رواية حصنك الغائب الجزء الثاني الفصل التاسع والثلاثون والاربعون بقلم دفنا عمر
رواية حصنك الغائب الجزء الثاني الفصل التاسع والثلاثون والاربعون بقلم دفنا عمر
الفصل التاسع والثلاثون
_____________
لكل عائلة راعي.. وراعيها عصا الميزان!
إذا مالت إحدى كفتيه..وزنها بالعقل والحكمة
ويعود للميزان عدله..وللمظلوم حقه!
............... .
علق ملابسه على المشجب واستقر فوق فراشه بهدوء دون اكتراث بتلك التي تطالعه بدهشه بعد ما ألقى عليها الخبر فقط لتعلم وليس لمشورتها، فراح عقلها يكذب ما سمعته! هل قال لتوه ان عابد خطب زمزم وتمت قراءة الفاتحة وتم تحديد احتفال الخطبة؟
+
_ انت بتقول ايه ادهم؟!
+
خطبت لابنك من غير حتى ما تاخذ رايي؟ هو انا مش امه ولا ايه؟ عايز تعيد نفس الماسآه تاني؟ بردوا هياخذ بنت عمه وأنا ابني مدخلش دنيا ومن حقه ياخذ بنت و... !
+
صاح مقاطعًا بتحذير: كريمه! اوعي تكملي او تقولي كلمه زياده في حق بنت اخويا.. ظروفها متعبهاش.. ويشرفني اخذها لابنى!
مواصل بلوم مبطن: كفايه الخطط اللي عملتيها من ورايا
+
زاغ محجريها بتوتر وهتفت متلعثمة: خطط ايه يا ادهم؟
+
دنا منها وحدجها بنظره ثاقبه: بسمه؟!
صمت مكتفيًا بتلميحه، فقالت مدافعة: ابني وعايزاله الافضل.. ابقي غلطت؟!
+
_ لما تدبري كل ده من ورايا تبقى غلطتي.. لما تنصبي نفسك مسؤلة عن اختيار ابنك تبقي غلطتي.. لما تظلمي بنت مالهاش ذنب في ظروفها تبقي غلطتي.. مع إن كان المفروض تحسي بيها.. انتي أم.. وعندك زيها.. عيبها ايه زمزم؟ بنت عمه وعارفها وحبها وهو أولى بيها وبتربية ابنها.. مادام راضي وعايزها ليه تدخلي وتضغطي عليه!
+
- يعني عابد اشتكى لك منى؟
+
رمقها بنظرة أخرى ثم جذبها لتجلس جواره وقال معاتبًا: عمرك ما كنتي قاسية!
غامت مقلتيها بسحابة دموع: أنا مابكرهش زمزم بس بحب ابني يا أدهم..!
_ وابنك اختار ياكريمة.. وقلبه اتعلق ببنت عمه.. تحرميه ليه وتتعسيه..أنسي تجربه يزيد، محدش قدره يشبه التاني.. صوابع الإيد الواحدة مش زي بعضها.. سيبه يخوض تجربته بنفسه.. عابد بيحبك.. طلب مني ادخل عشان مش عايز يخسر رضاكي..مش يمكن الخير في اللي انتي رفضاها.. صفي قلبك اللي عمره ما زعل حد ولا ظلمه.. خليكي كريمة الطيبة عشرة عمري بنت الأصول!
+
خفضت رأسها وهمست بجمود: اللي تشوفوا اعملوا يا أدهم!
رفع وجهها بأنامله مغمغما بتساؤل راجي: راضية؟!
حاوطت كفه برفق وهمست : سيبك من رضايا.. وخليني اخد وقتي.. وأنهت ذاك الحوار المجهد باستلقائها جواره مسدلة جفنيها مختبئة بغفوتها الزائفة، فترك لها مساحة الانسحاب والتفكير معلقا أمله على رقة قلبها.. وهو خير عالم به!
-------------------
+
البكاء وعناقها كانا مفرادات لغتهما الوحيدة وهو يعبر عن فرحته بطلب عابد لابنته..أكثر ما ترجاه من خالقه صار واقعًا..أخيرًا سيطمئن على قارورته وصغيرها اللذان حظيا برجلًا مثل عابد..ولو نفذ أجله الآن لن يحمل للدنيا همًا..!
أما زوجته فلم تختلف عنه حالًا وهي تشاهد عناقهما باكية.. حيلتها نجحت..زمزم حظت بسعادتها وحبها أخيرا..زال هم الأيام الماضية ولم يبقى سوى الفرح يحلق بسمائهم!
+
_اديني فرصة انا كمان ابارك لاختي يا بابا.. بقالك ساعة حاضنها وعمالين تعيطوا.. امال هتفرحوا امتي ياجماعة مش فاهم أنا؟؟!
قبل محمد جبينها وقال بعاطفته صادقة: مبروك يا نني عين ابوكي.. دلوقت بس انا اطمنت عليكي.. عمري ما كنت هتمنالك احسن من ابن اخويا..!
هتفت من بين بكائها: أنا بخير طول ما حسك في الدنيا يا بابا.. ربنا يخليك ليا أنت وماما..!
+
_ طب وأنا؟؟؟ لقيط؟؟؟ أخوكي أنا ولا علبة جبنة نستو؟؟
+
ضحكت كما ضحك أبويها، وهتفت عبير: ربنا يخليكم لبعض يا حودة.. انت حاجة تانية يا روح أمك! عقبال ما افرح بيك انت كمان واشوف ولادك!
عدل ياقة قميصه بغرور مازح: قريب يا بيرو.. ابنك مدكن حاجة محترمة.!
+
نكزه أبيه: اتكلم عدل يا ولد!
_ حاضر يا بابا!..ثم دنى محتضنًا شقيقته هامسا بجديه حانية: مبروك يا زوما.. انتي تستاهلي عابد وهو لو لف الكوكب كله مش هيلاقي زيك يا قطتي!
ضمته رابتة على ظهره: حبيبي يا حودة
هتف بمرح يناسب الحدث: عشان تكونوا عارفين.. أنا وياسين ويزيد هنظبط الحفلة بتاعتكم.. ماهو مش سي عابد بس اللي بيعرف يظبط!..وأنا بالذات گ محمود هبهركم
+
" مود"
+
التفت للصغير الذي لفظ أسمه أخيرا، فتلقفه ورفع جسده في الهواء مهللًا: أخير يا قلب محمود قلت أسمي.. دي حاجة تستحق الاحتفال لوحدها.. وراح ينثر عليه قبلاته والصغير يضحك والجميع يتابعهما بوجوه تقطر فرحًا بعد أن ساد الفرح والراحة صدورهم!
---------------------
+
_ يلا يا زوما هنتأخر وعابد وجوري بقالهم كتير مستنين بره!
+
وضعت أخر لمسات هيئتها الهادئة وصاحت: خلاص يا ماما أنا جاهزة!
رمقتها بنظرة تنضح سعادة بعد أن حظت بتلك اللحظة التي ظنتها لن تأتي بعد الأحداث الماضية..من يصدق أنها تصاحبها الآن لشراء شبكتها وثوب خطبتها هي وعابد.. اغرورقت عيناها لكنها ستتماسك، لن تبكي الآن.. لن تحضنها وتجهش في البكاء..لن تفعل، وما أسرع دموعها التي خذلتها وسالت..!
+
_ بردو بتعيطي يا ماما؟.. مش اتفقنا هنبطل عياط خالص وانتي وعدتيني بكده؟!
جففت دموعها هاتفة من بين بكاء: غصب عني يابنتي فرحانة عشانك.. فرحانة أوي يا زمزم!
خانتها دموعها هي الأخرى وهي تعانقها مغمغمة: بدعواتك يا ماما ربنا عملي الخير وتممه..!
_ لأنك تستاهليه بعد اللي عيشتيه يا حبيبتي!
واستطردت بنبرة أكثر تماسكا: اسمعيني يا زمزم..عارفة ان موقف كريمة لسه مش في صفك.. بس انا عايزاكي تعذريها وبالعكس فكري ازاي تكسبيها وتأكديلها انك الزوجة المناسبة اللي هتسعد ابنها.. مش عيب يابنتي انك تحاولي تكسبيها وكفاية انها ام عابد اللي نصفك واتمسك بيكي!
+
أحنت رأسها وقبلت كف والدتها وهمست: انتي جميلة اوي يا ماما.. متهيئلي ممكن ام تانية كانت تتصرف بشكل مختلف.. بس انتي عاقلة وحكيمة زي ما بابا دايما يوصفك.. واطمني خالص.. طنط كريمة انا هعرف ازاي اخليها ترضى عني.. ده عهد أخدته على نفسي!.
_ ربنا يكملك لعقلك يا زوما.. يلا عشان نلحق نشتري لوازمنا براحتنا..!
-----------------------------
لفتة جديدة أبهرتها في شخصية عابد وهما ينتقوا طقم شبكتها حين أختار عابد خاتم وأهداه لشقيقته جوري.. كل لحظة تذوب بعشقه أكثر وأكثر.. كيف يمتلك كل هذا القدر من الحنان لمن حوله..تنهدت وداخلها يهمس" بحبك يا أحن راجل في الدنيا!..وربنا يقدرني واسعدك ياعابد"..!
...............
جوري: بصي الفستان ده يا زوما؟ يجنن.. تعالي قيسيه!
عابد: تعالي هنا انتي وهي رايحين فين.. أنا اللي هختار فستان خطيبتي.. وهي هتختارلي البدلة!
تخصرت جوري كعادتها: يا سلام؟ يعني انا مش هختار حاجة خالص!
_ ما انتي اختارتي معاها الشكة يا زئردة!
عبير بمرح: تعالي ياجوجو سيبك منهم دول مش مقدرين موهبتك وذوقك.. تعالي اختاري معايا انا الفستان بتاعي.. مش هلبس غير على ذوقك يا بسكوتة!
جوري بامتعاض لشقيقها: شايف الناس الذوق.. روح روح اما نشوف ذوقك هيطلع ازاي!
+
ابتسمت زمزم مازحة بعد ذهاب جوري: والله عندها حق..لعلمك اختيار جوجو عجبني!
قال بغرور: بس أكيد مش زي ذوقي!
رفعت حاجبيها ساخرة: يا سلام على الغرور..!
تبدلت نبرته المازحة لأخرى عابثة وعيناه تمنحها نظرة اخجلتها: مش انا اختارتك؟ مين يقدر يشكك في جمال ذوقي بعد ما اختارت أجمل بنت في الدنيا؟!
+
تلونت وجنتيها سريعا فضحك ومازحها: خلاص هسكت اهو احسن كسوفك بيغريني أكتر وانا ملصم نفسي بالعافية..!
واستطرد بمكر: ربنا يقويني لحد ما نكتب الكتاب يوم الخميس"
حدقت فيه بدهشة متفاجئة من قوله: كتب كتاب مين؟
دي خطوبة مش كتب كتاب على فكرة!
_ هو انا ما قولتلكيش؟ اخص عليا ازاي انسى.. عموما يا زوما انا اتفقت مع عمي محمد اننا هنعمل خطوبة وعقد قران!
_ ياسلام؟! اتفقتوا وانا معرفش؟ طب مش موافقة بقى.. أنا عايزة خطوبة الأول!
_ ليه عايزة تدرسي أخلاقي مثلا؟ أنا جو الخطوبة دي ما يمشيش معايا.. ولولا لسه الجناح بتاعنا في الفيلا بيجهز كنت خليتوا زفاف على طول!
_ كمان زفاف؟ يا ابني احنا قرينا فاتحة من يومين.. أصبر.. مش يمكن تغير رأيك فيا..!
دنى منها قليلا ومازال محافظًا على المسافة الآمنة وقال وحدقتيه تنهل من محياها بلهفة: أنا مش هقدر أصبر على بعدك عني انتي ومهند أكتر من كده.. ولا انتي مش مشتاقة تبقي معايا يا زمزم؟
+
أطرقت برأسها بخجل وجادت عليه بقولها: مشتاقة أكتر منك يا عابد.. بس... .
_ بس ايه؟
_انت وعدتني مامتك توافق على جوازنا وناخد رضاها.. وده لسه محصلش.. يعني كنا صبرنا أما نراضيها و...
قاطعها: بالعكس.. ماما لما تشوفنا مبسوطين بعد جوازنا هتعرف ان حسبتها كانت غلط..وانا واثق فيكي يا زمزم انك هتكسبيها..!
حدجته بنظرة تعده قبل لسانها; أوعدك اكسب رضاها في اقرب وقت.. ومهما حصل مش هزعل.. لأنها خلاص بقيت في معزة ماما.. متخافش ثقتك في محلها إن شاء الله!
+
جوري وهي تقاطعهم بمشاكسة:
كفاية رغي الله يكرمكم لسه ورانا حاجات كتير!..انجز ياعم العاشق رجلي خلاص ورمت!
صفق كفيه بصجر زائف: أنا قلت القصيريين مايجوش معانا مافيش فايدة!
-------------------
" مبروك يا يزيد .. ربنا يتمم لأخوك بخير!"
_ الله يبارك فيك وعقبالك يا عامر.. صحيح اخبار والدك ايه دلوقت؟
_ تمام الحمد لله افضل بكتير..!
_ طب الحمد لله ..طبعا انت جاي الفرح!
غمغم بحرج: معلش اعفيني، خليني لما يرجع ظافر وهتكون زيارة رسمي ان شاء الله!
_ ماهو عشان رسمي دي بقولك لازم تحضر.. أولا انا كنت وعدتك بفرصة تكلم جوري وتاخد موافقتها.. وفي الوقت نفسه كلمت بابا عنك.. واعتقد جو الاحتفال هيكون مناسب جدا انك تعرف بابا بنيتك في طلب ايد جوري لأن هو الاساس.. وكمان تاخد موافقة جادة منها وتصفي سوء التفاهم بينكم اللي حكيتلي عنه..ولو وافقت هنكون منتظرين تشرفنا في اي وقت مع الوالد والوالدة.. إيه رأيك؟
+
هتف بحماس واضح: ودي عايزة رأي؟! جاي طبعا وهكلم والدك وافاتح جوري ومتعشم انها توافق.. وبإذن الله أول ما يرجع ظافر هاجي ومعايا بابا وماما وهنعملكم زيارة رسمية!
_ بإذن الله..وربنا يقدم اللي فيه الخير..!
---------------------------
تناول من يده قرص الدواء وابتلعه مع جرعة ماء وقال:
يعني خلاص نويت تخطب الملاك بتاعتك؟
_ أيوة يا بابا.. وزي ما أخوها قالي.. هكلم ابوها في الاحتفال واعرف رأيها.. ولو الدنيا ظبطت هحدد معاهم معاد عشان نروح كلنا ونخطبها رسمي.. ويكون ظافر جه من لبنان!
_ على البركة يا ابني.. سبحان الله انت وظافر كنتم بتتمنوا تتجوزا اختين.. اديكم هتاخدوا من نفس العيلة
مازحه: اظاهر أبواب السما كانت مفتوحة يا حج
وواصل بتنهيدة: ادعي تكون من نصيبي يابابا
تمتم بحنان: لو خير.. ربنا يجعلها من نصيبك ياحبيبي.. وكفاية ان ظافر واخد بنتهم عشان اطمن على اختيارك لبنت عمها
_ اه والله يا بابا ناس تشرف وواثق هتحبهم جدا
_ ربنا يألف قلوب الطيبين على بعض يا حبيبي.. يلا روح نام عشان شغلك.. وابقي صبح عليا لما تصحى!
+
نهض وأودع فوق جبينه قبلة محبة وذهب لغرفته، تناول هاتفه وكتب رسالة قصيرة يخبرها بقدومه، لكنه تراجع عن إرسالها.. لتكن مفاجأة ليتلذذ برد فعلها حين تراه!
استرخى على فراشه وغمغم قبل أن يسدل جفنيه:
هانت يا ملاكي ونكون سوا..مافيش حاجة هتمنعني عنك بعد كده!
------------------
+
-يعني ابن خالي جاي ياخدكم معاه المنصورة بكرة؟
_ايوة يا حبيبي عشان نحضر فرح عابد لأن أستاذ أدهم عزمنا احنا وخالك بنفسه..وفرصة نفضل عند خالك يومين كمان بعد الفرح الأسبوع الجاي
+
_وماله يا ماما.. انبسطوا وخليكم براحتكم.. بالعكس هكون مرتاح اكتر وانتي عند خالي!
+
_بس انا مابحبش اسيب ببتي كتير يا ظافر.. اسبوع كفايه.. عشان اختك تغير جو.. "
+
_هي فين صحيح؟
_راحت مع بلقيس وحماتك يشتروا هدوم للفرح.. بصراحة خطيبتك مش سايباها.. بتكلمها يوميا.. ومامتها ذوق جدا كل يوم تسالني لو محتاجة حاجة.. وحماك موصي لو احتاجنا انا وايلاف حاجة لازم نعرفه وانه مش غريب!
وواصلت بثناء واضح: بصراحة ربنا استجابلي ورزقك بنسايب يشرفوا وعزوة وسند ليك بعد ربنا!
+
_كله بدعواتك يا امي..عقبال ما ارجع وانا فايز زي ما بتمني
+
_بإذن الله هتفوز ..انا بصلي الفجر وافضل ادعيلك وواثقة ربنا هيستجيب..واستطردت بفخر: انت اصلا اشطر واحد فيهم والاطباق اللي بتعملها بتتكلم عن نفسها..!
ضحك لها: ومين يشهدلي غيرك..عموما يا ست الكل مضطر اقفل معاكي دلوقت وهبقي اكلم ايلي.. خدوا بالكم علي نفسكم يا ماما..!
+
_متخافش علينا ياحبيبي احنا بخير.. ربنا يرجعك لينا بالسلامة وانت مجبور الخاطر ياظافر..!
-----------------------
محمود: أنا هاخد مهند واتمشى بيه برة.. وخليكوا انتم في تحضيراتكم
زمزم: ماشي بس خد بالك منه ياحودة!
رد ساخرًا:لا مش هاخد بالي هسيبه في الطريق لوحده واجي
مازحته: لو قلبك يطاوعك اعملها ياحودة!
عبير متدخلة: يلا بقي هوينا ماتعطلناش ورانا شغل
_ كده يا بيرو؟ ماشي.. مش هتشوفيني لحد بالليل!
...............
