القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية نفق الجحيم (الجزء الثاني) الفصل السادس والثلاثون والسابع والثلاثون والثامن والثلاثون والتاسع والثلاثون والاربعون بقلم ريناد يوسف كاملة

 


رواية نفق الجحيم (الجزء الثاني) الفصل السادس والثلاثون والسابع والثلاثون والثامن والثلاثون والتاسع والثلاثون والاربعون  بقلم ريناد يوسف كاملة




رواية نفق الجحيم (الجزء الثاني) الفصل السادس والثلاثون والسابع والثلاثون والثامن والثلاثون والتاسع والثلاثون والاربعون  بقلم ريناد يوسف كاملة





نفق الجحيم الجزء الثاني الفصل السادس والثلاثون

❈-❈-❈


دخلت ربيعه البيت مع ابو دراع، وبمجرد دخولها حست بنفس الخنقه اللي حست بيها امبارح! وكل ملامح وشها اتبدلت للخوف وهي عتفتكر الكابوس بتاع امبارح وحست كأنه حقيقه،

 وابو دراع لما لقاها وقفت واتسمرت موطرحها بصلها بإستغراب، ولما لمس خوفها قالها بنبره مُطَمئنه:

مالك ياربيعه خايفه ليه؟ هي امك مش فهمتك على كل سي يابنيتي ورستك عالفوله؟ يوبقي ليه خوفك ديه؟! 


ردت عليه ربيعه بتوهه وشرود:

هاه.. ايوه امي فهمتنى، بس اني مخايفاشي من إكده. 

- امال خايفه من ايه طيب؟ 

= مخايفاشي اني بس حاسه اني مخنوقه وحاجه طابقه على نفسي. 

اتبسم ابو دراع بعد مااتفهم خوفها، وافتكر انها خايفه من حياتها الجديده والخطوه الكبيره على سنها اللي خطتها، فقرب عليها وبحنان قالها:


معلهش تلاقيكي بس عشان تعبانه وجعانه، وكمان الفستان ديه تلاقيه كاتم علي انفاسك، خشي غيريه وتعالي نتعشوا، هكون حميت الوكل اني ومستنيكي، خدي راحتك، ولو خجلانه و عايزه تاكلي لحالك فاوضتك اني هحطلك عشاكى على صينيه وهخبط عليكي افتحي خديه وسدي بابك عليكي تاني واتعشي ونامي. 


ردت ربيعه بنفي وقالتله:

له يابوي اني معاوزاشي اكل لحالي ولا عايزه اكل من اصله ولا جعانه، اني عايزه انام وبس. 

وفعلا خلصت كلامها ورفعت فستانها ودخلت الاوضه وقفلت على روحها الباب وغيرت واترمت على السرير بتعب، وغمضت عيونها كيف ماتكون ليها ايام منامتش، ومجرد ماراحت في النوم اتعاد من تاني نفس الحلم بنفس الترتيب بنفس الاحداث، ولغاية مااتفتح باب الاوضه عليها ودخل منيه الكائن المخيف وصرخت بعلوا حسها، وفضلت تصرخ وتصرخ، لكن النوبادي محدش سمعها،


 حتي ابو دراع اللي كانت حاسه انه بره الاوضه صاحي وسامعه خطاوي رجليه مسمعش حسها العالي ولا صراخها واستنجادها بيه. 

وكتير حاولت تتحرك او تقوم من على السرير وتجري، لكنها مقدرتش، وكانت حاسه ان جسمها متربط، وتقيل، وقلبها مع كل خطوه يخطيها المخلوق ديه ناحيتها ويقرب عليها يرجف رجف، ولغاية مابقى واقف فوق دماغها وباصص لوشها، وبصت جوا عيونه.. وإهنه إنتهت ربيعه خالص، وبعد صرخه قويه طلعت منها وهو عيميل عليها ويفتح خشمه وتظهر انيابه الطويله، غمضت عيونها مغمى عليها، مفاقتش غير وهى حاسه بقطرات ميه عتنزل على وشها وريحة حضن امها شام في مناخيرها وحاسه بدفوها وضمتها، 


وفعلا فتحت لقت روحها فحضن امها وأبو دراع واقف جارها وفيده قلة الميه وهو اللي عيرش الميه على وشها وهو وشام منتهيين من الخوف عليها. 


اتعدلت ربيعه واتلفتت حواليها بخوف وحذر، ولما ملقتش حاجه اتنهدت بوجع وغمضت عنيها، ورجعت لحضن امها تاني وهي عتسأل بتعب:

هو ايه اللي حوصول يمه وجيتي إهنه ميته و كيف؟ 

رد عليها ابو دراع اللي حط القله ع الارض بعنف:

اللي حوصول انك نشفتي دمي ياربيعه وخليتى روحي راحت مني واني سامعك عتصرخي بعزم مافيكي ومن بعدها حسك سكت وانادم عليكي واخبط واكسر في الباب واقولك مالك ايه جرالك ردي علي، وانتي ولا انتي إهنه، واخر مازهقت قمت كاسر الباب وداخل ولقيتك مغميه ورايحه من الدنيا و شاحبه كيف الاموات وانفاسك عاليه كانك عتصارعى وحوش، حاولت افوقك لحالي مقدرتش ولا عرفت، فجريت على امك جبتها وجيت واديلنا ساعه فيكي نصحوا ونفوقوا ولا انتي إهنه! وفين وفين لما فوقتي. 


سكتت ربيعه وجه الدور على شام في الكلام، اللي رفعت وش ربيعه وزاحت خصلات شعرها من عليه، وهمستلها بحيره وهي واعيه حالها اللي اتبدل فيوم وليله:

مالك بس يابنيتي ايه اللي صابك قوليلي، ليه انطفيتي بطفيتك إكده وايه اللي عيجرالك ديه، فيكي ايه ياربيعه؟ 

ربيعه سكت لسانها لكن دموعها ردوا علي امها، وبعدها شهقت بالبكا وابتدت تحكي لامها عن الكوابيس اللي عتشوفها من عشية امبارح، 

وامها قالتلها إن ديه بسبب انها مغيره موطرحها وطبيعي عشان ممتعوداش عالمكان والنومه فيه وهتتعود بكره وكل ديه يزول، وغير إكده الاوضه مهجوره بقالها زمن محدش عينام فيها وابو دراع كل نومته وقومته في السقيفه بره او في الجنينه. 

❈-❈-❈


خلصت شام كلامها وقومت ربيعه بعد ماسكتتها وهدتها هي وابو دراع، وخدتها عشان تغسل وشها وتفوق هبابه، وبعدها قعدت معاها هي وابو دراع ووكلوها كام لقمه بالعافيه، وهملتهم وراحت عالبيت برغم ان ربيعه كانت ماسكه فيها معاوزاهاشي تمشي وقالتلها تبيت معاها، لكن شام قالتلها:

 مقدرشي اقعد اكتر من إكده ناس البيت ياكلوا وشي انتوا عرسان فليلة دخلتكم المفروض والكل عينه عليكم. 

وسابتهم ومشت، وبمجرد ماطلعت ووصلت البيت ربيعه بصت لابوا دراع بعيون زايغه ووش محقون بالحمار وقامت جري عالحمام وهي عتتبوع، وبس وصلت الحمام قعدت تستفرغ بشكل غريب ومخيف، خلت ابو دراع قلبه هبط من الخوف عليها وجرى وراها عالحمام وهو عيهمس بحس مسموع:

دا ليلتك زي الطين يابت شام الليلادي. 


وقرب منها وسندها وضغط بيده اللي عترجف من الخوف على معدتها اللي كان متهيأله إنها هتتخلع من موطرحها من شدة الاستفراغ بتاعها!


❈-❈-❈


أما شام فبمجرد ماوصلت البيت لقت كرار مستنيها في الحوش هو وشوقيه واول ماشافها داخله من الباب سألها بغضب:

هاه بشري شفتي شرف بتك ولا لسه موضوعها مخلصش وعتماطل مع جوزها؟ 

ردت عليه شام بعدم مبالاه وهي رايحه على اوضتها:

اوبقي اسأل صاحبك وهو يقولك اني معارفاشي. 

سالها كرار سؤال تاني وبغضب اكبر:

امال ابو دراع جه طاير وخدك ورمح بيكي ليه؟ 

شام: 

له ولا حاجه سلامتك ديه بس كان عايزني احميلهم الوكل يتعشوا اصلهم متعشوش وربيعه جعانه وهو راسه منداره معارفشى يحمي حاجه. 


خلصت كلامها ودخلت اوضتها وقفلت عليها الباب واتمددت عالسرير وهي مقهوره على حال بتها، وهملت كرار لحيرته وشكه فربيعه وخوفه تطلع مش تمام زي امها.. وجار منيه شوقيه اللي كانت عارفه كل اللي عيجرا وساكته ممتكلماش وعتراقب من بعيد كيف شيطان اخرس. 

❈-❈-❈


أما ابو دراع فبعد ماخلصت ربيعه استفراغ سندها ودخلها اوضتها ونومها ففرشتها، وهم عشان يطلع لكن ربيعه مسكت كم جلابيته ولما بصلها لقاها بصاله بخوف وبشفايف مقدده وملامح تعبانه قالتله:

اني خايفه انام لحالي ياعم، أمانه عليك ماتهملنى، اني لو حلمت بالكابوس اللي عحلمه ديه مره تانيه حاسه اني هموت فيها النوبادي. 


خلصت كلامها ونزلت منها دمعه زلزلت قلب ابو دراع، ولقى نفسه بكل شفقه ولا وعى عيقولها:

طيب بس اسكتى يابتي متبكيشي، خلاص طيب اني هنام جارك النهارده عالارض إهنه متخافيشي. 

خلص كلامه واتحرك خطوه، لكن يد ربيعه كانت لسه ماسكه فطرف كمه بخوف، فقالها وهو عيزيح يدها بهداوه :

هجيب فرشه من بره انام عليها والله متخافيشي قولتلك هنام جارك خلاص. 


خلص كلامه وطلع جاب فرشه وفرشها عالارض جار سرير ربيعه،ونام عليها واداها ضهره وهمسلها بحنيه:

يلا نامي اديني جارك اهه مههملكشي. 

وبمجرد مانام جارها اتنهدت براحه وغمضت عيونها وهي حاسه بالامان وزال خوفها هبابه، لكن برغم إكده لساها قبضة قلبها وخنقتها موجوده مخفتش. 


وبعد شوية محاولات غمضت ربيعه عيونها وراحت في النوم، وابو دراع هو كمان داس عليه النوم من تعبه، ولكنه ملحقش يروح في النوم زين وفتح عيونه على انين وحس بكا مكتوم، واتعدل بفزع لما عرف إن ربيعه هي مصدر الصوت، وبس اتطلع عليها شافها عتصارع باديها ورجليها وملامحها الباكيه كيف اللي عيصارع سكرات الموت! 

فقام وقعد جار السرير على ركبه وابتدا يهز فيها عشان يصحيها وينقذها من معركتها الوهميه الطاحنه اللي عتدافع فيها عن حالها بكل قوتها ومعارفشى مين الخصم اللي عامل فيها إكده ومخليها في الحاله داي! 


وبعد هزه وتنين وتلاته قامت ربيعه صارخه بحسها كله خلت ابو دراع جفل ومال لورا بخوف، وهي بس اتطلعت حواليها و شافت ابو دراع قدامها اتحلبت فوراَ من فوق السرير ونزلت قدامه واترمت في حضنه بخوف، وضمته بكل قوتها، وهو كمان ضمها يهديها لما حس بجسمها عيرجف كيف ورقة الشجر، وهمس لروحه وهو حاسسها كل مادا  عتدخل فحضنه اكتر واكتر:


-ماني قولتها ليلتك باينها طين الليلادي محدش صدقني. 


❈-❈-❈


اما فبيت همام

بسيمه رايحه جايه في البيت وعتضروب كف بكف وهي ممصدقاش اللي توها سمعته وعتحدت حالها كيف المجذوبه قدام لواحظ وتقول:


كيف ديه حوصول كيف، وكيف مااسمعش بيه ولا حد يقولي ولا يعرفني؟ وكيف البت اللي لساها طالعه للدنيا جديد تاخد اللي كد ابوها؟ واصلاً هي وين والجواز والجيزه والبيوت وين؟ وكيف وليه ومين اللي عيمل العمله المهببه داي؟ وكيف ابو دراع يرضاها وكيف يحط عينه على اللي كنا مفكرينه موطرح ابوها؟ كيف نفسه تتدنالها؟ وكيف شام رضيت لبتها بإكده ليه مصرختش ولمت الناس وقالت بوه على بيت المقاول واللي فيه.. وليه مخدتش بتها وطفشت فليله ضلمه، وليه وليه والف ليييه.. اباااي يابو دراع اتاريك. كنت عتسمنها عشان تاكلها إنت فالاخر!؟ 

خلصت كلامها وراحت على طرحتها تلبسها وهى عتهمس لروحها بغضب الكون كله:

له بس العيب لا عليك ولا على اللي فبيت المقاول، العيب واللوم الكبير عالشيخ اللي عيحكم بالحق والعدل بين الناس كلها وجه حدا بت اختي وبقى ظالم ونسا العدل والحق، إكده ياشيخ حكيم ياراعى الحق وحليفه، طيب مااااشي.. حساب كل اللي حط يده فى العمله داي وتممها معاي اني. 

خلصت كلامها ومعاه كانت مخلصه لبس طرحتها وجريت عالباب عشان تفتحه، لكنها وقفت لما شافت همام قبالها، واللي جفل وهو شايف شكلها ومنظرها وملامحها وغضبها وسألها بخوف:

مالك ياام عمران ليه عامله إكده ورايحه على وين؟ 

ردت عليه بسيمه بغضب ممزوج بلوم وعتب :

لما ابو دراع اتجوز بت اختي وحكيم هو اللي جوزهم واكيد انت دريت مقولتليش ليه على حاجه زي داي ياهمام؟ 


رد عليها همام وهو عيدخل ويقفل الباب ويقف وراه:

إيوه عرفت يابسيمه، عرفت واتقصدت اني ماأقولكش عشان فلاول متتقهريش وتوصلي للحاله اللي انتي فيها داي، وتاني هام عشان مياخدكش قلبك ومروته وتروحى على بيت المقاول وترجعى بقلبك مكسور وكرامتك متهانه منهم كيف اخر مره.. قولت لروحى بلاش اعرفك عشان مش انتي اللي هتعدلي ميزان ظلمهم ولا تقفي قدام عقولهم الخربانه، وعايزك تنسي ربيعه وامها خالص وتبعدي عنهم كيف مامبعده من اول الزمان، دول حبايبك صوح بس قاعدين جوا عش دبابير واني مش هسكت واني شايفك رايحه تمدي يدك فيه وتتأذي.. بعدى حالك عن الاذى يابسيمه وهمليهم هما ليهم حياتهم وليهم رب واحنا لينا حياتنا. 


خلص كلامه وشاف بسيمه عتتقدم عليه بعنف وزاحته من بكل حيلها من غير كلام وطلعت من البيت كيف الاعصار، فأتنهد بقلة حيله وهمس لروحه:

لو سمعت الكلام ومعاندتش وركبت راسها متوبقاش بسيمه، وطلع وراها قوام يلحقها عشان يروح معاها موطرح مارايحه ويشوف اخرتها معاها. 

وراحت بسيمه بوشها على بيت المقاول، وهمام مرضيش يخليها هي تنده فنادى هو على ابو دراع، ولحسن حظهم كرار مكانش قاعد.. فطلعلهم ابو دراع، ولما شاف بسيمه خدهم للمندره وهو متوقع إن فيه حساب ولوم شديد مستنيه، لكنه كان مستعد يواجه اي حاجه ومستعد لأي شي.. وابتدا يشرح لبسيمه اللي جرا كله ويفهمها الحكايه، ولما فهمت بسيمه زين من ابو دراع زال غضبها ولانت ملامحها وفرح قلبها وانشرح للي عيمله ابو دراع، وبعدها روحت وهي مرتاحه من بعد ماكانت جايه مهمومه، ومع انها كان نفسها قوي تشوف اختها وبت اختها وهتموت عليهم، لكن لما اتطمنت عليهم وعرفت انهم اصبحوا بخير او عالاقل وحده منهم، قلبها برد شوقه ليهم هبابه وخوفه عليهم، واكتفت بأنها تحمل ابو دراع سلامها ليهم وبس. 


❈-❈-❈


اما حدا بيت ابو دراع قبل ساعات من دلوك.. 

عدت اول ليله لربيعه فبيت ابو دراع وكانت ليله ولا اسواء ،واذن الفجر وقام ابو دراع يصليه ،وقوم ربيعه اللي بالعافيه خلاها سابت حضنه ورجعت نامت علي السرير مره تانيه وفضل الباقي من الليل قاعد جارها ومراقبها ومراقب وشها وهو مستعد، 

عشان بمجرد مايشوف ملامحها مش طبيعيه ويعرف انها دخلت في كابوس يصحيها قوام ،لكنه طول الوكت شاف ملامحها هاديه فهملها تناملها هبابه..


اتململت ربيعه وهي سامعه حس ابو دراع عيصحيها ،وبمجرد ماسمعته عيقولها قومي عشان تصلي واني هإمك للصلاة فتحت عيونها برعب كيف ماتكون سمعت إن فيه شي مؤالم هيجرالها وخافت منه.


اما ابو دراع فكرر كلامه عليها مرتين تلاته، ولما اتاكد انها سمعته هملها وراح يسبقها للوضوء ،وبعد ماخلص فرش سجاجيد الصلاة وفضل مستنيها ،لكنها طولت مطلعتش ،

فقام يشوف سبب تاخيرها ،ولقاها كيف ماهملها علي نفس الوضع لساها باقيه! 


نايمه وباصه للسقف وساكته ،فقالها بنبره آمره:

ربيعه قومي اتوضي عشان تصلي الفجر، خلاص التواشيح وهيأذن..قومي حتي عشان تطردي الاحلام العفشه اللي طول الليل ممرمراكي داي ،قومي واستعيذي بالله من الشيطان مالك دانتي مش عتاخري فرض عن معاده؟!


اتعدلت ربيعه من نومتها وقامت قصاد الاصرار اللي واعياه فكلامه علي أنها لازمن تصلي ،وراحت بكسل عالحمام اتوضت  بالعافيه وبطلوع الروح ،وطلعت قعدت علي سجادة الصلاة في انتظار الاذان ،وفي الاثناء داي ابو دراع ابتدا يذكر ربه ويسبح علي سبحته بصوت مسموع ،

وربيعه ساكته ومغمضه عيونها  وضامه رجليها وعماله تتمايل شمال ويمين وهي حاسه انها قاعده فوسط دمسة نار عتاكل في روحها ،وحس ابو دراع وكلامه هما الحطب اللي عيزود النار اللي عتاكل فيها ،ونفسها تصرخ فيه وتقوله بس كلام بزياده اسكت ،لكنها مقادراشي! ومعارفاشي هتقوله  ايه سبب لو طلبت منيه السكوت ،فاتحملت غصب عنها واتحاملت علي روحها ،لغاية مااذن الاذان وحرق اللى باقي منها وخلي حالها حال .


قام ابو دراع بعد ماالمؤذن خلص وهو ردد وراه ،ورفع اديه بالتكبير واقام الصلاة ،وابتدا يصلي ،اما ربيعه فكانت واقفه وراه متصنمه معاملاش اي حركه لا عتركع وراه ولا تسجد ولا ليها دعوة بيه ،وهو لاحظ ديه اثناٱ صلاته ، لكنه كمل ،وبمجرد ماسلم بص وراه وهو مستغرب من وقوف ربيعه وعدم صلاتها! ولساه هيسالها عن السبب ،لكنه شاف منها كل العجب اللي خلاه اتفزع وهو واعي عيونها حمر زي كاسات الدم  وملامحها اتبدلت لملامح مخيفه كيف ماتكون مش هي ،وفوراً استعاذ بالله من الشيطان الرجيم ،وبلع ريقه بخوف وهو عيسألها بحذر:

ربيعه مالك؟ ربيعه ليه عامله إكده وعنيكي مالهم ..ربيعت انتي عيانه ولا ايه انطوقي سيبتي ركبي؟! 


خلص كلامه ولقاها لساها علي سكوتها ،فقام وقف علي حيله ومد يده عليها يهزها ويفوقها من الشرود اللي هي فيه ،لكنه بمجرد ماعيمل إكده صرخت ربيعه فوشه صرخه رجعته لورا كام خطوه من الفزعه ،وبعدها وقعت عالارض مغمي عليها..

وبس ديه حوصول ابو دراع رفع اديه وضرب علي دماغه بغلب وقلة حيله من حال ربيعه اللي من امبارح لا يسر عدوا ولا حبيب ،وقوام شالها وحطها علي سريره اللي في السقيفه وكمل هو صلاته، وعاودلها تاني بعدها يفوق فيها ومنظرها وشكلها قبل ماتغمي مش راضيين يروحوا من قدام عنيه.


واخيراً بعد كذا محاوله فاقت وقعدت علي حيلها ،والنوبادي ابو دراع مسالهاش مالها ولا فيها ايه لانه تقريباً شك باللي فيها ،وعشان يتاكد حط يده فوق دماغها وابتدا يقرا آيات من القرآن فلقاها اتبدل حالها ورجع منظرها كيف ماكانت واقفه علي سجادة الصلاة وزاد عليها انتفاضة جسمعا ،فبعد يده عنها قوام وقعد قبالها وهو محتار من حالتها واللي عيجرالها ،واللي مفسرهاش غير بانها اتلبست.

❈-❈-❈


اما شام فصحيت عالاذان وهبت قاعده على حيلها بفزعه وهي عتنهج بتعب وتتفكر الحلم اللي كانت عتحلمه، وستها عديله اللي كانت ماسكاها من قبها وعتهز فيها بعنف وتقولها بنبرة غضب وخوف:


-قومي ياحزينه وشوفي بتك ودوريلها على طب قبل مايفوت الاوان، بتك ماذيه اذى واعر ،بتك مسحوره وواكلاه وشارباه ومخطيه عليه وهتروح منك قوام لو ملحقتيهاش ..فتحي ياشامه والحقي نوارة قلبك وعينك قبل مايخطفها منك الموت اللي بقي يلفلف حواليها  ليل نهار.


خلصت عديله كلامها واختفت وقامت شام بفزعه تدور عليها حواليها وحطت يدها علي قلبها اللي ضرباته بقت شبه الطبول عاليه ،واستعاذت بالله من الشيطان الرجيم، وقامت اتوضت وصلت ودعت لبتها ،وطبعاً عشان احلامها معتنزلش الارض ومعتاجيش من فراغ.. خدت الحلم على محمل الجد، وربطته باللي عيجرا مع بتها، وقعدت وهي علي سجادة الصلاة وعتسبح علي سبحة ستها عديله تفكر وتشوف، ياتري مين اللي ممكن تكون عيملتها فبتها، أو عيملها، وبعد تفكير اهتدت لوحده بس مفيش غيرها هي صاحبة الموصلحه الاكبر ،واستبعدت ممدوح اللي جه فبالها اول شي، وقالت لروحها إن الحبيب عمره مايأذي حبيبه واصل مهما بلغ بيه الوجع منه وعليه.


فضلت على قعدتها للصبح ،وبمجرد ماظهر الخيط الابيض من الاسود قامت علي حيلها وراحت عالموطبخ تلتهي بعمل فطور العرايس لغاية مالصبح يصبح زين، وتروحلهم وتطمن علي بتها. 

وبس خلصت وبصت لقت الصبح صبح زين، شالت الفطور وحملت حالها وجري على بيت ابو دراع ،وخبطت اول خبطه وملحقتش تتنيها، ولقت الباب عيتفتح وابو دراع عيطل براسه من الباب وعيشاورلها بصباعه قدام خشمه وعيهمسلها بتحذير:

ششششش...خشي بالراحه ربيعه توها نايمه. 


خشت شام بالراحه على كلامه ،ونزلت الصينيه اللي فوق راسها بشويش ،وبصت لربيعه اللي شكلها اتغير واتبدلت فيوم وليله ،ولساها هتتكلم سبقها ابو دراع وقالها : 

ربيعه فيها حاجه ياشام ..ربيعه مئذيه .

ردت عليه شام وهي هتهز رقبتها بتاكيد لكلامه:


عرفت ياابو دراع وجاني الهاتف في الحلم فهيئة ستي عديله وقاللي إن بتي مسحوره ..بتي شاربه سحر وواكلاه ومخطيه عليه. 

وهي قالت إكده وابو دراع برق عنيه بصدمه بعد نبرة الثقه اللي عتتحدت بيها شام وسألها:

عرفتي مين اللي عميلها؟ 

ردت عليه شام بهزة نفي من دماغها وبعدها تبعتها بالكلام:

معرفتش بس شكيت فوحده مفيش غيرها واظون مفيش غيرها الغل عيقطر منه قطير من تلاى وتلا بتي. 

هز ابو دراع دماغه بفهم وبص لربيعه هو كمان وهمس بوعيد:

والله لو طلعت هى صوح لاكون ممرر عيشتها وزاقيها المرار. 

خلص كلامه وطلع يشوف غنماته ويفطرهم، وبمجرد طلوعه من البيت شاف شوقيه واقفه فوق البيت وعينها عليه وعلي بيته كيف اللي رامي قنبله فمكان ومستنيها تنفجر ويفرح بالانفجار، وغمض على شفايفه بغيظ وكمل طريقه وهو عيتوعدلها بكل شر لو ربيعه جرالها حاجه وطالها اذى اكبر من اللي هي فيه واتوكد صوح إنها هي اللي وراه، وبين ماطلع الغنمات ورعاهم شويه وابتدا قرآن الجمعه فضل يفكر فى حل لحال ربيعه، واهتدى اخيراً انه هيطلب المساعده من أهلها، وخصوصي إن النهارده الجمعه وأهلها هيكون النهارده خطيب في جامع بلدهم لانها اخر جمعه في الشهر وهو متعود يأم الناس ويخطب فيهم. 

وبس خلص رعى غنماته وفطرهم وزقاهم رجعهم للحوش مره تانيه وراح عالبيت، وأول مادخل من الباب وقف وراه واتنحنح وكمل دخول لما ردت عليه شام واذنتله، وأول مادخل شاف ربيعه صاحيه وقاعده على حيلها، فاتبسم وهو عيرمى عليها السلام، ودخل اتشطف ورجع قعد جارها، وشام سخنت الوكل وقعدوا التلاته يفطروا، بس ربيعه كانت تبص عالوكل بحسره وخوف، وبرغم انها حاسه بالجوع عياكل فمصارينها، الا انه خايفه من الاستفراغ اللي عياجيلها بعد الوكل، وأول مالحوا عليها امها وابو دراع تاكل كلت برغم خوفها، وبمجرد ماحطت كام لقمه فخشمها حصل اللي كانت خايفه منه، وقامت جري عالحمام تستفرغ اللي كلته وهي حاسه بنار فجوفها، وأبو دراع وشام شافوها إكده ورموا اللقمه من يدهم بحزن، وقامت شام ورا بتها، وابو دراع قام يغير خلجاته؛ عشان يروح الجامع يستنى حكيم ويحكيله ويطلب منيه المساعدة والتدخل السريع. 


اما ربيعه فطلعت من الحمام وقعدت علي السرير، وشويه وسمعوا خبط هي وشام عالباب بعد ماطلع ابو دراع مباشرة، وفتحت شام ولقت حريم البيت كلهم واقفين عالباب بما فيهم شوقيه، وكلهم جايين بحجة انهم يباركوا لربيعه فصباحيتها وينقطوها، وفيهم اللي نيته إكده صوح، وفيهم اللي كان جاي يستكشف الاوضاع ويشوف ايه الاخبار وأيه اللي جرا ويطمن، ودول معروفين ودول معروفين. 

وبعد ماخدوا قعدتهم واستغربوا من حالة ربيعه وتعبها ونسبوه لخوفها ولأن ابو دراع ممكن يكون أذاها وهي عيله صغيره، نقطوها ومشوا بعد مامخدوش منها ولا من امها عقاد نافع يريح فضولهم، مفيش غير شوقيه بس اللي كانت فاهمه كل شي دوناً عنهم ومسألتش ولا استفسرت. 

وبمجرد مالكل طلع ربيعه حست بخنقه وان نفسها راح خالص وحيطان البيت طابقه على نفسها، وبرغم اعتراض امها طلعت من البيت وراحت قعدت في الجنينه وسط الشجر في البراح لولا ماحست انها قادره تاخد نفسها والتقل اللي على صدرها خف هبابه.. وشام قعدت جارها وفضلت في سرها تسبح وتقرا قرآن، لكنها معلتش حسها لانها خابره إن ديه ممكن يأذي بتها، وإن القرآن لو متقراش بطريقه صوح والايات المناسبه في الحالات داي عيتعب بذياده، ديه اللي سمعته قبل سابق فى الراديو واترسخ فمخها واهى استحضرته دلوك لماجيه اوانه. 


❈-❈-❈

فضلت ربيعه قاعده في الجنينه وشام امها جارها، وقعدتها وحالها خلى الكل يستغرب من اللي يشوفها، وبالذات الرجاله بتوع البيت عمامها وعيالهم وممدوح على وجه الخصوص وهو واعيها مهمله البيت وقاعده في الجنينه والوش شاحب والعقل شارد والعيون عتتنقل وسط اوراق الشجر بغير هواده، فقرب منها وبخوف سألها:

ربيعه مالك، ايه اللي مقعدك إكده وليه وشك اوصفر إكده؟ 

سكتت ربيعه مردتش عليه ولا عطتله أي اهتمام، وهو لما لقاها إكده وجه نفس السؤال لامها شام، وشام ردت عليه وقالتله:

مفيش ياممدوح داي تعبانه من امبارح وعتستفرغ وطلعت في الهوا هبابه. 

قرب منها ممدوح ووقف قبالها وبحنية الكون كله قالها:

الف بعد الشر عنك يابت عمي، ريتو التعب بيا ولا بيكي، قوليلي اجيبلك حاجه من بره تخفف وجعك اؤمريني ياغاليه. 

رفعت ربيعه عنيها عليه ومردتش، بس شام ردت عليه:

تسلم وتعيش ياممدوح ملازمهاش حاجه، قوم ياولدي روح الحق صلاة الجمعه جماعه. 

هزلها ممدوح دماغه وفضل باصص لربيعه ثواني وهو محتار فامرها وامر توهانها ديه ودبلانها، وقام بعدها مشى عالجامع. 


اما كرار فبمجرد مابص لربيعه وشاف حالها خمن بعد ماشاف تعبها ديه إن امورها هي وابو دراع تمام وتم مرادهم على خير، وتعبها ديه بسبب صغر سنها، وطلع من البيت وهو مرتاح لأنه اخيراَ خلص من هم علي قلبه إسمه ربيعه.


أما ابو دراع فراح عالجامع وبمجرد مادخل شاف حكيم ع الموضى عيتوضى، فراح عليه وقعد جاره وبحس واطي قاله:

ياشيخ ربيعه واقعه فكرب ومأذيه ودواها فيدك. 

انتبهله حكيم وبصله بإستغراب وسأله:

كرب ايه ياابو دراع وماذيه كيف؟ 


حكاله ابو دراع الحكايه من البدايه، وحكاله على حلم شام، وعشان حكيم معيأمنش بإن حد ممكن يعلم الغيب او يتنبأ بالش قبل حدوثه مخدش حلم شام بعين الاعتبار، لكن باقي اللي حكهوله ابو دراع واحلام ربيعه اكدوله إنها مسحوره.. فطمنه وقاله إنها بسيطه بأذن الله وإنه هيروح معاه بعد صلاة الجمعه ويعاين حالة ربيعه ويشوف هيعرف يعمل معاها ايه. 


وبالفعل خلصوا صلاة، وأخد ابو دراع حكيم، وفغفله من الكل دخله على بيته وقابله بربيعه، وحتى شام اللي بقاله سنين ماشافهاش شافها. 

وبمجرد مادخل البيت حس بإن فيه حاجه مش طبيعيه، واتوكد من إكده لما قعد وحس بإن الهوا بتاع البيت نفسه تقيل على قلبه! 

وابتدا بعدها يقرا ايات معينه على ربيعه للكشف عليها اذا فيها سحر ولا له، وبالفعل حسها اتغير وملامحها اتبدلت، ولما سألها عن اللي فيها جاوب اللي متلبسها، وكمان حكيم سأله عن اللي عيمل الاذى لربيعه، ونطق اللي على ربيعه بلسان ربيعه وبحسه هو اسم (شوقيه) واضح وضوح الشمس. 

ومع نطقه لأسمها محدش من التلاته استغرب؛ لان ديه المتوقع، بس ابو دراع اتحلفلها فسره، وشام لما اتوكدت انها هي دعت عليها من كل قلبها. 


وابتدا حكيم بعد إكده يقرا على ميه نضيفه طلب من شام تجيبهاله، وبعد ماخلص فهم شام ان ربيعه متشربش ولا تتسبح غير من الميه داي، وحتى وكلها يطبخ منها، وكل ماتقل يزودوها تاني.. ديه للمأكول والمرشوش قرا فكل انحاء البيت، والمدفون كلف ابو دراع بانه يقلب عليه البيت فوقاني تحتاني لحد مايلاقيه، وبعدها يجيبهوله ميفتحهوش واصل لاي سبب من الاسباب. 


اما ربيعه فأثناء القرايه كانت عتموت حرفياً وممتحملاش، لدرجة إن شام كذا مره تطلب من حكيم يبطل قرايه من خوفها عليها، لكن حكيم كمل لغاية اخر الجلسه وتجاهل كلام شام وحتى حالة ربيعه لغاية ماخلص خالص. 


وبعد ماخلص طلب من الكل إنهم يدسوا خبر معرفتهم بالسحر، وحتى خبر مجيه للبيت يدسوه عن اهل البيت وخصوصي شوقيه؛ عشان متجددش العمل مره تانيه وبص لربيعه وخصها بالكلام وقالها:


ربيعه اسمعيني.. انتي هتتعبى قوي فى اليومين الجايين دول، وكل ماهتشربي من الميه هتحسي بوجع فبطنك اتحمليه واوعاكي تبطلي شرب، وأحلامك العفشه هتزيد؛ عشان اللي متسخرين عليكي هيقاموا لاخر لحظه ويتمسكوا بيكي ويحاولوا يلحقوا بيكي اكبر قدر من الأذى قبل مايعاودوا لسيدهم اللي عيسخرهم.. فيابتي مهما حسيتي اوعاكى تضعفي وصلاتك ووردك وذكر ربنا ميبطلوش من لسانك.. انتي بكده عتضعفيهم وتخليهم لا حول ليهم ولاقوة، ووكت معاد الجلسه الجايه بعد ٣ ايام لما اجى اقرالك مره تانيه ميكونوش بنفس قوتهم، وبعدين الله ينتقم منها مش مسلطه عليكي واحد ولا تنين داي مسلطه عليكى قبيله بحالها من كفرة الجن وأشرهم، يعني عايزك تساعديني.

وبص لابو دراع ووجهله الكلام ولشام معاه بالمره:

وانتوا ليل نهار الايات اللي هعلمهالكم متبطلش من لسانكم ولا توقفوا عنها، والبيت ياابو دراع ترشه كل يوم بميه متنجمه ب ٧ ورقات نبق وجدر رجله مفرع من عشيه والصبح تزودهم وترشهم في البيت كله فكل زنقوره فيه عشان تنضفه من المرشوش فيه، وقدام العتبه كمان ترش. 

وانتي ياشام اوعاكي حد يحط يده فوكل او فشرب وتوكلي منيه لبتك، وانتي كمان حرصى على روحك من الاذى. 


رد عليه ابو دراع قوام:

له وكل ايه وحد يحط يده ايه، انتي ياام ربيعه من اليوم وطالع تطبخي صوح فبيت المقاول بس وكلك وشربك انتي وربيعه إهنه كله، مفيش وحده فيكم تدوق لقمه من هناك ولا بق ميه، اني اللي هطبخ كل حاجه بيدي لغاية ماتطيب ربيعه وتطبخ هي. 


رد ابو دراع عليه بتأييد:

كلام ابو دراع اسلم شي ليكم ولازمن تسمعوه، وكمان ربيعه متطلعش من البيت حتي لو بدت تتحسن، واللي يسأل عنها تقولوله مرضانه ونايمه، وانى النوبادي بس جيت البيت، وباقى الجلسات تجيبهالي المعمل يابوا دراع فى الدس ولا مين شاف ولا مين درى، واللي يسألك رايح فين وجاى منين تقوله إنك عتوديها للحكيم عشان العيا اللي عندها. 


خلص حكيم كل كلامه وكل تعليماته وفهمهم عليها زين، وبعدها طلع من البيت ومشى بعد ماشافله ابو دراع الطريق وقاله إنها امان ومفيش حد. 

وبعد طلوع حكيم ابتدا ابو دراع يفتش في البيت ويقلب فيه كيف المسعور وهو يدور عالعمل، وحتي اوضة النوم الجديده فككها حته حته، وفي الاخر اتنهد براحه بمجرد ما وعى قماشه سوده مدفوسه بين الدولاب مابين الحيطه وراه. 

ومد يده بحرص وسحبه، ومستناش بعدها خده وجري بيه على حكيم وهو عيتمنى انه يكون لساه قاعد معاودش بلده.. ومن حسن حظه لقاه لساه عيقفل في دفاتر المعمل ورايح يمشي، ولما عرف إن ابو دراع لقى المعلوم صرف العمال كلهم وقعد معاه وابتدا يفكله العمل فى ميه وملح.. وطمن أبو دراع بعد مافكه إن اول عمل خلاص زال خطره، وباقي التنين التانيين اللي هيكون فيهم التعب ازيد شويه، وخصوصى الماكول منهم، وطلب منه إنه يدير باله على ربيعه زين وعلي امها في الكام يوم الجايين دول، ويحرس ربيعه حراسه ويحاول إنه يخفف عنها كل اللي هيجرالها واللي هيكون اكبر منها ومن قوتها بكتيير. 


خلص ابو دراع كلامه مع حكيم وقعدته ورجع عالبيت، وابتدا ينفذ التعليمات اللي خدها، وشام كمان، واول شي عمله انه رمي الوكل اللي جاي من بيت المقاول وجاب وكل غيره وابتدا يطبخه بنفسه، وطول الوكت عينه علي ربيعه اللي قاعده قدامه وخشمه مبطلش قرايه في الايات اللي علمهاله حكيم. 

وعدى النهار بسلام وجه الليل على ربيعه بوجعه ومراره، واللي كان اصعب ليل يمر عليها طول ال١٥ سنه اللي عاشتهم، بحيث ان الاحلام مبقتش تتقطع وبس تغمض عنيها تحلم، والحكايه مبقتش احلام وبس، له داى بقت حقيقه كمان، وربيعه بدات تشوف خيالات عترمح قدام وشها وتجرى عالحيطان حواليها، وكل ديه شايفاه وساكته وكاتمه خوفها، وكل ديه وابو دراع جارها في الاوضه مسابهاش، وعينه طول الوكت عليها ومراقب حركات عنيها اللي عتتبع الحيطان كيف ماتكون عتتبع حد عيمشي وينط من حيط لحيط، وخشمه ممبطلش قرايه، ولغاية ماربيعه برقت عنيها وهي باصه علي باب الاوضه وصرخت بخوف وبص لقاها فطت من فوق السرير وبقت فحضنه، فلمها عليه ودفن راسها فصدره وفضل يقرا وعلى حسه بالقرايه وهو عيمسد على دماغها ويتلفت حواليه بخوف مقدرش يقاوم إحساسه بيه، وهو متوكد إنه متحاوط بالجن من كل النواحي، وإحساس بالشفقه رج روحه وهو عيحاول يحس بإحساس ربيعه العيله الصغيره اللي شايفاهم بصورهم واشكالهم، وهو اللي من مجرد التخيل والاحساس بيهم قلبه رجف. 


عدى الليل مااطوله وطول الليل ربيعه على نفس قعدتها فحضن ابو دراع مفارقتهوش، وهو لا عينه غمضت ولا لسانه بطل قرايه غير دقايق قليله عشان يبلع ريقه وياخد نفسه ويرجع يكمل. 


اما ربيعه مكانتش حاسه بأي شي ولا سامعه ولا شايفه غير الخيالات السوده اللي عتلف حواليها، والمخلوق البشع اللي قاعد قبالها عالسرير وباصصلها بعيون عتطق شرار وطالعه منيه ريحه لا تطاق وكل مايفتح خشمه يقطر من بين انيابه دم تبص ربيعه عالأرض متلاقيهوش. 


واخيراً بدأ قرآن الفجر وسكن كل شي واتلاشت الخيالات والمخلوق اختفى، وغمضت ربيعه عيونها بإطمئنان على صدر ابو دراع، برغم الخنقه اللي كانت حاسه بيها لسه، وبمجرد ماغمضت راحت في النوم وابو دراع حس بيها، وبالهداوه بعد اديها عن قب جلابيته اللي من كتر مامسكت وشدت فيه من الخوف، حس بان قيطان الجلابيه عوروه فرقابته، لكنه اتحمل وهملها تأمن من خوفها بالطريقه اللي ترضيها، وهو ماكان عليه الا إنه ضاممها فباطه ومدثرها بين دراعاته وكان حاسس وهي فحضنه انه مستعد عشان بنيته الصغيره المحتميه فيه يموت عشانها ويفديها بروحه لو حاجه قربت منها بأذى. 

❈-❈-❈

وجه النهار والكل مشى على كلام حكيم بحذافيره، وعدى يوم والتاني، وابو دراع خد ربيعه في الخباثه لحكيم في المعمل خدت الجلسه ورجعها، وبعدها حكيم قاله إن الجلسه بعد إكده اسبوعيه، وطول الوكت ديه وربيعه شايفه الويل وتعب واستفراغ معيهداش كل ماتاكل حاجه، ومفيش نوم غير دقايق معدوده وشكلها بقى حرفياً يشبه الاموات، واللي بقى زيها وملامحه غارت في وشه من كتر خوفه عليها وسهره معاها طول الليل هو ابو دراع اللي كل صبح يصبح ميقدرش يحرك  دراعه اللي ربيعه نايمه عليه طول الليل، ولا يبقي قادر ينطوق بكلمه مع حد من كتر ماعيتعب في القرايه طول الليل، وبالعافيه كان يوكل غنماته وبين ماعيكون يرعاهم كانت عنيه غصب عنه تقفل ويغفى بتعب، ويهمل ربيعه لشام فى النهار، أو فاغلب النهار، وهو عليه الليل ومراره. 


اما شام فحالها مكانش يقل عن حال ربيعه وابو دراع، وهي الليل بطوله سهراناه قبالهم بس للاسف متقدرش تروحلهم عشان متشككش حد فحاجه، وكل اللي طالع عليها تدعى لبتها بالشفا وتحسبن فشوقيه وتدعي إنه يتردلها فاقرب وكت. 

وكل ماتشوف وشها توبقى نفسها تهجم عليها وتقطعها قطيع، لكنها عتمسك نفسها بالعافيه وتقول لروحها الصبر وحقك ربنا اللي هيجيبهولك وخليها بجملة اللي عند ربنا. 

ومرت الايام، وكل يوم امر من اللي قبله، والايام بقت اسابيع وربيعه عتصارع وابو دراع معاها وأمها معاهم وكل ديه فى الخفا، ومر عالحاله داي شهر بحاله ربيعه شافت فيه الويل، وبعد الشهر ابتدت كل حاجه تهدا، وقدرت ربيعه ترجع تنتظم فصلاتها وتقف ورا ابو دراع تصلى وتكمل من غير ماتحس انها عتموت وروحها عتتعصر، وبدأت تاكل ومتستفرغش، والبيت ابتدت خنقتها منه تروح، ورجعت الدمويه تدب فوشها من تاني، وقرر ابو دراع وهو شايف حالتها اللي عتتحسن إنه يبعد عنها ويهجر النومه جارها وبزياده على إكده، وخصوصى إنه ابتدا يحس ان ربيعه اعتادت عالنومه فباطه وعلى دراعه، واول ليله هملها فيها ونام عالارض باتت تتقلب للصبح مجالهاش نوم، وهو كل ماتتقلب يرفع راسه ويبص عليها خايف تكون عتكوبس، ولما يلاقيها صاحيه ينزلها وينام، وكانت اصعب ليله عليه هو كمان، اللي ابتدا بعد شهر بحاله قرب يعتاد إنه ينام على انفاسها، وحتى دراعه اللي كان خفيف ودماغ ربيعه مش عليه كان حاسه فيه حاجه ناقصه منيه ومفتقدها، ولكن الليله عدت، وعدت التانيه والتالته، واللي اعتاد القرب ابتدا يعتاد البعد، وراحت الايام داي بحلو ومرها، وعاودت ربيعه لطبيعتها من تاني، وعاود معاها الربيع لحياة شام وابو دراع مره تانيه.

