القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية نفق الجحيم (الجزء الثاني) الفصل الاول والثاني والثالث والرابع والخامس بقلم ريناد يوسف كاملة

 



رواية نفق الجحيم (الجزء الثاني) الفصل الاول والثاني والثالث والرابع والخامس بقلم ريناد يوسف كاملة





رواية نفق الجحيم (الجزء الثاني) الفصل الاول والثاني والثالث والرابع والخامس بقلم ريناد يوسف كاملة




نفق الجحيم الجزء الثاني البارت الاول


هل الربيع بحكياته ونسماته وليله البارد الهادي، ومواويله اللي تفضل توصف الماضي، وتتطلع على الآتي بشوق وأماني منسوجه بأن الجاي يكون احلى.


وناس تقعد في ضل الورد تتمتع بألوانه وتقطف منه وتهادى، وناس من شوكه تتخبى ولا تشوفه جميل اللون ولا الريحه ولا المنظر، ولا تعرف تشوف فى الورد غير شوكه،

عيونهم زهدت الالوان وروحهم نسيت الفرحه وحتي المسك والعنبر وريحة الهيل وريحة الفل والريحان انوفهم ماعادت اتشمه، ولا تعرف تميز بين روايح الطيب ولا تفرق مابين الفرحه والاحزان، من كتر ماروحهم شمت روايح موت، ومات القلب جواهم،

وحل القهر في مكانه، وجمر الشوق حرق الروح وهو عيكوي ليل ونهار وياكل وكل فى حشاهم

وناس عاشقه وهيمانه ومهما تشوف من الدنيا ومهما التعب يطول الروح بنظرة حب مع ضحكه تشوف الدنيا بالالوان، تطير الروح مع النسمات وتجري تحاوط المحبوب وتتلفلف بأنفاسه ومهما الدنيا تهديهم الم وهوان، في ضل وجود حبايبهم يهون كله ولا كل وجايع الدنيا تكون فارقه.

وبين عاشق وبين معشوق، وبين تاعب وبين متعوب، وبين ظالم وبين مظلوم، يمر الليل وياخد في جعوبه معاه تناهيد الوجع، والاه، ويرحل عند ناس تانيين ويسمعهم ويتحمل، وعمر ما كل فيوم ولااتململ وفض القعده ولم نجومه فجيوبه وقام ولى.. اصيل ياليل بقلب كبير ومتحمل وبال اطول من الاعمار وتفنَى الناس واوجاعها، ولساك انت بتكمل فى مشوارك. 


***

طلع ممدوح واد صفوت من البيت يجري وراح عالمندره ولقى عمه كرار قاعد فيها لحاله ودافن دماغه بين رجليه ومش باين نايم ولا صاحي، قرب منيه ممدوح ومد يده الصغيره وهزه، وبمجرد ماكرار رفع راسه ممدوح قاله بحماس:

ياعم كرار اني اللي هتجوز بتك ربيعه اوعى تديها لحد سامع، داي بت عمي واني أولى بيها من كل الناس. 

كلمات طلعت عفويه من جوف عيل صغير لكنها حرقت روح كرار، ومن غير وعي مسك دراع ممدوح وهزه بعنف وهو عيقوله:

داي مش بت عمك ولا هي مننا عشان تقول انك اولى بيها من الغريب، داي لا يمكن هتختلط بعيلتنا ولا يكونلها موطرح فيها، داي دواها وحلها الوحيد الموت وانها تندفن هي وأمها كيف ماكانو الكفار يعملو زمان، دول طلع معاهم كل الحق فدفن البنته اللي معياجيش من وراها غير العار ووجع القلب. 

خلص كلامه ونتر دراع ممدوح، وغضب الدنيا كلها كان متجلى على ملامحه، وديه خوف ممدوح اللى أول نوبه يشوف عمه كرار بالمنظر ديهه وخلاه يرجع خطوات لورا بخوف، 

أما كرار فقام وقف على حيله، ولبس جزمته وهمل المندره كلها وطلع قاصد شوقيه وهو مش واعى قدامه من القهر، و مش عارف هيقولها ايه، ولا يفهما اللي جرا كيف وهو ذات نفسه مش فاهمه! ومتوكد ان مفيش حد على وش الارض هيصدق ان وحده تحبل وتولد وأهل البيت اللي عايشين معاها ليل نهار ميدروش بيها!

***

اما ممدوح ففضل واقف موطرحه مصدوم من اللي عمه كرار قاله ومن شكله المخيف، وكل اللي جه فباله ان عمه عايز يموت بته ويدفنها صوح، وبعقل عيال صغيره جري عالبيت، وأول حد استنجد بيه هو أبو دراع، 

اللي برغم صغر سنه الا أنه عارف ومتوكد كيف أهل البيت كلهم، أن لو عمه هيعمل مصيبه مفيش غير ابو دراع بس هو اللي هيتصداله ويوقفه عند حده. 


وصل ممدوح عند ابو دراع اللي كان قاعد ع المصطبه قدام بيته، وبصوت متقطع ونفس نهجان قاله:

-عم ابو دراع الحق.. عمي.. عمي.. عمي كرار عايز يدفن بته الصغيره، وحتي امها يدفنها معاها، ومرضيش يجوزهاني وقالي انها غريبه ومش بت عمي، والبت حلوه ياعم وخساره تندفن، وحتى مرت عمي شام خساره يموتها هي كمان عشان حلوة برضك وغلبانه قوى والله، أمانه عليه تقوله هملهم واني هحوش مصروفي واشتري منيه ربيعه واخدها وميبقالوشي دعوة بيها. 

ابو دراع كان مسنود على الحيطه واتعدل وهو عيسمع حديت ممدوح وللأسف مستغربش ولا حرف منه؛ لأن كرار يطلع من تحت يده يعملها ولا يرفله جفن؛ عشان قلبه مات، وكمان عشان شام محداهاش حد يدافع عنها ولا يوقف لكرار، وأبوها اغلب من الغلب ومغلوب على أمره. 


فقرر انه من اليوم وطالع هينقض عهده مع روحه اللي اتعهد فيه انه مش هيتدخل فمشاكل العيله داي مره تانيه  وخصوصي مشاكل كرار اللى معتخلصش،

لكنه قدام ظلم بين بالطريقه داي مستعد ينقض كل العهود. 

بص لممدوح اللي كان واقف وعلى وشه علامات الخوف والرعب وطمنه بإبتسامه وهو عيقوله:

تخافش ياممدوح عمك مهيقدرشي يقرب ناحية بته ولا ناحية مرته اني مهخليهش. 

رد عليه ممدوح بعد ماعلامات الخوف اتبخرت من فوق وشه وقاله بفرحه:

صوح ياعم.. طيب وهتخليه يعطيهاني اتجوزها؟ 

رد عليه ابو دراع بنفس الابتسامه لكن كساها الوجع وغلفتها الحسره:

له عاد يا ممدوح داي فعلم الغيب ياولدي وتبع النصيب، وصدقني لو كنت كبير هبابه كنت نصحتك وقلتلك اياك تعلق روحك بمخلوق وتحط قلبك فأيده، وهو ذات نفسه أمره مش بأيده، 

بس بأذن الله ربنا مايكتب عليك لوعة القلب ياولدي ولا يعلق قلبك باللي مش ليك. 

خلص كلامه وقام طلع يشوف كرار فين ويستفسر منيه عاللي سمعه من ممدوح وعالاحداث الغريبه اللي عتجرا من امبارح في البيت، وعن البت اللي كنها اتولدت من العدم داي، ولكنه ملقيهش في المندره، فقعد يستناه لحد مايرجع، 


***

اما ممدوح فعاود للبيت، وراح قعد جار شام وبتها ورابض جارهم، وكل هبابه يبص لربيعه وكل ماتحرك وشها ولا تعمل حركه بملامحها، ووشها لونه يحمر يضحك عليها. وحتى اخوه ووادعمه انضمو ليه وقعدوا طول النهار فاوضة ستهم عديله مرابطين متحركوش من جار البت كيف اللي لقولهم لعبه جديده وفرحانين بيها. 


اما حدا همام وبسيمه

عزام وابوه قوام قوام  نقلوا همام  بالعربيه الكارلوا بتاعتهم للوحدة الصحيه عشان يلحقوه، ومن هناك دكتور الوحده طلبله اسعاف من البندر على وجه السرعه لما شاف حالته. 

أما أمه لواحظ واخواته البنات وحتي بسيمه عاودوا عالدار، واخواته وامه نصبوها جنازه كنهم اتوكدوا انه مات خلاص، والناس كلها جات تجامل وتصرخ وتولول معاهم. 

أما بسيمه فهملتهم ودخلت الاوضه وهي حاسه بخنقه وديقه والدمعه محبوسه فعينها، مش حزن عليه؛ لان هو كشخص ميهماش فحاجه ولا يعنيلها، لكن احساسها بالذنب لان دا حصل بسببها، وبسبب ان همام حابب يتقرب ليها، ورغبته بالقرب هي اللي ودرته وخلت حياته تنتهي وهو عيحاول. 

وبرغم كل اللي عمله فأختها الا أنها في اللحظه داي مفتكرتلهوش غير اهتمامه بيها وسهره جارها، وبصته عليها طول الليل كيف اللي حارس كنز ثمين وطول ماهو قاعد مش مصدق انه يمتلكه..شعور متضارب اجتاحها بين قمة الكره وقمة الشفقه والتأنيب، والاتنين متساويين في القوة! 

غصت هبابه وبعدها استجمعت قوتها وطلعت راحت عالموطبخ وقعدت فيه، وطلعت كل احساسها بالذنب فجلي المواعين وترويق الموطبخ؛ لدرجة انها محستش بروحها وهي عتقلب الموطبخ فوقانى تحتاني، وتغسل كل حاجه فيه، 

وفضلت عالحال ديه لغاية ماعاود عزام من البندر بالخبر اللي صعق الكل وأولهم بسيمه. 

همام اتصاب في عموده الفقري اصابه جامده وكسور في كل جسمه والدكاتره قالو ان حالته صعبه خالص ومحتاج يدخل عمليات فوراً، والمستشفى العام مفيهاش امكانيات ولازمن يدخل مستشفى خاصه. 

امه سمعت الكلام ديه ورقعت بالصوت هي وخواته البنات التنين، وجاملتهم الحريم اللي صوت صراخهم جاب باقي حريم البلد اللي مسمعتش بالخبر، أما بسيمه فدخلت اوضتها وبصت علي السرير موطرح ماهمام عيكون دايماً قاعد وباصصلها، واتخنقت بالدموع لكنها رفضت رفض تام ان دموعها تنزل وتعلن عن ضعفها، ولجمتها فعيونها وخدت نفس جامد ورددت لروحها.. أني  مغصبتهوش ولا طلبت منيه يعمل حاجه عشاني، واللي عملو كان بخُطره وهو الوحيد المسئول عنه، ولامت حالها حتى على الشفقه عليه وقررت انها لازمن تتخلص من احساسها بالذنب؛ عشان ميهلكهاش؛ وان همام مش اهل للشفقه واصل. 

وبعدها ربطت الربطه علي راسها زين، وطلعت من الأوضه، وسمعت عزام اللى اخد امو علي جنب بعيد عن الحريم، وعيطلب منيها فلوس لعلاج همام،

وفوراً امه ابتدت تولول وهي عتقول بحسها العالى: 

اجيب منين، وإيه حيلتنا ياولدي وجاتنا من وين الفلوس داي كلها، كانت تتكلم وتبكى وتبص عالنسوان اللي في البيت بإستجداء كأنها عتطلب منهم المعونه،

والوضع ابداً معجبش بسيمه، وبدم حامي دخلت اوضتها جرى، وفتحت صندوقها وطلعت من بين خلجاتها صرة الفلوس اللي كانت خافياها، وخدت منيها مبلغ كبير ودست الباقى، وطلعت عطته لعزام قدام الكل وهي رافعه راسها وقالتله بحسها العالي اللي سمعت بيه كل الموجودين:

عتطلب ليه من امك وانت خابر انها محدش عيعطيها فلوس، وان فلوس اخوك عيدسها معاي؟ خد دول ولو عوزت حاجه تانيه اخوك معاه كتير تعالا خد تاني، علاجه زين ومتقصرش وخلي الفلوس اخر همكم انت وعمي الخير كتير والحمد لله. 

قالت كلامها وبصت للواحظ حماتها اللي كانت عينها هتطلع عالفلوس اللي فيد عزام، وكيف ماتكون عايزه تخطفهم من يده، مع انهم لعلاج ولدها! 

استغربت بسيمه لموقف حماتها، ولاحظت كمان ان هي بس اللي استغربت حال لواحظ، والظاهر ان الكل خابر ان الفلوس حداها اغلى حتي من ضناها عشان إكده لهفتها وريقها اللى جرى عالفلوس مشافوهاش غريبه. 


طلع عزام بالفلوس قوام بعد، وبسيمه هملت الكل، ودخلت اوضتها مره تانيه، وللحظه حب ضميرها يأنبها علي مساعدتها لهمام، وخصوصي ان المساعده من الفلوس اللي خدتهم منه شام اختها تمن لعرضها اللي هتكه، 

لكنها قوام بررت لضميرها ان داي حاله انسانيه وكمان الفلوس داي رفضت شام تاخدها، واهي عاودت لصاحبها. 

وغير ديه وديه مرضيتش علي جوزها اللي حتي لو جوزها بالأسم بس ان امه تشحت عليه من الخلق، وتقل من قدره وبالتالي بسيمه هيتقل من قدرها، وهي كله الا صورتها وكرامتها قدام الناس، ولازمن راسها تفضل مرفوعه دايما ومتنزلش لاي سبب كيف ماتعودت فبيت ابوها وكيف مارباها على رفعة الراس. 


***

أما حدا بيت العمده

كرار:

-وحق لا اله الا الله ياشوقيه اللي عقولهولك هو اللي حوصول بالظبط من غير زياده ولا نقصان، عارفك مش مصدقاني وكل الحق معاكي، أصل مفيش عاقل يصدق الكلام ديه، بس والله العظيم هو ديه اللي حوصول، 

وانى ماكنت اعرف ان بت المحروق داي مصقطتش ولساها حبله والبت فبطنها قاعده الله ياخدها هي وبتها فساعه وحده ويخلصنى منهم. 

شوقيه بغضب:

-اخرس ياكرار ومتنطوقش بكلام ميتصدقش من عقل عيله صغيره، قول انك غاويها ومبعدتش عنها وانك عتقول انك مبعد بالكدب عشان تضحك على عقلي، قول انك حاببها وانك مكنتش عتمسك حالك قدامها وكنت مستغفلني وعتضحك على عقلى واني كيف الهبله مصدقاك. 

كرار:

- له وغلاوتك ماحوصول، واكبر دليل علي كلامي اني لو عقربلها كان عرفت انها حبله، اسألي امي لو مش مصدقاني، اسألي اي حد من اهل بيتنا وهو يقولك ان كرار لا عتجمعه بشام قعده ولا نومه ولا حتي كلمه. 

شوقيه وقفت منتوره وردت عليه بحس عالي:

وكمان عتنطوق اسمها قدامي؟ قوم روح ياكرار ومتفقعش مرارتي اكتر من إكده، روح عاود لمرتك الوالده واقعد جارها نفِسها ووكلها، وشيل بتك وهشتكها.. تتربى فعزك انشاله. 


كرار: ياشوقيه اسمعيني اني.. 

شوقيه:

-مش هسمع حاجه قوم عاود بيتكم ياكرار. 

كرار:

- له مش هعاود هستنى عمي العمده لما يعاود عاوز اتحدت معاه؛ واطلب منه يقدملي معاد الجوازه مش هستنى للسنويه بتاعت ابوى ولا زفت اني. 

شوقيه بزعيق: 

-مفيش جواز من اصلو عشان تقدمه ولا تأخره، خلاص موضوع وفضيناه وجزره وقطمها جحش..يلا على بيتكم ياواد المقاول


كرار: ديه اخر كلام حداكي ياشوقيه يعني؟ 

شوقيه:

-ايوه اخر كلام ياكرار. 

كرار هز دماغه بتفهم وهو حاسس بنار جواه من شام اللي خربت حياته اول وتاني من ساعة مادخلتها، ودايما منغصه عليه فرحته. 

وهم عشان يطلع لكن وقفه حس مرت العمده ام شوقيه وهي عتقوله:

-وقف ياكرار ياولدي متمشيش وانت غضبان، معلهش اعذر شوقيه داي عتقول إكده من غيرتها عليك، والغيره من المحبه، لو مش عتحبك وغالي عليها متغارش ولا نارها تشعلل.

خلصت كلامها وكانت وصلت حدا شوقيه وزغدتها بكوعها وهي عتقولها:

-مش إكده ياشوقيه!

شوقيه بصت الناحيه التانيه متجاهله حديت امها وربعت اديها وابتدت تهز رجلها بغيظ اكنها مش عاجبها الكلام كله، وكرار هو اللي رد على حماته وقالها:


-والله يامرت عمي واني عحبها وعموت فيها،ومستعد احلف بأيمانات الله كلها اني ماكدبتش فحرف واحد من اللي قولته، واني من يوم ماخطبت شوقيه ومن قبلها كمان مااكون قربت علي صخام البرك ولاجيت ناحيتها. 


ام شوقيه: 

-واني مصدقاك ياولدي. 

كرار:

- بس المهم شوقيه كمان تصدقني 

أم شوقيه:

-هتصدقك، غصب عنها، لازمن تصدقك. 

قالتها وبصت لشوقيه بصه خلت ملامحها لانت في التو واللحظه، وردت على كرار بعتب كداب:

هصدقك النوبادي ياكرار، وهعتبر اللي فات مات، بس وعزة جلال الله لو عرفت انك قربت ناحية مرتك مره تانيه ولا شميت ريحتها حتى ليكون ديه اخر اللي بيني وبينك. 

رد عليها كرار بفرحه ولهفه:

وغلاوتك ماهقرب ولا هلفلف حواليها حتى ولا عايز اقرب من اساسه.. ودلوك تعالي ياقمر ١٤ اقعدي جاري هبابه داني مشتاقلك، وبرضك هستنى عمي العمده واخليه يقدملنا ميعاد الفرح اني ممتحملشي يوم تاني تكوني فيه بعيده عني. 

خلص كلامه وقعد عالدكه وشوقيه جات قعدت قباله وابتدت احاديث العشاق والكلام المزوق اللي عيطرب بيه كرار ودان شوقيه عشان يعجبها اكتر واكتر. 


اما مرت العمده فهملتهم لحالهم فى المندره ودخلت الموطبخ وهي مطمنه وبالها مرتاح، وقررت إنها هي اللي هتكلم جوزها يعجل الجوازه داي قبل ماكرار يطير من اديهم، مش هتتكل على كلام كرار بس معاه. 

وبعد حوالي نص ساعه عاود العمده من بره هو وولده اللي ياما كانتله عرايك مع كرار، ورغم انهم لقوا كرار قاعد لحاله في المندره مع شوقيه وديه فعرف الصعايده اكبر عيب وعار الا إن مفيش واحد فيهم فتح خشمه ولا إتكلم، والتنين سلموا على كرار ورحبوا بيه، وقعدوا جارهم، واتكلم كرار مع العمده بخصوص تقديم ميعاد الفرح، والعمده معترضش ووافق طوالي وقال إن خير البر عاجله والحي ابقى من الميت. 

بس هو نطق إكده وإسماعيل اخو شوقيه كأن نار لهبت فيه وعيونه اتحولت لكتلتين لهب كانهم نفسهم يحرقوا كل اللي يقعوا عليه وخصوصي كرار. 


***

عاود كرار للبيت وهو طاير من الفرحه بموافقة العمده على تقديم ميعاد الجواز، ولكنه فنفس الوقت مش عارف يعمل ايه في الطلبات اللي طلبها منيه العمده ومصاريف الجواز، بس قلبه كان مطمن وعيقول لحاله طول ماحوريه أمك فى الدنيا متعتلش هم هي عمرها مااتخلت عنك عشان تتخلا عنك دلوك، واكيد هتتصرف. 

فدخل البيت وإبتدا يتلفت شمال ويمين لحد ماشافها نازله من على السلم، فراح عليها واتجاهل كل الموجودين وشدها من يدها نزلها الكام سلمه الباقيين قوام ووقف قصادها يبلع ريقه اللي نشف من التوتر وقالها:

-ام كرار انتي عتحبيني اكتر حد في الدنيا كلها صوح، وغالي حداكي وليا فقلبك معزه خاصه من يوم يومي صوح ولا اني غلطان؟ 

ركزت حوريه عيونها عليه هبابه بملامح جامده وبعدها قالتله:

- عايز ايه ياكرار قول على طول من غير الرط اللي عيسبق الطلب ديه. 

كرار بإبتسامه:

أمه العمده قدم معاد الجواز وخلاه بعد سبوع من النهارده. 

حوريه ضربت على صدرها وردت عليه بصدمه:

وه، وسنوية ابوك ياقزين، هو كلام عيال ولا ايه، إيه اللي جراله العمده وخلاه يتصربع وهو مباقيش غير حاجه بسيطه؟ هو نسي الاصول ولا ايه! 

كرار:

-بصراحه يمه اني اللي وقعت فعرضه يقدم الجوازه، عشان عرفو إن مرتي خلفت وشوقيه كانت عايزه تفض الخطبه وقالتهالي بس الحمد لله قدرت اكل بعقلها حلاوة وانسيها الزعل وادهلس عليها. 

حوريه بصت الناحيه التانيه وردت عليه بعدم مبالاة:

وليه تعمل إكده ياكرار، بصراحه اني كنت عايزه احدتك في الموضوع ديه واقولك إن شوقيه داى مداخلاشي مخى من أول نوبه شفتها فيها وحكيت معاها وشفت جلعها الماسخ وعينها المقشره، ولا ارتحتلها بعد إكده، وكنت هقولك بلاها منها واشوفلك وحده غيري احلا وأئدب واهدا.. بس إنت كيف مامتعود عالصربعه اتصربعت وطينت الدنيا. 

رد عليها كرار بصدمه واستنكار:

حديت إيه ديه يمه اللي عتقوليه، شوقيه مين اللي اسيبها وغيرها مين اللي تخطبيهالي،إنتي كيف تفكرى فى إكده من الاساس، كيف طاوعك قلبك تنطوقيها وانتي خابره زين اني عاشقها وروحي متشعلقه فيها؟ 

ردت عليه حوريه بغضب:

-مش من توبك ياكرار ولا هتنفعك، وروحك اللي متشعلقه فيها داي هتطلعهالك بت العمده ام عين قويه، انتي عتحدت لموصلحتك ياولدي. 

كرار بإصرار:

-كيف يعنى مش من توبي، له من توبى ونص كمان، ومن غير كتر كلام يمه غير شوقيه مش هاخد، وبعد عنيها مش هبعد، ودلوك هتساعديني في الجوازه ومصاريفها ولا اتصرف أني واتجوز لحالي وحتى في البيت ديه مهقعدش معاكم. 

حوريه:

- وهتتصرف كيف يانن عيني ممكن تعرفني؟ 

كرار:

-هبيع نايبي فالارض ونايبي في المعدات واتجوز بيه. 

حوريه بضحكه:

-نايبك ايه يابو نايب، انت نسيت ان الحجج بتاعة الارض والعقود بتاعة المعدات كلها غارت ومحدش عارفلها طريق ولا ايه؟ نسيت إن محدش عاد يقدر يتصرف فحاجه ولا يبيع حاجه من الارض والمعدات؟ 

كرار:

- على فكره العقود عرفيه والعقد الجديد يمحي القديم، وعادى اني هبيع لحد من اخواتي او ولاد عمي اللي معاه يشيل، وبينا وبين بعض مفيش عقود، يعني ميته ماتظهر العقود تتقطع ويادار مدخلك شر. 

حوريه بخوف:

- اقففل خاشمك ياصخام الحلل انت واياك اسمعك تنطوق بالحديت ديه مره تانيه، ولا تجيب سيرة بيع على خاشمك، الارض والاملاك كلها هتفضل حته وحده لاخر العمر متتقسمش ولا تتبعشك، أيوه ياخوي انتو تبيعو وعيال عمكم يشتروا ويحوزو وفى الاخر تصفوا انتوا بلا شي من تحت خيابتكم وهما يكوشوا على كل حاجه.. واني على جثتي أخلى عيال عدويه احسن ولا اعلى من عيالي إنت سامع ولا له. 

كرار:

- خلاص مادام إكده يوبقى تساعديني إنتِ وتجوزيني شوقيه مادام خايفه عالارض والاملاك كد إكده. 

حوريه بتفكير:

-طيب روح أنت وهملنى دلوك واني هقلبها جوا راسى واشوف هقدر اعمل ايه واتصرف كيف. 

كرار سمع الكلام وبفرحه حضن امه وباس خدها وجبينها وهو عيقولها:

كنت خابر إني مههونش عليكى ياام كرار، كنت متوكد انك مش هيهون عليكي زعل كرارحبيب قلبك. 

خلص حديته وطلع من البيت وهو فرحان والفرحه مش سايعاه، وحتى ماالتفتش ناحية أوضة سته ولا بص عاللي فيها، وديه خلى شام بلعت ريقها بأرتياح بعد ماقضت طول المده من أول مادخل من الباب لحد ماطلع وهي ترجف من الخوف لما وعيت منظره وهو داخل كيف زعابيب امشير. 

وحتى ممدوح فرح وهو واعي عمه كرار طالع من البيت من غير مايعمل حاجه لربيعه اللي من أول ماشاف عمه وهو محاوطها بأديه الصغيره من الخوف عليها أحسن عمه كرار يكون جاي ينفذ كلامه وياخدها يدفنها من صوح. 


***

عديله في الوكت ديه كانت فى الموطبخ عتجيب وكل لشام، وهي داخله بالوكل لتقابلت مع حوريه اللي وقفت فى طريقها وبصتلها بغل وقالتلها:

- طول عمرك ماهينه يامرت عمى ولا حد يقدر عليكي، جبروت وعلى رأي المثل تكتلى الكتيل وتتاويه ومحدش يدرى بيكي واللي يسألك تقولي لا شفت ولا ريت، بقي تدسى وحده حبله فأوضتك وتدارى فيها لحد ماتولد واحنا نايمين على ودانه ومش داريين بالميه اللي عتجرى من تحت مننا، بقى انتى تشتغفلي بيت بحاله حريم برجاله؟ 

ردت عليها عديله بإبتسامه هاديه:

ديه ربك لما يكون رايد لروح انها تاجى عالدنيا عيسبب الأسباب ويسهل الصعب.. رب مريم اللى ساعدها تخفى حملها عن الكل لغاية ماولدت ولدها بخير وسلام هو هو رب شام اللي حفظها من شروركم وعمى عنيكم عنها، وهو رب كل ضعيف ونصير كل مظلوم.. ودلوك اوعى من قدامي هدخل صحن السليقه والفروجه للغلبانه اللي جوه داى تتنفس بيهم، بكفايه إنها ولدت قبل أوانها وعانت المرين لحالها من غير أم تاخدها فباطها ولا أخت تمسك يدها وتطبطب عليها وتزيح الوجع. 

أوعى لا تعرفوا الرحمه ولا مخليين اللي يرحم يقرب. 

خلصت كلامها وزاحت حوريه من وشها بيدها الخاليه، ودخلت لشام اللي كانت شايله بتها عترضعها وعنيها مليانه بالدموع بس الدموع متحجره مانازلاش. 

قربت منها عديله وحطت الوكل جارها وقعدت قبالها عالسرير وبنبرة صوت حانيه قالتلها:

-النفسه متبكيش ياشامه عشان الهدبه متنزلش فعينها، وكمان عشان لبن البت ميتنكدش، وبعدين ياقزينه فيه وحده تبكى وهي شايله عوض ربنا ليها بين اديها، أشكري ياشام بدال ماتبكى، اشكري ربك اللي حافظلك عليها ونجاهالك من خشم الموت كذا مره وجابهالك عالدنيا تكون رفيقة أيامك. 

غمضت شام عنيها فنزلو الدمعتين اللي كانو محبوسين وشهقت بمراره وهي عتحمد ربها وباصه لربيعه، وهمستلها بوجع:

كان نفسي يابتي ستك وسيدك يكونوا معاي ساعة ولادتك وابوي يكبر فودنك بنفسه الطاهر وأمي تاخدك فباطها وتدوقك من حنانها وتفرح بيكي.. كانوا هيفرحوا قوي هما وخالاتك بيكي، خلاتك اللي كانوا هيتعاركوا عليكي مين تشيلك من التانيه.. آاااااه ياوجع القلب.  آااااه ياشوق ميته تهملني وتغيب بوجود الحبايب جارى بس ميته؟ 

خلصت كلامها وابتدت دموعها تتسابق، وحالها قطع قلب عديله وبدال ماكلنت هتسكتها وتواسيها لقيت حالها هي كمان عتبكي زيها ودموعها ينزلو؛ عشان حست بالوجع اللي طالع من جوف شام مع الكلام، وقهرها اللي يقطع القلب الشديد. 


اما شام فغمضت عيونها ودعت علي كرار وعلى همام والسيد اللي كانو السبب فاللي هي فيه ديه، وسألت روحها لو كانت اللحظه داي فبيت صابر والبت داي بته، ومحصلتش حاجه من كل اللي حصل، ياترى كان زمانه عامل ايه دلوك وفرحته كانت واصله لفين؟

***

اما عند همام فى المستشفى

ابو همام:

- اصيله يابت عبصمد والله، اصيله وبت اصل ومن بيت اصيل. 

عزام:

- والله يابه خلتني رفعت راسي قدام الحريم بكلامها اللي قالته وتكبيرها باخوي وبينا، وحده غيرها كانت قالت يغور لجهنم الحمره مالي بيه وبعلاجه اني. 

ابو همام:

- والله ماخابر اخوك عامل ايه فدنيته زين عشان ربنا يرزقه بيها، على العموم يطلع من العمليات ونطمنوا عليه واني بنفسي هشكرها واحب على راسها على وقفتها جارنا وعلى طيب اصلها..بس ادعي معايا ربنا ينجي اخوك ويقومه منها بخير وسلامه ويكون ديه هو تكفيره عن طيشه وربنا يتوب عليه بعد إكده. 


ساعات فضلوا مستنيينها قدام أوضة العمليات، وبعدها طلع الدكتور ووقف قدامهم وجاوبهم على السؤال المعتاد حتى من قبل مايسألوه:

- اطمنوا المريض بخير دلوقتي وحالته مستقره، بس فيه حاجه هقولهالكم ومش عارف هتتقبلوها ازاي بس لازم تعرفوها عشان تكونوا مستعدينلها نفسياً.. المريض احتمال كبير ميقدرش يمشي تاني علي رجليه

ودا معناه انه هيكمل باقي حياته قعيد. 

ابو همام سمع الكلام وخبط بأديه التنين على راسه وهو عيزعق بعلو حسه من الصدمه

يعني ايه ياداكتور؟ يعني ولدي اتششسل؟ 


يتتتبع


بقلم ريناد يوسف


نفق الجحيم الجزء الثاني البارت الثاني


ابو همام سمع كلام الدكتور وصرخ بعلو حسه بقهر رج اركان المستشفي رج، علي ولده البكري وتحويشته لكبره، 

اللي بقي عاجز ومشلول لا حول له ولا قوة، وحتي عزام بكى من كل قلبه على اخوه، واللي المفروض يكون سنده وعونه فالدنيا، واللي ملهمش غير بعض وطلعوا من الدنيا تنين ملهمش تالت،

وبعد ماهديو التنين من الصدمه واتمالكو حالهم قدام همام اللي طلع من أوضة العمليات وابتدا يفوق من البنج، وأول إسم نطقه ومكنش علي لسانه غيره طول الوقت هو اسم بسيمه. 

فضل يعيد ويزيد ويكرر فيه كنه عينادى عليها تجيله، ونبرته فيها توسل كيف مايكون عيترجاها.

بصله ابوه بشفقه وبص لعزام وقاله:

روح ياعزام طل عليهم فى البيت وشوفهم لو عايزين حاجه من بره هاتهالهم، واطلع طل عالمحصول اللي حصدناه وهملناه في الغيط لِمه، ولو مقدرتش لحالك اكريلك نفر يلم معاك.. لمه واحصده مش هيوبقي موت وخراب ديار. 

وانت وجاي هات معاك مرت اخوك، قولها جوزك محتاجك وإسمك مفارقش لسانه، قولها كملي جمايلك يابت الاصول واقفى جاره.

سمع عزام كلام ابوه وهملهم وعاود عالبيت وفضل ابو همام جار ولده يتملى فطوله وشبابه اللي خلاص هيندفن بالحيا وهو لسه ماشاف من الدنيا شي.

❈-❈-❈

ورجع عزام عالبيت بالخبر اللي قضى على الكل، وخلى لواحظ عاودت للصراخ والولوله من تاني بعد ماهديت من بعد ماشيوا حريم البلد وعاودوا لبيوتهم ولمصالحهم، 

من بعد ماجاملوا وواسوا وعملوا الواجب، وحتي بناتها هما كمان عملوا زيها وكل ماتقول كلمه يقولوا وراها كأنها بتلقنهم وهما يرددوا.

قال عزام اللي عنده وسألهم لو عايزين حاجه محدش منهم رد عليه، فهملهم وراح عالغيط يلم المحصول اللي تعبوا عليه شهور، وعلى رأي ابوه مش هيوبقي خراب من كل ناحيه. 

أما بسيمه فدخلت أوضتها من بعد ماسمعت الخبر وهى حاسه بالقهر؛ على اللي هيعيش باقي عمره حبيس الحيطان ومهيشوفش الدنيا من بعد النهارده وهو لسه فعز شبابه، وكل ديه بسببها هي، واتمنت لو انه مات كان هيوبقي احسن ليه واريح من إكده.

قعدت مع روحها شويه تجلد فنفسها على ذنب معيملتهوش، ومن بعدها طلعت من الاوضه لما حست حالها اتخنقت جواها ومبقتش قادره تاخد نفسها، وهي عتتخيله قاعد فوق سريره كيف ماكان يقعد يتأملها، بس الاختلاف إنه من إهنه ورايح هيفضل ملازمه ليل نهار، مش ساعات الليل بس اللي كان يباتهم ويروح الصبح على شغله ووكل عيشه.

طلعت وقعدت في الحوش جار البنات وأمهم، ومره وحده وهي قاعده اتفاجئت بحاجه خبطت فصدرها ونزلت فحجرها، بصت عليها لقتها جزمة حماتها لواحظ!

مسكتها وبصتلها بإستغراب، ولسه هتبص للواحظ شافتها قامت من موطرحها، وجات عليها جري، ومسكتها من قب جلابيتها، ومن غير اي مقدمات لقتها نازله على وشها بكف شديد خلى خد بسيمه ولع نار.

ولسه بسيمه واخداها الصدمه ولسه عتبص للواحظ وتستوعب هي عملت ايه، لقت لواحظ عتقولها من بين سنانها بغيظ الدنيا:

- كله منك انتي يابومه ياوش الفقر، ولدى اتشل بسببك عشان ينول رضاكي ويجيبلك السخماط اللي تتسخمطيه، راح الواد وراح شبابه عشان ترضى عنه وتديه ريق الهى ينشف ريقك ويتمحى إسمك من عالدنيا. 

خلصت لواحظ كلامها وإهنه بسيمه مره وحده انتفضت وقامت وقلبت الوضع ومسكت هي لواحظ من قبها وميلتها عالدكه ومن بين سنانها وبنفس الطريقه قالتلها:

انتي واعيه لروحك عيملتي إيه؟ انتي ضربتيني بالكف على وشي، وقبل منه ضربتيني بالجزمه! 

انتي ضربتي بت عبصمد بالجزمه والكف؟ دانتى أول وحده في الدنيا تتجراء وتعملها، انتى كيف تفكرى فيها حتى؟! 

بالك انتي يالواحظ، اني النوبادى مش هردهملك وهعمل بأصلي واعديهالك واعمل برباية عبد الصمد ليا، لكن وعزة جلال الله لو عيلتى بيا مره تانيه وعبتى عليا من غير مااعملك حاجه ولا ادوسلك على طرف لاكون مسففاكي التراب وانسى الاصل والادب والربايه؛ عشان اللي زيك ولا حاجه من دول تنفع معاها. 

خلصت كلامها ونترت لواحظ من اديها واتعدلت من فوقها وهي حاسه بنار فقلبها من عملة لواحظ وإهانتها ليها، ولفت ولسه هتتحرك اتفاجئت بلواحظ مسكتها من ضهرها ولفت اديها حوالين وسطها، وزعقت بعلوا حسها فبناتها:

مستنيين إيه يافرادى البولغ القديمه،واعيينها زارده امكم وعماله تبيع وتشتري فيها وتتوعدلها وانتوا واقفين تتفرجوا؟ 

اخص عليكم وعااللبن الردي اللي رضعتهولكم، همي منك ليها كتفوهالي وارموهالي تحت رجلى عايزه اشوف مين فينا اللي هتسف التراب النهارده اني ولا بت هييء عبصمد. 

خلصت كلامها والبنات التنين هجموا على بسيمه اللي كانت طول الوكت عتحاول تتخلص من قبضة لواحظ لكنها مش قادره، ومره وحده لقت روحها متكتفه من اديها التنين ومشلوله حركة نص جسمها الفوقاني، ولواحظ فى اللحظه دى فكت اديها من وسطها ولفت قدامها، ورفعت يدها عشان تنزل بيها على وشها، 

لكن بسيمه رمت حمل جسمها كله على البنته لورا، وبحركه سريعه رفعت رجليها ودفست لواحظ فبطنها بكل حيلها وقعتها عالارض، ولفت بدماغها على يد بت من البنات عضـ.ـتها وفلتت دراعها منها، والتانيه لفت عليها وادتها بالروسيه خلتها سابت دراعها ومسكت جبينها وصرخت بألم،

 واتحررت بسيمه منهم، وبسرعة البرق اتلافت سباطه بيد طويله ونزلت بيدها عالبنات التنين فين تاكل فين تشرب وضرب ورا بعضه مقسماه بالعدل بين التنين، بحيث انها مش عاطيه فرصه لوحده تتحرك من قدامها وقاطعه عليهم طريق الهروب، والبتين خَرّوا عالارض راكعين من شدة الضرب، وبعدها نامو طريحه، وبقوا يتقلبوا ويصرخوا من الوجع كيف الطيره المـ.ـدبوحه، وأمهم بصالهم وكل اللي قادره تعمله إنها تصرخ وتقول غيتونا ياناس، وتستنجد بحد يحوش عنهم اللي اتحولت لمارد من مردة الجن، وحتى لون عنيها بقى اوحمر كيف كاسات الدم، ودعكت بناتها دعكه ياعالم هينفعوا بعدها تاني ولا له. 

واخيراً بسيمه وقفت يدها في الهوا بالسباطه اللي اتشرشخت يدها واتقطعت على جسم اخوات همام وهي شايفاهم سكنوا فى الارض لا حس ولا نفس ولا حركه. 

ودورت وشها بحركه بطيئه ناحية لواحظ وهى لسه رافعه يدها فى الهوا بالسباطه، وحركتها وبصتها ومنظرها ومنظر السباطه خلوا لواحظ صرخت ولدلدت فموطرحها عشان اتوكدت إن مصيرها هيكون كيف مصير بناتها وبت عبصمد هتقطع خبرها بالسباطه. 

ومع كل خطوه كانت تخطيها ناحيتها بسيمه كانت تموت من الخوف وتتشاهد فى سرها، واخيراً بسيمه وقفت قدامها ورمت السباطه، ومع رميتها للسباطه لواحظ بلعت ريقها وظنت انها نفدت منها، 


لكنها رجفت بزيادة لما بسيمه قعدت على ركبها قدامها، ومسكتها من قبها وقربتها عليها وبهمس يشبه فحيح الافاعي منذر بعقاب شديد في طريقه ليها قالتلها:

-لما حلفتلك كان لازمن تحطى حلفاني فحسبانك وتعمليله الف حساب، لكن صوح انتى متعرفيش قيمة الحلفان ولا تقدسى القسم، ومفكره إن كله زيك، لكن بت عبصمد هتعلمك ان الله حق وإن الحلفان بعزته وجلاله قسم مايتردش. 

خلصت كلامها ورفعت يدها ونزلت بيها على وش لواحظ بكف بحيلها كله، ومن بعده مسكتها من قبها وهي عتقولها:


لأول مره فحياتي مااحترمش كبير سن واهين اللي من سنك، بس مش ندمانه عارفه ليه، عشان انتي اللي جبتيه لروحك وانتي اللي بدأتي بالإهانه وانتي اللي قليتى قيمة نفسك، ومن إهنه ورايح اللي هيعيل ببسيمه في البيت ديه ميلومش غير نفسه، اني جايه إهنه غصب عني وبيتكم لا موطرحى ولا مكاني، بس اهو النصيب المنيل اللي لمنى عليكم، منه لله ولدك الكلب، بس هدعي عليه هيجراله ايه اكتر من اللي جراله، اهو ربنا عيخلص لحاله، وبدال ماتلومي وشى الفقري اللي شل ولدك لومي ربايتك الخايسه اللي طلعته بلا شرف، وبلا اخلاق، وطلع كيف الكلب المسعور يهبش اعراض الناس في الشوارع. 

خلصت كلامها وقامت وهملتهم ودخلت اوضتها وقفلت الباب عليها، وراحت عالسرير ونامت عليه، ولأول مره تشم ريحة همام ففرشته من يوم مااتجوزته، وديه خلاها تحس بخنقه خلتها نزلت من ع السرير قوام ونامت على فرشتها في الارض. 

❈-❈-❈

ابو دراع قاعد في البيت وتحديداً فأوضة ابوه، وفاتح صندوق ابوه وعمال يلم فخلجاته وكل حاجته ويحطهم في الصندوق، وقبل مايحط الحاجه يتاملها للمره الاخيره ويشمها، 

وفي الاثناء دي سمع صوت كرار وراه عيقوله:

ربنا يرحمه ويصبر قلبك ياخوى، معلهش مع الايام الحزن عيخف وشويه شويه عيروح وعيتنسى والقلب يبرد. 

رد عليه أبو دراع من غير مايبصله:

عمر الحزن عالحبايب ماعيخف ولا الحبيب عيتنسى، وخصوصاً الأب ياكرار، الأب اغلى حاجه فى الدنيا وموته عيكسر القلب والضهر، يمكن انت مش هتعرف حديتي ديه ولا تحس بيه عشان مكانش فيه بينك وبين ابوك الله يرحمه عمار. 

بس اني وابوي غييير، اني كنت كل دنيته وهو كل دنيتي ومكانش لينا غير بعض. 

كرار قرب عليه وحط يده على كتفه سند عليه وهو بيقعد وقاله بعتب:

-فينك منى ياصاحبي وفيني منك، ليه بعدت عنى إكده وحاسس إننا اتغربنا عن بعض، فين اخوتنا ورباط الدم اللي بينا وين راح، ليه تبعد عن ضهري وتهمله عريان ومكشوف للهوا بعد ماكنت سترى وغطاي؟ 

رد عليه أبو دراع بجديه:

أني لساتني زي ماانا ياكرار، لساتنى اخوك ورفيقك وهتلاقيني فضهرك وساندك بكل قوتي ميته ماتميل، أبو دراع عمره مايخون الأخوه ولا يتنكر لرباط الدم، بس اللي اتغير إني فهمت وعرفت وقررت اساندك فأيه، ومااساندكش فأيه، ولو الحق مش راعى مظلمتك مش هقفلك فيها، ولا هدافع عن الباطل عشانك مره تانيه. 

اصل كل واحد هيتعلق من عرقوبه واني مش مستعد اتحاسب على ذنوبي وذنوبك. 

كرار: 

-مش قولتلك اتغيرت ياصاحبى

رد عليه أبو دراع بنفى:

-متغيرتش قلتلك، كل الموضوع اني كبرت وعقلت، اني ٢٣ سنه دلوك يعني خلاص سن الجلع والطيش ولى وراح، وحتى انت خطيت فى العشرين يعني خلاص بقيت راجل ملو هدومك والمفروض العقل هو اللي يسوقك ويحكم كل خطاويك. 


كرار:

-واني عاقل ياابو دراع وعقلي معيشتكيش من حاجه.

أبو دراع بضحكة سخريه:

-إيوه صوح، بأمارة بتك المسكينه اللي عايز تموتها هي وأمها الغلبانه. 

كرار بعصبيه مكتومه:

-متقولش بتي ياابو دراع داي مش بتي، داى شهورها كامله واني مقفلتش ال٧ شهور متجوز بت المحروق داي يوبقي كيف بتي كيييف؟ داى بت زنا زنا. 


أبو دراع ساب اللي فيده ولف على كرار بغضب ومسكه من خلجاته وقاله:

-اوعاك تقول الحديت ديه مره تانيه ولا اسمعك عتتلفظ بيه..بكفياك خوض فالاعراض بكفاياك. 

كرار نتر ادين ابو دراع من خلجاته ورد عليه بإعتراض ميقبلش جدل: 

-له مش هسكت ياابودراع وهتحدت، وهتكلم واقول واعيد، ظلمنى ابوي وخلانى حاسبت على كل المشاريب لحالي، والباقي شرب واتكرع وروح بيته. 

وسكتت وبلعتها ورضيت عشان المشاكل، اتحملت اشوفها قدامي واني كل مااطل فوشها اشوف همام والسيد وهما عيناوبوا عليها، 

وافتكر انها شايله إسمى واتحسر واسكت. دارت عليأ امر حبلها، وخلفتلي بت كامله مكمله ونازله كيف الحنش حسها ملعلع وعامله كيف الطريشه الصغيره ومش عارف مين ابوها، ولا أمها حبلت بيها من مين وعايزيني البسها؟ 

له والله ماالبسها ولا هعترف بيها ولا دمها يتخلط بدمي واصل، ولا هكتبها بأسمي كمان وهتقعد إكده لا ليها اسم ولا صفه ولا حسب ولا نسب. 

ابو دراع بقلة حيله:

-ياولدي حرام عليك حراااام عليك اللي عتعمله ديه حرااام انت عتظلم. 

كرار:

-له مش حرام، وحتى لو حرام اني اللي هتحاسب عليه مش حد تاني، فهملني مني لظلمي ومني للي فعقلي واللي عيمليهوني واللي ناوى عليه مع الفاجر وبتها. 

أبو دراع:

-فشررت ياواد المقاول، مبقاشي اني ابو دراع لو شفتك قربت من البت الصغيره ولا امها بسو، ولوشاورت عليهم بصباع اذى حتى لاكون قاطع فرطك خالص.

ومن غير يمين ياكرار عشان انت عارف كلمتي مش عتتقرن بحلفان عشان تتصدق وتتنفذ، لو فيوم شفت منك ظلم بين ناحية مرتك وبتك لاكون حاطك تحت رجلى ودايسك دوسة صرصار طالع من اعفنها كبينيه.. شام وبتها من النهارده فحمايتي. 

كرار:

-ابو دراع متخسرنيش عشان وحده من الشارع مليهاش اصل من فصل ولا حداها شرف وزانيه. 

أبو دراع سمع الكلمه وبدون وعى ضرب كرار بضهر يده على خشمه خلى شفته نزفت في الحال وقاله بنبرة أمر ميقبلش النقاش:

-قلتلك شام بقت فحمايتي، واللي فحمايتي متتجابش سيرتها بالعاطل واصل، فهمت من اول لطمه ولا اعيدها والنوبادي اوقعلك صفين سنانك الفوقاني والتحتاني؟ 

كرار وقف وبص لأبو دراع وهو عيمسح فى الدم من خشمه بط ف كمه وقال لابو دراع بعتب:

-مش أول نوبه تمد يدك عليا ياصاحبي، شكل يدك استحلِت ضربى! 

أبو دراع بوعيد:

-مش أول نوبه ومش هتكون آخر نوبه ياكرار، واظلم وشوف ودوق منى اللي عمرك مادوقته، واللي كنت عدوقه للناس لاجل سواد عيونك، عشان الظاهر إن اللي اليد اللي تمدت علي خلق الله عشانك ظلم وافترى، هي هى اللي هتخلص حقوق الناس منك وتقتصلهم، وأظن انك دلوك بقيت خابر يدي ودوقتها وجربت هبابه من بطشها، واكيد انت عارف إني ممديتش يدي عليك بربع قوتي حتى، لاني لو طلقت يدى عليك بقوتها هبيدك ياكرار. 


كرار سمع كلام ابو دراع وهمله وطلع من غير ولا كلمه، وراح عالبيت، وبمجرد دخوله سمع حس ربيعه بته عتبكي وصوت بكاها مالي البيت، ووقف قصاد الباب بتاع الأوضه يتطلع عليها وعلى شام اللي عتغيرلها اللفه بتاعتها، وعلى عديله اللي قاعده جارهم وعينها عليهم، ونار غلت فعروقه وهو سامع صوت جواه عيهمسله.. بأن بت الزنا بقت بتك غصب عنك، وهم عشان يروح الاوضه يفش غليل قلبه فشام ويدوقها من القهر اللي حاسس بيه.. لكن بمجرد وصوله لباب الأوضه وقف لما افتكر كلام أبو دراع وتهديده ليه ووعيده، وبص لكمه لقاه مبقع بالدم وفوراً اتراجع وراح علي أوضته واتمدد عالسرير يحلم بشوقيه وباليوم اللي هتاجي للبيت ديه عروسه وتقاسمه فرشته وحياته كلها وتهون عليه كل اللي هو فيه ديه. 

❈-❈-❈


عاود عزام من الغيط على آخر النهار، واتسبح من تراب الغيط، وقال لبسيمه اللي قالهوله ابوه، فى البدايه بسيمه رفضت، لكنها في الاخر وافقت لما عزام وصفلها حالة ابوه وهمام اخوه وأن وجودها هيفرق معاه وديه طلب ابوه. 

فدخلت تغير خلجاتها عشان تروح معاه بعد ماجهزتلهم وكل تاخدهولهم معاها من باب الشفقه اللي مطلعتش من لواحظ ام همام . 

عزام لأمه:

امال فين بناتك يمه؟ 

لواحظ وهي رابطه راسها وقاعده عالدكه ردت عليه بقهر:

خياتك جوه الأوضه متلقحين ومعجونين فبعض عجن. 

عزام:

كيف يعني معجونين؟ 

لواحظ بقلة حيله:

يعني عاملين كيف العجينه لا باينلهم ملامح ولا تعرفلهم يد من رجل الشقايا. 

عزام: وه، وليه إكده جرالهم ايه؟ 

لواحظ: مرت اخوك ضربتهم وعدمتهم العافيه. 

عزام بإستغراب: صوح! وقدرت عليهم لحالها هما التنين كيف؟ 

لواحظ: واني كمان معاهم التالته. 

عزام:

يااابوي.. وعيملتولها ايه لديه كله ياقزانه؟ 

لواحظ: عملها بافعالها هنعملها ايه يعني داي اتهوست لحالها بت المجانين داي. 


عزام بعدم اقتناع: مظونش انها اتهوست وعيملت إكده من غير ماتعيلو بيها انتو فلاول، بسيمه عاقله ومطلعتش منها العيبه من ساعة مادخلت البيت ديه، اكيد بناتك اللي بدو بالغلط وانتي نصفتيهم عالغلط زى عادتك، بس المفروض يعني احنا فظرف محدش فيه فاضي يعمل مشاكل، وحزننا علي همام هو اللي المفروض يشغلنا بس. 

لواحظ بزعيق:

عقولك ايه يازفت انت كمان اني مناقصاكش اني عصعوصي شكله اتكسر ومقادراش الف يمين ولا شمال ولا حامله الكلمه فمخي، فخد اللي متتسماشي داي وغور بيها من البيت وريحني منك ومنها. 

عزام:

-وانتي مش هتاجي تشوفي ولدك وتطمني عليه؟ 

لواحظ:

- يابغل عقولك مقدارش اتحرك مقادراااش، عطتني بالجوز فبطني الفقريه داى، رفصتني كيف رفصة حمار حصاوى خلتني اترزعت على الارض اتكسر عصعوصي، وبعدين اروحله ليه خترف باسمي وقال هاتولي امي، خلي اللي كلت عقله وخلته بلا عقل وشل روحه عشانها هي اللي تروحله وتنفعه. 


خلصت كلامها وكانت بسيمه خلصت لبس وطلعت من الأوضه وهي شايله فيدها سبت حطت فيه وكل لابو همام ولهمام وغيار وشوية حاجات قالت انهم هيحتاجوهم وشدوا الرحال عالمستشفى. 

ووصلوا وبمجرد وصولهم، دخل همام بالسبت قدامها، وهي وقفت بره مرضيتش تدخل، ومش عارفه هتواجه الموقف كيف، وهتبص لعجز همام بانهي عين، بعين شفقه، ولا عين ذنب، لا عين شماته. 

واثناء وقوفها سمعت همام وهو عيأن ويتألم، واول ماشاف عزام سأله بنبرة صوت باكيه:

مجاتش بسيمه معاك ياعزام؟ مرضيتش تاجي مش إكده؟ معاها حق ماهي هتاجي ليه وهتقعد جار واحد عاجز ليه من إهنه ورايح، 

خلاص همام مبقالوشي عازه، واصلاً اني من لاول مليش عازه معاها، بس كنت عحاول، كنت عحاول بأيدي ورجلى وعقلي وقلبي وروحي وبكل اللي اقدر عليه عتقربلها، ودلوك خلاص. 

خلص جملته واتخنق بالدموع، وقبل مايرد عليه عزام، اتحركت بسيمه ووقفت قصاد الباب، وبصت لهمام اللي من اول ماشافها شهق شهقه كأن روحه كانت رايحه وردتله تاني، ومع كل خطوه كانت تخطيها ناحيته كان قلبه يتخبط فصدره من الفرحه تاره ومن القهر عشان هتشوف عجزه تارات. 

وقفت بسيمه قصاده وبعيون ثابته ونظره خاليه من اي تعبير قالتله:

سلامتك ياهمام الف سلامه، ربنا يشفيك ويزيح عنك. 

خلصت كلامها وحادت بعيونها بعيد عنه، لما شافت عيونه لمعت بالدمع، وحبت تديه الحريه لو مكانش حابب انها تشوف ضعفه، لكن همام كان آخر همه إنها تشوف الضعف فعيونه وهي شايفاه فكامل جسمه وبدنه، فقالها بصوت مخنوق:

بقيت عاجز يابسيمه، مهقدرش امشي علي رجلي تاني. 

ردت عليه بسيمه بنبره خاليه من اللين: معلهش ربك واللي كاتبه عاد، وميحقش للمخلوق إعتراض عالمكتوب، بس إنت خليك من الحامدين عشان تاخد الأجر كامل على صبرك واحتسابك. 

رد عليها همام بكسره:

- الحمد لله على كل حال. 

اتحركت بعدها بسيمه على عمها ابو همام ووقفت قدامه ووجهت كلامها لعزام:

طلع الوكل ووكل ابوك ياعزام، كلك لقمه ياعمي واتقوت اني عارفه انك مدوقتش الزاد من الصبح وانت معتحملش الجوع فجبتلك لقمه تاكلها، كل وبعدها قوم روح البيت ريح جتتك هبابه واني وعزام هنقعدوا جار همام ونسهروا عليه بالليل. 


أبو همام رد عليها بإمتنان:

-تسلمي ياأصيله يابت الأصول، صوح الناس عيبان معدنها في الشده، تسلمي علي وقفتك وعلي تعبك وعلى اصلك الطيب يابت الطيبين. 

بسيمه: لا شكر على واجب ياعمي، اني معملتش اكتر من الاصول اللي اتربيت عليها واللي ابوي وامي علموهاني. وكمان عشان خاطرك انت؛ لانك من ساعة مادخلت البيت ومشفتش منك غير كل خير؛ وحطيتك فمقام ابوي واحترمتك، واني الكبير احترمه واحطه فوق راسي طول مامحترم معاي ومداسليش على طرف. 

خلصت كلامها وابتدت هي بنفسها اللي تطلع في الوكل، وسالت لو همام يقدر ياكل، لكنهم قالولها الدكتور قال مش دلوك، فقعدت وسكتت لغاية مايسمحوله بالوكل توكله، اما همام فمن اول مادخلت عليه وانفاسها بقت معاه في الاوضه كيف مامتعود، وقعدت قدامه وهو صافن عليها ونسي كل وجعه، ومبقاش حاسس غير بالحسره بس وهو باصصلها وحاسس انها بقت ابعد من نجوم السما عنه دلوك. 

❈-❈-❈

عدى اليوم بكل تفاصيله عالجميع، وابتدا الليل يتسلل بهدوئه، ووحده وحده بدا ينفخ من روحه الظلام عالدنيا لغاية ماعتمت. 

وفي الاثناء داي حوريه كانت قاعده فأوضتها عتستنى اللحظه المناسبه عشان تطلع عالسطوح تفتح البلاص، وتجيب منيه الفلوس اللي هتجوز بيها كرار عشان يسكت ويهدا ويبطل كل هبابه يقول ابيع ورثي ويخسر ارضه وياخدوها منيه عيال عمه بلوشي. 

استنت لما حست إن الكل نام والوكت اتأخر، وخدت الكلوب وطلعت عالسطوح تتسحب عشان محدش يلمحها ولا يحس بيها. 

أما تحت في البيت:

عديله في الموطبخ:

اشعجب يابدور صاحيه لحد دلوك؟ 

بدور وهي عتفتح في الحلل وتقفل:

مفيش ياستي جعانه ومجانيشي نوم قلت انزل اكلي لقمه عالماشي. 

عديله: لقمه عالماشي؟ ماشي. 

بدور: وانتي ياستي ايه اللي مصحيكي لحد دلوك؟ 

عديله: بت ولد عمك معتخليش حد ينام عماله تسرنك ليل نهار من الجوع لما قالقه منامي ومنام امها. 

بدور بعدم اهتمام وهي عتاكل من الحله:

وايه المجوعها مترضعها امها ولا خايفه تضعف؟ 

عديله: ومن فين فيها لبن الغلبانه عشان ترضعها، اديني جايه اخدلها حاجه تاكلها عشان تحن لبتها شوية لبن يشبعوها. 

بدريه هزتلها دماغها بعدم اهتمام وكملت وكل، وعديله خدت طبق وراحت علي ماجور الرايب ورفعت الغطا من عليه والشاشه عشان تاخد منه لشام، لكنها لقيته فاضي، فبصت علي بدور وقالتلها:

وه.. دا ماجور الرايب فاضي؟ مفيش غيره تحت إهنه يابدور؟ 

بدور هزتلها دماغها برفض، وكملت وكل وعديله قالتلها:

طيب عقولك ايه يابدر البدور ياقمر انتي، متطلعي عالسطوح تتلافى ماجور رايب للغلبانه النفسه داي تكسبيلك فيها وفبتها ثواب. 

بدور رفعت دماغها من فوق الحله وبصت لستها وردت عليها بصدمه:

وه؟ واطلع السطوح دلوك ياستي، انتي عايزاني السع وحي ولا عقرب تلوشني واغور فداهيه في الضلمه داي عشان خاطر الست شام وبتها؟ اخي شاله ماطفحت. 

عديله: متخافيش مفيش حاجه هتلوشك معيتلاشوش غير الزينين، غوري يابدور هاتي ماجور رايب عيب عليكي ستك طلبت منك طلب توبقيش قليلة ربايه خالص إكده. 

بدور بإعتراض: ياستي بس

عديله:

?قولتلك عيب عليكي تزعليني، اطلعي يلا عشان ادعيلك دعوه حلوه فجوف الليل ديه وتكون من حدك ومن نصيبك، روحي الهي عزت يشوفك بت كيف باقي البنات ويعمي عيونه عن كل النسوان ويحببه فيكي انتي بس. 

بدور بفرحه:

الله ياستي عالدعوه داي، طب والله لاروح اجيبلك الرايب عشانها. 

وقوام خدت الكلوب نورته وطلعت بيه عالسطح بالهداوه وهي عتبص تحت رجليها بالكلوب عشان تشوف لو فيه دبيبه تحتها تتفاداها، وبمجرد ماوصلت السطوح، راحت على القُرنه اللي فيها قفص الجريد اللي تحته مواجير الرايب، فنزلت الكلوب ورفعت القفص، وابتدت تهز المواجير بالراحه ماجور ماجور، تشوف انهي واحد اللي لسه اللبن فيه سايل، وانهو اللي جمد وبقى رايب، لغاية مالقت ماجور جامد، خدته وطلعته من تحت القفص ونزلت القفص مره تانيه فوق المواجير،، ولسه عتوطى عشان تشيل الماجور وتمسك الكلوب فيدها وتنزل بيه، بصت من تحت دراعها على النور اللي ظهر فجأة من أوضة الخزين، وبمجرد مابصت شافت حوريه مرت عمها بلبسها الاسود ونور الكلوب متسلط علي وشها مغير ملامحها ومخليها وحده تانيه خالص مخيفه، والشكل مع الضلمه، مع الخوف خلوا بدور صرخت بعلو حسها وقالت عفريت ونزلت تجري حتي مخدتش الكلوب ووقعت على السلم كذا وقعه لغاية ماوصلت الطرقه اللي بين الأوض في الدور التاني وقالت بوه بعلو حسها صحت اللي فى البيت كلهم. 


يتببع 

بقلم ريناد يوسف.




نفق الجحيم الجزء الثاني الفصل الثالث.

 ❈-❈-❈


نزلت بدور تجرى ووقفت في الطرقه اللي بين الأوض، وفضلت تصرخ وتقول بوووه عفريت، لحد ماصحت البيت كله. 

واتلموا على حسها، وأول ماشافت آمها اترمت فباطها وفضلت ترجف وتبكى وتقولها الحقيني شفت عفريت شفت عفريت، وعدويه والكل ملمومين حواليها مش فاهمين حاجه! 

أما حوريه فبمجرد ماشافت بدور وبدور شافتها عالسطوح، اتلغفنت معرفتش تعمل أيه، لكن لما بدور صرخت ونزلت جرى إطمنت إنها مشافتهاش زين، فقوام طفت الكلوب اللي معاها ودخلته اوضة الخزين ودارته تحت الكراكيب، 

وقلعت طرحتها وربطت بيها الفلوس اللي معاها على وسطها تحت الجلابيه، ونزلت خلجاتها وراحت عالكلوب اللي هملته بدور واتلافته من الأرض، وشالت ماجور الرايب على راسها ونزلت على السلم بالهداوه، وأول ماتاقت من فوق الكل بص عليها بإستغراب بما فيهم بدور! 

وقبل ماحد منهم ينطوق سبقت هي ووجهت كلامها لبدور وقالتلها:

-لميته يابدور هتفضلي من غير عقل  إكده؟ طيب لما إنك خوافه ودم داخل عليكي عتطلعي عالسطوح فنصاص الليالي ليه؟ 

منك لله قلقتي منامي ورجفتي قلبي رجف بصراخك وصحتيني من احلاها نومه، وقمت اهجم عالسطوح كيف المنجومه اشوف فين العفريت اللي عتتحدتي عنيه ديه؟ 

وولا لقيت عفريت ولا جن حتى. 

ملقيتش غير الكلوب عالارض، واللي لو كانت اتكعبلت فيه قطه ولا نمسه كانت قلبت السبيرتو اللي فيه عالقش، وهب الكلوب فى القش والجله الناشفه، والنار كلت البيت وكل. 

وكمان ماجور الرايب مرمي بره القفص والدنيا خربانه فوق السطوح خالص! 

بدور بإستغراب:

- طلعتي ميته يامرات عمي؟ 

حوريه: 

-اول مانزلتي تتخبطى اني صحيت طوالي، وجريت عالباب فتحته، ولقيتك عتلدلدي كيف الملسوعه وتقولي عفريت عالسطوح ومواعياش قدامك، طلعت جرى اشوف يمكن حرامي ولابد فوق السطوح عشان يقشط البيت. 

بس طلعت لا لقيت حرامي ولا عفريت، ملقتش غير خيبتك التقيله سايباها فوق السطوح ونازله تتكحرتي كيف المهبوله. 

عدويه بزعيق:

-وانتي إيه اللي مطلعك عالسطوح فالسعادي يابومه، وانتي خابره روحك خوافه وتخافي من خيالك؟ 

بدور ببكا:

-ستي عديله هي اللي قالتلي اطلع اجيب ماجور رايب عشان توكل شام وتحن لبتها لبن عشان جعانه. 

حوريه بغضب مصطنع:

-يقطع شام وبتها اللي دايما قالقينا ومكدرين عيشتنا، اديكي اتزوعتي وزوعتينا معاكي عشان يعجب ستك ويعجب شام ويعجب بتها كمان. 


خلصت كلامها ومدت الكلوب لعدويه اختها بغضب، ونزلت الماجور من على راسها سدحت بيه بتها فكريه على صدرها وادتهولها، وراحت على اوضتها وهي عتاخد انفاسها براحه اخيرا؛ عشان البوليكه اللي عيملتها خالت عالكل، ومحدش قدر يتحدت ولا حد كدبها. 

وبس وصلت اوضتها وفتحت بابها، بصت لقت عديله حماتها واقفه عالسلم وبصالها بصه غريبه، بادلتها حوريه البصه ببصة غضب، وفتحت الباب ودخلت ورزعته وراها،

 وعديله برغم الكلام اللي سمعته، لكن النمره اللي عيملتها حوريه قدام الكل مخالتش عليها، وقلبها قالها إن في الموضوع إن، وراحت على بدور وخدتها من يدها على اوضتها، وقعدتها عالسرير وقعدت قدامها وقالتلها:

-احكيلي يابدور شفتي إيه فوق السطوح بالظبط؟ احكيلي من أول ماطلعتي لغاية مانزلتي. 

بدور رجعت تبكي تاني وترجف وهي عتفتكر المنظر اللي خلى قلبها هيقف من الرعب، وحكت لستها كل حاجه، وعديله كانت عتربط كلام بدور ببعضه وتحلله طول مابدور عتتكلم، وفى الاخر قالتلها:

-يعني العفريت اللي انتي شفتيه كان ماسك فيده كلوب وحاطط حاجه فوق راسه كيف الشال اللي عنلبسوه؟ 

بدور:

-ايوه ياستي. 

عديله:

-طيب وكان جنسه ايه العفريت ديه؟ 

بدور:

-كيف ياستي جنسه ايه يعني، هو اني هسال العفريت على جنسه؟ 

عديله:

-يعني ياهبله كان شكله راجل ولا مره؟ عفريت دكر يعني ولا عفريته نتايه؟ 

بدور:

-مععرفشي فنوع العفاريت، بس هو كان لابس جلابيه حريمى وحاطط فوق راسه طرحه يوبقي عفريت نتايه صوح. 

عديله:

-كان يدي علي حوريه مرت عمك إكده يعني؟ 

بدور:

-له ياستي مرت عمي ايه بس، ديه كان طويل كد النخله وعريض كد الحيييطه، وعيونه حوومررر وباظيين لبره إكده وخشمممه واااسع واااسع يدخل بني آدم، ومناخيره خرومها كااااد الـ.... 

وقبل ماتكمل كانت عديله مدياها بالكف على وشها مسكتاها قبل ماتكمل وقالتلها:

-بسك خررط وفشر اني اصلا عرفت العفريت خلاص. 

قالت الكلمه وقامت وخدت ماجور الرايب معاها ونزلت، وهي عتقلبها فدماغها وتسأل روحها ياترى حوريه كانت عالسطوح في الساعه داي من الليل عتعمل ايه؟ 

ونزلت وكلت شام وقعدت صاحيه تستنى الصبح بفارغ الصبر عشان تدعبس ورا حوريه وتكشف المستور. 

❈-❈-❈


عاود ابو همام من المستشفى للبيت بالليل، وهمل عزام وبسيمه مع همام، وبمجرد مادخل البيت كان متوقع إنه يلاقي لواحظ مرته ميته من الهم والقهر على ولدها، ويكون حالها لا يسر عدوا ولا حبيب؛ عشان إكده مقدرتش تروح مع عزام المستشفي تشوف ولدها، لكنه لقى حاجه تانيه خالص. 

شافها قاعده مهمومه صوح ورابطه راسها وباكيه، بس أول ماشافته هبت فوشه كيف وابور الجاز؛ تشتكى من بسيمه واللي عيملته فيها، وانها مدت يدها عليها وضربتها وضربت بناته كمان. 

وإهنه بس فهم كلمة بسيمه إنها عتحترم الكبير طول مامحترم نفسه، وفهم إن لواحظ ابتدت بالغلط على بسيمه وعملت فيها هي وبناته اللي مقدرتش تتحمله وتسكت عليه. 

فبص للواحظ بلوم وعتب وقالها بنبره حادة:

-بقى الاصول ياللي ماتعرفى الاصول إنك تستفردى بمرت ولدك إنتي وبناتك؟ 


وكمان معملتيش حساب لولدك اللي مرمى في المستشفى بين الحيا والموت وفأشد العوزه لدعوة منك وركعه تصليها تطلبيله الشفا من ربنا، وانتي تهملى ديه كله وتعملى مشاكل؟ 

بقى إنتي أم إنتي؟ 

لواحظ بغضب:

-ياحمدون أني مديت يدى عليها من قهرتي على ولدي عشان هي السبب فاللي جراله، لولاها لكان ركب نخل ولا وقع ولا جراله اللي جراله. 

حمدون:

-ياشيخه حرام عليكي مااحنا كنا قاعدين كلنا سوا، لا البنيه طلبت منه حاجه ولا قالتله اطلع نخل، ولدك اللي مخه ملحوس لحاله وعمره ماعيحسب خطاويه واصل. 

لواحظ:

-مطلبتش بس عيمله عشان يرضيها ويحايلها، وهي لو مريحاه اصلا ومدياله ريق حلو مايرميش حاله في الموت عشان خاطرها، متدافعش ياحمدون عشان هي السبب يعنى هي السبب. 

حمدون:

-طيب وفلوسها اللي دفعتها لولدك ووقفتها جارنا ورفعتها لراسنا وهي مش مجبوره مشفعتلهاش عندك ولا هبابه؟ 

لواحظ:

-فلوسها ايه ام فلوس داي، اصلا فلوس المره هي فلوس جوزها ولما تعطيه وتقف جاره مسمهاش جِبايه ولا جمايل، ديه واجبها والاصول عتقول إكده. 

حمدون بصلها وهز دماغه بسخريه وبعدين قالها:

-له وانتى ست من تفهم فالأصول يالواحظ الصراحه. 

طيب قومى ياام الأصول حميلي هبابة ميه اتسبح الاجسمي واكلني من تراب الحصاد وعفاره قومي. 


وبالفعل لواحظ بدأت تقوم بالراحه وهي عتتألم وماسكه ضهرها، ودخلت تحميله الميه، وهو قعد عالدكه يفكر فالحال اللي وصله ولده، وهل ياترى مرته هترضى تقعد معاه وتخدمه وهي ملحقتش تتهنى معاه، ولا هتقول اروح اشوف حالى واطلق واتجوز، ووكتها محدش ابدا يلومها وعذرها معاها. 

ولو اتطلقت ياترى مصير همام هيكون ايه مع بتين اخوات مهملين معيخدموش غير بالشديد القوى ومسيرهم هيتجوزو ويسيبوالبيت، وأم مهمله اكتر منهم؟ 

قعد يفكر لحد مالميه سخنت وبعدها قام ودخل يتسبح ورمى حموله وحمول ولده ومصيره على رب العباد. 

❈-❈-❈


أما فى المستشفى عند همام:

بسيمه:

- روح ياعزام شوف الداكتور يسمح لاخوك بالوكل ولا له، ولو سمحله تعالى خد السليقه وانزل سخنها عالقهوة اللي تحت وهاتها عشان توكله. 

سمع عزام كلامها وطلع شاف الداكتور، وسمح لهمام بالوكل والشرب، وعزام عاود خد العمود بتاع الوكل نزل يسخنه، وبسيمه راحت علي همام بالميه تسقيه لما قالها إنه عطشان

ولأن اديه كانوا متجبسين التنين فالكفوف وميقدرش يشرب لحاله، اضطرت بسيمه انها تسقيه هي. 

وعشان تعرف قعدت جاره وبهداوة ابتدت ترفع راسه بيدها لغاية مارفعتها المسافه الكافيه، وبعدها قربت منيه الميه عشان يشرب. 

لكن هو فاللحظه دي كان فدنيا تانيه وارتوى بقربها وريحتها اللي عبت انفاسه كأنه شرب نهر النيل كله، ومعادش بحاجة ميه من بعده، ثواني فضلت فيهم بسيمه ماده يدها قدامه وهو مغمض عنيه، وهي الوضع معجبهاش فنهرته بغضب:


-هتشرب ولا معادش بدك ميه والعطش راح اقوم بدال التذنيبه داي؟ 

فتح همام عنيه قوام، وبسرعه شرب من يدها قبل ماتبعد عنه، وكان عيشرب بالراحه وبوق بوق عشان قعدته فحضنها تطول،

وبسيمه للحظه وهي واعياه عامل كيف العيل الصغير على دراعها ومحتاج حنان ورعايه شفقت عليه،

 وبرغم إنها عارفه إنه عيتجلع فى الشرب وفهمت حيلته، الا انها جارته فى اللي عيعمله لحد ماشرب الكوبايه كلها، وبعدها نزلت دماغه بالراحه تانى على المخده،وبس عدل راسه شافت الجرح اللي فرقبته، واللي فكرها بأختها شام واللي عيمله فيها، وحالها وكل اللي جرالهم بسببه، وفلحظه ملامح وشها اتقلبت ١٨٠ درجه ولامت نفسها على شفقتها عليه. 


أما هو فأول ماشاف عنيها عالجرح رفع يده قوام وحطها عالجرح داراه من قدام عنيها، 

وغمض عيونه بوجع على حظه اللي خلى الذنب اللي عيمله وتاب عنه ساب عليه اثر على جسمه،كأنه وشم عار يفكر بسيمه طول العمر بعملته وهو كمان كل ماياجي يناساها بس يشوف الجرح يفتكر كل حاجه. 

راحت بسيمه قعدت بعيد عنه، وشويه ودخل عزام بالوكل، وكان المفروض إن بسيمه هي اللي توكل همام، لكنها قالت لعزام  اخوه يوكله هو، 

وهي قعدت بعيد وربعت اديها على صدرها وسرحت، وحست بالشوق لأختها شام اللي من أول ماشافت الجرح اللي فرقبة همام افتكرتها وهي عتقاسي الوجع، وسألت نفسها:

-ياترى ياشام ياختي كيفك وكيف حالك دلوك، وعامل ايه الزمن فيكي وعاملين ايه الكلاب دول معاكي؟

وفلحظه جرفها الشوق لاختها، وقررت إنها هتروحلها البيت وتعمل المستحيل عشان تشوفها، ولو لزم الأمر هتنط السور من ورا اهل البيت وتتسلل كيف الحراميه، بس أهم حاجه عينها تنضر شام وتتطمن عليها. 


عزام وكل همام وخلص، وبعدها قالهم إنه طالع ينام فى الطرقه، ولو عازوا حاجه يدوه حس وهو ياجيلهم قوام، وهملهم الاوضه كلها عشان بسيمه تعرف تنام وتاخد راحتها فى النومه. 

بس نوم ايه اللي تنامه بسيمه، وهمام بعد طلوع عزام على طول ابتدا يتشال ويتحط وحس بالوجع كله بعد مالبنج فك منيه عالاخر، وحسه بقى جايب لآخر المستشفي، وحتى ابرة المهدىء اللي عطهاله الداكتور مجابتش فيه اي نتيجه، وقعد للصبح يقول ياعين ياليل. 


ومع طلوع النهار اخيراً سكت هبابه وهدى، وقدر يغمض عيونه، وبسيمه وعزام حمدوا ربهم إنه اخيرا بطل صراخ وألم وهينامولهم هبابه، لكن فى اللحظه داى دخل عليه أبوه والشيخ حكيم، اللي جه يشوط عالمعمل، وعرف الخبر وجيه طوالي لهمام. 

حمدون اول مادخل ولقاه نايم اتحدت بحس واطي:

-كيفه دلوك اخوك ياعزام وكيف كانت عشيته ياولدي، والله قلبي بايت قايد نار عليه 

عزام:

- ليلته كانت زفت يابوي بايت طول الليل يهاتي من الوجع وحسه مقلقل المشتشفى كلها. 

حكيم بهمس:

-معلهش حقه، الله يكون فعونه عذره معاه اللي فيه مش هين ياناس، ربنا يجعله فميزان حسناته ويؤجر عليه. 

وبص لأبو همام ومد يده فجيبه وطلعله كل ايراد المعمل بتاع الاسبوع وحطه فيده وقاله:

دول مصاريف المستشفى والعلاج ياابو همام، وهمام من اليوم شهريته طالعه من النهارده لآخر العمر، وأول كل شهر هتتسلمله فيده، يعني متعتلوش هم. 

حمدون:

- ايوه بس ديه كتير ياولدى! 

حكيم:

-مش كتير ولا حاجه ياابو همام، الفلوس اخر حاجه تفكر فيها، ودير بالك على ولدك ومتحسسهوش بأنه خلاص الحياه بالنسباله انتهت ومعادش ليه لزمه فيها. 


هز حمدون دماغه بتفهم وغمض عنيه ونفخ بقلة حيله، لانه خابر إنه مهما حاول يخفف عن ولده، الا إن اللي فيه أكبر من جبر خاطره بكلمه ولا بضحكه فى وشه وإن هو مش عيل صغير. 


حكيم بص لبسيمه اللي كانت قاعده بعيد وعينها عتتنقل مابين حكيم وابو همام وهمام وهي ساكته سكوت تام، وجلى صوته وبص لابو همام وقاله:

بعد إذنك عايز اختى فكلمتين ياابو همام على جنب تسمحلى؟ 

حمدون:

-وه ياولدي عتستأذن إياك؟ كلمها ياولدي كلمتين وعشره وألف كلمه كمان؛ إنت ماعليك حرج ولا لوم إنت من الأول قلت إنك فمقام اخوها والاخ ليه على اخته حق محدش يقدر ينكره. 

خلص كلامه ولف ووجه كلامه لبسيمه وقالها:

-بسيمه قومى الشيخ حكيم عايزك فكلمتين. 

قامت بسيمه بهدوء وراحت عليهم، وطلع حكيم قدامها فى الطرقه وهي راحت وراه، ووقف ولف عليها وخد نفس وبصلها وبهدوء قالها:

-شوفي ياختي هقولك كلمتين مخلصين بعضهم.. انتي خابره إنى خدت حماكي واتعهدت اني مسئول عنك وعن راحتك، ودلوك جوزك ربنا خصه بإبتلاء عظيم، أو خلينا نقول تكفير ذنب، بس مش لحاله المُبتلى بيه. 

انتى ليكي نصيب كبير من الابتلاء، بس انتي مش مجبوره عليه. 

بمعني.. إن انتي يحقلك تتطلقى منيه، بس مش دلوك ومش فى الفتره داي،

هتقعدي معاه عالاقل سنه.

طبعاً مفيش عُرف يجبرك على إكده، ولا فيه من الدين والسنه شي نص على اللي عقوله، بس الانسانيه هي اللي عتحكم في المواقف داي، والاصل هو اللي عيسود القرارات. 

واني خابرك بت اصول وجدعه واصلك طيب.. وعطلب منك إنك تتحمليها السنه داى، مش هقولك بحلوها عشان مهيكونش فيها حلوا. 

واديني عقولهالك.. هتكون كلها مر ومسئوليه وتعب.. بس بعد السنه هيكون همام اتعود على وضعه واتأقلم مع حياته الجديده، وعرف يتعامل مع عجزه ويتعايش معاه. 

هاه قولتي ايه يابت الاصول؟ 

بسيمه ردت عليه بمنتهى الهدوء:

-اني من غير ماتقول ياشيخ مكنتش ههمله وهو فحالته داي؛ مش عشانه ولا عشان حالته ولا يتعود ولا حاجه، عشان الكلام ديه آخر همي، وهو كله اصلا آخر همي. 

بس اني هقعد عشان ميتقالش بت عبد الصمد رديه واصلها ردي وهملت جوزها فشدته، عشان مأخليش إسم ابوى وربايته ليا ينذكروا بالسوء. 

بس ديه اللي هيخليني اقعد واتحمل همام، ومش بس سنه، له داني مستعده سنين اتحمل ولا إن حد يقول عبد الصمد مخلف بت معندهاش اصل. 

اتبسم حكيم وهو عيبصلها وقالها:

-عارفه يابسيمه.. اللي اصله طيب زيك إكده ويعرف فالأصول عمر قلبه مايكون بالقسوه اللي انتي عتتحدتي بيها داي.. اللي تعمل حساب لأبوها وسمعته وسيرته هتعمل حساب اكبر لربها وحسابه، وهتعمل  لوجهه الكريم، وعشان تنول رضاه اللي محدش غيرها يقدر يعمله. 

تسلم البطن اللي شالتك ويسلم اللى ربى وعلم وزرع من طيبة قلبه فيكم شجر طراح يابنات الراجل الطيب. 

ودلوك هطلب منك طلب.. عايزك تاخدي بالك فكلامك مع همام ع الاخر، يعني لاتقولي قدامه كلمة شلل ولا عجز ولا الكلام اللي يتعب النفسيه ديه، ولا تحسسيه بإنه عِجز وبقي معتمد على غيره عشان يعيش. 

ارفعى من معنوياته وفهميه إنه عادي وناس كتير زيه إكده، ديه هيخليه يتقبل وضعه اسرع. 

هزت بسيمه دماغها لحكيم بموافقه، ولسه واقفين موطرحهم شافو لواحظ أم همام جايه فى الطرقه تبكي هي وبناتها، ودخلت الأوضه كيف الأعصار وبمجرد مادخلت صرخت وقالت بوووه.. 

وراحت على سرير همام اللي قام مفزوع على حسها واترمت فوقه وبعلو حسها تبكي وتقول:


-يااااولدااااي ياااااحبيبي،، مكانش ليك الشلل والعجز ياحبيبااااااي،، خلاص بقيت طريح الفرااااش ياولدي ومعادتش ليك قووومه... آااه يابختك المايل ياحبيبياااااي.. ياحظك المنيل دون الناس كلها ياضناي.. وبصت لبناتها وزعقت فيهم بعلو حسها.. ماتصرخوا على اخوكم يابُلغ ساكتين ليه؟ 

وبمجرد ماقالت إكده ولولوا البنته التنين فوق راس اخوهم اللي غمض عنيه وابتدا يون من تاني من الوجع اللي ماصدق إنه ارتاح منه هبابه بالنوم. 


أما حكيم فكان واقف بره هو وبسيمه وشايف الموقف وسامع كل اللي عيتقال، وبص لبسيمه وقالها بيأس:

-بالنسبه طبعاً لموضوع رفع المعنويات ديه تنسيه خالص، وبالنسبه لهمام فالو عالحال ديه مش هيطول وهيموت مقهور علي حاله من عمايل امه وخياته البنات وكلامهم اللي يقطع الفرط ديه. 

خلص كلامه وبسيمه اتبسمت غصب عنها، وقالت الله يكون فعونه، وهو مد يده فجيبه وطلع مبلغ ومده لبسيمه وقالها:

دول من اخوكي خليهم معاكي لو حبيتي تجيبيلك حاجه ولا نفسك هفتك علي شي اشتريه ومتقوليش لحد علي حاجه،الجماعه من إهنه ورايح حالهم هيوبقي حال ومصاريفهم هتتقل بسبب اللي جرا لهمام وعلاجه ومهيوبقاش معاهم. 

بسيمه:

- كتر خيرك ياخوي، بس والله اني معاي فلوس كتير وممحتاجاش شي، وكمان اني عيني شوافه وعمر نفسى ماتطيب على شي ولا اطلب شي من حد واني خابره انه على فيض الكريم، فمن الناحيه دي اطمن، بنات عبد الصمد عينهم مليانه ومقنوعين، واللي شافوه فبيت ابوهم من عز وبغدده، يخليهم يعيشوا عليه العمر كله شبعانين. 


ولوفيوم عوزت اي حاجه والنفس غصب عنها اشتهت شي إنت اول واحد هقوله واطلب منه، وهو اني اعرف مين إهنه ولا ليا مين غيرك اقوله. 

حكيم بإصرار:

- عارف يابسيمه انك شبعانه وعينك مليانه ومعاكي، بس معلهش حتى لو معاكي خدي دول مني ومتكسفيش مدت يد اخوكي. 

بسيمه بإصرار اكبر:

- ماعاش ولا كان اللي يكسف مدت يدك ياخوي، بس الفلوس تروح للمحتاج أولى وأني مش محتاجه، وخابره إنك عتساعد ناس يامه بالفلوس داي، فاعطيهم لحد يفكو زنقته واني ميته مااعوز هقولك صدقني. 

رجع حكيم اديه بالفلوس تاني وهو عيتبسم ويهز دماغه بإعجاب لعزة نفس بسيمه اللي زادت احترامه ليها، واتحرك عشان يمشي بعد ماعمل الواجب، لكن وقفه حس بسيمه اللي قالتله:

مش هتروح تسأل علي اختك التانيه شام ياخوي ولا نسيتها خلاص؟

حكيم اتنهد ولف عليها وقالها:

-له والله مانسيتها يابسيمه بس للأسف مش لاقيلي ليها سبيل وجوزها مقفل عليها كل الطرق ومانع اي حد يوصلها او يعرف عنها شي. 

بسيمه بوجع:

-ولحد ميته هنقعدوا عالحال ديه يعني؟ 

حكيم:

- لغاية ماربك يفرجها ويهدي جوزها، غير إكده مافي في اليد حيله. 

اني اقدر اروحلها كل يوم واقف على عتبة بابها واحاول اشوفها بالعافيه، بس وكتها كرار ممكن يضرب سمعة اختك وسمعتي في الارض، ويقول للناس إن فيه حاجه مش تمام ،والناس تصدق وكرار مليهش كبير يقوله عيب ولا كِخ وانتي خابره انه خسيس ويعملها ويعمل أبوها. 

وإن هو الوحيد مابين التلاته سيد وهمام اللي ربنا خاتم على قلبه ومفيش اي طريقه نفعت معاه عشان يتعدل أو يتصلح حاله. 

بس الامل فربك كبير وماعلينا الا نقول يارب وهو فراج الهموم.. بس يعني هفضل اقولها إن طول مامسامعينش عنها حاجه شينه توبقي بخير.. قولي يارب ياختي قولي يارب وادعيلها وادعي لجوزها بالهدايه. 


بسيمه بيأس: ياااارب، ربنا يهديه عليها يارب

حكيم:

-طيب هروح اني يادوبك اشوف حال المعمل والعمال واعاود البلد، وهقول لابوكي وامك واعرفهم باللي جرا لجوزك ويمكن اجيبهم معاي بكره.. عايزه حاجه مني قبل مااروح ولا حاجه اجيبهالك معاي بكره من بلدكم واني جاي؟ 

بسيمه:

-شالله تسلم وتعيش يارب، معاوزاشي ايوتها حاجه والله، مستوره والحمد لله ومناقصنيش حاجه. 

حكيم:

-انشالله دايما توبقي مستوره ومناقصكش حاجه. 

خلص كلامه ومشى وبسيمه عاودت للأوضه ولقت لواحظ وبناتها لسه محاوطين همام وعيبكوا فوق راسه كيف مايكون ميت وعيغسلوه عشان يشيعوه لمثواه الاخير، وهو ياعيني وشه غدا اصفر كيف الليمونه من الوجع والقهر اللي اتقهره على روحه، وقامت مزعقه فيهم مره وحده:

-مابزياداكم ولوله وعديد عاد ماهو زين اهه وعين الله عليه مافيه الا العافيه، وبعدين بكفايه إن حسه ونفسه في الدنيا مالكم ناصبينها جنازه وعتفولوا عليه ليه؟ 


بعدي عن السرير منك ليها الدنيا شوب وحر وهو متجبس كله خلى نسمة هوا تفوتله متسدوش هوا ربنا من الفوته عليه. 


هي قالت إكده والكل سكت، وحمدون قام يحوش فيهم من حوالين همام يالقوة، كيف مايكون كان عايز يعمل أكده بس مفيش حد مشجعه. 

أما همام فكان عيسمع فكلام بسيمه وقلبه يدق بقوة وهو لامس في نبرتها خوف عليه وشفقه على حاله مشافهاش من أمه واخواته، وغمض عنيه وكرر دعوته اللي دعاها فقلب السما وسط جريد النخل، إن ربنا يخلقله فقلب بسيمه مكان وتحبه ويكونله فرصه معاها، بس سكت وقطم الدعوة وهو عيفتكر حالته، وقال لروحه إنه خلاص معادلهوش اي فرص، وإن قعادها معاها مش هيطول، ايام او اسابيع او شهور بالكتير والفراق محتوم. 

❈-❈-❈


أما عند نعيم وولاده وولاد توفيق قبل ساعات


الكل متجمع في البيت الصبح عالفطور قبل مايطلعوا عالشغل، معروف وعزت وصفوت وسلام وكرار نايم وغايب عن القعده زي مابقى غايب عن الشغل وعن كل جمعه لرجالة العيله.. 


نعيم: هاه ياولاد كل واحد يجيب اللي عيمله امبارح من المعده اللي طلع بيها شغل 

سلام:

- اني اللي عيملتو فولت بيه المعده وغيرتلها تروس ومفضلش معاي اي حاجه حتي معاودتش بحاجه فيدي لمرتي وولدي الصغير. 

معروف كان هيهم يمد يده فجيبه لكن سلام زغده خلاه لم يده تاني وكمل كلام:

-داني حتي الفلوس مكفتش وخدت فلوس معروف كلها اللي اشتغل بيها النهارده كملت بيها. 

نعيم: كيف يعني الحديت ديه؟ 

صفوت وهو عيمد يده فجيبه يطلع ايراد اليوم كله:

-عتحصل ياعمي، وبعدين براوه عليهم إنهم عيصونوا المعده اول باول، بكده عمرها يطول، هيفيد بأيه فلوس شغل يومين تلاته ولا حتي اسبوع والمعده خربانه فيها حاجه، وإنت خابر إن الحديد لو متصلحش اول باول خربانه يوم يوم عيزيد، والمعده تتحول لخرده ملهاش عازه. 

اني الفلوس اللي عيملتها اهي، وعزت عيمل كدهم عشان كنا شغالين مع بعض باللوادر وكبشتي بكبشته، واظون هيغطوا مصاريفنا ومصاريف البيت ويزيدوا. 

وحط الفلوس هو وعزت كلهم قدام عمه وعيال عمه، وابتدا عمهم يعد الفلوس ويقسموها عاللي لازمن يتصرفوا فيه، وكل ديه حوريه واقفه من بعيد وشايفاه، وقلبها قايد نار من هبل عيالها، وهتموت من كهانة ولاد عمهم اللي خلاص حطوا رجلهم على أول طريق الكَنز والحوز، وعيالها قرشهم موهوب للكل معارفينش الدنيا ماشيه كيف ولا الناس عتعمل ايه عشان تعرف تعيش فيها. 


فطروا الرجاله وطلعو وطلعت عديله تتسحب علي الدور الفوقاني ورا حوريه اللي سلتت نفسها وطلعت أوضتها، وهي في الوكت ديه ابدا معتطلعش، وزاد عندها الشك  اللي كلام بدور خلاه استوطن قلبها، وبالهداوه اتسحبت، وبصت من خرم الباب بتاع حوريه، ولمحاسن الصدف شافتها فارده الفلوس اللي جابتهم من فوق عالسرير قدامها على ٤ اكوام وعتعد فيهم، وإهنه رفعت عديله دماغها بإنتصاروهي عتهمس بحس واطي:

ايا حوريه الكلب،وقعتي ياحراميه ولا حدش سمى عليكي. 

واتحركت عشان تنزل بهداوه، وتستنى لما الرجاله كلهم يعاودوا اخر النهار، وتقول لنعيم ولدها وللبيت كله عاللي عينها شافته وتخليهم يفتشوا اوضة حوريه ويمسكوها بالجرم المشهود ويتعرف مين الحرامي ابو يد طويله اللي خد الفلوس. 


يتتتبع 

بقلم ريناد يوسف



نفق الجحيم الجزء الثاني الفصل الرابع


إتحركت عديله من قدام باب أوضة حوريه قوام، وخلاص هتنزل السلم، لقت ممدوح واد صفوت فوشها ععيقولها بالحس العالي:

جده عديله تعالي كلمى شام مرت عمي عاوزاكي تشوفي ربيعه بتها عتبكي وهي معارفاشي مالها ومعارفاشي تسكتها. 


وإهنه حوريه سمعت ممدوح وعرفت إن عديله طالعه لسبب قوي ؛ عشان مش من عوايدها واصل تطلع الدور الفوقاني غير للشديد القوي، ومفيش دلوك أقوى من إنها شاكه فحاجه غلط من كلام بدور وطلعت عشان تتأكد. 

اما عديله فنزلت قوام من خوفها ان حوريه تعرف بأنها فوق، وتحس بأنها عرفت حاجه، واتمنت إن حس ممدوح ميكونش وصلها،

 ونزلت تحت قوام، ودخلت الاوضه قبل ماحد ياخد باله إنها كانت فوق ويقول لحوريه، ومن وسط شكها ضميرها قالها بإن الفلوس اللي شافتها فيد حوريه داي ممكن تكون فلوسها هي محوشاها من ورا توفيق، وإنها لو اتهمتها بالسرقه تكون عتظلمها، وتقف حوريه قدامها يوم القيامه وهي طالباها فمظلمه،لكن رجع عقلها قالها إن المبلغ اللي شافته فيد حوريه كبير، اكبر من مبلغ تحويش.


أما حوريه فبمجرد مانزلت عديله، طلعت عالسطوح قوام، وخدت الفلوس من البلاص، ولفتهم زين بشاشه من بتوع مواجير اللبن وحطتهم فى شكارة سماد نايلون فاضيه، وبعدها حطتهم فصومعة الغله المقفوله، واللي لسه مش هياجي الدور على فتحتها دلوك، ودفنتهم زين فقلب الغله ونزلتهم لتحت بحيث إن حتى اللي يقلب فوش الغله او حتى يوصل لنص الغله ميقدرش يوصلهم، وغطت الصومعه زين وليستها من تاني، ونزلت لأوضتها، لمت الفلوس فى قمطة راس، ونزلت بيها وسط خلجاتها اللي محتاجين غسيل، ملكلكاهم بحيث ماحدش يقدر يشوفهم. 

وبمجرد مانزلت راحت بيهم على اوضة كرار تدسهم فيها، لكنها خافت تجرا حاجه ويلقوهم فأوضته، فغيرت خطتها وراحت بيهم عالموطبخ، وحطت الخلجات على جنب عشان اللي تغسل تغسلهم معاها، ودست القمطه تحت حله فخار مكفيه مش عيستخدموها، وطلعت بعدها قعدت في الحوش عادي. 

وطول قعدتها عينها على عديله وعتحاول تستنتج من بصاتها وحركاتها ياتري شكها وصلها لفين، وهل كشف المستور هيكون علي يدها هي ولا ايه؟ 

وبعدها استبعدت إنها تكون عارفه حاجه، لانها لو كانت عرفت كانت فضحتها في التو واللحظه وفضحت سترها، فبدأت تتصرف عادى، وطردت الخوف من جواها، وابتدت تمارس سلطتها عاللى في البيت بشكل طبيعي وتدى أوامرها لدي ودي وتقسم المهام. 


طلعت عديله من الأوضه بتاعتها بعد ماحوريه غابت عن نظرها، وشافتها عتتمشى في البيت بمنتهى الاريحيه ولا كأنها عامله عمله، 

فمقدرتش تتمالك حالها، وبلؤم إتكلمت كأنها متقصدهاش بالحديت:

- واد ياممدوح، اني شفتك وإنت عتاخد الحلاوه بتاعة اخوك بدري من وراه، ولما سألك قولتله مشوفتهاش، إنت إكده بقيت حرامي ياستي، والحرامى عتحصله حاجتين، يتفضح في الدنيا، ويروح جهنم في الآخره، اوعاك تمد يدك على حاجه مش بتاعتك ياولدي وتستحل مال غيرك، ولا هو العرق دساس ولا ايه؟ قالت كلمتها وبصت لحوريه بنظره ذات مغذى. 


وحوريه لما سمعتها قلبها وقع فرجليها و قربت منها وسألتها بعد مابلعت ريقها واتمنت ان الحديت يكون صدفه مش اكتر:

-قصدك ايه يامرت عمي بحديتك ديه، مين فينا حرامي عشان يطلع واد صفوت زيه ويوبقي العرق دساس؟ 

عديله بسخريه:

-والله اللي على راسه بطحه يامرت ولدي دايما تلاقي يده عليها عتحسس. 

حوريه حاولت تبان طبيعيه وتتغدى بمرت عمها وتطبق عليها مثل خدوهم بالصوت:


-عقولك ايه، لمي لسانك ياعدويه واهمدى عشان مقلبش عليكي وانتي خابره قلبتي زين، بطلي لؤمك ديه إنتي وليه كبيره ورجلك والقبر، واني دلوك مهتحملش منك اللي كنت متحملاه زمان، واللي كنتي متحاميه فيه وكان قاطع لساني وممخلينيش اخد منك حق ولا باطل راح، ومن إهنه ورايح الحرف يطلع من خاشمك بحساب، ومش بس إنتي، له دا كل مره في البيت ديه لازمن تعرف مقامها زين، وتعرف إن حوريه هي كبيرة البيت وسته. 


عديله:

-ايوه ياحوريه فيعي فيها واتحكمي واتجبري ماردادك مات ومسك القرد مفتاح الكرار. 


حوريه:

-افيع ونص وتلات تربع.. وانتي أول وحده هفيع عليها.. داني مغلوله منك غل الزمان.. ومن إهنه ورايح أسمع حسك يبرطم بكلمه ولا يعلي بشتمه مهتشوفيش أي طيب. 


عديله:

-إقربي لمي بس انتي واني اقول علي كل حاجه واقول مين اللي سرق القرشينات وطمرهم وين، واخليكي تتداسي بالبلغ القديمه. 


حوريه بلعت ريقها بخوف بعد مااتوكدت إن عديله عرفت إنها هي اللي خدت الفلوس وقالتلها:


-إعملي اللي تعمليه وقولي اللي تقوليه ولا حد هيصدقك. 


عديله:

-اني مهقولش قول اني حداي البينه.. والبينه علي اللي عيدعى يالطاشه ياام يد طويله ياحراميه.


خلصت حديتها وشافت الخوف بان علي ملامح حوريه، ووشها غدا اوصفر كيف اللمونه وعرفت إنها ضربتها فمكتل، وإن هي اللي سرقت القرشينات صوح، وإن الشك اللي كان جواها بإن الفلوس اللي شافتها معاها جايز تكون فلوسها هي محوشاها من ورا توفيق اتلاشى نهائي، وحل مكانه اليقين بإن حوريه هي الحراميه، وحلفت لتفضحها قدام الكل.. بس في الوكت المناسب مش دلوك.. بعد متلاعبها هبابه، لكنها متعرفش إنها بكده غلطت غلطة عمرها، وخلت حوريه تاخد حذرها.  


دقايق عدت وكانت عديله لساها واقفه هي وحوريه، واقفين قصاد بعض كيف الديوك، كل وحده عايزه تهجم عالتانيه تخلص عليها، لكن قطع لحظة المواجهه كرار اللى دخل البيت، وبمجرد دخوله أمه خدته على أوضته، وقفلت عليهم الباب وقالتله بلهوجه ولهفه، إنها طلعتله تحويشة عمرها كله عشان يتجوز بيها، وقالتله كمان.. إن اخواته لو عرفوا بأمرها هيقاسموه فيها وخصوصي إن عزت هو كمان عايز يتجوز بدور ويلم حاله، والسنويه بتاعة ابوه خلاص كلها شهرين وتتعمل ومهيوبقاش فيه موانع للجواز. 

وإنها لو رفضت تديهم هيزعلوا منها ومش بعيد يقاطعوها. 

وقالته عشان نتفادوا كل ديه الحل فيد نسايبك. 

تاخد الفلوس دلوك وتجري تديها للعمده وتحكيله اللي قولتهولك، وتقوله هاجيلك انى وعمي نحددوا المعاد رسمي كأنه هو  المتعجل عالجواز، وانه يعطيك القرشينات فيدك قدام عمك سلف عشان تكمل الجوازه وتعمل الفرح على اساس انهم دين لما ظروفك تتحسن تردهوله. 


كرار ضحك بفرحه لما سمع كلام امه وبعدها كشر وسألها:

- إيوه بس العمده هيرضى باللف والدوران ديه ويكدب عشاننا؟ 

حوريه:

-هيرضى وهيوافق متقلقش، ولو مرضيش اني بنفسي هروحله وافهمه.. ولا اقولك اني هاجي معاك عشان احنا التنين نفهموه زين، واني اعرف مااخليه يرضى ويقول اللي إحنا طالبينه منه.. يلا يلا مفيش وكت هم بينا. 

خلصت كلامها وراحت عالموطبخ جابت صرة الفلوس بالعجل وهي عتتلفت احسن حد يشوفها، وادتهم لكرار اللي مسكهم وقلبه رقص من الفرحه وهو مش مصدق إنه خلاص ماسك فيده تمن سعادته، وإنه خلاص فاضل عالفرحه تكه.


لبست حوريه ملسها، وطلعت هي وكرار اللي حط الفلوس فسيالة الجلابيه وطلع بيهم من البيت عادي وحتى عديله مخدتش بالها للفلوس، وراحوا قاصدين بيت العمده، وهناك قابلوا العمده واتفقوا علي كل حاجه، والعمده اول ماشاف الفلوس انجعص وحط رجل على رجل وطلب شبكه لبته، وطلبلها مهر مبلغ محترم، وخدهم من الفلوس، وحوريه وكرار مقدروش يفتحوا حنكهم ولا ينطقوا بحرف واحد، ويادوب خلى لكرار من الفلوس حق الخشب اللي هيشتريه وحق الفرح والدبيحه وبس. 

وعاود كرار وأمه وهما صاكين على سنانهم من عملة العمده اللي بينتلهم قد ايه عنده طمع وخسه 

❈-❈-❈


عاودت حوريه للبيت وكرار راح عالمندره وقعد فيها لانه من ساعة مااتولدت بت شام وهو مش طايق البيت ولا طايق يسمع حسها فيه. 

وبمجرد مادخلت البيت وقفت قصاد أوضة عديله وابتسمتلها بإنتصار، وعديله من البصه والابتسامه فهمت إن الحيه عرفت تفلت من بين إيديها وترجع لجحرها وتأمن نفسها. 

وبناء عليه، قررت إنها تاخد بالها منها مليح، لأنها دلوك عتجهز روحها وتستحضر سمها عشان تلدغها اكيد بعد ما اتوكدت إنها عرفت سرها..ولامت روحها على غلطتها اللي كانت غلطة الشاطر. 

❈-❈-❈

عاودو الرجاله من شغلهم، وقعدوا كلهم في الحوش بتاع البيت ينتظروا الغدا يتحط، وحتى كرار لما شافهم رجعوا، جه معاهم عالبيت يتغدا ويشوف إيه اخر اخبار الشغل، وعيشتغلوا فين طول اليومين اللي فاتوا، وكمان يقولهم ويقول لعمه علي ميعاد جوازه اللي اتقدم، وياخده للعمده عشان يحصل اللي اتفقوا عليه هو وامه، ويتم التمام على خير والبعيد يقرب. 


الوحيد اللي اتخلف عنهم ومعاودش معاهم هو عزت، اللي قالهم هيروح البندر يشترى حاجه ضروريه ويعاود. 


قعدوا الرجاله واتغدوا كلهم سوا وبعدها كرار قال لعمه واخواته عالقرار، ومقبلش من حد فيهم نص كلمه ولا ذرة عتب ولا سمح لحد فيهم يعترض، وقالهم إن الامر منتهي، وهما قصاد اللي شافوه منه من تصميم وإصرار وعند وافقوا مغلوبين على امرهم. 

وعمه قاله إنه هيروح معاه، بس العتب عالعمده على العمله الخسيسه داي مش هيسقط واصل. 

وخصوصي إنه عشان يكمل الجوازه هو اللي هيدفع فلوسها كلها من جيبه ويداين عريس بته عشان يتجوازها، وداي لا حوصلت قبل سابق ولا عتحصل فعرفهم. 


وبعد ماخلصوا غدا وكلام وحديت، كل واحد قام يشوف اللي هيعمله، اللي دخل يرتاح دخل واللي طلع عالجنينه يشوط عليها وع الارض طلع، واللي عاود للمندره عاود. وفضى الحوش من الرجاله ومفضلوش غير الحريم يجروا كيف النمل في البيت بناء على اوامر حوريه. 

وبدور طلعت لأوضتها بعد نص يوم شغل وخدت معاها الخرفشه والليفه وزيت الزيتون والفازلين والجاز وطلعت تعمل روتينها اليومي اللي عتستعد بيه لجوازها من عزت اللي مفاضلش عليه غير شهرين وكام يوم. 

❈-❈-❈

عاود عزت من البندر، ودخل الجنينه وهو شايل شنطه سوده داسسها تحت باطه وعيتلفت حواليه كيف الحرامي، ودخل علي البيت وكمان اتلفت شمال ويمين واطمن لما ملقاش حد واصل فى الحوش، واتقدم بخطوات سريعه ناحية أوضة سته عديله، ووقف قدامها متسمر وعيونه كانوا هيطلعوا من موطرحهم، وخشمه اتفتح على آخره، وهو شايف شام غفلانه وعترضع بتها وباب الأوضه مفتوح ومساتراش حالها. 

دقيقتين يمكن أو اقل وقفهم عزت قبل ماشام تنتبه لوجوده، لكنهم كانوا كفيلين يخربطوا احواله ويخلوه يضيع عقله،  وانتبه لما شام لملمت حالها وبزعيق قالتله:

- عزت! واقف حداك عتعمل ايه، وايه اللي موقفك إكده من الاساس؟

خلصت شام كلامها وعديله التفتت لعزت، وقامت عشان تشوفه عايز إيه وواقف ليه على باب الأوضه؟ 

وهو كل ديه عيونه متثبته على شام وعيتطلعلها ويتطلع للبت اللي شايلاها على حجرها بتمنى، وعيقول في سره لو كانت داي مرتي اني ومخلفالي بتي، قسما باللي صورها فاحسن صوره كان زماني قاعد تحت رجليها اخدم فيها. 

وصلت قدامه سته عديله، وضربته على خده بقلم خفيف عشان تفوقه من التوهان اللي هو فيه، وسألته بحزم:

-مالك ياواد حوريه واقف إكده ومتسمر  ليه، عاوز ايه؟ 

عزت وهو عيجلي صوته وينتبه لروحه:

احمم، معاوزش حاجه ياستي هعوز ايه يعني؟ اني بس جايب الحاجات داي لبت كرار اخوي، قولت حرام خليها تفرح. 

خلص حديته ومد الشنطه لسته وهو عينه على شام، ولما سته ممدتش ايدها، ولا شام اتكلمت، دخل هو بالشنطه للأوضه وحطها عالسرير جار شام وفتحها وابتدا يطلع منها. 

خلجات صغار للبت، وبزازه، ولهايه، وغيارات داخليه للبت، وبودرة تلج، وشخليله، وطواقي.. وطلع كمان جلابيتين حريمي حلوين، وعصبتين بخبايب صوف ملونه، وجزمه قطيفه حمره انجليزي خلت عيون شام لمعوا من جمالها لما طلعها من الشنطه، وكل دول حطهم قدام شام وقالها:

حمدلله على السلامه ياشام، تتربى فحنانك وفعز ابوها. 

خلص جملته وبص لربيعه اللي على حجر شام، واتبسم وهو شايفها كأنها حته من شام سقطت علي حجرها، برغم انها كد الكف، بس ملامح شام وحلاها كله فيها، ومد اديه عليها وقال لشام بترجى:

ينفع اشيلها هبابه؟ 

بصت شام لعديله، وعديله بصت لعزت، ولما شافته باصص للبت ومتبسم، هزت دماغها لشام بالموافقه، وشام شالت البت وحطتها بين اديه وهو سمى، وميل عليها وحبها وشم ريحتها شمه قويه، وبعدها عنه، واتملى فيها شويه، وبعدها مدها لامها تاني وطلع من غير ولا كلمه،


 ومعارفشي إيه الاحساس الحلو والراحه اللي حس بيها لما شال بت شام، وشاف الرضى فعيون شام وهي شايفه الحاجه، حتي لو منطقتش بحرف. 

طلع من الاوضه وهو مبتسم، وراحت الابتسامه وهو واعي بدور واقفه قدام باب الأوضه وحاطه اديها فوسطها والغضب كاسي ملامحها، وبمجرد ماقرب عليها عزت بنبرة عتب قويه قالتله:

- اني زعلانه منك قوي ياعزت. 

رد عليها عزت بدون مبالاه وهو عيزيحها من قدامه:

- طب ماتزعلي حد حايشك؟ 

بدور كملت كلام وهي عتمشي وراه وهو ماشي ومش مستني:

- ياللي مافيوم دخلت عليا من بره بحاجه، لا بعصبه ولا جلابيه ولا حتى بجزمه كيف اللي جبتها لشام! 

عزت وهو عيقعد عالدكه:

اجيبلك بمناسبة ايه، طب شام والده، انتي ولدتي قبل سابق واني مجبتلكيش؟ 

وبعدين اصبري عليا بس اتجوزك وهتشبعي جزم. 

بدور بفرحه:

صوح ياعزت؟ 

عزت بقرف: وحياة ريحة الجاز اللي كتمت نفسي داي لكل يوم ليكي مني جزمتين تلاته لغاية ماتقولي حقى برقبتي بزياداني جزم..ودلوك روحي هاتيلي لقمه اتغدا وحطيلي بصايه وطلعي الجوزه واغسليها وجهزيها. 

بدور ضربت علي صدرها بصدمه وقالتله:

يامري إنت عاودت لشرب الجوزه تاني ياعزت؟ مش كنت بطلتها لما عمي حرج عليك منها ونسيتها من زمان؟! 

عزت: ايوه بس دلوك لازمن ارجعلها؛ عشان داخل علي مرار طافح ومفيش غيرها هي اللي هنفس فيها غضبي وغيظي. 

روحي اعملي اللي عقولك عليه ومتجادليش، وبعدي من قدامي عشان كل ماعيهب الهوا عيجيب ريحتك لمناخيري وعيخليني عايز استفرغ..غوري يابدور الله يسامح حظي المنيل اللي ربطك فرقبتي روحي. 

لوت بدور وشها بعدم رضى واتحركت من قدامه وهي عتبرطم مع نفسها:

- دايما كاسر نفسي ياعزت دايما.. ورجعت ابتسمت وردت على روحها.. بس يابت ديه عينكشك من محبته فيكي، راجل تقيل مش خفيف ومدلوق وبتاع دهلسه ومحلسه، واد عمك ومها عيمل تتحمليه جاكي ضربه. 

وإبتدت تجهزله الوكل وهي عتغنى وتدندن بفرحه ومتأمله فعزت كل الخير بعد جوازها منه. 

❈-❈-❈

أما في بلد عبد الصمد

دهب ضربت علي صدرها وشهقت بصدمه وقالت:

يامرررك يادهب، ياحظك فبناتك يادهب، ياحزنك وحزن بناتك المفرع ومغطيهم ومغطيكي يادهب.. انت متوكد من الحديت ديه ياعبصمد، يعني جوز بسيمه اتشل والبت خلاص اتعست كيف اختها شام؟ 

له كيف اختها ايه داي اتعست تعسه اكبر من تعسة اختها بقنطارين تلاته. 

عبد الصمد قعد على الدكه بضعف من كتر ماهبط حيله من الخبر اللي بلغهوله حكيم واد الشيخ جاهين وبقهر رد عليها:

-بناتي كيف مايكونوا خدوا قلة البخت اللي فى الدنيا كلها لحسابهم يادهب، اني مبقتش خابر هما عيوحصول معاهم إكده ليه؟ 

إيه الذنب اللي عيملوه وعيكفروا عنه، ولا ايه الذنب اللي عميلته اني ولا انتي وعيخلص من بناتنا، دااحنا يشهد الله عايشينها نتمنوا رضا ربنا وعنقولوا ياستر دارينا. 

دهب: 

-وبعدين ياعبد الصمد، يعني إيه، يعني إحنا خلفنا وربينا وتعبنا ورمينا بناتنا للقهر والمر بالساهل إكده؟ 

مفيش ليهم منفد، مش كفايه شام وحرقة قلبي عليها، كمان بسيمه حصلتها، لطفك ياااارب. 

عبد الصمد:

- هملينا من الولوله ممنهاش فايده دلوك، المكتوب وقع، واللي جرا جرا، جهزيلي حالك انتي وبتك بكره من الصبح هنروحوا ناخدوا بخاطر الناس ونشوفوا بتك وحالها، مع اني خابر بسيمه قويه وجبل مايهزها ريح، بس برضك قلبي قاد نار عليها، واعملي زياره زينه يادهب الناس تلاقي بيتهم اتنفض من الفلوس تنفيض ومبقاش حداهم يجيبوا قوت يومهم حتى. 

خلى بشاير تعمل اللازم انتي مهتقدريش فحالتك داي تعملي حاجه اني خابر. 

خلص كلامه وقام دخل اوضته واتمدد ففرشته وهو حاسس إن نفسه داق من كتر ماحاسس بالقهر على بناته وحظهم.

 

❈-❈-❈

عدى النهار، وجه الليل وعدى هو كمان، والناس المهمومه كل واحد بايت سهران  يفكر فهمه ويتدبر احواله. 

ومع زقزقة العصافير في الصبح بدري وسعيها على قوتها وقوت عيالها، الكل قام على سعيه، وبمجرد ماالنور شقشق قامت بشاير تجهز وتحضر في الزياره،

 وبرغم انها زعلانه عاللي جرا لجوز اختها، وإن اختها اكيد مقهوره دلوك لانها هتشرب المر في الشيل والحط والمداريه، لكنها فنفس الوكت فرحانه إنها هتشوفها وتاخدها فحضنها وتكحل عيونها بشوفتها، واتمنت لو الحظ يغير طبعه الردي معاهم النوبادي ويسمحلهم جوز شام انهم يشوفوها هي كمان، بكده تكون كل الاماني اتحققت والشوق يموت مقتول على يد الوصال. 


جه حكيم في الميعاد اللي قالهم عليه، وخدهم بعربيه اجره كراها وحطوا الزياره فيها وطلعوا قاصدين بلد الحبايب. 

ووصلوا اخيراً عند المستشفى، وطلع معاهم سلم اول واحد على همام واطمن عليه ونزل كمل بالعربيه على بيت همام ينزل الزياره اللي جايبينها نسايبه هناك ويحود عالمعمل يستنى فيه لغاية ماعبد الصمد ومرته وبته ياخدوا قعدتهم مع بتهم براحتهم، ويعاودلهم عشان ياخدهم عالبلد. 

أما بسيمه فبمجرد ماشافت أمها شهقت وجرت عليها اترمت فحضنها وسالت دموعها اللي الكل افتكرها دموع زعل عاللي جرا لجوزها، لكن الوحيد اللي كان خابر إنها دموع شوق ليهم مش اكتر، هو همام، اللي كل دمعه كانت تنزل من عنيها كانت تكوي قلبه كوي. 

بعدت بسيمه اخيراً عن امها وحضنت اختها بشوق لايامهم الحلوه سوا، ايام راحة القلب وخلو البال والفكر، وكملت على كتفها باقي الدموع المخزونه، وبعدها مسحت دموعها وراحت على ابوها واترمت فحضنه وضمته وشدت عليه واتبسمت، كأنها عتقوله عندك إنت ومينفعش الضعف، عندك انت وعشانك إنت بس، كل شي في الدنيا يوبقي هين حتى الضعف.

وهو كمان ضمها على قلبه واتنهد بقلة حيله، كيف مايكون عيرد عليها وعلى كلامها اللي مقالتهوش ويقولها على عيني حالك يابنيتي، وعلى قلبي والله. 


بعدت عنه اخيراً، وفتحتلهم المجال عشان يدخلوا لهمام، ودخلوا عنده وواسوه بكل الكلام اللي عيتقال في المواقف المشابهه للموقف اللي هو فيه، مع إن كل كلام الدنيا في حالة همام لا ينفع يصبر أو يواسي، المصيبه كبيره وربنا وحده اللي قادر يخففها عليه. 

ومن بعد همام سلموا على ابوه واخوه، وقعدوا كلهم مع بعض قعدة ناس طيبه مفيش مابينهم واحد قلبه مشحون من التاني، فبالتالي القبول كان متبادل، والقعده كانت جميله برغم الظرف اللي مجتمعين فيه..وعبد الصمد انشرح قلبه وهو طول الوكت سامع حمدون ابو همام يشكر فبسيمه واصلها ويقوله تسلم ربايتك ويسلم اصلك الطيب، وكان باصص لبسيمه بفخر وشكرها بعيونه وبقلبه الف شكر علي رفعتها لراسه بين الناس، وهي ردت على شكره بإبتسامه حنونه وبوسه على يده كفت ووفت عن كل الكلام. 

أما لواحظ فكانت أسعد وحده فيهم مع انها كانت في البيت مقاعداش وسطهم، لكن سعادتها اتمثلت ففرحتها بالحاجات اللي جابهالها حكيم وقالها إنهم من نسايبها واتملى بيتها بالخيرات اللي نستها ولدها العيان، وحتى العلقه اللي خدتها على يد بسيمه هي وبناتها نسيتها وهي شايله وزتين تحت كل دراع وزه وعماله تلاعب فيهم بفرحه. 


أما في المستشفى فأثناء ماالكل قاعدين، دخل عليهم اتنين راجل وولده، وبمجرد مادخلوا عبد الصمد عرفهم قوام، أيوه ديه السيد وأبوه، اللي المفروض هيتجوز بشاير بعد كام شهر. 

وأبو السيد كمان عرفه هو وولده، وبعد مالسيد وابوه سلموا على همام واطمنوا على صحته، راحوا على عبد الصمد واهل بيته يسلموا عليهم ويعملوا الواجب، وبعد السلام علي عبد الصمد ودهب مرته، وصل ابو السيد بالسلام لصبيه كانت متخبيه ورا امها مش باينه منها غير بس طرف توبها، وسلم عليها وصلى على النبي وسأل عبد الصمد:

بتك التالته داي ياعبد الصمد؟ 

عبد الصمد هزله دماغه بموافقه، وابو السيد كمل.. يعني داي عروسة السيد؟ 

عبد الصمد كمان هزله دماغه بموافقه، ورد عليه ابو السيد.. زينه والله ياسيد ياولدي يابختك بيها. 

وإهنه الفضول هز بدن السيد وخلاه إتحرك خطوه من ورا ابوه ناحية بشاير، ونفس الفضول خلاها هي كمان ترفع عيونها من الارض في إتجاهه، وبمجرد مااتلاقت العيون والسيد شافهم طاح قلبه فى الارض طيحه مابعدها طيحه. 


يتبع


نفق الجحيم الجزء الثاني الفصل الخامس


❈-❈-❈

عدت ساعات اليوم، وكرار خد عمه وصفوت اخوه وراحوا للعمده، وتم كل اللي اتفق عليه كرار وامه مع العمده، وعطى العمده الفلوس لكرار قدام اخوه وعمه نعيم ، وكان عيتصرف على إنه عيعمل فيهم جميله، ورافع مناخيره في السما عليهم، 

نعيم بعتب:

-بس ياعمده يعني مكنتش قادر تصبر الشهرين دول بعد سانوية المرحوم عشان نعملوا فرح كبير يليق ببتك وولدنا ونعرفوا نفرحوا بيهم؟ 

العمده:

-مايلزمش افراح كبيره يانعيم الفرحه في القلب وخير البر عاجله، اني عايز استر بتي واطمن عليها فبيت جوزها قبل مااموت، العمر متضمنش والنفر مننا نفس، لو طلع ممكن ميدخلش تاني، وداي بتي الوحيده وعايز افرح بيها على حياة عيني.  


واظن الكلام ديه ميزعلش ياابو سلام وانت سيد العارفين ان الحي ابقي من الميت ولا ايه؟ 

نعيم:

-والله ماماتت غير الاصول ياعمده، علي العموم اللي يريحك، بس يكون فمعلومك احنا هندبحو ونعشو بس لاهنجيبوا طبل ولا زمر، ولا فيه زفه غير بالطرومبيل بتاعنا من داركم لدارنا عالسكيتي. 

العمده: 

-واني لا طلبت طبل ولا زمر، اني قلتلك الفرح في القلب يانعيم وبس..وكتب الكتاب بعد بكره والفرح الخميس، جهزو حالكم ودبروا اموركم. 

خلصت القعده وانفض المجلس، وروح نعيم مع صفوت وكرار، وبمجرد ماروحوا نعيم وصفوت، زغاريت الفرحه ملت بيت العمده، واتنصبت الافراح وبدأت الاستعدادات للفرح. 

❈-❈-❈


أما في المستشفى

السيد بمجرد ماشاف بشاير اتصنم فموطرحه، والكل لاحظ عليه، ومااتحركش غير وأبوه شاده ومقعده بالعافيه، اما بشاير فبصتله ومشافتش فيه غير صورة شام وهي راجعه فى الليله اياها، لا شافتله ملامح ولا حتى شكل، كل اللي كانت شايفاه فوشه ملامح شام المتألمه وكسرة ابوها. وطول القعده من بعد النظره الاولي مارفعت عينها عليه ولا بصتله، أما هو فكان ياكل فملامحها وطولها بعنيه وكل. 


خدوا قعدتهم السيد وابوه، وهما كمان اندمجوا مع عبد الصمد وحمدون في الكلام عن الارض والزرع والمحصول والشقا، وبعدها استأذنوا وقاموا، السيد يعاود للمعمل، وابوه يعاود للغيط، 

وبعدهم طوالي حكيم خبط ودخل عليهم عشان  ياخد عبد الصمد وجماعته ويروحهم، 

وقفوا كلهم وودعوا بسيمه وهمام وابوه واخوه واستعدوا للرجوع، بس قبلها عبد الصمد خد بته بسيمه على جنب ودس فيدها مبلغ من الفلوس، وبنظره منه مسمحلهاش تعترض بحرف واحد واخدتهم من سكات، وشكرت ابوها وحضنته. 

عبد الصمد وهو عيمسد على دماغها بمحبه:

متعتليش هم يابنيتي واي شي تحتاجيه من إهنه ورايح اني موجود ورهن إشارتك، واللي جرا ديه يابنيتي جايز يكون رحمه من ربنا بيكي، وفرصه تانيه عطهالك عشان لو فارقتي محدش يلومك ولا يعتب عليكي.. بس الكلام ديه لبعدين يابسيمه مش دلوك خالص. 

بسيمه ردت علي ابوها وهي لساها فحضنه:

عارفه يابوي وفاهمه زين، وربنا مش عيعمل حاجه غير لحكمه، واني خابره زين انه ليه حكمه فاللي جرا لهمام، وإن حكمته مسيرها هتبين مهما طالت الايام. 


بعدها عبد الصمد عن حضنه، وخد مرته دهب وبته بالعافيه بعد ماشبكوا بعض هما التلاته وقالوا يابكا،

 وطلعوا من المستشفي هما وحكيم، وقبل مايركبوا العربيه الأجره وقفت دهب وبصت لحكيم وقالتله بترجى:

-أمانه عليك ياولدي خدني لشام يمكن جوزها ربنا يهديه ويخلينا نشوفوها ونطمنوا عليها، إنت ليك قيمتك ويمكن يختشى منك وميردش طلبك النوبادي. 

عبد الصمد بإعتراض:

-بس يادهب بلاها قلة قيمه، جوزها معندهوش ادب ولا حيا وعيهين من غير مايفكر، متخليناش نجيبوا الإهانه للوليد الطيب ديه، همي بينا نعاودوا وشام فرعاية ربها وهو عليها أحن وأرحم. 


نزلت دهب عيونها ونزلت منهم دموع القهر اللي مهانتش على حكيم واصل، وبص لعبد الصمد وقاله:

-معلهش ياعمي خلينا نحاولوا النوبادي، ولعل وعسى يكون ربنا هاديه في الوكت ديه، ويخليه يوافق إنكم تشوفوها. 


بصله عبد الصمد، ومع إنه خابر زين إن اللي زي كرار معيتهديشي واصل، وإن مخه وقلبه قافلين عالشر، لكنه هو كمان شوقه لبته خلاه يحط كرامته علي كفه ويوافق عالمحاوله، حتي لو فيها إهانه ليه، لكن يكفي قلبه شرف المحاوله، وميقفش حاسس بالتقصير قصاد اشتياقه لبته بعدين لأنه محاولش. 


وخدهم حكيم وراحوا كلهم قاصدين رحمة من لا يرحم؛ عشان يحن عليهم النوبادي، مع إن الجواب باين من قبل مايحاولوا حتي وكلهم عارفينه زين، لكن في قانون الشوق والمحبه غير مُعترف باليأس. 


وصلوا حدا البيت ونزلوا كلهم، وكان كرار قاعد في المندره، وبمجرد ماشافهم نازلين من العربيه قام منتور، وجري عليهم، وبحسه العالي قالهم:

هوي هوي، وقف عندك منك ليه ليه ليها رايحين وين إنتوا؟ وكيف رجلكم تعتب إهنه من بعد مانبهت عليكم بالذوق وبالعافيه وبالإهانه كمان، إنتوا جنسكم إيه يابوي، مفيش حداكم دم واصل إكده؟ 


حكيم اتعصب وكان هيرد عليه، لكنه بلع غضبه كرمال مايضيعكش الفرصه اللي عبد الصمد ومرته عيتمنوها بلقى بتهم، ورد على كرار بمنتهي الهدوء:

-جايينلك وطمعانين فكرمك واصلك ياواد الاصول، جايين واقعين فعرض رحمتك لأب وأم أضناهم الشوق لبتهم وحرق روحهم وطالبين منك يشوفوها ويطلوا عليها طله وحده بس. 

كرار بعصبيه اكتر:

-عتتمقلت علي ياواد الشيخ وجاي تحكيلي عالاصل والكرم والرحمه؟! طيب إيه قولتك اني لا عندي اصل ولا كرم ولا رحمه ولا هخلي حد منهم عينه تنضرها، ولا هي عينها تنضرهم، ايه رأيك بقي. 


عبد الصمد بقلة حيله:

-ورأيه هيفيد بأيه بعد كلامك ديه ياولدي.. لله الامر من قبل ومن بعد.. يلا يادهب اظون سمعتي بودنك وشفتي بعينك اللي قلتلك إنه هيطلع من جوز بتك. 

خلص كلامه وهم يركب العربيه، لكن دهب زعقت بعلوا حسها فكرار بكل قهرها وقالتله:

-يااخي إنت أيه ياخي، شوطان ربنا طالقه بين الناس يأذيهم ويعذبهم، دا حتي الشوطان عيخاف من ربه ويتحرق وكت ذكره، إنت ايه اللي يخوفك وايه اللي تهابه لو حتي من ربنا وحسابه مش عتهاب ولا تعمله حساب قولنا؟ 

كرار بعصبيه:

- اقفلي خاشمك يامره انتي بدال مااسكتك بمعرفتي. 

وانتوا يلا خدوا بعضكم وخدوا حريمكم قليلة الحيا داي وغورا مناقصينكمش احنا ولا وقفتكم قدام بابنا تشرفنا. 

خلص كلامه وحكيم عند إهنه متحملش وهجم عليه ومسكه من قب جلابيته، وكرار كمان مسكه من خلاجته، واتعالت اصواتهم بالشتايم، وعلى حسهم طلع ابو دراع من الجنينه يجري ووراه عزت ونعيم وسلام، وشافوا كرار وحكيم ماسكين في بعض والكل سارع يفرق ويحوش، وأبو دراع مسك كرار من وسطه وبعده بحركه وحده سريعه وقاله وهو عيجز على سنانه:

-ضيفك ياقليل النخوه والرجوله، ضيفك وعلى عتبة دارك ياقليل الاصل. 

كرار:

-الضيف اللي اهل البيت كارهينه ومش مرحبين بيه يغور فداهيه ومليهش واجب ولا ليه معامله بالاصل والاصول، قولي بعد ماطردتهم وحلفت عليهم ايه اللي جايبهم تاني بوشهم البارد ديه هااا؟ 


أبو دراع رد عليه وهو عيزيح فيه بعصبيه ويرجع فيه لورا:

-جايين ليهم ٢٤ ضلعه جوا بيتك وبرضاك او غصب عنك فيه بينهم وبينها دم مش هيتقطع لاخر العمر، وبعدين ياخي اكيد سمعوا ان بتهم ولدت وجايين يطمنوا عليها وعلى بتها، وإنت لو حداك قلب ولا رحمه تقدر لهفتهم علي ضناهم، لكن للأسف إنت لا حداك قلب ولا احساس. 


الكل سمع إن شام ولدت، وقلوبهم رجفت وكذا احساس مختلطين ببعض ضربوا اوصالهم، مابين فرحه، لصدمه، لشفقه، لحزن، وكل ديه عملهم حالة ذهول، وخصوصي دهب اللي كانت عتحسبلها باليوم وخابره زين ان ديه مش معاد ولادتها واصل! 

اتقدمت دهب على ابو دراع وهي عتزيح كل اللي قدامها، لغاية ماوقفت قدامه وقالتله بصوت باكي:

-إنت عتتحدت صوح ياولدي ولا عتضحك بالله عليك قولي، يعني شام بتي ولدت؟ بتي ضنت وبقت أم؟ 

بتي اتوجعت وخاضت وولدت لحالها واني بعيده عنها؟ 

مين لما اتوجعت خدها فباطه وضمها لقلبه، ولا مين لما كانت تصرخ وتقول الاه كان يقولها بيا ولا بيكي، مين اللى اتلقى بتها علي اديه اول مانزلت مين. 

أمانه عليك ياولدي تخليني اشوف بتي، انت باين عليك طيب وقلبك اوبيض، أمانه اطل على بتي واشيل بتها بين اديا شاله يسترك دنيا وآخره.

قالتها وقربت من ابو دراع ومسكت طرف جلابيته وميلت حبته، والحركه داي خلت قلبه انفطر عليها وهي عتتوسل وتترجى اللي من دور عيالها؛ عشان يحنوا عليها، 


وناقص توطي تحب علي رجليهم كمان. 

بص لكرار ولساه هينطوق، لكن كرار سبقه وهو عيرفع صباعه قدام وشه بتحذير يقطع بيه اي قرار من ابو دراع:

- اسمع يابو دراع واسمعو كلكم، اني عند الموضوع ديه ومعنديش لا شفقه ولا رحمه ولا عندي غير اللي قولته، ويمين عظيم تاني، وعليا الطلاق بالتلاته لو شام شافت اهلها ولا هما شافوها لتكون طالقه بالتلاته وماتلزمني لا هي ولا بتها وياخدوهم فيدهم وهما ماشيين ومحدش يلفلف حواليا منهم تاني. 

اني قولت اللي عندي واللي حداه رأي تاني يقوله ويعمل بيه ويتحمل نتايجه. 

نكست دهب وشها للأرض بعد ماسمعت حديت كرار، واتحركت بكسرة خاطر، ووصلت العربيه وهمت عشان تدخلها وهي عتدعى علي كرار يدوق من اللي مدوقهولهم، لكن وقفها حس ابو دراع وهو عيقولها:

-استني يمايه.. استنى ياعم.. دلوك هو حلف على مرته يمين طلاق بس محلفش على بتها، ودلوك اني داخل اجيبلكم البت الصغيره تشوفوها، وعايزه يفتح خشمه ويتكلم نص كلمه؛ عشان امرضغه دلوك في الارض قدامكم كلكم واخليه مايسواش فسوق الرجاله بصله واني كدها وهو خابر. 


خلص كلامه واتحرك علي جوه البيت وهو خابر إن كرار مهيقدرش يعترض ولا يفتح خاشمه، خصوصي بعد النظره اللي كان باصصله بيها وهو عيتحدت، كأنه عيقوله لو راجل اعترض علي كلامي ولا امنعني. 


وبعد ما. دخل ابو دراع وكرار بصلهم بنظرة احتقار، عاود للمندره وقعد قبالهم، وفضل باصصلهم بغل كيف مايكون عايز يولع فيهم كلهم مره وحده. 


أبو دراع وصل لعند باب البيت ونده بحسه العالي:

جده عديله، يااااجده،، جده عديله. 


عديله سمعت حسه من جوه الاوضه وقامت ترد عليه وهي مستغربه:

- ديه حس أبو دراع ياتري عاوز ايه مني ممعودشي؟! 

وفتحت الباب وطلعت، لكن حوريه سبقتها لابو دراع ووقفت قدامه وسألته بفضول:

-عايز ايه يابو دراع؟ 

رد عليها من غير نفس ومن تحت ضرسه:

- هو انتي بقى اسمك جده عديله دلوك ولا ايه؟ 

حوريه: له ياخفيف مسميش عديله، بس جايه اشوفك عايز ايه من عديله. 

ابو دراع كان هيرد عليها لكن عديله وصلت عنده وسألته بقلق:

-خيرك ياولدي فيه ايه حوصول ايه؟ 

ابو دراع: هدي ياجده متتفزعيش إكده مفيشي حاجه، اني بس جاي اخد بت كرار لستها وجدها يشوفوها واقفين عالبوابه وكرار مراضيشي يدخلهم. 

حوريه سمعت إكده واتحركت من جارهم وهي عتقول:

عاملينك جاي بخبر مهم اتاريك كيف الفروج معتجبش فرجليك حاجه زينه واصل. 

بصلها ابو دراع بغيظ، وعديله قالتله:

-هملك منها عايبه والعايب معياخدوش عليه، المهم دلوك خليني اروح افرح شام داي هتطير من الفرحه واخليها تطلع ببتها وتشوف اهلها وتفرحهم. 

ابو دراع رد عليها قوام:

-له ياستي شام مهينفعشي تشوفهم ولا هما يشوفوها، جوزها حلف عليها يمين طلاق لو اتقابلت هي وناسها تكون طالقه وياخدوها هي وبتها معاهم. 

عديله بقهر:

الله يقطع حوريه اللي خلفته يارب ويولع فيها ويجحمها موطرح ماقاعده وموطرح ماهتروح. 

خلصت كلامها ودخلت لشام اللي كانت عترضع بتها:

- شامه اديني ربيعه

شام بإستغراب:

- ليه ياجده هتاخديها فين؟ 

عديله:

-هاخدها اقعد بيها في الشمش هبابه وافرد لفتها خلي جسمها يشرب من الشمش ويتقوى وتتشد. 

شام بإستغراب اكبر:

- بت كام يوم تقعدي بيها في الشمس الحاميه دي ياستي؟ 

عديله:

- هاتي البت ياشام وبلاش كتر حديت انتي هتعرفي اكتر مني يعني؟ خلصت كلامها ومدت يدها خدت البت من حجر شام بعد ماسمت عليها، وطلعت بيها تحت انظار شام اللي مصدقتش ولا حرف من كلام ستها عديله، وقامت وراحت وراها وهي حاسه بإحساس غريب، وقلبها عيدق بلهفه متعرفش ايه سببها ولا هي لمين من الاساس. 

وصلت عديله عند ابو دراع وقالته:

-يلا ياولدي بينا عوقنا عالناس، منه لله اللي موقف ضيوف بيت المقاول عالباب كيف الشحاتين وهما اصحاب حق وواجب. 

خلصت كلامها واتحركت، لكن ابو دراع فضل ثابت فمكانه وهو شايف شام واقفه ورا عديله، ورفعت ايدها حطتها على صدرها اللي ابتدا يعلا ويهبط بقوة وعيونها لمعوا بالدموع وهمست لأبو دراع بحس يادوبك مسموع تسأله:

- أبوي وأمي صوح؟ 

أبو دراع كان هينكر لكن حالها عيقول إنه مهما انكر مهتصدقش، فهزلها دماغه بتأييد لكلامها، وهي بمجرد ماشافت حركته داي اتحركت علي بره بالخطوه السريعه، لكن حس ابو دراع الصارم وقفها:

استني عندك ولا خطوه زيادة. 

وقفت شام وبصتله ولسه هتسأله جاوبها وهو عيمد يده ياخد البت من أيد سته عديله:

- انتي محلوف عليكي يمين طلاق متشوفي ناسك ولا هما يشوفوكي، اني هوريهم البت بس وديه اللي قدرت امشي كلمتي علي كرار فيه، أما انتي فالسه ربنا مآنش للحيين بالتلاقي، عاودي ياخيتي جوا البيت واقصري الشرور احسن ليكي وليهم. 

شام بإعتراض وقهر:

-ياناس حرام عليكم ياناااس، فشرع مين ديه بس قولولي فشرع ميين، ليه الظلم ديه بس ليييه، منك لله ياكرار، منك لله، ربنا ينتقم منك ويلعنك عدد مااتمايل جريد النخل مع الهوا. 

خلصت كلامها ودفنت وشها بين اديها وابتدت تبكي، وعديله راحتلها وخدتها فباطها، وابو دراع طلع بالبت وهو ساخط على كرار وعلي قلبه اللي صاير كيف حجر الرحايا، قاسي وعيطحن في الخواطر طحن. 

قرب ابو دراع من البوابه، وبمجرد ماتاق وهو شايل البت، جريو عليه دهب وبشاير، وخطفت منه دهب البت وقربتها علي وشها وشمتها، وبعدتها واتطلعت فيها ودموعها عينزلو عشرات عشرات، وبحس مخنوق من البكا همستلها:

ياكل الهلا بيكي يااعز الولد يارويحة الحبايب، ياتباشير الفرحه، نورتي الدنيا يابت الغاليه، يابوووي على نسل الحبايب قدا ايه غالي وشوفته ترد الروح. 

قالت كلامها ورجعت شمت البت مره تانيه ودفنت وشها فيها ونهنهت بالبكا بوجع، موقفهاش عنه غير بشاير وهي عتاخد منيها البت وتقولها:

بكفياكي يادهب هملي لغيرك ضمه وشمه وشوفه. 

وبمجرد ماخدت البت وطلت فوشها شهقت بفرحه وهي عتقول:

شام.. شام بس علي صغير، ياااابوي عالحلا ديه كله. خلصت كلامها وضمت البت وابتدت حبحيب فخدودها لغاية ماشبعت، ومن بعدها عبد الصمد مد اديه ياخد البت منها، وياخد دوره في السلام علي ضيفة الدنيا الجديده، وبت بت قلبه. 

وبمجرد ماشالها هو كمان وبص فيها اتبسم وهو واعي شام التانيه بين اديه، ورجع بيه الزمن ليوم ولادة شام، ولأول مره يشيلها بين اديه، ونفس الاحساس اختلج قلبه ونفس الفرحه اتسللت لروحه، ورفع البت وكبر فودانها ونطق الشهاده كيف ماعيمل مع شام، وبعدها ضمها لصدره وغمض عنيه وهو عياخد نفس قوي وينفخه بقلة حيله، وبعدها واداها لدهب عشان تشبع منها، وهو واعي عيونها عليها، كيف عيون البسه اللي مترقبه لصيدتها. 

وبص لابو دراع ورفع يده مسد بيها على دراعه وقاله:

روح ياولدي ربنا يروي قلبك من الرضا ويروي بدنك من الصحه وروحك من الفرحه زي مارويت قلوبنا من عطش الشوق بشوفة بت بتنا. 

إبتسمله أبو دراع، وخد نفس براحه وهو واعي الفرحه والسرور اللي دخلوا قلوب الغلابه دول بشوفة بت بتهم، واتعهد لروحه إنه هيعلم كرار الادب من اول وجديد علي قساوة قلبه، وان مكانش هيلين هيكسرهوله علي ميت شقفه. 


عدي وكت كتير، حوالي ساعه والبت عتتنقل من ايد لايد، لغاية ماابتدت تتجدمر وتبكي، ووكتها بس دهب سمحت لابو دراع ياخدها ويعاودها لامها، بس علي عينها سابتهاله، لكنه قبل مايعاودها وقفه عبد الصمد بيها، وطلع من جيبه كل الفلوس اللي معاه، وحطهم في اللفه بتاعة بت شام وقال لأبو دراع:

قول لشام ابوكي عيقولك حمداله عالسلامه ياقلب عبصمد، وقولها الفلوس دول من ابوكي نقطتك ونقطة بتك ياحبيبة قلب ابوكي وحمداله على سلامتك ياروح عبد الصمد واول فرحته.. ولو كنت خابر انها ولدت كنت جبتلها زياره كد الدنيا. 

خلص كلامه واتقدم حكيم هو كمان ودس يده فجيبه وطلع فلوس حطها للبت وسمى وصلى عالنبي على حسنها وجمالها، وبعد عنها وساب مجال لما حس ان دهب فخشمها كلام لابو دراع، وفعلا اتقدمت وبصت لابو دراع وقالتله:

-روح ياولدي الهي يوقفلك ولاد الحلال واللي قلوبهم تشبه قلبك في الطيبه والحنيه ويراضيك لما تشبع قادر ياكريم. 


ابتسملها أبو دراع، ودخل من البوابه، وشام كانت واقفه في الجنينه، وبمجرد مادخل ابو دراع بالبت وعرفت ان اهلها خلاص هيشدوا الرحال وماشيين من غير ماتشوفهم، غلبها حنينها وجريت عالبوابه، وابو دراع لما وعيها جايه عليه جري.. قوام قفل الباب وصك ترباسه عليها، ووقف وسند ضهره عليه، وهي وصلت الباب وابتدت تخبط عليه وتزعق بحسها العالي ونبرة صوتها المقهوره:

ياااابووووي، يمااااا،، يادهببب، ياعبصممممد اتوحشتتتتكم قوي، سمعني حسك يابووووي مشتاقه لقولة يابتتي.. يممممه حضنك وحشني يممممه هموووت على ضممممه.. يابشااااير،، ياااابسيممممه وييينكم هموت علي شوفتكم... اااااخ ياناااااس حسووو بالشوق وخلووو العيووون تتلاقى منكم لرب الشوووق يسقيكم منيه كد ماشربهولنا اني وهماااا يااارب.رحمتك يااارب.. 

منككك لله ياكرار يابعييد.. منكم لله ياللي كنتوا السبب فاللي عيجرالي ديه، صوح الابدان تتلاقى بس الحسوس والقلوب مفيش حد يقدر يمنعها وااااصل.. سامع ياكرررار ساااامع. 


كانت تتكلم بحس عالي شق السكوت، لدرجة إن فيه يمامه معشعشه فوق البوابه طارت من فوق عشها من كتر ماخافت من حس شام العالي. 

أما عبد الصمد ودهب وبشاير، فالتلاته جريو عالبوابه ووقفو وراها وفضلوا يتلمسوا خشبها كنهم عيترجوه يدوب ويسقط لحاله ويكشف عن اللي وراه مأسوره، واللي حسها وصل على قلوبهم كأنه سهام مسمومه قضت على القلوب اللي كانت عتفرفط وتتخبط في الصدور من شدة الشوق والحنين. 

والموقف خلى حتى حكيم قلبه اتوجع، واتمنى لو فيده حكم كرار كان زمانه دلوك عيقتص منيه بحجم القهر اللي وعيه وسمعه من ساعة ماجه إهنه مع اهل شام، ، لكن ماباليد حيله. 


دهب ردت علي شام بقهر:

-بسك يابنيتي بطلي زعيق انتي نفسه يانن عيني، هدي روحك ياحبة القلب القلوب اتلاقت وشمينا ريحتك فبتك، وادينا سمعنا حسك وسمعتي حسنا.. كلمها ياعبصمد وسمعها حسك، قولها تبطل بكا هي عتحبك وعتسمع كلامك. 

حب ينطق عبد الصمد، لكن أول كلمه مطلعتش من جوفه واتخنقت بالوجع، لكنه جلى حسه وبلع غصته ونادى عليها بنبرته الحنونه:

-ياشامتي الحلوه، يابنية قلبي، يانن عين عبصمد، كفكفي دموعك ياغاليه واستعيني بالصبر، وإن كان عالشوق طار نصه اهه بالقرب وسماع الحس، وادينا اطمنا عليكي، مبارك ماجالك ياحبيبة ابوكي تتربى فحنانك وحنان ابوها وفعزكم انتو التنين وعقبال ماتشوفيها عروسه تسر العين والخاطر كيف امها إكده. افرحي ببتك ياشامه واطمني علينا احنا بخير يابنيتي. 

بشاير ببكا:

كيفك يختي وكيف صحتك، عتاكلي زين ياشامه ولا عتهملي فنفسك، كلي ياحبيبه واتغزي عشانك وعشان بتك، مين عينفسك ياحبيبة اختك ومين قاعد جارك وواخد باله منك. 

شام كانت عتسمع حديتهم ونفسها ترد عليهم، لكن من بعد الزعيقات اللي زعقتهم حسها اختفى ومرضيش يطلع، وبس الشهقات تتوالى والعيون عتمطر دمع، والروح رهقانه، وابو دراع لما شاف حالتها إكده زعق بعلوا حسه:

خد الجماعه واتوكلوا علي الله ياعم بزياده علي إكده، بتك كل ماهتطولوا قبالها هتتعب، وهي نفسه والتعب مش زين عليها. 

خلص كلامه وعبد الصمد رد عليه:

حاضر ياولدي حاضر، يلا بينا يادهب، يلا يابشاير، إحنا مشينا ياشام يابتي، شدي حياك واتعافي عالدنيا يابوي عايز يكون بالي مطمن عليكي، اوعك اسمع عنك غير كل خير ياشامتي.. وابعدي عن الشر وغنيله يانن عين ابوكي وانتي طبعاً عارفه زين الشر فمين. 

خلص كلامه وشد دهب وبشاير اللي حسهم على بالبكا، ومشوا بخطاوي مفارقه، لكنهم هملوا قلوبهم لشام تدعيلها وترفرف حواليها. 

أما شام فلما اتوكدت انهم مشوا بعدت عن البوابه وراحت عالبيت بخطوات بطيئة ونفس مكسوره، واتلقتها عديله تدخلها موطرحها، وحتى بتها هملتها لابو دراع مخدتهاش منيه لانها حاسه إن لارجليها شايلينها ولا اديها هيقدروا يشيلوا بتها، وهتوقع بيها بعد كام خطوه. 


أما أبو دراع فكان مراقب شام وهي عتجر فخيبة املها، واكتافها اللي انحنوا من كسرتها، واتنهد وبص للبت اللي فيده، واتبسم وهو واعى الغمازات اللي ظهروا بس بدأت تبكي، ووشها اللي اتحول للون المبمبي، وهمسلها بحنيه وهو عيهزها عشان متبكيش:

مشاالله يابت شام، خدتي حسن امك بس يارب ماتاخدي من حظها شي. 

ورفعها وقربها من وشه، وقال يجرب إحساس اللي شموها حسوا بأيه، وبمجرد ماشمها شمه قويه، غمض عيونه وهو حاسس احساس ميتوصفش، ومقدرش يفسره ولا يترجمه، هل هو شوق للابوه، ولا فرحه بطفله فيها من البراءه اللي خلاه يحس ان الدنيا فيها حاجات حلوه، ولا إيه بس سبب الاحساس المريح ديه!! 

يتببع

تكملة الرواية من هناااااااا 

لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله الجزء الاول من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا





تعليقات

التنقل السريع