رواية نفق الجحيم (الجزء الاول) الفصل الحادى و الثلاثون والثانى والثلاثون والثالث والثلاثون والرابع والثلاثون والخامس والثلاثون بقلم ريناد يوسف كاملة
رواية نفق الجحيم (الجزء الاول) الفصل الحادى و الثلاثون والثانى والثلاثون والثالث والثلاثون والرابع والثلاثون والخامس والثلاثون بقلم ريناد يوسف كاملة
خلصت ستي عديله كلامها ورفعت يدها من علي بطني وأنا حطيت يدي مكان يدها علي بطني وانا عحاول إني المس اللي ماسك في الدنيا بأديه وسنانه ديه، ومااستسلمش للموت حتي بعد كل العذاب والضرب ديه!
بصتلي ستي عديله بمحبه وقالتلي:
مش قولتلك صاحب الجبر موجود يابنيتي.
شام بتنهيده:
وايه الفايده ياستي ماكرار أول مايعرف إني لسه حبله هيعمل العمايل لغاية مايسقطه، والنوبادي لازمن هيتأكد من موته حتي لو هيموتني اني عشان ديه يوحصول.
عديله: همليها على الله وارمي حمولك عليه، بس من اليوم وطالع عايزاكي تتجنبيه على كد ماتقدري عشان تأمني شره، يعني لا تدخلي الأوضه وهو فيها ولا تعدي قدامه رايحه جايه، ولا تبيتي غير معايه، ولبسك يكون واسع وتلبسي من خلجاتي السود الواسعين؛ الاسود معيبنش حاجه، وعلى كد ماتقدري تداري بطنك عن عيون الكل وتمسكي روحك ليبان عليكي الوحم قدامهم وخصوصي حوريه، وكمان عايزاكي تاكلي زين وتتغذى عشان وشك مايزيدش صفار والكل يقعد يسأل ويتغمز مالك.
شام: ولحد ميته هعمل إكده ياستي، هو الحبل عيقعد متداري يعني، ديه حاجه مهما اتدست عتتفضح في الآخر.
عديله: ومالو إحنا نعملوا اللي علينا وخلاص، وبعدين يابنيتي يمكن تجد في الأمور أمور ولما المعدول يلاقي شهورك عليت والحبل كبر يسكت ويتلهي ويسلم.
هزت شام دماغها بطاعه وإبتدت تفكر فى بكره واللي شايلهولها، وتفكر فولدها اللي هياجي علي الدنيا هيكون شكله أيه، وياتري هتحبه ولا هتشوف فيه أبوه وعمايله كل ماتبصله؟
أما عديله فراحت على الموطبخ وعاودت بصحن سليقه وكام حتتة لحمه وكام فطيره مقددين؛ عشان توكل شام وتخلي عافيتها تردلها، وحتي هي كلت معاها عشان تتقوى؛ لأن فيه اللي محتاجلها دلوك واللي لازمن تحافظ عليه وتقف جاره على كد ماتقدر.
كلوا التنين وبعدها قعدوا يتحدتوا ويتسامروا، وفضلت عديله فى الأوضه وعشان تسلى شام فرقدتها وتهون عليها وجعها بدأت تحكيلها عن جدها كارم وكيف إتجوزته وهي عيله يادوبك ١٢ سنه وكيف كان يعاملها كيف ماتكون بته مش مرته، وحبها وخلاها تحبه ومتستغناش عنيه وتخلفله البنات والولاد،
وكمان حكتلها عن بناتها اللي إتجوزوا بعيد وطلعوا من العيله؛ لان عمهم الوحيد مخلفش غير بنات بس حوريه وعدويه، وكيف تعبوا البنته فبداية جوازهم فبلد بعيده ولحالهم وسط ناس اغراب، وقاسوا الأمرين واتحملوا وعاشوا، وربنا في الآخر عقب عليهم وملكوا واتحكموا ومن كتر العيال والخير والمسئوليه بطلوا ياجوا يزوروا أمهم غير كل كام سنه،
وانها طول ماعارفه إنهم بخير ومرتاحين قلبها مطمن عليهم وعتدعيلهم ومسامحه فقلة زيارتهم ليها.
ومن كلام عديله شام حست إنها عتحثها عالصبر، وتبشرها بالراحه بعد التعب، وإنها لازمن تطمن أهلها عليها وتحسسهم إنها فأحسن حال كل ماتلاقي فرصه؛ عشان تطمن بالهم، وكل ديه من حكاوي عديله علي بناتها.
بعدها عديله استوت على السرير عشان تنام ودفنت رجليها وسط رجلين شام اللي إستغربت من برودتهم وقالتها:
وه ياستي رجليكي غاددين كيف التلج؟
عديله بضحكة وجع: هما إكده طول الصيف والشتا، كنت عدفيهم من رجلين كارم وكان يقضي الليل يزيح فيهم بعيد عنه واعاودهم تاني، ومن إهنه ورايح هدفيهم من رجليكي غصب عنك؛ امال اني مبيتاكي معاي عشان عيونك الحلوين دول بس ياك؟
إتبسمت شام وردت عليها بمحبه:
والله لو أطول ياستي أحطك فنص قلبي واقفل عليكي عشان تتدفي، دانتي اللي مهونه عليا المُر كله.
عديله: ربنا يحليلك المر يابتي ويجعلك اللي جاي كله خير وفرح وعوض من رب العالمين.
شام:يارب ياستي يارب.
أما حدا عبد الصمد فبيته..
دهب:
يعني ايه ياناس خلاص إكده البت اتقطعت مننا واتقطعنا منها؟ لا هي بقي ليها اهل ولا إحنا بقت لينا بت نشوفوا عيعمل ايه الزمان فيها؟
آه ياناري عليكي ياشام وعلى نايبك..قليلة حظ يابنيتي والله..وكملت بصوت مخنوق.. قسموووا النوايب والكوم الكبير جه كووومك.. شقيه ومظلومه يابتي من يومك.. بوووه عليكي ياشام وعلى حظك يابنيتي بوووه
عبد الصمد بصلها وهو عيحاول يلاقي كلام يسكتها بيه ويهون عليها، لكنه للاسف ملاقيش، فا كل اللي طلع بيده إنه يقولها بترجي:
خلاص يادهب هوني على روحك وأودعيها عند ربك وهو مش هيضيعها، هي تعتبر روحها يتيمه مليهاش حد واحنا نعتبروها(....) وسكت مكملش الكلمه، وغمض عنيه بوجع، وردت عليه دهب بعتب مصحوب بدموع وبحة صوت مكيوده:
يابوي ياعبصمد على قلبك اللي بقي كيف الحجر الصوان قاسي، هان عليك تفكر فيها تفكير حتي، هانت عليك شام حبيبة روحك ياابو شام؟
سكت عبد الصمد وبص على بناته التنين، اللي وحده فيهم كانت قاعده فوق كوة الفرن الدافيه بعد الخبيز،
والتانيه قاعده على اول سلمه، والتنين ساكتين وحاطين اديهم علي خدهم وراكبهم الهم على حال اختهم واللي جرالها،
وحس إنه اصبح عاجز في عيونهم، ومبقاش سند ليهم ولا حمايه، ولا ليه لازمه من الأساس.
فهمت عليه بسيمه من بصته، وحست باللي جواه وردت على أمها بحزم:
عقولك ايه يمه صلي على النبي فقلبك وبطلي نواح، وبعدين إنتي طماعه قوي يادهب.
إرجعي إكده لحالتك من شهر وإفتكرى كانت عامله أيه، وكت اللي جرا وبالذات في اليوم اللي صحينا من النوم ملقيناش شام ولا ابوي في البيت، وكلنا عرفنا إن شام خلاص في عْداد الأموات، وسلمنا أمرنا لله وإحتسباها حداه شهيده.
فاكره يومها كنا عاملين كيف؟ وكانت قلوبنا على رجا واحد، وهو إن شام تعيش على أي حال وأي شكل، وإن اي حاجه كانت جرتلها غير الموت ونومتها وسطنا طريحة الفراش كانت هتوبقي اهون.
طيب نسيتي وكت مادخلت علينا شام ورا ابوي وهي حيه ترزق، وفرحة قلوبنا إن ربنا إستجاب لدعانا ورجانا كانت عامله كيف؟
جايه دلوك تعترضى على قلة شوفتك ليها وشوفتها ليكي! بدال ماتحمدي ربنا إنها عايشه ع الدنيا وعتشم هواها، وعرفتي إنها هتخلف ودنيتها هتتعدل اهي، واكيد بعد ماتضني وهيكونلها عيل ينور عينها.
شام عايشه ع الدنيا ياام شام وديه لحاله يخليكي تحمدي ربنا عليه ليل نهار، وإن كان عالتلاقي مسير الحي عيتلاقى مهما طال الغياب.
والراجل الزين اللي قاعد جارك ديه خفي عليه هبابه، اللي عترميه بتهمة قساوة القلب ديه مهانتش عليه بته وعاودها من خشم الموت، وحتي لما كان هيموتها حط روحه مع روحها قدام الموت ومكانش عاوز يسيبها تموت لحالها.. في الحين اللي كل يوم عنسمعوا بوحده كلها القطر أو وحده راحت تملى ميه لحالها وخدته البورامه،
ولا وحده وقعت من فوق السطوح وهي عتقرص الجله، وكلنا عنوبقوا خابرين إنهم ميتين غسل عار، وناسهم من بعدهم عيكملوا حياتهم ولا كان كان ليهم وجود، والوحيد اللي مااستسهلش موت بته هو أبوي..
أبوي اللي هيفضل رفعة راس لينا وسند، وضهر وحمايه وحنان، واحسن أب في الدنيا كلها.
أبوي مليهش ذنب فحاجه يمه أبوي عيمل اللي محدش يعمله ويشكر عليه من الارض للسما.
خلصت كلامها وبصت لأبوها وابتسمتله، والفخر اللي شافه فعنيها خلى إبتسامته هو كمان ظهرت، برغم خوفه وقلقه اللي حاسس بيه على شام زي أمها ويمكن أكتر،
بس كلام بسيمه بته خلاه يرجع يحس إن ليه قيمه مره تانيه، وإن بناته لساهم شايفينه سند ومفتخرين بيه، او عالاقل بسيمه، أما دهب فبعد كلام بسيمه بصت لعبد الصمد وطبطبت على رجله بحنيه وهمست من وسط دموعها:
كلامك صوح يابسيمه يابتي أبوكي مليهش ذنب فحاجه ومينلامش، حقك عليا ياعبصمد لو كنت قسيت عليك بالكلام، بس اني كمان معذوره، اني وحده اتحكم عليها متشوفش ضناها ولا تعرف حاجه عنها، وشام حبله ياعبصمد.. حبله أول حبل ليها وكان نفسي اكون جارها واراعيها واهون عليها تعب الحبل واطمنها،
كان نفسي عيلها إيدي أول إيد تشيله وآني أكون اول حد يبص فوشه ويسمى عليه.
عبد الصمد:
الصبر يادهب الصبر، أوعاكي تفكري إنها صعبه عليكي إنتي بس يادهب، ديه ربنا وحده اللي يعلم القلب واللي فيه.
حدا بيت المقاول..
حوريه استنت لنص الليل، وإتوكدت إن الكل نام، وفتحت الخزنه وخدت كل اللي فيها من فلوس وأوراق ملكية الالات وعقود البيت والارض اللي حواليه وكل حاجه.. وكانت جايبه بلاص وحطت فيه كل حاجه، وطلعت عالسطوح وهي عتتسحب عشان محدش يحس بيها، واول ماوصلت ليسته بالطين كيف ماعيعملوا فبلاصات المش والجبنه القديمه، وربطت بوزه بجلابيه قديمه، وعلمته بعلامه ودسته فأوضة الخزين جار باقي البلاصات، وقفلت الأوضه ونزلت مره تانيه، بس النوبادي مدخلتش أوضتها،
له داي نزلت لتحت على أوضة عديله فتحتها ودخلت تتسحب، فتحت الطاقه وحطت المفتاح فيها موطرحه وقفلتها واتسحبت تاني علي بره،
لكن وهي طالعه صحيت شام على شخوله،
واول مافتحت عينها شافت حوريه عتطلع من باب الأوضه وتقفل الباب وراها بالراحه ومن غير مايعمل صوت!
اتعدلت شام فقعدتها وهي مستغربه، وهزت ستها عديله بالراحه وهي عتقولها:
ستي قومي، ستي مرت ولدك حوريه كانت إهنه في الأوضه وطلعت تتسحب معرفاشي ليه؟
فتحت عديله عنيها ورفعت دماغها وهي عتسأل شام:
ليه جايه داي هو كام الوكت دلوك؟ الفجر أدن؟
شام: له ياجده ميدنش النجم لساه مرشوش في السما والقمر قاعد، إحنا فنص الليل الظاهر إكده.
إتعدلت عديله فقعدتها وإتلفتت حواليها وهي عتقول:
نص الليل! امال إيه جرالها داي عتهجم فنصاص الليالي؟
خلصت كلامها وربطت عصبتها ونزلت من السرير وراحت تاني عالصندوق تدور فيه وراحت على الأوضه كلها تفتش فيها وحمدت ربها لما لقت دهب شام وقرشينات نقطتها لساهم موطرحهم قاعدين فى المنطال البرام تحت السرير، وحتى قرشيناتها هي قاعدين بختمهم مغابتش منهم حاجه!
عاودت للسرير وقعدت عليه وهمست لروحها:
عتدوري على إيه ياحوريه ولا عقلك شت من بعد موت توفيق ولا إيه؟
شام: هي عتاخد حاجه ياستي.. يعني عتمد يدها وتاخد اللي مش ليها؟
ردت عليها عديله بنفي:
الشهاده لله عمرها ماعيملتها ولا مدت يدها ولا حد في البيت كله فيه الداء ديه يابتي، بس هي فيه حاجه فنافوخها واني معارفاشي هي إيه، وعلى العموم كله هيبان دلوك.
عاودي للنوم عاودي ليل الشتا طويل والدنيا متلجه، وتعالي لَمى اتدفىَ فيكي رصرصت من السقعه.
ضحكت شام ونامت ورفعت اللحاف لعديله عشان تدخل تحته، وناموا هما التنين فحضن بعض ودفنت عديله رجليها وسط رجلين شام وهمستلها وهي عتتاوب:
صوح نسيت اقولك إن دهباتك معاي إهنه في الأوضه، أني جبتهم من اوضة كرار عشان كرار عرف كييف الحشيش، وبعد موت أبوه مهيلقاش البغدده اللي كان فيها هو وامه،
ومن إهنه ورايح اللي هتطوله يده هياخده من غير مايشاور وخصوصي لو الحاجه داي حاجتك انتي.
شام: طيب ماهو لو ملقيهمش هيسألني ودتيهم وين ويقولي هاتيهم؟
عديله: لو عيملها قوليله اديتهم لأبوي لما جه عشان كان معذور وهو مهيقدرش يروحله يقوله هات دهب مرتي كِبره مهيخليهش ومهيقدرشي يعمل حاجه، هو هيتنطط ويتردح ويمكن يديكي ضربتين تلاته، بس ميعملش حاجه إتحملي دهباتك يستاهلوا.
شام: له ياستي لو عازهم هديهمله أني لا حمل كتل ولا كلام وحديت اني مبقاش حداى طاقه.
عديله: بطلي هطل انتي دلوك حبله وهياجيلك الأولي بدهبك وقرشيناتك الدنيا مااتضمنتش، وبكره حدش عارف فيه ايه، وحطي فبالك لو كرار عرف موطرح الدهبات وخدهم اني اللي هكتلك كتله بعمرك مش هو.. والله ياشام امسك سباطه خضره واقطعها عليكي.
اتنهدت شام وغمضت عنيها وهي عتقول لحالها:
لميته هقعد اتحمل ولميته هقعد خايفه من بطشك ياكرار ولميته هقعد تحت رحمتك وإنت الرحمه معتعرفش ليك طريق؟
وناموا التنين بعدها مقاموشي غير مع اذان الفجر على حس كركبة الكيزان والبستلات اللي عتتملي للي قايم يتسبح أو يتوضى ويصلي.
وحوريه اللي منامتش طول الليل أول ماسمعت اصوات اهل البيت، وإنهم بدوا يصحوا قامت ولبست شالها وربطت راسها وقررت انها خلاص لازمن ترجع تندلى وسط الحريم وتمسك زمام الأمور اللي إبتدت تفلت من يدها من تاني.. فوقفت فنص الصاله اللي بين الأوض وزعقت بحسها كله:
كل مره في البيت تقوم عشان نشوفوا حال البيت واللي جرا فيه اليومين اللي فاتوا، خلاص خدتولكم يومين رنجخه ونوم في العسل وماصدقتوا إن كبيرة البيت غفلت وكل وحده فيكم دخلت الكُن بتاعها ورقدت فيه.
هموا خلصوا انا هندلى ويادوبك أوصل الموطبخ والاقيكم وراي نازلين وحده وحده كيف فرادي المراكيب.
ونزلت قدامهم ومفيش دقايق ولقت الكل نازل وراها، ورده ونعمه وفكريه وبدور وعدويه،
واتجمعوا في الموطبخ وإبتدوا فتجهيز الفاطور كيف ماكانوا متعودين يعملوا قبل مايموت توفيق،
وطلعت حوريه ووقفت عالسلم ونادمت على صفوت وقالتله ينزل هو وعيال عمه عشان الكل يفطور مع بعضه، وراحت علي عزت وكرار صحتهم هما كمان وقومتهم.
أما عديله فقامت على حس الزعيق واتوضت وصلت، وفضلت تدعي لشام بالستر وتدعي لولدها توفيق بالرحمه والمغفره ولجوزها كارم، وقامت راحت على الموطبخ، ولقت حوريه واقفه فنصه ومتحزمه ورابطه بطنها كيف ماكانت تعمل قبل سابق وعماله تدى اوامر يمين وشمال للحريم.
عديله: خيرك صاحيه النهارده متحزمه يعني؟
حوريه ردت عليها من غير ماتبصلها:
خيرك إنتي.. هي الحزمه مقرطه على أنفاسك ولا أيه؟
عديله: اني فيشي حاجه تقدر تطبق على انفاسي ياحوريه، اني بس عسأل عاللي جرالك، تتسحبي فنصاص الليالي فالأوض وتقومي من الفجور؟
خايفه يكون موت الغالي لحس عقلك.
حوريه بحده:
فشرتي ياعديله، حوريه عقلها يوزن بلد وعمره مايتلحس، وإن كان عالأوض من إهنه ورايح مفيش اوضه مهدخلهاش واشوف اللي فيها عيعملوا ايه،
خلاص من اليوم ورايح محدش هيعيش بكيفه كيف ماالكل عايز،
مش معني إن الكبير مات يوبقي البيت يخرب وسكانه يعِيِطوا..
الكبير مات مرت الكبير قاعده، واللي كان ماشى عليه البيت فأيامه مش هيتغير من بعد موته، ودلوك شوفي كنتي جايه ليه وعايزه ايه ولو مكنتيشي عايزه حاجه استني بره على دكتك لغاية مانحطوا الفطور وتفطري مع الرجاله.
عديله بصدمه تشبه صدمة كل الموجودين:
إنتي عتكلميني اني إكده ياحوريه؟
حوريه: إيوه عكلمك انتي امال عكلم مين يعني.. وبصت للحريم اللي سايبين اللي فيدهم وباصينلها يشوفوا اللي عتعمله فى ستهم، لكن صرخة حوريه رجعتهم للي عيعملوه تاني:
رجعي عنيكي للي فيدك منك ليها واعمليلك همه ولا ضريتوا عاللكاعه؟
اتحط الفطور والكل فطر وخلاص الرجاله عيستعدوا عشان يروحوا شغلهم من بعد غياب وتعطيل اكتر من أسبوع، وبص نعيم لصفوت وقاله:
يلا ياصفوت اطلع هاتلنا الفلوس من فوق خلينا نتفقوا مع العمال وندوهم مقدم ونفولوا المعدات ونشتروا سطل جديد للجرافه.
وكمل سلام تعليماته لصفوت وهو باصص لابوه:
وهات كمان فلوس المشروع التالت ياصفوت خلينا ندوهم لمقاول تاني ونتفقوا معاه يشتغل المشروع، واني بنفسي اللي هشرف عليه وعلى الشغل فيه عشان التسليم هياجي فوشنا إحنا لأنه هيتم بإسمنا.
هز صفوت دماغه بموافقه وبص لأمه اللي كانت متابعه كل حاجه بعنيها وساكته وقالها:
تعالى يمه افتحيلي الخزنه خليني أجيب الفلوس.
حوريه ببرود:
واني افتحلك الخزنه كيف! مش المفتاح آخر نوبه خدتوه مني ومعاودتهوش تاني؟
نعيم: إيوه صوح اني قولت لمعروف يديه لسته، قومي يمه هاتي المفتاح خلينا نتيسروا علي مصالحنا.
عديله قامت بضعف:
حاضر ياولدي استنى هجيبهولك.. ودخلت الأوضه وفتحت الطاقه وجابت المفتاح وعطته لصفوت.
دقايق مسافة ماركب صفوت لأوضة أبوه وامه ونزل جري ووقف في نص البيت ووشه مخطوف وبص لعمه وبلع ريقه بخوف ومنطقش،
ومنظره رعب الكل وخلى عمه سأله بخوف مماثل لخوفه:
فيه إيه ياصفوت مالك نازل ترمح كيف اللي لدغتك حيه ووشك اتخطف في التو واللحظه إكده ليه؟
صفوت:مصيبه ياعم لدغة الحيه اهون منها الف مره.. الفلوس مقاعدينش في الخزنه ولا فيها اي ورق ولا عقود، الخزنه خاويه على الحديد ياعمي.
منعم بصدمه:
عتقول ايه؟
صفوت: عقول الحديت المطين اللي سمعته واركب وشوف بنفسك.
نعيم:كيف ديه يعني؟ تعالا معاى نشوفوا إيه العباره!
وطلعوا هما التنين ومعروف وسلام وعزت وحتي كرار ركبوا وراهم، وبمجرد مالكل دخلوا الأوضه ووعيوا الخزنه مفتوحه وفاضيه هِو.. الكل إتصدم ونعيم ضرب كف بكف وهو عيقول:
ياداهيه دقت على روسنا كلنا.. فين الفلوس راحت؟ ومش بس الفلوس فين العقود والاوراق وكل حاجه كانت في الخزنه؟
الكل فضل يتلفت على بعضه ونعيم نزل جري على تحت ووقف قدام حوريه وبصلها بعيون عتطوق شرار وقالها:
فين كل اللي كان في الخزنه ياحوريه؟ الخزنه محدش عيقدر يوصلها غيرك.
ردت عليه حوريه بنبرة غضب عاليه:
تقصد إيه يانعيم، قصدك إني حراميه وسراقه؟
ومن ميته وحوريه فيها داء السرقه ومدت اليد، وبعدين الكلام ديه تقوله لو المفتاح كان معاي، لكن إنت من يوم ماحطيت الفلوس في الخزنه وإنت اديت المفتاح لأمك، وإنت خابر وكلكم خابرين إن الخزنه مليهاش غير مفتاح واحد. يعني دوروا بينكم. عاللي خد الفلوس، وبعدين حوريه كانت فأيه ولا فأيه عشان تفكر ففلوس ولا سرقه؟ ولا هي يعملوها ويخيلوا!
نعيم: قصدك إيه ياحوريه بحديتك ديه؟
حوريه: قصدي إن إنت وولدك آخر من شافوا الفلوس، وانتوا آخر من فتح الخزنه، وانتوا آخر من مسك المفتاح بتاعها، وحدش وراكم لا فتحها ولا طل فيها ولا شافها فاضيه ولا مليانه،
يعني اللي لازمن يتسأل عالفلوس إنت وولدك مش اني.. وديت الفلوس وين يانعيم وخفيت فين كل أوراق الملكيه؟
نعيم بصدمه: عتسرقيني أني وولدي ياحوريه؟
حوريه: واه يانعيم ماانت توك مسرقني ولا إنت وولدك من اولياء الله الصالحين وحوريه شيخة منصر!
معروف:
والله العظيم اني بيدي حاطط الفلوس في الخزنه آخر مره ومنزل المفتاح لستي ومن بعدها ماشفت حاجه، وبعدين هنسرقوا روحنا ليه يعني؟
حوريه:
إسأل روحك السؤال ديه، تلاقيك إنت وعتركب الفلوس فوق عرفت وكتها إن عمك روحه طلعت ومات، وقلت تعمل عملتك ومحدش وكتها هيعرف ولا هيكون فاضي يتهمك بشى وتلوش اللوشه كلها لحالك.
سلام: اخوي مش حرامي يامرت عمي.
كرار: ولا امي حراميه ياسلام.
صفوت: لا ديه حرامي ولا داي حراميه ولا فيه في البيت حد مد يده وخد الفلوس، يوبقي الفلوس طارت أو خفاها جني!
اقولكم ايه إنتوا فاهمين معنات إن الفلوس تتاخد ولا تختفي ديه إيه؟
معناه خراب بيتنا، معناه إننا صفينا عالحديده وإننا لو بعنا حالنا ومالنا واللي ورانا وقدامنا مهنقدروش نسددوا الفلوس داي للحكومه، وكمان لو جينا نبيعوا حالنا ومالنا مفيش ورق عشان نقدروا نبيعوا حاجه ونتصرفوا فيها، يعني معناها إن إحنا رحنا فستين داهيه والخراب هيطول الكل.
