القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية حصنك الغائب الجزء الثاني الفصل الحادي والاربعون والثانى والاربعون بقلم دفنا عمر

 


رواية حصنك الغائب الجزء الثاني الفصل الحادي والاربعون والثانى والاربعون بقلم دفنا عمر







رواية حصنك الغائب الجزء الثاني الفصل الحادي والاربعون والثانى والاربعون بقلم دفنا عمر



                                  


الفصل الواحد والأربعون


________________





ما أن عاد بعد سهرته مع عروسه وصعد لغرفة والدته حتى تلقفته بعناق طويل وبكائها المكتوم في صدره يزداد مع هزة جسدها المنفعل ومازالت لا تصدق أن أبن القلب وفرحة أمومتها الأولى عقد قرانه الليلة علي ابنة شقيقتها الغالية.. أي فرحة وأي كلمات يمكن تعبر غير البكاء؟!



+




_ كفاية يا ماما معقول كل ده عياط من الفرحة؟ أمال لو زعلانة؟


وابعد وجهها الغارق بدموعه وراح يجففه برفق وقال:  أنا وعدتك يا أمي اللي اختارتها هتكوني راضية عنها، واعتقد وفيت بالوعد"


أومأت وهي تحيط وجهه براحتيها قائلة بصوت مبحوح:  وفيت ياحبيبي.. ريحت قلبي وهتخليني لأول مرة من سنين انام بالي مرتاح.. مهما قولت مش هقدر اوصل فرحتي بيك.. انت فرحتي الكبيرة يا يزيد! 



+




_يا بختك يا عم يايزيد.. أخدت الدلال كله واحنا غلابة محدش سأل فينا..!  



+




مازحها عابد اللذي انضم لهما وهو يشاهد عناقها لأخيه، لتدق مطارق تأنيب الضمير بعقلها ملتفتة له بخوف أن يكون بقلبه لوم وحقد أنها فرقت بينهما.. ربما لأنها تعلم أنها فعلت هذا.. فرحتها بيزيد فاقت كثيرا يوم عقد قرانه! 



3




لذا تركته واقتربت لتحوط وجه عابد ومنحته أكثر نظراتها دفء وهتفت بصدق:  أوعي يا ابني تكون شايل في قلبك من ناحيتي عشان فرحت باخوك اكتر منك.. وحقك عليا لو كنت ظلمتك ولا كسرت خاطرك يومها غصب عني.. بس ربنا وحده يعلم إني دلوقت صافية وفرحانة وبدعيلك يسعد قلبك الطيب وتلاقي السعادة مع زمزم! 



+




اندهش بقولها ونبرتها الغارقة باللوم والندم، فهتف بقوة لينفي عنها هذا العبء الثقيل:  لا يا أمي أوعي تقولي كده ابدا.. أولا فرحتك بيزيد طبيعي تكون أكتر.. يزيد له حتة لوحده في نفوسنا كلنا وانا نفسي فرحان عشانه أكتر ما فرحت لنفسي.. وانتي ماظلمتنيش يا ماما بالعكس.. انتي اتمنيتي ليه الافضل زي اي أم.. بس في الأخر مقدرتيش تزعليني وفرحتيني.. أوعي تحطي في دماغك ابدا الشعور ده.. أنا راضي الحمد لله ومبسوط ومش حاسس بظلم.."


ثم نظر لأخيه وهتف بمشاعر جارفة:  يزيد كمل فرحتنا الناقصة



+




ضمه الأخير بقوة وقال:  حبيبي يا عبودي.. ربنا مايحرمني منك، ثم لثم كلا منهما كف كريمة وقالوا: ولا من ست الحبايب



+




_ وبنتي جوجو مالهاش مكان في حفلة المشاعر الجياشة بتاعتكم دي؟ 



+




التفتوا لأدهم الذي ضم جوري لصدره على عتبة الغرفة والأخيرة ترمقهما بتشفي مازح، فواصل:  هي كمان هتتخطب لشاب محترم.. يعني كرم ربنا جه مرة واحدة.. وواصل بمرح:  المهم يا ولد منك له ليها.. عايزين احفاد كتير عشان نلعب معاهم أنا وأمكم.. امال هنجوزكم ليه؟



+




حاوطه يزيد وعابد يشاكسانه وظلت جوري تحتل صدر أبيها متدللة بينهما..لتلمع حدقتي كريمة بحنان وتسجل في عقلها أجمل صورة لأسرتها السعيدة وتدعوا داخلها أن يديم تلك الفرحة عليهم!


_____________________



+






                


أنتهت سهرته مع بلقيس وأوصلها مع وعد للقائهما صباحًا، وما أن وطأت قدمه داخل منزله حتى وجد عاصفة ترحيب وفرحة وبكاء من والدته وإيلاف التي صاحت:  ألف مبروك يا آبيه.. أنا مش مصدقة الأحداث السريعة والجميلة اللي حصلت الليلة  دي 


بينما تمتمت والدته بثقة


_ بس أنا بقي توقعت حاجة مجنونة تحصل..!


لمعن عيناه لفراسة والدته بينما تسألت الأخرى:  


ليه يا ماما توقعتي كده؟


_ لهفة اخوكي وهو بيطلب مني اجهز الجناح بتاع جوازه في أسرع وقت خلتني اتوقع انه اول ما يجي لازم هيطلب خطوة زي دي من حماه..بس اللي حصل كان احلى واحلى! 



+




قالتها وهي تربت على صدره بفخر امتزج بسعادتها لما فعل..!



+




فقال مؤكدا: أنا فعلا طلبت ده من عاصم بيه وانا في لبنان، وهو قالي معندوش مانع لو أنا جاهز وبلقيس مستعدة! وربنا قدرلي الأفضل بدون ترتيب! ومافيش أحلى من تدابير ربنا..!



+




_ الحمد لله يا آبيه انت تستاهل كل خير! 



+




قرص وجنتها برفق:  عقبال ما افرح بيكي يا إيلي! 



+




_ والله يا آبيه لو زيك موافقة اتجوز من دلوقت.


رمقتها هدى بنظرة غامضة وهتفت:  مين عارف، مش يمكن في حد مستني إشارة منك ويكون مايتخيرش عن اخوكي! 


وواصلت:  تعرف مين وصلنا لحد هنا يا ظافر؟


_ أكيد عامر طبعا..! 


_ لأ.. محمود ابن عم بلقيس! 



+




ارتباك طفيف رصدته عين هدى في ابنتها، فواصلت بملامح أكثر راحة لصدق ظنها: اصله له واحد صاحبه ساكن جمبنا، وهو لقى عامر مرهق من السواقة، فعرض يوصلنا..


واستطردت تُثني عليه: بصراحة الشاب ده اخلاق ومحترم اوي يا ظافر..! 



+




وافقها بإيماءة: هو فعلا ولاد عم بلقيس كلهم يشرفوا ومحترمين وولاد ناس! 



+




_ طب ندخل على المفيد، فين هدايا اختك إيلي من لبنان؟



+




قالتها بمزاح مقاطعة استرسالهم عنه حتي تخفي ارتباكها عن حدقتي والدتها التي تحدجها بريبة، فضحك وعانقها مقلبلا وجنتها بحنان أبوي ثم توجهه لحقيبته ليحضر هدايهم التي تعددت من ملابس وأشياء كثيرة أوصته عليها شقيقته، ثم. ختم. استعراض لما أحضره بسلسال ذهبي أنيق لكلا منهما..!  



+




_ تعالي بقي شوف عملت ايه في الجناح بتاعك عشان اعرف ذوقي عجبك ولا لأ؟


غمغم برفق:  معلش يا امي خليها بكرة لما اجيب بلفيس ونشوفه سوا لأول مرة.. وكمان انا مجهد جدا نفسي وانام! 


ربتت على كتفه: اللي يريحك ياحبيبي، روح ارتاح وبكرة تتفرجوا عليه مع بعض.. ثم حدثت ابنتها:  يلا يا إيلي نسيب اخوكي يرتاح شوية! 



1




فعلت بعد أن قبلت وجنة شقيقها وعانقته بشكر بعد هدايا المميزة لها..! 


……………



+




أخيرا انتهت الليلة التي لن تُنسى بعد أن تمخضت عن كل تلك المفاجأت السارة، أسدلت أجفانهم وشفاههم تبتسم وخيالهم تغذوه أحلام وردية للقادم.. عطر التي مازالت لا تصدق ما حدث وكلما تصورت أنها تحلم، تحسست شفتيها مستعيدة بهيام مذاق قبلته الأولى لتتأكد أنها تعيش واقعا يشبه جمال أحلامها تماما..! 



+





        



          



                


أما بلقيس، لم يختلف حالها بل زادت عنها تعجبا حين تذكرت عناقه وقربه للحد الذي لم تنفر منه كما كانت تظن، ظافر ليس مجرد رجل تخشاة گ فتاة..هو شطر روحها ووجها الأخر.. گأنها ولدت منه هو ولادة، ولم تندهش حين دللها وأجلسها على قدميه كما يفعل أبيها.. دون أن يدري تشابه معه ومنحها هذا الشعور الأبوي الذي امتزج بعاطفته گ حبيب..!



+




أجفانها ثقلت ولم تعد تقاوم، ومع ذلك التقطت دفترها ودونت فيه شيئا ثم ابتسمت هامسة بصوت واهن وجسد مرتخي:  خلاص يا دفتري العزيز، بكرة هتكون معاه هو.. هيقرا فيك كل حرف كتبه.. كل حاجة اتمنيت اقولها ومقدرتش.. كل ذكرى حبيت يشاركني فيها حبيبي في غيابه! 


ثم تنهدت تنهيدة قوية مستطردة بذات النبرة الواهنة: وانا كمان مشتاقة اخد دفتره وشوف كل كلمة كتبهالي..!



+




وبأخر همسه استسلمت لنوم عميق بعد ليلتها الحافلة! 


____________________



+




في اليوم التالي اصطحبها معه لمنزله وبعد حفاوة استقبالها صعدا لرؤية جناح الزوجية للمرة الأولى منبهرين بما فعلته والدته ولمساتها الناعمة العصرية الراقية في كل مكان، تاركة لبلقيس الرتوش الأخيرة لغرفة نومها وباقي قطع الأثاث التي ستنتقيها هي وظافر .!



+




_ هسيبكم أنا يا ولاد وانزل تحت عشان تحددوا براحتكم اللي عايزينه! 


……………



+




ظل يطالعها بصمت مكتفي بارتشاف ملامحها وكأنه مازال يستوعب أن احداث الليلة الفائتة ليست حلم.. بل حقيقة، بلقيس أصبحت معه وله.. لا يفصلهما مسافة أو محاذير.. حتى أنه يستطيع احتضانها الآن ليتأكد.. وفعل واضخًا لرغبته..جذبها إليه وضمها بهدوء كأنه يتذوق قربها مستنشق عبيرها وأنامله تتخلل شعرها الفاحم شديد النعومة هامسا:  تخيلي.. لسه مش مصدق، لما صحيت الصبح خوفت يكون كل حاجة حصلت حلم! 



+




ربما لأن الشك انتابها هي الأخرى بعد كم السعادة التي تجرعتها الليلة الماضية، همست بتفهم حاني: 


صدق ياحبيبي.. انت رجعت محقق حلمك.. وعشان ربنا حب يكافئنا سوا.. قدر لينا اللي حصل.. أنا دلوقت بقيت زوجتك وحلالك..وزي ما انت كنت بتتمناني أنا أكتر بكتير! 



+




دارات عيناه عليها بنظرة أبلغ من أي كلام، فتسائلت بدلال حتي لا تبتعد عن تأثير نظرته التي تربكها: فين هديتي بقى؟ ولا نسيت تجبلي حاجة معاك؟ 



+




ابتسم وأدارها لتواجه انعكاس صورتها في المرآة خلفها وقال: غمضي عيونك الأول! 


أسدلت جفنيها مع ابتسامة هادئة في انتظار أن ترى ما جلب لها، فشعرت برفرفة أنامله حول عنقها، انتفضت فهمس جوارها:  ارفعي شعرك يا ملكة! 



+




تحركت يدها ورفعت خصلاتها السوداء فلفحتها أنفاسه الدافئة القريبة وهو يمرر شيئا رقيقًا حول عنقها وقد أدركت طبيعته، ثم شعرت بقبلة ناعمة تُطبع على كتفها وهمسته:  فتحي عيونك! 



+




فصلت جفنيها لتقابلها انعكاس صورتهما وهو يتمتم  ناظرا لعيناها في المرآة:  ايه رأيك؟؟ عجبك؟



+





        


          



                


تفحصت العقد الملون بإعجاب وهمست:  روعة! 


أدارها له ثانيا:  لما شوفته تخيلته عليكي.. واتمنيت أنا اللي احطه على رقبتك بنفسي لكن بما إن كنا لسه مخطوبين، قلت هأجله لحد بعد جوازنا..! ماكنتش أعرف ان ربنا مخبيلي أجمل لحظة في حياتي في نفس ليلة رجوعي..!


وصمت لتطوف حدقتاه عليها بوله:  انتي فوزي وفرحتي الاكبر يا بلقيس..!



+




كم تشعر بالفقر وهي تبحث عن كلمات تقولها ولا تجد.. فقط دموع هادئة انسابت فوق وجنتها، فأزالها بأنامله ولثمها وقال: حتي لو دي دموع فرح مش عايز اشوفها..!



+




وضمها ثانيا مشددا ذراعيه حولها مستطردا:


أنا بحبك أوي يابلقيس! 


ضوى العسل بعيناها عاكسًا فرحتها : 


مهما حبتني مش قد ما بحبك يا ظافر..!


وواصلت لتذكره بشيء: صحيح، مش ناسي حاجة المفروض تسلمهالي! 


اجابها وهو يمرر انامله علي شفتيها بمكر: فاكر بس كل حاجة بعد كده عايزاها مني ليها تمن! 


ابتعدت بمراوغة: التمن دفعته خلاص.. يلا بقي هات دفتري لو سمحت! 


تبسم ومنحها نظرة دافئة ثم أعطاها الدفتر المغموس بعبقه، فتشممته بعين مغمضة هامسة: الريحة دي بتحسسني بالأمان، واني في جنة بتاعتنا لوحدنا.. ! 


جذبها في عناق جديد أصبح لا يكتفي منه وبدا كأن عطشه لها لن ينتهي ووجهه يتلمس شعرها بنعيم مغمغما: وأنا الجنة بالنسبالي قربك مني بالشكل ده.. ثم ابتعد وطالعها بعشق: اطلبي أي تعديل عايزاها في الجناح عشان يخلص بسرعة.. خلاص مش هقدر اتحمل بعدك اكتر من كده.. أنا عايزك معايا في اقرب وقت.. حاسس اني مش هقدر اركز حتى في شغلي غير لما تبقي خلاص في حضني! 


ابتسمت تتأمله وهي تشاطره ذات الشوق واللهفة:  هانت ياحبيبي..بابا وماما كمان متلهفين يفرحوا بينا عشان سعادتهم تكمل! 


ثم تذكرت شيء فقصته عليه وهي عابسة:  بس تعرف ياظافر ايه مضايقني؟


_ ايه يا حبيبتي؟


_ سمعت ماما بتقول لبابا امبارح ان بعد زفافنا هترجع المنصورة تاني تعيش هناك بشكل اساسي! 



+




_ طب وماله، ماهي هتكون اطمنت عليكي معايا يابلقيس.. خليها تعيش،في المكان اللي تلاقي راحتها فيه، ماتنسيش كل اهلك هناك وهتبقي في ونس معاهم.. لكن انتي هنا هتنشغلي بعد الجواز ما بين حياتنا وشغلك مع والدك، واكمل وعيناه تبرق:  وولادنا ان شاء الله! 



+




أطرقت رأسها تتأرجح ما بين سعادة وضيق مغمغمة:  بردو ياظافر كنت حابة ماما تفضل هنا معايا وقريبة! 


_ ومين قالك أنها هتكون بعيدة؟ أي وقت تحبي تزوريها هوديكي.. وهنخصص ليهم يوم في الاسبوع، واكيد هما كمان هايجوا ماتنسيش شغل والدك اصلا هنا


_ فعلا، وبابا كان من زمان حابب الاستقرار هنا، بس ماما اللي كانت بترفض تسيب المنصورة! 


_ شوفتي بقي، يعني راحتها هناك.. بلاش تزعلي نفسك الموضوع بسيط..


أومأت له مع قولها:  عندك حق..واستطردت: تعالي بقي ننزل لماما وايلي عشان نقعد معاهم شوية قبل معاد الغدا! 



+




همت بالابتعاد فجذبها بغتة مستبيحا منها قبلة خاطفة هامسًا بعدها:  كده أخدت تصبيرة وفاتح شهية قبل الأكل! 


______________________



3





        


          



                


يتصفح بذاكرته تاريخهما القصير الذي بدأ بكذبة ومزاح للتسلية البريئة، لينتهي بهذا الحب الجارف داخله تجاه تلك الملاك الصغيرة التي آسرته بعفويتها وحنانها ورقة قلبها، حتى غضبها الذيذ الممتع.. كل شيء بها يمتعه ويعجبه..يتلهف لامتلاك هذا الكيان بمزيجه النادر.. جوري.. وردته الجميلة التي يستعد الآن لزيارتها مع والديه وشقيقه ورفيقه.. وتمنى أن تأتي شقيقته هي الأخري، لكن طفلها الصغير يمر بوعكة ولا يجوز مغادرة البيت.. حسنًا قريبا سترافقه في كل مكان، نزهات وزيارات الأهل الدافئة.. لن تفارقه.. ولن يطيل عذابه لخطبة طويلة.. سيحذو حذو رفيقه ويعقد قران سريعا حتى يبثها مشاعره دون قيود.. دون محاذير.. دون خوف.. هي لا تعلم مدي عشقه لها إلى الآن.. وآن آوان أن تدرك مكانتها العظيمة في قلبه! 


___________________



+




تُرى أي الألون تليق بها في تلك المناسبة؟


ماذا ترتدي؟ أي وشاح؟ حذاء ذو كعب؟ أم تكتفي بشي ابسط؟ 



+




_ البسي الفستان الكريمي، رقيق وهيخليكي ملاك! 


ابتسمت جوري ابتسامة غامضة، فتسائلت زمزم: 


بتبتسمي ليه مش عاجبك اللون؟


تدخلت عطر مدركة سر ابتسامتها:  أصلك مش فاهمة يا زوما.. عامر مسميها ملاكي.. وانتي اما قولتي هتكوني ملاك هي طبعا ابتسمت وافتكرت عموري.



+




رمتها جوري بنظرة مغتاظة، وواصلت زمزم: 



+




_ خلاص يبقي كده اتحلت، هو ده الفستان اللي هتلبسيه، هنغير في لون الطرحة والشوز.. 


_ وأنا هعملها لفة طرحة حلوة اوي اتعلمتها من النت! 



+




_ وأنا هعملها ميك آب هادي عشان تكمل طلة بسكوتتنا



+




قالتها بلقيس وهي تدلف إليهم ومعها الصغير، فشكرتها جوري بينما استطردت زمزم:  طب قولي رأيك في الفستان ده يا بلقيس.. مش مناسب؟


_ مناسب جدا ورائع..يلا بقي عشان ابدأ بشعرك! 


عطر:  بس هي مش هتبين شعرها 


_ عارفة بس أنا عايزاها انهاردة تحس حتي بجمالها المداري عشان ده هينعكس على طلتها أكتر وعيونها هتلمع بثقة..!


رمزم بإيماءة اقتناع: تعرفي وجهة نظر بردو..!


طب يلا يا جوجو البسي فستانك الاول عشان بلقيس تبدأ معاكي! 



+




وضعت كل واحدة منهن لمسة محبتها على زهرة العائلة لتصبح بعد ساعات قليلة أيقونة من الجمال الهاديء والرقة التي خلبت لُب عامر فور رؤيتها مقدمة عليهم بكاسات العصير وعيناها تتجنبه بخجل. وصوتها يهمس لوالدته ووالده گأنها تعزف على قلبه هو..! 


______________



+




_أخيرا يا ملاكي بقي ليا حق اقعد معاكي! 



+




طلت ناكسة الرأس بخجل صامت بعد أنعزالهما بتلك البقعة من الحديقة عقب اتفاق عائلتيهما على كل شيء، وألبسها هديتها الذهبية وطلب الجلوس معها منفردا..! 



+




_ أنا عملتلك حاجة وعايز اهديهالك دلوقت! 



+




نظرت له بإهتمام وهو يفتح المغلف الذي لاحظته معه منذ آتى، فالتقط ما به هامسا:  عملتلك بنفسي تاج من ورود الجوري ثم اقترب منها ليضعه فوق حجابها، فابتعدت بحذر فلامها هاتفا:  خايفة مني يا جوري؟ أنا بس هحطه على راسك عشان اشوفه عليكي! 



+





        


          



                


بعد تردد وقفت وأطرقت رأسها فوضع تاج الورود وابتعد يتأملها بوله ثم قال: زي ما تخيلتك وانا بعمله.. ملاك..أجمل حورية في عيوني! 



+




لمعت عيناها بفرحة ورضا لهديته ووصفه لها، ولم تستطع مجارته بالحديث وهي الثرثارة المشاكسة، وكأن القط أكل لسانها كما يزعمون لا تدري ماذا تقول، لكنها تشعر أن روحها تحلق في السماء گ عصفور صغير.. تريد النظر له تبثه مشاعرها وتخجل..!



+




_ أنا عملتلك كمان تاج  ابيض من الورود عشان تلبسيه يوم الزفاف.. كل وردة كنت ببوسها واقولها كلمة نفسي اقولهالك!


أكيد مش هقدر اعبر عن اللي جوايا دلوقت، بس قريب اوي هقدر..! 


تأمل رأسها المطرق وخجلها وحمرة وجهها الشهية بإعجاب وحرية واستمتاع ثم قرر أن يشاكسها شوقًا لصوتها وغضبها اللذيذ:  غريبة.. اللي يشوف سكوتك دلوقت مايشوفش لسانك اللي أطول منك في كل مرة كنتي بتشوفيني..كويس أنا بحب الهدوء والعقل وسمعان الكلام! 



+




أسقطت قيود الخجل بعد أن أثار استفزازها ورفعت عيناها وحاحباها لتنظر له بتوعد هاتفة:  بقى أنا لساني أطول مني ياعامر؟؟؟؟



+




ظل متعلق بها وابتسامته المحبة تزداد دفء وعيناه مزروعة بعيناها وقال بنبرة مهلكة : حبيبة عامر.. قلب عامر.. روح عامر انتي! 



+




أدركت فخ استدراجه لها وجعلها تتحدث معه بعفوية متخلية عن الخجل ودون وعي ظلت عيناها مآسورة بنظرته الخطيرة، فأحنت رأسها ثانيًا ملتزمة الصمت.. فقال بنبرته المشبعة بمشاعره: 



+




_ بحبك يا جوري.. بحبك يا ملاك!



+




عارف انك مش هتقدري تقوليها دلوقت.. وأنا مش عايز اسمعها غير وانتي ليا.. عشان وقتها اقدر ارد عليكي! 



+




تشعر بالذوبان.. ستتلاشى إن لم يعتقها من طوفان مشاعره! 



+




خلينا نرجع جوه عشان…!


هكذا حاولت الانسحاب من حصاره العاطفي، فقاطعها:  لأ استني، لسه في حاجة عايز اقدمهالك! 


وغاب عنها دقيقة يحضر شيئا وفوجئت به يقدم لها وردة حمراء يتوسطها خاتم أنيق مع همسته: 


الخاتم ده اشتريته من وقت ما قدرت افهم مشاعري ناحيتك وعرفت اسميها..وقلت ساعتها هقدمهولك في حضن وردة وانا في بيتك وليا حق أكون معاكي! 



+




تأملت الخاتم الذي تحتضنه الوردة ولا تدري لما وصلها شعور أنه يعانقها گ خاتمه المحاط بأوراق زهرته.. عناق ضمني ومعنوي.. لكنه قوي الأثر في نفسها، فرفعت عيناها لتكافئه بنظرة أغرقته  بشكر ومحبة لم تخفيها.. نظرة بها مئات الوعود أنها مثله عاشقة  تهفو نفسها لوصال.. وترجم وعودها بقلبه وقرأ حروفها الصامتة.. فارتوى.. واكتفى! 


______________________



+




_يعني البنت تكتب كتابها عند عاصم، وعايزاني اوافق كمان تلبس شبكتها عند أدهم؟ 



+




ربتت علي كتفه متلمسة تفهمه:  ياناجي ما انت عارف ان هي وجوري زي التؤام ومن زمان كانوا بيحلموا يعملوا فرح واحد، وبما إن جوري هتلبس شبكتها وكتب كتابها الأسبوع.. ليه نعمل لعطر فرح لوحدها وهي نفسها تكون مع جوري..وبعدين عمر ما كان فيه بينك وبينهم شكليات، كلنا عيلة واحدة.. ومادام بنتك نفسها في كده، فرحها؟ يزيد ماعندوش مشكلة ومكان ما تقول هيعمل اللي يرضيك.. بس عطر اللي هتزعل! 



+





        


          



                


أطرق رأسه قليلا ثم تمتم:  انتي عارفة اني بعتبر ادهم وعاصم ومحمد اخوات ليا وبيوتنا طول عمرها واحدة.. بس بردو الاصول بتقول اعمل شبكة بنتي في بيتي! 



+




لم تجادله وهي تعلم منطقية رآيه، لكن أملها في مرونته وخوفه أن تحزن فواحته، وصدق رهانها الخفي عندما غمغم: 



+




_ بس مادام عطر عايزة كده.. خلاص هتنازل عن أي رسميات.. المهم انها تفرح واحنا نفرح بيها



+




هللت بفرحة:  كنت عارفة انك هتوافق ومش هتزعلها


ثم تنهدت وهتفت بتمني:  عقبال مانفرح بياسين هو كمان يا ناجي.. بفكر اشوفله عروسة على ذوقي! 



+




_ لا يا فدوى، ماتعمليش كده غير لو هو طلب ده.. خليه يختار شريكة حياته براحته.. هو اللي هيعيش معاها مش احنا


_ هو انا يعني لو اختارت واحدة هجوزهاله عمياني؟ ماهو هيشوفها وله حرية القبول او الرفض


_ معلش برده سيبيه علي راحته! 


_ ماشي يا ناجي.. ربنا يطمنا عليه ويتمم لاخته على خير! 


________________



+




_ عايز أشوف الفستان اللي هتلبسيه في فرح جوري،ابعتي صورته دلوقت! 


وجدت فرصتها لترد له موقف مماثل فهتفت بمكر:  لأ مش هتشوفه غير لما تيجي.. مش انت مخبي عني فستان فرحي؟


رفع حاجبيه بتوعد: كده يا بلقيس؟ لعلمك انتي بتعرضي نفسك لعقابي! 


_ ولا يهمني.. مش هتشوفني اصلا غير وسط الزحمة، مش هخليك تستفرد بيا ابدا عشان تعاقبني يا ظاظا


_ ماشي.. هنشوف هعرف استفرد بيكي ولا لأ..  وساعتها مش هتقدري تهربي من عقابي!


______________________



+




_حتي طقم الشبكة بتاعكم اختارتوا شبه بعض زي ما فرحكم نفس اليوم؟.. أنتو تؤام؟


_ مالكش دعوة بيهم يا سينو..عطر وجوري يعملوا اللي يعجبهم وطلباتهم أوامر! 


جوري بمزاح متغافلة عن من يرمقها بضيق: سيبوا يا آبيه الغيرة هتاكلوا مننا، قارنت قولها بفعلة أشعلت غضبه وهي تلوح لياسين بلسانها گ فعلة طفولية معتادة بينهما.. ولم تدرك أن عهد مزاحها معه بتلك الأرياحية انتهى وعين عاشقها ترصد فعلتها بغضب مكتوم منتظرا لحظة مناسبة لتنال منه لوم قاسي مستحق له بعد أن صار عقد قرانهما قريبا، وسيمتلك كل الحق أن يعترض علي ما يسيئه! 


…………… ..



+




_ أنت بتعمل ايه يايزيد؟ ليه ضفت تمن الخاتم ده على فاتورتك.. ثم توجه للصائغ أمرا: لو سمحت ضيف تمنه على الفاتورة بتاعتي! 



+




اعترض يزيد برفق:  لا ياعامر.. الخاتم ده هديتي لأختي بمناسبة فرحها.. بعيد خالص عن شبكتك.. يعني ماينفعش حد غيري يدفع تمنه! بالظبط زي ما ياسين اشترى لعطر أخته أسورة من ماله الخاص هدية منه.. وانا معترضتش عليها لأنه دي حاجة بينهم.. وكذلك عابد اللي سبقنا امبارح بهديته، ثم نظر لشقيقته بحنان: وبعدين دي جوجو أخر العنقود وحبيبة اخوها



+




تدخلت شقيقة عامر بالحديث:  ربنا يخليكم لبعض يا باشمهندس، ثم نظرت لشقيقها وهي تقبض على سلسال صغير يتدلي من عنقها:  أنت نسيت ياعامر هديتك ليا يوم فرحي! 



+





        


          



                


أومأ عامر بتفهم بعد أن تذكر فعلته المماثلة مع شقيقته، لكن ظلت ملامحه متجهمة لتباسط جوري مع ياسين..ولا يعلم أن من رصد طبيعة ضيقه وتفهمها هو يزيد، لذا كان رده والأول يستأذنه أن ينفرد بها قليلا في إحدى الكافيهات القريبة: ماشي.. ممكن تشربوا حاجة في كافيه قريب هنا، على ما انا وعطر وياسين نشوف حاجة هي عايزاها.. واختك معانا ماتقلقش، بس ماتتأخرش..!


ثم همس بأذنه بتحذير هاديء:  عامر.. ماتزعلش جوري.. من حقك تغير عليها.. بس كمان هي لسه بتتعامل بعفوية مع ياسين وبتعتبره اخوها ومش فاهمة لسه ايه ممكن يضايقك ويزعلك.. براحة عشان. لو لقيتك نكدت على البت هقلب عليك.. ده فرحكم بعد بكره! 



+




أومأ له دون رد ثم ابتعد بصحبتها..! 


-----------------------


هتفت بثرثرة أصبحت لا تخجلها معه: 


فرحانة أوي إن أنا وعطر فرحنا في نفس اليوم.. وعارف جبنا فساتين شبه بعض كمان..أنا متهيئلي حتى هدومنا هتكون نفس الشكل.. أصل أنا وهي قريبن كأننا أختين و… 



+




_ وياسين؟! أخوكي بردو.. ؟؟؟



+




قاطعها بصوت جامد ونظرة ثابتة لا تشي بلين أو مزاح، فارتبكت لحالته وهتفت:  عادي هو كمان زي اخويا..! 



+




_ لأ.. مش اخوكي.. ياسين ابن خالتك وماينفعش تهزري معاه كده لدرجة تطلعي لسانك وتغيظيه قدامي كأني مش مالي عينك.. طريقة تعاملك معاه لازم تكون رزينة وجدية اكتر من كده.. لأني مش هقبل تتعاملي معاه بالطريقة دي تاني! 



+




اجفلها عتابه القاسي وتوبيخه المبطن الذي تختبره للمرة الأولى.. واسترجعت سريعا مزاحها مع ياسين وفهمت سبب عبوسه طيلة الدقائق الماضية..شعرت بالخجل من نفسها.. هل ظن بها شيء سيء.. هي لا تتحدث هكذا إلا مع المقربين.. وياسين اخيها الثالث مثله مثل يزيد وعابد.. لم تتصور أن يأتي يوم وتُلام على تعاملها معه..!



+




أما هو فاحترق قلبه لإطراقة رأسها الحزينة وقرأ بوجهها الخجل لما أدركت أنه ضايقه، فهمس بلين: جوري.. مش عايزك تزعلي مني.. بس من حقي اغير عليكي.. وهزارك مع ياسين فعلا ضايقني ومستحيل اقبله! 



+




هزت رأسها المنتكسة وهمست: 


ماشي، وأسفة..هاخد بالي بعد كده! 






تمتم بصوت حاني ليبدد أجواء التوتر الذي حدث بينهما، فلم يجد الفرصة، وعطر والبقية ينضمون لهما ليتناولا مشروب.. وضاعت فرصته أن يراضيها بعد أن  حفر بعتابه الحزن على محياها..! 


_________________





_ ماتزعليش ياجوري.. ورغم إن ياسين أخويا، بس من حقه يغير عليكي منه! 


_ عارفة والله.. انا مش زعلانة منه قد ما انا زعلانة ومكسوفة من نفسي..كان لازم اراعي ان الظروف اتغيرت! 


_ معلش احنا لسه بنبتدي علاقة جديدة معاهم  بقوانين مختلفة ولازم هتحصل خلافات خفيفة زي دي لحد ما كل واحد يفهم طباع التاني! 


تنهدت مع قولها: عندك حق! 


_ طب كلمتيه؟


_لأ..!


_ليه بس،كده هيفهم إنك زعلانة منه، وانتي قولتي انك اتفهمتي غيرته عليكي! 


استدارت عنها مستندة على سياج الشرفة تطالع السماء: 


_ مش هخبي عنك ياعطر.. في حتة جوايا زعلانة منه فعلا، أو يجوز متفاجئة من تغير معاملته.. حسيته قاسي وعيونه الغضبانة خوفتني منه.. ماكانش عامر الرقيق الحنين اللي بيحب يهزر..كأنه كان واحد تاني معرفوش! 


_ ياجوري الدنيا مش كلها هزار ورومانسية.. وعامر بني آدم اوقات هيهزر واوقات هيزعل.. مرة هادي مرة عصبي.. لازم تتقبليه بكل حالاته خصوصا ان عتابه ليكي كان مبرر.. طب امتى هتفهمي طبعه لو كان سكت ومش قالك؟ كنتي ببساطة هتفضلي تتعاملي مع ياسين بعفوية وهو يكتم غضبه في نفسه لحد ما ينفجر فيكي وساعتها الزعل بينكم هيكون اكبر.. بالعكس المفروض اللي يلاقي حاجة تزعله في التاني يقول.. عشان يكون في فرصة نصلح تصرفاتنا من البداية.. كلامي صح ولا غلط؟


هزت رأسها:  صح.. طب ما انتي كمان بتهزري مع اخويا زي هزاري مع ياسين.. تفتكري يزيد هيغير عليكي من عبودي؟


_ يابنتي اخوكي مجنون واكتشفت انه بيغير من خياله ! 



+





        


          



                


ضربتها بكتفها بتوبيخ:  احترمي نفسك وماتقوليش على آبيه مجنون..!



+




فردت عطر لها الضربة وهتفت:  وانتي كمان ماتغلطيش في اخويا ولا تهزري معاه! 



+




_ أصلا اخوكي معتوه وانا مش هكلمه تاني عشان ماجابليش هدية زيك! 


_ واخوكي كمان ماجابليش وهقطع علاقتي بيكم! 



+




صمتا يتناطحان بنظرات عابسة ثم بغتة انفجرا بهسترية من الضحك العالي وعطر تهتف:  وربنا ماحد مجنون غيري انا وانتي! 


جوري من وسط ضحكها:  اه والله مش عارفة بصراحة هنعقل امتى! 



+




هدأ ضحكهما وقالت الأولى بشيء من الجدية: 


خلاص بقى ردي على عموري عشان هتلاقيه زعلان على زعلك


ردت بنبرة ماكرة:  ياعبيطة دي فرصة عشان يصالحني.. خليه يتجنن واما اشوف ازاي هيراضيني.. خليني أدلع شوية زي المخطوبين! 



+




صفقت عطر كفيها وتمتمت بامتعاض: والنعمة أنتي بت جبارة.. ومسكين عموري معاكي! 


_ والله اخويا يزيد لو سمعك بتقولي عموري هيدبحك!


_ ومين هيقوله يا ذكية؟



+




_ أنا ياغبية! 


________________________



+




_ مبروك ياعريسنا، اخيرا هنحضر فرحك يا عمور..! 


غمغم بصوت لا يشاطره المرح: الله يبارك فيك يا احمد


_ ايه الصوت الكئيب ده؟ انت مش كتب كتابك بكره ولا انا غلطان؟


_ لا بكره ان شاء الله وكل حاجة جاهزة! 


_ امال مالك ياعامر صوتك مضايق


_ مافيش، قلة نوم بس! 


_ طبيعي هو في حد عنده فرح بينام؟ أكيد مش ده السبب، اتكلم يا ابني مالك


_ خلاص يا احمد قولتلك مافيش، المهم لازم تيجي انت وخطيبتك وإلا هزعل منك


_ متخافش هاجي طبعا من غير عزومة! 


وواصل:  هو في حاجة حصلت بينك انت وجوري؟


_ يعني! 


_ فهمت.. طيب بصرف النظر عن اللي حصل ماتضايقش، ثم هتفت بنبرة عابثة: وبعدين ياواد ده بكرة كتب كتاب يعني هتقدر تصالحها وهتاخد راحتك يامعلم! 


_ اتلم يا احمد ومالكش دعوة! 


جلجلت ضحكة الأخير :  ماشي يا حمش.. المهم بلاش نكد وهيص.. بكرة الحياة هتبقى بمبى على رآي الراحلة سعاد حسني! 


واستطرد:  نتكلم جد بقى، في حاجة ناقصاك؟ البدلة وكل لوازمك جاهزة؟


_ اه ماتقلقش، ظافر اصلا عمل واجب جامد وجابلي من لبنان بلدلة وطقم ذراير مع دبوس الكرافتة! 


_ بقي كده؟ طب وأنا؟ ماجابليش حتى شراب من لبنان؟


شاكسه عامر:  اكيد ماعبركش طبعا



+




_ جايب سيرتي مع مين يا عريس! 


_ ده أحمد بيحقد عليا عشان البدلة اللي انت جبتها ليا..! 


ابتسم ظافر وتناول الهاتف، فآتاه همهمة أحمد الساخطة: طبعا نسيتنا.. ما انت خلاص بقيت شيف مشهور ومحدش هيعرف يكلمك! 


_ مشهور ايه يا ابو احميد..يومين وهتنسي ولا حد هيفتكرني، وبعدين هديتك موجودة.. جبتلك طقم زراير  ودبوس كرافتة انت كمان وبرفانات! 


_ أيوة بقى يا مظبطتنا.. 


_ مش بس كده..ليك هدية تانية هتكون يوم فرحك.. البوفيه بتاع الفرح كله من مطعمي، هعملك أوردر بأفخم الاصناف..غير تورتة مميزة ان شاء الله ليك انت والعروسة، بس عرفتي لما تحدد! 


ابتسم بامتنان حقيقي:  لا بصراحة. كده غلبتني ومقدرش اتكلم.. تسلم يا كبير..عموما هانت انا هحدد فرحي اليومين دول! 



+





        


          



                


_ بالتوفيق مقدما يا ابو حميد! 


يلا هسيبك ونتقابل بكره في فرح عامر! 


_ إن شاء الله، روقلنا دماغ العريس كده وفرفشه! 


_ ماتقلقش هظبطه! 


__________________________



+




كما جمع القدر طفولتهما في كل شيء.. وانقسمت بينهما الضحكة والحكايات والامسيات الذاخرة بكثير المواقف.. أقتسمت عطر وجوري فرحة ارتداء مصوغات أزواجهن ( يزيد وعامر) اللذان غمرتهما ذات الفرحة وكلا منهما يتحسس أنامل حبيبته بلغة خاصة ويهديها طوقه الأبدي وميثاق لن تُبطله السنوات! علت الزغاريد.. وتوالت المباركات والعيون تتأمل جمال العروستان بفساتين متماثلة التصميم والرقة والرقي.. محتلين طاولتان مزينتان بالورود في جانب من حديقة فيلا أدهم.. وگ العادة عابد من أشرف على ترتيبها مع زمزمه! 



+




_ مين يصدق يا كريمة اننا واقفين نتشارك اللحظة دي مع ولادنا.. وان عروسة يزيد تكون بنتي!  وواصلت بصوت غلبت عليه مشاعر البكاء:  ياما اتمنيتها جوايا بس كنت بقول بلاش اعشم نفسي ده بيعتبرها اخته! 


أحتوتها كريمة بضمة حانية گ أخت كبري مغمغمة بنفس التأثير: كل واحدة فينا اتمنت نفس الامنية بس مقدرناش نفرضها عليهم.. لكن شوفي حكمة ربك يا فدوي.. تدور الايام وتلف وفي الأخر ابني ماياخدش غير عطر.. هي نصيبه من الأول بس مجاش غير في وقته الصح، يمكن لو كنا اتدخلنا كانت النتيجة اختلفت، بالظبط زي ما حاولت انا افرض واحدة معينة على عابد وهو عاندني..لما بتمشي الأمور بمقادير ربك بتكون أحلى! 


تنهدت وهي تطالعهم:  ونعم بالله


واستطردت:  وجوجو البسكوتة.. هي كمان ربنا كرمها بشاب يشرح القلب، وشكله بيحبها اوي


ثم ضحكت بمكر:  الولد هياكل البنت بعنيه! 



+




كان هذا حاله حرفيًا..يريد بالتو واللحظة غمسها بصدره وبين ذراعيه.. يريد نيل رضاها بعد موقفهما الأخير وتوبيخه القاسي بسبب غيرته..يشعر انها مازالت غاضبة.. عيناها تحمل عتابًا..الملاك يحتاج مصالحة.. وهو أكثر من مشتاق ليراضيها بطريقته.. وآتته الفرصة بخلوتهما الأولى بعد عقد القران! 


…………… .



+




_ جوجو.. حبيبتي..حياتي!



+




تُرجفها كلماته ونداءاته بتلك النبرة الحانية وروحها تتذوق مشاعره الحرة للمرة الأولى بعد أن صارت زوجته..لكن لا بأس.. ستتدلل أكثر وتدعي الزعل وتستمتع بما يفعل ليراضيها.. فكم جميل صلح  الأحبة بعد الخصام!  



+




_بصيلي يا ملاكي! 



+




قالها وأنامله تلمس أسفل وجهها وترفعه إليه، فشعر بارتجافتها للمسته البسيطة فابتسم واقترب ليقبل وجنتيها برقة ثم جبينها وضمها لتتوسد صدره وغمغم:  ما كانش قصدي ازعلك ولا اقسى عليكي.. بس غيرت عليكي.. ولعلمك هتلاقيني مجنون كده لو عملتي أي حاجة تثير غيرتي مرة تانية! 



+




همست بخفوت:  بس ياسين زي اخويا ومتربين سوا واتعودت اعامله زي مابعامل اخواتي عابد ويزيد! 



+




ربت على ظهرها برفق:  عارف ياحبيبتي وفاهم.. لكن ده كان الأول.. لازم تراعي اني بقيت في حياتك! 


ثم ابتعد عنها مواصلا نقاشهما الهاديء:  طب عارفة لما ياسين يتجوز؟ لو فرضنا هزر معاكي زي ما انتم متعودين، مراته هتغير عليه وتتخانق معاه.!



+





        


          



                


واقترب وداعب انفها بأنفها:  هزري معايا أنا وبس خصوصا لو.. صمت ودنى وهمس بشيء ما بأذنها فضحكت بخجل جعله يصيح:  أيوة كده ياجوجو اطربي قلبي بضحكتك.. وعاد يهمس بحنان:  خلاص ياحبيبتي مش زعلانة؟


هزت رأسها مبتسمة:  خلاص مش زعلانة.. بس عندي طلب نفسي فيه لو ينفع تحققهولي! 


_ أطلبي عيوني! 



+




كافأته بقولها الخجول:  تسلملي عيونك ياعموري! 



+




فقد عقله وهي تدلل أسمه للمرة الأولى وصاح بصوت عالي:  الله أكبر..جوجو بتدلعني باجدعان! 



+




وبعفوية لم تفكر وهي تجذب قميصه بغرض إسكاته حتي يخفض من صوته وهي تلفظ اسمه مع تحذير ( عامر وطي صوتك ماتسكفنيش الله يخليك)، ولا تدري أنها أشعلت النيران بلمستها التلقائية لصدره وهي تجذبه إليها.. فالتقط كفها ولثم باطنه وكاد يقترب لينال نصيبه من شفتيها فابتعدت ناكسة الرأس مرتبكة.. فابتسم ورفع ذقنها لتطالعه وقال:  خلاص متخافيش، مع إن كان نفسي فيها..بس أكيد ليها وقتها.. قولي بقي ايه هو طلبك! 



+




اطمئنت وهدأت قليلا من البعثرة التي أصابتها وقالت: أنا معرفش طلبي مناسب لظروفك ولا لأ..!


_ قولي وانا هكون صريح لو صعب هعرفك! 


_ بما اني هعيش معاك في القاهرة.. نفسي بيتنا يكون جمب اخويا يزيد وعطر..عايزاهم معايا في نفس المكان.. زي ما اتشاركنا أحتفالنا انهاردة.. نفسي نكون جيران في عمارة او منطقة واحدة!  


ابتسم بحنان وقال:  للدرجة دي متعلقة بيهم؟


_ طبعا.. يزيد اخويا الكبير ومثلي الأعلى في الحياة وبحسه زي بابا كمان.. وعطر اختي وتؤامي بحبها اوي وهكون مبسوطة لو بقينا قريبين من بعض في سكننا..! 



+




منحها نظرة حانية هامسا:  ولا يهمك، أنا صحيح كنت حددت شقة فعلا واتفقت عليها، بس خلاص هكلم يزيد واعرف فين ساكن واخليه يشوف لينا حاجة مناسبة..مبسوطة؟



+




صفقت بعفوية طفولية:  مبسوطة اوي أوي.. ربنا مايحرمني منك ابدا..! 



+




اشتعلت عيناه بعاطفته ورقتها وطفولتها تثيره حد اللا معقول وغمغم بخفوت: طب قولي عموري تاني! 



1




آن الآوان لتمنح عاشقها حقه وهي تطهر له مشاعرها، فتجرٱت واقتربت قليلا وهمست:  هقول الأحلى..!


تأملها وقلبه يخفق وازداد خفقانه صخبا وهي تهمس للمرة الأولى:  حبيبي.. انت عموري حبيبي! 


وبأخر ما توقعه شبت على قدميها قدر استطاعتها لتصل لوجنته وتجود عليه بهديتها الخجول بقبلة خاطفة جعلت خافقة ينتفض ويثور ويعلن العصيان وهو يبتلع المسافة بينهما ليأخذ منها قبلته الأولى التي تمناها..! 


__________________



+




تطالعه وهو يراقص طفلها ويضحك.. وكلما ضحك ترتسم على شفتيها بسمة راضية شاكرة..من يشاهد عابد ومهند الآن لن يرى سوى أب وابنه..لاحظت حركات جديدة يفعلها الصغير فضحكت وراحت تلتقط لهما مقاطع فيديو لتسجل لحظاتهما سويا، بعد قليل ترك الصغير ليلاطفه ياسين وانضم إليها متمتما:  شوفتي علمت مهند يرقص ازاي! 


ابتسمت بحنان وهمست:  عقبال ماتعلمه يحفظ القرآن عشان تاخد انت الثواب! 


_ هعلمه كل حاجة.. وفي يوم من الأيام هيكبر وهنكون فخورين بتربيته! 


_ أنا واثقة من كده.. لأنه هيتربى مع أحن أب في الدنيا


رمقها بنظرة تغني عن الكلمات فواصلت:  علي فكرة.. ليك عندي هدية.. لما نتقابل بكره في مكاننا عند مرجيحة مهند هجيبهالك! 


_ منتظر على نار اعرف ايه هي! 


_ ربنا يبعد عنك شر النار..! 



+





        


          



                


التقط كفها واكتفي بتقبيله وهو يقول:  اللهم امين! 


ثم اتجهت أنظارهما سويًا يتابعا الصغير بعين محبة مستمتعة بما يفعل وياسين يجعله يقلد حركات مضحكة أثارت ضحكهما بالفعل وتمتم عابد:  أنا هروح اجيب الواد منه احسن المجنون ده يأثر عليه! 


____________________



+




_ اتفضلي! 


نظرت لطبق الحلوى ورفعت عيناها لتجده يمد يده مبتسما بود، فهتفت وهي تتناوله منه:  شكرا


_ العفو.. لقيتك مش اخدتي من التورتة قلت اجيبلك معايا


_ شكرا..! 


هز رأسه وساد الصمت وهما يتناولا حلواهم، وبعد برهة قال: 


_ عقبالك! 



+




_  شكرا..!


شاكسها:  كده بقوا 3 شكرا تقوليهم لحد دلوقت.!


_ طب اقولك ايه؟


_ قولي عقبالك مثلا! 


_ عقبالك إن شاء الله! 


أومأ لها وعينه تتفحص أناملها:  وانتي كمان!


صمتت تأكل وهي تتابع رقص ذاك الصغير مع عابد، وغمغمت:  ماشاء الله..ولد زي القمر.. ربنا يحفظه! 


تبتسم. بحنان وهو يطالعه:  ده مهند ابن بنت عم عابد! 


_ أيوة منا عارفة، شوفته معاهم في المزرعة! 


_ طيب صحيح فين ياسين الصغير ماحبتيهوش ليه معاكي كان هيتبسط ويلعب معاه! 


_ في البيت.. بصراحة خوفت اجيبه يتشاقى زي المرة اللي فاتت


_ خسارة.. كان نفسي اشوفه.. ولد يدخل القلب!


ابتسمت بطريقة جعلته يتعجب فقال:  هو انا قلت حاجة غلط؟


_ لأ هي مش غلط ..هي غريبة على وداني! 


_ اللي هي ايه؟


_ ولد يدخل القلب.. حضرتك اقعد معاه ساعتين وابقي اوصفلي احساسك بعدها..!  


_ قصدك عشان شقاوته، ماهو كل الولاد كده، دي طاقة لازم تخرج


تهكمت بتلقائية: وهو الحقيقة مش بيسيب جواه طاقة مركونة.. كلها بتخرج علينا لما مخلينا بنلف حوالين نفسنا في البيت! 



+




تحمس لسماع نوادره الطريفة فتمتم:  طب قوليلي كده امثلة على اللي بيعمله! 


سردت عليه البعض المواقف التي تسببت في كوارث لها ولعائلتها جراء شقاوته، فما كان من ياسين إلا أن ضحك بشدة حتي خجلت والانظار تلتفت نحوهما.. وقالت بحرج:  الناس بتبص عليك على فكرة! 



+




أدرك بالفعل نظرات البعض فاعتذر وقال:  معلش مقدرتش امسك نفسي.. ياسين ده طلع كارثة.. بس بردو داخل قلبي! 


_ انت حر اديني حكيتلك عن سيديهاته! 



+




ضحك ثانيًا لخفة ظلها وصمت يطالعها بنظرة قوية فاحصة، فارتبكت وهتفت:  على فكرة انا اتأخرت ويدوب أمشي! 


وقبل أن يعترض ياسين اقترب عابد مع قوله:  منورة يا استاذة بسمة أوعي يكون ياسين ابن خالتي ضايقك، أنا عارفه


رمقه الأخير بتوعد، واجابت بسمة:  لا ابدا يا باشمهندس! 


واستطردت:  وألف مبروك لأخو حضرتك واختك وبنت خالتك


ياسين:على فكرة بنت خالته دي اختي، المفروص تباركيلي أنا


_لا ياخفيف لأن هي تعرفني انا وجاية بدعوة مني.. وطبيعي توجه التهنئة ليا يا ذكي! 


ياسين: والله أذكى منك ماشوفت يا نابغة العيلة! 



+




تابعت التراشق الظريف بينهما باستمتاع وبدا لها خلف هذا المزاح والشجار صداقة قوية تربطهما.. ولتضع حد لهما قالت: 


الحل بسيط.. مبروك ليكم انتم الاتنين وربنا يتمم بخير


واستأنفت:  واستآذن أنا عشان متأخرش على البيت! 



+





        


          



                


ياسين: ليه متخليكي شوية وهوصلك! 


_ لا مش هينفع، يدوب امشي ومش محتاجة حد يوصلني!  


_ لأ ماهو مش هينفع.. لو مصممة تمشي حالا يبقي ياسين هيوصلك زي ما قال.. الدنيا بقيت الليل وانتي لوحدك! 


_ لا مش… .


قاطعها ياسين:  على فكرة هتفضلي تعترضي على الفاضي والوقت هيضيع.. وكده كده مش هتمشي لوحدك! 



+




_ يلا يا أنسة بسمة مافيهاش حاجة، لولا ان اخويا يزيد قال عايزني في حاجة كنت جيت وصلتك انا لو محرجة من ياسين يعني! 


_ ابدا بس مش شايفة في داعي لتوصيلي، جيت لوحدي واقدر امشي لوحدي! 


_ معلش زيادة اطمئنان.. انتي زي جوري اختي وكده وهطمن اكتر! 


________________________



+




_ عندي ليكي خبر حلو يا فواحة! 


هتفت بحماس:  خبر ايه يا زيدوا 


هتفت مستغلا حماسها:  قبل ما اقولك لازم توعديني بمكافأة، ثم همس بطلبه بأذنها..فابتسمت بخجل وقالت: لو عجبني ماشي هكافئك!  


_ حتي لو مش عجبك تنفذي طلبي، وإلا هتهور دلوقت قدام الناس! 


ضحكت بمزيد من الخجل: خلاص موافقة قول بقي!



+




_ ماشي يا فواحتي.. عامر من شوية طلب مني اشوفله شقة في نفس العمارة اللي هنسكن فيها



+




شهقت بفرحة طاغية:  بتتكلم جد؟ يعني جوجو هتكون معايا.. ثم هبت واقفة على قدميها تهم بالذهاب، فأجلسها هاتفا:  رايحة فين وسايباني! 


_ هروح اقول لجوجو..! 


هز رأسه بنفاذ صبر:  يابنتي ماهو ده طلبها اصلا.. يعني هي عارفة! 


_ فعلا؟؟؟ برفوا ياجوجو.. عملتها بنت الأيه! 


_ هي ايه دي اللي عملتها؟


_ أصلها قالتلي هتطلب ده من عامر لما… ..


وتوقفت بغتة قبل أن تدلي بكل شيء، فتسائل بترقب:  لما ايه؟


_ لا مافيش.. نسيت! 


رمقها بريبة فتبتسمت بغباء مقصود جعله يبتسم هو الأخر ويقترب منها قائلا:  انتي واختي اتنين مجانين.. الله يكون في عوني انا وعامر والله! 


ضحكت ومازحته:  انتوا قدها يا زيدو💪..! 


ابتسم وتأمل طوقه الذي يزين عنقها وقرطها الذي تلآلآ من ضوء الحفل وهمس:  شكلك يجنن انهاردة.. جمالك يهبل! 


_ بجد يا يزيد أنا جميلة في عيونك؟ 


_ جميلة بس؟؟ انتي فاتنة وعايز اخبيكي بعيد لأن مش قادر اتحمل أي نظرة تقع عليكي! 



+




برقت عيناها بسعادة أكملها باعترافه:  بحبك يا فواحة! 


__________________



+




توارت عنه متعمدة وسط الزحام منذ أتى، فرد لها تعمدها بتجاهل شديد كأنه لم يراها، وهو بالحقيقة سيجن إن لم يعانقها ويروي شوق ثلاثة أيام وهي بعيدة عنه..ليته رفض أن تذهب دونه! فكر بحيلة ما تجلبها لعرينه راكضة بإرادتها..لمح تلك الفتاة قريبة عامر والتي انبهرت فور رؤيته مدركا أنها تابعت جميع حلقات برنامجه، .. اقترب منها متظاهرا بالعفوية، فدنت الفتاة سريعا هاتفة بحماس:  ممكن اتصور مع حضرتك ياشيف؟ أنا كنت متابعة البرنامج وفخورة برجوعك لينا باللقب ورفع اسم بلدنا، أصلي بدرس سياحة وفنادق وبحلم اكون شيف بنفس مستواك! 



+




ابتسم لها بجاذبية يمتلكها بوفرة واجابها بود:  بإذن الله هتكوني افضل مني بكتير..أهم حاجة حبي اللي بتعمليه ودايما طوري نفسك واكيد هتوصلي لحلمك.. ثم مازحها: مش بعيد اللقب الجاي يكون من نصيبك! 


ضحكت غير مصدقة انه بهذا التواضع والطيبة وكلماته تحفزها للافضل..!



+





        


          



                


سمح لها أخيرا بالتقاط عدة صور " سيلڤي" لهما ثم لمح بطرف عينه ملكته ترمقهما بنظرة نارية وتحركت تجاههما، فابتعد شاعرا أن الأمور تجري كما توقعها.. تنحي لبقعة بعيدة عن الصخب خلف الحديقة، وقد تفقدها بتخطيط مسبق لاستدراجها إليها لينعم ببعض الخصوصية معها.. أعطاها ظهره فاقتربت وقالت والغيرة تصرخ بين من حروفها: 



+




_ مين بقى اللي سعادتك كنت واقف تضحك وتهزر معاها دي؟ وازاي تسمحلها تصورك بتليفونها؟؟ 



+




استفزها صمته وتجاهله لها وهو يعطيها ظهره دون اكتراث، فدارت حوله حتى وقفت أمامه مباشرا وهمت بمواصلة عتابها الهادر بكلمات قاسية منتوية عقابه تلك المرة بجدية وتركه هنا..!



+




_ ساكت ليه هو انا مش ب……!



+




ماتت الحروف على شفتيها بعد أن ضاعت بعناق شفتيه التي اجتاحتها ليأخذ ثأره كما يرضيه لنفسه.. ويهديء شوقه الذي كبله داخله منذ أتاها.. دفعته بعيدا تلهث وهي تتلفت حولها خوفا من رؤية احدهما لهما، فهمس وهو يقربها ثانيا:  متخافيش محدش هيمر من هنا.. وحتي لو حصل انتي مش واقفة مع حد غريب! 



+




رمقته بغيظ لتهوره رغم أن جزءً داخلها كان يحتاج عاطفته وقد اشتاقته اضعافا.. لكن حاولت أن تبتعد عنه فتشبث بخصرها مغمغما: وحشتي حبيبك يا ملكة! 


_ يا سلام.. على أساس انك حتى حاولت تيجي تكلمني؟ انت تجاهلتني خالص من وقت ماجيت وروحت تكلم البنت اللي صورتك دي.. وحاولت ثانيا الابتعاد، فتصلبت ذراعاه حولها بقوة وتملك متمتما بخفوت:  مش قولتلك هعاقلبك! 


رمقته بعتاب هتفت:  وعاقبتني؟ خلاص سبني بقى! 


وكأنها أمرته بالعكس فضمها أكثر مغمغما: 


وحشتيني..دي اخر مرة هسيبك تبعدي عني! 


_ بس دول يومين! 


_ بردو كتير..عموما تقريبا جناجنا بقي جاهز، والعفش هنختاره ونظبطه.. كده مش فاضل غير نحدد يوم فرحنا


وحدجها بنظرة ذات مغزى:  وطبعا انتي اللي هتحددي! 



+




غزت الحُمرة وجنتيها وهربت منه راكضة لتندمج بالحفل وتبتعد عن تأثيره لتهدأ وتستوعب كل تلك السعادة التي تحياها..!


______________________



+




في اليوم التالي! 



+




طال سجودها وهي تدعوا بخشوغ وتشكر خالقها لما منحها من نعم كثيرة حظت بها بعد يأس روحها أن تنال سعادة حقيقية..عائلتها.. طفلها.. وأخيرا عابد.. حبيبها قبل أن يكون زوجها الحنون..هو نعمة تقدم عليها الشكر صباح مساء دون مبالغة..!



+




أنهت صلاتها ونظرت للشيء الذي فعلته لأجل أن تهديه إياه الليلة حين يلتقيا بتلك البقعة الخاصة بهما قرب الأرجوحة في الحديقة گ عهدهما بعد فراغ عمله ليرتوي شوق كلًا منهما للأخر..رنين متتابع متفق عليه أنبأها أنه ينتظرها بالأسفل!  


_________



+




التفت ذراعيه حولها في تملك دافيء: وحشتيني يا زوما..بستني اخلص شغلي بفارغ الصبر عشان اجي اسهر معاكي هنا



+





        


          



                


ربتت عليه مغمغمة:  وانت كمان وحشتني.!



+




ابتعد ليناظرها:  بجد بتشتاقي ليه يا زوما


ابتسمت برقة:  طبعا يا بودي.. عندك شك؟


تنهد مع قوله: معنديش يا روح بودي..ثم تلفت حوله بغته متذكرا الصغير: فين مهند وحشني وجايبله حاجة حلوة؟


_ نايم بقالوا ساعة! 


وواصلت وهي تتحسس الشيء الذي تحمله وهمست: أنا عايزة اهديك حاجة عملتها علشانك! 


لمعت عيناه بعاطفته:  هدية أحسن منك؟


تلجمت لحظة ثم أمسكت كفه وقبلتها:  أنت اللي احلى هدية ربنا كرمني بيها، وربنا يقدرني واصونك وأسعدك..يلا بقى غمض عيونك عشان تشوف هديتي! 



+




أطاعها مبتسمًا ثم بدأ بفتح عيناه بعد أن طلبت أن ينظر أمامه وللوهلة الأولى تسمرت مقلتيه فوق لوحتان مختلفتان جوار بعضهما.. الأولى لرسمة رجل يشبهه كثيرًا يعانق طفل صغير يشبه مهند وكأن عمره ازداد سنوات..!



+




واللوحة الثانية لذات الرجل الذي يشبهه بهيئته الحاليه مع لحيته الكثيفة وذقنه، وهو يلثم رأس طفل رضيع حديث العمر.. فنظر لها متلمسا تفسيرا يؤكدا له ما فطنه..!


فقالت وهي تمنحه أصدق نظراتها عشقا:  


متأكدة إنك قدرت تفهم اللوحتين! 


_ بس طمعان اسمع منك! 



+




استدارت عنه تطالع اللوحة الأولى بعين مترقرقة: 


دي صورتك انت ومهند حسب ما بتخيلكم في المستقبل لو ربنا عطانا العمر.. بشوفكم كده.. أب حنون بيحتوي أبنه بين دراعاته بيعوضه اللي فقده وبيطمنه انه معاه في كل لحظة ومش هيسيبه ولا يخذله! 



+




صمتت وتكاثفت الدموع بمقلتيها مستطردة:  ودي صورة الطفل اللي بحلم ربنا يرزقني بيه منك يا عابد.. الطفل اللي هيربطنا ببعض اكتر وأكتر.. الطفل اللي هيكون اخو مهند وسنده في الدنيا بعد ربنا وبعدنا.. الطفل اللي هيكمل فرحة طنط كريمة.. الطفل اللي هيبارك حبنا ويسعدنا أكتر وأكتر! 



+




التهم الخطوات التي تفصله عنها واحتصن وجهها الباكي براحتيه واقترب بوجهه حتى صارت انفاسه تلفحها وقبلها لتنوب قبلته عن كل حديث عجز عن قوله ثم غمسها بصدره ولا يجد كلمة واحدة تعبر عن سعادته بهديتها وشعورها الجارف ورغبتها بتكوين أسرة معه.. أما صورته هو ومهند فكان لها أثرا أكثر قوة ودلالة.. هي تأمنه على الصغير.. لا تضعه بعقلها مجرد زوج أم بصورته المعهودة.. بتلك اللوحة أكدت ثقتها به.. هو مصدر أمانها بعد الله..وهو شعور لا يُقدر بثمن في نفس رجل حين يستشعره من أنثاه! 


________________



+




ما أن غادرها رائد حتى سقط قناع هدوئها وبدت عيناها گ جمرتين متقدتين حقدا وغلا وهي  تركل بقدميها فازة ضخمة في إحدى الزوايا وراحت تدور حول نفسها بجنون تهذي:  لسه زي ما انتي..ملكة الكل بيشاور عليكي ورقبتك عالية كأنك هتطولي السما.. عيونك لسه بتلمع بالحياة بتبصيلي وبتتحديني وبتقوليلي اللي عملته مأثرش فيكي..كل اما بشوفك بتكبري بحس اني بصغر أكتر وأكتر.. السعادة مالية. عيونك وانا تعيسة نفسي اضحك من قلبي.. الكوابيس مش عايزة تسيبني ولا تسيبوا.. كل يوم بيمر عليا وهو ناسي انا مين بخاف يكون الأخير..بخاف كل حاجة تضيع مني..بخاف اتحرم من بنتي.. بخاف اتحرم من بيتي وحياتي..بخاف اتحرم منه هو نفسه.. الخوف بياكل روحي وسارق راحتي ونومي.. وانتي كل مادا بتكبري وتلاقي اللي يقويكي ويسند ضهرك.. كان ابوكي وعيلتك ودلوقت؟! 



1




وصمتت تلهث من فرط مشاعرها غلها الناقمة المتأججة وهي تتذكر ذاك الشاب فارع الطول والهيبة.. وفوزه الذي جعل سيرته تتناقلها الأفواه بإعجاب وفخر صب عليها وحدها .. أصبح لها ظهر أقوي..نظرته لها غارقة بعشق تعمد إظهاره بقوة.. كأنه هو الأخر يتحداها.. يشعل حسرتها..تُرى.. هل يعلم كل ماحدث لفاتنته؟ أم غافل عن ماضيها ولا يعلم سوى رتوش؟



+




أجفاها صدوح رنين الباب بغتة.. فتوجست مغمغمة:  معقول رائد رجع تاني زي عوايده؟


ذهبت تتفقد القادم الذي ظنته زوجها وفتحت الباب متخلية عن حذرها..لتتسع حدقتاها وتزداد قتامة متسمرة على وجه من آتاها وابتسامته الماكرة تُظلل شفتيه اللعينة! 



+




تجرعت ريقها برعب وهي تطالع من ظنته زوجها


وأدركت ان الشيطان نهض من جحيمه وآتاها


وأبواب جهنم لن توصد قبل أن تبتلعها بنيرانها المستعرة!  


__________________



+





                                    


الفصل الثاني والأربعون


*******************


لا تنخدعوا في المرايا إن عكست هدوء عالمكم..


أنا قابعُ خلفها گ نقطةٍ سوداء..


أنا من لُعنت..أنا من نُفيت..


أنا من خسرت كل ما حصدت..


ومثلي أيضًا ستخسرون..


لن تهنئوا بنعيم جنتكم..! 


وفي جحيمي أتلظى..


نيران حقدى أتية..


فأبصروني واحذروا.!


............ 


رصد مغادرته لمنزله وهو منزوي داخل سيارته بعيدًا، فهبط منها نافثًا دخان سيجاره الأخير، ثم أسقط عُقبها المشتعل طرفه أرضًا ساحقًا إياه بحذائه متوجهًا إليها وشفتاه تميل بابتسامة شيطانية تعبر عن نواياه الخبيثة! 


............ ..


غادر زوجها لعمله والصغيرة نائمة وتلك فرصتها لتنجز بعض الأشياء الهامة في مطبخها وتعود للنوم جوارها ثانيًا..بطريقها أجفلها قرع جرس الباب وسط سكون الصباح فغمغمت ( معقول رائد رجع زي عوايده ونسي حاجة) وبهذا الافتراض تخلت عن حذرها وفتحت الباب دون تبين مسبق لتتفاجأ بكابوس أسود تجسد في وجه تعرفه.. تمقته.. وتخافه.. وجه حمل بين ملامحه شظايا جحيم قادم تراقص لهيبها بنظراته..!



+




بجزء من الثانية حاولت غلق بابها لتحتمي خلفه، فجاء رد فعله أسرع واقوي وهو يعرقل فعلتها بحشر إحدى قدميه ومن ثَمَ دفع الباب بعنف جعلها ترتد للوراء شاهقه والرعب يملأ عيناها المتسعة وهي تهمهم بقوة زائفة رغم ارتجافه فرائصها: 



+




_ أخرج من بيتي يا سامر..! 



+




وكأنها أمرته بالعكس، توغلت قدمه للداخل مبتسما گأنه صاحب البيت مغلقًا الباب خلفه وبهدوء راح يوزع نظراته بالأرجاء متفحصا المكان: 


_ بيتك ظريف يا رودي! 



+




قالها ثم التفت مستطردًا بخبث: ولا نقول تيماء؟ 



+




تجرعت ريقها وزاغت عيناها وكادت تسقط انفعالا ورائحة الخطر تكاد تخنق روحها وتنحر أملها طيلة الفترة الماضية بعد أن توهمت الأمان والاستقرار.. وهاهو شبح ماضيها يطاردها ويزلزل سلامها! 



+




ومع كل ما تشعر تشبعت نبرتها بشجاعة وقوة استمدتها من مجرد احتمال أن يؤذى عائلتها الصغيرة.. هي الآن لا تحمي تيماء.. بل تحمي رائد وصغيرتها رحمة! 



+




_ قلت أخرج برة بيتي يا سامر وإلا مش هيحصل طيب! 



+




جلجلت ضحكته السمجة مع تمتمته: ده استقبالك لاصحاب الجامعة بردو يا تيمو..! 


_ أخرس واخرج من بيتي يا حيوان، لو جوزي جه هتكون... 



+




قاطعها: هتكون مصيبة؟..بس لمين؟ ليه ولا ليكي؟



+




أدركت أن هدوئها هو السبيل لمعرفة نواياه، فأخذت نفس عميق وزفرته بهدوء وهتفت: مش هقولك عرفت طريقي منين لأنه سؤال ساذج ومش هيفرق كتير.. لكن هقولك جاي ليه وخلينا نلعب على المكشوف ونختصر الوقت عليا وعليك!



+




وَجَلت داخلها حين بصرت بريق "طَالح" بعيناه، دنى ونظراته البذيئة تمشط تفاصيل جسدها بوقاحة وكأنها تعري سترها..كلما اقترب ابتعدت حتى اصطدم ظهرها بالجدار وأصبحت حبيسة بينه وبين جسده النچس وهو يميل على أذنيها هامسًا بصوت معبأ بأنفاسه الكريهة: هو طلب واحد مافيش غيره! 



+





                


أدَامَ النَّظَرَ على معالم أنوثتها المكتنزة گ ذئب يعاين فريسته الشهية قبل صيدها: عايزك انتي! 



+




ضيقت حدقتيها تحاول استيعاب ماقال.. أو بالأحرى ما لم يقوله.. أدركت بخبرتها مع أمثاله القذارة المتوارية خلف جملته المختصرة.. القبيحة، فاصطبغ وجهها بلون الدم غضبًا وبصقت في وجهه بصقة أغرقته.. جففها مع ابتسامة ثلجية وابتعد ليشعل سيجاره بهدوء غريب مغمغمًا: عارف انك اتعودتي تبقي ست محترمة، ثم حدجها بنظرة ذات مغزى: وعندك بنت خايفة عليها..! 


هنا طرق ناقوس الخطر بقلب أمومتها حين ذكر طفلتها.. كنزها.. روحها.. لن تسمح له بأذيتها.. ستُرديه قتيلًا مخالبها إن حاول مس شعرة من صغيرتها.. وبهذا الخوف تدفقت قوة دفاعها الفطري وهي تهجم عليه بأظافرها قاصدة نهش وجهه عقابًا لمجرد ذكره لابنتها على لسانها العَفن، فكان أسرع وهو يلوي ذراعيها ويطوقها بقوة لتصبح مقيدة للخلف عاجزة عن صفع وجهه الذي رنى محاولا انتهاك شفتيها عنوة، انتهاك تستحقه إمرأة بتاريخها المشين.. وهي تدرك جيدًا أنه لن يكون الأخير، ومع هذا ظلت تحرك رأسها يمين يسار لتعجزه عن تقبيلها، فقهقة ضاحكًا: حلوة الشراسة دي ياتيمو.. اللعبة شكلها هتحلو.. ماهو كل ماكانت الفريسة صعبة، كل ما اللعبة بقيت أكثر إثارة! 



+




همهمت بسباب بذيء وهي تعافر لتركها ثم فاجأته بضربة قوية من قدمها تحت حزام بنطاله فابتعد متألما لحساسية ما أصابت، وبرد فعل غاضب صفعها صفعة أدمت جانب شفتيها ثم لطمها للجدار ثانيًا وأشعل سيجارًا أطفأه على جلد ذراعها بقسوة جعلتها تصرخ بألم أستلذ به وهو يوصمها بجُرح دامي يذكرها به حين يغادر.. ثم ابتعد عنها أخيرًا وختم جرمه بصفعة أكثر قوة على خدها الأخر وأصابعه تُطبع كتذكار أكثر وضوحًا وقساوة.. هو لن يتركها لعالمها الهانيء إن لم يحصد هو الأخر غنائمه منها..



+




حتى ولو بالقوة! 


-----------------------------



+




رحل كابوس صحوتها المفرع فانهارت قواها وهي تسقط أرضًا ونحيبها يعلو حتى صار صراخًا وشعورها بالنفور من جسدها الذي تلمسه الحقير يزداد.. تشعر انها ملوثة..لن تكفيها مياة المحيطات لتطهرها من الدنس الذي عشش بروحها قبل جسدها.. عالمها الذي بنته طيلة الفترة الماضية يتصدع بظهور سامر.. لن تنجو منه إلا بمعجزة..


والمعجزات استثناء من رب العالمين


لأصحاب السرائر "البيضاء" وهي خير من تدرك


كم تحمل من "سواد" جراء ما اقترفته من ذنوب..


مثلها لا تستحق نجاة.. لكن روحها تصرخ بطلب الرحمة.. هي تحتاح رحمة! 


صراخ ابنتها اخترق لحظات انهيارها المغيبة وسط نحيبها المقهور.. فهرولت تزحف إليها بعد أن فقدت قواها وحملتها ودموعها تختلط بدموع الصغيرة "رحمة"..تلك المنحة التي تحتاجها لتنقذها من الهلاك القادم..!



+




فهل تنال الرحمة ؟ 


هل تطمع في فرصة أخرى؟


ام قُطعت كل سُبل الرجاء بينها وبين خالقها؟ 



1




----------------------------------



+




مرت الساعات وهي حبيسة غرفتها وفراشها.. محيطها مظلم گ روحها..أتى رائد وحاول إيقاظها فامتنعت.. كيف تجعله يرى شفتيها التي ادماها الحقير. وبصمة الحرق على ذراعها.. ماذا تقول..!



+





        



          



                


_ رودي، معقولة مش عايزة تصحي تتعشي معايا؟ طب انتي كويسة؟ طمنيني عليكي"



+




تدفن وجهها بوسادتها تخبيء وصمات عارها.. مغمغمة: تعبانة وعايزة انام!


صمت يطالعها بقلق، فهتفت بنبرة غريبة وواهنة:


رائد.. ممكن تطفي النور ..! 


فعل وهو متعجب طلبها، وما أن فعل حتى اعتدلت متحصنة بالظلام مطمئنة أنه لن يراها وهمست بخفوت: أنا محتاجالك! 


صوتها الواهن الحزين أشعل فتيل خوفه أكثر فضمها بقوة حين استشعر حاجتها لقربه..فتحسست بأناملها صدره ومازالت صوتها يئن ألما ظنه رغبة: حبني يا رائد.. حبني قد ما تقدر.. أنا محتاجة احس انك معايا ومافيش حاجة ممكن تفرقنا..حبني عشان اقدر احب نفسي واجاهد مخاوفي! 



+




وشرعت في إثارة جسده أكثر لينجرف مع صخب احتياجها، ليحيا معها ملحمة مشاعر عنيفث حققت منها هدف بصمة أنامله عليها.. لعلها تمحو أثر قذارة سامر.. شيطانها اللعين! 


لكن هل ستمحو شعورها الخانق أنها ملوثة؟ 


---------------------------



+




اشرق الصباح عليها وهي تحتفظ بجمودها الشارد، فتململ وضمها محاولا الاستيقاظ، ثم تذكر حالتها الغريبة بالأمس، فتح عيناه وأول ما بصره شفتيها الدامية.. فحزن وملس عليها بأنامله مغمغما: أنا أسف، محسيتش بنفس اني أذيتك! 


اغرورقت عيناها واختبأت بصدره.. رقته وحنانه وبراءته بتلك اللحظة أشعرتها بحقارتها أكثر، وهمست: أنا بحبك يا رائد.. مهما حصل منك بحبك! 



+




ابتسم لتصريحها واحتضنها مكتفيا بقبلة على رأسها متسائل: طب ممكن اعرف مالك؟


_ ماليش، يمكن زهقانة، شوية وهبقي كويسة! 


رفع وجهها إليه وتأمل شفتيها بلوم لنفسه هامسًا: أخر مرة هعمل كده.. ثم لثمها برفق وقال: ايه رايك اخد اجازة من شغلي واخرجك اليوم كله؟


أومأت بابتسامة واهنة: موافقة! 


تنهد وغمسها بصدره مرة اخرى ثم صدع صوت الصغيرة تبكي فقال: روحي شوفي رحمة وانا هاخد حمام واستعد لخروجنا


_ ماشي ياحبيبي"



+




راقبته وسحابة الحزن تظلل عيناها ونهضت لترى ابنتها وداخلها يهاب القادم.. ويترجى السلامة!


___________________



+




_ حبيبة أخوها اللي مش بتخبي عنه حاجة ابدا وهتقوله بلقيس بتعمل ايه معرفوش.. صح يا إيلي؟"



2




_ طبعا يا آبيه مش ممكن أخبي عنك حاجة! 


_ طب يلا قولي..ايه هي مفاجأة بلقيس؟



+




تغابت عمدًا بردها: طب وأنا اعرف منين ا يا آبيه؟!


_ كده بردو..يعني التليفونات والهمسات اللي بينكم دي وتقولي ماتعرفيش؟ امال هي عايزاكي بكره من الصبح ليه؟


_ معرفش.. ممكن حضرتك تسألها.


نهض وهو يحدجها بلوم: ماشي على راحتك، بس خليكي فاكرة انك رفضتي تساعدي اخوكي! 


وذهب فوضعت يدها فوق شفتيها تكتم ضحكتها التي كادت أن تفلت لمظهره الحانق وهمست: أنا مش عيلة عشان تقررني وتضحك عليا يا آبيه..مستحيل أبوظ مفاجأة مرات اخويا


_____________________



1




_ أوعي يكون ظافر عرف منك رايحين فين بكرة يا إيلي وهنعمل ايه بعد كده؟


_ لا لا طبعا.. هو حاول واغراني بكذا طريقة، أودتي اتمليت شيكولاتات وكل اللي بحبه، بس انا صمدت في وجه الإغراءت وقلبي بيتقطع.. 



+





        


          



                


ضحكت بلقيس: معلش يا لولو هعوضك فأفخر أنواع من الشيكولاتة.. وزي ما اتفقنا بكره هعدي عليكي بدري


_ مستنياكي علي نار متحمسة للفكرة من دلوقت! 


______________________



+




ظافر بضيق: هو ايه اللي مش هينفع اشوفك لحد حفلة الحنة؟؟؟ ليه يعني؟


هتفت عبر الهاتف: ياحبيبي عشان تشتاقلي


تمتم بضجر: ياستي انا مشتاقلك من دلوقت


ضحكت بدلال: منا عايزاك. تشتاق أكتر


_بلقيس بلاش تستفزيني، أنا أصلا بقالي كذا يوم مش عارف اشوف سعادتك.. كل اما اقولك هاجي ألاقيكي خارجة مع البنات بتتسوقوا ..ودلوقت بتقوليلي مش هشوفك لحد الحنة.. يعني بعد تلات أيام كمان.. وكده كتير! 


تمتمت بصوت مغوي: يعني وحشتك للدرجة دي؟


_ لأ..


عبست بتذمر: كده؟ خلاص اقفل مش هكلمك"



+




صمت لحظات وهي تنتظر وتشعر أنها أججت غضبه مع قوله: طب ايه رأيك أنا جاي أشوفك دلوقت حالا ومجرد ما اوصل هتنزلي لحد عندي..! 



+




رفعت حاجباها بدهشة: تيجي فين؟ الساعة 2 بعد نص الليل!! 


_ مايهمنيش.. هشوفك الليلة دي يعني هشوفك! 


_ ظ...... 


لم. تكمل وهو ينهي المكالمة ليصد أي محاولة منها ليعدل عن قراره.. فغمغمت بذهول ( معقول المجنون ده يعملها ويجي دلوقت؟!)


____________________



+




لم تأخذ تهديده بالمجيء إليها بوقت گ هذا على محمل الجد واستلقت على فراشها بتثائب استعدادا للنوم.. وبعد دقائق غطت بنوم عميق.. فصدح رنين هاتفها ليفزعها وهي تلتقطه وتجيب بوعي غائب: 



+




مين؟



+




_ أنزلي أنا مستني تحت في الجنينة! 



+




همهمت ومازالت تحت سطوة النعاس: تحت فين؟! وجنينة ايه؟


_في الجنينة بتاعتكم جمب الشجرة اللي أنا وانتي بنكون عندها دايما..! 


_ بس البوابة مقفولة والحارس نايم ازاي... 



+




هدر صوته مقاطعا: 


_ بلقيس كفاية أسئلة مستفزة عشان مش صعب ادخل حتى لو الحارس نايم..واتفضلي انزلي حالًا! 



+




أجفلها صوته الهادر وهو يصيح عليها، فاستعادت وعيها وهتفت: طب انزلك ازاي؟ لو حد شافنا في وقت زي ده شكلنا هيكون ازاي! 



+




نفذ صبره فقال ببرود: 


_ خلاص ماتنزليش، أنا طالعلك ومايهمنيش حد يشوفني..أنا واحد جاي يشوف مراته و ... 


وتعمد أن يصمت برهة واستطرد بنبرة ماكرة: 


بس ماتلومنيش علي اللي هيحصل لو طلعت لحد عندك.. سلام



+




صاحت سريعا: طب أستني أستني.. خلاص أمري لله، هنزل حالا..!


............... 


وقفت أمامه وعيناها شبه مسدلة من أثر النوم والإرهاق وغمغمت: ماكنتش اعرف انك مجنون كده يا ..! 



+




دوامة خاطفة ابتلعتها بفيض عاطفته لتغرق بين ذراعيه بشوقه المغيب فور أن حصل عليها، كأنها ماسة ثمينة وجدها بعد ضياع.. غمسها بعناقه الجارف دون أن يترك لها فرصة للهروب..وليته يعلم أنها كانت مثله تتقاذفها أمواج اللهفة لتُلقيها على رمال شاطئه الملتهبة بحراره عشقه الذي صارت ملامحه أكثر وضوحًا وقوة وتملك بعد عقد قرانهما.. سقط صمودها الكاذب وهي تواجه عاصفته مستسلمة لقبلة ناعمة بثنايا عنقها مع همسة خافتة: ماكنتش اعرف انك قاسية كده! 



+





        


          



                


ابتعدت لتتلقفها موجة أشد عمقًا من حدقتاه، ونظرته المعذبة تشي بما لاقاه في بعدها الايام السابقة، فتمتمت برفق: أنت عارف إن عمري ما اقسى عليك ابدا.. كل الحكاية عايزاك تشتاقلي قبل فرحنا. 



+




_ لو اشتاقتلك أكتر من كده مش هتتحملي رد فعلي! 



+




تهديده المطعم بنكهة حبه أرضاها وأسعدها فقالت: 


مين قالك؟! أنا اتحمل منك وعشانك كل حاجة.. بس كله في وقته حلو.. هانت وابقى معاك على طول ياحبيبي! 



+




تسلل بأنامله بين غابات شعرها الأسود وأرتحلت عيناه على تفاصيل جهها الفاتن يتأملها بوله هامسًا بخفوت ممزوج بعتاب حاني: اربع أيام مش عارف اشوفك وهتجنن عليكي.. وانتي مطنشاني ومتحججة بمشاويرك! 



+




اهتزت لعتابه فهتفت: أنا..! 



+




قاطعها: أيوة انتي يا قاسية، ظافر حبيبك مش وحشك؟



+




_وحشتني طبعا فوق ماتتصور بس اعمل ايه، في لوازم كتير كنت محتاجة اجيبها مع البنات! 


همس وأنامله تعيد هندمة خصلة شاردة خلف أذنها تحجب عيناها المضيئة: المفروض مافيش حاجة تمنعك عني مهما كانت! 



+




ابتسمت بحنان: بس أنا عروسة وطبيعي اكون مشغولة.. وقلت لما نبعد شوية شوقنا يتجدد، وكمان انت بردو أكيد عندك حاجات مهمة عايز تعملها سواء في شغلك او لوازم الفرح! 



+




_أنا معنديش حاجة أهم منك! 



+




نظرته الدافئة مع همسته الخطيرة لجمتها ثانيًا..فراحت تجول بحب على وجهه فواصل همساته الصادقة: وشوقي مش محتاج يتجدد.. وبعدين صعب اتحرم من شوفتك لحد الحنة؟



+




ربتت بكفها فوق كفه: طب ما انت بعدت عني اربع شهور في لبنان وكنت صابر عادي..! 



+




_ لأ.. دي غير دي.. في لبنان كنت بعيد غصب عني في بلد تانية، ده غير قيد خطوبتنا نفسه.. لكن دلوقت انا قريب منك.. اقدر اجيلك أي وقت من غير مايكون لقائنا حرام لأنه حق من حقوقي! 


ابتسمت مطرقة الرأس، لاعتقلها بعناق أخر واستطرد: وبعدين ليه مخبية عني هتعملي ايه يوم الحنة! 


رفعت وجهها إليه وسكنت حدقتاها نظرة مشاكسة: زي ما انت خبيت عني فستان فرحي.. واحدة بواحدة! 



+




ضحك بخفوت: ما انتي اتحالفتي مع ماما وهي بنفسها خليتك تشوفيه وعجبك ذوقي، تنكري؟



+




_ مقدرش انكر انه عجبني.. كفاية انه ذوقك انت! 



+




تأملها باسما ثم لاحظ اسمرار طفيف أسفل عينيها فقال: ليه تحت عيونك تعبان كده؟


_ أصل مش بنام كويس بقالي فترة"


_ وايه السبب؟


_ يعني، بفكر في حاجات كتير.. وخايفة! 


زوى بين حاجبية مضيقا عينه: خايفة؟ من ايه؟


اكتفت بنظرة صامتة قرأ بها الكثير، فعاد يضمها مع قوله الحاني: لو خوفتي وانا على وش الدنيا يبقي أنا ماليش لازمة! 


اغمضت عيناها وروحها ترتشف مذاق تلك المشاعر الدافئة منه، ثم قالت: خوفي مش منك ياظافر.. خوفي نابع من نفسي إني افشل في إني اخليك سعيد..أو ان تحصل حاجة تفسد علينا حياتنا.. حاجة مش قادرة احددها بس هي مجرد إحساس جوايا.. ثم ابتسمت مستأنفة: أظاهر فعلا أحنا فينا طبع مش هيتغير.. بنخاف من الفرحة وبنتوقع دايما شيء سيء! 



+





        


          



                


ربت على رأسها بحنان: مافيش حاجة هتحصل إن شاء الله، إنسي الكلام ده وارمي الأفكار دي من دماغك.. كل حاجة هتبقي كويسة متخافيش.. احنا هنكون سوا.. وانا مش هسمح لاي شيء يهدم سعادتنا او يسرق امانك واستقرارك..اتفقنا..! 



+




أومأت له وعيناها تضوي بحب: اتفقنا..! 



+




وابتعدت مع قولها: خليني بقى ارجع عشان بجد محتاجة ارتاح شوية لأن بكرة اليوم طويل مع البنات! 


_ بس هشوفك؟! 


_ وحياتي عندك تسمع كلامي.. انت اهو خلاص شوفتني..اكتفي بلقائنا ده لحد يوم الحنة.. عشان خاطري! 


تنهد بقلة حيلة وقال مرغمًا: مع اني مش شايف أي داعي لكده.. بس حاضر ..حبيبتي تؤمر وأنا انفذ..! 


ثم قبل جبينها قبلة مطولة وتمتم: يلا ارجعي، وانا هستني هنا اما تطلعي تبصيلي من فوق!



+




فعلت بعد أن منحته قبلة خاطفة على خده وغابت عن بصره، فتنهد هامسا: بحبك يا ملكة حبيبك! 


_________________ 



+




أحمد: هو ليه حاسس تصرفاتك مريبة كده بقالك كام يوم.. بتخرجي مع بلقيس كتير وكل اما أسألك هتعملوا ايه مش بتردي! 


_ أولا دي مشاوير عادية لأن بلقيس طلبت حاجات معينة وانا بس اللي هقدر افيدها..!


_ حاجات ايه يعني


_ احمد ياحبيبي.. خليك في حالك لأن مش هتعرف تضحك عليا، عارفة ان العريس سلطك تعرف مني كل حاجة صح؟ 


قال ببراءة: أنا؟؟؟ على فكرة ظالماني! 


_ لأ أنا سمعتك امبارح بتكلم ظافر وبتقوله هعرف من خطيبتي كل حاجة واقولك! 


رفع حاجبيه بعدوانية: أنتي بتتجسسي عليا ياهانم..!


ثم لوح لها بسبابته بعصبية زائفة: اسمعي.. انا مقبلش موضوع التجسس ده يحصل تاني.. وعقابا ليكي هتقوليلي بلقيس بتعمل ايه ومخبية على صاحبي.. انطقي يلا..! 



+




ظلت تطالعه دون رد ثم انفجرت ضاحكة وهي تقول: روح مكتبك ياميدو ياحبيبي وهطلبلك ليمون على حسابي قبل ما امشي! 


_ تمشي على فين؟


_ مشوار مع البنات! 


_ أيوة فين يعني؟؟؟


_ مش شغلك ياقلبي


وهمت بالرحيل فسد عليها ودنى منها حتى حاصرها بينه وبين الحائط ومنحها نظرة أوجستها منه خيفة مع همسته الماكرة: لو ماقولتيس رايحة فين.. هعمل حاجة نفسي فيها.. وقارن قوله بنظرة محذرة لشفتيها فغمغمت بخوف: اعقل يا أحمد، أحنا لسه مش مكتوب كتابنا مايصحش! 


_ خلاص انطقي وإلا... ..



+




دفعته في صدره بغتة وهرولت إلى الباب لترحل.. وقبل أن تفعل التفتت تصيح محذرة: لعلمك هتتعاقب على كده ..انسي انك تسمع صوتي أو تشوفني لحد يوم الحنة ..وابقي خلي صاحبك ينفعك يا ذكي! 


_ يعني مش هتيجي الشغل كمان؟ دي بلطحة بقى! 



+




استدارت صائحة (لأ) ثم لوحت بلسانها بحركة طفولية لإغاطته وغادرت سريعًا


فابتسم لما فعلت وغمغم لذاته بهيام: بموت في شقاوتك يا أمونتي..( وواصل بتوعد) وهانت ياقطة ونبقى في بيت واحد ومحدش ينقذك مني! 


_______________



+




عامر: ممكن افهم ياعمي حضرتك حابسنا هنا ليه كأننا مخطوفين؟


يزيد: مش دي حفلة الحنة بردو والمفروض نكون برة ولا إيه؟


عابد: وبعدين انا عايز اخرج اشوف مهند! 


أحمد: وانا ضيف عندكم ياعمي وماينفعش تحبسوني زي الرهائن اللي في فيلم عادل امام



+





        


          



                


ياسين: اه والله.. المشكلة اني جعت وفاضلي تكة واهتف وقول ( الكباب الكباب يانخلي عيشتكوا هباب)


محمود: انا بقي مش جعان، أنا عايز اشحن تليفوني، وهنا الفيش كلها بايظة! 



+




ظافر: وأنا من الأخر كده وبدون لف ودوران عايز اشوف عروستي لأن المفروض دي الحنة بتاعتي ومن حقي ابقى معاها دلوقت! 



+




عاصم بعناد: وبعدين معاكم صدعتوني أسئلة واعتراضات وكلام.. قلت محدش هيخرج من هنا غير بعد ساعتين، وقدامكم اهو فواكهه وعصاير اتسلوا بيها ولا ارغوا في اي حاجة..!



+




ظافر: عمي بجد انا مش فاهم حاجة.. ماما وايلاف معاكم من الصبح زي مابلقيس طلبت..وخالي وعمي كل واحد جاي بعيلته في الطريق.. وانا قلت هاجي أنا وعامر واحمد على معاد الحنة.. ايه لازمة الحصار ده..؟


تنهد عاصم بقلة حيلة: ماشي أنا هريحكم ڤشان تهدوا.. بنتي طلبت مني إني اخليكم كلكم بعيد في الاستراحة ومحدش يشوفهم غير بعد ما يستعدوا للحفل.. وأنا زي ما أميرتي تطلب هعمل.. محدش فيكم هيتحرك من هنا قبل ساعتين..!



+




_ طب وأنا ومحمد دخلنا ايه ياعاصم تحبسنا مع الولاد! 


_ منا محبوس معاكم أهو يا أدهم..وبعدين مش فاهم مضايقين ليه.. كل حاجة حواليكم اهو.!



+




مال أحمد يوشوش ظافر: احمد ربنا ان الحركة دي مش اتعملت يوم الزفاف ياعريس.. كانت هتبقى القهرة الكبيرة! 



+




احضر عاصم لعبة "الطاولة" المعروفة وتبارز هو وشقيقيه مع أحاديث جانبية بحنين لأيام شبابهم الأولي، بينما الشباب يتهامسون بسخط للحصار الذي فرضه عليهم وحرمانهم أن يروا أنصاف قلوبهم! 



+




فاستسلم ظافر ومال "خده" مستندا على كفه المضمومة بقلة حيلة ويأس، وبدون ترتيب فعل باقي الشباب مثله ليشكلوا صورة حية للبؤس والضجر منتظرين الفرج من هذا الاعتقال! 


__________________



+




تتأمل ابنتها التي ازدادت فتنة بعد ارتداء ذاك الساري الهندي، وشعرها المسدل على كتفيها گ خيوط من حرير واكسسواراتها الفاخرة بفخامة جمالها الآخاذ.. تضافرت العين مع القلب بتواصل مهيب لم يلحظه أحد.. والأولى ترقيها من عين الحسود، والثاني يرتل بدقاته الدعوات والاذكار كي يحميها الله من كل من تقع عينه عليها.. ثم تجولت عيناها على بقية الفتيات بتريث تتمعن بجمالهم المميز وكل واحدة ترتدي تصميم ساري مختلف يليق بها واكسسورات ملونة براقة وكأنهن حوريات هبطت خصيصًا من الجنة يحوطون ابنتها ليصبحن لوحة شديدة الروعة تسحر الأحداق.. تنهدت وهتفت داخلها ( الله أكبر.. يارب احمي كل بناتنا من العين وكمل فرحتنا على خير)



+




_ ياجماعة أنا مش عارفة اعمل ايه لو أدهم شافني بالساري ده.. والله مكسوفة هيقول عليا ايه! 


عبير بمرح: ياكريمة ما كلنا لابسين اهو زيك، لعلمك دي فكرة ممتازة وهتكون ليلة حنة ماتتنسيش.. برافو عليها بلقيس والله انها فكرت كده، وجهزت كل حاجة مع المهندسة زميلة يزيد! 


دره: قصدك أمونة؟ بصراحة البنت دي جدعة جدا، وماسابتش بلقيس والبنات كأنها أختهم.. هي اللي اتفقت مع رسامة الحنة وجابتها وبمساعدتها دلتهم على أماكن بيع الساري وكل لوازمه، ربنا يفرحنا بيها


فدوة: اللهم امين، عطر بنتي قالت ان فرحها بعد فرح بلقيس باسبوع.. ربنا يسعدها


دره: ايوة ماهو عشان كده بلقيس وظافر مش هيسافروا لشهر العسل غير اما يحضروا الفرح.. أصل أحمد العريس صاحب ظافر اوي! 


كريمة: ربنا يتملهم على خير يارب.. ويفرح كل بنات وشباب المسلمين! 


............... 



+





        


          



                


_ أول حرف من أسم عريسك ايه ياعروسة؟



+




أجابت بلقيس السيدة المتخصصة برسم حنة الأعراس على الطريقة الهندية: حرف Z هو اسمه ظافر..! أكتبيه بشكل حلو وظاهر عشان يشوفه! 



+




ابتسمت السيدة وهي تواصل نقش الحرف بشكل احترافي مميز، وبعد الانتهاء، توجهت لإيلاف كي تنقش لها رسمة تناسبها على كف يدها، وبعد أن اكتملت رسمتها تسائلت: ها ياحبيبتي أكتبلك أي حرف في رسمة الحنة بتاعتك؟



+




تمنت لو تخبرها لكن لا مجال لكشف سرها الصغير، فقالت كذبًا: بصراحة معرفش لأني مش مخطوبة! 


_ يعني مافيش أي حرف عايزة انقشه في رسمتك؟



+




توترت إيلاف وعين السيدة تخترق دواخلها وتكشف ما تخفيه بفراسة، لكنها واصلت بإنكار: لا مافيش! 


ربتت زمزم على كتفها وقالت: ربنا يرزقك ابن حلال طيب ومحترم يا ايلي.. وساعتها كلنا هنكون معاكي بنحتفل بيكي! 


_ بجد.. يعني كلكم هتكونوا موجودين حواليا زي بيلي كده؟ اصلي حبيتكم اوي، لمتكم الحلوة دي سدت فراغ اني ماليش اخت! 


بلقيس بعتاب حاني: كده يا ايلي؟ امال أنا ايه؟ مش اختك الكبيرة بردو؟


_ طبعا وأكتر، والله انا فرحانة أوي انك هتعيشي معانا..ومش مصدقة اصلا اننا هنرغي كل يوم سوا وهشوفك طول الوقت.. بس يارب مش تزهقي مني وتقولي عني رغاية! 


ضحكت لها: بالعكس أنا بحب اتكلم معاكي.. ماتقلقيش، هنرغي كتير سوا لحد مانتعب من الكلام.! 



+



قد يعجبك ايضا


منذ عام


رواية جنة الانسانية الفصل السابع 7 بقلم فاطمة رافت


منذ عام


رواية جنة الانسانية الفصل الثامن 8 بقلم فاطمة رافت


منذ عام


رواية حقيقة مخادعة الفصل الثاني 2 بقلم سارة شريف



_ أكتبيلي حرف A


هكذا صاحت زمزم عندما حان دورها، ثم قالت: وارسمي لمهند ابني كمان.. وحطي حرف Az



+




لاطفت السيدة الصغير وقبلت خده وهتفت: ماشاء الله طفل يدخل القلب.. وهعمله رسمة مناسبة وتليق عليه.. وراحت تنقش على كفي الصغير رسومات كرتونية ثم وضعت بينهما الحرفين والصغير يتابعها بحماس وسعادة لإدراكه أنه حظى بما يفعلون مصدرا همهمات وإشارات لوالدته كي تنظر معه فقبلت رأسه بحب وهي تقول: جميلة يا هوندا، هتوريها لبابا عابد؟


أومأ الصغير: آبد.. آبد! 


ضحكت جوري: كده بردو يا هوندتي تخطف مننا الاضواء ياعسلية انت.. تعالى اديني بوسة في خدي! 


استجاب الصغير وطبع بثغره قبلة علي وجنتها، فتسابقت الاخريات. لنيل قبلة منه فمازحتهم زمزم: 


_ لا بقولكم ايه.. اللي عايزة ابني يبوسها تاخد موافقة خطيبها او جوزها.. مش عايزين مشاكل! 



1




صدحت ضحكاتهم حتى انتهت السيدة تمامًا من رسم الحنة فقالت زمزم: رسمة الحنة على ايدك طلعت روعة يابلقيس ماشاء الله! 


جوري: فعلا حنة بلقيس جميلة، وانتي كمان يازوما الرسمة اللي اختارتيها تجنن! 


_ شكرا ياحبيبتي ورسمتك انتي وعطر وأمونة احلى وأحلى، وواصلت بانبهار: ياجماعة انا مش مصدقة اننا عاملين نفس الطقوس الهندية.. أنا مبسوطة اوي


عطر: وانا كمان.. ماكنتش اعرف اننا هنكون حلوين في الساري كده.. وعلي فكرة لازم كلنا نتصور بشعرنا الأول قبل ما نضطر نلبس الحجاب مع الساري وقت دخول الشباب! 



+





        


          



                


بلقيس: ماتقلقيش ياعطر انا مظبطة كل حاجة.. هنشبع تصوير وناخد راحتنا على الأخر عشان كل واحدة فينا تحتفظ بذكري الاحتفال ده، واللي نفسها تعمل حاجة معينة تقول ..!


صاحت جوري بحماس: أنا عايزة ارقص الله يخليكم قبل ما عامر يدخل يخنقني ويكتفني مكاني! 


عطر: وأنا كمان هرقص معاكي


ايلاف: وانا هرقص معاكم وياسلام لو على موسيقي هندي عشان نكمل الأجواء بتاعة الساري! 


أمونة: أيوة وكل واحدة تعمل صور لوحدها وهي بترقص عشان توريها لجوزها بعد كده، من حق الغلابة يتبسطوا وإلا هينقهروا لو عرفوا برقصنا من غير ما يشوفونا


مازحتها بلقيس: اه والله متخيلة رد الفعل ظافر لو قولتله اني رقصت هندي، أكيد هيتجنن وقتها عشان يشوفني! 


أمونة: واحنا هنرعي جنانهم ده ونحطه في الاعتبار



+




بلقيس: ماهما بصراحة يستحقوا مكافأة.. كفاية الحبسة اللي بابا حبسها ليهم بطلب مني


عطر: أحسن، ماهو مكانش ينفع يحضر الطقوس دي حد فيهم عشان دي قعدة بنات. "


إيلاف: بس انتوا نسيتوا إن في راجل معانا وشاف كل حاجة! 


انتبهوا جمعهم لها فواصلت: معانا مهند.. راجل ده ولا مش راجل؟


ضحكت زمزم: ده سيد الرجالة كمان بس مافيش منه خطر.. لسه صغنون



+




صاحت بلقيس عليهم بتأكيد: طب اوعوا الهيصة دي تنسيكم الرقصة اللي اتدربنا عليها واللي هترقصوها حواليا لما ظافر يدخل، عايزاكم تظبطوني يابنات عشان الراجل ينبهر بيا..! 



1




جوري وهي تنهض: ماتقلقيش هتكوني ملكة النحل انهاردة.. بس يلا قوموا خلينا نرقص براحتنا قبل كل واحده جوزها يدخل وتتكتم كاتمة الفرخة المحشية في حلة الشوربة



+




جلجلت ضحكات الفتايات وبدؤا وصلة راقصة تلوت فيها أجسادهم بمهارة ورقة ليزدادوا للناظرين فتنة وإغواء والتفت الأمهات حولهم يصفقون وأعيونهم تلمع بسعادة وأجسادهم تتمايل بتلقائية مثلهم مع النغمات ورقص جميلات العائلة يملأ نفوسهم بهجة! 



1




وانتهت وصلة رقصهم وتحققت رغبة كلًا منهما بتسجيل لحظات خاصة بها ليراها زوجها بمقاطع فيديو فيما بعد! 



+




ولم يبقي الآن سوى حضور ظافر ورفاقه.. لتكتحل أحداقهم بجمال وفتنة من يعشقون حين يبصروهم! 


_______________________



+




أنفك الحصار الذي فرضه العم عاصم منذ ساعتين وسمح أخيرا للشباب أن يقودون ظافر حيث توجد بلقيس والفتايات.. فسار بينهم وعيونه تسبق خطواته وهو يفتش عنها حتى داخل الفيلا واقترب لتلك المساحة الواسعة التي أختفى من زواياها قطع الأثاث لتصبح مثل قاعة أفراح كبيرة تساع الاحتفال.. ثم وجد ستارًا تتدلى جوانبه مثل خيمة من الشيفون الأحمر يلتقط أطرافها السفلى أمهات الفتايات (دره وكريمة وفدوة وعبير وهدى) متأهبين لرفع الستار والكشف عن مفاجأة..ولأنها المرة الأولى التي يظهروا أمام أزواجهم برداء الساري.. تبادل عاصم النظرات المنبهرة مع أشقائه بمظهرهم الخلاب الذي ضخ في نفوسهم حيوية الشباب تجاه زوجاتهم! بينما ظل الشباب يحدقون وأعينهم تكاد تخترق الستار الأحمر متلهفين لرؤية ما يخفى أسفله.. ولم يطول انتظارهم.. والموسيقى تصدح بغتة وينقشع الستار تدريجيا لتظهر أمامهم لوحة من الفتنة والجمال.. وكأنهن فراشات ملونة وكلا منهما ترقص بحركات متساوية ومدروسة حول بلقيس التي ظلت تخفي وجهها بين خصلات شعرها، ثم رفعته لتتجلى عليهم گ النجمة المضيئة فبصرها وعيناه مآخوذة بطلتها الساحرة وراحت ترقص بين الفتايات كأنها حقًا ملكة وسط رعاياها..فتعالت دقات قلوب الرجال انبهارًا..شعر كلًا منهم انه هو عريس الليلة.. وعروسه تحتفل به وحده.. زمزم التي منحتة عابد أعذب ابتسامتها، وعطر التي أرسلت نظرة مفعمة بالحب ليزيد الذي بادلها إياها إعجابًا ولهفة، أما جوري فغمزت بإحدى عيناها بمشاكسة لعامر فازداد جنونه وأراد أن يعانقها الآن.. 


أما أحمد فكان أنبهاره بالساري الذي تألقت به أمونة، لأنه طابق ما رآه يوما وأخبرها انه يتمنى ترتديه له.. حققت أمنيته بعد أن عاقبته بعدم رؤيتها الايام الماضية..



+





        


          



                


وبقى عاشق لوني عيناها يتابع رقصتها الخجول بين الفتايات ولم يعد يرى سواها.. إيلافه ونعمته التي لن يصبر على امتلاكها بعد الآن.. لن يخفي رغبته فيها.. سيحدث والديه اللية بأمر خطبتها.. وتنهد وداخله يطلب الصبر.. بل الكثير منه ليتحمل هذا الشوق واللهفة والاعجاب بطلة إيلاف المهلكة بذاك الساري! 



+




أما ياسين لا يعرف لما تخيل بمرآة خياله تلك الفضية الرقيقة بسمة.. تمنى لو آتت وانضمت لباقة الجميلات ورآها بساري مثلهن..لكنها رفضت الحضور حين دعاها.. ولا يلومها.. هي لا ترى لها صفة للحضور.. فظل شيئًا في نفسه حزن لرفضها وتمنى أن تأتي.. لكن مازالت الأمور داخله مبهمة.. هو انجذاب لكن لم ينضج بعد.. يحتاح وقتًا ليتبين حقيقة مايشعر..! 


............... .



+




انتهت رقصة الفتايات وتفرقن لتنضم كلًا منهن لزوجها متلهفين لسماع كلمات الإطراء بعد ما فعلن لأجلهم.. رغم أن حفل الحنة يخص ظافر وعروسه، لكن الجميع نال نصيبا عادلا من السعادة! 


............ ..



+




ضمها إليه بعد أن أختلى بها بشق الأنفس وهمس بصوت وشى بشوقه : ماينفعش تبقى دخلتنا الليلة واخدك معايا..! 


ابتسمت مطرقة رأسها بخجل شديد ونظراته تكاد تذيبها گ الشمعة وذراعه تشتد على خصرها بتملك وكاد يعتصرها دون شعور منه، فخافت حين تخلت لمسته عن الرقة، وشعر بخوفها فارتخت ذراعه هامسا: أسف.. بس مش عدل تبقي جميلة كده وانا ما اعبرش عن شوقي! 



+




عاد إليها هدوئها وهتفت: يعني عجبك الاحتفال ياحبيبي؟ هو ده اللي شغلني عنك الايام اللي فاتت.. يستاهل بقى ولا لأ؟؟؟



+




قبل وجنتها برقة: بصراحة يستاهل.. ابهرتيني وجننتيني..!



+




برقت شمسيها فرحا واستعرضت رسمة ذراعها بطفولة: طب شوفت كمان رسمت على ايدي ايه؟ انا اللي اختارت الرسمة دي.. حلوة؟ 



+




تناول ذراعها ولثمه حتى وصل لباطن كفها وطبع قبلة اخيرة وقال: تهبلي والله.. كل تفاصيلك انهاردة تجنن يا اميرتي! 


ابتسمت برضا وتسائلت: طيب مش شايف حاجة كدة في الرسمة بتاعتي؟؟؟


عقد حاجبيه وعاد يتأمل ذراعها: حاجة زي ايه.. مش واخد بالي! 


رمقته بحباط مدلل: كده يا ظاظا.. انت طلعت مش قوي الملاحظة على فكرة! 


ضحك لعبوسها الشهي وقال: معلش والله ما واخد بالي.. اديني اي اشارة طيب! 


_ ماشي هسهلها عشان خاطرك..حرف اسمك موجود في الرسمة.. دور عليه بقى وقول هو فين؟



+




أمسك ذراعها وتمعن به حتى وجد حرفه يتوسط إحدى الازهار الصغيرة فابتسم وقال: لقيته، منور ومنقوش على ايدك! 


_ مش بس الحرف اللي على ايدي.. أسمك كله منقوش في قلبي ياظافر..! 



+




اشتعلت بحدقتاه بجذوة عاطفته حتى خاف أن تفلت منه ويخيفها منه، فاكتفي بتقبيل جبينها قبلة مطولة حانية، ثم أسند جبهته على قمة رأسها هامسا: بحبك يابلقيس! 


_________________



+




بعد دقائق انضم ظافر وبلقيس للجميع فأقبلت عليه أيلاف تصيح: آبيه أنت كنت فين؟ 


ثم دارات حول نفسها تتدلل أمام أخيها هاتفة: ليه مش قلت رأيك في الساري بتاعي.. شوفت جميل ازاي! 


ضحك وعاتقها بحنان وقال: فراشة تخطف القلب يا ايلي..تعالي نتصور سوا.. ثم مد هاتفه لبلقيس لتلتقط لهما صورا بمفردهما، ولم يدري أحدا عن ذاك المتلصص الذي أهتز قلبه وهو يرى حبيبته تدور حول نفسها تستعرض جمال ساريها لشقيقها.. وصار يتخيل أنه هو من يتلقفها بين ذراعيه ويضمها اليه، فهز رأسه بعنف وغمغم لذاته( لا يامحمود انت كده هتتجنن.. الليلة لازم تاخد خطوة تقربك منها.. ماينفعش تكتفي انك تتفرج عليها من بعيد..أنت اللي لازم تكون معاها)



+





        


          



                


وابتعد عازما على هذا الأمر، بينما ابتعدت إيلاف تاركة المجال لشقيقها مع عروسه، وراحت تتحسس رسمة باطن كفها بشرود هائم وذاك الحرف المنقوش خلسة قابع بين أزهارها متذكرة السيدة حين حدثتها في الخفاء أنها يمكن أن تنقش لها ماتريد دون أن يلاحظ أحد.. ولم تعي للسانها وهي تخبرها بحرفه هو " محمود" .. الذي أصبح يحتل أحلامها ويجذب اهتمامها بشكل غريب.. رغم انها لا تحدثه قط، لا تواصل بينهما سوى نظراته الدافئة المعجبة التي يخصها به كلما رآها في تجمع عائلي..لم يحاول مضايقتها لكن لا يكف عن رسال الكثير بعيناه التي تتابعها اينما وجدت.. هي تدرك هذا وتحاول تجاهله، لكن قلبها يهتم ويطلب المزيد..! 


____________



+




ما أن حمل الصغير حتى بدا يلوح له وكأنه يخبره سرًا، فضحكت زمزم التي تدري ما يفعله صغيرها وقالت: مهند عايز يوريك رسمة ايده يا عابد! 


ابتسم الأخير بحنان وحب حقيقي وقبل كفه وقال: الله يا هوندا.. عجبتني اوي وهجيبلك حاجة حلوة عشان انت شطور وماتعبتش ماما..! 


_ طب مش ملاحظ حاجة في ايد مهند ياعابد؟


تمعن بيده حتى تمتم بإعجاب: ده حروف أسامينا جوة الورد! 


أضاء وجهها وهي تهتف: أيوة ماهو كل واحدة كتبت أول حرف من أسم حبيبها في الرسمة! 


دنى قليلا وهمس بأذنيها: وانتي حبيبتي واسمك جوه قلبي! 


أطرقت بخجل لاقترابه ووقلبها ياكاد يقفز بسعادة، فقاطعهما محمود وهو يتناول مهند: حبيب خالوا اللي وحشني، ثم نظر لكفه بمحبة: الله يا مهند أنت كمان رسمت علي ايدك، وريني كده؟


عابد: أيوة اشمعنى هو يعني..وكمان حرفي أسمي أنا وزمزم على ايده! 


فمدت الأخيرة كفها لأخيها: وانا كمان ياحودة ايه رأيك؟


_ تحفة يا زوما، ثم زار عقله خاطر ما فتسائل: 


زوما، هو كل البنات حطت حرف خطيبها او جوزها مع رسمة الحنة؟


أومأت بتأكيد: أه طبعا.. كلنا



+




برقت عيناه بغموض وتركهم ليبحث هو الأخر عن حرف، ربما كان محظوظًا عنه وسكن كفيها..! 


_____________________



+




.غطت إحدى القنوات المهتمة حفل الحنة للشيف المشهور ملتقطة له هو وبلقيس صور متعددة والانبهار ينضح من أحداقهم لجمالها الأسطوري..كما فعلوا بث مباشر من قلب الأحتفال للقطات خاطفة للعروسين وبقية العائلة التي تألق كل أفرادها دون استثناء وكأنه عُرس جماعي!.. ليتصدر عنوان الأخبار في اليوم التالي: 



+




( حفل حنة الشيف المعروف ظافر الشباسي وعروسه ذات الجمال الاسطوري سليلة أرقي عائلات المنصورة بلد الجميلات) توالت الأخبار والصور، وبات الجميع يحسد ذاك الشاب أنه حظى بتلك الجميلة التي خطفت ملامحها وطلتها الانظار..! 


__________________________



+




" إيلاف! "



+




علمت صوته وارتبكت قليلا، لكن تماسكت سريعا وهي تستدير مجيبة: نعم! 


اقترب والصغير مستكين بين ذراعيه وتمتم: ازيك عاملة ايه؟


_ الحمد لله


_ عقبالك ان شاء الله


همست بخجل طفيف: بإذن الله، وعقبالك انت كمان! 


_ قريب اوي إن شاء الله! 



+





        


          



                


رفعت وجهها إليه بتلقائية مرددة: قريب؟


ابتسم وحدقتاه تلمع إعجابا وهو يطالعها بهذا القرب، وقال: أيوة منا نويت أخطب! 


ثم قرر التلاعب بها ليتأكد من شيء: في بنت كنت اعرفها في أوكرانيا.. هتنزل مصر قريب واتفقت اتقدملها لما تنزل! 



+




صدمة حقيقية سيطرت على ملامحها وخيبة أمل أصابت قلبها وهي تظن أن كل ماشعرت به وفهمته من نظراته كان كذبًا..وبقدر ما سب نفسه بضميره حين بصر حزنها بقدر ما رقص قلبه فرحًا..حزنها لا يعني سوي شيء واحد.. إيلاف تحبه مثلما يعشقها



+




_ ربنا يوفقك، عن أذنك اروح اشوف ماما



+




كادت أن تتحرك لولا أن اعترض طريقها بجسده هامسا ونظرته بدت مختلفة.. نظرة عاشق أيقن انه يسكن قلب من يحب.. شعور أكسبه قوة وجرآة وهو يهتف: إيلاف أنا كدبت عليكي! 


رمقته بدهشة: كدبت؟ ازاي مش فاهمة؟!



+




منحتها عيناه نظرة أرجفت قلبها وهو يقول: البنت اللي بحبها وهتقدملها مش في أوكرانيا.. لأ.. دي موجودة هنا.. واقفة قدامي دلوقت بأجمل طلة.. والساري بتاعها خطف عيوني زي ما صاحبته خطفت قلبي..البنت اللي بحبها عيونها عالم سحبني جواه من أول مرة شوفتها، عيونها اللي مستخبية ورى لون تاني مش بتاعها..!



+




تنظر له ببلاهة ودهشة فعاد يهمس بثقة وهو ينظر لكفها: البنت اللي كتبت حرف اسمي الأول في رسمة حنتها..! 



+




اتسعت عيناها بذهول وهي تنقل بصرها بينه وبين كفها الذي كُتب فيه حرفه بالفعل، فابتسم لتشتتها الشهي ونظراتها تكشفها أمامه أكثر وقال: تنكري ان حرف ال M مرسوم علي ايدك؟



+




استعادت تنمرها وهتفت بإنكار: ليه إن شاء الله هكتب الحرف ده؟ أنا ماكتبتش اي حروف على ايدي، ولو سمحت ابعد من قدامي خليني امشي! 



+




أوقفها ثانيًا: إيلاف.. ارجوكي استني، أنا لازم اسمع ردك على اللي قولته! 


_ اللي هو ايه؟ حبيبتك بتاعة أوكرانيا؟؟؟


كتم ضحكته وفرحته وهو يشم بصوتها رائحة الغيرة وقال ملاطفًا: كنت بهزر والله، ثم اكتسب صوته جدية ودفء: إيلاف.. أنا مشاعري واضحة ناحيتك وانتي فاهماني..وخلاص نويت اروح اخطبك من أخوكي، بس حبيت اعرف رأيك الأول قبلها.. عشان خاطري ماتبخليش بيه عليا..!


وواصل بعد صمت قصير: لو خطبتك هتوافقي عليا؟


صمتت مابين خجل وحنق لكذبته، وتحكمت بها غيرتها وهتفت: مش قبل ما تجاوبني الأول.. أنت فعلا بتحب بنات في أوكرانيا؟


أجاب سريعا: أقسم بالله عمري ما حبيت حد هناك، أنا كنت بهزر معاكي بس! 


صاحت بغيظ: هزار تقيل وبايخ! 


نظرتها العدوانية تجاهه جعلته يبتسم ويهمس دون ترتيب: بحبك يا أيلاف! 



+




وكأنها تلقت صاعقة ورد فعلها الوحيد أتاه وهي ترفع ذيل فستانها راكضة أمامه تهرب من هذا السيل الجارف الذي جرفها مع اعترافه.. ابتعدت عنه.. لكن ظل قلبها هناك يرقص حوله ويصرخ بقبولها لطلبه! 


_____________________



+





        


          



                


هل نفذ قاموسه من الكلمات؟


كيف يصوغ فرحته وهو يحتضن براحته كف صغيرته التي ما عادت صغيرة، ملكة أبيها كما لقبها منذ ولادتها، ملكته التي صارت لغيره..ستخلو صباحاته من محياها الصبوح.. لن يستطع ضمها كلما اشتاق عناقها.. لن تعطيه الدواء بأناملها وتقبله بعدها گ جرعة حنان تأثيرها يهون عقاره المر.. لن تشاركه السهر وهما يتابعان بشغف فيلما ويشاكسان دره حين يلقون قشور اللب أرضًا..لن تجري عليه ترحيبًا به گ الطفلة حين يأتي إليها..بلقيس حبيبة القلب وفرحته الكبرى أصبحت عروس جميلة ترتدي فستان زفافها الذهبي ليُشكل مزيجًا خرافيًا مع لون عيناها.. تتهادى بين أطواق ورود أرجوانية ساحرة، ويزحف زيل فستانها فوق سجادة تحمل ذات اللون الأرجواني المبهج.. يغمرها ضياء القاعة گأنها نجمة هبطت من السماء تشق طريقها بينهم..طلتها خطفت قلوب الجميع.. فالتهبت الكفوف تصفيقًا لاستقبالها مع أبيها.. وهاهو فارسها وزوجها يمد يده لينال حقه أخيرًا..أتت عروسه الحسناء.. لتعلو معها دقات قلبه وتلتمع نظرات إعجابه ويتأجج حبه ورغبته أن ينفرد بها الآن..!



+




أما عاصم فمازالت الكلمات شحيحة بحلقه، لتتولى التعبير عنه دموع ذرفتها عينه أمام الاشهاد ربما للمرة الأولى..لكنه لم يبالي بأحد.. لم يخجل.. فمن يدرك شعوره الآن.. ولأنها كانت تشاطره نفس الخواطر والذكرايات وتهاب اشتياقها له حين تبتعد، تلآلآ بمقلتيها سحاب العبرات وتفاصيل طفولتها تمر بخيالها مع كل خطوة وهي تسير جواره، كل ضحكة.. كل عناق..كل قبلة دافئة نالتها من أبيها..كل مرة توجتها نظرته بفخر وأخبرتها أنها حقًا ملكة تخصه! 



+




قبل خطوات قليلة من زوجها أرتمت بلقيس بين ذراعي والدها تبكي وعناقها يشتد حول عنقه قوة متشبثة به كأنها تطمئنه أنها مازالت معه وتنتمي له..ولن يأخذها منه أحد.. لما لا تعود معه إلى البيت.. لما يأخذها ظافر من أبيها وحبيبها الأول.. لن تذهب.. ستتمسك بكف أبيها كما تفعل دائما ولن تتركه..! 



1




طال عناقهما حتى انتقلت مشاعرهما الجارفة لتلتمع أعين الحضور بالعبرات تأثرًا بهما، بكى معظمهم وخاصتًا النساء.. وتحديدا " دره" تلك التي لم تستطع الوقوف على قدميها من فرط ضعفها في ذاك الموقف.. إن اقتربت من ابنتها وعانقتها لن تتركها لأحد..جلست بإحدي الزوايا تبكي بصمت ونفس التفاصيل مع صغيرتها تدور برأسها، فربتت كريمة على كتفها، وحاوطتها فدوة وعبير وهدى والدة ظافر التي قالت: ياحبيبتي بتعيطي ليه بس.. والله بنتك هتكون في عيوني أنا وابني..أوعدك محدش يزعلها واني هكون معاها زيك وأكتر..ربنا يعلم بحبها قد ايه! 



+




بكت رغما عنها مع جملتها الأخيرة، فقالت عبير وعيونها مغرورقة هي الأخرى: ايه ياجماعة هنقلبها حزن ولا ايه.. لا بلاش النكد المصري ده، ويلا قوموا معايا نرقص مع البنت ونفرفشها بدال ما هي عمالة تعيط هي وباباها كده وقطعوا قلوبنا والمعازيم كلهم بيعيطوا والفرح بقى شكله مسخرة والله لما هنتفرج عليه بعد كده"..انا هروح أغير الجو الكئيب ده خالص.. هنفرح ونهيص وبعدين نبقي نعيط براحتنا..! 



+





        


          



                


وبالفعل ذهبت لتطلب من قائد فرقة القاعة أن يختار أغنية مناسبة لتغير الأجواء.. ثم جذبت النساء على رأسهم دره التي جففت دموعها واستجابت لدعوة عبير وحاوطت ابنتها بعناق حاني وجففت لها دموعها بحرص كي لا تفسد زينتها.. وراحت تراقصها وبلقيس مازالت متأثرة بمشاعرها، أما ظافر الذي ظل تاركا لهما المجال، وراح يعانق أبيها بعد أن لمس شعوره وتفهمه وقال له: أنا عارف ياعمي انك زعلان ان بلقيس هتبعد عنك.. بس اوعي تفتكر انها هتكون بعيد ولا دورك انتهي.. بالعكس انت دورك بقي مضاعف لأن مبقاش عندك بنت واحدة.. لأ.. انا كمان طمعان أكون ابنك..اللي يوم ما احتاح نصيحة مش هاخدها غير منك انت.. ووعد مش هخلفه طول ما انا عايش ان بلقيس معايا هتكون في امان.. عمري ما هجرحها ولا ازعلها ابدا.. مهما حصل هحتويها.. مش هخلي حاجة تنقصها..ثم مازحه ليخفف عنه: بس كمان مش هنخليك ترتاح مننا.. امال مين هيربي عيالنا غيرك انت ومامتها وامي.. عشان كده هحاول الإنتاح يبقي تؤام عشان ارضي كل الأطراف! 



+




ضحك عاصم من بين بقايا بكائه واحتضنه بقوة وقال: ربنا يعلم ياظافر اني بحبك زي ابني.. ومتأكد انك هتحافظ على بنتي..بس فراقها فعلا صعب وواجعني لكن أكيد هتعود.. ماهي سنة الحياة وكان لازم في يوم هايجي شاب جميل زيك وياخدها مني.. لكن عزائي زي ماقولت انك هتحافظ عليها..!



+




فوجيء عاصم بجسده يترنح ويرتفع للأعلى فوق أكتاف عابد ويزيد اللذان مازحانه ببعض العبارات.. ليباغت ظافر هو الأخر بتأرجح جسده مرتفعًا على أكتاف أحمد وعامر وهما يرقصان به أمام عاصم بفرحة غمرت الجميع.. واختلطت ثانيا الدموع مع الفرحة مع التصفيق والتصفير والتهليل ودعوات القلب تهمس بين الضلوع بحفظ تلك العائلة وتمام الفرحة عليهم! 



+




ولم يختلف حال بلقيس التي أحاطتها فتايات ونساء العائلتين يراقصونها مصفقين بتمايل حماسي لأجسادهم مع صدوح الزغاريد من بين شفاههن والفرحة تغزوهم.. لتندمج العروس بحفل زفافها ومراسمه المتتابعة وفقراته التي لم تخلو من رقصة هادئة وأنامل ظافر تحتضن خصرها بينما تبسط هي كفها على صدره لتلامس قلبه وبالأخرى تحوط عنقه ويغمرها عطره فتغمض عيناها دون شعور، كأن عبقه بوابتها الخفية لعالم أخر لا يضم سواهما، فظلا يتهامسان وملائكة العشق تُشرع أجنحتها حولهما فكادا يطيران محلقين بعيدًا عن الجميع حتى انتهى الحفل وتوجها لجناحهما الخاص! 


___________________________



+




داخل جناح فاخر ينتمي لذات الفندق الذي تم في إحدى قاعته حفل الزفاف ، اصطحب ظافر عروسه وحملها بين ذراعيه وهو عبر بها للجناح، وهي تحوط عنقه بخجل ورهبة بدت تتكلمها .. رهبة تستشعرها للمرة الأولى وهي معه..في كل مرة قضت لحظاتها معه كانت تعلم أنها ستعود بالاخير لأبيها ووالدتها وغرفتها وفراشها وكل ما اعتادته.. أما الآن أختلف الأمر داخلها وتضارب.. بقدر لهفتها أن تبقي معه.. بقدر الخوف الذي اعتراها حين بدأت لمساته تزداد تملك وجرآة نبعت من لهفته وصبره الذي نفذ.. هو يعشقها.. وهي تعلم.. لكن تظل گ كل أنثى تهاب هذا الأمر وتتصوره بابشع صوره.. كلمة من هنا ومن هناك ليتشكل في عقلها الباطن معتقد أنها مقدمة على مآساة..!



+





        


          



                


استنبض ارتجافها الشديد بين ذراعيه فهدأ من لهفته مراعيًا شعورها..وتوقف تمامًا وهو يمنحها فقط لمسات ناعمه.. وضوى خاطر داخله بأن ليتها تعلم أنه مثلها يخاف مع اختلاف الاسباب، يخاف قربه الذي لن تتحكم به حدود او محاذير.. قربه المطلق الذي سيعطيه الحق بكل شيء بها.. ورغباته التي كان يحجمها داخله وماعاد شيء يكبلها بعد الآن.. أصبحت له وحده.. مباحة كلما اشتهت نفسه لوصالها..لكن لا يجب أن يكون أناني وهمجي وهي عذراء ترتجف گ العصفور بين يديه.. لن يكون حبيبها إن جعلها تخاف تلك الليلة بالذات..حتي لو تعذب وقاوم رغبته القاتلة فيها.. لأجلها فقط سيتحمل! 



+




_ تعرفي انا جبتلك ايه عشان اول لحظة لينا سوا؟


همست بخفوت: جبت ايه؟


احضر من دولاب ملابسها الصغير شيئا وبسطه أمامها فهتفت بإعجاب: الله ياظافر.. ده اسدال يجنن ياحبيبي.. ربنا يخليك ليا..! 


غمغم بصوت حاني: أنا شوفته من يومين واشتريته عشان تلبسيه في اول صلاة لينا سوا.. انتي عمرك سمعتي صوتي في القرآن؟



+




هتفت وقد بدا ذهنها يتشتت عن خوفها قليلا: لا..! 



+




_ دلوقت هتسمعيه وانا بصلي بيكي.. انا هخرج اغير هدومي برة، وانتي خدي راحتك هنا وابقي ناديني، ولو احتاجتي مساعدتي في حاجة! 



+




أومأت له وهي ترمقه بامتنان لمنحها تلك الفرصة.. هي تحتاج ان تلقط انفاسها بمفردها.. تريد استعاب وضعها الجديد معه.. بصعوبة شديدة نزعت عنها ثوب زفافها ودخلت المرحاض لتتهيأ للصلاة ثم شرعت بارتداا اسدالها وهي شاردة تحاكي ضميرها سرًا :



+




(( ليه خايفة منه كده يابلقيس.. مش ده ظافر حبيبك اللي اتمنيتي تكوني معاه طول العمر؟ معقولة خايفة من اللي عمرك ماحسيتي بالامان غير في وجوده.. ازاي يكون حصنك الأمن وتخافي منه.. حصنك اللي طول غيابه كنتي مستنياه وروحك بتدور عليه.. عايزة تفسدي عليه ليلة العمر اللي بيتمناها حبيبك؟ هتقدري تتعسيه فأول ليلة ليكم سوا؟ نسيتي نصايح مامتك ليكي انك متخافيش وان ظافر عمره ما هيأذيكي؟ نسيتي قد ايه بيحبك ومن حقه يحس بحبك انتي كمان؟ فوقي يابلقيس اوعي خوفك يسحبك وترجعي زي ما كنتي قبله ويضيع فرحتك وفرحته.. ظافر جوزك وحبيبك وحلالك.. ظافر مش هو اللي تخافي منه أو تعملي بينك وبينه مسافة.. لازم تقربي وتشجعيه مش تخوفيه عليكي))



+




_ خلصتي يا حبيبتي؟ 



+




قاطع حديث ضميرها الصامت صوته يناديها.. فهتفت وقد اختلفت مشاعرها وازدادت رغبتها بمنحه ما يستحق وصاحت برقة: خلصت ياحبيبي اتفضل! 



+




استدارت تستقبله بابتسامة صافية، فبرقت عيناه إعجابا وهو يطالع جمالها الآخاذ بذاك الإسدال رغم زوال أصباغ زينتها.. ويقسم ان جمالها الطبيعي يفوق كثيرا ما تنحته بأدوات التجميل، بوقت مناسب حتما سيخبرها بذالك! 


.................. 



+




عذوبة صوته وهو يرتل على مسامعها القرآن أبكتها فرحًا وشعرت بالسكينة وأنها في جنة حقيقية. زوجها وحبيبها يصلي بها أول صلاة.. عندما سجدت طالت السجدة وهي تبكي وتدعوا الله أن يوفقها لإسعاده وان يقلل خجلها ورهبتها منه.. لا تريد تعاسته.. تريد منحه حقه كما يليق به وبعشقها له.. وكان مثلها يدعوا الله ألا يفعل شيئا رغما عنه يخيفها منه.. وأن يتحكم بلهفته ويرزقه الصبر والتروي معها.. وان تكون ليلتهما مباركة وذكرى تجلب سعادتهما كلما مرت بذاكرتهما فيما بعد..! 



+





        


          



                


قام بالتسليم في أخر صلاته واستدار لها مبتسما فظلت ناكسة رأسها بخجل فطري لكن اقل رهبة منه


فقال ليقلل رهبتها بحديث عادي: تعرفي اننا كنا هنسافر بكرة لشهر العسل بس لما احمد حدد فرحه قلت نحضره الأول وبعدها علي طول هنسافر! 


همست: مافيش مشكلة، أنا كمان حابة احضر فرح أمونة، وواصلت: بس هنسافر فين؟


مازحها: مش هقولك دي مفاجأة


رفعت وجهها اليه وعبست بدلال: حتى دي هتخبيها عني زي الفستان


ضحك وهو ينهض ويجذبها معه: أيوة أنا كده ديكتاتوري وظالم! 


_ خلاص مخصماك يا ديكتاتوري! 



+




اقترب وحاوط خصرها برفق مع همسه: ويهون عليكي تخاصمي حبيبك! 



+




لم تنفر گ السابق وهي تستجيب برجفة محببة استسعرتها أنامله، فواصل همساته ويده تزيح إسدالها برفق: ممكن اعرف حبيبتي كانت بتعيط ليه بعد ما خلصنا صلاة! 



+




نظرت له بدفء شديد نفذ لقلبه: كنت بدعي ربنا اقدر اسعدك وافرحك واننا مانفترقش ابدا.. وان خوفي مايفسدش لحظاتنا الحلوة اللي اتمنيناها.. دعيت أكون زوجة صالحة ليك وانك تفضل تحبني طول العمر..! 



+




أمال رأسها علي صدره وقال بعد أن لثم جانبها: وانا دعيت ربنا يقدرني احافظ عليكي واكون دايما مصدر امانك مش خوفك! 



+




ثم جعلها تطالعه مواصلا: أوعي يابلقيس تخافي معايا ابدا..لأن مستحيل أأذيكي حتى لو بدافع الحب واللهفة.. أنا اقدر اتحمل شوقي ليكي بس مقدرش اتحمل نظرة خوف ورهبة منك.. فهماني حبيبتي! 



+




أومأت له: فاهمة.. ومتخافش انا يمكن من شوية كنت خايفة فعلا زيادة عن اللزوم! 


تحسس بشرتها بإغواء ناعم: طب ودلوقت مش خايفة؟



+




ابتعدت عنه بمشاغبة: لأ.. لكن قصادك تحدي يا شيف عشان تقدر توصل لأميرتك! 



+




رفع حاجبيه متعجبًا لتبدل حالها من خجل لشقاوة محببة، وتسائل: تحدي ايه؟ اوعي تطلبي اعملك وصفة من وصفات المسابقة زي ما قولتي قبل كده.. والله اسيبك اورح ابات عند أمي!



+




ضحكت بشدة حتى أغمضت عينيها وعادت تقول: 


موضوع ابات عند أمي ده بدري عليه شوية.. استني اما انكد عليك زي اي زوجة اصيلة عشان يكون في مبرر.. ثم اقتربت مته وتجرآت لتعانقه بمبادرة أولى هاتفة بصوت مهلك لرجل يذوب اشتياقًا مثله: 



+




_ التحدي ياحبيبي هو انك تخرج برة الأودة خالص، وانا هستخبي منك.. وهيكون معاك 5 دقايق فقط انك تلاقيني! 


_ولو معرفتش ألاقيكي! 



+




دفعته عنها برفق مبتعدة مع قولها: 


ساعتها هتبات لوحدك برة يا ظاظا..وانا هتمتع بالسرير ده كله لوحدي! 



+




_ شكلنا هنبتدي الشقاوة بدري يا "بيلي"



+




قالها وعيناه تضوي بفرحة وداخله يشكر ربه أنها وصلت معه لتلك الارياحية والملاطفة والمزاح.. شتان بين حالتها بأول دخولهما الجناح والآن.. تمتم وهو يعلم كيف سيظفر بليلته مع زوجته الحسناء: طيب واذا انتي اللي كشفتي عن مكانك من نفسك، ساعتها اكون أنا كسبت. اتفقنا..! 



+




صمتت تقيم شرطه بحركات وجهها المضحك ولم تجد في الأمر ما يضر ثقةً انها حتما لن تكشف مكان اختبائها له، فقالت: اتفقنا.. يلا بقى اخرج وماتدخلش غير اما أنادي عليك! 


............... .



+




لم يكن الهدف من لعبتها سوى الحصول على فرصة اخري لترتدي له قميص أكثر تحررًا يناسب ذكرى ليلتهما الأولى بعد أن هدأ خجلها.. وبعد تمام استعدادها له، اختبئت في مكان ما، وصاحت تدعوه للدخول! 



+




عبر للغرفة ومشطت عيناه كل الزوايا فلم يجد عروسه.. أين ذهبت تلك الجنية.. بحث في كل مكان والدقائق الخمس شارفت علي الأنتهاء.. ولم يجد سوى تلك الحيلة ليكسب التحدي! 



+




_ انتي فين. ياحبيبتي معقول هخسر وانام بره؟ 


ثم على صوته متعمدا: يا ليليان فينك.. قصدي يابلقيس انتي فين! 



+




وكأنها عاصفة هبت من خلف الستائر وهي تصيح بغضب وثورة حقيقية: ليليان؟؟؟؟ مين دي ان شاء الله يا استاذ يامحترم اللي بتغلط في أسمي عشانها؟ دي أخرتها ياظافر؟ بتخونني بخيالك ليلة دخلتنا.. دي كانت معاك في لبنان صح؟ أنا كنت عارفة إنك مش هترجعلي من هناك سليم! 



+




حاول أن يكتم ضحكته طيلة نواحها اللذيذ لكن لم يستطع المقاومة أكثر وهو ينفجر ضحكا هاتفا من بين ضحكاته: حلوة بتخونني بخيالك دي! 



+




ظلت ترمقه بنظرة مشتعلة خلت من كل أثر للمزاح، وتوجهت لتغادر الغرفة معلنة معاقبته، فالتقطها بذراعه وحاوطها بقوة محاولا إصلاح الموقف: والله كنت بهزر عشان تظهري قبل ما اخسر..!



+




ظلت على عبوسها فقال بحنان أكبر: والله ياحبيبتي بهزر.. طب انتي عارفة ليليان دي تبقي مين؟



+




أشاحت بوجهها بعيدًا عنه بذات العبوس فتصفح صور هاتفه سريعا ثم وضعه نصب اعينها: اهي دي ليليان اللي فعلا بحبها اوي.. وجدا كمان! 



+




نظرت بدهشة حقيقية لتلك الطفلة الجميلة ولمعت عيناها بحنان: ماشاء الله.. دي ليليان؟



+




ابعد الهاتف وضمها له وهو يداعب خصلات شعرها: امال فاكرة ايه.. دي بنت شيف من أصحابي في المسابقة.. كان مقيم أصلا في لبنان ومعاه اسرته.. وكنت بشوف بنته كتير واتعلقت بيها فعلا واحتفظت بصوري معاها..! 


عاتبته بدلال: بردو زعلانة منك..!


رفرفت شفتيه علي وجهها هامسا: منا هصالحك! 



+




ولم تبتعد تلك المرة بل ازدادت منه قربًا وأنامله يستكشف عالم أنوثتها للمرة الأولي..مستسلمة لموجة عشقه الحميمية الناعمة الهادئة لتفيض عليها بسخاء والتحامهما يزداد وتذوب بينهما الفواصل


وتتوحد الرغبة والشغف


لتظهر اخيرًا تلك نقطة الفاصلة بين عالمين! 



+




أصبحت بلقيس زوجته! 


قولًا أقترن بالفعل! 


وتكلل ببصمته الأولى والوحيدة! 


تكملة الرواية من هناااااااا 


تعليقات

التنقل السريع