنوق من كتر الخوف والوجع:

- ديه الكلام اللي قالته عشان تمشي ياعزام، بس هي مش هتاجي تاني، والدليل على حديتي شوف بقالها كد ايه ماشيه ولحد دلوك مجاتش. 

عزام رد بشفقه على حال اخوه:

-وحد الله ياهمام ياخوي البنيه مليهاشي حاجه ماشيه، ميته لحقت اتسبحت وميته لحقت طبخت وميته لحقت عملت ايوتها حاجه؟طول بالك وهي هبابه وهتلاقيها داخله علينا، بسيمه بت اصول ومش هي اللي تسيبك فوكت كيف ديه وتتخلى عنك. 

همام بعصبيه وحس هز الموطرح هز:

يابوي متطبخش محدش عاوز يطفح، اني معاوزش اطفح وهي لقمتها كيف لقمة الزرزور معتاكلش كتير، وعتغمسها بأي حاجه وتحمد ربها لو قدامها اصناف الدنيا كلها، يوبقي مفيش غيرك، وانت لو عليك تغور تاكل في البيت وتعاود. 

عزام ضحك ومردش على همام، وضحكته نرفزت همام اكتر، ولسه هيزعق فيه تاني لكنه سكت وهو واعي حكيم واقف عيخبط على باب الأوضه، وبعد ماشاف إن مفيش غير عزام وهمام فيها دخل من غير ماحد يأذنله وبص لهمام وسأله:

- مالك ياقزين حسك جايب لاخر المستشفي ليه، عاوز ايه؟ 

همام رد عليه بخجل:

-له ولا حاجه سلامتك ياشيخ حكيم، بس اني عزعق في الواد الغشيم ديه عشان عقله على كده ومعيفهمش وتاعبني. 

عزام بضحكه:

- والله كداب ياشيخ ديه اتهوس لما مرته روحت وهملته ومن الصبح ماسكني شتيمه وإهانه وفش غلب لما طلع روحي وحسسني إن اني اللي مشيت مرته من جاره وعيحاسب فيا. 


ضحك حكيم وهو عيقعد جار همام وقاله:

-متهدا وتجمد ياهمام مش إكده ياراجل أمال، يقول عليك ايه اخوك الصغير دلوك؟ 


عزام بضحكه: هقول عشقان ومكفى على بوزه هقول ايه يعني؟ 

همام مردش وخد نفس ونفخه بوجع وقلة حيله، وحكيم لما عيمل إكده قاله:

وه، هتحرقنا ياخى قدامك مش إكده، مش للدرجادى يعني! 

همام: كيف مش للدرجادي كيف، اسكت ياشيخ اصل اللي ميعرفش يقول عدس، ماانت لو تشوف قلبي دلوك وحاله عامل كيف متقولش إكده، ولا التيس اللي هناك ديه يضحك على حالي، الا تحزنوا عليا والله العظيم. 

خلص كلامه وبص بعيد واتنهد وعيونه لمعت بدمعة ضعف حكيم استغربها تكون فعيون راجل اصلا، ومن ايه من العشق؟! 


فقعد جاره هبابه يواسيه ويصبره، ويحاول يخليه ميحسش بالوكت اللي كان يحسبه بالثانيه، وهو متابع خط الشمس اللي عالحيطه بعيونه وهو عيتحرك ويتغير موطرحه، وكل مايتحرك والوكت يفوت ملامح همام تتعقص اكتر، لغاية ماتاقت من عالباب اللي بمجرد توقتها همام شهق وغمض عيونه وهو عياخد نفس جامد، كأن روحه كانت مفارقاه وردتله تاني، وابتسامته بقت من الودن للودن وهو واعيها عتدخل من الباب بهداوه وشايله فيدها سبت واضح انه تقيل عليها، ومن غير وعي زعق فهمام اخوه:

متروح تشيل عنها يابجم مواعيهاش بالعافيه ماشيه باللي فيدها! 

خلص جملته وعزام جرى علي بسيمه وهو عيضحك شال عنها السبت، وحكيم هو كمان اتبسم على حالة همام، وعلى لمعة الحزن والخوف اللي كانت لسه من مفيش كاسيه عيونه، وفلحظه اتبدلت اللمعه للمعة فرحه واضحه للأعمي. 

ووقف حكيم واستأذن عشان يمشي ويهمل همام يشبع من شوفة مرته اللي من لحظة مادخلت وعيونه التنين حاضنينها وماراضينش يحيدوا عنها، لكن بسيمه رفضت انه يمشي، وحلفت إنه لازمن يقعد يتغدا معاهم، وهو قصاد اصرارها وافق، وقعد عالارض ياكل مع عزام، وبسيمه خدت وكلها ووكل همام وراحت قعدت جاره وابتدت توكله وتاكل معاه، وحكيم مراقبهم ومبتسم عاللي بقى عامل كيف العيل الصغير فحضرة حبيبته وناسي كل اللي حواليه وناسي الدنيا باللي فيها، 

وسأل نفسه:

-معقوله الحب طلع يقدر  يعمل اللي متقدرش الجبابره تعمله في الواحد؟ معقوله الحب طلع يقدر يهذب النفس ويهدى العاصي ويهد القوى ويسودن العاقل؟ معقوله الحب ليه كل السلطه داي عالقلوب والعقول وهو مجرد إحساس لا حول ليه ولاقوة؟ 

سأل كل الأسئله داي لحاله بعجب وهو ميعرفش اللي متشاله فى الغيب، واللي لو كان يعرفه مكانش حس بذرة عجب وكان عرف إنه اكتر واحد هيعرف ويدوق ويجرب قوة الحب وسلطته ممكن توصل لحد فين. 

خلصوا وكل وحكيم استأذن ومشى، وعزام طلع بره الاوضه وراح يشربله كباية شاي، ومفضلش فى الأوضه غير همام وبسيمه، اللي لساها قاعده توكل فيه وهو عيمضغ على اقل من مهله؛ عشان قعدتها جاره تطول، ويشبع من ملامحها وقربها كيف ماهيشبع من الوكل من يدها. 


شويه ودخل عليهم حمدون ابو همام واللي كان جاى عليهم مباشرة من بعد ماخلص شغله في الغيط، وبمجرد دخوله وشوفته لبسيمه وهي قاعده جار همام وعتوكله بحنيه، اتبسم ودخل ورمى عليهم السلام، واطمن على همام وقعد جاره بعد مابسيمه قامت بالوكل، وراحت جابتله يتغدى هو كمان لما قالت لنفسها اكيد جعان ومكلش حاجه من الصبح. 


حمدون وهو عيمد يده ياخد الوكل من بسيمه ويحطه جاره:

-تسلم يدك يابنيتي، تسلمي يابت الاصول ياطيبه. 

بسيمه:

- يسلم عمرك ياعمي.. قالتها ومدت يدها على طرف طرحتها ومسكته وكان مربوط عليه حاجه، وابتدت تفك فيها، ولما فكتها كانت فلوس، عدت منها مبلغ رجعته لطرف طرحتها تاني، والمبلغ الفاضل مدته لابو همام. 

حمدون بإستغراب:

إيه دول يابتي؟ 

بسيمه:

دول باقي حق العنزه الحمره العُشر ياعمي اني بعتها. 

حمدون بصدمه:

ياحزن الحزن بعتيها كيف، داي عنزة لواحظ وغاليه عليها قوي مربياها على يدها من وهي صغيره وعتحبها اكتر من عيالها، كيف بعتيها وميته وليه؟ 

بسيمه: ماهي عشان عنزتها وغاليه عليها اني بعتها، وميته وكيف وليه كل دول هقولهملك بس امسك منى دول فلاول واني هحكيلك كل حاجه،وبعد مامد يده حمدون وخد الفلوس بسيمه ابتدت تحكيله اللي حوصول كله من ساعة ماروحت عالبيت وكل اللي جرا. 

❈-❈-❈

أما فبيت همام

لواحظ قاعده عالدكه رابطه راسها وعماله تخبط علي رجليها بقهر وتبكي وتقول:


عنزززتااااااي... يابتااااااي.. موتتك السفاحه كتالة الكتله داي..يابووووي قهرتني قهررررتناااااي. 

قربت منها روايح بتها وبخوف وحذر قالتلها:

-العيب عليكي يمه والغلط كله منك انتي؛ عشان خابره زين انها شرانيه ورايحه تعيلي بيها. 

له وتاخدى من فلوسها من وراها كمان كمان، قولتلك له اني واختي، ونبهنا عليكي، وقلنالك هتديكي كتله وتكتلنا معاكي وانتي راسك والف سيف الا هاخد ومش هتعرف مين اللي خد وهتسكت. 

ردت عليها سعوده اختها:

-أمك مش هتجيبها البر مع البت داي ياروايح، همليها، اهي كادتها وخسرتها اللي كد الفلوس اللى خدتها مرتين، قال مش هتعرف مين خدهم قال، وقال ايه بيتنا مفتوح والحريم داخله وطالعه، حريم ايه يمه اللي داخله وطالعه علينا احنا بيتنا حد عيعتبه غير للشديد القوي؟ 


يلا اديكي اتلبعتي لبعه زينه، بس الحمد لله انها جات في العنزه مجاتش فينا اني واختي، الا جتتنا لسه طايبه من كتلة ديك النهار اللي عطتهالنا الفقريه داي. 

لواحظ بغلب وقهر:

- ياريتها كانت ضربتكم وعطتكم الف كتله ولا خدت عنزتي وموتتها، ياريتها قطعت فرطكم خالص وكانت هملتلي معزتي يااااريييت. 

روايح وسعودة بصوا لبعض ومتكلموش، ولا حتى استغربوا لأنهم خابرين زين إن عنزة امهم عندها اغلى منهم واهم. 

داي حاجه معروفه من زمان، وياما نومتها على رجلها ومسدت على شعرها وغنتلها وادتها حنان معطتهوش لوحده فيهم ولا لحد من اخواتهم الصبيان حتى، وبسيمه عرفت كيف تضروبها فمكتل صوح النوبادي. 


روايح:

-طيب عقولك ايه يمه ماتطلعي تبرمي في البلد يمكن تعرفي ان المخفيه داي باعت العنزه لحد وترجعيها منيه، وتدفعيله حقها، يمكن مموتتهاشي وعتضحك عليكي. 

لواحظ: 

-موتتها، 

طول ماقالت موتتها يوبقى موتتها، داي مفتريه ومعتستحرمش.منها لله البعيده. 

❈-❈-❈

في المستشفى 

بسيمه ابتدت تحكي لحماها اللي حوصول وبدأته من اول مادخلت البيت ولقت لواحظ وبناتها قالبين وشهم عليها فدخلت ومكلمتش حد فيهم، 

وراحت طوالى على أوضتها تجيبلها غيار عشان تدخل تتسبح قوام، وبعدها تعمل لقمه لهمام وعزام اللي بقالهم يومين محدش فاكر فيهم بطبخه من البيت ولا حتى لهمام العيان امه طيبتله حتتة لحمه وشوية سليقه ولا حتى جابولهم من زيارة اهلها اي حاجه، وهو عياخد علاج ومهبطه. 


فراحت عالصندوق فتحته وابتدت تطلعلها غيار، لكنها لاحظت إن صرة الفلوس بتاعتها اللي في الصندوق ربطتها مختلفه عن الربطه اللي عتربطها هي، فرمت الغيار من يدها، ومسكت الصره وفتحتها وعدت اللي فيها، ولقتهم ناقصين ٢جنيه، فطلعت قوام للحوش ووقفت قدام لواحظ وبناتها التنين وقالتلهم:

-مين اللي مدت يدها الطويله علي قرشيناتي وخدت منهم؟ 

روايح وسعوده بنات لواحظ بصوا لبعض وفحس واحد نطقوا هما التنين:

-والله ماشفتهم.. ومن الخوف اللي كان باين فعيونهم عرفت انهم صوح مش هما اللي خدوهم، فبصت للواحظ اللي كانت عتشرب فكباية شاي ولا كأن بسيمه عتقول حاجه، وعرفت من برودها انها هي اللي خدت الفلوس.

واتلفتت حواليها عشان تشوف كيف هتخلص تارها منها النوبادي وتقهرها، وملقتش قدامها غير العنزه بتاعة لواحظ اللي عتعزها اكتر من عنيها، فتبسمت بسيمه بخباثه ودخلت الاوضه وقفلت الباب عليها، ودست الفلوس الفاضله فعامود السرير النحاس، وطلعت بعدها وبحركه سريعه مسكت العنزه من ودنها وجرتها على بره، وقوام قفلت باب البيت عليهم من بره بالغلق، وهملت لواحظ تزعق وتصرخ عايزاها تعاودلها عنزتها وبسيمه ولا عبرتها. 

وفضلت ماشيه بيها في البلد وكل نيتها انها تبعد بيها على كد ماتقدر وتسيبها في الزرع وتعاود بلاها، لكنها قابلت عالطريق غنام ماشي، فوقفته وهي عتقوله:

-عتشتري وتبيع ولا عتبيع بس ياعم؟ 

رد عليها الراجل وهو عينه عالعنزه عيقلب فيها من قبل حتي مابسيمه تقوله اشتريها:

-التنين يامليحه، عشتري وابيع. 

بسيمه:

-طيب شوفي العنزه داي تسوا كام. 

الراجل:

-عُشر اللي فيها ولا كرش؟ 

بسيمه:

-ولو قلتلك عُشر وهي وكل هتاخدها على كلامي يعني؟ 

انت تاجر وعتقلب بضاعتك بنفسك وتحطلها السعر اللي تستحقه، فمد يدك وبلاها كتر حديت مليهش عازه. 

الغنام رد على بسيمه وهو متبسم من جراءتها وقعد جار العنزه يقلبها:

وه، مالك إكده يابوي حديتك يوقع الحيطان؟ 

بسيمه:

-هاه تسوا كام؟ 

الغنام: شوفي هي تسوا ٤ جنيه مفيش غيرهم. 

بسيمه بإستنكار:

٤جنيه دول حقها هي ولا حق اللي فبطنها بس؟ له يفتح الله يابوي خد غنماتك وروح ربنا معاك

الغنام:

-عقولك ايه يامليحه، انتي باين عليكي واعره وعارفه قيمة بضاعتك ومهينفعشي معاكي فصال.. خدي خمسه جنيه اهم وهاتي العنزه، ويكون فمعلومك مهتجيبش فوقهم قرش مكسب بس اني هاخدها من وشك انتي بركه واستفتاح حلو. 

خلص جملته ومد يده فسيالته وعد الخمسه جنيه من جذدانه واداهملها، وهي خدتهم ولافتله العنزه، وعاودت بالفلوس للبيت،

 وصرتهم على طرف طرحتها، وحلفت لتقهر قلب لواحظ وتعلمها الادب، وقرش من الفلوس اللي هتفضل من حق عنزتها متشوفه. 

وبمجرد مادخلت البيت، لواحظ جات جري عليها ومسكت فقبها وبعلوا صوتها سألتها:

وديتي فين العنزه انطوقي؟

بسيمه وهي عتشيل ادين لواحظ من خلجاتها وتبص فعيونها بتركيز:

رميتها في الترعه، بس قبل ماارميها خنقتها بأديا التنين دول، مهملتهاش غير وهي مطلعه الروح وبعدها زحتها في الميه، ولو حابه تتوكدي بنفسك روحي هتلاقيها عايمه عالوش منزلتش لسه. 

لواحظ سمعت إكده وصرخت بعلو حسها فيها وقالتلها:

-ياجباره تكتلي بهيمه خرسه ليه عيملتلك ايه، وايه ذنبها؟ ربنا ياخد روحك كيف ماموتيها من غير ذنب. 

ردت عليها بسيمه بسخريه:

عادي يعني، ماهي دايماً فيه ناس إكده تغلط وتجني والارواح البريه هي اللي عتحاسب عالمشاريب وتروح فداوى. ودلوك شيلي اديكي مني بدال مااكسرهملك وانتي عايزاهم نافعينك.

ويكون فمعلومك من اهنه ورايح القرش اللي هيغيب مني هاخد بداله قرشين وهبيع فحاجتك واغراض البيت، ولو وصل الامر لخلجاتك هبيعهم واخليكي تقعدي من غير خلجات.. وخدي يالواحظ مني فلوس تاني، اني اتمناكي تمدي يدك كل هبابه وتاخدي. 


خلصت كلامها ونترت ادين لواحظ من خلجاتها واتحركت من قدامها، ولواحظ فضلت تولول بقلة حيله على عنزتها اللي  راحت منها فلمح البصر.. واللي بسيمه قهرتها بيها قهره معدله. 

❈-❈-❈


اما فى المعمل حدا حكيم 

قاعد يكتب في الحسابات ويدون، وعينه كل شويه تروح على السيد اللي كان فدنيا تانيه، وابتسامته ممفارقاشي وشه، وكذا مره يمسك حاجه وتقع من يده، فحكيم شاورله والسيد راحله وسأله حكيم بفضول:

- ايه ياسيد فيك ايه النهارده مش على بعضك ومضيع عقلك عالاخر؟ 

السيد ضحك وبخجل رد على حكيم:

-معلهش اعذرني ياشيخ، اصلى زرت خطيبتي عشيه ومن وكتها واني مفياشى اي عقله، كنى هملته اهناك وجيت بلاه ههههههه. 


حكيم ضحك علي ضحكته وهز دماغه بقلة حيله وشاورله يعاود لشغله، ورجع لحساباته وهو عيسأل حاله:

- ياترى لو فيوم من الايام حب، هل ياترى هيتسودن ويضيع عقله كيف همام والسيد؟ ولا دول عشان لساهم عيال صغيره ممتحكمينش فحالهم؟!

❈-❈-❈


اما في بيت المقاول

عديله واقفه عالباب بتاع البيت واول ماتاق أبو دراع من الجنينه ندهت عليه:


-أبو دراع، خد ياولدى عايزاك فحاجه. 


أبو دراع جالها طوالي ووقف قبالها وقالها:

نعم ياستي عايزه ايه أؤمريني. 

عديله:

-عايزاك تروح حدا العطار وتجيبلي بجنيه تشكيلة حلاوة وسداني وتجيب غربال مزوق للبت النهارده السبوع بتاعها وعايزه افرح امها الغلبانه. خد جنيه ونص اهم هات بيهم. 

أبو دراع بإبتسامه:

-من عيوني التنين ياستي، وحاجة السبوع عليا اني كمان، عاودى قرشيناتك لسيالتك، داي بت كرار برضك. 

عديله: شاله تسلم وتعيش يارب ياغالي، يقعدلك ويبقالك ويتردلك من ربنا اضعاف مضاعفه قادر ياكريم. 

ابو دراع:

- آمين يارب، ويعطيكي الصحه وطولة العمر يااحسن حاجه في البيت ديه من بعد المقاول الله يرحمه. 

خلص حديته وهيتحرك من قدام سته عديله، لكنه بمجرد مالف وقف موطرحه وهو واعي صفوت داخل من البوابه وشايل فيده غربال سبوع، وفيده التانيه قرطاس ورق كبير، وداخل بيهم مبتسم، 

وعديله أول ماشافته استغربت إنه عارف إن النهارده سبوع شام وجابلها الحاجات دى من نفسه؟! 

وصل قبالهم عزت ومد الغربال لسته وقالها:

خدى ياستي دول لسبوع بت اخوي، والحلاوه والسداني ديه كمان، اعطي منيه للكل والباقي خليه فوق راس شام تتسلى فيهم لما تكون سهرانه مع بتها بالليل. 


مدت يدها عديله خدت منه الحاجه وبصتله وقالتله بحزم:

-هات ياعزت كتر خيرك، بس ياولدي نصيحه لوجه الله، بطل تصرف فلوسك عالفاضي، عشان اللي فبالك مهتطولهوشي لو صرفت مال قارون، وقعدت تتحنجل لباقي عمرك. 

عزت:

-والله مافبالى حاجه، بس انتي دايما تفكري فيا السو ، ودايما ظالماني. 

عديله:

-اني لا عفكر ولا عظلم، اني عقولك الحق، ومتشكرين عالحاجات نردهملك يوم عوضك انت وبدور يارب. 

هي قالت الكلمه داي، وابو دراع وعزت التنين اتخنقوا بالضيق، واحد لأن بدور مبقتش من نصيبه، والتاني إن بدور بقت من نصيبه، وسبحان الله لو البني آدم عيختار نصيبه كان كل واحد خد اللي عيتمناه وعاش مرتاح!


دخلت عديله بالحاجه وفرحت بيهم شام، ولمت عيال صفوت وولد سلام، وعملت سبوع صغير لشام وبتها، وخطت شام وبتها الاعتاب، وهزت بربيعه الغربال، ودقتلها الهون، ورشت الحلاوه، وكل ديه قدام كل اهل البيت اللي كانوا متجمعين، حتي كرار، 

وكلهم كانوا يتفرجوا عالسبوع، وفيهم المبتسم زي نعيم وعزت وعدويه، وفيهم اللي وشه ميقصهوش السيف كيف كرار وامه، ومنهم اللي عادي ولا فباله زي سلام ومعروف وصفوت وباقي اهل البيت. 


وبعد ماخلصوا  السبوع، شالت عديله البت ولففتها على رجالة البيت كلهم وخلتهم نقطوها بالغصب، وبحركه مقصوده مدت اديها بالبت قدام وش ابوها كرار؛ عشان يشوفها؛ يمكن الدم يحن وقلبه يرق عليها وهو واعي حته منيه قدامه. 


لكن كرار لف وشه الناحيه التانيه بمجرد ماسته قربت عليه البت ومرضيش يبص عليها واصل. 

وعديله لما لقته إكده لمت يدها بالبت ومشت بيها، وقعدت عالدكه وحطتها فحجرها، وقالت لشام تقعد بدال ماواقفه علي رجليها وهي تعبانه، وأول ماقعدت جار ستها عديله، غصب عن الكل رفعوا عيونهم عليها وشافوها كيف الحوريه فتوبها الجديد اللي اول نوبه تلبسه، وعزت كانت عيونه عامله كيف حرامى فجأة ظهرت قدامه مغارة على بابا بدهبها وكنوزها ومش عارف يخطف من دهبها ايه ولا ايه قبل ماحد يعكشه بالجرم المشهود. 


دقايق قعدتهم شام جار عديله في الحوش، وبدور شافت عيون عزت اللي هيطلعوا من محاجرهم عليها، فراحت على خالتها حوريه في الموطبخ ووقفت جارها وقالتلها بخبث:

-وبعدين يامرت عمي فاللي خايله رجالة البيت كلهم داي وسابيه عيونهم وهتخليهم يكرهو اللي معاهم ويشوفوهم قرود؟ 

وحتى بناتك كمان هيطولهم من الحب جانب، شوفي معروف وسلام كيف كل هبابه يرفعوا عيونهم يخطفولهم بصه عليها وينزلوهم تاني. 

حوريه اتحركت من موطرحها في الموطبخ ووقفت قصاد الباب، وشافت عيون عزت ولدها اللي هياكلوا شام وكل، ودمها فار واتحركت قوام ناحية شام بعيون ماليها الشر ووقفت قدامها وربعت اديها علي صدرها وقالتلها:

اسمعي يابت انتي، ولاده وولدتي، وسبوع وسبعتي، يوبقي تلمي روحك وتنجرى عالموطبخ وتعاودي للشغل من تاني، بزياده على خدامين ابوكي اللي كانوا عيخدموكي وانتي نايمه لحد إهنه. 


شام بصت لستها عديله بإستنجاد عشان تلحقها لأنها لساها تعبانه ومش حمل هدت المطبخ وخدمته، وعديله قوام خدت حمى شام وردت على حوريه:

-هملى البنيه ياحوريه لساها تعبانه ومعتقدرشى حتى تقوم من موطرحها. 

حوريه:

-له متعباناشي، وكيف القرده اهي، ومن النهارده، له من الساعه داي هتخش تاخد نايبها في الخدمه زيها زي غيرها، ياإكده يأما... قالتها وبصت لكرار عشان يتدخل،


 وهو بالفعل اتدخل وبص لشام وقالها:

- اسمعى الكلام ياقليلة الربايه وقومي اعملي زي ماعتقولك امي، قومي بالذوق بدال مااقوم اجرك عالموطبخ جر واسوك راسك اللي عايزه تمشي كلامها على امي داي في الكانون واخليهم يعملولي عليها كباية شاي.. قومي بدال ماانتي خابره زين اني لو قمت هعمل فيكي ايه.


بصت شام لستها عديله النوبادي بإستسلام وهي خابره إن الامر خرج من تحت يدهم هما التنين خلاص، وأن حكم الظالم صدر، ومهتقدرشي ستها عديله ولا اي حد يعترض ويمنع ظلم كرار وامه طول ماحطوا يدهم فيد بعض عالشر، فقامت من سكات وراحت عالموطبخ، وهملت بتها مع ستها عديله. 

ومن اول مادخلت الموطبخ استقبلتها بدور بجرن مواعين لمتهولها عشان تخلص منيها تار نظرات عزت عليها،

 ووجعها فكل مره وهي شايفه عقله تايه وهو باصصلها وعيتملى فجمالها. 

وعاودت شام مره تانيه للشقى اللي مرتاحتش منه غير ايام معدوده. 


وبعد مادخلت شام الموطبخ، عديله بصت لحوريه بصة غضب وقالتلها:

-هتروحى من ربنا فين انتي، والله لهتتشوي فنار جهنم وتخلدى فيها، ولو الكل طلع انتي هتقعدي لحالك فيها. 

حوريه ردت عليها ببرود وهي عتتحرك من قدامها:

-له مش لحالي هتبت فيكي واخليكي معاي مش هسيبك تطلعي مع اللي هيطلعوا وتهمليني. 

خلصت كلامها وكانت وصلت الموطبخ، وبصت فيه على شام وعلى باقي الحريم، واتمشت وسطهم وهي عتشرف عليهم وتشوف شغل كل وحده عتعمله كيف. 


وعند عديله وهي شايله ربيعه، قرب عليها ممدوح وبص فوش البت وفضل يبوس  ويلاعب ويلاغي فيها، وجه جاره اخوه وواد عمه عايزين يلاعبوها زيه، فحط اديه عليها بتملك وبصلهم وقالهم:

-اوعوا إكده محدش يلاعبها ولا ياجى جارها، داي بت عمي اني بس، واني اللي هتجوزها لما تكبر حدش ليها صالح بيها. 


كرار سمع كلام ممدوح والدم غلى فعروقه وقام بدون وعي مسك ممدوح واد اخوه وضربه بالكف قدام الكل وقاله:

-اياك اسمعك تقول عليها بت عمك داي بت حرام، بت زنا، مش بت عمك ولا عمرى هعترف بيها ولا عمرها هتكون بتي، داي مش بت عمك سامع مش بت عمك. 


عديله كانت عتسمع كلامه وهي مبرقه عيونها بصدمه من كلامه واللي عيقوله قدام اهل البيت كلهم، وبعد ماخلص زعقت فيه بعلوا حسها بقهرالدنيا كله وقالتله:


-بووووه عليك وعاللي خلفتك، والله مافيه واد حرام غيرك ياشوطان ياواد الشوطانه يارضيع ابليسه..والله انت وامك اللي عتعمروا جهنم الحمره. 


يتبع


نفق الجحيم الجزء الثاني الفصل الثامن


شام كانت سامعه كلام كرار من جوا المطبخ وقلبها عيتقطع من الوجع على بتها اللي وصمها بالعار، وبأنها بت حرام قدام الكل،

 وبطنها عتتقطع من الوجع كل ماتميل ولا تتعدل بسبب اللي عيملته فيها الدايه، وروحها عتتقطع من القهر اللي مش عارفه هتلاحق عليه من مين ولا من مين! 


فغمضت عنيها وطردت الدموع اللي اتجمعوا فعنيها، وبعدها فتحت وبصت للنار الوالعه في الكانون، ودعت ربها إن قلب كرار وامه حوريه تقيد فيه نار كيف النار دي بالظبط ومتنطفيش غير بعد ماتحرقهم حرق.

أما كرار فبص لسته عديله بغيظ وكان هيرد عليها، لكن صفوت وقفه بكلمه وحده منه حذره بيها لما قاله:

اوووعك.

وكرار سكت وخد بعضه بعدها وطلع. 

وعم السكوت مابين الكل، وحتى ممدوح خد الكف من عمه وسكت متكلمش ولاحتى بكي، وكل اللي اتحفر فمخه بعد الموقف ديه: 

إن عمه كرار كاره بته ومعاوزهاش، وانه لازمن هو اللي ياخد باله منيها ويعملها كل حاجه الاب عيعملها لبته لانها من غير اب دلوك، وعلى كد مخه الصغير ماهداه قرر انه من اليوم وطالع كا قرش ياخده من ابوه مصروف يقسمه معاها او يعطيهولها كله تجيب بيه اللي هي عايزاه.

ولغاية ماتكبر وتعرف تقول هي عايزه ايه هيحوشهوملها فحصاله هتكون بتاعتها هي وبس. 


❈-❈-❈

طلع كرار من البيت راكبه غضب الدنيا، وحتى عدى على ابو دراع مكلمهوش ولا رمى عليه السلام

وابو دراع اتوكد إنه عمل مصيبه مع حد من اهل البيت، واتمنى إن مصيبته متكونش مع شام عشان ميضطرش ينفذ فيه تهديده ويمد يده عليه ويشوفه اللي مهيعجبوشي واصل. 

فقام من علي المصطبه وهمل كباية الشاى اللي كان عيشربها وراح ناحية البيت الكبير، ووقف عند بابه من بره وشاف ممدوح قباله فشاورله، واول ماجاله ممدوح سأله:

عمك كرار اتعارك مع مين قبل مايطلع من البيت يامندوح؟ 

ممدوحرد عليه بطفوليه: 

اتعرك مع بته ربيعه ومعاي ياعم 


أبودراع بإستغراب:

كيف ديه يعني، كيف اتعرك معاك ومع البت الصغيره داي؟ 

ممدوح: اني ضربني بالكف علي وشي عشان قلت عليها بت عمي وهتجوزها وزعق فيا وقالي مش بت عمك، وقالي كمان داي بت حرام ومش هتكون بتي، وهي اكيد سمعت الكلام وزعلت بس مبكتش زي ماني مبكيتش من الكف، عملت حالها مسامعاشي، زي مااني عملت حالي منضربتش عشان اخوي وواد عمي ميضحكوشي علي ويقولولي البكاي اهه. 


أبو دراع غمض عنيه وزفر بقلة حيله من البجم اللي عمال يوجع فقلب البنيه الغلبانه اللي لساها والده، ومن ساعة ماجات البيت ديه وهي مقضياها قهر بقهر على يد كرار وامه، ولا ارتاحت فيوم ولا خدت نفسها. 

اتحرك من قدام البيت ورجع على موطرحه، ومسك كباية شايه وكملها وهو محسسلهاش بطعم؛ عشان النوبادى الاذى اللي اذاه كرار لشام اذى نفسي، وضربها بلسانه مش بيده، وضرب اللسان مع انه اوعر من ضرب اليد واشد، الا إنه مليهش تار يتاخد، ولا ليه قصاص غير السكوت فأغلب الاحيان. 

❈-❈-❈

أما حدا بيت عبد الصمد

دهب: بشاير، يابشاير هاتي حزمة الحطب وتعالى يلا العجين خمر عشان تقرصيه. 

بشاير:

- حاضر يمه جايه اهه هطلع ماجور اللبن عالسطح واوكل الفروجات قوام وانزل. 


دهب اتنهدت بهم وقالت لنفسها:

خلاص يادهب كلها شهرين تلاته وهيفضى عليكى البيت من تالت طرح لروحك وهتصفى لحالك.. تكلمي الحيطان طول ماعبصمد بره البيت ولما يعاود تشكيله الشوق لبناتكم وهو مابيده حيله عالفراق. 


خلصت مناجاتها لنفسها وشافت بشاير نازله، ودخلت عالحوش جابت حزمة حطب وجات رمتها قدام الفرن، وراحت غسلت اديها ورجعت قعدت وابتدت تقرص فى العجين عالطراريح، ودهب ولعت فى الفرن عشان تسخن، وبعد ماخلصت بشاير تقريص لفت وقعدت قدام الفرن، وابتدت تفود فيها عشان ترص العيش،

 ودهب متابعاها بعيونها طول الوكت ومتابعه كل حركه عتعملها كيف اللي عيتودع من حد هيفارقه ومعادش هيشوفه مره تانيه، وأصعب وداع في الدنيا واصعب فراق هو فراق الضنا،

 لكنها متأمله فربنا إن بشاير يكون حظها احسن من حظ خياتها التنين، وتكون اليد اللى تطبطب على وجع الايام وشربة الميه اللي تهدى جوفها وجوف عبد الصمد جوزها من عطش الشوق والحرمان من باقي ضناهم. 

أما بشاير فكانت طول ماهي عتخبز مره تركز مره عقلها يسرح فكلام السيد وتلسع العيش أو تصفن وهي ماسكه المطرحه على يدها بالرغيف وناسيه ترميه فى الفرن بعد مارحرحته، ودهب حست بيها وفهمت عليها، وعرفت إن بتها إبتدت تعد قلبها للمحبه، أو هو اللي عيستعد لحاله، ومع إن دهب كانت خابره إن الحب حاجه زينه قوي، لكنها كمان خابره إن الحب لو اتولد للشخص الغلط عيكون عذاب مابعده عذاب للمحب، بس دعت إن السيد يكون اهل للي هيتولد جوا قلب بتها ليه، ولمشاعر بِكر لو كبرت وحب صاحبها يموتها عتاخد كل الحيل وتموته هي وبرضك مش عتموت. 


❈-❈-❈

اما حدا همام وبسيمه

همام قاعد وباصص لبسيمه اللي عماله تشتغل بالابره والخيط الصوف، 

وظهرت ملامح اللي عتشتغله اخيراً، وطلع شال صوف حريمي بألوان تخطف العين، ومبين من إهتمامها بتفاصيله إنها عاملاه لحد عزيز عليها قوي عشان يطلع بالجمال ديه. 

وبرغم إنها قدامه قاعده، لكنها وحشته، وحشته بصته جوا عيونها من جوه وهي رافعه جفونها ومفتحاهم، وحشه إنه يشوف انعكاسه فيهم لما تقرب عليه وتعمله حاجه، وحشه قربها بمعنى اصح، وعشان مليهش بصاره عالبعد غير حاجات محدوده هي اللي عتقربها منيه،

 ففوراً طلب منها إنه يشرب، وهي سابت اللي فيدها وقامت عشان تسقيه، والدقيقتين اللي عتسقيه فيهم عيروى فيهم كل عطشه ليها ويشم ريحتها لغاية ماترتوي روحه. 

سقت بسيمه همام وعاودت لموطرحها ورجعت للي عتشتغله وهو برضك مراقبها، لكنها رفعت عنيها عليه مره وحده خلت قلبه الصفنان عليها مع عيونه جفل، ودق وهو عيترقب الحروف وهى عتطلع من خاشمها لما قالت:

-همام

رد عليه بلهفه:

-ياروحه

اتجاهلت الكلمه وكملت كلامها عادي.. أني عايزه اروح اطل على اختي شام. 

ملامح همام اتغيرت وكشر وقالها:

تروحيلها فين اختك، عند كرار؟ له يابسيمه مش هتروحي. 

بسيمه رفعت حاجبها بإستنكار وردت عليه:

-ايه هو اللي مش هتروحي ديه؟ 

همام:

-اللي سمعتيه يابسيمه انتي مرتي وفعصمتي وحكمي وعقولك مش هتروحي لاختك فبيت كرار.

بسيمه:

-ايهي.. طيب ماشي امرك ياسي همام مرايحاشي.. اااهه.. خلصت جملتها ولمت الخيط والبكره والشال اللي كانت بتشتغله وحطته فكيس جارها ووقفت على حيلها وابتدت تربط فعصبتها زين وتهندم فخلجاتها، ومدت يدها عالملس بتاعها لبسته وهمام شافها عتعمل إكده وجن جنونه وسألها بحس عالي:

-عتعملي ايه يابسيمه اني قلت مش هتروحي،هتكسري كلمتي يعني ولا ايه؟ 

بسيمه:

-له مهكسركش كلمتك ولا هروح لاختي خلاص، اني بس كل الحكايه اني هروح البيت اقعد فيه عشان اتخنقت من قعدة المشتشفى وعايزه اريحلي يومين تلاته وبعدها اعاود، وعزام اهه معاك وهياخد باله منيك زيي ويمكن اكتر هبابه. 

همام قلبه فرفط وهو عيسمع حديتها ديه ورد عليها بضعف وقالها:

عتمسكيني من قلبي اللي عيوجعني يابسيمه، عتقايضيني ببعدك يعني.. عتفكريني باني محتاجلك وإني لو منفذتش طلبك هتحرميني منك؟ 

بسيمه بجمود:

- إيوه هو إكده بالظبط.. اني عقايضك ووحده بوحده، اللي يحرم حد من حد عيحبه ويتحكم في القلوب، يدوق الحرمان عشان يجرب ناره. 

همام بنبرة ترجي:

والله ماتحكيم ولاحرمان ولا القصه إكده واصلل.. دلوك يابت الناس كرار ديه اللي إنتي رايحه بيته مش بني آدم، ولا بقي يعرف للاصول ولا للرحمه ولا للخشا سبيل، 

وكل اللي قاهره من اختك ومننا إن احنا طولنا مرته قبله واننا كلنا اشتركنا في الجرم بس هو اللي اتظلم لحاله، وعشان يقهرني زي ماهو مقهور ويدوقني من نفس الكاس ممكن يستفرد بيكي ويعمل فيكي كيف ماحوصول فمرته وميخليش حد احسن من حد. 

بسيمه بصت لهمام وردت عليه بثبات وقوة:

ايوه بس اني مش شام، ولا حد يقدر يعمل معايا اللي اتعمل فغيري، اني بسيمه ياهمام، اني غير، اني اللي يقرب مني ويحب يطول مني حاجه يقدر فحاله وحده بس،، ان روحي تكون ساكنه مأواها الاخير، اما غير إكده فعمره يخلص على يدي وادبحه من غير مايرفلي جفن حتى. 


همام: يابسيمه افهميني

بسيمه وهي عتتحرك من قدامه على بره:

-اني فاهماك ياهمام بس إنت اللي لازمن تآمن إن بسيمه محدش يقدرلها، وتعرف زين ايه اللي معاك. 

خلصت كلامها وكانت وصلت باب الاوضه وخطت برجلها براه، ولسه هتخطى برجلها التانيه وتغيب عن عيون همام، وقفها بحسه المغلوب على امره وهو عيقولها:

-خلاص عاودي هتروحي. 

وقفت بسيمه ولفت عليه وبصتله بثبات وهو نفخ بقهر وكمل:

روحي شوفى اختك بس عزام هيروح معاكي مش هيهملك تروحي لحالك. 

بسيمه:

-يروح معاي عزام ميروحش ليه..بكره الصبح ياجي معاي ونروحولها حتى يكون جوزها انكشحله على نصيبه تاخده ماترده عشان معاوزاش اشوف خلقته قدامي. 


خلصت جملتها وعاودت على موطرحها من تاني، وقعدت بعد ماقلعت الملس ومسكت ابرتها وخيطها وابتدت تكمل فاللي كانت عتعمله، وهمام لما قعدت بس قلبه هدى عن الفرفطه هو كمان وقعد مكانه. 

❈-❈-❈


عند بيت العمده

ام شوقيه:

-سليمه، ياسليمه.. خلصتي خبيز انتي والحريم ولا لسه؟ 

سليمه: اخر كيلة بسكوت ياستي ونبقوا خلصنا خبيز الفرح كله. 

ام شوقيه:

- طيب عال.. يلا عاد عشان تلموا الهيصه بتاعة الخبيز داي وتتفضوا لتعب يوم الحنه وطبيخه ودوشته. 

سليمه:

متقلقيش ياام العروسه كله هيتعمل فمعاده وكله هيوبقي عال العال. 

خلصت سليمه حديتها وطلعت تشوف الخبيز والحريم الخبازه، 

وهملت ام شوقيه اللي راحت على اوضة شوقيه وفتحت عليها الباب ولقتها فارده شعرها قدام المرايه وعتسرح فيه وعتغني بمنتهي الهدوء فقالتلها بعجب:

-يابرودك ياشيخه، والله اني ماعارفه جايبه البرود ديه من وين وانتي اللي زيك المفروض تكون ناشفه فعِرشها، داني حاسه بطني عتتخرط ولا علي حامي ولا على بارد من ساعة ماقرب معاد فرحك.. اني عموت عموووت


شوقيه ردت عليها بهدوء: 

-والله يمه انتي اللي عامله إكده فحالك، قولتلك مفيش حاجه من اللي فبالك داي، بس انتي مفيش فايده فيكي واللي فمخك قافله عليه بميت قفل. 

ام شوقيه:

-له ماهو اني مش هكدب عنيا واصدق كلامك ياشوقيه، الشوف ابو الصدق كله واني شفت اللي ميقدرشي عقلي يفوته، وعلي العموم كلها يومين والميه تكدب الغطاس، ويأما تندبـ.ـحي يأما تعيشي ويتكتبلك عيش عالدنيا. 

شوقيه:

-والله اني ماخابره يمه انتي ليه شاكه فيا حتي بعد مالدايه قالتلك اني سليمه مفياشي حاجه. 

ام شوقيه:

-عشان اني مربياكي ياشوقيه وعارفه اللي فيها وقلبي حاسس، ولا انتي ولا كلامك ولا الدايه وكلامها يسوو حداي تعريفه. 


شوقيه ابتسمت لامها وبصت تاني عالمرايه ورجعت تغني ، وأمها هزت دماغها بقلة حيله وردت باب الاوضه من تاني، واتمشت في الطرقه وهي عتفتكر اللي جرا فديك الليله وتراجع الموقف كله،وبعدها حطت يدها علي قلبها بخوف واتمنت إن اللي قلبها عيحدثها بيه ميكونش صح،

 وحتي لو صح راهنت علي حب كرار لشوقيه بتها إنه ممكن ينجيها من الموت، ورجعت سحبت رهانها وقالت لروحها إن مفيش حد هيرضاها على رجولته وعلي نفسه حتي لو روحه مقرونه بانفاس الوحده ولو سكتت انفاسها يموت مش عيحبها بس. 

❈-❈-❈


جه الليل وبسيمه فضلت طول الليل صاحيه وعينها مزارهاش النوم، وعتمني روحها بمقابله مع اختها تطفي بيها شوقها ليها وتطمن قلبها اللي طول الوكت قايد نار عليها وملاقيش بصاره،

 ودعت ربها من كل قلبها إنها متلقاش جوزها في البيت وتسرق شوفه من اختها وهبابة قرب، وكل وحده تحكي فيهم همها للتانيه وتمسح دمع عيونها فطرف شال اختها ويطبطبوا علي قلوب بعض بالكلمه الطيبه ويصبروا بعض عاللي هما فيه بهبابة حنيه. 

وبسيمه خابره زين إنها هي اللي هتدي اكتر ماتاخد عشان اللي شام فيه يضاعف اللي هي فيه بالقناطير.

وزي ماهي صاحيه وعينها مازارهاش النوم، عينه هو كمان فضلت صاحيه قبالها مزارهاش النوم، وقاعد متابع عيونها اللي عيتقلبوا يمين وشمال، وواضح إن بالها مشغول وهو عارف زين مشغول بأيه، وهو كمان باله مشغول اكتر منها، والنوم هملهم الموطرح كله وطار منه، وسابهم لليلهم الطويل، وتفكيرهم اللي عيطحن فعقولهم طحن،

 وكل واحد فسوقه يبيع دلوقه، لكن القلوب متجمعه علي قبضة الخوف والتنين شايلين هم بكره شيل.


❈-❈-❈


واخيراً صبح الصبح، وكل اللي وراه شي قامله من عز نومة الصبح الحلوه، وابو دراع واحد من الناس دول اللي قام الصبح بدري وهو مبيت من عشيه نيته بأنه هيروح السوق يستلقط الغنم اللي هيجيبهم، 

وقال لسلام كمان، وفي الميعاد اللي اتفقوا عليه بالمظبوط اتقابلوا عالبوابه بتاعة الجنينه كيف مايكونوا ظابطين عقارب خطاويهم مع بعض.

وراحوا السوق، واستلقط ابو دراع عشر غنمات زينين ودول كانوا بكل الفلوس اللي معاه، أما سلام فأستلقط عشره وملقيش في السوق غيرهم غنم زين، واجل العشره التانيين للسوق الجاي، وروح الغنمات مع ابو دراع لغاية قبل البوابه بتاعة بيتهم، ووقف هو، 

وابو دراع كمل بالغنم لحاله كانهم بتوعه وحده.

وسلام خلاه دخل من البوابه بالغنمات وراح هو عالمندره دخلها وصبح على كرار كأنه لساه طالع من البيت، عشان لو دخل البيت الكل هيسأل صحي ميته وراح فين في الصبح البدري، وعقل حوريه مرت عمه يقعد يودي ويجيب والا ماتنخرب وراه لغاية ماتعرف الفوله ومين زرعها.


اما كرار فكان صاحي مبتسم ومبسوط بعد ليله طويله من الاحلام اللي بطلتها الوحيده شوقيه، واللي عتزيد كل يوم لدرجة الهلوسه كل ماميعاد جوازه يقرب، ومش مصدق إنه خلاص مباقيش غير يومين اتنين بس وكل احلامه تتحقق وتتحول لاجمل حقيقه ويشوف عوض ربنا ليه عن كل اللي قاساه فحياته بسبب ابوه وظلمه ليه.

 وعشان يصبر روحه اليومين دول اللي حاسسهم بقوا اطول من سنين عمره كلهم، كان كل يوم يادوبك يفطر ويروح بيت العمده يقعد معاه فالمندره هبابه وبعدها يستأذنه ويروح يقعد جار شوقيه خطيبته، 

والنهارده كمان كيف كل يوم يادوبك فطر وطلع طوالي عليهم. 

❈-❈-❈

عند همام في المستشفى

بسيمه خلصت الشال اللي كانت عتعمل فيه امبارح واللي بعد ماصلت الفجر رجعت تشتغل فيه ومهملتهوش لغاية ماكمل، وبعد ماكملته بعتت عزام جاب فطور وادته فلوس من اللي معاها، وبعد مافطرت همام وفطرت معاه هي وعزام.. قامت حطت الشال في شنطه واستعدت عشان تمشي على اختها، 

وهمام كان على عينه مرواحها، بس تروح وتقعد جاره احسن حداه مامتروحش وتهمله لحاله وتحرمه منها. 

وبمجرد ماابتدت تستعد مسك عزام وهاتك ياوصايا، اوعاك تهملها، أوعاك تغفل عنها، واللي ضحك عزام وبسيمه لما همام قال لعزام لو حصلت حاجه عفشه ومقدرتش تحوشها صرخ كيف الحريم ومتتكسفش اهم حاجه تلم الناس. 

وكل ديه كان يسمعه عزام ويرد عليه بحاضر، ولغاية ماطلعوا من الاوضه وهو عالحال ديه يوصي وينبه. 


عزام طلع الاول وبسيمه طلعت وراه، وبحركه لا اراديه بصت لهمام بصه اخيره وهي فى الطرقه، وشافت عيونه باصينلها وجواهم خوف الدنيا كله عليها، واتنهدت وهي عتجاهد فقلبها عشان متتولدش منه نبضة محبه لهمام، ولاتسمح لقلبها يتخدع باللي شايفاه عنيها منيه، وقالت لروحها أن ديه كله رغبه فيها، وأول مايطولها كله هيتبخر، لأن همام فنظرها كلب حريم، وكلب الحريم معيهداشي غير وهو غارز انيابه فكل حتتة لحمه يشوفها ويشتهيها.


فكمدت قلبها واحساسها واتجاهلت عنيه واللي فيهم وراحت مع عزام على بيت الحبايب. 

وصلوا اخيراً قدام البيت، وكانت البوابه مقفوله، فنادى عزام على حد من اهل الدار، لكن للاسف الرجاله كلهم كانوا طلعوا على شغلهم، ومفيش غير الحريم في البيت والحريم معيردوشي على رجاله. 

فضل عزام ينادي وينادى لغاية ماحسه اتنبح، ولما محدش برضك رد عليه، بص لبسيمه وقالها يلا بينا الظاهر مفيش حد هيرد علينا، لكنها رفضت بعد ماصدقت انها توصل لحد إهنه، وحلفت طالما جات ووصلت ماتمشي غير بعد ماتشوف اختها


فقربت من البوابه وبدأت تخبط عليها وبعلوا حسها تقول:

افتحي ياشااام، واياشااااام اني بسيمه اختك افتحيلي، افتحيلي اشوفك يانن عيني واملي عيني منك داني هموت على شوفتك.. واااه ياشااااااام. 

فضلت تزعق وتنادي وحسها وصل لمسامع ابو دراع اللي رجع بغنماته اللي كان عيرعاهم جوا الجنينه تحت الشجر، فرد وقالها:

استني ياللي عتنادمي ابردي هبابه اديني جاي اهه.

وفتح البوابه، وأول مافتحها دخلت بسيمه منها كيف الاعصار خلته جفل وهي واخداه فوشها، وبمجرد ماادرك انها اخت شام جرى وراها ولف قدامها قوام وفرد دراعاته وقفها وبحزم قالها:

رايحه فين انتي اطلعي تاني مينفعش تخشي واصل. 

بسيمه بغضب:

ليه يعني ان شاء الله لو دخلت هاطلع بحيطه دهب من حيطانكم ولا ايه؟ 

ابو دراع:

مش القصد يابت عمي بس اختك محلوف عليها يمين لو شافت حد منكم ولا حد منكم نضرها توبقي طالقه من جوزها. 


بسيمه وهي عتحاول تتفادى ابو دراع وتدخل:

- مايطلقها وتوبقي طالق ايه يعني مهتلقاش فبيت ابوها لقمه تاكلها، طب دا ربنا يوبقي رحمها. 

ابو دراع وهو عيرجع يلجم خطاوي بسيمه بوقوفه قدامها مره تانيه:

-متقوليش كلام متعرفيش معناه ولا تعملي حاجه تخرب على اختك وتحزن ابوكي وتخلي العار اللي أبوكي ماصدق خلص منيه يعاودله مره تانيه.. الله يرضى عليكي يابت الراجل الطيب عاودي من موطرح ماجيتي وقلوب الحبايب عتتلاقى وتسلم على بعضها حتى لو واحد منهم فأول الدنيا والتاني فأخرها. 


بسيمه بغل:

-يابوي انتو ليه عتعملوا إكده فى الناس بس لييه، يعني دا الحكام والملوك معيتحكموش فمصاير الناس إكده انتو جنس ملتكم ايه كفره؟ خلصت حديتها 

وأبو دراع رد عليها بشفقه على لمعة القهر اللي لمعت فعيونها:

-والله مااني ولا ليا يد متجمعينيش، اني كل الحكايه اني مش عايز الشر لحد فيكم وبس. 

بسيمه بوجع:

-اللي يحرم اخت من اختها يوبقي اكبر واحد شراني في الدنيا، صوح مش انت اللي حكمت، بس انت اللي عتنفذ وتعين على تنفيذ الحكم، انت يد البطش. 


نفى أبو دراع التهمه عنه قوام:

-له والله ابدا، حد الله بيني وبين الظلم والبطش، اني معحبش اظلم حد واصل، او خليني اقول مبقتش اظلم حد. بس فموضوع شوفتك لاختك ديه اني موافق اكون ظالم بس خلى اختك قاعده فبيت جوزها مستوره. 

بسيمه اتحركت خطوه لورا من قدام ابو دراع، واخيرا دموعها نزلوا، وردت عليه بقهر:

-روحوا ربنا يحرمكم من اعز ماليكم، ربنا يكوي قلوبكم بالفراق ويحرقها بنار الشوق حرق، روحوا الهى ماتفرحوا ولا تدوقوا الفرح، كل اللي ظلم اختي يارب مايدوق الا قهررر.. خلصت كلامها ولفت عشان تمشي مع عزام اللي لقته واقف وراها مباشرة، وهي عتقول:

روحوا يابعدا منكم لله وعدله وجبروته وانتقامه، اللي يظلم واللي يعين منه لرب العالمين. 

قالتها ومشت لكن حس ابو دراع وقفها وهو عيقولها:

-وقفى هوريكي بتها. 

بسيمه لفت بسرعه وهي مامستوعباشي ابو دراع قال ايه لتوه، وسألته بإستغراب:

بت مين؟ 

ابو دراع:

-بت اختك، اصلها ولدت، هما اهلك قالولكش ولا ايه؟ 

بسيمه بحنان ممزوج بشفقه ومحبه:

شام ولدت؟ 

ابو دراع:

-جابت بت حلوه قوي تشبهكم، دقيقه خليكي واقفه إهنه اروح اجيبهالك، لان هي بس اللي مسموحلك بشوفتها. 


خلص كلمته ومستناش رد من بسيمه وراح طوالي عالبيت يجيبلها بت اختها تشوفها وتسد معاها موطرح اختها، وتطمن قلبها، وبالمره تسقط دعوتها عليه اللي خلت قلبه رجف رجف. 


وقف على الباب ونادى على عديله:

ستي عديله، ياستي. 

عديله تاقت من اوضتها وهي شايله بت شام وراحت عليه وردت لما وصلتله:

ايوه ياولدي خير ياحبيبي؟ 

ابو دراع اتلفت حواليه ولما ملقيش شام ميل على سته وهمسلها:

خالة البت بره وعايز اخدها اوريهالها ومينفعش انها هي وشام يشوفوا بعض كيف ماخابره عشان يمين الزففت كرار. 


عديله مدتله البت قوام وقالتله:

طيب خد البت وريهالها وهاتها قوام قبل ماشام تاجي تتفقدها، الا كل هبابه تسيب اللي فيدها وتاجيلها.

ابو دراع اتلافى منيها البت وهزلها دماغه بطاعه، وقوام بالخطوه السريعه راح علي بسيمه، اللي من أول ماشافته جاي وفيده قماشه بيضه ملفوفه فيها حاجه صغنونه قلبها رجف من الفرحه والحنيه عليها 

 واتبسمت أول ماوقف قدامها ومدهالها، فخدتها منيه بلهفه بعد مامسحت دموعها، ورفعتها عليها وشمتها وباستها،

 وبعدها ركزت علي ملامحها وضحكت ضحكه خفيفه وهي شايفه فيها ملامح اختها شام كلها، وضمتها على صدرها وهي عترحب بيها للدنيا وتتمنالها حظ حلوا وايام احلا. 

أما ابو دراع فراح علي عزام وقاله يطلع يستنى بشاير بره البوابه عشان حريم البيت ممكن وحده فيهم تطلع علي غفله، وممنوع اي راجل غريب تتكشف عليه حريم بيت المقاول.

اتردد عزام للحظات، لكنه نفذ الأمر بعد ماشاف بسيمه مرتاحه ومبسوطه ببت اختها، وكمان عرف ان همام مقاعدشي في البيت، فطلع لكنه وقف بره البوابه مباشرة بحيث انه يكون سامع اي حركه واقل صوت. 

ولف ابو دراع عشان يروح لبسيمه مره تانيه، لكنه وقف موطرحه وبرق عنيه وهو واعي شام عتظهر من باب البيت، ومن الواضح انها جايه عشان تشوف اختها، فقوام مسك بسيمه من يدها وجرها على بيته دخلها وقفل عليها الباب بالغلق قبل ماشام تشوفها أو هي تشوف شام،وبسيمه متجرجره ومفاهماشي اي حاجه بس متبته في البت لتقع منيها، وبمجرد ماشام وصلت حداه سألته بلهفه وعتب:

-ليه ياابو دراع عيملت اكده للمره التانيه ليه، ليه تحط بين الحبايب سدود وتمنع التلاقى ليه؟ 

ابو دراع رد عليها بحزم:

-لموصلحتك ياشام، روحي ياخيتي عاودي جوه قبل ماجوزك ياجي ويلاقي اختك في البيت ويعمل نصيبه، روحي ومتخليش يمينه يوقع عليكي خلي بتك تتربى فبيت ابوها. 

ردت عليه شام بوجع:

-فينه بس ابوها ديه فين، ابوها اللي ممعترفش بيها وعيقول عليها بت حرام وحتي مراضيشي يسجلها على إسمه؟ 

رد عليها ابو دراع بشفقه:

-معليهش ديه بس دلوك، لكن بعدين كل الامور هتتحسن وكل شي هيتظبط لحاله وعقله هيعاودله.. ودلوك ادخلي جوه الله يرضى عليكي. 

شام بصتله بوجع وقالتله بحس دايب من الشوق والحنين:

طيب اسلم عليها من ورا الباب واسمع حسها واسمعها حسي، احكي معاها ونطمنوا على بعض من غير شوف كيف ماحكيت مع ابوي وأمي. 

ابو دراع بصلها واتنهد، وسمحلها بهزه من دماغه، لكنه اتأكد في الاول انه قفل باب البيت علي بسيمه بالغلق زين عشان مفيش وحده فيهم تقدر تفتح وتشوف التانيه لو غلبها الشوق، وبعد عنيهم يديهم المساحه الكافيه عشان يتكلموا مع بعض براحتهم. 

شام اول ماابو دراع مشى قربت من الباب وحطت خدها عليه كنها عتحطه علي خد اختها وقالتلها:

كيفك يااختي، كيفك ياحبيبتي اتوحشتك قوي، كيفك يابسيمه طمنيني وقوليلي عمل ايه الزمن فيكي؟ طمنيني عن حالك. 


بسيمه مقدرتش ترد عليها من كتر ماكانت مخنوقه بالدموع، لكن صوت شهقتها رد علي شام لحاله، ومن بعد الشهقه الأولى اتوالت الشهقات وعلي حسها بالبكا، وشام على حس بكاها نزلت دموعها، وبكت هي كمان زيها، وبعد نوبة بكا من التنين اخيراً بسيمه قدرت تنطق وقالت لشام:

-لساكي في الظلم ديه ياخيتي، لساكي تحت رحمة النمرود ديه؟ لساكي عتتحملي جبروته هو وامه، ولميته ياشام هتتحملي، لميته يختي بس لحد ميته؟

ردت عليها شام بوجع:

-لحد مايؤن الاوان وربك يحنن القلوب.. المهم دلوك هملك مني اني، اني عيشتي ورضيت بيها، كل اللي تاعبني دلوك بعدكم عني وشوقي ليكم، بس طمنيني عنك انتي امانه. 

بسيمه بوجع:

-جوزي وقع من فوق النخله واتشل ياشام، اتشل واني بقيت خدامه لواحد مشلول.. ربنا اداه جزاته علي عملته السوده بس اني عدفع معاه التمن ومش عارفه بأي ذنب. 

شام غمضت عيونها بقهره علي حال اختها وحظها اللي بقي انيل من حظها، وهمست بوجع:

-كنها لعنه وصابت بنات عبد الصمد، واتقرن بيهم العذاب والوجع. 

أننت بسيمه بقهر وفي سرها أكدت على كلام أختها، وانها صوح لعنه ونزلت على شام فليله غبره وجابتها للبيت كله. 


دقايق معدوده، وبعدها هديت نيران قلوبهم وخمد الشوق هبابه، وابتدت كل وحده تحكي للتانيه عن اللي عايشاه، وبسيمه طول الوكت تتكلم مع شام وباصه لبتها كانها شايفاها فيها، وبين كل دقيقه والتانيه تحبها وتشمها،

 وابو دراع طول الوكت يتطلع لشام وعايز يقولها كفايه بزياداكم إكده، لكنه شايف ابتسامتها وهي قاعده وسانده ضهرها للباب وعتحكي بدون توقف كيف مايكون لسانها كان مأسور ورا قضبان الصمت واتفك اسره وماصدق لقى حريته واتلاقى مع الحبايب. 

لكنه شاف إن خلاص بكفايه عليهم إكده بدال مافرحتهم ببعض تتقلب لجنازه لو كرار عاود وشاف بسيمه اخت شام في البيت، 

فراح عليهم وهم يقول لشام بذياداكم انتي واختك على اكده، لكن للأسف حصل اللي كان خايف منيه، وبص شاف كرار داخل من بوابة الجنينه كيف الاعصار وعلى وشه غضب الدنيا بعد ماشاف عزام اخو همام على البوابه. 


يتتبع


نفق الجحيم الجزد الثاني الفصل التاسع


دخل كرار من الباب كيف الاعصار وأول ماابو دراع شافه عرف أنه هيعمل مصيبه،

فراح على شام اللي هبت واقفه من الخوف، ووقف قدامها وفرد دراعاته وبص لكرار بتحدي وقاله:

مد يدك واني همد يدي وشوف يد مين هتدشمل اكتر ياكرار.

كرار بغضب:

-بعد من قدامي يابو دراع الوكت ديه مينفعشي اي حد يعترض طريقي، وفين الفاجر التانيه معدومة الكرامه اللي دخلت بيتي واني منبه مفيش كلب ولا كلبه منهم يدخله؟ 

عزام في الوكت ديه كان دخل ورا كرار باللاحق وواقف وراه واول ماشافه عيلولج بعنيه ويدور علي بسيمه ويسأل عليها قاله بنبرة تحذير:

-مرت اخوي محدش ليه صالح بيها ولا حد هيمسها، اني كتال اللي يده تتمد عليها او تلمسها لمس.

كرار لفله ومسكه من قب جلابيته وبدون انذار ضربه بالبوكس فوشه، وبعدها اداه روسيه خلاه اتطوطح من شدتها وقاله وهو عيشد فيه علي بره:

-انت كمان ايه اللي دخلك إهنه، خلاص بيت المقاول بقي سويقه كل من هب ودب يدخله؟ اطلع بره ياكلب متنجسش ارض البيت بقدامك النجسه.

عزام رد عليه وهو عيقاوم فيه بكل قوته:

-اوعا هملني اني مطالعشي غير ورجلي علي رجل بسيمه.. بسيييمه.. بسيممممه اطلعي وتعالي، يابسيمه انتي رحتي وين، وديتوها وين ياغجرر، بسيممممااااااه.

ردت عليه بسيمه بعلو حسها من ورا الباب:

-تخافش ياعزام اني إهنه، تخافش عليا مفيش حاجه هتجرالي حدش يقدر يعملي حاجه واصل.

خلصت كلامها ودخلت فبيت ابو دراع تفتش، ولقت سكينه كبيره مسكتها ونومت البت على فرشة ابو دراع، ووقفت ورا الباب متأهبه ومستعده لأي حركه من كرار وهي واخده قرارها إنها هتعمل حاجه من تنين لو حاول يقربلها،

 يأما هتكتله وتخلص عليه وتخلص اختها منه ومش مهم هي تروح فداهيه تروح، ياما لو مقدرتش عليه تكتل حالها وتوبقي ماتت بشرفها مرفوعة الراس.


أما ابو دراع فانتهز فرصة إن كرار ملهي يطلع عزام من البيت وبص لشام وبأمر قالها:

-قوام عالبيت واتداري خليني اعرف اطلع اختك وانفدها من ادين كرار.. يلا اجررري.


شام فضلت بصاله لثواني لكنه جز علي سنانه وكرر عليها كلامه بطريقه متقبلش الجدال، وهي النوبادي نفذت لانها حست انها لو منفذتش أبو دراع هيتصرف معاها بعنف، وممكن هو بنفسه يضروبها، فجريت عالبيت جري وقفلت الباب عليها، لكنها فضلت وراه واقفه وحاطه ودنها عليه لعلها تسمع اللي هيحصل وقلبها عيرجف رجف من الخوف علي اختها.


كرار عاود بعد ماطلع عزام وقفل عليه البوابه وهمله يكسر فيها ويزعق بعلوا حسه علي بسيمه، وهو ميت من الرعب عالأمانه اللي سلمهاله اخوه ووصاه عليها الف وصيه وبرضك مصانهاش. 


وكرار ووقف قدام ابو دراع وقاله:

افتح الباب ديه يابو دراع وطلع بت المصحون داي.

ابو دراع بتحدي:

-هفتح وهطلعها، بس والله والله ياكرار لو يدك اتمدت على المخلوقه لاكون كاسرهالك كسر تحتار الاطبه فتجبيره.


كرار:

-خلي بالك إنت زودتها قوي يابو دراع وبقيت عتتدخل فاللي ميخصكش، واني ساكتلك وعقول دلوك يلمها دلوك يتعدل، لكن مفيش، ومن اليوم وطالع ياابو دراع أني متبري من رباط الدم اللي مابينا وفضيت الاخوه، وانت من الساعادي غريب عني ومليكش اي صالح بيا.


أبو دراع سمع حديت كرار وقرب عليه بثبات وقاله:

-تعرف ياكرار داي احسن حاجه عميلتها فحياتك كلها،تعرف ليه؛ لأن رباط الدم اللي كان بينا والاخوه اللي كنا متعاهدين عليها هي اللي كانت منعاني اعمل إكدده..


خلص جملته وبكل قوته ادى كرار روسيه خلاه فقد السيطره على ثباته واتطوح فى الهوا، وقوام مسكه من قب جلابيته وكمل.. طبعا إنت خابر إنى مععملش حساب لاي حد غريب ولا عخاف على زعل حد واصل، ومن إهنه ورايح ياغريب اتلقى وعدك مني..

 خلص واداه روسيه تانيه اشد واقوى خلت عيون كرار زاغوا وخلاص هيقع من طوله، لكن ابو دراع مسكه و قعده عالمصطبه ووقف قدامه وقاله:

-اني لأخر دقيقه ععاملك كيف البني آدمين بس إنت مينفعشي حد يتعامل معاك غير كيف مالناس عتتعامل مع الخنازير.. ودلوك ياكرار.. فرحك بعد بكره صوح.. وطبعاً عايزه يتم على خير وتحضره وتفرح من غير يد مكسوره ولا رجل، ولا فيك إصابه تمنعك من الجواز، وعشان ديه يوحصول تسمع كلامي اللي هقوله بالحرف وتنفذه من غير نفس.. 


اخت شام هتطلع دلوك وهتروح وعينك متترفعش عليها ولا لسانك ينطوق عليها بحرف واحد سامع.

وبتك بكره هتاجي معاي نسجلوها ونطلعولها شهاده ويوبقالها إسم كيف الخلق والعالم، ومرررتك لو قربت ناحيتها النهارده هخليك شهر بحاله متقدرش تحرك صباع، ولو قدرت ترفع رمش عينك بس توبقي تحمد ربنا.

كرار:

-مرتي اصلا هتروح مع اختها، خلاص شافت اختها ووقع عليها اليمين وبقت طالقه، فهتاخد بتها ويفارقوني، وان كان عالبت مهتتكتبش على اسمي ولا تتحسب من عيالي لو موتني حتي.

ابو دراع:

-اول هام شام مشافتش اختها ولا اختها شافتها، اختها شافت البت بس، يعني يمينك موقعش وحجتك باطله.

تاني هام البت هتتكتب باسمك ولو على موتك ديه يوحصول زي ماقلت، اعتبر نفسك في عداد الاموات، واندلي البندر هات كفنك ونقيه علي عجب عينك؛ عشان بكره اخر النهار دفنتك. 

وبدال ماتتزف عالعروسه هتتزف علي قبرك.. اني قلت اللي حداي وانت عقلك فراسك تعرف خلاصك.

خلص كلامه وراح علي باب البيت فتح غلقه، وبمجرد مافتحه شاف بسيمه واقفه وراه وماسكه السكينه فيدها، لكنها بمجرد ماشافته رمت السكينه من يدها وبصتله بصة شكر وامتنان، وراحت عالبت شالتها وطلعت بيها، ووقفت قدام ابو دراع وقالتله بنبرة صوت قاصده انها تشق مسامع كرار شق:

-تسلم ياواد الأصول وتسلم البطن اللي شالتك.. تسلم وتعيش وربنا يزيدك قوه ويبارك فصحتك ويشد عضل يدك اللي عتوقف العايب عند حده وتعلم قليل الربايه الأدب.

خلصت كلامها وبصت لكرار بصة قرف، ومدت البت لأبو دراع وكملت كلامها:


-كنت لاول عخاف علي اختي من البيت ديه واللي فيه، بس بعد ماشفت وقفتك داي راح كل الخوف.. واتوكدت ان اختي وبتها ربنا سخرلهم اللي هياخد حقهم وينصفهم، وخلقلهم من قلب القهر والذل والظلم ضهر عفى يتداروا وراه،ربنا مايحرمهم منك ولا يحرمك من لين القلب ياابو القلب الطيب، والمفروض ديه يكون اسمك مش اسمك ابو دراع.

خلصت كلامها وهملت ابو دراع متبسم ووشه غدى لونه اوحمر من خجله وهو عيسمع كلام بسيمه، واتحركت ناحية البوابه وهي رافعه راسها قدام كرار بتعالي، وعيونها عتصب عليه شماته صب.. لكن وقفها حسه وهو عيقول:


-منعتهم من شام دخلوا البيت بحجة البت، طب عليا الطلاق بالتلاته وشام تكون طالقه مني ومحرمه عليا كيف امي واختي ماحد منكم يشوف البت تاني ولا ينضرها، ولو شفتوها تكون شام طالقه مني، يلا خليني اشوفك هتدخلهم إهنه كيف يابو دراع ولا هما هيلفوا ويدوروا ويحتالو كيف عشان يدخلوا إهنه.


خلص كلامه وبص لبسيمه بتحدي، وبسيمه بصتله بطرف عينها ومردتش عليه، بعكس بركان النار اللي جواها وعايز ينفجر فيها، لكنها عملت حساب للي خد حماها ودافع عنها، ومحبتش إنها تصغره وتخلى كرار يسمعه كلمه تندمه على دفاعه عنها. 

ووصلت البوابه وفتحتها وطلعت لعزام اللي لقيته منتهي من الخوف وبمجرد ماشافها قدامه شدها من ملسها قوام طلعها بره البيت المشئؤم ديه لحتي ارتاح وبلع ريقه وردت فيه الروح، وزعق فيها بعلوا حسه:


-يلا بينا يلا ربنا سترها معانا لحد إهنه، والله كان معاه حق همام فخوفه عليكي، ووالله كان فاضل دقيقه وحده بس ولو مطلعتيش كنت هاصرخ كيف النسوان عشان استنجد بالناس يطلعوكي من جوه كيف ماقالي همام واني ضحكت عليه وكتها. 


اتبسمت بسيمه غصب عنها وراحت معاه عالمستشفي وطول الطريق قلبها عيتقلب من إحساس لأحساس متناقضين، بين نار قهرها من كرار، وبين حس اختها ووش بتها اللي عاملين كيف النسمه الباردة اللي عتهب عالبدن فعز شهر ٧ تنعشه وتبرد جوفه.

❈-❈-❈

عند عبد الصمد فبيته

عبد الصمد طلع عالغيط يشتغل فيه كيف كل يوم، وبشاير ودهب قاعدين في البيت لحالهم عيتسامروا ويشوفوا مع بعض هيجيبوا ايه في جهاز بشاير وفي الاثناء داي باب البيت خبط. 

ردت بشاير وقامت تفتح، وبمجرد مافتحت الباب قلبها اتنفض وهي واعيه السيد واقف علي الباب، واول مافتحتله وشافها قدامه الضحكه شقت خشمه شق، وهمسلها بصوت حنون:

-كيفك يابركة دعا الوالدين؟ 

بشاير بلعت ريقها ومردتش ونزلت عنيها للارض بحيا والسيد كمل:

-عمي عبصمد قاعد في البيت ولا لساه فالغيط مجاش؟ 

بشاير:

-له لساه في الغيط. 

السيد: 

-اني خابر بس كنت عايز اتوكد، اصله النوبه اللي فاتت قالي إنه هيحصد محصوله النهارده، واني استاذنت من المعمل وجيت قلت اساعده واخلي يدي بيده فالحصاد واخفف عنيه الحمل هبابه. 

قوليلي غيطكم فانهي ناحيه؟ 

بشاير:

-اليمه القبليه تاني غيط بعد القنايه. 

السيد:

- تمام.. خدي دول جبتهملك مخصوص عشان تحلي خشمك اللي يستاهل الحلوا كله. 

بصت بشاير ليده الممدوده من غير ماتمد يدها، وهو هز يده باللي شايله وقالها:

-يابوي خدي مني دا كسفة اليد واعره قوي، وعيبه وانتي العيبه متطلعش منك اني خابر.. خدي خليني الحق عمي واعمل معاه حاجه

قالها ورفعت بشاير عنيها عليه وهو هزلها دماغه بتشجيع، فمدت بشاير يدها وخدت منه الكيس، وهو قوام اتحرك من قدامها ومشى قاصد غيط عبد الصمد، وهي وقفت دقايق تراقبه وهو ماشي، ومتعرفش ليه عيونها فضلوا متعلقين عليه، وبعد ماغاب عن نظرها لحتنها دخلت وقفلت الباب، 


وراحت بالحاجه عند امها وقالتلها إن السيد جه وجابهم وراح لابوها الغيط.. ولما فتحت الكيس ولقت جواه علبه فتحتها شافت فيها حلويات اشكال والوان شكلها حلو قوي ومتزوقه اول مره تشوفهم، فمدتها لامها فرجتهالها، وامها خدت منهم وحده كلتها وبشاير بعدها ابتدت وكل في الحلويات اللي عمرها ماداقت فحلاوتهم، بس خلت منهم لابوها وحتى للسيد خلتله، لانها قالت فنفسها انه اكيد جابهم وشافهم ومداقهمش، وتلاقي نفسه يدوقهم.. وقامت بأمر من امها مسكت وزه ودبـ.ـحتها وعلقتها تطيب وعجنت دبداب وابتدت تجهز غدا لابوها والسيد لما يعاودوا من الغيط. 


اما عبد الصمد فكان شغال في الغيط عيحصد، ومركز ومش منتبه، وفجاه سمع حس السيد من وراه:

-الله يعطيك العافيه ياعمي، زين اني لحقتك قبل ماتخلص، اوعى عنك انت بزياداك لحد إهنه. 

قال كلمته وهم بقلع جلابيته وقوام خد المنجل من يد عبد الصمد ونزل فى الزرع حصاد بهمه ونشاط، وعبد الصمد قعد عالبطال، وابتسم وهو شايفه شغال موطرحه

 واتمني في اللحظه دي لو معاه واد كان زمانه دلوك مريحه من الهم وواخد موطرحه في الشقا كيف ماعيمل السيد دلوك. 

لكنه استغفر ربه وحمده علي عطيته ورزقه، وابتدا يحكي مع السيد ويرد عليه لغاية ماخلص السيد حصاد ولمله المحصول علي بعضه، وبعدها ابتدوا يحملوا الفاصوليا عالعربيه الكارلوا عشان يروحوه البيت وينشروه عالسطوح. 

وأول دور روحوا بيه هما التنين السيد وعبد الصمد عشان يوريه يصمده فين، 


ولما وصلوا البيت، ابتدا السيد ينزل في المحصول ويطلع فيه عالسطوح لحاله، وحلف علي عبد الصمد مايطلع معاه قشايه وحده. 

وفي الادوار اللي باقيه كان السيد يروح يحملها ويجيبها لحاله من الغيط ويطلعها، لغاية ماخلص المحصول كله.. وطول ماهو شغال دهب وعبد الصمد مراقبينه وابتسامتهم علي وشوشهم، وخصوصي عبد الصمد اللي السيد زاح من فوق كتافه تعب كان شايل همه من وجع ضهره اللي كل مايعمل مجهود يفكر عليه. 


اما بشاير فكانت روحة السيد وجيته في البيت قدامها مخلياها مش عارفه تركز فحاجه، وخصوصاً وهو عينه عليها في الرايحه والجايه، ويتبسملها من تحت لتحت، وهي بالعافيه ماسكه ابتسامتها من الظهور على وشها، وعتصبرها وتقولها له مش دلوك اوانك واصل، لسه بدري عليكي. 


❈-❈-❈

عاودت بسيمه مع عزام للمستشفى، وهي في الطريق وصت عزام إنه ميحكيش حاجه لاخوه عن اللي حصل، ويقوله إنها قابلت اختها وبت اختها وجات وبس إكده، 

وعزام وافقها الرأي لان همام فيه اللي مكفيه، وكمان عشان ميفتحلهوش سين وجيم ويقعد يقوله كل هبابه احكيلي ايه اللي حوصول حتي لو حكاله الف مره. 

وبمجرد دخولهم عليه، غمض همام عيونه براحه وهو واعيها واقفه قدامه صاخ سليم، 

من بعد مالافكار السوده والخيالات هلكته هلك من الخوف عليها. 

وهي اول مادخلت قوام راحت عاالميه تسقيه لأنه في المده داي كان زمانه شارب ياجي عشر مرات، وبالرغم إنها خابره إن شربه تسابيل وحجج عشان تقرب منه، الا إنها النوبادي هي اللي راحتله من غير مايطلب، لانه سمحلها تروح لاختها ومهانش عليه تبعد عنه، وعشان إكده شافت إنه يستاهل، والعين بالعين والتقدير بالتقدير، والبادى بالحنيه يستاهل الحنيه. 

❈-❈-❈

خلص النهار، وعدى الليل، وادي ليله تانيه تمر من ليالي كرار الطويله، وأول ماصبح الصبح وفطر، هم عشان يطلع من المندره يروح لدوار العمده، لكن وقفه ابو دراع اللي طلعله من البيت شايل البت الصغيره على اديه وقاله بصوت حازم:


-وقف عندك.. اياك تكون نسيت الاتفاق بتاع عشيه، لو انت نسيت اني معنساش وإنت خابر، لو عايز تروح للسنيوره بتاعتك هات بطاقتك وتعالى معاي نسجلوا بتك، غير إكده إنسى الطلعه وإنسى الحركه وإنسى الجواز من اساسه. 


كرار وقف وهو مدي ضهره لأبو دراع ومش راضي يبص فوشه ولا رد عليه، وكان عيفكر إنه يمشي ويهمله ويكمل مشواره لبيت العمده، لكن خوفه من ابو دراع، وإنه لما عيهدد عينفذ خلاه اتراجع عن رغبته، ولف عاود للبيت، وجاب بطاقته من سكات ورجع واتقدم على ابو دراع ومشى قدامه للمستوصف من غير ولا كلمه، وغصب عنه اتكتبت البت بإسمه(ربيعه كرار توفيق كارم) 

بامر من ابو دراع خلاه اتحلف واتوعد يشيلهاله فنفسه لاخر العمر وماينسهاله واصل.. والبت حتي لو اتكتبت باسمه مهيعترفشي بيها. 

وطلع من المستوصف وراح علي بيت العمده وهو مهموم، لكنه متوكد إن بصه وحده لعيون شوقيه هتزيل كل الهم وتمحى القهر. 


اما ابو دراع فعاود للبيت بالبت ولقى امها شام واقفه في الجنينه مستنياه على نار، واول مادخل من بوابة الجنينه جريت عليه وخدت ربيعه منه، ورفعت عنيها عليه بتساؤل، وهو طمنها وقالها:


-اطمني ياام ربيعه، بتك اتكتبت علي اسم ابوها، وكام يوم وامسكك شهادة ميلادها فيدك.. وطول مااني على وش الدنيا متعتليش هم، أني اللي خدت حماكم انتي وبتك واللي هيهوب عليكم رداده هيكون ابو دراع، واني لكرار والزمن طويل. 


شام بصتله واتخنقت بالدموع وقالتله:

-روح ياشيخ ربنا مايوقعك فديقه ابدا، ربنا يفرح قلبك ويسوقلك الخير سوق وانت قاعد فموطرحك. 


اتكالها ابو دراع علي عنيه وقالها:

تسلمي ياام ربيعه، ودلوك خشي ببتك جوا واني هروح ارعى غنماتي اتأخرت عليهم. 


قال كلمته واتحرك من قدام شام، وهي رمحت على ستها عديله تفرحها بالخبر اللي مكانوش مصدقين إنه هيوحصول، ولا إن كرار هيرضى يكتب البت علي اسمه من الاساس، لكن ابو دراع طلع قده وقدود ووعد ونفذ. 

❈-❈-❈

وعدى نهار تاني، وجات اطول ليله فحياة كرار، الليله اللي بعدها حنته وكتب كتابه، ومع اذان الفجر جات الطباخين تجهز والجزارين جابوا الدبايح وابتدوا يجهزوا للحنه، وساعات اليوم اللي كانت تمر طويله، في اليوم ديه عدت فلمح البصر، وجه الليل قوام، وفيه صفوت وسلام ومعروف وقفوا جار كرار مهملوهش لحاله، وجابوله المزين في المندره، وحنوه وفرحوه الفرحه اللي مفرحاش فجوازته الاولانيه، والناس كلها جات نقطته النقطه اللي كان ابوه ينقطها للناس، وحوريه امه كانت ماليه البيت زغاريت، برغم انها معاوزاش شوقيه ولا فرحانه بيها، لكن عشان تكيد شام وعديله كانت عامله حالها فرحانه. 


أما حدا شوقيه فكانت طول الحنه عماله ترقص وفرحانه ومقاعداشي على حيلها واصل، لدرجة ان الحريم كلها استغربت فرحتها الزايده، وبالذات امها اللي كانت طول الوكت باصالها وعتمطق فريقها الناشف، ومتهيألها إن بتها كيف ماتكون عترقص فرقصتها الاخيره، أو عتفرفط كيف طير مدبـ.ـوح وعيتشال ويتدق حلاوة روح. 


يتبع

نفق الجحيم الجزء الثاني الفصل العاشر


خلصت ليلة الحنه وخلاص كلها ساعات عتفصل كرار عن حلمه اللي طال انتظاره.

وطول الليل عينه مازارهاش نوم مهما حاول؛ لأن العين معتنامش من شدة الفرح كيف ما معتنامش من شدة الحزن بالظبط.


وحتى شوقيه في الليله داي قعدت طول الليل صاحيه ورايحه جايه فى أوضتها، وأمها طول الليل سامعه صوت خطواتها، وعرفت إن بتها راحت منها السكره وجاتها الفكره. 

وعتشوفلها حل فالنصيبه اللي امها متوكده إنها عاملاها وعتكابر بالانكار، وللاسف جات اللحظه اللي هيتكشف فيها كل شي والمدسوس يبان. 

ولحد ماصبح الصبح وهي على حالها، وامها قلبها عيتشاهد عليها وحاسه إن فستانها الاوبيض هيكون هو كفنها اللي هتروح بيه قبرها. 

❈-❈-❈

في بيت المقاول 

حوريه:

هموا يابنات افرشوا البيت حريم بيت العمده زمانهم جايين بالعشا احسن يشوفوا البيت زايط ورايط، وسيرتنا توبقي على كل لسان من حريم البلد. 


البنات كلهم منتشرين في البيت، وحتى شام شغاله معاهم، فبصتلها حوريه واتعجبت منها وهي عتخدم بقلبها فى فرح جوزها فبصتلها وقالتلها:

والله اني شفت كتير وقليل، بس حد معنديهش صنف الاحساس زيك يابارده مصادفت! ديه فرح جوزك المفروض عنيكي متبطلش سح دموع والغيره تكون واكلاكي وكل. 

شام بصتلها ومتكلمتش وكملت اللي عتعمله، وردت بدور موطرحها علي حوريه بلؤم:

-لو كان طايقها ولا مديها ريق يامرت عمي كانت زعلت واتقهرت، لكن من يوم مارجلها خطت البيت ديه وكرار كارهها كره العمى، ومشايفهاشي مره واصل. 


شام مرضتش ترفع عنيها على بدور هي كمان ولا تعمل لكلامها اي قيمه، وبرضوا كملت اللي عتعمله، وديه خلى بدور تقيد نار اكتر من برودها وعدم ردها عليها، ولا كانها عاملالها اي اعتبار واصل!


خلصوا الحريم تنضيف وتوضيب البيت وراحوا يكملوا شغل الموطبخ وقعدت حوريه في الحوش في استقبال الحريم اللي هياجوا بعشا العرسان يسبقوا العروسه ويستنوها. 


اما شام فراحت على اوضة ستها عديله لبتها، وخدتها من عديله وباستها وشمتها وابتدت ترضعها وهي عتتأمل فيها كيف ماتكون واحة الراحه اللي عترتاح فيها بعد تعبها وشقاها واليد اللي عتطبطب على قلبها بعد كل جرح ووجع. 


عديله بصت لشام اللي باصه لبتها ومبتسمه وكل هبابه ترفع يدها علي خشمها وتحبها، وسالتها:

قوليلي ياشامه قلبك مقارصكشي وانتي واعيه جوزك عيتجوز وكلها هبابه ومرته تاجي البيت إهنه وتوبقي الكل في الكل؟ 


شام: والله ياستي لو قلتلك اني فرحانه عشان هيتجوز والفرحه مش سايعاني يمكن متصدقيني. 

عديله:له اصدقك ونص كمان، عارفه ليه ياشامه، عشان انتي هبله. 

شام:

له ياستي مش هبله ولا حاجه، بس اني وكرار انتي خابره اللي بينا، وخابره إنه لما عيقربلي عتمنى الموت وعناجي ربنا عليه ومعاطولهوشي، ويوم ماكرار هيجيب مره غيري هيحل عني ويرحمني ويعتقني من قربه اللي عيكرهني روحي. 


عديله بضحكة سخريه ردت عليها:

-ماعشان إكده عقول عليكي هبله.. ياشامه كرار بعد مايتجوز ويشوف غيرك هتحلى فعينه ويرغبك اكتر من لاول؛ 

عشان اللي حداكي مش حدا وحده تانيه، ولا شوقيه تاجي ضفر من ضوافرك. 

انتي الجسم والرسم والحلا كله، كل حاجه فيكي مرسومه رسم، واللي داق الحلوا مهيرضاش بالحادق. 


شام بخوف:

-يعني ايه كلامك ديه ياجده؟ 

عديله:

- حديتي ياشام معناه إن كرار هيعاودلك راغب.. ووكت مايعملها عايزاكي ترقصيه على الدربكه كيف الغوازي، اتدلعي عليه ودلعيه ونسيه كل اللي كان، وعيشوا من أول وجديد، خدي من الدنيا حظك الزين اللي داساه منك يابت دهب..

 فلاول هياجيكي في الليالي يتسحب، بس بشطارتك وجمالك ودلالك تقدري تخليه يجيلك فنص النهار وعلى عين العزول، ويقول من فُم مليان مرتي وليها فيا ومحدش ليه حداى حاجه. 


شام بإعتراض:

والله ياستي لو هيبوس القدم ويعلن الندم والتوبه، ويغرفلي بأديه الشهد ويسقيني ماهعمل اللي عتقولي عليه ديه ولا هقبل كرار يقربلي بخُطري واصل. 

عديله ردت عليها بقلة حيله:

مااني قولتها يابتي من لاول هبله، هبله وهتقعدي طول عمرك خدامه وانتي جمالك يقدر يخليكي ست الستات، بس انتي اللي معارفالوش. 

خلصت كلامها وسكتت وهملت شام للخوف اللي رمته فقلبها، وابتدت تسأل حالها ياترى لو ديه حوصول وكرار رغبها صوح هتعمل ايه وهتتصرف كيف، وكيف هتمنعه؟ 

❈-❈-❈

حدا شوقيه في بيت العمده

ام شوقيه:

-يلا ياشوقيه افتحي، البلانه جات عشان تزوقك وتلبسك. 

شوقيه فتحت باب اوضتها اللي كانت قافلاه على حالها وقاعده فيها من بعد ماخلصت حمام العروسه، ومانعه حد يدخل عليها، ودخلت البلانه بصرة التزاويق اللي فيها البودره والكحل بتوعها اللي عتزوق بيهم كل عرايس البلد والبلاد اللي حواليها، 

ولبست شوقيه الفستان وابتدت تزوق فيها، وتخطط وشها بعد ماسرحتلها شعرها ورفعته لفوق وثبتته بكوم بنس. 


خلصت البلانه وشوقيه بصت لروحها في المرايه، وشافت جمالها اللي اتبروز وظهر، واتبسمت ابتسامه خفيفه، وقوام راحت ابتسامتها وحطت يدها على قلبها وخدت نفس وزفرته، وبعدها طلعت البلانه بره بالأمر، ، وقعدت بعدها شوقيه هبابه في الاوضه وبعدها وطلعت للناس اللي كانت مستنياها، والجمل والهودج والزفه اللي كانت في إنتظارها عشان توديها لبيت جوزها. 

❈-❈-❈

اما حدا حوريه

اثناء ماكانت قاعده مستنيه اهل بيت العمده، سمعت الهيصه وقامت تستعد لاستقبالهم، وادت امر للبنات يحضروا الضيافه، ولما دخلوا الحريم استغربت من الطابور الطويل اللي دخل البيت ومفيش غير مرتين اتنين منهم شايلين فوق روسهم صنيتين فيهم عشا العريس والعروسه! 

واستقبلتهم احسن استقبال، وبقت واقفه تحادي وتدادي وتفخم فيهم كيف مايكونوا حاشية ملك وداخلين بيت من بيوت عامة الشعب. 

واللي برد قلب عديله وخلاها شمتت فحوريه اكبر شماته، وهي شايفه حريم بيت العمده بيعاملوا حوريه بتعالي، ويكلموها من طراطيف مناخيرهم زي ماتكون مش كد المقام، 

وهي ولا قادره تنطق، بعكس يوم ماكانوا جايين اهل شام ومرضيتش حتى تقابلهم، واهي الايام دارت واتقلبت الادوار وكل ساقٍ عيسقي مما سَقى. 

❈-❈-❈

بعد ساعه من مجي اهل بيت العمده لبيت المقاول. 

وقف كرار واخواته علي بوابة البيت من بره يستقبلوا العروسه وهي جايه فموكبها اللي مفيش بت من بنات البلد اتعملها موكب زيه،

 وأول ماتاق الجمل من بعيد والهودج عليه يتهادى شمال ويمين، ابتدا قلب كرار يميل على ميله ويروح وياجي معاه، وهو خابر إن جواه محبوبته متربعه كيف مامتربعه جوا قلبه.

 ووصل الجمل لعندهم ونخ، وقرب كرار وكشف ستارة الهودج ولاحت من وراه اللي رقص قلبه لشوفتها، 

ومدلها يده ومسك يدها وهو حاسس إنه عيمسك السعادة بيده، وخلاص كل اللي فات كوم، واللي جاي كوم تاني خالص. 


وخدها ودخل الجنينه وبس وصل البيت شالها ودخل بيها شايلها، وهي بمجرد دخولها عينها بقت تدور وسط كل الحاضرين على وحده محدده؛ عايزه تشوف رد فعلها ايه وهي واعياها داخله البيت علي دراعات جوزها،

 لكنها ملقتهاش وسط الحريم كلهم، وفسرت ديه إنها حابسه روحها ومقهوره. 


اما شام فكانت في الموطبخ عتجهز وكل للناس اللي هتقعد تتعشى بعد مايشوفوا بياض العروسه،

 واثناء ماعتكمل الوكل بصت لبره ولمحت كرار داخل اوضته بشوقيه شايلها، وعقلها سرح في اللحظه دي اللي دايما اتمنتها واتخيلتها مع صابر، وياما حلمت باليوم ديه، وصحيت من حلمها على كابوس اسمه كرار، وراح صابر واتبخر مع ضلام الليل اللي طلعت عليه شمس كرار الحاميه حرقته حرق. 

قفل كرار الباب عليه وعلى شوقيه، وابتدا قلبه يدق الف دقه في الدقيقه، وقرب منها وابتدا يسمعها كل الكلام الحلوا اللي يطمنها ويهدي خوفها ومهابتها اللي مكانش شايف منهم اي حاجه واصل! لكنه اتصرف كيف مالروتين عيقول. 


شوقيه كانت عتسمع كلام كرار الحلو وهي باصاله بمنتهى البرود، وفي الاخر قاطعته وهي عتقف وتسأله:

فين الحمام؟ 

شاورلها كرار على الحمام وهي راحت عالدولاب فتحته وخدت منيه غيار وراحت عالحمام، غابت شويه وطلعت مبدله هدومها، ووقفت قدام كرار وخدت نفس وزفرته كيف ماتكون عتتحضر لمعركه شرسه، معركة حياة او موت. 

❈-❈-❈


عند السيد في البيت

ابو السيد باصص لولده اللي سارح في الملكوت وميل علي مرته وهمسلها:

ولدك سودنته بت عبد الصمد يانبيهه


نبيهه:

وماله خليه يتسودن ويعشق ويتعلق باللي تعقله وتربطه بيها وبالبيت والبلد ويبطل فرفره في الدنيا ويكن.

وبيني وبينك البت مليحه وتستاهل ياعبده. 

رد عليها عبد الفضيل بتأييد:

هي من ناحية مليحه فهى مليحه قوي قوي، وغير إكده حسب ونسب واصل طيب، ولولا عملته المهببه ماكان يحلم يعدي من قدام باب بيتها حتي، مش يدخله عريس. 

نبيهه بضحكه:

-داعياله من كل قلبي بالزين كله، وغير إكده هو قلبه اوبيض وكيف البفته البيضه ويستاهل كل خير، غيرش بس هي الصحبه السو وساعة الشوطان. 

عبد الفضيل:

ساعة شوطان وبيعتنا ارضنا وضحكت علينا الناس يانبيهه

نبيهه:

فداه ياعبده، المهم إنه بخير وعقله رد فراسه وعاودلنا، ولو عالارض حقها راجع لولدك تاني، هو عبد الصمد هيوديه فين يعني مش كله لبناته، واللي حداه مش قليل وولدك هينوبه تلت الحب ياعبده. 


عبد الفضيل سرح بعيونه بعيد وشفط شفطه من كباية الشاي اللي كان يشرب فيها ورد عليها وقالها:

-ايوالله يانبيهه، البنت مال وجمال يابخت السيد بيها. 

نبيهه:

-صلى عالنبي فقلبك ياراجل هتحسد الواد علي بخته، عيقولوا مايحسد المال الا اصحابه. 

عبد الفضيل:

-عليه الصلاة والسلام، طيب يختي ممتكلمينش تاني، قومي شوفي المحروس ولدك الحيله هيتعشى ولا هيقضيها عد في النجوم. 

نبيهه: اديني قايمه اعشيه اهه، الا الواد ياعيني اليومين دول عشقان وهفتان والفكر هادد حيله. 

❈-❈-❈

حدا كرار

دقايق قضاها مع شوقيه وأدى مهمته ويافرحة قلبه وهو واعي شرفها بعينه وانه اول راجل فحياتها،

 بس برغم إكده كان حاسس بحاجه غريبه، حاجه غلط بس مش قادر يحدد هي أيه بالظبط؟!

ياتري هي جراءتها اللى مش طبيعيه ابدا فليله زي دي؟ 

ولاعدم خوفها وعينها اللي تندب فيها رصاصه غير ماكان يسمع إن العروسه عتكون ميته في الليله داي من الخوف والخجل؟ ولا التفاصيل التانيه الواضحه اللي وقف عقله عندها ومقدرش يتجاهلها. وخلت عقله عمال يودى ويجيب، 

لكنه برغم كل ديه طلع للناس اللي بره ووراهم شرف بتهم، وعيارات النار انضربت في الهوا تعلن عن الفرحه والفخر، وبعدها حطوا العشا لضيوف بيت العمده اتعشوا ورجعوا على بيتهم مرفوعين الراس. 

وخصوصاً ام شوقيه الي الخبر خلاها كيف الغريقه اللي طلعوها على اخر نفس ورجعوها للحياة من تاني بعد ماكانت فاكره انها النهايه واخر الانفاس عتتلفظ. 


ونامت شوقيه بعدها قريرة العين، وفضل كرار صاحي طول الليل عينه مغمضلهاش جفن؛ وهو عيقارن بين شام وشوقيه في نقاط معينه،

 وبعدها اقنع عقله بأن ديه عادى وطبيعي، وفي الاخر قام اتسبح ورجع صحى شوقيه وصبح عليها، وهى كمان قامت اتسبحت وفطروا سوا، 

وكل الوكت عين شوقيه عليه وهو سارح ومش مركز معاها، واتفاجأ من حركتها وهي عترمي الوكل من يدها فوق الصينيه بعنف وتقوم.. وهو سألها بإستغراب:


-مالك ياشوقيه ليه عتتنشكي إكده؟ 

شوقيه بحده:

-والله إسأل حالك، يعني معارفشي مالي وانت ساهي على روحك ورايح فدنيا غير الدنيا ومنطقتش معايا بحرف واحد من ساعة ماصحيت.. مالك فيك ايه قولي؟


كرار وقف قوام وراح عليها لما حس إنها دخلت فحالة غضب ممكن تعمل مشكله وخصوصي إن اهلها على جي، وخدها فحضنه وطبطب عليها وهو عيقولها:


-ياحبيبتي كلام ايه اللي عتقوليه ديه، اني كل الحكايه إني ممصدقش حالي لدلوك ولا مصدق إنك خلاص بقيتي فبيتي وفأوضتي وقدام عيوني.. بذمتك مش داي فرحه تسلب العقل وتتوه الفكر؟ 


شوقيه بعد ماكانت متعصبه ومتخشبه بعد ماسمعت كلامه لانت، وبعدت عنه واتمشت قدامه بدلال وهي عتقوله:


-طيب يابو عقل مسلوب اياك تكون جاري وعقلك يتوه أو يفكر فحد غيري، اوو فحاجه غيري ولو لقيت عيونك دول حادوا بعيد عني هخزقهملك فاهم ياكرار ولا مفاهمش؟ 

كرار قرب منها ومسك يدها حبها وقالها:


-توبه من دي النوبه ياست البنات، كرار من الساعادي طول ماهو معاكي قلبه وروحه وعيونه وكل شي فيه هينتبهلك انتي وبسس. 

خلص كلامه وشوقيه اتبسمت إبتسامة غرور، وهملته وراحت طلعتلها غيار عشان تلبس وتتزوق وتستعد للصباحيه، وهو كمان لبس جلابيته البيضه وهم يطلع يروح المندره عشان يفضى البيت للحريم اللي هتاجي. 

وهو طالع وقف لما شاف شام فايته قدامه على الموطبخ ولا معبراه، 

ولأول مره ينتبهلها وهي ماشيه قدامه، ووقف ثواني يتاملها وبعدها طلع قبل ماشوقيه ولا أي حد يشوفه عيتطلع عليها ويروح يقولها وتوبقي وقعته سوده. 


وبعد ماطلع من البيت هو وكل الرجاله وراحوا عالمندره، مفيش وكت كتير عدى وجات الحريم اللي جايبين الصباحيه وجايين يباركوا. 

وبمجرد دخولهم البيت الزغاريت لعلعت، واتنسى توفيق وموته وسنويته، ودخلوا حريم بيت العمده بالصباحيه اللي بمجرد ماشافتهم حوريه وشافت اللي جايبينه صباحيه لبتهم خدها العجب! 

؛ عشان جايبين حاجه لا تذكر، ويوم شام أهلها عبوا البيت خيرات، مع إن ابوها غلبان وديه العمده! وغير ديه وديه لاهف منهم فلوس بالهبل؟! 

لكنها متملكش دلوك غير السكوت خوفاً من الشماته. 

خلصت الصباحيه، واهل العروسه نقطوها، ودخلت شوقيه اوضتها، ودخلت وراها امها اللي بمجرد مابقوا لحالهم شدتها وخدتها فحضنها وهمستلها:


-قلبي كان هيوقف عشيه من اول مااتقفل عليكي انتي وكرار باب الأوضه، وروحي راحت مردتش غير وهو طالع يورى الكل شرفك. 

شوقيه بعدت عن امها وقالتلها بعتب:

-عشان توبقي تصدقيني لما اقولك مفيش حاجه وإن بتك صاخ سليم، مرمرتيني ومرمرتي عيشتي عالفاضي واني اتحملت منك كتير يمه. 

ام شوقيه بندم:

-معلهش يابتي حقك على، بس كمان اللي شفته واللي سمعته محدش يسمعه ويصدق انه مفيش حاجه ياشوقيه! 

شوقيه:

-قلتلك سمعتي وفهمتي غلط، قولتلك يمه اني لا ممكن اعمل إكده، بس انتي راسك والف سيف تركبيني الغلط والعار. 


ام شوقيه:

-طب ومادام إكده ليه واد عمك عيد هملك وقال معاوزهاشي؟ 

شوقيه:

-لعملك يمه اني اللي بقيت اصده وخليته يكرهني، عشان لقيته مدلدل مش كيف رجالة بلدنا، عيد رباية بحري ورباية بحري عمرها ماتنفع. 

ام شوقيه بعدم أقتناع:

-إهيي.. مش هو ديه واد بحري اللي كنتي تقولي جزمته انضف من انضف واحد في البلد حدانا؟ مش ديه اللي كان مخك يفر لما يجي زياره وتلصقيله كيف الطبابه متفارقيهش لا ليل ولا نهار؟! 

شوقيه:

-مكنتش اعرفه يمه ومع الايام عرفته، واهو راح لحال سبيله واني اتجوزت، وخلاص متجيبيليش سيرته مره تانيه. 


خلصت كلامها ولفت بجسمها بعيد عن امها، وعملت روحها عتدور علي حاجه في الاوضه، لكنها في الحقيقه كانت عتدور على قلبها اللي شق صدرها وطار يدور عالحبيب، اللي جات سيرته وصحت كل الشوق، وصحت كمان معاه الجرح اللي عتحاول تنيمه وكفت عليه ماجور، وجات امها رفعته من عليه ورجعتها لوجعه 

❈-❈-❈

اما حدا همام

همام شايف بسيمه من ساعة ماعاودت من حدا اختها تايهه ومهمومه وشايله الهم، ويدها طول الوقت على خدها والتنهيده تطلع فديل اختها، فسألها بحيره:

مالك يابسيمه عتتنهدي وشايله طاجن ستك من ساعة ماعاودتي من حدا اختك ليه؟ دا المفروض تكوني فرحانه ومزغططه عشان عيونك نضرت الحبايب! طب داي شوفة الغاليين عتروى القلب. 


بسيمه ردت عليه وهي على نفس وضعها وتوهانها:

مش كل الشوف عيريح ولا كل اللقى عيروي. 

همام بحيره: مفاهمش؟ 

بسيمه:احسن انك متفهش عشان عقلك يرتاح وميتعبش من الفكر. جعان تاكل؟ 

رد عليها همام بلهفه:

إيوه الله يابسيمه جعان، جعان قوي وكاتلني جوعي. 

هي سمعت كلامه وقامت تجيبله وكل، وهو كان قاصد بجوعه شي تاني خالص، هو كان جعان ليها وهي عايزه تسد جوعه بالوكل. 

قربت منيه بسيمه بالوكل وابتدت توكله، واثناء ماعياكل سألها:

كيف اخبار اختك، ليه معاوده مشغول بالك عليها لقيتي كرار عامل ايه فيها؟ 

ردت عليه بسيمه وهي عتوكله وعينها عالوكل:

زينه 

همام: ومالك عتقوليها كيف ماتكوني عتقولي مش زينه واصل؟ 

بسيمه: له زينه وزي الورد وخلفت بت كيف البدر المنور كمان. 

همام رد عليها بإستغراب:

صوح؟ امبارك عليها ماجالها تتربى فعزها وعز ابوها يارب. 

سكتت بسيمه واتنهدت وهمام كمل وهو باصصلها:

اني عارف يابسيمه ايه اللي مخليكي مهمومه إكده، انتي اتحسرتي على حالك لما شفتي بت اختك وإنك اتظلمتي معاي وإنك مهتوبقيش ام مش إكده؟ 


بصتله بسيمه بإستنكار ولسه هترد عليه قاطعها وكمل وهو باصص لبعيد:

عارفه يابسيمه، من اول يوم دخلتي فيه بيتي واني اتمنيتك أم لعيالي، وكل ماكنت اسرح بفكري كنت اشوفني قاعد معاكي فوسط عيالنا وعيتنططوا حوالينا، وإن السنين محت الكره اللي في القلوب وبدلته بمحبه، وكنت اغمض عيوني واقول يارب من نص قلبي.. يارب حقق.. يارب حبب.. يارب حنن.. يارب قرب. 


واديني في الاخر لا طولت محبه ولا حلمي بإني يكون حداى عيل من صلبي عمره هيتحقق، وكل اللي إتحقق من دعايا شوية قرب بالغصب هبابه ويروحوا، وتفارق الناس بعضها وخالتي وخالتِك واتفرقوا الخالات. 

بس والله يابت الحلال اني وكتها هتمنالك كل الخير اللي في الدنيا، وكل الفرحه، مع انك هتفرحي مع غيري، بس يلا اني نصيبي إكده وانتي تستاهلى الزين كله يابت الاصول. 

بسيمه خدت نفس وبصت لهمام وقالتله:

-مش وكته الحديت ديه دلوك ياهمام، دلوك بس خلى بالك على نفسك وعلى صحتك وهمل بكره ياجي باللي شايله على راحته. 


همام رد عليها بسخريه:

-صحتي! وهي فين صحتى داي يابسيمه؟ اني كل اللي هعمله من إهنه ورايح اني اكل واشرب واخش الحمام، كيف البهيمه بالظبط. 

له بهيمة ايه داي البهيمه ليها عازه عني. 

البهيمه الناس عتستفاد بلحمها في الاخر، انما اني مفيش منى رجا خلاص.. انا هصفى لحالي.. اكلم الحيطان لحد مااتجنن واشحت الناس شحاته تلافينى الحاجه ولا تقضيلي مُصلحه. 

تعرفى يابسيمه إني عتمنى لو كنت متت، كان هيوبقي ارحملي واحسنلي واحسن للكل. 


بسيمه كلام همام هز بدنها وحست بشفقه عليه وعلى حاله، لكنها دارتها وردت عليه بكل جمود:

المرض والصحه، الفقر والغني، المحبه والكره، كل الحاجات داي نصيب وكل واحد ونصيبه ياهمام اللي كاتبهوله ربنا على جبينه من وهو عيل صغير، لسه حتتة لحمه حمره. وفي الاخر ملناش غير اننا نحمدوه ونشكروا مجايبه وعطاياه. 


همام بندم:

- له يابسيمه ديه مش المكتوبلي من واني صغير، ديه جزات اللي عيملته فوحده ضعيفه لا حول ليها ولا قوة، دي جزات الشوطان اللي كان معشش جواي، ديه عقابي من ربنا، كيف ماحسستها بالعجز وسلبتها اعز ماتملك ربنا سلبني حياتي وخلاني عاجز لباقي عمري..ديه القصاص العادل يابسيمه؛ وعشان اني اللي جنيت على روحي مش هلوم غير حالي. 


بسيمه سكتت ومتكلمتش ولا ردت عليه؛ لانها معارفاشي تقوله ايه، هو صحيح ندم واعترف وعيعترف بذنبه، بس برضك كل ديه ميشفعلهوش عندها، وخصوصي بعد حال اختها اللي شافته امبارح، واللي جدد جواها الكره والغل ليه من تاني. 

صوح ندمه واسفه جايز يشفعله حدا ربنا ويسامحه، لكن هي مش ربنا ولا حداها ليه سماح، ممكن شفقه صوح، لكن سماح مستحيل. 


❈-❈-❈

في بيت المقاول 

خلص اول يوم بحلوه ومره، علي كل سكان البيت، وجه تاني يوم، وكرار قام من النوم علي حس شوقيه وهي عتصحيه وتقوله:

كرار، ياكرار.. قوم ياحبة القلب، قوم عشان تندلى الشغل مع الرجاله، قوم ياعيني متسبش السايب في السايب إكده وشوف الرزق اللي جاي من معدات ابوك جاي منين وعيروح فين. 

كرار فتح عنيه بصعوبه، وبص حواليه لقى الدنيا لساها مغبشه والصبح لساه مصبحش زين فبص لشوقيه بإستغراب وسألها:

شوقيه انتي بايته تحلمي بالشغل ولا ايه؟ مالك ياحبيبتي اتنجمتي ياك؟ 

شوقيه ردت بحزم:

كرار، قوم من غير كتر كلام، من النهارده المعيله اللي كنت فيها زمنها ولى وراح وتنساها، ومن اليوم وطالع إنت اللي لازمن تكون الكل في الكل فى الشغل، وكل حاجه توبقي تحت عينك، وتعرف كل كبيره وصغيره عن اخواتك وعيال عمك ومتخليش الميه تسير من تحت منك وانت غافل. 

من النهارده إنت مش كرار..(انت المقاول) 

كرار بصلها وهو مستغرب وقع الكلمه على ودانه، لكنه حبها قوى، وبص بعنيه بعيد واتخيل حاله المقاول موطرح ابوه، ومنين مايمشي يلاقي احترام ليه وتقدير من الكبير قبل الصغير، وكلمته مسموعه ورأيه فوق رأي الجميع، وشعشعت فدماغه الكلمه، وبص لشوقيه ورد عليها اخيراً:

-وحياة عيونك ياشوقيه ليصير واكون المقاول وماهخلي حد ينولها غيري. 

شوقيه بتعالى:

-واني هكون مرت المقاول، ومرت المقاول لازمن تكون كبيره عالكل كيف ماجوزها كبير، وداي إنت اللي هتعيني عليها ياكرار، اسندني في البيت ووسط حريمه وكبرني، واني هسندك وهكبرك قدام الدنيا كلها. 


وبالفعل إبتدت اول مشوارها واول خطوه فاللي عزمت عليه، وخرجت من الاوضه وراحت عالموطبخ بخطوات ثابته، وكل الحريم كانوا متجمعين فيه بما فيهم حوريه، ووقفت وسطهم وبعلوا حسها قالت:

اصباح الخير عليكم.. النهارده نفسى فكشك ياحريم امانه وحده منكم تعملهولي، اصلكم خابرين اني مكنتش عحط يدي فحاجه فبيت ابوي ولا ععرف اطبخ، ولغاية مااتعلم اتحملوني عاد. 

وبصت لشام وبأمر قالتلها وهي عتشاورلها بأيدها:

وانتي.. هملي اللي فيدك وتعالي نضفيلي الأوضه وافرشيها، يلا. 

الكل وقف عن اللي عيعملوه هما وواعين شوقيه واقفه وسطهم وعتدي اوامر كيف المديره، وحتي حوريه استغربت، وردت عليها بنارها القايده منها:

عقولك ايه يابتي، اني خابره انك عروسه والعروسه عيحقلها يومين تلاته دلال، بس ديه من جوزها مش من ناس البيت، والحريم اللي داخله تؤمري وتتأمري عليهم دول كل وحده ماسكه حاجه فيدها ومتقدرش تهملها عالنص وتعملك اللي انتي صابحه تتوحمي عليه، وشام كمان وراها خدمه لازمن تخلص فمعادها، فياحلوه روحي نضفي موطرحك وتعالي اطبخي لروحك اللي نفسك فيه وكليه، 


ولو علي انك معتعرفيش تطبخي فاللي هتعكيه هتاكليه، اتعلمي فنفسك. 

خلصت كلامها وزعقت في البنات يكملوا شغلهم، وشوقيه طلعت من الموطبخ ودانها عيطلعوا دخان من حوريه، وراحت علي كرار وقفت قدامه وحطت اديها فوسطها وحكتله عاللي حوصول كله وفكرته بإتفاقهم، وهو راح على المطبخ طوالي.. وعشان مهيقدرش يحكم غير عاللي فيده بص لشام وبأمر قالها قدام الكل بحسه العالي:

شااااام.. هملي اللي فيدك وعاللي امرتك بيه شوقيه قوام، ومن الساعادي لو عصيتيلها أمر متلوميش غير حالك. 

خلص كلامه ونقل عيونه بين الكل وكمل كلامه.. عايز اقولكم حاجه والكل يسمعها ويفهمها زين.. من اليوم وطالع اللي يزعل مرتي كانه زعلني اني، واللي يكدرها كانه كدرني اني، واني زعلي عفش وانتوا خابرين.. واللي عايز يخسر كرار ويعمله عدوه يزعل شوقيه. 

قال اخر كلمه وبص لامه اللي كانت عتسمع الكلام وانفاسها عتعلى وتهبط من شدة الغيظ من ولدها، اللي بلفته بت العمده من اول يوم، ولسه هتفتح خشمها وتتكلم قاطعها كرار وهو عيبص لنعمه اخته وبأمر يقولها:

نعمه اعمليلي النهارده كشك نفسي فيه، وتعمليه زين عشان لو دوقته وملقيتش طعمه طيب هكبه علي راسك.. سامعه. 


قال كلامه وبص لامه بتحدى وهمل الموطبخ وطلع، وشوقيه من بعده ابتسمت بخبث وهي عتنقل عيونها مابينهم بشماته، وبصت لشام وشاورتلها بصباعها السبابه بأمر عشان تتبعها، ومشت قدامها على اوضتها، وشام عشان تقصر الشر تبعتها وهي حاسه إن فيه عهد جديد من العذاب بدأ، وايام مهتشوفش فيها غير سواد عتلوح فالافق. 

يتببع

 تكملة الرواية من هناااااااا 

لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله الجزء الاول من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا





تعليقات

التنقل السريع