حوريه: هيطول الكل ماعدا اللي خد الفلوس.
قالت كلامها وهي عتنقل عنيها مابين نعيم وعياله بإتهام صريح وقطع نظراتها حس عديله وهي عتقول:
هتقعدوا واقفين إكده ولا إيه.. هموا فتشوا البيت عالقرشينات بايكه بايكه وشبر شبر، اللي خد الفلوس والورق مطلعهمش بره، واللي هتلقوا الحاجه فموطرحه يتجاب وسط البيت إهنه وتتق. طع يده النجسه اللي خانت وإتمدت.
وبالفعل هي قالت إكده والكل إتحرك يدور في البيت، وفكل زاويه من زواياه، وإبتدوا بالموطبخ اللي بعشكوا كل حاجه فيه وخلوه دمار مافيهش حاجه مش مكبوبه عالأرض، وبعدها طلعوا علي أوض الدور التحتاني كلها فتشوها شبر شبر،
والزريبه فتشوها، وتلاليس التبن فضوها كلها، وركبوا بعدها عالأوض اللي فوق فتشوها اوضه اوضه وزنقوره زنقوره، وكل أوضه كان يدخلها اتنين وتلاته، وصاحب الأوضه كانوا يخلوه يستنى بره او يفتش أوضه تانيه،
وحتى السطح ركبوا فتشوه وفتحوا صوامع الغله وبصوا فيها وقلبوها بقعوف الجريد، وفتشوا أوض الخزين وآخر المتمه عقلهم كان هيشت وهما ملاقيينش أي أثر للفلوس كيف ماتكون فص ملح وداب!
أما حوريه فكانت قاعده فصحن البيت تحت ومربعه اديها وساكته بترقب وخوف أحسن يكتشفوا طريق البلاص، لكنها طمنت روحها بإنهم حتي لو لقيوه وعرفوا اللي فيه هتنكر إن ليها صالح بيه ولا شافته، ومحدش هيقدر يثبت حاجه عليها.
لكنها ارتاحت وبلعت ريقها وهي واعياهم نازلين فاضيين ووشوشهم مطعونه بالغضب.
نعيم بحس رج البيت رج:
الفلوس رااااحاااات وييين ياولاد الكلاب.. البيت هيتخرب ومن بعد العز هنمدوا يدنا ونستجدوا اللقمه.. اللي خد الفلوس وطمرها يطلعها ويحطها موطرحها وليه مننا السماح والعفوا من غير مانعرفوه حتى،
والاهم من الفلوس عقود المعدات والبيت والجنينه ومخزن المعدات.. قسماً عظماً لو مالفلوس رجعت لأكون جايبكم تحت رجلي ودا. بحكم واحد واحد ودا. بح روحي فوقكم قبل مالعار يلحقنا والفضيحه تحلق فوق روسنا.
حالة خوف على صدمه على رهبه على غضب كانت متملكه الكل ومخليه العقول كلها واقفه عن التفكير، والكل كان عيسأل روحه نفس السؤال:
ياتري الفلوس راحت فين ومين اللي خدها؟
دقايق من السكوت نعيم كان عقله هيفر فيهم، وعديله كانت عتنقل عنيها مابين الوشوش،
ولاحظت إن اهدا وحده فيهم هي حوريه، وإفتكرت طلعتها قبل سابق من الأوضه ملغفنه، ولما عاودت للأوضه فنص الليل عاشيه، وإتوكدت إنها هي اللي واخده الفلوس.
لكنها متكلمتش واستنت لما تمسك عليها دليل، لان حوريه واضح إنها مخططه للموضوع زين قوي ومهتعترفش بسهوله، وإن اللي هيخليها تقر بعملتها ومتنكرهاش إنها تتعكش بالفلوس، ومن دلوك لحد الوكت ديه دعت عديله بإن ربنا يسترها على نعيم اللي حاساه هيطب ساكت بقهرته من الغلب ويحصل أخوه.
فبصت للكل ودبت بعكاز توفيق اللي خدته من بعد موته وبقت تتعكز عليه بدال ماكانت تتعكز على توفيق ولدها وبحزم قالت:
نعيم، صفوت سلام معروف عزت.. قربوا إهنه واقعدوا واسمعوني زين.
ملقتش حد سمع ولا قعد فدبت بالعكاز دبه اقوى وبحس أعلى قالت:
قولت اقعدددوا.
الكل خد نفس وزفره وابتدوا يقعدوا عالدكك اللي جارها واللي قدامها وهي قالتلهم بحزم:
الفلوس راحت خلاص واللي سرقها قاصد في الوكت ديه بالذات إنه يشتت البيت ويفرق اللمه ويضروب الناس فبعضها بالشك،
ويخلي الناس تمسك فبعضها، وعشان إكده الخبيث ديه متدوهش الفرصه إنه يكسب ويفرح بإنه قدر يوصل لمبتغاه.. الفلوس إنتوا اللي عتعملوها مش هي اللي عتعملكم، والراجل دراعاته مناجم دهب.
نعيم: يمه الفلوس كتيره مش مبلغ يتعوض بيومين شغل ولا شهور ولا حتى سنه.. وغير الفلوس ورق المعدات والأرض والبيت.
عديله بصت لحوريه وكملت:
وماله إشتغلوا على كد ماتقدروا، ولو عالفلوس اللي هتشتغلوا بيها أني معاي ورقة المبايعه بتاعة آخر معده اشتراها توفيق من ستر ربنا إنه مسكهاني وقالي خليها معاكي عشان طالع ولما اعاود ابقي أخدها منك، ونسيها.
داي تاخدها وتاخد المعده وتروح تبيعها وتشتغل بحقها بباقي المعدات، والشغل يكون ليل نهار وتاجوا على روحكم عشان متتفضحوش ولا ستركم يتكشف.
وإن كان عالعقود اطمن مفيش حاجه هتتباع غير والكل لازمن يعرف بيها، ووكتها هيبان الحرامي وتبان العقود مع مين..
والفلوس مهما اتدست ريحتها عتفيح وعتفضح صاحبها بس إنتوا خلوا عينكم على بعض واللي هتبان عليه نعمه تجيبوه وتقعدوه وسطكم وتقولوله من وين جالك.
بالك يانعيم ياولدي اللي عيمل إكده محداهوش عقل، لأنه عمل كيف اللي سرق جلابية أخوه اللي عاجباه ومعارفشي يلبسها فين، وهيفضل طول عمره يبصلها ويتحسر وخايف يلبسها احسن اخوه يعرف إنه حرامي..وصدقني ياولدي مهما طال الستر عالعايب مسير ربك هيرفع عنيه توب الستر ويعريه قدام كل الناس ويفضح ستره.
خلصت كلامها وقامت راحت على أوضتها، وشاورت لشام تقفل الباب، وقفلت شام الباب عليهم وقالتلها ترفع معاها طرف المرتبه، وأول ماعيملت إكده بانت ملة سرير ملفوفه عليها دباره مرتين تلاته، رفعتها وقلبتها وطلع فبطنيتها كيس متثبت بالدباره، فكت الدباره وجابته وكان فيه عقد اللودر وعقد بيت ابو كارم القديم، ومتعرفش ليه دستهم مع بعض إهنه بعد ماكان العقد بتاع البيت مرمى في الطاقه ليه سنين!
لكنها حمدت ربنا لانه أوحالها تدسهم رحمه بيهم من اللي عارفه هيوحصول.
طلعت بعقد المُعده بعد ما دست عقد البيت تاني كيف ماكان، وادتها لنعيم وهي عتقوله:
خد يانعيم وبيع واشتغل، وكمان الحريم كل وحده معاها حتتة دهب من دهبها عايناها،
البنته كل وحده عانت فيهم زتونه اني مشفتهاش في الدهبات ومرضيتش اتحدت، وحوريه عاينه كردان وحجل دهب وغويشتين تعابين أني عارفاهم زين ومجوشي في الدهبات، لو عُزت فلوس تعالى وخدهم وبيعهم ديه كله من خيرك وخير أخوك وعيالكم ومفيش حريم ليها فيه حاجه.
حوريه بإعتراض:
الدهب اللي بقيته وارثاه من امي ومحدش هياخده ومش هفرط فيه، اللي جابه ولدك خدتوه وليكمشي أيوتها حاجه عندي.
عديله بلؤم:
براحتك ياحوريه خليلك دهبك، بس الدهب إنتي مدياه لعيالك قبل اي حد؛ عشان يحفظوا هيبتهم قدام الناس ويستروا روحهم، ولو كان الدهب حداكي أغلي من عيالك خلاص خليهلك وإشبعي بيه، واللي خدته امك في قبرها لما ماتت أوبقي خديه انتي.
حوريه بصتها وسكتت وعيونها إشتعلوا بالغضب وهي حاسه إن عديله زنقتها فخانة اليك وحطتها قدام حبها لعيالها وحرصها على موصلحتهم وبين انانيتها، وخلتهم كلهم يبصولها بلوم وعتب وأولهم صفوت.
فنفخت بغلب وقامت منتورة طلعت أوضتها وجابت الدهبات ورمتهم قدامهم عالارض وهي عتقولهم بغضب:
الدهب أهه وابقوا اوزنوه وحطوا وزنه عالدهب القديم.. وبصت لعديله وقالتلها بنبرة كره:
ارتحتي دلوك؟
عديله بهمس: غوري جاكي ورنه تحش نصك بديلها.
حوريه راحت قعدت موطرحها تاني، وعينها وقعت على شام اللي كانت مديقه باب أوضة عديله وعتبص من وراه وهي متخبايه، وبمجرد ماشافتها بصت لعديله وقالتلها:
أمال فيه دهب في البيت مدسوس ومجيباش سيرته يعني يامرت عمي، غريبه!
مع إن عينك كيف عين الصقر وعترقبي كل حاجه ومعتفوتكشي فايته، مقولتيش ليه على دهب شام مرت كرار كيف ماقولتي على دهبي ودهب البنته وعرفتيه؟
عديله:
عشان شام محداهاشي دهب واني عارفه.
حوريه بإستغراب:
كيف ديه يعني! ديه توفيق جايبلها ياجي كيلوا دهب بحاله!
عديله:
توفيق الله يرحمه عرف إن أبوها مكروب وهو مكانش معاه فلوس يساعده كيف ماانتوا خابرين، وعشان توفيق معيشوفش حد فزنقه وميفكهاش قال لشام اول ماابوها ياجيلها زياره تديه الدهبات بتوعها يفك زنقته، وهو لما ربنا يفرجها عليه هيوبقي يجيبلها موطرحهم.
الكل سمع الكلام وإتصدم وكرار وقف على حيله وحوريه ضربت على صدرها وبحسها العالي قالت:
ياحزززني عطت فلوسنا ودهبنا لأبوها؟
وشام سمعت إكده وقفلت الباب بتاع الأوضه قوام ورجعت على قفاها ووقفت فنصها ترجف، وخايفه وباصه للباب ومستنيه كرار يدفعه ويدخل عليها فأي وكت ويمسكها يعجن جسمها من الضرب، وبمجرد ماافتكرت الالم اللي عيسببهولها دموعها نزلوا وحدهم، وكل خليه فجسمها صرخت بإستغاثه على حد يلحقها، لأنها لساها ماطابت من آخر طريحه.
عديله دبت عكازها في الارض وردت عليها بحزم:
هي لا عتدى ولا تاخد ولا عتقدر تعمل حاجه من نفسها، قولتلك المرحوم اللي شار عليها.
كرار بغضب:
وليه مقالتليش ولا هو قالي؟
عديله: ويقولك ليه؟ دهبه وهو اللي مشتريه وهو اللي ليه حق التصرف فيه إيش كونتك إنت عشان يشاورك ولا يقاولك؟
كرار: طيب كانت الفاجر داي قالتلي وخدت رأيي؟
عديله: قولتلك ليهاش صالح هي عبد المأمور وعيملت اللي إتأمرت بيه، واقعد وهدي حالك مش غايب منكم كوم فلوس وجايين تتنفضوا على حتتين دهب ملهمش عازه، ولا انتوا تاجوا في الهايفه وتتصدروا!
حوريه بوعيد:
والله والله ماحد ورا موضوع الدهب وعطيته لناسها ديه غيرك إنتي ياوش الشوم.
نعيم بزعيق:
حوررريه، كيف عتكلمي أمي إكده وكيف تقوليلها وش الشوم؟
والله لولا ماإنك مره لكنت قس.متك نصين دلوك وبالعكاز اللي فيدها.
صفوت هو كمان قالها بغضب:
كيف يمه تحدتي ستي إكده ومن ميته وإنتي عتعمليها؟
نعيم: له ماهي الظاهر إنها قالت لروحها إن توفيق مات واطيح اني فناس البيت وأولهم العجوزه الغلبانه.. بس له ياحوريه، ورحمة الغوالي اللي التراب ملفلفهم دلوك، لو سمعتك عبتي فأمي ولا اتطاولتي عليها لاكون مبلعك لسانك.
حوريه إتمصمصت بعدم رضى ومردتش، لكن كرار رد مكانها:
ايه جرالكم إيه كلتوها بالحديت على كلمه قالتها، ماهي متغاظه والحق معاها والمغلوب عيقول أي حاجه.. هملوها فحالها هتلاقيها من فين ولا من فين، شويه تاهمينها بسريقه، وشويه عايزين تقسموها نصين، مالكم إكده ماصدقتوا لقيتوا فرصه عليها؟!
الكل بصله وسكت وحوريه إتبسمت بفرحه وهي واعيه كرار وقفلهم كيف شوكه فحلوقهم ومرضيلهاش بالاذيه، مش كيف عزت وصفوت اللي واحد فيهم سكت والتاني خد صف عمه، ومن إهنه قررت الخير اللي حازته هيكون لمين من عيالها.
خد نعيم العقد وطلع هو وصفوت وباقي الرجاله، وباعوا المعده وباللي قبضوه من حقها بدأو شغل، وإتأجروا معدات تانيه إيجار بالساعه وإشتغلوا شغل من نار ووزعوا روحهم على المشاريع التلاته وإبتدوا في التلاته مع بعض، وحتي نعيم بقي يشتغل بيده معاهم وياخد ورديه عالمُعدات من ٤ ورديات في اليوم كل ورديه ٤ ساعات، إتهلكت فيها صحتهم والمعدات وبرضوا مستمرين لأنهم في ورطه لا ينفعوا فيها يقفوا وياخدوا نفسهم ولا يوقفوا شغل.
فضلوا عالحال ديه كام اسبوع، وبعدها باعوا باقي الدهبات اللي قاعدين بتوع الحريم لما احتاجوهم وكملوا بيهم وخلصت فلوسهم،
ونعيم إستلف من كل اللي يعرفه وليه عليه عشم عشان يكمل المشروعات شغل ويقبض العمال ويسلمهم للحكومة.
وبعد ديه كله عارف هو وعيال اخوه وعياله إنهم هيطلعوا من التعب ديه بأديهم فارغه، وإنهم كل ديه عيحاولوا يحافظوا علي إسمهم وسمعتهم وسط المقاولين ليس إلا.. وطول الوكت كل العقول هتشت عالفلوس ويسألوا راحت وين ومين خدها وكل واحد فيهم ركبه الشك من ورا التاني.
حالتهم اتدهورت عن الاول كتير من حيث المصاريف وبقوا عايشين من ريع الجنينه وزرعها، وأبو دراع وأبوه لما عرفوا اللي حوصول زرعوا الجنينه كلها تحت الشجر خضار بكافة انواعه للبيت يطبخ منه، مع إن ديه هيضعف الشجر ويقل محصوله، عشان الخضار عيعوز ميه كل ٣ ايام او اسبوع بالكتير،
والشجر مش عيحب الميه الكتيره، بس قالوا مش مهم المحصول السنادي والمهم البيت وستره وشبع أهله.
عدت الايام وجابت شهر والتاني والتالت، وشام طول الوكت ديه حريصه إن محدش يلاحظ عليها ايوتها حاجه، لبسها كله من جلاليب عديله السوده الواسعه أم سفره، وقعدتها طول الوكت في الموطبخ ياإمه فأوضة عديله، وحتي خلجاتها نقلتهم بصندوقهم لأوضة عديله عشان متدخلش الأوضه عند كرار لأي سبب من الأسباب.
اما هو فامن بعد ماسقطها مقربش ليها تاني ولا اشتهاها عشان مبقاش يشوفها قبال عنيه كيف لاول،
واللي ساعده على إكده كمان الشغل اللي خد كل وكته وحيله وبقي يعاود وش الصبح هو وإخواته وعيال عمه، ويترمي كيف الكتيل من التعب ميدراش بنفسه، وهما ساعتين تلاته ويقوموا عالشغل من تاني.
أما شام فكان الموضوع ديه رحمه ليها من رب العالمين، وحست إن كل اللي عيجرا من تدبيره لأمرها وامر اللي فبطنها ولطفه بيهم.. من اول سرقة الفلوس لغاية المشاريع وتعبها عشان يلهى كرار عنهم.
بقت تقضى اغلب وكتها في الموطبخ قدام الكوانين وعديله معاها مسابتهاش محادياها وواخده بالها منيها وحارساها، ومن كتر ماشام طول الوكت في الموطبخ الحريم بقوا يتكلوا عليها فأغلب الشغل ويروحوا يناموا أو يطلعوا أوضهم يقعدوا فيها بعيد عن دخانة الكوانين.
وشام من كتر قعدتها في الموطبخ اعتادت على اللهب والدفى بتاع الكوانين، وبقت لما تروح تنام بالليل جسمها يتزفزف وتوبقي عايزه تعاود الموطبخ تولع نار وتنام جارها.
في الوكت ديه خطت فى شهرها الرابع، وطلعلها هبابة بطن مدوره كيف ماتكون واكله وكله تقيله وشبعانه، ومتداريه فوسع الجلاليب، ومباينش عليها حبل بالمره، ولا حد لاحظ عليها حاجه، ومن بعد الشهر التالت ووحمها خف وقدرت تاكل من غير ماتستفرغ اللي تاكله، والغريبه إنها بقت تاكل أضعاف وكلتها العاديه، كيف ماتكون إتفجعت، وجسمها ووشها إتملوا هبابه، غير اللي عديله كانت كل يوم والتاني تشيعلها عليه من الدكان مع ممدوح واخوه عيال صفوت، وتبيتهولها فوق راسها وتفضل شام تقروض فيه كيف الفاره وتشرب في العصير، وعديله كل طلعة يوم تدعيلها إن ربنا يعمي عيون كرار عنها ويجعل من بين ايديه سد ومن خلفه سد فيغشيه ومايبصرهاش،وبمجرد ماكان يعدي اليوم عليها بسلام وتشوفها نايمه جارها في السرير زينه كانت تحمد ربها الف حمد وشكر.
خلصت عديله صلاة الفجر وقامت راحت على السرير ونامت جار شام ويادوبك غمضت عنيها وقامت فاطه على فزعة شام من عز نومها وبخوف قالتلها:
بسم الله الحفيظ، مالك ياشامه يابنيتي إيه اللي فزعك إكده، كوبستي ولا إيه يابنيتي؟
شام إتعدلت نص عدله وحملت على كيعانها و بصت لبطنها ورجعت بصت لعديله وقالتلها بخوف:
ستي بطني فيها حاجه عتمشي!
عديله إتبسمت وحطت يدها على بطن شام بحنيه وقالتلها:
ياصباح الفرح والسرور، ولدك دبت فيه الروح ياشامه!
وهزت دماغها بنفي ورجعت قالتلها:
لاااه مش واد، داي بت عشان رعصت في الرابع البنته عتوبقي خفيفه عن الولِده..كانت عتتكلم وهي عتمسد على بطن شام وفجأة حركة يدها إتوقفت لما حست بحركه تحت يدها وبصت لشام وهمستلها:
بتك عتعارك عراك جوا بطنك ياشامه كيف ماتكون متحلفه للدنيا!
شام اتبسمت وحطت يدها على بطنها وغمضت عيونها وهي حاسه بحركة بتها القويه كيف ماتكون سمكه عتعوم فى شبر ميه، وهمست لروحها بتمني:
ربنا يجعل فيكي كل العوض لأمك يابنيتي ويكتبلي شوفتك سليمه معافايه واكحل عيني بوشك صبح وعشيه.
أما في الوكت ديه على محطة القطر..
السيد بفرحه:
يابووووي ياهوا بلدي وريحتها وجمالها، إشتقنا والله ياأرض الحبايب.
همام وهو عيتحرك من جاره:
بقالك ٥ شهور تنق عايز تعاود لما هوستني، واديك عاودت، يلا عاد من اليوم وطالع سكتك غير سكتي ومعاوزش طريق ولا قعدة تجمعنا.
السيد بفرحه: يابوي متخافش لا هقابلك ولا هجالسك، اني كل اللي هعمله من اليوم وطالع إني هحب على يد أبوي واستسمحه وامسك منيه الطوريه وانزل الغيط بداله وافلح وازرع واراعيه هو وأمي واخواتي واعوضهم غيابي وانسيهم الفضيحه اللي فضحتهالهم وسط الناس.
همام وهو عيبعد عنه:
الله ينور عليك روح وإعمل اللي قولت عليه واني ليك عليا هدعيلك كل يوم ربنا يثبتك ويزيدك إيمان لغاية ماتوبقي شيخ جامع.
خلص كلامه وإتكى فطريق غير اللي ماشي فيها السيد والسيد راح على بيته بفرحه وشوق وخبط علي الباب بالغلق خبطتين، وجاله الحس اللي خلى الدموع تتجمع فعنيه وهي عتقول:
إيوه ياللي عالباب جايه أهو اصبر هبابه.
وفتحت الباب وبمجرد مافتحت وشافت السيد ولدها قدامها صرخت بفرحه وهي عتفتح اديها بشوق وتاخده فحضنها:
سيد ياحبيبي..سيد ياولدي، إنت عاودت يانن عيني، إخص عليك خليت قلبي إتكوى من الحزن عليك وأني مخابراشي جرالك إيه وعيميل إيه الزمان فيك؟
رد عليها السيد وهو دافن دماغه فرقبتها كيف الطير المهاجر اللي عاود لعشه:
كتلتني الغربه والبعد عنكم يمه وكوت قلبي أكتر منك، حقكم على راسي أني بغل وعويل واستاهل ضرب البولغ اللي مشيت ورا همام وضيعت روحي وإتهجولت من بلد لبد وجوعت واتعريت واتبهدلت وعرفت إن الله حق وإن اللي عميلته كان الكفر بعينه.
أمه بعدته عنها ومسحت دموعه اللي غرقت وشه وقالتله بحنيه:
هون علي روحك ياولدي اديك إتعلمت درسك والعلام مش ببلاش والشاطر يعيش ويتعلم.. وبصت للبيت جوا ونادمت بعلوا حسها:
إقتدار.. فوزيه بت ياإقتدار تعالي إنتي واختك اخوكم عاود، أبو السيد تعالا السيد عاودلنا بالسلامه.
شويه وجات بنيه تطلع عشر سنين تجري وبعدها جات بنيه تطلع ١١ سنه والتنين إتعلقوا فرقبة السيد بفرحه وشوق وهو حضنهم وفضل يضحك بفرحه، وقوام بص للشنطه بتاعته وفتحها وطلع منها لعبتين إشتراهم من إسكندريه على شكل قرود وماسكين دفوف فأديهم التنين وأول ماينداس على رجليهم يضربوا الدفوف ويعملوا صوت عالي، والبنات شافوا القرود وخطفوهم منيه بفرحه وإبتدوا يلعبوا بيهم وخدوهم ورمحوا لبره يوروهم لعيال البلد ويغيظوهم بيهم.. واول ماإتحركوا ظهر ابوهم اللي كان واقف وراهم والسيد عشان قاعد مكانش شايفه وبنبرة سخريه قاله:
يامرحب يامرحب.. غايب ٥ شهور ومعاود بقردين؟ صوح صدق اللي قال ياما جاب الغراب لأمه.. بالك إنت القردين دول دفعت حقهم كد ايه ياسيد اني؟
وقف السيد وبص لأبوه بصة ندم ولساه هيونطوق ويتأسفله، لكنه إتفاجأ بكف عفي نزل عليه من إيد أبوه خلى ودنه صفرت في الحال وحط يده عليها بوجع وغمض عنيه.
أما حدا همام:
همام خبط على باب بيتهم واللي فتح الباب أبوه اللي بمجرد ماشافه قدامه برق عنيه بصدمه، وفثانيه وبدون مقدمات كان ساحبه من دراعه لجوا البيت وقافل عليه الباب ومن غير كلام ولا حديت مسك السباطه اللي ورا الباب ونزل بيها عليه فين يوجعك، وهمام يترجاه يرحمه، وعلى حسه جات امه وخياته البنات واخوه وإبتدوا يحوشوا عنه، لكن ابوه ماهملهوش غير لما إشتفي فيه ضرب وبرد ناره عالأرض اللي خسرها وباعها بسبب عملته النجسه.
عدى باقي اليوم وإخوات سيد عرفوا عيال البلد إن سيد اخوهم رجع والعيال عرفوا اهاليهم، وقوام الخبر إنتشر لحد ماوصل لمسامع كرار اللي بمجرد ماسمع الخبر نار قادت في جتته وقرر إنه يركب الطرومبيل ويروح لبلد الشيخ جاهين في التو والساعه، ويقوله إنهم عاودوا، واللي جرا عليه من عذاب وقهر يسير عليهم، وياخدوا جزائهم بالجلد في الأول، وبعدها يصفي حسابه هو معاهم على العمله اللي عيملوها ولبسهواله وهربوا.
وخبر رجوعهم صحى بين ضلوعه النار من تاني وخلاه شاف من أول وجديد قدامه كل حاجه حوصلت في اليوم اياه بينهم وبين مرته، وعشان هما بعيد عن يده ومهيطولهمش دلوك، قرر إن شام هى اللي تاخد بدالهم اللي هيبرد ناره ويصبره مؤقتاً.
يتبع
رواية نفق الجحيم 32
وصل كرار لعند سراية الشيخ جاهين، ونزل وطلب الدخول، وبمجرد مادخل حكيم وقف بتحفز كيف اسد شاف عدوة، لكنه قعد تاني لما افتكر إن كرار دايس عتبته، وإنه لا من الرجوله ولا من الادب والذوق إنه يهين حد فمطرحه، ولا يعاتب ولا يحاسب حتي، لأن من داس عتبتك جاب الحق عليك.
اتقدم كرار ورمى السلام عالكل، والكل رده والشيخ جاهين إبتسمله بود وهو عيرد عليه بعدهم كلهم:
يااهلاً بأهل السلام، عليكم السلام والرحمه والهداية، تعالى ياولدى اقعد نورت الديوان وشرفتنا.. ضيافة الضيف قوام يابشندي.
كرار بتعالى: انا لا جاي اقعد ولا اتضايف، ولا يهمني إنكم توروني كرم الضيافه وتعملوا حالكم عتردوا الاساءه بالمعروف وانكم احسن مني.
اني كل الحكايه إني جايلك بخبر، همام والسيد شركاتي في الذنب والعمله وصلوا البلد، وجاي اقولك عشان تعاقبهم نفس العقاب اللي خليت ابوي يعاقبهوني، ١٠٠ جلده قدام كل الناس.
وعشان نتساوو في الوجع الجلد ميكونش على ادين ابهاتهم، لان مفيش أب فقساوة ابوى وهينزل الكورباج على جسم ولده بنفس القوة اللي كان عيضروبني بيها أبوي، باقي الابهات كلها عتحب عيالها مفيش حد كره ضناه غيره هو.. عايزهم يحسوا بنفس الوجع اللي حسيت بيه من غير نقصان.
هز جاهين دماغه ليه بتفهم ورد عليه:
متقلقش الشيخ جاهين عادل وكفة ميزان عدله وحكمه متميلش واصل.
عاود على بلدك وخد حكيم وبشندي وإتنين غفرا ووريهم بيت العيلين دول، ولو عايز تعاود معاهم عشان تشوف العقاب بعينك عاود، مش عايز تعاود خليك والخبر هيوصلك وهتعرف إنهم خدوا نايبهم زيهم زيك بالظبط.
كرار بنبرة غل:
له السمع ميكيفنيش ولا يبرد ناري، الشوف بس هو اللي هيخمد النيران القايده فقلبي منهم هما التنين.
خلص كلمتينه وطلع ركب الطرومبيل بتاعه وتبعوه حكيم وبشندي واتنين غفر وركبوا معاه،
وطول الطريق من بلد حكيم لحد بلد كرار محدش فيهم كلم التاني ولا نطق بكلمه وحده، وبشندي عشان عارف الحكايه كان مستني كلمه وحده بس من كرار لحكيم وكان متحلفله يعاوده على بلدهم كركره من رجليه،لكن كرار نفد من وعيد بشندي بسكوته.
وصلوا البلد وقوام راح بيهم كرار علي بيت السيد الأول، وديه لقيوه قاعد بره باب بيتهم جار أبوه فنزلوا مسكوه بمنتهي السهوله، وحطوه جوا الطرومبيل وحكيم قال لابوه إنه واخده ينفذ فيه الحكم وهو لازمن يكون موجود عشان الحكم يتنفذ بيده كيف ماحكم ابوه وابو السيد قاله امين.
وبعدها راحوا على بيت همام وخبطوا عالباب، وبمجرد ماأبوه فتح الباب وشاف حكيم قباله عرف إن وكت الحساب حان، وإن ولده مطلوب عشان يوفى حق ربنا، ومع ذلك قلبه وجعه عليه وعاللي هيجراله، وبتسليم للأمر قال لحكيم:
دقيقتين هدخل اجيبه من جوه اصله نايم.
وفعلاً دخل ودقايق وكان طالعلهم وهمام وراه طالع بنومه وعيلبس فطاقيته ويساله:
مين ديه بس اللي عايزني يابوي، يعني مكانش قادر يستني ولا تقولوله نايم تعالاله كمان هبابه؟
لكنه بمجرد ماوصل الباب وشاف مناظر اللي واقفين قدامه ووعي السيد في الطرومبيل وواحد كامشه، وكمان كرار واقف وسطهم، وعنيه عتطق شرار، راح النوم من عيونه، وفهم إن فيه حاجه كبيره مستنياه، وإن شهور الهروب كلها كانت من غير فايده، واتلفت حواليه عشان يلقاله مهرب من قدامهم، لكنه ملحقش يفكر قبل مابشندي يهجم عليه يمسكه من دراعه ويجره معاه عالطرومبيل وجسمه عيرجوف كيف البهيمه اللي سايقينها عالمـ.دبح
وركبوا كلهم الطرومبيل محشورين فوق بعضهم وأبو السيد وابو همام حصلوهم في القطر، وطول طريق الرجوع همام وكرار عيونهم عتحكي كلام بالكوم، بس اللسان مااتحركش ولا نطق، ومن اهم الكلام اللي فهمه همام من عيون كرار اللي كانت عتنطق بالوعيد، إنه ليه معاه حساب واعر قوي، ودين لازمن يندفع، وإنه هيحاسبه على كل كبيره وصغيره، ومش هيفوتله حاجه، بس ميته عاد الله اعلم.
اما السيد فكان طول الطريق يتلفت حواليه ويرجف من الخوف لان هيبة الغفرا وبشندي وحكيم وجمودهم يقول إنهم واخدينه لقضى واعر قوي، ولعن روحه الف مره عشان لغى عقله ومشى ورا همام كيف البهيمه وعيمل عمله شكله هيقعد يدفع فحسابها العمر كله، وكل مره يدفع الحساب وجع أكتر من المره اللي قبلها، كيف مايكون الغلط اللي عيمله كل مادا وعيربىَ وتزيد فوايده.
وصلوا اخيراً لمندرة الشيخ جاهين، وبمجرد مانزلوا من الطرومبيل لقوا عروستين خشب منصوبين قدام باب المندره، وناس كتير متجمعه فحلقة حاوي حواليهم، وبمجرد ماالتنين رجليهم حطت عالارض، جاهين ادى أمره للغفرا بربط التنين عالعرسان، وقبلها تجريد نصهم الفوقاني من الهدوم، وبالفعل الغفرا إبتدوا يعملوا إكده فوراً.
همام طول الوكت كان جامد وعيبص بعنيه عالكل بشموخ وعزة نفس مانعاه من الانهيار حتي فأكتر المواقف ذل ومهانه،
لكن السيد كلمة انهيار كانت قليله على وصف الحاله اللي هو فيها، لأنه كان عيرجف كيف ورقة شجر فمواجهة ريح شراقي، ودموعه نازله من غير كِبر ولا متلاوم من الناس، وطول الوكت عمال يدعى على همام وصُحبته بعلوا حسه.
إتربطوا التنين وفضلوا قبال عيون الناس متنشرين كيف الغسيل عالحبال، ومستنيين القصاص،
لغاية ماوصلوا ابهاتهم، وبمجرد ماوصلوا الشيخ جاهين شاور لبشندي، وبشندي فهمه ودخل المندره وجاب منها كورباجه، وطلب من الحاضرين اللي معاه كورباج عفي فيهم يجيبه،
وطبعاً ألف من تطوع وجرى علي بيته يجيب كورباج، ومن بين الكرابيج اللي جات كلها بشندي نقى اقواهم وأشدهم واختاره.
وجاهين وجه كلامه لابو همام وابو السيد يأمرهم بحزم:
يلا كل واحد فيكم يتلافى كورباج ونفذوا حكم ربنا بيدكم وربوا اللي عجزتوا عن ربايته من صغركم.
ابو همام مد يده ومسك كورباج وإتقدم ناحية ولده وبصله هبابه وافتكر ارضه اللي خسرها والناس اللي كلت وشه بسببه وغيابه عن البيت وقلقه وقهرته عليه، ورفع يده بالكورباج في الهوا ونزل بيه علي ضهر همام خلاه صرخ من الألم، وعلي صرخته وصوت لسعة الكورباج صرخ السيد بخوف وبكى بحسه العالي..
اما ابو السيد فمدله بشندي الكورباج وهزه قدام وشه عشان يمد يده عليه ويمسكه، لكن يده اللي اتمدت كانت عترجف رجفه قوية خلت الكورباج وقع منها بمجرد مامسكه، وبص للشيخ جاهين وقاله بأسف:
سامحني ياشيخ، لا يدي ولا قلبي مطاوعيني أجلد حته من كبدي.. اعفيني منها وخلي غيري يتولى المهمه واني حتي في الموطرح مهقعدشي عشان مهتحملشي، بس أول ماتخلصوا نادموني آخده.. خلص كلامه وجرى من المكان كله، وحركته داي والدموع اللي شافها كرار فعيونه، ورقة قلبه على ولده، خلوا كرار يفتكر يوم جلده، ويفتكر القسوه اللي كانت فعيون أبوه عليه، وكيف كمل المية جلده كلهم بيده، وقلبه مارقش ولا رأف بحاله واصل، كيف مايكون عدوة ولقى فرصته عليه.
أما ابو همام، فهما يادوبك ٥ جلدات ويده في الساته وقفت في الهوا، ونزلها تاني وهو واعي جسم ولده اتفتح جروح من الكورباج والدم سال منه، ومنظره خلى قلب أبوه رق عليه، وبص للشيخ جاهين وبرجاء قاله:
واني مقادرشي تاني ياشيخ سامحني، يدي إنصاعت لقلبي ومقادراشي تأذي اللي اتلقته وهو لساه جاي على الدنيا وربى عليها اكتر من إكده.
إتفهم جاهين رق التنين علي عيالهم وأمر اتنين من الغفر يتولوا مهمة الجلد، وديه خلى نار كرار تزيد أكتر، ومن نص قلبه وروحه دعى على أبوه إن ربنا يجازيه على قساوة قلبه، قلبه اللي عمره ماحبه ولا إعتبره ولده ولاشاف منيه رأفه ولا شفقه كيف اللي عيكنها كل أب لولده.
وبرغم إن التنين اتجلدوا قبال عنيه وفرفطوا فرفيط من الوجع، إلا إن ديه برضوا مشفاش غليله كيف ماكان هيشفى لو الجلد كان تم بيد ابو كل واحد فيهم كيف ماحوصول معاه.
خلص الجلد واتفضت اللمه وجاهين شيع لابو همام وابو السيد ودعاهم لمندرته وخلى الغفر يدخلوا همام والسيد فيها، وقدم واجب الضيافه ليهم، وبرغم إنه عارف إن محدش فيهم هيدوق الزاد، لكن الواجب لازمن يتعمل والاصول متعديش عليه.
وفعلا كيف مالوكل اتحط اتشال ومحدش داق حاجه، غير بس جاهين اللي كل لقمتين عيش بتمر، وديه خلى الكل إتعجب عليه؛ عشان ساب وليمه طيبه من كل شكل ونوع، وكَل الوكل ديه كيف مايكون زاهد متقشف عايش فجوف جبل!
اما كرار فركب طرومبيله وروح وهو حاسس روحه بركان غضب عيفور ويكبكب، وأول ماوصل البيت دخل يدور على شام كيف الديب المسعور، وكانت نايمه فأوضة عديله، اللي من اول ماشافته داخل بزعابيبه وعيتلفت يمين وشمال عرفت إنه ناوي لشامه عالشرور، فزعقت بعلوا حسها وهي عامله حالها موعيتهوش وقالت:
ياورده، يانعمه يافكريه، وحده منكم يابنته تعمل كباية شاي بلمونه للقزينه شامه كنها مسمومه عتستفرغ عمال على بطال غرقت الموطرح والفرشه، وبطنها عتكركب ومعتلحقش تروح الكابينيه عتهرهر علي روحها الحزينه الحقوها هتموت..
ياعيني عليكي ياشامه وعاللي نابك تلاقيكي كلتي حاجه مبخوخ فيها يابنيتي.
شام سمعت كلام ستها عديله وحست إن فيه حاجه مش مظبوطه عتجرا، وبمجرد مالباب إتدفع عليها واتفتح بعنف وتاق منيه كرار وشافته قدامها، قوام مسكت بطنها واتوجعت بحسها العالي، ووطت عالارض في الجانب التاني من من السرير وعملت روحها عتستفرغ بالكدب وفضلت تتبوع، وكرار بصلها وشاف مونظرها واتخيل الترجيع بتاعها وقوام سد الباب عليها وهو عيشتم ويتوعدلها فاقرب فرصه بالحساب العسير.
اما عديله فبلعت ريقها وهي واعياه طالع من البيت مره تانيه، وجرت علي شام ودخلت عليها الاوضه وبحس واطي قالتلها:
بس خلاص مشى بكفاياكي بويع عالفاضي لتلحلحي العيل من موطرحه.. الحمد لله يابتي إنك طلعتي نبيهه وفهمتي عليا، حاكم كرار كان جاي وناويلك على شر، ولو كان مسكك مكانش هيسيبك لو اتلمت عليه ٣ بلاد.
شام بإستغراب: وهو إيه اللي فكره بيا ماكان ناسيني، وليه جاي مقلوب القلبه داي؟
عديله:
متشغليش بالك تلاقي موضوع الدهبات حارقه وحارق أمه، ولازمن هيقعدولهم شويه كل هبابه يتفكروهم وتقوم قيامتهم،
بس إنتي اول ماتشوفي خلقته مقلوبه تعملي حالك عيانه وعتموتي واستفرغى حتي بالكدب، كرار قراف قوي وبالذات من الاستفراغ عيكره روحه ويتوف اللقمه من خشمه لما عيشوف حد عيستفرغ.
ودلوك إلبدي النهارده فالاوضه إهنه ومتبانيش قدامه واصل واني هروح اخلي البنته يعملولك حاجه حاميه تشربيها واقولهم انك بعد الشر اتسممتي ومدروخه؛ عشان محدش ينادم عليكي، ومتنسيش كيف ماقولتلك لما تنامي تناميشي على ضهرك نامى على جنبتك وخلي ضهرك للباب عشان بطنك متيبرزش واتغطي وداري روحك.
شاه هزت دماغها لستها بالموافقه، وطلعت عالسرير ونامت وعطت قفاها للباب واتغطت،
وعديله طلعت بضعف تعمل اللي قالتلها عليه.
اما شام فحطت يدها على بطنها تهدي اللي حركته زادت من اول ماكرار دفع باب الاوضه، ومتعرفش شام ديه نتيجة الخوف اللي حست بيه هي ورجف روحها، ولا البت نفسها خافت من بطش أبوها وحست إنه جاي وناويلهم هما التنين على شر.
أما كرار فطلع وقعد في الجنينه عالمصطبه اللي قدام بيت ابو دراع، وأبو دراع كان قاعد بعيد هبابه جار الدمسه وعيشوي قناديل ويعمل شاي وعيدندن مع روحه،
وكأنه ولا شايف كرار بالمره، وكرار فضل يفروك فموطرحه عايز يروح يكلم ابو دراع ويفضفض معاه، ويقوله كد ايه هو مستفقده ومشتاقله وتايه من غيره، لكن عزة نفسه حايله بينه وبين اشتياقه، ومخلياه متردد يروحله ويترمي فباطه.
ومن وسط فركة يمين وشمال سنط هبابه وركز ورفع كف يده اللي فيه الجرح القديم ورفعه قدام وشه واتأمله وإفتكر كل اللي كان يعمله عشانه أبو دراع ومحبته القديمه وحمايته وحنيته وخوفه، وسأل روحه ياتري ليه كل ديه إتغير وياترى راح وين، وإيه اللي غير النفوس وخلاها تنفر من بعضها إكده، وليه الدم بقى ميه؟
وفي اللحظه داي قطع تأمله وتفكيره يد ممدوده قدام وشه بكباية شاي، ومن غير مايرفع عينه على صاحبها عرفه من الخاتم اللي فيده، فاتبسم وغمض عنيه وخد نفس عميق كأن روحه كانت على طرف مناخيره وردت جواه من تاني، ورفع عنيه على ابو دراع وهو عيمد يده ياخد منيه كباية الشاي وبعتب قاله:
يدوم الخير ياصاحبي من يد مااعدمها.
أبو دراع وهو عيقعد جاره ويمدله قنديل شامي مشوي كان فيده التانيه:
من قلبك معاوزش تعدمها بعد مادوقت ضربها؟
كرار وهو عياخد منيه القنديل:
متفكرنيش عاد خليني ناسي.
ابو دراع رفع القنديل بتاعه علي خاشمه نحت منيه نحته ورد عليه وهو عيمضغها:
يد أبو دراع محدش عيدوقها ويقدر ينساها ولا ينسى ضربتها واصل، متحاولش.
كرار بصله بطرف عينه ومتكلمش وبدأ ينحت في القنديل بسرعه وغيظ ومنظره خلي أبو دراع سأله وهو عامل حاله إنه مش مديله إنتباه:
هاه قول إيه اللي مخليك قاعد تحوص كيف مره عتطلق من ساعة ماقعدت وحتي وكلك وكل واحد مغلوب؟
قول إيه اللي غالبك؟
كرار بوجع: همام والسيد عاودوا البلد.
أبو دراع بلا مبالاه:
وايه يعني مايعاودوا؟!
كرار وهو جازز علي سنانه:
ياابو دراع عقولك اللي خدوا شرف مرتي قبلي عاودوووا البلد من تااااني.
أبو دراع: إيوه واخد بالي، طيب ودلوك يعني خايف يقولولك عايزين مرتك نوبه تانيه ولا إيه؟
ماخلاص ياكرار زيد بعد عن عبيد وكل واحد فحاله، انساهم وانسى كل اللي جرا، ومرتك اهي محبوسه فبيتك بين اربع حيطان لا حد هيشوفها ولا هي هتشوف حد، وهما إتجنب شوفتهم واي موطرح يقعدوا فيه.
كرار: وفكرك بإجتنابهم وحبسة مرتي هقطع لسانهم وقولهم اللي هيقولوه لناس البلد؟ ولا فكرك بعد مايتجوزوا إخوات مرتي هيتقطع لسان الناس اللي هيتاكدوا من إن كل كلمه عيقولها همام والسيد صحيحه وإنهم معيكدبوش؟
أبو دراع:
له من الناحيه داي اطمن وقطع لسنتهم خليه عليا اني، واني هعرف مااخرسهم وابلع كل واحد فيهم لسانه بالكلام اللي على طرفه.
إتبسم كرار وبص لأبو دراع بحنين، وحس إنه قاعد دلوك قدام ابو دراع بتاع زمان، سنده وحمايته وحيطته العفيه اللي عيتدارى وراها من كل حاجه عتخوفه، وكان نفسه في اللحظه داي يترمي فحضنه ويقوله إتوحشتك، بس للأسف جمود أبو دراع عليه ممساعدهوشي.
فترة سكوت عدت عالتنين قطعها ابو دراع وهو عيسأل كرار:
ملقيتوش الفلوس والحجج لسه وعرفتوا اللي خدتهم من ناس البيت وتاوتهم؟
كرار بحسره:
له والله ملقينالهمش اثر، وكأن اللي خدهم جني وخفاهم تحت الارض.
ابو دراع بضحكه:
قصدك جنيه.. جنيه نتايه عتقيه مغفلجه هههههه
كرار: تقصد إيه بكلامك وضحكك ديه، وإشمعنا تاهمها فمره مش فراجل؟
ابو دراع رد عليه وهو عيرمي عَصَبِة القنديل بعد ماخلصه:
عشان رجالة البيت محدش فيهم يده طويله ولا ممكن يسرق وطبعه عفش غيرك،
بس إنت أجبن من إنك تمد يدك على لوشه كيف داي، واللي مد يده قلبه قوي ومعيخافش ولازمن يكون يحسن التدبير والتخطيط؛ عشان يعمل العمله الشينه داي، وعشان صنف حوا معروفين بإن الشطان عيطوع عقلهم كيف العجينه، وإن حوا هي اللي طلعت آدم من الجنه، فمفيش غير حوا اللي عتطلع أدم من كل جنه.
كرار: كلامك واعر ياابو دراع وعيقول إنك عارف مين اللي خدت الفلوس والحجج!
ابو دراع وهو عياخد شفطه من كباية شاي كرار يحبس بيها:
اني ولا اعرف ولا ليا صالح، ولا هتدخل مابينكم فمواضيعكم الملغفنه، بعدوني عنكم وخلي ناركم تاكل حطبكم اني مليش دعوه بيكم.
كرار اتنهد وخد من يد ابو دراع كباية الشاي وابتدا يشرب فيها، وعقله إبتدا يتنقل بين حريم البيت؛ ويشوف مين اللي تقدر تعملها وتجروء على عمله كيف داي، وتفكيره مراحش غير لوحده بس بعد ما عقله اقنعه إن كل حريم البيت يعرفهم ويعرف طبعهم، وإن يدهم عمرها مااتمدت على فلوس مهما كان كترها..
والوحده داي هي شام.. شام اللي إدت دهبها لابوها يفك زنقته ومش بعيد تكون هي اللي سرقت الفلوس والحجج وعطتهمله.
بس رجع يقول لروحه إن ابوها جه ومشي وهو ابوه عايش لسه مماتش، وحتي كانش عمه وواد عمه جابوا الفلوس للبيت لسه!
وديه نفى في التو واللحظه شك إتولد حوالين شام كان ممكن يكلفها حياتها على يد كرار.
أما في البيت حدا حوريه والحريم
حوريه: الا هي عديله كانت عتقولكم إيه عااللي متتسماش؟
بدور:
كانت عتقول إنها اتسممت، ياكشي يكون بخ فخشمها حنش ويريحنا منيها.
عدويه:
وه، حرام عليكي يابدور متدعيش عالغافل، هي عملالك ايه يابتي مخليكي حطاها فوق راسك وزاعقه إكده؟ داي كيف ماتكون ضرتك ومكيوده منها مش مرت ولد عمك!
بدور: عملها بافعالها انشاله، وبعدين إيه ضرتي داي، هو برضك اللي يبصلي آني يبص لوحده من بعدي؟
قالت إكده وهي عتعدل فخلجاتها وتعدل فإشاربها على راسها بدلال، وتميل رقابتها شمال ويمين بثقه خلت فكريه ونعمه بصوا على بعض وضحكوا ضحكه مكتومه،
واختها ورده ردت عليها بعد مالوت خشمها شمال ويمين:
إيوه يابت أبوي أمال إيه، دانتي اللي يبصلك مايشبعلك من حلا ولا يمل من طلتك البهيه، دانتي خراط البنات بعد ماخرطك طسته عربيه فرطته فرط ومخرطش غيرك ولا بدالك الحمد لله إنتي اول خرطه وآخر خرطه.
خلصت ورده كلامها ونعمه وفكريه مقدروش يكتموا ضحكتهم أكتر من إكده، وضحكوا بحس عالي، وحوريه سمعت ضحكتهم وزعقت فيهم بعلوا حسها:
إاااكتمي منك ليها ابوكم لساه ميت مكملش سنه ياغوازي وانتوا ضحكتكم رنت في البيت؟
والله عال، آدي ربايتك ياتوفيق وخلفتك وتعبك ومقامك حداهم.
البنات كشروا بندم واستسمحوا امهم وإفتكروا إن ابوهم صوح لساه مطبقش سنه وحس ضحكتهم طلع عالى غصب عنهم، وهما التنين بصوا لورده بلوم عشان هي اللي منها السبب، أما ورده فكانت مشغوله عتبعد عن ادين بدور اللي عايزين يطولوها عشان يحاسبوها علي مسخرتها عليها، ومش منتبهالهم ولا منتبهه للومهم.
حوريه:
يلا وحده فيكم تغور تقول لممدوح ينادم الرجاله عشان يتعشوا، وهموا جهزوا العشا خلينا نخلصوا من فلقة العشا وغسل المواعين وكل وحده تروح موطرحها وتكن، والواحد يفرد ضهره على سريره عاد.
خلصت كلامها وقعدت قدام الكانون وشردت، وعدويه سألتها بشفقه:
مالك بس يابت ابوي شايله هم الدنيا فوق كتافك ليه، هوني على روحك هبابه.
حوريه ردت عليها بعد ماخدت نفس جامد:
الفراق نار عتكوي فى الروح كوي ياعدويه والليل طويل من غير وليف، وساعات النهار معتعديش واليوم ماسخ، وانتي مش مستنيه فآخره راجلك يدخل عليكي من باب البيت بطلته وهيبته وحسه اللي يخليكي تحسي بالامان.
