رواية نفق الجحيم (الجزء الثاني) الفصل السادس عشر والسابع عشر والثامن عشر والتاسع عشر والعشرين بقلم ريناد يوسف كاملة
رواية نفق الجحيم (الجزء الثاني) الفصل السادس عشر والسابع عشر والثامن عشر والتاسع عشر والعشرين بقلم ريناد يوسف كاملة
نفق الجحيم الجزء الثاني الفصل السادس عشر
بسيمه وقفت قدام همام شويه، وهو مسح عيونه وبص بعيد، وبعدها اتقدمت عليه وسألته لو عاوز شي تعملهوله، متجاهله دموعه وحالته، وهو بمنتهى الوجع والقهر رد عليها:
له معاوزشي حاجه، معاوزشي منيكي حاجه واصل. وبص على باب الأوضه وزعق بعلوا حسه:
اماااااه.. سعوووده.. روايح.. انتوا ياللي بررره تعالوا.. امااااه.
التلاته جم عالأوضه يجروا ودخلوا على همام، وحتى ابوه سمع حسه وجاله يجري من الدكانه بخوف ودخل عليه الأوضه، ووقف قصاده يسأله بخوف عن سبب زعيقه وعصبيته؟ وزاد خوفه وهو واعي عيونه مطعونين بالحمار ومليانين دموع، وبعد كل الأسئله بتاعتهم لهمام عن سبب حالته، اخيرا همام خد نفس قوي وقالهم:
وحده فيكم انتوا التلاته تاجي تساعدني اقضي حاجتي، والأولى بيا امي، ومن إهنه وطالع انتوا المسئولين عن كل حاجه تخصني، وكلي وشربي ورعايتي، خلاص متتكلوشي على حد، حدش دايملي غيركم، واني شيلتكم وتتحملوني برضاكم او غصب عنكم.. خلاص من اليوم جحا اولى بلحم توره.
وكتر خير الناس الغريبه لحد إهنه عاللي اتحملته وصبرت عليه.
خلاص كلامه وبص لأمه وزعق فيها:
همممي ساعديني ولا مستنيه لما اعملها علي روحي، وانتوا اطلعوا بره، كلوا يطلع من الاوضه معاوزش غير امي معاي، وانتي ياسعوده هاتيلي لقمه اكلها يلا، يلااا.
خلص كلامه وبص لبسيمه نظره ذات مغذي، وبسيمه الموقف كله ولا نطقت فيه كلمه، ومن سكات خدت بعضها وطلعت اول وحده فيهم، وهملته يقاسي إحساس قاتل بالخوف والخذلان وكسرة النفس،وكسرة القلب كمان، وهو متوكد إنه مليهش اي حق فيهم، ولا هي عمرها ادتله امل عشان يحس عليه الاحاسيس داي، لكن القلب وماينسج.
❈-❈-❈
في جنينة بيت المقاول
ابو دراع:
ايه اللي عتقوليه ديه ياستي، وأشمعنا اني اللي جايه تشيليني الشيله الواعره داي؟
عديله:
جايبه الشيله للي كدها ياابو دراع واللي يقدر يحافظ عليها. وعلى رأي المثل رايحه فين ياأمانه، رايحه للي يصوني.. وإنت سيد من يصون الامانه. مد يدك ياولدى إتلافى مني وشيل عني، العمر ولى واني خايفه عالمسكينه وبتها اللي ليهمش حبيب وصاحب في البيت ديه بعد مني.
مد يده ابو دراع وخد صرة الدهب والفلوس وهو عيتلفت حواليه، ودخل بيهم البيت قوام وقفل الباب وراه، وقعد على السرير يتلفت حواليه فى الأوضه محتار يدسهم فين، ومن وسط حيرته حط الصره جاره عالسرير، وفتحها عشان يفصل الدهب عن الفلوس ويدس كل حاجه لحالها، وبمجرد مافتحهم وبص للدهب ومسكه فيده عقله وداه لشي لو غفل عنه يروح في ستين داهيه، وحتى شام كمان تروح معاه، الدهب ديه دهب شام، وهي قبل سابق قالت انها عطته لابوها، ودلوك لو حد لقى الدهب بتاعها حداه مليهش غير تفسير واحد، إنها عطتله الدهب ليه هو مش لأبوها، والوحده متهاديش بالدهب غير عشيقها، فلم الصره قوام على الدهبات وصرها، وحطها فجيبه، وقام دس القرشينات في صندوق خلجاته لغاية مايندلى البندر يشتري بيهم دهب ويعينه مع باقي الدهب، لان الدهب قيمته هتزيد مع الايام، بعكس الفلوس اللي كل ماتقعد قيمتها تقل ماتزيدش، وخد بعضه وطلع قوام من البيت وهو حاطط يده على جيبه اللي فيه الدهبات، وحاطط يده على قلبه من خوفه احسن يتعكش بيهم،، ولغاية ماوصل حدا المعمل بتاع حكيم، والخوف رفيق خطواته، ومن حسن حظه إنه لما دخل لقى حكيم قاعد في المعمل النهارده وعيحسب في الحسابات، فقرب عليه ورمي السلام، وحكيم رد السلام بأحسن منه ودعاه للقعاد،
وقعد ابو دراع، وبص لحكيم ودخل في الموضوع بدون مقدمات، وطلع صرة الدهب من جيبه وحطهم قدامه وقاله دي امانه ناخيك تشيلهالي عندك، وعشان حكيم ابو النخوه وسيد من يلبي وافق من غير اي اعتراض، ومن غير حتي مايعرف ايه اللي فى الصره، ورد عليه وهو عيمد يده ياخدها من عالمكتب:
أمانتك في الحفظ والصون ياابو دراع لغاية ماتطلبها.
اتشكره ابو دراع بعد ماحس إن هم كبير انزاح من فوق كتافه، وهم عشان يقوم، لكن حكيم وقفه وهو عيقوله:
ايه ايه، خيرك ياراجل على وين، بقي جاي تشتمني فموطرحي وتمشي يعني، كيف عايز تمشي من غير ماتاخد واجبك وانت حليت علي حكيم في موطرحه ضيف؟
خلص كلامه وماانتظرش ابو دراع يرد او يعترض، وفوراً وصاله على شاي ولنفسه كمان، وبعدها التفت لابو دراع وقاله:
غير واجب الضيافه المفروغ منيه، عايز كمان اسألك كام سؤال إكده بخصوص بت عم عبصمد، عايز اطمن عليها واعرف اخبارها، قولي المسكينه عامل ايه الزمان فيها؟
أبو دراع خد نفس ورد عليه بشفقه على حالها:
هيكون عامل ايه الزمن فيها يعني، عامل كيف ماعيعمل في المظلوم اللي مليهش حد، بس اهي عايشه وعتقادش، صوح تعبانه بس حدش عيموت من تعب جسمه.. واهو كرار اتجوز والتهى عنيها وهي التهت ببتها واتصبرت بيها، وعجلة الدنيا عتدور وايام العمر عتنقضى كيف ماكان.
حكيم هز دماغه بأسي ورد على ابو دراع:
صدقني كل مااسمع إن المخلوقه داي تعبانه فعيشتها احس بالذنب، وبأن الحكم اللي حكمه ابوي عليها بعد ماعطيته رأيي حكم جاير وتم بسببي.
ابو دراع بإعتراض:
بالعكس داانت بحكمك حييت روح وبفضلك روح جديده خلقت في الدنيا بسببك، وبعدت عار عن راجل غلبان وبناته وسترتهم، وبعدين العذاب والتعب ربنا مقسمه عالمخاليق نوايب، وكل واحد ونايبه اللي مقسمهوله ربنا.
وان كان على شام هو ديه نايبها، سو انت حكمت عليها او محكمتش، كله مسطر عالجبين يابو عمو، واللي مكتوب عالجبين لازمن تشوفه العين.
حكيم اتنهد، وبص للعامل اللي جالهم بالشاي، وخده منيه حطه قدام ابو دراع، وابتدا في سره يدعي لكرار بالهدايه وصلاح الحال، ويدعي لشام بالصبر والراحه.
شرب ابو دراع شايه مع حكيم، وقام مشى وعاود على البيت، وهناك خد الفلوس واندلى عالبندر وقال خير البر عاجله، عشان يشتري دهب بيهم هما كمان، ويروح يوديه لحكيم يحطه عالامانه، وبكده يوبقي كل الهم انزاح عن قلبه، ويعاود تاني خالي البال بعد مالامانه عرفت طريق اللي هيصونها صوح.
اما حكيم فبعد مامشي ابو دراع، حط الصره في الخزنه، وقفلها وخد بعضه وطلع قاصد بيت همام، عشان يشوفه ويطمن عليه ويعوده،
الا من ساعة ماطلع من المستشفي مازارهوش غير تلات اربع نوبات بس، ونوبتين منهم لما كان رايح يديه شهريته، اللي بسيمه فكل مره تنشف ريقه لولا ماترضى تاخدهم منه او تخلي همام ياخدهم.
وصل حكيم قدام البيت، وحود على حمدون في الدكان سلم عليه، وطلب منه يدخل يفضيله طريق عشان يدخل لهمام يقعد جاره هبابه، وبالفعل دخل حكيم لهمام، ومن أول مابص عليه وشاف ملامحه الدبلانه، عرف ان فيه حاجه حاصله ومنكداه، وهمس لروحه إن مفيش حاجه تخليه في الحاله داي، غير وتكون متعلقه ببسيمه وعشقه ليها، واتوكد من إكده لما بسيمه هي كمان جات سلمت عليه، وبصت لهمام، وهو لأول مره يشوفه عيهروب من البصه عليها على غير عادته.
طلعت بسيمه تعمل شاي لحكيم، وحكيم بص لهمام وقاله:
ليه عيون العاشق تمتنع عن البصه للحبيب وتهروب منيه إكده!
رد عليه همام بوجع:
عشان يتعودوا علي قلة شوفته، عقلل الشوف عشان لما يتفطموا بالبعاد ميتعبوش من الاشتياق ويدوروا لما يتعبوا.
حكيم:
ومين جاب سيرة البعاد، بسيمه قالتلك إنها هتبعد عنك دلوك؟
همام:
دلوك. ولا بعدين هتفرق إيه، ماهو حاصل حاصل، وبعدين ياريت البعاد يتم قوام قوام، عشان كيف ماعيقولوا وقوع البلا ولا انتظاره.
حكيم رد عليه بشفقه وقاله:
ومين عارف يمكن ربك يُحدث امراً تنقلب بيه كل الموازين ويتعدل الحال.
همام ابتسم وهز دماغه بيأس ورد على حكيم:
امر ايه بس ياحكيم، مالجواب باين من عنوانه وخابرين اللي جوه الظرف زين.. مفيش موازين هتتقلب، عشان هي اصلاً مقلوبه لحالها.
حكيم: اوعاك تقنط من رحمة ربك ياحزين، وبعدين إنت جاهل بشي لو عيملته وواظبت عليه ربك هيحققلك كل اللي عتتمناه، كنز ياهمام حداك وإنت معارفشي قيمته ولا خابر هو فين، الكنز ديه في لسانك، الكنز ديه هو دعواتك وتضرعك لله والحاحك عليه بطلبك حتى لو كان مستحيل، اسأله يوريك عجائب قدرته في الاستجابه وشوف بعدها ربك عيعمل ايه.
همام بص لحكيم بصة أمل وحكيم هزله دماغه بتأكيد ورجع قاله:
اطلبها من ربك ولح فطلبها، اذكره ليل نهار واستغفره لعله يشيل أو يخفف اللي فقلبها من تلاك ويهديها عليك، ومش بعيده عليه يزرع محبتك في قلبها، كله بالدعا والقرب من ربنا يسير ياهمام.
خد قعدته حكيم، وقام مشى، ودخلت بسيمه الأوضه من بعده، ودخلت فرشتها تناملها هبابه وتريح جتتها، وبرضوا متكلمتش مع همام حرف واحد، غمضت عينها وشويه وفتحتهم على همام وهو عيزعق بعلوا حسه: اممه امااااه، امممه تعالي..سعوده، رواااايح
مره وتنين وتلاته همام نده على امه وخواته، لكن مفيش وحده فيهم ردت عليه، مع إنه سامع حسهم بره، وسكت بعدها متكلمش وهو حاسس بخذلان كبير قوي، وغمض عيونه بألم، لكنه فتحهم على لمسه منها وهي عترفع راسه بيد وماسكه فيدها التانيه القله، كيف ماتكون خابره هو عايز ايه من غير مايقول.
ثواني فضل باصصلها بصة وجع ممزوجه بعتب ولوم ورجاء، وكل ديه بسيمه قابلته ببصه بارده، وأكتفت بإنها تثبت عيونها علي رقبته والجرح اللي فيها؛ عشان تقوله من غير كلام إنها عمرها ماهتنسى اللي عيمله وإنه ملهش حق لا فعتب ولا لوم، ولا المفروض يكون لقلبه عين يحبها من اساسه ولا يطالبها بأي محبه ليه.
وهمام اول ماشاف عيونها على جرحه نزل عيونه للأرض بخزي، وفوراً رفع يده حطها فوق جرح رقبته يخفيه عن عيونها، وهي لما طالت وقفتها حطت القله جاره وعاودت لفرشتها وقطعت الحديث الصامت اللي بيناتهم، واللي همام مليهش اي حق فيه من وجهة نظرها.
اما همام فبعد مابعدت من قدامه بصلها بحزن، ومسك االقله وبكل القهر اللي فيه رماها عالأرض كسرها، وبسيمه رد فعلها عاللي عيمله مكانش اكتر من انها غمضت عنيها وخدت وضع نومتها المعتاده وراحت في النوم ولا كإن فيه حد معاها في الاوضه عيتحرق حرق بسببها.
❈-❈-❈
أما أبو دراع
فراح علي البندر بفلوس سته عديله ونزل على صايغ واشترى بيهم كلهم دهب، لكن فضل مبلغ قليل كان يادوبه جايب جرام، فرجع بيه وفطريقه شاف واحد عيبيع غنمه عجبته قوي، فوقف وفاصل فيها وطلع حقها بنفس المبلغ اللي فجيبه اللي اتبقى لشام، فأشتراها على اسمها، وقال لحاله اهي ماسكه حقها وتزيد ولما تعمل حق حتتة دهب يبيعها ويجبهالها بحقها، ولو ماتت او جرتلها حاجه هو يتحمل بحقها.. وحود عالبيت نزل الغنمه وسط غنماته ومكانش محتاح يعلمها بعلامه كيف غنمات سلام؛ لانها كانت متعلمه رباني وشكلها مختلف؛ والوانها كيف ماتكون مرسومه رسم.
وبعدها راح بالدهب على المعمل حدا حكيم، وعطاه باقي الدهب وقاله يحطه ع الأمانه، وحكيم عيمل إكده من غير برضوا مايسأله ولا يقوله نص كلمه، ورجع بعدها ابو دراع البيت، ونده على سته عديله وقالها عاللي عيمله، وعديله فرحت قوي لانها فعلا عطت الامانه لحمالها.
وعاودت لشام وقالتلها إن دهبها عند ابو دراع امانه، ونبهت عليها متاخدهوش منيه غير للشديد القوي، ولسبب يكون قوي، ولعازه شديده.
ومكتفتش بالكلام، داي خلت شام وعدتها كمان بديه.
❈-❈-❈
أما حدا حوريه فى اوضتها
فضلت صاحيه بالليل ورايحه وجايه، وعشان أوضتها بالظبط فوق أوضة كرار، صوت رجليها اللي كان يخلي السقف يعمل صرير بسيط كان واضح لشوقيه وضوح الشمس، شوقيه اللي بقى يجافيها النوم من الفكر، من ساعة ماعرفت إن عديله كشفت المستور، وعتفكر بكل جديه إنها لازمن تتصرف ناحية عديله تصرف يخرسها خالص، ويخلي السر يندفن جواها، ايه هو التصرف وكيف، مقدرتش تقرر، بس اهي عتفكر وعارفه انها هتهتدي لحاجه في النهايه، ومن بعد عديله الدور ياجي عالدايه.
لكنها وقفت التفكير بعد صوت خطوات حوريه، وفضلت متابعه خطواتها بودانها وعيونها اللي كانت تمشى ورا صوت الخطوات عالسقف.. وفجأة الخطوات وقفت، ودقايق وعاودت تاني، فقررت شوقيه تقوم تروح على حوريه وتشوف ايه اللي قالقها،
وحجتها لو سألتها عن سبب طلوعها إنها حاسه بمغص وتسألها تعمل ايه،
وبالفعل قامت تتسحب، وطلعت لفوق، للنص التاني من البيت اللي متعرفشى اصحابه ايه عيدور معاهم أو حداهم ايه اسرار تفيدها؟! بس الاكيد ان الكتير من الاسرار هتكتشفها تحت جنح الليل.
وبمجرد ماوصلت فوق، ابتدت تتنقل من اوضه لأوضه، وكل أوضه تحط عليها ودنها وتحاول تسمع اللي وراها صاحيين ولا نايمين، ملقتش غير صفوت وورده بس هما اللي صاحيين وعيتودودو، هملتهم ولسه هتروح علي أوضة حوريه، شافت بابها عيتفتح بالهداوه، فقوام اتخبت فزاويه بحيث حوريه متشوفهاش، وبصت بنص عين عليها، وشافتها طالعه بكلوب تتسحب، بعد ماردت الباب بالهداوه من غير صوت كيف مافتحته بنفس الهداوه.
وطلعت حوريه وحده وحده عالسطح بعد مااتلفتت حواليها واتوكدت ان محدش صاحي ولا حد شايفها، ومتعرفش إن القاصد غالب.
وطلعت السلالم لفوق وهي عتهمس لروحها:
الارض واتقسمت والمعدات وغارت، واللي كنت عخططله كله ضاع، ودلوك الفلوس متنفعشي طمرتها، خلاص دلوك كل واحد معاه عذره لو بانت عليه فلوس؛ هيقول من شقايا وكدى، واني لازمن احط الفلوس داي فشي مفيد، شي يكون ليا اني وينفعني، وخصوصي بعد ماشفت اللي جرا لعديله من بعد رجالتها ماراحو واللي قاعد مليهش عازه، وكيف بقت تستجدي القرش، واني حوريه اللي لا ينفع تمد يدها ولا تستجدي من حد. وخصوصي إن عيالي مفيش فيهم حد بنص محنة عيال عديله وكلهم قلوبهم. جافيه عليا وخيرهم من دلوك صب في حجور حريمهم.
خلصت كلامها وكانت وصلت السطوح، فراحت علي صومعة الغله اللي عليها العين والنيه، وابتدت تفتح فيها بالهداوه برضك،
وكل ديه شوقيه مراقباه من بعيد والعجب والفضول هيموتوها عشان تعرف حوريه عتعمل ايه، وبس حوريه بعبشت في الصومعه وطلعت بالصره، شوقيه فهمت اللي فيها، وعرفت القصه كلها، لأن كرار كان حاكيلها قبل سابق عن الفلوس الكتيره اللي اتسرقت منهم ومعرفوش مين سراقها وراحت وضاع الحق.
، بس هي دلوك عرفت الحرامي، وهي الوحيده اللي شافت القرد وين كان داسس ولده، وحلفت بكل عزيز وغالي إن الفلوس داي كلها ماتكون لحد غيرها، وانه رزق وجالها من السما، وإن البيت ديه مليان كنوز بس للي يفتح عيونه.
واتخبت للمره التانيه وهي واعيه حوريه نازله تتسحب، وبس نزلت تبعتها لتحت، وبمجرد ماحوريه قفلت باب أوضتها عليها، قوام شوقيه راحت وقفت وراه ورشقت عينها من خرم الباب وقلبها كان هيوقف من كتر الصدمه والفرحه وهي شايفه حوريه فاتحه لفة الفلوس عالسرير وشافتهم كد ايه، وكيف حوريه عتتطلع عليهم بعيون عتلمع من الفرحه والطمع، وبعدها قامت خبتهم، وبعدها نزلت شوقيه على تحت وهي مطمنه على ثروتها الجديده وعارفه موطرحها.
❈-❈-❈
أما حدا بيت عبد الصمد
اتحدد ميعاد فرح بشاير والسيد، وعدت الايام وخلاص بعد بكره الفرح، والاستعدادت قايمه من دهب وعبد الصمد، وديه اول فرح لعبد الصمد يكون فرحان فيه لبته وبيها وهو واعي فرحتها، وحتي دهب مرته كمان كان واعيها فرحانه وهي عتتطلع لبتها والضحكه اللي علي وشها،
والتنين عيجيبوا ويحطوا ليها من فرحتهم، وجهزوها جهاز عروستين.
أما السيد فكان طاير من الفرحه، وجهز اوضته وخشبها، وزينها بيده ولونها وحتى صب ارضيتها صبه وداي حاجه كانت جديده ومحدش كتير عملها، بس قال الزين يدوس عالزين،
وخلاها اوضة احلام اي عروسه، وخد اجازه من المعمل، وحكيم صرفله مكافئه بمناسبة جوازه، اندلى البندر وجاب بيها كلها لبشاير هدوم على عجب عينه، حاجات تزغلل العين، وكله حطهولها في الدولاب عشان تاجي تلاقيه وتفرح بيه، وعمل حنه كبيره عزم فيها اغلب اهل البلد، ودبح الدبايح، ودقت الفرحه بيبان قلبه، وخلاص عيعد الساعات والدقايق علي جية منية الروح لبيته ولاحضانه.
أما همام فكان سامع حس الطبل والزمر اللي حدا السيد، وعماله تطلع منيه تنهيده ورا التانيه، وهو حاسس إن الكل عايش حياته طبيعي، وكله فرحان، وهو بس اللي خد عقاب العمله اللي عيملوها فشام لحاله، لكنه رجع وفكر روحه إنه يستاهله ويستحقه، لأن هو اللي بدا، ولولاه مكانش حد منيهم عيمل حاجه، وإن البادي دايماً هو الاظلم.
واتلفت حواليه وشاف موطرحها الخالي، وضرب على رجليه بقهر وهو مفتقدها من ساعة ماراحت لبيت ابوها، واستغل إنه مش حاسس وفش غليله في الضرب على رجليه، كيف مايكون ماسك حد غيره وعيضروب فيه ويعاقبه على الشوق اللي فقلبه وع الحسره وعلى الندم وعلى كل شي. أو كيف مايكون عيحاسبهم على كل خطوه خطوها فطريق الغلط والحرام، واهم اتحرموا من الإحساس بسببها.
❈-❈-❈
حدا بيت عبد الصمد
سهرانه بسيمه مع اختها فليلة الحنه وعتجهزها تجهيزة العرايس، وطول الوكت بشاير تسألها عن حاجات خاصه بالليله اللي مستنياها بكره، علي اساس إن بسيمه سبقلها الجواز وحداها خبره، وبسيمه معارفاشي ترد عليها، ولاقادره تقولها إنها زيها زيها لا اتجوزت ولا شافت جواز، لكنها خافت تنقل الكره اللي جواها لاختها لو سألتها عن السبب، وتخليها تحس بنفس إحساسها وتاخد نفس الموقف من جوزها، وخصوصي وهي واعيه فرحتها بيها، وسمعت كلام امها وابوها عنه، والتنين اكدولها إن السيد غير عن همام وكرار،
فهملت اختها على عماها عشان تعيش، وفهمتها إن اللي جرا لشام نصيب، وإن جوزها تاب واصلح وغلطه واتنست، عشان تطلع اي ذرة تردد من جواها ناحيته،
وقالت خليها تعيش، مش هنبقوا احنا التلاته اموات بالحيا.. وبالنسبه لأسئلة بشاير، بسيمه قالتهم كلهم لأمها وخلتها هي اللي تجاوبها عليهم، وحتى بسيمه كانت قاعده عتسمع بإنتباه، ولكنها عتمثل انشغالها فترتيب حاجة اختها، بس الودن وسطيهم قاعده.
وخلصت الحنه، وجه يوم الفرح، واتزوقت بشاير بألوان الفرحه، وطلعت احلى عروسه تشوفها العين، وبرز جمالها واتغيرت ملامحها وكبرت عن سنها ياجي سنتين تلاته، وبس بصت لروحها في المرايه ضحكت بفرحه وهي عتتخيل رد فعل السيد لما يشوفها، وحتى بسيمه هي كمان خلت البلانه زوقتها على نفسها اللي طلبت الزواق،
ولبست فستان اسود بخيوط دهبي عريضه لماعه، وطلعت فيه كيف البدر المنور، والعصبه أم خرز الوان فوق راسها وعليها الطرحه، خلت كل العين اللي تبص عليها تبرق من الجمال، ولأول مره بسيمه تقف قدام المرايه وتبص لروحها وتتطلع لجمالها اللي اتحكم عليه بالدفنه، وتتحسر على شبابها، وغمضت عنيها وهي عتتخيل روحها موطرح بشاير ولابسه فستان الفرح، وعتتزف لحبيب مستنيها عشان تنور حياته وتعيش معاه ويعيشها السعاده.
لكنها فتحت عيونها وفكرت حالها إن الحلم ديه مش بتاعها، وإن النصيب اتكتب، وخلاص لا فيه عريس هيستنى، ولا سعادة هتتعاش،ويمكن مفيش غير بس همام وعجزه، وأيام كيف بعضها تتعاش من غير اي جديد.
شويه وجه حكيم بطرومبيل خده من واحد صاحبه يجامل بيه عبد الصمد واهل بيته، وخد بشاير ومعاها بسيمه وأمهم دهب، وقام بيهم على البلد اللي خدت بنات عبد الصمد التلاته كيف النداهه،
وطول الطريق بشاير ماسكه يد بسيمه وعتضغط عليها من شدة التوتر، وبسيمه تطبطب على يدها وتهديها، ولغاية ماوصلوا على مشارف البلد والتوتر زاد ماقلش، وبمجرد ماوصلوا أول البلد، وقف حكيم الطرومبيل وهو واعي فأول البلد جمل بارك بهودج متزين، والسيد واقف وماسك لجام الجمل، وعرفوا كلهم إن ديه هودج الزفه اللي جايبه السيد لبشاير عشان دخلتها البلد يكون ليها هيبه.
فركن حكيم الطرومبيل علي جنب وراح على باب الطرومبيل فتحه، ونزلت دهب من باب ووراها بسيمه، ولسه هيلفوا عشان ينزلوا بشاير، لقوا السيد سبقهم ليها، وفتح الباب ونزلها، وشالها وسط الكل ووداها عالهودج وهي ميته من كسوفها، وعتحمد ربها على الطرحه اللي مداريه وشها من الناس؛ والا كان الكل شاف كسوفها،
وبمجرد مانزلها ركبت الهودج قوام، والسيد قوم الجمل، وابتدت خطاوي الجمل ببشاير ناحية بيت السيد، ومع كل خطوه تقربه وتقربها من البيت، يعلى صوت قلبه بالطبل وتزيد رعشة الفرحه فكامل جسمه، لدرجة إنه بقي حاسس إن رجليه مش شايلينه.
أما دهب وبسيمه فكانوا ماشيين ورا الهودج وشايفين اهل البلد والزفه الحلوه وفرحة ام السيد وصوت زغاريتها وزغاريت الحريم اللي عتجاملها، وغصب عنهم الفرحه دخلت قلوبهم، واتمنوا لبشاير إن الفرح يفضل ملازمها لباقي عمرها، وإن السيد يكون ليها نعم العون والسند.
ووصلوا حدا بيت السيد، وبرك الجمل، وخطف السيد عروسته واتحرك بيها ناحية البيت، لكن الكل وقفوه، وخلوه ينزلها ويقعدها هبابه وسط الناس اللي جايه ومتعنيه من اخر الدنيا عشان تشوف العروسه الغريبه،
وغصب أمه حكمت عليه يشيل الطرحه بتاعتها ويكشف عن وشها للناس، وهو مكانش راضي، وبعد الحاح وافق، وبمجرد مارفع طرحتها وشاف وشها وجمالها نزل الطرحه عليها تاني قوام.
لكن امه جبرته ورفعتهالها هي، وهو حس بإنه قعد على كوم جمر من لحظة ماوشها اتكشف والعيون كلت وشربت فجمالها، وفضل يشتم في سره على امه لما ودالها مقطف شتايم.
ومش بس هي اللي الناس كلتها بعيونهم، له دول كمان فصصوا بشاير تفصيص وحتي دهب امهم مسلمتش من عيون الناس، وكأنهم ببياضهم وحلاهم كيف مايكونوا ٣ قوالب سكر نبات وسط اكوام فحم.
وبالعافيه صبر السيد حوالي ساعه على الوضع ده،وبعدها خطف بشاير خطف من وسط الناس وجرى بيها على البيت، ودخلت وراهم دهب البيت تستنى البياض كعادة اهل الصعيد،
وأما بسيمه فعاودت على بيتها وهي خابره ومتوكده إنها هتلاقي همام علي آخره من غيابها، حتي لو مثل عكس ديه، وبالفعل اللي حسبته لقته، وبمجرد مادخلت البيت وراحت على اوضتها وفتحت عليه الباب التفت عليها قوام بلهفه، ووشه قوام انطعن بالسواد من الغضب اول ماعينه جات عليها، وبعلوا حسه زعق:
ايه اللي عاملاه فروحك ديه؟ وكيف مشيتي وسط الرجاله باللي فوشك واللي لابساه ديه، خلاص ابتديتي تتصرفي على إنك من غير راجل، ولا عايزه تزغللي العيون وتجمعيلك عريس فلاول؟
بسيمه سمعت كلامه وبرقت عنيها بصدمه وهي مش مستوعبه اللي قاله: وفوراً اتقدمت عليه ومسكته من خلجاته، وفى اللحظه داي لا شفعله عندها مرضه ولا عجزه، ونست كل حاجه الا الكلام اللي طلع من لسانه واتهامه ليها الصريح بأنها بلا اخلاق.
❈-❈-❈
أما في بيت المقاول
نزلت حوريه المطبخ كالعادة، والنهارده أول يوم شغل بُنا فبيت نعيم الجيد، والحريم كلهم ملهين مابين عميل شاي للشغاله، لتجهيز الوكل للغدا، وكل وحده بلا استثناء حاطه يدها فحاجه، وحوريه من وكت للتاني تبص لعدويه ونفسها تقولها كلام كتير، وتسكت متقولوش، لكنها في النهايه مقدرتش وقالتلها:
والله وهتوبقي ببيت لحالك ياعدويه وهتوبقي سته، بس اوعك تفكري إنك هتحكمي علي بناتي ولا تعملي عليهم حما هناك وتستفردي بيهم، حطي فبالك إن زي ماليا حداكي بتين ليكي حدايا بتين واللي يجرا علي بناتي هيجرا علي بناتك واكتر.
ردت عليها عدويه وهي عتسك الحطب جوا الكانون:
يختي لو عالوعاره كان اتواعرت من زمان وحكمت ورسمت، ماني طول عمري فايتالك الحكم والرسم، وبعدين بناتي ايه اللي هخاف عليهم، هتعملي فيهم ايه اكتر من إكده، اذا كان مسخراهم هما وامهم، ايه هتعمليلهم ساقيتين وتربطي كل واحده فساقيه؟ اعمليها وعيب عيب اللي يقولك عتعملي ايه، اهم فبيتك وتحت يدك وليهم رب.. وبناتك اللي خايفه عليهم مني اني احن عليهم منك لعلمك، وبعدين اني قاعدالك اهنه مماشياشي، يادوبك الديك ييدن تلاقيني فوق راسك، دا ان مبيتش فأوضتي ومهملتهاش.
حوريه بصتلها ومردتش عليها، لكنها بصت لباقي الحريم وزعقت فيهم بعلوا حسها:
همي منك ليها وكل وحده تشهل، عتشتغلوا كيف المشلولين جاكم وحط فيكم.
خلصت زعيق ونقلت عيونها مابينهم، واتحسرت بينها وبين روحها علي حبات السبحه اللي هيتفرطوا من بين اديها، وبناتها اللي هيبعدوا عن عينها، وعالبيت اللي ابتدا يفضى من سكانه وحده وحده، وعلى جيشها واسطولها وسلطته اللي عتزول بالهبابه.
عدت الساعات، وخلصوا الغدا، وطلعت حوريه ترتاح في اوضتها شويه وتفرد ضهرها بعد ماادتهم التعليمات اللي يمشوا عليها وينفذوها، وبمجرد مافتحت باب اوضتها وشافت صندوقها منبوش وخلجاتها عالارض، جرت عليه وفتشت عالفلوس ولما ملقتهمش كتمت صرخه جواها، وندبت علي راسها وخدودها ورجليها، وبعدها وقعت جار الصندوق مغمي عليها من غير ماحسها يطلع ولا حد يحس بيها..
بقلم ريناد يوسف
يتببع
نفق الجحيم الجزء الثاني الفصل السابع عشر
طولت غيبة حوريه، وساعة غدا الشغاله جات، وشوقيه من ساعة ماشافت حوريه طالعه على اوضتها وهي مستنيه تسمع اي رد فعل منها، ومع انها كانت متوقعه ان حوريه مكانتش هتقدر تتكلم، الا انها كانت حاطه فبالها احتمال ان حوريه تخلقلها سبب وهمي وتثور عليه، وتطلع غضبها من خلاله.
طولت غيبتها لدرجة ان حريم البيت استغيبوها وعدويه قالت لبدور تطلع تشوفها، وبدور طلعت بالفعل وفضلت تخبط على باب خالتها حوريه، لكنها خبطت كتير وملقتش رد!
فقلقت وابتدت تنده عليها بحس عالي وتخبط بقوة اكتر، ولما برضوا ملقتش رد منها راحت على السلم ووقفت علي اوله وابتدت تنادى علي اهل البيت وتقولهم:
الحقوا مرت عمي، والكل فثواني كانوا طالعين عالسلم، وابتدوا البنات يكسروا في الباب، ومع بعض قدروا، واول وحده دخلت عليها هي عدويه اللي جرت عليها ورفعت دماغها علي رجلها وهي عتبكي وتقولها:
قومي ياختي، قومي متزعليش والله اني لا عايزه ابقي ببيت ولا عايزه اتحكم فحد، وخلاص عايزاش بيوت اني هقولهم يبطلوا بُنا وهتقعدوا كيف مااحنا في البيت إهنه، مش هنبعدوا عن بعض واصل بس قومي، َزعقت في البنات اللي كلهم قاعدين حوالين حوريه وعيصحوا فيها ويبكوا بحسهم العالي وقالتلهم:
قوموا وبطلوا نواح وحده فيكم تجيب بصله ووحده تجيب بوق مايه قوام، ووحده تجيب كالونيا من بتاعة جوزها،
وأول وحده ابتدت تنفذ بدور اللي نزلت تجيب بصله من الموطبخ، واول مانزلت شافت ستها عديله واقفه علي أول السلم مستنيه حد ينزل منهم تسأله فيه ايه، واول ماشافت بدور سألتها بلهفه:
هاه ماتت؟
بدور ردت عليها وهي عتجري تجيب البصله:
لسه محدش يعرف، هنشمموها البصله ونشوفوها هتقوم ولا له، بس هي يعني محطاش منطق ولا عتسك ولا ترفص.
ردت عديله بهمس: ويارب ماتسك ولا ترفص، خليها تروح وتريح.
أما شام فكانت واقفه جار ستها عديله وشايله بتها، وواقفه محتاره عايزه تطلع تشوف فيه ايه وخايفه يحرجوها بكلمه وخصوصي بدور، فوقفت تتفرج من بعيد لبعيد.
اما شوقيه فبمجرد ماسمعت حس بدور وهي عتزعق اترجفت وخافت، وقوام راحت عالفلوس طلعتهم، ولبست الملس بتاعها وحطت الفلوس تحت باطها وطلعت بيهم، وقررت إنها تتخلص منهم وتحطهم حدا امها لغاية ماتعوزهم، عشان لو قعدوا في البيت حوريه مهتسكتش غير لما تعتر فيهم، ديه لو قامت منها بس.
طلعت شوقيه من اوضتها متلغفنه، وعديله شافتها، وشافت تحت باطها المعبعب، فراحت عليها قوام ووقفت قدامها وسألتها بحزم:
ايه اللي حاطاه تحت باطك ديه ورايحه بيه فين؟
وكيف طالعه تتسحبي وحماتك بين الحيا والموت، ومطلعتيش حتي تتطمني عليها؟
شوقيه وقفت وبلعت ريقها وجات تتكلم اتلجلجت في الكلام ومعرفتش ترد، ولما ادركت ان الوكت عيفوت وممكن حوريه تفوق وتقفشها، او ممكن الرجاله يعاودوا من بره وكرار يشوف اللي معاها وياخده ليه،
مره وحده زاحت عديله من قدامها وطلعت على بره تجري بالفلوس، وقالت لنفسها إن عديله سهل تلاقيلها مخرج بعدين.
وقوام عبرت الجنينه وطلعت من البوابه بتاعة البيت، وبمجرد ماخطت رجلها الشارع حست انها بقت في امان، فكملت مشي عادي علي بيت ابوها ولا كان حاصل معاها شي ولا باين عليها اي خوف.
أما عديله فوقفت ورا شوقيه مراقباها وهي ماشيه، وربطت اللي عتعمله باللي حوصول لحوريه، وفهمت الفوله، وهمست لروحها بقهر:
ااااخ ياحورية الكلب، استخسرتي الفلوس فولاد اختك وكنتي عايزه تحوزيها ليكي ولعيالك وبس، واديكي لا طولتيها انتي ولا عيالك، وخدتها الحدايه اللي حطت على عشك وخربته ونقرتك بمنقارها فنص قلبك، يلا تستاهلي اهو ربنا بعتلك الاقوى منك واللي هتخلص القديم والجديد وذنوب الناس كلها هتخلص منك والطاق طاقين.
❈-❈-❈
أما حدا همام
بسيمه بكل غضب الدنيا:
انت عتقول ايه ياعديم الربايه انت وعتتهمني بايه، من ميته بت عبصمد ديه تفكيرها ولا مشيها بطال، فوق لروحك وشوف انت عتتكلم مع مين، أنيي بسيمه اللي عمرك ماكنت تحلم إنك تقرب منيها، آني بسيمه اللي لو الظروف غير الظروف لو كنت عديت جارها مكنتش عملتك خلجه تمسح بيك مناخيرها ولا حتي تمسح بيك نعل جزمتها، بقيت مرتك صوح وحكم النصيب، بس ديه عمره مايديك الحق تقل ادبك ولا تتعدا حدودك معاي، ايه اللي ليك حداي إنت عشان تتحدت بسببه معاي إكده؟
احترام.. انت خابر إنه مليكش حداي منه ولا هبابه، محبه؟ انت خابر إنها ابعد من نجوم السما علي قلبي، عشره ومعاشره؟ انت خابر وانا خابره إن عشرتنا غصب ومحصولش بينا اللي ربنا ينزل عليه حتي هبابة موده ورحمه مابينا، يوبقي لسانك ديه تلمه من تلاي، ولو متلمش وعاز القطع اني قطاعته.. لم روحك ياهمام عشان مالمكش بطريقتي.
خلصت كلامها وسابت همام من الارتفاع اللي كانت رافعهوله خلته نزل بعنف علي المخده، وهو كل ديه سمعه وهو ساكت،
وبعدها اتحركت بسيمه من قدامه، وراحت علي الصندوق بتاعها طلعتلها غيار، وغيرت خلجاتها ورا الستاره اللي عاملاها في الأوضه، وبعدها طلعت جابت عشا وحطت لهمام عشاه جاره، وهي خدت عشاها وقعدت عالارض تاكل لحالها، ومن وكتها عينها مااترفعت علي همام، اللي فضل يسب ويلعن فروحه علي غلطته اللي غلطها فحقها، وعلى كلامه اللي كيف الدبش، وعلى غيرته اللي خلت عقله طار ومفكرش في الكلمه قبل ماينطوقها.
فضل باصصلها وهي عتاكل، وبعد شويه جلى حسه وبهمس مسموع قالها:
حقك على راسي يابسيمه اني محقوقلك متزعليش.
بسيمه ردت عليه بلا مبالاه:
لا حق ولامحقش، اصلا اني مهعملش لكلام واحد زيك باعت، عشان العيب لو طلع من اهل العيب ميوبقاش عيب، وأنت اكتر واحد أهل للعيب وللنجاسه والنكران وقلة الاصل ياهمام، وديه خلاك ماعليك عتب ولا لوم.
همام بكسره:
حقك تقولي إكده واكتر هبابه كمان، واني مهردش، عشان اللي باقي لينا مع بعض مش كتير اني خابر، خلى اليومين الفاضلين يعدوا زينين يابسيمه ونفتكروا بعض بالخير لما القلوب تشتاق..وقبل ماتنطوقي الكلام ديه ليا اني مش ليكي، عشان خابر زين إنك بعد ماتبعدي لا هتحني ولا تشتاقي، ولا فيه مابينا اللي تحنيله اصلا.
انتي هتتجوزي وتخلفي وتعيشي حياتك وتعملي بيت، وياخدك واحد محظوظ امه داعياله عشان هيتصبح بوشك كل يوم، هياكل من يدك، ويرتاح ففرشتك وينام على دفوا انفاسك.
واني بس اللي هعيش على طيفك، وهتهز بدني هبة الشوق اللي هتهب علي قلبي من وكت للتاني، والنصيبه إن الشوق مليهش دوا يابسيمه، مليهش غير الصبر وياعالم وكتها هيكون عندي منيه ولا له.
كان يتحدت وهو باصصلها، والحسره باينه فكلامه وفبصته ليها وحتى فتنهيدة الوجع اللي كانت تطلع منيه من وكت للتاني وسط الكلام.
لكن بسيمه حالته وتنهيداته وحتي وجع قلبه وحسرته ولا هموها، لأن داي مشكلته هو مش مشكلتها، هي لا عشمت ولا خضعت بقول او بفعل تلوم حالها عليه وقت تتطلع لهمام وتشوف حالته.
❈-❈-❈
أما في بيت المقاول
حوريه بعد عدة محاولات ابتدت تفوق،واول حاجه عملتها بعد مافتحت عنيها إنها بصت للصندوق، وبضعف زحفت وراحت عليه وابتدت تفتش فيه مره تانيه وهي عتبكي بحسها العالي، والكل مافاهمينش فيه ايه ولا عتعمل إكده ليه، وبعد ماخلصت تفتيش واتوكدت زين إن الفلوس مقاعداش، قعدت على حيلها وابتدت تضروب علي رجليها وتأن بصوت مكتوم وتهز في دماغها بقهر، وشويه وتعض فأديها، وكل ديه ولا حد خابر هي عتعمل إكده ليه!
ومفيش غير عدويه بس اختها قاعده قبالها تبكي وتقولها سامحيني، وكل فكرها إن اختها اتقهرت منها عشان هتبعد عنها وتسكن فبيت لحالها، وحست بالندم والذنب عشان خلتها تحس الاحساس ديه.
شويه وحوريه سكتت عن النوح ومسحت دموعها وابتدت تفكر بعقلها وتسأل السؤال اللي لازمن يتسأل في الحاله داي.. ياترى مين اللي خد الفلوس؟ ياترى مين اللي كشف السر؟ وبعد التفكير اهتدت للي سبق وهددتها وهي الوحيده اللي عارفه اللي فيها، فقامت ونزلت جري على تحت، ودخلت أوضة عديله كيف الإعصار، ودقايق كانت قالباها فوقاني تحتاني مخلتش فيها شبر غير ونبشته، وكل ديه والكل واقف ومستغرب، ومفيش غير عديله هي الوحيده اللي واقفه وعماله تضحك بشماته وهي شايفه حوريه وحالتها، وبعد ماخلصت حوريه تفتيش وقعدت علي حيلها بتعب لما ملقتش حاجه، قربت منيها، وميلت عليها وبشويش قالتلها:
اللي عتدوري عليه مش إهنه ياحزينه، ولا اني اللي خدته، وحد الله بيني وبين الحرام وانتي خابره، اللي طمرتيه وخدتيه من غير حق جات الحيه اللي دخلتيها بيتك وبلعته فكرشها، ولو فكرتي تقربي لمها هتطبق فيكي بانيابها وتبخ سمها كله فيكي، وتفرفطي وتموتي من غير مايطلعلك حس كيف ماعامله دلوك.
بصتلها حوريه وفهمت هي عترمي على ايه، وقامت بنارها وشرارها وراحت على اوضة شوقيه، فتحت الباب بعنف ودخلت، واتلفتت في الأوضه على شوقيه ملقتهاش، فبصت لعديله اللي كانت باصالها بعيون عتلمع من الشماته، قربت عليها حوريه وسألتها وهي جازه علي سنانها:
راحت وين؟
ردت عليها عديله بخبث:
راحت تدس اللي خدته من مغارة علي بابا قبل مالحرميه يعاودوا... هيهيهيييه والله وجاتلك اللي تقهرك ياحوريه ياحراميه.
خلصت كلامها ودخلت حوريه اوضة شوقيه، وعملت فيها كيف ماعملت فاوضة عديله، وبرضوا ملقتش حاجه، وأول ماخلصت طلعت عالحوش وقعدت، ولما سألوها بناتها وحريم ولادها عن سبب اللي عتعمله، وشافت انهم لازمن يسمعوا سبب عشان يبطل العجب، قالتلهم إنها كان معاها لبه دهب واتسرقت منها، واللي شاكه فيهم فتشت مطارحهم، واللي هما شام وشوقيه، وديه عشان هما بس الجداد عالبيت واللي الشك فيهم وارد.
وانطلت الحجه عالجميع، والكل قعد يفكر ياتري مين اللي خد اللبه وكيف خدها وميته، ولما متوصلوش لحاجه هملوا حوريه لنواحها وقاموا يحطوا الغدا للشغاله، واللي جه سلام خده ولما سأل عن حال مرت عمه واتحكاله السبب،
وقف في نص البيت وفضل يزعق ويقول إن البيت فيه حرامي، ولازم يتكشف، وإن كانوا سكتوله فأول مره مش هيسكتوله النوبادي، واهل البيت ومطارحهم لازمن تتفتش بالهبابه، وبس يرجعوا الرجاله هما اللي هيعملوا الحكايه داي بنفسهم.
خلص كلامه وطلع بالوكل للشغاله، وطبعاً كانت المتهمه الوحيده في نظره ونظر الكل، وكل اصابع الاتهام موجهه ليها هي شام؛ اللي عمر ماسرقه حصلت في البيت غير بعد ماجات، وكانت أول واكبر سرقه، واللي الكل دفع تمنها من شقاه وتعبه وسهر الليالي، وبس تتثبت عليها السرقه الكل هيخلص منيها القديم والجديد.
❈-❈-❈
حدا السيد في بيته
فتحت بشاير عيونها الصبح وشافت روحها نايمه على صدر السيد، ورفعت دماغها لقته صاحي ومفتح وعيونه عليها، وبمجرد ماعيونهم اتلاقت ابتسملها بمحبه وهمسلها بحس دايب:
إصباح الخير ياوش الخير، إصباح الخير ياحته سقطت من القمر على قلبي وبيتي، إصباح الخير ياحظي الحلو، إصباح الخير يابشاير الفرحه.صباحيه إمباركه يانبض القلب.
اتبسمت بشاير واتعدلت وابتدت تلم فشعرها وعيونها باصين بعيد عن السيد، وهو بحركه سريعه مسك اديها وقالها:
ليه ليه، همليه مفرود وزايد من حلاكي.
قالها وشد يدها وجذبها عليه، وباس جبينها بحنيه، وهم ينزل على خدها ببوسه، لكن قاطع نواياه الخبط عالباب، وحس امه وهي عتصحيهم عشان الصباحيه والناس اللي على وصول، وكمان أبو بشاير وأمها اللي هياجوا يجيبوا الصباحيه، فقام السيد واجل اللي كان ناوي عليه لبعد الصباحيه.
وفطروا العرسان سوا بالوكل اللي كان فاضل من عشيه واللي سخنتهولهم أم السيد على مادهب تاجيلهم بفطور العرايس،
وطلع بعدها السيد من البيت يقعد مع الشباب، لغاية مالحريم تاخد قعدتها وتمشي.
وجهزت بشاير نفسها ولبست واتزوقت، وطلعت قعدت وسط الناس، وشويه وقامت ناطه وهي واعيه أمها داخله عليها، وقربت منها بعد مانزلت اللي كانت داخله شايلاه، وبس بقت قدامها خدتها فحضنها وطبطبت عليها وهمستلها فودنها بحنيه:
ربنا يديم عليكي الفرحه اللي واعياها فعيونك وعلى وشك داي يابنيتي، ربنا يعوضنا بيكي وفيكي عن اللي اتحرمنا منيه، واشيل عيالك على يدي واربيهم فحجري واشوف اعز الولد بسببك.
اتبسمتلها بشاير بخجل، وخدتها امها وراحت بيها على اوضتها تتحدت معاها شويه، مع انها مطمنه عليها من بالليل، لكنها برضوا حابه تطمن قلبها من ناحيتها اكتر.. وقضوا مع بعض شوية وكت زينين،
وبعدها طلعت دهب وبعتت على عبد الصمد جوزها من جار الرجاله بره، ودخل عبد الصمد وسلم على بته اللي أجل سلامه عليها لبين مايفضى البيت من الحريم، ومد يده فجيبه وطلعلها نقطتها، وضمها لصدره وباس جبينها ودعالها إن ربنا يسعدها، وبعدها خد دهب مرته وراحوا علي بيت همام يطلوا عليه ويشوفوا ليه بسيمه مجاتش صباحية اختها، متمنيين إن المانع يكون خير.
وبالفعل راحوا، ودخلوا وشافوا همام وسلموا عليه وقعدوا جاره، ولما سألوا بسيمه عن عدم مرواحها الصباحيه، قالت إنها مقدرتش تهمل همام لحاله بسبب إن امه واخته النهارده راحوا البندر ومفيش حد يراعيه فغيابها.
والعذر ديه غفرلها عدم مرواحها، وخلاها كمان كبرت في عين ابوها اكتر واكتر ودعالها إن ربنا يجبر بخاطرها كيف ما من يومها عتجبر فخواطر كل اللي حواليها، كانها أم الكل ومسئوله عنهم،
خدوا قعدتهم معاهم وعاودوا علي بلدهم، وبمجرد مادخلوا بيتهم اتلفتوا فأركانه، ودورت عيونهم على اللي كانوا ماليينه عليهم بهجه وفرحه، وكيف إنه أصبح بين يوم وليله فاضي وخاوى والسكوت عليف فأرجائه، وغصب عن دهب عيونها دمعت، وعبد الصمد حاوطها بدراعه وخدها على اوضتهم وهو عيقولها:
البنته موطرحها خالي يادهب، ومن يوم ماعتتولد البنيه عنبقوا خابرين إنه حتما ولابد هياجي اليوم اللي هتفارقنا فيه وتتقلع جدورها من بيوتنا ووتغرز فبيت تاني، ادعيلهم بالراحه وصلاح الحال، وهوني علي روحك، ولو ياستي عتبكي عشان الخدمه هتكون تقيله عليكي من إهنه وطالع اني هجيبلك اللي تساعدك ولا تزعلي.
ردت عليه دهب بإستنكار:
ايه هتجيبلي خدامه اياك؟
عبد الصمد بضحكه:
له يابوي خدامة ايه، اني قصدي اتجوز واجيبلك مره تانيه تساعدك.
دهب برقت عنيها وبعدت عنه. وبصتله، وهو ضحك بعلو صوته وضمها تاني بدراعه قوام. وصلح غلطته قبل ماتفلت الامور من اديه ودهب تتهور وقالها قوام:
عضحك معاكي والله، وبعدين هو اني الاقي ضافرك ياام البنات لو لفيت السند والهند علي كعوب رجليا؟ والله مالاقي ولا الدنيا فيها غير دهب وحده بس.
وقوام دهب بس سمعت الكلمتين اتبسمت، وبصت لعبد الصمد بنظرة محبه وهو قابلها بنظرة عرفان، والتنين دخلوا اوضتهم وناموا فحضن بعض ورموا حمولهم على الله،واودعوه بناتهم التلاته يحفظهم بعينه اللي لا عتغفل ولا
❈-❈-❈
أما حدا بيت المقاول
كل الرجاله واهل البيت متجمعين بعد مافتشوا البيت لتاني مره شبر شبر، وبرضك ملقوشي حاجه، وكل ديه وحوريه ساكته، وأخيراً جات شوقيه من بيت ابوها، واللي استقبلها كرار وهو عيسألها:
رحتي ليه علي بيت ابوكي ياشوقيه، ورايحه فوكت مينفعش تطلعي فيه من البيت وأمي كانت بالحاله داي وبين الحيا والموت، برضك داى اصول يابت الاصول؟
ردت عليه شوقيه وهي عتقعد على الدكه بتعب وتمثل الالم:
هتعذرني لو قلتلك عذري ياكرار، اني اول مابدور صرخت جفلت وجسمي اترعش وحسيت بخوف، وديه خلى المغص مسك فيا في الحال وبطني اتقطعت من الوجع، اتلفتت حواليا على وحده من الحريم تساعدني ولا تقولى اعمل ايه ملقتهمش، كلهم طلعوا لأمي حوريه فوق، فلبست ملسى وجريت على بيت ابويا العمممده، وهناك قلت لامي عاللي واجعني وهي شيعتلي عالدايه وكشفت عليا وطمنتني عالعيل، وخلتني نمت على ضهري شويه، وقالتلي تتحركيش كتير مش زين عالعيل، وقالتلي كمان نبهي عاللي ساكنه فبيتهم يراعوا حبلك وميفزعوكيش كل هبابه احسن تسقطى المره الجايه.
كانت تتحدت وعينها على حوريه اللي باصالها ووشها صاير جمرة نار من كتر القهر والغيظ اللي كان جواها، وعشان شوقيه متوكده إن ديه اخرها فإظهار غضبها، كملت كدبها وهي مرتاحه، وبينها وبين حوريه عتبصلها بتحدي، كيف ماتكون كل وحده عتقول للتانيه كشفتك.
كرار راح عليها وفعد جارها ومسك يدها بخوف وقالها:
معلهش حقك عليا اني، سلامتك ياغاليه ياام الغالي.. قومي تعالى ارتاحي ففرشتك ومتقوميشي منها لو سمعتي الدنيا عتتطربق براها.
خلص كلامه وقوم شوقيه دخلها أوضتها، وهي أول ماشافت منظر الأوضه شهقت من الكركبه اللي فيها، وكرار بسرعه قالها:
كله هيتلم والأوضه هتوبقي زي الفل، بس انتي ريحي وليكيش دعوه بحاجه.
وفعلا شوقيه نامت على السرير، وكرار عطى حس لاخواته التنين عشان ياجوا يعملوا أوضة شوقيه، مع إن أوضهم هما كمان انيل منيها، لكن كرار عطى امر وهما ماعليهم غير السمع والطاعه، كيف ماعيعملوا مع كل رجالة البيت، وكلمة اي حد فيهم سيف يسير على رقاب كل الحريم، سواء اخ أو واد عم.
اما عديله فكانت طول الوكت وهما عيفتشوا تحمد ربها؛ عشان ودت الدهب حدا ابو دراع في الوكت المناسب، والا كان زمانهم لقيينه دلوك ومفضوح امرها وامر شام.
❈-❈-❈
بعد مرور عام ونصف بالتمام والكمال.
بشاير:
يلا ياعزيز روح لستك دهب هروح اتلقى ابوك جه هو وسيدك من الغيط وانزل معاهم البرسيم بعد مالافيهم بوق ميه ساقعه من الزير.
خلصت كلامها ولافت ولدها صاحب الاربع شهور لأمها، اللي حطته فحجرها وابتدت تناغي فيه، وبشاير راحت تعمل كيف ماقالت، وزي كل يوم استقبلت جوزها وابوها بالحنيه والضحكه البشوشه، والسيد يتطلعلها بحب، ويحط يده علي قلبه وهو عيحس فكل يوم يعاود فيه للبيت بعد نهار الشغل، إنه عاود لنفس اليوم اللي شاف فيه بشاير أول نوبه، ونفس دقة القلب ورفة العين يعاودوله، ويقع في حبها من أول وجديد.
أبو دراع:
بعد، بعد عنيها ياواد الفرطوس إنت وهو، اللي هيمد يده منكم علي ربيعه انتوا خابرين هعمل فيه ايه، هقلعه خلجاته واعلقه في السجره اللي فيها عش الزنان.
وزي كل يوم خوف العيال وخلاهم يبعدوا عنها، عدنان واد صفوت، وعامر واد سلام، اللي بس يستغيبوا ممدوح يمسكوا ربيعه ويضربوها، كيف مايكونوا ماصدقوا لقوا عليها الفرصه، مفيش غير ابو دراع اللي عيقدر يحوشهم منها، دا لو العركه في الجنينه.
كرار دخل من باب البيت، وراح على ولده اللي على رجل شوقيه، وخطفه منيها وضمه لحضنه بشوق ولهفه، وشمه وهو عيهمسله فودنه:
وحشت ابوك ياقلب ابوك، كيفك ياعمران يابوي، رايق ياولدي وزين، حد ضربك واني مقاعدشي؟
خلص كلامه وبص لشوقيه اللي كانت قاعده وباصه لكرار ومحبته لولده، ولهفته عليه، وابتسامتها واصله من الودن للودن، وبالذات وهي شايفه حسرة شام وهي باصالهم، وخصوصي إن كرار ماعيبصش لربيعه بتها بص حتي، ولا مخليها تقوله يابوي، ولا هو معترف انها بته من الاساس.
❈-❈-❈
أما حوريه فمن ساعة سرقة الفلوس منها، وعرفت ان شوقيه اللي سرقتهم واتوكدت من إكده، والفلوس داي كانت سبب في اسر ولدها لشوقيه، ومش بس هو دا عزت هو كمان الفلوس داي دمرتله حياته، وهي كل يوم في تعب وصحتها في النازل، والقهر حارق روحها حرق؛ لأن اللي خدته بدون وجه حق، اصبح نعل فرجل شوقيه عفصت بيه فبطونهم كلهم وعلى وشوشهم.
❈-❈-❈
بسيمه دخلت من باب البيت، ونزلت اللي على دماغها، وراحت على همام، رمت عليه السلام، ومسكت القله سقته، وبعدها غيرت خلجاتها وقعدت بخلجات البيت،
وراحت تعمل لهمام غدا، وهو من أول مادخلت، لغاية ماطلعت وفضلت رايحه جايه قدامه ببطنها اللي ابتدت تكبر، وهو حاسس بفرحه مابعدها فرحه، وفكل مره يبص فيها لبطنها ميوبقاش مصدق إنها حبله فعيله، وإنها هتجيله واد من صلبه ينفعه فى كبره، وخلاص قررت إنها ترتبط بيه وتقعد معاه للأبد، برغم كل الناس اللي ثارت واعترضت على ربطة نفسها بيه، الا انها خالفت الكل وفضلت معاه، وخصوصي بعد اللي جرا لأهل بيت همام.
بقلم ريناد يوسف
يتتتبع
نفق الجحيم الجزء الثاني الفصل الثامن عشر
بدور شافت عزت داخل من الباب فجريت عليه تستقبله وهي مبتسمه كالعادة، وبمجرد ماوصلت حداه قالتله:
حمدالله عالسلامه ياسيد الناس، يعطيك الف عافيه يانن عيني.
عزت رد عليها وهو مكشر:
الله يعافيكي، وبعدين عتجري وتهنطلي ليه إكده مش قولتلك الف مره تمشي بالراحه عشان اللي فبطنك؟
بدور بدلع:
خايف عليا ياحبة عيني؟
عزت: له المسأله مش خوف عليكي، خايف عاللي فبطنك، حاكم انتي عامله كيف الحمار، مليهش عازه بس ممكن يشيل فوق ضهره حمولة سبايك دهب تغني بلد بحالها، وطول ماهو شايلها وماشي بيها الكل يحادي ويدادي فيه، وبس يفرغ الحموله يغور فستين داهيه تاخده ميهمش الحمير كتيره.
بدور ردت عليه بفرحه وهي حاطه يدها على بطنها:
ياحلاة كلامك ياعزت، يعني اللي فبطني ديه إنت شايفه سبايك دهب؟ كد إكده ولدك مني غالي عليك ياحبيبي!
رد عليها عزت وهو عيزيحها بالراحه ويدخل البيت:
استغفر الله العظيم منك ياشيخه، يكون الواحد ممرمط بكرامة اهلك الارض، ومسمعك شتايم توقع جبل من واعارتها، وانتي تهملي كل ديه وتمسكي فأي كلمه زينه من وسط الكلام وتهملي الباقي، وتفرحي كأن الواحد عيتغزل فيكي ويمدحك،
بس اقول ايه ماهو الاحساس نعمه وانتي ربنا حارمك من النعمه داي من زمان.
دخل وقعد عالدكه، وبدور راحت عالموطبخ تحضرله الغدا وهي مبتسمه برضوا، برغم كلام عزت الاخير، الا انها معاهده روحها متزعلش منيها ابداً، اصله راجلها وهي حداها قناعه إن الراجل مهما عيمل فمرته تتحمله، ومهما قال وشتم هو على حق!
أما عزت ففضل قاعد موطرحه، وعينه على أوضة سته عديله المقفوله، واللي ورا بابها فيه كنز مدسوس محدش عارف قيمته غيره، حوريه نزلت من الجنه بس اللي طلعت من نصيبه شيطان متوالمش معاها ولا يعرف قيمتها، جوهره مكنونه اندفنت وسط كوم احجار.
واثناء تفكيره فيها اتفتح باب الأوضه وطلت منيه ربيعه، اللي اول ماوعيت لعمها عزت ضحكت وجرت عليه، وهو شالها وعطاها الحاجات الحلوه اللي جايبهالها فجيبه زي كل يوم، وهي خدتهم وجريت بيهم على امها وهي فرحانه، لكن فرحة ربيعه ولا هزت شعره من شعر شام؛ لانها خابره زين ليه عزت عيجيب الحاجات داي لبتها، وفاهمه زين إيه اللي ورا المحَنه داي، وإنه عامل بتها سلم يطلع عليه لعقلها ويلينه ويخليها ترضى باللي هيموت ويطوله،
وميعرفش مسكين إن شام عمرها ماتبيع شرفها ولاتفرط فنفسها ولو بكنوز الدنيا. ولو ديه طبعها كان اولى بيها تلف بيه كرار وتخليه خاتم فصباعها كيف ماستها عديله عتقولها دايما، لكنها ابعد مايكون عن سكة الغوايه، وأصلاً هي كارهه لصنف الرجاله من الأساس، وعتتمنى لو الدنيا داي خلت منهم كلهم ماعدا ابوها، كان ميزانها اتعدل.
وطت شام وشالت بتها وحبتها وطلعت بيها لبره، واتلفتت شمال ويمين، واول ماوعيت ابو دراع نزلتها في الجنينه عشان تلعب وهي مطمنه عليها، وراحت هي عالموطبخ تكمل غسيل المواعين اللي بقي كله عليها لحالها،وحتي كنس البيت برضك بقي شغلانتها هي،
والحريم يادوبهم للطبيخ، وبعد مايخلصوا ويتغدوا ويغدوا عيالهم وجوازهم كل وحده تطلع على اوضتها مينزلوش غير فميعاد العشا ويهملوا البيت تحت كله على شام، وتفضل هي حبيسة الموطبخ والكوانين ودخانها، والمواعين وهبابها، اللي صبغ اديها وغير لونهم الاوبيض الحلوا، وخلاهم يشبهوا ادين الفواعليه في السواد والتشقيق، ومن بعد ماكانوا حريم البيت يتفرجوا فأديها فرجه ويحسدوها عليهم، اتساوت الايدين في الشكل والمنظر.
أما عزت فاتنهد وهو واعي الغزاله الشارده اللي عتتمشى وسط جبلاية القرود، وزاد تنهيده وهو واعي شيتا بتاعته جايه عليه من الموطبخ بالوكل وابتسامتها من الودن للودن، وحطت قدامه الوكل ورجعت عالموطبخ تتمشى بدلع عشان تعمله بصايه للجوزه،
وكشر وهو شايفها ماشيه عتتقصع وهمس لنفسه:
قبر يلم الجلع الماسخ واصحابه.. غوري يارب تنعسي قدام الكانون والنار تطلع منه وتلحم فيكي ماتهملك غير وانتي متفحمه كيف الكرنيفه المحروقه.
خلص همسه لنفسه وابتدا وكل، وسرح وهو عياكل فى ليلة دخلته على بدور، واللي كانت اسواء ليله فى عمره،وغمض عيونه بحسره وهو عيفتكر تفاصيلها..
بدور وهي عتتأمل في فستانها اللي خدتهولها خالتها حوريه من شام قبل سابق:
شوف ياعزت البدله البيضه حلوه عليا كيف؟
عزت وهو قاعد جارها فحوش البيت:
هي البدله حلوه مفيش كلام، وكمل في سره.. بس لو عارفه حالها هتتحط علي جتتك كانت دابت من الغلب.
بدور اتبسمت بفرحه وميلت عليه تاني وقالتله:
عقولك ياعزت مجبتليش جمل ليه يزفني كيف مالناس عتتزف؟
عزت رد عليها بديقه:
ايوه والجمل ديه هيزفك من فين لفين يااخرة صبري؟
هنبركوه فنص البيت وتدخلي الهودج من ناحيه وتطلعي من الناحيه التانيه وإسمك اتزفيتي؟
بدور: له كنت طلعت علي اخر الشارع ركبت الهودج وجيت بيه عالبيت.
عزت بصلها وكشر ومردش عليها، وفضل ينقل عيونه مابين اهل البيت اللي كلهم لابسين ومتأنتكين للفرح، وكأنهم غرب عن بعض معارفينش بعض، وعايشين الدور كأنه فرح بحق وحقيق!
وطلعت منيه تنهيده كيف نفس تنين عينفث نار وهو واعي شام طالعه من أوضة سته عديله وهي شايله بتها، ومن غير ماتلبس زيهم ولا تتزوق احلاهم كلهم، وعامله كيف كلوب نوره مغطى عالكل، وقعدت في الحوش تتفرج عالمسرحيه اللي عتجرا قدامها، وكد ايه عزت اتمناها هي اللي تكون جاره عروسه بدال بدور، كان هيوبقي اسعد انسان على وش الارض.
وطول ماشام قاعده عيون شوقيه وحتي عيون بدور هياكلوها وكل، وخصوصي إن أول مره عزت وكرار يتفقوا علي حاجه فنفس الوكت، وهي البصه على شام والمقرنه بينها وبين كل القاعدين حواليها.
عدى الوكت، وخلصوا الفرح الكداب، وقوموا بعدها عزت وبدور وزفوهم بالزغاريت لغاية باب اوضتهم وقفلوا عليهم الباب، وهملوا عزت يواجه مصيره مع بدور اللي مطايقشي يبص فوشها حتى.
قلع جلابيته وراح قعد عالسرير وبص لبدور اللي عامله حالها مكسوفه وعتفرك فأديها والتمثيل واضح، وسكت فتره طويله، لدرجة ان بدور كل هبابه تبص عليه وترجع تبص للارض تاني وتكرر ابتسامة الكسوف وفرك اديها فبعض!
وبعدها قرر إنه ينهي مهمته اللي كيف ماتكون حجر على صدره وبحس مخنوق قالها:
تعالي.
وبدور بس سمعت الكلمه جريت عليه قوام بلهفه ووقفت قدامه، ومثلت الكسوف مره تانيه، وعزت بقرف قالها:
مش ناويه تغيري الفستان اللي شبكتي فيه ديه، ولا دقوه عليكي بمسامير؟
بدور ردت عليه قوام:
له له هغيره اهه، بس كنت مستنيه إنت تقولي عشان مبانش ملهوفه عليك وتقول عليا قليلة حيا.
عزت رد عليها بإستهزاء:
تبانيش ملهوفه؟
طيب غوري يامش ملهوفه غيري وتعالي عايزين نستفضوا ونتخمدوا.
ودقايق وكانت بدور مغيره فستان الفرح وواقفه قدام عزت، وهو فضل يتطلع فيها شويه، وبعدها قالها بأمر:
واعيه ال٣ لنض دول تروحي تهفيهم وتطفيهم هما التلاته، وتخلي الدنيا ضلمه كحل وتاجي، عاوزش اعرف اشوفك حتي لو واقفة قدامي وبوزك فبوزي.
وقفت بدور ثواني مش مستوعبه اللي قالهولها، لكنه زعق فيها خلاها اتحركت قوام:
هتخلصي فليلتك السوده داي ولا اتخمد؟
ردت عليه بدور وهي عتجري عاللنض:
له تتخمد ايه هطفي اللنض اهه.
وطفت اول لنضة جاز والتانيه وبمجرد ماطفت التالته الدنيا فعلا بقت ضلمه كحل، لدرجة إن بدور مكانتش عارفه تشوف اي حاجه في الاوضه ولا حتى عزت ذات نفسه،
واتحركت ناحية السرير وهي ماده اديها قدامها كيف الاعمى اللي عيحسس، وهي فطريقها اتكعبلت فحاجه ووقعت، وعزت سمع صوت وقعتها، وفضلت شويه من غير حركه لدرجة ان عزت افتكر إنها جرتلها حاجه، فسألها بتمني:
ايه جرالك طمنيني وقعتي على حاجه فاتت فبطنك بلجِتها ان شاء الله ولا ايه؟
خلص كلمته وسمع حس بدور في ودنه بالظبط خلاه جفل ونط لفوق من الخوف وهي عتقوله:
له اني زينه تخافش عليا ياحبة عيني.
رد عليها عزت في سره: شالله تتخزق عينك يابعيده.
واستسلم في الاخر للامر الواقع وتمم مهمته، وكانت اغرب ليلة دخله حوصلت في بيت المقاول!
❈-❈-❈
عاودت بسيمه من بره وهي شايله المشنه المليانه جبنه وذبده علي راسها زي كل يوم والسبت فيدها،
ونزلتهم وقعدت على الدكه تاخد نفسها وتمسح العرق عن وشها ورقبتها بطرحتها، وبصت لهمام اللي كان عيتطلعلها كيف الغرقان اللي لقى القشايه اللي مستنيها بفرغ الصبر،
وهي قامت وراحت عليه بتعب ووقفت جاره عالسرير ولسه هتسأله لو عايز حاجه، فسبق هو بالكلام وقالها:
يعطيكي العافيه يابسيمه، مش هتسمعي الكلام وتبطلي اللف ديه وانتي حبله في الخامس وتعبانه وحالتك حاله؟ مش هتريحي روحك لغاية ماتولدى عالاقل وتجيبي الواد بصحته وبعدها اوبقي عاودي للشغل مره تانيه، مع انه مليهش لزوم والدكانه رزقها عيكفي وخير وبركه، وزي مانتي واعيه إحنا صفينا ٤ خشوم، اني وانتي وامي وابوي، ومصروفنا مش كتير واقل حاجه عتكفينا.
ردت عليه بسيمه وهي عتتحرك تجيبله القله يشرب:
كلام زين، بس مينفعشي، دلوك ولدك ولا بتك اللي جاي في الطريق ديه مش لازمن لما ياجي يلاقينا عاملين حسابه فقرشين نصرفوهم عليه، وكمان مش نعملوا حساب الغفله، افرض حد فينا تعب فجأة، نطلعوا نلفوا عالناس تسلفنا عشان نلحقوه؟
الدكانه صوح هتكفينا وكل وشرب إحنا الاربعه، طيب واخواتك البنته الحبالى وبين ولادة داي وداي يادوبك شهر..
معاوزينش دول نفاس وزياره ترفع الراس يعاودوا بيها بيت اجوازهم وكت ماياجوا يولدوا، ولا يروحوا يتعايروا ويتخذوا وسط الناس الغريبه؟
طب وعلاجك إنت اللي بعنا عشانه الأرض وأبوك فرط فيها، وفلوسها خلصت قبل ماتكمل علاجك..هنوقفوه دلوك يعني ولا ايه؟
رد عليها همام وهو مغلوب على امره بعد مااتعدل وخد منها القله:
أيوه بس ديه حمل تقيل عليكي قوي يابسيمه،ديه حمل رجال وعمرها مامره قدرت تشيله، دا الراجل عيكل ويتعب ويشتكى من شيلته يابسيمه
بسيمه ردت عليه وهي عترجع القله موطرحها:
ربك عيعين ومعيديشي لحد شيله غير وهو خابر إنه كدها.
خلصت كلامها وخدت نفس وبصتله وقالتله:
رايحه اجهز الوكل وانادم ابوي من الدكانه ولواحظ كمان ونتغدوا سوا.
وطلعت قدامه عالموطبخ وهو كيف ماجرت العاده عليه فضل مراقبها لغاية مااختفت قدامه، وبرضك مش مصدق انها حبله فولده من صلبه ووافقت وقبلت اللي مفيش مره على وش الارض تقبله على روحها، وعاشت معاه علي وضع مفيش حد يتحمله،
وأول ماغابت عن عنيه بالكامل، رجع ضهره لورا على تاج السرير وغمض عيونه، وتفكيره خده لأجمل يوم في عمره..
اليوم اللي دخلت فيه بسيمه عليه الأوضه بعد ماكانت غايبه اسبوعين بحالهم في بيت أبوها ومستنيه إنه يطلقها ويبعتلها ورقتها.
وبمجرد مادخلت عليه قلبه كان هيوقف من الصدمه، بعد ماكل ذره فجسمه وعقله وروحه اتهيأت إنها خلاص اتحرمت منها ومعادتش العين تشوفها مره تانيه، وكأن الروح ردتله تاني بعد مافارقت جسمه.
أما بسيمه فقعدت قدام الكانون تسخن العشا، وحطت يدها على بطنها وهي حاسه بخبطات خفيفه فيها واتبسمت وهي عتتخيل شكل ولدها ولا بتها اللي جاي، ورجعت افتكرت اللي عاشته وقاسته عشان تخليه ياجي عالدنيا، ورجعت بالتحديد لليوم اللي عاودت فيه من بيت ابوها لبيت همام بعد ماقررت انها تضحي بروحها وتقدم شبابها قربنا في سبيل الله ومساعدة عاجز محتاج.. وبمجرد مادخلت عليه الأوضه..
شهقه طلعت من قلبه وهو شايفها قدامه هزت بدنها وخلت إحساس بالذنب اتغلغل جوا روحها وهي واعياه دبلان وخاسس، وجلابيته متوسخه ومبقعه، وريحة الأوضه خايسه وتفزع النفس، والزباله مالياها، والصحون الفاضيه في كل مكان ومرميه فكل موطرح، كيف مايكون كلب عيرموله الوكل ويهملوه ويمشوا!
اتقدمت بسيمه منيه ووقفت قصاده، وهمت عشان ترمي عليه السلام، لكنه سبقها بالكلام وقالها بصوت مخنوق:
كان بعتي حد موطرحك لو كنتي نسيتي حاجه وجايه تاخديها.
بسيمه بصتله ومردتش عليه وهو كمل:
مكانش ليه لزوم تاجي تجددي الوجع بشوفتك وتمشي.
ردت عليه بسيمه اخيراً:
مماشياشي.
همام مااستوعبشي اللي قالته ورد عليها بوجع: قاعده معانا هبابه يعني؟
طيب كتر خيرك والله مناسياشي العشره، بت اصول وهتفضلي طول عمرك بت اصول.
بسيمه وهي عتميل تلم المواعين من الأرض:
له مش هبابه، قاعده على طول.
همام بعدم تصديق: قولتي ايه دلوك؟
بسيمه اكدتهاله مره تانيه:
هقعد على طول ياهمام مماشياشي، خلاص مفيش طلاق مهطلقشي منيك، راجعت روحي ولقيت اني مينفعشي اسيبك، يعني كيف ماتقول إكده اني وانت اتعلقنا في رقاب بعض.
همام سألها والدموع خانقاه:
شفقه يابسيمه؟
بسيمه ردت عليه بجمود: وايه غيرها هيرجعني ليك ويجمعنا ياهمام؟
همام سمع الكلام منها، وفكر عقله انه يدى أمر لقلبه إنه لازمن ميقبلهاشي علي كرامته، لكن قلبه المشتاق عصى كل الاومر، وسلم الرايه ليها، وكرامته انسحبت من الموضوع حقنناً للوجع، وعقله وقلبه وروحه وكرامته كلهم اجتمعوا على إن اهم حاجه تكون جاره حتى لو شفقه.
فضلت بسيمه تنضف في الأوضه وترتب فيها، وفي الاثناء داي طلعت همام عالدكه في الحوش بره بمساعدة امه لواحظ، وبعد ماخلصت الأوضه راحت عالحمام، حمت بستلة ميه ودخلت همام الحمام هي وامه، وقلعته وسبحته بنفسها لأول مره، من بعد ماكانت سايبه المهمه داي في الاول لأخوه عزام وبعد منيه لأبوه أو لأمه، ولكن ابوه بعد شلل دراعه معادش قادر، وأمه كمان نفضت ايدها منيه والعينه بينه اهه، وحتي لما دخلته معاها الحمام قالتلها سبحيه انتي اني مقادراشي ضهري واجعني، وهملتها وطلعت
واستلمت بسيمه أمره بالكامل وبعد ماخلصت سبوحه وكانت طول الوكت ميته من الخجل لكنها عتمثل الجمود والثبات، لبسته خلجاته وعاودته لموطرحه وهي شايلاه على اديها لحالها، من بعد ماشافت عضم جسمه وعرفت إنه بقى كيف العش فاضي، وفعلا وهي شايلاه يادوبها حست بهبابة تقل.
وبعد مانومته فسريره راحت تعمله لقمه ياكلها، وهناك قعدت قدام الكانون، ولما اتلفتت لقت نفسها لحالها، نزلوا دموعها اللي كانت حابساهم، واتحرروا اخيراً عشان يعبروا عن قهرها،
وعن كسرة نفسها من بعد مامنت حالها بدنيا حلوه وحياة جديده رجعت تاني للهم اللي كانت فيه، ومع انها رجعت بخطرها، الا إن نفسها برضك مطايباش ولا راضيه.
ورجعت بذاكرتها للأسبوعين اللي عدوا واللي جرا فيهم، وخصوصي لما امها دهب
قالتلهابحزم:
هتطلقي يعني هتطلقي يابسيمه.اوعك تسمعي كلام ابوكي، ابوكي فرحان بالكلمتين اللي عيتقالوله بأنك بت أصول وإنه عرف يربي، ومعارفشي إن ديه كلام ضحك عالدقون عينوموه وينوموكي بيه، عشان هو يسكت عنك،وانتي تفضلي كيف التور اللي مربوط في الساقيه تلفي وهما اللي يستنفعوا بتعبك وشاقي ويترويوا بميتك.
اتطلقي يابسيمه عشان تخلفيلك عيل ينفعك همام القعده معاه تمضية عمر عالفاضي.
عبد الصمد رد علي دهب وقالها:
وابوها قال ايه بس يادهب عشان تقولي إكده، اني كل اللي قولته إن همام وابوه وامه صعبانين عليا، ومن بعد بسيمه مليهمش حد غير ربنا.
دهب ردت عليه بعصبيه:
وبسيمه عملت معاهم كل اللي قدرها عليه ربنا، فتحتلهم دكانه وجوزتلهم بناتهم وجهزتهم من فلوسها، وشالت وحطت ودادت وتعبت ونضفت من تحت جوزها، وطلعت اشترت وباعت ووسعت عليهم، ايه عايزينه تاني منيها بس؟
بقره هي وعايزين يصفصفوها لاخر نقطة لبن؟
بصلها عبد الصمد ومردش على هجومها الضاري عليه، عشان هو خابر زين إن كل ديه عتقوله وتعمله من محبتها لبتها، والأم عمرها ماتنلام علي اي شي تعمله مادام فموصلحة ولادها.
سكتت دهب مع سكوت عبد الصمد واتطلعت لبسيمه بمعني اتكلمي انتي، دافعي عن حقك في الدنيا، اتجرأي وخدي نايبك من السعادة، وبسيمه غمضت عيونها ومر قدامها كل اللي شافته من بداية جوازها لدلوك، وشافت ان داي فرصتها الوحيده لتبديل حظها، فخدت نفس وردت على أمها وقالتلها:
انتي كل الحق معاكي يمه، واني عيملت كل اللي قدرني عليه ربنا ومقصرتش فحاجه، بس آن الاوان عشان اشوف موصلحة نفسي واشوف حالي.
وبصت لابوها وبحزم قالتله:
بلغ الشيخ جاهين يابوي إني عايزه اتطلق من همام.
خلصت كلامها وقامت دخلت أوضتها القديمه هي واخواتها البنات، وردت الباب وراها، وهملت عبد الصمد شايل هم إنه كيف هيقول الخبر لحمدون؟ وهو خابر زين ان خبر كيف ديه هيكسر قلبه الف شقفه، وفوق دول ودول بسيمه جايالهم زياره، يعني لا فيه مشاكل ولا نيه مبيته للطلاق، وديه هيخليه يقول إنهم هما اللي وسوسولها بمسألة الطلاق.
ولكن برغم كل مخاوفه، الا انه قرر إنه يقول اللي بسيمه طلبته؛ واللي محدش يقدر يلومها فيه عشان كل الحق معاها هي وبس.
وبالفعل تاني يوم عبد الصمد راح للشيخ جاهين، وخبره بقرار بته، وجاهين وحتى حكيم محدش فيهم اعترض، وحكيم قال لعبد الصمد إن هو هيعفيه من إحراج المواجهه، وهو اللي هيقول لحمدون بداله.،مع إنه خابر إن كيف ديه يعادل حداهم خبر استشهاد ولدهم عزام، لان التنين فقد، وهو خابر زين بسيمه ايه عند حمدون وهمام، وخابر زين إنه رايحلهم وهو واخد معاه حمولة وجع وهيفرغها كلها في قلوبهم.
قاعده بسيمه وسط اهلها فبيتهم تاني يوم اخر النهار وسمعوا خبط شديد علي باب بيتهم، ومعاه حس حمدون عينادي علي بسيمه بقهر، فتحله عبد الصمد قوام ودخله، وبمجرد دخوله بص لبسيمه ودموعه نزلت وقالها بترجي ممزوج بعتب، إكده يابسيمه؟ إكده عايزه تهمليني، حتي وانتي خابره إنك بقيتي سندي وعكازي ومليش غيرك واعتبرتك عوضي عن عزام وهمام؟
طيب مقولتيش هيعمل ايه عمي المشلول دراعه ديه، ولا المسكين اللي هملته عيموت في البيت ديه كيف اللي حد دب فقلبه سكينه وعيفرفط ويطلع في الروح؟
هنعملوا ايه من بعدك يابسيمه وانتي اللي معيشانا كلنا وفاتحه بيتنا، هنعملوا ايه بلاكي قوليلي؟
بسيمه سكتت ونكست عيونها للارض وهي ملاقياشي كلام ترد بيه على حالته اللي تقطع القلب، واتولت مهمة الرد بدالها امها دهب اللي قالتله:
حرام عليك ياابو همام، طب اني راضيه ذمتك، ترضاها على وحده من بناتك؟
سكت حمدون ومردش لانه خابر إنه فعلا جاي يتحدت في حاجه مليهش اي حق فيها، لكنه جاي يحاول علي اي حال، عشان اللي كيف بسيمه مينفعش حد يخسرها من غير محاوله.
كملت دهب كلامها:
هملوها تعيش ياابو همام، وان كان عليكم انتوا ليكم رب ومش هينساكم، وهي بزيادها لحد إهنه.
حمدون هز دماغه بتفهم، ورفع عيونه علي بسيمه بحسره، ونزلوا منيهم دمعتين وداع، ووكتها شافت فيهم بسيمه كسره متحملتهاش، نفس كسرة ابوها وهو عيبص لشام في اليوم اللي كان ناوي ينهي فيه حياتها، نظرة الوداع، ونفس النظره اللي شافتها فعيون حمدون وهو واقف فوق صندوق ولده عزام لما جابوهوله شهيد، ومتحملتش وجرت علي اوضتها قوام دخلتها وقفلت علي روحها، ومنظر عيون حمدون ودموعه ورجاه المكتوم ليها مزعوا روحها مزع.
ولكنها في النهايه خابره إن ديه هيوحصول وقوت روحها وقست قلبها.
وراح حمدون النوبادي ومعاودشي تاني، والشيخ جاهين شيعلهم مع حكيم إنه مسافر وهيعاود بعد سبوع ولا تنين، ووكت مايرجع هيتمم الطلاق.
وبدأ يوم يباعد يوم، لغاية ماعدا اول سبوع والتاني عدى نصه، وفالايام داي بسيمه ليلها مكانتش تنام فيه ساعه علي بعضها من الكوابيس والمنامات العفشه اللي هلكتها هلك،
وكلها عباره عن همام وهو عيستنجد بيها، أو حمدون وهو واقف قدامها وعيبكي، وكل ديه تعب حتى بدنها، وخلاها تضعف وتفكر بخصوص قرار طلاقها مره تانيه..
وخصوصي وهي عتشوف فعيون ابوها كل يوم نظره عتقولها راجعي ضميرك يابتي وارجعي لطيبة اصلك.
وحسمت قرارها بالرجوع ليه وكت ماجالهم حكيم وخبرهم إن ابوه عاود من سفره، ولو هيتممموا الطلاق يروحوله،
وخبرهم بحال همام وإنه تعبان وودوه للمستشفي مرتين، وإن عوده دبل كيف مايكون زرعه اتحرمت من الميه ومصيرها الموت.
وعاود بعدها حكيم لبلدهم، وبسيمه طلعت السطوح وقعدت لحالها، وفكرت فكل شي، وفكرت فموصلحتها كمان، ولكن شفقتها غلبت موصلحتها، وقررت إنها خلاص هتستمر فقرارها، وهتوهب نفسها لله، وهتعاود لهمام، وتعيش كيف ماربنا قسملها؛ عشان الظاهر إن عيشتها فبيت همام وعلى ذمته هي حظها ونصيبها من الدنيا.
وبالفعل تاني يوم بلغت ابوها بالخبر، وقدام امها كان الكلام، ودهب اعترضت كتير وصالت وجالت، لكن بسيمه كانت خدت قرارها خلاص، وخصوصي وهي واعيه التأييد في عيون أبوها، حتي وهو مقايلهاش صريحه. وديه خلاها ارتاحت واقتنعت اكتر بقرارها.
وخدها عبد الصمد بعدها بيومين، لما جهزلها زياره زينه، وراح بيها علي بيت جوزها، وهي طول الطريق سرحانه وشايفه حالها بعد ماتجري بيها السنين وهي قاعده جار همام في أوضه وحده، هو نايم وهي عتخدم فيه.
وعاودت من تاني للبيت اللي الظاهر اتكتبلها إن نهايتها هتكون فيه..
وبمجرد مادخلته حست كأنها الروح اللي كانت غايبه عند حمدون وهمام وعاودتلهم،
وبعد ماعيملت اللازم لهمام ليلتها اتمددت على فرشتها عالارض ونامت وراحت في النوم اللي بقالها ايام مطايلاهوش، وهمام كمان في اليوم ديه نام قرير العين وهي جاره،
وغمض عيونه وكانت هي اخر حاجه يشوفوها، قبل مايغمضوا، وداي حداه اكبر واغلى امنيه فضل يتمناها من ربه طول الاسبوعين اللي فاتوا، وكان يمضي ليله يناجي ربه بالدموع، وربه اخيراً حققهاله، وفضل يشكر فيه عليها لغاية مالسانه تعب من كتر الشكر.
وصحيت بسيمه تاني يوم، وطلعت لشغلها اللي هملته، ومع لفها في البلد عالبيوت وشوفة الحريم المرتاحه فبيوتها وسط اجوازها وعيالها، بدأ عقلها يوسوسلها بأنها غلطت واتسرعت، وبدأ سرسوب ندم يدخل لقلبها، لكنها نفضته قوام، وقالت لروحها إن خلاص مفيش مجال للندم.
واثناء ماعتتأمل فى عيل صغير في حجر امه وعتناغيه وهو عيضحك، اتبسمت غصب عنها، ولما المره شافت ابتسامتها وعيونها اللي اتعلقوا بالواد، قامت وحطتهولها فحجرها وهي عتقولها:
شكلك عتحبي العيال الصغيره، ربنا يديكي ومايحرمك يارب.
بسيمه بس سمعت دعوة المره رفعت عيونها عليها بإستغراب، والمره قوام صلحت موقفها وقالتلها:
قطيعه يقطعني، نسيت ان جوزك... بس يعني اني خابره إن فيه ناس عتكون مشلوله وتجيب عيال وديه مليهش صالح بديه، بس باين إن جوزك مش منهم.. معلهش حقك عليا تزعليش مني وتاخديها تقيله.
وإهنه انتبهت بسيمه لحاجه كانت غايبه عن بالها، إنها ممكن تكون أم، وخصوصي إنها متوكده إن همام من الناحيادي سليم والشلل مأثرش علي النقطه اللي تمنعه من الخلفه.
فقررت إنها لو كانت ضحت بحياتها واحلى سنين عمرها لاجل همام ومرضه، فعاألاقل هتاخد منيه في المقابل عيل، منها يصبرها عالايام، ومنها يكون سند ليها ولهمام بعد مالسنين تمر والبدن يهزل،
وقررت بناء عليه اصعب قرار ممكن وحده تاخده، أصعب حتى من موافقتها إنها تكمل حياتها مع واحد مشلول، وعاودت وهي عتقلبها فدماغها زين لحد مااقتنعت تمام الاقتناع.
بس كانت عاتله هم تنفيذ قرارها ديه؛ لأن داي المرحله الاصعب عليها على الاطلاق
ورجعت البيت يومها وهي عازمه علي التنفيذ مهما كلفها الأمر من مشاعر ممكن تحرق روحها حرق.
وبعد ماخلص النهار والليل جه وعملت العشا وعشت عمها حمدون ولواحظ وهمام، وشالت الوكل وعملت اللي وراها، دخلت على اوضتها وراحت علي صندوقها وطلعت من هدوم العرايس اللي ملبستهاش ولا جات ناحيتها، وراحت ورا الستاره وغيرت خلجاتها، وحلت شعرها، وبعدها طلعت وراحت علي اللنضه نفخت فيها طفتها، وكل ديه تحت انظار همام اللي كان واعيها بمنظر اول مره من يوم جوازهم يشوفها بيه.
وسألها بحس يادوبك طالع:
ليه طفيتي النور يابسيمه ليه حرام عليكي.
مردتش عليه بسيمه، وفضلت تقرب منيه لغاية ماوقفت جار سريره، وبحركه صدمته رفعت الغطا ودخلت جاره في الفرشه ونامت حده لأول مره، ومش بس إكده داي قربت منيه لدرجة إنه بقي شامم انفاسها وحاسس بدقات قلبها، وهو كل ديه مش مستوعب اللي عيجرا، وجسمه ابتدا يعرق ويترجف بطريقه ملحوظه، وذادت رجفته وكان هيغمي عليه وهو سامع بسيمه عتقوله:
إن كان ولا بد من العشره ومفيش منها مهروب يوبقي نجيبوا اللي يعينا عليها، عيل ينفعني وينفعك.
همام سمع كلامها وفي اللحظه داي بس استوعب بسيمه عتقول ايه وتطلب ايه! وانه مش في حلم وهيصحى منه كيف ماعقله كان يقوله من أول ماجات نامت جاره، فغمض عنيه وهمس لروحه وهو مخنوق بالدمع:
يااااابووووي على كرمك ياحبيبي، دعيتك واني عيني منك في الارض، وطلبت منك ترجعهالي، وبكيتلك من الشوق، وكنتش عارف إنك عتحبني لدرجة إنك تعطيني اكتر من مرادي.. الف حمد وشكر ليك يارحمن يارحيم.
خلص مناجاته لربه وفتح عيونه وبص لبسيمه وقالها:
انتي واعيه لروحك يابسيمه عتقولي ايه؟
بسيمه هزت دماغها بتأكيد وهو كمل كلامه.. بس يابسيمه اني لا حول لجسمي ولا قوة، يعني واخده بالك لو جرا الامر هيجرا كيف؟
هزت بسيمه دماغها لتاني مره بإيجاب، واتنهدت تنهيدة وجع، وبعدها قربت من همام القرب اللي خلاه انتهى، وهي كانت حاسه بإشمئزاز كيف ماتكون وحده عتبيع روحها للشيطان مقابل إنه يعطيها طفل.
عدى الموضوع، وبسيمه نامت، كيف ماتكون عتهروب من كل اللي جرا، وخصوصي بعد ماقامت ولعت اللنضه عشان تدخل الحمام، وفطريقها بصت لهمام، وشافت الجرح اللي فرقبته، واللي حسسها بخيانتها لاختها،
لكنها صبرت روحها بإن لو ديه كان تم وهي عتكن ليه ذرة مشاعر كان إحساسها بالخيانه يوبقي فمحله، لكنها حاجه تمت لمجرد موصلحه لا اكتر ولا اقل،واختها ذات نفسها خلفت من اللي دبحها، فمجاتش عليها هي.. وبعدها عاودت ونامت جاره، لكنها ادته ضهرها وبعدت عنيه، كيف ماتكون عتقوله متحلمش بأكتر من كونها مهمه وعننفذوها.
وفاقت الصبح وفتحت عيونها، وكانت نومتها اتغيرت ولفت على همام، وشافته صاحي وعيتأملها، وبمجرد ماشافها فتحت اتبسم وهمسلها، إصباح الخير ياكل الخير، صباحيه إمباركه يابسيمه.
بصتله بسيمه ومردتش، وهو كمل رغم ذلك.. بالك يابسيمه اني عتمنى أيه دلوك؟
كمان بسيمه مردتش، لكنه كمل على اي حال..عتمنى لو اني عقدر امشي، كنت هاقوم اجري والف البلد كلها واني عصرخ من فرحتي واقول للناس كلها اني اسعد واحد في الدنيا.
وإهنه بسيمه ردت عليه الرد اللي طفى فرحته كلها:
-وهو أنت لو عتمشي كان حوصول اللي حوصول ديه؟ لا والله ماكان جرا ولا كنت تحلم تطول شعره من بسيمه ياهمام. احمد ربنا علي نعمة الشلل عشان هو بس اللي نولك مرادك مني.
خلصت كلامها وقامت، وهملته رجع لاحساسه الأولاني اللي كان ناسيه بإن كل اللي جرا واللي عيجرا مجرد شفقه مش اكتر.. لكنه همس لروحه إنه حتى لو شفقه، اهو برضوا تم واحسن من كرامه مع البعد والعذاب.
واستمر الحال بينهم علي إكده شهرين بحالهم، لغاية مابسيمه غاب حيضها، وراحت للدايه بيتها وخلتها كشفت عليها، وبشرتها الدايه بخبر حملها، وراحت خبرت الكل، وحمدون طار من الفرحه وكان معارفشي يعمل ايه او يقول ايه لما قالت قدامه إن عزام صغير جاي في الطريق،
وحتي لواحظ زغرتت يومها من فرحتها، ولكن همام هو الوحيد اللي برغم فرحته بس قلبه كان عيموت من الحزن، لأن معني حمل بسيمه إن إكده خلاص مهتقربش منيه تاني طول مانالت مرادها.
وفعلا اللي حسبه لقاه، وبسيمه بعدت عنيه ورجعت معاه كيف لاول، وحس إنهم بعد القرب رجعوا اغراب من تاني، وكل ماكان يطلبها كانت تكتفي ببصه لجرح رقبته تخليه يكتم رغبته فوراً ويقطم كلامه، كيف ماتكون عتقوله متتعشمشي بأكتر من اللي جرا وخلصت لحد إهنه.
أما دهب وعبد الصمد فمكانوش مصدقين روحهم وبسيمه عتقولهم إنها حبله، ودهب توها اللي بلعت ريقها وهديت نار قلبها اللي كانت شاعله فيه على بتها، واطمنت عليها إنها معادتش محرومه من حاجه، وإن خدمتها للعاجز ليها مقابل، وإن بتها هتكون ليها عيله وولاد كيف باقي الخلايق..وان همام مش عاجز العجر اللي يخلي بتها محرومه من متعة الجواز،
اما عبد الصمد فكل اللي نطقه في سره وكت عرف بالحمل:
سبحان من يخلق الحي من الميت ويقسم الارزاق، وماكان ربك بظلام للعبيد.
وابتدت الايام تعدي والشهور تمر، واهي بسيمه في الشهر الخامس، وعلى وش حملها دخلت الفرحه والأمل لبيت وقلب همام، لما راح لدكتور ناس دلوهم عليه، والدكتور بعد مافحص حالته قال إن فيه امل بسيط يمشي بعمليه، بس قبلها لازم يقعد سنه كامله يمشي على علاج معين عشان نسبة نجاحها ترتفع، ولو فشلت عالاقل صحته العامه هتتحسن عالعلاج..
ولما سألوا على العلاج طلع غالي قوي، وعشان حمدون محداهش اغلى من ولده، باعله الارض وابتدا يعالجه بيها، وقال لروحه لو طاب ولدي حداي بكل ارض الدنيا ومالها.
واتولد أمل جديد فقلب همام، اللي ابتدا يتحسن ويتعدل ويقعد لحاله، بعد ماكان حتي داي يحتاج فيها مساعده.
❈-❈-❈
فاقت بسيمه من سرحانها وهي قدام الكانون لما شافت النار قربت تطول خلجاتها، وقامت غرفت العشا وراحت بيه علي اوضة همام وندهت حمدون ولواحظ، ولسه كلهم هيقولوا بسم الله ويحطوا اول لقمه فخشمهم، سمعوا خبط عالباب وحس سعوده عتقول افتحووولي بحسها العالي، وقامت لواحظ تفتحلها قوام، وبس فتحت شافت بناتها التنين سعودة وروايح واقفين عالباب وكل وحده فيهم ماسكه بؤجة هدوم في يدها، واول ماشافوا امهم التنين بكوا في نفس واحد بحسهم العالي وقالولها:
اجوازنا ضربونها وزمقونونا وقاللولنا تعاودش تاني عايزينكمش، امهم صلطتهم علينا يمممه.
ولواحظ سمعت إكده وضربت علي صدرها بصدمه وبعد مادخلتهم البيت، جابت السباطه ونزلت هي بنفسها فيهم هما التنين ضرب، عشان كل يومين تلاته جاينلها مضروبين وزمقانين ومشيلينها همهم، وحتي معملتش حساب لحبلهم، وكل اللي همها إنها تشفي غليلها من اللي فضحوها وسط الجيران دول، وخلوهم يقولوا عليها عرفتش تربي، والبت المتربيه تجيبش الضرب والاهانه لروحها وتعاود كل يوم والتاني على بيت ابوها
بقلم ريناد يوسف
يتتتبع
❈-❈-❈
نفق الجحيم الجزء الثاني الفصل التاسع عشر
في بيت المقاول
عديله بزعيق وهي داخله الأوضه:
شارده فأيه يابت دهب ومهمله البت مكمور وشها بالملايه هتموتيها وتكتمي نفسها؟
شام قامت منتوره بعد ماانتبهت لربيعه، وفعلا شافت الملايه كلها علي وشها ، شالتها من فوق وشها، واطمنت عليها انها بخير، وبعدها اتنهدت وردت علي ستها عديله وهي عترتب شعر ربيعه وترفع خصله اللي نازله علي جبينها بحنيه:
شارده في اللي اشتاقلهم القلب، والروح عليهم متكاده ومعارفلهمش علوم ياستي.
ابوي وامي وخياتي البنات اللي معرفشي عنيهم ايوتها حاجه غير بس الخبر اللي عيجيبهولي ابو دراع كل فين وفين، واللي عيعرفني بيه الحبله واللي ولدت.. بس اني عايزه اشوفهم بعيني واتحدت معاهم، اعرف عنهم اللي الغريب ميعرفهوش واللي دافنينه فصدورهم، خايفه يكونوا عاملين زيي وموصيين ابو دراع يوصلي انهم زينين ومرتاحين وهما غير إكده كيف ماععمل اني وعوصيه يطمن كل اللي يسأله عني.
عديله:
والله ياشامن مش هقولك غير الحق معاكي فقلقلك وشوقك ورقرقت روحك عليهم،
بس يابتي هقولهالك تاني وعاشر، الشين معيتخباشي، يعني لو لاقدر الله اهلك فيهم حاجه شينه كان خبرها جه لحاله، بس طالما ماسمعاشي شين يبقوا زينين، ولو علي وجع القلب والتعب يابنيتي مفيش حد خالي والبيوت ياما عيجرا ورا بيبانها.
بس برضك سكانها عيعيشوا ويكملوا وانتي اكبر مثل ودليل، واظون ياشامه محدش تحت عين الشمش تعبان ومكروب كدك واديكي عايشه، كل واحد ونصيبه من التعب يابنيتي،
بس من وسط التعب ربنا عيبعتلهم اللي يصبرهم ويخلي كل التعب والمرار يروح بتطليعه وحده عليه.. قالتها وبصت لربيعه واتبسمت، وشام كمان بصت لربيعه وطمنت روحها على خياتها التنين بإن صوح ربنا مش هينساهم، وإن بشاير اكيد ولدها مالي عليها الدنيا، وكمان بسيمه اللي قربت تكون أم ولدها او بتها هيهون عليها، بس برغم إنها عتطمن قلبها عليهم بكلامها ديه، الا إن الاشتياق باقي يلعب بالروح لعب ومهما الواحد سمع عن الحبايب انهم بخير، ميرتاحش القلب غير بشوفتهم.
؟؟؟؟؟
دقايق قضتها شام بعد كلامها مع ستها وهي سرحانه فخياتها وامها وابوها، وبعدها سمعت حس شوقيه عيلعلع في البيت، وعرفت منيه أن كرار عاود من الشغل ولازمن تقوم تجهزله الغدا هو وهي عشان يتغدوا.
وطلعت من الاوضه، وشافته شايل ولده عزام وعمال يلاعب فيه والفرحه بيه كالعاده عتنط من عيونه، وجايب ليه ولأمه ومحمل من كل حاجه حلوه، وبته ربيعه حتي تطليع ماعيتطلع عليها، ولا كلمة ابوي مخليها تنطوقها عليه وعايشه يتيمة الاب وابوها حي يرزق.
كملت طريقها للموطبخ، وابتدت تغرف الغدا ليهم، وطلعتهولهم، ومن بعدها غرفت غدا حوريه ووديتهولها عالأوضه بتاعتها، واللي كانت أوضة عزت القديمه بعد مابدلها باوضتها اللي فوق وهي نزلت فيها.
دخلت عليها شام وحطتلها الوكل جارها ومن غير كلام ولا حديت هملتها وطلعت، وبرغم إن حوريه لا عتنطق عليها ولا عتكلمها، الا ان شام عتشوف فعيونها حديت كتير بدها تقولهولها بس فيه حاجه مانعاها،
وعتكتفي بس بالبصه عليها كل ماتعملها حاجه او تخدمها،
من ساعة ماحيلها راح وحركتها بقيت قليله من بعد مااتقهرت علي اللبه اللي اتسرقت منها.. او ديه السبب اللي الكل فاكر إن هو سبب حالتها داي..
ومن وكتها وهي اغلب نهارها حبيسة أوضتها معتطلعش غير بس هبابه تطل في المطبخ وتشوف ايه اللي عيجرا فيه وتدى أوامرها لبدور وورده وحتى لشام باللي هيتطبخ ويتعمل، وداي هي السلطه الوحيده اللي بقت ليها في البيت دلوك، والحاجه. الوحيده اللي ليها رأي فيها هي (الطبيخ)
أما باقي الأمور من فلوس شغل ومصروف بيت فديه كان كله فيد شوقيه.. وديه لأنها هي اللي متكلفه تصرف عالبيت وكل وشرب من فلوس كرار لحاله من غير ماصفوت ولا عزت يدفعوا جنيه واحد،
وديه لغاية في نفس يعقوب،
ابسطها إنها عتشوف من بدور وورده دهلسه ومحلسه وطاعه اللي يشوفهم يقول إن روحهم هي اللي فيدها مش وكلهم وشربهم.
طلعت شام من أوضة حوريه وراحت علي الموطبخ؛ عشان تعلق عالشاي وبعدها تغسل مواعين الغدا علي مايكون كرار وشوقيه خلصوا غدا وياجي صفوت وعزت ويتغدوا هما كمان، وتغسل المواعين كلها مره وحده.
وهي فطريقها للموطبخ شافت عزت داخل من الباب، واول ماعينه وقعت عليها اتبسملها بشوق، وهي كالعاده بصت بعيد عنه وكملت طريقها، وقعد هو قبال كرار يتحاسبوا كيف كل يوم، وياخد منيه كرار ايراد اللودر ويرميله يوميته من الفلوس،وعزت ياخدهم بخشم ساكت، بس العين هتطلع عالفلوس اللي عيلمها كرار كل يوم فحجره بالزيحه من المعدات بتاعته، ويرميها فحجر شوقيه مرته، وعزت وغيره ياخدوا ملاليم.
وكل ديه من تحت راس حظ كرار الزين اللي طول عمر عزت يحسد فيه عليه، ومع ذلك عمر ماعينه صابته بالحسد مع انه عيتمناها توحصول من كل قلبه، وكل اللي كرار عيتمرمغ فيه من نعم يزول.
شويه وطلعت بدور بالوكل لعزت تتمايل ببطنها العاليه،
وقعدت اتغدت معاه عشان تفتح نفسه عالوكل كيف ماقالتله وهي عتقعد، وهو بصلها ومردش، وابتدا ياكل وسط ريحتها اللي مش قادر عزت يحددها جاز ولا سبيرتوا ولا مرار طافح ايه اللي عتنقع روحها فيه ديه كل يوم، و كل ماتقرب منيه يوبقي عايز يجيب اللي فبطنه من القرف.
وبعد الغدا طلع عزت على أوضته فوق قوام واستغل فرصة ان بدور راحت الموطبخ تشيل الوكل، وبس بدور طلعت من المطبخ ملقتش عزت جريت وراه باللاحق علي فوق،
لكنها وقفت قدام الأوضه حزينه بعد مااكتشفت انها اتأخرت النهارده كمان زي كل يوم وعزت قفل عليها الباب بالقفل من جوه.
فنزلت تاني تجر فاذيال خيبتها المعتاده من عزت
،ولسه عتفكر تروح بيت ابوها تقعد جار امها وحريم خواتها لغاية ماعزت يصحى من النوم، لكنها لقت امها داخله من البيت فقعدت وبقتها.
عدويه بصت لبدور ولما لقتها مدايقه سألتها:
مالك يابدور قالبه خلقتك ليه؟
بدور: ماليشي، خالتي فأوضتها قاعده، كنت رايحالك اقعد جارك هبابه بس انتي لقاقه معتقعديش فبيتك وتكني عامله زي فرقع لوز.
عدويه بصتلها وبرقت عنيها وهي مش مستوعبه كلامها اللي عامل كيف كلام المهبلين، ولكنها على كل حال مخدتش عليها؛ لانها عارفاها هبله وراحت علي اوضة اختها؛
ومن ساعة مانقلت لبيتها الجديد بالإكراه من جوزها وعيالها وهي لازمن كل يوم تجيها تقعد معاها هبابه وتطمن علي صحتها وتشوفها لو عايزه حاجه وتمشي،
وزي ماعتسأل عليها وتطمن، تسأل كمان على عديله مرت عمها وتشوفها لو محتاجه حاجه، وتدخل الموطبخ اللي اتربت وكبرت فيه وفنت كل عمرها جواه، وحاسه من ناحيته بألفه مش حاساها فموطبخ بيتها الجديد، وكل ماتدخله تحس انها غريبه عنيه وغريب عنها،
ومع ان حوريه ولا مره زارتها فبيتها الجديد ولا خطته برجلها ، ولا يوم سألت عليها حتي لو غابت بسبب تعب، الا ان عدويه عمرها ماعاملتها بنفس معاملتها، ولا قالت اشمعنا اني اروحلها وهي له، واستمرت فوصل صلة الرحم والموده وعاهدت روحها إنها هتفضل إكده لآخر العمر،تقدم المعروف حتي لو مجنتش مقابل معروفها اي شي.
وعشان إكده عديله دايما كل ماتشوفها هي وحوريه قاعدين جار بعض تتصعب وتقول البطن صوح قلابه مةوكيف مالارض عتطرح المالح وتطرح الحلوا والتنين مرويين بنفس الميه وطالعين من نفس بطن الارض! بطن أمهم جابتهم فرق السما بينهم عن الارض،
وتهملهم وتمشي.
خدت قعدتها عدويه مع اختها واطمنت على مرت عمها، ورجعت علي بيتها، وراحت معاها بدور اللي كانت كل شويه تقولها قومي روحي بيتكم عشان تروح معاها.
أما في أوضة كرار وشوقيه
شوقيه:
مبروك يامقاول اديك قربت تسدد فلوس ابوي بالكامل وبعدها توبقي اللوادر والمعدات كلها بتاعتك لحالك.
كرار :
قربت ايه بس ياشوقيه، اني قربت اخلص الفلوس اللي ابوكي سلفهمني، لكن الفوايد بتاعتهم لسه بدري مهتتسددشي دلوك واصل.
شوقيه:
كله هيتسدد بس إنت شد حيلك ومتتعجلش، اديك في سنه ونص اهه بقيت اكبر مقاول في النواحي كلها، ومسايبشي حد من اصحاب المعدات ياكل عيش غير الفتافيت اللي انت عتهملهالهم.
رد عليها كرار بعرفان:
كله بفضلك يانور عيني وفضل تخطيطك ومساعدتك ليا انتي وعمي العمده، ولولاكم ماكنتش بقيت إكده ولا اتحركت من موطرحي حتي وكنت فضلت علي اللودر اليتيم اللي كان معاي.
ردت عليه شوقيه بتباهي:
إيوه امال ايه، وهو انت متجوز وحده قليله، انت متجوز بت عمدة البلد علي سن ورمح.. ولسه ياكرار اللي جاي احلا واحلا، بس انت اسمع كلامي وهملي عقلك ديه اني امليه وهو ينفذ.
رد عليها كرار وهو عيمسك اديها التنين ويبوسهم وحده وحده.. واني من يدك داي، ليدك داي، انتي تفصلي واني البس ياام عزام ياغاليه.
خلص كلامه وخد شوقيه فحضنه، وهي اتبسمت بإنتصار وهي حاسه إنها مالكه كل شي بيدها، كرار واخواته وحريمهم، والبيت، والفلوس اللي عطتهم لكرار علي انهم سلف من ابوها وخلته اشترا بيهم معدات، وبقي غول المقاولات في النواحي كلها، وخدتهم منيه تاني وحده وحده وأسرته بالمعروف،
وهو معارفشي إنها في الاصل فلوسه ومن دقنه ولقمله، وكمان خلته يشغل اخواته التنين تحت منه من بعد مابقاش يسيبلهم شغل وبقوا يشتغلوا يوم وعشره له، واشتري منيهم معداتهم وشغلهم باليوميه تحت منيه.. وحتي عيال عمه نعيم نفس الوضع، بس الاختلاف إن دول اشتغلوا حداه باليوميه واحتفظوا بمعداتهم معاهم مباعوهالوش، وكانوا يلقطوا بيها شغل من وكت للتاني، وديه طبعاً تفكير سلام.
والكلل بلا استثناء اتولدت جواهم غيره وحقد نواحي كرار، وبقوا يتمنوا النعمه اللي فيده ليهم هما،
بس اكتر واحد فيهم كان عزت، اللي كان حاسده اكتر من مره، مره علي فلوسه ونسبه واللي بقي فيه ووصله، بعد ماكان دلوعة امه البايظ اللي الكل كان يتمقلت عليه،
ومرات علي شام اللي معيعديش يوم الا وعزت يتمناها بين اديه، ويحاول يغويها بكل الطرق وهي قلبها وعقلها مقفلين من تلاه بالضبه والمفتاح،لكنه عاهد روحه مش هيبطل محاوله معاها لاخر نفس في عمره.
أما حوريه فكانت تبص بعينها وساكته مقدراش تتكلم وكاتمه فقلبها، بس نظراتها لشوقيه كلها غل، ونظرات شوقيه ليها كلها تحدي، وكل ماتتلاقي العيون شوقيه عيونها تطلق سهام الشماته ترشق في قلب حوريه توجعه، وكل ماتاجى تتعافي من وجع قلبها وجسمها تنتكس مره تانيه، لدرجة إنها بقت لا حول ليها ولا قوة، وخصوصي إن اللي كان ممكن تتقوى بيهم كلهم دلوك في يد شوقيه ماسكاهم وعتلعب بيهم كيف العرايس.
أما حدا بيت اهل السيد
نبيهه ام السيد، اتنهدت بهم وهي حاطه يدها على خدها وبصت لجوزها اللي نايم جارها وبحسره قالت:
صوح صدقوا اللي قالوا ربي ياخايبه للغايبه، واني ربيت وتعبت وكبرت وجات بت دهب خدت ولدي مني وطفشت بيه علي بيت ناسها وعششت بيه هناك.
رد عليها عبده بنبره هاديه:
همليييه يعيش كيف مايحلاله، خير وجاله، ارض وبيت وبهايم ورزق وناس معاهمش واد وخدوه واد ليهم، همليه عايش معاهم وياخد كل الخير اللي مليهش صاحب ديه.
ردت عليه نبيهه بقهرة:
إيوه بس اني عايزه ولدي جاري وعياله يتربوا فحجري ومرته تخدمني.
رد عليها بنفس هدوئه:
ولدك ليكي حدش خده منيكي، وميته ماتعوزي تشوفيه البسي ملسك وشدي رحالك، فركة كعب تكوني حداه وتقعدي معاه وتشبعي منه ومن ولده كيف مانتي عايزه، والناس الحق يتقال ملاقيتهم تداوي القلب العليل من حلوا لسانهم وطيب اصلهم وكرم اخلاقهم،
اقعدي ساكته واستري عالواد وخليه عايش في العز ويربي عياله فخير جدهم، احنا كيف ماانتي واعيه فقاره ويادوبنا مقضيينها من ريع الكام قيراط والفلوس اللي عيشيعهملنا السيد، متقطعيش عيشه وعيشنا.
بصتله نبيهه وسكتت، عشان كلامه صوح، وولدها بقعدته فبيت نسايبه مرتاح ومستفيد، وهما كمان طايلهم من الحب جانب، بس برضك من جواها معاجبهاش الوضع ونفسها ولدها يكون تحت عينها وجارها هو ومرته وعياله وتمارس عليهم سلطتها وحقوقها.
أما حد بيت عبد الصمد
وصل عبد الصمد البيت بعد ماخلص شغله في الغيط هو والسيد، وعند الباب اتقدم عن السيد ومد الخطاوي عشان يدخل هو الأول، وبمجرد مادخل نده بعلوا حسه:
عمران، ياد ياعمران جدك جه انت وين.
بشاير سمعت حسه وعرفت انه عاود، وقوام طلعتله من الأوضه بعمران، اللي عارفه إنه مهيرتاحش غير لما ياخده فباطه ويشمه ويبرد شوقه ليه، بعد نهار قضاه بعيد عنه وهو يشتغل في الارض، ولازم الحضن الاولاني يكون من نصيبه هو، قبل حتي ابوه السيد مايسلم عليه.
وبالفعل عبد الصمد خد منها الواد وضمه وشمه وحب فيه لما شبع، وبعدها عطاه لابوه عشان يسلم عليه هو كمان، ودخل عشان يتسبح من تراب الارض قوام قوام ويرجع ياخده منهم ويحطه فباطه ويقعد يهودله ويلاعبه ويلعب معاه لغاية مالواد ينام علي رجله، ويعطيه لامه تنومه،
ويستنى لحظة صحيانه بفارغ الصبر، وروحه اتعلقت بالصغير ديه، ووقت ماعيضمه عينسى الدنيا باللي فيها.
اما حدا ابو دراع
سلام:
ليه إكده طيب ياصاحبي، ليه الخوانه؟
ابو دراع بإستغراب:
خوانه! خوانة ايه ياسلام؟ اني حد الله بيني وبين الخوانه وعمري ماعقبل الحرام وإنت خابر ديه زين.
سلام: له خوانه ياابو دراع، لما تاجي دلوك تقولي غنماتك واتكفل بيهم توبقي خوانه، ليه اتكفل بيهم اني، هو مش فيه بينا اتفاق ولا ايه؟
أبو دراع بهدوء:
طيب ماتفكرني بالاتفاق ديه ياسلام إكده اتفقنا فيه على ايه؟
سلام: انك تربيلي غنماتي وترعاهم مع غنماتك وتاخد منهم ٤ روس.
ابو دراع:
زييين الكلااام.. طيب اني اتفقت اني اكبرهملك، لغاية مالوحده فيهم توبقي عُشر وتولد ولغاية إهنه يوبقي اني نفذت اتفاقي معاك صوح ولا فيه كلام غير ديه اتقال واني كداب؟
سلام سكت مردش وابو دراع كمل:
وادي الغنمات ليهم مرتين يولدوا، وفيه منيهم اللي ولدت٣ مرات اهه، وماشاء الله تبارك الله ال١٦ راس بقوا ٤٠ راس، وعلياتهم عُشر دلوك هما وعيالهم، واظون إكده نفذت اتفاقي معاك وزدت عليه من دمي واصلي.
سلام:
حاسبلي الغنمات بقوا ٤٠ من ١٦ راس، وانت ١٤ راس بقوا حداك ٥٠ راس وتقولي مش عارف ايه.
ابو دراع:
والله ديه حظ، واظون غنماتي متعلمين وغنماتك متعلمين، ولما كانت غنمه تولد من بتوعك كنت احضرك ولادتها او احضر حد من اهلك لو انت مش قاعد، أمك او أبوك، يعني خشمك ميجيبش هوا.
سلام: ليش صالح اني بالحديت ديه، اني غنماتي مهبيعهمشي.
ابو دراع: واني مقولتلكشي بيعهم اني قولتلك اتولاهم إنت وكل وشرب، إنت بس يوم واحد جرب ترعى حوالي ١٠٠ راس غنم وتشربهم وتفتشهم بالوحده تطمن عليهم وانت تشوف تعبي كد ايه.
سلام: انت خابر زين اني مهقدرشي اخد بالي من غنم وعشان إكده عتلوي دراعي، فقولي عاوز ايه ياابو دراع من الاخر وخلصني.
أبو دراع بهدوء:
والله ماعاوز حاجه، اني عقولك اني تعبت من الغنم وتقلت عليا خدمتهم، خد غنماتك واتصرف فيهم.
سلام بحزم:
طيب خد المفيد ياابو دراع.. غنماتي مهيتباعوشي وهيقعدوا في الحوش، ومفيش غنم هيتباع غير غنماتك انت، واني غنماتي هجبلهم واحد يراعيهم وليكش صالح بيهم سامع.
ابو دراع: اني غنماتي مهيتباعوشي.
سلام:
يوبقي تشوفلهم موطرح غير الحوش، عشان إحنا مهنخلوشي حد غريب يحط غنمه في احواشنا.
قال كلامه ومشى من قدام ابو دراع وهو خابر زين انه خلى ابو دراع يلف حوالين نفسه من الحيره، وبعدها هيوافق يراعي الغنم زي الكلب عشان موصلحة حاله.
وكيف مايكون غريب عن ابو دراع وطبعه ومخابرشي إن ابو دراع ميتلويش دراعه واصل.
واتفاجأ تاني يوم الصبح بأبو دراع عيستأذن نعيم وهما طالعين عالشغل بإنه هيدخل البيت تجار يشتروا غنماته في غيابهم.
ولما عاود اخر النهار لقى ابو دراع فعلا بايع كل غنماته، ماعدا غنمه وحده بس مخليها هي وعيالها، وأول ماشافهم جه عليهم، ووقف قدامهم وبص لكرار وقاله:
حق البيت بقى معاي ياكرار.. هتبيعهولي زي ماقلتلي ولا اشتريلي بيت بره؟
رد عليه كرار وجاوبه بدون تردد:
هبيعهولك ياصاحبي طبعاً، انت اصلا لو تبعتني كان زمان البيت ملكك من زمان.
ابو دراع رد عليه وعينه على سلام:
واني سبق وقولتلك إني معخدش صدقه من حد، واني لو هاخد حاجه من حد مهاخدهاشي غير لما ادفع حقها علي داير مليم، ودلوك اني معاي حق البيت، وحق قيراط عليه كمان هشتريه منك ابني عليه حوش.
قال كلامه وبص لسلام بتعالي، وابتسم بنصر وكرار عيعلن موافقته على طلبه.. وديه خلي سلام حس بالإنهزام، وعرف إنه خلاص لازمن ومن كل بُد انه هيبيع غنماته؛ لانه استحاله هو او اي حد من الرجاله هيقبلوا يدخلوا راجل غريب فقلب بيتهم وسط حريمهم، وكالعادة ابو دراع محدش يتواجه معاه غير ويتهزم يأما من دراعه، يأما من مكره وحيلته.
وبالفعل أبو دراع اشترى البيت من كرار وعليه قيراط خده جاره من الناحيه القبليه، وقدام الكل تم البيع والشرا، وجاب شهود عالعقد من بره كمان، ولأول مره ابو دراع يقعد فبيته وهو حاسس إنه قاعد في ملكه مش قاعد عالا على حد، ولا قاعد فبيت الخدام.
وفوراً عمل مخمرة طين واشترى الطوب اللي فضل من بُنا بيت نعيم بسعر رمزي، بس عشان محدش يوبقاله فضل عليه في حاجه، وابتدا يحاوط في الحوش بتاعه وبناه وركب عليه باب خشب وعمله سقف بوص وفلاج نخل، وحط فيها غنمة شام، ووقف وسط الحوش واتطلع حواليه وحلف يملاه غنم وحده وحده رغم عن انف سلام اللي كان عايز يتحكم فيه وعامل انه يقدر يمنع عنه الرزق وفاكر حاله رب العباد.
اما حدا همام
خبطات متتاليه عالباب، وبعدها حس حكيم اعلن عن حضوره، وراحت بسيمه تفتحله بعد مالبست طرحتها، وبمجرد مافتحتله الباب ابتسم حكيم ورمى عليها السلام وقالها:
كيفك ياختى وكيف صحتك.
ردت عليه بسيمه وهي عتفتح الباب زياده عشان يدخل:
اني زينه ياخوي، ربنا مايحرمني منك ولا من سؤالك.. كيف الحبايب على حسك.
رد عليها حكيم وهو عيدخل البيت..بخير وفأحسن حال، وطول مالناس عايشه وعتشم الهوا فهي في رعاية الله وفى رحمته اللي وسعت كل شي يابسيمه.
ردت عليه بسيمه وهي عتتنهد:
ونعم بالله.
ادخل ياخوي واقف ليه ادخل.
دخل حكيم وراح علي اوضة همام اللي كان واعيه من أول مادخل من باب البيت ومتبسمله، ومستنيه يخلص بس سلام علي بسيمه ويطمنها على اختها، وياجيله يقعد معاه قعدت السمر اللي عيستناها همام بفارغ الصبر من الاسبوع للأسبوع.
وبمجرد مادخل حكيم وسلم عليه وقعد جاره، راحت بسيمه تعمله الضيافه وتقدمله واجبه، وحكيم اتبسم وهو واعي نظرة همام ليها وهي ماشيه.. نفس النظره فكل مره مش عتتغير، ولا في مره حكيم حس إن عيون همام ملوا من النظر ليها، بالعكس كل مره يشوفهم فايضين بالمحبه اكتر من المره اللي قبلها..بس النوبادي المحبه كانت مصحوبه بشوق، كيف ماتكون كانت غايبه عنيه ولساها واصله!
سأله حكيم بفضول:
كيفها بت عبد الصمد معاك دلوك وكيفك معاها ياهمام.
اتنهد همام ورد عليه:
بت عبد الصمد هي اللي مخلياني حي، وفنفس الوكت مموتاني.. بسببها اني اسعد راجل على وش الدنيا واتعسهم.
حكيم بصله ورفعله حاجب واحد بتساؤل، وهمام ضحك بخفه على حيرة حكيم وقوام هم بالتوضيح:
بسيمه عيملت معاي اللي ميتعملش ياحكيم، ومش بس معاي، ومع اهلي كمان، واللي خلتني بسببه بقيت اسير ليها لأخر عمري.. وفوق دول ودول هتخلفلي عيل من بعد ماخلاص قنعت روحي اني مهشوفش عيل من صلبي واصل، وهعيش واموت وحيد.
بس
انتبه حكيم بكل حواسه بعد كلمة بس، لانه خابر إن وراها الجزء الموجع من القصه، وبالفعل اتغيرت ملامح همام من الفرحه للحزن وهو عيقوله:
من بعد حبلها ياحكيم وهي حرمت روحها عليا، دوقتني حلاوة قربها وبعدها عتسقيني مرار البعد، قالتهالي صريحه، اني قربت منك عشان احبل وخلاص حبلت، قالتها ومتعرفش إن فيها هلاك روحي، قالتها ومتعرفش إنها خلتني عامل كيف الطفل اللي اتفطم من أمه قبل مايشبع من حنانها.
خلص همام كلامه وتنهيدة وجع طلعت من جوفه، وحكيم ملامحه اتغيرت للغضب وبص بطرف عينه شاف بسيمه جايه من بعيد بصينية الشاي والضيافه، عمل روحه مشايفهاشي وبمنتهى الجديه قال لهمام:
تعرف إنك قهرتني علي بسيمه بعد اللي قولتهولي ديه ياهمام، تعرف إنك خليتني اشيل همها واني خابر إنها عتعمل ذنب قادر إنه يدخلها جهنم مهما عملت حسنات ومهما اتقت ربها فكل حاجه تعملها.
هماام بصله بتساؤل، وبسيمه وقفت قدام باب الأوضه وبلعت ريقها بخوف وهي مستنيه تعرف الذنب اللي عيملته واللي هيوديها جهنم!؟
ومفيش ثواني وواصل حكيم كلامه:
اللي تمنع روحها عن جوزها ياهمام عتكون ملعونه، والملاعين معيدخلوش جنه، كون الوحده تمتنع عن انها تدي جوزها حقوقه فهي عتدفعه للحرام، وبطريقه او بأخري هيقع في المحظور عشان يرتاح، وهي هتكون السبب فأي حاجه يعملها، وعشان إكده عليها وذر يساوي وذر جوزها، دا ان مكانش اكبر من وذره.
خلص كلامه واتنهد وطاطا راسه للارض وهمس بحس مسموع:
خساره يابت عبصمد، خساره يابت الأصول تخسري اخرتك عشان شي قادره عليه وعيملتيه بإرادتك الكامله، ومنعتيه برضك بإرادتك، والشي ديه بمثابة الرحمه من البني آدم لولفه، واللي يمنع الرحمه تحرم عليه الرحمه.
خلص كلامه وهو متوكد إن بسيمه سمعته، وخصوصي لما همام بص على باب الاوضه وقالها:
هاتي يابسيمه حطي الصينيه إهنه وروحي شوفي هتغدينا ايه النهارده واعملي حساب حكيم هيتغدا معانا النهارده وبسيمه من غير كلام اتقدمت عليهم وحطت الصينيه مابينهم، وطلعت علي الموطبخ تجهز الغدا كيف ماقالها همام، وطول ماهي ماشيه حاسه إن كلام حكيم نفض قلبها نفض من الخوف، وخلى رجفه سرت فروحها مخافه من الله يوم لا ينفع مال ولا بنون، وتقف بين ايادي الله هي وحسناتها ووذنوبها وبس.
يتتتبع
رواية نفق الجحيم الجزء الثاني الفصل العشرون
خلصت بسيمه الغدا وطول الوكت كانت تفكر في كلام حكيم، وسألت نفسها، ياتري ربنا صوح هيحاسب الوحده علي امتناعها عن جوزها حتي لو عتكرهه ومطايقاهش؟
ولقت روحها عتجاوب نفسها بنفسها:
اكيد صوح، ديه كلام طالع من خشم شيخ واد شيخ وحامل كتاب ربنا، واكيد لسانه مش هيطلع حاجه الا وهو متوكد منيها زين.
وقوام ركبها الهم وقلبها دقاته زادت وهي عتحاول تقنع روحها إنها لازمن تتقبل همام وتعطيه حقوقه اللي فرضها ربنا عليها حتى لو غصب عنها،
واصلا هي اللي اختارت انها تكمل معاه بإرادتها محدش غصبها، سواء عاد عشانه او عشان أبوه،أو عشان عجبها دور البطوله اللي عاشته والكل قدره وشكرها عليه، في النهايه مهما تعددت الاسباب النتيجه وحده.
همام جوزها وشايله فبطنها عيل منيه، وإن كان عالقرب اهي قربت منيه قبل سابق واتحملته عشان تحبل، يوبقي هتقدر تتحمله مره تانيه، او مرات، واهي كلها دقايق وتتقضى على اي حال، ماهي مش هتخسر دنيتها وكمان اخرتها، ومادامها اختارت التضحيه، يوبقي تضحي للاخر.
اتغدا حكيم مع همام وابوه في الاوضه، وعاود للمعمل وطول الوكت عينه تروح على بسيمه وهي رايحه وجايه لسبب في نفسه،
واطمن وهو واعيها شارده وشايله الهم، وعرف إنها عتفكر فكلامه وتقلبه فعقلها، ومتأكد مليون في الميه إن خوفها من ربها هيخليها تراجع نفسها فنفورها من همام، وهتديه حقه ابتغاء مرضاة الله، وداي حاجه تسعد حكيم قبل همام؛ لانه شايف إن بسيمه بعد اللي عملته ديه كله واللي عتعمله خساره تدخل النار على ذنب تقدر تتجنبه ومترتكبهوش.
وبعد ماطلع شالت بسيمه الوكل بالرغم من ان سعوده وروايح قاعدين وتقدر تغصبهم يشيلوا ويحطوا، بس رأفت بحالهم عشان شهورهم عاليه، وهي اللي شايله البيت زي ماهي من ساعة مجيهم مكلمتهمش علي حاجه، وهما التنين ولا وحده فيهم جابها دمها تقوم تساعدها من حالها.
اما لواحظ فاطول الوكت تبص لبسيمه وتقول لبناتها اتعلموا كيف البنته عتلبد وتعيش حتى مع العاجز وانتوا كل يوم والتاني جايينلي زمقانين.
وكأنها حاسده بسيمه على عقلها ومستكتراها على ولدها.
وبعد ماشالت بسيمه الغدا عاودت اوضتها، وقفلت بابها، واتقدمت ناحية سرير همام، ومع كل خطوه كانت تخطيها قلب همام كان يتشال ويتخبط بين ضلوعه، وحال عقله يقول يارب.. ولغاية ماوصلت قدامه وبصتله بصة شخص عازم على شي، وإهنه همام انتهى خالص.
أما بسيمه فكانت عتقرب منيه ومع كل خطوه تدوس علي كرامتها وعلى احساسها، وعلى قلبها وعلى حزنها على اختها واللي جرالها بسببه، ومحطاش قدام عيونها هدف غير رضى ربنا عليها وإجتناب الذنوب،
ولغاية ماوصلت قبال همام وهي عازمه تأدي حق ربنا، ولكنها وقفت وكل ذرة فبدنها نفرت منيه وهي واعيه الجرح اللي فرقبته،
واللي رجعها تاني لليوم اياه.. اللي عاود ابوها البيت فأخر الليل وشام على اديه غرقانه فدمها، واتراجعت لورا خطوه، وقبل ماتبعد اكتر لقت همام بسرعة البرق مسك ايدها كيف الغريق اللي مسك قشاية نجاته،
وقالها بدموع اتجمعت في عنيه قوام.. أمانه عليكي ماتبعدي، احب على يدك كملي جميلك، انى اتأسفتلك كتير وخابر ان قلبك لساه شايل، بس وحق لا اله الا الله مستعد اوطي احب على رجلك دلوك بس اشم ريحتك واضمك لقلبي.
بسيمه مردتش عليه وبصت بعيد وهمام كمل بترجي وهو عيحب علي يدها:
حلفتك بكل عزيز وغالي على قلبك ماتبعدي من بعد ماقربتي، ادي يدك اهه حبيتها وارفعيلي رجلك احبها، والله لو قادر يابسيمه كنت ركعت عند رجليكي وطلبت منك العفو والسماح،
كبيره على الراجل داي يابسيمه وواعره المذله عليه، بس اني عشان رضاكي وقربك مستعد اعمل اكتر من إكده كمان، بس تقربي مني واشم ريحتك من تاني.. طب طب اقولك، نامي جاري بس ومعاوزش منك ايوتها حاجه تانيه، دفي فرشتي بانفاسك وخلي ملامحك قريبه مني واني والله العظيم ماهمد يدي عليكي ولا هدايقك واصل.
اتنهدت بسيمه وبلعت ريقها بمراره وغمضت عيونها وهي محتاره مابيت احساسين عيطحنوا فروحها طحن، الاول احساسها بالخوف من ربنا والشفقه على همام فنفس الوكت، والتاني إحساسها بالكره والنفور، وفي الاخر حسمت امرها انها تختار نار الدنيا؛ لانها اهون بكتير من نار الاخره، وقربت من همام وابتدت من الساعادي رحلتها في الضغط علي نفسها والتحامل عليها والضغط اللي معارفاشي هتقدر تتحمله لحد ميته؟
❈-❈-❈
أما في بيت المقاول
دخل كرار من باب البيت واتلفت حواليه ولأول مره ميلقاش شوقيه فى انتظاره، فدخل وهو مستغرب، وراح عالأوضه بتاعتهم لقاها مقفوله بالقفل، رجع للحوش تاني وقعد علي الدكه وحط الكيس اللي فيده جاره وهو عيفكر ياترى راحت فين وايه اللي طلعها فمعاد رجوعه داي ممتعوداشي تعملها؟!
ورد علي نفسه بنفسه وقال اكيد راحت لبيت ابوها، هي عتروح فين غير هناك يعني؟
واثناء ماهو قاعد طلعت ربيعه من أوضة ستها عديله عشان تروح لامها في الموطبخ، وهي فطريقها بصت عالدكه جار كرار وشافت كيس فيه تفاح احمر، فبمنتهى البرائه راحت عالكيس ومدت يدها وخدت منه تفاحه، وبس عيملت إكده الكيس خشول وانتبه كرار ليها، وبمجرد ماشافها وشاف فيدها التفاحه خطفها منها قوام ورجعها للكيس تاني وزعق فيها وهو عيبرقلها وقالها:
غوري علي امك يابت الحرام ايه اللي جايبك جاري غوري.. خلص كلمته وزق ربيعه بيده خلاها وقعت على الارض وبمجرد وقوعها صرخت بعلو حسها، وعلي صرختها طلعت شام من الموطبخ عليها تجري، وكل تفكيرها ان واد صفوت الوسطاني ضربها كيف ماعيعمل او واد سلام،
لكنها اتصدمت وهي واعياها واقعه تحت رجلين ابوها ومكفيه علي وشها، جرت عليها وقومتها وخدتها فحضنها، وروحها فرفحت وهي واعيه شفتها مشقوقه والدم نازل من خشمها وهي اللي عتشم وتلم فيها وممخلياش الهوا يلفلف حواليها،
ولو حد ضربها من العيال قلبها يوجعها عليها مع انها ضربة عيل صغير متأذيش يقوم ابوها هو اللي يضروبها ويأذيها!
قامت شام بربيعه ووقفت بيها ودموعها نازلين عشرات من قهرتها عليها، وبصت لكرار بلوم وكان نفسها تعاتبه، لكنها افتكرت ان العتاب فاللي محداهوش قلب خساره وتعب عالفاضي.
فدخلت بربيعه على أوضة ستها، وبمجرد مادخلت بيها وعديله شافت البت خشمها دامي وقب فستانها كله دم صرخت بفزع وقامت من موطرحها وراحت عليها بخوف ولهفه وهي عتسألها:
جرالها أيه البت ياحزني في الدقيقه داي؟
فردت عليها شام وهي عتبكي:
ابوها لزها وقعها.
وهي بس قالت إكده اتفتحت عديله في الشتيمه علي كرار وحتي على امه، وطلعتله ووقفت قدامه وفضلت تهاتي وتشتم وتزعق، وكل ديه حوريه شايفاه وهي قاعده فأوضتها ومتحددتش ولا اتكلمت، ولا حتي اتأثرت باللي عيمله كرار في العيله الصغيره. وكأن قسوة القلب اللي حداه كلها واخدها منها هي والجحود واحد.
أما كرار فكان يسمع شتايم عديله لكنه مش معاها خالص، وعينه كانت علي شام اللي من ساعة ماجات من الموطبخ ونزلت عالارض تحت منيه عشان تقوم بتها وتشيلها، وهو شيطانه ابتدا يوسوسله ويشجعه على حاجه نفسه فيها من زمان ومشتاقلها، لكنه مقادرشي يعملها من خوفه من شوقيه، بس دلوك شوقيه مقاعداشي، والجو خالي وهي حلاله والنفس وماتشتهي،
فقام وقف على حيله وراح على أوضة سته عديله، وبحركه سريعه شد البت اللي لساها عتبكي من حجر شام وطلعها قعدها بره باب الاوضه وقفل عليها الباب، وبقي هو وشام لحالهم في الأوضه وشام ابتدت ترجف و تبكي بحس عالي من الخوف وهي واعياه جاي عليها وشايفه فعيونه النظره اللي عارفاها زين، وبمجرد ماقرب منيها وحط يده عليها متحملتش وصرخت بعلوا حسها تستنجد بستها عديله اللي كانت عتخبط عالباب بكل قوتها وتشتم في كرار
لكن كرار كان لا عقل ولا قلب لمن تنادي، وخد من شام بالغصب اللي عزم عليه، ورجعها تاني لنفس إحساسها اللي عمرها ماهتقدر تنساه طول ماهي معاه وكل هبابه يجدد الجرح من تاني ويرجعلها الالم هو هو.
أما ربيعه فاطول الوكت ديه على صرخه وحده وحسها وهي عتنده على امها وتقول (تام) وتستنجد بيها كان عيقطع في قلب شام قطيع، ولأول مره بتها تبكي المده دي كلها ومتاخدهاشي في حضنها وتسكتها وتطبطب عليها.
أما كرار فبعد ماانتهى من شام قعد على السرير وبصلها وهي قايمه تتألم من العنف اللي تعامل معاها بيه كيف مامتعود وعتتسند على كل حاجه تقابلها عشان تقدر توصل للباب وتروح لبتها اللي اتفلقت من البكا.
وطول الوكت يقارن بينها وبين شوقيه، فكل شي، وكفة شام طبت عالاخر، ولأول مره من ساعة مااتجوزها وقرب عليها يحس معاها بمتعه بالشكل ديه، واتبسم بخبث كيف مايكون كان معاه كنز مكانش عارف قيمته ودلوك عرفها، وقرر إنه يتمتع بيه كل ماتسمحله الفرصه، وحتى لو مسمحتش هو هيخلق الفرص.
فتحت شام باب الأوضه وخدت بتها من عديله وضمتها لصدرها والتنين شهقاتهم اتوحدت، كيف مايكونوا عيتقاسموا الظلم سوا.
أما كرار فلبس جلابيته وطلع من الأوضه بتاعة سته، وبمجرد ماطلع حريم اخواته التنين اللي كانوا واقفين على باب الموطبخ من بداية القصه دخلوا الموطبخ جري اول ماشافوه، وهو وقف في نص البيت يعدل قب جلابيته ولسه هيدي أمر لشام تحميله ميه وتحضرله وكل،
لكنه قطع الكلام والنفس كمان وهو واعي شوقيه واقفه على باب البيت شايله ولدها وباصاله، ومن ملامحها باين عليها انها عرفت اللي جرا، فوقف كرار يبلع فريقه بخوف ورجفه سرت في كل بدنه كيف مايكون جاله الموت وهو تارك الصلاة.
❈-❈-❈
حدا عبد الصمد في بيته
بشاير:
له ياسيد روح انت عند اهلك وخد ولدك اني عاوزاش اروح اهناك؛ امك كل ماعتشوف وشي عتسمعني كلام يسم البدن وتخليني احس اني حراميه خطافة رجاله خطفتك منيها، وتقعد تقولي عاودى اقعدي معانا إهنه اني عايزه ولدي رجعيهولي حرام عليكي.
ضحك السيد بخفه وقرب عليها وخدها فحضنه وهمسلها بمحبه:
بالك يابشاير، اني مش هقولك داي امي وتعمل وتقول اللي هي عاوزاه ومره كبيره وتاخديش عليها والكلام ديه كله ومأغلطهاش واجي عليكي عشانها حتى لو هي الغلطانه كيف مالرجاله عتعمل..
له يابسيمه اني عقولهالك اهه.. ةامي غلطانه ومش من حقها تقولك إكده ولا تسمعك كلمه وحده، بس هقولك حاجه وحده بس..لجل الورد عينسقي العُليق، وانتي لو عتعزيني صوح هتتحمليها لاجل خاطري في الساعات اللي عنقعدوهم معاهم،
اعتبريها عتقول كلمتينها ويطيروا في الهوا كيف الحاجه اللي مليهاشي وزن، لكن لو انتي عملتي للكلام وزن هيقعد بينكم ويعمل حزازيه ويربي كراهي، اني عحب امي واقدرها، بس برضك عحبك انتي وعقدرك. ومهخليشي وحده منيكم تشيل من التانيه فقلبها، واللي عايزه تزعلني منكم وتخليني اشيل منها تزعل التانيه او تزعل منها.
بشاير بصتله ومتكلمتش وفضلت مكشره وهو كمل.. ويكون فمعلومك الكلام ديه هقولهولها هي كمان؛ عشان لازمن اسباب الزعل داي تتشال اول باول مابينكم عشان متتبنيش حيطة عداوه بين القلوب وتفضلي انتي تقوليلي امك وهي تقولي مرتك، واني لا هاجي معاكي ولا معاها، بس هحب اللي تقدرني وتتحمل عشاني وهحطها فوق راسي.
اتنهدت بشاير ومردتش وهو مسك ضفيرتها وشدها منها بمناغشه وهو عيسألها:
هاه مقولتليشي رأيك ايه في الحديت ولا مالدش عليكي؟ لو ملدش عليكي قولي واني اطلع عكفتك داي فيدي واخليكي قرعه فنص راسك والنص التاني بشعر.
قالها وشدها من ضفيرتها اكتر، وهي لما عيمل إكده ضحكت وهي عتتألم وردت عليه:
له لادد لادد بس سيب شعري.. وخلاص ياورد هنسقوا العوليق لاجل خاطرك.
خلصت كلامها والسيد اتبسملها ورخى يده بالضفيره وميل عليها وحب ضفيرتها وشمها وبعدها همسلها:
ربنا يخليكي ليا ياام عمران ياوردة قلبي انتي.. الا قوليلي صليتي العصر؟ ردت عليه بشاير بهزة رفض من دماغها وهو ضربها علي دماغها ضربه خفيفه وقالها:
اني مش قايلك الف مره متاخريش صلاتك، وبس اطلع اني عالجامع انتي طوالي تتوضى وتصلي؟
بشاير:
والله ولدك عملها على خلجاتي، وبعدين قعد يبكي ومرضيش يسيبني غير لما نام.
السيد بزعل رد عليها:
اوبقي لما توقفي قدام ربنا وتتسألي عن تأخير صلاتك قوليله إكده وشوفي كلامك ديه هيمحي ذنبك ولا له، وشوفي ولدك وهو عيقولك مليش صالح بيكي كنتي رميتيني عالأرض و صليتي وكان بكيت بكيت ايه يعني.
خلص كلامه وقام وقف على حيله وكمل:
اني رايح اشوط عالغيط واشوف الزرازير عيملت ايه فى زرعة الفول، واحاحي هبابه فيهم واعاود.. عايزه حاجه اجيبهالك معاي واني معاود؟
ردت عليه بسيمه وهي عتقوم عشان تتوضى وتصلي الفرض اللي فاتها:
له معاوزاش حاجه عاوزه سلامتك.
السيد:
على العموم اني عارف انتي عتحبي ايه وهجيبهولك لحالي واني معاود.
خلص كلامه وطلع، وفضلت بشاير واقفه وراه تراقبه وهو ماشي وعيونها عيفيضوا محبه لأكتر واحد حنون عليها وعيحبها في الدنيا كلها، حتى اكتر من ابوها وامها، وكل ماتعدي الايام والشهور واهي ابتدت تعدي السنين تلاقي روحها عتتعلق بيه اكتر وتحبه بزياده، ومحبته ليها وحنيته عليها وعلى امها وابوها غفرتله حداها وحداهم العفش كله، وبقي واحد جديد محبته اتحطت فقلوبهم وحسناته معاهم محت كل سيئاته عندهم.
❈-❈-❈
اما حدا همام في البيت
حمدون:
بس ياولدي برضك الكلام ديه ميرضيش حد، كل هبابه مادين يدكم عليهم انت واخوك وطايرين وراهم من بيتكم ومفرجين عليهم وعلينا الناس، وهما كل يوم والتاني رايحين جايين من بيتنا لبيتكم ببؤج خلجهم فوق روسهم كيف الحلب إكده، الناس كلت وشنا ياولدي.
جوز سعوده رد عليه بقهر:
والله ياعمي الكلام ديه قوله لبناتك، احنا لو هما ماشيين عدل ليه نمدوا يدنا عليهم؟
دول عيشتموا امنا ويشتموا خياتنا البنته بس ياجوا بيتنا زياره لغاية مامنعوهم من الجيه على بيت ابوهم ومنعوا عيالهم يعتبوا بيتنا نوهائي،
بناتك عيعضوا عيال اخواتي ياعمي وخلوهم يكرهوا بين جدهم، وبس حد مننا يلاقي عيل منهم في الشارع ويقرب بيه ناحية بيتنا عشان يقعد معانا هبابه.. العيل يصرخ كيف اللسعان ويقول نزلني، وبس انزله يجري في الدنيا كيف المجذوب من الخوف،
يرضيك ياعم يقطعوا اخواتنا البنته مننا ومن بيتنا وهما مليهمش حته يروحوها غير بيت ابوهم، ويقطعوا العيال، وفوق دول ودول مسكتوش لحد إهنه الا مخوفين عيال الشارع كله، واللي يعدي من قدام بابنا يجري كيف مانكونوا ساعيين كلاب سعرانه في البيت!
وغير مشاكلهم مع الجيران، كل وحده منهم ليها ورديه في الردح تركب فوق السطوح بعد ماحلفنا عليهم يطلعوش فى الشارع، وتعمل عركه مع وحده من الجيران من غير سبب، روايح الصبح وسعودة بعد المغرب، عيصبحوهم ويمسوهم.
حمدون سكت ومردش عشان عمايل بناته تخذي، وكمان هو متوكد انهم يعملو كل اللي قال عليه نسيبه ويعملوا اكتر منيه كمان لأنهم تربية لواحظ.
كمل جوز سعوده لما لقي عمه حمدون سكت:
مقولتليش ياعمي يرضيك العمايل داي؟
رد عليه حمدون بقلة حيله:
له والله ياولدي لا ترضيني ولا ترضي حد واصل، وحقك عليا اني، انت وامك واخواتك والجيران والدنيا كلها، اني المحقوقلكم.
رد عليه جوز سعوده بخجل من كلامه الزين:
له ياعمي حاشاك، هما بس عاوزين قرصة ودن وهبابة شده وتتظبط امورهم.
رد عليه حمدون بتأييد:
صوح كلامك ياولدي، واني عقولك شد عليهم إنت واخوك وعيب عيب اللي يقولكم عتعملوا ايه حتى، بس ياولدي ليا رجا عندكم، ادبوهم بس فبيتكم، بلاش كل هبابه تزعطوهم إكده، وحتى لو هتضربوهم اضربوهم لو عيملوا الغلط، واني اجي امرسلكم دراعاتكم انت واخوك.
رد عليه جوز سعوده بخجل اكبر واكبر:
حاضر ياعمي ليك مني كلمه اني مهطلعشي سعوده من بيتي لبيتك زمقانه تاني، ومتجيلكمش غير زياره بالرضى، بس ياعمي من دلوك عقولك إني هربيها على مزاجي وزي مااحب وارضى، واديك عطيتني الاذن اهه عشان مايتغيرش الكلام بعد إكده.
رد عليه حمدون بتأييد وتوعيه فنفس الوكت:
إيوه بس متنساش اني قلتلك وكت الغلط بس، يعني متمدش يدك عمال على بطال، اللي يغلط يتحاسب والحق يوبقي معاك، لكن من غير غلط هقفلك مهسكتش عالظلم، عشان يكون فمعلومك بس.
هزله نسيبه دماغه بموافقه، وقاله بهدوء:
نادي علي بناتك من جوه خليني اخدهم وقولهم الكلمتين اللي قلتهملي عشان كله يوبقي علي عينك ياتاجر، واني هدخل لهمام اسلم عليه على مايلموا خلجاتهم ويجهزوا روحهم علي مااخد قعدتي مع همام.
خلص كلامه ودخل لهمام، وبسيمه عملتلهم الشاي وقدمتهولهم وهمت تغرف الغدا اللي طبخته من اول مادخل نسيبهم عشان ميطلعش من البيت من غير غدا وتوبقى عيبه فحقهم.
وبعد ماشربوا الشاي بهبابه دخلت عليهم بسيمه بالغدا، واتغدا جوز سعوده وهمام وحمدون سوا، وطلع النسيب يشكر في ذوق واخلاق مرت همام اللي عتعرف في الاصول وتكرم الضيف من غير ماحد يطلب منها كذا مره كيف ماعيوحصول مع سعوده مرته واختها روايح.
❈-❈-❈
أما حدا ابو دراع
قاعد في الحوش بتاعه وحاطط لغنمة شام وكل وقاعد قدامها وعيستعجب من حظ شام اللي مخلي الغنمه داي بالذات من ساعة ماجابها وهي فارقه عن كل الغنم في الحجم والشكل، وحتى لما جات تولد دوناً عن كل الغنم جابت ٤ فبطن وحده كد غنمتين، وزقوها ماشاء الله عليه مخلياهم فارقين عن الكل، كيف ماتكون البركه كلها حلت عليها!
وفي الاثناء داي سمع حس ربيعه عتبكي، فقام منتور وطلع يشوفها مالها، وأول ماطلع لقى واد سلام عيضروب فيها، فراح عليه بهدوء ومره وحده مسكه وراح بيه على اقرب شجره وعلقه في الفرع بتاعها وسابه متعلق ويبكي، وبص لباقي العيال وقالهم بتهديد:
اللي هيمد يده على ربيعه ويضروبها مره تانيه هعلقه في الشجره كيف إكده وهقلعه خلجاته وادهنه عسل واخلي الزنان يقطعه قطيع، فاهمين ولا له؟
قالها وبص للعيال وهو مبرق وزعق فيهم كلهم، والكل هزله دماغه بخوف، وممدوح الوحيد اللي رد عليه وقاله:
إيوه جدع ياعم ابو دراع خوفهم عشان يضربوهاشي تاني اني مقادرشي احوشهم عنها وهما باردين وعيدايقوها كل هبابه.
اتبسمله ابو دراع وبص لربيعه، ولأول مره يلاحظ جرح شفتها، فقرب عليها وشالها وسألها:
مين يابوي اللي جرحك إكده؟
معرفتش ربيعه ترد عليه تقوله عاللي عيمل فيها إكده، لكنها شاورت عالبيت وبرطمت بزعل كيف ماتكون هتبكي،
وابو دراع بص على البيت بإستغراب، اصل كل العيال بره؛ معنى إكده إن مش عيل صغير اللي ضربها، فمين يعني اللي هيكون ضرب عيله صغيره من الكبار اللي في البيت؟!
وقطع اسئلته وإستغرابه ممدوح وهو عيجاوبه على سؤاله:
عمي كرار اللي عيمل فيها إكده ياعم، عشان خدت تفاحه من اللي جايبهم لولده، خد منيها التفاحه ولزها وقعها عالارض، واني شفته وزعلت عليها بس مقدرتش اروحلها واقومها، ولا قدرت اقوله ليه عيملت فيها إكده.
غمض أبو دراع عيونه بألم، وفتحهم وبص لربيعه اللي على دراعه وعلى جرح شفتها واتصعب عليها واستعجب على القسوه اللي فقلب كرار، واللي متطلعش من قلب اكبر ظالم في الكون على ضناه.
فنزل الواد من على الشجره وزعق فيهم كلهم خلاهم دخلوا البيت، وربيعه وممدوح بس اللي خلاهم في الجنينه، وفضل قاعد قبالهم مراعيهم وهما عيلعبوا ويلفوا حوالين الشجر، وعيتعجب وهو باصص لربيعه وعيقول لنفسه كيف حد يقسى على طفله صغيره إكده حتى لو شاكك انها مش بته، حتى لو مش بته صوح، راحت ولا جات عيله ومتتاخدش بأي ذنب!
واثناء قعدته سمع حس شوقيه عتزعق واتقلب الزعيق لصراخ وكل شويه تقول اسم كرار وواضح ان العركه معاه، ومفيش غير حسها هي بس اللي عالي ومفيش حس طالع من البيت غير حسها هي وكأنها مفيش غيرها ليها حس وعتتكلم وسط قبيلة خرس.
وبس ربيعه سمعت الزعيق وقفت موطرحها بخوف، وابو دراع اول ماشاف خوفها قام وشالها وخدهم هي وممدوح ودخل بيهم الحوش عشان يبعدهم عن الصراخ، وفي الحوش هما اتلاهوا في الغنمه وعيالها وفضلوا يوكلوهم، وهو هملهم وطلع قعد قدام باب الحوش وراقب البيت من بعيد يشوف أيه اللي هيجرا فيه، واثناء قعدته طلعت بدور تاخد حطب من قدام البيت ولا كأن فيه عركه شغاله، وأبو دراع بس شافها نزل عيونه للأرض بس للأمانه بص عليها بصه عابره، وسأل نفسه بعد مابصلها سؤال ماتوقعش انه هيسأله لروحه فيوم من الايام:
هو اني كنت عحب فيها ايه داي؟
واثناء مابدور كانت واخده الحطب وداخله بيه للبيت عاودوا الرجاله من بره بما فيهم عزت اللي بقى يشوف بدور دلوك في الجنينه وحتي لو ابو دراع قاعد في الجنينه لا عيكلمها ولا يقولها حاجه!
ويعدي جارها ولا كأنه يعرفها، ويستغرب ابو دراع على موقفه اللي اتغير وحماشته اللي كان عيدعيها ايام خطوبته علي بدور واختفت دلوك خالص واتبخرت، وعرف انها كانت جكر وكيد مش اكتر، لا حماشه ولا عمرها شافت الحماشه.
ودخلوا الرجاله كلهم، وشويه وطلع كرار من البيت وهو غضبان غضب الدنيا كلها، وراح علي ابو دراع وقعد جاره وهو عينفخ ويفش، ومستني ابو دراع يسأله مالك عشان يفضفضله، لكن كل اللي نطق بيه ابو دراع وهو صادد بعيد عنه:
سبحان الله ذنب ناس عتخلصه ناس.
وداي كلمه كبرتت كرار بزياده، وخلته قام طلع راح المندره طوالي وهو مش عارف يعمل ايه فاللي جرا، وكيف هيصلح غلطته اللي غلطها فحق شوقيه واللي معارفشي هتخلص على ايه، وياترى هيكون تمنها ايه، بس الاكيد انها مش هتعدي بالساهل وااااصل.
يتتبع
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله الجزء الاول من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا