القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية نفق الجحيم (الجزء الاول) الفصل الحادى وعشرون والثانى وعشرون والثالث وعشرون والرابع وعشرون والخامس وعشرون بقلم ريناد يوسف كاملة

 



رواية نفق الجحيم (الجزء الاول) الفصل الحادى وعشرون والثانى وعشرون والثالث وعشرون والرابع وعشرون والخامس وعشرون   بقلم ريناد يوسف كاملة 






رواية نفق الجحيم (الجزء الاول) الفصل الحادى وعشرون والثانى وعشرون والثالث وعشرون والرابع وعشرون والخامس وعشرون   بقلم ريناد يوسف كاملة 



حكاية وجع شام الفصل ٢١


فضل أبو دراع باصص لكرار اللي عيتالم من حرق النار، ولغاية مارجعله كرار ووقف جاره، وهو مستنيه يعلن إعترافه بالغلط، او يبدي ندمه عاللي عيمله فشام، لكنه بعد مااتحدت معاه عرف إنه لساه باقي على موقفه.. وبعد ماكان ناوي يعترفله إنه حرقه بالقصد عشان يدوق نفس الوجع اللي دوقه لغيره، همله يمكن يخاف من انتقام ربنا وقصاصه بعد إكده طول مامش خايف من المخلوق. 


أما كرار فعاود للبيت من تاني ودخل اوضته ودخل سريره ونام النوم اللي بقاله كام يوم مجافيه يأما من الخوف أو من الوجع من ساعة العمله السوده. 


وشام كانت في الموطبخ ومن أول يوم حوريه قسمت عليها شغل زيها زي البنات ويمكن أكتر هبابه..وطول الوكت كانت بصالها وتبرطم وتدعى عاللي منه السبب فأذية ولدها وكسرة نفسه.. وشام قاعده ساكته وعتبصلها وهي مش قادره تستوعب بجاحة طبعها، وإنها كيف عتقلب الحقايق وتخلي الظالم مظلوم عشان ولدها؟ 


واللى وجع شام اكتر إن حوريه طلبت منها هي بالذات تقطع طماطم الطبيخ كله وهي عارفه إن يدها محروقه، وإن الطماطم لو جات عليها هتخليها تعض فالأرض من الوجع، لكن الظاهر إن ديه هو اللي كانت عايزاه.. لانها طول ماشايفه شام عتتوجع مرفلهاش جفن، ونفس بصة البغض كانت بصاهالها اكنها عتقولها أحسن ربنا يزيدك وجع. 


أما شام فاكانت بين كل طماطمايتين تخرطهم تقوم تفتح علي يدها مية الطرمبه عشان تمشي مية الطماطم اللى عامله كيف مية النار من عليها.. واللي غاظ شام أكتر وكان مخليها مستغربه، بدور اللي كانت طول الوكت بصالها ومبتسمه كيف ماتكون فرحانه فيها و فاللي عيجرالها كيف ماتكون عدوتها! 


أما الباقيين فكانوا عيخلصوا خدمتهم اللي فيدهم من سكات ولا يمهم شام ولا اللي عيجرا معاها، ولا منتبهين لأي حاجه، وكانوا يكلموا شام من وكت للتاني عشان تلافيهم حاجه من جارها أو تمسك حاجه بدال اللي ولدها جالها يبكي عايز حاجه 


ومن إهنه بدأت شام تحدد شخصيات البيت وتعرف مين معاها ومين عليها ومين ولا يمه. 


وصلوا أخيراً أهل شام لبلد بتهم الجديده، واللي بمجرد ماوصلوها حسوا بإختلافها عن بلدهم.. اهلها كانوا كتير وماليين الطرق، كل اللي يعدي من جار التاني يعدي ساكت لا يشاورله ولا يصبح عليه ولا يقف معاه يسأله عامل ايه وكيف أحواله! زي مايكون محدش فيهم يعرف التانى كأنهم عابرين سبيل اغراب!


وإهنه الكل عرف ليه اهل البلد داي طلعوا عيال كيف اللي دبحوا شام.


وصلوا اخيراً حدا بيت المقاول، ونزلوا كلهم من الطرومبيل من بعد مانزل توفيق ورحب بيهم وفتحلهم البيبان، ودخلهم البيت، اللي أول مادخلوا من بوابة جنينته خدتهم الهوله من كبر الجنينه والشجر اللي فيها، وكمان عالبيت المغفلق اللي مشافوش بيت فكبره قبل سابق ولا حتي بيت عمدة بلدهم.


أما توفيق فوجه كلامه لعبد الصمد وقاله: معلهش يابو شام هتستني إهنه جار مخلوف عشان الدار كله حريم ومينفعش راجل غريب يدخل عليهم، ديه نظام بيتنا عاد.. وشام بتك هجيبهالك لحد عندك.


جاوبه عبد الصمد بسرعه :


ايوه امال ايه اني عارف فالاصول زين ومكنتش هدخل لحالي.. أني هستني إهنه جار الراجل الزين ديه.. قالها وبص لمخلوف اللي تبسمله ورد عليه:


ربنا يكرم اصلك ياراجل ياطيب.. اقعد اقعد عالمصطبه إهنه واني حالاً هعملك كباية شاي عالدمسه تعدل دماغك محدش يعرف يعملها غير عمك مخلوف.


توفيق: له يامخلوف ضيافة عبد الصمد هتطلع من بيتي فلاول ومن بعدها إعمل الشاي اللي إنت عايزه.. بس قبلها قول لابو دراع ينزل الحاجه اللي جايبينها الجماعه  من الطرومبيل ويجيبها  يحطها علي باب البيت عشان الحريم يدخلوها. 


مخلوف:


 ايوه بس ابو دراع مقاعدشي.. راح البندر من هبابه يجيبلي زيت كافور عشان دورلي في البلد ملقاليش..هو على جي مش هيعوق. 


توفيق:


طيب لما يعاود اوبقي قوله عاللي قولتهولك، ودلوك يالا يامستورين معاي علي جوه.


وإتقدم توفيق ودهب وبناتها التنين وراه ودخلوا البيت، ومن أول مادخل وعديله وعيته وشافت اللي داخلين وراه بفرحه قالتله:


إتجوزت ياتوفيق؟ اخيراً ربنا هداك ورد عقلك فراسك وغيرت عتبتك الفقريه.. مين فيهم العروسه قولي قوام.


توفيق رد عليها بإحراج:


إتجوزت إيه بس يمه دول أم شام وخياتها جاين يباركولها ويشوفوها.


عديله بخيبة أمل:


واه.. والله فرحتلك ياولدي وقولت ربنا عوض عليك.. نهايته.. قربوا مني يااقماع الجلاب وسلموا عليا.. مين فيكم أم شام؟ عيني بارده عليكم كلكم أحلى وأصبى من بعض.


إتقدمت عليها دهب وهي عتقولها:


والله مافيه غير لسانك الحلو ياخالة.. أني أم شام ودول خياتها بسيمه وبشاير.


عديله وهي عتفحص فيهم كلهم:


مشاء الله ربنا يحرسكم من العين يابنيتي.. أني أم توفيق جدة جوز بتك.. نورتوا دارنا يالمض البنور.. نادم ياتوفيق علي شام خليها تاجي لأمها وخياتها..هي في الموطبخ مع الحريمات. 


توفيق: وفين الرجاله أمال مشايفش حد فيهم؟


عديله: كل واحد راح لغرفته يتسبح بعد مادخلتله مرته الميه الحاميه.. فيش غير عزت بس اللي اتسبح وطلع لواد صاحبه نادم عليه.


توفيق: وكرار وين أمال؟


عديله: دخل اوضته من بدري ومليهش حس كنه نام.. عريس عاد وعشيه مشبعش نوم.. تعالوا ياحبايب فأوضتي علي ماشام تاجيلكم تعالوا.


وخدت عديله دهب والبنات ودخلتهم اوضتها.


اما توفيق فراح علي الموطبخ ولقي الحريم شغالين فتجهيز الوكل، وحوريه عتغطي حله وتعري التانيه تبص فيها.. فاتنحنح وقال:


السلام عليكم.. يديكم العافيه يابنات.. شام أهلك بره جابولك صباحيتك وجولك يشوفوكي ويطمنوا عليكي.. اتركي من يدك يابنيتي وقومي روحيلهم.. وانتوا ياحريم مهوصيش علي كرم ضيافة بيت توفيق عاد.. اعملوا بأصلكم واكرموا ضيوفكم.. يادوبه خلص كلامه وهبت شام بفرحه، وراحت عالطرمبه غسلت اديها وطلعت بلهفه وشوق من جار توفيق راحت علي الحبايب تطمنهم عليها وتطمن عليهم..وسمعت حس توفيق وراها عيقولها.. على مهلك يابتي احسن توقعي بالهداوة.. هما فأوضه ستك عديله قاعدين. 


وفضل مراقبها ومبتسم علي فرحتها ولهفتها لغاية مادخلت أوضة أمه، وبعدها بص لحوريه وقالها توديله ميه وغيار عالحمام يتسبح.. واتحرك وهمل حوريه وراه تلوي فخشمها يمين وشمال بعدم رضى.


ورده: هنعملوا ايه للضيوف يمه.. اعملهم حاجه يشربوها ولا نقدملهم الغدا فلاول ديه معاد غدا وعيب مننا.


حوريه بغيظ:


قدميلهم سخام يسخمهم.. ليه نغدوهم جايين وفاتحين بطنهم علينا ولا ايه؟ جايين لبيوت الناس بجوعهم! قندليلهم ايوتها سم هاري يشربوه علي مااروح اودي الميه الحاميه لابوكم.. ولا اقولك يابت يانعمه تعالي إنتي ودي الميه اني معدتش اقدر اطلع السلم بطولي مش اطلع ببستلة ميه.. اني عجزت خلاص، ومن بكره هبدل كرار واخد أوضته واطلعه فوق هو ومرته اهو اتجوز ويحقله يسكن وسط المتجوزين.


هي خلصت كلامها وعدويه اختها ردت عليها بضحكه:


قولنا الحديت ديه قولتوا إطلعوا من البلد.. بس اهه الحق عيطلع لحاله من الشق.. وقولتي قدام الكل إنك عجزتي.. يوبقي هملي جوزك يتجوز عاد. 


حوريه: فشرتي ياشمَّاته.. الدهن في العتاقي.. وبعدين مالك ومال جوزي انتي هتعمليلي زي مرت عمك البومه ولا ايه؟ وان كان علي هبابة الميه اللي هيخلوكي تفتحي خاشمك العفش ديهم اااهم.. والله ماحد يطلعهم غيري.. وشالت بستلة الميه وطلعت وهملت الكل يضحك عليها وعلي خوفها احسن توفيق جوزها يتجوز عليها


أما شام فمن اول مافتحت باب الأوضه وشافت امها واخواتها البنات شهقت بالبكا وجرت علي أمها واترمت فحضنها، والتانيه دموعها مقصروش ونزلوا عشرات شوق ولهفه ومحبه وقلق.


ودهب بعدت شام عن حضنها وبصت فوشها وبحنان قالتلها:


طمنيني عنك يابنية قلبي عامله ايه وكيف كانت عشيتك مع جوزك؟


ردت عليها عديله:


هتكون كيف يعني مانتي خابره إن رايتها حمره ولا هو حوان مهيعتقش؟


دهب بخجل: مقصديش ياخاله عاللي فبالك قصدي في المعامله يعني والقبول .


عديله بحرج:


له لو هتتحدتوا فالمعامله والقبول والفضفضه اقوم اني عشان تكونوا علي راحتكم.. خلصت جملتها وقامت وهملتهم لحالهم عشان شام تقدر تشكي لامها وتفضفض وتطلع اللي فقلبها براحتها.. وهي وطالعه برطمت مع روحها بحس مسموع.. ماهو حوان صوح ومعيعتقش انتي نسيتي ياعديله ياك.. بس هقول ايه طالع لامه الحوانه الكبيره. 


اما شام فبعد ماطلعت عديله التفتت لخياتها وخدتهم وحده وحده فحضنها وفضلت تبوسهم وتضمهم لقلبها.. وبعد السلامات شدتها امها دهب منهم؛ عشان تقعدها جارها وتتحدت معاها من خوفة الوكت يسرقهم وميلحقوش يتحدتوا.. ولكنها بمجرد ماعيملت إكده شام إتألمت لانها مسكتها من يدها المكويه.. ولما شام اتألمت أمها قلبت يدها وشهقت وهي واعيه الحرق فبطنيتها..وحتي اخواتها التنين شهقوا زيها. 


ودهب سألتها بخوف: يامري عليكي ياشام وعاللي نابك.. من وين جالك الحرق ديه يابنيتي وكيف اتحرقتي؟


ردت عليها شام بعد ماشافت الخوف اللى كسا عنيها وملامحها، وشافت إنها مش ناقصه هم فوق همها:


ديه حرق من الكانون يمه.. كنت عايزه احمي الميه لجوزي يتسبح ومعرفتش اولع الكانون فوطيت عشان انفخ فيه اولعه رحت محمله علي بصاية نار بحيلي كله. 


دهب بوجع: ناقصه انتي حروق ووجع يعني ياشام؟ بس ديه كله من تحت يدك يابنيتي.. ياما قولتلك اتقربي عالكوانين واتعلمي تشعليها واتعلمي شغل البيت بس انتي ولا كان يمك.. وادي أول بشاير الخيابه عتبان اهه. 


شام: 


بسيطه يمه وبعدين العلام اللي عيكون بوجع عمره ماعيتنسي تاني.. واديني إتعلمت آخد بالي وأشعل الكانون كيف المره الجايه.. المهم طمنيني عنك وعن ابوي..الا صوح هو وينه مجاش معاكم ليه؟ 


بسيمه:


له جه ومستنيكي بره عشان تطلعيله بعد ماتسلمي علينا.. تعالي سلمي عليه واني هروح معاكي عشان ارجعك من عنده قوام ونكملوا قعدتنا مع بعض فيه كلام كتير عايزين نتحدتوا فيه معاكي. 


وبالفعل بسيمه خدت شام وطلعت بيها عشان توديها تسلم علي ابوها، وعديله لما شافتهم طلعوا من الاوضه قامت عشان تقعد مع ام شام واختها ومتهملهمش لحالهم عيب. 


اما بسيمه فبمجرد ماطلعت بشام من باب البيت وقفتها بعنف وهي عتقولها:


بت انتي.. اللي فيدك ديه مش حرق كانون وعيونك كانت فضحاكي وعتقول إنك كدابه وعتقولي أي حديت لامك بعيد عن الحقيقه.. انطوقي وقوليلي مين اللي عيمل فيكي إكده من أهل البيت.


شام بصت للارض واتنهدت بحسره قبل ماتقولها:


ومين غيره يابسيمه.. عملي الاسود اللي صادفني مره فليله سوده ومن ساعتها لزق فيا وحالف مايهملني واصل. 


بسيمه: جوزك البو؟.. طب وانتي عميلتيله أيه عشان يعمل فيكي إكده؟ 


شام: وهو اني ععمل ايه عشان تتعمل فيا أي حاجه من اللي عتتعمل يابسيمه؟ اني ولا عميلت ولا سويت. 


بسيمه بغضب:


والكفره اللي حواليكم دول هملوه يكويكي بالنار من غير ذنب ولا سيه ومحدش فيهم إتحدت؟ طيب تعالي هنقولوا لابوكي ونخلوه يكلم ابو البو جوزك ويشوفه اتهوس ولا ايه جراله فعقله عشان يعمل فيكي إكده. 


شام بخوف:


له يابسيمه إوعك.. أبوكي وامك مش حمل شيل هم.. هما جايين النهارده عشان يبردوا نار قلوبهم من تلاي مينفعشي يعاودوا بنار الخوف موهوجه زياده..هما جايين يشوفوا اني مرتاحه واني مهوريهمش غير اللي يريحهم وبعدين عمي توفيق أبوه قام بالواجب وزياده.. وضربه وهانه قدام الكل علي عملته فيا.. ديه حتي مسكني حطبه مولعه وقالي خلصي منيه تارك واحرقيه كيف ماحرقك. بس اني مرضيتش ورميت الحطبه وشكيته لربنا. 


بسيمه صكت علي سنانها بغضب وردت عليها:


ماانك خايبه ونايبه .. والله اني لو منك كنت حطيت الحطبه فعينه خزقتهاله المجرم ديه عشان يحرم يفتري عالناس.. بس اقول ايه من يوم يومك جبانه ومضيعه حقك بجبنك، وكنت متوكده إنك مهتاخديش ايوتها حق،، ياشام خربشي علي روحك القطه النفريه محدش عيقدر يوصلها ولا يمد يده عليها؛ عشان عيكون خابر زين إن يده اللي هتتمد هتعاود شالبه دم وموجوعه من ضوافرها وسنانها.. متوبقيش ساهله عشان الساهل عيتضرب بالبولغ وينداس عليه.. اني يابت ابوي عقولهالك لتاني مره وعقلك فراسك أعرفي خلاصك..داي حياتك ومحدش هيعيشها غيرك وكيف ماهتخططي خطاويها من اولها هتمشيهم لا هتحودي شمال ولا يمين.. ودلوك يلا عشان تكدبي على ابوكي هو كمان وتداري عنيه وجعك وتشيليه لحالك


 اصل اللي زيك الكلام فيها ضايع.


 تعرفي ياشام أني علي كد ماكنت زعلانه عليكي من اللي جرالك، علي كد مااتقهرت منك لما شوفت جوزك قدام عيني يوم كتب كتابكم.. الواد كان وشه سليم وبدنه سليم ولا فيه علامه لضفر منك علي وشه ولا اثر عضه علي خده ولا حتي ودن طاير منيها حته.. كانت فين اديكي واسنانك وهو عيعمل فيكي إكده ياشام؟ خلاص يختي كنتي مسلمه ورافعه اديكي في الهوا وعتقوليله هملني حرام عليك! ديه لو كنتي قولتيها من أصله؟ 


ردت عليها شام بوجع وهي عتفتكر اللحظات اللي عتتمني إنها مترجعلهاش حتي بخيالها مره تانيه:


مشفتهوش يابسيمه مشفتهوش.. كان اخر واحد ويادوب اللي كان قادر يتحرك فيها وهو فوقي هما عيوني.. عيوني اللي مشافوش منيه غير خاتمه ومناخيري اللي شمت ريحة انفاسه.. بس الأولاني اني ضربته وخربشته فرقبته وجلده طلع فضوافري.. بس التاني مسك اديا وكتفني.. اتكاتروا عليا والكتره تغلب الشجاعه يابسيمه.. واني كنت تحت منيهم كيف زرزور صغير ضعيف واقع من عشه.. بذياداكم لوم فيا ياناس علي حاجه مش بيدي وكأني كنت راضيه بيها وعميلتها بخُطري.. أني تعبت من الملامه والكلام اللي عيتقالي يابسيمه تعبت..خلصت جملتها وشهقت بالبكا، وبسيمه لما لقتها انهارت وجسمها بقي يرجف من وجعها خدتها فحضنها وهي عتقولها:


طيب خلاص متبكيش.. خلاص عشان ابوكي مايشوفش عنيكي حمره ويركبه الهم فوق ماراكبه.. وان كان عالحديت اللي عتسمعيه اسمعي وفوتي.. ملعون ابو الكل كليله.. وجوزك ديه ربنا يهديه ويحنن قلبه عليكي وينتقم منه كله مع بعضه..اقولك حاجه.. اكسبيه ياشام عشان تأمني شره وشر غيره.. لو كسبتي جوزك هيخرس عشان كل لسان يتحدت عليكي بكلمه شينه. 


شام وهي عتمسح عنيها:


هملينا من جوزي دلوك ومن كل حاجه وطمنيني علي صابر عامل ايه.. مشوفتيهش من أمبارح يابسيمه؟ 


ردت عليها بسيمه بغيظ:


له شفته ياشام وكان عيضحك مع زملاته ويتمسخر معاهم ولا يمه ولا كان فيه حاجه.. كان ماشي في الطريق يغني ياشام ولا كأن فيه حد غاب من حواليه. 


ردت عليها شام بوجع:


اباي ياصابر.. بقي إكده تهون المحبه؟ 


بسيمه:


ديه لو كانت فيه محبه، صابر طلع محبكيش ياشام ولا كانلك فقلبه ذرة غلاوة، اللي ينسى بين يوم وليله يوبقي عشقه كداب. 


شام اتنهدت بوجع وعنيها كساهم الهم، لكن بسيمه شافت إن إكده احسن عشان شام تقطع التفكير فصابر خالص.. آصلها لو قالتلها إنه يوم فرحها وقع من طوله وجابوله شيخ فضل يقراله طول الليل كان قلبها فرفح عليه وشالت همه فوق همها.. انما إكده تنساه كيف ماهملها وطلع واطي فلحظه سيطرت عليه غيرته وقلة اصله. 


شام : طيب خلاص يابسيمه سيبينا من سيرة صابر وسيرة. كل الناس، وهمي معاي اسلم على ابوي.. والله اتوحشته واتوحشتكم كني ليا سنين غايبه عنكم. 


وراحت شام لابوها وسلمت عليه، وطمنته عن حالها وطول الوكت مداريه ايدها المحروقه منيه عشان ميشوفهاش وتتعاد الأسئله من أول وجديد ويمكن النوبادي دموعها تغلبها وهي اللي ترد بدالها.. 


وبعد ما قعدت شام مع ابوها الوكت الكافي اللي خلاه يتطمن عليها وعلي احوالها وإنها مليحه وأن ربنا من عليها وعليه قبل منها بالجبر بعد الكسر، قامت من جاره عشان تدخل لأمها وخياتها وتكمل قعدتها معاهم.. 


ومع دخلتها هي وبسيمه، كانوا رجالة البيت بدأو ينزلوا من أوضهم، سلام ومعروف وصفوت، وبسيمه أول ماشافتهم حطت طرف طرحتها علي وشها تداريه من عيونهم اللي اكيد نجسه كيف عيون اخوهم، ودخلت مع شام علي اوضة عديله طوالي. 


أما توفيق فأمرهم يحضروا صينية وكل وحد من العيال يطلعهاله للجنينه عشان يتغدى هو وعبد الصمد مع بعض، وأمر إن صينيه زيها ومتقلش عنها فشى تدخل لأم شام وخياتها لأوضة أمه. 


واتنفذ الأمر الأول وحضروا صينيه وطلعها صفوت الجنينه، وكان أبوه سبقه وحلف علي عبد الصمد لازم يتغدي معاه، وقعدوا التلاته سوا ياكلوا توفيق وعبد الصمد ومخلوف.. وتوفيق طول الوكت باصص لتوفيق وعيحمد ربنا إنه جعل راجل زي ديه فحياة بته عشان ينصفها، وإحساسه بعدل توفيق نابع من إيمانه بإن سيماهم فى وجوههم.. ووش توفيق كان عيشع موده ورحمه. 


أما في البيت حدا دهب والبنات. 


إتفتح باب الأوضه من غير استئذان ودخلت منيه بدور شايله علي راسها صينية وكل، ووقفت فنص الأوضه بيها وحطت يدها فوسطها وبدت تهز فروحها ونقلت عيونها بين اهل شام وقالتلهم:


الوكل اهه.. عمي قال حطولهم وكل عشان جعانييين.. واتكت عالكلمه الأخيره بلؤم. 


دهب بصت لبناتها وبناتها بصولها والتلاته بصوا لشام كأنهم عيسألوها مين داي وعتتحدت إكده ليه؟ 


لكن اللي رد عليها عديله وهي عتقولها بنهره:


ومالك عتتقصعي وتتلوي وحاطه يدك فنصك وبارزه كرشك الفقري اللي عامل كيف كرش حي بالعله فار إكده ليه؟ متحطي الصينيه من سكات وتغوري تشوفي وراكي أيه؟ 


وعديله قالت إكده والبنات التلاته كتموا ضحكتهم بطرحهم، وبدور حست بالكسوف، وبالراحه شالت يدها من نصها وهمت عشان تنزل الصينيه، لكن حس بسيمه منعها وهي عتقولها:


وقفي ياحبيبتي متنزليش حاجه.. إحنا جايين واكلين وشبعانين ومهناكلوشي على شبع.. عاودي وكلك تاني. 


عديله: له يابتي عيب عليكي تردي ضيافة بيت الحج كارم داي حتي توبقي عيبه فحقنا! 


بسيمه: حاشاكم من العيبه ياجده.. بس إحنا صوح  واكلين قبل ماناجوا وشبعانين.. ومادام كلنا معندوقوش الزاد غير فوكت الوكل التاني.. وعشان إكده تلاقي جسمنا حلوا وعودنا مرسوم رسم مش مفشول ولا فينا كروش.. وحتي بالأماره واكلين رايب.. اصلنا عنحبوا الرايب ودايماً عناكلوه.. واعياشي جسمنا اوبيض كيف من كتر وكل الرايب. 


قالت كلامها وهي عتكشف معصم يدها لعديله اللي صلت علي النبي وردت عليها:


الله اكبر عليكم وعلي امكم.. والله صوح من كتر وكلكم للرايب بقيتوا كيف الرايب بيض وتشرحوا النفس الحزينه.. خلاص روحي يابدور بوكلك واعمليلهم حاجه يشربوها.. واوبقي كلي رايب عمال علي بطال ياكشي يعمل حاجه فيكي، وقولي لحريم البيت يلهطوا رايب يمكن حالكم  يتعدل وتنوروا هبابه جاكم الطين. 


وبمجرد ماعديله قالت إكده بدور مشت بالصينيه تاني من غير ماتنطوق ولا حرف ووشها مدخن من الكسوف.. ودهب طول مابسيمه تتكلم كانت تدكم فيها عشان تسكت وبسيمه مفيش. 


اما عديله فبصت لبسيمه بعد مابدور مشت وقالتلها وهي عتضحك:


والله مانك هينه يامفلفَله انتي.. بس جدعه عتاخدي حقك بلسانك مش كيف المطَبِخه داي.. قالت إكده وشاورت علي شام بعنيها. 


وإهنه ردت عليها دهب:


شام أغلب وحده فخياتها ياخاله وحمالة اسيه.. وعلي كد جلعها اللي اتجلعته علي يد ابوها وعلى حسه، على كد جلدها وصبرها على كل شينه تقابلها.


شام مغمضه واني هعلقها أمانه فرقبتك عشان شفتك أهل للأمانه.. وحياة حبيبك النبي تخلي بالك معاها وتاخدي حِماها وتقفي جارها لو لقتيها مظلومه. 


ردت عليها عديله بحنيه وهي عتبص لشام:


طمني قلبك ياام شامه.. بتك فرعاية ربنا وبعد منيه فرعاية الحج توفيق وفرعايتي بعد منهم، وأني اتعهدت لروحي اني هاخدها بنيه ليا بدال بناتي اللي كل وحده فيهم خدها جوزها وطفش لبلد بعيده معشوفهمش غير مره كل كام سنه، وعياجوا يشقوا عليا يوم ويعاودوا كيف اللي عيطقوا مشاهر. 


اني شامه من أول ماشفتها وربنا رمي محبتها فقلبي متعرفيش كيف وميته باتتلها في القلب غلاوه. 


ردت عليها دهب براحه:


ديه من فضل ربنا عليها وبركة دعايا، ربنا يوقفلهم ولاد الحلال دايماً هما ودراريهم يارب. 


بسيمه بزعيق: اقولك ياشام صوح قبل ماأنسى.. اخدي دول.. قالت كلامها وهي عتقف وترفع خلجاتها وتبين حزام رابطاه علي وسطها وتمد يدها فيه وتطلع منيه فلوس كتير وتمدهم لشام. 


شام سالتها بصدمه وإستغراب:


أيه دول يابسيمه؟ 


بسيمه: دول القرشينات اللي جه أبو جوزك وعطاهم لأبوكي وابوكي رماهم في الكانون واني جريت عليهم ولحقت دول منهم.. دول حقك إنتي ياشام وحق وجعك وكسرتك. 


دهب:ايوه فكرتيني يابسيمه جدعه.. وقامت هي كمان وابتدت تطلع من صدرها فلوس وتحط عالفرشه جار شام. 


دول القرشينات اللي اتحكملك بيهم من الوادين التانيين واللي الشيخ جاهين عطاهم لابوكي.. وابوكي قالي اديهملك فيدك.. خدي قرشيناتك يابنيتي. 


شام وهي باصه للفلوس:


واني اعمل ايه بالفلوس داي كلها؟ اني معاوزاش فلوس يمه خليهم معاكي، قسميهم مابين بسيمه وبشاير واديهملهم ينفعوهم.. اصل اني كل ماهبص للفلوس داي هفتكر إنهم تمن شرفي وهكون عايزه اولع فيهم وفنفسي، وكل ماامد يدي علي قرش فيهم واصرفه احس إني عخسر روحي شويه بشويه.. بعدي الفلوس داي عني يمه. 


دهب:


 بس يابتي.. 


شام:


 مبسش يمه اسمعي كلامي بالله عليكي.. اني اخر همي الفلوس.. اني حتي ابوي توفيق نقطني هو وعمي نعيم وباقي رجالة البيت بفلوس كتيره خالتي حوريه ام كاركار خدتهم مني قالتلي هتدسهملي معاها لو جات تديهمني هقولها مش عايزاهم.. اصل اني هعمل ايه بالفلوس؟ 


عديله سمعت إكده وبصت لشام


 وقالتلها:


بوووووه عليكي وعلي هبلك.. قلبتك حوريه وضحكت عليكي ياخايبانه وخدت نقطتك منك؟.. وكمان عتقوليلها خاله؟ 


خلخل دروسك ياحوريه ياغراب البين ياحداية..والله لاخلي توفيق يرقصك بعكازه النهارده. 


شام: له ياجده امانه ماتقولي حاجه لابوي توفيق هي قالت هتدسهملي مقالتش هتاخدهم


عديله: بس انتي ياهبله يابت  الهبله.. لا مؤاخذه يابتي بس هو اللي عيخلف خلوفه هبله عيتعاب فيه.


دهب بضحكه:


له ولا يهمك ياخاله خدي راحتك.. وبصت لشام وقالتلها.. عاجبك إكده ياهبله؟ 


وبعد ساعات خلصت قعدتهم سوا، وشيعلهم عبد الصمد عشان يعاودوا بلدهم واللي هيعاودهم للبلد صفوت بالطرومبيل.. بعد مانزل منه زيارة عبد الصمد ودخلها للبيت هو واخواته وفضوه، 


وطول قعدت أهل شام لا حوريه راحتلهم سلمت عليهم ولا حتي كرار، ولا اي مره من حريم البيت بخلاف بدور.. وديه كان بأوامر من حوريه اللي ادتها لحريم البيت كلهم؛ عشان ميعملوش لأهل شام قيمه ولا يحسسوا شام إن أهلها مرغوب فيهم وفجيتهم للبيت. 


وعاودوا أهل شام بعد مااطمنوا عليها ظاهرياً، لكن كل القلوب كانت عتكدب اللي شايفاه وإتولد جواهم بحكم المحبه إحساس بإن شام مكروبه كرب واعر..لكن مابالقلوب حيله. 


وركبوا الطرومبيل مع صفوت وعاودوا علي بلدهم، وطول الطريق صفوت كان يختلس النظرات من الحين للحين علي بنات عبد الصمد ويتطلع فيهم، مش لحاجه، بس كان عيتعجب إن كيف دول حريم واللي في البيت حداهم حريم؟ 


وللحكاية بقية... 


بقلم ريناد يوسف


رواية نفق الجحيم الفصل ٢٢


وصل عبد الصمد وبناته بلدهم ونزلهم صفوت قدام باب بيتهم وعاود هو بالطرومبيل، ودخل عبد الصمد للبيت ومعاه دهب وبشاير، أما بسيمه فتخلفت عنهم هبابه وهي واعيه صابر جاي من بعيد وأخته حنه كانت فوق سطوح بيتهم.. فبصت لحنه وبحس عالي مقصود قالتلها:


ياااحنه.. صاحبتك محملاني السلام ليكي وعتبت عليكي عشان مروحتيلهاش معانا.. بس اني قولتلها إننا إحنا اللي مقولنالكش ولو قولنا كنتي جيتي


حنه بلهفه:


شام؟ طمنيني عليها بالله عليكي يابسيمه هي عامله كيف دلوك؟ 


بسيمه وهي عتبص بطرف عينها لصابر اللي وقف علي مسافه قريبه منها ومتوكده إنه كله اذان صاغيه:


مليحه ياحنه.. مليحه قوي.. لو شفتي البلد اللي راحتلها ولا البيت اللي سكنت فيه.. بيت سياح نياح، ولا لو شوفتي ناس البيت وطيبة أصلهم وملاقاتهم الحلوه لينا.. وغير ديه وديه جوزها اللي طول الوكت قاعد فريحها قدامنا كلنا لا مختشى ولا مكسوف وعينه طول الوكت عتاكل فشام وكل، ويقولها كنتي وين عني إنتي.. وخصوصي إن شام إتبدل حالها بالخلجات الجداد اللي جابوهملها اهل جوزها من البندر.. داي حتي بعتتلك معاي حتتة قماشه مخططه بالمُدهب جابولها منها تنين وحلفت وقالت داي ماتفصلها وتلبسها غير حنه صاحبتي هي عتحب اللون الأوحمر.. 


حنه بفرحه:


صوح يابسيمه؟ والله فيها الخير شام، أمانه لما تروحولها نوبه تانيه خدوني معاكم. 


بسيمه: من عيوني، وهو إحنا هنتعبوا فشيلتك على كتافنا يعني؟ اديكي شايفه الطرومبيل عياجي ياخدنا ويجيبنا من الباب للباب.. ولاد أصول مأصلين اللي ربنا عوض شام بيهم دول ياحنه والله. 


حنه: ربنا يزيدها من نعيمه يارب شام طيبه وتستاهل كل خير. 


بسيمه: تسلمي ياحبيبه.. قالت جملتها ودخلت البيت وهي متوكده إنها قادت النار فقلب صابر، وانه عيتحرق دلوكيت، وديه اقل واجب تعمله معاه بعد ماشافت الحرق اللي فيد أختها وشافت النار اللي هتعيش فيها باقي عمرها، وكل ديه كان ممكن ميوحصولش لو الردي صابر إتجوزها وحطلها عذر للي جرا فيها. 


أما صابر فدخل البيت وبحركة قهر قلع طاقيته الصوف ورماها عالأرض، ولف في الحوش شويه قبل مايطلع على السطوح ويبص على موطرح شام الخالي، ويتخيلها وهي واقفه تشاور للقطر بفرحه، ويتمني لو يرجع بيه الزمن ويعجل بجوازه منيها ويمنع القدر.. وحتي كان هيسمحلها تشاور للقطر كيف ماتعوز وتحب، ومهيزعلش منيها ولا يعاتبها. وقعد فشباكه وفضل جمر الفراق والشوق والحسره والندم يتجمع على قلبه وروحه لما دوبهم. 


أما حدا شام.. 


بعد ما أهلها روحوا ولقت كرار طالع من الأوضه وقعد فى الحوش جار أبوه واخواته وعيال عمه، حست إنها محتاجه تفرد جتتها هبابه، فطلعت من جار عديله وبصت عليه بصه عابره وهي ماشيه ورايحه على أوضتها ، وهو لما شافها بص بعيد عنها بقرف، بس متعرفش ليه طول ماهي ماشيه حاسه عيونه متابعاها ومتعرفش الاحساس دا جالها منين؟ بس اتأكدت من إحساسها لما لفت مره وحده تقفل الباب، وفعلا لقته باصص عليها، وبحركه مقصوده ردت الباب بسرعه وعنف كنها عتقطع على عنيه حبل شوفتها. 


أما توفيق فكان قاعد متابع كرار وهو رايح بعيونه ورا شام، ومتوكد إن ولده فى القريب العاجل هيرفع راية الاستسلام قدام شام بحكم جمالها اول هام، وتاني هام بحكم إنه شاب فمقتبل عمره وشايف قدامه حلاله، ومها قاوم وعقله قساه مسير عقله وقلبه هيلينوا فلحظة ضعف. 


شام بعد مادخلت أوضتها قعدت شويه ترتاح علي السرير، ولما اتفكرت كلام جدتها عديله انها لازمن تنام ففرشته عشان ديه هيقربه منيها، هبت واقفه وراحت علي الأرض وقعدت وبصت علي السرير موطرح مكانت قاعده وخايفه تكون ريحتها علقت فيه وياجي كاركار الكلب ويشمها. 


أما كرار فكان حاسس بنار فرجله من الحرق اللي فيها، وبينه وبين نفسه حاول ضميره يقوله إن دية جزات الحرق اللي حرقه لشام.. واللي أول مافكر فيها ملامحها الحلوه اتجسدت قدامه، 


ولكن الملامح الحلوه قوام إتبدلت لملامحها المتألمه وهمام والسيد عيعملوا فيها عملتهم، وفثانيه ضميرة خمد وملامحها الحلوه إتحولت فعنيه لملامح مبغوضه، وفضل يردد من جواه إنها تستاهل وقليل عليها كمان، وإن لو كان  اللي إتعمل فيها قدامه ناره هتبرد فقلبه بالحروق مستعد إنه يكويها كل يوم. 


طلعت عديله من أوضتها وقعدت علي دكتها جار ولدها توفيق وشافت حوريه طالعه من الموطبخ نادمت عليها:


بت ياحوريه أخدي إهنه تعالي. 


حوريه جات عليها ووقفت قدامها وضربت يد بيد وردت عليها:


نعم يامرت عمي عاوزه ايه؟ 


عديله :


وهعوز ايه من وشك يابومه.. اني بس هقولك هاتي القرشينات اللي خدتيهم من شام.. قرشينات نقطتها. 


خلصت كلامها وبصت لتوفيق اللي بص لحوريه بغضب، وحوريه قوام حطت يدها فصدرها بخوف وهي عتقول:


أااإيوه إيوه قرشينات نقطتها.. أهم اني خدتهم اخليهملها معاي احسن يوقعوا منها في الكانون وهي عتطبخ. 


عديله بلؤم:


له فيكي الخير يامرت ولدي.. بس حداكيشي رحمه.. عشان بنيه يدها مهريه ومحروقه ومحملاش فيها الهوا وتطَبخيها وتخدميها وهي ليهاشي غير يوم فالبيت. 


حوريه مدت الفلوس لعديله وردت عليها بغيظ:


مرت عمي.. اتدخلي فكل حاجه إلا خدمت البيت ومين تعمل ايه ومين متعملش ايه.. داي مسئوليتي أني وحدش يتدخل فيها غيري.. اني إهنه اللي أمشي البيت كيف ماأشوف الصالح وين.. الحريم داي كلها لو متمسكتش بيد من حديد وإتحكمت حكم زين هتفيع ويعاندوا فبعض والبيت يظيط وكلمة إشمعنا تلازم كل لسان..وبعدين من ميته حدانا حريم عتتعرس فبيتنا.. شوفتيش بناتي كنت انزلهم تاني يوم جوازهم على خدمة البيت كيف؟ 


خلصت كلامها ومشت من قدام عديله وهي عتنتر فأديها وصوت خشخشة الاساور الدهب اللي فأديها عيعكس بركان الغضب اللي جواها من عديله.. ولغاية ماوصلت الموطبخ وهي تبرطم، وطبعاً كان لشام من برطمتها النصيب الاكبر. 


عديله بصت لتوفيق بعتب:


مفتحتش خاشمك يعني وإنت سامع ابليسه عتتحدت؟ 


توفيق إتنهد بقلة حيله ورد عليها:


مفتحتش خاشمي عشان النوبادى كلام ابليسه صوح.. البيت لازمن يتمسك بيد من حديد؛ عشان ميخربش والحريم اللي مليهاش كبير تخاف منيه وتعمله حساب عتتحنجل.. وأول حاجه هتتعمل إن كل وحده هتاخد جوزها واللي ليها وتطلع من البيت وتتفرط حبات السبحه اللي عشت طول عمري اني وابوي وجدي واخوي نلضموا فيها ونقربوا حباتها من بعض.. ولو تفتكري ياأم توفيق نفس اللي عتعمله حوريه كنتي عتعمليه إنتي زمان..ونفس اللي قالته كنتي عتقوليه.. بس الفرق إن انتي كنتي تحكمي بالرحمه وحوريه عتحكم بسواد القلب.. وكل واحد وقلبه عاد.


عديله:


خليها تحكم وتتحكم شاله تتقلب علي ضهرها كيف السلحوفه ومتقدر تتعدل تاني. 


ضحك توفيق وبص لكرار، ولأول مره يلاحظ رجله والحرق اللي فيها..لما مدها بعيد عن ولد أخوه صفوت؛ اللي جاله وقعد على رجله كيف مامتعود.. وضم حواجبه بغرابه وهو عيتسائل ياتري أيه اللي حرق رجله إكده؟ 


ولما الفضول غلبه وحب يعرف سأله من غير تردد.. إيه اللي حرق رجلك ياد إنت؟ 


بص كرار لابوه وبص لرجله ورد عليه وهو باصص بعيد:


قروانة البص إتقلبت عليا حدا أبو دراع. 


توفيق بشك:


الا هو انت حكيت لابوا دراع عاللي عميلته فمرتك عشيه؟ 


كرار بعدم مبالاه:


إيوه حكيتله وهحكي للكل اني هخاف ولا ادس يعني؟ 


وإهنه توفيق إتنسم بالابتسامه بمجرد ماادرك إن أبو دراع فاق من غيبوبته، وخلاص عيونه عتتفتح على ظلم كرار، وبيده بدا يخلص منيه حقوق الغلابه ويردله غلطه بدل ماكان عيسانده في الغلط.. وإكده كرار إبتدا يفقد أهم دفاعاته اللى عتشجعه يتصرف بغباوه وطيش وهو مسنود ومطمن ومحاططش أيوتها حاجه فباله.. وعشان دايماً التخلي الكامل عيبدأ بخطوة جفى.. توفيق إتوكد وهو باصص لرجل كرار إن أبو دراع خطاها. 


قطعت عديله شرود توفيق وهي عتقوله:


إدي حس لشامه ياتوفيق وقولها تاجي تتغدا.. اللي جوه مهيفكروش فيها  وهيرموا فكرشهم وخلاص.. والبنيه لساه خجل غربتها من البيت كاسيها. 


توفيق:


الحق معاكي يمه.. قوم ياكرار إدي حس لمرتك عشان تاكل. 


كرار بصله ومردش ولا اتحرك، لكن خبطة عكاز توفيق في الأرض فززته من موطرحه من الخوف، فقام وراح على الاوضه وفتح بابها بعنف خلي شام اتنترت من موطرحها بخوف؛ بعد ماكانت عينها غطست في النوم من التعب والوجع بتاع النهارده.. وبنبرة كره قالها:


قومي عشان تتسممي.. قالها ورد الباب بنفس العنف اللي فتحه بيه، وهمل البيت خالص وطلع يشوف ابو دراع عاود ولا لسه من مشوار البندر، وراه طلع توفيق من البيت يشوف احوال الدنيا بره البيت. 


وبمجرد ماتوفيق طلع عديله قامت وراحت على اوضة شام فتحتها ودخلت عليها، وقعدت عالسرير قبالها وقالتلها:


مش قولتلك طول ماكرار مقاعدش تنامي  علي المرتبه القطن وعلي الفرشه الزينه؟ 


شام:


له ياجده ماعوزاشي انام ففرشته، وإن كان الغرض من النومه ففرشته إنه يشتهيني ويتقربلي فاني اللي مطايقاش انام فموطرحه ولا اشم ريحته حتي. 


عديله بتنهيده:


على العموم يابتي مش وكته الكلام ديه دلوك.. همي قومي هاتيلنا وكل من جوه وتعالي نتغدوا اني وانتي، قلبي فرفط من الجوع والملسلسين اللي جوه مفيش وحده فيهم مايزت على دمها وجابتلي لقمه اكلها ولا قالوا مرت عمنا المره الكبيره معتحملش الجوع. 


شام ردت عليها وهي عتقوم من موطرحها:


حاضر ياجده من عيوني. 


عديله: يحضرلك الخير ويسلموا عيونك الحلوين دول ياشامه.. وفضلت مراقباها وهي طالعه من قدامها، ومن جواها عتتمنالها تشوف خير على كد طيبة قلبها، وعلى كد جمال وشها وروحها، وعلى كد غلب ناسها وبياض قلوبهم اللى حسته من قعده وحده معاهم. 


وعاودت شام بعد هبابه بصنية الوكل وحطتها قدام عديله وعديله مرضيتش تحط لقمه فخشمها غير لما شام كلت ومدت يدها عالوكل قبل منيها. 


اما ابو دراع فكان لساه معاود من البندر لما جاله كرار، وقعد جاره عالمصطبه بعد مارمى عليه السلام، ومرت مابينهم  فترة سكوت قصيره، مد بعدها أبو دراع يده فجيبه وطلع منها برطمانين مختلفين ومدهم لكرار. 


كرار بإستغراب: إيه دول؟ 


أبو دراع:


دول لبختين البرطمان الاوحمر ديه لبخة حروق، والاسود لبخة جروح.. واحد تدهن منيه حرقك والتاني تدهن منيه جروح ضهرك. 


كرار مد يده وخدهم منيه وهو عيقوله بحسره:


والله إنت الوحيد اللي عتحبني وقلبك عليا في البيت ديه ياأبو دراع.. ديه لا ابوي ولا حد من خواتي عميلها.. ولا حتي أمي اللي عامله حبيبتي قالت لحد يروح يجيبلي حاجه تخفف وجعي. 


أبو دراع:محدش عيفكر فاللي عيجيب الأذي لحاله ولا عيشغل باله بيه، وحتي لو ديه حوصول نوبه معيوحصولش تاني نوبه.. كله عيقول اللي عياجي اذاه  من تحت إيده الله يزيده


كرار:أمال إنت عتفكر فيا ليه وممهملنيش ومعتقولش زيهم؟ 


أبو دراع بسرحان: عشان أني خدت عهد علي روحي بمحبتك وحمايتك ياكرار.. بس الظاهر إن مش كل العهود عتكمل في الوفىَ لو اللى قطعنا عشانه العهود لقيناه مش أهل ليها وإن فيه عهود حبالها دايبه وعتتقطع قوام. 


كرار بعدم فهم: قصدك أيه يعني؟ 


ابو دراع انتبه لروحه:


هاه- مقصديش- سلامتك-  إدهن رجلك خليها تهود عليك هبابه وخد اللبخه وحطها فأوضتك، ونبه قدام الكل إنها لبخة حروق أحسن حد من العيال يفكر إنها حاجة وكل ويلهطها ويتسمم. 


كرار: ولبخة الجروح زيها؟ 


أبو دراع: له لبخة الجروح متنبهش عليها عشان معتأذيش.. إنت نبه علي لبخة الحروق بس عشان هي اللي فيها السموم.. ولازمن تقول قدام كل اهل البيت كبار وصغيرين إنها لبخة حروق وتعرفهالهم.. واني جبت برطمان كد راسك الزنخ يكفيك سنه لقدام. 


وفتح كرار برطمان الحروق ودهن منيه رجله وإرتاح هبابه ووجع الحرق خف، وبعدها رفع جلابيته وكشف ضهره لأبو دراع وخلاه يدهنهوله من لبخة الجروح عشان تهود عليه هي كمان.


كرار خد قعدته جار أبو دراع وطول الوكت كان حاسس براحه وبعد ماخلص كل الحديت اللى ممكن يتحدتوا فيه، قام كرار وخد البرطمانات وعاود للبيت لما بدا يقرصه الجوع، وراح يشوفله لقمه ياكلها..وعزم على أبو دراع يتغدي معاه، وأبو دراع قاله إنه إتغدي في البندر وشبعان.


وبمجرد مادخل البيت نادم بعلوا حسه:


أماه.. هاتيلي لقمه أكلها قوام قلبي فرفط من الجوع. 


حوريه سمعته وطلعت من الموطبخ ووقفت على بابه وحطت يدها فنصها وقالتله:


له ياحبة عين أمك من إهنه ورايح تغير كلمة أماه بإسم المزغوده مرتك، وهي اللي تجيبلك الوكل والشرب وتحميلك الميه وتشيل شيلتك.. ولا إحنا جبناها نستتوها وتاكل وتنام؟ ازعق عليها وطلعها من الأوض المخفونه فيها، مره أوضتها ومره أوضة ستك عديله.. خلصت كلامها ودخلت وهملت كرار محتار مابين إنه ينطوق إسمها وينادم عليها، ومابين إن لسانه معاوزش ينطقها. 


وبعد تفكير دام لدقايق ومع زيادة إحساسه بالجوع زعق بحسه كله:


شااااااام.. انتي ياللي ماتتسميش تعالي إهنه. 


وداي كانت أول نوبه كرار ينادي على شام ويتلفظ بإسمها. 


أما شام فهبت من موطرحها بمجرد ماسمعت حسه اللي خلى جسمها كش كأنه غراب أسود نعق بإسمها. 


طلعت شام ووقفت على مسافه منيه وهي مستنظره للي هيطلع من خشمه أو من يده، ومتوكده إنه مهيطلعش منيه حاجه زينه. 


كرار: غوري هاتيلي وكل، وحطى البراد عالدمسه؛ 


عشان عحط اخر لقمه فخشمي ولازمن الاقي الشاي جاهز جار مني، وإخدي دول دخليهم الأوضه.. وكل ديه تعمليه فدقيقه وحده عشان ماتخليش يومك يقفل بإصابه. 


خدت شام الحديت وإتحركت تنفذه من غير كلام.. وراحت عليه أول حاجه تاخد البراطيم منيه، وهو قبل مايمدهملها مدلها لبخة الحروق وهو عينبه عليها.. اللبخه داي للحروق وفيها سم بعديها عن العيال أحسن عيل يطولها وياكل منها. 


وشام خدت منيه البراطيم، ودخلت الأوضه، واول حاجه عيملتها إنها فتحت برطمان لبخة الحروق، وملت صوابعها منيه وحطت على يدها المحروقه، وخدت نفس عميق لما بعد ثواني بس حست براحه وبإن جرحها ابتدا يخدر. 


وطلعت بعدها على الموطبخ وجابتله الوكل، وعملتله الشاي، وشالت الوكل وكل ديه من سكات، وكانت فاكره إن تعب اليوم خلص عند إهنه، لكن فاجأتها حوريه إن اليوم لسه فيه شقى باقي، وهي سامعه حوريه عتقولها:


رايحه وين ياسنيوره؟ أخدي تعالي إهنه حطي الطشت جار الطرومبه وخدي حفنتين من شكارة العاوين وادعكي المواعين داي وبعد العاوين اغسليهم بالصابونه الغشيمه والليفه وتشطفيهم زين من الطرومبه مره وتنين وتلاته وبعدها تدسيهم فالنمليه الصاج داي. 


شام بصت لجبل المواعين والحلل بصدمه و قالتلها: عاوين؟ 


حوريه:أيوه عاوين متعرفيهش؟ ولا مكنتوش عتغسلوا مواعين فبيتكم؟ 


شام سكتت ومردتش عليها، وحوريه طلعت وهملتها في الموطبخ لحالها بعد مالكل طلع منيه، وكل اللي ليه أوضه راحلها.. وكل اللي عيملته شام في اللحظه داي إنها رفعت يدها المحروقه قدام وشها وبصت على الحرق اللي فيها وهمست لروحها بقهر:


عاوين يامري؟ 


لقرائة الفصل ٢٨


من هنا


وللحكاية بقية..

نفق الجحيم ٢٣


شام سلمت أمرها لله وإتقدمت على المواعين ولمتهم كلهم جار الطرومبه وجابت الطشت والعاوين(رماد الفرن)


وإبتدت تحاول تفرك فيهم بيد وحده من غير ماإيدها المنصابه تلمس العاوين،


 لكن غصب عنها كان بيوصلها، وتقوم كل هبابه تغسلها من الطرومبه وتعاود تاني، لغاية ماإهتدت لإنها تثبت الماعون بين اقدام رجليها عشان تعرف تتحكم فيه، وتقدر تفركه بالعاوين بيد وحده.. وإستمرت عالحاله داي لغاية ماخلصت المواعين والعذاب اللي شافته فيهم بسبب وجع يدها ماشافته عمرها.. وبعد ماخلصت كان جرح إيدها ملتهب بزياده من الميه والصابون والعاوين اللي حصلها


وحتي رجليها اللي عمر الوسخ معرفلهم طريق إتبدل لونهم الاوبيض للون سواد الحلل اللي إتمسح فيهم


وحاولت لحد ماتعبت تنضفهم وترجعهم كيف الاول بعد ماخلصت غسيل المواعين وحتي فركتهم بالعاوين، لكن السواد كيف مايكون إتطبع وشم على رجليها ورافض يسيبهم.


وهمت عشان تعاود على أوضتها اخيراً، بس وهي يادوب عتخطي أولى خطواتها على بره الموطبخ.. لقت حوريه داخله عليها ووراها حريم البيت كلهم كيف مايكونوا طابور عسكر، ووقفت فطريقها حوريه وقالتلها:


على وين ياسنيوره؟ ديه معاد تجهيز العشا، همي جهزى مع الحريم.. اركبي مع بدور نزلي ماجورين رايب من فوق، وامرسوا جبنه خضره مع طمام، وانتي ياورده انتي ونعمه اسلقوا بطاطس وحمروها، وانتي يافكريه إغلى لبن، واني وعدويه هنقمروا العيش.


وهي خلصت توزيع المهام والكل اتحرك ينفذ فوراً.


وطلعت شام مع بدور على السطوح عشان تنزل مواجير الرايب، وبمجرد ماوصلت السطح جريت على سوره، وبقت تتلفت لبعيد وتدور وتلف من الأربع جهات بتوع السور، لعلها تعرف سكته أو تلاقي لرؤيته سبيل.. لكن للأسف الشجر كان محاوط البيت من كل الجهات، وكان اعلى منه لدرجة ان شام حست إنه عازله عن كل الدنيا كيف مايكون سجن وقضبانه فروع وأوراق الشجر.


عاودت شام بخيبة أمل لبدور اللي كانت واقفه وعتتطلع لشام بإستغراب علي جريها وتنطيطها من زاويه لزاويه كيف ماتكون مضيعه حاجه وعتدور عليها! 


وبمجرد ماوصلتلها اتنهدت وهي عتقولها:


وينها مواجير الرايب؟


ردت عليها بدور وهي عتقلب فأديها بعجب:


المواجير اهه قدام عنيكي تحت القفص الجريد.. قلي القفص وطلعي ماجورين يكونوا رابو.


بس قبل المواجير قوليلي كنتي عتتطلعي على أيه وعترمحي عالسطوح عشان تشوفيه؟


ردت عليها شام بعدم مبالاه وهي عترفع القفص:


كنت عدور على أبو قلب حديد.


بدور: قولتي أيه؟


شام: قولت إن فيه ٤ مواجير رابو وعايزين يتقشطوا.


بدور: هملي اللي راب ومتجيبيش غير تنين؛ القشط أمي اللي عتقشطوا الصبح بدري وهي اللي عتخض الوشه بنفسها معترضاش بحد يعمل ديه موطرحها.


انتي بس همي طلعي الماجورين واربطي الباقيين زين كيف ماكانوا؛ أحسن تاجي طريشه تبخ فيهم وتسمينا كلنا.


وبالفعل ربطت شام المواجير زين كيف ماكانوا وشالت ماجورها فوق راسها ونزلت قدام بدور عالسلم.. وبدور شالت ماجورها ونزلت وراها، وطول ماهي نازله عتتفحص فطول شام وجسمها وقصايب شعرها الطوال وفكل إنش فيها والنار عتقدح فقلبها قدح من جمال شام وقدها اللي مفيهش غلطه ومزغلل عينها، وفضلت تسأل فحالها.. إنه اذا كانت هي اللي بنيه زيها قلبها قارصها إكده إشحال رجالة البيت عاملين أيه وهما واعيينها قدامهم؟!


ونزلوا التنين للحوش، وبدور من اول مانزلت وعينها على عزت اللي كان قاعد فقلب الحوش وعينه بمجرد ماشافت شام نازله عالسلم إتعلقت بيها وفضلت ماشيه معاها مرافقاها خطوه بخطوه وعتاكل وتشرب فتفاصيلها.


وادي اللي حسبته بدور لقته، وخصوصي وهي عارفه إن العين ليها دوق كيف اللسان بالظبط، والعين اللي عتدوق الزين معترضاش بالعفش.. والدليل إن عزت مرفعش عينه عليها هي ولا بصلها نص بصه حتي


وكملت بدور ورا شام للموطبخ وهي شايطه، وبمجرد مادخلت نزلت الماجور على الآرض رزع وبصت لحوريه مرت عمها وقالتلها بزعيق:


عقولك ايه يامرت عمي.. السخسه داي متكلفنيش اني وهي بحاجه وحده نعملوها واصل، ولا تجمعيها معايا فشغله، داي بت قلبها بارد ويومها بسنه ومعتعملش الحاجه بنفس حتى.. أني كان جبت الماجورين لحالي واحد ورا التاني ولا إني اتنبح عليها واقولها فضي خلصيني وهي عتتطلطل عالحيطان وترمح شمال ويمين كيف المجذوبه اللي كانوا حابسينها وطلقوها.


حوريه سمعت حديت بدور وكانت مايله عالكانون وعتقمر في العيش،، ورفعت دماغها وبصت لشام وبنبرة غضب وعيون عتطق شرار فضلت بصالها وهي هتوجه الكلام لبدور:


وإيدك قاصره يابدور معرفتيش تجريها من قصايبها تجيبيها تحت رجليكي لما نادمتي عليها مره وتنين ولا أيه؟


عقولك أيه يابت ياصفره انتي، والله العظيم لو مااتعدلتي ومشيتي كيف الخلق والعالم لأكون معلماكي الادب ومربياكي على يدي من أول وجديد.. إتطلعي حواليكي وشوفينا كام مره؛ لو كل وحده فينا لافتك خماسي واحد بس هنخولكي تتوفي سنانك وتِغدى ترمه.. إشتري روحك وامشي بالادب وبالاصول، ولو متعرفيهمش بصي بعينك حواليكي وشوفي بنتتة الاصول عيعملوا كيف واعملي زيهم.. علوإن الأصول معتتقلدشي..ومتوكده إن اللي زيك مايعرفوهاش ولا عمرها عدت عليهم.


كل ديه كانت تسمعه شام وهي واقفه متسمره فموطرحها بماجور الرايب اللي لساه فوق راسها منزلتهوش، ومش مستوعبه كل اللي جرا ديه، ومعارفاشي حتى ترد ولا تدافع عن روحها مع حوريه اللي بهدلتها، ولا تكدب بدور اللي إفترت عليها بالكدب؟


ومن وسط حيرتها بين ديه وديه نزلت الماجور من فوق دماغها وقررت إنها تروح لحد من التنين اللي عارفه إنهم الوحيدين اللي ممكن ينصفوها فالبيت.


 وطلعت من الموطبخ قدام عيون الكل وراحت على حوش البيت بالخطوه السريعه، ووقفت قدام توفيق وبعيون مرقرق فيهم الدمع قالتله:


بص يابوي الحج.. أني من اول دقيقه فوت فيها عالبيت ديه واني عارفه إني هتعب، ومعاهده روحي إني هتحمل أيوتها تعب، بس التعب اللي أقدر اتحمله واشيل منيه جبال ومااكلش هو تعب البدن، لكن تعب الروح محدش عيقدر يتحمل منيه فوق طاقته واصل، واني من عشيه للساعه داي شوفت اللي مفيش حد يتحمله من تعب الروح.. شفت إهانه وشتيمه وحرق، وفوق دول ودول قلة رحمه.. أني فركت المواعين بالعاوين (الرماد) وأني يدي مفتوحه وجايبه اللحم الأوصفر وإتكبس جرحي عاوين كذا نوبه وروحي شاغت وإتحملت،،


خرطت طماطم وإنت أكيد خابر مية الطماطم لما عتاجي على جرح عتعمل فصاحبه إيه واتحملت.. لكن يتقال إني مليش أصل ولا عفهم فالأصول ليه.. إيه إتشاف مني يبين قلة أصلي؟


رد عليها توفيق بصوت هادي عشان يهدي من غضبها ورجفة جسمها ونفضة الغضب اللي مسيطره عليه:


هدي روحك بس يابنيتي وخدي نفسك واقعدي جار ستك عديله إهنه وقوليلي مين اللي سمعك الحديت الماسخ ديه؟


وهو يادوب خلص كلامه وردت عليه حوريه اللي كانت طلعت من الموطبخ ورا شام ووقفت ورا منها وسمعت كل كلامها:


اني اللي سمعتها الكلام ديه ياتوفيق.. ولو معيملتش الشغل اللي هكلفها بيه كيف ماأمرتها أسمعها الأوعر منيه.. أني اختي اللي شعرها غزاه الشيب واصغر مني ب٣ سنين بس وبقت جده وليها في البيت كيف ماليا معتخالفليش أمر، ولا تعصالي كلمه.


 بناتي وبنات اختي أصحاب البيت والمتربيين فيه معيخالفوليش كلمه ولا تجروء وحده فيهم تتلائم عليا.. تقوم تاجي الغريبه داي وتعملها وتخلي العصيان يدخل بيتي؟


توفيق ردبعصبيه:


بطلي هلفيط بالكلام وحطي حجتك قبال حجتها واني اللي أقول مين اللي معاه الحق ومين اللي الحق عليه. 


حوريه بعصبيه:


اني معلاييش حقوق أني وحده مسئوله عن بيت وكل كبيره وصغيره في البيت عتاجي فوشي وفوق راسي لو خربت، يوبقي تسيبوني اديره كيف ماأشوف الصوح وين. 


توفيق: والصوح بتاعك ديه مينفعش يتغلف بشوية رحمه على الغلبانه اللي يدها مفتوحه داي وتخليها تحطها في العاوين وتخرط بيها طماطم ياللي ماعندك قلب؟ 


حوريه: لو اديتها عذر تعويره ولا مرض يوبقي الكل يحقله ياخد العذر زيها والكل هيتمارض عشان يهروب من الخدمه، والبيت كبير وخدمته تقيله ومينفعش يدخله الكسل أو يستوطن العناد نفوس سكانه.. وداي حاجه مفيهاش كلام ياتوفيق.


توفيق:كان فيكي تديها مهمه غير داي ومتخليهاش تتوجع ياحوريه. 


حوريه: اني عدي كل واحد الحاجه اللي عيقدر عليها والحاجه اللي تناسبه، وداي لساتنا لا نعرفوا طبيخها عامل كيف ولا ولا أيه اصله فمش هسلمها الطبيخ يعني! 


وإهنه رد عليها صفوت وهو عيبص على يد شام المفتوحه الملتهبه بقرف:


روحي يمه ربنا يسامحك خليتي بطني إتقلبت.. يعني متسلميهاش طبيخ وتسلميها طماطم تخرطها ومع كل خرطة طماطم نزلت على جرحها خدت منيه قرف ودم ونظنظه وإحنا كلناه فبطونا؟ 


وقام رمح على الحمام ينزل كل اللي فمعدته، وزي منيه سلام ومعروف رمحوا لما بطنهم قلبت هما كمان؛ عشان التلاته دول بالذات نفسهم عفشه قوي وقرافين. 


أما توفيق فبص للأرض وهز دماغه بقلة حيله وهو عارف ومتوكد إن حوريه مش هتتنازل عن إنها تستغل سلطتها فتعذيب شام مهما نبه عليها وحذرها. 


أما كرار فطلع من الأوضه بتاعته اللي كان دخلها يريح هبابه على حس الزعيق، وتقريباً فهم اللي فيها، وبمجرد مافتح الباب وجه كلامه لأمه وهو باصص لأبوه بتحدي:


أمااااه.. اللي عاقدين مؤتمر عشانها داي توبقي مرتي، يعني أني اللي اقول تعمل ايه ومتعملش أيه وأمرها فيدي أني مش فيد أي حد، وبناء عليه أني مديكي السلطه الكامله عليها.. وتؤمريها بأي حاجه وهي عليها السمع والطاعه، وغير إكده مليهاش حداي غير ضرب البولغ، واللي هيعترض ياخدها من إهنه ويبعدها عني وأني ارمي عليها اليمين في التو واللحظه ويكون يوم المنى.


 وبص لشام وكمل حديته.. ودلوك قومي عالموطبخ مع أمى، واللي تؤمر بيه يتنفذ من سكات، واللي تقوله متسمعش منك بعديه غير كلمة حاضر.. سامعه ولا أسمعك بطريقتي؟ 


قال آخر جمله وبص لأبوه بوعيد بمعني إني فاللحظه داي عتمنى إنها تتحامى فيك وتعترض عشان أعمل فيها مابدالي وقدامك.


 وإتوكد توفيق إن كل اللي ليه سلطه على شام سواء كرار أو أمه هيستغلها أسواء إستغلال.. وإنه لو جيه يعترض هتوحصول حاجه من تنين.. يأما حوريه هتستغل ديه وتخرب البيت بيدها بحجة إن الكل يتساوى في المعامله.. يأما كرار هياخدها حجه عليها ويعذب فيها ليل نهار بحجة إنها مسامعاش كلام أمه وهو عارف إن حوريه وكتها هتجيب وتحط عليها بالكدب عشان تقوم كرار عليها..يعني في الحالتين شام مأذيه، 


فأخدها من قصيرها وسكت عشان يحجم الظلم اللي هيوقع على كتاف الغلبانه داي، إن مكانش فوجوده هيوبقي فغيابه. سكت وهو متوكد إن قاصد الأذى دايماً غالب حتى لو المقصود بالأذيه خد كل إحتياطاته. 


لحظات من السكوت عدت وكل واحد من القاعدين مترقب ردة فعل التاني، وقطع السكوت ديه عديله وهي عتميل علي توفيق وتهمسله بعتب:


أوعاك تفرط فالأمانه ياتوفيق وتقلبها فراسك وتشيل يدك وتريح روحك من وجع الراس، 


أوعاك تسلم الغزاله للصياد وتسيبها تفرفط تحت شباكه وهي ميته من الخوف ومعارفاش مصيرها أيه وتقف من بعيد تتفرج عليها. 


توفيق بقلة حيله: 


عحاول اختار اخف الضررين ياأم توفيق، أصل الصياد كارهني ولو قربت من صيدته ممكن يموتها خالص عشان يكيدني..وبالخصوص إن الصياد غشيم ومتعافى والكره هو اللي عيوجهه وماسك يده. 


خلص حديته مع أمه وبعد عنها واتنحنح وبص لحوريه وقالها بأمر:


حوريه قصري لسانك الزفر من تلا الناس هبابه.. ولو على خدمة البيت قولي عاللي عايزاه من غير قلة أدب.. ولو شام قصرت تاجيني أني وتشكيهالي وأني بنفسي هتحدت معاها.. وخدي بالك اني عمري مااتدخلت فشغل الحريم ولا فأمور الطبخ والنفخ، بس من اليوم وطالع هتدخل وهبص بعيني واشوف مين اللي ماشيه بما يرضي الله، ومين اللي ماشيه بما يرضى شيطانها. 


ودلوك خشي ياشام على أوضتك ريحيلك هبابه إنتي تعبتي النهارده وبعد ماترتاحي أوبقي اطلعي كليلك لقمه. 


وإهنه قامت شام وامتثلت لكلامه وراحت على أوضتها من سكات، وهي حاسه إن سلطة توفيق وقوته إبتدت تتقهقر من ناحيتها، وضعفت جبهتها قدام كرار وأمه، واللي راحتله تتحامى فيه وتقف ورا ضهره..بعد من قدامها وهملها وحيده فبراح الظلم. 


أما عديله فبعد مادخلت شام أوضتها بصت لحوريه وولدها كرار وقالتلهم بغيظ:


يلا يختي خدوا بعضكم إنتي وولدك وإخفوا على جحوركم طلعتوا راسكم وعضيتوا فالبنيه الغلبانه وبخيتوا فيها كل سمكم.. يارب تكونوا هديتوا دلوك.


حوريه بصتلها بصة قرف ممزوجه بفرحة انتصار وهملتها ودخلت الموطبخ،


 وعديله بصت لكرار وقالتله:


وإنت يادلدول أمك روح شوفلك موطرح أقعد فيه من قبال وشي معاوزاش اشوفك قدامي شوفتك إنت وأمك عتكبرتني. 


كرار رد عليها ببرود وهو رايح يقعد قصادها عالدكه ومال وفرد دراعاته وقالها:


والله ديه بيتي هروحلك فين منيه؟ معاوزاش تشوفي وشي خشي أوضتك. 


صفوت اللي كان توه معاود من الحمام رد عليه بغضب وقاله:


له إنت  زودتها عاد ياكرار! كيف تكلم ستك إكده وتقولها الكلام ديه وفوجود أبوك كمان؟ 


رد عليه أبوه وهو باصص لكرار:


همله ياصفوت خليه يفيع ويتفرد ويتني براحته، ويقول لسته بيتي ومش بيتي، همله لما ازعطه من البيت واسكنه الشوارع واشوف ليه منين بيوت الهامل الخربان الحشاش ديه، 


همله اني ساكت بس مرقدله على نيه مهببه شكل وش أمه. 


وإهنه كرار إتعدل فقعدته وبص لأبوه بخوف لما حس إنه ممكن ينفذ تهديده صوح، واتخيل روحه في الشارع فعلا ومجرد التخيل خوفه.. وقوام نكس عنيه للارض بكسره كيف طير صغير نفسه يرفرف بجناحاته ويبعد عن العش ويدوق حياة الحريه، لكنه عيفشل فكل محاوله ويسكت بعد مايتوكد إنه لساه صغير وعشان يعيش محتاج لأبوه لسه. 


أما توفيق فبعد ماشاف كرار نخ وإتخزى من الخوف، راح مبعد عنيه عنه وبص لأمه عديله، وكان هيتحدت معاها لكنه شاف اخوه نعيم داخل من باب البيت شاورله عشان الموضوع اللي كان هيتحدت فيه مع امه كان هيتحدت مع نعيم كمان بخصوصه، لكن طالما التنين إنوجدوا في الوكت نفسه ديه هيوفر عليه الحديت مرتين ووخد مشورة كل واحد لحاله. 


قرب نعيم منهم ورمي السلام عالكل وقعد جار أمه وتوفيق وسال توفيق بفضول:


هات ياولد ابوى اللي عندك شايف فعنيك حديت كتير لعله خير يارب


توفيق: كل خير باذن الله.. فيه قدامي مُعده جديده صاحبها جابها واشتغل بيها شهرين وحب يبيعها لعذر حط عليه نوبه وحده، 


والمعده هتقل عن تمنها الأصلي ألف جنيه بحالهم.. مبلغ مش قليل واللودر جديد مشتغلش حاجه يعني كيف ماتقول إكده لقطه وهيجيب حقه فأقل من سنه.. بس للأسف السيوله اللي معانا متكفيش واللي ناقص كتير. 


نعيم :


طيب والعمل.. دا لو كيف ماعتقول اللودر مشتغلش غير ٣ شهور يبقي لساه بشوكته؟


عديله: وليه محتار إكده هو الخير اللي فبيتك شويه ولا ايه؟ 


خش إفتح الصندوق بتاعي وخد دهبي ولم دهب الحريمات وخده منهم بالوزن وبيعه واشترى المُعده وأُبرك عليها بعمرك طول مافيها خير ومكسب، والدهب يتعوض لما رب الفرج يفرجها.. هو الدهب ديه مش إنتوا اللي جايبينه! 


توفيق ونعيم بصوا لبعض وعيونهم لمعت من الفرحه لما أمهم حلتهالهم وقوام نعيم نده على مرته بعلو حسه:


عدويه..أم سَلام تعالي


ومفيش دقيقه وكانت طالعه عدويه من الموطبخ تنشف يدها فشالها وردت عليه :


إيوه ياأبو سلام أني جيت أهه..أؤمرني عاوز أيه؟ 


نعيم : بلا أمر عاوز دهبك كله ياام سلام


عدويه بدون تردد: حاضر من عيوني ياخوي الدهب وصاحبته فدا تراب رجليك، دقيقه وحده ويكون بين أديك. 


نعيم: تسلمي وتسلم البطن اللي جابتك ياأصيله يابت الأصول. 


وبص لكل القاعدين من الرجاله وقالهم:


وانتوا كل واحد فيكم ينادم على مرته ويجيب دهبها هنشتروا لودر جديد والفلوس اللي معانا مساعفاناش.. وإنت ياصفوت روح لوليام الجواهرجي وهات منيه ميزان الدهب بتاعه؛ عشان نوزنوا لكل وحده دهبها قدام عينها أو عنين جوزها وناخدوه منها بميزان و يرجعلها بميزان. 


صفوت:


حاضر ياعم.. وهب واقف واول حاجه عميلها إنه نادى على مرته ورده وأمرها تجيب دهبها وهي بنفس الطاعه اللي كانت من أمها راحت تجيب دهبها من سكات. 


ومن بعده سلام ومعروف ولاد نعيم نادوا على نعمه وفكريه حريمهم وأمروهم يجيبوا دهبهم، 


والتنين بصوا لبعض وطلعت من خشمهم جمله وحده فنفس واحد كل وحده موجهاها لجوزها:


عايزه ليه؟ 


وإهنه التنين سلام ومعروف قاموا مره وحده بغضب وهما ناويين لحريمهم علي الشر بعد ماشافوا رد فعل أمهم واختهم على الموضوع، وشافو رد فعل حريمهم! والتنين فكريه ونعمه اول ماشافوا رجالتهم قاموا على حيلهم رمحوا علي فوق قوام يجيبوا الدهب ويقصروا الشر من تلاهم بس وهما متغصبين. 


وبعد منهم كرار بص على أوضته عشان ينادم على شام لكن ابوه منعه وهو عيقوله:


همل شام لساها عروسه مفرحتش بدهبها مهناخدوهش منها، ثم إن دهب شام اني اللي جايبه من حر مالي وإنت مليكش حق التصرف فيه. 


خلص جملته وكان الدور عليه فطلب دهب مرته وبعلوا حسه نادم عليها:


حوريه،،واه ياأم صفوت. 


طلعت حوريه ووقفت علي باب الموطبخ وردت عليه:


عاوز ايه من قندله؟ 


توفيق: يقندلك الزمان يابعيده.. غوري هاتي دهبك كله من فوق. 


حوريه سمعت الكلمه وضربت علي صدرها بصدمه وهي عترد عليه:


يامري ليه؟  نويت تتجوز عليا وهشبك بدهبي ياتوفيق؟ 


توفيق: يشبك فيكي المرض مايسيب فيكي عضمه صاحيه قولي آمين


قاطعته عديله برفعت اديها للسما وبعلوا حسها ردت: 


آااااااامين 


حوريه: 


شاله اللي يكرهوني. 


توفيق: غوري ياحوريه اتلافي الدهب من سكات بدال مااقوم انعنع عضمك بالعكاز! 


حوريه: اعرف هتعمل بيه أيه فلاول واروح اجيبه. 


كرار: هيبيعه ويجيب بيه معده جديده يمه وحريم البيت كلهم راحوا يجيبوا دهبهم روحي هاتيه وفضيها عاد. 


حوريه نزلت يدها من وسطها وردت وهي عتعدل فشالها علي راسها:


إهيه.. طيب لو إكده ماااشي.. اروح اجيبه وهو أني ماسكه فيه ولا يهمني دهب من اصله.. بس يعني كان يعرفني يقولي عايزه فكذا وهعمل بيه كذا السؤال محرمشي. 


خلصت كلامها وعدلت شالها وإتحركت على فوق تجيب الدهب بتاعها. 


وتوفيق بمجرد ماغابت من قدامه بص لأمه وقالها:


هو يمايه مش حوريه وعدويه دول من نفس البطن؟ أمال فرق السما عن الارض بينهم ليه! 


عديله: البطن قلابه ياولدي مره عتجيب مليح الطبع ومره تجيب الردي. 


توفيق: واني حظي المطين وقعني في الردى.. الله يسامحك يابوي على تقسيمتك اللي ظلمتني العمر كله. 


نعيم بضحكه: عقولك ايه ياتوفيق حل عن مرتي حاسك هتديها عين تحسدهالي ياقزين، بعد عنها احسن تجيب أجلها الوليه بقت عضمه كبيره وكلها أمراض مهتحملش العين. 


توفيق: يابوي روح بلا عين بلا ودن أني مهحسدكشي.. أني هقر عليك بس، وهقر على عيالي كمان اللي واخدين بناتك، وهدعي لعيالك اللي واخدين بناتي بالصبر كيف مااني صابر على أمهم..وكمل بحسره.. الله يسامحك يابوي. 


خلص كلامه ونعيم وعديله ضحكوا عليه وشويه ونزلت الحريم بالدهب كل وحده صاره دهبها فصره لون، وكل الصرر حطوها قدام توفيق وعاودوا الموطبخ عشان يحطوا العشا عالطبالي.. وفي الوكت ديه عاود صفوت بميزان الدهب واول مادخل كانوا حطوا الوكل ونزل الكل ياكل وبعدها شالت الحريم الوكل وقعدوا يتعشوا كلهم جماعه في الموطبخ. 


وبعد ماخلصوا طلعوا من الموطبخ عشان كل وحده تروح أوضتها، بس وقفهم حس توفيق وهو عيقول:


غسلتوا المواعين الظوبطه وراكم ولا هملتوها لأم أيد متعوره لما تغسل وسخكم من وراكم؟ 


الحريم بصوا لبعض وتنحوا وحوريه كانت هتتكلم لكن سكتها توفيق بإشارة تحذير من يده وهو عيقولها:


عاودى بجنودك على موظبخك وخلصوا كل الشغل اللي فيه قبل ماتطلعوا لأوضكم، وبص لحوريه وركز عنيه عليها وكمل كلامه..أني قولتلك من اليوم وطالع هتدخل وهبص بعيني، صوح هسيبلك حرية التصرف بس مش هسيبلك حرية الظلم. 


وبعد كلامه ديه عاودوا الحريم للموطبخ من تاني واتلموا عالمواعين وفركوهم بالعاوين وجلوهم وغسلوهم وخلصوا كل حاجه في الموطبخ لولا ماطلعوا على أوضهم.. مفيش غير حوريه بس اللي اتخلفت عنهم عشان تحمي ميه تتسبح بيها قبل ماتنام


أما توفيق فإبتدا يوزن في الدهب قدام عنين نعيم وصفوت وسلام ومعروف عشان كل واحد يشوف دهب مرته كد ايه جرامات.


وفي الأثناء داي طلعت شام من أوضتها بعد ماقرصها الجوع عشان تتعشى، 


وشافت توفيق عيوزن في الدهب وقدامه أكوام اكوام، بصت لستها عديله وهي مستغربه وعديله ابتسمت وشاورتلها:


وقربت منها شام وعديله طبطبتلها عالدكه عشان تقعد جارها، وبعد ماقعدت شام ميلت عليها عديله وقالتلها:


تلاقيكي عتسألي حالك أيه مغارة على بابا اللي أتفتحت في البيت داي مش إكده ياشامه؟ 


شام اتبسمت وهزتلها دماغها بتأييد وعديله طبطبت علي يدها وردت عليها:


ديه دهب حريمات البيت يابنيتي عشان عمك توفيق هيشتري معيشه جديد والقرشينات اللي معاه ممكملينش. 


شام سمعت حديت عديله وسكتت هبابه، وقامت من سكات دخلت أوضتها وطلعت منها بصره وحطتها قدام توفيق وهي عتقوله:


خد يابوي دهبي بيعه مع باقي الدهب وفك زنقتك أني الدهب مليهش عازه معاى.


توفيق وكل الرجاله رفعوا وشوشهم من الميزان وبصولها، وحتي كرار بصلها بغرابه، وفي اللحظه داي كانت حوريه طالعه من الموطبخ ببستلة ميه سخنه عشان تتسبح بيها وسمعت حديت شام، وشافها توفيق وبعلوا حسه قالها:


وتاجي الناس تتحدت معاكي إنتي عن الأصل والأصول.. اصيله يابنيتي والله وبت أصول غصب عن عين اللي ميرضاش، والأصل الطيب عيغلب ويطغى ويبان على صاحبه.. روحي يابوي عاودي دهبك الدهب ديه هيكفي بعون الله، ولو عوزنا. دهبك هناخدوه، بس خليه للاخر والبسي فيه واتمتعي إنتي عروسه. 


وبص لحورية اللي إبتدت تطلع السلم وهي عتلوى خشمها يمين وشمال وقالها:


وإنتي ياللي مش عاجبك الحديت فيه كردان ولبه ومشخلعه غايبين من دهبك فينهم؟ 


ردت عليه حوريه وهي طالعه موقفتش طلوع:


ديه دهب المرحومه أمي وغالي عليا من ريحتها مهبيعهوش. 


توفيق: ماعدويه جابته دهب أمها اهو ومقالتش زيك؟! 


حوريه: عدويه رديه ومعتحوقش الريحه مليش صالح بيها،، خلصت جملتها وكانت وصلت لآخر السلم وكملت لأوضتها وغابت عن العيون وهملت توفيق يهمس بصوت مسموع:


والله ماحد ردي غيرك ياشيخه. 


وكمل وزن في الدهب وشام عاودت لأوضتها ترجع دهبها بعد ماشاورتلها عديله عشان تروح وهي بصالها بصة رضى، 


وبعدها راحت عالموطبخ تشوفلها حاجه تاكلها بعد يومها الطويل اللي مش راضي يخلوص ديه اكنه عمر بحاله. 


غرفتلها صحن رايب وطلعتلها كسرة خبزه وحطتها علي الجمر تتقمر وقعدت في دفى الكانون تاكل، وهي باصه للجمر الأوحمر بعد ماقلبته وخلت يوهوج. 


وفي الاثناء داي إفتكرت الزياره اللي جابوها ناسها، واللي ركنوها الحريم في الموطبخ ومحدش راح لمها ولا فتحها، وراحت عليها وإبتدت تفتح فيها، وشافت الحاجات الحلوه والكتيره اللي جايبينها من فواكه لفطير لعسل لجبنه خضره لعيش مخبوز طازه بيد أمها، وشافته أحلي واجمل واطعم من عيش بيت توفيق، ورفعته علي مناخيرها وشمته وشمت فيه ريحة أمها وعمايل أديها، 


ولقت فطير أوبيض مقدد ودبداب طري وآخر حاجه لقت طير  بح ووز مدبوح ومنضف وكان هيخسر لو قعد أكتر من إكده، فخدته وغسلته وقددته فى الدهن وشالته في النمليه عشان ينطبخ بكره، وشالت الفطير كمان، وخدت من الفاكهه وغسلت فطبق الفته الكبير وملته وطلعته للرجاله بره ياكلوا منيه، وبدال ماكانت هتتعشى نسيت عشاها وهملته وكلتلها صوباعين موز وعاودت علي الاوضه عشان تنام؛ لأنها حست إن البيت ديه الشقى فيه عيتجدد ويطلع من تحت الأرض ومعيخلصش، واللي هيتبعه هيخسر عافيته وصحته. 


دخلت أوضتها وفرشت فرشتها ونامت عليها بتعب، وكانت مفكره روحها من شدة التعب هتنام أول ماتسند راسها عالمخده، لكن ماينام الليل الا خالي البال والقلب، وشام لا قلبها ولا بالها خاليين، وراحت بعقلها وروحها لأيامها الحلوة، وروحها طافت فوق سطوح بيتهم وشافت القطر وشافت صابر طالل من شباكه وباصصلها، وشافت القطر وهو عيسلم عليها بصفارته العاليه وشافت البندق والبنات متجمعين فيه وهي وسطهم وحس ضحكهم ملعلع ، لكن فتحة الباب ودخول كرار رجعها من جنة خيالها الحلوة لواقعها العفش مره تانيه. 


دخل كرار وبعد مااداها نظره جانبيه إداها ضهره وإبتدا يخلع خلجاته، وبمجرد ماخلع السديري والفانله بانت جروح ضهره اللي خلت شام إتبسمت بتشفى غصب عنها وهي عتتخيل منظره وهو عيتجلد ويتألم كيف ماهي اتألمت. 


وكرار لف عليها وشافها مبتسمه وجن جنونه.. 


راح عليها وقنبر قدامها ومسك دقنها بيده وهو صاكك على سنانه قالها:


عتتمضحكى على أيه يابت الكلب إنتي..شمتانه وفرحانه فاللي شوفتيه على بدني مش إكده؟ 


شام فضلت باصاله ومتكلمتش ولا ردت عليه، وهو فضل شويه باصص فعنيها وبعدها نشك وشها من يده وقالها وهو عيقوم:


فزي تعالي ادهنيلي ضهري من لبخة الجروح أمي طلعت نامت ومفيش حد يدهنلي. 


شام سمعت كلامه وقلبها دق بقوة وخوف وهي عتتخيل إنها هتحط يدها على جسم  أكتر حد عتبغضه في الدنيا، وغصب عنها لقت دماغها عتلف ونفسها مرجت وحست إنها خلاص ههتقيا وهي واعياه عينام على بطنه علي السرير قدامها ويستعد للمسات يدها. 


وهو لما لقاها طولت مجاتلوش رفع راسه وزعق فيها بعلوا حسه:


هاتقومي ولا أجي اجرجرك من شعرك؟ 


وهي سمعت زعيقته وقامت منتوره من الخوف وراحت عليه ترجف ورجليها يادوب شايلينها كيف اللي إتحبست مع وحش فقفص وملاقيالهاش مفر من مواجهته. 


وبأدين عترجف مسكت برطمان اللبخه وخدت منيه على صوابعها وإبتدت تدهن فى الجروح اللى إتمنت وهي عتدهنها لو إن اللي فيدها ديه ملح أو حتي سم يتغلغل في الجروح ويخلص عليه.. لكن للاسف الأماني المريحه دايماً عتوبقي  أعلي وأبعد من السحاب. 


أما كرار فبمجرد ماأيدها الناعمه الدافيه لمست ضهره غصب عنه غمض عنيه بإستمتاع، وإتحركت جواه مشاعر خلته فقد السيطره على حاله، وبدأ خياله يسرح فراحه أكتر من اللي حاسسها من مجرد لمسة يدها على ضهره، ومن وسط تخيلاته قز لما شام نسيت روحها وغلها وكرهها ليه خلاها غصب عنها تدوس على جرح مفتوح من جروحه خلت روحه شاغت، 


وهي عيملت إكده وهو إتجنن من الوجع ولف مره وحده ومسك شام من دراعها وشدها وقعها على الفرشه ونزل فيها ضرب إقلام بأديه التنين بعد مااتوكد إنها قاصدة تاذيه.. وبدون وعي لقى روحه عيشق خلجاتها ومع صوت مزع القماش والشقه طلعت من شام صرخه شقت ضلام الليل، ومع حس صرختها إنتبه أبو دراع اللي كان لساه في الجنينه سهران جار دمسة النار مدخلشي بيتهم، ومن بعد الصرخه الأولي إتوالت صرخات شام، واللي على حسها كل سكان البيت طلعوا من أوضهم ونزلوا جري يشوفوا أيه اللي عيوحصول؟


أما شام فإتعادت قدامها الليله كلها اللي عاشتها وجسمها وروحها وعقلها وكل ذره فيها كانت عتصرخ برفض إن اللي جرا فيها ينعاد،، لكن هيهات.


وإبتدا كرار يفقد كل إدراكه وهو شايف شام قدامه بالمنظر ديه، ومع حرمانه وعنفوان الشباب ورغبته الجامحه عقله لغى كل الإعتبارات والحدود ومبقاش يفكر غير فأن فيه قبال عنيه متعه حلال وميمنعهوش عنها أي شى. 


أما شام فلما لقت الصراخ والاستغاثه مجابوش نتيجه، إبتدت تدور فعقلها على أي دفاعات تانيه وهي عتحاول تصد كرار بكل قوتها اللى خارت أصلاً من كتر التعب النهارده.


شام: أمانه عليك ياكاركار ماتعمل إكده حرام عليك أني لساتني ماطبتش من ديك المره، أني والله لغاية دلوك موجوعه. 


كرار بعدم وعي وصوت يشبه فحيح الافاعي وهو عيحاول يتخلص من مقاومة رجليها:


وماله مااني عايز اعطب جروحك كيف ماعطبتي جروحي ومرحمتيش وجعي يوبقي هرحمك ليه اني هاه؟ 


شام: طيب مش هينفع عشان حداي ظروف وإنت هتتأذي. 


كرار وهو عينجح أخيراً في إحتلالها والسيطره الكامله علي جسمها:


أشوفها بنفسي الظروف داي ماني فيا عنين.. وطبعاً مخفيش عنيه إنه مفيش أيوتها ظروف حداها وإنها عتكدب، وفلحظة كان ضارب بقانون الإنسانيه والرحمه عرض الحيط لتاني مره، ومتصرف مع شام تصرف حتي الحيوانات متعملهوش، وهي ماكان منها إلا إنها تبكي وتشهق من نص قلبها وتصرخ على حد ينجدها من بين أنيابه ومخالبه.. 


أما أهله فكلهم كانوا واقفين بره الباب حريم ورجاله، ماعدا بدور اللي أمها خلتها تطلع فوق، وطبعاً كان واضح ايه اللي عيحصل من كلام شام وإستغاثتها.. 


الحريم كانوا واقفين بعيد وعيلطموا علي خدودهم بالراحه والرجاله واقفين ساكتين، مفيش بس غير توفيق اللي عمال يخبط علي الباب ويزعق بحسه كله ويتوعد لكرار إنه هيخلص عليه بس يطلع، 


وعديله اللي كانت واقفه وقلبها عيتقطع على شام واللي عيجرا فيها وترد علي كل صرخه من شام بصرخه زيها على كرار ودعوه على أمه.. وبعد حوالي ربع ساعه سكتت شام عن الصراخ ومبقاش مسموع غير صوت أنينها، وكان واضح إن كرار خلص نصيبته الكبيره، 


وتوفيق زي ماهو، واقف متكتف وحاسس إنه مصانش أمانته وإنها إتأذت فبيته بكل الوسايل، و اكتشف إنه أضعف من إنه يحميها، وكل مادا يتقهر أكتر ويزعق ويتوعد لكرار أكتر.. 


ومفيش كام دقيقه عدوا وكان صوت قفل الباب عيتفتح، والكل لما ديه حوصول بعدوا عن وش الباب من خوفة تكون شام فوش الباب ومتكونش مستوره. 


أمأ أبو دراع فمن أول صرخه من شام وهو واقف علي باب البيت وفضل رايح جاي قدام باب البيت وهو سامع حس استنجاد البنيه وخابر إن مفيش حد هيقدر يخلصها من أدين كرار غيره هو، لكنه مقادرشي يدخل وينقض عهده،


ولا قلبه متحمل يسمع صراخ المسكينه، فمشي قوام من الموطرح واتوغل في الجنينه وسط الشجر لغاية ماحسها اختفي من ودانه.


أما كرار فطلع من الأوضه وبمجرد ماطلع انقض عليه توفيق وخلع عمته وخنقه بيها وقرط عليه، والكل جرى عليهم يحوشهم، وعديله دخلت لشام اللي كانت مرميه على السرير كيف خيط اللمضه، وبحزن قعدت جارها وغطت جسمهت المكشوف فعز البرد ودموعها عتنزل قهر على حالها والدعاوي مفارقتش لسانها


أما شام فعاودت غصب عنها للدرك الاسفل من العذاب على يد كرار، ورجعت لمتاهه من الوجع كانت متخيله إنها طلعت منيها ومش هتعاودلها تاني، وعشان اللى حوصول كان كتير عليها، عقلها وقلبها وروحها وكل حواسها متحملوش وفارقوا جسمها وهملوه لحاله يواجه مصيره المؤلم، وغابت عن الوعي بغيابهم. 


يتبع


نفق الجحيم ٢٤


دقايق من الصراع بين توفيق وكرار وإنتهت بإن الرجاله فصلوهم عن بعض بس بعد ماتوفيق كان أذى كرار على كد مايقدر بالضرب والخنق، وكرار كل اللي كان عيدور فعقله إنه معميلش غلط وخد حقه الشرعي من مرته وإن داي حاجه متخصش حد ولا المفروض حد يتحدت فيها معاه أو يحاسبه عليها، وشاف إن اللي عيعمله أبوه فيه قدام الكل ظلم جديد ينضاف علي ظلمه القديم ليه، وإن أبوه عدى معاه كل الخطوط الحمره.


بعد توفيق عن كرار وهو عينهج من التعب وقعد على الكنبه وفضل باصص لكرار اللي واقف قدامه ومثبت عليه عنيه كيف ديب متأهب للأذى بس معارفشي يبدأ كيف ومنين ولا لاقي بصاره عاللي قدامه، وبكل قهر رفع اديه للسما وهو باصصله وقال:


يارب أني غلبت فيه وإحتار فيه العقل والفكر وخفق التأديب، يارب أدبه بطريقتك وإكسره بجبروتك وعرفه في القريب العاجل إنك حق ومعترضاش غير بالحق وإنك جلاب الحقوق، يارب سلط عليه الاعفى منيه وعرفه إن العفي فيه الأعفي منه والقوي فيه الأقوى منه، يارب اشهِدك إني ممسامحهوش ولا راضى عنه دنيا ولا آخره.


خلص دعوته وبعد عينه من على كرار ونزل اديه وهو واعي أمه عتطلع من الباب وتشاور لورده، وورده راحتلها ودخلوا وردوا الباب، وبعد شويه الباب إتفتح وطلعت ورده وكانت شام نايمه على السرير ومتلكلكه باللحاف


قام توفيق وراح عليها بخطوات مهزوزه ولغاية ماوصل حدا سريرها وبص لمونظرها وقالها بحسره:


سامحيني يابتي عاللي جرالك وانتي فبيتي وتحت حمايتي، سامحيني واعذريني لان الأذى والشر اللي حوالينا ساعات كتير عيكون اقوى من إننا نتصدوله، سامحيني على وجعك يابوي اللي مقدرتش اتصداله.


وإهنه شام سالت من عينها دمعه وهي مغمضاها توفيق حسها مية نار نزلت على قلبه وكوته كوى، وبص على أمه عديله وشاف فعيونها هي كمان لوم متحملهوش، وهمل الموطرح كله وطلع لما حس بنغزه فقلبه وراح يشوفله موطرح يقعد فيه لحاله بعيد عن كل البشر ويجالس إحساسه بالتقصير والندم والوجع.


أما كرار فبعد ماأبوه طلع فوق والكل راح موطرحه يقضى باقي ليله اللي إتكدر بعملة كرار، وعديله لازمت شام وشاركتها السرير، كرار ملاقالوش بُد غير إنه يطلع من البيت كله ويروح لأبو دراع يفك عن روحه معاه هبابه. 


فطلع وراحله ودور عليه في البيت وحواليه ملقيهش، وإستغرب إنه مقاعدش في البيت في الوكت ديه وهو معروف عنيه إنه لا مش عيطلع من البيت وخصوصي في الوكت ديه من الليل.. بس الدمسه لساها ساقره وديه دليل علي إنه كان قاعد إهنه، فما كان منه الا إنه يقعد جار الدمسه يستناه. 


أما أبو دراع فبعد ماقعد الوكت الكافي واللى إتوكد إن أكيد كرار خلص فيه جريمته قرر يعاود للبيت وخصوصى إن البرد نفض جتته نفض برغم النار اللي قايده فقلبه فقرر يعاود للبيت ويستني الصبح بفارغ الصبر عشان يشوف كرار ويحاسبه عاللي عمله، بس ربنا كان بيه رؤوف رحيم وهو واعي كرار قاعد جار الدمسه ومهيضطرش يستنى للصبح بناره القايده من تلاه. 


وبسرعه وبدون تردد إتقدم ناحيته ووقف قدامه وبحركه سريعه قومه من موطرحه، ومسكه من قبه بيده الشمال، ورفع يده اليمين وفردها قدام وشه وبص فبطنها عالجرح اللي خاوى بيه كرار قبل مايغمض قبضة يده ويضرب بيها كرار على خشمه بكل حيله خلى خشمه بك دم في الحال.. وداي كانت المره التانيه اللي تترفع فيها إيد أبو دراع اللي خاوت كرار عليه وتأذيه بدال ماكانت دايماً تدافع عنه والمرتين بسبب شام. 


أما كرار فمن أول ماأبو دراع قرب لمه ومن بعدها عيمل فيه اللي عيمله وهو واخده العجب ومش فاهم أبو دراع عيتصرف معاه إكده ليه، بس ابو دراع فهمه وهو عيقوله:


بالك ياكرار إنت النهارده ندمتني على محبتي وأخوتي ليك اللي اتوكدت دلوكيت إنها كانت فغير محلها ولغير أهلها.. عمري ياكرار ماكان يخطر فبالي إنك ممكن تعمل إكده فوليه ضعيفه وتتعافى عليها بقوتك.. أول نوبه كنت حاططلك عذر السكر والعربده عشان إكده فوتهالك، لكن النهارده ايه العذر اللي يتحطلك فهمني. 


كرار رد عليه بعصبيه وهو عيمسح الدم من خشمه:


النهارده مفيش اعذار تتحط ولا محتاجلها، عشان اللي حوصول النهارده حقي ومحدش يقدر يلومني عليه ولا يغلطناي.. ولا نسيتوا إنها مرتي؟ 


أبو دراع بعصبيه مماثله:


مرتك وحقك بس مش إكده، كل شَي بالاصول ولو مشيت بالأصول محدش يقدر يغلطك ولا يمسلك طرف، لكن إنت كل مشيك بطال وحتى الحلال عتاجيه من السكه الحرام. 


كرار وهو عيبعد عن أبو دراع كام خطوه لورا عشان يعلن إحتجاجه الكامل بكل مافيه من قوة:


وانتوا مين عينكم وصايا علي وعلى كل حاجه ععملها، مين عيحاسبكم إنتوا عشان تحاسبوني؟ بأي سلطه الكل طايح فيا وعمالين تلطشوا فيا شمال ويمين؟


ابو دراع: بسلطة الرحمه والشفقه ياعديم الرحمه، إنت كيف كنت سامع حس البنيه وهي عتصرخ من الوجع والخوف وبرضك قادر تكمل فاللي عتعمله ديه؟ أيه أصله اللي بين ضلوعك ديه يابوي بس؟!


كرار: أبو دراع بعد مامديت يدك عليا وهنتني عشان خاطر حرمه مليكش صالح واصل باللي بين ضلوعي ولا ليك صالح بيا أني من أساسه، خلاص إنت فى حِل من رباط الدم واللي بيني وبينك بقي زي اللي بيني وبين أي حد.


خلص كلامه وإتحرك عشان يمشي لكن حس أبو دراع وقفه وهو عيقوله:


طيب إسمع مني الكلمتين دول قبل ماتمشي، حتي لو اللي بيني وبينك إتقطع اني مهسمحلكش تعمل الغلط قدامي وأشوفك بعيني وأقف أتفرج عليك، وإن مليكش رداد ولا عتخاف من حد أني ردادك ياكرار.


لف عليه كرار وساله وهو مش مصدق روحه:


عتبيعني وتتحداني عشان مره ياأبو دراع؟


أبو دراع: قولتلك من هبابه عشان الرحمه مش عشان مره ولا راجل.


كرار: بس ديه عمره ماكان موقفك معاي فاي حاجع اعملها؟! إيه جرالك دلوك! 


أبو دراع: كنت متغمي وفوقت، كنت غلطان وإنتبهت لغلطي، كنت فرحان إن بقي ليا أخ كيف ماطول عمري عتمني وحبيته أكتر من روحي ومحبتي ليه عمت عيني وقلبي وعقلي.


كرار: طيب ياأبو دراع براحتك واللي عايز تعمله إعمله، بس مرتي محدش ليه دخل بيها ولا باللي هعمله فيها، أصلا هي سبب كل حاجه عفشه عتوحصول معاي، هي سبب بُغض كل الناس ليا، هي اللي من ساعة مادخلت حياتي خربتها، هي اللي وقعت فزوري أني لحالي والتنين اللي لعبوا بيها لعب قبلي عيرمحوا في الدنيا ومحدش كدهم ولا عاتلين للدنيا هم.


وهي اللي لازمن يتعمل فيها كل اللي هيتعمل فيا، هي اللي هتكون مرايه لأفعال الكل معاي، وكل ماهشوف كره فعيون الناس ليا بسببها هكرهها فحياتها وعيشتها وفخلجاتها اللي لابساهم كمان.


قال إكده وراح عالبيت بالخطوه السريعه وراح على أوضته قوام وفتح الباب مره وحده خلى سته عديله قامت مفزوعه من نومها وشام فتحت عنيها وبدت تتلفت حواليها وهي عتلملم فروحها بخوف، ووقف قبالهم هما التنين وفضل باصص لشام هبابه، وبعدها بص للفرشه بتاعتها وراح عليها ونام من سكات


أما عديله فإبتدت تهدى فشام وتطمنها وتبرطم علي كرار وعلى تربيته وعلى أمه لما شبعت.


وطلع النهار عالكل


توفيق جه يقوم يصلي الفجر بصعوبه وهو حاسس بوجع فصدره وتقل فدراعه، وبالعافيه صلى ورجع لفرشته مره تانيه، ولأول نوبه فحياته مينزلش يتجمع مع أخوه وعياله وعيال أخوه وأمه على طبلية الوكل ويقول لحوريه تجيبله فطوره فى الفرشه، وتقولهم إنه مرايحش الشغل النهارده، وديه اللي خلى الكل اتضرع عليه وكلهم قطروا علي السلم لفوق على أوضته وأولهم نعيم أخوه.


والكل دخل عليه الأوضه ولما شافوا حالته قلبهم وجعهم عليه وخدهم العجب، كيف شكله إتغيرر إكده فكام ساعه لشكل واحد كنه عيان بقاله شهور، كيف الصفار كَسَىَ وشه إكده!


إتقدم عليه نعيم وقعد جاره وبحنيه قاله:


سلامتك ألف سلامه ياولد أبوي، مالك ياخوي إيه اللي تاعبك؟


توفيق بحس مجهد:


سلامتك ياخوي مفيش حاجه، هبابة تعب بس وهيروحوا لحالهم.


نعيم: عمر التعب اللي وصلك لرقدة السرير ماعرفلك طريق جته ياحبيبي مالك بس، روق وهمل كرار ومتحطش عمايله فبالك هتتعب وتخسر صحتك إكده وهو الدنيا هتعلمه وحدها وتخليه يوبقي عال العال.


توفيق: كرار أمره فيد ربه عاد أني سلمت أمره فيد القوي الجبار، ودلوك هملك من كرار ومني، تفطروا وتاخد إنت وصفوت الدهبات وتروحوا لوليام وتبيعوهم وتاخد قرشيناتهم عالقرشينات اللي فى الخزنه دول، وشاور لحوريه عشان تجيبهم وهي راحت قوام عالخزنه وبالمفتاح اللي علي صدرها فتحتها وطلعت منيها الفلوس وجابتهم ادتهم لنعيم، وكمل توفيق..


تاخدوهم كلهم وتروحوا للمقاول السمان اللي فالبر التاني وتشتروا منيه اللودر وتكتبوا ورقته وتجيبوه وتاجوا، ولو فضلت فلوس تجيبوا بيها عجل عفي تدبحوه وتفرقوه للناس حلاوة اللودر.. والباقيين يروحوا عالموقع النفق آخر يوم شغل حفر فيه النهارده تخلصوه خالص عشان هنتنقلوا للشغلانه الجديده. 


الكل قال آمين وسمع الحديت، وبعد ماإطمنوا عليه وعلي حاله نزلوا ينفذوا اللي أمرهم بيه.


أما هو فبص لحوريه مرته وسألها بإستغراب:


أمال أمي فين ياحوريه مركبتش معاهم؟


حوريه: نايمه فباط العروسه النهارده وناموسيتها كحلي لساها مصحيتش.


توفيق سمع سيرة شام وإتنهد بوجع وهمس لروحه:


آه من العروسه واللي جرالها آه.. أني كمان عقول أمي مش معقوله تسمع بيا عيان ومتاجيش تطل عليا وتطمن.


أما حوريه فبعد ماقفلت الخزنه عالاوراق اللي فيها نزلت طوالي عشان تجيب لتوفيق الفطور وتفطره.


وأول مانزلت الحوش شافت عديله حماتها طالعه من أوضة كرار وشام وبلؤم إتكلمت:


ياعيني عليك ياتوفيق صعبان عليا العيا واعر قوي يابوي.


وعديله سمعت إسم توفيق ولدها وورا منيه كلمة عيا وشهقت بخوف:


ولدااي.. ماله توفيق ياحوريه إيه صابه، عيتيه إنتي وولدك بعمايلكم ربنا يجازيكم بعدله يابُعده.. خلصت كلامها وهي رايحه على السلم تموج شمال ويمين وتجرى على كد حيلها، وكملت السلم وهي عتبرطم وتشتم علي حوريه وولدها بكل الشتايم اللي جات علي بالها في اللحظه داي.


أما حوريه فدخلت الموطبخ وادت أمر لفكريه تحضر فطور لأبوها، وراحت على اوضة كرار فتحتها ودخلت، وضربت على صدرها بغيظ وهي واعيه ولدها نايم على الأرض في السقعه وشام نايمه علي السرير المفروش ومتكلفته بالغطا، وراحت عليها وشدت من فوقها الغطا فزعتها وهي عتقولها:


قومي قامت قيامتك، غاطسه ياختي في القطن والحرير ومهمله ولدي السقعه والرطوبه تاكل جِنابه، قومي فزي خلي الواد ينام ففرشته.. قوم ياسبع الرجال نام ففرشتك نومة الارض مليقاش لبدنك ياغالي. 


قالت كلامها وراحت علي كرار اللي كان صحي في الوكت ديه ومغمض عنيه وعامل روحه نايم وحاطط يده على عنيه ووطت عليه تهز جسمه تصحيه وهو رد عليها. بتقل:


همليني يمه وروحي أني مهصحاش دلوك، وردي الباب وراكي لما إتفتح جاب تيار هوا.


وحوريه إمتثلت لكلامه وبعدت عنه وراحت علي الباب تقفله بعد ماتطلع، وفالوكت ديه كانت شام قامت ونزلت من فوق السرير بوجع وصعوبه، وحوريه ادتها أمر من غير ماتبصلها:


دقيقتين وتاجي تاخديلك بستلة ميه تتسبحي بيها وتحصلينا عالموطبخ ورانا أشغال لازمن تتقضي.


خلصت كلامها وطلعت وقفلت الباب وراها وهملت شام واقفه مغلوبه على أمرها وع الوجع اللي فيها وعلي الهم اللي مستنيها، وآخر المطاف إستسلمت وطلعت تجيب بستلة الميه.


وبمجرد ماطلعت من الأوضه واللي في الحوش وعيوها كل الرجاله نكسوا وشوشهم للارض بخجل من اللي جرالها، ومفيش غير عيون عزت النجسين هما اللي كانوا متعلقين بيها وعياكلوا ويشربوا فجسمها وباين فيهم التمني، وديه خلى شام نفسها تفزع من الوساخه اللي فرجالة العيله داي، ونفسها غمت عليها لما إفتكرت كرار وريحة أنفاسه، وعاودت لأوضتها ودخلت الحمام وإبتدت تستفرغ.


وعلى حس إستفراغها شال كرار اديه عن عنيه وإتعدل نص عدله وسند على كيعانه وفضل باصص عليها بتركيز ومتابعها لغاية ماطلعت من الحمام.


وراحت شام بعدها علي الموطبخ وعاودت بالميه وإتسبحت وغيرت، ولساها هتطلع كرار قالها تجيبله بستلة ميه وهي خدت البستله وراحت تجيبله الميه من سكات تجنباً للمشاكل اللي هي أغني مايكون عنها النهارده بالذات.


أما حد عديله وتوفيق


عديله:


سلامتك ياحبة القلب إيه تاعبك شاله اللي فيك يروح لحوريه يارب


توفيق بضحكه: مفياش حاجه ياحجه متقلقيش، كل الحكايه إن العضمه كبرت بس.


عديله: العضمه معتكبرش ولا الجته عتشيخ طول مالقلب خالى.. مفيش غير الهم بس هو اللي عيخلي الجته تِبلىَ.. وإنت همك تقيل ياتوفيق ولو مارميتهوش ورا ضهرك العضمه هتنطحن طحن مش هتكبر وبس.


توفيق: وفين اروح من الهم يمايه بس دليني؟


عديله:


قولتلك من زمان إتجوز اللي تنسيك الهم وتخلي كل حاجه عفشه تهون عليك وإنت اللي مسامعش كلامي، قولتلك غير الوشوش العكره عشان ترتاح ونفسك تتفتح للدنيا وإنت اللي مقابل إبليسه وساكت، غلبت أفهمك إن الدنيا فيها ناس حلوه وصلح بختك العفش وكل اللي كنت احصله منك ضحكه.. اديك بركت والهم ركبك من بوزها الناشف أهه خليها تنفعك.


توفيق لساه كان هيفتح خاشمه يرد عليها لكن حوريه قاطعته وهي عتدخل من الباب بصنية الوكل وترد هي موطرحه:


يافتاح ياعليم يارزاق ياكريم، قومي يامرت عمي إتوضي وصلي الصبح والفجر اللي فاتك النهارده وانتي واخده السنيوره فباطك ونايمه ومنومه ولدي عالارض فعز السقعه.


حوريه بصتلها بطرف عينها ومردتش ورجعت بصت لتوفيق وقالتله:


هندلى اقول لسلام منزلش الشغل النهارده وياخدك ويندلى البندر يوديك مستوصف ويعرضك على حكيم يطلعلك علاج عشان تطيب قوام أني مش هتحمل نومتك قبال عيني ياولدي.


توفيق رد عليه وهو عيتعدل عشان ياكل من الصينيه اللي حطيتها حوريه بينه وبين أمه:


ممستاهلاش يمه دول شوية برد استوطنوا الجته وكلها يومين ويروحوا لحالهم، مدي يدك يلا بسم الله أوفطوري معاي.


عديله:


له ياولدي أوفطور إنت بالهنا والشفا، اني معحطش حاجه فخاشمي قبل مااصلي، وكفايه إن النهارده فاتتني صلاة الفجر ولا حد فيكم صحاني، وكماني عشان هفطور مع شامه واغصب عليها تتقوت عارفاها هتقعد من غير وكل متفكرش فروحها ولا حد هيفكر فيها.


توفيق إتنهد بحسره ورد علي أمه:


خدي بالك منيها يمه وحاجي عليها وخلي عينك وقلبك معاها، وعلى كد ماتقدري داوي اللي غيرك هجرحه وطيبي اللي غيرك هيوجعه..يمكن يقدرك ربنا عاللي مقدرتش أعمله أني معاها. 


عديله: متخافش ياولدي أني مههملهاشي واصل، وبعدين إنت طيب بس وأقف فنص الدار وأزعق في الغجر دول بحسك اللي ربنا مايغيبه وكل قرد هيلزم شجرته لما يشوف أسد البيت.


خلصت كلامها وقامت عشان تنزل وهي ماشيه إدت لحوريه بصه مكيوده وحوريه ردت عليها بنفس البصه وبعد مالعيون ردت على بعضها نزلت عديله تبرطم على حوريه نفس البرطمه اللي كانت تبرطمها وهي طالعه.


وعدي اليوم بكل مافيه وبكل ماشال للناس من وجع وتعب وعيا، وعلى آخر النهار قدر توفيق ينزل في الحوش تحت لما سمع حس ولده صفوت وعمه نعيم، ومن حسهم الفرحان عرف إنهم أكيد تتموا الشروه بتاعت اللودر، وفعلا اللي حسبه لقاه وأول مانزل باركله أخوه وولده ووروله العقد وخده نعيم يبصصه عاللودر اللي كان صفوت موقفه قدام الباب، وع العجل اللي كان مربوط في الجنينه ومستني مخلوف يفضى ويدبحه ويفرقه هو وأبو دراع عالحبايب والغلابه، ورجع توفيق للبيت مع نعيم وهو فرحان، وقعد جار أمه اللي شافت الفرحه فعنيه وقالتله:


وشك رد من شوفة المعيشه الجديدة. ربنا يطعمك خيرها ويكفيك شرها يارب ياحبيبي.


توفيق: آمين يمه، يطعم الدراري الطالعه للدنيا جديد داي عاد، أني خلاص يلا مسك الختام.


عديله: ربنا يعطيك طولة العمر ياولدي إنت لساك عشت أيه ولا شفت إيه من الدنيا دانت العمر كله قدامك.. وإتبسمت وكملت كلامها وهي واعيه شام طالعه من الموطبخ:


عارف ياتوفيق الخير الجديد ديه جه على وش شامه، البنيه داي قدما اخضر ووشها وش خير عالبيت.


توفيق وهو عيبص علي شام ويهز دماغه بتأكيد لأمه:


كلامك صوح يمه، علي وشها السمح جه الخير صوح.. ونادي علي واد صفوت الكبير ممدوح وقاله:


ممدوح، إنت ياد تعالى إهنه.


وجاله ممدوح يجري بعد ماساب العجله اللي كان عيلعب بيها واللي معموله من فلاتر الجرار القديمه والجريد، ووقف قدام توفيق وقاله:


أيوه ياسيدي عاوز ايه؟ 


توفيق حط يده فجيبه وطلع فلوس ومدها لممدوح وهو عيقوله:


خد ياممدوح الفلوس داي وروح الدكان، وتجيب من كل حاجه في الدكان حاجتين تلاته وتملا كيسين كبار وتحط فيهم لب وتسالي وتجيب ٦ براطيم عصير قها فكيس لحالهم وتجيبهملي إهنه قوام. 


ممدوح بص للفلوس اللي فيده بإستغراب وقال لسيده:


بس دول كتير قوي ياسيد؟ 


توفيق : ماني عايزك تجيب كتير يابجم، تجيب بكل ديه محلويات أمال اني لسه كنت عقولك ايه يابوا مخ زنخ كيف مخ عمك كرار حتي شكلك طالع كيف شكله الله لا يعطي امك العافيه عشان مكنت فيه وجابت كيف الطبع والصوره. 


وبعد الكلمتين دول مشي ممدوح من قدام جده طوالي يشتري، وبعد شويه عاود ومهو ماسك كيسين كبار بالعافيه كان ماشي بيهم، وحطهم جار جده وأخوه جه جري عليه أول ماشافه، والتنين قعدوا جار جدهم اللي فتح الكياس وشاف اللي فيهم، واتوصى بكيس عن التاني وخد الناقص إداه للعيال وقالهم ياكلوا منيه ويروحوا يدوا لحريم البيت ويتوصوا ببدور عتحب التسالي، أما الكيس التاني فأداه لأمه وقالها أديه لشام تخليه فأوضتها وتاكل منيه وكت ماتحب ولما يخلص تقول عشان يجيبلها غيره. 


وعديله خدت الكيس منيه وإبتسمتله برضى، ونادمت على شام وادتها الكيس وقالتلها إنه من أبوها توفيق، وشام أول مافتحته وشافت اللي فيه غصب عنها خشمها أنفرج عن إبتسامة فرحه برغم كل اللي فيها، وتوفيق أول ماشاف إبتسامتها الحلوه وسنانها اللولي ظهروا من مجرد شوية تسالي حس كد أيه إنها لساها عيله صغيره، وإنها معاوزاش أكتر من مجرد طبطبه وإتنهد وهو معارفشي يدعي علي كرار بسبب عمايله فيها ولا يدعيله بالهدايه عليها، وفي الأخر إستقر إنه يدعيله ربنا يبعد أذاه عنها. 


اما شام فشكرت توفيق ودخلت أوضتها وهي حاضنه الكيس وحاسه بفرحه، وقعدت علي فرشتها وفتحته وبدت تطلع منيه التسالي وتاكل منهم، ونست خالص إن حوريه باعتاها تعدل الطبالي وتمسحهم عشان يحطوا الوكل، ماافتكرتش وقامت منتوره غير وهي سامعه حس حوريه عيلعلع في الحوش بالشتيمه عليها. 


وطلعت شام وقوام إبتدت تحط الطبالي في الحوش فوق القياس الحلف وتمسحهم، ودخلت ورا حوريه تجيب الوكل مع الحريم، واللي كان عباره عن وليمه من البح والوز اللي جابوه اهل شام، واللي توفيق لما لقاه كتير قال لسلام يطلع منيه لأبو دراع ومخلوف نايبهم. 


وقعد الكل وكلوا، والحريم كلوا في الموطبخ، ولأول مره شام تقعد تاكل معاهم وكد أيه حست بغرابه وهي شايفه وكلهم اللي كنهم عياكلوا وحد طاير وراهم، وكل بمنتهي السرعه، وقوام الكل قاموا، مفضلش عالطبليه غير شام وعدويه، وطبعاً إتكسفت شام وهمت عشان تقوم زيهم بس عدويه داست علي رجلها رجعتها تقعد تاني وهي عتقولها:


ونى الوكل عذره معاه يابنيتي، وانتي وَنيه وأني سناني متخلعه وعاكل على مهل مليناش دعوه بيهم، كلي كلي دا الوز بتاع امك عفي وشايل لحم كتير وطعمه مسكر هي عتزغطه أيه؟ 


شام: أمي معتزغطش طير عتسيب الطير علي وكل خشمه عشان عنسعوا كتير ومهنلاهموش زغيط. 


عدويه: اممم يوبقي عاد، بس والله لحمه مسكر! 


شام: بالهنا والشفا ياخاله. 


كل كلامهم مع بعض وودودتهم كانت بدور شايفاه وهبت فشام وهي عتقولها:


ماكفاياكي ياسنيوره وكل وتشبعي وتقومي، ولا هتقعديلنا طول النهار تقرطفي في الوكل قرطيف، ديه على رأي المثل كلى وكل الجمال وقومي قبل الرجال.. وانتي عتنسي نس كيف العنزه العيانه إكده ليه؟ 


عدويه لبتها بدور: ماتهمليها تاكل علي راحتها يابدور مالك بيها؟ 


حوريه بزعيق: إنتي اللي تهملي بدور تعلم الهامله داي وتوريها عوايدنا، وبعدين ماكلامها صوح واللئيمه داي اديلها ساعه عتنس فالوكل نس ومقايماش من ع الطبليه؟ 


وإهنه قامت شام من علي الوكل وهي عتحمد ربنا، وراحت عالطرومبه تغسل أديها، وبعدها مسكت السباطه وإبتدت تكنس في الموطبخ عشان تهروب من غسيل المواعين. 


وعدى اليوم وجه الليل، وشام دخلت الأوضه وراحت على فرشتها اتلكلكت ونامت أو عملت حالها نايمه عشان لما يعاود زفت الطين يلقاها نايمه ويحل عنيها. 


وبالفعل عدت الليله سلامهات، وبعدها عدى يوم ورا يوم، ولحد اليوم التالت من اليوم اللي إتقرب فيه كرار من شام، 


دخلت شام الحمام عشان تتسبح قبل ماكرار يعاود من بره ، وطلعت ومكانش فيه حد في الأوضه، وراحت على الصندوق بتاع خلجاتها عشان تجيبلها جلابيه بدال اللي وقعت منيها في الحمام غصب عنها، وبعد ماطلعت الجلابيه وخلعت اللي عليها عشان تبدلها، إتفتح الباب ودخل منيه كرار على غير ميعاده، وبمجرد ماشاف شام ومونظرها وقف متسمر في موطرحه وهو عيتأمل اللي عينه شايفاه واللي غيب عقله للمره التالته وخلاه فقد الإدراك وسكر بخمر الأنوثه الطاغيه اللي قدامه. 


يتبع


نفق الجحيم ٢٥


شام بمجرد مالباب إتفتح، بسرعه حاولت تلبس أي حاجه من الصندوق تستر بيها نفسها، وخصوصي وهي واعيه الشر فعيون كرار، ولبست جلابيتها قوام، لكن بعد أيه واللي شافه كرار منها اتطبع فعقله وطير منيه كل العقل وإحتل هو مكانه. 


وعرفت شام اللي ناويه كرار بمجرد مابصت لعيونه وشافت فيهم نفس الجوع اللي عتشوفه كل مره قبل الإغتصاب مباشرةً.


وبالفعل قد كان، وقرب عليها كرار بخطوات بطيئه وانفاس تقيله وشدها من دراعها بعنف من غير كلام وجرها علي السرير كيف البهيمه وإبتدا ياخد منها بالغصب اللي عياخده كل مره.


أما شام فالنوبادي لا صرخت ولا دمعت، ولا حتي إتألمت بصوت، وعاشت كل حاجه وهي شبه جثه مفيهاش حياة، ولا ليها رد فعل لأى حاجه كرار عيعملها فيها، 


وديه لانها اقنعت نفسها إن ديه هيحصل معاها دايماً ولازمن تتعود عليه، وسواء إتألمت أو صرخت أو عملت عمايلها هي عارفه إن محدش هينجدها من بين أديه، فقالت توفر طاقتها اللي هتخسرها في المهابره.


اما كرار فسكوتها النوبادي وإستسلامها كان مخليه مستمتع لأقصي درجه، لكن من وسط إستمتاعه ظهرله طيف همام والسيد وإفتكر اللي عكنن مزاجه، وبدون وعي لقي حاله عيقسى على شام ويتعامل معاها بعنف، وكل مايقسي وميسمعش منها الألم اللي يشفي غليل قلبه منيها يزيد فقسوته عليها، 


وشام كل اللي عيملته إنها فضلت تقول يارب هونها في سرها لغاية ماالمعاناة خلصت، وبعد عنها اخيراً كرار وهملها تاخد نفسها بتعب كيف وحده كانت على شفى الموت وفارقتها الروح وردتلها من تاني.


قعد كرار علي حيله علي السرير وهو حاسس بضيق ومعارفش يعمل فضيقه إيه، 


وينسى كيف اللي عيمله همام والسيد فمرته، واللي مخلي خلايقه دايقه أكتر إن البت جميله جمال ميتقاومش، ولولا اللي حصلها ديه كان بقاله معاها إحساس تاني خالص،


 وحتي كان هيبقاله معاها معامله تانيه، لكن كل ديه مع اللي جرالها بقى من رابع المستحيلات جواه، 


وفلحظه إتخيل روحه قاعد وسط الناس وهمام والسيد جم عليه، وقعدوا جاره وعايروه باللي عيملوه فمرته قدام الناس كلها، والناس عرفت إن مرته إتنين وطئوها قبله، وإهنه حس بالنار إشتعلت فبدنه كله، وبدون وعي لف على شام اللي كانت باصه للسقف وساكته، وبحيله كله نزل علي وشها بقلم، وبحسه كله زعق فيها:


قومي فزي هاتيلي بستلة ميه أتسبح قامت قيامتك يافاجر يابت الليل


شام كل اللي عيمله فيها كرار إتحملته وإتحاملت على روحها عشان ميبانش الوجع عليها، لكن كلامه الأخير ليها مقدرتش روحها تتحمله، ولا قدرت تتحكم فدموعها اللي خانوها ونزلوا كاشفين ستار القوة عن ضعفها، ومبيبنين لكرار إنه نجح أخيراً فإنه يوصلها لإحساس الوجع مهما حاولت تداري ديه عنه.


وقامت شام من سكات تنفذ أمره وهي عتلملم فخلجاتها وتلبسهم، وعتلملم فوجعها وتحاول ترجعه جوا قلبها من تاني وهي عتمسح دموعها الغداره، وعتحاول تشوف لو باقيلها شوية كرامه تلملمهم لكنها للاسف لقت كرار مبقلهاش من كرامتها ولاذره وكله رماه عالأرض وداسه تحت رجليه.


ودخلت الموطبخ وعاودت بالميه وودتها لكرار في الحمام ودخلتله غيار وراحت على فرشتها عالأرض.. قعدت عليها وغمضت عنيهاوهربت بخيالها ووصلت حدا خياتها، ودخلت مابينهم في الفرشه وإتدفت فحضنهم كيف ماكانت عتعمل، وسمعت حس أبوها وزعيق أمها عليها، وشافت ضحكة صابر، وكلامه الحلو ليها رن فودانها ومس روحها، وشافت روحها وسط البنته في البندق، واللعب وصوت الضحك ملعلع، وحكاويهم الهبله عن العشق والجواز والخلفه والبيوت والحياة الحلوه اللي مستنيه كل وحده فيهم، والسعادة اللي كانوا عيمنوا قلوبهم بيها، وكل ديه كان ممزوج بصوت صفارة القطر وهو عينادي عليها، ويزعق من جوفه ويقولها اتوحشتك وجيتك في الميعاد يارفيقة الروح.. 


وكل إحساس من دول خدها من الواقع اللي هي فيه ونقلها على بساط الريح لحياتها اللي اشتاقتلها واشتاقت ليوم فيها.. 


لكنها للأسف عاودت قوام من إهناك علي صوت خطوات كرار وهو طالع من الحمام ينشف فدماغه بالبشكير، 


ونظرته الساخطه ليها وقعتها من فوق البساط اللي كانت طايره بيه فوق كوم شوك، 


وبضعف قامت عشان تجيبلها بستلة ميه وتتسبح هي كمان وتزيل كل أثر لكرار ولمساته المكروهه من فوق بدنها. 


وخلص الليل وصبح الصبح والكل إتجمع عالفطور، حتي توفيق اللي بقاله ٣ ايام يفطور فأوضته وعلي سريره من التعب والعيا نزل النهارده يفطور وسطهم، 


بعد ماحس إنه إتحسن هبابه، واثناء الفطور توفيق بص حواليه ومشافش كرار قاعد وسطهم، فبص لشام اللي كانت عتنقل الفطور للطبالي مع الحريم وقالها:


أدخلي ياشام صحي جوزك قوليله ابوك عيقولك قوم عشان هتندلى الشغل مع الرجاله النهارده بكفاياك رنجخه وراحه لحد إهنه. 


سمعت شام كلام توفيق وراحت عالأوضه تصحي كرار وهي متغصبه ومعاوزاش تكلمه ولا تحتك بيه، لكنها متقدرش تعصى أمر كبير البيت ولا تحتال عليه، فدخلت ووقفت قصاد سرير كرار وفضلت تتأمله كام دقيقه وتتأمل ضعفه وهو نايم، وكد ايه إتمنت إنها تستغل لحظة ضعفه وغيابه عن الوعي بالنوم، وتتخلص منيه بأي حاجه تغرزها فقلبه كيف ماعيغرز خنجر فنص قلبها وروحها كل مايقرب ناحيتها بالغصب او يهينها ويعايرها باللي مليهاش ذنب فيه ويذلها باللي مش فيها..وفعز تفكيرها إبتدت تتلفت حواليها علي حاجه تنفذ بيها أمنيتها.. 


لكنها عاودت لصوابها وهزت دماغها بأسى على قلة حيلتها، وبحس مخنوق ومش عايز يطلع ندهت عليه:


كاركار.. كاركار قوم أبوك عيقولك عشان تندلي الشغل مع الرجاله.. كار.. وقبل ماتكمل كان كرار معدول مره وحده وفثانيه كان ماسك فكها بأيده والايد التانيه ماسك بيها دراعها ومقرب وشه من وشها وحدتها وهو صاكك سنانه:


إسمااااي كرااااار.. كاركار داي عربية ابوكي اللي عيجيبلكم عليها البرسيم اللي عتطفحوه.. من اهنه ورايح إسمي يتنطق مغلوط هقطلعلك لسانك اللي هينطقه.. ودلوك قولي وراي.. كاراااار


شام فضلت بصاله ومردتش لكن ضغطته علي فكها آلمتها وخلتها فتحت خشمها بألم وهو زاد فضغطته أكتر وأكتر وهو عيقولها:


قوليها لو عايزه تفضل فخشمك سنان.. 


ومع شدة الالم شام نطقت بصوت متقطع: *كار ار


- عيديها


* كارا  ر


- عيديها نوبه تانيه.. قالها وهو عيهز دماغها بعنف خلاها صرخت بالم:


كارار.... كرار


وإهنه كرار نشك وشها من يده وبصلها وهي ماسكه فكها بألم وقالها:


فأقل من دقيقه الاقي الميه الحاميه في الحمام خليني اتشطف واقوم اشوف همي التقيل اللي مش ناوي يحل عني ديه هو كمان عاوز إيه مني. 


قالها وقام دخل الحمام، وشام اتحركت قوام تجيبله الميه وتتقي شره، وبمجرد طلوعها من الأوضه اتنين بس لاحظوا إن فيه شى حصل معاها من حمار وشها وزردته المش طبيعيه.. 


الأول توفيق اللي خمن إن كرار ضربها علي وشها ولا عصر وشها بيده وغباوته تأهله لعمله كيف داي. 


والتاني عزت اللي حمار وشها أوحاله بإن كرار خد منيها جرعة قُرب صباحيه متمثله  فكام حبه علي وشها بعنف خلوا لونه إتغير، وفاللحظه داي غمض عنيه ودب الحسد والغيره فقلبه من أخوه اللي كل مايقول هيتعاقب على جلعه بحاجه تخليه يتربى لحاله، الدنيا تديله كل حاجه حلوه غيره هيموت عليها وهو مش مقدر قيمتها، وإتمني لو إنه موطرحه وهو اللي متجوز شام، وكل الجمال والراحه والدلع ديه ليه هو.. 


لكنه للاسف فتح عنيه على بدور وهي طالعه من الموطبخ ورايحه على أوضة ستها عديله، ورجليها عتخشول من الكياس اللي لابساهم فيها! وراسها عامله كيف عمة الرجاله وهي لفاها طاقيه ولابسه عليها قمطه خضرا، فاستغفر ربه وبص للوكل اللي قدامه وإبتدا يطلع كل قهره فيه. 


أما بدور فدخلت لستها تقولها:


ستي عايزه منك شوية حنه احني راسي إنتي سيدي ميت وحزينه عليه مهتتحنيش من الحنه اللي حداكي، واني عايزه شعري يطول قبل ماأتجوز وجبت (قَرَضّ) دقيته وملاقياشي حد يجيبلي حنه.. واطلعي افطوري الفطور جهز بره. 


عديله: مهفطورش بره هاتيلي الفاطور إهنه، اني الطبليه اللي ميقعدش عليها توفيق ولدي قبلي مهقعدش عليها. 


والحنه روحي هاتي سطل اديلك هبابه منها، واني بعد السنويه بتاعت سيدك هحني راسي عشان عهرش فيها من الشعر الأوبيض عياكلني، خلوا حد يجيبلكم حنه وحلوا عني. 


بدور: إكده ياستي؟ 


عديله: إيوه إكده.. غوري يلا هاتيلي فطور، ولا اقولك تجيبيشي انتي ابعتيلي الفطور مع أيوتها حد، خلي شامه تجيبه، وشيعيلي مندوح وسعد لو كانوا صحيوا خليني اصبح عليهم واصتبح بوشوشهم الزينه. 


بدور بزعل: ياستي أني معارفاشي إنتي مش عتحبيني ليه؟ 


عديله: ولا اني عارفه، بس اديني مش عحبك وخلاص. 


بدور: طيب مادام إكده معاوزاشي منك حنه ولا حاجه، ولا هشيعلك فطور ولا ليا دعوه بيكي ولا ليكي دعوه بيا. 


عديله: أحسن حاجه تريحي واني عخط  علي معرفتك يعني؟


وطلعت بدور غضبانه وهملت الباب بتاع اوضة عديله مفتوح، ومع فتحته عديله شافت ولدها توفيق نزل وقاعد على الطبليه وسط الرجاله!


قلبها إنشرح بشوفته زين ورايق، ونزلت من على السرير قوام وراحت عليه بفرحه وبمحبه قالتله:


نورت موطرحك ومليته ياحبيب القلب والعين. 


توفيق بإبتسامه: إصباح الخير ياست الستات، لو اعرفك صاحيه كنت دخلتلك، بس قولت تلاقيها نايمه هملها ياواد متلكلكه ودفيانه ففرشتها، وكنت هخلص فاطور واجيلك اسلم عليكي قبل ماأتوكل على الشغل. 


عديله وهي عتقعد جاره:


إني عدفى بشوفتك يادفىَ الروح، وكل العافيه عترد فيا واني واعياكم متجمعين مع بعض عالطبالي. 


تصدق ياتوفيق من يوم مارقدت واني مفيش لقمه كلتها حسيتلها بطعم، ولا حليلي زاد. 


توفيق: ربنا يخليكِ لينا ياغاليه ويحلي زادك، بس أني عايزك تعتادى عالوكل من غيري يمايه.


عديله بخوف: ليه ياولدي عتقول إكده الف بعد الشر! 


توفيق: يمه مهما كترت اللمه لابد من الفراق. 


عديله: يومي قبل يومك وتشيلني بأديك وتوديني جبانتي على كتافك إنت واخوك، والفواق يكون ليا اني.. إنت ليه عتقول الحديت اللي يخوف عالصبح ديه ياتوفيق مغصتلي بطني ياولدي! 


توفيق بشفقه: هلاويس تعب يمه متاخديش فبالك، المهم مدي يدك عالفطور يلا خلي الزاد يحلي بيكي ومعاكي ياغاليه.. 


ومد يده قبلها غمس لقمه وحطها فخشمها وهي كلتها وإتبسمتله، بس متعرفش ليه قلبها نغزها وهي بصاله. 


أما عزت فكان باصص علي سته وابوه، وكان سامع الحديت، وفاللحظه داي شاف سته فصورة أمه، وشاف أبوه فصورة كرار أخوه، وغصب عنيه عينه راحت على عمه نعيم اللي لقاه عياكل ولا يمه! 


وشاف كيف محبة أمه لأخوه ودلالها فيه قدامه ولا فارق معاه! 


وسأل روحه أمال ليه هو عيحس بنار فقلبه من ناحية كرار وهو واعي أمه ومحبتها ليه ودلعها فيه؟ وليه نفسه يخطف منيه كل المحبه داي وياخدها لنفسه؟ 


ياتري العيب فيه هو، ولا العيب فعمه نعيم اللي الظاهر محداهوش قلب يحس بالغيره؟ وفضل محتار وهو عيدور عالعله فين، وبمجرد طلوع كرار من أوضته، وقعدته عالطبليه قباله،


 وأمه اللي جات جري عليه تصبح وتسلم وتطمن عنه دوناً عن كل اللي قاعدين، عرف إن العله فأمه حوريه، وإن فيه اللي عيحتاج للمحبه وفيه اللي زاهد فيها، وإنه محتاج للمحبه عشان إكده الموضوع فارق معاه، وإن عمه من الزاهدين، أو محبته لاخوه اكبر من غيرته، وفي الحالتين هو مختلف عنه كل الاختلاف، والمشاعر واحساس الروح للإحتياج معليهمش لوم ولا اللي جوا واحد عيشبه اللي جوا التاني حتى لو الظروف إتشابهت. 


الكل فطر، وقاموا على اشغالهم، وكرار وتوفيق معاهم النهارده، 


وبعد ماتوفيق راح المواقع اللي فيها الشغل وشاف الأمور تمام، خد نعيم وراحوا على البندر يشوفوا المزادات اللي هتتعمل فشركة رصف الطرق والكباري وفشركة المقاولات الحكوميه، هتكون على أيه وشروطها أيه؟ 


وقدموا العطا علي ٣ مناقصات مع بعض ب٣ مشاريع، وبرغم إن ديه كان إنتحار للمعدات والعمال، إلا إن توفيق آيس وقدم فيهم؛ عشان اللي يطلع منهم يسد منه حق الدهب اللي خده من الحريم، ويجوز بيه عزت وبدور، ويجيب طرومبيل تاني يروحوا بيه شغلهم؛ عشان واحد مبقاش مكفيهم كلهم وعيتعبوا من الزنقه فيه وهما رايحين البلاد البعيده، ويخلص من كل المسئوليات اللي عليه. 


أما حدا أهل شام.. 


عبد الصمد عاود من الغيط وبسيمه وبشاير اتلقوا منيه البرسيم ودخلوه للبهايم، وهو فك الحمار وركن العربيه قدام الباب، ودخل وراهم البيت، واول مادخل شاف دهب مرته قاعده قدام الكانون الوالع وسرحانه وحاطه يدها على خدها، والنار سارحه من الكانون وقربت تطول طرف توبها وهي مش منتبهه، فجرى عليها عبد الصمد بخوف وهو عيقول:


هوب هوب، النار يادهب! 


النار هتلهف طرف توبك، شارده فايه ياأم البنات؟ كان يتحدت وهو عيزيح النار يم الكانون ويبعدها عن دهب


دهب وهي عتلم توبها عليها من النار:


ابدا يابو شام سلامتك، أني بس شردت هبابه وكنت عسأل روحي ياترى شام بتي عامله ايه دلوك وحالها عامل كيف؟ 


عبد الصمد رد عليها بتنهيده وهو عيقعد جارها: عرفت ان بالك وفكرك معاها. 


دهب: وهيكونوا مع مين غير معاها، حاساها اتقطفت من باطى علي غفله ياعبصمد واتاخدت من الدار للنار ياولداه وهي لساها ماعرفت قيمة البيوت ولا تعبها، والبيت اللي راحتله سياح نياح وتلاقي خدمته معتفضش وبتي قليلة حيل وقليلة مروه. 


عبد الصمد رد عليها بقسوه كدابه:


همليها تتشقلب في البيوت يادهب لغاية ماتعرف قيمة البيوت وقيمة العيشه فيها، الخدمه معتموتش يادهب والحيل معينضبش، وشام بتي عاقله وهتعرف تعيش في البيوت وتجارى أصحابها اني خابر ديه زين. تخافيش عليها شام كدها وكدود. 


دهب هزتله دماغها بموافقه وهي عتتمني من جواها إن كلامه يكون صوح وإن شام تطلع كد المسئوليه وميصيبهاش التعب ولا الكلل ودعتلها بالصبر والقوة من كل قلبها. 


اما عبد الصمد فكمل كلامه وهو باصص للنار الوالعه في الكانون:


جلال النهارد جاني الغيط وقعد جاري وفضل يتحدت معاي كيف زمان، وشفت فعنيه ندم كبير، بس اني ملقتليش نفس ارد عليه ولا اجاريه فالكلام حتي من ورا قلبي، صعبان عليا منيه ومقادرشى اصفاله غصب عني، وهو آخر لما ملقاش مني رد قام ومشى زعلان. 


دهب بتنهيده:


 بص يابو البنات، جلال غلط هو ومرته وولده وعابوا فينا وفضحونا، بس ديه اصلهم، فأنت لما ترجع تتعامل معاهم عتتعامل باصلك إنت مش بأصلهم هما، ويكفيك جيته لحد عندك والندم اللي وعيته فعنيه، وكفايه على صابر وأمه حسرتهم بسبب بت عمهم اللي متاجيش ضفر من اللي عتطيره شام إنها هتدخل بيتهم مره لصابر، بعد ماعمه حطهاله فرقبته من يومين قدام كل الناس وكتفه بيها، 


وصابر مقدرش يفلفص منيه وعاود البيت وفضل يشيل فروحه ويرزعها من الغلب، وأمه حسها كان جايب لحد إهنه وهي عتلعلع بالشتيمه على عم صابر وبته اللي عتكرهها وتكره أمها من توب الملح..وديه جزات صابر وأمه عاللي عيملوه فشام وربنا ادى كل واحد على كد ضميره. 


عبد الصمد: وه.. وانتي عرفتي كل ديه من وين وانتي قاعده في الدار معتطلعيش؟ 


دهب: حنه اخت صابر يوماتي مع بسيمه عالسطوح وعتقولها على كل اللي عيجرا فبيتهم. 


عبد الصمد بديق:


طيب نبهي على بسيمه متسألشي عن حال الناس وتهمل كل حى فحاله، وليهاش صالح باللي عيجرا في البيوت، أني خابر إنها مكيوده على اختها، بس بكفاياها طقيس وشمشيم على أخبار صابر وأهله، خلاص الخيط اللي بينا وبينهم اتقطع، ومعدش بدنا شماته فحد ولا إحنا حمل رد الشماته؛ عشان الشماته ليها قصاص يادهب. 


دهب: قولتلها أكده والله ياعبصمد بس إنت عارف عقل بسيمه، بس خلاص اني هنبه عليها تقطع هبابه من حنه إحنا معاوزينش وجع راس..وسكتت شويه وبعدها قالتله:


إلا اقولك ياعبد الصمد.. اني عايزه اشور عليك شوره وعايزاك تسمع مني،، إيه قولك شام اهي إتجوزت وارتاحت ولسِنة الناس إتقطعت، فأني عقول لو نجوزوهم غير التنين اللي إتحكم عليهم بيهم دول، وبصراحة ربنا أني شايفه إنهم هيتظلموا بجوازتهم داي. 


عبد الصمد إتنهد وهو عيرد عليها:


ومين قالك إن لسنة الناس إتقطعت؟ 


اللسنه سكتت عتاخد هدنه بس دلوك لغاية ماتتسمع عننا حاجه تخليها تشتغل، وبعدين مين اللي هياجي لوحده فيه حوالين اختها كلام وحديت ومحدش عارف الصوح من الغلط، واقل حاجه عتتقال في الاعراض الخوف عيسيطر عالعقول وخصوصي فالنسب.. والعيار اللي معيصيبش عيدوش. 


دهب: يعني أيه ياعبصمد؟ 


-يعني يادهب بناتك أهم جارك، وادينا مستنين رجوع الوادين المحكومين يتجوزوا بناتك، جالهم حد قبل مالعيال دول ياجوا ورضى بيهم، ومهمهوش اللي هيتقاله بعد مايطلع من البيت من ولاد الحلال علينا، أجوزهم واني المرتاح قبل منهم، ملقيناش ومحدش جيه يوبقي ماباليد حيله يادهب. 


دهب إتنهدت بقلة حيله وسكتت مردتش عليه، وهو كمل.. 


سيبيها على الله ياأم البنات وهو اللي عليه التدبير.. وكمل بلوم.. ودلوك قومي يلا هاتيلي لقمه أكولها عشان قلبي عيفرفط من الجوع وانتي مبقتيش واخده بالك مني ولا من صحتي اليومين دول واصل. 


دهب وهي عتقوم: 


واه ياعبصمد واني ليا مين غيرك إنت والبنات آخد بالي منهم؟ 


حالاً هجيبلك الوكل الزين كله.. خلصت كلامها وإتحركت تجيبله الوكل، وهملته قاعد وهملتله حالة الشرود اللي كانت فيها، 


وبرغم كل اللي قالهولها، الا إنه كان مأيدها فكل حرف قالته ونفسه يحصل، وحتي فخوفها وقلقها على شام كان مأيدها وقلبه كان عيحدثه زيها بالظبط إن شام مكروبه. 


جابتله دهب الوكل طوالي وكل، وبعدها طلع يتمشى في البلد هبابه، ورجليه خدوه لموطرح النفق، اللي دلوك شغالين فيه رصف وبنا وبعدها تركيب بلاط، 


وسأل على توفيق عشان يطمن منه على شام، لكن العمال قالوله إن شغل الحفر والمعدات بتاعة توفيق خلص، ودلوك شغل مقاول بُنى غيره خالص، 


وإن توفيق معادلوش رجعه إهنه تاني. 


وعاود عبد الصمد لداره وهو متحمل بيخيبة أمل، بعد ماكان مستني يسمع أي خبر عن شام يبل ريقه اللي نشف من الخوف والقلق عليها،وخصوصي بعد مادهب أكدتله إحساس الخوف اللي جواه بإحساسها المماثل. 


أما في الموقع الجديد


المشروع النوبادي كان حفر أساسات مجمع سكني حكومي، وكرار كان راكب لودر وعزت لودر، وسلام ومعروف كل واحد كراكه تشيل التراب وترميه علي جنب وعزت وكرار يشيلوه باللوادر ويعبوه على المقاطير، 


وعزت وكرار طول الوكت كل واحد فيهم عمال يعلى على التاني في الشغل عشان يثبتله إنه أحسن منه. 


وبعد يوم طويل من الشغل، إتهد فيه حيل الكل، عاودوا البيت، وإتغدوا وكل واحد راح على أوضته يقعد مع مرته وعياله هبابه، وكرار دخل لأوضته ونام من التعب محسش بروحه، وشام شافت حالته وحمدت ربها إن الشغل هده وإتمنتله هدت الحيل دايماً عشان تأمن شره. 


أما في مكان تاني بعيد 


السيد وهو ماسك السباطه وعيكنس: همام هو إحنا هنعاودوا البلد ميته؟ 


همام وهو عيخدم البوظه ويخففها بالميه:


أني كام نوبه اقولك بزيادة منيه السؤال ديه وأقولك لو عايز تعاود غور حدش ماسكك، إنت معتتعبش اني تعبت من رطك ياخي! 


السيد: يابوي عسأل سؤال بس، هو السؤال حرم؟ 


همام: له محرمش بس عيدايق، وكذا نوبه اقولك معرفش هنعاودوا ميته معرفش، بس الاكيد مش دلوك خالص.. عالاقل بعد كذا شهر لما الموضوع يكون اتنسى وإتحل بعيد عنينا. 


السيد بشرود: 


كذاااا شهر؟! 


همام وهو عيكمل الشغل اللي فيده.. إيوه كذا شهر، كذا شهر ليا اني، اما إنت فتقدر تعاود ميته ماتحب، ولو سمعت سؤالك ديه تاني هخليك نايم واخد خلجاتي واهملك واروح بلد تانيه وأخلص من نقك وزنك. 


السيد رد عليه بخوف أحسن ينفذ تهديده ويعملها صوح:


له يابوي خلاص، اني مهتكلمش تاني ولا هفتح خشمي بس أمانه عليك ماتهملني أني لا هعرف اخبب ولا اطبب من غيرك. 


همام وهو عيرفع سطل البوظه علي خشمه ويشرب منيه يشوفه اتظبط ولا له:


طيب تمام بس يارب تطلع كد كلمتك.. 


وبعدين اني مخابرش إنت مستعجل علي الرجوع عالبلد ليه ياخي، ماادينا قاعدين في الغرزه اللي صاحبها هملهالنا خالص وعنشربوا بوظه ببلاش لغاية مانشبعوا، وعنخلوا الناس تسكر وتدرمس وناخدوا الحشيش من جيوبهم من غير مايحسوا، وعنعمروا الطاسه، ومبسوطين وآخر السطه وكله بلوشي، أني معارفشي إنت عتتبطر عالنعمه ليه؟ 


واثناء كلامه مع السيد بص بره الغرزه وشاف بنيه معديه وهي شايله البلاص فوق دماغها ورايحه تملاه، بصلها همام من فوق لتحت بتفحص، وبعد السطل عن خشمه وراح وقف على باب الغرزه وفضل متابعها بعنيه، 


وهو عيفتكر الليله اللي عمرها ماهتروح عن باله، واللي إتمني إنها تنعاد تاني بكل تفاصيلها، وشيطانه أكدله إنها مش أمنيه بعيده وإنها ممكنه، بس المهم إنه النوبادي يخفي روحه زين وميخليش أي حاجه تدل عليه، وبرغم إن الغرزه كانت عتاجيلها غازيه ويقدر يعمل معاها اللي هو عاوزه، بس البنات البداره اللي عياخد شرفهم هو أول واحد عيكون إحساسهم غير.. 


يتبع

تكملة الرواية من هناااااااااا


لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله الجزء الاول من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا





تعليقات

التنقل السريع