 ❈-❈-❈


وبعد اسبوع من التعافى كانوا قاعدين التلاته في الجنيه سهرانين وعيشربوا شاي وابو دراع عيشوي دره لربيعه، وبصلها وهي عتتلافى اول واحد استوى وتقلبه بين اديها من سخونته وهي عتضحك وشافها وهي عتاكل فيه بفرحة عيله صغيره.. فخد نفس وبص لشام وقالها:


أم ربيعه.. اظن آن الأوان والمأسور جه معاد فك اسره. 

بصتله شام وديقت عنيها بعدم فهم وضمت حواجبها وسالته:

كيف يعني مافاهماشي؟ 

ابو دراع بإيضاح اكتر:

اني بكره هاخد ربيعه واروح بيها لبيت جدها عبد الصمد ياشام، وهمر بيها فلاول علي خالتها بسيمه فطريقنا.. خابره ديه معناته ايه ياام ربيعه ولا مخابراش. 


وشام بس سمعت كلام ابو دراع ابتسمت وكشرت وضحكت وبكت فنفس الوكت وبعدها سندت دماغها على كتف ربيعه جارها ومن شدة فرحتها وعدم تصديق عقلها للي سمعته سوحت وغميت، وربيعه وابو دراع اتلاعوا وهما يفوقوا فيها. 


يتتتبع 


ريناد يوسف


نفق الجحيم الجزء الثاني الفصل السابع والثلاثون 

❈-❈-❈


فتحت شام عيونها بضعف ووقع نظرها على فروع الشجر وأوراقه، وعرفت انها مش عتحلم، وإن عقلها اللي رافض تصديق اللي سمعه كان غلطان وإن الكلام حقيقه.. رفعت دماغها من علي كتف ربيعه وبصت لابو دراع بعيون ماليها الأمل والفرح ومسكت دراعه وبترجى قالتله:


أبو دراع عيد على مسامعى تاني اللي إنت توك قايله خليني اتوكد إن اللي سمعته صوح ومش خترفة مخى من كتر الشوق لاهلي..قولي إني صاحيه وإن النوبادي مش هصحى والاقيه حلم والاقي نفسى مسمعتهوش. 


رد عليها ابو دراع بإبتسامه حنونه:

له ياشام مش حلم، اني قولتلك انى هفك اسرك من صوح واني قاصدها وناويها.


 جهزي حالك ولمي كل اللي ليكي إهنه فبيت المقاول؛ عشان بكره هاخد ربيعه على بيت جدها وبمجرد مايشوفوها يوقع اليمين واعاود اخدك من إهنه واوديكي لبيتك اللي اتغربتي عنيه سنين وحان معاد رجوعك ليه كيف ماعيرجع الطير المهاجر لعشه. 

هرجعك لحضن حبايبك ياشام خليهم يضللوا عليكي ويضموكي لقلوبهم ويدفوكى بمحبتهم بعد ماقضيتي عمر بحاله وانتى متلطمه فبيت الظلمه دول، وكل الدفو اللي طايلاه منهم دفوا الكوانين.. خلاص بتك بقت فحمايتى ومفيش عليها ايوتها خوف. 


شهقت شام بالبكا وهي عتسمع كلام ابو دراع ومع اول كلمه قلبها شق صدرها وطلع منيه، وضرب بجناحاته فضا الاحلام وطار فيها على بلد الحبايب وفضل يحلق فوق بيتهم وحواليه ويرفرف بجناحات الشوق ويصرخ من الفرحه بعلوا دقاته. 


وبس خلص ابو دراع كلامه شام ميلت قوام علي يده ومسكتها تحبها، لكنه سحب يده منها قوام وقالها بإستنكار:

عتعملي ايه ياشام استغفر الله! 


ردت عليه شام:

هملني احب على يدك وعلى راسك وعلى رجلك كمان ياواد الاصول ياطيب،هملني اتشكرك الشكر اللي تستاهله مع ان شكر الدنيا كله وعرفانها ميوفيكش حقك..ربنا يفرح قلبك علي كد فرحة قلوبنا اللي عتفرحهالنا طول عمرك يارحمة ربنا لينا. 


ابو دراع وشه اتورد بخجل من مدحها ليه  ورد عليها بعد مانزل عيونه للارض:


والله يام ربيعه اني اللي حاسس إن ربنا عوضنى بيكم وشغلنى بأمركم وسليتو وحدتي.

على كل حال إن كان اني ولا انتوا ربنا معيحطش حد فطريق حد بلا سبب، يلا بس اسمعي كلامي وقومي جهزي روحك ولملمي حالك عشان تودعى إهنه خلاص. 


وبالفعل قامت شام وراحت عالبيت وهي مش مصدقه روحها ولا مصدقه اللي قاله ابو دراع وحاسه انها فحلم ولازمن ولابد هتصحى منيه وتقوم تلاقي كل فرحتها سراب يتشاف ويتحس لكن ميتلمسش. 


أما ابو دراع فبعد مامشت شام انتبه لربيعه اللي كانت بصاله وعتتمعن فيه ومبتسمه ابتسامه واسعه، فهزلها دماغه بتساؤل، فهمستله ربيعه وعيونها عتسبح فملامحه:

طول عمرنا نسمعو ان الملايكه في السما وبس، لكن بوجودك إنت ياعمى اللي يسألني عن الملايكه هقول اسمك اول واحد ..وهقول الملايكه فيه منهم عالارض.

انت كيف إكده؟ اني حاسه ان كل الحنيه اللي اتحرمت على قلوب اهل البيت ديه خدتها انت لحالك، حاساك مختلف عن كل الناس ولا هما الناس اللي بره كلهم زيك إكده وناس البيت ديه بس اللي جحده؟ 


اتنهد ابو دراع ورد عليها:

الناس مش كلها زينه ياربيعه ومش كلها عفشه واديكي هتعاشري الناس وتخالطيهم، 

وتعرفى تميزى زين وتشوفي الصالح والطالح، وتشوفى إن فيه ناس اعفش من ناس البيت ديه وناس احسن، وناس تحتاري فأمرها ومتعرفيش تميزيها هي تبع الزين ولا الشين. 

اتنهدت ربيعه وهي باصاله ومتكلمتش، لكن عيونها اتكلمت وحكت وعبرت بلمعتها عن إعجاب كل مادا ويزيد وثقه كل يوم تتبنى فيها طوبه، لما بقت سور عالى محتميه وراه بلا اي خوف من اي حد ولا اي حاجه وعمر ماحد يقدر يهده واصل. 


وقام ابو دراع بعد ماطفي الدمسه بالميه ولملم عدة الشاي والدره اللى باقي، ومد يده لربيعه قومها، وراحوا على بيتهم وهي عماله تتخيل كيف هيكون بكره وكيف هتقدر تتحمل فرحته وعتستحضر فعقلها كل اللي حكتهولها امها عن جدها وجدتها وخالاتها وبلدهم وكل تفصيله عاشت سنين تتخيلها وتحلم بيها،

 وخلاص كلها سواد الليل وتوبقى حقيقه وتعيشها كيف ماكانت امها عايشاها ومتمتعه بيها. 


ودخلوا البيت وأوى كل واحد منهم لفرشته، وابو دراع بس حط راسه على مخدته نام من تعب وشقى النهار، وفضلت ربيعه صاحيه وعيونها من الفرحه رافضين يغمضوا، وعقلها وقلبها عيحسبوا الوكت بالثانيه عشان يطلع النهار ويتحقق الحلم وتطلع هي وابو دراع من بيت المقاول ويعاودوا بالحريه والعفوا لأمها شام. 


أما شام هي كمان فقضت ليلتها فتوتر وقلق ممزوجين بفرحه ولهفه وشوق، وخلطه جميله من كل المشاعر خلت قلبها قضى الليل كله يرفرف بين ضلوعها من السعادة، وطول الليل حس ابوها وامها واخواتها فودانها، ولمتهم وضحكتهم عترن فروحها، واحضانهم الدافيه ومحبتهم لبعض وحنانهم، واتفكرت كل موقف حلوا جمعهم، ومنت نفسها بإنها هترجع تعيش كل ديه معاهم من تاني. 


و زي ماسمعت اذان العشا وهي صاحيه بعيون مفنجله سمعت اذان الفجر، فراحت تتوضا وتصلى وتدعي من ربها يتم مرادها وفرحتها وفرحة بتها على خير. 


وزيها بالظبط ربيعه اللي فضلت للصبح زي امها صاحيه، والتنين قاموا على اذان الفجر صلوه كل وحده فموطرحها، وكل وحده قرت وردها وقعدت بعدها عالسجاده تشكر ربها وتسأله الثبات للقلب والعقل وكت اللقى وإجتماع القلوب والعيون من بعد سنين بعاد وحرمان. 


صبح الصبح زين، وابو دراع خد ربيعه بعد مافطروا وودعوا شام اللي اول مافتحوا لقوها على بابهم واقفه مستنياهم يطلعوا، ومن غير مايخبر حد واصل بمرواحه لبيت عبد الصمد، وراح بيها فى السر؛ عشان يحط كرار قدام الأمر الواقع،

 وشام بعد ماودعتهم فضلت قاعده في الجنينه مستنياهم مقدرتش تعاود لبيت المقاول مره تانيه كأنها قررت إنها خلاص قطعت كل علاقتها بيه وباللي فيه، ومش عايزه تشوف وش حد فيهم، وخلاص كلها ساعات معدوده وتفارقهم للابد من غير ندم على عشرتهم ولا الشوق ليهم عمره هيعرف لقلبها طريق. 


أما ربيعه فكانت ماشيه مع ابو دراع وهي حاسه بإنها طايره من الفرحه، حاسه إنها اخيراً رايحه تشوف حد منها، ناس من دمها عيحبوها من قلوبهم ومتاكده من محبتهم من غير مايشوفوها ولا يعرفولها شكل ولا ملامح حتى، مش ناس طول عمرهم ناكرينها وناكرين نسبها ومش معتبرينها بتهم، وخصوصى ابوها اللي كلمة انتي بت زنا كانت تطلع من لسانه بمنتهى السهوله تشق قلبها نصين. 


فضلوا ماشيين وربيعه ساكته وعيونها عتبص شمال ويمين عالشوارع والناس، وابو دراع مراقبها وعاذر حالها وحاسس بإنها متاخده من الفرحه وممستوعباشي إنها اخيراً هتشوف اهلها واهل امها،وشفقان عليها وعلى قلبها الصغير إنه ميتحملش كل الفرحه داى، وتاجى عند مرحله معينه وتقع منيه كيف ماوقعت امها شام عشيه ويحير بيها.

❈-❈-❈


واخيراً بعد ماقطعوا مسافه ومشيوا فشوارع كتيره وقف ابو دراع قدام بيت، وبمجرد وقوفه وقفت ربيعه وحطت يدها على قلبها، وبس بصلها همستله بصوت مهزوز من الفرحه والخوف سوا

بيت خالتي بسيمه صوح؟ 

رد عليها ابو دراع بهزه من دماغه، ومد يده يخبط عالباب، ومع كل خبطه من يده كان قلبها يتنفض كأن الخبطه عليه هو.. واخيراً بعد كام خبطه سمعوا حس وحده عتجاوب. 

فبص ابو دراع لربيعه اللي كانت عيونها عتسأله من غير كلام هي ولا مش هي؟ 


وهزلها دماغه تانى بتأكيد، وهى قوام بصت للباب بتركيز مستنيه طلة اول بطله من بطلات حكايات أمها، والبطله المميزه كمان بالنسبالها.. ومع سماعها لصوت فتح سقاطة الباب، رجليها بادوا من كتر التوتر، ومسكت دراع ابو دراع وسندت راسها عليه، ورمت كل حمل جسمها عليه بضعف، وهو من خوفه عليها رفع يده وحاوطها قوام عشان يسندها اكتر. 

وأول مالباب ابتدا يتفتح بلعت ربيعه ريقها اللي نشف، ومع طلة بسيمه من باب البيت براسها رجفه سرت فبدن ربيعه كله. 


أما بسيمه فبمجرد مابصت وعيت لابوا دراع اول حاجه، وبعدها انتبهت للي ضاممها كيف العصفوره تحت جناحه، وبمجرد ماعينها وقعت عليها واتتحفضت معانيها برقت عيونها بصدمه، ومره وحده فتحت الباب بعنف وبخطوة وحده كانت واقفه قدامها وساحباها من ابو دراع لحضنها من غير ولا كلمه، 

وضمتها ضمه بشوق كل السنين وابتدت تشم فيها، واخيراً همست بسيمه من وسط دموعها اللي نزلوا فوراً من شدة الفرحه والشوق:


ياااابوووي على ريحة الحبايب، يابووووي على فرحة القلب اللي عاودتله من تاني، يااابوى على كرم ربنا اللي مهما طال الظلم على عبده مسيره عيرفعه.. اخيراً ياقلب خالتك ضميتك لحضني مره تانيه وشميتك من بعد مااستعوضت ربنا فشوفتك! 

أما ربيعه فدموعها هي كمان كانوا نازلين عشرات، ولسانها معارفش ينطوق من صعوبة الموقف، لكن ضمتها لخالتها هى كمان بقوة حكت كل شوقها ليها من غير ماتقول اي كلام.. وبعد ضمه دامت كتير اخيراً بسيمه رفعت عيونها لابوا دراع وكمية الشكر اللي كانت فيهم متتوصفش، وهمستله بإمتنان طالع من كل قلبها:


طول عمرك راجل ياابو دراع وعتعمل اللي مفيش راجل غيرك يقوى عليه، كفوا ياواد الاصول كفوا، كفوا يازينة الرجال ياللي مافي منك. 

قالتها وبعدت ربيعه عن حضنها ومسكت وشها بين اديها وهمستلها وهي عتتملى فيها:

كنى واعيه شام قبال عيني! نفس الملامح ونفس الجسم والطول، كيف ماتكونوا فوله واتقسمت نصين سبحان الله، الله اكبر عليكي يابت اختى من عيونى، الله اكبر عليكى من فرحتى بيكي.. خلصت كلامها وضمتها مره تانيه لحضنها، وبعدها دخلتهم البيت وابتدت تقوم بواجب ضيافتهم بكل اللي تقدر عليه واللي يدها طالته جابته وقدمتهولهم،

 وقعدت بعدها جارهم وضمت ربيعه لحضنها مره تانيه، وسألت ابوا دراع عن اللي جرا واللي خلاه يعمل إكده وهو حكالها.. 

وهى كانت تسمعه بقلب عيرقص من الفرحه وهى عتتخيل إن الفراق بينها وبين اختها اخيراً هينتهي، وهتتحرر شام المُحتله على يد الفارس ابو دراع. 


أما ربيعه فكانت قاعده فحضن خالتها بسيمه وحاسه كانها قاعده فحضن أمها شام بالظبط، نفس الحنيه ونفس الراحه ونفس الأمان اللي عتحس بيه مع امها،


 وبعد ماخلص ابو دراع كلامه جه الدور عليها هي، وبلغت خالتها فلاول سلام واشتياق امها ليها وطمنتها عليها، وابتدت تتحدت معاها كل الكلام اللي كانت محضراه جواها من امبارح، وتسألها عن كل كبيره وصغيره عنها بفضول، وبسيمه تجاوب بصدر رحب وهي مبتسمه وفرحانه، وابو دراع باصصلهم وعيضحك على ربيعه وفضولها القتال، واللي خلت خالتها حكتلها كل حياتها من ساعة مااتجوزت لدلوك.


أما لواحظ فكانت كل الوكت ديه نايمه، وأول ماصحيت وطلعت وشافت ابو دراع وربيعه اللي فحضن بسيمه راحت عليهم وسلمت، وسألت بإستغراب عن اللي ممفارقاشى حضن بسيمه داي:

امال مين داي يابسيمه، وليه معبطين فبعض كيف القرود إكده؟ 

هي قالت الكلام ديه وابو دراع ضحك، وبسيمه بصتلها وردت عليها وهي رافعه حاجبها ليها بتحذير عشان متغلطش اكتر:


داي ربيعه بت اختي شام، بت المقاول كرار. 

خلصت كلامها ولواحظ فتحت خشمها بإستغراب، وقعدت جارهم وابتدت هي عاد تسأل ربيعه بفضول غلب فضول ربيعه نفسها عن كل حاجه تخصها وتخص امها.. لكن ربيعه مكانتش ترد عليها الرد اللي يرضى فضولها، وردودها كانت مختصره ووافيه فنفس الوقت، ومتديش مجال إن حد يخلق منها سؤال تاني.


 وكانت بسيمه طول الوكت بصالها بإعجاب لانها فى الدقايق المعدودة داي اتوكدت ان ربيعه غير امها خالص وشخصيتها ذكيه وقويه، وديه فرحها لانها كانت خايفه إن الظروف اللي مرت بيها والبيئه اللي اتربت فيها وشخصية امها الضعيفه يأثروا عليها..

 متعرفش إنها مع ديه كله هي تربية ابو دراع كمان، وغير إكده وارثه منها ومن قوة شخصيتها كتير بفضل العرق الدساس. 


خلصوا قعدتهم اللي استمرت ساعه تقريباً وخلاص قايمين يمشوا بعد ماتلت الشوق فقلب ربيعه خمد باللقى الاول، وباقى تلتين تلت لبشاير خالتها وتلت لجدها وستها، ومع اصرار ومسكة بسيمه فيهم ورجائها ليهم يقعدوا يتغدوا معاها ويقضوا النهار ويبقوا يروحوا لجدها وستها فيوم تاني.. رفض ابو دراع طلبها، ورفض حتى انهم يستنوا عيال بسيمه لما يرجعوا من المدرسه ويسلموا عليهم وقالها مره تانيه.. وكمان رفضوا انها تصحيلهم عليا بتها يسلموا عليها.. 

وربيعه باستها وسلمت عليها هي ونايمه وقالولها الايام جايه كتير بس النهارده فيه أمور مترتبه علي طلعتهم ولازمن تتم..


 ولكن عند استعدادهم للرحيل دخل همام من باب البيت واتفاجأ بيهم واتفاجئوا بيه، وسلم على ابو دراع عادى، ومد يده عشان يسلم على ربيعه وهو مش عارف هى مين، لكنه استنتج انها بت شام ومرت ابو دراع، واللي معرفش شكلها لما بصلها ولا شبه عليها حتى، وديه اثبت لبسيمه انه صوح مفاكرش شكل شام ولا ركز فيه وكان مغيب وكت عملته، وديه بان من نظرة عنيه ليها، والا كانت شافت فعيونه نظره ولمعه تانيين خالص.


اما ربيعه فسابت يد همام متعلقه فى الهوا، ومرضيتش تمد يدها ليه ولا تصافح ولا تصفح عن اول واكبر سبب لخراب حياة امها وحياتها، واللي ابتدا من عنده كل شي، واللي لو حكموها عليه دلوك وادوها الاذن بالقصاص هتدب فقلبه سكينه تحسسه بحاجه من الوجع اللي بقالهم عمر هي وامها حاسين بيه. 


لكن للأسف القصاص فات اوانه و دلوك بقي فيد رب العالمين.. وطلعت من البيت بخطوات سريعه وحصلها ابو دراع.. أما همام فلم يده وطاطا دماغه فى الارض، وخصوصى بعد بصة بسيمه ليه اللي قالتله من غير كلام:

عشان تعرف إن برغم توبتك وندمك  عملتك عمرها ماهتتنسى، وإن اثرها هيفضل محاوطك والذنب كل مادا يفكرك بيه لحد آخر العمر. 


ومنها فضلت متجاهلاه لاخر اليوم لا كلمه ولا قعده جاره لانها بشوفتها لبت اختها اتقلبت عليها كل المواجع واتفكرت كل شي، وعيونها تلقائي كل مايتقابلوا مع همام يروحوا عالجرح اللي فرقبته، وهو لما متحملش لومها الصامت اللي حرق روحه هملها البيت خالص وراح عالطاحونه، وقرر إنه مش هيعاود وهيبات فيها الليلادي، أو ممكن ميعاودش تانى لغاية ماهي تستفقده وتسأل عليه، وكتها بس هيعرف إن نارها خمدت ولومها وعتبها خدوا مهاجهم وراحوا. 


❈-❈-❈


أما أبو دراع فبعد ماطلعوا من بيت بسيمه خد ربيعه وراح بيها على محطة القطر، واللي بمجرد ماوصلتها حست بإن رجليها مش شايلينها من الفرحه وهى هتحقق امنية امها اللي بقالها سنين عتحلم بيها وبقت امنيتها هى كمان، ووقفت عالمحطه بلهفه تستنى حبيب امها ابو قلب حديد.. واللي بمجرد ماشافته جاي من بعيد ضحكت بفرحه بحسها العالي وحطت يدها علي خشمها، بس بعد ماكل اللي حواليها انتبهوا لضحكتها اللي طلعت فجأة من غير سبب، 

وحتى ابو دراع زيهم، لكنه معقبش وابتسم لفرحتها ومسك يدها بخوف احسن تتهور وتفط قدام القطر وتروح منيه فغمضة عين، وهو لغاية اللحظه داي مش مصدق نفسه إنه اتعافت من اللي كانت فيه ورجعت زينه من تاني. 


ووصل اخيراً القطر ووقف قبال ربيعه وشافت بيبان قلبه المفتوحه والناس عتدخل منها جواه، ومدت رجلها من بعد مادخل ابو دراع ومدلها يده عشان يدخلها، وبمجرد مادخلت جوا قلبه حست براحه غريبه، وقعدت على الكرسي اللي جار الشباك واللي تعمد ابو دراع يقعدها فيه، عشان تشوف الدنيا وتحس بمتعة ركوب القطر الحقيقيه..

 وابتدا ابو قلب حديد يتسحب بهدوء وبعدها ابتدا يجري بإستعجال وبكل سرعته..

كيف ما يكون عالم بحال قلبها واشتياقها لحبايبها وبده يوصلها ليهم فى اسرع وكت ويرحم قلب بت حبيبته من الشوق. 


وهدت اخيراً سرعته ووقف ،وربيعه استعدت للنزول من بعد ماشبعت فرجه من شباك القطر عالدنيا والبلاد والشوارع والشجر والنخل اللي كانوا عيجروا قدام عنيها.. وهبت واقفه وهي متعلقه فيد ابو دراع بمجرد ماوقف، وهو حرر يده منها عشان يحاوطها بيها ويحميها من زحمة الناس ويخلي بينها وبينهم مسافه وهي نازله من القطر، 

واخيراً رجلها حطت فبلد الحبايب.. واللي بمجرد مانزلت من المحطه وابتدت تمشي فيها حست انها عارفاها شبر شبر، والشوارع نفسها، وارتجفت اوصالها وهي عتدخل شارع هى عارفاه زين وحاسه ان روحها طافت فيه الف مره، 

والرجفه زادت وهي واعيه الباب اللي بهت لونه مع السنين والسطح والبيت علي نفس الوصف متغيرتش معالمه واصل ولا اتبدل فيه شي.. 

مع ان اغلب البيوت حواليه اتغيرت واتبنت بالطوب والاسمنت، لكن هو كيف مايكون عاطى عهد لحد ميتغيرش مهما طال البعاد وباقى على عهده منقضهوش! 


ووقفت قدام الباب هى وابو دراع، ورفع يده ابو دراع يدق الباب، لكن النوبادى ربيعه مش حست انه عيخبط علي قلبها.. 


له داي حست إنه ماسك قلبها وهيخبط بيه هو من كتر ماكانت كل خبطه مسمعه فيه.

وبعد كام خبطه نادى ابو دراع بإسم عبد الصمد عشان يعجل اللي جوا بالرد عليه؛ من كتر ماكان شايف ربيعه منهاره قدامه ومقاويناشى ع الصبر اكتر من إكده..


 وسمعت ربيعه بعدها الحس اللي من كتر ماكانت مستنيه تسمعه حسته حضن روحها.. حس جدها عبد الصمد وهو عيرد على ابو دراع ويقوله:

ايوه ايوه جاى اصبر هبابه ياللي عالباب.. 


وبمجرد مااتفتح الباب كانوا فاكرين إن هو اللي فتحه، لكنهم شافوا عمران واد بشاير هو اللي عيفتح الباب ويطل براسه عشان يشوف مين اللي عينادم؟

وأبو دراع اول ماشافه قاله ادخل قول لجدك ضيف اسمه ابو دراع جايلك وجايبلك معاه فرحه عشت ١٥ سنه مستنيها.. 


ودخل عمران فعلاً قال لجده إكده، وبمجرد ماعبصمد سمع الاسم والرساله بعد ماكان عيلبس فمداسه عشان يطلع للضيف قعد موطرحه مره تانيه وهو عيكدب مسامعه وممستوعبش اللي سمعه ولا قادر يصدقه، وهمس بحس يادوب طالع من الامل اللي خايف يكون كداب:


روح.. روح ياعمران دخله قوام.. وزعق بعلوا حسه اللي عيرجف من شدة التوتر يسبق عمران وخطاويه لدعوة ابو دراع للدخول:


خش ياابو دراع ياولدى، وهات اللي القلب بقاله سنين عيتمناه. 

أما دهب فكانت قاعده جاره وساكته ومفيش غير انفاسها عتعلى وتهبط وقلبها عيتنطط جوا منها ويقولها بحسه العالي.. 


من امبارح واني عقولك فيه حاجه حلوة في الطريق وعبشر فيكي بس انتي اللي مكنتيش مصدقاني.. وكانت قاعده تسمع فكلام قلبها وهي ساكته خالص ومتاهبه للى هتتوق من الباب وتهل عليها بين لحظه والتانيه بخشوع تام  كيف اللي حاطط على راسها الطير، وكل خليه فيها مترقبه.


ودخلت ربيعه البيت اللي بمجرد مادخلته حست بإن ريحه خفيف عليها وإن فيه ألفه بينها وبين حيطانه،

 وعارفه كل شبر فيه، وفضلت تتقدم وهي عتتلفت حواليها كيف ماتكون عتشوف ذكريات امها اللي كانت تحكيهالها وهي عتتجسد قدامها فكل زاويه من زوايا البيت.. 

واخيراً وصلت قدام جدها وستها، وبمجرد وقوفها قدامهم بصولها هما التنين وبصوا لبعض كيف مايكون كل واحد عيطلب من التاني يقوله اللي شايفه حقيقه ولا خيال؟ وبحس عالي صرخت دهب وهي عتمد اديها في الهوا:

بتي شام.. يممممه بتتتي 


وزيها عمل عبد الصمد وصرخ عليها ومدلها يده ، وربيعه شافت رد فعلهم ودموعها نزلوا فوراَ وردت عليهم بخنقه:

ربيعه ياجد، ربيعه ياستي، بت شام مش شام. 

فانتبهوا التنين لفرق السن وإن اللي قدامهم صوح شام الخالق الناطق، بس صبيه وصغيره كيف ماطلعت من بيتهم، ونسيوا إن فيه سنين طويله عدت عليها وغيرت شكلها، وهم عبد الصمد يقوم ويروحلها ويحظى بأول ضمه من اعز الحبايب وهو عيتسند علي كتف دهب، 

لكن رجليه من فرحته مأسعفوهوش، وحتي دهب حيلها خانها من كتر مامش مصدقه نفسها، 

وربيعه اختصرت عليهم المحاولات والجهد وجريت هي عليهم وقعدت وسطهم وضمت التنين لقلبها فوكت واحد، والتنين ضموها ضمة الاهل لعيلهم اللي رجع بعد فقدة سنين،

 وبرغم إن محدش في التلاته اتكلم، الا ان الدموع كانت ابلغ من كل الكلام. 


ومن صعوبة الموقف حتى ابو دراع عيونه رغرغت بالدموع، لكن عشان دموعه عزيزه عمرها مانزلت، وقفت على طرف عيونه متمسكه بتقلها وعزة نفسها، وبعد ثواني اختفت. 

اما بشاير اللي كانت نازله من فوق السطح وشايله على راسها مجور رايب، وقفت موطرحها وهى واعيه ابوها وامها واخدين وحده فحضنهم ومتقاسمينها مابينهم، 

فبصت حواليها ولما شافت ابو دراع وحالته وحالة الكل، 

صرخت بعلوا حسها ورمحت عليهم ومحستش بماجور الرايب وهو عيوقع من فوق راسها يتكسر نصين ويتطشر كل نص فناحيه واللي فيه يتكب عالارض.. وصرخت بعلوا حسها:


شام اختى.. ووصلت حداها وميلت امها عشان تشوفها زين، وبمجرد مالعيون اتلاقت همست بشوق.. فرحه؟ 

وكانت هى الوحيده مابينهم اللي عرفتها وعرفت انها ربيعه بت شام مش شام من اول طله، وبصعوبه قدرت تطلعها من حضن جدها وستها عشان تاخدها هى فحضنها وتشبع منها، وبعدتها عنها وهي عتتلمس وشها، وتتفحصها كلها من ساسها لراسها وهي ممصدقاش اللي عيونها شايفاه لا هي ولا حد منهم.. واخيراً عبد الصمد بص لابوا دراع وحسه طلع بعد مامسح دموعه وقاله:

كنت جبتها معاك ياابو دراع، كنت كملت فرحتنا وشفيت وجع قلوبنا بالكامل. 


فرد عليه ابو دراع بوعد:

جيالك ياعم..هروح واعاودلك بيها وتكحل عينك بشوفتها ويقر قلبك بقربها لاخر العمر.. خلاص البعاد خلص وأن أوان جمعة الحبايب. 

خلص ابو دراع كلامه وشهقت دهب من الفرحه وعبد الصمد غمض عيونه براحه وحط يده على قلبه اللي من كتر الفرحه هيقف، 

وبص لفوق وتمتم بكلمات مش مسموعه، لكنها معروفه إنها شكر لربنا على رحمته اللي برغم انها اتأخرت لكنها نزلت في الاخر وحطت على قلوبهم. 


ورجع خد ربيعه فحضنه وفضل يشم فيها ريحة شام بته، وفضلت ربيعه تتنقل مابين حضنه وحضن ستها لغاية ماشبعوا من بعض، وحرفياً حست فحضنهم بالجنه اللي كانت كانت عتصورهالها امها من كتر ماحضنهم حنين وحست فيه بإنتماء ومحبة الكون كله.


 وبعدها استأذنت منهم وقامت تلف في البيت مع خالتها بشاير شبر شبر واوضه اوضه، واخيراً طلعت عالسطوح.. مسرح الاحداث الاكبر والأهم.. وهملت ابو دراع مع ستها وجدها اللي ممصدقينش حالهم من الفرحه وهو عيحكيلهم كل حاجه حوصلت، وكيف قدر يطلع ربيعه ومن بعدها هيطلع شام من بيت المقاول بأذن الله طلعه بلا رجعه، وهما طول ماعيسمعوا لسانهم مكفش عن الدعوات ليه بالستر والصحه والرضى والسعادة وراحة البال عاللي عيمله، واللي مفيش غيره يقدر يعمله. 

❈-❈-❈


أما ربيعه فبمجرد ماطلعت علي السطح عينها راحت عالشباك الاخضر وبصت على المكان اللي امها هملت فيه قلبها وروحها وصبت على ساكنه كل مشاعرها ومحبتها، وفى الاخر طلع زى السطل المخروم مصانش اللي اتصب فيه وإكتشفت في الاخر لما جات تدور علي تحويشة عمرها من المشاعر إنه فاضى، وكل اللي اتصب فيه راح عالأرض. 

ومن بعده بصت من السور بتاع البيت ووقفت فنفس المطرح اللي كانت امها تقف فيه وتراقب حبيبها التانى وتستناه.. 


وفضلت واقفه تشوف انهي حبيب فيهم هيحس بوجود اللي من ريحة حبيبته ويظهر قدامها مشتاق ومتلاع.. وبعد مرور شوية وقت، سمعت حس الحبيب الأوفى وهو عيصفر من بعيد بحسه اللي بقى مألوفلها،

 وبمجرد مامر من قبالها فضلت تشاورله وتتنطط بنفس طريقة امها، وبشاير ضحكت وهي واعيه شام قدامها بنفس حركاتها وجنانها وطفولتها وبرائتها، وكأنها بثت فبتها طبعها وجنانها وكل روحها. 


وبعد ماعدى القطر وفات نزلت ربيعه مع خالتها بشاير لتحت، ورجعت لحضن جدها اللي طول الوكت كان مستحوذ عليها ورافض إنها تبعد عنه حتى عشان تروح لستها وتقعد فحضنها هبابه،مبطلوش مناقره هي وهو، 

هي تقوله هملي بت بتي هبابه وهو يقولها له ممهملهاش،

 وربيعه وابو دراع يضحكوا عليهم،


 وبشاير هملتهم ودخلت الموطبخ تحضرلهم كل مالذ وطاب، وشيعت عمران وعزام على السوق يجيبولها الحلوا كله عشان تقدمهولهم. 


وبعد كام ساعه عاود السيد للبيت، واتفاجأ بوجود ابو دراع وربيعه، وراح عليهم بكل قلب صافي وفرحه باينه فعيونه يسلم عليهم، 

وسلم على ابو دراع، وجه يسلم على ربيعه، لكن موقفها منه ورد فعلها عليه، كان نفس موقفها من همام ورفضت تمد يدها ليه بالسلام، وديه حطه قدام عياله وقدام الكل فموقف محرج، لكنه اتفهم موقفها وعذرها، ولم يده ودخل اوضته ومطلعش منها لاخر النهار. 


اما ربيعه فقضت هي وابو دراع النهار بطوله فبيت جدها، وقعدوا وكلوا وشربوا سوا واتحدتوا عن شام وطمنتهم عليها وعلى حالها، 

وفضلت ربيعه تسأل وهما يجاوبوا، وابو دراع يضحك عليها وهو واعي قباله مأمور شرطه كل مايقعد مع حد ينزل فيه استجواب، لكن الفرق إن الناس مع المأمور ديه عتجاوب على كل اسئلته بمحبه خالصه من القلب وعن كل طيب خاطر مش بخوف ولا جبر. 

❈-❈-❈


واخيراً حان الوكت للرجوع لبيت المقاول، وبس طلعوا من بيت عبد الصمد ربيعه فوراً حست بالغربه، وانها هملت قلبها فبيت جدها من بعد ماشافت محبتهم ليها ولقت اخيراً العيله اللي طول عمرها عتدور عليها، والبيت اللي كل اللي فيه قلوبهم على بعض، والقلوب اللي فيه بيضه ونضيفه ومفيش جواها غير المحبه، مش الغل والجحود زي قلوب اهل بيت المقاول، وعذرت امها إنها مش عتبطل كلام عليهم واصل ولا نسيتهم دقيقه وحده. 


وهما وماشيين معاودين، رجعت ربيعه حضنت دراع ابو دراع، وهو اتبسملها وهملها تتشعبط فدراعه كيف العيله المتشعبطه فدراع ابوها، وقصد يلففها البلد كلها ويوريها بلد امها، ووداها عالبندق اللي طلبت تشوفه بالاسم، وبعدها خدها على ابو قلب حديد مره تانيه وركبوه، وعاودت لامها وهي مليانه بحكايات وكلام عن كل الناس والاماكن اللي شافتها واحساسها وفرحتها تاخد ايام توصف فيها متخلصش. 

❈-❈-❈


واخيراً عاودوا بلدهم، وراحوا على بيت المقاول، وطول الطريق ربيعه حاسه إن خطاويها تقيله ومعاوزاش ترجع للمكان ديه تاني، وعامله زي الطير اللي اتفتحله باب القفص وهرب منه، لكنه مجبر يعاود للقفص من تاني وبإرادته؛ عشان ليه جواه حبايب.

❈-❈-❈


وبس دخلوا البيت وعيوا شام اللي كانت قاعده عالمصطبه من اول النهار لا وكل ولا شرب، وبس فمواعيد الصلاة تدخل البيت تصلي فاوضتها وتطلع تاني، 

ورافضه تعمل ايوتها حاجه من شغل البيت ولا تمد يدها على اي حاجه، وكل ماحد يكلمها على حاجه ياما تهب فيه يأما تهمله وتمشى ومتردش خالص.. وديه اثار استغراب واستعجاب الكل على الانتفاضه اللي شام عاملاها وعالاعتصام اللي عاملاه قدام بيت ابو دراع ومفاهمينش سببه.. 


واول ماوعيتهم جريت عليهم بفرحه كيف اللي جايبينلها حكم الافراج.. وبس وصلت قبالهم وابتسمت للفرحه اللي واعياها فعيون بتها، ولسه هتسأل عن اخبار الحبايب.. سبقها حس كرار اللي جه من وراها وبادر بالسؤال هو قبلها:


تعرفوا تفهموني إيه اللي عيجرا مابينكم وتقولولي كنتوا فين، وليه داي..

- قالها وشاور على شام بدماغه - مستنياكم على نار وطول اليوم واقفالكم زنهار عالبوابه؟ 


رد عليه ابو دراع وهو عيحط يده فقب جلابيته ويبصله بتحدى:

حاضر ياغالي اني اللي اقولك وافهمك.. اول هام اني ومرتي رحنا زرنا بيت جدها وخالاتها وقضينا حداهم اليوم.. وداااي.. قالها وشاور على شام بنفس الطريقه وكمل.. 

وداى من اليوم مبقتش فحكمك ولا على ذمتك ولا ليها عيش ولا قعده فبيتك ووقع عليها اليمين اللي حلفته عليها زمان.. وخلاص خلصت لحد إهنه. 


قال كلامه وتبعه بإبتسامة تشفي فكرار اللي عيونه برقت بصدمه، وراح على ابو دراع مسكه من قبه باديه التنين وبقهر قاله:

عيميلتها ياابو دراع؟ 

بقلم ريناد يوسف


يتتتبع


رواية نفق الجحيم الجزء الثانى الفصل الثامن والثلاثون

❈-❈-❈


أبو دراع مسك ادين كرار ونشكهم من هدومه وقاله:

 ايوه ياكرار عميلتها، عميلت اللي سمعته ومش مصدقه، اني وقعت يمينك وخليت ربيعه تشوف اهل امها وهما كمان شافوها، مش إكده تكون شام طالقه منك برضك؟


رجع كرار خطوتين لورا وبص لشام واتخيلها عتمشى من البيت وعيطلع ويدخل البيت وهي مش فيه، ولا هينطوق اسمها وكت مايطلب الحاجه، ولا هياكل ويشرب من تحت يدها ومن طبيخها اللي مبقاش يستطعم غيره ولا يملى بطنه غير منه، ولا يشوفها قدام عيونه في الطلعه والدخله، وحس بخنقه مفاجئه، فهز دماغه برفض وقال لابوا دراع بتحدي:


مش هيحصل يابو دراع ولا هتمشى كلمتك عليا، مش كرار اللي يتحط قدام امر واقع ويتغلب على امره، انت صوح خدت ربيعه وبقت على ذمتك وليك حرية التصرف فيها، انما شام له فاهم.. شااام له. 


خلص كلامه واتحرك من قدام ابو دراع على بره، لكن وقفه حس ابو دراع وهو عيقوله:

خلاص يا كرار مهتنفعش الحنجله، ديه يمين ووقع وشام مهتعيشش معاك تحت سقف واحد ولا ساعه وحده فى الحرام. 

وقف كرار وبص لابو دراع في البدايه وبعدها بص لشام وبتحدى رد عليه:


خليها بس تطلع من إهنه ولا رجلها تخطى بره البيت واني وعزة جلال الله اكومها قتيله مااخليها تلحق تتهنى بشوفة اللي موديها تشوفهم وفرحانين بيهم. 

ومن بعدها بتها نهايتها هتكون على يدي بطلقه من نفس السلاح..ومش بس إكده داني ممكن اروح لاهلها بيتهم فلاول قبل ديه كله وافضى فيهم خزنة الآلي كلها قبل مااعمل فيها حاجه واهملها هي إكده تموت بحسرتها لا اهل ولا بت. 


أبو دراع ابتسم لتهديد كرار، لكن شام قلبها ارتعب وخصوصاً وهي واعيه الشر عيونطوق فعيونه ويأكد كلامه، وردت على كلامه بسؤال ممزوج بالدموع:

ليه؟ ليه عتعمل فيا إكده، وليه عايزنى ابقى فبيتك وإنت كارهنى ومحرمنى ومليش أي عازه معاك.. مش عايز عذابك ليا يخلص ليه، مش عايز عهد استعبادك ليا ينتهي ليه؟ 


رد عليها كرار بغضب:

اسمممعى ياشام.. طلعه من البيت ديه مهتطلعيش غير على قبرك.. زمان كانت قعدتك فيه بسبب يمين، بس النوبادي قعدتك فيه هتوبقي بسبب إنك تحافظى على حبايبك، ديه لو أمرهم يهمك.

 ولعلمك، اني عمري ماكنت عتكلم جد كد النوبادي، وعمري ما عقلي قفل على حاجه زي ماقافل دلوك.. وعقلك فراسك واعرفي خلاصك وخلاص اهلك وبتك يابت الناس. 


خلص كلامه واتحرك من قدامها خطوتين، لكن وقفه ابو دراع مره تانيه بكلامه:


جعجاع ياكرار وطول عمرك هتفضل جعجاع وقول من غير فعل واني خابرك.. واسمع ياد انت.. هتعاود إهنه مهتلقاش شام فى البيت، ولو لمحتك عتلف حواليها ولا حوالين اهلها اني كتالك ياكرار. 


رد عليه كرار بإصرار اكبر:

اكتلني يابو دراع اني موافق.. اللي يسبق التاني للكتل يكتله.. مخايفشى من الموت اني.. ولعلمك انت وهي، ورحمة امي، وغلاوة ولادي، ورب العرش، وحياة كل عزيز وغالي على قلبى شام ماهتطلع من البيت، ولو طلعت لهتكون حكمت على الكل بالموت وبالخراب.. واني اهه وانتوا اهه، ودلوك اني رايح لحد اشوف حل فى اليمين، ولو حكمت هكتب عليها من تاني او اردها لعصمتى أو اعمل اى شي، ولو مليهاشى حل واتسددت هعاود اكحتلها قبر فى الجنينه إهنه وادفنها فيه حيه، ويوبقي لا فراق ليها لبيت المقاول فى حيا أو موت. 


خلص كلامه وطلع وهمل شام كل فرحتها وأملها اتبخروا وروحها اللي كانت طايره فى السما وقعت عالارض كيف يمامه صابتها طلقة صياد قناص عرف يصيبها فمقتل، 

وأبو دراع وقف ساكت قدام حالة كرار اللي متوقعش واصل إن ديه يكون موقفه من خروج شام من بيته بعد ماكان فلاول عايز يزيحها عنه بأي طريقه وعيتلككلها عشان يخلص منها! 

فقعدوا التلاته عالمصطبه مكسورين الخاطر.. ابو دراع وشام وربيعه، وكل واحد فيهم جواه على موقف كرار الف سؤال وسؤال؟! 

وبس دقايق وشافوه داخل البيت تاني ومغابش كام دقيقه جوه وطلع تاني بسرعه.. وكل ديه وهما التلاته مراقبينه بصمت.. 

واخيراً نطقت ربيعه بقهر:

روح ياشيخ الهى ماترجع غير فنعش شايلينه اربعه. 

سمعت شام دعوة ربيعه وقوام حطت يدها على خشمها تمنع لو فيه دعوات تانيه هتطلع منها وقالتلها:


من ميته ياربيعه عندعوا علي غافل حتى لو ظالم، متعرفيش إن اللى عيدعي ليه نصيب ونايب من دعوته يابنيتي، يعني لما تجرالك حاجه دلوك اعمل ايه اني.. كلمة حسبي الله ونعم الوكيل مقصرتش فحاجه يابتي.. حسبنى من غير دعا وربك جياب الحقوق. 


خلصت شام كلامها واتنهدت وقامت وقفت على حيلها وخطت ناحية بيت المقاول اللي اتوكدت إن حياتها ونهايتها هتكون فيه، وإنه خلاص بقى مقبرتها وقبرها.

 وهما يادوبك خطوتين ووقفت وهى حاسه الدنيا عتضلم قبال عنيها، وهوت ناحية الارض، لكن ادين ربيعه وأبو دراع كانوا اسرع من تقل جسمها، واتلقوها قبل ماتوقع عالارض، وشالها ابو دراع ودخلها بيته، وفى الاثناء داي كان داخل عزت من البوابه وشاف طيحة شام وقلبه اتخلع عليها خلع وراح جرى عليهم ودخل وراهم بيت ابو دراع وبلهفه وخوف سأل وهو واعيها رايحه من الدنيا خالص:


مالها شام، مال امك ياربيعه، ليه وقعت من طولها فهموني؟ 

كان يسأل وعيونه تبصلها بخوف حقيقي، وبالذات وهو مش لاقي رد لا من ربيعه ولا ابو دراع وواعيهم ملتهيين بشام يفوقوا فيها، واخيراً بدأت تفوق وتفتح عنيها، ومع فتحة عنيها عزت حس بإن روحه رجعتله واتنهد براحه وبعدها سألها:


مالك ياام ربيعه فيكي ايه، ليه وقعتي وايه سبب دبلان وشك ديه؟ 

خلص اسئلته وردت عليه ربيعه بقهر وغل:


سبب كل اللي هي فيه ديه اخوك الظالم، اخوك المفترى اللي عمره ماهيورد على جنه بسبب عمايله فيها، اخوك اللي معاوزش يفك اسرها وعايزها تقعد فبيته لاخر العمر عبده خدامه ليه ولمرته وعياله وللبيت كله ومراحمش عمرها اللي اتفنى، ولا صحتها اللي راحت، ولا حتى حرقة روحها على حبايبها، يروح البعيد ربنا يدوقه من كل حاجه دوقهالها بالذيادة من غير نقصان. 

خلصت كلامها وبص عزت لابو دراع وسأله بخوف:

هى شام عايزه تمشي من إهنه ياك؟ 

رد عليه ابو دراع:

عايزه وهتمشى ومش هخليها في البيت ديه تاني ياعزت. 

رد عليه عزت وهو عيتطلع لشام بوجع:

وطبعا كرار مرضيش بطلعتها واكيد حالتها داي بسبب رفضه مش إكده؟ 


ربيعه: اكيد إكده مانتوا فاهمين بعض انت واخوك وكل واحد فيكم عارف دماغ التاني عتدور وتفكر كيف، مرضيش الضلالي بطلعة الطير اللي حابسه بقاله سنين، مرضيش ليها بهبابة فرحه تنسيها كل الذل والعذاب اللي شافته معاه، كرهه ليها مخليه مش مكتفي باللي عيمله طول السنين ولساه عايز يزيدها ذل ومهانه وتعب. 


رد عليها عزت بنبره حزينه:

له ياربيعه يابتي، النوبادي ابوكي مش ماسك فامك كره ولا مذله، ابوكي ماسك فشام عشان لما حس انها هتمشى وتهمل البيت قلبه اتخلع من الخوف صدقيني اني وتبعى كلامي، 

كرار خاف يبص لموطرحها يلاقيه خالي، شام بقت اساس بيت المقاول واحلا حاجه فيه، شام هي الحنيه والرحمه والحاجه النضيفه اللي الكل عيبصلها من بعيد لبعيد ومرتاح لوجودها.. امك ياربيعه بقت في البيت ديه عامله زي المقام اللي كلنا عنتباركوا بوجوده ومجرد النظر ليه عيريح القلوب ويحسسنا إن الدنيا بخير وفيها ناس زينه ونضيفه وقريبه من ربها. 


، شام هى قنديل بيت المقاول اللي لو غاب بيت المقاول يضلم ويوبقي زي القبر مليهش عازه. 


ربيعه:

كدب كل الكلام ديه، انتوا مشايفينش شام غير خدامتكم وخدامة حريمكم، شام عند كرار مش اكتر من مداس فرجله. 


عزت:

له ياربيعه غلطانه.. شام محدش فينا شايفها خدامه ليه او لمرته، شام إحنا كلنا شايفينها احسن مره في البيت ديه، وهي ست الكل بطبعها واخلاقها وطيبتها واصلها الطيب، ولو كنا مش عنقولوها في العلن بس كل واحد عارفها ومتوكد منيها بينه وبين نفسه.. شام احسن وحده فبيت المقاول واحسن حريمه كلهم.. وديه كمان تفكير ابوكى فيها واللي مخليه متمسك بيها.. 

صدقيني داي الحقيقه، مش انتي عتقولي إني ادرى واحد بمخ اخوي وتفكيره وعفهم عليه، واديني قلتلك اللي فمخه اهه واللي متوكد الف فى الميه إنه السبب الحقيقي ورا عمايله داي ورفضه إن شام تطلع من البيت. 


ربيعه:

طيب مادام هي مهمه ليه وليكم إكده ليه مترحموهاش، ليه ميخليهاش تشوف اهلها وتنعم بقربهم، ليه متخلوهاش تطلع وتشوف الدنيا والناس زي باقي المخاليق، ليه متخلوهاش تتنفس هوا ربنا ليه؟ 


عزت:

عشان إحنا نظام بيتنا إكده ياربيعه وانتي ست العارفين، مفيش فيه للحريم طلعه واصل غير للشديد القوي. 


ربيعه: شوقيه عتطلع

عزت: اوعى تقارني امك بشوقيه ولا تحطيهم مع بعض فكفه وحده، شوقيه داي عيارها فالت ومكروهه من طوب ارض البيت وحبات ترابه مش بس اهله، واحلفلك يمين الله لو حملت حالها دلوك وقالت اني مفارقه وطالعه من بيت المقاول كرار ماهيمانع وهيكسر وراها الف قله. 


ربيعه سكتت وبصت لابو دراع وهي مش مستوعبه اللي عيقوله عمها عزت ولا قادره تصدقه، لكن ابو دراع اتكالها علي عنيه وهزلها دماغه هزه خفيفه بحركه توحيلها بالتأكيد على كلام عزت، وديه اللى خلى الاستغراب بلغ بيها منتهاه! 


فبصت لعمها عزت من تاني وسألته سؤال اخير:

طيب مادام إكده ليه ميسمحلهاش تشوف اهلها ويشوفوها، اظون ديه ابسط شي من حقوقها وميضرش حد فحاجه ولا حتي كرار نفسه! 


رد عليها عزت بإبتسامه:

وحتى ديه برضك نابع من خوف كرار، ابوكي خايف احسن شام لما تشوف اهلها وناسها وتلاقي حداهم المحبه والحمايه تهمله وتروحلهم وتتمرد عالقعده فبيته وتحت عينه، خايف تحس ان ليها ضهر وان ليها الاحسن منيه، ابوكي معاوزش اي حاجه تعين امك علي مفارقته وهو متوكد إن اهلها اكبر معين.. جايز في البدايه منعها عنهم ومنعهم عنها جكر فيها وكيد عشان يلوعها ويحرق قلبها من حرقة قلبه، لكن دلوك له، دلوك غير، دلوك مانعهم من بعض خوف منهم مش كره فيهم. 


نفخت ربيعه بغيظ وهي برضك ممستوعباش كل اللي عيقوله عمها عزت ولا مصدقاه، بس هو اكدلها كلامه بجمله اخيره قبل مايهملهم ويمشي:


كرار مهيسمحش لشام تفارقه او تفارق بيته، ولو ديه حوصول هتوبقي حرب ودمار، عايزين تصدقوني صدقوني مش عايزين براحتكم.. بس شام قضيه كرار الوحيده وحربه الكبيره اللي مش هيخسرها مهما كلفه الأمر.. ولعلمكم كلنا معاه بقلوبنا وهندعوله ميخسرهاش.. لأن وجود شام وسطنا بقى شى ضروري يومنا ميكملش من غيره. 


وبعد ماخلص كلامه طلع طوالي من البيت ومن قبال شام اللي طول ماواعيلها وهو كاتم فى قلبه صرخة حسره عليها لو طلعت تزلزل الكون بحاله،

 ومشى ناحية بيتهم وهو عيلعن فحظه ويلعن فبدور ويلعن فأبوه ويلعن فكرار اللي جات شام بسببه للبيت، ومن يوم ماشافها وقلبه وروحه شابه فيهم النار، وكل مره يشوفها فيهم النار تزيد متهداش، والقلب يفرفط من الحرمان، والروح تتمنى القرب لكن مطايلاهش. 

❈-❈-❈


أما شوقيه فكانت قاعده ومستنيه أي تفسير للي عتعمله شام من عشيه، ولما راقبتهم وشافت كلام كرار معاهم وملامحه الغاضبه ومن بعده وقعت شام حست إن الموضوع فيه إنه، وإن شام خلاص قررت الرحيل، واتوجعت وهي شايفه كرار عيتنفض قدامها نفض من الغضب، واللي اتعجبتله اكتر من الموقف كله هي ربيعه اللي شافتها قدامها صاخ سليم، من بعد ماكانت مفكره إنها مختفيه مرض وإن الاعمال قربوا يقضوا عليها ومطمنه! 

لكن كيف ٣ اعمال خابوا ومفيش عمل فيهم عمل مفعوله ديه اللي هيجننها! 


ومع دخول عزت للبيت وقفته وسألته:


ايه اللي عيجرا فبيت ابو دراع ياعزت؟ 


رد عليها عزت بعد ماخد نفس قوي ونفخه بغل:

متخافيشي مفيش حاجه عتجرا زينه، الا كله قهر وظلم من اللي قلبك يحبه ويرضاه للناس. 


خلص كلامه وطلع على فوق، وهما دقيقتين وعلي حسه وقامت العيطه بينه وبين بدور واتسمع صوت الضرب والتكسير، وجزت شوقيه علي سنانها من شام اللي مخربطه احوال الكل وممهنياش حد بعيشته حتى وهي فحالها، لكن برضك عامله مشاكل. 

❈-❈-❈


أما كرار فطلع من البيت راح على شيخ طوالي، وغير الشيخ حكيم لأنه حاطط فمخه إنه مهيحكمش لصالحه حتى لو الدين فيه حكم لصالحه. 


واتعنى وراح لشيخ البلد اللي جارهم وحكاله كل القصه من طقطق للسلام عليكم..

وكان رد الشيخ كالتالي:

إسمع ياولدي إنت مشكلتك مشكله ومتعقده من كذا ناحيه.. 

اول شي خلينا فى اليمين اللي حلفته على بتك، وديه لما خالفته عليك كفارة يمين، وكفارة اليمين اطعام عشر مساكين إو صوم ثلاثة ايام. 

ثانياً.. تحريمك لمرتك، إهنه إنت حرمتها للحرمانيه مش للتحذير، وديه عليه إثم كبير ووقع عليها مانويت عليه، وديه لو جيتني فوكتها او بعدها بمده صغيره كان هيوبقي حكمه حكم الظهار، وكنت هقولك تطعم ستين مسكين أو تصوم شهرين متتاليين وبكده ترجع فيمينك.. 

لكن للاسف إنت قعدت سنين هاجر ومحرم، ودلوك ياولدى اني مش عارف بصراحه افتيلك بالهجر الطويل ديه بأيه؟ 


وهروح اسأل من هو اعلى علماً، ففى مشكلتك هناك من سيفتى بانه وقع الطلاق وعليك ان تكتب عليها من جديد وهذا كان حكم شيخ فى مسأله مشابهه، وهناك من سيفتي بأنه لم يقع الطلاق وعليك التوبه والإصلاح ويحكم عليك بحكم الظهار. 


كرار:

ومين الشيخ اللي هتلجأله ديه وهتعوق عليا كد أيه؟ 

الشيخ:

ومين غيره شيخ العدل والحكمه اللي عنلجأوله وكت مايستعصى علينا حكم، الشيخ حكيم واد الشيخ جاهين رحمة الله عليه. 


هز كرار دماغه بمجرد ماسمع اسم حكيم وقوام قال للشيخ:

له حكيم له.. اسمع ياشيخ اني هعمل كل الكفارات لكل الحالات.. وسواء وقع الطلاق او موقعش اني هكتب عليها من اول وجديد بمهر جديد وشبكه جديده، وهصوم شهرين متتالين وتلات ايام كمان، وهطعم ستين مسكين طعام وكل وشرب، وهدي لستين مسكين تانيين حق وجبه كمان. 

اتبسم الشيخ ورد عليه:

واه.. داى باين عليها غاليه عليك قوي قوي يابوي، امال ليه محرمها سنين مادام ليها المعزه داي فقلبك عاد؟ 

رد عليه كرار بندم:

كنت حمار ومتساق بعصايه ومتغمى ومعارفش حالي رايح فين ولا ايه اللي على ضهري.. المهم دلوك ياشيخ.. احسبلي اول هام طعام ستين مسكين فلوس كد ايه؟ 

وفعلا ابتدا الشيخ يحسبله وقاله عالمبلغ وكرار طلعه من جيبه واداهوله وبزياده كمان، وقاله ياجي معاه البيت عشان يعقدله على مرته من تاني، لكن الشيخ قاله إنه معاه فصل بعد شويه ومش هيقدر يهمله ويروحله، ووعده بعد الفصل يروحله،

 فوصفله كرار  البلد والعنوان وعطاه فلوس للمواصلات، وعاود عالبيت.. وهو معاود حود جاب نص عجل من الجزار وجاب طبيخه وكل حاجته، وبعد ماقطعهوله الجزار رجع بيه عالبيت، وهو راجع وقف قدام محل الجواهرجي، ودخل جاب حاجه قوام قوام وطلع، وبمجرد وقوفه بالعربيه قدام البوابه نده بعلو حسه وهو واعي ولده فوش الباب جوه:

همام.. انت ياد ياهمام، خد تعالا إهنه قوام. 

فجاله ولده همام بسرعه وبس قرب عليه قاله كرار بأمر :

روح نادم اخوك وعيال عمامك كلهم وتعالوا نزلو الحاجه داى فى الموطبخ جوه. 

خلص كلامه وولده راح ينادى باقي الشباب، وكرار همل الحاجه فى العربيه ودخل البيت بسرعه، واول مادخل لقى شوقيه قاعده في الحوش، فبصلها بصه عابره ونده على بدور وورده ووقف قدامهم وبأمر قالهم:

شوفوا، العيال هيدخلوا دلوك بلحمه وطبيخ تجهزوهم لبكره فيه عزومه كبيره عاملها، وتنادموا اخواتي يساعدوكم، وبص لشوقيه وقالها بأمر:

وحتى انتي يدك بيدهم ولو مساعدتيش ومديتي يدك تاخدي بعضك وتروحي تقضى اليوم فبيت ابوكي متقفيش تنظري عالحريم وعامله روحك كبيره عليهم. 


شوقيه برقت عنيها وهي عتسمع الكلام، وزاد استعجابها اضعاف لما سمعت اخر جمله قالها قبل ماينفض جلابيته بغضب ويطلع من البيت فوراً:

وحاجه كمان.. شام متمدش يدها في الوكل ولا حد يطلب منها مساعده ولا تخش الموطبخ بكره واااصل. 


وبعد طلوع كرار الكل بص لبعضه وهما واخدهم العجب، أما شام اللي كانت فأوضتها وسامعاه، اتنهدت وهى عارفه إن اللي عيعمله ديه هو مراسم دفنها الأبدى وحفل تأبين اخر أمل ليها فأنها تغادر كرار أو تبعد عنه. 


وبعد شويه طلعت عشان تروح لبتها تقعد جارها هبابه، لكنها اتفاجات بكرار وهو عيعترض طريقها ويقولها بأمر:


حضرى روحك عشان الشيخ جاي يعقدلى عليكي دلوك.. وخدي دول.. ومد يده فجيبه طلع كيس ومدهولها، ولما ممدتش يدها حطه فيدها بالعافيه، ومد يده فجيبه مره تانيه وطلع رزمة فلوس عطاهالها برضك بنفس الطريقه، وقالها:


دول مهرك وشبكتك، هوصل اجيب سلام ومعروف يشهدوا عالعقد واجيلك متنقليهش من إهنه. 

مشى من قدامها وهي فضلت مراقباه لغاية مادخل بيت عمه نعيم، وبعدها بصت للي فيدها وفتحت الكيس، وشافت فيه كردان دهب وغويشتين بإبتسمت بوجع وهي بصالهم وباصه للفلوس وهمست فى سرها:

تمن سنين عمرى الجايه انتوا، الدهب اللي عيتدفن في المقبره مع الميت. 

خلصت كلامها واتحركت ناحية بيت ابو دراع، وخبطت ودخلت اول ماسمحتلها بتها ربيعه بالدخول، وبمجرد مادخلت وقعدت عالدكه رمت اللي فيدها جارها، ولما جاتها ربيعه وقعدت جارها مسكت الفلوس والكيس وسألت امها:

ايه. دول يمه؟ 

ردت عليها شام بقهر:

ديه تمن شرا الجاريه مره تانيه ياربيعه.

 

يادوبك خلصت كلامها ونادى عليها كرار وكان جايب معاه سلام ومعروف، وابو دراع طلع من الحوش على حسه، ووقف قباله وسأله عن اللي رايح يعمله.. 

وكرار قاله إنه هيعقد علي شام من تاني حتي لو طلاقهم موقعش، عشان ميديش فرصه لحد يعترض علي قعادها فبيته بإسم الدين والشرع والاحكام، وبعدها بص لشام وبزعيق قالها:


يلا ياشام قلتلك الشيخ مستني. 

وقفت شام على حيلها وهي مغلوبه على امرها وهمت تروح معاه لكن وقفها ابو دراع وهو عيقولها بإعتراض:


له ياشام متسمعيش كلامه ولا توافقى انه يعقد عليكي مره تانيه، ربنا عطاكي فرصه متضيعيهاش. 

رد عليه كرار قبل منها:

فرصتها لو خدتها وطلعت هتدفع تمنها غالي قوى ياابو دراع، هتدفع تمنها من ارواح حبايبها، واني قلتها وهعملها وروحي حطيتها علي كفى، وياني ياقعدة شام فى البيت اهنه. 


خلص كلامه وبص لشام وعيونه عتنطوق بالاصرار علي كلامه والشر والوعيد متجلى فيهم، وغمضت عيونها لثواني وبعدها فتحت وردت علي ابو دراع قبل ماتمشي:

خلاص ياابو دراع أمر الظالم نفذ. 


وطلعت معاه لبره عالمندره، وكتبوا الكتاب من تاني، وزوجته شام نفسها على سنة الله ورسوله، والنوبادي بلسانها هي من غير وكيل.

 ❈-❈-❈


وعاود بعدها كرار عالبيت هو وشام، وهو ظافر وهي كالعاده اللي خسرانه. 


وبعدها تركها وراح على البيت اللي سبقه ليه معروف ولما سالته مرته قالها عاللي حوصول، وبس سمعت شوقيه شبت فيها النيران واتحلفت لكرار بالمرار والقهر كله. 


❈-❈-❈

اما حدا عبد الصمد فبيته 


فرد الليل جناحه، واوى عبد الصمد ودهب لفرشتهم وهما عيحلموا بلحظة دخول ابو دراع عليهم بكره وفيده شام وتتقابل الوشوش اخيراً،

وبصتله دهب وبهمس قالتله:

اهي شام جايه ياعبصمد صدقت كلامى لما قلتلك، شفت إن ربك كبير وعيغير الاحوال، ولا الفراق عيدوم ولا العيا عيدوم طول مالواحد عيقول يارب ومآمن برحمته وكرمه. 

فاتبسم عبد الصمد ليها وهو عيهزلها دماغه ويفتكر الحديث اللي كان بينهم من حوالي سنه ففصل الشتا وفعز نوبة عيا ظن فيها عبد الصمد إنها نهايته وخاف يموت بشوقه لبته... 


دهب داخله عليه الأوضه ووقفت جار السرير وبحنيه قالتله:

قوم ياغالي خد الينسون ديه اشربه هيدفي صدرك ويخفف عنك الكحه اللي طول الليل عتخليك تبيت تنبر من نص حِشاك وعينك معتغمضش


رد عليها عبد الصمد بيأس:

مهيعملشي حاجه ريحي حالك، كام ينسون عملتي وكام دوا شربت وكام ابر خدت ومفيش فايده، كنه هو السل اللي عيقولو عليه ديه واللي بسببه هيخلص اجلي بس محدش عايز يقولي..اني حاسس بحالي الجته اتسلت، والحيل باد والكحه عتطلع بالروح لغاية طرف خشمي واحس اني هلفظها وترد  تاني. 


ردت عليه دهب قوام بخوف وزعل:


بعد الشر عنك توف من خشمك الشر بره وبعيد، دول هبابة طراوه وهيروحو لحالهم وهتروق وتوبقي تمام، شفتش انت الوجع فضل ملازمني كد ايه وبعدها انسل كيف الشوكه مني وراح بفضل ربنا ولطفه بيا وبقيت زي الفل اهه قدامك،


 متخافش واوعاك تيأس من رحمة ربك يانن عيني. 


عبد الصمد:

اني مزعلانش عشان عيان ولا خايف من شي، اني والله كل اللي فيها اني خايف اموت واني على شوقي لبكرية قلبي اللي بقالي عمر بحالو محروم منها، لا عيني نضرتها من سنين ولا ععرف اخبارها غير بس من الشيخ حكيم، ونفسي تواقه لشوفة بتها، عايز اخدها فباطي واشمها واشوف فيها امها وهي صغيره..خايف اموت قبل مااكحل عيني بشوفة الحبيبه. 


دهب:

 ربنا يكتبلنا التلاقي، دست عالوجع بكلامك وفززت الجروح النايمه وصحيتها، ودلوك ليلنا هيكون اطول من العمر وراعيه الشوق، والعيون للصبح ماانها غفيانه.. الله يجازي ويكافي اللي كان السبب ويلوع قلبه ويسهر عيونه ويشغل فكره على حبايبه بحق وجع قلوبنا وحرماننا من ضنانا. 

عاود عبد الصمد من تفكيره وهمس لدهب:

كل كلامك اتحقق يادهب والعيا راح والبعاد اهو انتهى وكل شي بقى زي الفل اهه. 

قال كلامه وغمض عيونه وهو متبسم وعيتمنى الليل النهارده ميطولش اكتر من اللازم عليه ويعدي بسلام، مع إنه متوكد إن ليل المنتظر السهران بسبب الشوق مفيش اطول منه ليل.. ونامت القلوب على أمل كداب وسراب فرحه وهما مش حاسين إن للشيطان تدابير اخرى. 


❈-❈-❈

مر الليل عالكل، 

وبيت المقاول طول الليل معلنين حالة الطوارئ طبيخ وتجهيز للعزومه المفاجئة اللي محدش يعرف سببها منهم غير بس شوقيه وشام وابو دراع وربيعه، 

وكل ديه هملته شام وراحت بيتت مع ربيعه فبيت ابو دراع، وهو هملهم البيت ونام بره عالمصطبه، 

وفضل طول ليله يفكر فمخرج من اللي عيمله كرار ملاقيش، هو متوكد إنه اجبن من تنفيذ تهديده، بس المشكله إن شام اجبن منه وخوافه وممساعداهوش ولا مساعده نفسها،

 واستسلمت للامر الواقع بمنتهى السهوله، ورضيت تضيع الباقي من عمرها فنفس المذله والهوان..

 وشاف إن قصاد خوفها وجبنها غلب حماره وحيلته قلت لما اختفت..

 واستسلم هو كمان، مع انه حازز فى نفسه الوعد اللي وعدهولها بتحريرها، وقاتله الامل الكداب اللي عطاه لأهلها، واللي مش عارف كيف هيبلغهم باللي جرا ويقلع الامل اللي زرعه جواهم بيده والخذلان واعر قوى وهو خابر؟! 


وأول مااذن الفجر، قام ابو دراع صلى مع ربيعه وامها جماعه، وبعدها طلع عمله كباية شاي عالدمسه وشربها وفضل قاعد مليهش نفس حتى يقوم يشوف مصالحه،


 بس غصب عنه قام وكل وشرب الارواح اللي مليهاش ذنب فأي حاجه عتوحصول فى الدنيا، 

وطلع بعدها جاب فطور من بره ليه ولربيعه وشام، طعميه سخنه وبتنجان وحبشتكناتها، وقعدوا فطروا سوا، والتلاته محدش فيهم ليه نفس للوكل، بس عياكل غصب عنه عشان غيره ياكل، وفى النهايه التلاته فطروا، وهملهم ابو دراع وطلع من البيت وقعد علي مصطبته يراقب  البيت اللي عامل كيف ساحة السيرك، والحيوانات اللي فيه من كل شكل ونوع، الاليف والمفترس والمكار والخبيث. 


واثناء قعاده شاف من بعيد شوقيه لابسه ملسها وطالعه من البيت بعيالها، وعرف إن طلعتها داي مش لخير واصل في الوكت ديه بالذات، 

وحلف إنه مايخليها تأذي لا شام ولا ربيعه تاني، وقرر إن ليها عقاب فى ذمته وآن أوان رد الدين، 

فقام لبس نعله وتبعها من بعيد لبعيد، لغاية ماراحت بيت ابوها ودخلته، وفضل ابو دراع قاعد على ناصية الشارع العمومي مراقب، وبعد شويه شاف الخطاطه المشهوره بالاعمال والدجل في البلد وهي عتتسحب لورا بيت العمده،وعرف إن شوقيه ناويه على اذى جديد فعلا ، 

فلف في الخباثه من ورا البيت واستناها لغاية ماطلعت، وبحركه خاطفه مسكها من خلجاتها وكتم نفسها ودخل بيها في الزرعه وهي عتحاول تتفلفت منيه مقادراشي.. وبعد ماطمنها واداها الامان وقالها عايزك فموصلحه شال يده من على خشمها ووقف قبالها وقالها:


شوفي يامره انتي يابتاعة الجنون، اني خابر ان شوقيه نادمتك عشان تعملي سحر لشام ضرتها وبتها، وعقولك من اولها سحرك مهيفلحش عليهم من بعد النهارده عشان إحنا معانا الاقوى منك، الاول ربنا وبعدها واحد يقدر يحرقك انتي وجنونك، 


واظونك شفتي كيف إن ٣ اعمال ولا اثروا فربيعه مقدار حبة خردل حتى.. ودلوك اني عايزك فموصلحه ليكي.. هتقبضي زي مانتي من شوقيه، وهتقبضي مني اني كمان، وهتعملي العمل، او الاعمال اللي وصتك عليهم.. بس الاختلاف إهنه إنك هتعمليه لشوقيه بنفس الاذى اللي كانت رايده بيه شام وامها، يعني هتردى اذاها عليها مش اكتر، لا تزودى ولا تنقصى. 


بلعت الخطاطه ريقها بتوتر وقالتله:

إيوه بسس.. 

ابو دراع:

مبسش ولا حاجه ولا حد هيدرى بشي، وادي الفلوس اهه.. ومد يده طلع فلوس من جيبه وعطاهالها.. وكمل.. 

وكمان عايزك تديها ميه وحاجات ليهاش عازه توهميها بانها اعمال.. بسسس لو لعبتي بعفاريتك من وراي عليا النعمه لاكون جايب اجلك وناهي عمرك ولو متعرفيش ابو دراع اسألي عنيه وانتي تعرفى وكتها إنه لما يوعد او يحلف عيوفي وينفذ. 

الخطاطه بخوف:

له عارفاك عارفاك، وبعدين ليه هلعب من وراك، اني ليا فلوس وموصلحه ومادام خدتهم اعمل المطلوب مني ويوحصول اللي يوحصول. 

ودلوك يلا هملني امشى عشان شوقيه قالت انها هتندلى البندر تجيب البخور والحاجات اللي قلتلها عليهم احسن تطلع وتلمحنى في الطريق وتقول كانت فين وتسألني وهي رطاطه معتسكتش. 


وفعلا خلصت كلامها ومشت، ومن بعدها ابو دراع طلع عالمعديه وسبق شوقيه للبر التاني وهو فرحان انها هي اللي حددت لحظة عقابها وطريقته وساعة الصفر قربت.


وبمجرد ماشافها عدت البر التاني تبعها فى الخفا، وأول ماوصلت عند العطار ودخلت الدكانه، 

اتلفت حواليه وشاف مره واقفه على فرشة قماشات عتبيع فيها، وشكلها مش مريح ووشها وش إجرام، 

فراحلها وقعد قدامها وعمل انه عيقلب فالقماشات وقالها بهمس إنه طالب مساعده منها وهيراضيها.. وان فيه وحده عايز يعلم عليها ويعلمها الادب وعيب لو مد يده عليها وهو راجل وهي مره. 


واتوكد إن ظنه فيها كان في محله لما لقاها اتبسمت وطلبت مبلغ معين، وطلعه من جيبه وعطهولها وشاورلها على شوقيه والمره قالتله يتدارى،

 وبعدها لمت فرشتها وغابت دقيقتين ظن ابو دراع انها خدت فيهم الفلوس وهربت وضحكت عليه، 

لكنه اتبسم وهو واعيها معاوده ومعاها مرتين تاني اضخم منها، وشاورتلهم على شوقيه، وفضلوا مستنيينها بره محل العطاره، 

وبس طلعت اتلتموا هما التلاته بطرحهم وداروا ملامحهم، وجروها على زقاق ديق، وهما التلاته هاتك ياضرب فيها من غير مايدوها اي فرصه للفهم او للتفسير..

 وكل اللي كان طالع عليها انتو مين وعايزين ايه؟ 

وهما فضلوا فيها فين تاكل فين تشرب،

 وابو دراع باصص عليها من بعيد ومتشفى وهو عيفتكر الالم والوجع والخوف اللي عاشته ربيعه بسببها، 

واللى كان يحتار فيها طول الليل وميعرفش يعملها ايه يخفف عنها اللي هي فيه.. 

ولغاية ماوقعت شوقيه عالارض منتهيه من الضرب، والمره بصت لابوا دراع وادتله التمام،

 وهو في الوكت ديه بس مشى وهمل المكان، والحريم كمان هملوها مرميه عالارض ومشيو قبل ماتفوق وكل وحده راحت موطرح ماجات..

 وابو دراع عاود عالبلد ورجع البيت وفضل مستنى دخلة شوقيه للبيت، ويشوفها هتقول لكرار ايه عاللي جرا فيها وتبررله بإيه روحتها عالبندر وهي اكيد رايحه من وراه.. والاهم انه يخلى شام وربيعه نارهم تبرد منها وهما واعين السحر وهو عينقلب عالساحر 

بقلم ريناد يوسف 


يتتتبع


نفق الجحيم الجزء الثاني الفصل التاسع والثلاثون

❈-❈-❈


فضل ابو دراع قاعد في الجنينه مستنى رجوع شوقيه، وطال انتظاره، لكنها في الاخر جات بعد ساعات من الانتظار، وصلها اخوها بالطرومبيل بتاعه ونزلها هي وعيالها عالبوابه وعاود،

وبمجرد دخولها ابو دراع اتبسم وهو واعيها عتتسند عالحيطان ومقادراشي تمشى، وكمان كانت مغطيه وشها ممبيناش منيه شي.. ودخلت عالبيت طوالي ومنه على اوضتها اللي حبست حالها فيها ومنزلتش تشوف ايه اللي عيجرا تحت مع الحريم ولا تنظر عليهم في العزومه، وديه كان مخليهم كلهم مستغربين! 


أما كرار فخلص إطعام المساكين واللي زادو عن الستين بمراحل، وبعد ماخلصت ليلته وارتاح من اول كفاره قرر إنه من بكره يبدأ فى الصيام، واللي من بعده هيصحح كل الاوضاع المعكوسه، وهيعوض كل السنين اللى كانت شام قدامه فيهم وهو بغبائه حارم حاله منها ومحرمها على روحه؛ بسبب شوقيه وخوفه منها، اللى ادرك دلوك إنه غير مبرر بالمره، 

وإن الواحد عشان يعيش كيف ماهو عايز وبراحته وبكرامته يغور كل شي وتهون الروح كمان. 


وطلع بعدها عالبندر من بره بره، وإهناك فضل يلف على بياعين الهدوم، واشترى لشام قماصين وخلجات حلوه ملونه كان يتخيلها فيهم ويبتسم وهو عيتخيل كد ايه هيكونو حلوين عليها، وبعد ماخلص شرا خد الحاجه وعاود بيها عالبيت وهو عيمني نفسه بعد شهرين و٣ ايام بالجنه ونعيمها، اللي كان محروم منها وهى بين اديه وبكفاره بسيطه كان ممكن يدخلها، لكنه كان جاهل ومعمى القلب والعين. 


❈-❈-❈

اما فبيت عبد الصمد

اذن الفجر وقام عبد الصمد ودهب وكلهم لهفه وسعادة بيوم جديد جه وجايبلهم الفرح معاه فهيئة رجوع الغايب،


ولأول مره التنين ياكلوا ملوا بطنهم ويحسوا الزاد حلو، وبشاير من الفجر قايمه عالطبخ والتجهيز وعمل الدبداب، وحتي بسيمه جاتلهم بمجرد طلوع الضو هي وعيالها؛

عشان يستقبلوا اللي ياما حكتلهم عنها وحببتهم في لقاها من غير مايشوفوها ولا يعرفوها. 

أما السيد فهمل البيت خالص وراح عالغيط وقعد فيه، ونبه على ولده اول ماتاجي خالته شام يقوله؛ عشان يحمل حاله ويروح لبيت ابوه يقعد فيه ويفضيلها البيت عشان يبقوا براحتهم مع بعض؛ 

لانها اكيد هتبيت فبيت ابوها عالاقل كام ليله، ومش هتكون حابه تشوفه قبال وشها، وإن كانت بتها عاملته بجفا فهي ممكن تعامله بغضب يوصل للعنف او الضرب، وتهز صورته قدام عياله، وبصراحه شايف إن كل الحق معاها لو عيملت إكده ومعليهاش اي لوم، حتى لو قطعت من جسمه جزايل. 


اما بشاير وبسيمه فجهزوا احلا وكل والكل من بعدها غير خلجاته ولبس احلى ماعنده كنه يوم عيد، 

وقاعدين كلهم في انتظار شامة القلب، وبعد ساعات من الانتظار القلوب فيها فرفطت من الشوق، 

وعبد الصمد كل هبابه يطلع من الباب يبص في الشارع شمال ويمين ويتمشى كام خطوه قدام الباب ويرجع يدخل تاني، ودهب طلعت عالسطوح وفضلت ملازمه السور بتاعه وعيونها عمالين يمسحوا الطريق فكل الاتجاهات في انتظار اي بشاره، 

وحتي لما عدى القطر بعدم وعي لقيت حالها عتشاورله وتقوله حبيبتك جايه.. والعيال كلهم متوزعين في شوارع البلد كلها.

وانتفضت قلوب الكل من الفرحه ورجفت رجليهم ومقدرتش تشيلهم وهما سامعين حس العيال الصغيرين عيهللوا ويقولوا خالتي جات خالتي جااات. 


والكل طلعوا من البيت واترصصوا عالباب وفي الشارع، ودهب رفعت يدها وزغرتت وهي واعيه طرومبيل جاي من بعيد واكيد جاي ليهم وجايب مهجة القلب معاه. 


وزيها عملت بشاير وبسيمه اللي ردوا علي زغروتة امهم بالزغاريت اللي طلعت عليها كل الجيران تشوف فيه ايه، لكن كل الزغاريت صوتها خفت واختفت وهما واعيبن الطرومبيل عيقرب منهم واللي فيه بانو وبانت ملامحهم، 

وكانوا ابو دراع اللي حاطط يده على راسه ومغمض عيونه، وربيعه اللي عيونها حمر من كتر ماباين انها باكيه. 


وبمجرد وقوف الطرومبيل ونزولهم منيه الكل وقف موطرحه متصنم لا حس ولا حركه، واتقدم منهم ابو دراع الاول بهامه محنيه ووقف قدام عبد الصمد وبأسى قاله:

سامحني فيما لا املك ياعمى، وحلني من وعد وعهد خلفته غصب عني. 


رجع عبد الصمد لورا واتسند على الحيط وهو حاسس روحه عيهوى من فوق جبل عالي وسأله بحس مخنوق:

مهشوفهاشي مش إكده؟ 


نكس ابو دراع عيونه للارض ودهب سندت راسها على كتف بشاير بوجع، وردت عليهم ربيعه:


سجانها مرضيشي يفرج عنها ياجدى، سجنها لساه اسواره عاليه وبيبانه مقفوله بالضبه والمفتاح عليها. 


هز عبد الصمد دماغه بيأس واتدور وخش للبيت بخطوات مهزومه وقلب مكسور، ودعا ابو دراع وربيعه للدخول، وقعد واستنى منهم تفسير لعدم جية شام وفك اسرها، مع ان التفسير مليهش عازه، ولا اي كلام في الدنيا ليه عازه مادام الغياب لساه قايم. 


وبالفعل ابتدا ابو دراع يحكيلهم كل اللي جرا واللي عيمله كرار، وطول ماعيسمعوا قلوبهم تقيد نار وتفور من الغيظ كيف البراكين، ودعوات مكتومه عتتردد جواهم عليه، لكنها مسجونه في القلوب مفيش حد سامعها ولا عالم بيها غير رب العباد. 


وفي النهايه استسلموا للامر الواقع وعقولهم اقرت إنه خلاص الفراق بالحيا لأخر العمر محتوم. 

انما القلوب ابداً مراضياش تسلم وعماله تهتف لاصحابها ان حتما ولازمن يكون فيه لقى، ورب العباد الرحيم مش هيرضيه حال القلوب ديه ويفضل مضطلع على عذابها وميجبرهاش. 

❈-❈-❈


أما شام فقاعده فبيت ابو دراع من بعد ماودعته هو وربيعه وحملتهم السلام لابوها وامها وخياتها والاشواق والحنين.. 


وقفلت عليها الباب بعد مامشوا وقعدت فى البيت رافضه الخروج منيه لبيت المقاول، بعد اللي قالهولها كرار امبارح وبعد اللي ردت عليه بيه ومناوياش تغيره ولا هترجع فيه مهما حوصول. 


ورجعت بذاكرتها وهي عتبص جارها للكيس اللي فيه الدهب والفلوس بتوع كرار واللي ربيعه مشالتهمش ولا دستهم كيف ماقالتها وقعدوا مرميين، وسرحت فليلة عشيه وافتكرت كرار وهو داخل عليها اوضتها من غير استئذان ولا احم ولا دستور، وماسك فيده كيس كبير وحطه جارها عالسرير وقالها وهو عياكل فجسمها بعنيه:

خدي دول ليكي، بس اخلص الكفاره عايزك متلبسيش غير منهم، وترمي كل خلجك القديم ديه، وهجيبلك زيهم كمان واكتر منيهم، وهبعتلك البلانه ونقي منها واختاري اللي يعجبك،

ومن اليوم الموعود اللي هتخلص فيه كفارة الصيام عاوز اعاود من الشغل كل يوم الاقيكي مستنياني فأوضتك فاحلا وابهى صوره ومستعده لأي شي اطلبه منك وتنفذيه فالتوا واللحظه. 


وإهنه شام حست بحاجه طبقت على نفسها وهي عتتخيل روحها بين ادين كرار وتعاود تاني لعذابه ليها وغصبانيته وعنفه وتعنيفه لروحها وبدنها بالكلام والفعل،


وقامت منتوره وعيونها لاول مره تنطوق قدامه بالتحدي وردت عليه:


اوعاك عقلك يكون صورلك انك هترجع تعمل فيا عمايلك بتاعة زمان ياكرار واني هرضى واسكت،

اوعاك تكون فكرت اني هوافق انك تقرب مني وتنام ففرشتي واكونلك سكن بعد كل اللي عميلته فيا وفبتي طول السنين اللي فاتت، 

اوعاك تكون مفكر ان شام لسه فيه حداها حاجه ليك وهتاخدها منيها بالغصب وهي متلفلفه بضعفها زي زمان. 

له ياواد حوريه فوق.. شام الصغيره اللي دخلت بيتك قطه مغمضه وعذبت فيها كيف مايحلالك خلاص كبرت ووعيت وعقلت وفهمت.. 

ولو كنت رضيت اقعد معاك تاني تحت سقف بيت واحد فديه عشان أءمن شرك على حبايبي، غير إكده له. 


كرار بغضب: تقصدي ايه ياشام، يعني هتعصيني؟ هتعصي جوزك وتمنعي روحك عنيه، انتي عارفاشي الفعل ديه ربنا يحاسبك عليه بأيه؟ 


ردت عليه شام بسخريه:

ايوه ايوه، دلوك بس عرفت ربنا وحسابه وعقابه، دلوك بس عرفت ان للهجر حساب من رب العالمين، بس الحساب ديه ليا اني بس ومكانش فيه حساب ليك وكت ماكنت انت الهاجر، كنت عتاخد حسنات انت مش إكده؟ 


رد عليها كرار بنبره لينه:

خابر اني ظلمتك لما حرمتك مني ومن حقوقك ونومتي ففرشتك واديني اهه هصلح غلطتي واعوضك عن كل اللي فات. 


ردت عليه شام بحده ونفور:

اوعاك تكون مفكر اني عقولك إكده عتب ولا زعل على هجرانك ليا ولفرشتي، له والله العظيم داني كنت عدعي ربنا ليل نهار ان الهجر يطول، وكل يوم يعدى عليا واني محرومه قربك وانفاسك كنت احمد فيه ربنا واشكر فضله عليه، اني بس عرد على كلامك. 


كرار بغضب:

إيوه ونهاية الكلام يعني عايزه ايه انتي دلوك عتخربطي فالحديت ليه؟ 


شام: معاوزاشى حاجه، اني عايزاك تاخد مجايبك داي وتحل عنى بس وتهملني فحالي، ولو على اللي فبالك فطمن حالك مهيوحصولش، انى رجعتلك صوح، بس مغصوبه ومتهدده وممعتبراشي جوازي منك أمر واقع ولا معتبراك جوزي، ومن إهنه ورايح انت من طريق واني من طريق، وياريت الوشوش متتقابلش، مش انت عايز قعدتي فبيتك اديني قاعده، بس اكتر من إكده له ياكرار. 


كرار بدأت انفاسه تعلى وضم يده ورفعها قدام وشه بتهديد وقالها وهو عيجز على سنانه:

والله وبقيتي تقولي له فوشي ياشام وتصري عليها كمان! 

بس الظاهر ان جتتك نسيت يد كرار وتقلها وبدك تذكير عشان عقلك يعاود لراسك. 

بصتله شام بتحدي وقالته:

اعمل مابدالك واضروب لغاية ماتشبع، لا كلامي هيتغير ولا هخضعلك ولا هطولك اللي فبالك، قلتلك شام بتاعة زمان خلاص ولت، واللي قدامك داى بايعه روحها وحاطه روحها على كفها خلاص، وانت فعيني ياكرار كيف حفنة تراب مليهاش ايوتها عازه وموطرحها تحت رجلي وبس. 


شام يادوب خلصت كلامها ولقت كف من نار نازل على وشها، ويادوبك رفعت اديها تدس وشها من الكف التاني بخوف، لكن يد كرار اتعلقت فى الهوا بفضل يد مسكتها من ورا بقبضه من حديد. 


التفت كرار لورا بوشه وشاف ابو دراع اللي تابع الموقف من البدايه وهو جاي ينادم شام لربيعه، ووعي باب اوضتها مفتوح وكرار واقف قدامها، وفضل واقف من بعيد يشوف ايه اللي ناوي عليه كرار مع شام، ولما لقاه رفع يده عليها جري ناحيتهم، صوح اول كف ملحقهوش، لكنه لحق التاني وكبل يده وبغضب الكون كله قاله:


اوعاك تتنيها ياكرار.. اوعاك تفكر مره تانيه تمد يدك عليها واني عايش عالدنيا، اقسم برب الكون ميجرالك طيب واصل. 


كرار: اطلع منها يابو دراع داي مرتي واني حر فيها. 

ردت عليه شام بقهر وحس عالي:

له مش مرتك ولا هكون مرتك، ومن اليوم ورايح اني محرماك عليا ياكرار كيف ماانت حرمتني، والعين بالعين والسن بالسن والهجر بالهجر يامقاول. 


خلصت كلامها وراحت وقفت جار ابو دراع وقالتله:

ومن اليوم وطالع حتى تحت سقف بيتك ماهبيت الليل، هبيت حدا ابو دراع فداره. 


برق كرار عيونه وهو عيرد على شام:

موتك يكون على يدي لو عميلتيها ياشام. 


ابو دراع:

وموتك على يدي ياكرار لو حد احتمى فبيتي واحتمى بيا وانت تعرضتله، ودلوك ام ربيع قالت كلمتها وانتهى الأمر. 


يلا ياشام قدامى عالبيت واقعدي مع بتك كيف مايحلالك بيتك وموطرحك وأمني فيه وطمني قلبك محدش هيقدر يأذيكي ولا يقربلك. 

خلص كلامه ومسك يدها واتحرك بيها قدام عيون كرار اللي كان واقف عيتحرق، ونار شاعله فيه ومعارفشى يقول ايه ولا يعمل ايه، وممستوعبشى فكرة إن شام وقفت قصاده وناطحته بالكلام،وكمان حرمته علي روحها وقررت تقعد فبيت ابو دراع! 


لكنه همس لروحه إن لساه اوان الجبر مجاش وبس يخلص الكفاره هيكون فيه حديت تاني.. والصبر حلو. 


وبعد ماطلعت شام مع ابو دراع، طلع لاوضته فوق جابله غيار، ونزل اتسبح تحت ونام فأوضة امه وقفلها على روحه، وهمل شوقيه تاكل فبعضها وهي واعياه بعد عنها بعد المشرق عن المغرب وزهد فيها ومبقاش يهمه امرها، لدرجة انها حتى لما قالتله انها وقعت من عالسلم فبيت اهلها، وديه سبب الدشمله اللي هي فيها، قالها سلامتك وهملها ومشى من غير الدخول فأي تفاصيل،وديه علي كد ماريحها من موقف كان ممكن يوقعها فورطه معاه، على كد ماقهرها من انها مش فارقه معاه فشي، وكله كوم واللي عيعمله عشان شام من عشيه ديه كوم تاني خالص، وليه وقفه معاها بس تفوق من اللي هي فيه.


فاقت شام من شرودها وحادت بعيونها عن كيس الدهب، واتنهدت، وبعد التنهيده اتبسمت براحه وهي عتتخيل ربيعه فحضن جدها وستها وخالاتها دلوك، وعتتنعم بالمحبه اللي عاشت طول عمرها عتتمناها ومطايلاهاشي، وإن ربنا جبر قلبها اخيراً وطلعت من سجن ابوها. 


وحمدت ربها وقامت اتوضت وصلت فرضها وشكرته على حالها وحال بتها، وسلمت امرها ليه،وطلبت جبرها في الاخره، واكتفت من الدنيا باللي عاشته وشافته، وشافت فى بتها كل مباهج الدنيا اللي اتحرمت منها. 


❈-❈-❈


اما ربيعه وابو دراع فخدو قعدتهم فبيت جدها عبد الصمد، 

وطلعوا قاصدين بيتهم، وبرغم الزعل اللي كان كاسى القلوب والعيون،. 

الا انهم خدوا ربيعه فحضنهم وعطوها حنان نساها كل الهم والحزن، وطول الوكت وهي وسطهم مستغربه انه كيف فيه ناس عتقدر تدى حنان ومحبه بالطريقه داي وهما فعز كسرتهم ووجعهم!


والنوبادي ربيعه قالت لابو دراع يعاودوا بالقطر وهو طاعها، وطول ماهي في القطر باصه من شباكه وعتتفكر فأخر كلام امها اللي قالتهولها قبل ماتطلع من البيت:


ربيعه يابتي، افرحي واضحكي وفرحي جدك وستك وخالاتك بيكي، طمنيهم عني ولما حد ياخدك فحضنه ضميه مرتين، مره ليكي ومره ليا، شمي ريحتهم وواوبقي تعالي اوصفيهالي، خدى من حنانهم واشبعى وهحس ان اني الشبعانه، خدى من دفاهم واطمني وسطهم وهحس اني اني المطمنه،

انى عايشه فيكي انتي دلوك ياربيعه وفرحك يفرحني وزعلك يزعلني، اني خلاص يابنيتي مليش وجود غير بيكي. 


بالك ياربيعه اني اتوكدت ان فيه ناس إكده عتاخد الراحه والفرحه فأول عمرها وباقي عمرها عتتشقلب حياتها وتكملها على اطلال اللي عاشته زمان وزكرياته،


وفيه ناس عتتعب فاول حياتها وباقي حياتها عتاخده جبر وراحة بال. 

اني كنت من النوع الاولاني، وانتي الحمد لله انك من النوع التاني ومورثتيش من حظى كتير.

عيشى ياربيعه واتبسطى وفرحي قلبي بيكي يابنيتي. 


فاقت ربيعه من شرودها، واتنهدت وخفضت عيونها، وجات عينها على الجرح اللي فيدها، ورفعت يدها واتبسمت بوجع وهمست لروحها:

ويمكن خدت حظك كله يمه، بس لسه مفيش حاجه بينت، داني حتى الجرح وارثاه بالملى، مش هورث الحظ؟! 

بس وغلاوتك عندي ماهفرط فحقى، ولا اطاطي لحد واخلى حد يدوس على عمرى بنعله طول ماني عايشه،وهعرف الكل إن ربيعه غير شام بالمره. 


واخيراً هدى القطر، ووقف، وكل ديه وابو دراع عينه على ربيعه وساكت ومهملها ترتب افكارها ومراضيش يقاطعها وهو واعى ملامحها عتتغير لكذا وضع من الزعل للقهر للقوة للتصميم، وهملها تعيد حساباتها على هواها. 


ونزلوا بعد مالقطر وقف خالص، وبس عدوا العباره ووصلوا بلدهم، ربيعه بصت لابودراع وبرجا قالتله:

نفسي ازور قبر ستي عديله ياعم ينفع؟ نفسي اقرالها الفاتحه واتحدت معاها هبابه اتوحشتها. 

رد عليها ابو دراع بهدو:

ينفع ونص كمان.. همي بينا نروحوا الجبانه قبل ماالضلمه تضلم، وهشتريلك كيس ارواح كمان تفرقيه للعيال على روحها خليها تفرح. 

اتبسمت ربيعه وبالفعل راحو، وقرولها الفاتحه وفرقوا الارواح، وفضلت ربيعه تتحدت معاها شويه وتحكيلها كل اللي جرا كيف ماتكون قدامها وسامعاها! 


وبعدها عاودوا عالبيت، ورجعت ربيعه لحضن امها وابتدت الحكاوي عن اخبار الحبايب وابو دراع هملهم مع بعض وراح لغنماته، وطول الوكت ربيعه تحكي وتوصف وشام مغمضه ومبتسمه كيف ماتكون واعيه وسامعه كل اللي عتقوله وتوصفه، وقاعده وسطهم وحتى الوكل حست انها كلت معاهم لما شبعت، وراح جوعها اللي كانت حاسه بيه طول اليوم وهى قاعده مستنياهم من غير وكل ولا شرب. 


❈-❈-❈


أما حدا بيت عبد الصمد 

بعد ماروحت ربيعه وابو دراع، خيم الحزن عالوشوش، وانفضت الجمعه وكل حي راح لحاله، بسيمه خدت عيالها ورجعت بلدهم وعبد الصمد ودهب دخلوا اوضتهم، والسيد راح ولده نادمه وعاود عالبيت، ومتكلمش وهو واعى بشاير حزينه، بس خدها فحضنه من غير كلام وهو حاسس بذنب عينهش فروحه ومش عارف يعمل ايه ولا يسوى ايه، وكل اللي طلع عليه يتنهد ويستغفر ويطلب من ربه السماح على الذنب اللي دمر العيله اللي عمره ماشاف احن ولا اطيب من افرادها فحياته. 

❈-❈-❈


أما بسيمه فعاودت وصبت قهرها كله فهيئة زعيق وشخط ونتر فهمام من غير سبب، وهو بس عرف اللي جرا من عياله، سكت واتحملها واتحمل غضبها وفضل يحاول يمتصه ويهون عليها، وشيع العيال جابولها كل حاجه عتحبها، وابتدا هو يلاغى فعليا بته ويلاعب فيها ويقولها كلام غزل وهو قاصد بيه بسيمه، وكل همه يخليها تبتسم، 

ولما فشل قعد ساكت وشال الهم، وعينه فضلت عليها في الرايحه والجايه وهو مش عارف ميته نوبة غضبها تهدا وخايف تطول وتفضل الدنيا سوده فعيونه إكده كتير وهو واعى تكديرها ووجعها وملامحها المتألمه. 

❈-❈-❈


وخلص النهار عالكل وجه الليل، والكل نام على سخط قلب واحد والمسخوط عليه من الكل هو كرار. 


وبعد اليوم ديه ابتدت تمر الايام، واللي فيها شام طلعت من بيت المقاول خالص ونقلت كل حاجه ليها من بيت المقاول لبيت ابو دراع فى النهار مستغله غياب كرار فى الشغل، وكل ديه قدام حريم البيت اللي مستغربين بس ممتكلمينش وزي عادتهم مليهمش صالح باي حاجه تجرا بين راجل ومرته، 

مفيش بس غير بدور الفرحه مكانتش سايعاها وهي واعيه شام عتغادر البيت وحده وحده وهتختفى من قدام عيون عزت جوزها اللي من وجهة نظرها طول ماهي قدامه ممخلياهش شايفها ولا حاببها. 


أما كرار فكان مهملها على راحتها تعمل مابدالها، ومتحلفلها بعد الشهرين الصيام دول مايخلصوا هيردها تاني لبيته وهو عيهمس لروحه.. خليها ترفرف بجناحاتها مهما طارت مش هتقدر تبعد لانها متربطه وخيوطها كلها فيده. 


وابتدت الايام تمر على دا الحال، شام اتمردت عالقعده فبيت كرار وعليه هو شخصياً، وبطلت تعمل صنف حاجه في البيت، وصوح وافقت تقعد معاه وعلي ذمته بس ابداً مش هترجع كيف لاول خدامه وملطشه للكل الكبير والصغير، بتها وخلاص اطمنت عليها، يوبقي هتطاطي وتخدم وتتمرمط ليه تاني؟ وديه القانون اللي قررت تكمل بيه باقي حياتها فبيت المقاول. 

❈-❈-❈


أما شوقيه فابتدت بعد اسبوع تحصل معاها حاجات غريبه، ابتدت تسمع همس وتحس بحد حواليها وانفاسه فودانها وتبص متلاقيهوش، وخوف مسيطر عليها، وغير ديه وديه اسهال شديد معيتقطعش وقيئ مستمر، وشعرها ابتدا يوقع بطريقه غبيه، وصحتها ابتدت تكون في النازل يوم بعد يوم، ولأنها مش عتصلى ولا عتذكر ربها العمل اشتغل فيها اسرع ونتيجته عليها كانت اقوى. 


وفضلت تعاني وراحت البندر كذا مره فكام يوم، وتغير من طبيب لطبيب ومحدش فيهم عارف علتها وين؟

وياجي النهار عليها تقضيه تعب وصراخ من التعب، والليل صراخ من اللي عتشوفه، 

ولما شكت يكون معمولها عمل راحت بيت ابوها وشيعت للخطاطه والخطاطه قالتلها انه عيا مش عمل. 

وهملتها بعد ماطمنتها انها عملت العمل لشام وربيعه بتها وكله تمام وكلها كام يوم ويشتغل. 


وعاودت شوقيه البيت وفضلت على حالها،

ولما اشتد عليها العيا والخيالات قعدت فأوضتها مبقتش تنزل ولا حد كان يطلع يسأل فيها ولا عليها،

وعيالها بقوا كيف ايتام الام مفيش حد كان يفكر فيهم بحاجه ياكلوها، ولما يشتد بيهم الجوع يروحوا علي شام اللي ولا مره ردتهم خجلانين ولا مشتهم جعانين، برغم انهم عيال شوقيه، بس هي ابداً مش عتاخد حد بذنب حد. 


ولما شوقيه شافت روحها خلاص خلصت، وقربت تموت، وحتي كرار مهملها كيف ماتكون كلبه ولا تسوا، لمت ورقها وعقود كل حاجه وفلوسها ودهبها، وقررت تروح بيت ابوها وتموت هناك بس بعدها تامن امها على عيالها ومالهم. 


وهي طالعه من البيت تتتكأ عالحيطان، شافها ابو دراع اللي كان قاعد قدام بابه، وبمجرد ماوعيها ووعى بوادر الموت باديه علي وشها وجتتها اللي اتسلت بسرعه قاتله، 

رجف قلبه من الخوف واتزلزل كيانه، ووقف على حيله وهو حاسس ان شعر راسه وقف وجلدها قف وجسمه كله قشعر، وهمس بخوف ورهبه:


استغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم.. انت عميلت ايه يابو دراع، عميلت ايه ياحزين، هتقتل نفس يافقري؟! 

خلص كلامه واستنى لغاية ماشوقيه طلعت وركبت الطرومبيل اللي كان مستنيها بيه ممدوح عشان يوصلها بيه بيت ابوها، وطلع جرى عالخطاطه، وقالها تفك العمل اللي عملته لشوقيه قوام. 


ولما الخطاطه رفضت عطاها فلوس وهددها، وخلاها تفكه بالقوة، وقالها فخلال سبوع لو معاودتش شوقيه كيف ماكانت هيخلص عليها. 


وهملها ومشى بعد ماخد منها وعد انها هتفك العمل، واللي عرف انها عاملاهولها بالتعب والجنون والموت،كيف ماكانت قايلالها تعمله لربيعه وشام. 

وطول الطريق عيتخيل لو العمل كان صاب ربيعه كان هيوبقي ايه الوضع دلوك؟ 


وكل مايتخيل ربيعه في المنظر اللي شاف عليه شوقيه.. حاجه جواه تقوله كان هملتها تموت باللي عملتهولها، وشي تاني يقوله إنت لو كنت هملتها كنت بقيت زيك زيها كافر وطلعت من رحمة ربك.. 

وعشان ينهي الصراع اللي جواه ديه راح للشيخ حكيم يحكيله اللي جرا ويسمع منه اي حاجه تهدى خوفه وتطمن قلبه. 


وبمجرد ماقعد جاره وحكاله كل اللي جرا واللي عيمله، حكيم ملامحه اتغيرت للغضب وقال لابوا دراع بصوت ماليه الاسف:

ياخساره يابوا دراع، انت متعرفش إنك بكده إرتكبت كبيره من الكبائر؟ 

إنت صوح فى نيتك تخلص حق وتحقق العدل والقصاص، لكن للاسف الطريقه غلط.. كنت اكتفيت بالعلقه اللي عطيتهالها على يد الحريم، كنت اكتفيت بتخويفها، انما تروح ترد عالكفر بالكفر؟ 


طيب ربيعه عشان امها والعمار اللي بينها وبين ربها وعشان ربيعه نفسها عتعرف ربنا.. ربنا وقفنا ليهم اني وانت، لكن داي تموت على كفرها من غير اي فرصه للتوبه؟ 

قوم قوم هاتلي ميه اقرالك عليها وحاول تخليها تشرب منيها وتتسبح، 

ورش منها فبيتها وموطرحها وشغل فاوضتها قرآن وخليها تعاود، مع ان شفاها هياخد وكت لو العرافه مفكتلهاش العمل من عندها، بس اهو يوبقى اسمنا حاولنا واسمك تبت وندمت واصلحت، وربك ولى التوبه ومن عنده الشفا. 


وبالفعل خد ابو دراع الميه، ورشها وعمل اللي قاله عليه حكيم وشغل قرآن في البيت، لكنه مقدرش يدخل اوضة شوقيه المقفوله ولا حتي شام عرفت تدخلها.. 


وفضل محتار كيف يخليها تشرب من الميه المقرى عليها، بس اهتدى في الاخر انه يروحلها ويقولها على كل حاجه من غير لوع، اصلا هي اللي بدت بالشر وهو رده عليها وبس، ويقولها اللي حداه ويهملها منها لروحها ويوبقي اتبرى من ذنبها. 


وبالفعل خد الميه وراح بيها لبيت العمده، وطلب مقابلة شوقيه، وجاتله وقعدت قباله، وبعد مااتفحصها اتبسم وهو عيقولها:

يابوووي علي عدل ربنا، بقي ديه اللي كنتي عايزه تعمليه فى الغلبانه وبتها؟ كنتي عايزه تسليهم وتموتيهم وقبلها تبهدلي احوالهم وتدوقيهم الهوان؟ عيملولك ايه لديه كله ياشيخه! 


بس شوفي ربك مفيش اعدل منه كيف؟

شوقيه سألته بإستغراب وبحس يادوب طالع:

تقصد ايه بكلامك ديه انت؟ 

رد عليها ابو دراع وهو عيمدلها الميه:


قصدي اني عرفت اللي عملتيه لشام وربيعه ورديته عليكي، واللي انتي فيه ديه كان هيوبقى هو حالهم دلوك لولا ستر ربنا عليهم.

واني كنت ناوي اسيبك للنهايه، بس صعب عليا العيال الصغيرين اللي هتهمليهم وراكى يتامى بلا ام.

خدي الميه داي قاري عليها شيخ اشربيها وعاودي بيتك وشغلي قرآن والحقي روحك وارجعى لربك يمكن يقدر يفك كربك، ولو ملحقتيش ومتى اهو تموتى علي ايمان وتوبه. 


شوقيه كانت تسمع وهي مبرقه عنيها، وخايفه تمد يدها تاخد الميه من ابو دراع، لكنها راجعت نفسها وقالت إن لو صوح العمل اترد عليها يوبقي هي فطريقها للموت دلوك.


وزي الغريق اللي عيتعلق فقشايه مسكت الميه منه وشربت منها قوام، وغصبت على روحها وهي حاسه طعم الميه علقم، لكنها اتحملت، وهملها ابو دراع بعد ماقالها تزود الميه ومتبطلش شرب فيها ليل نهار.. وهي عملت إكده، وفضلت تشرب وقلبها عيرجف من الخوف ومبطلتش بكا واصل، وحتى امها لما حكتلها فضلت تبكى معاها وعليها بخوف، وادركوا انه من اعمالهم سلط عليهم. 


وعاودت بعدها شوقيه لبيت المقاول، وطلبت مساعدة ابو دراع زي ماساعد ربيعه وشفاها، وهو وافق بس بشرط انها متعملش إكده تاني وتتوب وترجع عن طريق الاعمال ومتهوبش عليها بعد إكده واصل. 

وهي من حلاوة الروح وعدت وحلفت الف يمين، وبناء عليه ابتدا يعمل معاها اللي قاله عليه حكيم واللي عمله لربيعه، ونجملها ميه برجله وورق نبق وبقي يرشلها بيهم البيت، 

ويرشه بالميه المقرى عليها، وراح للخطاطه واكد عليها تفك العمل وهي قالتله انها فكته.. واتوكد من إكده لما شوقيه بدأت تطيب وصحتها ترد.


اما شوقيه فاللي عانته من خوف ووجع وإحساس بالموت وانها مفارقه الدنيا، خلاها تتعهد بانها بس تطيب مش هيهمها لا كرار ولا غيره ولا هتشغل روحها بصنف مخلوق غير نفسها وعيالها وبس، وهتعيش الدنيا زي مايكون مفيش غيرهم عليها، همها تبسط حالها وعيالها والباقي للجهنم الحمره. 

❈-❈-❈


وعدت الايام، والايام بقت اسابيع، والاسابيع بقت شهر والتاني وعليهم ٣ ايام، وخلاص كرار خلص من الصيام المتواصل اللي قضى عليه وخلاه كيف عود الحطب ناشف، 

وشوقيه طول الوكت تبصله ومتعجبه عاللي كان بالعافيه يكمل شهر رمضان صيام وهو متحمل وعيعافر لغاية ماكمل الكفاره كلها! 

ومع فطار اخر يوم فى ايام الصيام.. خبط باب بيت ابو دراع، وراحت ربيعه فتحته، واتفاجئت بأبوها كرار واقف عالباب، وبمجرد ماشافها بنبرة امر قالها:


خشي قولي لامك يلا عيقولك جوزك، خلاص الجلع خلص والليله انتي بايته فبيت جوزك وففرشته. 


اما شام فكانت قريبه على الباب وسمعته وقلبها وقع فرجليها من الخوف وهي عتتخيل اغتصاب جديد بعد السنين داي كلها وهي في السن ديه والروح والقلب والبدن وكل مافيها هي عارفه انه مش هيتحمل. 

بقلم ريناد يوسف

يتتتبع


نفق الجحيم الجزء الثاني الفصل الاربعون.

❈-❈-❈


خلص كرار كلامه ووقف متأهب ومستنى شام تطلع وتطيعه ويشوف خوفها اللي معتاد عليه، لكنه وقف كتير وهو مستني، ووقفت ربيعه قدامه وهي مكتفه اديها وبصاله بإحتقار وعيونها عتنطوق كره، وبعد مامل من الانتظار زعق فى ربيعه وقالها:

هتخشى تنادميها ولا تغوري من ع الباب اخشلها اني بدال مانتي متصدره إكده ومفيش منك نفع.

ردت عليه ربيعه بتحدي:

مواعياشي ومش هقولها حاجه، واصلا هي مهتاجيش معاك وسبق وقالتهالك، وحرمتك على روحها ولا نسيت؟

رد عليها كرار وهو عيزيحها ويدخل غصب عنها:

هي تقول اللي تقوله، قولها مليهش عازه معاي، ولو عالتحريم فالحريم مليهاش تحرم وتحلل، مش راجل هي ويمينها مكلف.


خلص كلامه وكان وصل قدام شام، وبمجرد ماوقف قدامها بأمر قالها:

قومي يلا.

ردت عليه شام وهي باصه بعيد:

مقايماشي وسبق وقلتلك اللي عندي.


كرار:

قومي ياشام احسنلك، انتي لا سنك ولا صحتك يتحملوا ضرب وإهانه وقلة قيمه، قومي من سكات واقصرى الشرور.


ربيعه بقهر:

وإشمعنا، وليه امي تنضرب وتنهان وتتقل قيمتها في السن ديه وعشان ايه، عيملت ايه هي فدنيتها عشان تعمل فيها إكده؟ داي اللي مسكتها فبيتك مع راجل معميلتش فيها حاجه وعايش معاها وممشياك كيف الخروف وراها، ولا اللي ليها ضهر ومعاها القرش وكاسره العين ومخوفه الناس تتفلتن وتحكم وتتحكم على كيفها والغلبانه تكون هي الملطشه؟


ربيعه خلصت كلامها وخدت نفسها بقوة، وملحقتش تشوف الكف اللي نزل على وشها وتبعه ضرب من غير عدد ولا حساب، 

وشام بس شافت بتها تحت كرار موقعها ونازل فيها ضرب صرخت وجريت عليها وابتدت تحوشه عنها، والنوبادي ضوافرها بقت هي اللي تتكلم وتقطع في جلد كرار تقطيع كيف البسه اللي عتخربش عن عيلها،

وبرغم ديه مكانتش قادره تمنع الضرب عن بتها، ودقايق ولقوا كرار متشال ومهبود عالحيطه، ولقوا ابو دراع نازل فيه ضرب من اللى يحبه القلب والعين،

وكرار مكانش عارف يحوش عن نفسه ولا يصد الضرب، وبدال ماكان غالب وقوى، فلحظه اتحول لمغلوب وضعيف، 

وفضل ابو دراع يضروب فيه بكل حيله، وشام قومت ربيعه وخدتها فحضنها وفضلوا يتفرجوا عليه بتشفى، لغاية ماابو دراع عدمه العافيه، وبعدها مسكه من خلجاته وقومه وهو يادوبك عياخد النفس وقاله:

مش اني سبق وحذرتك وقولتلك اللي يحتمي بابوا دراع ويلجأ لبيته محرمه عليك اذيته؟ 

مش سبق وبينتلك حرمتي وحرمة موطرحي وشاورتلك عليه، جاي تدوس عليا فبيتي وتقل قيمتي وهيبتي وكمان تضروب مرتي؟ 

له داانت بعملتك داي عملت فحقي الكباير اللي معتتغفرش واصل ياكلب. 


خلص كلامه وجر كرار ورماه بره البيت ورد الباب فوشه بعنف، ورجع يتفقد ربيعه وشام ويشوف اذى كرار وصل معاهم لحد فين؟ 

لكنه حمد ربنا لما لقى اللي عيمله فيهم هين ومسابش اثر يخليه كل مايشوفه يشيل كرار من عالارض ويعقطه عليها تاني. 

أما كرار فقعد علي حيله قدام باب ابو دراع وكل حته فجسمه عتأن من الوجع، وفضل باصص عالباب اللي اترد فوشه ووراه اكتر حاجتين فارقين معاه في الدنيا.. 

ابو دراع صاحب عمره وحبيبه، وشام اللي بقت حته من العقل والعين،والتنين ميقدرش يستغنى عنهم وحاسس إن سد عالي اتبني بينه وبينهم ومش عارف يخطيه كيف ولا كيف يتهد؟

بس اللي متوكد منيه إن السد ديه لازمن ولابد يتهد وترجع الامور لعهدها القديم، عشان الوضع ديه كرار مهيتحملهوش واصل. 


وقام علي حيله بعد ماقدر يصلب طوله، ونفض جلابيته وطلع عالمندره بره، وهمل اللي كانت واعياه وشافت كل اللي جراله وقعدت تتفرج عليه بتشفى وهو عيترمي عالارض وتتقفل فوشه البيبان كيف كلب جربان، 

وعلي الرغم من إن الموقف شفا غليلها، الا إنه من جيهه تانيه وجعها وهي واعيه كرار عيقاتل عشان يطول ضرتها وهي اللي كباه وزاهده فيه، في الوكت اللي هي عتعمله اعمال واسحار عشان تضمن قربه منها وقعاده معاها. 


ودخلت البيت وراحت عالموطبخ تعمل وكل لعيالها وليها وتاكل معاهم، واثناء ماعتجهز الوكل قررت انها مهتتحملش كل يوم طبخ ونفخ وغسيل وتنضيف، وكل الشغل اللي كانت قايمه بيه شام. 


فقررت انها تجيبلها خدامه رغم عن كل اللي هيعترض، ولو لزم الامر تسيب البيت وتعمرلها بيت تاني وتبيع اللي ليها فبيت المقاول وتفرق اللمه الكدابه هتعملها من غير ذرة تردد. 

❈-❈-❈


اما كرار فبعد ماطلع وراح عالمندره فضل يفكر في حل للي هو فيه ديه، ويفكر كيف يرجع شام لقبضته من تاني، وكيف يرجع كافة الامور لنصابها الصحيح، لعهدها الاول، لايام ماكان ابو دراع هو قوته وسنده، وكانت شام معتتنفسش غير باذنه وكان هو فوق الكلل. 


واخيراً اهتدى للطريقه اللي هيرجع بيها شام الاول، وبعدها يشوف ابو دراع ايه يرضيه ويعمله. 

❈-❈-❈

اما فبيت عبد الصمد

بشاير طلعت من الموطبخ وقعدت جار امها اللي كانت حاطه يدها علي خدها وسرحانه ومحستش بيها لما قعدت، وبعد شويه بشاير قالتلها وهي حاسه باللي عتفكر فيه امها وتقريباً عارفاه:


ماتيلا نروحولها يمه ونشوفوها، مش وقع اليمين وهو ردها من اول وجديد وخلاص دلوك مفيش يمن ولا حلفانات، يوبقي ايه اللي يمنعنا عن شوفتها ولا يمنعها من شوفتنا؟ 


ردت عليها امها بتنهيده:

خوفنا عليها هو اللي يمنعنا، هنستفادوا ايه لما نشوفوها ونطفوا نار شوقنا وبعدها تشعل فقلوبنا نار الخوف عليها احسن ياذيها اللي ميتسماش بسبب شوفتها لينا؟ 


جوز شام يابتي مش بعقله ولا تفكيره كيف تفكير البشر، جوزها مشايفهاشي غير جاريه حداه اشتراها يوم مااتجوزها والجواري معيكونلهاش اهل ولا حد تروحله او ياجيها. 

الجواري مينفعش غير تسمع الحديت وتقول السمع والطاعه.. هى داي صفة اختك حدا جوزها، ولو حد حاول يغيرها مفيش غيرها هي اللي هيتضر.. وإحنا مش هناجوا على اخر الزمن ونجيبولها الضرر يابشاير. 


بشاير:

بس ديه ظلم يمه،كرار ديه اكتر بني ادم ظالم في الدنيا ربنا ينتقم منه. 

دهب بقهر وقلة حيله:

هو من ناحية انه ظالم هو مش ظالم.. ديه  الظلم ذات نفسه، ديه السواد اللي اتوزع منيه عالناس العفشه اللي في الدنيا كلها والباقي قعد جواه هو لحاله. 

خلصت كلامها وقامت وهي سامعه حس عبد الصمد جوزها عينادم عليها، وراحتله الاوضه اللي بقاله كذا يوم راقد فيها مفاراقهاشي؛ بسبب نوبة الكحه والتعب وديقة النفس اللي جاتله فجأة، بس دهب عارفه ان عياه من الزعل اللي كاتمه فقلبه على بته ومتحمل بيه وساكت. 

❈-❈-❈


أما فبيت المقاول

عزت رايح جاي في البيت كيف التايه، وكل هبابه يطلع ويبص على بيت ابو دراع ويستنى طلة شام منه، ومن بعد ماكانت قدام عينه ليل نهار وشبعان شوف فيها اتحرم منها، وبقى يومه ناقص، وحس ان رزقه قل بعد ماكان يستبشر بوشها وشوفتها كل صبح قبل مايطلع على شغله..

وطول النهار بقى عصبي وزعيق مع بدور وعياله بسبب ومن غير سبب، وبدور كانت خابره زين سر الحاله اللي هو فيها، وطول الوكت تسب وتلعن فشام اللي  لا مهناياها على جوزها وهي قريبه ولا وهي بعيده، بالعكس ديه كرهه ليها زاد من بعد ماشام غابت عن عيونه وبقى كيف المدمن اللي غاب عنه كيفه.

❈-❈-❈


أما شام فقعدت حزينه ومهمومه، وربيعه زيها، وقرر ابو دراع انه يخفف عنهم، فقام طلع وجابلهم تسالى وجاب حلويات وعصير (قها بالجوافه) من اللي ربيعه عتحبه وعرف ان حتى شام  هي كمان عتحبه وكترلهم منيه،

وملى كيس كبير من كل شكل ولون وعاودلهم بيه،

وربيعه اول ماشافت الحاجات اللي جايبها مودها اتغير وفرحت وخدت الكيس كله فباطها وفضلت تاكل وتوكل امها غصب عنها وتشربها عصير بنفسها، وحتى ابو دراع شربته هو كمان بيدها ووكلته زيه زي امها.

وطول الوكت ابو دراع باصصلها وعيسخط على كرار اللي عيعذب ويضرب فطفله لساها ماعرفت للدنيا معنى ،

شوية حلويات وتسالي يوصلوها للغيم من الفرحه، وكلمة حلوه تنسيها كل الوجع، وقلبها لساه على بياضه كيف قماشه بيضه متفصلتش ولا اتحطت على بدن ولا اتدنست بالوسخ ولا غباره جات عليها. 


اما شام فكانت باصه لبتها وعتجاريها غصب عنها في الفرحه، وعماله تقول فنفسها ياترى كانت كيف هتطمن على بتها العيله داي لو كانت هملتها فبيت الافاعى إهنه وراحت لبيت ابوها؟ 

كيف كانت هتنام ليلها وهي خابره زين إن بتها نايمه فحضن شياطين محدش يأمن شرهم مهما عمل وسوى وبعد عنهم واجتنبهمَ؟ 

كيف فكرت فيها مجرد تفكير حتى انها تسيب قلبها وروحها وكيانها كله فبيت المقاول وتروح تدور على راحتها هي!؟ 


خلصت تفكير وانتبهت لبطنها اللي اتملت من العصير اللي عماله تشربهولها ربيعه والبسكويت اللي عتوكلهولها، وزاحت يدها وهي عتحط يدها علي بطنها وتقولها:


بزياده ياربيعه بطني اتملت هتفرقع يابتي. 

وقامت بعدها من جارها ودخلت الاوضه تناملها هبابه ولساه عقلها عيودي ويجيب، بس النوبادي عتفكر في كرار وياترى هيسكت بعد مارفضته وابو دراع هانه وربيعه سمعته اللي عمره ماسمعه، ولا فيه عذاب جديد مستنيها على يده؟ 

ونامت على تفكيرها بعد ماسلمت أمرها لربها. 

❈-❈-❈


اما ربيعه ففضلت قاعده مع ابو دراع وهو يتكلم معاها ويحاول يلهيها عن الوجع اللي سببهولها كرار الكلب، ويحكيلها حكايات عن مواقف مضحكه كانت تحصل معاه زمان، وبعد شويه حس ان نفسه فكباية شاى، 

وعشان مش عيكيفه غير شاي الدمسه قال لربيعه انه طالع للجنينه يعمل شاي وخدها معاه وطلعوا، وولع الدمسه وحط الخشب وراح جابلها قناديل شامى عشان يشويهالها عالدمسه وتاكلها مع الشاى، وحتى هو كمان ياكل معاها. 


وبالفعل عمل الشاى وشوى الدره، وكملوا هو وهي حكاويهم، وقعدوا للساعه ٢ بعد نص الليل سوا،

ولأول مره في الوكت ديه ابو دراع يكون معاه حد، وهو متعود طول عمره إن الوكت ديه يكون وكته لحاله، وقت صفنته وتامله وراحته النفسيه من تعب اليوم وراحة مخه من ضجيج التفكير في الدنيا وبلاوى الناس اللي حواليه. 


اما ربيعه فبمجرد ما نسيت اللي جرا من ابوها وارتاحت في الكلام لابوا دراع فتحتله قلبها وحكتله عن كل وجعها، واللي كان عارفه من غير ماتقوله، واللي ابوها هو السبب فيه كله.

لكن الحكي من لسان المظلوم وشوفة الدموع فعنيه وتنهيدة القهر اللي عتقطع كلامه كل هبابه، عتخلى الواحد يحس بوجعه اكتر. 


ومن بين الحكاوى قالتله عالامنيات اللي عاشت طول عمرها تتمناها، اكبرهم انها عاشت تتمنى كرار فيوم يقولها يابتي قدام اهل البيت ويعترف بيها، 

وهي تقوله يابوي وتترمى فحضنه وتحس بإحساس اخواتها الولاد لما كانت تشوفه حاضنهم.


وتاني اكبر امنيه انها كان نفسها تطلع وتروح المدرسه وتتعلم القرايه والكتابه كيف ولاد اعمامها اللي كانت تموت من الغيره والقهر؛ وهي واعياهم ماسكين الكتب بتاعتهم وعيزاكروا ويكتبوا فدفاترهم ويرسموا ويلونوا، 

وتقعد جارهم من بعيد تتفرج كيف المحرومه، لان كل شي عيتحرم منيه الواحد عيبصله بصة المحروم.. وبعد ماخلصت كلامها وشكوتها تقريباً، فجأة خفت حسها، وكلامها بقى يطلع تقيل، وبص ابو دراع عليها لما لقى تقل مال على كتفه مره وحده، ولقاها هي سندت دماغها عليه وقالت كام كلمه وبعدها غمضت عيونها وسكتت لما سلطان النوم اصدر حكمه عليها بالنوم والثُبات.


فاتبسم ابو دراع وبهداوه ووحده وحده نزل دماغها وعدل نومتها وحط دماغها على رجله، وفضل يمسد على دماغها ويقرالها قرآن ويدعيلها فجوف الليل بسعادة الدنيا كلها،

وكان كل هبابه يبصلها وحاسس انها بقت حته من روحه، وإن لو حد فكر يأذيها هيوبقي حكم على روحه بالموت.. وديه قانون ابو دراع اللي سنه لمحبينه على يد ربيعه.. اللي بقى ليها في القلب معزه ابو دراع مش عارف يصنفها، محسش بيها غير بس من ناحية ابوه وامه، لكنه قال مش مهم التصنيف، المهم انها موجوده وحاسس بيها. 


وبعد فتره من القعاد عدل ابو دراع ربيعه وحاول يصحيها، لكن كان واضح انها نايمه نوم عميق، نوم تعب او نوم قهر، فصعبت عليه وشالها ومشى بيها عالبيت ينومها، بعد ماطفى دمسة النار، وهي اتشعبطت فرقبته كيف العيله الصغيره ماعتتشعبط فرقبة ابوها.


وديه كله كان شايفه ممدوح، اللي من اول العشيه اول ماطلع ابو دراع وربيعه للجنينه فضل مراقبهم من بعيد وقاعد قبالهم بس متدارى منهم، 

وكان غرضه من القعده انه يشبع من ربيعه، لكن مع قعدته شاف اللي ماسرش قلبه واصل، 

واتختمت بعملة ابو دراع اللي كأنه بيها جاب سكينه وغرزها فقلب ممدوح، وهو واعيه عينوم ربيعه على رجله فلاول، وبعدها شالها ولمها فباطه ومشى بيها كيف الحبيب ماعيشيل حبيبته، وعرف منها ان ابو دراع على شفى نقض العهد، ديه لو مكانش نقضه بالفعل. 


ورجع على بيته وهو عازم انه بكره يواجه ابو دراع ويفكره بوعده وعهده ويطالبه بالوفى بيه. 

❈-❈-❈


أما ابو دراع ففضل صاحى لغاية الفجر، ولما لقي شام وربيعه مقاموش يصلوه معاه النهارده، خد بعضه وطلع عالجامع صلى وعاود،

وهو فطريقه كان كل اللى شاغل باله كلام ربيعه وامنياتها الضايعه اللي دافناها فقلبها وكل ماتتفكرها جروحها تتفتح من اول وجديد.

وقرر إنه يحققلها منهم اللي يقدر عليه وعلى قدر استطاعته، وأول امنيه قرر يحققهالها هى امنية التعليم. 

❈-❈-❈


صبح الصبح وصحى ابو دراع بعد ماخدله غفوه بسيطه من بعد رجوعه من الجامع، واول شي راح على غنماته فطرهم وشربهم،

وعاود فطر مع شام وربيعه، وطلع قاصد الموطرح اللي اتفتح من قريب لفصول محو الاميه وتعليم الكبار.

وقرر يسجل ربيعه فيه.. وبالفعل راح وسجلها، وهو معاود جابلها دفاتر واقلام والوان، وكتب الف باء.. وعاود بيهم عالبيت وهو عيتخيل فرحة ربيعه بيهم وباللي عيمله، ومبتسم وهو شايف رد فعلها قدام عنيه وهي عتتنطط كيف العيله الصغيره وحجر عيونها رايح جاى وعيلمع  من شدة الفرحه. 


لكنه بمجرد ماوصل البوابه وخلاص هيدخل وقفه حس ممدوح وهو عيقوله:

عم ابو دراع استنى. 

وقف ابو دراع وبصله، واستغرب وهو شايف الغضب على ملامحه، وسأله بقلق:

مالك ياممدوح فيك ايه؟ 

رد عليه ممدوح بقهر:

يعني مانتاش عارف فيه ايه؟ فيه اللي شفته عشيه منك ومن ربيعه، فيه اللي عيني نضرته والوعد اللي خلفته وانت عتنومها على رجلك وتفضل تحسس عليها وفي الاخر تلمها فباطك وتشيلها وتدخل بيها البيت وتكمل اللي مينفعش يتعمل في الخلا. 

خلص كلامه وعيون ابو دراع اتوسعوا ورد عليه وهو كاتم غضبه:

تعرف ياممدوح لو حد غيرك قالى الكلام ديه، والله زماني مامخليه يعرف يندل طريقه، بس اني هسكت وهعديهالك عشان عاذرك ومقدر اللي حاسس بيه واللي عيدور فعقلك. 

بس نصيحه مني متكررهاش عشان اول نوبه حداي عتكون سماح وتاني نوبه عيوجب فيها الربايه والادب. 


خلص كلامه واتحرك من قدام ممدوح، ووقف من تاني وهو سامع حس ممدوح الخايف عيسأله:

يعني لساك عالعهد مخنتهوش؟ 

ابو دراع:

ولا عمرى هخونه، ولا فحياتي كنت خاين عهد، وانت خابر ديه زين ياواد صفوت. 


خلص كلامه واتحرك على جوه، وممدوح تبعه، وبس وصل البيت نده ابو دراع على ربيعه، واول ماجاتله وراها الدفاتر والاقلام  وقالها إنه سجلها ففصول نحو الاميه، 

وربيعه بس سمعت إكده صرخت بعلوا حسها من الفرحه، وابتدت تتنطط كيف ماابودراع اتوقع بالظبط. 

لكن اللي متوقعهوش انها تحضنه قدام ممدوح وهاتك يابوس من خدوده ومع كل بوسه تقوله عحبك كد الدنيا كلها! 


وابو دراع وقف متصنم مش عارف يعمل ايه، وحس ان ممدوح ممكن يهجم عليه دلوك ويجيب كرشه، وبصراحه لو عيملها يوبقى معاه كل الحق وميقدرش يلومه واصل. 


اما شام فكانت سامعه صراخ ربيعه وحتى مكلفتش روحها تقوم تشوف مالها، لكنها اتطمنت عليها لأن صراخها واضح انه  صراخ فرح، 

واللي كان شاغل بالها في اللحظه داي تفكيرها في القرار اللي خدته فلحظة وجع وخوف، ومعارفاهش صوح ولا غلط، وياترى بيه ظلمت اهلها وظلمت روحها وخسرت، ولا الخساره اللي على حق هي خسارتها لروحها وهى عترمي روحها في الهلاك مره تانيه.. 

واتفكرت من شويه الكلام اللي دار بينها وبين كرار.. 


كرار اللي بس شاف ابو دراع طالع من البيت، راح على بيته وخبط الباب، واول ماسمع حس شام بحس هادى قالها:

افتحي ياشام عاوزك فحاجه. 


شام ردت عليه قوام:

له مفاتحاشي ومعاوزاش اسمع منك ولا حاجه. 

كرار: الحاجه داي وبس. 

شام: قولتلك حل عني ياكرار لا فيه مابينا كلام ولا حديت. 

كرار: الموضوع يخص ابوكي وامك ياشام. 


شام سمعت سيرة ابوها وامها وفتحت الباب بسرعه بقلب عيرجف من الخوف وسألته:

مالهم ابوي وامي جرالهم ايه، عميلت فيهم ايه انطوق؟ 

رد عليها كرار بمنتهى الهدوء:

تخافيش، معملتش فيهم حاجه ومش هعمل، وهخليكي تروحيلهم كمان وهما ياجولك.

شام رفعت عيونها وبصتله وهي مش مصدقه اللي نطق بيه توه، لكن عجبها راح وهي سامعاه عيكمل.. (بس بشرط) 


اتبسمت شام وهي عتتفكر إن الحدايه مش عتحدف كتاكيت وقالتله:

وأيه هو شرطك ياكرار؟ 

رد عليها كرار بسرعه ولهفه:

تسمعى كلامي وتاجي معاي وتكونيلي مره وتنامى ففرشتي وترجعي كيف لاول تقولي نعم وحاضر واللي اقوله يتنفذ طوالي. 


شام اتبسمت على عرض العبوديه اللي جاي يعرضه عليها مره تانيه، وحطت شوقها قبال كرامتها، وطبعاً كرامتها اللي فازت بإكتساح، وغير إكده اتخيلت روحها عتسلمه نفسها بمنتهى التراضي وحست بإن نفسها مرجت وعايزه تستفرغ من مجرد التخيل، وردت عليه بكلمه وحده وبمنتهى التصميم والتحدى:

له. 

كرار بصعقه من جوابها:

له ايه؟ 

شام:له مموافقاشي اني اشوف اهلي او هما يشوفوني طالما تمن الشوف هيكون قربك مني واستعبادك ليا. 

كرار بصدمه اكبر:

وه؟! 

شام:

ههههه، كنت مفكرني اول ماهتقولى إكده هخر راكعه تحت رجليك واقولك شبيك لبيك مش إكده؟ بس ياخساره نقبك طلع على شونه يامقاول. 

بقلم ريناد يوسف

يتتتبع

تكملة الرواية من هناااااااا 

لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله الجزء الاول من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا





تعليقات

التنقل السريع