" احنا بعدنا اوي عن البيت يا هوند.. خلاص خلينا هنا.. ايه رأيك ياقلب خالو نروح نلعب بالكورة عند الشجرة الكبيرة اللي هناك دي..ماشي؟"
اكتفي الصغير بابتسامة صافية وذهب به محمود حتى وصل لتلك الشجرة الصخمة وراح يلاعبه والصغير يهرول خلف الكرة ويحاول أن يتقاذفها بشكل مضحك، ومحمود يتعمد أن يشتته مستمتعا برؤيته يلهث بحماس خلفها، وأعاد قذفها ولم ينتبه للفتاة التي لطمتها الكرة بكتفها لتتسع عيناه عندما تبين. أنها هي.. إيلاف!
+
تبينته هي الأخرى واعترتها الصدمة ثم الخجل وهي تتذكر لقائهما الأخير وكيف قبلت هديته بمكر.. وهمت بتجاهله لتواصل سيرها هروبًا، فلحقها سريعًا صائحًا: أنسة إيلاف!
+
وقفت فتابع وعيناه تحاصرها : أسف على الكرة اللي جت فيكي.. معلش كنت بلاعب مهند ومأخدتش بالي!
أومأت هامسة: حصل خير
ثم دنت وحملت الصغير وهي تلاطفه بصوتها الرقيق: وحشتني أوي ياهوندا..!
أجاب محمود بتلميح خفي أدركته: وهو كمان اشتاقلك أوي.. ومش مصدق انه شافك هنا..!
+
شعرت بدقات قلبها تزداد وخافت أن يلاحظ ارتباكها، فتجاهلت قوله وهي تحدث الصغير: أنا همشي دلوقت بس ابقي سلم علي ماما وقولها مبروك .. همت بالسير، فأوقفها ثانيا: إيلاف أنا...... .
+
قاطعه نداء أخر باسمها من أحدهم، فالتفت له محمود ثم الأخيرة التي ذهبت اليه وقالت: أيوة يا أيمن أنا هنا
رمق الأخر بنظرة فضولية متمتما: انتي تعرفي الأستاذ؟
اقترب منهما وعرف عن نفسه بدلا منها قائلا: أنا محمود.. أبن اخو أدهم ابو المجد..!
بدى أنه تعرف عليه حين ذكر الأسم فقال: أيوة عرفتك انت ابن عم خطيبة ظافر ابن خالتي وأخو ايلاف..أهلا بيك يامحمود.. اتشرفت بيك
_ الشرف لينا..!
وواصل بفضول ولمحة غيرة داخله: وانت مين؟
_ أنا أيمن.. ابن خال إيلاف وظافر.. وعلى فكرة احنا معزومين على فرح عابد..!
أومأ له محمود قائلا ومازال يكتوي بالغيرة: هتنورنا.. وعلى فكرة، عابد واخد أختي..!
_ معقولة..طب ربنا يتمملهم على خير.. سبحان الله لينا نصيب نتعرف قبل حضور الفرح..عموما اتشرفت بيك مرة تانية
ثم نظر لإيلاف وقال: يلا احنا يا أيلاف.. أنا قلقت عليكي عشان خرجتي لوحدك وقلت اجي اشوفك.. انتي ماتعرفيش البلد اوي وخوفت تتوهي!
ابتسمت برقة: متخافش يا ايمن.. انا عارفة الطرق هنا كويس وبحب اتمشى لوحدي هنا..وعلى كل حال انا كنت خلاص راجعة البيت!
+
ورحلت تحت أنظار محمود المتعلقة بها وقلبه تنهشه الغيرة وهي ترحل بمصاحبة ابن الخال.. ود لو حدثها قليلا والأكثر تمنى لو طلب منها نزع نظارتها الشمسة حتى يرى عيناها، كما تمنى أن يسألها عن هديته وهل أعجبتها؟ ولم تسنح له الفرصة!
+
تنهد وهو ينظر للصغير يحدثه كأنه يعي كلماته : كان نفسي اكلمها يا مهند.. واقولك على سر كمان؟ أنا اضايقت اما شوفت ابن خالها معاها.. تفتكر بيحبها؟ مش بعيد.. هو مين مايحبش كتلة الرقة دي.. هو انا كده بغير عليها؟ يعني حالتي بقيت صعبة أوي؟
+
ظل الصغير يطالعه ببلاهة متنقلا بين عينهه وشفتيه.. فانتبه محمود لنظرة الصغير فضحك وقبلة على خده هاتفا: ليك حق تبصلي كده.. أكيد بتقول خالو اتجنن صح؟؟؟ طب اعمل ايه يا هوندا أنا عمري ما حسيت بالمشاعر دي مع حد.. طلع هو ده الحب اللي بيقولوا عليه!
+
وواصل وهو يعود لذات البقعة: بس تعرف.. أحلى حاجة إني هشوفها في فرح عابد!
الصغير: آبد..!
_ أيوة ياسيدي عابد حبيبك.. ربنا يسعده هو وأختي.. أنا فرحان أوي علشانها.. ابن عمي راجل يؤتمن عليها وهيصونها، وواثق انه هيربيك كويس لأنه بيحبك!
+
وصل للشجرة فتناول الكرة وراح يقذفها له والصغير يهرول خلفها وضحكته تُجلجل من جديد ومحمود يتابعه بحنان وحب مستمتعا بكل لحظة يقضيها مع هذا الملاك..!
-----------------------------
استعدوا لمراسم عقد قران عابد وزمزم بعد أن صمم الأخير أن ينال موافقة الجميع وألا يكون الأحتفال مجرد خطبة..ووجدت رغبته الترحيب من أدهم ومحمد وعاصم.. بينما ترددت زمزم لهاجسها أن كريمة لم تعطي مباركة صريحة لكن تكفل عابد بطمأنتها وإرجاء الأمر لوقته..وتسابقت الفتايات لتنطيم الاحتفال مع الشباب.. وتخصصت بلقيس بالاهتمام بالعروس وتزينها..!
+
_ عابد ذوقه في الفستان اللي جابهولك يجنن يا زوما
همست برقة والفرحة لا تساعها: فعلا ولونه وعجبني!
+
مالت وعانقتها هاتفة: لو قولتلك اني فرحانة عشانك كأنك أنا هتصدقيني؟ حتى ظافر استغرب مني وقالي اني بحبك اوي وغار منك تخيلي"
ابتسمت هاتفة بامتنان: ربنا يخليكي ليا يابلقيس.. عمري ماهنسى دعمك ليا ونصيحتك كأخت قبل ماتكوني بنت عمي!
_ ماتقوليش كده ده حقك عليا.. وكلنا فرحانين عشانك..ويزيد العاقل الراسي اللي عمره ما شارك في تنظيم احتفالات وأخره يهندس علينا..بيزين بنفسه المكان اللي هنحتفل فيه..
_ عقبال ما نفرح بيه هو كمان، وصمت لتتهند مع قولها:
بس تعرفي، حاسة. فرحتي ناقصة لأن طنط مش مباركة جوازي انا وعابد لحد دلوقت.. بتتعامل بجمود كأن اللي بيحصل مايخصهاش!
_ماتشغليش بالك بحاجة دلوقت وكله هيتظبط.. طنط اما تشوف عابد مرتاح ومبسوط هتتغير..وبذكائك لازم تكسبيها لصفك.. بعد ما الدنيا تهدي كلميها يا زمزم.. قولي اللي في قلبك.. لعلمك.. طنط تبان قاسية.. لكن هي طيبة اوي! ثم شردت بذكرى بعيدة هامسة: أنا مش ناسية استقبالها ليا لما جيت المنصورة اول مره بعد ما اتعافيت..حضنها الدافي وفرحتها علشاني كانت حقيقية..وانتي هتفهميها لأنك أم زيها، أكيد بتتمني لأبنك نجمة من السما..!
_ عارفة والله.. ومش زعلانة منها بالعكس نفسي اكسب رضاها.. كفاية انها ام اغلي انسان عندي
نكزتها بكتفيها وهتفت بخبث: ايوة كده اعترفي..ابن عمي سيطر عليكي وخلاكي تنطقي!
+
ابتسمت بهيام:طبعا، دفاعه عني قصاد ياسر وإنصافه ليا وكلامه عني ..ومصارحته بعدها.. كل ده مش هنساه.. تعرفي يابلقيس.. كنت نفسي احضنه وانسى الدنيا.. حبي لعابد مختلف كأني ماحبتش قبله..!
_ فهماكي.. وربنا يسعدكم.. ولعلمك كويس ان اختصرتم الوقت.. مافيش داعي تنتظروا، بإذن الله عمو أدهم هيبتدي يجهز ليكم جناح خاص عشان زفافكم.. عابد مش هيصبر كتير ومستعجل
_ عقبال ما اشوفك انتي وظافر ياحبيبتي، هو كده فاضله كتير علي مايخلص المسابقة؟
زفرت بشوق: يعني هي هانت.. بس وحشني اوي يا زوما، كأنه غاب سنة
ربتت على يدها: معلش ربنا يرجعه ليكي بهير وهو فايز إن شاء الله"
_ اللهم امين حبيبتي.. يلا بقي اكمل تجهيزك عشان الرغي اخدنا وهيبتدوا يستعجلونا..!
وصاخب قولها طرقات على باب غرفتهم، فقالت بلقيس:
مش قولتلك هيستعجلونا..!
+
دلفت جوري: إيه يا بنات لسه مخلصتوش، ثم ئفسحت المجال هاتفة: اتفضلي يا أمونة العروسة أهي"
_ ماشاء الله عروسة زي القمر
عانقتها زمزم بود: تسلمي ده من ذوقك، وانتي أحلى وأرق، ومبروك ليكي جوري حضرت خطوبتك من فترة بسيطة!
_ أيوة فعلا أنا بردو ليه عروسة جديدة!
جوري مكملة التعارف: ودي بقي بلقيس بنت عمو عاصم!
أمونة بتلقائية: إنتي بلقيس خطيبة......
وصمتت مبدلة حديثها ببعض الحرج: قصدي بنت عم يزيد، أصل أنا كنت بسمع عنك أيام الجامعة من يزيد يعني و...
+
أدركت بلقيس ما تقصد فهتفت: فهماكي، وأنا بسمع عنك من جوري وكلامها خلاني عايزة اشوفك.. وادينا اتقابلنا في أحلى مناسبة"
_ عندك حق.. ربنا يجمعنا في الأفراح دايما.. طب محتاجين أي مساعدة ؟
جوري بمرح: عايزين زغروطة ثم أشارت لزمزم وبلقيس مواصلة: الاتنين دول مابيعرفوش يزغرطوا.. ساعديني في المهمة دي وأحنا خارجين بزمزم
أمونة بذات المرح: بس كده؟ لا دي منطقتي.. هبهرك!
واستطردت: بس فين عطر مش شايفاها؟
_ بتشارك في التحضيرات مع يزيد اخويا.. ما انتي عارفة مهندسين زي بعض والديكورات لعبتهم، وخطيبك معاهم!
_ على خيرة الله!
+
واستأنفت بلقيس تزين زمزم بمساعدة أمونة، بينما تركتهم جوري لتتفقد الخارج!
+
--------------------------
+
اجتاحته الآن عاطفة تفوق الأخوة بكثير وهو يراه قادم بحلته الآنيقة وعيناه تبرق بسعادة لم تسكنها من قبل..يضم بين أنامله كف الصغير الذي يماثله بنفس الحلة.. وما أن تراهم حتى تُكبر سرًا خوفًا أن تصيبهما عين حسود انبهارًا بطلتهما التي تخطف القلب وتسر الناظرين ..!
+
_بسم الله ما شاء الله، شكلكم يجنن يا عابد، خليك واقف مع مهند أما أصوركم هنا الأول..وراح يلتقط صورا ضوئية متتابعة ثم دنى منه وعانقه بقوة هاتفا:
_ مبروك يا عبودي..مبروك يا أحلى عريس في الدنيا..!
+
بادله حرارة العناق هامسًا بمحبة: الله يبارك فيك وعقبالك يا يزيد.. أنا هفرحلك اكتر منا فرحان لنفسي!
_ عارف يا عبودي وقريب هتفرحوا.. بس يلا تعالى الكل منتظرك.. ثم غمزه مشاكسًا: وأول المنتظرين المأذون!
+
هتف بحماس: ده الغالي.
+
ضحك يزيد ثم تلقف مهند ونثر قبلاته هاتفًا: وانت بقى العريس الصغنون اللي هتسلم مامتك لبابا آبد..صح يا هوندا؟
+
خجل الصغير وهو يضع أصبعه بفمه ولا يعرف ماذا يقول، فضمه يزيد وقال: تعالي بقي اتصور أنا معاك عشان هحط صورنا على بروفايلي وأكيد هلم لايكات بالهبل على حسك.. يلا ياعابد صورنا بتليفوني..!
+
تناول الهاتف وفعل مثله ملتقطًا صور متتالية ثم توجه مع أخيه ليستقبل تهاني الجميع بالحديقة المزينة، لكنه وقف بغتة متسائل: ماما لسه زعلانة يايزيد؟
ربت على كتفه: ماتشلش هم ماما..صدقني أما تشوف الفرحة على وشك قلبها هيحن.. وأنا هكلمها زي ما وعدتك.. المهم انت خليك في نفسك وماتفكرش في حاجة!
--------------------
بمجرد انتهاء المآذون من مراسم عقد نكاحهم..تسابق ياسين وأحمد بخطف المنديل گ عادة متعارف عليها في الأعراس المصرية، ليفوز به ياسين، فمازحه أحمد: مبروك يا سينو.. هتتكسي.
يزيد: وليه ماتقولش هنفرح بيه قريب ونخلص منه.
عابد وهو يلتقط المنديل المزخرف بصورته هو وعروسه :
+
خلصتوا تأليش؟كل حاجة ترجع لصاحبها.. المنديل ده معمول ليا أنا وعروستي ذكرى لفرحنا!
ياسين بتذمر: بس أنا اللي أخدتوا أول واحد يعني من حقي!
عابد: روح يا ابني العب بعيد.. أنا أصلا مش عارف مين عزمك!
يزيد: ولا حد عبره
أحمد: براحة انت وهو على الواد.. ولا عشان طيب؟! سينو ده حبيبي!
ياسين: شوفتوا الناس الذوق اللي بتفهم، ثم هتفت بتوعد: ووحياة دقني لاردهالكم.. وهفكرك انت واخوك بياسين القديم!
................................. .
حان وقت دخولها عروسه تصاحبها الزغاريد التي أطربت أذنيه ترحيبًا بقدومها إليه تتوسط جميلات العائلة..لكنها فاقتهن جمالُا في عينه التي ازداد لمعانها تألقًا امتزج بحبه الجارف حين بصرها تتهادى نحوه بخجل محبب گ الأميرة التي تطل على رعاياها.. الحلم صار حقيقة ولن يفرقهما سوى الموت، رفعت عينيها تجاهه فتلقفتها نظرته الدافئة وأصابتها برجفة لذيذة وعلت دقات قلبها صخبًا..وصلت إليه فاقترب وأحاط وجهها براحتيه ملثمًا جبينها بقبلة رقيقة ود لو امتدت
لشفتيها لينهل من رحيقها بعد أن صار تذوقها حلاله وحقه، لكن الأحداق حولهما تحول بين رغبته.. لكن لن يُثنيه شيء عن تحقيقها بوقت مناسب!
+
أسدلت جفنيها خجلًا من نظرته الراغبة وأهدابها الطويلة السوداء بدت له ساحرة مع إطراقتها الخجول..!
+
_ مبروك يا قلب عابد!
+
قالها قرب أذنيها فردت همسته بأخرى خافتة: الله يبارك فيك!
+
_ وسعلي شوية أما اخد بنتي في حضني واباركلها..!
+
أفسح المجال لأبيها الذي ضمها بقوة واغرورقت عيناه فرحًا بها وقال: مبروك ياحبيبة ابوكي.. ربنا يسعدكم وعقبال ما نشوف ولادكم!
+
عابد مازحًا: شطبوا الجناح بتاعنا ياعمي وأنا احققلك امنيتك
أحمر وجه زمزم حرجًا وخجلًا، فنكزه أدهم موبخًا: اختشي يا ولد كسفت بنت اخويا، وتبع قوله بضمة حانية لزمزم هاتفا: ألف مبروك ياحبيبتي.. لعلمك أنا دلوقت مش بس عمك.. انا والدك التاني..!
هتفت برقة: ربنا يخليك ليا ياعمو!
+
أحتلوا مقعديهما المزينان وتوالت عليهما المباركات من الحضور والسعادة غمرت الجميع لكن ظلت فرحته منقوصة لأنها لم تشاركه اياها أو تباركه..حاول أن يسترضيها قبلًا فلم يلقى سوى جمود.. ونصحه أبيه ويزيد أن يتركها لتتقبل مع الوقت.. كم يتمنى عناقها الآن! ..ربتة رقيقة من أنامل زمزم أنتشلته من شروده فابتسم لها وأومأ لتطمئن.. لكنها تعلم وتشاركه الغصة.. العمة كريمة مازالت ترفضها..ونيل رضاها تحديها الأكبر وستفوز به لأجله.. لأجل حبيبها وزوجها عابد.. حتى لا يبقي في نفسه همًا..الروح فداءً له.. ولن تمل جهدا لإسعاده ورضاه هو ووالدته..!
------------------------------
استقبله يزيد بحفاوة عند البوابة ثم توجه للكبار وتبادل معهم التهاني ثم اختلى بأبيها كما اتفق معه يزيد..!
بادر أدهم بقوله: عرفت من يزيد إنك عايز جوري بنتي.. والحقيقة كلامه عنك كله صب في مصلحتك.. وانا شخصيا مرتاحلك ومعنديش أي مانع.. بس رأي بنتي هو الأهم لأن هي اللي هتتجوز.. عشان كده هسمحلك تكلمها وتاخد رأيها بعد الاحتفال ما يهدى شوية عشان الزحمة!
+
_أنا متشكر لحضرتك جدا إنك وافقت بشكل مبدئي.. وانا اتمنى الانسي جوري توافق.. أنا مش هلاقي افضل منها ولا منكم عشان أناسبكم!
_ ربنا يقدم اللي فيه الخير يا ابني.. وعموما لو وافقت.. تقدر تجيب أهلك وتشرفنا في أي وقت!
------------------------
_ بسمة، خدي أخوكي في ايدك وانتي رايحة الفرح عشان ماتمشيش وترجعي لوحدك!
_ يا ماما ابنك شقي ممكن يعمل كارثة هناك عند الناس.. أنا مش هغيب ساعة وراجعة!
هتفت المرأة بإصرار: اسمعي الكلام وخدي اخوكي في ايدك
_ حاضر هاخده وربنا يستر..!
.....................
+
ترجلت الطريق حتى اقتربت لفيلا الباشمهندس عابد فصاح أخيها: هنوصل الفرح إمتى؟
_ خلاص مش فاضل كتير..( وواصلت تحديرها الهاديء) حبيب اختك زي ما اتفقنا.. اوعي تتشاقى هناك وتحرجني.. دول ناس غريبة ياحبيبي!
_ بس أنا مش بتشاقي خالص
هتفت بتهكم: انت هتقولي،ده انت ملاك نازل من السما..!
---------------------
+
_ ألف مبروك ياباشمهندس.. مبروك يا استاذة زمزم!
+
رد عابد تحيتها مبتسما، بينما نغز زمزم شعورًا بالغيرة وهي تتذكر انها كانت الفتاة التي تُعدها العمة كريمة لتكون زوجة حبيبها، ورغما عنها هتفت دون "ود" عكس طبيعتها: الله يبارك فيكي..!
+
تعجبت بسمة من أسلوب ردها لكنها تغاضت عن الأمر، هما ليسا أصدقاء على كل حال ولا عتب على الغريب.. تنحت جانبًا، فمال عابد يهمس بأذنيها : ايه يا زوما انتي مضايقة من بسمة في حاجة؟
_ لأ.. ليه؟
_ ردك كان رسمي زيادة مع انها شغالة معانا وفي علاقة بينكم!
_ وانت مهتم ليه بكده؟
_ أبدا أنا مستغرب.. ومش متعود اشوفك بتكلمي حد كده!
_ عادي حاجة مش مقصودة وشايفة إني كلمتها عادي!
أومأ متغاضًا عن الأمر برمته، بينما تدري هي أنها تصرفت بفتور.. لكن ماذا تفعل..؟ التفتت لعابد الذي انشغل بتحية البعض وهمست داخلها ( اعمل ايه.. حتى غيرتي عليك مختلفة ومجربتش نارها بالقسوة دي قبلك)..!
---------------------
لامت نفسها للحضور وهي لا تعلم أحدا سوى العروسين والسيدة كريمة.. تلك الطيبة التي توسطت لعملها في المزرعة..الأفضل أن تذهب الآن بعد أن تبحث عن الصغير الذي اختفى من حولها بغتة.. تتمنى من الله ألا يكون سبب أختفاءه افتعال كارثة جديد! بحثت في الزحام ولم تجده.. فراحت تفتش عنه في الزوايا البعيدة نوعا ما ان الزحام..!
+
_ ياسين!
+
راحت تكرر النداء عله يسمعها ويأتي شقيقها المتعب..!
_ ياسين!
+
_ نعم؟! بتنادي عليا يا أنسة؟
+
استدارت سريعا لذاك الشاب الذي ظهر حولها بغتة ويطالعها بفضول واستغراب، فتجاهلته وراحت تنادي وهي تبتعد: ياسين أنت فين!
+
_ ما قولنا نعم!
+
استدارت تلك المرة تحدثه بسخط: وبعدين معاك ياجدع انت عيب التصرفات دي.. حتى بيوت الناس المحترمة مش بتحترموها..؟!
+
حدجها ياسين بذهول وهي تبتعد وتعود لبقعة الأحتفال، فصفق كفيه مغمغا بدهشة: ايه البنت المجنونة دي؟ وازاي تزعق معايا كأني لا سمح الله غلطت فيها.. هي اللي بتناديني وفي الأخر تبصلي بقرف وتمشي.. ثم هتف بتوعد( طب والله ما هسكت) وذهب خلفها..!
............... ..
قالت بتوبيخ بعد أن غادرت محيط الفيلا للخارج بطريق عودتها: ده اللي اتفقنا عليه يا ياسين؟ مش قولتلك بلاش شقاوة وماتبعدش عني؟ أديك اخرتني وانا عمالة ادور عليك..ومش هخلص منهم في البيت!
_ أسف يا أبلة بس الجنينة عجبتني وقولت اتفرج عليها
ولقيت مرجيحة حلوة اوي، قعدت اتمرجح والعب لحد ما انتي لقيتيني!
_ خلاص.. بس انا مش هاخدك معايا في حتة تاني.. ويلا قدامي نشوف تاكس عشان اتأخرنا..!
+
" لو سمحت يا أنسة"
+
أوقفها ياسين فرمقته باستخفاف وواصلت السير، فازداد حنقه وصار جوارها هاتفا: ممكن افهم بتبصيلي كده ليه كأني عملت حاجة؟ أنا صلا معرفكيش ومش فاهم في ايه!
+
وقفت تهتف بحدة: يعني جاي ورايا تكمل استظراف وتقولي في ايه؟ بجد بجاحة ماشوفتش زيها!
عادت تواصل السير، فقال بحدة: انتي يا اسمك ايه انتي اقفي عندك!..انا اعرفك عشان استظرف.. وبعدين مش انتي اللي ناديتي على أسمي؟
+
وقفت بعد أن انتبت لقوله والتفت قائلة وهي ترمقه بتوجس:
هو انت اسمك ياسين؟؟؟
عقد ذراعيه هاتفا بتهكم: أيوة.. أسمي ياسين..!
ثم دنى وراح يعد على أصابعه والإحراج منها بلغ مبلغه: _ومش بستظرف.. ولا بجح.. وبحترم بيوت الناس.. ومش بعاكس حد..وكل اللي عملته اني رديت على واحدة كانت بتنادي عليه!
+
تلجم لسانها وهي تطالعه بعيون متسعة مذهولة من صدفة تشابه الأسماء بينه وبين أخيها.. بينما انتبه هو للون عيناها المبهر بفضيته الصافية، وتحولت نظرته من ضجر لإعجاب وهو تتأمله بدورها دون وعي منها!
+
_ طلع أسمك على أسمي ياعمو..!
+
قاطع تواصل نظراتهما الصامت صوت الصغير، فجثى له ياسين بود هاتفا: هو مين فينا الكبير؟
_ حضرتك!
_ يبقى انت اللي أسمك على أسمي.. صح؟
فرك الصغير مؤخرة رأسه يستوعب ثم قال: أيوة صح..!
وواصل: بس اختي ماتعرفش أسمك!
رفع بصره نحوها ومنحها نظرة أخرى فارتبكت وأشاحت بوجهها بعيدًا.
+
، فغمغم الصغير بثرثرة غير محسوبة: أصل أختي كانت جاية تحضر فرح صاحبها.. وانا جيت معاها عشان يبقى معاها راجل!
+
همهمت ببلاهة وهي تحدق متعجبة بأخيها: صاحبها؟؟؟؟؟
+
كتم ياسين ضحكته واستلذ هذا الصغير وقال: يعني انتي جيت عشان تحميها؟
_ أيوة طبعا.. أنا بعرف اضرب كويس.. حتى اسأل اختي!
+
فاض بها الكيل من ثرثرته فجذبت كفه علي عجل وقالت:
أسفة على سوء التفاهم بتاع الأسامي.. عن اذنك!
+
_ أنتي بتشتغلي في مزرعة عابد؟؟؟
+
وقفت لتجيب تساؤله مستديرة تناظره بعفوية: أيوة!
+
أومأ وهو يرمقها بنظرة فاحصة..فواصلت السير بعيدًا وظل يرمقها وشفتيه تميل بابتسامة مسترجعًا تفاصيل ماحدث ثم همس بهمهمة خافتة: بنت حلوة أوي بس اخوها كارثة!
______________________
+
جذبتها للداخل بزاوية بعيدة عن صخب الاحتفال وهتفت بلوم: وبعدين معاكي يا كريمة!
أجابت ببرود: في ايه يا فدوى؟
_ انتي عارفة كويس في ايه.. معقولة قاعدة بعيد عن ابنك وعروسته زي الغريبة؟ انتي وشك ماضحكش ولا ابتسم، وابنك عمال يبصلك وخاطره مكسور بسبب تكشيرتك دي!
+
ظلت مطبقة الشفتين تقاوم غصة بكاء، فاستطردت تستفز غريزة أمومتها: ده عابد يا كريمة.. أطيب ولادك وحبيب قلبك.. يرضيكي تزعليه في عز فرحته؟..وبعدين مالها عروسته مش عجباكي ليه.. والله دي تدخل القلب وطيبة ورقيقة.. مش ذنبها انها جربت حظها قبل كده واترملت في عز شبابها..حاولي تتقبليها مادام ابنك بيحبها كده..!
+
ردت بفطاظة:
_ما انتي مش مكاني عشان كده بتتكلمي ببساطة.. لكن لو ياسين كنتي وافقتي تجوزيه أرملة ومعاها عيل؟ ولا كنتي هتقولي اجوزه بنت بنوت؟
+
حدجتها بنظرة عاتبة وقالت: أنا مش هدعي المثالية واقولك اني كنت أوافق ببساطة لأني فعلا اتمنى اللي ياخدها تكون أول حظه.. بس لو لقيت ابني مصمم عليها وبيحبها وخلاص وصلنا ليوم زي ده مستحيل احسسه انه لوحده وابقي معاه زي الغريب.. هو في الأخر حر في حياته ومسئول عن نفسه وأدرى باللي تسعده لأنه مش صغير!
+
صاحت بحدة: لو كانوا أدرى باللي يسعدهم ماكانش يزيد ابني اختار بنت عمه رغم تحذيري وانت عارفة النتيجة.. واديني اهو لتاني مرة بيُستهان برأي في جوازة عابد وكأني مش أمه!
+
" مين ده اللي يقدر يستهين بكلامك يا أمي؟"
+
أفسحت فدوى المجال ليزيد بعد تدخله وأشارت له بنظرة توحي بانسحابها ليأخذ دفة الحوار لعله يصلح الأمر أكثر منها
+
دني والتقط كفها ولثمه واحتفظ به بين كفيه ونظر لها وقال:
+
_ أنا متفهم شعورك يا ماما وعارف انك بتخافي علينا وعايزانا مبسوطين.. بس تفتكري لو كنت سمعت كلامك وماخطبتش بلقيس كنت هقتنع انها ماتناسبنيش؟ بالعكس.. يمكن كنت فضلت الومك طول عمري واقول حرمتيني من سعادتي.. لكن لما عاصرت التجربة بنفسي فهمت اني كنت غلطان واستفدت والمرة الجاية أكيد هختار صح لأني هتفادى اللي فات.. سيبي عابد هو كمان يعيش تجربته بنفسه هو كبير كفاية عشان يفهم احتياجاته.. هو حب زمزم ومتقبلها هي وابنها.. ليه تعترضي.. إيه ضمنك انه لو أخد غيرها ماسبقش ليها الزواج هتسعده؟ مش يمكن لو كان سمع كلامك واتجوز اللي اختارتيها كان فشل وطلقها وظلمها وبردو رجع لزمزم وهو مطلق؟
+
وبعدين المفروض تنصفي زمزم يا ماما لأنها مالهاش ذنب ولا يعيبها حاجة.. دي بنت عمنا وعارفينها واخويا أولى بيها مادام حبها.. ولو هتفضلي زعلانة يبقي ازعلي من نفسك قبلنا ولوميها قبل ما تلومينا..!
+
رمقته بتساؤل حائر، فأجاب: أيوة يا ماما.. مش احنا تربيتك؟ شربتينا الشهامة والطيبة وحب الناس.. زي ما اخدنا من بابا الرجولة والجدعنة وخلتيه في عيوننا مثلنا الأعلى وكنتي دايما تشيدي بيه وبينا..احنا طلعنا زي ما اتربينا بالظبط.. عايزة تفهميني انك دلوقت شايفة ان تربيتنا فيها خلل وغلط ومش بتتشرفي بيها؟
+
هزت رأسها بنفي قاطع: بالعكس أنا رافعة راسي بيكم كلكم وبحمد ربنا انكم طلعتم كده وبدعي ربنا يحفظكم من العين..
+
ابتسم بحنان: يبقي خلاص يا كيما فرفشي كده وتعالي احضني ابنك وشاركيه فرحته هو وعروسته وباركي ارتباطه!
+
وواصل ناصحا بمحبة: صدقيني يا ماما عابد عمره ما هينسى انك كسرتي خاطره في عز فرحته وهيفضل شايلها في قلبه.. ارجوكي روحي فرحيه هو وعروسته وخديهم في حضنك..لو ليا غلاوة عندك ما ترديش طلبي يا ماما خلي فرحتنا تكمل.. لعلمك حتى بابا مضايق.. وعمو محمد وطنط عبير حاسيين بنفورك وبردو زعلانين..شوفتي انتي مأثرة في كام شخص؟ وده إن دل فيدل على أنك مهمة وغالية عندنا كلنا..!
+
مثلما أثر بها حديثه عن حال عابد وفطر قلبها، غذى كذلك غرورها الطفيف أنها تمثل للجميع تلك الأهمية فأصابتها حالة من الرضا ضوت بعينيها وأدركها هو وعلم أنه أصاب هدفه، فمد أنامله يجفف بقايا عبراتها بحنان هاتفًا: طول عمرك طيبة وقلبك دهب.. ومازحها: عنده حق دومي يموت فيك ياغزال!
+
وبخته ووجنتيها تشتعل بخجل منه: عيب يا ولد!
ضحك وضمها بقوة وقبل قمة رأسها وقال:
حبيبتي يا كيما..وعشان تعرفي غلاوتك عندي.. قريب اوي هفرحك بخبر بتستنيه من زمان..!
شهقت غير مصدقة ايحاءه: بتتكلم جد؟؟؟ يعني هتريح قلبي وتتجوز؟ في واحدة عجبتك و... ..
قاطعها ضاحكا: بالراحة يا كيما كله هتعرفيه في وقته.. ودلوقت تعالي نلحق الفرح ونهيص مع عبودي.. وخلي موضوع جوازي ده مفاجأة!
+
هم بجذبها جواره فوقفت متسائلة بفضول زائد والفرحة تطغى عليها: طب ريح قلب أمك يا يزيد وقولي.. انا اعرفها؟ من بلدنا ولا القاهرة؟ حلوة؟ تعليمها ايه؟ نعرف اهلها؟
ابتسم وشاكسها: ريحي نفسك مش هضعف واقول حاجة لأنها مفاجأة.. واطمني يا ماما.. لو انتي مش رضيتي عنها مش هاخدها.. راضية كده ياكيما..؟!
+
طالعته بشك: بجد؟؟ يعني لو ماعجبتنيش مش هتزعل وتعمل زي اخوك وتصمم عليها وهتشوف غيرها؟
أومأ بثقة: طبعا.. وعد واذا خلفته ابقي وقتها ازعلي مني!
+
وسار بها قاطعا الطريق لأي أسئلة فضولية جديدة لينضما لشقيقه ويفرحون به ومعه!
__________________
+
تعلقت أنظاره بها وهي تقترب بصحبة شقيقه، حدجها بعتاب لائم واحتار بتفسير نظرتها إليه ولم يفهم هل ترسو على شاطيء الرضا أخيرا أم مازالت غارقة في بحر سخطها من زيجته هو وزمزم؟!. وجائته الإجابة بعناق حاني طوقته به بقوة بين ذراعيها ونحيبها تعلو وتيرته علي كتفه فضمها بشدة هامسا بأذنيا: كنت عارف إن عابد مش هيهون على كيما..!
+
هتفت من بين بكائها: عمرك ماتهون ياحبيبي.. ألف مبروك وربنا يسعدك ويتمملك على خير انت وعروستك!
_ اللهم امين يا ماما.. ولثم كفها قائلا: دلوقت بس فرحتي كملت!
ملست على شعره بحنان ثم حادت بنظرها جواره لتتقابل نظراتها بعين زمزم التي تنتظر منها المثل.. فعانقتها بمشاعر أقل كثير مما أظهرتها مع عابد وهمست باقتضاب: مبروك يا زمزم..!
+
لم تطمع الأخيرة بأكثر من هذا على كل حال.. يكفي أنها عانقتها حتى لو عناق بارد.. وعاهدت نفسها أن تأخذ بقلب العمة كريمة مكانة أكبر وأهم مما تظنها الآن!
_ الله يبارك فيكي ياطنط وربنا يحفظك لينا..!
+
أومأت لها ومازحها عابد:تعالي بقي نرقص أنا وانتي يا كيما..!
وبخته: أختشي يا ولد ارقص ايه.. ده كان ابوك نكد علينا..!
+
هنا جذبها يزيد ليراقصها مع قوله: حد يقدر ينكد عليكي وانا موجود؟ أنتي في حمايتي..فترك عابد مقعده وانضم إليهما وحاوطها مع أخيه وراحا يراقصاها وهي تضحك بخجل بينهم..ثم انضم إليهما أدهم الذي كان يراقب ما يحدث من بعيد، وأمسك كفيها هاتفا بولديه: وسع يا ولد انت وهو محدش هيرقص مراتي غيري..وانتقل الحماس للجميع وهم يصنعون دائرة حولهم مصفقين مع صافرات حماسية من ياسين ومحمود وأحمد، ثم توسطت الدائرة جوري وراحت ترقص مع والديها ليذهب عابد من بينهم جاذبًا زمزم و العم عاصم والعم محمد ليشاركوهم الرقصة وأحداقهم تنضح فرحة بدفء الأجواء.. لتتسع الدائرة أكثر وعاصم يراقص زمزم ومحمد يراقص بلقيس وكلما انضم أحدهم كلما ازداد الحماس لتسجل تلك العائلة لحظات لن تُنسى بتاريخهم والكبار يراقصون ابنائهم ثم يخطف انتباه الجميع توسط مهند وعابد يراقصه رقصة منفردة والصغير يتجاوب مكافئًا الجميع بضحكات صافية وحركات طفولية دمعت لها عين زمزم تأثرًا..
+
وبينما الجميع بذاك الصخب المحبب، وقفت هي تتابع من بعيد بابتسامة وعيناها لا ترصد سوى يزيد الذي تراه يرقص للمرة الأولى امام عينيها..تأملته بحب لتتلقفها نظرة عابرة منه، ليترك الساحة متوجًا لها..!
_ ليه. اقفة بعيد عننا؟
_ خابة أشوفكم من بعيد شكلكم أحلى، وواصلت تقصده:
_ أول مرة اشوفك بترقص ومبسوط كده!
+
أجابها وعيناه مسلطة على عائلته وخاصتًا أخيه:
_وأنا عمري ما شوفت اخويا مبسوط كده! والكل فرحان بشكل يخليكي تشوفيهم زي لوحة تستفزك ترسميها من جمالها..!
+
همست وهي تنظر لنفس النقطة: وزمزم كمان نظرة عيونها اختلفت.. كأن رجعتلها الحياة..!
غمغم متأملا تلك اللحظة جانب وجهها هي المستدير عنه:
الحب بيفرض هيمنته من غير مانحس ولا نعرف اتغيرنا ازاي وامتى..واستطرد بهمسة أرق نبرة: بالظبط زي إحساسي معاكي ياعطر!
+
على وجيب قلبها وخافت أن تستدير له فتغرق بسيل عاطفته وهي بالكاد تتماسك ولا تظهر قوة مشاعرها حتى تري ما سيفعله لأجلها.. مشتاقة حد اللامعقول لعطيته القادمة!
_ عطر..!
+
ندائه بدي لها گ رجاء كي تطالعه.. ففعلت!
وليتها ما استجابت!
عاطفتة المتدفقة من عيناه تسحبها گ عاصفة خطيرة تُحرضها على الاعتراف الآن انها تحبه دون انتظار أو شرط..! لكنها مارست أقصى قوتها لتظل متماسكة أمامه وعادت تنظر تجاة زمزم وعابد.. فواصل: انتي لسه مش مصدقاني؟!
+
_ مستنية الدليل اللي هتقدمهولي.. ولا أنا ما استاهلش تتعب عشاني يا يزيد وتعملي حاجة تطمن قلبي وتفرحني وتكون ذكري بنا طول العمر؟!
تنهد فلفحتها أنفاسه الدافئة مع قوله: انتي تستاهلي حتة من السما..!
ابتسمت برضا خجول ومازحته لتخفف تأثيره: لا ياباشمهندس أنا أحلامي أبسط من كده بكتير ويرضيني القليل.. المهم يكون نابع من قلبك عشان يوصلي ويسعدني!
+
غمرها بنظرة عامرة بمشاعره التي لا تقارن بما عاصره سابقًا:
_ أوعدك أوفي بوعدي ليكي... هتبكي من الفرحة!
----------------------------
الأجواء مازالت صاخبة ولا يجد فرصة ليتحدث معها..والأغرب أنها لم تراه بعد.. الحقيقة هو تعمد أن يختفي من دائرة بصرها.. يريد أن يأخذ رد فعلها عن قرب ووجهها الجميل يطالعه بذهوله المحبب..ليتأملها كما يتمنى بعد أن قتله الشوق لرؤيتها..!
+
عبس وجهه وتقطب جبينه وتبدلت نظرته الهائمة لحنق شديد وهو يراها تتوسط دائرة من الحضور وترقص بين العروس ووالدتها ونساء وفتايات أخريين من العائلة، ولا تخلو الساحة من شباب أيضًا..تبًا..كيف تفعلها؟ ومالها تتمايل وتتلوى هكذا؟ ألا يحق له جذبها وتوبيخها لما تفعل؟ للأسف ليس مسموح له سوى الموت غيظًا وهو يراقبها ترقص بخفة ورقة والفرحة تسود ملامحها..!
أخيرا انتهت من وصلة رقصها الفاتن وللحظ توجهت نحوه دون أن تدركه..خطى خلفها بحذر حتى وصلت لمكان أقل صخبًا وازدحام وصاح عليها: جوري!
+
وقفت كأنها تتبين من النداء، والتفت لتتسع عيناها ببلاهة لصدمتها برؤيته.. انفرجت شفتيها دون شعور وصارت شهية ومضحكة بذات القدر، فابتسم بخبث وقال: إيه رأيك في المفاجأة دي يا ملاكي!
+
نظرت حولها بتوتر ثم عادت تنظر له هاتفة بحنق بعد زوال أثر المفاجأة: انت جيت ليه وازاي؟ مين عزمك؟ محدش قالي انك جاي!
اقترب خطوتين فابتعدت للوراء بحذر وهو يقول:
أخواتك عزموني على الفرح.. اما ليه محدش قالك.. همس بنبرة ذات مغزى: هو أنا بمثلك أي صفة أصلًا عشان يقولولك اني جاي؟؟؟
+
تلجم لسانها وصمتت، فواصل بعد أن تذكر رقصها منذ قليل واكتسب صوته بعض الحدة:
سيبك بقى من كل ده وتعالي قوليلي، انتي ازاي ترقصي كده قدام الناس!
+
عتابه الغير مستحق وهو ليس ذو صفة لها أثار تنمرها وشراستها فصاحت: وانت مالك انت.. واحدة بترقص في فرح اخوها ايه دخلك؟
+
رفع حاجبيه بتوعد : بقى كده؟؟؟ طيب ماشي.. اللي عدى خلاص مقدرش اتكلم فيه.. لكن من هنا ورايح اياكي وحذاري ياجوري أشوفك بترقصي قصاد الناس حتى لو فرح اخوكي.. مفهوم؟
+
ضيقت عيناها باستنكار وطالعته گ مختل وقالت: أنت عبيط؟ أنت دخلك ايه فيا عشان تمنعني ارقص في فرح اخويا؟ وبأي صفة بتؤمرني؟
+
رمقها بنظرة مطولة ثم همس بصوت قوي وحدقتاه تطلق نحوها عاطفته الواضحة گسهم استقر في قلبها:
+
_ بصفتي خطيبك.. وحبيبك!
------------------------
+
تطالعه محاولة استيعاب ما قال للتو!
خطيبها؟ كيف؟
حاولت الهروب فأعاق هروبها وهو يتصدر الطريق أمامها بجسده مردفًا برجاء: جوري.. أنا وعدتك اني هاخد خطوة حقيقية ووفيت بوعدي..طلبت ايدك من باباكي ويزيد.. وهما رهنوا موافقتهم علي كلمتك انتي.. وسمحولي اتكلم معاكي الدقايق دي عشان اعرف رأيك بنفسي.. واديني بكلمك بمنتهى الصراحة.. وصمت يرمقها بنظرة ارجفتها أكثر قبل أن يعود ليواصل: عارف انك حاسة بيا وعارفة مشاعري ناحيتك.. ومع كده من حقك تسمعيها مني..!
+
أنا بحبك يا جوري.. ويشرفني تكوني حبيبتي وزوجتي وام ولادي.. عمري ما اتمنيت بنت قبلك ولا هيحصل بعدك!
قلت ايه يا ملاكي؟ موافقة؟
+
قلبها سيقف لا تعرف ماذا تقول.. تريد أن تهرب وقدميها متيبسة من وقع المفاجأة عليها.. التفتت حولها فبصرت شقيقها يزيد عاقدا ذراعيه يطالعهم.. فاحمرت وجنتاها فأومأ لها يزيد بإحاء أن كل ما يحدث بمباركته هو ووالده ليعلما رآيها الأخير..!
+
-قولت أيه ياجوري موافقة؟
+
ظلت صامتة ناكسة رأسها بخجل، فاستطرد:
أنا عارف انك مكسوفة.. بس ارجوكي اتخطي خجلك ده دقيقة بس وجاوبيني.. قوليلي اني مش همشي من هنا قلبي مكسور.. قوليلي انك ليا.. أجبري خاطر عاشق محبش قبلك ولا هيحب حد زيك!
+
صدقًا تود أن تمنحه ما يريده ويليق به وتعلن أنها له.. لكن ماذا تفعل والخجل يلجمها ويفرض سيطرته على صوتها دون مبالغة.. الفرار هو ما استطاعت فعله وهي تركض أخيرًا داخل الفيلا وتختفي.. لم يفسر عامر هروبها سوى رفضًا فنكس رأسه بحزن وطالع يزيد الذي اقترب بالفعل متسائل: قالتلك ايه؟
همس باحباط: معرفش.. ماقالتش اي حاجة.. شكلها مش موافقة عليا..!
+
اشفق عليه كثيرا وتخيل نفسه بذات الوضع وشعر بما يقاسيه فقال له بنبرة مازحة ليخفف عنه: اهدى ياعم وماتتسرعش، نسيت المثل اللي بيقول السكوت علامة الرضا؟
تمتم بصوت فقد حماسه: لا يا يزيد.. كان لازم اسمع رأيها
+
_ ولا يهمك.. استنى دقايق وانا هطلع اسألها واجيلك
+
غاب عنه وظل هو عابس الوجه وقلبه يعزف نغمة حزينة لاحتمال انها لا ترغبه كما يرغبها..يطارد حصى الأرض بحذائه والشرود الحزين يجتاحه بعد هروبها دون أن تخبره بشيء!
-------------------
+
تلهث..أنفاسها تتلاحق وتعجز عن تنظيمها..لا تصدق انها نجت من هذا الموقف.. الخجل جعلها تشعر بالدوار وكادت تسقط أمامه.. لكن العكس ما حدث.. وجدت قدميها تنطلق بالركض گ الطفلة الهاربة من فعلة حمقاء..ليتها استطاعت أن تبلغه موافقتها.. بل ليتها اعترفت مثله بحبها له!.. تبًا للخجل الذي كبلها بأصفاده!
+
" جوجو ممكن زيدو يدخل؟"
+
سمعت صوت أخيها الذي دلف بالفعل ومنحها ابتسامة هادئة واقترب وضمها إليه وقال بخبث: لعلمك أنا عارف ان عامر مش هيعجبك ولا كان عاجبني انا كمان.. يلا أهو راح لحاله ومشي!
+
حملقت بذهول وهتفت دون وعي ووجها اصطبغ بالصفرة: مشي؟ عامر مشي يا آبيه؟ يعني انت رفضته؟
+
واصل وداخله يتسلى بخداعها: أه طبعا لما لقيتك جريتي من قدامه.. قلت خلاص يبقى اختي مش عايزاه.. وقولتله مافيش نصيب وخلاص مشي.. عشان نفض السيرة دي من أساسها.. خليه يشوف عروسة غيرك، البنات كتير..!
+
ثم تظاهر بالشفقة: بس مسكين صعب عليا والله، ده كان هيعيط..يلا ربنا يرزقه ب...
+
- بس انا موافقة!
+
قاطعته بصياحها المذهول، فتمتم بتعجب زائف: موافقة على عامر؟ غريبة! أمال جريتي ليه وماردتيش عليه؟
+
هتفت وهي توشك علي البكاء: اتكسفت يا آبيه اتكسفت!
+
_اتكسفتي؟ يعني انا اتسرعت ومشيته وانتي عايزاه؟ طب والعمل يا جوجو هنعمل ايه دلوقت؟ معقول نرجع نقوله بنتنا موافقة وكانت بتهزر معاك؟
+
هتفت بذات النبرة بين البكاء والندم متناسية خجلها تماما:
ماينفعش طبعا يا آبيه.. هيقول علينا ايه..!
+
لانت ملامحه وكف عن مزاحه وفاض عليها بابتسامة حانية وهو يرمق رأسها المُطرق، ورفع وجهها إليه وقال: يعني موافقة على عامر يا جوجو؟!
+
حدجته بحيرة، فجذبها من يدها إلى الشرفة وأشار لها قائلا:
_عامر أهو لسه واقف مستني ردك يا قلب اخوكي..وانا طلعت اعرف رأيك لما قال انك اتكسفتي منه.. ها؟ قرارك النهائي ايه؟
+
ضحكت بخجل واختبئت فصدره هاتفة: طلعت مكار يا آبيه.. ومش هسيب حقي..هردلك نفس المقلب ده وبكرة تشوف!
+
ضحك من قلبه وعانقها أكثر وقال:
حبيبتي يا زئردة.. مبروك يا روح قلبي.. عامر شاب محترم ويستاهلك..هنزل بقى اطمن الراجل احسن ده كان هيروح فيها..!
+
وتركها لتظل هي تطالعه من شرفتها بهيام وقلبها ينبض بقوة وسعادتها لا يسعها الكون..ها هو حبيبها يقف على عتبتها وينتظر رضاها عن زيجته.. وكما وعدت نفسها من قبل..!
لن ترد عاشقها خائب الرجا..!
----------------------
+
هدأ صخب الاحتفال فغمز عابد لشقيقه گ إشارة متفق عليها بينهما مسبقًا، فصاح يزيد قائلا: ياجماعة أنا جوعت جدا واكيد انتم كمان، وواصل: وطبعا العرايس من حقهم يتعشوا سوا في هدوء شوية..خلينا ناخد فاصل ونرجع تاني وأشار لأخيه: تعالى يا عابد أنا محضرلك قاعدة خاصة بيك انت وعروستك عشان محدش يبصلكم في الأكل
+
محمود بمزاح: طب نيجي معاهم نفتح نفسهم.
ياسين: ايوة وإلا عيني هتبقي في العشا بتاعهم
احمد: ولازم نشوف بنفسنا عشاهم زينا ولا مميزين عننا؟
ياسين: كلام أحمد مظبوط، افرض هما عندهم بط وحمام واحنا ضاحكين علينا بشريحتين بانية وطبق مكرونة؟؟؟
+
تدخل أدهم ليوقفهم بحزم مازح: بس يا ولد انت وهو وهو.. سيبوا ابني ياخد راحته مع عروسته من غير قر.. ونظر لعابد:
روح ياعبودي وانبسط انت وعروستك وأنا مش هخلي حد فيهم يهوب ناحيتك!
+
قبل عابد خده بمرح: أصيل يا أدهم، نردهالك في الأفراح يا غالي.. ثم رمق أصدقائه بتوعد وذهب بعروسه التي تابعت حوارهم بخجل شديد!
-------------------------------------
ما أن انفرد بها بتلك البقعة الخاصة المحجوبة عن الجميع، حتى اعتصرها بين ذراعيه بعناق شديد طال دقائق ووجهه يختبئ بعنقها ويقبله ثم انتقلت شفتيه تُقبل رأسها وبين عيناها بحنان وحب جارف وهي غارقة بعاطفته وتقدر شوقه الذي نضح ما أن أصبحت له.. غير واعي لشيء سوى أنها بين يديه.. زوجته شرعا..وكلما أطال عناقها ليرتوي.. أزداد عطشًا،
_ أخيرًا بقيتي ليا يا زمزم.. مافيش حاجة بعد كده ممكن تفرقنا.. أنا وانتي ومهند هنكون عيلة حلوة مع الأيام هتكبر بحبنا لبعض!
همست برقة: إن شاء الله نفضل دايما سوا ومافيش حاجة تفرقنا ياحبيبي..!
+
ابتعد ليطالعها: انتي قولتي ايه دلوقت؟؟؟
_ بقولك هنفضل دايما سوا..!
_ لأ.. أخر حاجة قولتيها ايه؟
+
ادركت مقصده فابتسمت ونكست رأسها خجلًا، فرفع ذقنها وهمس وهو يغوص بعيناها: أول مرة اسمعها منك.. قوليها تاني.. عشان خاطري!
+
رجاءه أضعفها فطمست خجلها لتلبي طلبه وتسعد قلبه كما أسعدها واغدق عليها بالكثير ويستحق منها الأكثر..همست دون أن تحيد عيناها عنه محررة مشاعرها:
+
_ حبيبي وحياتي وعمري كله ليك يا عابد..!
أيامي بيك بقي ليها طعم وحياتي بقي ليها معني..وبحبك أضعاف مابتحبني.. وعمري ما هنسى انك صممت عليا رغم رفض مامتك و...
+
أسكتها بأنامله على شفتيها وعانقها هامسا:
بس ماتكمليش.. خليني افرح بكلامك اللي ماصدقت اسمعه منك وسيبي موضوع ماما بعدين..!
وبعد أن أفرغ عاطفته بعناقها الطويل، أجلسها أمام مائدة الطعام وقال: تعرفي كنت بتمنى ايه كمان؟
_ إيه؟
قارن قوله وهو يلتقط قطعة لحم ووضعها بفمها هاتفا: كان نفسي تاكلي من ايدي.. زي ما الرسول عليه الصلاة والسلام كان بيعمل!
+
لمعت عيناها بتأثر وفمها يستقبل الطعام من بين أنامله التي تعمدت لمسها بنعومة، فابتسمت وابتعدت لتفعل مثله مع لمحة حنان أمومي له، فتلذذ هو بمذاق أناملها ولثمها ومضي الوقت بينها سريعا وعادا ليواصلا احتفالهم بين الجميع لتمتد السهرة لأولى ساعات اليوم التالي!
______________________
+
_ امتي تيجي بقي يا ظافر وحشتني اوي
_ هانت يا بلقيس خلاص الفاينل يوم الأربع الجاي وانا في كل الأحوال هنزل الجمعة بإذن الله!
_ بأمر الله هتاخد مركز أول!
_ الله أعلم الاتنين اللي معايا مستواهم عالي بردو..واحنا التلاتة بنحلم بالمركز الأول!
_ بس انتم بالفعل اخدتو مراكز.. لأن لو واحد فاز التانيين هياخدوا ضمنيا مركز تاني وتالت.. صدقني انا معتبراك فايز لأنك وصلت للفاينل..عشان كده انا محضرالك هدية هتعجبك!
+
همس بنبرة حانية: هديتي اني اشوفك.. ماتعرفيش وحشتيني قد ايه..
ابتسمت بمحبة: مش أكتر مني ياظافر.. ومحضرالك هدية هتعجبك
_ إيه هي؟
_ لا دي مفاجأة، هتعرف لما تيجي!
_ ماشي يا ست الحسن.. عاملة ايه في شغلك مع بابا، وأخبار السواقة ايه؟
_الحمد لله واحدة واحدة بفهم الشغل اكتر وبابا بيساعدني.. والسواقة اتعلمتها بقيت اروح بيها الشركة ومشاوير خفيفة كده..مش عايزة بابا يقلق، عارفة انه بيحاول يتحكم في خوفه عليا عشان يحسسني بالحرية ويبسطني!
همس لها: مش هو بس اللي خايف عليكي.. أنا كمان عايزك تاخدي بالك وانتي سايقة، وبلاش مشاوير طويلة لحد ماتكتسبي خبرة مع الوقت"
_ ماتقلقش عليا واخدة بالي كويس.. المهم انت ارجع بالسلامة عشان نخرج سوا، عايزاك تعوضني غيابك..!
+
لو رآته لأدركت غموض نظرته وهو يهمس: أوعدك..هعوضك!
-----------------------------
3
الأحداق مترقبة والأنفاس مسلوبة.. والتصفية وصلت لخطوتها الأخيرة، تضم ثلاث متسابقين جميعهم يستحق الفوز.. لكن قانون المسابقة لن يمنحها إلا لإحداهم..
+
.الموسيقى تعزف على أعصابهم وتوحي بالغموض!
يصاحبها أضواء ملونة تتراقص حولهم وتصبغ ألوانها القوس قزحية المسرح الذي يعتليه ظافر ورفاقه..التوتر بلغ منه مبلغه..يجهز نفسه للاحتمال الأسواء..بينما يبدأ كبير الحكام بكشف الستار عن الفائز الأول في مسابقة توب شيف.. والتباطؤ منه مقصود بمقدمة سردية بليغة..
ليعلن أخيرًا عن أسم الرابح!
+
" ظافر الشباسي!"
الممثل لدولة مصر الشقيقة!
هو الفائز بلقب "top Chef" لهذا العام!
+
لوهلة ظن أنه سمع أسمه خطأ
نظر حوله فتلقفه عناق رفاقه بسماحة نفس طيبة مهنئين له
وأصوات الحضور تصدح بصراخ حماسي مع صافرات عالية
وبدأ يستوعب.. لقد فاز باللقب!
نال ما تمناه في المسابقة
+
شبك كفيه وحجب وجهه لحظات ليخبيء انفعاله اللحظي
وعاد بعد أن ضبط ايقاع مشاعره
وحانت لحظة كلمته گ فائز يمثل بلده الحبيب
" مصر"
توسط دائر الضوء
وبدأ كلماته المنغمسة بانفعال فرحته التي يحاول تقنينها:
+
( الحقيقة أنا مش عارف اقول أقول.. الفرحة لجمتني.. ماكنتش متوقع أكسب، مش عدم ثقة في قدراتي.. لكن لأن اللي وصل معايا التصفية أقوياء جدا وفخور اني كنت معاهم.. وأنا مش بعتبر نفسي الفايز الوحيد.. هما كمان فازوا لما وصلوا "للفاينل" بجد أنا عشت تجربة فريدة من نوعها اتعلمت منها كتير.. وعرفت ناس بعتبرهم كنوز.. وجمعتنا مواقف مؤثرة وحصل بنا ترابط قوي رغم ان كل واحد من بلد وله عادات مختلفة.." وصمت يلتقط أنفاسه وواصل" أنا سعيد بخوضي للمسابقة وبشكر كل الحكام.. وبهني زمايلي المتميزين جدا)
+
وجاءت لحظة إهداءه هذا الفوز، فقال:
+
دايما بيقولوا خلف كل رجل ناجح إمرأة!
بس أنا محظوظ لأنهم تلاتة!
+
صدحت همسات مازحة، فقال بمداعبة:
لا ياجماعة فهمتوا غلط، مش متجوز تلات أنا أعزب!
واستطرد: التلاتة هما والدتي أعظم واحن أم في الدنيا
وأختي الصغيرة اللي بعتبرها بنتي
وخطيبتي وحبيبتي "بلقيس"
اللي متأكد إن هي والباقيين بيبكوا من الفرحة دلوقت!
+
دول اللي دعموني وسبب نجاحي بعد ربنا طبعا
عشان كده أقل حاجة اقدمها ليهم.. هي فوزي بالمركز الأول!
+
لباقة كلمته وحضوره الطاغي أصبغوا على طلته جاذبية خاصة.. وهبط ظافر الدرجات القليلة علي المسرح وراح يصافح الحكام واحد تلو الأخر مجيبا تهنئتهم بتهذيب واحترام..!
+
أما هي فصدق توقعه!
كانت تبكي بانفعال بصدر دره التي تشاركها ذات الحالة
_ بطلي عياط بقى.. الحمد لله خطيبك فاز وخلاص راجع، عايزة ايه تاني؟.. يلا بقى فكري في هدية حلوة تقدميها لما يوصل!
+
هتفت بصوت متهدج من الفرحة:
أنا فعلا محضراله مفاجأة يا ماما..!
+
ولم تعرف أن المفاجأة الأكبر
من نصيبها هي!
---------------------------------------
+
الفصل الأربعون.
_______________
+
ساحة العودة تسع كل غريب!
أهلًا بك لو كنت غائب عن وطن.. وعدت سالمًا!
أهلا بك لو كنت شارد عن قلب.. فوجدت ضالتك!
أهلا بك لو كنت غافل عن حقيقة.. وفهمت!
اليوم تلتهب الكفوف ترحيبا بكل عائد!
واليوم ترتوي القلوب وتكتحل العيون بكل حبيب!
………………
+
أنهالت التهاني عليه بغزارة بعد خبر فوز خطيب ابنته الذي انتشر بجميع المواقع وتصدرت صوره الجرائد والمجلات گ نجم ساطع من نجوم المجتمع في مجاله بعد حصوله علي لقب ليس غنيمة له وحده.. بل طال صيتها بلده التي مثلها هناك..سجد لله شكرا أن منح بلقيس شاب مثله مميزاته لا تنتهي..!
كما يرقص قلبه وهو. يشاهد فرحة صغيرته التي وصلت حد البكاء.. كم تحبه.. وكم هو سعيد لأجلها..!
+
_ اتصلت باخواتك عرفتهم ياعاصم!
+
_ هما اللي اتصلوا يباركولي..ووصيت أدهم يدبح حاجة لله ويفرقها هناك!
_ يستاهل والله.. ربنا يحميه.. انا كلمت مامته وبتعيط من فرحتها، هنروح نزورها انا وبلقيس بعد شوية ونعمل الواجب!
_ خلاص خلي السواق يوصلكم، وأنا هخلص شغلي ونتقابل لما ارجع!
_ لا هنروح بعربية بلقيس انت نسيت؟
_ أه والله نسيت.. طب على مهلكم.. خليها تسوق براحة
_ متخافش انا معاها..!
____________
+
_ عاصم أخويا فرحان أوي بخطيب بنته..وصاني ادبح عجل وافرقة هنا للغلابة!
+
_أكيد يا أدهم، ماهو في حكم ابنه دلوقت، وبصراحة الولد ابن ناس ومحترم وطموح!
+
قالتها بنبرة محايدة هي تساعده بنزع جاكيته، فواصل: وبما أن الأخبار الحلوة بتحيب بعضها، هقولك خبر حلو.. فاكرة عامر اللي كلم يزيد عن جوجو؟
أومأت بحماس: أيوة فاكراه!
_ كلمني بنفسه وهيجيب اهله ويجوا بعد وصول ظافر، شكلهم اصحاب اوي ومش عايز يجي من غير صاحبه!
تنهدت براحة مختلطة بفرحتها: الحمد لله ان ربنا كرمها بعريس كويس زيه، بس على كده هياخدها القاهرة؟
_ امال هيتجوزها ويسيبهالنا يا كريمة؟
عموما كل واحد في عيالنا له مكانه هنا واكيد هيخصصوا لينا وقت.. المهم يكونوا مبسوطين!
_ عندك حق!
+
واصل لغرضٍ ما في نفسه: واهو ربنا كرم ابننا عابد هو كمان بواحدة بيحبها وبتحبه وهتصونه.
+
لاحظ عدم تجاوبها گ السابق حين ذكر زمزم فجذبها وقال برفق: بس عارفة يا كريمة مين كانت ملكة الفرح؟
+
أدركت أنه يقصد زمزم، فشعرت ببعض النفور واكتفت بنظرة باردة لا تشي باهتمامها، فاستطرد بعد أن منحها نظرة محبة: انتي!
+
هنا اتسعت عيناها معبرة عن دهشة حقيقية وهي تشير لصدرها: أنا؟؟
+
أومأ ومازال يرمقها بحب أثقلته السنوات : أيوة انتي يا كريمة.. انتي اللي ولادها كانوا حواليها كأنهم بيحوطوا على ملكة.. انتي اللي فرحتها كملت فرحتنا الناقصة..انتي اللي جبرتي بخاطر ابنك ومراته حتي لو مجاملة بس ماكسفتيهاش.. اللي مقدرتش تشوف ولادها وجوزها زعلانين رغم انها لسه مش راضية..هي دي الملكة اللي الكل بصلها واحترمها.. وانا اول واحد احترمتك وفخور بيكي..!
+
مد كفه وجفف دموعها وضم رأسها لصدره: ساعات بنرفض حاجات ونظن فيها الشر وهي مخبية جواها الخير.. ابنك أصيل ومعدنه نضيف يا كريمة، كان ممكن يرفض ياخد بنت عمه ويقول زي ما قولتي، بس هو عمل العكس، قال أنا أولى بيها.. ابنك بإذن الله ربنا هيرزقه بالجنة عشان هيربي يتيم.. وان كنت فخور بتربيه.. فخري بيكي اكتر لأنه تربيتك.. انا كنت غرقان في شغلي وسايبهم أمانة تزرعي فيهم اللي انتي عايزاه.. وأثبتيلي انك كتتي قدها.. كل عيالي فخور بيهم بفضلك!
+
شعر بهزة جسدها فوق صدره جراء بكاءها الصامت متأثرة بكلماته، فأبعدها قليلا ليبصر وجهها مستأنف: صفي قلبك من ناحية زمزم واسمحيلها تقربلك..وأنا واثق انها هتعرف تكسبك وتكون في معزة جوري.. توعديني ياغالية؟
أومأت وهي تزيل بكفيها دموعها ونظرت له بإجلال وامتنان ومحبة لا تخفت جذوتها، فكيف ترد له طلبًا بعد أن دللها وهزم داخلها العناد والغضب؟!
+
_ حاضر يا أدهم، عشان خاطرك هحاول اتقبلها..!
____________________________________
+
_ تليفوني مابطلش رن من وقت ما ظافر فاز بلقب توب شيف.. أنا فخورة بيه أوي يا ماما.. أخويا ده أفضل راجل في الدنيا كلها.. يا بخت بلقيس بيه!
+
لمعت عيناها بذات الفخر والحب: ربنا يحميه ويحميكي يا ايلي ويرزقك بواحد زي اخوكي كده"
+
_ تفتكري في زيه يا ماما؟ أشك؟ عشان كده انا مش هتجوز
نكزتها برأسها: بس يابنت سيبك من الكلام ده، خلصي الطب بتاعك ده الأول.. وبعدين ولاد الحلال كتير وانا بدعيلك ربنا يطمني عليكي انتي كمان..!
_ إن شاء الله يا مامتي، بس صحيح أنتي خلاص وافقتي على طلب بلقيس؟
+
_ بصراحة مقدرتش اكسفها لأنها ألحت عليا جامد..ولما فكرت مع نفسي قلت مادام ابني هيكون مبسوط بالمفاجأة خلاص.. أنا عايزة ايه غير كده!
_ أه والله يا ماما.. تعرفي.. بحس بلقيس بتحب اخويا اوي.. وبتعزني وبتسأل عليا كل شوية.. حاسة اننا هنكون اكتر من الأخوات، ومبسوطة انها هتيجي تعيش هنا معانا..بس يارب ينجزوا بقى خليها تيجي وتونسنا..!
+
همست بومضة عين: هانت!
______________________________
+
لم يصدق حين بصرها تدلف مكتبه للمرة الأولى منذ أن أستقرت هنا.. تمتم بحفاوة صادقة: ست البنات كلهم وبنت عمي الغالية بنفسها جاية تزورني؟.. لا ده أنا هسجل اليوم ده من ايامي المميزة!
ابتسمت لحفاوة استقباله وقالت: والله دي زيارة متأخرة يا يابشمهندس.. المفروض كنت جيت قبل كده.. بس معلش انت عارف كل حاجة!
+
قال بسماحة: عارف يابلقيس، وبعدين مافيش بنا الرسميات دي.. ثم أشار لها: اتفضلي وقوليلي تشربي ايه؟ ولا تحبي نفطر سوا؟
_ لالا فطار ايه.. أنا فطرت وشربت قهوة كمان.. ومش عايزة اعطلك عن شغلك.. ( والتقطت من حقيبتها علبة مغلفة وقالت) أولا دي هدية بسيطة مني بما ان دي زيارت الأول ليك.. اعتبرها تهنئة متأخرة!
+
تناولها وما أن نزع الغلاف اللامع عن العلبة الأنيقة حتي نظر مآخوذًا من تميز هديتها وقال بإعجاب حقيقي: الله يابلقيس..حاجة فخمة وروعة في نفس الوقت، بجد هديتك مميزة وعجبتني!
+
_ طب الحمد لله إن ذوقي عجبك، واستطردت بتلميح مبطن: يارب تعجبها هي كمان!
حدجها بدهشة: هي كمان؟ تقصدي مين؟
_ أقصد صاحبة القلم التاني في العلبة.. اللي هتشاركك حياتك وتستحق تمتلك تاج العرش اللي بيمثله ضمنيًا تصميم القلم اللي أختارته ليك!
+
حاد بصره لفحوى العلبة التي ضمت بالفعل قلمين بذات الطراز مع اختلاف لونهما وغطائهما المزخرف بتاج العرش، فعاد يطالعها رافعًا حاجبيه بمشاغبة:
+
هي بنت عمي تقصد حاجة معينة، أو حد معين؟؟؟
+
_أبدًا..بس انت في يوم من الأيام هتتجوز.. وتقدر تقول دي هدية مسبقة مني للي هتختارها.. وأكيد قبل ما تستحق عرش القلم ده.. تستحق عرش قلبك يا يزيد.. ودي حاجة ماتتقدرش بكنوز الدنيا..!
+
لمعت عيناه بعاطفة أخوية خلت من كل مشاعره الماضية التي توهمها يومًا.. متعجبًا حالهما.. من كانت بالأمس تمثل له الحبيبة وتلوى لفراقها آلمًا..هي ذاتها من تقف أمامه الآن وتتمني له السعادة وصدق نبرتها غمر قلبه وأكمل سعادته وسلامه النفسي..!
+
تنحنح ليجلي صوته من تأثير مشاعره هاتفًا:
أول مرة اكون مش لاقي كلام اقوله..!
+
_مش محتاج تقول أي كلام، ومافيش مابنا شكر، وبجد انا فخورة بيك وباللي حققته وبتمنى ربنا يزيدك..على فكرة أنا لسه منتظرة اغير صورة بروفايلي بجملة ( أنا أخت العريس)..وحاسة أني مش هستني كتير..!
+
ابتسم مطرق الرأس وغمغم: هو أنا شكلي مكشوف ولا ايه!
ضحكت هاتفة برقة: يعني مش مكشوف أوي.. أو تقدر تقول العصفورة بتاعتي فتانة.
+
ضحك لها: دي عصفورة عايزة تهذيب.. عموما من غير ماندخل بنا عصافير فتانة.. أحب اطمنك، قريب أوي هتغيري صورة بروفايلك!
+
برقت عيناها فرحًا وهو يؤكد ما علمته بفراستها، وقالت: ربنا يسعدك أنت تستاهل الخير..!
_ويسعدك انتي كمان، عمي فرحان بيكي اوي وبيشكرلي في سرعة استيعابك معاه في الأدارة.. وواصل بمرح: ومحدش قدك يا ستي خطيبك فاز في التوب شيف والمجلات ومواقع التواصل والأخبار كلها مغطية الخبر ده.. يعني مش هنعرف نكلمكم بعد كده!
+
قالت بفخر : بذمتك مش يستاهلها؟ هو كان أشطر شيف ويستحقها
+
مازحها: طبعا وهتقولي ايه غير كده مش خطيبته!
عبست بدلال: أخص عليك، يعني هو مايستاهلش وانا بجامله؟"
_ لا والله بالعكس، انا كنت بتابعه أسبوعيا، فعلا اللقب أخده باستحقاق تام وعن جدارة.. بهنيكي على نجاحه وربنا يوفقه!
+
ابتسمت بود: الله يبارك فيك يا يزيد، نيجي بقى للسبب التاني اللي جيت عشانه، الحقيقة أنا محتاجة مساعدتك أنت وعطر..!
_ أنا وعطر؟ خير..انا في كل الأحوال تحت أمرك من غير ما اعرف!
_ ده المتوقع منك تسلملي.. وبالنسبة لعطر انا هتواصل معاها مباشرة.. انا بس حبيت تعرف أنها هتكون معانا.. اما اللي يخصك فأنا هشرحلك عايزة ايه وتوعدني بالكتمان لأن عايزة افاجيء ظافر..!
+
وبدأت تسرد عليه ما تريده منه ليغمغم بعدها: بس كده، من عنية.. اعتبري كل طلباتك حصلت وعلى أكمل وجه!
هتفت وهي تنهض ملتقطة حقيبتها: أتفقنا، هسيبك بقى عشان تنظم الدنيا، لأن الوقت ضيق وظافر خلاص جاي بعد يومين وعندي حاجات كتير اوي لازم اعملها..!
+
_ تمام، يلا عشان اوصلك و… .
قاطعته: لا توصلني ايه.. أنا جاية بعربيتي وهمشي لوحدي ماتقلقش، سلام!
+
ودعها ثم وقف يتأمل هديتها ثانيًا متخيلا لحظة امتلاك صغيرته إحدى القلمين بتاجه المميز..منذ الآن ستقاسمه كل شيء في حياته..سيخططان لحياتهما سويًا..وتتلون أيامه معها وكل لون سيحكي بينهما قصة جديدة.. ويرسخ عشقًا لن ينال منه الزمن..!
+
أغلق العلبة ووضعها في درج مكتبه بحرص، ثم مالت شفتيه بابتسامة غامضة بعد أن طرأ بذهنه خاطر ما.. أخيرًا وجد الطريقة المناسبة. ليحوز علي رضا فواحته بمفاجئة لن تتوقعها..
وستجعلها تبكي فرحًا..!
________________________
+
صفقت كفيها بعجب حقيقي:
_يزيد عمل فيكي المقلب ده؟
_ أه والله، وانا شربته وقلت عامر مشي واتقهرت وكنت هعيط..ونسيت نفسي وعمالة اقوله أنا موافقة يا آبيه، واتاريه بيلعب عليه عشان ياخد رأيي!
+
ضحكت بشدة وهتفت من بين ضحكها: لا بجد برافو عليه عرف يلعبها صح..حبيب قلبي.
+
_ اضحكي ياختي.. وربنا ما هسيب حقي.. هحضرلكم مقلب يطلع من عنيكم!
_ طب وانا مالي يامجنونة.. هو انا عملتلك حاجة؟!
_ ماهو باعتبار ما سوف يكون، وهتبقي مرات اخويا وخالة عيالي الهبلة!
قذفتها بوسادة: احترمي نفسك.. انتي اللي عبيطة وانضحك عليكي بسرعة.. وبعدين سيبك من ده كله.. مش عمورك خلاص طلبك من عمو أدهم ويزيد؟ المفروض تفرحي!
+
_ انقلب وجهها للنقيض وهي تهمس بخجل: منا فرحانة ومش مصدقة ان خلاص عموري هيكون خطيبي.
_ لا صدقي.. الواد طلع راجل!
جلست جوارها علي الفراش والتصقت بها هاتفة: المهم خلينا نفكر ايه اللي ممكن آبيه يعملوا عشان يقنعك انه بيحبك.
_ معرفش دي مشكلته هو.
_كان لازم تحطي العقدة في المنشار بطلبك ده؟
_ يعني مش لازم اعرف غلاوتي عنده واصلة لحد فين يا جوري؟ من حقي يفرحني بحاجة يعملها عشاني؟
+
ضمتها بحنان: من حقك ياحبيبتي، وواثقة في ذكاء آبيه!
ثم تنهدت بقوة هاتفة: احنا كنا فين وبقينا فين.. والله ما مصدقة التطورات اللي حصلت بينكم دي كلها..وكمان عامر اللي اتقدملي.. شكل الايام الحلوة جاية!
_ بأذن الله يا جوجو..احنا أحلامنا بسيطة عشان كده ربنا حققها
_ عندك حق.. طب انا همشي بقي عشان زوما عايزاني الصبح بدري، هنشتري حاجات خاصة بيها قبل الفرح!
_ ماشي، ابقي كلميني"
_ اتفقنا، تصبحي على خير..!
_ وانتي من اهل الخير..!
_________________
+
_ بلقيس؟!
+
جاءها الرد من الطرف الثاني للهاتف: أيوة ياعطر..أسفة لو اتصلت بدري بس جوجو قالت انك هتكوني صاحية و…
قاطعتها: انا فعلا بصحي في التوقيت ده!
_ طيب هو انا ممكن اطلب منك خدمة؟
_ اتفضلي تحت امرك!
_ عايزاكي تيجي القاهرة مع جوجو تساعدوني في تحضيرات حفلة هعملها مفاجأة لظافر.. وشوفت فكرة على النت نفسي انفذها والوقت ضيق.. قلت مافيش غير الفنانة عطر تنفذهالي!
ابتسمت برحابة: تحت أمرك ابعتيها بس اخد فكرة واعرف هحتاج ايه عشان تنفيذها..!
_ اتفقنا.. وشكرا انك مارفضتيش تعطلي نفسك يومين وتيجي القاهرة.. عارفة انك اخر سنة ومحتاجة تركيز!
_ لا ابدا وبعدين يومين مش هيعملوا أزمة..
وواصلت: خلاص هكلم جوري وهننزل سوا..! وألف مبروك لأستاذ ظافر.. انا كنت متابعة البرنامج والحقيقة فوزه كان مستحق!
ضوت حدقتاها على ذكره وقالت: تسلمي ياعطر.. الحمد لله كنت بدعيلوا يرجع فايز وربنا سمع مني..!
واستطردت: يلا أنا مش هعطلك عشان تكلمي جوجو.. وانا منتظراكم!
_______________
+
يومان وهي منهمكة بصنع ما أرادت بلقيس، مستمتعة كثيرًا بما تفعل..خاصتًا حين أتى يزيد وحمسها گعادته منتظرًا
أن يرى إنجازها هنا..والأكثر هديته لها برداء مميز ورجاءه أن ترتديه في الحفل..رغم اخباره أنها لا تنتوي حضور الحفل.. لكن تأكيده أن تأتي أشعرها بأهميتها لديه..شعور كفيل بإسعادها.. حسنًا ستحضر وترتدي ما أختاره لها.. !
……………
بلقيس بانبهار: مش ممكن ياعطر.. انتي نفذتي الفكرة اللي شوفتها بشكل افضل بكتير!
هتفت برضا: يعني عجبك التعديل اللي عملته؟
_ جدا جدا..بجد كان عندي حق استعين بيكي!
ردت بتواضع: علي ايه بس..فكرة أول حرف لاسمه وعليها صورته المضيئة في البرنامج اصلا حلوة.. والركنة الزجاج مع الورود اللي هتتصوروا جمبها ممتازة.. بس اللي عدلت فيها شوية هي دي، يارب تعجبك!
+
حادت بنظرها لتتبين ما قصدت بتعديلها لتشهق فور رؤيتها ما صنعت بمنتصف الحديقة..بعد أن شيدت مجسم أرضي على جوانبه باقات زهور يتوسطه شاشة عرض كبيرة، لتغمغم بإعجاب حقيقي: الله ياعطر تحفة بجد، عجبتني اوي تعديلك!
+
شعرت بالرضا لنيل اعجابها لما صنعت، وقالت: لا استني شوفي كمان عملت ايه، وأوصلت الشاشة بالكهرباء ليبدأ بث مقاطع متتالية لخطيبها انتهاءًا بلحظة إعلان فوزه على المسرح ورد فعل الجمهور الصاخب وكلمته الأخيرة.. لتنتهي بعرض صور متتابعة له هو وبلقيس ووالدته وإيلاف!
+
لم تبالغ بلقيس وهي تضمها گ رد فعل ممتنة لها، ولم يخفى عليها رجفة النفور التلقائية من عطر التي تعلم انها لا تعتبرها مثل جوري رغم تقديمها يد العون لها بمجرد أن طلبت المساعدة.!
+
ابتعدت بلقيس وهتفت بحرج: أسفة، رد فعل مش مقصود من فرحتي.. بصراحة عجبني اوي اللي عملتيه وحسيت اني عايزة احضنك!
+
أدركت عطر انها احرجتها برجفتها النافرة، فقالت ملطفة الأجواء: عادي ماحصلش حاجة، معلش اصلي مش متعودة اتعامل مع حد بالقرب ده غير… !
_ غير جوري؟
+
قاطعتها بلقيس، لتواصل: أنا اتصرفت زي ما حسيت.. أنا حقيقي بشكرك على تعبك، بقالك يومين شغالة في التحضيرات دي وللأسف رفضتي أنا وجوري نساعدك في حاجة!
+
_ بالعكس انا ماتعبتش، ومادام اللي عملته عجبك يبقي تعبي راح!
+
ابتسمت لها وراحت تتأمل المجسم وساد بينهما بعض الصمت ثم قطعته بتردد: عطر، هو انا ممكن اتكلم معاكي شوية؟
_ اتفضلي!
_ أنتي بتكرهيني؟؟
رفعت حاجبيها بمباغتة لسؤالها المباشر: أنا بكرهك؟ ابدا.. أنا مابكرهش حد
_ طب بلاش بتكرهيني.. بس مش بتحبيني!
+
حدجتها برهة بنظرة حائرة ولا تعرف ماذا تجيبها.. هي صدقا لا تكرهها، ولا تحبها ايضا.. ورغم هذا حاولت ان تكون لطيفة معها فقالت: ممكن نقول عمرنا ما كنا أصحاب.. في مسافة بنا..سواء المسافة دي منك او مني او احنا الاتنين مش هتفرق.. المهم ان في حاجز..!
تنهدت وقالت: فهماكي..وعارفة اني ماكنتش لطيفة معاكي عشان كنت بشوفك مندمجة أكتر مع جوري واحساسي انك مش بتحبيني خلاني فعلا اتعمد اعمل مسافة من ناحيتي!
واستطردت وهي تمنحها نظرة محبة: بس انا اتمنى المسافة. دي تتلاشى ياعطر.. ولو لسه في قلبك حاجة من ناحيني بسبب الموقف الأخير اللي حصل في النادي، والله ماكنت حابة ده يحصل.. أنا….
+
انتابتها غصة ألم حين تذكرت صفعة يزيد لها، فتجرعت ريقها لتبتلع غصتها وهتفت: موقف عدى وانا نسيته خلاص!
_ ومع كده ليكي اعتذار اتمنى تقبليه، وياريت نفتح صفحة جديدة ونكون اخوات واصحاب.. احنا في النهاية عيلة واحدة ياعطر ودايما بنتقابل وهنتقابل كتير.. مش عايزة يكون في حواجز تخلينا متحفظين مع بعض زي الأغراب..! خلينا نبتدي علاقة مختلفة انا وانتي ولا لسه عايزة تعملي بنا مسافات؟
+
صمتت متعجبة من تدفق مشاعرها ورغبتها في وصالها والتصالح معها، عقلها يقارن بين تلك الشخصية المغرورة التي كانتها وما أصبحت عليه الآن.. لا تنكر أنها لمست هذا التغير وتصدقه..لكن يظل داخلها نغزة الغيرة كلما تذكرت أن مشاعر يزيد كانت تتمناها يومًا..!
+
_ شكلك لسه مش حابة اننا نكون اصحاب!
+
أعادت تقيمها بنظرة اخرى ثم لاحت ابتسامتها تدريجيا وهي تقول بروح لم تعد تحمل ضغائن أو حساسيات:
_ أنا فعلا مش حابة نكون أصحاب"
+
تغبر وجه بلقيس بإحباط، ففاجأتها الأخرى باستطرادها:
حابة نبقى اخوات.. وأكيد ضمنيا هنكون أصحاب وبنات عيلة واحدة زي مابتقولي.. ومسمحاكي على اي موقف عدى ومستعدة نبدأ علاقة جديدة من غير أي رواسب قديمة!
+
ابتسمت ضاحكة ثم تعانقا عناق حقيقي ومتبادل تلك المرة دون أي بقايا تعكر علاقتهما مستقبلا..!
_________________
+
_ عابد.. خد والدتك معاك القاهرة وأنا هحصلكم الصبح عشان في حاجات عايز اظبطها هنا الاول!
_ حاضر يا بابا مافيش مشكلة، ولو عايزني اوصلهم وارجع اساعدك في حاجة هاجيلك!
_ لا ياحبيبي خليك مش مستاهلة.. انا هاجي بكرة مع عمك محمد ومراته ومحمود.. وواصل: المهم خد بالك من والدتك ومراتك!
قالها بنبرة مغايرة كأنه يلفت نظره لأمر ما.. وسرعان ما التقطته فراسة عابد، فأومأ لأبيه مؤكدا: متخافش يا بابا.. كل حاجة هتبقي بخير طول ما انت راضي علينا..!
وقبل رأسه بتهذيب مغادرا، فشيعه أدهم بنظرة غائمة، راجيًا أن تتألف القلوب كما يتمنى!
_____________
+
اصطحب والدته وزمزم ومهند بسيارته وفي منتصف الطريق توقف ليبتاع بعض الحلوى والعصائر لهم وللصغير..!
_ مش هتأخر عليكم.. دقايق وجاي!
+
شردت كريمة ببصرها خارج النافذة تفكر.. هل هي حقًا مخطئة؟ هل اذنبت حين تمنت الافضل لعابد؟ أليست كل أم ستحذوا حذوها؟ زمزم ذاتها ألن تتمني الأفضل لصغيرها؟ لما العتب عليها أذا.. ومع هذا هي لم تمنع إرادتهم، لكن حقها أن تتقبل أو ترفض..( توعديني يا غالية؟) صدح صوت أدهم بعقلها وهو يأخذ منها وعدًا بحديثهما الأخير..وعدًا نطقت به ولن تعود فيه.. ربما لن تتقدم هي تجاهها.. لكن لن تصد أي بادرة وفاق تلوح منها..!
+
_ طنط.. ممكن اتكلم معاكي شوية؟!
+
قاطع شرودها همسة زمزم، فنظرت لها بمرآة السيارة بدعوة صامتة لتواصل: أنا حاولت كتير ابعد عن عابد..وكنت اتمناله افضل مني.. ولما عرفت ان حضرتك حطيتي في طريقه بسمة.. مش هنكر واقول متأثرتش.. بالعكس، روحي اتحطمت.. حسيت اني بموت بالبطيء.. ورغم كده عافرت واختارت ابعد.. ولما اتقدملي ياسر قلت يمكن ده الحل.. بس للأسف نظرته وكلامه الاخير ليا خلاني اتأكد اني كنت هرمي نفسي في جحيم انقذني منه عابد..!
وصمتت تطالعها بنظرة دامعة: صدقيني أنا بحب عابد اوي وهو كمان بيحبني.. ومافيش واحدة هتسعده زيي.. عارفة اني جربت حظي قبله.. بس ده مش ذنبي ولا عيب مني.. ده نصيبي..ازاي تحاسبيني على حاجة ماليش دخل فيها..أرجوكي ياطنط اديني فرصة اثبتلك اني بحبه وهسعده.. وبحبك انتي كمان.. والله بحبك..وعذراكي لأني أم زيك..! بس ميل القلوب مش بأدينا.. وانا عابد قلوبنا مالت لبعض..! وجففت دموعها لتستطرد بنبرة الراجية:
+
_عابد مش مرتاح ولا أنا مرتاحة لأنك لسه مش راضية عني، حتى لو مش بتتكلمي بس كفاية انك بتعامليني زي الغريبة..
أنا طمعانة تستوعبيني.. وتعتبريني زي بنتك مش مرات ابنك..ياتري هتكسفيني وتردي طلبي وعشم عابد فيكي؟؟
+
ظلت تطالعها وعيناها لا تبشر بشيء إلي أن همست أخيرا:
تعالي يا زمزم!
انتقلت بلهفة لتجاورها في المقعد الأمامي مرتمية بين ذراعيها تبكي، فربتت على ظهرها بحنان وقالت: أنا قولتها كتير وهعيدها تاني.. عمري ما كرهتك.. وتفكيري گ أم انتي فهمتيه وخلاص يا زمزم هنتخطاه.. عشان عابد مايبقاش حزين وعشان وعدي لأدهم.. ثم صمتت وزمزم متعلقة بوجهها تترقب ما ستفيض به، لتهتف كريمة وابتسامة راضية تشق طريقها لشفتيها : وعشان زوما كمان!
+
ظلت لحظات تنظر لها دون استيعاب ثم ضحكت وعانقتها بقوة.. أخيرا نالت رضاها وبركتها.. وفت بوعدها لعابد أن تكسب ودها بأقرب وقت وهاهي فعلتها.. بل فعلاها لأجله.. هي ووالدته!
…………
+
تعمد تركهما اطول وقت ممكن وهو يراقبهما من بعيد دون ان يتضح لهما، وعندما لاحظ انتقال زمزم من المقعد الخلفي، ازدادت ضربات قلبه خوفا أن يكون حدث امر سيء، لكن ما أن وجدها تعانق والدته حتى تنفس الصعداء وأدرك ان غيامة الخصام والرفض انقشعت.. نجحت زمزم بكسب والدته كما وعدت..!
+
_ شوفت يا صاحبي.. مامتك كسبت التحدي وأخدت رضا تيتة كريمة.. ايه رأيك انت كمان تكافأها؟ موافق؟ يعني هتساعدني؟
أومأ له الصغير مقلدا هزة رأسه دون أن يفهم شيء، يكفي أن يتبع ما يفعله " آبد" الذي راح يلقنه سريعا ما يود أن يردده.. ويبدو انه نجح في مهمته ولم يبقي سوى التنفيذ!
…………
_ أتأخرت عليكم؟
نفت زمزم وهمت بالنزول لتعود لمقعدها.. "
_ خليكي جمب عابد يا زمزم!
+
رمقتها الأخيرة بدهشة قابلتها كريمة بإيماءة مشجعة وقالت: أنا هاخد مهند وارجع ورى!
حاولت منعها كما اعترض عابد لكنها أصرت.. منذ اللحظة ستدعها تأخذ مكانتها وقدرها جوار عابد.. منذ اللحظة ستقذف افكارها بعيدا.. وتدعوا بسعادتهما وأن يتمم زواجهما ويرزقهما الذرية الصالحة لترى أحفادها اللذين تشتاقهم من الآن!
1
" تيتة إيما"
1
التفتت سريعا فور نداء مهند الذي باغتها به وأسعدها وهز قلبها وروى شوقها لأحفادها المنتظرين..!
+
" تيتة بيبتي"
+
أعادها ثانيًا لتترقرق دموعها فرحا لندائه المقترن بكلمة " حبيبتي" وتلقفته بضمة حانية وهي تهمس بصوت متأثر: حبيب تيتة!
+
بينما زمزم تبكي وهي تتابعهما، قال عابد مازحا: شوفتي يا كيما، اديكي بقيتي تيتة اهو.. أدربي بقي في حتة القشطة دي عشان انا بحضرلك تؤام ومش هتلاحقي تشيليهم!
ضحكت زمزم بخجل وهتفت والدته: هاتهم انت بس ومالكش دعوة.. الأيادي اللي هتشيل كتير!
ثم منحتهما نظرة دافئة مثل دعواتها: ربنا يسعدكم ويرزقكم الذرية الصالحة وتملوا الفيلا علينا ولاد!
____________________
+
رغم ان غيابه لم يتجاوز الأشهر القليلة، إلا أن حنينه وشوقه لبلده فاق الحد..راح يعانق بمقلتيه كل ما طاله البصر منذ وطوءه ارض المطار..ثم تلقفه صديقه باستقبال الحار ..وبعد حديث قصير بنيهما، حاصره مجموعة من الصحفيين بفضول وفلاشات الكاميرات تطارده بشكل جعله يفقد خصوصية وجوده بين الجميع، فأنقذه عامر بعد محادثة جانبية لا يعلم ما دار بها ..فلم يعتاد مثل هذه الأمور قبلا..لكن من الجيد انه تفادي الأمر واندس بسيارة صديقه سريعًا!
............
_ايه الكاميرات دي كلها ياعامر..منين عرفوا وقت وصولي؟
_معرفتهم بوصواك مش حاجة صعبة، ما انت بقيت نجم وراجع بلقب توب شيف وطبيعي يغطوا خبر رجوعك بشوية صور وحوارات قصيرة!
+
_هنا كمان؟ مش كفاية سجلت في لبنان مع كذا برنامج اليومين اللي فاتوا..!
_لا هنا الموضوع هيكون اكتر دي بلدك، ودي ضريبة النجاح يا ملك التكات والحركات.. بس بجد وحشتني اوي.. محتاج اكلمك في حاجات كتير!
_مش اكتر مني والله.. أخبار موضوعك مع جوري ايه؟ ظبطت مع أهلها؟
_ أيوة كلمت يزيد وهو عزمني في فرح عابد ورتب مقابلة ليا مع والده وطلبتها ووافق بشكل مبدئي. بس اشترط موافقة بنته الأول!
_ ووافقت؟؟؟
همس بغرور: عيب عليك ده انا عمور.. مدوب قلوب البنات!
ضحك سعيدا لأجله: يعني نقول مبروك؟
_ طبعا، مادام جيت بالسلامة كله هيبقي رسمي..ماكانش ينفع أنا اروح مع أهلي من غيرك
تمتم بامتنان: حبيبي ياعامر.. ربنا يتمملك علي خير
+
ثم أخرج من. جيبه علبة وقال: اتفضل ياسيدي هديتك
تبينها عامر ليهتف بإعجاب: الله.. زراير قميص ودبوس كرافتة؟ ذوقك رائع ياظافر..!
_ مبروكين عليك.. عارف جبتهم ليه؟
_ ليه؟
_ عشان تلبسهم مع البدلة اللي اشتريتهالك لحفل خطوبتك على جوري!
+
لمعت عيناه بتأثر: ليه كلفت نفسك كده ياظافر.. كتير والله
_ ماتقولش كده ده انت اخويا..وزي ما اشتريت بدلة ليا اشتريت ليك..!
_ تسلم ياغالي ومايحرمنيش منك..!
ربت على كفه وتبادل معه ثرثرة قصيرة ثم لاحظ انحرافه عن طريق بيته فتمتم بتساؤل: أنت رايح فين ياعامر؟ ده مش طريق بيتي!
+
تمتم بغموض: ده طريق السعادة ياصاحبي!
…………… ..
غادر سيارة عامر والدهشة تحتله حين رآي بوابة فيلا السيد عاصم مزينة بيافطة مضيئة وضخمة بجملة انجليزية " Top Chef"..التفت لعامر فأشار له بنظرة تحثه على استكشاف الأمر بنفسه.. تقدم بخطى حذرة ليباغت فور دخوله بتصميم قاعدة أرضية أنيقة بجانبيها ورود رائعة، يتوسطها شاشة عرض كبيرة تعرض لقطات من برنامجه يتبعها كلمته لحظة الفوز.. برقت عيناه بفرحة ومفاجأة لم يتوقعها مع صدوح تصفيق حماسي ترحيبا بقدومه من عائلة بلقيس وعائلته!
+
ثم اندفعت والدته وشقيقته إيلاف يغرقانه بعناق حار باكي وقبلات كثيرة، يجاورهما عمه وزوجته والسيد عاصم وحرمه دره ليناله فيض أخر من مباركاتهم بنبرات تشي بالفخر في أحداقهم هما والجميع.. ولم تخلو الأجواء من تهنئة مازحة من عابد وياسين ومحمود.. ثم يزيد ومباركته الرزينة الهادئة بود واضح..استقبالهم الدافيء ترك في نفسه أثرًا مميز لن يسقط من ذاكرته قط..!
+
تذكر دفتر بلقيس وتمني لو استطاع تدوين تلك اللحظة الجميلة لتقرأها فيما بعد..! وبذكرها في نفسه طافت عيناه على والجوه باحثًا عنها.. أشتاقها بعدد الأيام بل الساعات الماضية..كان يجب أن تكون اول من تستقبله ليكتحل برؤيتها.. أين أنتي يا ابنة القلب ورفيقة الروح..!
+
وكأنها سمعت نداء قلبه.. أتت إليه تتهادي گ ملكة خطفت الأنظار حولها وأسرت طلتها العيون فتعلقت بها وهي تعبر بينهم وشمسيها مسلطة عليه هو..تلمع لمعة مدهشة..كأنها مصباح نفذ ضوءه المبهر لروحه.. ردائها الفضي الناعم المنساب على جسدها أضرم نيران غيرته كما أشعل إعجاب ورغبته فيها..وتاجها المرصع بورود بيضاء مائل بدلال على جبينها ليختفي طرفيه بين خصلات شعرها الحرة حول وجهها جعل طلتها فاتنة.. آسرة.. خلابة.. لما لا يعانقها الآن؟!
كيف سيقاوم شوقه ويكبل لهفته عليها..الله يعلم أي مجهود سيبذل لمنع ذراعيه من تطويقها وغمسها بين ضلوعه"
+
_ حمد لله على السلامة يا ظافر..!
+
هل كان ينقصه صوتها الرقيق المهلك؟
قد يعجبك ايضا
منذ عام
رواية الماسة المكسورة الفصل التاسع عشر 19 بقلم ليلة عادل...
منذ بضع شهور
رواية الماسة المكسورة الفصل العشرون 20 بقلم ليلة عادل
منذ عام
رواية صعود امرأة الفصل السابع عشر 17 بقلم آيه طه
هل تتحدى قدرته وتختبر مدى تحكمه بنفسه؟
+
_ وحشتيني!
+
همس بها وهو يجول بحدقتاه عليها.. فغمغمت: وأنت أكتر.. مش مصدقة انك خلاص قدامي..!
_ قريب أوي هخليكي تصدقي!
+
كادت أن تستفسر فقاطعتها أضواء الكاميرات التي سجلت لقائهما بنهم طامعين في سبق صحفي لذاك الشاب الذي عاد حاملًا معه لقب مسابقة كبيرة مثل Top Chef
همهم لنفسه بخفوت وضجر ( هو ده وقته)
+
جاءه رد مشاكس من عامر: معلش يا مايستروا.. أنا اتفقت معاهم يعملوا اللقاء الصحفي هنا.. افضل من المطار!
حدجه ظافر بحنق تجاهله الأخر ضاحكا، ثم انتقل لتلك الزاوية الزجاجية التي صممتها عطر ايضا گ خلفية للتصوير فيما بعد..انصاع لأخذ صور متعددة مع والدته وعمه وشقيقته وبلقيس..!
+
_ ممكن حضرتك تكلمنا عن تجربتك الأولي في برنامج كبير زي ( Top Chef ) ؟؟؟
+
كان هذا أول سؤال مهني ألقي عليه، فإجاب: تجربة ماتتوصفش من نواحي كتير.. أخدت نصايح مهمة جدا من اساتذة كبار واتبادلت مع المشتركين معلومات قيمة عن عادات طهي لبلاد مختلفة..ده غير اللقب نفسه اللي هيفتحلي سكك أكبر في طريق طموحي اللي مالوش حدود في مهنتي!
+
_ مين صاحب أول تهنئة ليك بعد اعلان الفوز باللقب؟
+
حادت عينه تجاه بلقيس التي كانت تتأمله بحب وبفخر: من حبيبتي وخطيبتي بلقيس.!
+
نكست رأسها خجلا لتصريحه ووصفه لها بالحبيبة أمام الجميع، فواصل الصحفي اسئلته: ايه خطوتك الجاية على مستوى العمل؟
_ اكيد مخطط لحاجة بس لسه مش هعلن عنها دلوقت
_ وايه خططك علي المستوى الشخصي؟
3
عاد يحاصر حبيبته بنظرة دافئة هامسا: قريب اوي هتسمعوا اخبار حلوة عني انا وخطيبتي!
+
رمقته بدهشة متسائلة بذاتها عن. مقصده؟ فاكتفي بالنظر إليها متعلق بعيناها غير عابئا بمن التقطوا لهما صور بهذا الوضع وكأنه يريد للعالم أن يري عشقهما الجارف!
+
( ياجماعة.. ياريت الكل ينتبه معايا دقايق )
+
صدوح صوت يزيد جعل الصحفيين يتوجهون اليه مدركين بحدسهم المهني حدوث أمر غير مألوف سيصب في مصلحة عملهم الصحفي!
1
واصل هتافه متوسطا الحاضرين ( أنا عندي اعتراف مهم نفسي اقوله والكل يشهد عليه.. انا بعد إذن عمي عاصم هستغل وجود الصحفين اللي هيوصلوا صوتي ده لناس كتير..مش رغبة مني في شهرة أو شو للفت النظر..لأ.. لكن لأني عايز العالم كله يسجل معايا اللحظة دي ويشهد على حبي للباشمهندسة " عطر ناجي"..البنت اللي اتمنى من كل قلبي تكون من نصيبي.. البنت اللي خطفت قلبي وروحي اتعلقت بيها وعيوني مش شايفة غيرها ولا هتشوف..البنت اللي بطلب ايديها دلوقت قدام الجميع واتمني توافق وتصدق اني بحبها.. بحبها بجد..)
+
علت شهقات الفتايات انبهارا بهذا العرض المميز.. وترقرقت عين ناجي فخرا به وفرحا لابنته، بينما تفجرت دموع والدتها بغزارة والذهول يعتريها غير مصدقة مايحدث.. يزيد يحب عطر ويطلبها أمام هذا الملأ؟ كم تمنتها في نفسها لكن معاملته لها گ شقيقة وئدت هذا الحلم فلم تفصح عنه لمخلوق.. والآن حلمها الدفين يتحقق.. أحب مخلوق لديها بعد أولادها يريد خطبة ابنتها..تترنح من سكرة فرحتها وكأنها ستسقط فيتلقفها ذراع ناجي هامسًا: حلمك اتحقق يا فدوى..!
رمقته بعجب حقيقي، هل كان يعلم بخفاياها؟
أيماءته تأكيدا لظنها جاءتها ليعود هامسا بأذنيها: يزيد طلبها مني من فترة وانا وافقت!
هتفت باستنكار بعد أن زال أثر المفاجأة: وخبيت عليا؟؟؟
أردف قبل أن تنفلت عاصفة غضبها: كان عايز يفاجيء الكل، ويثبت لبنتك انه بيحبها.. واهو وفى بوعده!
+
_موافقة ياعطر؟
+
قاطعهم صوت يزيد بسؤاله على الملأ فتعلقت العيون بعطر مترقبين بلهفة قولها.. وهي غارقة بذهولها لا تستوعب ما فعله يزيد لأجلها.. ماذا تقول وما داخلها لا تنصفه كلمات!
+
_ موافقة ياعطر؟
+
كررها بنبرة أكثر حبًا ورجاءًا ، فعانقتها جوري الباكية وهي تحسها لتجيب: قولي موافقة يابنت خالتي.. حلمك اتحقق بأفضل ما تصورتي.. قولي أه وحرري حلمك من أسره وخليه حقيقة هتعيشيها مع حبيبك سنين وسنين!
+
_موافقة ياعطر؟
+
لم تقل نبرته رجاءً ورقة وهو يعاود سؤالها، فلم تستطع فعل شيء سوى إيماءة موافقة اختلطت ببكائها، ليصدح تصفيق حاد حولها، مواصلا يزيد بعين لامعة من فرحته:
مادام وافقتي، جه الدور على استاذ ناجي يحققلي امنية تانية إني اعقد قراني دلوقتي!
+
فصاح عابد جواره داعمًا: والمآذون موجود مع الشهود!
علت همهمات الحضور المؤازرة والنظرات ازداد حماسها، ليعلن ناجي موافقته. فتلتهب الكفوف تصفيقا والأفواه صافرات!
1
ما أحلى الأحداث القدرية حين تتضافر مع رغباتنا نحن..لا يهم إن كان ما يحدث مصادفة.. أم شيء تم التخطيط له مسبقًا..الأهم النتيجة التي لن تفوق جمالًا عن تلك اللحظة والجميع بلا استثناء يصفق بسعادة.. ولأن الفرص أحيانًا لا تتكرر.. فلن يضيع هو مثلها..سيخلق فرصته هو الأخر لينال ملكته ويطفيء شوقه بعناق مكبل عنه منذ أن بصرها!
+
_طبعا أنا بهني يزيد على طريقة تعبيره وعرض زواجه المميز.. وبما ان الأجواء الليلة دي مختلفة.. أنا كمان حابب احقق امنية ليا في يوم مهم زي ده.. وبطلب من سيد عاصم يوافق ان نفس المآذون اللي هيعقد قران يزيد وخطيبته.. يعقد قراني على الانسة بلقيس أبو المجد..!
+
_ وافق.. وافق.. وافق!
+
هكذا صدح هتاف الحاضرين مؤازرين عاشق جديد ومميز بتلك الليلة.. عاشق يريد أن يُكمل انتصاره بنيل بحبيبته كما ظفر بلقب يثير فخر الناطرين إليه!
+
جاء دورها ليعتريها ذهول تام من وقع المفاجئة، حبيبها يريد عقد قرانه عليها؟ ستصبح زوجته حقا؟ تلقفتها دره باكية وهي تغمغم من بين بكائها: ألف مبروك يا حبيبتي..الليلة دي هتكون ذكرى محدش هينساها..ثم جذبها أبيها وضمها إليه قائلا: موافقة يا ملكة أبيكي؟
+
دست وجهها بصدره بانفعال لتجيب بخفوت بعد أن كرر عليها سؤاله: موافقة يا بابا..!
+
بإعلان موافقتها شرع المآذون بمراسم العقدين يحوطه الشهود والأبوان وأصهارهما.. يزيد وظافر..!
………… ..
+
انضمت والدة ظافر لدره و وفدوة وكريمة واربعتهم يتبادلان التهاني بمشاعر متشابهة بسحرها وقوتها وكلًا منهما تشاهد مراسم بدء سعادة أولادها.. لتقف تطالعهم عبير ورغمًا عنها شعرت بغصة حين تذكرت عقد قران زمزم.. لم تمنح كريمة ابنتها نفس الفرحة والحفاوة.. تمنت لو حظت ابنتها بمثل تلك المشاعر لكن تحمد الله على كل حال يكفي أن رجلا مثل عابد أصبح زوجها.. والايام كفيلة بإصلاح ندوب النفوس!
+
بنظرة عفوية قرأت عتابها الصامت، فتركت الجميع واقتربت منها هاتفة: تعالي ياعبير عايزاكي شوية على جمب!
………… .
بادرت بعد أن ابتعدا عن الصخب قليلا: مبروك ليزيد ياكريمة، ماكانش هيلاقي أحسن من عطر بنت خالته.. ربنا يسعدهم..!
+
_ الحمد لله ياعبير، أنا مش مصدقة ان ابني خد عطر بنت اختي، وكمان جوري اتقدملها شريك ظافر، شاب محترم وراجل وهيصونها..أنا كده خلاص مش عايزة حاجة من الدنيا تاني!
+
أومأت لها وقالت: ربنا يبارك فيهم ويسعدهم!
+
ساد صمت قصير بترته كريمة: أنا عارفة انك زعلانة جواكي و بتقارني بين رد فعلي انهاردة، ويوم زمزم وعابد.. بس انا عايزة أوضحلك حاجة.. انا عمري ماكرهت زمزم يا عبير، لكن أنا أم واكيد بتمنى لابني افضل حاجة..حطي نفسك مكاني لو كان محمود.. اكيد هتتمنيله بنت لسه مادخلتش دنيا.. صح ولا أنا غلطانة؟!
+
_ حتي لو كلامك صح.. ده مش معناه ان تفكيرنا ده صحيح.. المطلقة أو الأرملة من حقها فرصة تانية في الحياة.. هي مش معيوبة ولا ناقصة عشان نستخسر فيها واحد تكون بظروفها اول بخته..بنتي مالحقتش تعرف يعني ايه جواز.. وبنت عمه وحبها.. لو محمود حصل معاه نفس الموقف ولقيته راضي هفرحله.. هو انا عايزة ايه يعني غير سعادته!
+
_ محدش تفكيره زي التاني.. وعلى كل حال احنا عيلة واحدة وخلاص هنتشارك حتى في أحفادنا.. انسي اللي عدى.. أنا خلاص نفسيتي صافية ياعبير.. زمزم وجوري وعطر، التلاتة بناتي.. وربنا يفرحنا ببهم ويدينا العمر نربي ولادهم زي ما ربيناهم!
+
هتفت برقرقة عين: من قلبك ياكريمة؟
_ من قلبي والله.. الدنيا مش مستاهلة.. واللي فاضل في العمر مش قد اللي جاي عشان نضيعه في ضغائن وفرقة..!
+
عانقتها عبير بقوة.. الآن فقط اكتملت فرحتها بزمزم واطمئنت روحها..!
______________
+
انتهت مراسم عقد القران وتلقى يزيد وظافر مباركات الأهل والحضور، ثم صاح عابد:
_ طب يا جماعة أظن كده من حق كل واحد ياخد عروسته ويحتفلوا برة واحنا زي ما احنا مكملين هنا.. وواصل بمرح: مش عايزين نكون عوازل والعرسان يدعوا علينا.. ودعوة العريس المقهور مستجابة أسألوني أنا.
+
ضحك الجميع، وبالفعل اصطحب كلًا منهما عروسه وغادرا فيلا السيد عاصم.. وشيعتهم العيون والقلوب بدعوات صامتة وفرحة ترقص بين الضلوع!
_______________________
+
_ أنا فرحانة اوي عشان يزيد يا احمد
_ مش قدي..ثم هتف بحقد مازح: ابن الايه سبقني، كتب كتابه وانا لسه مش عارف اقولك كلمتين بسبب جو الخطوبة اللي اهلك صمموا عليه ده.. فيها ايه لو كتبنا كتاب احنا كمان!
تمتمت بدلال مهلك: يا ميدو ياحبيبي اصبر احنا خلاص قربنا اصلا نتجوز..!
_ بقولك ايه.. بلاش دلع خليني ماسك نفسي للأخر
ضحكت لقوله، فواصل وهو يتفحصها: كفاية جاية بالحلاوة دي كلها وكل اما اشوف حد بيبصلك ابقي عايز اخلع عيونه!
+
عكست نظرتها حبًا تزيده الايام منذ خطبتهما قوة، وقالت: محدش يفرق معايا.. أنا مش شايفة غيرك اصلا!
اكتفى بنظرة دافئة لا يقدر أن يتخطاها مكبلا بخطبة لا تتيح له التعبير كما يريد، فهمست لتصرف ذهنه عن عاطفته الفائرة: بس شوفت النصيب.. في نفس اليوم يزيد وبلقيس كل واحد وثق سعادته مع اللي اختاره.. نفس اللحظة.. نفس المآذون.. سبحان الله.. قصتهم دي فيها عبر.. فعلا محدش يعرف نصيبه ايه وسعادته مع مين.. والصح محدش يزعل لو اتأخرت دعواته.. لأن عطاء ربنا في الاخر مبهر..!
أومأ يوافقها الرأي: فعلا يا أمونة.. قصتهم دليل علي كده.. ربنا يسعدهم كلهم.. ثم. حاد إليها ليجود عليها بدعوة مماثلة: ويجمعنا أنا وانتي في اقرب وقت يا أمونتي!
_ اللهم امين يا ميدو.
____________________
+
ضبابة ذهولها تنقشع رويدًا رويدا
ليحل محلها اليقين بأنها أصبحت له..
بعد أن "وفى" فارسها بالوعد وابكاها فرحًا..جعلها محط أنظار العيون.. رفع قدرها گأنها نجمة عالية.. غالية لديه!
لا تدري كيف وصلت هنا لشقته الخاصة حيث قرر الاحتفال..كفه يضم كفها بحنان وتملك جعل سحابة دموعها تعود تتكتل، تريد برهان يرتبط بتلك اللحظة كي لا يضيع مذاقها طيلة العمر .!
+
وجاءها البرهان بأعمق صوره وشفتيه تلتحم بشفتيها التحام لا مجال لتكذيبه..وهي مآسورة بين ذراعيه الآن..گ حق لم يعد لصاحبه صبرًا..ولا يردعه خوفًا أو تأنيب ضمير يلوم اقترابه.. أما الفواحة بسطت كفيها على صدره تتلمس مزيدا من حقيقة اللحظة.. ترتجف بمشاعرها الأولى..فيزداد مع ارتجافتها رغبته..وتطول القبلة بمدى الشوق والانتظار
الذي نال كلًا منهما أجره خير الجزاء!
+
ابتعد عنها بعد صرخت رئتيهما للهواء لكن ظل يحتجز وجهها بين راحتيه.. وشفتيه تلثم جبينها بقبلة لا تقل عمقًا وترسيخًا لمشاعره..ليكون رد فعلها تشبث بعنقه كأنها تحافظ على حلمًا أضحي أخيرا واقع تعيشه وتخاف زواله..
وحق صار لها بعد عذاب سنوات!
+
_ مش مصدقة إنك خلاص بقيت ليه..!
_ بس أنا مصدق..!
+
وتبدلت نبرته لأخرى عابثة: ومستعد اخليكي تصدقي للأخر!
خجلت واختبئت بصدره هامسه: وفيت بوعدك وخطفت قلبي من الفرحة!
اشتد عناقه عليها: ولسه ..أوعدك هعوضك كل اللي فات يا فواحة!
+
ابتسمت لكلمته وابتعدت لتطالعه: فواحة؟
داعب أنفها بأنفه: أيوة.. حبيبتي الفواحة.. اللي هتلون حياتي وتحليها..!
همست وحدقتاها تحتضن وجهه: وأنا أوعدك يا حبيبي.. هعوضك اللي فات.. هعرفك يعني ايه تتحب.. هتكون في حياتي رقم واحد وكل حاجة بعدك مجرد هامش..
بحق ما ربنا استجابلي وكافئني بيك..
هصون نعمة وجودك في حياتي واسعدك قد ما اقدر!
+
الكلمات لم تسعفه ليجد ردًا يناسب ما قالت..
فاعتنق لغته الجديدة معها بقبلة أخرى لتنسحب من بين يديه وتشتته بسؤالها عن طاولة صغيرة مزينة بشكل جذب انتباهها لتقول: مين رتب المكان بالجمال ده!
_ أنا..!
قلت ده أنسب مكان عشان نكون فيه سوى بعد عقد القران!
_ يعني كنت ضامن اني هوافق وبابا هيوافق على كتب الكتاب؟
ابتسم وهو ينظر لها بغموض دون رد!
فضاقت عيناها: بصتك دي معناها ايه؟
_ معناها إن مافيش حاجة صدفة.. أنا طلبت ايدك من والدك من فترة.. ومن يومين طلبتك تاني مع بابا وأعمامي وعرفتهم على رغبتي في كتب كتابنا في حفل استقبال ظافر..عشان كل العالم يسمع ويعرف ان يزيد بيحب عطر!
+
وقع الجملة على أذنيها بدى گ معزوفة فريدة خصها بها دون مخلوق أخر..( يزيد بيحب عطر)..!
_ قولها تاني!
همست بها بعد أن صرخت روحها تطلب المزيد من مصارحته.. ولأن عاشقها كريم.. جاد بقولها مرات ومرات وهو ينثر قبلات خاطفة تدعم تصريحه.. لتذوب بعالمه أكثر.. قدميها كأنها تركت الأرض.. جسدها أصبح گ ريشة لا وزن لها، تطير في فضاء عاطفته..
وروحها تعانق روحه قبل ذراعيها..!
____________________________
+
أحيانًا يهبك القدر مفاجآت تُفقدك النطق!
لا تدري صراحةً إن كان ما تحياه حقيقة أم خيال؟!
+
كانت تظن أنها من بادرت بمفاجأته، ليرتد عليها الأمر بمفاجأته هو لها..بلحظات ساحرة گ حلم خاطف، انتقلت من خانة خطيبة لزوجة بميثاق شرعي على عيون الأشهاد في حفل استقباله!
لا تذكر كيف ردت سؤال والدها إن كانت توافق على عقد القران أم لا.. وكم شخص عانقها وعدد التهاني التي تلقتها..وبأي طريقة صاحبت ظافر لتصل لمكتبه الخاص والبعيد عن صخب رواد المطعم.. من زين الغرف بهذا الشكل الرائع؟ متى أعد قالب الحلوى الذي يجمع حرفيهما؟ هل كان ينتوى مسبقًا ما فعل ولم يخبرها؟
+
ارتجفت حين ضمها أخيرًا لصدره.. وجهه يختفي بعنقها، ضمته تجمع لها تملك رجولي تخلله حب وحنان جارف..همسته جوار أذنها بصوته الحاني تُصهرها..تُفتت تماسكها.. تدور الغرفة حولها وتتلاشى الأرض من تحت قدميها.. هل حملها بين ذراعيه؟؟
بالطبع حملها ويدور بها وشفتيه تجتاح ما تطاله بنعومة شديدة كأنه ينقش فوق لوحة رتوشه الخاصة..مستسلمة له بشكل غريب.. عندما روادها الأمر كثيرًا ظنت أنها لن ترضخ لعاطفته الحسية بسهولة.. ظنت أن حادثها سيترك ندبته داخلها ولن تنصاع.. لكنها الآن لا تخافه.. لا تتعجبه.. لكن حتمًا تخجل من هذا القرب!
+
_ من انهاردة انتي ملكة حبيبك وبس!
+
همس لها مؤكدًا انتمائها له وحده.. ولقبها لن يعود على سواه.. بعد أن كانت ملكة أبيها صارت ملكته هو..حبيبته هو.. زوجته هو!
+
أين. دفترها لتوثق تلك اللحظة..وإن كانت لا تحتاج توثيقًا..هي لن تنسى تلك الليلة.. لن تنساها..!
+
_ فاكرة لما قولتلك اني عايز لما اعترفلك بمشاعري أكون قادر اعبر بطريقة تليق بيكي وتوازي اللي جوايا؟
_ فاكرة!
ندت همستها ليواصل بهمسة مماثلة: هو ده ردي!
+
ليجتاحها بقبلته الأولى محتويا ارتجافة خجول لم ولن يستشعرها غيره!
__________________________
1
_غمضي عيونك يا فواحة!
ابتسمت وأطاعته وأسدلت جفناها، لكن ظلت صورته مطبوعة بمرآة خيالها.. تراه حتى وهي مغمضة العين!
+
_ فتحي عيونك!
+
انفصل جفنيها ببطء ورمشت مآخوذة به وهو جاثي على إحدي ركبتيه أرضًا كأنه يقدم فروض الولاء والطاعة لملكته، يحمل قالب حلوى يتوسطه خاتم مزين بأول حرف من أسمها..ترقرقت عيناها واهتزت صورته وغامت.. لا تصدق ما يفعله لأجلها.. كأنه ادخر كل سعادة العمر ليمنحها لها هدية بتلك الليلة..!
+
_ بتبكي؟ يعني مش عجبتك هديتي؟ كنتي دايما بتحبي حركات الابطال التركي.. قلت احققلك حاجة منهم!
+
_ أنا بحبك انت يا يزيد!
+
قالتها دون خجل.. دون تردد..ولن تكف عن قولها بعد الآن!
عانقتها عيناه بنظرة محبة وعيون مبتسمة راضية..ترتشف عشقها قطرة قطرة..فجثت هي الأخرى على ركبتيها أمامه ومدت أناملها تطالبه تطويقها بخاتمه الثمين!
+
فعل ثم لثم باطن كفها وقال: هفضل اقولك اني ماحبتش قبلك.. لأن اللي عايشه وحاسه دلوقت.. عمري ما عشته ولا عرفته!
+
_و أنا شايلالك في قلبي كتير.. يارب عمري يكفي عشان اعوضك واعرفك ازي تتحب لأنك تستاهل!
+
تنهد من فيض مشاعرها السخي وهي تمنحه ما لديها، وجذبها ليغمسها في صدره هامسًا: فيها ايه لو كان انهاردة زفافنا؟
ضحكت ومازحته وهي تطالعه هاتفة بدلال: لا يا زيزو.. أنا عايزة فرح كبير وفستان زفاف جميل وكل الناس تشوفني وانا عروستك..!
+
قبل رأسها واشتد بضمها: طلباتك أوامر يا فواحة!
وهمس زافرا تنهيدة شوق: بس ربنا يصبرني بقى.. أنا هخلي فرحنا في اقرب وقت!
_ مش هنستني اتخرج من كليتي؟ أنا فاضلي كام شهر بس!
_ لأ.. لو شقتنا هنا جهزت هنتجوز فورا.. وتكملي وانتي معايا
_ يعني احنا هنعيش هنا؟
_ طبعا، هنا شغلنا.. بس هيكون لينا جناح في فيلة بابا زي عابد وجوري.. عشان في الأجازات نكون هناك ولينا مكاننا، ايه رأيك؟
همست برقة: موافقة يا زيزو..!
_ يا قلب زيزو
وهم بتقبيل شفتيها فابتعدت تشاكسه: هو احنا مش هناكل من التورتة ولا ايه؟
رمقها بحنق: انتي بت فصيلة
_ الله يسامحك.
________________________
+
همست ورأسها يميل على صدره:
تعرف..كنت فاكرة إني هخاف منك!
_ عمر ده ما هيحصل.. أوعدك!
ثم اعتدل وأجلسها على قدمه وقال:
تعرفي جبتلك ايه وانا جاي؟
_ جبتلي ايه؟
_ فستان فرح!
شهقت هاتفة: بتتكلم جد.. اشتريت فستان الفرح من لبنان؟
_ أيوة.. شوفته في عرض أزياء عجبني، تخيلتك فيه.. ملكة!
+
ابتسمت له ابتسامة خلابة وعيناه تلمع ذاك البريق العسلي الآخاذ، فتأملها بفيض عشق ما عاد يقاومه والتقط يدها وقبلها ثم أحاط خصرها بذراعيه، فتعلقت في عنقه بتلقائيه وراح يطالعها عن قرب متشربًا جمالها الفاتن بانبهار، ثم مد أنامله يتحسس بشرتها الناعمة باستمتاع وعيناه مسلطة على ثغرها.. يخاف انفلات عاطفته حتى لا تخافه..فإن قبلها ثانيًا لن تنطفيء نيرانه بقبلة.. فليصبر.. لقائهما الآبدي لن يطول!
+
_ كنت بحلم بيك كل يوم.. بحضن الجاكت بتاعك وبغرق مخدتي بالبرفان بتاعك وبشم ريحتك حواليا..كنت بقنع نفسي واصبرها انك مش بعيد عني!
+
أجاب همستها بمثلها: وأنا كمان كنت دايما اتخيلك بالقرب ده.. قادر المسك وانتي في حضني مافيش بنا مسافات ولا حواجز..أنا مش بحسك بس حبيبتي.. لأ.. انتي بنتي اللي مابيطمنهاش غير وجودي.. انتي اللي شوفتيني بقلبك قبل عيونك.. أتولدتي من ضلوعي.. عشان كده بحسك بنتي، وهفصل أمانك وحصنك اللي تتحامي فيه من كل مخاوفك.. هحميكي حتى من نفسي..!
+
_ بس انت مش ممكن تأذيني!
+
رمقها بنظرة مطولة هائمة..ليتها تعلم ما يكابده تلك اللحظة! فلو أفلت عاطفته الآن حتما سيؤذيها..!
+
عيناها بدت ناعسة، تتأمله هي الأخرى..سعيدة بأسرها بين ذراعيه.. تشم عبق أمانه الذي اعتادته، حنانه الذي يسيل من حدقتاه بسخاء يخدر أطرافها.. رأسها يثقل.. فلم تترد أن تميل على صدره..فغمسها فيه أكثر بهيبة صمت لا يشقها صخب قلوبهما النابض.!
+
_ موافقة نعيش مع ماما؟
+
قاطع صمتهما بسؤاله، فقالت: موافقة..أنا بحب مامتك وايلي!
ابتسم ولثم راحتها المستقرة على كتفه وواصل: أنا اقدر اجيبلك مكان لوحدك.. بس مقدرش اسيب ماما وإيلاف لوحدهم.. مش هكون مرتاح!
+
ابتعدت تطالعه وهي تقول: وانا مش هرضى بكده.. معنديش مشكلة نكون معاهم!
أعادها لصدره ثانيا واستطرد: عموما هي جهزت لينا جناح خاص وهيكون لينا خصوصية فيه وباب تاني مختلف.. والرتوش الأخيرة والغرف انتي اللي هتختاريها.. بكرة هنروح وتشوفيها وتقولي طلباتك كلها والالوان اللي حاباها..!
+
هتفت بلهفة: وهتوريني فستان الفرح؟
شاكسها: أنسي.. مش هتشوفيه دلوقت.. هتاخدي هداياكي التانية وبس!
تذمرت بدلال: ده ظلم.. انت عكست الوضع.. المفروض انت اللي ماتشوفش فستاني غير يوم الفرح!
ضحك مواصلا مشاكستها: ماهو ده الجديد يا حبيبتي!
_ طب افرض المقاس مش مظبوط؟؟؟
+
منحته فرصة شهية ليمشط جسدها بنظرة فاحصة قوية ماكرة، فاحمرت خجلا واختبأت في صدره وهي تضربه بخفه، فضحك وقال بثقة: حسب منا شايف الفستان هيكون مظبوط
+
نهضت من فوق قدمه مبتعدة بتذمر مدلل: طب انا زعلانة منك.. يلا روحني لبابا عشان أتأخرت وهيقلق عليا هو وماما..!
+
اجبرها أن تعود لجلستها على قدمه ثانيا مغمغما: بابا وماما مين؟ انتي لسه مش مستوعبة اننا كتبنا الكتاب وانك مع جوزك دلوقت؟ يعني محدش له كلمة عليكي غيري!
+
اتسعت عيناها بذهول: يعني مش هترجعني لبابا؟
ابتسم لبراءتها قائلا: لا طبعا هرجعك.. قصدي ماتقلقيش محدش هيقولك اتأخرتي ليه.. ومع كده أنا هنرجع بس بعد ما نتعشى سوا..!
_ وهناكل من التورتة الحلوة دي؟
_ لأ
_ نعم! ليه؟
_ عشان انا اللي لازم اعملهالك بنفسي.. عايز اعملك حاجة خاصة تليق بحبيبة التوب شيف .. وهأكلك منها بأيدي!
بس بكرة لما اعدي عليكي ونروح عند ماما
+
_ماشي.. متشوقة ادوق حلاوة التورتة اللي هتعملهالي بإيدك!
+
_وأنا متشوق ادوق حلاوتك انتي!
_________________
3
يسترق النظرات إليها في مرآة السيارة بعد أن اصطحبهما معه بحجة انه سيقابل رفيقه القاطن قربهما..بعد أن كاد عامر يقوم بالمهمة كما وعد ظافر ليعيد والدته وشقيقته فنجح بإقناعه أن يفعلها ويريحه قليلا من القيادة.. واستغل مهند مدركًا حب والدة ظافر له!
+
_ قول تيتة!
ابتسم وهي تحاول تلقين الصغير ليناديها، فقال: ده قال اسمي بالعافية يا طنط.. اكتر واحد بيقول اسمه هو عابد!
_ عشان حنين عليه.. سبحان الله كأنه حاسس انه هيكون بدال ابوه!
_ أه والله.. عابد طيب وفعلا بيحب مهند مش مجرد وسيلة يوصل بيها لزمزم.. لأ.. عشان كده انا فرحان اوي بعد ما ارتبطوا..!
_ علي كده فرحهم امتي يا محمود؟
_ قريب.. عمو ادهم بيجهزلهم مكانهم في الفيلا، وزمزم وعابد بيختاروا سوا الديكورات والغرف!
هتفت بمحبة: عقبالك يامحمود، ثم التفت نصف التفاتة لابنتها وواصلت: وعقبالك يا ايلي!
+
أومأت لها مبتسمة دون رد، منشغلة بالنظر خارج النافذة، لكن عقلها يلتقط كل كلمة يقولها..!
_ ادعيلي ياطنط ارتبط باللي في دماغي!
_ هو في واحدة في دماغك؟
_ أيوة.. ونفسي ارتبط بيها انهاردة قبل بكرة
_ ياه للدرجة دي؟ طب ايه مانعك؟
_ عايز اعرف رأيها الأول قبل ما اجيب اهلي واروح اخطبها.. حابب اكون متأكد انها هتوافق عليا
_ طب ما تسألها يامحمود
+
رغمًا عنه زفر بقلة حيلة وعيناه تحيد لايلاف في المرآة: ماهي مش مدياني اي فرصة اسألها..مش عارف اكلمها
_ يبقي شوف وسيط بينكم!
استحسن قولها هاتفا: والله فكرة.. ثم باغتها بقوله:
ينفع تكوني انتي واسطتي ياطنط؟
تعجبت لطلبه بينما توترت إيلاف وأصابعها تتشابك وعيناها تهتز وهي تشيح بوجهها أكثر.. هل سيفعلها الآن؟ كيف؟ تتمنى ان يكون عاقلا.. لن تتحمل خجل هذا الموقف ولا مجال هنا للاختباء منه!
+
_ عايزني أنا اكلمها؟ غريبة! وليه مش مامتك مثلا؟
_ لا حضرتك الانسب وبعدين هتعرفي ليه.. ولا مش عايزة تساعديني؟
هتفت بود وهي بالفعل تستلطف هذا الشاب مثله گ باقي عائلته وكم تشيد بهم مع أقاربها: بالعكس يامحمود.. اتمنى اخدمك.. وقت ماتحتاجني انا تحت أمرك!
+
ابتسمت بغموض وصمتت وتعللت بإنشغالها بمداعبة مهند، وهي تدرك كل شيء يحدث بين الصغار..تودد محمود الدائم لها و نظرات ابنتها المرتبكة في حضرته كاشفة..تنهدت ودعت بقلبها أن يكون بينهما نصيب.. لن تجد مثله.. شاب محترم ذو مستقبل واعد، عائلته مشرفه وأصولها معروفة لديهم.. ماذا تتمنى أكثر؟
_ ماما هاتي مهند شوية!
+
حاولت أن تخبيء ارتباكها بملاطفة الصغير
وراحت تلاعبه وصوتها الرقيق يعزف بأذنيه ويعبث بدقات قلبه الذي يريدها.. وقريبا جدا سينول وصالها في العلن!
____________________
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا