القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية حصنك الغائب الفصل الحادي وعشرين والثاني وعشرون بقلم دفنا عمر

 رواية حصنك الغائب الفصل الحادي وعشرين والثاني وعشرون بقلم دفنا عمر






رواية حصنك الغائب الفصل الحادي وعشرين والثاني وعشرون بقلم دفنا عمر



الفصل الواحد والعشرون! 


    


هتف ياسين مازحًا وهو يستقبل في مكتبه الخاص ابن خالته عابد مصافحا: القاهرة ضلمت


الأخير بمرح: بوجودك ياصاحبي، عامل إيه ياض


_ ياض في عينك.. أنا استاذ ياسين وحسك عينك


تستهبل هنا في الشركة.. أنا ليا برستيجي بين الموظفين


أحمد متدخلا : برستيجك في خطر بوجود عبودي


عابد ببرود: فهمه يابشمهندس عرفه وضعه كويس.. آل برستيج آل ثم استطرد: أمال الكبير فين؟


أحمد: يزيد في موقع شغل وجاي بعد شوية..



+




ياسين: طب وبقيت الشعب فين؟


عابد: والدك وبابا وعمو محمد راحوا لعمو عاصم وشكلهم هيخرجو سوا ويرجعوا بالليل.. والسيدات الجميلات مع البنات زمزم والزئردة و القردة.. خدتهم طنط دُرة مع بلقيس للنادي.. تجمع حريمي يعني مالناش فيه.. وانا قلت اجيلكم على هنا نخرج ونهيص في أي مكان.. ماهو أكيد عايزين ترحبو بيا ك ضيف 



+




أحمد: طبعا ياعبودي انت واحشني جداااا وهظبطلك خروجة حلوة على شرفك! 


عابد: حبيبي يا بشمهندس! 


ياسين: بس الليلة يزيد عازمنا على سينما وبعدها هيعشينا برة وهيروقنا علشانك يامعلم! 


عابد: أخويا الغالي اللي مافيش منه اتنين حبيب هارتي! 



+




أحمد مستأذنًا برحيله: طب يا رجالة هسيبكم بقى ترغوا سوا واروح مكتبي اشوف شغلي.. ونتقابل لما يجي يزيد، وحمد لله على السلامة مرة تانية ياعابد! 


_ الله يسلمك يا ابو حميد.. كلك ذوق والله! 


.......


بعد دقائق وياسين يرتشف فنجان قهوته: 


قولي بقى ياسيدي خدمة إيه اللي عايزني اساعدك فيها؟


عابد: بصراحة عايز اعمل عيد ميلاد مفاجأة! 


_ مفاجأة لمين؟


_ لزمزم.. ابنها مهند هيتم سنتين أخر الأسبوع.. وانا حابب قبل مانرجع المنصورة استغل التجمع ده ونحتفل هنا بس بدون ما حد يعرف.. أو هي تحديدا.. وعايز مكان مناسب فقلت انت ممكن تساعدني! 


_ امممم والله فكرة الاحتفال هنا هيكون أحلى.. بس تعرف ياعابد مين هيفيدك اكتر في الحتة دي.. أحمد! 


_ بجد؟! خلاص اكلمه يدلني على مكان مناسب.. كمان عايز يتعمل تورتة مميزة وبشكل معين! 



+




ياسين: تمام، خلص قهوتك ويزيد خلاص اتصل وفاضله دقايق ويجي.. هنخرج كلنا ونتناقش مع احمد وواثق انه هو اللي هيخلص القصة دي زي ما انت عايز..! 


__________________



+




واتته الفرصة لينظم تعارف غير رسمي بين ظافر وأشقاءه حين اصطحبهم لتناول غداء مميز.. وبالفعل انبهروا بالمكان گ عادة كل من تطأ قدمه هناك! 



+




محمد باستحسان: ليك حق تراهن على المكان ده ياعاصم.. رائع


أدهم: فعلا نفس رأيي.. الأجواء فيه مختلفة..!


ناجي: واضح انه متعوب على المشروع ده مش مجرد مطعم وكافيه عادي..!


عاصم بثقة: فعلا يا ناجي ..معمول بحب وحماس واضح من تنظيمه..!



+




حضر بتلك اللحظة شابًا نحيفا ينتمي لفريق العاملين وهو يضع أمامهم أصناف متعددة وشهية.. وشرعوا ببدء الطعام والاستمتاع يتجلى على الجميع!فتحمس محمد قائلا: أنا لازم اجيب مراتي وبنتي وحفيدي هنا..!


أدهم مبتسما: وماله ياحبيبي انبسطوا احنا جايين نغير جو


عاصم: ماتقلقش انا عاملكم برنامج هيعجبكم للكام يوم اللي هتقضوهم معانا.! 



+






                


بعد قليل أتى ظافر مرحبا: 



+




_ أهلا بعاصم بيه وضيفوه.. اتمنى تكونوا انبسطوا معانا


محمد: بصراحة أنا مبهور بمشروعك.. وخصوصا الديكور المميز اللي ينقلك من مكان لمكان تاني خالص.. أجواء ساحرة ومريحة للأعصاب.. أهنيك يا ابني! 



+




اشرق وجه ظافر لثناء العم وهتف بهذيب: شكراً لحضرتك جدا.. بينما تحدث أدهم: وانا متفق مع محمد.. أجواء تستحق الإعجاب.. ثم واصل بنظرة أكثر تفحصا: عاصم قالنا انك من المنصورة.. أبن مين هناك يا ظافر؟


همس الأخير: ناصف الشباسي الله يرحمه هو والدي.. والدتي كمان من المنصورة من عيلة الخوري! وخالي يبقى فوده الخوري اللي اترشح لمجلس الشعب من فترة مش بعيدة! 



+




حك أدهم ذقنه وهو يمرر الأسم على ذاكرته مغمغما بتمعن: فودة الخوري؟ فقاطعه ناجي: انت معرفتوش يا أدهم؟ ده فودة نفسه اللي نعرفه! ثم حدث ظافر ليتأكد: حتى بالأمارة ابنه الكبير اسمه أيمن وفرحه كان قريب صح؟



+




_ أيوة فعلا ايمن ابن خالي اتجوز من فترة بسيطة! 



+




ناجي بدهشة: ده انت طلعت مش غريب عننا بقى.. خالك معروف في المنصورة.. حقيقي ونعم الأصل"



+




ظافر مفتخرًا بسيرة الخال العطرة: شكرا لحضرتك.. انا كمان كلمته عن عاصم بيه وعرفه وشكر في عيلتكم جدا وقال انه عارفكم كويس! 



+




أدهم: البلد صغيرة وكلنا عارفين بعض..! ثم تسائل: بس انت ازاي معرفتش فودة يا عاصم؟



+




عاصم بتعجب: أنا عارف فودة.. لكن ماكنتش اعرف انه خال ظافر.. هو قالي انه من عيلة الشباسي..!


ظافر: انا فعلا ماذكرتش لعاصم بيه حد من عيلة والدتي.. بس انا حقيقي فرحان بالصدفة دي واتشرفت بيكم! 



+




تبادلو بعض العبارات المنمقة وتركهم ظافر، ثم نظر لهم عاصم نظرات ذات مغزى لشقيقيه.. أما ناجي فكان غافل عن حديث العيون غير مدرك لشيء.. وبعد قليل طلبو فاتورة وليمتهم ليسددوها قبل المغادرة.. فجاء الرد من ظافر حين أتاهم ثانيا 



+




أنا من غير حاجة كنت ناوي ارحب بضيوفك اللي شرفوني للمرة الأولى يا عاصم بيه.. بس بعد المعرفة دي وبعد ما طلعنا ولاد بلد واحدة التحية بقيت واجب! واعتبروا الحساب وصل واتمنى تشرفوني مرة تانية! 



+




لم يستطع أحد إثناء ظافر عن رفضه بتلقي أي نقود.. وما أن ذهب حتي هتف ناجي: ماشاء الله ..شاب ابن ناس فعلا.. ربنا يبارك لأهله فيه..!



+




أمن ثلاثتهم على دعائه.. ثم استأذنهم ناجي ذاهبا لأبويه وشقيقته ليطمئن عليهم متواعدين على لقائهم باليوم التالي بڤيلا عاصم! 



+




بادلوه التحية وبعد رحيله.. هتف عاصم وهو بعد أن استقل مع أشقائه السيارة: ها ياجماعة إنطباعكم أيه عن الشاب ده؟


محمد: أنا غيابي مخليني خارج الخدمة من ناحية معلوماتي ومعرفتي بأهله.. بس الولد نفسه انا ارتاحت له جدا وشكله ابن ناس فعلا..! 



+





        



          



                


عاصم وقد بدا متردد: مكدبش عليكم انا لحد دلوقت مش مقتنع بقصة الخطوبة المؤقتة دي..خايف بنتي تتأذي نفسيا من تعلقها الزيادة بيه.. أصلكم ماتعرفوش متعلقة بيه ازاي ..والدكتور بيأكد إن بنتي مش هترجع لطبيعتها الكاملة إلا بمساعدة ظافر..! 



+




محمد: انا مش شايف فيها مشكلة يا عاصم.. مجرد ما بلقيس تخف تماما هي نفسها هتعرف ان تعلقها بيه كاذب ومشاعرها هتتوضح أكتر.. والولد بمنتهى الشهامة طلب ايدها منك وأعفاك من الحرج وهو متفهم لحالتها ووعدك انه هيجيب والدته وهيطلبها رسمي قصاد الكل.. ثم واصل: وبعدين من غير حاجة هي مش بعد الشر كانت ممكن تتخطب عادي وماتكملش لأي سبب؟ يعني موضوع فركشة الخطوبة فيما بعد بسيط! 



+




رمق عاصم أدهم فوجد وجهه شارد متجهم، فقال: أدهم! ساكت ليه؟ عايز اعرف رأيك! 



+




رغمًا عنه شرد بولده يزيد وراوده قلق مرتقب حين يعلم بخطبتها لأخر.. حتما سيتألم.. لكن لا مفر من هذا.. ربما يتألم اليوم.. لكن سيتعافى في الغد حين ينقطع أمله بها دون رجعة.. وعند هذه النقطة اشتعل عزمه وهو يجيب شقيقه بثقة: 



+




أنا شايفه يشرف ياعاصم وحتى عيلته وجذوره عارفينها.. الولد له أصل عريق من الناحيتين! وابن الأصول مش هيسيء التصرف ابدا.. خصوصا ان مافيش حاجة أجبرته غير الانسانية والنخوة.. وصاحب الصفات دي ..مايتخفش منه! 



+




أومأ برأسه براحة بعد حدثهما المشجع، فواصل أدهم: 



+




انت مش قلت وليمة المشاوي بعد بكره مطعمه اللي هينظمها ويبعتها؟ أجاب عاصم بنعم، فاستطرد أدهم: 


خلاص أعزمه زي ما قلت بحيث يحصل تعارف مبدئي بينه وبين الولاد..



+




محمد: أنا بأيد الفكرة جدا..!



+




عاصم: أنا عزمته بس هو اتنصل بلباقة وقال انه تجمع عائلي وهو مالوش مكان! 



+




محمد: لا سيبهولي انا هات رقمه وهكلمه اخليه يجي ماتقلقش .. ويلا بقى نحصل الجماعة على النادي! 


_______________



+




في المساء بعد السينما..! 


ياسين: الفيلم بصراحة طلع روعة ويستاهل...!


احمد: أنا كمان استمتعت بيه جدا


عابد: ذوق الكبير لازم يبقى حلو


يزيد وهي يربت على كتف عابد: حبيبي يا عبودي الحمد لله إن الفيلم عجبكم! 



+




احمد: تعالو بقى هعشيكم أنا في...... .


يزيد مقاطعا: لا يابشمهندس انا عرفتك إن الليلة كلها على حسابي.. يومك انت ابقي ظبط وحاسب براحتك!.. 



+




احمد: ماشي كلامك يا زيدو.. ثم التفت لعابد: إيه الموضوع اللي كنت عايز تكلمني فيه! 



+




قص له عابد رغبته فهتف احمد بحماس: ده انت جيت في ملعبي.. شوف ياسيدي مطعم وكافيه الصحبة الطيبة والديكور الوهمي بتاعه هيناسب جدا عيد الميلاد.. وبما إن عامر صاحبي اوي هخليه يظبطك تزيين الجزء اللي هنعمل فيه الأحتفال.. والتورته اللي حاببها دي لعبة ظافر هو اللي هيعملك طلبك المميز.. ولا إيه يا يزيد..! 



+





        


          



                


يزيد بتعابير محايدة: الحقيقة المكان بالفعل مميز في كل شيء وترشيحك له مناسب! 



+




عابد: خلاص بكره نروح نتفق معاهم يا احمد.. بحيث قبل سفرنا المنصورة نعمل المناسبة دي واحنا مع بعض.. بس بقولكم ايه ده سر محدش هيعرفه من البنات بالذت جوري اللي مش هتسكت وهتسيحلي وتبوظ مفاجأتي! 



+




ضحك يزيد: فعلا دي أذاعة لوحدها..! 


ياسين: واختي كمان مش هتقصر 



+




عابد: يبقي اتفقنا يا رجالة.. ونتقابل بكره! 



+




ودعهم أحمد، ثم ذهب ياسين لمنزل الجد حيث تقيم باقي عائلته، وعابد صاحب يزيد لمنزله الخاص! 


_________________



+




محيطها ممتليء بالجميع الذين غمروها باهتمامهم.. العم الغائب الذي بكى عندما احتضنها.. شعرت بدفء عبراته التي جففها سريعًا وهو يضحك مغمغما ببعض الكلمات.. جوري وخفة ظلها هي تحادثها، وزمزم الرقيقة وحديثها القريب للقلب، والتي تركت معها الصغير المشاكس مهند وكم هو لطيف وأحبت صحبته..أما عابد فقد خصها بسر لا يعلمه أحد.. هو يخطط لشيء ما.. وكم جميل أن تدرك أمرًا لا يدركه من حولك.. لكن كل هذه المشاعر بقدر ما أنعشتها وأسعدتها.. لا تساوي فرحتها برؤية غائبها اليوم.. فوالدها أخبرها ان ظافر سيأتي.. أخيرًا شعر بشوقها له أحدًا..! 



+




_ عملتلك عصير فرش يا قلب ماما


التفت لوالدتها مبتسمة ومدت يدها لتأخذ كاستها، فقبلتها دُرة: يدوب اجهز أميرتي عشان الكل بيسأل عليكي تحت.. هعملك شعرك ونختار سوا طقم جميل!



+




همست لها: ظافر جه؟


برقت عين دُرة بحنان وفرحة گعادتها كلما تحدثت ابنتها، وأجابت: لسه ياحبيبتي في الطريق.. إنتي فرحانة انه جاي انهاردة؟


أومأت برأسها مبتسمة، فعادت درة تتسائل: بتحسي بإيه اما بتشوفي ظافر يا بلقيس؟



+




وميض سطع من حدقتيها العسلية وبعد صمت طفيف، اختزلت وشعورها بوجوده في كلمة واحدة: الأمان! 



+




ضاقت عين دُرة بنظرة ثاقبة..فتعلق ابنتها بهذا الشاب عجيب، ويساورها خوف مُقبض لقلبها أن "ترتد " إليها مشاعرها البريئة تلك بجرح غائر ينخر قلبها.. بلحظة مواجهة أتية لا ريب فيها..فإن كان الشاب مشفقًا عليها ويساعدها من منطلق العطف.. فحين تتعافي سينعدم سبب وجوده ويتلاشى من عالمها كما أخترقه.. هل ستتحمل قارورتها الصغيرة؟ 



+




_ ينفع تعملي في شعري ضفيرة سنابل؟ 


انتفضت على صوت بلقيس، فدنت وغاصت اناملها بخصلاتها السوداء مردفة. بحنان: ينفع يا نور عيني، وفي تسريحة شوفتها ع النت هتنسب طول شعرك أكتر وتخليكي زي القمر..! 



+




ابتسمت.. فهذا ما تريده.. أن تكون جميلة عندما يراها.. هو فقط من لا تخاف إظهار جمالها أمامه.. هو حارسها الأمين وفارسها المغوار..! 


__________________



+




يعترف لنفسه أنه اشتاقها بعد غيابها بتلك الفترة.. ورغم حرجه لحضور تجمعهم الأسري لكن رغبته برؤيته طغت على كل شيء.. كما أن السيد عاصم أعلمه أنه تمهيد لتعارف بينه وبين أولاد عمومتها.. الأمور تمشي بإطار أكثر جدية.. فلا يعقل ان يظهر گ خطيب لها فجأة دون تعارف.. هذا لقاء منطقي..!



+





        


          



                


_ انت مش رايح شغلك انهاردة يا ظافر؟



+




رد تساؤل والدته بهدوء: عندي مقابلة مع ناس مهمة ياماما..! 


حاصرته بنظرة متشككة وقالت: طب في حاجة تانية شاغلاك؟ شايفاك بقيت تسرح كتير الأيام دي؟


ثم همست بخبث عندما طرأ خاطر ما داخلها: لتكون بتحب يا ولد ومخبي على أمك! 



+




ابتسم لها دون إجابة، فقالت بحماس: يعني تخميني صح؟ بتحب يا ظافر؟ يعني هتفرحني أخيرا وتقولي تعالي اخطبيلي يا ماما؟



+




تلاشت ابتسامته عندما تذكر أمر محادثتها بخطبته.. هل سينجح بإقناعها وتقبل الأتيان معه وطلب الفتاة؟ يريد مدخل جيد معها دون كشف أي حقائق تهدر كرامة الرجل وابنته..فلا يعقل ان يعلمها أن رغبته بخطبة الفتاة فقط لمساعدتها على التعافي.. هذا مهين ولن يرضاه لها حتى لو كان اقترانه بها عطف أو رأفة. بحالها.. شيء داخله ينفر لمجرد فكرة معرفة والدته بالأمر..! 



+




_ أنت هترجع تسرح تاني.. هزعل لو كنت مخبي حاجة عني يا ظافر"



+




نفض شروده وقد عزم على مصارحتها الآن: 


_ بصراحة يا ماما.. كلامك صح.. في حد شاغلني..وبدون لف ولا دوران أنا عايز اخطب بنت وكنت منتظر وقت مناسب عشان اعرفك..



+




أشرقت ملامحها وهي تقول: بتتكلم جد؟؟ هي مين ؟ وعمرها قد إيه وتعليمها أيه؟ وشوفتها فين وامتي؟ وعيلتها من فين و... ..



+




قاطعهاضاحكًا: حيلك عليا إيه يا ست الحبايب براحة عليا هجاوب كل ده ازاي! 


_ مش مهم ازاي المهم تجاوب وبسرعة مش قادرة اصبر.. اسمها إيه وعندها كام سنة؟



+




_ بلقيس! 


استشعرت بهمسته وهو بلفظ أسمها حنان غريب، فقالت هي الأخرى باستحسان: بلقيس؟ حلو الأسم! طب هي بنت مين؟! 



+




استرسل بما لديه: بنت راجل أعمال محترم جدا وكبير عيلة معروفة في المنصورة.. وانا عميل عنده من فترة بستورد من شركته منتجات لمطعمي..!


_ وتعرفها من إمتي؟



+




غامت عيناه وشرد ورؤيتها الأولى تلوح لمخيلته وهي بحقيبة سيارة وهمسها الضيعف المستجدي بقوته يتردد بعقله، فقال هامسا: اتقابلنا أول مرة من سنتين.. وبعدها اختفت ورجعت ظهرت تاني! 


_ ولما ظهرت حبيتها على طول ولا حصل أيه؟ عايزة تفاصيل! 



+




_ مش عارف! ( لفظها بتيه لا يعلم بماذا بجيبها؟)



+




_ مش عارف حبيتها ازاي؟



+




تسائلت بريبة، فتدارك أمره سريعا: لا مقصدش كده يا أمي.. اقصد إنها لفتت نظري من أول ما شفتها بس ماكنتش اعرفها ولا قادر اترجم اللي جوايا.. لكن لما بالصدفة قابلتها تاني وعرفت انها بنت عاصم بيه، وحصل بنا مواقف معينة، اتأكدت انها بتمثلي حاجة كبيرة أوي..ولما حكمت حسابات العقل لقيتها مناسبة جدا من كل النواحي.. مستواها المادي والتعليمي لأنها خريحة تجارة إدرة اعمال و...... .



+




_ وإيه؟ كمل ياحبيبي! 



+




تنهدت ظافر وهو يغمغم: وجميلة أوي يا ماما..! 



+





        


          



                


_ معاك صورتها؟


تسائلت بلهفة، فقال: الحقيقة لأ.. بس! 


تردد فهو لم يخبرها بالأهم إلى الآن، فحسته على المواصلة فتمتم: في حاجة أهم عايز اصارحك بيها يا ماما واتمنى تقدري وتفهميني! 



+




كلماته أوجستها فهتفت: خير يا ابني قلقتني! 


_ متخافيش يا أمي..بصي البنت ممتازة زي ما قلت بس هي اتعرضت لأزمة نفسية لأنها شافت حادث صعب من كام شهر وده خلاها منعزلة وقليلة الكلام شوية! 



+




صمتت تحلل كلماته ثم تسائلت: مش فاهمة يعني هي تعبانة نفسيا وغير مؤهلة لارتباط؟ أمال بتكلمني عنها ليه من الصبح يا ظافر..! 



+




عدل لها مفهومها قائلا: لا يا أمي مش زي مافهمتي هي كويسة جدا بس مش بتتكلم كتير غير معايا أنا.. بتطمن ليا أكتر من أي حد.. وعشان كده حبيت اخلي علاقتنا خطوبة رسمية توفر ليا حرية التواجد معاها طول الوقت.. يعني بمعنى أدق.. أنا حابب اقف معاها في ازمتها لحد ماتعدي منها وفي نفس الوقت احقق رغبتي في الارتباط بيها.. صمت متأملا ملامح والدته التي تجهمت عن ذي قبل، فقال: قولت إيه يا ماما؟ موافقة تيجي تخطيبها ليا وتفرحيني؟!



+




ظلت صامته وهي تخطو تجاه النافذة المشرعة تطالع خارحها بشرود.. ثم غمغمت بعد برهة: كلامك مش مريح يا ظافر.. في حاجة مش مظبوطة! لما هي تعبانة نفسيا عايز ترتبط بيها ليه دلوقت؟ وتعرف منين انها هتخف وإن مرضها النفسي مش هيأثر على سلوكها معاك مستقبلًا؟ مثلا تكون عصبية زيادة.. متهورة في بعض تصرفاتها.. تفكيرها مشوش ماتعرفش تاخد قررات مهمة في حياتها وأمور كتير ممكن تظهر مع الوقت في شخصيتها..! 


ظل على صمته فالتفتت له هاتفة بنبرة أكثر حزمًا: البنات كتير يا ظافر ليه تجازف بواحدة احتمالية انها تكون مش مناسبة ليك عالية بدرجة تخوف! 



+




يعلم أنه أثار قلقها بحديثه ولكن هذا أمر حتمي، كان لابد من إعلامها بجزء طفيف من الحقيقة حتى تتقبل تلعثمها وقلة حديثها حين يتقابلا..والآن عليه أن يبذل كل تأثيره على والدته لإقناعها بتقبل الفتاة..!


دنى منها وجذبها لتجلس فوق مقعد قريب ثم همس لها بنبرة رجاء منعكسة بحدقتاه وهو يطالعها: 



+




_أسمعيني يا أمي.. لو هنوازن الموضوع بمنطق العقل.. كلامك صح يا ماما وفي مجازفة.. بس لو حكمنا القلب يبقي هنا الميزان هيختلف.. البنت مافيهاش حاجة تعيبها.. والمرض النفسي اللي عندها مؤقت وهي بالفعل اتعافت بنسبة كويسة من وقت ما بقيت موجود في حياتها.. هي بتثق فيا وبترتاحلي جدا يا أمي وطبيبها قال ان وجودي معاها هيفرق جدا في علاجها.. ضيفي بقى على الجزء الإنساني ده اني أصلا عايزها ومقتنع بيها.. وبعدين ده ارتباط مبدئي بدبلتين وتعارف بين العيلتين.. وانا اثق انك هتعجبي بيهم جدا.. والدها ومامتها وباقي اهلها ناس يشرفو.. أرجوكي حققيلي رغبتي يا أمي، دي أول مرة اطلب منك طلب واتمنى تحققيه.. عشان خاطري فرحيني وباركي الخطوة دي لأن من غير مباركتك مش هتتم وفي نفس الوقت انا مقدرش اتخلى عن بلقيس! 



+





        


          



                


تنظر له بتشتت وعقلها غير متقبل لما يقول وأفكار سلبية تهاجم دواخلها.. ولكن قلبها يآبى خذلان نظرته المستجدية تلك وهي تراه يستعطف أمومتها لأول مرة بهذا القدر.. هل ولدها وقع بهوة الغرام لهذا الحد ليستعطفها هكذا؟! لا تعرف ما هو القرار الصائب الآن؟



+




_ ها يا ماما؟ قولتي إيه؟ هتفرحيني ولا هتكسري خاطري وتردي طلبي؟


تسائل بملامح مترقبة لما ستجود به، فصمتت برهة أخرى تحاكي عقلها.. ثم فاضت عيناها بعاطفة طاغية وهي تقول بقوة: 



+




_ معاش ولا كان اللي يكسرلك خاطر وانا على وش الدنيا يا ظافر..! 


لثم كفها بحب وعاد يطالعها، فواصلت: 


أنا مش مقتنعة ومش مرتاحة، بس عشان خاطرك هفكر كويس وانت سبني يومين أصلي استخارة واشوف، ولو حصل ووافقت هيكون ارتباط مبدئي زي ما قلت.. وفي الفترة دي هختبرها واشوف هتناسبك گ زوجة ولا لأ.. واظن ده حقي يا ظافر اني اطمن من ناحية مرات ابني المستقبلية.. أنا ماحيلتيش غيرك انت واختك ومعنديش استعداد حد فيكم يختار غلط ويعيش تعيس.. ومادام عايز مباركتي.. يبقي اديني وقتي! 



+




في الواقع لم يحلم ظافر بإنجاز أكثر من هذا..ويعلم أن بعد صلاتها ستأتيه بالموافقة المبدئية للخطبة..وتلك الفترة ستكون كافية لتتعافى بلقيس وتعود لطبيعتها.. وحينها سينتهي دوره ومسؤوليته تجاهها... .وتنتهي الخطبة المزعومة! 


____________________



+




بينما هي تشارك الجميع الطاولة بحديقة المنزل وتسمع ثرثرة بنات العم ومزاحهم يعبء الأجواء حولها بالمرح.. كانت عيناها تراقب نقطةٍ ما سيظهر منها منقذها بأي لحظة.. كم تطوق لتتحكل برؤيته! وبعد لحظات قصيرة أطل عليها بقامته الفارعة الأنيقة ومحياه الوسيم، فنهضت بغتة وأحداق الجميع تتابعها بدهشة لنهوضها المباغت.. وما أن وصلت إليه حتى وقفت تطالعه مبتسمة.. أما هو فبعثرته طلتها الجذابة البريئة وهي تُقدم عليه گ المسحورة وعيناها تعتقله ببحر عسلها.. لكن شيء من الحرج الشديد اعتراه عندما لمح أحداق المحيطين مصوبة إليهما.. الأمر حتمًا يبدو مريب لكل راءي لهما.. أين السيد عاصم ينجده من هذا الموقف..!



+




_ يا أهلا باستاذ ظافر.. مبسوط جدا إنك شرفتنا..! 



+




حمدًا لله.. إنه عابد.. ذاك الشاب اللطيف الذي أتاه بصحبة أحمد وياسين بالأمس مبرما معه اتفاق بتنظيم حفل عيد ميلاد مميز لطفل ذو عامين.. من الجيد انه أتى الآن.. فتمتم ظافر بود: أهلا بيك يا عابد والشرف ليا أنا..! ثم استطرد: أمال فين السيد عاصم! 



+




وعلى ذكره صدح صوته مقبلا عليهما: موجود يا ظافر ومبسوط جدا إنك جيت.. ثم وجه أنظاره لعابد وقال: بس هو انت تعرف عابد؟



+




قال الأخير: أيوة ياعمي ياسين عزمني عنده امبارح.. وفي مصلحة كده بنا هقولك عليها بالليل..!


_ ماشي يا سيدي وعندي فضول اعرف المصلحة دي!


عموما خد ظافر معاك انت والشباب ورحبوا بضيفنا كويس. 


عابد محدثا ظافر: أكيد ياعمي..تعالى نروح للشباب عشان عايز اقولك على فكرة بخصوص اتفاقنا لو قدرت تنفذها يبقى ممتاز..! 


ظافر بثقة: تمام، و أي حاجة تخطر في بالك قولها.. بأمر الله اليوم هيكون مميز جدا وهنرفع راسك..! 



+





        


          



                


غادر وتعمد ألا ينظر لتلك الواقفة تحاصره بنظراتها.. لكن قبل أن يتحرك فاجئته بهمسها: ظافر..! 



+




تسمرت قدمه مع ندائها، بينما التفت إليها عابد يرمقها بدهشة وهو يقول للعم: هي بلقيس تعرف ظافر؟؟؟



+




عاصم: أيوة يا عابد، روحت بيها هي ودُرة كذا مرة عنده عشان كده عارفاه وعارفة أسمه! 



+




لم تختفي دهشة عابد وتساؤله.. هل هذا يكفي وهي بحالتها المرضية تنطق إسم غريب بهذا الاستجداء وكأنها لا تريد ذهابه؟ يشعر بشيء غير مفهوم في الأمر! 


جذب عاصم ابنته هاتفا: روحوا انتم وانا هاخدها للبنات! 


لكنها فاجأتهم ثانيا وهي تتملص من ذراع أبيها وتتحرك لتقف جوار ظافر.. كأنها تعلن بطريقتها انتمائها إليه بشكل أذهل عابد الذي سريعا ما طفت غيرته الفطرية على السطح تجاه ابنة العم وقال وهو يعقد حاجبيه بعبوس: بلقيس.. مايصحش كده تعالي روحي للبنات! 


لم تستجيب له ملتزمة بنفس وقفتها! فنظر عابد للعم فوجده يتبادل مع ظافر نظرات مبهمة، ثم حدث ابنته: تعالي يابلقيس عشان......... 



+




بتر حديثه بذهول وهي تعبر عن اعتراضها بطريقة أكثر وضوحا، حيث تعلقت بذراعه هاتفة بعناد: مش همشي.. عايزة افضل معاه..! 



+




تمنى ظافر لو لم يأتي.. فكم الأحداق المتسعة التي وجدها تراقب تشبثها به كاد يغرقه عرقا من فرط إحراجه.. ولم يجد بُدًا من إثنائها هو بنفسه حتى لو برزت لهما قوة سيطرته عليها واشتعلت جذوة ذهولهم أكثر..! وعلى الفور نزع ذراعه من قيد أناملها وهو يأمرها بجمود اضطر إليه إضطرارًا: 


بلقيس سيبيني وروحي مع والدك لو سمحتي! 



+




منحته نظرة حزينة مخذولة.. لما يبعدها هكذا.. ألا يعرف كم تشتاقه وكانت تنتظره؟ هل لا يحب رؤيتها؟ ازدادت حدة نظرتها مع سحابة دموع برقت بعيناها..فجذبها عاصم بقوة أكبر حتى ينهي هذا الموقف فلم تعترض تلك المرة منصاعة لأبيها وكأنها زهدت في من كانت تنتظره بلهفة أطفأها بفتور اهتمامه وجموده..! 


___________________



+




زمزم ببلاهة: شوفتوا اللي انا شوفتوه يابنات؟ إيه اللي بلقيس عملته مع الراجل الغريب ده..؟


جوري بنفس الذهول: انا مش فاهمة حاجة.. وعابد شكله هيقلب وعينه بتطلع نار.. انا عارفة اخويا لما حاجة تضايقه! 


شوفتي ياعطر اللي حصل؟



+




لم تشاركهم الأخيرة نفس زاوية اهتمامهم.. نظرها أنصب على شخص أخر يقف بعيدا يتابع ما حدث بخيبة أمل وحزن! 



+




بعد لحظات أتاهم عاصم ببلقيس وأجلسها بينهم ثم استدعى دُرة من الداخل حيث كانت لتتابعها حتى لا يصدر منها تصرف اخر يشعل فضول الحاضرين..! يكفي هذا القدر.. الجميع لاحظ تعلقها به.. وهذا ما أراده لتكون خطوة خطبتها به مقبولة فيما بعد!


_____________________



+




منذ أن أخبره أبيه أن أحدهم يرغب في الاقتران ببلقيس..وأن العم عاصم نظم هذا التجمع للتعارف بينه وبين العائلة..وأصابته حالة من البلادة والجمود،


يظن أبيه انه لايعلم من يقصد؟".. يضحك داخله فلا أحد يعلم ما يعلمه هو.. مايحدث الآن هو ما تراءى له في حلمه وصار أمرًا مسلم به ومعاندته غباء وهو لم يتسم بالغباء يومًا..كما أكتفى واقعه معها من الألم.. وأخذ قراره أنه لن يهتم، سيتجاهل ألمه مهما استفحل وتعاظم.. سيتناساه ويؤمن أنه بلحظة ما سيزول إلى الأبد..بلقيس ملاذها هو ظافر..منقذها الذي تتجسد كل تعابير الحياة بوجهها حين تراه..كما هي الآن بذات اللحظة..مبتسمة وعسل عيناها يتألق وهي تخطو إليه فور حضوره گ المجذوبة التي لا ترى غيره بين الحاضرين! 



+





        


          



                


أما تلك الفواحة التي مازالت تراقبه خلسه، فمن يقترب منها الآن سيشتم رائحة احتراقها وهي تفسر نظراته بحروف خُطت داخلها بماءٍ من نار ..مازال يعشق معذبته وينتظر ويترجى فيها أملًا..هذا فقط ماقرأته بتقطيبة جبينه ونظراته المشتعلة المغموسة بحزن شطر قلبها معه..! تجرعت ريقها وكسى نظرتها جمود وترجلت بعيدًا قاصدة الرحيل قبل أن تختنق بغيرتها عليه..! 


__________________



+




أدرك خيبتها منه وغزا روحه ضيق شديد لتسببه بحزنها بعد أن لمح بريق العبرات يغلف نظرتها.. لكن ما العمل وأحداق المحيطين أحاطتهما بشكل أربكه بشده.. لا أحد يعلم سر تعلقها المريض به دون غيره.. 


كما لاحظ نظرات عابد التي فقدت مرحها فعلى ما يبدو أزعجه غموض الأمر ويتوقع سعيه لمعرف الكثير من السيد عاصم.. في الحقيقة لا يتعجب منه فأن كان في موضعه لثارت شكوكه وريبته لا محالة..!



+




أما من تحير منه أكثر بين الجميع، "يزيد" الذي حملت نظراته له غرابة شديد وكأنه يدرك كل شيء يخص يخوط سبب وجوده.. لمح مقلتاه غيرة لا تشبه غيرة شقيقه عابد.. بل امتزجت بغموض مع سحابة حزن حاول مواراتها ولم ينجح.. تذكر لحظتها حدته بأول لقاء ونزعه القاسي لبلقيس من خلف ظهره ثم نظراته العدائية فيما بعد وتجنبه الإتيان لمطعمه كما كان يفعل مع رفيقه أحمد أحيانًا..ثم ومض بذهنه فجأة موقف كان قد تناساه كليًا عندما سأله يزيد إن كان أضاع شيئًا يخصه..فأعلمه انه فقد معطفه وقنينة عبقه، تذكر كيف أُظلمت عيناه وبرزت عروق عنقه وبدا كأنه يبذل جهد خرافي ليتحكم بذاته ثم تركه دون كلمة واحدة.. ومن وقتها لم يأتي مع رفيقه ابدا وتجنبه تماما.. ما شأنه يا تُرى؟ هل من المعقول انه يدري حقيقة الأمر بينه وبين بلقيس؟!



+




_ ظافر تعالي عايزك في كلمتين! 


انتشله صوت عاصم من شروده الصامت، وذهب ليجالس كبار العائلة داخل الفيلا بانعزال عن صخب الحديقة ومن بها..!


أول من تحدث معه كان السيد أدهم الذي قال: 


بدون لف ودوران كده يا ابني.. عاصم عرفنا بطلبك بخصوص بنتنا بلقيس! 



+




تبادل نظرات سريعة مع عاصم عله يستشف لأي مدى وصل بحديثه معهما، وتمنى ألا يكون كشف كل الأمر حفاظًا على كرامة الفتاة، فقال برغبة التأكيد: فعلا ويشرفني أكرر ليكم طلبي لإيد الأنسة بلقيس! 



+




أدرك محمد وأخويه بوضوح حرص الشاب على إخفاء الغرض الحقيقي للخطبة.. هو بالفعل يحاول المحافظة على كرامتها هي وأبيها.. حقًا سلوك يستحق الإعجاب! 



+




استطرد أدهم: لما عاصم عرفنا برغبتك استغربنا لأن! 


قاطعه ظافر: عارف حضرتك هتقول إيه ومافيش داعي لاستغرابك.. الأنسة بلقيس تشرف أي حد وحالتها النفسية دي مؤقتة وهتنتهي قريب.. وانتم عيلة تشرف أي حد يناسبها! 



+




( أحيانا يلفظ كلمات يتعجبها حين تمر بعقله.. لما هو حريص هكذا على عرض طلبه دون مصارحة محرجة ومؤلمة..ربما إدراكه صعوبة الأمر على نفوس من في موضعهم وشأنهم.. ويريد فقط التخفيف عنهم بإظهار حماس ورغبة قوية حتى وإن كانت كاذبة.. ولكن هل هي حقًا كاذبة؟ أم انعكاس لشيء في نفسه؟ لا يدري)



+





        


          



                


محمد: مادام كده والحمد لله في تفهم واضح وتقدير لحالة بنتنا من ناحيتك ورغبتك ان العلاقة تاخد شكل جدي.. يبقى اعتقد هننتظر أهلك يشرفونا..! 



+




رمقه أدهم وعاصم اللذان تعجبا من أخيهم.. وقد اتفقوا على مصارحة كاملة مع ظافر وإخباره انهم يعلمون كل شيء.. لكن أسكتتهم نظرة ما من عين محمد فصمتا يترقبا ما يفعل فأكمل الأخير: بما إننا اتقابلنا قبل كده وعرفنا أصلك وطيب نسلك.. بإذن الله الأمور تمشي بشكل لائق.. وهيكون التعارف الأوضح بينك وبين باقي العيلة لما تيجي مع أهلك



+




ظافر على الفور: طيب يناسبكم أخر الأسبوع؟ 


عاصم بعد تبادل النظرات مع شقيقيه: تمام ياظافر.. هنتظرك أخر الأسبوع، وفرصة الكل موجود قبل ما يرجعوا المنصورة تاني! 



+




_ خلاص اتفقنا.. وانا هكلم أهلي وبإذن الله خير..! 



+




طرق ياسين الباب عليهم مقتحم خلوتهم وهو يقول: 


يلا ياجماعة الأكل جلهز وكله منتطركم! 


عاصم: يلا يا ظافر زمانك جوعت! 


_ ياريت تعفيني أنا لازم امشي عشان....... 


محمد مقاطعا: مافيش مشي قبل ما ناكل لقمة سوا.. يلا اتفضل! 



+




رضخ بالأخير وإن كان يشعر بالتوتر لنظرات البعض.. لكن لا بأس فلينتظر دقائق أخري ثم يمضي..!


_________________



+




انفرد عاصم بمحمد دقائق قبل اللحاق بالجميع وقال: 


انت ليه خلتنا مش نتكلم بوضوح أكتر مع ظافر انكم عارفين حقيقة الخطوبة؟ 


محمد: لأن لاحطته حريص جدا ان الموضوع يبان قصادنا انه رغبة حقيقية منه.. خلاص نحقق طلبه ونوهمه بكده.. هنخسر إيه.. ده غير ياعاصم أحنا مانعرفش الأمر ده هيرسى على أيه؟ 


_ تقصد إيه يعني؟



+




محمد: قصدي خلينا ماشيين إن الارتباط ده حقيقي لحد ما يحصل العكس.. حماس ظافر محسسني انه واخد الأمر بجدية مثيرة.. مش يمكن الولد فعلا عايز بلقيس بجد ياعاصم؟ 


استنكر الأخير: إزاي يعني وهو عارف حالتها؟ انا شايفه مجرد تصرف شهم منه بعد كلام الدكتور مش أكتر !


محمد: ماشي كله هيبان بعدين.. المهم نمشي عادي في الموضوع بافتراض انه حقيقي.. وخلي كل حاجة لوقتها


_ ماشي يا سيدي.. يلا بقى نحصل الجماعة! 


__________________



+




لمحها وهي تغادر خلسة بشكل أوجسه فتابعها حتى صارت خارج حدود منزل العم عاصم، فناداها بقلق: 



+




_ عطر!! انتي راحة فين دلوقت وسايبة الكل؟ 


التفتت له بجمود: هرجع عن تيتة وجدو..! 


اقترب منها متعجبا: بس لسه بدري.. ده لسه حفلة المشاوي هتبدأ.. كلي لقمة وبعدين امشي! 


_ لأ..! 


لاحظ برود وعصبية طفيفة غلفت رفضها، فدنى اكثر مغمغما: مالك ياعطر.. في حاجة ضايقتك جوة؟؟؟



+




رمقته بنظرة مطولة دون حديث محتبسة داخلها عذابها لأجله.. ماذا تقول؟ والحَلقُ علق به كلمات خرساء لا ينبعث منها صوت ولن يجيد فهمها سوى عاشق بارع بفك طلاسمها..! 


_ شكل الموضوع كبير..!


تمتم لها ثم تلفت يمين ويسار بضجر وعاد يغمغم: تعرفي.. أنا كمان عايز امشي.. مش حابب أكمل في التجمع ده.. إيه رأيك نروح انا وانتي ناكل ونشرب حاجة في أي مكان.. وبالمرة تحكيلي أيه مضايقك؟



+





        


          



                


_ وأنت كمان هتحكيلي اللي مضايقك؟!


همست متسائلة بخفوت، مكث صامتا لحظات ثم طالعها: أنا مابحبش احكي لحد اللي جوايا ياعطر.. لأنه مش هيستفيد حاجة اما يسمعها..! 


_ بس انت هترتاح لما تتكلم يا يزيد! 


_ لكن هتعب غيري بكلامي! 


_ مين قالك؟ مش يمكن سكاتك هيتعبهم أكتر؟!



+




عادت تهمس له ومازال صوتها يفتقد لحماسته المعهوده بها، فعاد يرمقها بتروي،أحيانا يحتار بأمرها حين تنتقل من مزاحها الطفولي، لجديتها گ أنثى صارت تفرض وجودها شكلًا وموضوعًا..يلاحظ مظهرها المميز ورقته منذ أن أتت.!


ودون إدراك منه دارت عيناه على ما ترتديه..والذي مزج أناقتها بنعومة ناسبت نقائها وبراءتها مهما حاولت أن تظهر بعمرٍ أكبر.. مازال شيئًا من طفولتها عالق بوجهها الخالي من الأصباغ! 



+




طال شروده وعيناه تتلكأ على تفاصيلها فشعرت بالخجل وهي تغمغم: طب أنا همشي! 



+




أجلى صوته عندما فطن لشروده الغير لأئق، وقال بنبرة حاول ان تبدو مازحة: مافيش مشيان ياقردة، ياتدخلي جوه مع الكل.. ياتقبلي عزومتي ونتكلم شوية.. أنا أصلا بقالي كتير مش برغي معاكي.. حتى دراستك معرفش ماشية فيها ازاي! 



+




_ دراستي تمام الحمد لله.. ما أنت عارف اني حابة الهندسة وداخلتها عن اقتناع! 


_ عارف طبعا.. طب يلا تعالي نمشي بدال الوقفة دي، انا راكن عربيتي قدام شوية.. وهتصل بياسين اعرفه انك معايا وهوصلك بعدها لبيت جدك.. عشان محدش يقلق عليكي! 


..................


عطر وقد تعدل مزاجها قليلا وهي تجالسه بإحدى المطاعم المتواضعة وتلوك بفمها قطعة خبز هاتفة بعد ابتلاعها: تصدق بالله! سندوتشات الفول والفلافل دي أحلى من المشاوي وفتحت نفسي أوي! 



+




شاركها الحماس: أه والله ..أنا كمان باكل بشهية.. أظاهر المشكلة كانت في نوع الأكلة نفسها.. أو احنا اتنين فقر مالناش في المشاوي النصيب! 


قبل أن تجيبه صدح رنين هاتفها، فقالت: ماما بتتصل بيا ثواني ارد..!


_ ازيك يا ماما.. عادي كنت زهقانة وعايزة اروح لجدو.. ( وعلى مايبدو تلقت توبيخ من والدتها فبدت محتنقة وهي تجيب) خلاص بقى يا ماما قولتلك كنت مخنوقة شوية وعايزة امشي إيه المشكلة يعن! 



+




يزيد مقاطعا وهو يلوح لها أن تناوله الهاتف : هاتيها ياعطر أنا هكلمها..!



+




_ أيه يافدوة مالك.. أنا شوفتها وهي خارجة وانا اصلا كنت ماشي بردو.. ولقيتها حابة تروح لجدها فقلت اعزمها قبل ما اوصلها..بس بنتك فقرية طلبت تاكل فول وفلافل! 


لا ماتقلقيش أكيد هوصلها هناك اطمني.. سلام! 



+




أغلق الهاتف وهم بإعادته لها فاصطدمت عيناه بخلفية شاشته التي احتلها بوجهه.. أو بالأحرى أحتل نصفها مع شقيقها ياسين..! وحين أيقنت تحديقه بصورة هاتفها حاولت إخفاء ارتباكها بقوة جبارة هتفت: دي صورتك انت وسينو.. بعتهالي في مرة وعجبني شكله فيها وكنت هقصها واخليه في الخلفية لوحده..بس قلت حرام اخلي الصورة زي ما هي..!



+





        


          



                


حدجها بنظرة غامضة ثم أومأ وهو يعيد لها الهاتف: 


لا عادي منا بحط صور اخواتي! 


وواصل وهو ينهض: تعالي بقى نروح نشرب حاجة في مكان تاني لأن هنا أخرهم بيبسي وانتي مش بتحبيه..! وبعدها هاوصلك لبيت جدك.! 


..................... 


_ هتبتدي الشغل معانا إمتى؟


أجابت بعد أن أخذت رشفة قليلة من مشروب النسكافيه: أسبوع كده بعد ما بابا وماما يرجعوا المنصورة تاني! 


أومأ لها: تمام مافيش مشكلة لسه أجازة الصيف أكتر من شهرين.. ودي فرصة هايلة تدربي نفسك عشان وقت التخرج تكون اخدتي حصيلة كويسة من خبرة الشغل.. أنا عايز مستقبلا شركتنا تكون في مكانة تانية ياعطر.. أحنا لسه في البداية! 



+




انتقل إليها حماسه فقالت: أنا واثقة يا يزيد انك هتكبر الشركة وإسمها هيعلم في مجال الإنشاءت! 



+




_ كلنا ياعطر مش أنا لوحدي.. احمد وياسين وانتي وأمونة وغير زمايل الجامعة اللي انضموا معانا من فترة وبيبذلوا مجهود حقيقي في شغلهم! 



+




تبدلت ملامحها على ذكر أمونة وتذكرت كم تباسطت معه بالحديث حين التقاها تلك الليلة، فهتفت: 


بس واضح إنك واخد على أمونة أوي.. أول مرة اشوفك بتهزر وتضحك مع بنت! 



+




_ أولا أمونة صديقة غالية جدا من أيام الجامعة.. بنت جدعة أوي ومحترمة جداااا.. وبيعجبني نضوجها وتفكيرها.. دايما محددة هدفها وبتوصله.. كانت بتطلع بتقديرات عالية كل سنة.. وياما روحنا رحلات سوا أنا وهي واحمد واصدقاء تانيين معانا..وفعلا مبسوط انه هتشتغل معانا.. 


ثم تذكر شيء فهتف: على فكرة هي كمان قالتلي هتبدأ الشغل بعد أسبوع.. لأن عندها مناسبة عائلية ومشاوير تخص مناسبتهم..!


تسائلت بلفحة غيرة: هو انت متعود تكلمها دايما في التليفون؟


اجاب ببساطة: لأ ..أصلا لسه واخد رقم تليفونها.. ما انتي شوفتيني وانا بطلبه منها.. انا كلمتها عشان اعرف قرارها بخصوص شغلها معانا وكده..!



+




منحته ابتسامة صفراء: أيوة منا واخدة بالي! 


واستطردت: طب مش هنمشي ولا إيه؟


_ أه طبعا هحاسب ونمشي على طول! 



+




وقبل أن يطلب فاتورة الحساب، غمغم لها بحنان لا يتصنعه معها: أنا معرفش مهندستنا الحلوة كانت مضايقة ليه.. بس اعتقد انك بقيتي أحسن دلوقت.. صح ولا أنا غلطان؟


أومأت برأسها مع ابتسامة هادئة: الحمد لله يا يزيد بقيت افضل.. ثم تسائلت بحذر: طب وانت؟ كنت مضايق.. صح؟


هز رأسه وهو ينظر بعيدً وهتف بإقرار: صح! 


_ ودلوقت؟



+




عاد بنظره إليها وقال بعفوية: 


_ أكيد بقيت أحسن بعد ما اتكلمت معاكي الشوية دول! مش بقولك انك بتقدري تبدلي مزاجي بشكل غريب! 


تفتت جدار تماسكها الزائف بعفويته المهلكة.. ليتها تبدل وجهة قلبة لها كما تتحكم بمزاجه كثا يزعم دائما


_________________



+




اصطف الجميع حول المائدة الشهية مطلقين همهمات استحسانهم للطعام.. وظافر يتلقى من حين لأخر مدح بما قدم مطعمه.. أما هي تقف بالصف المقابل له تحاول والدتها إطعامها فترفض..وسمعها تقول: ياحبيبتي ليه مش عايزة تاكلي بس.. الأكل كتير با بلقيس قولي عايزة أيه طيب! 



+




ظلت مطرقة الرأس عابسة دون استجابة، فاسترق إليها نظرات متلصصة، ولاحظ حزنها وتعمدها إشاحة وجهها عنه.. يعلم انها غاضبه لحدته الطفيفة معها منذ وقت قصير.. ليته يستطيع التعامل معها بحرية وإطعامها بنفسه الآن..لكن كيف بوجود تلك الأحداق.. وجدها تغادر دون أن تمس الطعام واستأذنت والدتها لترحل بها لغرفتها.. أما هو فلم يأكل شيء هو الأخر.. شهيته مفقودة تماما.. حزنها أنتقل إليه بشكل غريب، فصمم على الرحيل.. ويأمل في المرة القادمة أن يختلف الأمر حين يعلم الحميع بطلبه لها، وحين تتم خطبتهما سيكون هو من يقف جانبها دون حرج.. ولن يجعلها غاضبة وحزينة كما هي الآن! 


___________________



+




لجأت للنوم مرة أخرى ولم تشاركهم سهرتهم الليلية.. لاحظت دُرة تقلب مزاجها الذي كان العكس بأول اليوم.. لكن طمأنها عاصم انها بخير وتحتاج فقط الراحة لا أكثر.. لكن من يكذب قلب أم شعرت بأمر أخر أصاب صغيرتها.. لكنها مثلت التصديق وبعد مغادرة ياسين مع والديه لمنزل الجد، وخلدت عائلة محمد إلى النوم.. ذهبت هي لتحضنها وتنام جورها.. فضمتها بلقيس وغفت على صدرها وعقلها يجسده لها حتى غفت وسقطت في النوم! 





الفصل الثاني والعشرون! 


------------


تتوسط إطار نافذتها متكئة بساعديها المعقودة متطلعه خارجها بملامح مبهمة شاردة عن خطوات ذاك الذي دنى منها بخفة وأحاط خصرها بتملك محتويًا انتفاضة جسدها الذي تباغت بلمسته، فاستدارت له بعد أن وئدت بملامحها التجهم وطغى على تقاسيمها ابتسامة مشرقة، ليقول لها بنبرة مشبعة بعتابه : بقيتي تسرحي كتير ومش بتهتمي بيا خالص ونسيتيني يا رودي! 



+




جادت عليه بنظرة حانية وهي تحيط وجه براحتيها: أنسى روحي ولا انساك يا رائد! 



+




توهجت عيناه القاتمة وهي تعود لتصب على مسامعه حروف تقطر عشقا، فأراد المزيد من دلالها: 


لأ نسيتي.. فين. عصير كل يوم اللي بتعمليه بإيدك عشاني؟ ثم توهجت عيناه المصوبة لشفتيها مغمغما بصوت يذيبها: وحشني طعمه! 



+




ضحكت لتُدحر أخر مقاومته لنيل قبلة منها.. وما أن نالها حتى عاد يلومها بنبرة أرق: 


أنا بعاتبك بجد.. بقالك كام يوم بتسرحي كتير ومش بتهتمي بيا ولا حتي بنفسك وأكلك.. ثم منحها نظرة ثاقبة: مخبية عني حاجة ياحبيبتي؟



+




" حبيبتي " 



+




كم صبرت وتحملت وفعلت وضحت لأجل أن تسمع منه تلك الكلمة التي يقولها الآن.. ويعيدها كل وقت! يقولها بصدق بقدر ما يطمئنها بقدر ما تخاف.. تخاف فقدانه لأي سبب مجهول.. وماضيه هو أكثر ما تخافه.. ماذا لو عادت له ذاكرته ولفظها من عالمه.. هي لم تكن حبيبته حينها.. كانت مجرد جارة وصديقة فقط.. لكنها الآن نالته.. بل الأكثر تحمل في أحشائها روحه وبصمته التي ستدب فيها الحياة بعد أشهر معدودة.. كيف تتجاهل احتمال ان تستيقظ يوما وتجده تذكر كل شيء ما عاداها هي.. كيف! 



+




_ شوفتي! حتى وأنا واقف معاكي شاردة! 



+




قاطع أفكارها الخرساء صوت عتابه من جديد، فأحاطت وجهه مرة أخرى وهي تقول ببعض ما يؤرقها بتشوش واضح: أعذرني يا رائد.. أنا كل ليلة بحلم إنك افتكرت كل حاجة في ماضيك إلا أنا.. يمكن عشان أنا في ماضيك كنت شيء مهمل عمرك ما حبتني! خايفة تبعد عني ومعرفش ليه بقيت احس بكده وغصب عني تعبانة نفسيا صدقني انا مش فاهمة إيه اللي بمر بيه ده يجوز أكتئاب حمل؟ مع إن المفروض...... .



+




وصمتت تتجرع ريقها بعد وصلة انفعال بوحها له، وواصلت بنبرة أهدأ وإن كانت أكثر حزنًا: مع إني المفروض مش اخاف..بعد ما بقيت مراتك وأم ابنك او بنتك اللي جايين.. حقيقي مش قادرة احدد سبب .. يمكن عشان بقيت احبك أكتر.. بخاف أكتر؟ 



+




أنصت لها صامتًا حتى انتهت من بوح كل ما يؤرقها ثم تدفق من ليل عيناه سيل دافيء تسرب منه إليها ثم أقترب منها آخذًا دوره ببثها الآمان من هواجس فقده:



+




_ لو عندي ألف ماضي.. مش هنسى لحظة عشتها معاكي.. ولو عمري اللي فات كله وذكرياتي تمنهم اتحرم منك أو انساكي مش عايزهم.. ولا عايز افتكرهم..!



+




" إنتَ عمري اللي ابتدى بنورك صباحه"



+




ضحكت رغم دموعها الغزيرة المُسالة حين ذكر لها كلمات أغنيتها المفضلة لأم كلثوم! 


ضمته بقوة عشقها له وفرحتها بما قال.. التصقت به حتى امتص صدره عبرات وجهها ثم رفعت عيناها له بنبرة إغواء لا يقاومها رجل مثله: هروح اعملك العصير يا قلب رودي! 


حاولت أن تبتعد عنه فازداد بها التصاقًا هامسًا مع لمساته الجريئة التي اشتعلت جذوتها: 


في حاجة أهم من العصير دلوقت! 



+






                


وكادت أن تنطق.. فماتت الحروف على شفتيها المحتلة بأسراب عاطفته التي التهمتها..! 


________________________



1




بتكتم شديد تابع عابد كل تجهيزات حفل عيد الميلاد مع عامر وظافر في مطعمه المميز وأطمأن أن كل شيء كما يجب.. ولم يبقى سوى اصطحاب الصغير ليبتاع له شيء مناسب في الخفاء دون علم أحد وبالأخص زمزم بالطبع..!



+




............ .



+




أنتهى من أختيار طقم مناسب للصغير وكان على وشك مغادرة المول لكن استوقفه رداء نسائي شديد الرقة لفت نظره.. لا يعرف لما تجسد لعيناه فيه زمزم وهو يتخيلها مكان المانيكان المجسم..خاصتًا أن لونه وتصميمه يشبه ما أختار لنفسه وللصغير.. لما لا يقتسموا نفس اللون؟! لبث يتأمله ببعض الشرود الذي قاطعته الفتاة البائعة: 



+




_ حضرتك تؤمر بشيء معين؟.. الاستايل ده أحدث التصميمات اللي وصلتنا واهنيك على أختياره وعلى فكره جميع مقاساته متوفرة لو تحب ممكن اساعدك! 



+




نظر لها بتردد هاتفا: هو فعلا عاجبني ذوقه جدا بس مش متأكد من المقاس اخاف يطلع مش مظبوط..! 



+




_ لو مش مظبوط تقدر حضرتك تيجي تبدله بمقاس مناسب عادي جدا..! 



+




جال بعقله فكرة أنسب فقال للفتاة: طب عن إذنك دقيقة وراجع! 


.......... 



+




_ السلام عليكم ياطنط! 



+




عبير: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ياعابد إيه الأخبار قربت تيجي انت وهوندا؟ معرفش اخدت الشقي ده فين يارب يكون مش جننك! 


حمحم ببعض التوتر والحرج :لا ماتقلقيش كله تمام بس الحقيقة انا كنت بتمشى في مول وبشتري حاجات ليا، شوفت طقم حلو أوي هيناسب زمزم عشان حفلة الليلة زي ما حضرتك عارفة.. فقلت اسألك بتلبس مقاس إيه وكده؟



+




زوت بين حاجبيها بتعجب: 



+




_قصدك هتشتري طقم لزمزم تحضر بيه؟؟ طب ليه يابني مافيش داعي خالص ماتتعبش نفسك.. كفاية الحفل نفسه كتر خيرك.. زمزم عندها كتير..! 



+




_ أولا مافيش تعب ولا حاجة.. وثانيا مش قاصد أشتري ليها حاجة مخصوص ده انا بس شوفته صدفة وعجبني واعتقد انه هيكون حلو عليها ..وكمان هيكون نفس لون بدلة مهند وده هيبقي ظريف.. قوليلي بس مقاسها..!


_ كمان جبت لمهند.. والله يا ابني كتير كده! 


_مافيش حاجة تكتر على هوندا.. وعايز منك خدمة! 


_ إيه هي؟


_ بلاش حضرتك تقولي اني اشتريت ليها ولمهند.. قولي انه انتي.. وضروري تلبسه الليلة ..ممكن ؟



+




شعور خفي داخلها عصى عليها تجاهله أن ابن العم يُكن الكثير لابنته.. اهتمامه يثير بها ظنون بعينها.. هل ما تظنه حقيقة أم أن أمومتها التي ترجو لابنتها نفحة سعادة تعوضها ما فات هي ما تتوهم ذلك؟ عابد وزمزم؟ أمعقول أن يكون هو تعويض لابنتها؟ 



+




اتسعت ابتسامة أمل ملأت كل وجهها، ثم أجابته: 



+




حاضر ياعابد مادام ده طلبك هنفذه.. وبجد شكرا لأهتمامك ببنت عمك وابنها.. ربنا يبارك فيك ويفرح قلبك باللي يشتهيه في الدنيا..! 


.............. 


أغلق معها ودعوتها الأخير صداها يجول بعقله! 



+





        



          



                


" يفرح قلبك باللي تشتهيه في الدنيا"



+




هو يعلم ما يريد .. الصورة لم تعد مغبرة بتردده.. بل صارت جلية.. واضحة گ ضوء الشمس.. هو يتمناها.. هو يريدها.. هو يشتهيها.. هو يتمنى أقتسام أيامه معها هي والصغير الذي أضحى له گ ولد من صلبه وأدمن حتى رائحته.. ولا يبالغ حين يقول أن ضحكته البريئة مصدر سعادته بشكل يتعجبه هو ذاته..! كما يعلم من سيجابه لأجلها.. بل والأكثر من ذلك هو يقينه انه سيجابهها هي ذاتها ويحارب زهدها بجنسه بعد زياد.. لكن حلاوة وقوة ما يحياه يستحق المعافرة! 



+




_ آبد..! 



+




ناداه الصغير وكأنه يدعمه ويذكره بوجوده..فجثى عابد على ركبتيه وهو يشمله بنظرة حانية متمتما: 


_بتحب عابد يا هوندا..؟!



+




ابتسم له الأخير واختبأ بصدره بخجل مكررا أسمه..!


فحثه على كلمة ما وقال: قول عابد حبيبي! 



+




أطاعه الصغير بهمهمته الشهية: آبد... بيبي! 



+




فضحك بحنان وضمه ثم لثمه قائلا: أنا عارف إنك بتحبني ياهوندا.. ولما تكبر هكون فخور بيك عارف ليه؟ منحه الصغير نظرة صافية غير مدرك لشيء، فغمغم عابد: 


لأنك هتتربى في حضني وعلى ايدي زي ما بابا رباني.. أوعدك أكون أمين عليك... ..ثم صمت ليعود يقولها بصوت متهدج بمشاعره الدافئة.. وأمين عليها..! 


_______________________



+




تتأمل ما جلبته والدتها بإعجاب: إيه ده ياماما؟ إنتي اشتريتي الطقم الجامد ده إمتي؟ لأ وبلوازمة كمان وحاجة أخر دلع! 



+




عبير مبتسمة: مع كريمة مرات عمك..لما اشتريت بدلة لمهند. شوفته وعجبني بالحاجات اللي معاه فاشتريته عشانك وفرصة تخرجي بيه في عزومة العشا بتاعة عابد الليلة! 



+




_ بس أنا حضرت طقم تاني خالص.. ممكن البس ده وقت تاني"


_ لأ.. هتلبسي اللي اشتريته.. وبطلي جدال بقى خليني اروح اجهز مهند في أوضتي أنا وابوكي! 



+




وهمت بالرحيل ثم وقف لتستدير لها وترمقها بنظرة غير مفهومة توازي غموض طلبها: الطقم معاه لون روچ حلو أوي.. حطي منه يا زمزم! 



+




زوت بين حاجبيها: روچ؟؟؟ عايزاني احط روچ يا ماما؟ ما انتي عارفة اني من وقت ما اتوفى زياد وأنا



+




صمتت وغيمة حزن اكتسحت عيناها وواصلت: مش كفاية يا ماما بقيت البس ألوان.. لولا إلحاحكم إنتي وبابا إني اغيره وشفقتي على ابني إنه يشوفني دايما بالأسود كنت.... 



+




قاطعتها والدتها وهي تتقدم منها متملكة كتفيها بكفها مصوبة لها نظرة قوية بقوة صوتها وهي تحدثها: 



+




_كنتي إيه؟ يابنتي أنتي لسه ولا عيشتي ولا دوقتي حلاوة الدنيا..وطول ما انا عايشة مش هسمحلك أبدا تدفني شبابك وتضيعيه في الحزن.. إنتي لازم تعيشي صح عشان تعرفي تربي ابنك صح.. اللي مات مش هننساه لأنه مش هينفع يتنسى.. بس اللي عايش لازم يفهم ويقدر منحة الحياة اللي ربنا عطاها له..ولو في يوم من الأيام الدنيا كافأتك بمنحة تاني أوعي ترفضيها.. افرحي ولوني حياتك كلها مش بس لبسك يا زمزم.. الدنيا تستحق تتعاش لأنها حلوة.. حلوة بجد! 



+





        


          



                


انتهت من حديثها ثم قبلت مابين عيناها بحنان خدر صغيرتها التي تابعت رحيلها بعين شاخصة وعقل شارد.. هي تعلم ان استجابة زمزم لخوض تجربة أخرى لن يأتي دفعة واحدة.. لذا أرادت أن تبذر بذرة الأمل داخلها لتترسخ وتنموا مع الوقت.. وحين تتشعب جذوع مشاعرها وعواطفها.. حينها فقط ستنفرج أبواب قلبها على مصراعيها لتطل الورود على عالمها الجديد وتعيش حظها القادم مع من ينتظر طلتها من نافذة قلبه..! 


__________________



+




مع سماع كعب حذائها الذي يعزف بنقراته المنتظمة على الدرج وهي تهبط عليه، رفع عيناه التي برقت إعجابًا مستقبلا صفاء وجهها دون أصباغ، وطلتها التي تزينت بما انتقاه لها سرًا استأمن عليه والدتها.. نشوة غريبة أحتلت أوردته وشيء من اختياره يحتضن جسدها الرقيق..گ أول أمنياته تتحقق وليس أخرها.. فقائمة الأمنيات عامرة بما يشتهيه من تلك العابثة التي عبثت بقلبه وطوته بكفها دون أن تدري أنه صار معها.. سرقته دون سابق إصرار والترصد منه هو.. ويعترف بذلك! 



+




_فين الباقي ياعابد؟ أنا خلاص جاهزة! 



+




همست له ببساطة أخرجته من دفء أفكاره وأعادته لرزانته، هاتفا ببحة صوت خالية من تأثيرها: 


مستنيين بره.. انتي وطنط دُرة وبلقيس اللي فاضلين! 


_ معلش أنا فعلا اتأخرت.. أخدني الكلام مع طنط وبلقيس، لعلمك جهزت أصلا في عشر دقايق بس.. لكن جوري أخدت ساعتين بتجهز بنت الإيه.. بتهتم بكل التفاصيل! 



+




ابتسم وهو يخطو معاها للساحة الخارجية: دي كده اختصرت..!



+




_ كمان؟! لا ده انا يتعملي تمثال والله 


_ تستحقي! 



+




خانته همسة دافئة أخري، رمقته بتعجب، فتدارك الأمر وضللها بمزاحه: قصدي تستحقي تدخلي موسوعة جينيس لو فعلا أخدتي عشر دقايق بس، ورغم كده طلعتي.... 


وكادت عيناه أن تخونة گ صوته وتشي بإعجاب صريح، لكنه أيضا تدارك نفسه بمزاح: طلعتي مش بطالة.. بنت ناس يعني! 



+




ضحكت غافلة عن حقيقة إعجابه: طب والله كتر خيرك يا استاذ عابد! ثم واصلت بفضول وصوت خافت: 



+




طب بقولك إيه يا ابن عمي.. هو في حاجة بتتطبخ من ورانا؟..حاسة الموضوع مش مجرد عشا.. لأ وتصور ماما جابلتي الطقم ده وصممت البسه وانا أصلا كنت مختارة حاجة أبسط بكتير! 


_ عجبك؟ 



+




تسائل وهو يتأملها، فأجابت وعيناها تجهل ما في طيات سؤاله: حلو جداااا طبعا..بصراحة ذوقها روعة.. وكمان جابت معاه كل لوازمه حتى النضارة.. ثم ضحكت وهي تمازحه: قلب الأم بقى! 



+




بادلها ضحكة قصيرة تسائل بعدها: فين صاحبي الصغير ؟ 



+




_مع بابا وماما من الصبح، الندل مش فكر يسأل عني طول اليوم لدرجة انه وحشني.. انت اخدته الصبح معرفش فين وبقيت اليوم مع جده وجدته..! 



+




قبل أن يجيبها لمح الصغير يتأرجح بين الجد والجدة اللذان يقبضان على كفيه وهو يضحك بتلك الأرجوحة بفعل رفعهما لجسده من فوق الأرض، لمعت عيناه بحنان لا يصطنعه قائلا: صاحبي أهو! 



+





        


          



                


التفتت ولأول مرة ترى ما ارتداه صغيرها.. بدلة جديدة وجميلة ابتاعتها والدتها له كما أخبرتها في الصباح.. ومضت عيناها بحنان شديد: 



+




_ بسم الله ما شاء الله ..شايف صاحبك وطعامته في الطقم اللي اشتريته ماما ياعابد..!


ابتسم وغمغم : ربنا يحميه! زي السكر..! 



+




غامت عيناها وشردت بالصغير وهمست دون وعي: تعرف إن بعد الساعة 12 بالليل هيكون تم سنتين! 



+




تفاجأ بما قالت فتسائل بحذر: بجد؟! طب ليه مافكرتيش تحتفلي بالمناسبة دي معانا؟



+




أظلم لون عيناها بحزن لذكرى زوجها: 



+




مش قادرة احتفل ولا افرح بالمناسبة دي وزياد مش معايا..ازاي اقف في عيد ميلاد ابننا لوحدي أنا لسه مش عارفة اتخطى الحقيقة دي ياعابد..! أنا بكلم صورته كل ليلة. وبفضل احكيله على كل حركة جديدة بيعملها مهند عشان احس انه مشاركني كل حاجة! 



+




أهتزت حدقتاه بغيرة حارقة لا يملك ردعها داخله وهو يستمع لما تهمس به أمامه.. وفائها لذكرى زوجها الراحل بقدر ما يثير إعجابه..بقدر ما يؤلم بصدره..!



+




لكن لا مفر من مؤازرتها.. ويكفي أنها تشاركه ما بصدرها.. هي إشارة لها دلالتها الجيدة في نفسه..!



+




أجلى صوته من تأثير أفكاره وقال: 


_ بس انتي مش لوحدك يا زمزم.. كلنا حواليكي.. وقبلنا والدك ووالدتك واخوكي! 



+




_ محدش ينفع يسد مكان زياد ولا يملى فراغه..



+




_ وذنبه أيه مهند تحرميه من احتفال الكل بيوم عيد ميلاده؟



+




التفتت له وشعر للحظات أنها مغيبة: وانا كان ذنبي ايه اتحرم منه بدري كده..! مهند لسه مش فاهم.. لما يكبر يبقى يقرر يحتفل بعيد ميلاده أو لأ..! 



+




نظر لها بغموض مع همسته: في حاجات يازمزم لو عدى أوانها من غير ما نفرح بيها ونعيشها صح.. بتموت بهجتها..! أول كل حاجة لمهند سواء كلمة أو خطوة أو سنة عدت من عمره..من حقه يدوق فرحتها ويحتفظ بذكراها.! لما يكبر مش هيقدر يعوضها..! 



+




ظلت تنظر لطفلها شاخصة البصر بصمت تراقب ضحكاته مع مداعبات الجميع له.. هي تعلم أنها تظلمه وتحرمه من فرحة الأحتفال بيوم مولده لكن ماذا تفعل.. لا تستطيع أن تطفيء الشموع دونه..وتزيد عتمة قلبها بظلمة إشتياق قاسية وصدمة جديدة..بعد أن اعتادت التصديق انه لم يعد قادر على احتلال فراغات أناملها بكفه! 



+




_ يلا يا زمزم الكل اتجمع وخلاص ماشيين..!



+




انتشلها صوت عابد من شرودها، فانصاعت وراءه متجهة لوالديها وعقلها مشوش بعد حديثه معها..! 



+




**************************



+




وصلت سيارة عابد لساحة المطعم.. وفجأة وجدت زمزم من يعصب عيناها من الخلف فهتفت: إيه ده في ايه بتغميني ليه يا بابا انا مش فاهمة حاجة !



+





        


          



                


_ هتعرفي دلوقت، وبمساعدة والدها خطت على الأرض بحذر ثم أوقفها وبدأ بإزالة عصبة عيناها.. فرمشت قليلا لتستقبل ضوء مبهر غشا مقلتيها التي اتسعت لأخرهما وهي تنظر أمامها لمدخل مزين بالبالونات وأقبَل عليها شخصيات كرتونية ضخمة أمسك أحدهم يدها بكفه الضخم المبطن.. وأخر أمسك بيد مهند ليدلفا سويا عبر هذا المدخل المزين.. للتفاجأ بطاولة مستطيلة يكسيها مفرش جذاب.. منثور عليها أطباق متراصة بحرفية.. وبالمنتصف قالب مغلف..أوقفتها الشخصية الكرتونية هي ومهند وأحاطتهما جميع العائلة.. وأطفال الرواد أيضا گ نوع من المشاركة.. ثم اقترب عابد ونزع غطاء القالب ليكشف ما خفى أسفله.. لتتجدد دهشتها التي امتزجت بتأثر دفع العبرات بغزارة لتغتال مقلتاها وهي ترى صورة زوجها زياد جوار مهند يتوسطان القالب! 



+




صدحت همهمات المحيطين بانبهار ..أما عابد فاقترب منها وهمس لها: مين قالك إن زياد مش هيكون بيحتفل مع ابنه.. زياد مافيش حاجة ممكن تمحي وجوده يازمزم.. عشان كده مش لازم تحرمي ابنك من الفرحة اللي انتي شايفاها دلوقت على ملامحه! 



+




حادت ببصرها لطفلها الصغير فوجدت عيناه تلمع بسعادة للأجواء حوله والصغار يحاوطونه بصخب محبب وفرحة صادقة.. ثم صوبت نظرها لصورة زوجها الراحل وطفلها، فازدادت عبراتها دون إرادة! وشعرت أنه يشاركها حقا تلك اللحظة! 



+




فعادت تنظر لعابد وهي تهمس بنبرة تشبعت بامتنانها: أنا مش عارفة أقولك ايه يا عابد.. حقيقي مافيش كلمة توفيك حقك! 



+




هتف ببساطة: بلاش عبط مافيش بنا الكلام ده.. ثم رمق مهند بنظرة اشتعلت بدفئها: مهند ابني يا زمزم! أنا بعتبره كده! 



+




جففت وجهها متمتمة بصوت مازالت تخنقه العبرات: أكيد طبعا يا ابن عمي! 



+




وبعد لحظات صدح صوت الشخصية الكرتونية التي كانت هي عامر نفسه ولا يدري أحد سوى ظافر: عايزين الباشا مهند يتفضل معانا عشان نعمله كام صورة مع الأطفال وشخصيات الكرتون والتورتة قبل ما تتنسف ياجماعة! 



+




ضحك جميعهم ثم أخذ عامر الصغير ليلتقط له صور مميزة ومحترفة گ ذكرى له فيما بعد..!


ثم صاح مرة أخرى: 


يلا بقى يا ولاد انضموا على بعض حوالين مهند وعايزكم تغنوا بشكل جميل زي ما علمتكم عشان تاخدو بالونات جميلة عليها أساميكم زي ما اتفقنا..! 



+




تحمس الصغار وصدح غنائهم هم وباقي الحضور بلحن أغنية عيد الميلاد ثم انحنت زمزم باللحظة المناسبة تساعد صغيرها بالنفث بقوة لإطفاء الشمعتين ليتعالى التصفيق وتوالى المباركات والهدايا على صغيرها الذي لا تهدأ ضحكاته لتطرب قلبها وتجدد بها الحياة.!



+




********************


الجميلة غاضبة! 



+




هذا ما لاحظه وهو يراها جالسة بزاوية ما تراقبه دون أن تحاول الذهاب إليه.. عيناها فاقدة لبريقهما المعهود، لم تنسى أنه قسى عليها في المرة الأخيرة.. وتعاقبه بنظراتها المعاتبة بصمت وتجنبها ملاحقته كما تفعل.. الأميرة النائمة كما يسميها بينه وبين ذاته، القابعة بحصنه وتحسبه ملاذها.. غاضبة ويجب عليه إصلاح ما أفسده دون قصد.. ولا بأس في أظهار اعتذاره بشكل يليق بمن ينوي خطبتها قريبا.. !


............... ..



+





        


          



                


ربت صغير على كفها برقة لتنتبه له، ووجدته يمد لها وردة حمراء وهو يقول بخفوت حذر: اتفضلى يا طنط! 



+




تناولتها منه دون فهم، ولمحت ورقة صغيرة ملتصقة بها مخطوط عليها " أسف"



+




فهمس الصغير في أذنيها بنفس الحذر كما تلقاه من راسل الوردة : دي من عمو اللي هناك ده! 



+




تتبعت حدقتاها أين تشير عين الصغير، فرآت ظافر يبتسم لها بنظرة تشى باعتذاره الذي قرأته قبل لحظات، فتبتسمت له وعادت تنظر لهديته بنظرة تألقت گ عهدها وأحتضنتها أكثر بأناملها.. ثم خبأتها بحقيبتها وكأنها تخفيه هو ذاته عن العيون! 



+




تنهد ظافر بارتياح عندما التقطت عيناه وهج العسل يضيء بمقلتيها من جديد فمحى كل حزن سكن بها..وأخيرا نجح في نيل ابتسامتها مرة أخرى.. وبعفوية شديدة گ عادتها تركت مقعدها واقتربت منه حتى وقفت أمامه هامسة: شكرا..! 



+




لم يتوتر أو يتجاهلها گ المرة السابقة.. بل استقبل همستها بابتسامة اصطبغت بحنانه الذي لا يملك وئده في حضرتها..كما أنه تعمد إبراز جانب من الألفة بينهما لغرضٍ ما في نفسه ..وابتسم لها هامسًا: العفو..المهم إنك خلاص مش زعلانة مني صح؟


هزت رأسها بتأكيد، فتسائل:.طيب أكلتي من التورتة بتاعة مهند؟ 


مطت شفتيها بشكل طفولي: لأ ..كلها كريمة، بحب الشيكولاتة وبس..! 



+




ضحك بخفوت ضحكة قصيرة وقال: بس كده؟ ولا يهمك هعملك بنفسي أحلى طبق شيكولاتة! 



+




اتسعت ابتسامتها لسخاء عرضه المبطن باهتمامه الذي يجاهر به للمرة الأولى وتمتمت: ماشي! 



+




بالفعل غاب قليلا تحت أنظار الجميع، ثم عاد حاملا لها طبق به ما تشتهيه، فتناولته وشرعت تأكل منه بشهية واضحة بعد أن كانت مفقودة لديها..! 



1




تابعت أحداق عائلتها ما يحدث مابين دهشة الفتايات، ويزيد الذي اكتست نظراته بجمود ولا مبالاة وإن لفحته غيرته المعهوده فهي بالنهاية ابنة العم.. لكن لن يعبر عن شيء فأبيها كفيل بها..أما العم محمد فراح يحلل كل تصرفات ظافر بنظرات ثاقبة و مختلفة مغمغما بذاته: والله شكل التمثيل هيقلب جد.. أو بالأحرى مافيش تمثيل أصلا..! 



+




أما عابد فكان أكثرهم حنقًا ولا يفهم سبب ما يحدث والذي أثار دهشته وربما حفيطته، هدوء العم عاصم رغم مراقبته لأرياحية بلقيس مع ذاك الشاب.. أما يزيد فأيضًا سكونه مريب.. يعجز عن تفسير نظرات أخيه الغامضة..هل ما يسكن عيناه الآن حزن أم استسلام؟ لا يفهم شيء!


لكنه بطبيعته الغيورة أيضًا تجاه أي غريب توجه لبلقيس وأخذها من يدها وأجلسها جوار والدتها وهو يقول بعبوس آمر: 


خليكي هنا يابلقيس لما تحتاجي حاجة اطلبيها مننا.. فاهمة..؟! 



+




هتفت دُرة بتفهم لغيرة عابد گ ابن عم: ما يحرمنيش منك ياعبودي، ثم مازحته: يسلملي الحمش أبو دم حامي! 



+




مال هامسا ليجاري مزاحها رغم حنقه الخفي: طب ياريت تخلي بنتك تتكن جمبك شوية عشان عبودك ممكن يقلب، لأن بصراحة يا فيرجينيا.. أنا مابقيتش فاهمكم خصوصا عمي عاصم.. وبعدين هو الأخ ظافر ده من العيلة وكان تايه ولقيناه فجأة؟؟؟ انا معرفش إيه التباسط الغريب ده؟ وبعدين منا عملتلها طبق حلويات ومارضيتش تاكل منه.. إشمعنى بقى؟ هو طبقي كان فيه كخة.



+





        


          



                


ضحكت بخفوت: يخرب عقلك ضحكتني يا بودي.. عموما كله هيتفسر قريب ماتستعجلش يا عبودي! 



+




رفع حاجبيه بتعجب: يعني الموضوع في كلام يتفسر بقى؟!!! طب ما ترسيني على الدور يا فيريجينا ده انا عبودك بردو..! 



+




ضحكت ثانيا: بس يا ولد ماتحاولش تأثر عليا اكمني بحبك وبعزك.. عمك هيعرفك كل حاجة بنفسه! 



+




_ ماشي يا جميلة الجميلات..بس بقولها تاني، خلي بنتك جمبك عشان السهرة دي تعدي على خير..! 


_ خلاص ياسيدي اهي جمبي اهي


ثم همست بمكر: روح انت بقى شوف فيرجينيا بتاعتك احسن تتخطف منك! 



+




قطب جبينه بريبة: تقصدي إيه يا مرات عمي؟


ضحكت له: إيه الأدب ده دلوقت بقيت مرات عمك؟ ولا حاجة ياعبودي..ماتحطش في بالك! 


_________________________



+




رغم انه يود أن تلاحظ عائلته ميل ابنته لظافر تمهيدا لخطبتهما، لكنه استاء مما رآى وهم بطلب انفراده به وتوبيخه، لكن سبقه الأخر بنفس الطلب، فانفردا بإحدى الزوايا الهادئة، وقال عاصم: قبل أي كلام ممكن افهم إيه سبب تصرفك ده قصاد الناس انك تبعت وردة لبلقيس مع طفل صغير؟ مش شايف إنك اتعمدت تجاهر بتأثيرك عليها؟ بتستغل سيطرتك على بنتي مثلا؟؟؟ 



+




ظافر دون إنكار أو مراوغة: مش هنكر كلامك، أنا فعلا اتعمدت اوضح ده لسببين.. أولا لأني اتعاملت معاها بفظاظة أخر مرة وكانت زعلانة وبتتجنبني.. واعتقد ده مش في مصلحة علاجها المفروض انه مش تخاف وتنفر مني.. وتاني سبب حبيت عيلة حضرتك يشوفو إن في درجة من التألف بنا عشان لما أجي اطلبها بعد كده محدش يستغرب طلبي رغم حالتها.. يعني نيتي مافيهاش أي سوء! 



+




لبث يحدجه بنظرة ثاقبة والعقل يرجح كفة تصرفه، وبعد برهة صمت: ولو ان الموقف بردو مضايقني بس خلينا نتخطى النقطة دي ..وقول كنت عايز تكلمني في إيه؟



+




_بصراحة كنت عايز استأذن حضرتك إنك تسمحلي اتكلم مع بلقيس واعرض عليها موضوع الخطوبة بنفسي؟ 


_ ليه يعني؟ وبعدين مش اما يحصل خطوة مبدئية. وتيجي بأهلك وكده! 



+




ظافر بتوضيح: حضرتك انا خلاص كلمت والدتي لأن رأيها كان الأهم عندي.. وفاضل بس عمي وخالي لأنهم هايجوا معايا، عشان نمشي بشكل رسمي زي ما اتفقنا.. وبما إن بلقيس بتستقبل مني الكلام بشكل مختلف.. الأفضل انا اعرفها بنفسي وأهيئها لخطوة زي دي قبل ما تشوفها والدتي لأن عايز المقابلة تكون في صالحها.. فلو مش عندك مانع خليني اكلمها نفسي.. لأن مافيش فرصة تاني اتكلم معاها قبل ما اجي أزوركم في البيت..! 



+




صمت عاصم ممعنًا التفكير بطلب ظافر.. هل يسمح له أن يحادثها هو بهذا الأمر أولا؟ شيء داخله لا يتقبل هذا القرب ومازالت الأمور غير واضحة.. لكن هو يعلم انه محق.. استيعابها له مختلف.. أردف بتسليم للأمر: ماشي هجيبها وشوف هتبلغها ازاي! 


__________________________



+




تلطخ رداء فتاة أنيقة خارج بيتها يُعد مأزق كبير.. حتى لو كانت اللطخة بقعة شيكولاتة تعشقها.. عشقها لحلواها لن يغفره ردائها الزاهي بخضاره حين يغدو متسخًا..!



+





        


          



                


توجهت جوري بخطوات سريعة تبحث عن مكان خاص لتغمر البقعة بالماء قبل أن تلتصق كريمة الشيكولاتة الداكنة بها أكثر.. هاهي وصلت لمبتغاها..ولجت داخل دورة مياة وفتحت الصنبور وشرعت بتنظيف البقعة بقدر استطاعتها، وغادرت مسرعة لتلحق بعائلتها في الخارج! 



+




بينما هي مطرَقةُ الرأس للحظات تجفف أناملها المبتلة بمحرمة ورقية.. اصطدمت بشيء أو كائن صلب.. وسُكب على رأسها سائل برائحة البرتقال فشهقت ثم رفعت عيناها وهي تتآوه من أثر اصطدامها واشمئزازها مما سكب عليها، فوجدت أمامها رجل بدا ضخمًا إذا ما قُورن بجسدها النحيل وقامتها القصيرة بعض الشيء..!



+




_ أنا أسف يا انسة والله ما شوفتك! حقيقي أسف



+




لم يشفع له اعتذاره الصريح فاشتعلت عيناها وانطلقت جوري بوصلة توبيخ حانقة: 


_ ليه؟ أعمى؟ توقع علي راسي وهدومي عصير وتقول أسف، طب اتصرف ازاي دلوقت بعد مابقيت ملذقة كده.. هروح بيتي ازاي؟؟ لو عينيك دي مش بتشوف بيها روح اتعالج يا أخي! 



+




قست نظراته وصاح بصرامة: أحترمي نفسك يا قزمة انتي، انا خبطت فيكي ووقعت العصير غصب عني واعتذرت.. لكن تقلي أدبك في الكلام وتطولي لسانك مش هسكتلك وهعرفِك مقامك! 



+




وبتلقائية لا تقصدها وقفت متخصرة مردفة بتهكم: 


تعرف مين مقامها يا قليل الأدب أنت؟ طب وريني كده هتعملي أيه عشان أنا اللي اعرفَك مقامك! 



+




لطمة مياة باردة دُفعت بوجهها كان رده عليها، بعد أن التقط كوب مياة مر به جوارهما أحد العاملين بالمطعم وهو بطريقه للمطبخ القريب.. لتشهق جوري مرة أخرى وعيناها متسعة بذهول.. ليعاجلها بابتسامة ساخرة تشبه صوته: أديني وريتك ولو طولتي لسانك بكلمة زيادة هاخدك وانتي زي الفارة المبلولة كده أرميكي في حلة الشوربة! 



+




وابتعد عنها ومازالت مذهولة وفمها منفرج ببلاهة لا تصدق ما حدث، فعاد للخلف خطواتين، وهمس بأذنيها بتهكم: واقفلي بقك يا قزمة! 


_________________



+




زمزم بعد أن لمحت جوري أتية مبتلة ووجهها باكي: 


إيه اللي حصل ده مالك ياحبيبتي مين غرقك كده؟



+




جاء صوتها باكي گ طفلة تعرضت لمزاح ثقيل من طفل سمج: وربنا لاوريه.. بس اعرف هو مين ابن ال...... 



+




زمزم: طب اهدي بس وفهميني هو مين ده؟ انتي كنتي فين أصلا؟



+




_ كنت بتهبب اغسل مكان الشيكولاتة اللي وقعت عليا وأنا بلاعب مهند، وبعد ماغسلتها وخارجة من الحمام خبط فيه توور مش بني آدم ووقع عليا عصير وبقيت كلي ملذقة وانتي عارفة ازاي بقرف من كده، وأما هزأته رماني بمية ساقعة ابن اللذينا وغرقني 



+




لم تستطع زمزم المقاومة فانفجرت ضاحكة رغما عنها، فرمقتها جوري بحنق: انتي بتضحكي؟ هي ناقصاكي بدال ما تقولي اعمل إيه في منظري ده! 



+




حاولت التماسك رغم صعوبته أمام مظهر جوري وهتفت: مش قصدي والله بس بصراحة طريقتك وانتي بتحكي مع شكلك ضحكوني، عموما تعالي نقعد في عربية بابا عشان محدش يشوفك واما نروح غيري هدومك هتعملي إيه.. أهو موقف وعدى ماتزعليش! 



+





        


          



                


جوري بحنق: موقف وعدى؟ وديني ما هسيب حقي أنا هعرفه مقامه وهخليه يندم.



+




زمزم كاتمتة ضحكتها حتى لا تشعل غضب تلك النارية أكثر: خلاص بقى ماتزعليش.. وبعدين نبقى نشوف هنعمل إيه.. يلا بقي عشان...... 



+




بترت عبارتها وهي تتجبب بكفها رذاذ "عطسة" جوري بصوت مضحك وهي تقول: شوفتي؟ جالي برد بسببه هنخرج ازاي بكرة النادي زي ما اتفقنا ..البرد بيطول معايا ومش بحب أنام في السرير.



+




زمزم ومازالت تجاهد بوأد ضحكتها: لا متخافيش أنا معايا علاج برد مفعوله رهيب.. نروح البيت وتاخدي قرص مع حاجة سخنة وتنامي والصبح هتبقي زي الفل.. يلا بس نطلع نستاهم العربية! 



+




واصطحبتها بعد أن أخذت مفتاح سيارة أبيها ينتظروا بالخارج! 


______________________



+




انضمت إليهما بلقيس بعد أن أحضرها أبيها الذي تركهما لكن عيناه مصوبة عليهما بترقب.. فتنحنح ظافر وحدثها برفق: ازيك يابلقيس عاملة إيه ؟


ردت برقة: كويسة! 


فهمس متسائلا: إنتي بجد كنتي زعلانة مني ؟


هزت رأسها بإجاب، فقال: ودلوقت زعلانة بردو؟


أومأت له ثانيا بصمت وهي مبتسمة، فعاتبها برفق: 


هنرجع تاني نهز راسنا.. لما اسألك سؤال سمعيني صوتك! 


فأطاعته ببراءة: حاضر


ابتسم لبراءتها التي باتت تأسره بشكل لا يملك مقاومته، وواصل قوله: تحبي نفضل نتقابل على طول وتشوفيني كل يوم؟


هتفت بحماس: أيوة! 


_طب إيه رأيك لو قولتلك ان في طريقة تخلينا مع بعض على طول.. هتوافقي عليها؟


أقرت بنفس الكلمة والحماس: أيوة



+




أخذ نفسا عميقا ثم هتف لها: أنا هاجي أنا وخالي وعمي عشان نطلب ايدك من بابا.. ووالدتي هتيجي معايا تشوفك.. وعايزك لما هي تسألك أي سؤال ردي عليها مش بس تهزي راسك وتسكتي اتكلمي معاها يابلقيس عشان ماتقولش انك تعبانة.. عايز ماما تنبهر بيكي لما تشوفك.. اتفقنا؟ 



+




ظلت تنظر له دون حديث، فأعاد همسه: 


انتي فهمتي كلامي يابلقيس؟ يعني مستوعبة الخطوة دي؟



+




أومأت له بصمت فلاحقها بإلحاح مغموس بلهفة صادقة: اتكلمي وقولي إيه اللي فهمتيه من كلامي؟



+




غمرته بنظرة تألق فيها لون العسل فغرق هو بحلاوته گ أنه مخدر للحظات ثم بثته همسًا معبأ بعبق براءتها فانهار ما تبقى من ثباته وهي تقول: 



+




_ هلبس دبلة عليها أسمك.! 



+




هكذا أجابته ببساطة مهلكة.. وببراءة تحاكي براءة طفل يبوح بمشاعره دون تفكير أو خبث.. دون خوف.. دون خجل.. فقط هو الصدق ما يرافق صوتها.. ذهب عيناها تلألأ بضوء نفذ لقلبه فعبث بدقاته وأصابها بالصخب.. 


كان يظن أنه هو من يسيطر عليها.. أما الحقيقة غير ذلك.. هي من تأسره وتعتقله وتحيطه بأصفاد كثيرة، وكلما حاول التحرر غاص بقيدها أكثر.. والغريب أنها لا تبذل جهدًا يُذكر ولا تحيك الخطط لأسره.. يكفي ان تتحدث بتلك النبرة والبراءة والعفوية.. ليتهز عرش ثباته وتسقط دروع مقاومته..أصبح على يقين أن لقائهما ليس صدفة..وأن ألواح أقدارهما خُط عليها سطور قصتهما منذ زمن.. فلتكتب يد القدر عنوان سطورهما كما تشاء.. ويدبر أمرهما الرحمن بما يراه خيرًا..!


______________________



+





        


          



                


بعد انتهاء الحفل! 



+




ظافر بضجر: أنا مش فاهم أنت بتضحك علي إيه من الصبح؟ بس عموما اما حضرتك تخلص وصلة الضحك ابقي عرفني لأن عايز اتكلم معاك جد شوية! 



+




عامر بعد أن هدأت ضحكاته: خلاص ياعم هسكت، أصل كل أما افتكر البنت اللي وقعت عليها العصير ومنظرها الأهبل وهي مبلولة وعايزة تشتمني ومش عارفة أضحك.. رغم ان وشها رقيق وصغنونة كده وقطة في نفسها بس لسانها مبرد ياجدع.. بس أخوك ظبطها.. أنا كنت هجيبلها شلل وهي واقفة تبصلي بذهول! 



+




ذم بين حاجبيه: مين دي ياعامر؟ حد من عيلة عاصم بيه؟


هز أكتافه ببساطة : معرفش هي كانت معاهم بس معرفش تبقى مين، لكن أيًا من كانت أنا علمتها الأدب!


واستطرد بجدية: سيبك بقى من كل ده وقولي عايز تكلمني في إيه؟



+




_ بدون لف ودوران كده.. صاحبك ناوي يخطب بعد يومين! 



+




رفع حاجبيه بدهشة: تخطب؟؟؟ وبعد يومين؟؟ إمتى حصل الكلام ده من ورايا.. أنا عمري ما شوفتك بتكلم حد..؟!



+




_ انت ليه محسسني إني كنت راهب، عادي النصيب جه ولقيت بنت كويسة! 


_ ودي تبقى مين صاحبة الصون والعفاف؟



+




بعد تردد طفيف تمتم: بلقيس! 



+




عامر معيدا نطق الإسم: بلقيس؟ بلقيس مين؟


_ بنت السيد عاصم.. اللي بتيجي معاه دايما..! 



+




اكتست نظرات عامر ببعض الاستنكار: أزاي يا ظافر؟ البنت حسب كلامك مريضة و...... .



+




قاطعه بحده: هي مش مريضة يا عامر.. شوية تعب نفسي وهيروحوا لحالهم! 



+




عامر بهدوء: علي فكرة أنا مش قصدي حاجة وحشة.. والبنت من عيلة تشرف وكمان جميلة جدا و



+




رمقه ظافر بتحذير لمدحه جمالها، فأسرع الأخير بتوضيح: ياعم ده مجرد وصف والله مالك هتحرقني بنظراتك. أنا كل الحكاية مستغرب إنك امتي اخدت القرار ده وبالسرعة دي! وهل عندك استعداد تتقبل حالتها لحد ما تتعافى؟ 



+




_ أولا حالتها بالنسبالي مش مشكلة وعارف هتعامل ازاي.. وثانيا الموضوع شاغلني من فترة .. كنت بفكر فيها بجدية واخيرا قررت وكلمت ماما وتقريبا موافقة، وفاضل عمي وخالي اعرفهم وهنروح نخطبها ونلبس دبل! 



+




_ دبل؟ ده انت مجهز كل حاجة وواضح انك. مستعجل! 



+




_ وإيه لازمة التباطؤ.. الماديات تمام والعيلة معروفة مش محتاح حتى اسأل عنهم والبنت مؤدبة وكويسة ليه التأجيل؟



+




شعر عامر برغبة صديقه الصادقة وحماسه للأمر فقال: على كل حال مادام اخدت القرار والخطوة.. ألف مليون مبروك.. ربنا يرزقك السعادة وليك عندي احتفال خاص على شرفك



+




_ الله يبارك فيك ياعامر.. عموما أنا عرفتك عشان تعمل حسابك وتيجي معايا..!



+




_ أيوة بس ده لقاء عائلي هاجي معاك اعمل أيه؟


ظافر بلوم: على أساس إنك غريب ياعامر؟ أنت اخويا.. ولما انت كمان تنوي تخطب مستقبلا أنا هاجي معاك من غير ماتطلب! 



+





        


          



                


ربت عامر على كتفه بمحبة: طبعا أخويا واكتر.. خلاص هستعد من دلوقت.. وألف مبروك مرة تانية يا سيد الشباب..!


_________________________



+




بعد العودة من سهرة عيد الميلاد! 



+




_ يلا يا هوندا أغيرلك هدومك عشان تعبانة وعايزة انام


محمد: اما تخلصي مهند هاتيه ينام معايا


_ حاضر يابابا.. 


عبير: بكره بقى نبقي نفتحله الهدايا بتاعته.. ما شاء الله جاله حاجات جميلة.. واصلت: شوفتي بقى يا زمزم عابد فرح مهند ازاي.. عيد الميلاد فاجيء الكل



+




زمزم وهي تنزع ملابسه لتحممه قبل نومه: عندك حق يا ماما وأنا شكرت عابد على اللي عمله.. ورغم اني ماكنتش حابة احتفل.. بس حقيقي فرحة ابني انهاردة خلتني اعيد تفكير في قراري



+




محمد: بس تصوروا لاحظت حاجة غرببة.. انتي وعابد ومهند كنتم لابسين نفس الألوان والأستايل تقريبا..!



+




عبير: اللي يشوفهم من بعيد يقول عيلة! 



+




عقدت زمزم حاجبيها: انتي بتقولي إيه يا ماما عيلة إيه؟! دي مجرد صدفة.. أصلا حضرتك اللي جبتي هدومي أنا ومهند.. عابد طبعا مالوش علاقة بينا..ومكناش نعرف هيلبس إي! 



+




لا تعرف لما تحدثت بحدة لتنفي مجرد افتراض أو معنى لكلمة عابرة.. عيلة؟ وعابد؟...لا.. لن تصير هي وابنها جزءً من أحد.. هما كيان منفصل ووحيد ولن يضم إليهم غريب! 



+




_ مالك يازمزم اتعصبتي كده ليه على ماما؟


_ أسفة. يا بابا مش قصدي اتعصب.. يجوز عشان تعبانة من الوقفة.. اسفة يا ماما مش قصدي! 



+




اقتربت عبير وربتت على وجنتها: ولا يهمك حبيبتي عارفة.. هاتي مهند عندي انا هحميه وانيمه.. وارتاحي انتي.. لأني هسهر شوية! 


___________________



+




بعد أن غفى مهند هتفت عبير: 


بقولك ايه يامحمد، كنت حابة اقولك حاجة مهمة


_ خير ياعبير


_عارف طقم زمزم ومهند اللي حضروا بيه عيد الميلاد؟ 


عابد اللي اشتراه! 



+




هتف بتعجب: عابد؟! ازاي وليه؟


_ هو اتصل الصبح واستأذن انه يشتري حاجة لزمزم شافها وعجبته ووطلب مقاسها.. وحلفني مش اعرفها.. وانا كدبت وقلت ليها إني اشتريتهم.. وقلت مافيهاش حاجة.. ابن عمها وبيهاديها



+




صمت برهة يفكر فاستطردت عبير: تعرف! جوايا إحساس بيقولي ان عابد عينه من زمزم يامحمد.. لو ركزت في نظراته انهاردة هتعذرني وتتأكد



+




همس بعين شاخصة: ومين قالك اني مش واخد بالي


تعجبت: بجد؟ يعني ملاحظ؟ طيب وأيه رأيك


_ في إيه ياعبير ده مجرد افتراض وانعكاس لرغبة في عقلنا مش أكتر وكل ده مالوش أساس واضح! 


_ لأ غلطان.. ابن اخوك بيهتم جدااا بيها وبمهند.. بيحبه ومش بيسيبه تقريبا.. وقلبي بيقولي ان سعادة بنتنا معاه يا محمد.. لو فرضنا انه طلبها منك هتوافق؟



+




ضحك بتهكم: أوافق؟ ده امنية عندي ان ابن اخويا ياخد بنتي.. بس السؤال الصح.. بنتك نفسها هتوافقك؟ اظن انتي عارفة كويس دماغها.. ده مجرد تلميح لما قلتي انهم زي العيلة اضايقت! 



+





        


          



                


عبير: وهو يعني خلاص لو حصل هتتجوز الصبح.. كله هايجي بالتدريج.. وانا مش هسيبها لدماغها عند اللزوم هفوفها لروحها.. ثم استطردت بنبرة يشوبها القلق: 


بس عارف يامحمد المشكلة في مين كمان؟


_ مين؟


_ كريمة! 


_ مرات اخويا؟ بس دي بتحب زمزم جدا


_ أيوة بس بتحب ابنها أكتر.. وزي أي أم مش هتفضل ابنها ياخد واحدة سبق ليها الجواز وبعيل! 



+




محمد باستنكار: بتتكلمي كأنه ذنب بنتنا؟


_ يامحمد افهمني.. انا بكلمك بمنطق كريمة گ أم لعابد.. مش كريمة اللطيفة اللي بتحبنا.. هنا الموضوع هيفرق



+




تنهد بعمق وغمغم: سيبي كل حاجة لوقتها ياعبير.. محدش عارف بكره هيحصل إيه.. اطفي النور يلا وتعالي نامي.. احنا تعبنا أوي من الوقفة في عيد الميلاد! 



+




اطاعته وتمددت جواره.. وكلاً منهما شارد بأفكاره.. ورغم صمتهما.. تسائلت دواخلهم الأسئلة ذاتها"



+




إن أعلن عابد عن رغبته بزمزم.. هل ستوافق؟ 


وماذا سيكون رد فعل كريمة؟


_______________



+




في اليوم التالي! 



+




جوري وهي تتعمد أن يسمعها يزيد المهمك بمشاهدة شيء في حاسوبه: مسكينة يا بنت خالتي.. ازاي قادرة تتحملي الوجع ده؟


هتف بانتباه: مالها عطر يا جوري؟ هي تعبانة؟


_ أيوة يا آبيه.. أسنانها هموتها من امبارح عشان كده مش حضرت عيد ميلاد مهند.. والغبية رافضة تروح للدكتور لأنها جبانة.. ومحدش عارف يقنعها ولا خالتو ولا عمو ولا ياسين



+




_ أزاي يعني ترفض؟ هو وجع الأسنان يتسكت عليه.. قومي نروحلها وانا هاخدها للدكتور بالعافية! 



+




انتفضت جوري بحماس: دقيقتين واكون جاهزة! 


___________



+




تحت بناية عمة عطر تمتمت الأخيرة بأعياء واضح: 


_ حرام عليكي ياجوري انا تعبانة اوي وعايزة اعيط.. ياسين قبل ما يخرج حاول معايا ومش رضيت أخرج معاه.. وانتي صممتي البس وانزل معاكي.. والله ما عارفة لبست ازاي! 



+




جوري وهي تربت على ظهرها بحنان: 


ألف سلامة ياحبيبتي معلش عارفة انك تعبانة عشان كده كان لازم اخليكي تنزلي.. ثم أشارت لسيارة أخيها: آبيه يزيد مستنينا في العربية أهو



+




انتبهت بغتة وهي تنظر له خلف زجاج نافذة السيارة هاتفة بحنق: الله يخربيت الغباء.. جايبة. يزيد معاكي ليه.. انتي مش شايفة منظري الزبالة.. ده انا خدي الشمال كله وارم زي واحدة جوزها مصبحها بعالقة



+




ضحكت جوري بسماجة: أحسن خليه يشوف العار اللي انتي فيه



+




حدجتها عطر بنظرة نارية، وعجزت عن الرد بعد أن اقترب منهما يزيد وهو يرمقها بنظرة فاحصة وقد رآى انتفاخ جانب وجهها الأيسر وهالات سوداء حول عيناها نمت عن عدم نوم مريح، وتمتم: إزيك ياعطر ألف سلامة! 



+




حاولت ألا تظهر ألمها وقالت بتماسك زائف: الله يسلمك! 



+




_ طب يلا اركبوا عشان نمشي! 


عطر: نمشي فين؟؟


جوري: مشوار مهم ياحبيبتي.. اركبي من سكات وريحي نفسك من الكلام شوية! 



+





        


          



                


نظرت لها عطر بطرف عيناها نظرة مريبة، واستقلت السيارة جوار يزيد بعد أن أقحمتها جوري بغتة دون ترك أي فرصة للأعتراض.. وليتها تعلم كم توعدت لها بالشر في الخفاء حين تتعافى! 


............



+




هتفت جوري بينما يزيد يقود السيارة : ماتشغلنا أغنية فرفشة كده يا آبيه تسلينا في الطريق! 


_ أغنية إيه بالظبط؟


جوري: بنت الجيران بتاعة المهرجانات 


يزيد: بنت الجيران إيه دي قلة أدب مش أغنية. أختاري حاجة تتسمع 


جوري: ماشي..خلاص أنزل بأغنية ضحكت للأسطورة عمر دياب



+




هز رأسه مبتسما: أيوة كده عمرو يتسمع! 



+




وانبعثت الأغنية بمسيقاها المميزة.. وراحت جوري بالخلف ترقص بذراعيها وأكتافها وهي تردد الكلمات بشكل مضحك أجبر عطر التي لبثت صامتة برهة من الألم أن تضحك.. فأشارت لها جوري سريعا وبنفس الوقت تنظر لأخيها في مرآة السيارة وهي تغني قائلة: 



+




" ضحكت.. يعني قلبها مال.. وخلاص الفرق ما بينا اتشال.. يلا ياقلبي روحلها يلا.. قولها كل اللي بيتقال.."



+




ثم تحمست وهي تردد باقي الأغنية لأخيها وگأنها تخبره بشي مبطن وراء هذا الأداء: 



+




" مستني أيه بعد الضحكة.. دي الضحكة فاتحالك سكة.."



2




ضحك يزيد لتعبيرات وجهها الطفولية ورقصها المبهج بذراعيها مقلدة رقصات الشباب، ثم انتشلته آهة عطر وهي تمسك يسار خدها، فأوقف الأغنية هاتفا بقلق: مالك ياعطر! 


_ مافيش حاجة! 



+




جوري: دي بتكابر يا آبيه.. وجع سنانها مبهدلها.. مش شايف خدها عامل ازاي؟ دي كأنها حاشرة رغيف حواوشي في بقها



+




رمقتها عطر بحنق دون حديث، فقال يزيد: 


معلش ياعطر استحملي خلاص وصلنا للدكتور! 


عطر بتوجس: دكتور لمين؟


_ ليكي طبعا


_ بس انا مش عايزة اروح للدكتور.. أنا هبقي كويسة لوحدي


تجاهلها يزيد هاتفا: أنزلوا يلا اطلعوا للدكتور وانا هركن العربية وبسرعة واحصلكم! 


..................... 


بعد انتظار قصير هتفت جوري بإلحاح: عشان خاطري يا آبيه هنزل اجيب حاجة من تحت وانتم ادخلوا للدكتور وانا وهحصلكم..!


يزيد: يابنتي قولتلك اصبري نخلص وننزل سوا وأوديكي أي مكان انتي عايزاه


_ لأ مش مستاهلة والله.. دقايق وهكون عندك هتطلع تلاقيني مستنياكم هنا..!


اضطر للموافقة ودلف هو مع العطر التي تتابع حديثهما بألم واضح! 


................. 


الطبيب: أفتحي بقك جامد يا أنسة لو سمحت! 


عطر بحرج أن تفعل هذا بحضور يزيد: مش قادرة من الوجع! 


_ منا عارف ان في وجع.. ورم خدك باين.. ولازم افحصه عشان اعرف هتحتاجي إيه؟


استجابت وفتحت فمها قليلا، فهتف طبيب: يا أنسة أنا بجد مش هعرف اكمل كشف كده..!


هتفت بألم: طب اعملك إيه يعني.. وبعدين أوعي تديني حقن والله اصوت والم الدنيا عليكم!



+




حك يزيد أرنبة أنفه وهو بقاوم ضحكة، وقال كي يستفزها: على فكرة الخوف ده للأطفال ياعطر واخدة بالك انتي..!


همست بغيظ: أنا مش طفلة يا يزيد! 


_ خلاص يبقي تسمعي كلام الدكتور خلينا نخلص ونمشي! 



+




صمتت قليلا ثم قالت ببعض الخجل: طب بص الناحية التانية



+




فابتسم مراعيًا خجلها، وأدار وجهه لزاوية معاكسة: أهو ياستي مش شايفك خالص.. يلا بقى انجزي..!



+




استأنف الطبيب عمله وهو يتفحص فمها المضيء بعد أن سلط عليه ضوء كشاف ساطع.. وهي تحاول بألم أن تطيعه حتي ينتهي من فحصها..ولم تدري أن يزيد يراها بالفعل من خلال برواز أمامه يتوسط الحائط، يحوي إطاره مرآة عليها بعض الآيات القرآنية.. ابتسم وهو يتأملها وهي تعاند الطبيب بغلق فمها ثم تعاود الأنصياع خوفا من أن بنتبه هو ويتهمها أنها طفلة! ولا يعلم لما يُحنقها أن يراها طفلة وهذا اجمل ما فيها، طفولتها تؤثر عليه.. وبالوقت ذاته لا يتجاهل ابدا أنوثتها لكنه إن عاملها بها سيُفرض عليه حدود كثيرة تمنعه من التباسط معها.. وهو لا يريد عائق بينهما.. يريد تلك البساطة وهذا الود والأرياحية..! 



+




_ عندها "خراج" كبير جدا هو السبب في الورم ده.. وهضطر دلوقتي اتعامل معاه بشكل فوري.. لأنه عمل صديد هيأذيها.. وبعدها تيجي مرحلة المضاد الحيوي ثم الخلع..!



+




استدار يزيد هاتفا بحزم: أعمل اللازم يادكتور! 


فعبأ الطبيب محقن به مخدر ما أن رآته عطر، حتى انتفضت من مقعدها المخصص للكشف وتوارت خلف يزيد متشبثة بقماش چاكيته محتمية به: بلاش حقن الله يخليك، قوله بلاش يا يزيد عشان خاطري! 



+




رغم عفوية تصرفها لم يكن كذلك بالنسبة له.. رجفة حمية رجولية أصابته..لأول مرة يحتمي به أحد بتلك الطريقة..شيئًا بعفوبتها لمس قلبه.. شيء استفز حنان داخله يفوق طبيعته معها وهو يستدير لها رامقا إياها بنظرة دافئة لم يعيها وهو يهمس: 



+




متخافيش ياعطر..اطمني أنا معاكي مافيش حاجة هتوجعك! 



+




رمقته بنظرة مطولة ولوهلة تناست ألمها وهي تغوص بعيناه وصدى كلماته يتردد داخلها بدفء وصلها بقوة وهو يطمئنها.. لا تعرف كيف صعدت ثانيًا لمقعد الكشف وتركت الطبيب يفعل ما يريد ومازالت عيناها متعلقة به.. أما الطبيب فحاول أن يلهيها عن المحقن فراح يثرثر لها عن موقف ما لطفل مريض حتى انتهى من عمله الذي للغريب لم تشعر به.. 


من كان أكثر تأثيرًا عليها؟ 


حقنة المخدر..؟!


أم نظرات يزيد الدافئة لها.. ؟!


___________________


تكملة الرواية من هناااااااا 



تعليقات

التنقل السريع