عدويه:
معلهش سنة الحياة ياخيتي، والموت علينا حق.
حوريه بسرحان: بس الوحده مره ياعدويه يختي ميتمناهاش عدوا لعدوه.. يارب ياعدويه تموتي قبل نعيم.
عدويه بفزعه:
وه، ليه اموت ليه، بعد الشر علي لساني صغار توفي من خشمك.
حوريه: يابت ياعبيطه عقولك تموتي قبله بس مش دلوك بعدين بعدين، عشان هو اللي يشيعك لقبرك وهو اللي يعيش وحداني مش انتي وهو اللي يتعب.
عدويه بإدراك:
إاايوه إيوه فهمت، إذا كان إكده يارب ياخيتي يسمع منك ويجعل يومي قبل يومه.
خلصوا الحريم العشا، والرجاله اتعشوا وطلعوا على الشغل لوردية الليل، والحريم شالوا الوكل وشطبوا البيت، وكل وحده راحت على موطرحها..وسكلل البيت بالسكوت من بعد ماكان حس الرجاله عيلعلع فيه ليل نهار معيبطلش،
ومبقاش يتسمع فيه غير حس صراصير الليل وحس الضعاضف، وحس عديله وشام وهما عيتودودوا وعديله تحكي لشام عن كل حاجه كانت عتوحصول في البيت قبل ماتاجي، وعن اللي عيمله توفيق فولده يوم اللي عرف بعملته معاها، وعن اللي قاله كرار، وعن ربطة ابوه ليه في الشجره طول الليل، وعن طلاقه لحوريه مرته،
وكانت تكسر طولة الوكت والساعات البطيئه والليل الطويل ووحشة الاهل على شام بالحكاوي، وتصبرها لغاية ماربنا ياذن ويتولدلها رفيق من بطنها يواسي ويسلي ويصبر ويملى عليها الدنيا ويهون العيشه.
أما حدا الشيخ جاهين قبل ساعات في الديوان..
جاهين وهو باصص علي همام والسيد اللي نايمين على بطونهم وعيأنوا بوجع وتتسابق آهاتهم:
ودلوك يارجاله إدينا حق ربنا باقي حق المخلوق.. عيالكم. لازمن يكتبوا علي خيات المستوره ويتجوزوهم، البنته وحده فيهم كانوا متكلمين عليها وحلوا كلمتهم بعد عملتكم وحدش جالها من بعدها بقالهم ٥ شهور اهه،
والتانيه حدش هياجيلها ولا حد هيدق باب بيتهم بعد العمله السوده اللي إتعملت فاختهم.
أبو السيد:
اللي تشوفه ياشيخ وتامر بيه علي رقابينا سيف.
ابو همام: اللي تقول عليه يمشي ياشيخ.
جاهين: طيب نشوفوا عيالكم هيقولوا ايه يمكن ليهم رأي تاني؟ رأيك ايه ياد منك ليه؟
السيد بوجع وصوت باكي: اني راضي باللي تقولوا عليه بس متضروبوش تاني بالله عليكم، ايوه اني هتجوز هتجوز.
جاهين بص لهمام:
وإنت يامعرعر ايه قولك؟
همام بغضب مكتوم:
وهو فيه قول هيتقال بعد قولك ياشيخ ولا حد يقدر يخالف؟
جاهين لابهاتهم: طيب حيث إكده قولولي سن كل واحد فيهم.
ابو همام: ولدي طبق ال١٨ وزادوا ٧ شهور
جاهين: زين يتعقدله.
ابو السيد:
واني ولدي طبق ال١٧ وزادوا ٥ شهور.
جاهين: له ديه هيتأجل جوازه ٧ شهور تانيين، ومن إهنه ليومها لو المستوره جالها نصيب غيره تتوكل علي الله وتتجوز، مجالهاش يوبقي الحكم نافذ ويتنفذ.
ودلوك خدوا عيالكم وروحوا، والنهاردة السبت، الخميس الجاي ياابو همام هيروح حكيم يجيبك إنت وولدك لبيت عبد الصمد؛ عشان تعقدوا عالبينيه، وتجيب فيدك حتتة دهب على حسب مقدرتك وعلى حسب الذوق والاصول، وفي الوكت ديه تكون جهزتلها موطرح فالبيت وجبت خشبك.
أبو همام بأنصياع:
حاضر ياشيخ اللي تؤمر بيه.
وقاموا التنين وخدوا عيالهم وروحوا.
وبالفعل ابو همام إبتدا ينفذ كلام الشيخ ويرش اوضه من أوض البيت بالجير، وشيع جاب سرير وصندوق وحصيرة، واشترى زتونه دهب يقدمها لعروسة همام،
وكمل كل الشروط، وكل ديه ومرته طول الوكت تعارك وتبرطم عليه وعاللي جايالهم من آخر الدنيا بالنسبالها، ومعارفينش اصلها من فصلها ولا إيه طبعها.
أما حدا عبد الصمد فبيته تاني يوم
دخل علي بناته ومرته وقعد جارهم وهو ساكت وعمال يتطلع على بسيمه من أول مادخل من الباب، وسألته دهب بقلق وخوف:
مالك ياعبصمد فيه حاجه حوصلت ولا ايه، سمعت حاجه عن شام؟ حد جابلك خبر عنها، بتي فيها حاجه؟
رد عليها عبد الصمد وهو لساه عيتطلع لبسيمه:
اطمني علي شام، شام طول ماسامعينش عنها حاجه عفشه توبقي بخير، بس حضري روحك لفراق تاني، جاني مرسال النهارده من الشيخ جاهين عيقول ان الوادين اللي كانوا مع كرار عاودوا، وقالي اجهز حالي واديكم خبر عشان هيجيبه وياجي الخميس يعقدله علي بسيمه ونزفوهاله،والتاني بعد ٧ شهور يعقد على بشاير.
دهب سمعت الكلام وضربت على صدرها بقوة وبحسره ردت عليه وهي باصه لبسيمه:
يامررري، يعني راحت التانيه كيف اختها مش إكده؟ ياحزنك يادهب بناتك عيتفرقوا من حواليكي وحده وحده، وهتصفي لحالك، حتي شوفتهم هتحرم عليكي ولا كنك ولدتي وضنيتي ولا ربيتي وتعبتي.. ياقلة حظك يادهب وقلة حظ بناتك.
عبد الصمد نكس دماغه للارض ومردش عليها ولا على نواحها، لكن اللي رد عليها بسيمه اللي وقفت في نص البيت بشموخ وقالت:
ايه يمه اللي عتعمليه ديه؟ برضك وحده تندب وتنعي وهي سامعه خبر جواز بتها! ديه بدال مازغروتك تجلجل في الدار وتسمع سابع جار؟
طب وحياتك مادام استخسرتيها فيا ماحد مزغرتلي غيري.
خلصت كلامها ورفعت يدها فوق خشمها وضربت زغروته عاليه وطويله طالعه من نص قلبها كأنها صرخه متنكره فهيئة فرح، وفضلت تلف البيت كله وهي عتزغرت، وحتى أوضة ابوها وامها اللي كانت نايمه فيها شام قبل ماتتجوز فتحتها ودخلتها وزغرتت فيها وهي عتبص للسرير موطرح ماكانت شام تنام،
واتخيلت منظرها وهي منتهيه من الوجع والالم وعتصارع الموت، وافتكرت ابوها وهو عيقول عضها ديب، وعليت زغروتتها غصب عنها كأنها نذير حرب أو صوت ناقوس خطر عيدق معلن عن اقتراب أخد التار.
وبعد ماخلصت زغريت واتوكدت إن كل الجيران سمعوا صوت الفرح عيصدح فبيت عبد الصمد، مسكت طرحتها ولفتها علي راسها وهي عتقول لامها وابوها:
اني رايحه لبيت البلانه انقي كام حتتة قماش يليقوا بعروسه، واوديهم
- لام وصفي- الخياطه تخيطهملي قوام قوام؛ عشان يلحقوا يجهزوا قبل الخميس واخدهم معاي،
أصل لو عليكم انتي وابوي مقايمينش من طريق الدخانه، وانتي هتقعدي من اهنه ليومها تنعي، وابوي يقعد جارك يسمع، همي يابت يابشاير تعالي معاي، ولا اقولك خليكي إنتي إهنه طلعيلي الخلجات اللي جوا الصندوق وافرزيهم وشوفي اللي ينفع آخده منهم معاي واللي يتساب، آجي القاكي مخلصه.
وانتي ياام شام قومي طيبيلي شوية فريك ودشيهم عشان تعمليلي هبابة كشك محمصين اخدهم معاي وادسهم فأوضتي اكل منهم في الليل انتي عارفاني عجوع فنص الليل وهستحي من اولها اقوم اكركب فحلل الناس الغريبه وانقص وكلهم..قومي يادهب جهزي حاجات العرايس وافرحي وفرحيني بتك عروسه.
خلصت كلامها وجريت على بره قوام وطلعت وقفلت الباب وراها قبل مايتفضح اللي عتحاول تدارى فيه، وقناع القوة يقع من فوق ملامحها قدام الكل ويفضح زيف فرحتها.
راحت فموطرح فاضي وحررت دموعها وطلعت كل التناهيد المحبوسه، وبعد ماحست إنها شالت من فوق قلبها شويه من الوجع نزفوا مع الدموع، لبست قناع القوة والفرحه الكدابه من تاني، وراحت على بيت البلانه، وفضلت تختار من القماشات الحلوة الملونه، وتختار من اقلام البودره السحريه وموارد الكحل، والمكاحل، وكل حاجه لازمه العروسه فجهازها خدتها من عندها، وكل ديه وهي عتحكيلها هي وحريم البلد القاعدين، واللي بيت البلانه معيخلاشي منهم عن راحة شام وجوازتها اللي ولا في الاحلام، وعن عريسها هي كمان وجماله وغناه واصله وفصله، ورسمت للكل صوره وهميه ولونتها، وخلتهم يشوفوا إنها رايحه لجنه مفيش وحده من بنات البلد وصلتها، وخلتهم يحسدوها ويحسدوا شام على حظهم الزين، وع العرسان اللقطه اللي وقعوا عليهم، واللي الفرحه اللي علي وش بسيمه وفنبرة صوتها وفضحكتها الرنانه عتأكدها.
وعاودت بسيمه لبيتها من تاني وهي محمله بصرر الهدوم والطلبات، وكمان جايبه معاها الحريم اللي عرضوا يساعدوها ويشيلوا معاها ومع البلانه لحد البيت، ويسألوا دهب لو محتاجه مساعده فخبيز الفرح ويعرضوا عليها مساعدتهم.
وبمجرد مادخلت شام بالحاجه نزلتها، وقالت لامها بخباثه:
فين يمه الفلوس اللي رمهالي عريسي عالصينيه حطتيها؛ عشان ادفع منها حق الحاجه داي، هو عاطيني فلوس بزيادة وقالي جهازك كلياته عليا متكلفيش ابوكي حاجه.
بصتلها دهب وسكتت وهي مش فاهمه، بس حس بسيمه العالي خلاها نطقت:
يمه فين الفلوس عقولك الفرحه تولتك ولا إيه؟
دهب بعدم فهم: الفلوس جوا يابتي في الصندوق!
جاوبتها وكانت تقصد فلوس ابوها، لكن بسيمه وصلت الرساله اللي عايزه توصلها للحريم بالمظبوط ومشي الحال.
وعدت الايام قوام وخلص ابو همام كل المطلوب منه، وبسيمه استعدت لفرحها بكل الاستعدادات وفضلت طول الاسبوع تلم البنته فبيتهم كل عشيه ويغنوا ويطبلوا ويرقصوا وناصبه فرح ولا فرح بت العمده،
وجه يوم الحنه وعملت ليلة حنه كبيره، وطبخت هي وامها واختها والحبايب وعشوا معازيمهم،
وكانت ليله اللي يشوفها يقول إنه اصحابها فرحانين عشان ميعرفوش اللي فيها..
وإن فرحتهم مكسوره، وإن غياب شام فيوم كيف ديه كاسر نفوسهم كلهم،
اذن العصر وحضر الشيخ جاهين وحكيم، وحضر همام وابوه، وكذا حد من قرايبهم، وكتبوا الكتاب، ومن بعدها دخل همام البيت بطلب من الشيخ جاهين مع عبد الصمد؛ عشان يلبس عروسته شبكتها، ومن اول مادخل وهو عيتلفت حواليه علي الحريم، وشافت بسيمه عينه اللي زاغت على الحريم من تحت البيشه واتوعدتله تخزقهمله بالهداوة وتخليهم يكرهوا يبصوا لصنف مره، ولغاية ماقرب منها ومد يده بفضول يشوف الوش اللي تحت البيشه إيه شكله؟ وبسيمه اول ما مد يده مسكت البيشه بيدها ثبتتها، وهو طلع الزتونه من جيبه وقالها بهمس:
اكشفي وشك ورقبتك يااسمك ايه البسك الزتونه اني جوزك دلوك متخجليش مني، إسمك بسيمه صوح؟
بسيمه التزمت الصمت، وقوام مدت يدها خطفت منيه الزتونه ولبستها لحالها من غير ماتكشف وشها، وبعدها رفعت وشها من تحت البيشه وردت عليه:
الزتونه اتلبست ومهمتك انتهت خد بعضك واطلع ووكت المشي شيعلي مع ابوي متدخلش إهنه تاني.
قالت كلامها بحده خلت همام يطلع قوام وهو حاسس بالحرج من الحريم اللي كلهم شافوا كسفته من بت عبد الصمد، واتحلفلها بس يدخل بيها بيته ويتقفل عليهم باب هيعلمها تكلم جوزها كيف قدام الناس، وديه هيكون اول درس ليها والبقيه تاجي تِباع.
يتبع.
رواية نفق الجحيم الفصل ٣٣ الكاتبه ريناد يوسف
خلص الفرح وهمام اخد عروسته وراح بيها علي بيته بعد ماودعت أهلها هما بالدموع وهي بالفرحه والضحك والهزار قدام الناس كيف ماتكون واخده واحد بعد حب سنين طويله
وصلوا البيت وام همام وقفت بسيمه علي بابه، ومدتلها كباية حليب عشان تشرب منها، لكن بسيمه رفضت وقالت إنه عيوجع بطنها، وهمام بس اللي شرب، والصدمه الكبيره للكل لما قالتلها حماتها خشي برجلك اليمين، وبسيمه رفعت فستانها وقدمت رجلها الشمال ودخلت البيت بيها، وخلت كل الواقفين شهقوا من الفال العفش، وام همام وشها جاب الوان من اللي عيملته عروسة ولدها، واللي أول نوبه يحصل.
اما بسيمه فدخلت البيت وهي عتتوعد لسكانه فقلبها وتهمس لروحها وهي عتتطلع في الوشوش حواليها وتقولهم:
تبقوا غلابه لو فاكرين إن الخراب والفال العفش هياجي لبيتكم من بوق لبن متشربش ولا تقديم الرجل الشمال عن اليمين، الخراب هياجي على يدي وبتخطيطي وتدبيري.
دخلت البيت قعدت وسط الحريم وهمام طلع قعد بره وسط الرجاله والشباب اللي جايين يجاملوه فيوم فرحه،
واللي كل واحد فيهم ليه في سكة الحشيش جاب فجيبه تحيه مخصوصه لهمام عشان يعمر دماغه، وهو شاف الحشيش عبى حجره وحس إن اليلادي ليلة حظة، وإبتدا يلف ويشرب ويضحك بعلوا حسه من بعد مااتسطل السطله التمام.
اما حدا بسيمه، فبعد ماقعدت وسط الحريم حانت اللحظه الحاسمه اللي الكل مستنيها، لحظة رفع البيشه من فوق وشها، فاتقدمت أم همام وهي مكشره من عملة بسيمه، ورفعت البيشه من علي وشها، وغصب عنها لما كشفت وشها ملامحها المكشره اتفردت وحواجبها اترفعت بصدمه، وهمست بحس مسموع للقريب عليها:
باضتلك في القفص والله ياهمام!
وبعدت من قدام بسيمه وعطت مجال للكل يشوفها، ونفس الصدمه بانت على وشوشهم، أما بسيمه فكانت عامله كيف قطعة سكر في وسط الواح شيكولاته.
ثواني والكل إبتدا يفوق من صدمته، وتتقدم منها الحريم وتحط فحجرها النقطه، كل وحده واللي تجود بيه، ولاحظت بسيمه عيون لواحظ ام همام اللي كانوا طول الوقت ناطين فحجرها وعيعدوا كل ميلم عيتحط فيه، وبعد ماخلصت الحريم نقيط وابتدوا يمشوا، والبيت شويه بشويه فضي من معازيمه، إتقدمت لواحظ من بسيمه وسألتها وهي عتبص للي فحجرها:
عَطوكي كد ايه فلوس الحريم؟
ردت عليها بسيمه وهي عتلم أطراف توبها عاللي فحجرها وتداريه من عيونها:
معارفاشي، مكنتش ععد عيب مني أعد الفلوس اللي الناس عتعطياهني وهما لسه قاعدين ممشوش، يقولوا عليا إيه مشفتش؟ ولا موردش عليا؟ واني كل اللي نقطوا بيه الحريم ديه مياجيش نقطه فبحر خير ابوي.. دلوك اعدهم علي رواقه واشوفهم كام وابقي اقولك عليهم.. فين أوضتي حد يدلني عليها تعبت من القعده ضهري واجعني.
اتمصمصت حماتها ولوت خشمها شمال ويمين وردت عليها:
ضهرك واجعك! طيب يابوي اهي أوضتك روحي عليها، والفلوس بعد ماتعديهم تجيبيهملي.
بسيمه بحده:
أجيبلك نقطتي ليه؟
ام همام: عشان النقطه داي يانن عين امك جايه مجامله ليا اني مش ليكي انتي.. اني اللي عطلع واجامل وانقط والناس جايه تردهولي، هما يعرفوكي من وين اصلاً، ولا تكونش امك اللي جاملت وجايه الحريم تردهولها؟
وقفت بسيمه واتقدمت خطوتين لغاية مابقت قدامها وبشموخ بصتلها وردت عليها:
اني أمي لو شفتي رد جمايلها كنتي خجلتي من الملاليم اللي جات لعروسة ولدك، واللي لو على قولك رد جمايلك.. يوبقي أنتي عتجاملي بالملاليم، واني ناسي معودين عيني ويدي لايمسكوا ولا يبصوا للملاليم، قالت إكده وسابت توبها اللي كانت لاماه عالفلوس خلتهم وقعوا كلهم عالأرض تحت رجليها وهملتهم وراحت على أوضتها وهي رافعه راسها للسما، وعتمشي بكل تعالى.
وهملت وراها لواحظ أم همام وهي قايده نار من اللي عتعمله بسيمه من أول ماوقفت على عتبة الدار لغاية مادخلت الأوضه وطبعت الباب وراها بعنف خلت المحاره الطين وقعت من حوالين الحلق بتاعه!
وطت على الارض هي وبناتها يلموا القرشينات المتبعشكين قبل ماياجي همام ويشوفهم وياخدهم يجيب بيهم مدعوق من اللي عيشربه أو يشوفهم أبوه وياخدهم بحجة إن جواز همام مخلاش معاه فلوس، وفي الحالتين الفلوس مفقودين.
اما بسيمه فدخلت الأوضه وراحت على الصندوق اللي فالزاويه بتاعتها واللي اكيد خلجاتها اللي سبقوها حطوهملها فيه، وفعلا لقتهم، وجار منهم لقت خلجات رجالي وعرفت انهم لهمام، فطلعتهم قوام ورمتهم جار الصندوق عالحصيره، وكأنها رافضه اي إختلاط مابينهم من اي نوع حتي إختلاط الخلجات بتوعهم مع بعض،
وخدتلها جلابيه وغيرت فستان الفرح ولبستها،
وطلعت البنس من شعرها وربطت عصبه متزوقه بشلايل الصوف الملون علي راسها وراحت على صينية الوكل المحطوطه عالطبليه ومتغطيه، كشفت غطاها وقعدت وإبتدت تاكل.
شويه والباب إتفتح ودخل منه همام اللي وقف مصدوم ثواني وهو شايف بسيمه متربعه عالأرض ومديه ضهرها للباب وعماله تاكل من غير كسوف ولا خجل! كنها متربيه في البيت وعتاكل على طبلية ابوها!
رد الباب وإتقدم ولف حوالين الطبليه ووقف قدامها، واول ماشاف وشها قلع الطاقيه بتاعته بصدمه ورماها بعيد، وقعد جارها عالارض قوام وقالها وهو عيتامل فيها:
إنتي حلوه إكده صوح ولا الحشيشه مضروبه؟
بسيمه بصتله ومردتش وكملت وكل ولا كانه قاعد قدامها ولا عيكلمها، وهو فضل قاعد يتطلعلها ويفرز كل إنش فيها من شعرها لوشها لجسمها لحركة خشمها وهي عتاكل، لحركة اديها وشخللة الغوايش اللي فيهم كل ماتمدهم عالوكل ويخبطوا في الطبق،
وحس إنه غدى بركان نار وخلاص هينفجر لو ماملك كتلة الجمال داى بأديه دلوك، وبدون مقدمات مد يده ومسك يدها وبلهفه قالها:
بزياده وكل الوكل قاعد قومي نشوفوا اللي ورانا فلاول.
ردت عليه بسيمه وهي عتنتر يدها منه:
هو إيه اللي ورانا ديه؟ قوم شوف وراك إيه إنت اني موراييشي حاجه.
همام وقف وإبتدا يشدها من يدها يقومها وهو عيقولها:
اللي وراي مينفعشي اشوفه لحالي لازمن إنتي تكوني معاي.. قومي ياعروسه قومي دانتي طلعتي كيف قمع الجلاب.
بسيمه وقفت وبأديها التنين وبحيلها كله زقته ومع السُكْر اللي كان فيه إترنح وكان هيقع، لولا مامسك فعمود السرير، واتعدل قوام وبصلها والشرار بدأ يتطاير من عنيه وبغضب همسلها من بين سنانه:
إنتي كيف تجروئي تمدي يدك على جوزك يابت الكلب ياعديمة الربايه انتي؟!
بسيمه وهي عتتقدم عليه بكل جرأة ومن غير ذرة خوف:
اللي عتقول عليه كلب ديه سيدك وسيد ابوك وتاج راسكم، ومخلفش انجاس زيك عشان يتقال عليه كلب.
همام بصدمه:
يعني عتقولى على ابوي كلب على إكده ومعنى إكده إن اني إبن كلب؟
عترديها يابت المركوب؟
طب وربي وما اعبد لاكون موريكي النجوم ومطولهملك بيدك من كتر ماهتمديها تستنجدي بحد ومهتلاقيشي.
قال كلمته وهجم عليها وهي مع هجمته حطت روحها على كفها وحلفت لتأذيه وتوجعه على كد ماتقدر وحتي لو المواجهه هتنتهي بموتها.
وبالفعل حصل الاشتباك وهمام مسك شعر بسيمه ورفع يده عشان ينزل على وشها بكف شديد، لكنها قوام قربت منه لدرجة إنها اتلصقت فيه، وديه خلاه ميعرفش يضروبها بالكف ولا يتملك فضربها، وإستغلت القرب ديه ورفت ركبتها وضربته فمنطقه حيويه هي متأكده إن اقل ضربه فيها هتخليه يرفع رايات الاستسلام فورا.
وبالفعل هو ديه اللي حوصول لما ضربته الضربه اللي خلته ساب شعرها واترمي على السرير يتألم ويعوي كيف الكلب، ووشه غدا اوحمر كيف حبة الطماطم المستويه،
وبسيمه وقفت تبص عليه بتشفي، ولما لقيت إنه هيطول فالتألم راحت علي الطبليه وقعدت وبدأت تاكل من تاني.
أما همام فكان حاسس إن روحه عتطلع والنار شابه فبدنه كله لما حتتة بت تخليه يفرفط من الوجع إكده، وفوق دول ودول راحت تاكل ولا همها.
خلصت بسيمه وكل وقامت وراحت علي خلجات همام اللي جار الصندوق ومسحت فيهم يدها وخشمها قدام عينه، ورمتهم عاالارض، ولسه هتلف عشان تروح تنام، إتفاجئت بيد من حديد عتتلف حوالين وسطها وفثانيه كانت عتطير في الهوا وتتهبد على السرير بقوة خلت ملل السرير اغلبهم وقع،
وبجسم همام عيترمي فوقها كيف الجتيمه وهو عيحاول يثبت حركتها وبغضب الكون كله عيهمسلها:
ماعاشت ولا كانت ولا اتولدت اللي يتقفل عليها هي وهمام باب واحد وتفلت من يده، هتشوفي دلوك يابت المركوب واد الكلب هيعمل إيه فيكي، اني مرتي تمد يدها عليا وتأذيني؟
ردت عليه بسيمه بنديه وقوة نابعه من كرهها لقربه وأنفاسه:
له اتولدت وعايشه واهي قدام عنيك، ولو هتاخد حاجه مني يوبقي هتاخدها بعد موتي..وهتشوف إن بت المراكيب اقوي من ولد الكلاب.
خلصت كلامها وإبتدت تحاول تتخلص من قبضة همام وتقل جسمه، وهو رد عليها بتصميم:
كيف ماتحبي، وإبتدا يشيل ويهبد فأديها عشان يضعف مقاومتهم وضاغط عليها بتقل جسمه لدرجة إنه كتم انفاسها وطبق ضلوعها، ووشها إبتدا يحمر، ورجع لورا وضربها أول روسيه خلى راسها اترجت وعنيها زاغت والدنيا لفت بيها، وخلاص قوة جسمها ابتدت تخور وإبتدت عنيها تقفل،
لكنها في اللحظه الأخيره لمحت فرقبته العلامه اللي خلت القوة تدب فجسدها من تاني وتفتح عنيها على وسعهم، وغضب اتولد جواها خلاها لفت رقابتها واتفادت روسية همام، ونفضته من فوقها بقوة متعرفش جاتها من فين، وقامت كيف مارد جبار قام من رقاده،
وفطت فوق صدر همام واتشعبطت فيه وميلت على رقابته موطرح العلامه اللي قالتلها عليها اختها شام إنها خربشت اول واحد فيهم فرقبته وهي فيها الحيل قبل مايتكاتروا عليها،
واللي بيها عرفت بسيمه إن همام هو اول نجس خد شرف اختها وهو اللي بدأ من حداه الأمر كله،
عضته عضه خلت روحه شاغت ومسابتهوش حتى وهي دايقه طعم دمه فخشمها، وهو في الوكت ديه كان عيحاول يبعدها عنه بكل قوته، لكنه كل ماكان يشدها من شعرها ولا يزيحها بعيد عنه، كان يحس إنها هتطلع بحته من لحم رقابته فخشمها، كيف ماتكون قرادة ودفنت دماغها فجلده!
فملقيش قدامه غير إنه يحاول يلف كفوف اديه حوالين رقبتها، وفضل يحاول لغاية مانجح اخيراً، وابتدا يخنق فيها بكل قوته، وثواني وكانت مستسلمه ورافعه راسها من رقابته،
ومع ضعفها من الهوا اللي اتمنع يدخل رئتينها قدر اخيراً يسيطر عليها، ووحدة وحدة رجع تاني يبقي سيد الموقف والمسيطر على المعركه، وبسيمه حست إن روحها خلاص هتطلع وانفاسها اتقطعت،
وبحلاوة روح ابتدت تدور باديها علي اي حاجه تضروب همام بيها، ولحسن الحظ يدها طالة قله كانت على الطقطوقه الخشب فوق صينيه جار السرير، فمسكتها وبحيلها كله نزلت بيها على دماغ همام خلته طب ساكت سايح فدمه.
اماحدا بيت المقاول قبل ساعات:
كرار راح على ابو دراع وقعد جاره واتنهد بديقه
أبو دراع: عقولك ايه ياد إنت اني معحبش اللي يقعد ينفخ ويفش جاري كيف الضعضفه، ياتقول فيك ايه ومالك ياتقوم تغور من جاري وتهملني اني مناقصشي.
كرار: متدايق ومخنوق وحاسس اني هطق
ابو دراع: طب ماتطق ايه حايشك!
كرار: يابو دراع عتكلم صوح اني معتمضحكشي
أبو دراع: طيب واللي هيطق ديه يعملوله ايه عشان ميطوقش؟
كرار: معارفشي.. تعالا نطلعوا نتمشوا هبابه في البلد اني اليومين دول قرفت من الشغل للبيت وحاسس حالي محبوس فقمقم
ابو دراع: بسيطه لو المشي مهيخليكش تطق قوم نتمشوا، مع إني كان نفسي تطق عشان اشوفك مكبوس ايه من جوا، بس يعني هو باين من غير مااشوف محشي غباوة.
كرار قام ومردش عليه وابتدا يمشي قدامه على بره وحصله ابو دراع وابتدوا يتمشوا في البلد
وهما ماشيين عدوا من قدام بيت العمده، وكرار رفع عينه لفوق وشاف بت العمده واقفه في الشباك، فاتلفت حواليه ولما ملقاش حد قوام اتبسملها وغمزلها، ومصدقش عنيه وهو واعيها عتبادله الإبتسامه وتداري وشها بطرف شالها بخجل!
همام بضحكه:
صوح البت بت والمره مره يابوي، الوحده بعد ماعتتجوز عتفتح وعينها عتوبقي بيضه وعيهمهاش.
أبو دراع بعدم فهم:
تقصد إيه؟
كرار: اضرب عينك فوق وأنت تفهم قصدي.
رفع ابو دراع عنيه على شباك بيت العمده وشاف بت العمده واقفه فيه وماشيه معاهم بعنيها ومتابعاهم، ورجع بص لكرار وقاله:
داي بت العمده! امال جواز ايه اللي عتتحدت عنيه؟
كرار: جوازها.. هي مش اتجوزت واد عمها ولا ايه؟ داي كانت عتجهز لفرحها قبل مااني اتجوز؟
ابو دراع: له ماهو العمده فركش الجيزه، الظاهر إنه اختلف هو واخوه على حاجه وزعلوا وكل واحد راح لحاله.
كرار بفرحه: ياالف خبر حلو، يامية ليله بيضه، امال اني معرفتش بحاجه كيف داي ليه؟
أبو دراع: له ماانت مكونتش فاضي، إنت كنت عتحوز فبنات الناس فى الانفاق وتعمل فيهم عمايلك السودة.
كرار: متفكرنيش عاد بالسيره المطينه داي.
ابو دراع: صوح علي حس السيره المطينه، سمعت إن همام النهارده فرحه علي اخت مرتك، إيه هتخلي مرتك تروح تشوف اختها ولا ايه؟
كرار بغضب: إنت عتقول إيه ياابو دراع؟ كنك خرفت عاد!
أبو دراع: طيب خلاص بلاش هي تروحلها، اختها هي اللي تاجيلها.
كرار:متلفش وتدور عليا ياابو دراع عشان ديه مهيوحصولش، ولا هي هتطلع بره عتبة الدار ولا حد من ناسها هيعتب عليها، ديه اللي حداي ومفيش حديت غيره.
ابو دراع:
هتكون قاطع صلة رحم.
كرار: واقطع الرحم من جدوره لو هيخلي همام يشوف مرتي ويتفكر اللي عيمله معاها، مش كفايه إن اللي عيمله معشش فخياله، هيوبقي فكر وشوف ياابو دراع؟
ابو دراع سكت ومرضيش يجادله ولا يضغط عليه زياده، لأنه خابر إن الموضوع ديه مأزم كرار ومخلي خلايقه دايقه، وهو اللي معكر عليه صفو عيشته.
لكنه بعد شويه سأله:
الا قولي ياكرار شايف اليومين دول الأمور هاديه وتمام بينك وبين مرتك اللهم لا حسد يعني، يارب تكونوا اتصافيتوا وربنا هداك عليها.
كرار: ولا عشوف سحنتها حتي ولا نفسي طايبه عليها.
ابو دراع: واه! معتزلها اياك؟ طب والله اني شفقان عليك عشان معارفكشي هتتحاسب علي ايه ولا ايه ياحزين، دانت شكلك هتخلد في السعير.
كرار: له ياخوي اروحلها وتحبل وتجيبلي عيل من عرقها الدساس يجيبلي العار، والله لو جات بت يوبقي شلت الطين بدري بدري، وعمتي مصبوغه مصبوغه.
ابو دراع بديقه:
استغفر ربك ياخي وبكفياك ظلم دانت باطلى.
كرار:مالك يابوا دراع اتنجمت ياك؟
ابو دراع: ايوه اتنجمت، وغور يلا من جاري، ولا اقولك اني معاود ومهملك، اني اصلا معارفشي ايه اللي جابني معاك وخلاني اماشي واحد زيك،
داني اماشي شيطاني ارحم منك عالاقل دوكها اول مااذكر عليه إسم ربنا يتحرق، إنما إنت لا كلام ربنا ولا قرآنه ولا عقابه مخوفينك ولا ماثرين فيك،
واللي محداهوش خوف من ربه محدش يآمن لقعدته جاره.
خلص كلامه ومشي وهمل كرار يكمل طريقه وحده لغاية المعديه،
راح قعد عليها شويه وعاود من نفس الطريق من قدام بيت العمده، ومن أول ماوصل قبال البيت اترمت قدامه حتتة قماشه حمره ملفوفه على زلطه صغيره، وقف كرار واتلفت حواليه واتلفت لفوق وشاف بت العمده باقيه على نفس وقفتها فى الشباك،
وعرف إنها هي اللي رمتله القماشه، فميل خدها وهو واعي الغفير اللى عالباب ملهي عيسلك فبندقيته ومواخدشي باله، وبمجرد مااخدها ومسكها فيده دسها فجيبه وبص لفوق وشاف شوقيه مبتسماله، وهو شاف إبتسامتها لتاني مره وقلبه رقص من الفرحه وبالذات وهو واعيها عتشاورله على ورا البيت،
وورا البيت ارض فضا مزروعه بوص شامي، يعني اللي يحتمي بيها محدش يشوفه، فما صدق شاف الإشاره وراح قوام ورا البيت واستني على نار،
وهو واقف فك القماشه ولقاها منديل حرير متطيب بعطر ريحته طيرت البرج الفاضل من نافوخه،
وبعد دقايق شافها عتطلع من باب البيت الوراني تتسحب، وراحتله بعد مااتلفتت يمين وشمال بحذر، وأول ماوصلت قباله قالتله بنبرة صوت كلها أنوثه وإغراء:
عقولك يااسمك ايه إنت، إسمك كرار مش إكده؟ عقولك ياكرار من غير رط كتير اني شايفه إنك عينك مني من زمان بدري، وعتراقبني في الراحه والجايه، وعميلت كذا مشكله إنت واخويا عشان إكده، فياواد الحلال لو ليك غرض في الحلال إتقدم لابوي واطلبني منيه؛
عشان واد عمي عيحرجم وعايز ياخدني غصب، واني بصراحه مرايداهوش ولا عايزه ابعد عن بلدي، اني عحب بلدي والقعده فيها، وكمان..وسكتت شويه قبل ماتكمل:
وكمان مهكدبشي عليك إنت عاجبني وشايفاك احسن وارجل من واد عمي ب١٠٠ مره، ونفسي لو هكون مرت حد اكون مرتك إنت ياسيد الناس.
كرار كان يسمع وهو مش مصدق روحه؟!
وطول الوكت عيهمس لنفسه:
معقوله شوقيه بت العمده اللى طول عمرها عامله كيف النجمه البعيده وكل شباب البلد عيتطلعولها بحسره،
كيف ماتكون حلم بعيد صعب تحقيقه تقوله هو الكلام ديه؟
وتختاره دوناً عن شباب البلد كلهم عشان يكون جوزها؟ وكمان فضلته علي واد عمها؟
كرار كان فاتح خشمه بصدمه ومش عيتكلم ولا حتي عيرف بعينه، وشوقيه ضحكت بخفه على منظره وهمستله بحس يدوب الحجر قبل ماتمشي وتعاود لبيتها من خوفة حد يشوفها ويقول لابوها:
خلاص ياكرار اديك معاك خبرك، بس لو هتاجي استعجل عشان مفيش وكت، خلصت جملتها ورمحت علي البيت، وهملت وراها كرار حاسس إن حد شربه سجارة حشيش من النوع الفاخر، و إختلطت معاه الحقايق بالاوهام، ومبقاش عارف اللي إتقاله من هبابه ديه حقيقه ولا تهيؤات!
وللحكاية بقيه..
رواية نفق الجحيم ٣٤ الكاتبه ريناد يوسف
عاود كرار للبيت وهو مش مصدق روحه وكل هبابه يطلع المنديل من جيبه يبصله ويشمه ويرجعه لجيبه تاني، ولغاية ماوصل البيت وميعرفش كيف وميته وصل وهو مش داري بروحه ولا بالخطاوي اللي عيمشيها، واول مادخل دور علي امه لقاها فى الموطبخ راحلها وخدها من يدها وراح بيها على أوضته وقفل الباب وقعدها قدامه عالسرير وبلهفه وتوتر قالها:
أم كرار عايزك فمسألة حيا أو موت.
ردت عليه امه بخوف:
بعد الشر عليك من الموت ياولدى موت إيه كفاله الشر.. قول ياكرار ايه اللي جرا معاك متوقعش قلبي
كرار:
قوليلي انتي في الاول عتحبيني كد ايه؟
ردت عليه حوريه قوام:
كد نور عيوني ياولدي
كرار: واني علي كد المحبه اللي ليا فقلبك عشمان.
انتي عارفه اكيد انتي اتظلمت في الجوازه اللي جوزهاني ابوي دي ومفرحتش ولا حسيت اني اتجوزت، ولحد دلوك حاسس اني لساتني ماشفت صنف الحريم ولا حداي مره.
حوريه: ايوه ياولدي عارفه وحاسه بيك.. ربنا يسامحه ابوك موطرح ماراح ويغفرله اللي عيمله فحقك.
كرار: اني مجايلكش عشان تترحمي عليه وتتصعبي عليا، انا جايلك اقولك ان ربنا بعتلي العوض لحد عندي كيف مايكون عيطبطب على قلبي ويراضيني بيه،
بت العمده يمه كانت عيني منها من زمان وكنت عتمناها من كل قلبي بس النصيب حط واد عمها مابينا.. ودلوك النصيب اتعدل من بعد ماقولت خلاص راحت من يدي.
حوريه: ايوه شوقيه، سمعت إنها هي وواد عمها سابوا بعض من بعد ماكانوا عيجهزوا للجواز.. بس إنت هتاخد وحده متسابه ياكرار ودخل على بيتهم واحد غيرك وملى عينه منها واتمناها؟
كرار بعصبيه:
يعني يمه مااخدش وحده حد غيري اتمناها واني واخد وحده اتكشفت علي راجلين قبلي! انهي الأوعر بس يمه؟
حوريه: وهو انت يعني لازمن تاخد وحده معيوبه؟ متسيبني اني اشوفلك وحده زينه على مزاجي، قطه مغمضه متعرفش للشارع طريق ولا عمر رجلها خطت بره بيتها كيف خياتك وبنتتة عمك إكده، وتكون من بيت وبت ناس.
كرار بديقه:
له يمه اني معاوزش غير شوقيه لا عاوز قطط ولا كلاب، وبعدين عقولك القلب رايدها يمه والعين هاوياها.
حوريه بإستسلام:
طيب بشوقك، بس مفيش جيزه ولا فرحه غير بعد سنوية ابوك اني عقولك اهه.
كرار: واني معاوزش غير بس ربط كلام واضمن انها تكون ليا، وآني مش استني للسنويه بس، داني استني الف سنويه.
حوريه اتنهدت: طيب مادام قلبك وعقلك عزموا امرهم خلاص، خد عمك واخوك صفوت وروحوا علي بيت العمده واتحدتوا معاه عليها.
كرار بخوف:
طيب وهو هيوافق يجوزهاني يمه، يعني بعد المشاكل اللي كنت اعملها مع ولده، وكمان إني متجوز قبلها والمشاكل اللي كنت ععملها في البلد كل ديه مهيخليش ابوها العمده يقول له؟
حوريه:
وايه يعني شباب عيتعاركوا، وبعدين كل الشباب دمهم عيوبقي حامي فأول عمرهم، وإن كان على جوازك قبلها، ابوها متجوز تنين على امها يعني حاجه مهيشوفهاش غريبه، وكل مقتدر من حقه يعدد.
ضحك كرار وهو عيقولها:
واه بقي ديه كلامك دلوك، كان فين الحديت ديه لما كان ابوي عايش وكنتي ميته فجلدك من إنه يعملها؟
حوريه:
الله يرحمه الحمد لله انه مات من قبل مايعملها..خلينا في المهم دلوك.. هتجيب فلوس للجيزه والجواز من فين؟
كرار:
من أمي حبيبتي
حوريه: وامك هتجيب من فين ياحسره؟
كرار: ياما في جرابك ياحاوي اني خابر زين، وعارف إن جيب مرت المقاول ميخلاشي.
حوريه بتفكير:
ايوه بس حتي لو جيب مرت المقاول فيه نفحه متشاله للزمن، لو عطيتهالك إنت اخوك اللي عايز يتجوز زيه زيك يقول إيه؟ ماهيعوز من جراب الحاوي هو كمان وجراب الحاوي مفيهش يكفي جيزتين، وبعدين إنت ناسي إن فيه فلوس ضايعه من البيت واللي هيطلع اي قرش دلوك هيوبقي هو اللي خد الفلوس وتثبت التهمه عليه؟
كرار بزعل: إيوه يعني إيه دلوك؟
حوريه: سيبها شويه لقدام اكون جمعتلها حل.
كرار وقف ورد علي أمه بعصبيه:
له يمه الموضوع ديه ميتاجلش، عالاقل نخطبوها والجيزه نبقوا نشوفوا فيها صرفه.
حوريه: طيب ماشي سيبني اني اروح لاول بيت العمده وافتح ودن مرته ام شوقيه على إنك رايد بتها،
واعملها البحر طحينه كيف ماعتعمل ام العريس وارسمك قدامها رسمه زينه واعشمها بالجنه،
عشان لما تروح تتقدم رسمي تلاقي الباب موارب والقبول على طراطيف اللسان.. بس لازمن عشان اروح اخد حاجه لشوقيه فيدي مينفعشي اخش عليها فاضيه، وخصوصي إني رايحه ازغلل عينها وعين امها.
كرار قعد تاني جار امه واتكلم بحماس:
إيوه زي ايه الحاجه داي يعني يمه؟
حوريه:
حاجه دهب ياكرار تليق بمقام بت العمده، كردان، لبه، غويشتين تعبان، زاتونه، كفه دهب، حاجه كيف إكده يعني.
كرار جز على سنانه ورد عليها هو وباصص بعيد:
كانوا نفعوا دهبات بت المركوب اللي راحت تديهم لابوها الشحات وكانوا فكوا زنقه دلوك،
بس هرجع واقول كل ديه من جوزك وظلمه.. ظلمني وهو حي وهو ميت الهي يج...
وقبل مايكمل حوريه حطت يدها علي خشمه منعت الكلمه تطلع وقالتله:
يرحمه ياكرار، ربنا يرحمه ويسامحه ياولدي الميت معتجوزش عليه غير الرحمه وديه مهمن كان ابوك وهو السبب فانك عايش على وش الدنيا دلوك.. همل إنت بس كل حاجه عليا ومحلوله بعون الله بس امانه عليك ياولدي ماتخلى خشمك ينطوق بالدعا على ابوك مره تانيه.
كرار برجاء: بس اوعاكي تهملي ولا تتواني يمه اني حطيت قلبي فيدك ومش هسامحك لو كسرتيه وخليتي شوقيه تفلت مني.
حوريه بحنان: متخافش يانن عين امك شوقيه ليك خلاص حط فبطنك بطيخه صيفي مغفلقه.
كرار بفرحه: تسلميلي ياست الناس كلهم وست الكل وتاج راسي.
خلص كلامه وأمه طلعت وهملته في الاوضه قاعد يمني نفسه بفرحه كبيره جياله، وعوض لقلبه عن كل اللى شافه على يد ابوه، وعيدعي ربه إنه يجعل شوقيه من نصيبه، وحتي من الفرحه منامش في الليله داي واصل،
وطول الليل يتقلب علي جمر التمني والمنديل كان رفيق ليلته وكليمه اللي كان حاسس إنه بقاله لسان وعيتكلم، وعيردد فكلام شوقيه اللي قالتهوله،
وبعد كل مره يخلص الكلام كرار يحط المنديل على خشمه ويحبه كيف مايكون عيحب الخشم اللي قاله..ولحد اذان الفجر وكرار على حاله، وبعدها قام طلع عشان يروح الشغل اللى بقاله يومين ماراحهوش مع عمه والباقيين لان الحجج اللي حداه خلصت لحد إهنه.
وبعد هيصة الفطور الكل طلع، ومن بعد ماكانوا عياخدوا الليل والنهار شغل وخلصوا تلات تربع المشاريع شغل، قرروا إن الشغل يكون في النهار بس، والليل يكون للراحه ويدوا حق بدنهم عليهم اللي جم عليه بالقوى في الفتره الاخيره وهلكوا صحتهم، وجسمهم بقى يصرخ مطالب بالرحمه.
وبعد مامشوا الرجاله والحريم خدوا مواقعهم بأوامر من حوريه، اللي في الموطبخ عتطبخ واللي عتغسل المواعين، واللي طلعت عالسطوح تقرص الجله، واللي جابت غلة قمح وعتسلق فريك، واللي عتكنس وتنضف حوش البهايم.
وبدور كان من نصيبها قريص الجله عالسطوح، وبعد ماخلصت بصت من سور السطح وشافت عيال صفوت اخوها عيلعبوا تحت البيت، وبصت لشجرة المانجا العجوزه اللي كانوا مسمينها المبروكه وشافتها مرجعه طرح فغير اوانه كيف عادتها، والمانجا فيها طايبه ومستويه ولونها غدى اصفر كهرمان وطالب الاكيله.. نزلت جري من فوق السطوح وهي حاسه إنها اكتشفت كنز عظيم ولازمن تسبق الكل ليه وتاخده كله لحالها، ومسكت ممدوح واد اختها ورده وكامل أخوه وقالتلهم:
تعالوا ياعيال عرفتلكم طريق حاجه حلوه قوي، المبروكه ترجيعها طاب شفتها من فوق السطوح.
ممدوح قام بفرحه وجري علي الشجره وهو عيضحك وعيقول:
اني اللي هطلع اقطف المانجا كلها وهاكل الطايب فوق وارميكم بالقشر والنوايه وبعد مااشبع لحتني ادوقكم المانجا.
بدور بتهديد: أموتك ياممدوح وبس تنزل اقعد عليك افطـ.ـسك.
ممدوح بضحكه: لو حصلتيني أوبقي اعملي مابدالك اني بقيت سريع كيف الرهوان حتي شوفي.. وجري بكل سرعته علي الشجره ولساه عيطلع جزعها اتفاجأ بأبو دراع عيمسكه من خلجاته وينزله وهو عيقوله:
رايح فين يابوا الجراد إنت؟
ممدوح رد عليه وهو عيبلع ريقه لانه عيخاف من ابو دراع اللى جنه وجن عيل ولا حتي حد كبير يلمس شجره من بتوعه اللي عيراعيهم كيف عياله:
ررايح اطلع اجيب مانجا من الشجره لخالتي بدور هي اللي قالتلي والله ياعم.
ابو دراع بص وشاف بدور جايه عليه هي وكامل واد صفوت،
وساب ممدوح فوراً وهمل الموطرح كله وبعد.. وغاب جوا وسط الشجر شويه وعاود تاني ووقف ورا بدور اللي كانت باصه لفوق وعتكلم ممدوح اللى كان طلع الشجره، وحتي كامل اخوه كان طلع زيه بس كان قاعد علي اول فرع..
بدور:
ايوه هي المنجايه الطايبه داي اقطعها وارميها واني هلقفها.
خلصت كلامها وسمعت صوت جارها عيكلمها بمنتهي الحنيه
-اتاخري بعيد هبابه هجيبهالك بالمحجام، الواد مهيقدرش يروح لطرف الفرع عشان يجيبهالك ،المنجايه متطرفه والفرع ضعيف.. انزلوا ياد إنت وهو اني هجيبلكم اللي عايزينه انزلوا لتقعوا.
بصت وراها وشافت ابو دراع واقف بعصايه جريد طويله وفي آخرها مربوط خُطاف؛ وديه اللي عيقطعوا بيه المحاصيل من الشجر العالي.
ممدوح وكامل نزلوا قوام وبدور اتراجعت كام خطوه لورا وسابته هو يتولي امر المنجايه اللى عجبتها ،ونفسها راحتلها ومن اول ماشافتها على الشجره وهي تشاور لممدوح عليها..
ومن محاولة والتانيه نجح ابو دراع انه يقطف المنجايه ووقعت علي الارض.. فرحت بدور وهمت عشان تروح تجيبها، لكن سبقها ليها كامل واد اختها وخطفها وجري بيها قوام وحتي ممدوح جري وراه يتخانق معاه عليها!!
وقفت تبصله وهي زعلانه ومبرطمه، وهو اتبسم علي منظرها، وقالها وهو باصص على الشجره يدورلها على وحده غيرها تكون بنفس المواصفات:
-عتوجع الحاجه اللي يكون الواحد حاطط عينه عليها ،وياجي غيره يخطفها ويجري بيها قدام عنيه وهو يقف يبصلها ويتحسر.. بس هي اكده الدنيا !!الحاجه تبقي في قلبِك وقبال عينك وفي قبضة يدك وتقسم لغيرِك!!. ومهما شفتي زيها واجمل منها مهتحسيش بحلاوة كيف حلاوتها.. قالها ومد محجامه، وقطف منجايه أكبر وأطيب من اللي فاتت ووطي جابها من علي الارض ومدهالها.. وهي أول مامدهالها خطفتها من يده بفرحه وهي عتقوله:
الله.. دي احلي وأطيب من التانيه.. وودتها ناحية خشمها وقشرت منها حته وداقتها وقالتله.. وطعمها حلو كمان.. داي يمكن احلي منجايه دوقتها وهادوقها الموسم ديه!
أنت ليه عتقول أنها مهتبقاش طيبه كيف دُكْها!
رد عليها وهو عيرفع المحجام فوق كتافه ويعلق فيه اديه التنين وباصص لفوق علي حبات المانجه المتدليه في شماريخها فغير اوانها:
انتي خدتي الحديت عالمانجه، واني كان حديتي علي شَي تاني خالص.. وكل واحد في سوقه يبيع دلوقه.("بضاعته")
بصتله بغرابه ولسه هتسأله عن قصدة لكن قاطعهم صوت غاضب جاي من وراهم وبصت لقته عزت، ومنظره وشكل ملامحه خلوا المنجايه وقعت من يدها من الخوف وخصوصي وهو عيقولها:
- انتي يافردة البولغه القديمه! مش منبه عليكي متطلعيش من البيت ولا رجلك تخطي الجنينه؟ عتخالفي أوامري من دلوك.. طيب اني هعرف شغلي معاكي يابت نعيم.
خلص كلامه وهي جريت علي البيت بخوف! وهو اتقدم ناحية أبو دراع اللي كان واقف عيبصله كيف اسد مجروح ومتكبل بسلاسل من وجع وقاله:
- وانت مش هتبطل وساختك وقلة ادبك داي، وتراعي وكل عيشك، وتحترم حرمة البيت اللي لحم كتافك من خير صحابه؟ ولا أقطع عيشك من اهنه واصل واقطع رجلك من البيت والبلد والنواحي كلها وإنت خابر زين إني اقدر اعملها دلوك ومحدش يقدر يحوشني؟!
اتقدم عليه أبو دراع وهو علي نفس وضعه ،المحجام فوق كتافه، واديه متعلقه عليه ،ورد عليه بنبره كلها تحدي:
خشم عالفاضي وهتفضل طول عمرك خشم عالفاضي! وعيشي لا انت ولا عشرة زيك يقدروا يقطعوه! عشان الارزاق بيد ربنا.. وإن كان علي الشتيمه اللي شتمتهاني من شويه داي.. اقدر ابلعك لسانك عليها، واخليها اخر كلام لسانك ينطقه! وانت خابر زين اني أهل ليها واقدر اعملها فاالتو واللحظه.
وعملتها قبل سابق ،ويدي علمت علي كل حته فجتتك، ونعنعت ضلوعك من الضرب!!. وان كنت هسكت واهملك، فديه عشان وعد قطعته لابوك اني مهمدش يدي عليك مره تانيه.. ابوك اللي لحم كتافي من خيره صوح، ومقدرش اكسرله كلمه ولا اوجعله قلب لا هو وعايش، ولا اكدر روحه وهو ميت، وكرمال العشره والعيش والملح اني هفوتهالك النوبادي.. انما لو عليك كلك على بعضك على نعل مركوبي..واكيد انت خابر مقامك حداي زين.
خلص كلامه ولف واتحرك بعيد عنه وهمله يتخنق بغله اللي واضح ليه كيف شمس النهار.. لكن عزت مسكتش ورد عليه بحسه العالي وقاله:
-برضك خدام وكلاف وأجير،وهتفضل طول عمرك خدامي..
رد عليه ابو دراع بصوت مماثل:
-خدام بس كاسر عينك وهفضل كاسر عينك لحد ماتموت.
خلص كلامه وهمل عزت يفور ويثور كيف بركان حد رمي فيه حجر وخلي نيرانه الخامده طفحت، ولما ملقيش فايده مع ابو دراع ولا عرف يغيظه كيف ماكان عايز وناوى، فوراً جري علي البيت وبحسه العالي زعق:
فينك رحتي ياعديمة الربايه ياقليلة الحيا؟
قال كلامه فنص البيت ودخل عالموطبخ اللى كانت بدور جواه ومحتميه فامها وعترجف من الخوف وتقول لامها:
دسيني دسيييني عزت هيماوتني دسيييني
عدويه بربكه:عميلتي أيه ياحزينه خلي الجنون ركبته إكده؟
بدور:عشان كلت مانجه، بس والله خلاص آخر نوبه مهاكلش منجه تاني اني كرهتها خلاص.
عدويه:وه! مانجة ايه يافقريه اللي كلتيها وخلته عيزعق من قعف راسه إكده! كلتي الشجره كلها بخشبها بفروعها ولا ايه؟
خلصت عدويه كلامها وشافت عزت داخل الموطبخ بزعابيبه وعيتلفت لغاية ماعيونه وقعت على بدور واتقدم عليها بالخطوه السريعه وامها دستها وراها وفردت اديها قدامه تحميها منيه وهي عتقوله:
أمانه عليك تهدي خلقك وتقولي عيملت ايه الفقريه داي وكل حاجه بالهداوه تتحل وتتصلح، كلت شجرة المانجه نزرعوا غيرها، كلت الفاكهه اللى في الشجره كلها نشيعوا نشتروا من البندر بس أمانه عليك تروق وتسامحها داي هبله وغلبانه، هي صوح مفجوعه بس طيبه والله.
عزت بعصبيه:
مانجة. ايه وشجر ايه اللي عتتحدتي عنه يامرت عمي إنتي كمان، الفاجر بتك لقيتها واقفه تتمسخر مع ابو دراع تحت شجرة المانجا وتلهط قدامه فى المانجا ولا مستحيه.
عدويه بصدمه:واااه يخيبك يابعيده، اني مش قايلالك الف مره تاكليش مانجه ولا حاجه قدام حد واصل انتي؛ عشان وكلك يجيب العار والفضيحه!
بدور: والله ماخدت غير قطمه وحده وهو زعقلي واني رميتها طوالي مع ان طعمها كان حلوا قوي ومسكره.
عدويه:
مااهي مكلتش اهي ياعزت امال مالك؟
ضرب عزت اديه التنين فبعض بقلة حيله ورد عليها:
والله يامرت عمي بتك ماجايباه من بره.. المهم دلوك اني مش منبه عليها قدامكم كلكم رجلها متخطيش عتبة البيت؟
عدويه: حوصول
عزت: طيب تقدري تقوليلي عتخالف أوامري وتطلع ليه؟
عدويه: غلطه، غلطه ومهتتكررشي.. سامحها وغلاوة المرحوم ابوك وهي عتمشي تحت جزمتك من إهنه ورايح وكلمتك سيف علي رقبتها..مش صوح يابومه.. قالت إكده ولفت زغدتها وبدور ردت عليها قوام:
إكده والله العظيم، اني خلاص مهعتبشي بره عتبة البيت لو حتي شفت كوم مانجه طايب متكوم قدام الباب .. خلاص ياواد عمي منك السماح النوبادي ومني الطاعه من الساعة الراهنه.
عزت غمض عنيه وخد نفس وزفره ورد عليها بديق:
آخر فرصه هديهالك يابدور واخر سماح ليكي، وبعد إكده الغلطه هتوبقي بروحك اطلعها فيدي.
بدور ردت عليه بدلع وهي ماسكه طرف شالها عتلف فيه وتبص لشام تغيظها:
شاله يخليك ليا ياواد عمي ومايحرمني منك، كنت خابره إني ماههونش عليك وإني غاليه حداك وعتحبني.
بص عزت موطرح ماعتبص وشاف شام قاعده قدام الكانون، وفي اللحظه داي خد باله لوجودها، وبمجرد مابصلها وشاف حمار خدودها من نار الكانون وشاف ملامحها المعكوسه عليها النار ومخلياها كيف قنديل نور والع ومنور ضلام الليل،
ورجع بص لبدور وقارن بينهم،
ولقي فرق كيف فرق نور الشمس من ضلمة ليل مطالعلهوش قمر،
وملامحه خدت وضع البكا وبص لبدور وقالها:
بدور يابت عمي أني قولتلك اني سامحتك من هبابه مش إكده؟
بدور هزتله دماغها وهي مبتسمه ابتسامه واسعه وقالتله بدلع:
إكده ياواد عمي
عزت بحس عالي وهو عيوطي يمسك جربوحه من الارض:
اني رجعت فكلامي وشايف إنك لازمن تتربي وتاخديلك كتله عشان غلطتك اكبر من السماح..
قال جملته وهجم على بدور مره وحده وبدور صرخت وعرفت تفلت من قدامه وتجري على بره، وطلعت الحوش بتاع البيت وهو بالجربوحه وراها وهي تلف ورا الدكك وهو يلف،
ويضرب فيها ضربه تصيب وضربه تخيب؛ لغاية مافش غلب حظه العاثر اللي وقعه فيها ووقع كرار فوحده كيف لهطة القشطه، وهاملها البو ومباصصلهاش، وسايب الجمال ديه كله تتمتع بيه نيران الكوانين وتلون الخدود بحُمرة السخونه بدال ماتتلون بحُمرة الخجل من كلام الغزل اللي اتعمل مخصوص عشان اللي زيها.
اما حدا همام قبل كام ساعه وتحديداً في ساعة الصبحيه..
صحيت بسيمه على صوت خبط عالباب وحس لواحظ الملعلع وهي عتقولها:
قومي ياعروسه بزياداكي نوم الناس زمانها جايه عشان صباحيتك.
ردت عليها بسيمه بحزم:
اني مطالعاشي ومش هعمل صباحيات اللي ياجيكي مشيه اني لا هلبس ولا هتزوق ولا هقعد قدام الناس كيف عروسة المولد ويتفرج عليا اللي رايح واللي جاي.
زعقت فيها لواحظ بحسها كله:
وبعدهالك يابت انتي عامله كيف الشريك المخالف ليه وشوكتك قايمه علينا؟
امال لو مكوناش واخدينك غسل عار وملامه وحكم شيوخ كنتي عميلتي فينا إيه أمال؟
سكتت بسيمه مردتش عليها وغمضت وعملت روحها مسامعاش؛ لانها لو تبعت اللي عيوسوسلها بيه شيطانها في اللحظه داي.. هتقوم تعمل فلواحظ نفس اللي عيملته فهمام عشيه ويمكن اكتر،
ووكتها محدش هيسكتلها ولا هيرضالها وهتجيب اللوم على ابوها وتربيته، وهي كله عندها ولا إن ابوها حد يمسه بكلمه.
لواحظ فضلت واقفه قدام الباب مستنيه بسيمه ترد عليها ولا تقوم وتفتحلها الباب، لكن إنتظارها طال، ولما لقيت بسيمه حسها اتكتم عاودت الخبط على باب الأوضه مره تانيه والنوبادي كانت شبه عتصرخ وهي عتقول:
طيب قومي هاتي المناديل نوروهم للناس وانتي خليكي مطموره نامت عليكي حيطه بزربها..
وفين المدلدل اللي جارك مسامعالهوشي حس ليه، صحيه قوليله اطلع لامك قوام عايزاك.
بسيمه ببرود: له خليه يصحي براحته عريس مقدرش اقلق منامه، روحي انتي شوفيلك حاجه اعمليها واوبقي عاودي كمان هبابه يكون صحي لحاله.. وتشوفي اللي عايزه تشوفيه.
لواحظ سمعت كلام بسيمه وابتدت انفاسها تعلى وتحس بكرشة نفس، والغيظ بلغ بيها منتهاه، وفضلت تبرطم وتشتم بكل الشتايم اللى تعرفها،
وتلعن قلة عقل وطيش همام اللي جابولها وحده قليلة حيا كيف دي فقلب دارها.
في الوكت دا همام بدأ يتململ فنومته وفتح عنيه بصعوبه وفضل باصص للسقف شويه، وبعدها كيف مايكون فاق واستوعب الموقف ولف دماغه بسرعه على بسيمه اللى كانت قاعده جاره علي السرير وعتتطلعله كيف مايكون فريسه صادتها ومن كتر جوعها مش عارفه تبتدي وكل فيها من فين!
همام قام واتعدل مره وحده وحط يده على دماغه لما حس بألم فيها،
ونزل يده لما حس بشعره مقرنف والالم زاد لما لمس مكانه، وبمجرد مابص فصوابعه وشاف اثر دم برق عنيه بصدمه وبص لبسيمه وهو عيمدلها يده اللي فيها الدم وسألها:
إيه ديه؟
بسيمه ردت عليه ببرود:
ديه دم
همام:ايوه منا عارف إنه دم بس الدم ديه جه منين والبطحه اللي فراسي داي ايه سببها، هو ايه اللي حوصول عشيه فهميني؟
ردت عليه بسيمه بنفس البرود:
وافهمك ليه متفهم لحالك وتتفكر لوحدك، ولا إنت تتسطل وتتكفي واني اراقب افعالك واقولهالك في الصبح!
همام سكت مردش عليها ودفن دماغه اللى هتتفرتك من الصداع بين اديه، وغمض عنيه بتعب وهو عيحاول يفتكر اللي حصل ليلة أمبارح،
ووكتها إبتدت ومضات تظهر وتختفي قدام عنيه وصور مش مترابطه، زي بسيمه وهي عتاكل، وزي لحظة ماكان مثبتها، وأخيراً لحظة مامسكت القله وخبطته بيها علي دماغه، وفي اللحظه داي رفع دماغه وبص لبسيمه واترسم الغضب على ملامحه وهمسلها من بين سنانه:
أني تمدي يدك على يابت الكـ.ـلب؟ قالها ومد يده عشان يمسك بسيمه لكنها كانت اسرع منه ونطت من فوق السرير ووقفت الناحيه التانيه وردت عليه بنديه:
الكلب ديه يوبقي اللي إنت طالع من صلبه ياعويل، الكلب اللى يخلف الانجاس قولتهالك عشيه، بس الظاهر إن سطلك مخلاش مخك التخين يفهمها،
بس ولا يهمك اقولهالك تاني وتالت وعاشر ولغاية ماتآمن بيها هفضل اقولهالك..
أياك تجيب سيرة سيدك مره تانيه علي لسانك الزفر وتغلط فيه، اللي زي ابوي يقعد كيف الملوك واللي زيك يقعد تحت رجليه باسط رجليه الاربعه ويهزله ديله ويملمص عشان ينول الرضى.
همام سمع كلام بسيمه وهب واقف فوق السرير وفثانيه كان ناطط جارها وقبل ماتحاول تهروب كان ماسكها وضاربها بالكف وبأديه التنين طابق علي رقابتها يخنق فيها،
ونومها على السرير وخلاص قرر إنه ينهي حياتها فى اللحظه داي واللي يجرا يجرا، لكنه لما بص فعنيها وركز فيهم حس برهبه ميعرفش سببها، واديه بدأوا يترخوا وهو واعي صورته معكوسه فيهم وكان اشبه بشيطان رجيم متملكه الغضب، وكيف كانت مركزه عنيها عليه ومعتتألمش حتي، ومستسلمه للموت كل الاستسلام محركتش يد ولا رجل حتي من حلاوة الروح،
مع أن وشها إبتدا يزرق من كتر ماهمام منع عنها الهوا، وشوية بشويه همام لقى روحه عيبعد اديه عن رقبتها بس مسك بيهم دراعاتها الاتنين وبإستغراب سألها:
أنتي أيه اصلك انسيه ولا جنيه؟ كيف عيونك عتنطوق بالقوة فعز ضعفك، كيف عنيكي عيتحدوا فعز ماعيفارقوا الحياة؟ كيف معتتألميش ولا خايفه وانتي فى رحاب الموت؟
ردت عليه بسيمه بقوة:
عشان الموت ميخافش منيه غير اللي خجلان من لقى ربه واللي عامل الكباير، أما الألم فمش واحد زيك اللي يخلي بسيمه بت عبصمد ورباية يده تتألم وتتوجع.
همام رد بحيره من امرها العجيب:
انتي إيه الجساره اللي حداكي داي جايباها من وين؟
بسيمه:
وارثاها من سيد الرجال وزينتهم، حاكم فيه اب يورث كرامه وجساره وقوة، وفيه أب يورث مهانه، وفيه خلوفه ترفع راس أهلها، وفيه خلوفه تحط الراس في الطين.
همام فضل باصصلها شويه وهو مثبتها وبعدها عنيه إبتدوا يسرحوا ويمرحوا على طول جسمها ويتأمل الجمال والقوام المنحوت وانفاسه عليت وعنيه دبلت، وخصوصاً وهو واعي التحدي فعيونها ونظرة الشراسه اللي صحت جواه وحش مفترس عيتلذذ بالتحدى، ومتعته الكامله عتكمن فأنه ياخد الحاجه بعد تعب وفوز في معركه يكون خصمه فيها ند ليه.
وبسيمه حست عليه وفهمت نظراته وبنبرة تهديد قالتله:
إسمع زين ياد إنت..اللي إنت عتفكر فيه دلوك مهيتمش غير فحاله وحده، إنك. تنهي حياتي واكون قاطعه الانفاس، إنما طول مافيا النفس والروح باقيه مهتاخدش مني حاجه واصل.
همام بضحكه: كلام مهتلقيهش.. بقي من كل عقلك تكوني حلالي ومعاي فاوضه وحده وأهملك وابص عليكي من بعيد لبعيد كيف الجعان اللي قدامه حتتة لحمه طايبه وعتقول يامين ياكلني واقعد بجوعي عشان تهديد أهبل من وحده هطله زيك؟
بسيمه بتهديد: الهطله لو قربتلها غصب عنها أو اذيتها ولو اذي بسيط، إنت وابوك وامك واخواتك هتترموا فى الشارع، لأن شرط الشيخ جاهين المكمل لحكمه إن فحال جرتلي اني واختي حاجه او اتأذت وحده فينا على يد كلب منكم إنت والتاني، تمن الأذي هيكون ارضكم والبيوت اللى أوياكم..والشيخ جاهين عندك وتقدر تروح تتاكد منه وتسأله.
همام : يعني معناته ايه كلامك ديه؟
بسيمه: معناته إنك لو عايز تستر علي ناسك وتخلي خياتك بين اربع حيطان تحل عني وتشيلني من حساباتك.
له عايز قلة قيمه وخساير وخراب اديني قدامك وتحت يدك جرب وشوف ايه اللي هيجرا، واظون إنك دلوك فايق وبعقلك وتقدر تعقلها زين.
همام بلع ريقه وفكر فكلامها وقال لروحه إنها لو عتتكلم صوح يوبقي النوبادي هتكون القاضيه لابوه، وهتكون نهايته على يد ابوه لو خسر أرضه كلها وبيته النوبادي بسببه، وهو حتتة الارض اللي باعها وادى حقها تعويض لأبو شام لساها حارقه قلبه حرق. وبناءً عليه قرر إنه مش هيخاطر.
فبعد عنها وساب اديها ووقف قدامها وكتف اديه ورا ضهره وسألها بغضب:
ولحد ميته هيقعد الحال ديه؟
بسيمه وهي عتتعدل وتربط عصبتها علي راسها ردت عليه: لآخر العمر،
كرار بصدمه: اخر ايه ياروح امك؟
بسيمه:
أوعاك تفكر إنى هنسى فيوم من لايام اللي عميلته فأختي،
أوعاك تفكر إني هنسى شكلها ووجعها ورجفة جسمها وصوت سنانها اللي كانوا عيخبطوا فبعض من الخوف والبرد والوجع فليلتها.. أوعاك تفكر إني هنسى جسمها المتلج اللي هملتوه عريان علي الأرض فعز شهر طوبه شرب من السقعه والبرد لما عضمها اتيبس..
اوعاك. تفكر إني هنسى فيوم نقطة دم من دمها اللي شفته عيتصفى قدام عيوني، أوعاك تفكر إني هنسى حالة أبوي وهو جايب شام وجاي بيها وعيقول الديب عضها وأنها بين الحيا والموت.. ولا عمري هنسى خوفي اني واختي على اختنا وإحنا مفكرين إن ديب عضها صوح واسنانه نفدوا فجسمها لمقتل..
ولا تفكر إني هنسي اليوم اللي صحينا فيه من النوم ملقيناش اختنا ولا ابونا وعرفنا إنه خدها يغسل عاره، وإنها معادتش هتعاود لبيتنا تاني.. أوعاك تفكر إني فيوم هنسى كل ديه واسامحك واسلمك روحي واني كل مااتطلعلك اشوف دم اختي عيقطر من اديك وعنيك وخشمك وكل بدنك.. وغير ديه وديه عذابها فبيت جوزها وناسه وميلة بختي اني وأختي.. قولي من بين كل النصايب اللي جرتلنا بسببك وخراب بيتنا اللي تم على يدك اسامحك على أيه ولا أيه؟
فك همام اديه شويه بشويه ولاول مره يحس بنبضه فقلبه صوتها على وتلتها نبضات كتيره تانيه بنفس الوتيره، وحس بوجع بسيمه وهي عتحكي اللي جرالهم بسببه من حسها المخنوق والدمع المحبوس فعنيها وتنهيدة الوجع اللي طلعت بعد كل الكلام اللي قالته، ولأول مره يشوف روحه موطرح عبد الصمد، ويتخيل اخته حصل فيها إكده وفي اللحظه داي حس برجفه سرت فكل جسمه ونفضت قلبه من الخوف نفض.
وللحكاية بقية
روايه نفق الجحيم الفصل ٣٥ الكاتبه ريناد يوسف
همام فضل باصص لبسيمه وهي بصاله بعيون ماليها القهر والوجع والحقد، وهو ركز فيهم ومشافش فيهم غير نار قايده عتهدد بهلاكه، نار لو تقدر تغادر العين كانت السنتها اتلافته ودوبته دويب.
اتراجع خطوتين لورا واداها ضهره وخد نفسه وسألها:
طيب المناديل دلوك هقول ايه للي يسأل عليهم؟
ردت عليه بسيمه وهي عتقوم من موطرحها:
قولهم لقيتها من غير شرف، واحد قبلي خد شرفها كيف مااني خدت شرف اختها، ولما حد يكلمك قولهم الدنيا مليانه كلاب وكل واحد عيطول حتتة لحمه عينهشها.
لف همام قوام من صدمته بكلامها وسالها بعصبيه:
عتقولي ايه انتي اتجننتي ولا ايه كيف عايزاني اقول إكده؟
بسيمه بلا مبالاه:
عايزاك تقول الحقيقه.
همام راح عليها ومسك دراعها بعنف وسألها بعصبيه:
حقيقة ايه اللى اقولها.. اوعك تكوني؟
ردت عليه بسيمه وهي باصه فعيونه بثبات وإصرار وأكدتهاله:
إيوه ياهمام.. اني معيوبه وعشان إكده رضيت اتجوزك، اتجوزتك عشان اشيلك العار واخليك تعيش مع وحده سبقك ليها راجل واتمتع بيها، ولعبت معاه لعب.. دوق يلا من اللي عميلته فبنات الناس واتردلك، ولسه لما هتشوفه فخياتك كمان وتصبغ عمتك فى الطين وتمشي بيها وسط الناس والكل يشاور عليك ويقولوا اللي بلا شرف اهه
همام كان عيسمع وحاسس إن قلبه هينفجر بين ضلوعه من الغيظ ومن بين سنانه سألها:
هملك من خياتي دلوك وخليكي فروحك وقوليلي كلامك ديه صوح ولا عتقولي إكده عشان تكيديني بس؟
بسيمه: إتكدت؟
همام: متجاوبيش السؤال بسؤال وانطوقي بالحقيقه دلوك.
بسيمه بتشفي:
بصراحه النار اللي واعياها عتاكل فيك دلوك مخلياني نفسي اقولك صوح واكوى قلبك.. بس أبوي ميستاهلش إني عشان اكوي قلب خسيس زيك اني اطلعه بسواد الوش وانه معرفش يربي وهو سيد الرجاله كلهم وربايته مايعلاشي عليها..
بس إحنا ياعويل بنات عبصمد اللي ميعرفوش للغلط سبيل، إحنا بنات راجل رباهم رباية رجاله أبوك معرفش يربيهالك، ودلوك همل دراعي وبعد عني مش طايقه ابص فوشك ولا اشم ريحة انفاسك اللي عامله كيف ريحة رمه ميته من اللي كنت عتشربه عشيه.
قالت كلامها وزاحت همام بعيد عنها وبعدت عنه وهملته واقف غرقان فنص حيرته ومش عارف يصدق انهي كلام من اللي قالته، وفوق دول ودول حاير هيقول ايه لأبوه وامه والناس لما يسألوه السؤال المعتاد؟
وبعد تفكير راح عالمخده رفعها ومسك الوصله البيضه لكلكها وبقوه غرزها فجرح راسه فتحه وخلاه سرسب فيها هبابة دم، وبصلها وهو عيتمني إنها تعبر على الكل ومحدش يعرف باللي عيمله.. وبعدها رمى الوصله عالسرير بإهمال.
وبسيمه كانت واعيه اللي عيعمله وواقفه تتشمت فيه وفقلة حيلته، وعتتمني لو إن الجرح اللي فراسه كان اكبر واعمق من إكده ويتصفي دمه كله من خلاله،
لكنها قالت لروحها الايام لساها مابينا طويله وعاهدت روحها إنها هتكون كلها جروح لهمام على يدها.
شويه وسمعوا حس دوشه بره، والظاهر إن الناس بدت تتجمع للصباحيه، وهمام سمع خبط عالباب، مسك ملفحته البيضه اللي كان لابسها عشيه ولفها علي راسه يخفي البطحه، ولبس شال لفه حوالين رقبته يداري اثر سنان بسيمه اللي غرزتهم فرقبته عشيه،
وراح فتح لامه اللي كانت واقفه عالباب ببستلة ميه حاميه وأول ماشافت همام قدامها سألته بحزم:
سبع ولا فار ياواد لوحظ؟
همام بص للوصله اللي عالسرير بطرف عينه ودي كانت اشاره لأمه عشان تبص موطرح مابص، ولواحظ اول ماشافت الوصله ملطخه باللون الاوحمر زغرتت بعلوا حسها وعلى حس زغروتتها انطلقت عشرات الزغاريت المجامله من الحريم اللي ماليين صحن الدار، ولافت لهمام بستلة الميه وهي عتقوله:
مبارك ياولدي تغلبها بالمال وتغلبك بالعيال، يلا اتسبح واطلع للرجاله بره ،وهي هروح احميلها بستلة ميه تانيه عشان تتسبح وتطلع للحريم.. وميلت عليه ووشوشته:
وخليها تدس الوصله عشان المشاهر وقولها تقصر لسانها هبابه قدام الناس ومتكسفناش ،حاكم من عشيه وهي حارقه دمي ومخليه وشي تراب وكل كسفه وكسفه تديهاني تخلي وداني يدخنوا من الغلب.
همام بص لبسيمه واتنهد ورد علي امه:
اتحملي عاد يالواحظ دا شكلنا انا وانتي داخلين علي مرار طافح.. ولو معاوزاش تطقي طولي بالك علي كد ماتقدري.
قال كلامه ورد الباب ودخل بالبستله وداها الحمام وعاود خدله غيار من خلجاته اللي لقاهم مرمين عالارض جار الصندوق وهو عيبرطم بقلة حيله،
وصبر روحه عليها وعلي عمايلها لحد ماتخلص الصباحيه والناس تمشي بس، ووكتها لكل مقام مقال والحديت اللي مكملش يكمل.
اتسبح همام وطلع خبى الوصله تحت المرتبه ونبه على بسيمه انها متوريهاش لحد من قريب عشان محدش يركز فيها ويكتشف حاجه.
وشويه وخبطت لواحظ ودخلتلهم صينية وكل وقعد همام فطر وبسيمه كانت عتلف حواليه تشيل الهوسه اللى في الاوضه واللي نتجت عن معركة امبارح، وعتحاول ترتب الأوضه عشان عارفه إن ابوها وامها هياجولها بعد العصر ومش عايزاهم يحسوا بحاجه من اللي جرت بينها وبين همام.
اما همام فطول ماهو عياكل وعينه على بسيمه متشالتش، ومن جواه عرف إن اللي زيها من النوع اللي مياجيش بالعافيه والجبر واصل،
وإنه عشان يطولها لازمن يغير اسلوبه ومعاملته وياخدها عالهادي ويدهلس عليها، ويحايلها محايله عشان هو خابر إن كل وحده وليها مدخل غير التانيه، وهو مش هيحتار فمدخل لوحده ابداً.
خلص فطور وهمل الأوضه وطلع وساب البيت كله وقعد بره مع الرجاله ومع الشباب اصحابه اللي جايين يباركوله ويطمنوا عليه ويشوفوه عيمل ايه.
أما بسيمه فبعد ماطلع همام لقت لواحظ حماتها داخله عليها ببستلة ميه خدتها منها واتسبحت،
وبعدها قعدت تفطور ومهمله لواحظ قاعده على نارها وهي مستنياها تخلص وكل وتلبس وتطلع للحريم اللي عيسألوا عليها كل هبابه،
وبسيمه عتاكل على اقل من مهلها، ولا عامله حساب للواحظ ولا للكلام اللي كل شويه تسمعهولها.
واخيراً خلصت فطور وقامت طلعتلها جلابيه حمره بترتر وخطت الكحل وحطت حُمره وسيبت شعرها وسرحته، وكل ديه قدام لواحظ اللي كانت واقفه تراقبها وتراقب كل حركه منها،
ولما وصلت لشعرها استغربت وهي واعياه كيف توب حرير انسدل علي ضهرها مفيش فيه كسره وحده!
خلصت بسيمه وطلعت مع حماتها للناس وهي بكامل جمالها، ولواحظ كانت متباهيه بيها قدام الكل، وقعدت بسيمه فوسط الناس وحطت رجل علي رجل وبقت تبص للكل بتعالى كنها بلقيس ملكة سبأ وقاعده على عرشها والكل مشدوه من رهبة حضورها وجمالها المرسوم رسم.
وحده من الحريم ميلت على لواحظ وقالتلها:
وين لقيتوها الالماظيه داي يالواحظ؟ ورضيت بيكم وبولدك على ايه وانتوا عتقضوا نص عشاكم نوم وهي باين عليها بت ناس ومن بيت؟
ردت عليها لواحظ بتعالى وتفاخر:
وماله الفقر مش عيب وبعدين ابوها اللي كان ولدي همام عيشتغل حداه طول الشهور اللي غابهم،
ولما عجبه شغله واخلاقه قاله هجوزك بتي وعطهاله هديه، وقاله مش هكلفك فجوازك منها قرش اني عشتري لبتي راجل.
لفت المره وشها بعيد عن لواحظ ولوت خشمها شمال ويمين وهمست لروحها:
عيشتري راجل! وعجبته اخلاقه؟ يمكن يابوي كل شى جايز!
قعدت شويه بسيمه وسط الحريم وبعدها قامت، ولواحظ راحتلها لما لقتها وقفت وسالتها:
إيه رايحه فين لسه الضهر مأدنشي؟
بسيمه: تعبت وداخله انعسلي هبابه قبل ماناسي ياجو، وبعدين كفايه إكده الناس اتفرجت وشبعت فرجه مش هقعد متنشره قدامهم النهار بطوله.
خلصت كلامها ودخلت أوضتها قدام الكل وطلعت على السرير وقعدت تفكر فحالها واللي عيجرالها واللي الايام شيلاهولها،وتفكر فحال شام وتتسائل ياترى عامله ايه دلوك وعامل ايه الزمان فيها؟
واثناء تفكيرها اتفتح الباب ودخل منه همام، وأول مادخل وشاف بسيمه قدامه بتوبها اللامع وزينتها وقف هبابه متنح يتملي فاللي شايفه،
وبعدها قرب منها وبهداوه قلع خفه وقعد جارها عالسرير واتسند على التاج كيف ماهي مسنوده بالظبط وبص قدامه وربع اديه على صدره وبعد شويه قالها:
يدك تقيله قوي على فكره حسيت بكتلة امبارح كلها واني قاعد وسط الرجاله بره ومعارفشي اقول اي حتى ولاقادر.. فرهدتيني يفرهدك الزمان يابعيده.
بسيمه ردت عليه بجمود:
داي اقل حاجه عندي داني بس كنت عروسه ومستحيه عشان اكده متقلتش عليك، إنما فالأيام اللى جايه أوعدك هتشوف مني اللي مشفتهوش طول عمرك.
رد عليها همام وهو عيفك الشال من حوالين رقابته:
إيوه مني خابر واتوكدت ربنا يعيني، المهم دلوك اني عايز اتفاهم معاكي ونتفقوا.
بسيمه ردت عليه من غير ماتبصله:
مفيش مابينا إتفاقات.
همام: مينفعش يابت الناس إكده، دا لا يرضي رب ولا عبد اللي عتعمليه وعتقوليه ديه!
بسيمه: ياخي سبحان الله الواحد ميعرفش ربه غير لما يكون عايز حاجه من حد، ولو مطالهاش عافيه يلف من ناحية العيب والحرام وياخد من الدين اللي يخدم موصلحته ويسيب اللي يعكر عليه مزاجه.
همام: طيب امليني شروطك وقولي عايزه ايه واني انفذهولك عشان ترضي وتهدي وتسلميني نفسك.
بسيمه: نجوم السما.. مد يدك طول نجوم السما وهاتهم والضمهم عقد ولبسهوني فرقبتي..
وبرضك بعد ماتعملها مهتطولش من بسيمه ضافر ولا هتشوف منها اللي عتمني روحك بيه وجاي تتدلون عشان تطوله.
همام: توبقي ناشز وهتتحاسبي علي كل دقيقه عتقضيها فبيتي واني غضبان عليكي.
بسيمه:ماقولتك بلاها تجيني من تلى الدين عشان إنت بالذات مينفعش تتكلم فدين وحلال وحرام وهملني مني لربي وهو ادرى باللي بيا.
همام بديقه: يوووه يعني انتي مفيش فيكي فايده واصل، ولا هعرف اتعامل مع مخك الزنخ ديه؟
بسيمه ببرود:له
همام نتر نفسه وقام من السرير ووقف يتطلع لبسيمه شويه وبعدها خد شاله ورجعه تاني على رقبته وداري بيه اثر العضه، وطلع وهو غضبان وخبط الباب وراه، وبسيمه همست لروحها:
غور درب اللي يصد مايرد.
وقعدت بعدها للعصر جوا اوضتها مطلعتش ولا همام عاود، ولما قرصها الجوع قامت كلت من وكل الفطور، وبعد اذان العصر بشويه سمعت دوشه وزيطه في البيت بره، ومن وسط الدوشه سمعت حس أبوها اللي خلاها قامت من سريرها فاطه وراحت على الباب تفتحه، بس ردته تاني قوام وهي واعيه الشيخ جاهين قبالها وولده حكيم معاه، ورجعت ربطت عصبه وحطت شال علي راسها ومسحت البودره اللي فخشمها وطلعتلهم.
سلمت فلاول على امها وخدتها بالحضن واترمت فباط ابوها، ومن بعده اختها وبعد منهم الشيخ جاهين وولده حكيم، وقعدت مع امها واختها والشيخ جاهين وابوها وحماها ابو همام، وحكيم وهمام واخوه عزام طلعوا يجيبوا الزياره اللي كانت بره الباب، وكانت عربيه نص نقل مشونه للآخر،
واللي اول ماخلصوا دخيلها، وقفت قدامها لواحظ مشدوهه قدام الخير اللي ملى بيتها من طيور لفاكهه لخروف صاحي لعيش مخبوز لشوايل غلة قمح، وداي حاجات اول مره تتوجد فبيتها بالكميه داي!
وديه خلى الضحكه شاقة حلقها والفرحه مبقتش سايعاها، ووقفت هي وبناتها فنص الموطبخ اللى مبقاش فيه موطرح لحد يقف فيه، ولاالحوش بقي فيه مكان، ومحتاره هي وبناتها التنين يحطوا الحاجه وين ويعينوا الخزين ديه كله كيف؟ والاهم من ديه كله إنها متوكده إن كل الجيران شافوا دخلت الحاجه بيتها والكلام اللي قالتهولهم اتأكد والكل عرف إن همام ناسب ناس زينه ومرتاحه.
أما أبو همام فكان قاعد مفتخر بدخلة نسايبه عليه وبالحاجه اللي عوضتله كل مصاريف الفرح اللي صرفها، واللي هيقعد اسابيع هو وعياله ياكلوا فيها وفيه منها اللي هيقعد شهور كيف شوايل غلة القمح إكده،
وقام بنفسه يحث مرته وبناته على تقديم ضيافه تليق بالضيوف ودخلتهم ومقامهم، وخصوصي إن الشيخ جاهين وولده معاهم.
أما جاهين فاستغل غياب ابو همام وامه وبص لهمام وشاف فجوفه حديت وسأله:
هاه ياعريس هات اللي فجوفك وقول اللي حداك.
همام بصله واتلفت على كل القاعدين وقاله:
عايزك لحالنا ياشيخ هسألك على حاجه بعد اذنك.
جاهين: معاك ياولدي وإسأل تُجاب.. قالها وقام وقف على حيله وهمام بص لبسيمه وقالها:
وانتي تعالي معانا.
جاهين عرف إن الموضوع فيه جدل علي شي فقال لهمام بهمس:
لو الحكايه فيها حكم وفض خلاف يوبقي نحضروا حكيم عشان اني دلوك لازمن عاخد شوره فكل حكم وكل فصل، هو متعلم وحكمه اصوب من حكمي.
همام بص لحكيم ورد عليه:
وماله ياجي.
وبناءً عليه شاور جاهين لولده حكيم ودخلوا الاربعه فاوضه فاضيه خدهم ليها همام وقفل الباب عليهم بعد مادخلوها، وبص للشيخ جاهين وقاله:
من ميته ياشيخ اهل الدين عيحكموا بغير الشرع و الدين؟
رد عليه جاهين بإستغراب وقاله:
حاشا لله ياولدي مين اللي حكم بغير الشرع والدين؟
همام: لما تحكم إني لو خدت حقي من مرتي يتاخد ارضي وبيتي واترمي في الشارع اني وابوي وامي واخواتي يوبقي ديه إيه؟
جاهين وحكيم بصوا لبسيمه بإستنكار وهي ردت على همام:
قولتلك الشرط إنك متاخدنيش غصب ومتعيدش اللي عميلته مع اختي معاي.. وإنك عشان تاخد مني حاجه لازمن يكون برضى مني وبرضاي عليك.
جاهين كان هيتكلم لكن حكيم فهم لعبة بسيمه ومقصدها ورد هو على همام:
القصد من الحكم إصلاح الذات ياهمام، وبسيمه من حقها إنك متاخدش حاجه منها غير برضاها، وإنك تشوف إيه اللي يرضيها وتعمله، ومن بعدها تبطل حججها وتوبقي الحجه بيدك إنت.
همام بص لبسيمه وقالهم:
واني قولتلها قولي طلباتك ايه واني هنفذها، وهي قالتلي لو جبتلي نجوم السما مهتطولنيش.. يوبقي ايه العمل عاد؟ ماهو اني مش هقعد متجوز بالاسم بس وقدامي حلالي ومطايلهوشي!
حكيم بص لبسيمه ورد عليه:
له ياهمام كلام بسيمه غلط ومفيش مره تمنع نفسها عن جوزها العمر كله.. ولو فيه سبب قوي يزول المنع بزوال السبب.. إملي شروطك يابت عبد الصمد اللي من بعد ماينفذها جوزك تسلميه روحك بالطوع والرضى.
بسيمه بصت لحكيم وبعدها بصت لهمام شويه ونطقت:
يبطل المدعوق اللي عيشربه، ويشتغل بدراعه ويتصلح حاله، وميفوتهوش فرض من صلاته.. ميهينيش ولا يهين ناسي ولا يجيب سيرة ابوي بالشينه، ميغصوبنيش على حاجه معاوزاش اعملها، خدمته وخدمة بيته مروه مني ومش واجب ولو يوم قصرت لتعب ولا زهق متلامش.. يعاملني بالحسنى ويحترمني ديه لو عايز مني إحترام.
جاهين بإبتسامه: والله ماطلبتي غير الاصول يابتي ومازودتي فوق حقك شى اللي كافلهولك ربك شي.
همام:
خلاص ياعمي.. الصلاه وهتوضى من دلوك واصلي، والشغل من بكره هنزل شغل، والهباب اللي عشربه اعتبروني بطلته، والخدمه.. اللي عايزه تخدمه اخدميه واللي معاوزاش متخدمهوش، والاحترام مهتسمعيشي مني غير كل زين..
هاه عايزه ايه تاني عاد؟
بسيمه بسخريه:
اني مش عيله عشان ينضحك عليا بكلمتين وتاخد اللي عايزه مني وبعدها ترجع ريمه لعادتها القديمه وبعد مايشيلوا القالب من ديل الكلب يرجع لعوجانه.
همام بعصبيه: آاااني غلبت معاكي غلبببت معاااكي اعمل ايه طيب، ايه الحل قوليلي؟
حكيم: اني اقولك الحل.. الحل إني هفتح معمل البان فبلدكم إهنه.. وهشغلك فيه وهشغل فيه السيد كمان معاك،
وهتكون تحت عيني طول الوكت وهروح واجي عليك، وهشوف بعيني حالك وصلاحه، وليك عليا يوم اللي اشوف منك اللي يخليني أءامن واصدق إن حالك اتصلح، اني اللي هاجي لمرتك وأمرها تديك حقوقك كامله ومتنقصش عليك شي.
همام: وان منفذتش؟
حكيم: والله براحتك في الحاله داي عاد تعمل فيها اللي تعمله.
همام نقل عنيه مابينهم كلهم وشاف إن حكم حكيم ظالم وإنه بكده هياخد وكت كبير قوي علي بال مايوصل لمراده مع بسيمه، وبص للشيخ جاهين بإستنجاد لكنه لقاه منكس عنيه للأرض وشكله مأيد كلام ولده،
فزفر بديقه وقلة حيله واستسلم قدام حكمهم وقال لحكيم:
طيب ياواد الشيخ همشى على حكمك لما اشوف اخرته وهيطول كد ايه.
خلص كلامه وراح علي باب الاوضه يفتحه عشان يطلعوا لكن الشيخ جاهين قاله:
إطلع إنت وحكيم وهملني مع المستوره مرتك عاوزها فكلمتين.
همام هز دماغه بموافقه وخد حكيم وطلع، وجه يرد الباب على بسيمه والشيخ جاهين..
لكن الشيخ جاهين منعه وقاله: خلي الباب موارب ياولدي متسدهوش خالص، معقعدش اني فمقعد الشيطان فيه طرف تالت.
سمع همام الكلام وهمل الباب موارب واختفي من قبال الباب هو وحكيم، والشيخ جاهين بعدها بص لبسيمه وقالها:
خدي بالك كل اللي عيتعمل ديه حرام وما انزل الله به من سلطان والمره متنفعشي تمنع نفسها عن جوزها تحت اي ظرف غير لسبب قهري.. ولكن.. داي محاولة إصلاح واتمنى من ربنا إنه يغفرلنا تعدينا علي شرعه لو نجح سعينا فإن همام يتغير ويترك المعاصي..
إنما يابتي مهينفعشي بعد مايتصلح حاله او حتي بعد مايحط رجله علي طريق الصواب تفضلى علي عنادك.
وكتها اني هتبرى من ذنبك واقوله إن العقوبه سقطت وخد حقك من مرتك،
واشيل الوذر من فوق كتافي؛ لاني مش هقدر اقابل وجه كريم بذنب منع الحلال وتحريمه،
ويكون فمعلومك إنك لما تعاشري جوزك وتديه حقوقه هتعفيه وتاخدي أجر عفته؛ لانك هتمنعيه يلجأ لمتعه حرام،
وهتمنعي انها تتولد شام تانيه علي يده وتورث قهر اختك، وناسها يورثوا قهرك انتي واهلك عليها..
يعني لو همام هيحط رجله على أول طريق الصلاح إنتي اللي هتقفي وراه وتدفعيه بكل قوتك عشان يكمل الطريق للآخر.
بسيمه اتنهدت بوجع وبصت للارض وجاهين كمل:
اني عارف إنك مانعه روحك عنه كره، وإنك حطيتي بينك وبينه كل الموانع، لكن يابتي لو خطاها هتسقط الحجج،
وقدام الشرع الكره مش شفيع لعصيان ربنا.
بسيمه: والله ياعم الشيخ من إهنه لوكت مانشوفوا حاله هيتعدل ولا له يكونلنا حديت تاني.
جاهين بتفهم: بس من دلوك للوكت ديه افتحي قلبك وعينك وعقلك، وحاولي تخليهم يلقطوا الزين من عمايل همام ويحوشوه، وفى الاخر بصي لحصيلة كل حاجه فيهم، وافردي اللى خزنوه قدامك وشوفي اللي جمعتيه كافي إنه يخلي قلبك يلين ولا له.
ودلوك همي نطلعوا نقعدوا مع ابوكي هبابه اللي زمانه شايل الهم وعقله عيودي ويجيب هو وامك.
بسيمه: له متشيلش هم ابوي اني عععرف اريح فكره وقلبه زين.
وخرجت قدام الشيخ جاهين وهو طلع وراها وراحوا موطرح مالكل متجمع وقعدوا كلهم مع بعض،
ومن اول ماقعدوا والشيخ جاهين متعجب على بسيمه اللي اتقلب حالها، ورسمت ضحكه على وشها ميعرفش جابتها منين!
وهو من هبابه كان واعي هم الدنيا على وشها ووجع الكون فكلامها وتناهيدها؟!
ولا كلامها مع امها وابوها واختها اللي كله ضحك واللي يشوفها يقول عليها وحده مشايلاش للدنيا هم، وفرحانه بجوازها من كل قلبها!
خدوا الضيافه بتاعتهم وجاهين قالهم يلا بزياده يادوبك نروحوا، وحكيم بمجرد ماابوه قال إكده مد يده فجيبه وطلع مبلغ من الفلوس ورماهم فحجر بسيمه وهو عيقولها:
نقوطك من اخوكي حكيم ياخيتي، ربنا يبارك فجوازك وفايامك ويسعد قلبك.
لواحظ بصت للفلوس اللي اترمت فحجر بسيمه وبرقت عنيها بصدمه وبلعت ريقها وهي عتحسب فيهم بالتقريب وطلعوا اضعاف النقطه اللي رمتهالها بسيمه فالارض أمبارح!
ومسكت فرجل الدكه عشان ميغماش عليها وهي واعيه رزمتين فلوس عشرات طلعهم ابوها من جيبه ومدها لبسيمه وهو عيقولها:
قرشيناتك يابتي خليهم معاكي بِروب تعوزيهم.
بسيمه بصت للفلوس وبصت لحالة لواحظ ورت على ابوها، وزاحت يده وهي عترد عليه وعتقوله:
خلي الفلوس معاك يابوي اني ممحتاجاشي حاجه، ومش هحتاج بأذن الله، اني دلوك فعصمة راجل وهو متكفل بيا، وافتكر مفيش راجل حداه نخوه ورجوله هيخلي مرته تمد يدها علي فلوسها وتصرف منها وهو قاعد بحيله ونور عينه..
اني هاخد نقطة اخوي حكيم ربنا يباركلي فيه ويباركله ويطعمه الخير كله، ودول كتير مش قليل، ولو حوجني الزمن هبقي آجي واطلب منك يابوي.
عبد الصمد سمع حديت بسيمه وعاود الفلوس لجيبه تاني وهو عيرد عليها:
اللي يريحك يابتي
ولواحظ شافت الفلوس عاودت لجيب عبد الصمد وحست قلبها طلع فوق السطوح ورمي روحه ونزل عالارض شقف.
وبعدها الكل وقفوا استعداداً للرحيل وبسيمه ودعتهم بضحكه حلوه تطمن قلوبهم القلقانه، وطبعاً دهب طول الوكت عتفروك عايزه تاخد بسيمه فموطرح لحالهم وتسالها خبرها ايه، لكن بسيمه كانت تتهرب من بصاتها وتلميحاتها وراسمه العبط؛ عشان عارفه امها لو اختلت بيها هتكشف اللي عيملته، ودهب فموضوع الجواز محداهاش انصاف حلول ياابيض يااسود إنما شغل المماطله واللوع والتار والحساب هي معتعترفش بيه، وحداها المره لازمن تكون طوع امر جوزها من اول يوم، وتسلمه روحها ومتخالفهوش مهما كان عامل معاها.
مشت وراهم بسيمه لحد عتبت الباب وقالت لابوها قدام الكل:
عبد الصمد كل جمعه القاك قدامي إهنه، وجمعه تاجي لحالك وجمعه تجيب امي واختي معاك. اوعاك تغيب عني عشان لو عدت جمعه مشفتكش فيها واطمنت عليك وعلى امي واختي هتبص تلاقيني فوق راسك، ولا هعمل حساب لناس ولا قول وعيد وإنت خابر بسيمه وزناخة مخها.
عبد الصمد بص لهمام ورد عليها:
والله لو جوزك ممانعش زيارتي ليكي يابتي كل جمعه هتلاقيني دقاق بابك.
بسيمه بصت لهمام وبتحذير صريح ليه ردت علي ابوها:
له يابوي همام ميقدرش يمنعك من بيته ولا يقطع صلة رحم، همام اصيل والاصيل ميركبش روحه عيبه واصل.. مش إكده ياهمااام؟
همام رد عليها بتأييد:
إكده يابوي أمال إيه.. ديه بيت ياعم وتشرف فاي وكت وفوق راسي اشيلك حتي لو جيت كل يوم مش كل جمعه.
إتبسم عبد الصمد براحه وحتي دهب خدت نفسها اول مااتطمنت إنها مش هتتقطع من بتها التانيه كيف مااتقطعت من شام.
وزادت الراحه اكتر لما سمعوا نفس الحديت ونفس الترحيب من خشم أبو همام ليهم، وحتي حكيم هو كمان استأذن للزياره مع عبد الصمد وهمام وابوه اذنوله.
وعاود عبد الصمد ومرته وبته وجاهين وحكيم ولده وركبوا القطر قاصدين بلادهم، وفي الطريق لاحظ حكيم إن ابوه سرح وهو طالل من شباك القطر واتبسم وساله بفضول:
إيه اللي مفرح الشيخ جاهين امال ومخليه يتبسم لحاله؟
رد عليه جاهين وهو عيبصله بطرف عينه:
بصراحه جنية عبد الصمد كيفتني واتوكدت إن الشيطان هيتوب علي يدها والعاصي فحرم الجمال والقوة هيتحول لناسك تايب عن ذنوبه.
حكيم: تفتكر؟
جاهين: هتشوف بعينك.. ودلوك قول للقطر ديه يهم شويه اتوحشت تماضر من عشيه معاودتش البيت ولا اتحدتت معاها ولا اطمنت عليها.
حكيم بضحكه: قطر ايه اللي اقوله هم شويه هو عيمشي بقول الناس ياك؟ وبعدين اطمن على تماضر اني مطمن عليها وهي زينه كيف الوره المفتحه.
جاهين:
له مليش صالح بيك إنت، اني لازمن عيني تشوف وتنضر وقلبي يحس وبالي يرتاح.
حكيم اتبسم وسكت وطل من الشباك كيف ابوه، وابتدي يخطط لمعمل الالبان الجديد اللي هيفتحه فبلد همام، وهيشغل فيه مين من معارفه يكون امين وينقله الصوره عن همام والسيد وحالهم كامله من غير نقصان؟
وعاود الكل اخيراً لبيته وابتدت الحياة تمر في سياقها العادي.
وبعد اسبوع تقريباً في بيت المقاول:
كرار بلهفه لأمه اللي كانت عتكمل لبس البرده (غطاء يشبه الملايه اللف لكنه اثقل واطول) :
خلاص يمه رايحه؟ الله يخليكي متعاوديش من بيتهم غير وانتي جايبه الخبر اللي يبرد قلب ولدك.
حوريه: متهدا ياكرار وتبطل رجيف هبابه وتتقل مالك!
اللي يشوفك يقول مريتش قبل سابق؟.. وبصت لشام اللي كانت قاعده بعيد جار عديله عتفلي فيها فالشمسايه وقالتله:
داي حتي شام مرتك احلي منيها الحق يتقال.
كرار بعصبيه: شام مين وزوفت مين ديه كمان اللي تشبهي شوقيه بيها؟ وبعدين مش بالحلاوه واصل هي يامايه متدايقينيشي بالكلام ديه الله يرضى عليكي
حوريه:طيب خلاص اسكت عاد متوجعش راسي وتعالى وصلني بيت العمده بالطرومبيل، اني قولت لصفوت ينبه محدش ياخده منهم النهارده.
كرار وهو عيتحرك من قدامها علي بره قوام:
فوريره قدامك وهستاناكي في الطرومبيل متعوقيش.
وطلع وحوريه طلعت وراه ووقفت علي عتبة الباب وبصت لشام وبعلوا حسها قالت:
بت يانعمه.. نعمه خدي بالك من الدار انتي والبنته على مااعاود اني مش هعوق.. رايحه اخطب بت العمده لاخوكم كرار ومعاودة قوام.
خلصت كلامها وطلعت تتغندر على بره ببردتها وتحاول تبرز الجنيه الدهب القشره اللامع المتخيط على طرفها، وعديله رفعت دماغها من حجر شام وبصت لحوريه بسخط وقالتلها بهمس مسموع:
غوري قبر ياخدك وياخد جلعك الماسخ.
ورجعت دماغها تاني على حجر شام اللي رجعت تفلي فيها، وبعد شويه همستلها عديله تسألها:
حاسه بأيه ياشامه وجوزك رايح يخطب وحده غيرك؟
شام خدت نفس جامد وطلعته وغمضت عنيها بإرتياح وهى عترد عليها:
فرحانه ياستي إنه هيحل عني وهيهملني فحالي، وإنه هيجيب اللي هتلهييه، ومهخافش منيه كل عشيه واقول اهو هيطلبني وهيقولي تعالي وياخد مني اللي عيخليني اتمني الموت وافضله عنيه.
عديله:
إيوه يابتي معاكي إنك هترتاحي من همام، بس هتاجيلك اللي تقل راحتك اكتر منه، هتاجيكي حيه تتلف حوالين رقبتك وتقرط وتدوقك طعم الصبار العلقم.. اصل الضره مره وانتي مفيش مره هتاجي عليكي وتتحمل إن جوزها يطل فوشك ولا حتي يبص عليكي والنيران هتشب فيها من جميع جانب.
شام: واني ايه اللي يخلطني بيها، اني هقعد واخده جنب وقاعده فحالي إكده كيف ماني، لا حد يسمعلي حس ولا حد يشوف زوالي.
عديله:
ديه ساهل وانتي بطولك، انما كلها كام شهر وتطلع للدنيا منك حته تخليكي تلفي وراها البيت كله وحسك يلعلع وتفوتي طالعه داخله، وغصب هتزغللي العيون وتحرقي القلوب،
وخصوصي إن الوحده بعد ماعتخلف عتتقلوظ وتتلف وحلاها يزيد.. واتلقي وعدك عاد وكتها ياقزينه.
شام سمعت كلام ستها واتبسمت وهي عتتخيل إنها ولدت وعيلها عيرمح حواليها ومالي عليها الدنيا، وبمجرد مابدات تتخيل حست بحركة بطنها العنيفه كيف مايكون اللي جواها مستعجل هو كمان عالطلعه ومستني فك اسره من بطنها والطلوع للدنيا بأسرع وكت.
وصلت حوريه بيت العمده ودخلت واستقبلتها مرت العمده احسن استقبال وقعدت معاها هي وشوقيه ودخلت في المفيد وقالتلهم إن كرار طالب يد شوقيه، وانها جايه تجس نبضهم هما فلاول قبل حديت الرجاله،
وطلعت من كيسها لبه دهب تقيله حطتها عالصينيه قدامهم وقالت إنها هديه من كرار للعروسه لو وافقت، وانها ملهاش صالح بالشبكه، داي عربون محبه، وبرغم إن مرت العمده حاولت تترفع بالكلام عن الدهب والماديات الا إن عينها كانت هتطلع على اللبه، وديه كان واضح وضوح الشمس من نظره كانت تخطفها عليها كل حين وحين.
اما شوقيه فكانت تتحدت مع حوريه من غير خجل ولا خشى، وتسأل عن سن كرار وعن كل حاجه تخصه، وحتي عن مرته سألت، واتعجبت حوريه كون إنها عارفه بخبر جوازه هي وامها!
وابداً طريقة شوقيه معجبتش حوريه ولا ارتاحت لجرائتها في الحديت، ولا لكلامها بالعين والحاجب، كيف ماتكون مره ممرمره، مش بت بنوت وواجب يكون خجلها يتكيل بالقنطار!
وقامت وهملتهم من بعد ماخدت موافقه صريحه من البت وامها على الجوازه، ومرت العمده قالتلها خلي ولدك يتقدم للعمده وهو ضامن الموافقه.
وطلعت وهي حاسه بكوم فيران ابتدا يلعب فعبها من البت وامها، واللي خلاها كانت هتتكفي على بوزها عالعتبه وهي طالعه، شوقيه لما ميلت عليها وهمستلها فودنها وقالتلها:
اوبقي قولي لولدك يقابلني كمان هبابه فموطرح المره اللي فاتت عايزاه فحاجه ضروريه، وقوليله متعوقشش علي شوقيه احسن تزعل منك .
وطلعت حوريه ولحد ماركبت الطرومبيل وهي متنحه ومبرقه، وبمجرد ماسألها كرار بلهفه عن اللي جرا ردت عليه بأسف:
شوقيه عتقولك قابلها فموطرح المره اللي فاتت ياحزين ومتعوقشي احسن تزعل منك.. عايزاك كمان هبابه قال يامرك الطافح.
كرار: ايوه ماشي طيب امها قالتلك ايه طمنتك يعني ولا ايه قالتلك ايه يمه ريحي قلبي عاد.
ردت عليه وهي عتموج براسها شمال ويمين بخوف:
قالتلي إنهم موافقين وقالتلي خليه يتقدم والموافقه مضمونه، طمنتني وياريتها ماطمنتني.
كرار من بين كلام امه ومن خوفها محسش ولا سمع غير كلمة الموافقه وطار بيها من الفرحه، ويادوبك وصل امه وركن الطرومبيل وراح على شوقيه طاير طير وحاسس إن رجليه مش لامسين الارض من السعادة
ووصل اخيراً حدا بيتها وكانت واقفه مستنياه في الشباك، وبمجرد ماشافته ضحكتله الضحكه اللى دوبت قلبه، ولفلها ورا البيت، وهي قوام نزلتله ووقفت قدامه وهي عتنهج وتضحك بفرحه وقالتله:
حلوه اللبه ياكراري تسلم مجايبك وتعيش وتجيبلي ياحبة القلب.
كانت تتحدت وهي عتتلمس فلبه واخده صدرها كله وفرحانه، وكرار سمع كلمة كراري وحبة القلب وقلبه فرط منيه كيف حبات عقد اتقطع واتدحرجوا حباته تحت رجليها..
وشوق ضحكت على منظره وبعدها عبثت ملامحها وهي عتقوله:
كرار اني شيعت عليك عشان اقولك حاجه ونتفقوا عليها قبل مانتجوزوا؛ عشان ادخل بيتك واحنا مرتاحين مع بعض..
اني خابره إنك متجوز وان ابوك غصبك عليها غصب؛ عشان بت صاحبه كيف ماقال لابوي وحكاله قبل مايموت، وعايزه اقولك اني هوافق اتجوز علي ضره، بس لازمن تعرف اني غياره، غياره موت وغيرتي عفشه،
واللي عحبه معطيقش حد يبصله بعينه واني عايزاك توعدني إنك مهتقربش منيها من اليوم وطالع، عهد تديهوني واني مني ليك عهد قباله إني مهخليش فنفسك حاجه ولا اخليك تشتهي مره غيري وهكونلك كيف ماتحب.
كرار رد عليها وهو مشدوه الفكر والبال ومسلوب الاراده:
يجرالك مااتمنيتي وأمرتي، واصلاً اني من حالي نفسي معتطيبش عليها ومن يوم ماسقطتها بيدي ماقربتهاش عشان متحبلش تاني، وبس تاجي فبيتي هعرفك السبب، ومن اللحظه داي انتي ست البيت وستها وتاج راسها وهي خدامتك وتحت رجليكي.
شوقيه بفرحه: واني من اللحظه داي خدامتك وتحت رجليك وإنت تاج راسي. ودلوك يلا ياتاج راسي عاود قبل ماحد يشوفك ويقول لابوي وتوقف الفرحه، ومتنساش بكره تاجي عشان يوبقي الكلام رسمي.
خلصت كلامها وجرت من قدامه وهملته مش عارف يتلايم على اعصابه ولا يسيطر علي رجفة قلبه من تأثير الكلام الحلو اللي اول مره يسمعه من خشم بنيه.
وعاود البيت وهو حاسس إنه ملك الدنيا فيده،
واول حاجه عملها إنه راح على ابو دراع يفرحه بالخبر، وكل ظنه إنه هيفرح لفرحته، لكن رد فعل ابو دراع البارد على الخبر طفي فرحته وخلاه حس بالاحباط.
وقام راح لعمه وصفوت وكلمهم علي الخطبه، ونبه عليهم يبقوها شغل بكره ويروحوا معاه للعمده يخطبوله بته.
وفعلا تاني يوم واتفاجئوا بموافقة العمده علي كرار فنفس القعده وقروا الفاتحه والفرح قرروا انه هيكون بعد سنوية أبوه مع عزت اخوه فيوم واحد، والعمده وافق وأجل كل حاجه بعد السنويه، الدهب والخطوبه وكله، واكتفي بس بالفاتحه مابينهم ووعد لكرار بأن شوقيه ليه وخلاص.
والكل روح وهما مستغربين من ان العمده مدققش فحاجه واصل!
ولا حتي حدد مهر ولا شبكه ولا اتحدت فجوازة كرار الاولانيه ولا جابله سيرتها!
اما كرار فدلوك بس اللي بلع ريقه وقدر يحط البطيخه الصيفي فبطنه ويتطمن وفكره يرتاح.
أما حدا بسيمه وهمام فبقالهم اسبوع كل اللي بينهم طول اليوم يادوبك كلمه او تنين سؤال وجواب، ولا قعده ولا نومه ولا مجلس عيجمعهم، وحتي لو اجتمعوا يقعدوا بعاد عن بعض واحد في الشرق وواحد في الغرب، والبعد طبعاً كان من بسيمه،
أما همام فكان عيحاول علي كد مايقدر يغض بصره عنها، لكنه ابداً مكانش يقدر يغض سمعه وهو سامع حسها عيلعلع في البيت مع امه واخته الكبيره وهي عتتجادل معاهم على خدمة البيت،
وكانت تعصب امه لما خلتها شدت فشعر راسها الاسبوع ديه كذا مره، وبرضك كانت بمزاجها تعمل اللي تعمله ومتعملش اللي مليهاش ليه مزاج،
وكذا مره لواحظ تشتكيله منها وهو يقولها عتتجلع لساها صغيره وهتتعود، ومواخدش ناحيتها اي خطوه ولا إجراء يوقفها عند حدها ويبرد قلب امه لواحظ من تلاها.
اما بسيمه فكانت مراقبه همام طول الوكت وعينها عليه، واول حاجه عميلها إنه ابتدا يصلي، وكان الكل فالبيت مستغرب من خطوة صلاته لأن همام طول عمره ماركعها غير في فمرات معدودة، ومن كتر التزامه في الصلاة كان يروح الجامع قبل الاذان كمان،
وحكيم جاله وابتدوا سوا يشوفوا موطرح يعملوا عليه المعمل، وبقي همام طول النهار معيتكلمش في البيت غير عالمعمل والشغل، ويطلع يربط مع كل بيت في البلد حداه جاموسه إنه يسلمه لبن جاموسته للمعمل من اول الشهر، ويتفق معاه علي سعر اعلي هبابه من سعر السوق؛ عشان يغريهم، ووكت مايعاود كان يروح الغيط مع ابوه واخوه يشتغل معاهم فيه ويساعدهم
وبسيمه كانت شايفه التغيير اللي ابتدا يطرأ عليه، والجديه والالتزام اللي كل اهله مستغربين منها،
وديه بدال مايفرحها كان مدايقها ومخلي قلبها يرجف؛ احسن يكون ديه قطره من غيث إلتزام من همام مش هتقدر قصاده تواصل رفضها ليه ولا هتلاقي حجه تتحجج بيها بعد إكده.. وكل ماتفكر فأنها فيوم من الايام ممكن تكون بين اديه زوجه ويكونله عليها حقوق تحس بأن الهوا اختفى من حواليها وان انفاسها داقت ومبقتش قادره تتنفس، وفوراً يترائى ليها منظر شام وهي مرميه على السرير تأن بوجع ومعيتحركلهاش ساكن بسببه،
وتوبقي كل أمنيتها إنها تشوفه طريح الفراش وموجوع نفس وجع اختها مع اختلاف الوجع وموطرحه ، بس اهم حاجه إن الآه تطلع من جوفه بألم مماثل.
وعدت الايام وعدى شهر والتاني علي دا الحال، والمعمل كمل وابتدا يشتغل، وحكيم جاب فيه واحد من البلد حداه وعينه ريس، وشغل تحت منيه همام والسيد وعشر شباب من شباب البلد اللي نقاهم نقاوه على حسب الاضعف حال والاكتر احتياج ووظفهم فيه وابتدا يروح وياجي عليهم؛ عشان يعلمهم الشغلانه زين ويطمن إنهم شغالين بقلبهم..
ومش بس إكده ديه كان ياجيهم كل يومين تلاته ويلمهم ويصلي بيهم الفرض اللي كان يحضره وسطهم جماعه،
ومن بعدها يخطب فيهم ويقعد يعلمهم امور دينهم ويحببهم فطاعة ربهم وصلاتهم، ويحفذهم بالاستعانه علي طيش الشبال وعنفوانه بالصلاة والصوم والقرب من ربنا،
ولأنه شاب زيهم كان يتحدت معاهم بدون خجل وحطم كل حواجز الرهبه وبقوا كيف الاصحاب، وقرب منهم وكتير ربنا هداهم على يده، وصيط مجلسه وخطبه ذاع وسط شباب البلد كلها، ومن كتر الكلام الزين عليه الكل بقي يتهافت لسماع خطبته في اليوم اللي كانوا يعرفوا إنه في البلد وهيصلي ويخطب بالشباب،
وإمام الجامع لما سمع بيه دعاه للاجتماع بالشباب في المسجد لانه اوسع وأبرح، وعشان يضم اكبر عدد ممكن من الشباب،
وكان يقعد الإمام فوسطهم يستمع لحكيم زيه زيهم عشان يتعلم منه ويستمع للنصح المتغلف بالمحبه والارشاد المتغلف باللين والنهي المتغلف بالخوف على المصلحه والحفاظ ع النفس البشريه من أمرها علي روحها بالسوء.
وفعلا مجالس حكيم وخطبه اثرت فشباب كتير من شباب البلد وعلمتهم الالتزام، ومن ضمنهم همام اللي في البدايه كان واخد الصلاة والتدين وسيله وسبيل للوصول لهدف،
ولكن مع الوقت اتولد جواه إحساس بالندم لما ابتدا يفهم امور دينه وعرف كد ايه هو كان آثم وغافل وواقع في حدود الله، وماشي ورا شيطانه وعيلهث ورا لذه حرام وزايله، وابتدا يراجع روحه ويحاسبها على كل حاجه عفشه كان يعملها زمان، ووحده وحده بدأ يبعد عن الحشيش وشربه لأنه مكانش قادر يقطع عنيه مره وحده، وكل ديه كان قدام عيون حكيم اللي كان ملاحظ وفرحان بيه لكنه ممبينش، وحتي السيد هو كمان كان عيحضر الخطب ويصلي معاهم، لكنه كان فحاله ولا ليه دعوه بهمام ولا عيكلمه حتي، واكتفي باللي شافه بسببه، وتاب توبه نصوحه، ومن اول يوم رجع فيه البلد لحضن أمه وناسه وهو خد عهد على نفسه يبطل كل حاجه عفشه كان عيعملها مع همام..
وحتي شغله في المعمل كان حريص فيه انه يكون بعيد عن همام، وكل اللي بينهم بس صباح الخير صباح النور كنهم تنين اغراب ومسبقلهمش المعرفه قبل سابق ولا جمعتهم قعدة سمر.
وكد ايه حكيم اتمنى إنه يقدر يوصل لكرار عن طريق حد من الشباب يجرهوله يحضر معاهم خطبه ولا تنين جايز ربنا يهديه كيف ماهدى غيره.. لكن ابداً كرار مرضيش وكان الخبر يترد لحكيم إنه بمجرد مايسمع إسم حكيم تركبه الجنون الحمر ويقعد يقطع ويمسح فيه من غير سبب، وبعد محاولات كتير من حكيم لإستقطابه بائت بالفشل رمى طوبته وفقد فيه آخر خيط أمل كان متأمل بيه.
ونظراً لفرحة حكيم بالتغيير اللي جرا لأغلب شباب البلد خد قرار وبلغه للكل في خطبه من الخطب.. إن ايراد المعمل كله وارباحه هيوهبها لله وكل شهرين هيجوز واحد من الشباب المحتاج ووصل لسن الجواز وممعاهش تكاليفه، والواحد ديه هيقع عليه الاختيار علي حسب درجة التزامه ومحافظته علي صلاته وصلاح حاله، وديه خلق بين الشباب منافسه من اجمل انواع المنافسات، منافسه في طاعة الله لنيل رضاه اولا ثم الفوز بحلاله.
أما شام.. ففي الوكت ديه وصلت لآخر السابع، وابتدا المتخبي يهدد بالظهور، وبطنها كبرت وبرزت، ومهما لبست واسع اول ماتميل اقل ميله كانت بطنها تبان، وخلاص سرها على وشك إنه يتفضح، ومهما دارت روحها عن عيون الكل مسيرها هتتكشف.
وخصوصاً من الورم اللي بدأ يظهر علي رجليها وزيادة وزنها اللي الكل ملاحظها ويسالها عن سببها ومفكرين انها من الوكل، وخصوصاً عزت اللي عياكلها بعنيه وكل كل مايشوفها معديه قدامه صدفه وهي عتتمايل كيف البطه المزغطه ويتمني بس لحظه فقربها، ويلعن كرار الف لعنه ويلعن غبائه الفين، ويلعن حظه هو المنيل ملايين اللعنات.
وكانت تشام تتخبى طول الوكت كيف اللي عامله عمله ولو إتقسم الشغل تاخد الشغل اللي فحوش البهايم كله لحالها عشان تكون بعيد عن عيون الحريم، وحتي بعد ماتخلص كانت تلبد في الحوش وتاخدها حجه عشان تتدارى، وبعدها تتسحب لأوضة عديله تتشطف من الظاطه وتناملها هبابه تفرد جتتها من التعب.
فيوم عادي كيف بقية الايام دخلت شام للموطبخ فى الليل بعد مالكل ناموا عشان تجيبلها حاجه تاكلها؛ لأنها بقت تجوع قوي بالليل اليومين دول، والتسالي اللي عتجيبهالها ستها عديله مبقتش تسد جوعها، ولازمن تاكل حاجه تسد والا اللي فبطنها يقعد يفرفط طول الليل لا يهدا ولا يخليها تنام..
غرفتلها صحن رز وعليه حتتة لحمه ولساها هتطلع من باب الموطبخ لقت عزت واقف على بابه ومشبح اديه وسادد عليها الطريق!
اتفزعت ورجعت لورا بخوف وهي واعيه نظرة الجوع اللى فعيونه واللي حافظاها زين، وشايفه عنيه وهما عياكلوا فلحمها وينهشوا كيف جوز ديابه، وبحس عيرجف قالتله:
افتح الطريق ياعزت فوتني عايزه اودي الوكل لستي قوام اصلها جعانه.
رد عليها عزت وهو عيغمض عيونه بظفر وقالها:
ايبااااه على إسم عزت من خشمك ياشام.. كأنه إتقال بصوت ناي والله.. وكمل بهمس.. عيديه على مسامعي إكده بالله عليكي.
شام ردت عليه بعصبيه وهى عتدارى الخوف اللي حاسه بيه:
إنت عايز ايه بالظبط قولي؟
عزت بلهفه:
عايزك ياشام، عايزك ومستعد عشان اضمك بس ضمه اخسر كل حاجه فالدنيا واستغنى عنها، عمري كله مستعد اقايضه بضمه منك ياشا، مستعد حتى روحي اقدمهالك قربان.
شام كانت عتسمع كلامه وكيف مايكون خنجر اتغرز فنص قلبها ورجفة قلبها طلعت على بدنها، ويدها اللى بقت تتهز بطبق الرز وسنانها اللي بقوا يصكوا فبعض، وكل فكرها إن عزت هيهجم عليها ويعمل فيها كيف كرار وهمام والسيد، وياخد منها بالغصب اللي أي راجل عياخده من اي مره، وفلحظه وقع من يدها الطبق وحطت يدها علي بطنها تهدي اللي بقت تتحرك كيف قط اتحبس تحت شبكة صياد بس حست بخوف امها والتوتر اللي اجتاح كيانها،
وردت علي عزت بآخر شوية شجاعه تملكهم:
إيه اللي عتقوله ديه ياعويل إنت، كيف تقول إكده واني مرت اخوك؟ هو انتوا مفيش حد فيكم في البيت ديه حداه دين ولا عيخاف من ربنا واصل!
عزت رد عليها وهو عيحاول يهديها ويمتص خوفها:
إهدي ياشام هبابه ومتخافيش اني عمري ماهغصبك علي حاجه، أني مهعملش حاجه غير برضاكي، ولا هلمسك غير وانتي راغبه فيا زي مني واكتر كمان، اني عحبك ياشام ورايد قربك وهفضل مستني وصابر مهما طال انتظاري.
شام بعدم استيعاب للي عيقوله:
يابوي اني مرت اخوك حرام اللي عتقوله ديه افهم..اخوك ولد امك وابوك يوبقي جوووزي جوزي.
عزت ضرب حيط المطبح وكان هيزعق لكنه رجع اتمالك نفسه ورد عليها بحسه الواطي من بين سنانه:
وهو فين جوزك ديه تقدري تقوليلي، مهملك تنامي فطول ستي وهو نايم بطوله المحروق ديه ولا داري بيكي..
عينام ملوا عينه نوم ومهمل حلاله ودفاه وعفيته ومتلفح باللحاف القطن!
واني طول الليل اتقلب على جمر النار ومااصدق ياجي النهار عشان اختلس عليكي نظره واملي عيني بشوفتك اللي ميتشبعش منها،
واتمناكي فجوف الليل من ربنا الف مره وادعيه انه يعمل حاجه تخليكي توبقي من نصيبي.. داني من وسط دعايا دعيت على كرار بالموت ياشام لو موته هيقربني منك.
شام بعد كل كلمه كان يقولها عزت كانت تطلع منها شهقه وتكتمها بيدها قبل ماتكملها وحاسه الدنيا ابتدت تبرم بيها ونفسها مرجت وخلاص هتجيب اللي فبطنها من كتر ماحست بغثيان من كلام عزت،
ورجعها لذكرياتها وتجاربها المعدوده مع كرار وعلاقتهم ، واللي كل وحده فيهم اسواء من اللي قبلها، واللي بمجرد مااتخيلت انها ممكن تتعاد مع عزت هو كمان حست بعصره فقلبها ولقت روحها عتصرخ فيه بعلوا حسها:
بعد عن طريقي ياعزت بعاااااد.. ياستي عديله الحقيني ياستااااااي.. وبمجرد ماصرخت عديله هبت من فرشتها بخوف وطلعت وكل همها إن كرار حاز شام وهيتفضح السر ويسقطها، وكرار اللي كان فأوضته هو كمان نايم قام مفزوع من عز نومه وفتح الباب ورمح ناحية الموطبخ يشوف فيه إيه؟
واللي سمع من فوق نزل واولهم كانت حوريه.. والكل وقف مبلم وهما شايفين شام على باب الموطبخ والوكل تحت رجليها مكبوب، وعزت واقف قبالها ولونه مخطوف.
وللحكايه بقية
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله الجزء الاول من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا