رواية نفق الجحيم (الجزء الثاني) الفصل السادس وعشرون والسابع وعشرون والثامن وعشرون والتاسع وعشرون والثلاثون بقلم ريناد يوسف كاملة
رواية نفق الجحيم (الجزء الثاني) الفصل السادس وعشرون والسابع وعشرون والثامن وعشرون والتاسع وعشرون والثلاثون بقلم ريناد يوسف كاملة
نفق الجحيم الجزء الثاني الفصل السادس والعشرون
❈-❈-❈
خلص ممدوح شرب الشاي مع ابو دراع وشافها طالعه من البيت، اتبسم للشمس اللي نايمه على وشها، واللي وقت ماتهل بنورها تنور الكون كله وتدفى قلبه بمشاعر حب صادقه، من صغره وهي نبتت فقلبه وكبرت معاه وضللت على كل كيانه، وجذورها اتأصلت في روحه،
فقام طوالي بعد ماساب كباية الشاي جاره وبخطوات سريعه راح عليها ووقف قبالها وسألها بنبره حازمه بعكس اللي جواه من محبه وحنيه ليها:
رايحه على وين ياربيعه، وبعدين اني مش منبه عليكي الف مره تقللي من الخلج الملون اللي عيزغلل العين اللي عتلبسيه وتبطليش فرفير بيه ديه في البيت والجنينه!
أيه قصدك يعني من مخالفة كلامي؟ عايزه تخلى العيون كلها تجري وراكي منين ماتروحي وانتي مزغللاها بالاوحمر والاصفر؟ وبعدين كني واقعدي في البيت وقللي الطلعه عالجنينه قلتلك الف مررره.
ردت عليه ربيعه بنبرة غضب وغل وهي عتحط يدها فنصها وتزعق بعلوا حسها:
إسمع ياممدوح اما اقولك، اني حدش يتحكم فيا ولا يقولي اقعدي ولا اطلعي، ولبسي هلبسه علي مزاجي وكيف مااحب، ولا كمان حتى لبسي عايزين تتحكموا فيه، مش كفايه متحكمين فوكلي وشربي وانفاسي، مش كفايه الذل اللي شايفاه من ابوي ومرته واخواتي، هتاجي إنت كمان تزود عليا الهم ليه هي ناقصاك؟
حل عني اني مناقصاكش، قال مطلعش الجنينه قال، طب وهو اني عطلع فين غير للجنينه، عطلع زيكم ولا اروح مدارس ولا اتعلم، عشوف الدنيا والناس كيف ماانتوا عتشوفوها؟
مستكترين عليا إني اتمشى جوا القفص اللي محبوسه فيه، مستكترين عليا إني البس حاجه زينه زي الناس والخلق، دا ايه الكهن والجبروت اللي فيه ناس البيت ديه؟
ممدوح بنبرة حنيه:
يابت عمي افهمي، مش كل اللي ينهاكي عن حاجه تكون نهوته نابعه عن كره، النهوه ساعات عتكون نابعه من محبه وخوف.. وسكت لحظات وكمل.. (وغيره)
ردت عليه ربيعه وهي عتتحرك من قدامه بغضب ناحية شجرة الليمون:
واني ولا عايزه نهوه نابعه عن محبه ولا عن خوف ولا حتي عن غيره، ولا عايزه حد ليه صالح بيا من اصلو، وبعدين اني لا بت عمك ولا اعرفك ولا تعرفني، يوبقي لا ليك عليا كلمه ولا نهوه.
والحديت ديه حديت عمك بذات نفسه اني مجيباهش من عندي، مش هو اللي كل هبابه يقولكم دي مش بتي ولا بت عمكم، مش هو اللي مغربني وسطكم ومطلعني بت حرام، مش لما عتشوفوه عتخنسوا وتخافوا تقولوها وانت بالذات عتبلع لسانك!
يوبقي ليه من وراه بت عمك ومن قدامه شي تاني؟
اسسممع ياممدوح، هملني فحالي وخليك فحالك، خليك فمدرستك وعلامك ودفترك وكراستك وطلعتك ودخلتك من البيت ومتجيش تديق عليا اني انفاسي، الواحد فيه اللي مكفيه.
اتبسم ممدوح وهو عيروح وراها تحت الشجره ويتلافالها اللمون اللي عايزاه وقالها:
قولتلك الف مره تعالى اعلمك القرايه والكتابه انتي اللي مراضياشي، قولتلك اقعدي جاري واحكيلك كل اللي عشوفه بره اسوار البيت ديه واخليكي كيف ماتكوني معايا فكل خطوه عخطيها وانتي اللي نافره مني ومن قعدتي ومن قربي،
غلبت اقولك يابت عمي قربيلي وافهمي عليا وجاريني فاللي فقلبي ليكي وانتي اللي قافله من تلاي خالص اعملك ايه يعني؟
ردت عليه ربيعه بعصبيه مكتومه:
واني لا عايزه اتعلم ولا عايزه حد يحكيلي حاجه، ولا عايزه اقرب من حد، اني بس عايزاك انت وغيرك من ناس البيت ديه تبعدوا عني وتهملوني فحالي،
وحلال عليكم عيشتكم وحلال عليا عيشتي واني راضيه بيها، بس هملوني اعيشها كيف مايحلالي زي ماانتوا عايشين حياتكم كيف مايحلالكم، هملوني في الظلم اللي عايشه فيه اني وامي علي يد كرار الظالم ومرته.
خلصت كلامها ومدتله يدها وخدت منيه اللمون، ولفت عشان تمشي، لكنها شهقت وهي عتتخبط فحد كان واقف وراها بالملي، وبمجرد مارجعت لورا خطوه ورفعت وشها عشان تشوفه هو مين، اتفاجئت بكف قوي نزل على وشها خلاها فقدت التوازن ووقعت عالأرض،
وأول ماوصلت الارض صرخه طلعت منها رجفت قلب ممدوح وخلت أبو دراع اللي كان ملهي فغنماته انتبه وراح عليهم جري.
أما ربيعه فرفعت يدها وبصتلها بألم وهي واعيه فرع شجره بسن مغروز في كفها فاتحها،
ورفعت عيونها على ابوها بعتب، وكالعادة مشافتش فعيونه ناحيتها غير كل قسوة وجبروت، فكتمت المها وهي عتحاول تشيل الفرع، لكنها مقدرتش فطلع صوتها بالبكى مره تانيه، وفي اللحظه داي قعد ممدوح جارها على ركبه ومد اديه عشان يساعدها فى سحب الخشبه من يدها؛ لكنها بعدت يدها عنه برفض لمساعدته، ومدتها لأبو دراع اللي كان وصل حداها وعيقعد جارها يتحرى عن وضعها، وأبو دراع بقلب جامد سحب الخشبه من يدها فحركه سريعه،
وبس عيمل إكده وشاف الدم سال من يدها وقف وبكل غضب الدنيا مسك كرار من قب جلابيته بيد واليد التانيه فيها فرع الشجره اللي كان فيد ربيعه ورافعه في الهوا ومن بين سنانه قاله:
اغرزه فعينك دلوك وادوقك الوجع كيف يكون؟
اني مش منبه عليك وقايلك إن ربيعه فحمايتي ويدك متتمدش عليها واصل طول ماني عايش، عتخالف كلامي ليه هاااا.
رد عليه كرار وهو عينشك يده من جلابيته:
اوعى يابو دراع خليني اربي الفاجره بت الفاجره داي، انت مشوفتهاش عتتحدت عني كيف من غير حيا ولا خشا، مشفتش قلة ادبها وهي عتحكي مع ممدوح واد اخوي وتزعقله كيف مايكون شغال حداها!
رد عليه ابو دراع بسخريه:
وعايزاها تتكلم عنك كيف ان شاء الله، تمجدك وتمدح فيك وتذكر اسمك بكل خير بعد اللي إنت عامله فيها! وبعدين لو علي ممدوح هي وواد عمها يتحدتوا كيف مايتحدتوا ليكش صالح بيهم ومتتدخلش بينهم.
كرار بغضب:
مش واد عمها ولا هي بت عمه واياك تنطوق الكلمه داي تاني يابوا دراع، داي مش بتي، داي بت حرام، وإن كنت زمان جبرتني اني اكتبها على اسمي فأني لايمكن هعترف بيها ولا هتكون من دمي واصل.
خلص كلامه وسمع ممدوح عيرد عليه بمنتهي العصبيه:
بس اني معتبرها بت عمي ومتوكد انها بتك كمان ورايدها وعايز اتجوزها على سنة الله ورسوله وطالب يدها منك بالاصول وبالحلال.
رد عليه كرار وهو عيبص لربيعه بغل:
واني عقولهالك ياممدوح، البت داي عمر دمها ماهيختلط بدمنا ولا هتكون ام لولاد عيلتنا، صوح هي خدت اسمي، بس عيالها هياخدوا اسم راجل غريب عن العيله، وحكاية انك رايدها وعايز تتجوزها والحديت الخايب ديه تنساه وااااصل.
خلص كلامه واتحرك على البيت، وهمل تلاته قلوبهم عتغلي نار من عمايله وكلامه، وبالذات ربيعه اللي وجع روحها اكبر من وجع جرح يدها بكتيير.
أما ربيعه فبعد ماخدت نصيبها من أبوها عاودت للبيت باللمون والدم مغرف جلابيتها، وبمجرد مادخلت الموطبخ لأمها وشام شافت الدم شهقت وجريت عليها وهي حاسه الدنيا عتلف بيها من الخوف، وبمجرد ماوصلتلها ابتدت تفتش فيها وتشوف الدم اللي مغرق خلجاتها جاي منين، وأول ماشافت يدها والجرح اللي فيها سألتها عن سببه، وربيعه حكتلها كل حاجه، فنزلت دموع شام على بتها بقهره، ورفعت كف يدها اللي سبق وكرار عمل فيه علامه بحرق نار مراحتش ابداً برغم السنين اللي فاتت، وقربتها من يد بتها وشافت إن جرح ربيعه فنفس اليد ونفس الموطرح، وكأن كرار عيعيد الظلم من أول وجديد، وكأنه حوصول اللي كانت خايفه منيه وبتها هتقاسمها فحظها العفش للنهايه، وحتى الجروح عتنعاد هي هي
❈-❈-❈
دخل كرار البيت وبوشه راح على اوضة أمه فتحها ودخل فيها، وقعد عالسرير موطرح ماكانت تنام ،
ومسد على فرشتها واتنهد وهو عيفتكر ذكرياته معاها وجرحه ليها بالكلام وتفضيل مرته عليها فلحظة غباء، وكيف كب فى الارض كل حبها وتفضيلها ليه دوناً عن اخواته وعن الدنيا كلها،
ومفتكرش ليها غير موقف واحد، دمر بيه حياته وكسر قلبها، ووصلها انها ماتت مكموده وحيده فأوضتها من عمايل شوقيه فيها، واللي مقدرش يحميها منها ومن جبروتها،
شوقيه اللي كان خابر إنها عتعذب كل فرد في البيت بطريقه مختلفه وساكت ومهملها كيف ماتكون السكينه سارقاه، أو كيف مايكون مسحور عياجي حداها وعقله يوقف وكل تفكيره عيتشل والخوف منها ومن اللي ممكن تعمله فيه عيسيطر عليه بالكامل.
وقف وراح على دولابها وفتحه ومسك جلابيه من خلجاتها وضمها لصدره، ونزلت دموعه بغلب وقلة حيله على حياته اللي جايبها من اولها غصب بغصب،
وكل حاجه عتجرا فيها مش على هواه، من أول شام وبتها لحد شوقيه وعمايلها.
وكانت هي الوحيده اللي مهوناها عليه.
خلص نوبة بكاه وزعله وحط الجلابيه تاني موطرحها وقفل الدولاب، وطلع من جيبه الفلوس اللي كل يوم عيخنصرها من شغله وحطهم مع اخواتهم في الشكمجيه بتاعة امه وقفلها بقفلها، وحطها جوا الدولاب وقفل الدولاب بقفله وحط القفل فجيبه، وطلع وقفل باب الاوضه بقفله، ومشى ووهو عيحسب فيهم ويشوفهم قربوا يكملوا حق قراط ارض ولا لسه، من اللي عيحوش ويشتريهم من ورا شوقيه عشان يحس ان معاه حاجه يتسند عليها وقت ماتغدر بيه الحيه اللي انيها فبيته.
ويادوبك طلع ومشى كام خطوه في الحوش وشافها نازله من فوق، وقف موطرحه وبصلها وهي جايه عليه وفى عيونها اتهام صريح ليه بخيانته ليها مع شام، وخصوصي وهي عتمد رقبتها وتبص جوا المطبخ، لكن كرار كان أخر همه شوقيه واتهاماتها، فهملها واقفه موطرحها واتخطاها وطلع على اوضته فوق يرتاحله هبابه.
❈-❈-❈
أما في أوضة بدور وعزت
بدور: عقولك ياعزت ايه رأيك نخلفولنا عيل رابع.
عزت:
ماتخلفي حد حايشك؟
بدور: وهخلف لحالي يعني ولا ايه؟
عزت رد عليها بعدم اهتمام:
ايوه مش انتي اللي عايزه تخلفي، خلفي لحالك اني معاوزش اخلف، ولو يوم عوزت اخلف اني هخلف لحالي، معرفش كيف بس هتصرف يعني.
بدور بصتله ومتكلمتش وهو قالها بأمر:
قومي اعمليلي بصايه قومي وبزيادانا ال٣ قرود اللي جايباهملنا، قومي احسن النوبادي تاجي بت وتاخد شكلك وتوبقي نصيبه سوده على راسنا.
بدور بزعل:
ليه يعني وهو اني عفشه ولا عفشه؟
عزت بيأس:
له يابوي عفشه ايه لا سمح الله، قطع لسان اللي يقول عليكي عفشه، وكمل في سره، اسم الله عالعفاشه منك.
ونزلت بدور بعدها وهي خايبة الرجا من عزت، وهملته وهو ابتدا يقارن فعقله مابينها وبين شام كيف ماعيعمل من سنين وسنين، لا كل ولا مل ولا زهق من شي عيتطلعله وهو خابر زين إنه عمره ماهيطوله،لكنه مصر عالمحاوله
❈-❈-❈
أما حدا بيت عبد الصمد
دهب:
بشاير، يابشاير.. يلا همي يابنيتي علقي عالطبيخ جوزك وعيالك زمانهم على جيه وانتي عتعوقى عليهم قوي فى الوكل وهما عيعاودوا لهفانين وواقعين من الجوع.
بشاير ردت عليها وهي عتقوم بصعوبه:
والله يمه المفروض اني مااقوم ولا اعمل حاجه، اني النوبادي حاسه إن بطني فيها حجر تقيل مش عيل لا قادره اميل ولا اتعدل ولا اتحرك حتى منها.
دهب بشفقه:معلهش يابنيتي اتحملي، ولازمن الحركه عشان تسهل عليكي ولادتك انتي فشهرك، اني لولا ماانتي وابوكي وحتي جوزك مانعيني من الخدمه والقرب عالنار والله ماكان خليتك قربتى علي طبيخ ولا غريف.
ردت عليها بشاير وهي عتقوم من عالدكه اللي جارها:
يمه طبيخ ايه بس اللي عايزه تطبخيه وعمليتك لساها خضرا مطابتش، وبعدين الداكتور محرج عليكي من السخانه، شيل المراره واعر يمه وانتي كتر خيرك المتحمله وجعه، كمان عايزه تقومي تخدميني؟
اني خابره انك لو رايقه مكنتيش هتخليني فاليومين دول احط يدي فحاجه كيف مامتعودة فكل عيل، بس معلهش خليكي انتي فعمليتك وخليكي بعيد عشان تطيبي قوام واني اهه عجاهد وعلى كد حيلي هعمل، وهما كتر خيرهم عياكلوا اي حاجه اعملها من خشم ساكت، والسيد بس يعاود من شغله يده بيدي فخدمة البيت ومعيسيبنيش،وكمان اليومين دول اني راميه كل الحمل عليه وهو شايل الحق يتقال.
اتنهدت دهب وردت على بتها بأسى:
في العاده اليومين دول لما الوحده تكل من الحبل لو ملقتش امها جارها عتلاقي خياتها البنات خُدامها، بس هنعملوا ايه فالبخت اللي فرقكم عن بعض وخلاكم كيف المقطوعين من شجر مفيش اخت تروح للتانيه ولا تشيل عنها، وحده شايله حمول الدنيا كلها وعتلف في الدنيا كيف ماتكون عتلف فساقيه عشان خاطر عيالها،وولا مره حسينا انها ولدت غير بعدها بكام يوم، ولا حد شافلها وجع طلق ولا الم مخاض..
ووحده اتسجنت ورا سور عالي ووكت ماولدت ماشفناها، واديكي انتي محتاجالهم وملاقياهمش.. اخي بس انتي اهون وحده فيهم، كلنا حواليكي وفي الولدتين كنتي تقولي الاه اقول يارب زيح وسهل واني ماسكه يدك وواخداكي فباطي واهون عليكي، وحتي دلوك اديكي وسطنا مع انى مقدارش على خدمتك، بس برضك تحت عيني.
ردت عليها بشاير وهي عتعاود وتقعد جارها تاني:
معاكي حق يمه، والله وجود الحبايب فوكت التعب بيخفف ويهون، وكتر خير خياتي اللي كل وحده فيهم شافت اليوم الواعر ديه وعاشته لحالها.. وخصوصي شام اللي كاسره القلب عليها والروح مفرفحه على شوفتها وشوفة بتها؛ اللي من ساعة ماشفناها وهي حتتة لحمه حمره مايكون ريناها تاني، تلاقيها بقت عروسه دلوك تسر العين والخاطر
دهب اتنهدت وردت عليها بوجع:
ااااخ على وجع قلبي علي شام وعلى بتها وحسرتى على شوفتهم.. بقالي ١٤ سنه عتمنى بس اشم ريحتهم وكل شوفي ليهم عيكون فأحلامي وبس، حتى الحاجه اللي عبعتها ليها ولبتها اني وابوكي لا ععرف انها عالمقاس ولا انها عجبتهم ولا معجبتهمش، ولا عايزين حاجه بعينها اجيبهالهم وابعتهالهم ولا اي حاجه واصل،
ولا عياجيني خبر منهم غير بس انهم طيبين وبخير وفأحسن حال وعيتشكروني من قلبهم عاللي بعته، ومشيعينلنا كتير السلام.
بشاير: ماانتو عتشيعولهم فلوس يمه ريع ارضهم ولو نفسهم فحاجه اكيد هيجيبوها منهم.
دهب:
يجيبوها كيف بس ومن وين وهما محابيس، لا يعرفوا ايه اللي فالدنيا جديد ولا ايه الحاجات اللي طالعه ولا يعرفوا عن العيشه غير اللي عيشوفوه جوا حيطان القبر اللي هما مدفونين فيه؟!
اكتر وحده واجعه قلبي وقلب ابوها من بينكم هي شام، انتوا عشتوا وخلفتوا وشفتوا متاع الدنيا، أما هي فمهما تشيعلي وتقولي إنها زينه قلبي حاسس إنها متعوبه وشايفه الويل، واني ليش صالح غير بقلبي واللي حاسس بيه.
بشاير ردت عليها وهي شارده فحال شام اللي صوح كل ماتيجي سيرتها القلب يتعصر من الوجع عليها ومن الشوق ليها:
إيوه الله معاكي حق يمه، قلوبنا كلنا واكلانا عليها مش بس انتي، ربنا يهدي العاصي ويفك اسرها يارب.
دهب:
بالك يابشاير اني وابوكي كل عشيه قبل ماعينا تغمض لازمن ندعوا لشام ونطلبوا من ربنا الصبر ليها، وانه يكتبلنا اللقى بيها قبل مانقابلوا وجه كريم،
بس اني حاسه إن الوشوش مش هتتلاقى غير في الاخره، ونصيبنا من القرب فى الدنيا خلص لحد إهنه.
بشاير:
ليه يمه عتقولي إكده خلي املك في ربنا كبير، وادعيه يردهالك كيف مارد سيدنا يوسف لابوه يعقوب، بس اهم حاجه الصبر يمه الصبر.
دهب:
صبر ايه تاني يابشاير داني الصبر مل مني، على كل حال ربك كبير وكريم ورحيم.. ويلا قومي اعملي اي حاجه لعيالك زمانهم جايين مش صدقتي مالقيتي الحكاوي واتبرشتي جاري قومي.
ضحكت بشاير وقامت بصعوبه وراحت على الموطبخ وهي عتتمايل وماشيه بالعافيه من حمل بطنها اللي أول نوبه تحس بيه النوبادي، غير المرتين السابقين، وابتدت تعمل لقمه سريعه يعاودوا عيالها وجوزها وابوها يلاقوها طايبه وفي انتظارهم.
أما السيد فكان في الغيط شغال اجير فزرعه جار زرعة عبد الصمد، وعبد الصمد شغال في الكام قيراط بتوع شام يفلح فيهم على كد حيله، وبس يخلص السيد يوميته كان يروح ويساعده ففلاحتهم بدون اي مقابل، وحتى ولده الصغير عبد الصمد كان يروح يساعد جده في الارض وكت مايكون فاضي، أما عمران فعرج رجله مكانش مخليه يقدر يفلح في الارض،
فكان مكتفي بقرايته ومزاكرته، وعلى كد ماكان صابب كل اهتمامه عليها كان دايماً يطلع من الأوائل.. وكان مميز وسط كل زمايله بالذكاء والقبول والطيبه، بس مع ذلك كان دايماً يشوف نظرة الشفقه في عيون امه وابوه وجده وجدته كل مايتطلعوله وهو عيمشي ويتحرك قدامهم، وكد ايه إحساسهم بالشفقه عليه كان يدايقه، وطول الوكت عيحاول إنه يبدل الشفقه فعيونهم لفخر، لكن برضك شفقتهم عليه عتغلب كل شي، وخصوصي إنه يعتبر بكرى اعز الولد وأول فرحة قلوبهم.
وبالذات ابوه اللي كل مايشوفه يقوله سامحني ياولدي اللي جرالك ديه ذنبي اني وإنت اللي شلته، بس ذنب أيه؟ وشاله ليه؟ مكنش يرضى يقوله! وكان يكتفي بنظرات الندم اللي كانت عتقتل عمران من الفضول!
❈-❈-❈
أما في بيت المقاول
شوقيه فى الموطبخ واقفه فوق راس شام وبأمر عتقولها:
خلصي الطبيخ عشان تعجني شوية دبداب نفسي فيه النهارده.
شام ردت عليها بطاعه:
حاضر اديني قربت اخلص اهه
شوقيه:
اعمليلك همه عشان عارفاكي كلامك اكتر من فعلك.. وفين المزغوده بتك راحت؟
ردت عليها ربيعه من وراها:
بتها موجوده اهه، خير عتسألي عليا ليه اتوحشتيني اياك؟
شوقيه اندارت وبصتلها وردت عليها وهي عتبصلها بغل ورافعه حاجب واحد وقالتلها:
وحش اما يلهفك مايخلي فيكي، انتي حد يتوحشك انتي، همي ياهامله على تحت البقره شيلي الظاطه واطلعي السطح قرصيها جله.
ردت عليها ربيعه وهي عترفعلها يدها الملفوفه بقماشه:
مهقدرشي اشيل ظاطه ولا اعمل جله، جوزك عملي جرح فيدي مهقدرشي احطها فحاجه، هملي الظاطه لحد مايدي تطيب يأما تخلي وحده من بدور وورده اللي معيعملوشي حاجه واصل دول يشيلوهم،
أو شيليهم انتي ياام عزام اليومين دول فيهاشي حاجه يعني
،وكمان امي مهتعملش دبداب صدرها عيوجعها من الدخان مش ضروري تاكلي دبداب النهارده.
شوقيه ردت عليها وهي عتحط اديها فوسطها:
نااااعم، بقي عايزاني اااااني مرت المقاول وبت العمده احط يدي في الظاطه؟ له يادلعدي.. الظاطه داي اتعملت للي زيك وزي امك، وحدش هيشيلها غيرك، ولو موجوعه دلوك وخاشش عليكي دم توبقي امك اللي تشيل موطرحك.. والدبداب هيتعمل النهارده يعني هيتعمل،
اني ماشيه وكمان هبابه ادخل حوش البهايم الاقيه يتلحس من عليه العسل، والدبداب جاهز سامعين ولا له، وكلامك ديه معاي اني هعرف مااخلي المقاول يحاسبك عليه ويكسرلك يدك كسر مش يعورهالك بس.
خلصت كلامها ومشيت وهملت الموطبخ.
وبعد منها شام بصت لبتها وبعتب قالتلها:
متسكتيش غير لما تجيبي لروحك الأذى انتي، طيب استلقى وعدك من ابوكي بس يعاود وتشتكيله عليكي وهو من غير حجه مسايبكش فحالك.
ربيعه ردت عليها وهي عتقعد قدام الكانون وتسك الحطب لجوه:
يعمل اللي يعمله اصلا الجته نحست والبدن اتعود على ضربه وقساوته، خليها تتفلق هي وهو.
قعدت شام جارها وبصتلها واتمعنت فيها واتبسمت وقالتلها:
تعرفي ياربيعه كني شايفه بسيمه خالتك هي اللي قدامي دلوك، نفس جراءتها ونفس طريقة كلامها، نفس بصتها للنفر اللي متكاده منيه من غير خوف ولا خشى.
اتبسمت ربيعه هي التانيه بس جات سيرة خالتها بسيمه وقالت لامها:
احكيلي عنها يمه وعن خالتي بشاير، كلميني عنهم.
شام: احكيلك ايه ياقزينه وانتي كل صغيره وكبيره عنهم عارفاها، وحاكيالك كل حاجه عشتها معاهم طول ال١٩ سنه اللي قضيناها سوا فبيت ابونا، كل مره ضحكنا فيها وكل مره بكينا فيها وكل كلامنا سوا اللي فاكراه حكيتهولك.
ربيعه بإصرار:
عيدي من تاني، قولي اكتر حاجه حوصلت بينكم وضحكتي عليها، احكيلي كمان عن حبيبك ابو قلب حديد وحبيبك التاني ابو قلب لحم ودم، احكيلي عن بلدكم عن شوارعها عن بيوتها عن اهلها، عن صاحباتك البنته عن كل وحده فيهم، عن حنه اكتر وحده كانت قريبه ليكي..
بالك يمه لما عتحكيلي عغمض عيوني واروح مع كلامك لبلدكم وادخل بيت جدي واقعد معاه هو وستي ومع خالاتي واضحك معاكم، عطلع عالبندق والعب معاكي انتي والبنته تحت المطره اللي ورثتيني حبك ليها وععشق ريحتها، عقف معاكي على سطح بيت عبد الصمد واشوف ابو قلب حديد واشاورله معاكي، واتلخبط وكت مايتفتح الشباك الاخضر ويطل منيه حبيب القلب اللي عتمني من كل قلبي لو كان هو ابوي موطرح كرار،
اكيد كان هيحبني كد ماكان عيحبك..
احكيلي يمه وطلعيني بحكاويكي من البيت ديه وخديني بره حيطانه ووريني الدنيا والناس.
وكالعادة ابتدت شام تحكى وتحكي وتحكي.. وربيعه تسمع وهي مغمضه عنيها وسارحه بخيالها، ولغاية ماتاجي عند الليله المشئومه اللي جرالها فيها اللي جرا، وتفوق ربيعه من الاحلام وترجع لأرض الواقع وتسخط على ابوها وعلى اجواز خالاتها اللي بسببهم اتولدت جوا سجن مابينلهاش منيه طلعه،وأمها عتشوف العذاب اللي ماحد شافه.
❈-❈-❈
اما حدا بيت عبد الصمد
عاود الكل للبيت واتغدو.. السيد وعياله وبشاير معاهم، وكل واحد فيهم قام يشوف اللي وراه، وعبد الصمد دخل جار دهب اللي مشتاقلها وقعد جارها ومرضيش يتغدا معاهم بره، وقال لبشاير إنه هيتغدا هو وامها سوا،
وشويه وشاف السيد داخل عليهم بصنية الوكل، واللي كان زايد عليها اصناف غير اللي شافهم عيكلوها، واللي الظاهر إن هو اللي عملها بيده ليهم،
فخدها منيه عبد الصمد واتشكره وابتدا ياكل ويوكل دهب اللي من ساعة ماعملت العمليه ونامت ففرشتها وهو ملاقيش بصاره عليها عشان ترجعلها عفيتها وتقوم من تاني وتملا البيت بخطاويها.
أما بشاير فدخلت تريح هبابه وهملت السيد بره في البيت يشوف الشي اللي عايز قضيه ويقضيه كيف كل يوم،
البيت يكنسه والمواعين يغسلهم والزيره يغسلها ويغير ميتها، ولو فيه غسيل يغسله، وقايم بدور بشاير على اكمل وجه لغاية ماتولد وتقوم بالسلامه وترجع لبيتها وشغله بصحتها.
وفى الاثناء داي سمع بشاير عتنادي عليه بنبرة صوت فززت قلبه وخلته ساب اللي فيده ورمح عليها، وبمجرد مافتح الباب ودخل شافها متوجعه ووجع الولاده باين عليها، فقوام جرى يجيب الدايه من غير مايستناها تطلبها منه،
وهو طالع فات على اوضة دهب وعبد الصمد وقالهم إن بشاير عتولد وهملهم مربوكين عيحاولوا ينزلوا من السرير كل واحد قبل التاني،
وهو رمح جاب الدايه وجه علي وجه السرعه
وبمجرد دخول الدايه الأوضه لبشاير، راح هو قوام سخنلها الميه وجابهالهم عالأوضه، وبعد ماحطها قعد واقف وعينه علي بشاير اللي عتتوجع ووشها من الوجع صاير كيف حبة طماطم مستويه، وقلبه انفطر عليها واتمنى لو يقدر يقاسمها فى الوجع كيف ماعيقاسمها فكل شي، لكن للأسف ماباليد حيله.
وبعد مافضل شويه واقف وعينه فعين بشاير اللي عتبصله بإستنجاد كيف ماتكون عتقوله حوش عني الوجع، وهو واقف قبالها عاجز متكتف، انتبه على حس الدايه وهي عتزعق فيه وتقوله:
إطلع بره يابو عمران مينفعشي تقعد جارها وهي عتولد، طول ماهي شايفاك قبالها مش هتبطل شهونه وبكيه ولا هتشد حيلها ولا هتحزق عشان تخلص العيل منها.
السيد سمع الكلام وطلع، وقعد جار عبد الصمد اللي كان قاعد مغمض عنيه وعيقرا قرآن فى سره ومفيش بس غير شفايفه اللي عتتحرك، ووشه باين عليه الخوف،
اما عبد الصمد فكان حاسس بنفس الخوف اللي كان عيحس بيه وكت ماكنت دهب مرته تولد، وفي التلات بنات كان يموت عليها من الرعب، وادي بشاير عيشته نفس الاحساس ٣ مرات كمان زيهم، وحمد ربه إنه محضرش ولادة لا بسيمه ولا شام، وكان يعرف بولادتهم بعد مايولدوا، والا كان قلبه انتهى خالص ووقف من كتر خوفه عليهم.
غابت الدايه ياجي ساعه مع بشاير، ولأول مره فولاده لبشاير تعوق إكده، وأصلا الحمل ديه كانت كاله علي غير العاده!
وبعدها سمعوا حس الضيف الجديد اللي شرف عالدنيا، ودقايق وطلعت الدايه وهي شايلاه بين بين اديها ومدته للسيد وهي عتقوله:
إمسك يابوا عمران، بنيه كيف قمع الجلاب حمار وحلاوة كيف امها، تتربى فعزك يارب، يلا شخلل جيبك بالحلاوة على ماانضف مرتك واطلعلك.
قالت كلمتها ودخلت وقفلت الباب، والسيد اتحرك ببته خطوتين وبص لوشها الصغير الناعم، وكتلة البراءة اللي شايلها بين اديه، وعرف سبب إن حبل بشاير النوبادي كان مختلف، عشان النوع طلع مختلف،
وفضل باصصلها، وقلبه دق بطريقه مش طبيعيه بخوف وهو عيتخيل لو ربنا حقق فيها قصاص اللي عيمله فخالتها، وجرالها نفس اللي حوصول لشام،
ودقات قلبه بعد مالخوف سيطر عليه زادت كيف مايكون هينفجر بين ضلوعه،
وبص لفوق بعد مابلع ريقه بخوف، واتمنى من ربه حاجه تمتم بيها بين شفايفه وبعدها غمض عيونه وضم بته لصدره وكبر فودانها،
وبعد ماخلص اداها لجدها عشان يشوفها، ووقف باصص عليها وهي فحضن جدها وفرحان بيها، واتخيله يوم ولادة بته شام وفرحته بيها بالشكل ديه، وكيف هو واصحاب السوء كسروا فرحته وفرحتها وحرموه منها وحرموها منيه بسبب لحظة شيطان، وغص واتخنق بدموع الندم لدرجة إنه حس كل الهوا اختفى من حواليه.
❈-❈-❈
أما حدا ممدوح وأبوه صفوت
ممدوح:
هاه يابوي قلت ايه؟
صفوت:
قلت له.
ممدوح بغضب: يابووووي ليه بس ليييه؟
صفوت:
عشان صوح علي قول عمك احنا معارفينش البت داي بته ولا مش بته ياممدوح، يعني مشكوك فنسبها لينا، واني مااجوزش ولدي لبت حرام ويخلف عياله منها.
ممدوح بغضب أكبر:
يابوي حرام عليك انت كمان، البت بت عمي واني متوكد، ورايدها في الحلال، وهاخدها يعني هاخدها.
صفوت وقف على حيله وبص لممدوح وبغضب سأله:
كيف يعني هتاخدها يعني هتاخدها؟ طيب اني قلت له وعايز اشوفك هتاخدها كيف غصب عني ياممدوح.!
ممدوح بإصرار وغضب اكبر من غضب أبوه:
هاخدها يابوي وهتشوف، هاخدها حتى لو هعمل فيها كيف ماعيمل عمي فأمها عشان تعطوهاني.
بقلم ريناد يوسف
يتتتبع
نفق الجحيم الجزء الثاني الفصل السابع والعشرون
❈-❈-❈
صفوت سمع جملة ممدوح اللي قالها وانضرب بالغضب، وقوام رفع ايده ونزل بيها على وش ممدوح بكف خلاه كتم الصوت، ووقف مصدوم من رد فعل ابوه اللي أول مره يضربه،
وبعد دقايق من الصدمه نزل من فوق كيف الإعصار على تحت، وهو فطريقه شاف ربيعه قاعده جار ستها عديله فأوضتها وعتوكلها وتضحك معاها، وقف شويه قبالها وهو عيراقب كل حركه منها، ومع كل حركه قلبه يحكيله لو مخدتهاش هطربق الدنيا على راسك وهوقف وهموتك وهنهي حياتك.
ومع تهديد قلبه ليه طلع على بره من غير كلام ولا حديت وهو شايط من الغضب وشيطانه عيسوله ألف حاجه وحاجه تتعمل مليهاش اي علاقه بالدين ولا بالعقل ولا بالمنطق، وكل اللي شايفه صح في اللحظه داي هو إن ربيعه بت عمه لازمن توبقي ليه بأي تمن وبأي حال.
أما صفوت فبعد مانزل ممدوح ولده نزل وراه طوالي وفضل يدور على كرار لغاية مالقاه في الجنينه قاعد مع ابو دراع، فراح عليه والغضب متجلى على ملامحه وعلى خطوات رجليه، ووقف قباله وقاله:
ممدوح مصمم يتجوز ربيعه ياكرار ولما رفضت هددني إنه هيعمل فيها كيف ماانت عيملت فأمها عشان ياخدها.
كرار وقف على حيله وبغضب مماثل رد عليه:
إيه الحديت ديه ياصفوت، إتهبل ولدك ولا ايه؟
صفوت:
كنه إكده ياخوي، الواد بت شام مخلياه مضيع عقله عالاخر ومعيعقلش اي حاجه يقولها.
رد عليه كرار وهو باصص بعيد:
الحديت ديه مهينفعشي ياصفوت، وولدك لو عيمل إكده معناها بت الحرام داي لبست فينا ومش هتطلع من زورنا، اني هتصرف وفي خلال يومين تلاته هكون عاطيها لواحد من الشغالين حداي عالمعدات، يكون غلبان ويتيم وياخدها ويتقلع بيها بعيد عننا.
سكت صفوت بعد حديت كرار، لكن الدور في الكلام جه عاللي قام وقف وسطهم وزمجر كيف اسد حد داسله على طرف، ورد عليهم وقالهم:
بالك إنت وهو اللي عتقولوه ديه كله تبلوه وتشربوا ميته.. لا ممدوح هيقدر يعمل حاجه فربيعه ولا انت ياكرار هتجوزها في السن ديه وترميها رمية الكلاب لواحد واد كلب مليهش اساس عشان تخلص منيها،
ربيعه فحمايتي وعمر ماحد هيقدر يغصوبها على شي من اللي عتقولوا عليه، ولو خايفين من ممدوح اني هعرف مااوقفه عند حده، لكن العيله الصغيره داي اللي لساها مافتحت ولا وعيت عالدنيا واللي كدها لساها عتتنطط وتلعب وتجري وماشافت من الدنيا شي، ماحد هيكسرها ولا يكسر صباها واصل.
رد عليه كرار بعصبيه:
ابو دراع الا الموضوع ديه، الاااا ديه سامعني، ربيعه اني الوحيد اللي ليا كلمه فموضوع جوازها واني اللي اقول تتجوز مين ومتتجوزش مين.
ابو دراع: بأمارة إيه، وعلى اي اساس عاطي لروحك السلطه داي ياكرار؟ دا اللي يشوفك عتحكي بنفخة صدر إكده يقول إنك ابوها.. إنت مش متبري منها عايز تتحكم فيها بأمارة ايه وبأي حق؟!
كرار:
بالحق اللي إنت اديتهوني ياابو دراع وكت ماجبرتني اكتبها بأسمي، بالك إنت لو كانت قعدت على إكده من غير اسم ولا نسب مكنتش بصيت عليها حتى، وجايز كنت طلقت امها وبعتها بيها لبيت اهلها، لكنها اتكتبت بأسمي وشالته، وديه خلاها حبيسة بيتي هي وامها وتحت سلطتي، عشان إسمي مأسيبهوشي للفواجر يمرمغوه هو وشرفي في الارض.
خلص كلامه كرار وسمع ضحكة استهزاء عاليه من أبو دراع، ولما فهم معناها ويقصد بيها أيه نكس عيونه للارض بخزي ومقدرش يرفعهم تاني، لأنه خابر زين إن ابو دراع يقصد شوقيه بضحكته داي، ضحكته اللي شقت قلب كرار شق وداست على وجعه.. وفوراً إتحرك من قدام ابو دراع اللي عايره في الاول معايره غير مباشره بضحكه، وأكيد بعدها هتوبقى بالحديت، وهو فى غنى عن سماع أي كلمه بخصوص الموضوع ديه اللي عيدفن فيه بقالو سنين معيندفنش.
ولما اتحرك من جار صفوت وابو دراع دخل بوشه عالبيت، ووقف قصاد أوضة سته عديله وشاف ربيعه قاعده جارها وعتسرحلها فشعرها، فدخل عليهم ووقف قدامهم وشفايفه اتحركوا عشان يفش غلبه فربيعه من وجع الراس اللي جايله بسببها، لكنه اتوقف عن الكلام لما سته عديله بصتله وبضعف قالتله:
مالك ياواد حوريه واقف ليه كيف الديك الحراجي اللي مستني يفط عاللي قدامه ويتعارك معاه، مين عملك حاجه عشان جاي نافش ريشك إكده؟
اتنهد كرار بغلب ومردش عليها وبص بعيد وهي كملت:
هدي هبابه ياواد حوريه الدنيا فانيه وإنت مهملها، إعمل لاخرتك عشان تلاقي حاجه تقابل بيها وجه كريم بدال ماتقابله بسواد الوش زي أمك.
أمك اللي سرقت مالك ومال اخواتك وعيال عمك وخلت بت العمده اشترتك بيه عبد وشغلتك بفلوسك وفلوس ابوك اجير.
كرار بعصبيه: ياستي قلتلك بزياداكي من الحديت ديه عاد، كام سنه دلوك من بعد موت أمي كل ماتشوفي وشي تقوليلي الكلمتين دول، وكام مره اقولك امي ماتت ومتجوزش عليها غير الرحمه، والتهم الباطله اللي عترميها بيها داي هتترد عليكي انتي، هي فدار الحق دلوك وإنتي فدار الباطل خافي ربنا اللي قربتي تروحيله، وخافي لما يوقفك قصادها ويسألك عن كلامك ديه!
ردت عليه عديله بإصرار:
والله ياولدي اني ماعقول غير الحق واللي ربنا شاهد عليه كيف ماني شاهده عليه، ولو على قولة الميت متجوزش عليه غير الرحمه، فأقولك الحق اني مقادراشي اترحم عاللي خربت حياة الكل فحياتها وحتي بعد مماتها..
خربتك إنت فلاول وخلتك طلعت واد فلتان بلا عقل، تتحكم في الضعيف وتظلمه وتطاطي وتتدلدل للعفي وتمشي تحت جزمته، وظلمت عيال عمك واخواتك لما حرمتهم من فلوسهم وخلتهم يشقوا شهور ليل نهار عالفاضي، فكرك ربنا هيسيبها على ديه كله؟
له والله ديه بحق كل نقطة عرق حد فيهم نزلها بتعب في عز الشموس والحر والموت هتتحاسب.. داى حتى من جبروتها لأخر لحظه وهي باقيه على جحود قلبها وماطلبت السماح من حد ولا قرت بعملتها السوده، ولا خافت من اللي مستنيها.
كرار بعصبيه اكبررر:
يووووه مابزياداكي عاد ياستي، امي ماتت وخلاص بزينها بشينها ماتت، خلينا فروحنا وفى العايشين.. وبص لربيعه وقالها:
وانتي تقولى لأمك تجهزك عشان في خلال اليومين دول هجوزك.. خدي دول اعطيهملها وقوليلها تبعت عالبلانه وتجيبلك كام كفن تتجنزي بيهم وتجيبلك اللي عاوازاه.
خلص كلامه وطلع من جيبه فلوس رماها جارهم عالسرير وهملهم وطلع، وفات عديله وراه معارفاشي تنطوق من الصدمه، وزيها ربيعه اللي مش مستوعبه اللي قاله ابوها.
وبعد دقايق جات عليهم شام من الموطبخ، فالتنين بصولها وفحس واحد قالولها بإستنجاد:
الحقي نصيبه.
وبمجرد ماقالوا إكده وشام شافت الرعب على وشوشهم وفعيونهم الدنيا لفت بيها وضلمت فوشها وطاحت على الارض مغمى عليها من الفزع والخوف.
❈-❈-❈
أما حدا بيت عبد الصمد
بسيمه راحتلهم بعيالها عشان تزور اختها بشاير بعد ماولدت وتتطمن عليها، وبالمره يقعدوا اليومين الفاضلين على السبوع ويحضروه وبعدها يروحوا،
وفضلت تخدم فبشاير وامها وابوها اليومين اللي قاعداهم دول، وشالت الحمل عن السيد فخدمة البيت وريحته هبابه،
لكنها في المقابل تعبت واحد تاني، تعبت همام اللي خابره زين إنه معيقدرش يستغنى عنها ولا عيتحمل فراقها ليه كام ساعه على بعض، مش يومين بلياليهم، لكنها وقت ماتطلب إنها تروح لاهلها معيقدرشي يمنعها وعيكتم الشوق بين ضلوعه ويتحمله لاجل هي تكون مرتاحه ومبسوطه.
قضت أول يوم والتاني وابتدت تجهز لسبوع اختها، وفي الاثناء داي باب البيت خبط، شيعت عيل من العيال يفتح، واتفاجئت بحس همام هو اللي عالباب، فقامت تستقبله؛ عشان ابوها والسيد في الغيط، وبمجرد دخوله وقفلته للباب شدها بدون مقدمات لحضنه وضمها عليه بلهفه وشوق كيف مايكون كان مضيعها ولقاها، وهي هملته ياخد الحضن لحد مايشبع النوبادي.. مرضيتش تقاطعه، ومتعرفش ايه السبب، يمكن عشان شافت كد ايه الشوق باين عليه وجايبه وراها من بلد لبلد، ولا يمكن هي كمان اشتاقتله، ولا يمكن حبت تعطي قلبها وروحها هدنه من الحرب معاه لدقايق؟!
موقف غريب معرفتش تفسره بأيه، لكنها في النهايه استسلمت، وبعد دقايق بعدت عنه بالراحه وبصتله وقالتله بمنتهى الهدوء:
خش المندره حدش قاعد، هجيبلك لقمه تاكل تلاقيك مكلتش حاجه من الصبح وجاي علي لحم بطنك.
قالتها وهمت تتحرك من قدامه، لكن مسكته لدراعها وقفتها، ولقته عيديرها عليه بالهداوه مره تانيه وعيقولها:
انتي خابره ياام عمران اني بشوفتك عزهد الزاد والميه، وعشبع وعرتوي لما اكون بقربك.. هملي الوكل للجعان وكل، ولو عايزاني اشبع صوح تعالى اقعدي جاري وشبعيني شوف فيكي، الا ورب الكعبه من ساعة مامشيتي واني حالي حال ومعارف اقعد على بعضي فموطرح، وحاسس إن حاجه كبيره قوي غايبالي.
سمعت بسيمه كلامه، وبدون مقاومه دخلت معاه المندره، وقعدوا جار بعض، ولسه همام عيقرب منها عشان يفوزله بضمه تانيه تقضي عالباقي من الشوق اللي جواه، لكن قطع الوصال العيال لما دخلوا عليهم المندره كلهم وقعدوا حواليهم، وبقوا كيف العوازل اللي عيفرقوا الجماعات ويهدموا اللذات.
فاضطر همام للصبر، وقامت بسيمه تجيبله وكل مادام غذا روحه اتمنع بسبب العيال.. وطول ماعتحضرله في الوكل وهي سرحانه فالاحاسيس المتضاربه اللي عتحس بيها فوجود همام.. لا عتطيقه ولا عتقدر علي بعده، لا عتحبه ولا عتقدر تمنع روحها عنه، عمرها مابينتله إنها خايفه عليه ولا قالتله كلمه حلوة تبل الريق، ومع ذلك لو غاب بره زيادة عن ميعاد رجوعه عقلها يفضل يودي ويجيب وتسأل روحها ياترى عوق ليه وجراله إيه؟ وتقنع روحها بعد مايعاود إنه كان فضول مش اكتر!
❈-❈-❈
اما في بيت المقاول
فاقت شام وبعدها سمعت من عديله وربيعه اللي قاله كرار، وحست بنغزه فقلبها وديق في النفس خلاها وصلت لحافة الموت وهي عتقول لنفسها..
إن خلاص بتها ضاعت وكرار هيقضى عليها بذر وجدر لما يجوزها وهي في السن ديه، وكمان محدش يعرف هيجوزها لمين، ولو كان هيجوزها لحد من بره البيت فأكيد مصيرها بالنسبه لشام هيكون زي مصير اهلها، وهتتمنع من شوفتها ومن دخول البيت مره تانيه بحكم ويمين منه،
وخصوصي إنه من زمان معايطيقش يشوفها قدامه، وكل ماكان يتطلع عليها الكره كان ينط من عنيه كيف مايكون عايز يحرقها حرق.
واتمنت من كل قلبها إن اللي هيتجوزها يكون ممدوح، عالاقل عيحبها وهتكون تحت عينها وتضمن إنه مش هيتحكم عليهم بالفراق.
لكن ربيعه كان ليها رأي تاني وحلم، أو خلينا نقول أحلام كانت عتنسجها فخيالها وعيشه حلوه يمكن تكون فى إنتظارها لما تتجوز بواحد من بره اسوار السجن ديه، واتمنت من كل قلبها إنه ميكونش ممدوح اللي هيتجوزها.
وفضلت امنيتها قبال أمنية أمها، والحكم بين الامنيات هو النصيب اللي أكيد كاتب كل شي من قبل الاوان بأوان.
أما عديله فمن منظر كرار وطريقة كلامه كانت متأكده إنه مناويش لربيعه على خير واصل، وإنه مش هيعطيها لواد اخوه لو انطبقت السما عالارض،
ورجف قلبها من خوفة إنه يعطيها لحيالله حد يكون قليل اصل ويعذبها ويبهدلها، وخصوصي لما يعرف أن ابوها بايعها وليهاشي حد في الدنيا ولا سند يوقفله،
وأكيد هيعملها لانها لا تهمه ولا يهمه راحتها من تعبها، فاتنهدت بغلب ومرضيتش تفشى خوفها قدام شام وربيعه؛ عشان مترعبش شام اكتر ماهي مرعوبه، ولا تطفى لمعة الفرحه بالحريه اللي وعيتها لمعت فعيون ربيعه العيله اللي متعرفش موصلحتها وين، ولا تعرف من الدنيا شي، عامله كيف العيل اللي لساه فبطن امه ومتولدش لسه ولا طلع للنور.
❈-❈-❈
أما حدا حكيم في المعمل
قاعد يباشر الشغل كيف عادته وشاف أبو دراع جاي عليه من بعيد، اتبسم وقفل الدفتر اللي قدامه وقام استقبله وسلم عليه وقعده وقعد جاره، وبعد السلامات والطيبات والسؤال على صحة شام وبتها وأبو دراع طمنه عليهم وقاله إنهم فأحسن حال..
دس ابو دراع ايده فجيبه وطلع قماشه اول ماحكيم شافها ابتسم وعرف اللي فيها، وقبل مايفتحها ابو دراع قدامه بادر حكيم بالكلام وقاله:
معاد كل سنه معتخلفهوش واصل!
رد عليه ابو دراع وهو عيفتح الصره قدامه عشان ينكشفوا فيها غويشتين دهب وزاتونه ومدهاله:
وبأذن الله مش هخلف طول مافيا النفس طالع ونازل.
حكيم وهو عياخد منه الصره ويرجع يقفلها تاني:
ماتقولي ياواكل ناسك الدهب ديه كله عتكنز فيه ليه دانت حتى ماراضي تتجوز ولا تشوفلك بت حلال تقاسمك نومتك وقومتك وتقضيلك طلباتك!
أبو دراع:
الدهب لعازته ياشيخ وبعدين ديه امانه حداي وآن الاوان اقولك على صحابها؛ عشان لو جرتلي حاجه، الدهب ديه بتاع شام وبتها ربيعه، وحتتين الدهب اللي عجيبهملك كل سنه دول عيطلعولهم من مكسب غنماتهم اللي حداي.. وحكاله قصة الدهب من لاول للأخر، وحكيم كان يسمعه وهو متبسم ومعجب بأمانته وقلبه الطيب وجدعنته، وبعد ماسمعه للأخر ملامحه خدت وضع الجديه واتعدل في قعدته وقاله:
طيب انت تعرف إن الدهب ديه كله ياابودراع..
وقبل مايكمل كمل ابو دراع بداله وقاله:
عليه زكاه ياشيخ.. خابر وحاسبه وعطلعه كل سنه والله، اصل ربيعه وبتها ليهم حداي ١٥ راس غنم ودول راس مالهم كانت غنمه وحده، كبرتها وفضلت اربي من تحتها لغاية ماكملتهم ١٥ وبعدها بقيت ابيع من عيالهم واحوش الفلوس واجيبلهم كل سنه حتتين الدهب اللي عجيبهملك دول عشان تعينهم، واطلع زكاة الدهب منهم برضك، وحتى هما عطلعلهم زكا، واللي يفضل عخليه مصاريف لشام وربيعه اجيبلهم بيه اللي تشتهييه نفسهم من وكت للتاني.. او اللي عتشتهييه ربيعه عشان شام نفسها قنوعه معتشتهي شي.
حكيم:
ويمكن مسدوده الله اعلم.
أبو دراع: يمكن عاد الله اعلم على قولتك
كمل حكيم كلامه بجديه:
طيب وعتطلع تعبك من الفلوس على إكده ولا له؟
ابو دراع:
تعب ايه ياشيخ اللي اطلعه، داني لو اطول احطلهم من اللي حداي، بس عقول جحا اولى بلحم غنمه وهما غنماتهم ماشاء الله مكفيين وموفيين، واني ساعيهملهم محبه وجدعنه مش لغرض اني اكسب من وراهم حاجه لاسمح الله.
حكيم اتطلع عليه جامد واتبسم وهز دماغه بإعجاب بيه، كل يوم عيزيد عن اليوم اللي قبله وإحترام كل مادا ويتضاعف.. وسأله بعدها بمزح
طيب مرديتش عليا فمسألة الجواز؟!
أبو دراع:
معاوزش ومحاببش ولحالي احلالي، خدوا ايه اللي اتجوزوا يعني غير الهم والغم!
حكيم:
مش هقولك عفه عشان وكت عفتك راح وعنفوان شبابك هدي وماانتاش بحاجه للي تعفك دلوك، الاصعب راح، لكن هقولك راحه ليك من التعب وونس
ابو دراع:
والله ياشيخ لو عالعفه والعفوان واللي عتلمح ليه ديه فالواحد لغاية دلوك كيف واد العشرين مااختلف فيه شي، بس عشان الايمان شديد ربك عاصم عبده من الفتن، وصومي وصلاتي بنو بيني وبين الذنوب سور عالي،
ولو عالخدمه عخدم روحي ومية فل واربعطاشر، ولو عالونس والله اللي عشوفه فبيت المقاول بين رجالتة وحريمهم مايطمن ولا يفتح النفس عالجيزه،والونس في الوحده احلى واريح.
حكيم:
والله ياابو دراع الظاهر إنك عرفت طريق الراحه اللي محدش قدر يوصلها قبل منك، هنيالك بالرضى ويابختك براحة البال والقلب الخالي اللي لا عرف حب ولا لوعه يابوي.
ابتسمله أبو دراع وشرب شايه وهو عيرد عليه في سره.. إن قلبه اكتر قلب حب واتلاع وداق الحرمان، لكنه في الاخر رجع لصوابه وندم عاللي كان فيه، كيف مايكون كان مجنون لسنين وسنين وعاودله العقل والادراك مره تانيه.
وبعد ما أبو دراع خد قعدته مع حكيم عاود للبيت، وهو معاود حاود على الدكانه وخد لربيعه منيه كل الحاجات اللي عتحبها من التسالي، وعاود عشان يفرحها بيهم ويخفف عنها القهر اللي شايفاه على يد أبوها.
وأول ماعاود للبيت ووقف قدام الباب ونادم على ربيعه عشان تاخد منيه الحاجه اللي جايبهالها، لكن اللي طلعتله بدالها شام، اللي بمجرد ماطلعت ووقف قدامه قالتله بإستنجاد كيف الغريق اللي شاف طوق نجاته:
أبو دراع الحقني، انت حسيت باللي كرار عايز يعمله فربيعه، كرار عايز يجوزها وهي في السن ديه، طب تعرفش هيجوزها لمين، قالش قدامك حاجه يعني؟
رد عليها ابو دراع بنبره هاديه عشان يطمنها:
تخافيش ياشام حدش هيقدر يقرب نواحي ربيعه بأذي طول ماني عايش على وش الدنيا.
شام:
ربنا يديم حسك في الدنيا يارب ويخليك ليها، اوعاك تفرط فيها ولا تهملها لكرار يابودراع، ربيعه داي بتك إنت مش بت كرار، العيل للي ربي مش للي خلف، وإنت اللي ربيت وحرست وراعيت،ربيعه لو ليها اب فأبوها انت.
ابو دراع سمع كلام شام واتهز قلبه من إحساس الابوه اللي شام خلته يحس بيه بكلامها، وخصوصي وهو واعي ربيعه طالعه من باب البيت كيف فراشه صغيره اتربت على يده وهو اكتر واحد خابر زين إيه اللي عيفرحها وايه اللي عيزعلها..
ولقى نفسه عيرد علي شام ويقولها:
فعيوني ربيعه ياام ربيعه، وسبق وقولتلك متخافيش واني موجود.
خلص كلامه معاها ومد الكيس اللي فيه التسالي لربيعه وهي أول ماشافته جات عليه جري، وخدت منه الكيس وحضنته بفرحه وجريت بيه عالبيت عشان تدسه؛ احسن اخواتها الرزلين ياخدوهم منها ومرت ابوها تقلب خلقتها كيف ماعتعمل بس تشوف حاجه معاها من اللي عيجيبهالها ابو دراع من وكل او لبس او اي شي،
وعتستخسر فيها حتى الحاجه اللي عتاجيها من باب الله.
وبعد مادست الكيس فأوضة ستها طلعت تاني للجنينه وفضلت تبروم حوالين اشجار المانجا العاليه وهي مش لاقيالها صرفه عشان تطلع فوق الشجر زي زمان وتجيب المانجا اللي تعجبها، بعد ماابو دراع وحتى امها حرجوا عليها متركبش شجر تاني من ياجي سنتين وشويه ودلوك عتضطر انها تستنى حد من عيال عمامها الصغيرين ياجي يطلعلها الشجر ويجيبلها اللي عاوزاه، أو عمها ابو دراع يجيبهولها بالمحجام، وبصراحه سواء إكده أو إكده معتحسش بنفس اللذه اللي كانت عتحس بيها وكت ماكانت تركب الشجره بنفسها وتقطف اللي نفسها فيه بيدها..، وعشان إكده من وكت للتاني تسرقلها مره تلاقي فيها الجنينه فاضيه ومحدش واصل قاعد وتطلع عالشجر وتقطف اللي نفسها فيه وتنزل قوام قبل ماحد يشوفها، والمرات داي معتتكررش غير كل فين وين.
أما أبو دراع لما شاف حيرتها خد محجامه وراح عليها، وابتدا يقطعلها المانجا اللي تشاور عليها وهى تنقي من الارض وتاكل،
وأبو دراع من وقت للتاني يبصلها يلاقيها سرحانه ومتبسمه مع روحها، فيستغرب عشان من وسط الهم اللي هي فيه عتتبسم كيف ماتكون ماحاساش بالنصيبه اللي ابوها رايح يعملها فيها!
❈-❈-❈
اما حدا عديله فأوضتها
قاعده لحالها بعد ماشام وربيعه هملوها وطلعوا، فدخلت عليها عدويه كيف كل يوم وقعدت جارها وبمحبه سألتها:
كيفك النهارده وكيف صحتك ياغاليه ياام الغالي، عايزه حاجه اعملهالك ياحبيبه؟
عديله:
لا يابتي معاوزاشي حاجه عاوزه سلامتك، بتي شامه وبت بتي ربيعه مخلينيش عايزه ايوتها حاجه، ربنا يبارك فيهم ومايحرمني منهم يارب
عدويه:
آمين يارب، بصراحه يابختك بيهم يامرت عمي، دا الواحد بته اللي من دمه معتشيلهوش في كبره وتوبقي تحت رجليه إكده، بصراحه الواحد نفسه فحد يحبه كيف ماشام وبتها عيحبوكي.
عديله ردت عليها وهي عتخمس فوشها:
الله اكبر من عنيكي هتحسديني عليهم ولا تحسديهملي ياك؟
عدويه بضحكه:
لا والله ياخاله اني معحسدش اني عغير بس.
وسرحت بعدها وقالت لنفسها:
اهم هما دول اللي يستاهلوا لو الواحد معاه مال قارون يهملهولهم عن طيب خاطر.
وفاقت من سرحانها على حس خالتها عديله وهي عتقولها:
سلام ومعروف وعيالهم عاملين ايه؟ معادش حد منيهم عيهوب إهنه ولا يسأل علي ولا كأن ليهم ست، اخص عليهم وعلى ربايتهم الظبطه.
ردت عليها عدويه مدافعه عن عيالها:
الدنيا تلاهي يامرت عمي، وهما كتر خيرهم برضك، طب داني اللي معاهم في البيت معشوفهمش غير تخاطيف.
عديله بتنهيده: هيييه، يلا الله يعينهم على حالهم وعاللي هما فيه
عدويه:
الا قوليلي ياخاله ايه تم فموضوع ربيعه وممدوح، الا سمعت سلام ومعروف عيحكوا فيه قبل مااجي، وعيقولوا إنه هدد ابوه لما مرضيش يجوزه ربيعه إنه هيعمل فيها كيف ماكرار عيمل في شام عشان يرضوا يجوزهاله.
عديله سمعت إكده ورفعت اديها وقالت بوووه بحسها كله، وشام اللي كانت داخله عليهم بكبايتين ينسون وقفت موطرحها والصينيه وقعت منها عالارض وضريت علي صدرها بصدمه وهي عتتخيل إن ربيعه يصير معاها نفس اللي صار فيها،
ولقت روحها عتجرى على بره من غير وعي، ومسحت الجنينه بعيونها فثواني، وفضلت تدور فيها على ربيعه لغاية مالقيتها قاعده تحت شجرة مانجا ومكومه جارها المانجا وعتاكل فيها وملهيه، وابو دراع لساه عيقطف ويجيبلها فجريت عليها ومسكتها من يدها وجرتها عالبيت قدام عيون ابو دراع اللي كان واقف مستغرب من اللي عيملته ديه،
أما الاستغراب الاكبر فكان من نصيب شام اللي سايبه روحها لامها تكركر فيها على البيت ولا قايلالها فيه ايه.. وبمجرد دخولها بيها اوضة ستها عديله، قفلت الباب وقدام عدويه وعديله قالتلها:
اسمعيني زين يابنيتي، فيه ديب مسعور طلع في البيت ديه يشبه ابوكي في الطبع النجس وهيعمل فيكي اللي سبق وإتعمل فيا، وعشان إكده يابتي انتي مهتطلعيش ولا تعتبي بره باب الأوضه داي الا ورجلى علي رجلك وكتفي بكتفك، حتى فخدمة البيت متبعديش عني انتي سامعه ولا له.
ربيعه بخوف:
ليه يمه فيه ايه لكل ديه؟
عديله: ربيعه انتي تسمعي الكلام وبس متسأليش.
ربيعه: له لازمن اسأل واستفسر واعرف ليه عايزه تحبسيني اكتر من الحبسه اللي اني فيها، داني ناقص اتحط فقبر ويتقفل عليا عاد!
شام وعديله فنفس واحد:
الشر بره وبعيد.
ربيعه: طيب ماتفهموني وتريحوني.
ردت عليها عدويه بدالهم هما التنين عشان توفر عليها الحيره اللي هي فيها:
اني اقولك ليه امك عتعمل إكده ياربيعه، امك عتعمل إكده عشان خايفه عليكي، ممدوح واد عمك اتحلف يعمل فيكي اللي ابوكي عيمله فأمك واللي انتي اكيد عارفاه زين عشان يرضوا يجوزوكي ليه.
ربيعه ردت عليهم بإستنكار:
يعمل فيا ايه؟ ماعشان فوضى هي ولا عشان اني ميته ومهعرفش ادافع عن حالي، طب داني اقطع لحمه نساير نساير لو بس فكر يهوب ناحيتي، وبعدين ممدوح ميعملهاش ديه تلاقيه عيهدد تهديد بس.
عديله:
متراهنيش على حد من نسل العيله داي ولا من سكان البيت ديه عشان العرق دساس ياربيعه والناس معتتضمنش،
وديه عمه كرار، يعني الخوانه والكهن عيمشوا فدمه حتي لو مش باينين دلوك، واقولك شي كمان،
انه لولا ماهو واقف لكل شباب البيت ومفهمهم انك تخصيه كان زمانهم كلهم عيتكالبو عليكي دلوك، وكل واحد عيفكر ينهش من لحمك ايه وياكله، وخصوصي مع جمالك ديه والعيون كلها عتاكل وتشرب فيكي بس من تحت لتحت.
ربيعه: اني يهمنيش كل اللي عتقولوه ديه، اني اعرف ادافع عن روحي ومخليش حد يهوب ناحيتي وخلاص، وحبسه مش هتحبس.
شام بإصرار:
له هتتحبسي ياربيعه ومهاتفارقينيشي من إهنه ورايح وكلمه زياده اني النوبادي اللي همد يدي عليكي واضربك لأول مره فعمري.
قالت كلامها وطلعت من جارهم علي الجنينه دورت فيها علي كرار ملقتهوش، وعرفت من ابو دراع إنه في المندره فشيعتله ولد عزت الصغير ينادمه، وأول ماتاق من بوابه الجنينه جريت عليه وبقهر قالتله:
انت هتخلي واد اخوك يعمل فبتك كيف ماانت وهمام والسيد عملتوا فيا؟
هتقدم بتك لحمك ودمك لواد اخوك يدبحها كيف مادبحتوني؟
إنت مش هتستحرم ولا تخاف من ربك واصللل، هتقعد لاخر العمر إكده الجفا محاوط قلبك وعامي بصرك وبصيرتك؟ متجوزهاله بالذوق وبالعافيه بدال مايكسرها وياخدها غصب.
رد عليها كرار بغل:
اول هام داي لا بتي ولا من لحمي، تاني هام مين اللي قالك إني راضي إن ممدوح يعمل حاجه زي داي، اني ماارضاش لواد اخوي يتورط الورطه اللي اني اتورطتها واصل، ماارضالوش إنه ياخد بت حرام ويعطيها اسمه ويجيب منها عياله..وجواز من بتك مهيجوزش.
شام بقهر:
والله العظيم وحق من انزل القرآن ربيعه بتك ومن صلبك ولحمك ودمك، وستي عديله شاهده وامك كمان شاهده بس كتمت شهادة الحق وماتت بيها، واني مش هسامحها وهتقف قدامي يوم الموقف العظيم، ولو بينها وبين الجنه سماحي واللله مااسامحها ولا اخليها تشم ريح الجنه شممم
كرار بغضب:
لمي روحك واتحدتي عن امي زين، وبعدين سماح مين ياام السماح انتي، بس روحي توبي عن ذنوبك فلاول وبعدها اوبقي اتحدتي عن الجنه والنار والسماح.. والبت مش بتي لو جبتيلي الدنيا كلها شهود.
شام: ولا عمري كان ليا ذنوب ولا عملت اللي يغضب ربنا، حتي لما جيت علي بيت الشياطين معرفتش ابقى زيهم ولا اتطبع بطبعهم.. اني قلتلك اللي حداي ياكرار، البت بتك برضاك او غصب عنك،
ولو كنت سكت على عملتك فيا زمان وانحنيتلك وسبتك تظلم فيا كيف ماشئت واتحملت وصبرت، فاني عميلت ديه كله عشان ابوي فالاول، وعشان بتي فالاخر، بتي اللي ضيعت عمري عشانها ومش هخلي حد يقرب نواحيها ولا يمس شعره وحده منها واني عايشه عالدنيا وعشم هوا ربنا.. الا بتي ياكرار سامع.. الا بتتتتي.
كرار لاول مره يشوف شام بالجراءه داي ويشوفها بالغضب ديه ويشوف ملامحها واخده الوضع ديه والشراسه زايداها جمال.. فسرح فيها لثواني وبعدها سألها:
وعايزه ايه انتي دلوك يعني؟
شام بحزم:
تطلقني ياكرار وتهملني اخد بتي واروح لأهلي واريحك مني ومنها ومن همها وبزيادانا لحد إهنه.. دا المساجين عيطلعوهم بعد مايقضوا مدة حبسهم، وإحنا كفايه علينا اللي شوفناه قوي ياكرار، إتحبسنا سنين طويله ومن غير ذنب ولا سيه، ارحمنا خلي ربنا يرحمك.
بقلم ريناد يوسف
❈-❈-❈
نفق الجحيم الجزء الثاني الفصل الثامن والعشرون
كرار
انتي عتقولي ايه ياشام؟
شام: عقول اللي سمعته ياكرار.. انت محرمنى على روحك من سنين وبتي معترفشي بيها، وليناشي ايوتها عازه عندك، يوبقي تهملنا نشوفوا حالنا بعيد عنك وترتاح مننا وتريحنا.
وكملت بنبرة صوت مترجيه:
الله يخليك توافق، وغلاوة المرحومه امك عليك لتوافق.. اني مطالباشي منك شي واعر، اني طالبه إنك تخلص مننا عشان خابره زين إنك عتكرهنى اني وبتي.
سكت كرار شويه وفضل باصصلها وسرحان في ملامحها بتفكير، وقبل مايرد عليها ردت اللي كانت واقفه ورا شام وسامعه كل شي من البدايه من بعد مادخل كرار من بوابة الجنينه، وعشان كان تايه في جمال شام منتبهلهاش، وديه خلى نارها من شام شعلت بزياده وقالت بكل النار اللي فيها:
ديه كلام مهتلقيهش ديه، وحتى لو طلعتي واطلقتي وغورتي فداهيه تاخدك مع ان ديه على موتي يوحصول او على موت ناس تانيه.. قالتها وبصت لكرار بتهديد وبعدها كملت.. بتك هتفضل إهنه مهتتحركش ولا تروح لموطرح ولا هتفارق البيت ديه وهتعيش وتندفن فيه، وهتلخد موطرحك في كل شي.
خلصت كلامها مع شام ووجهت الكلام لكرار:
وانت تعالى وراي عايزاك.
قالتها واتحركت وكرار فضل ثواني واقف في موطرحه مراقبها بعيون عتشع كره وهي ماشيه، وبعدها راح وراها مغلوب على امره كيف العاده.. أما شام فقعدت موطرحها على الارض وضمت رجليها وسندت دماغها عليهم بتعب بعد ماتوكدت من اللي قالته شوقيه إنها مش هتسمحلها لا هي ولا بتها إنهم يغادروا البيت ديه غير وهما أموات.. وغصب عنها نزلت دموعها وجاتلها نوبة الكحه اللي عتاجيلها خلتها بقت تلقف النفس لقف، وعلى حس كحتها العاليه طلع ابو دراع من بيته وراحلها، ووقف فوق راسها وبصلها بشفقه وهو واعيها مخنوقه بالدموع والسعله اللي حسها يقشعر البدن، وقالها بحنيته المعهوده:
هوني على روحك ياأم ربيعه، عامله فروحك إكده ليه مفيش حاجه تستاهل زعلك ديه كله.
ردت عليه ربيعه بقهر:
بتي تستاهل ياابو دراع.. بتي اللي فنيت شبابي ودفنته بين حيطان السجن ديه عشان خاطر عيونها تستاهل.
-طيب اني مش سبق وقولتلك تخافيشي عليها ومادامها في حمايتي حدش يقدر يعملها حاجه، ولا حتى كرار ابوها.
شام بصتله فعيونه وقالتله:
ولا حتى ممدوح؟
رد عليها وهو عيأكدهالها بعنيه وبكل ذره فكيانه:
ولا حتى ممدوح.. ورحمة ابوي ياشام ممدوح ماهيقرب نواحيها ولا هيمس شعره منها طول ماني عايش وعتنفس هوا ربنا، اني بلغني الكلام الخايب اللي قاله، وديه كلام في الهوا فلحظة غضب ميأثرش.. وحتى لو اني غفلت مش ربيعه اللي يتعمل معاها إكده.. ربيعه مش شام.. ربيعه غيير.. حتى بصي وشوفي بعينك وانتي تتوكدى من صدق كلامي.. قالها وضحك وهو عيشاورلها بعيونه على مكان في الجنينه وهي تبعت عيونه مكان ماشاور وشافت ربيعه واقفه فيه وقبالها ممدوح وواضح انهم عيتخانقوا من طريقة ربيعه في الكلام وتشويحها بأديها في الهوا، وبعدها ميلت عالارض ومسكت فرع شجر عفي ورفعته في الهوا قبال ممدوح وفضلت تلوح بيه وتتقدم على ممدوح وهو يتراجع لورا وبرضوا مستمر في الكلام، لكن مع وضعها وكرها ناحيته مستمر في الفر حتى لو عيمثل عكس ديه.
سكتت شام عن البكا وهديت انفاسها هبابه وهي مراقبه بتها وجسارتها، وطيف ابتسامه لاحت على وشها وهي واعيه قدامها بسيمه بالظبط، فحركتها وطريقة كلامها وطريقة رد فعلها على موقف مماثل، وهمست لنفسها بإشتياق:
تفرق الناس مهما تفرق بس الدم عيحن والعرق جباد!
أما ابو دراع فهمس لروحه وهو واعي ربيعه واقفه قدام ممدوح وعتهاوش فيه بدون خوف كيف قطه عتعارك اسد:
براوه عليكي يابنيتي.. والله وكبرتي وطلعتلك ضوافر وخربشتي علي حالك يامفعوصه.. وقال امك خايفه عليكي قال!
دانتي يتخاف منك مش عليكي.
قامت شام دخلت البيت وهي مطمنه بعد ماشافت بتها كيف عتحارب ممدوح بكل قوتها ومخلياه قدامها كيف الكتكوت المبلول وابو دراع كمان راح على غنماته قعد جارهم بس عينه على ربيعه من بعيد لبعيد مغفلتش.
أما حدا ربيعه وممدوح فى بداية الخناقه
ممدوح شاف ربيعه طالعه من البيت وكان معاود من حدا واد سلام الكبير منتصر، فجرى عليها واعترض طريقها، وبدون مقدمات قالها وهو عينهج:
ابوي وابوكي عايزين يفرقونا ياربيعه ومراضيينش بجوازنا.
ردت عليه ربيعه بإستنكار ونبرة غضب:
ومالك عتقولها إكده كيف مااكون عاشقاك فى الضلمه وملوعنى الهوى، ماشالله عنهم ماوافقوا، اني نفسي مموافقاشي اتجوزك لو الكل وافق.
رد عليها ممدوح بغضب:
كلام ايه اللي عتقوليه ديه ياربيعه، كيف يعني مموافقاشي تتجوزيني؟
ربيعه بعصبيه:
قولت اللي سمعته ماممدوح، ولو إنت اخر راجل في الدنيا اني مهتجوزكش.
ممدوح رد عليها وهو جازز على سنانه:
واني هتجوزك ياربيعه وغصب عنك وعن الكل، ولو مكانش بالذوق يوبقى بالعافيه، بالحيله، بالمكر، بالوجع.. اهم حاجه إني اتجوزك ومتكونيش لحد غيري.
ربيعه رفعت يدها قدامه وقالتله بتحذير:
إسسمع ياد انت، اوعاك تقول عليا صغيره وضعيفه ومعرفشي ادافع عن حالي ولا اوقفك عن حدك، لا وكتاب الله المجيد داني اقطع لحمك نساير نساير وارميك للغربان تاكلك.
خلصت كلامها ووطت عالأرض مسكت فرع شجر كان واقع عالارض ورفعته في الهوا وهجمت بيه على ممدوح وهى عتقوله:
اني لا شام ولا انت كرار عشان يكون فمعلومك، وحتى لو انت كرار تاني اني مش شام، ولا هتلاقوا زي شام تاني، والله ياممدوح اخلص منك حتى تار أمي لو حاولت تعمل حاجه شينه معاي ولا تكرر نفس غلطة عمك.. اللى عمله عمك وعطوله امي عشانه لو عيملته إنت مش هتاخد عليه غير ندم على عمرك.
كانت تتكلم وتقرب على ممدوح وهو يبعد عنها ويحاول يقطع كلامها ويتفاهم معاها لكنه رافضه اي تفاهم، وفي النهايه رمته بالفرع ومشت من قدامه وهو ماشي وراها بالخطوه السريعه وعيحاول يتفاهم معاها ويخليها تسمعه، لكن ربيعه كانت لا حياة لمن ينادي، ودخلت البيت وبوشها على اوضة ستها عديله، وفعدت جارها هبابه تفليها وتسرحلها فشعرها وتدلكلها رجليها، وطول الوكت عديله شارده وسرحانه ومش مع ربيعه خالص، ومها كلمتها عترد عليها بها وهااا وربيعه تعيد من تاني اللي جرا بينعا وبين ممدوح، ولأول مره تحكى حاجه ومتلقاش الاهتمام الكامل من ستها عديله.
أما شام فبعد مادخلت البيت راحت عالموطبخ تكمل شغلها اللي فيه، ولقيت بدور وورده وحده عتغسل والتانيه عتغربل غله، فعلقت هى كيلة فريك تسلقها من الغله بالمره مستغله وجود الغله تحت.. وحطت الحله عالكانون وابتدت تقيد عليها بالحطب، وكل ديه وبدور عتاكلها بعنيها وهي شايفاها بمجرد ماولعت النار خدودها كيف مايكون فيهم بارود فوراً اشتعل لما شم النار واتفجر الحمار عليهم مزين بياضها كيف حتتين مرمر سقطوا فى وسط الجليد.
وفضلت إكده باصه عليها وتغل من الجمال اللي خدته كله لحالها، وتتعجب عليها وكيف إنها كامله مكمله من مجاميعه ومفيش فيها عيب ولا غلطه من أول راسها لحد كعوب رجليها كيف مايكون اللي اتقطع من حريم البيت من جمال اتوصل فيها هي لحالها!
أما شام فبعد مده من متابعة النار والشرود وهي باصصه للهب اللى عيتمايل قدامها، سندت خدها على يدها وغفيت قصاد الكانون غصب عنها.. مفاقتش غير على يد عتهبشها من كتفها ولما فتحت وبصت حواليها بفزع شافت ربيعه وهي عتبعد النار عنها وتسكها جوا الكانون، وبعدها بصت لبدور وقالتلها بغيظ:
قاعده تبصي وتبحلقي بعنيكي وشايفه النار سارحه عليها لما قربت تمسك فخلجاتها وساكته وعتتفرجي، مستنيه تشوفيها وهي عتتحرق قدامك ولا ايه، مش هتبطلوا الكهن اللي عيجري فدمكم ديه واصل.. مفيش حد فيكم يطلع زين ويتقى ربنا هبابه؟
خلصت كلامها وبصت لامها اللي لقتها باصه عالجمر اللي في الكانون والدموع متجمعه فعنيها وفاتحه خشمها بصدمه كيف ماتكون شايفه قدامها حاجه غريبه.. فقربت عليها ربيعه وقعدت جارها وضمت راسها على صدرها وهي عتقولها:
مالك ياغاليه ليه مضروعه إكده، مجراشي حاجه واني لحقت النار قبل ماتوصل لتوبك تخافيشي، بس امانه عليكي توبقي تاخدي بالك وانتي قاعده قدام الكانون، ومتتكليش على حد من ناس البيت ديه واصل، دول لو شافوا النار لاحمه فيكي مهيطفوكيشي.
خلصت كلامها وبصت لبدور اللي قامت وخدت غسيلها اللي غسلته عشان تنشره، وبعدها تحصل ورده اللي خلصت غربيل الغله وراحت اوضتها ترتاح.. وولا عبرت ربيعه ولا بصت عليها حتى، ولا كأن الكلام عليها من الاساس.
أما شام فبعد دقايق وهي سانده راسها علي صدر ربيعه رفعت راسها وبصت لربيعه وبصوت مخنوق قالتلها:
خلاص مش هيوبقالنا حد في البيت ديه واصل ياربيعه، الصدر الحنين والحضن الدافي خلاص هيهملونا ويمشوا.
خلصت كلامها وغمضت عيونها ونزلت منهم الدمعه اللي كانت عتلالي فيهم، وربيعه خدت ثواني عشان تستوعب، ولما استوعبت ضربت علي رجليها بصدمه وهمست لامها تسألها بحس مخنوق.. ستي عديله؟
ردت عليها شام بهزه من دماغها تاكدلها تخمينها، وفي اللحظه داي ربيعه حطت اديها التنين علي راسها وغمضت عيونها بوجع وصرخت برفض.. وبعدها قامت جريت علي ستها عديله وهي عتبكي وتشهق بوجع من نص قلبها، لانها ممكن تتخيل اي حاجه في الدنيا، الا عدم وجود ستها عديله فحياتها.
أما شام ففضلت قدام الكانون تبكي وتندب حظها وتتوقع ايامها الجايه من غير ستها عديله هتكون كييف.
اما ربيعه فدخلت الاوضه عند ستها، وشافتها نايمه على السرير ومستسلمه بملامحها الهاديه الحنونه، اترمت فوقها وهي عتبكي وتشهق.. وعديله قامت من النوم مفزوعه وزعقت فيها وقالتلها:
مالك ياقزينه فيكي ايه، ليه عتبكي إكده حد عملك حاجه.. ابوكي، مندوح.. انطوقي نشفتي دمي!
ربيعه هزت دماغها برفض وهي عتضم دماغ ستها عديله عليها وتقولها بمحبه:
حدش عملي حاجه اني بس اتوحشتك في الهبابه اللي نعستي فيهم.
ردت عليها عديله وهي عتبعد راسها عنها وتضربها بخفه على دراعها وقالتلها:
وحش يلهف مرت ابوكي شوقيه.. بقي يابارده تصحيني مفزوعه إكده عشان اتوحشتيني.. اخص عليكي داني حتي كنت مع جدك كارم وكنا قاعدين قعده حلوه قوي فموطرح حلو قوي قوي وردينا شباب وعنتسامروا ونضحكوا سوا، وتوفيق ونعيم ردوا عيال صغار وعيلعبوا حوالينا ويرمحوا ويضحكوا.
ربيعه سمعت إكده واتوكدت مليون في الميه إن حلم امها هيتحقق كيف ماعتتحقق كلل احلامها وكأنها رؤيه ربنا عيوريها بيها اللي هيجرا، وكأنه اترفع عنها الحجاب وباتت تحس باللي هيجرا قبل أوانه، كيف مااتنبأت بموت ستها حوريه قبل ماتموت ومعدوش يومين وكانت الروح مفارقاها.
أما عديله فغمضت عنيها مره تانيه وهي مبتسمه بسعادة، وهمست لربيعه:
اطلعي ياربيعه وهمليني هرجع انعس عشان اقعد مع جدك كارم هبابه كمان يمكن لما انعس القاه لسه مستنيني في الموطرح اللي كنا فيه.. وروحي لابو دراع قوليله بعد هبابه كلم ستي ضروري ضروري.. ولا اقولك خليه ياجيني دلوك اقوله عاللي عايزه اقولهوله، عشان انعس براحتي حدش يستعجلني في الصحيان.
سكعت ربيعه كلام ستها عديله وطلعت، وراحت علي أمها في الموطبخ لاول، اترمت فحضنها وبكت بحرقه وهي عتقولها:
ستي ماشيه ومهملانا صوح يمه، ستي حلمت بالاموات يوبقى رايحالهم وسايبانا صوح.. اني لو ستي ماتت هموت وراها، اني عحبها قوي قوي واقدرشي اعيش من غيرها واصل.
خلصت كلامها وشهقت بالبكا وشام كمان معاها، وبعدها قامت ربيعه ندهتلها ابو دراع.. اللي اول ماشاف منظر ربيعه ووشها اللي غادي كيف الدم اوحمر وهي جايه عليه من بعيد قلبه وقع فرجليه وعرف إن فيه مصيبه حسلت، فقام من موطرحه وقطع هو المسافيه الباقيه ناحيتها؛ عشان يقطع على عقله الاستنتاجات، وبمجرد ماوقف قدامها قبل مايسألها قالتله وهي عتشهق:
كلم ستي ياعم ابو دراع عاوزاك قوام.
خلصت كلامها وجريت من قدامه وهو تبعها بخطوات سريعه وبخوف، واستني لما دخلت البيت وبعدها اذنتله بالدخول، وراحت علي اوضة ستها عديله وفتحتها وشاورتله يدخل.. وأول مادخل عديله ابتسمتله بوهن وقالتله:
تعالا يازينة الشباب وسيد الرجال..تعالا ياشيال الأمانه ونصير الضعيف.. قرب علي ياغالي ياواد الغاليين.. وبعدها بصت لربيعه وقالتلها.. وانتي ياحبة القلب اطلعي وهملينا لحالنا وردى الباب وراكي، واستني في الحوش بره وبس يطلع ابو دراع شيعيلي امك، وبس اخلص كلامي مع امك تعاليلي عايزاكي تنامي فباطي هبابه واشمك نفسي طالبه ضمتك يابت الحبيبه.
يادوب خلصت كلامها وربيعه حطت يدها على خشمها وطلعت من الاوضه جري، وردت الباب وراها على امر ستها.
أما ابو دراع فبمجرد مابص فوش عديله شاف عليها علامات الموت، فبلع ريقه بغصه وكتم وجعه فقلبه وبصلها بألم وهمسلها بحس يادوب طالع:
عايزه ايه ياستي أؤمريني واني خدامك.
اتبسمتله عديله وبمحبه وحس نهجان كيف ماتكون كانت في سبق ردت عليه:
مايؤمرش عليك ظالم ياعيون ستك.. اني مش هطول عليك ياولدي بالحديت هما كلمتين ورد غطاهم..
عايزاك تكمل جميلك ياابو دراع وتصون امانتك اللي ربنا حطها فرقبتك للأخر ومتفرطش فيها.
رد عليها ابو دراع فوراً:
الدهبات في الحفظ والصون ياستي وعيزيدوا مينقصوشي وانا مرسيكي على كل شي.
عديله:
الأمانه مش الدهبات بس ياابو دراع.. الامانه شامله اصحاب الدهبات كمان.. شام وبتها امانتك اللي ربنا حطها فطريقك واللي لو انت مش كدها مكانش وقفك ليهم.. عايزاك تحافظ على ربيعه وتحميها من بطش ابوها وواد عمها وتحرسها منيهم، دول صنفهم نمرود ياولدي ومكارين كيف الديابه، وإن مكانش الواحد يحطلهم عنيه في نص راسه ياكلوه ويمرمشوا لحمه.. وشام غلبانه ومهبله كيف ماانت خابر، وربيعه عامله كيف لوزة القطن المقفله اللي لساها مافتحت، براها خضار وجواها بياض ولساها صغار ومهتعرفش تحرس روحها.. خلي بالك عليها ياولدي واعمل اي شي عشان تكف عنها الاذى. انت العفي اللي الكل عيخاف منك ومحدش عيقدر يوقفلك فى طريق ولا يكسرلك كلمه.
خلصت كلامها وخدت نفس طويل، وبصت علي ابو دراع مستنيه منيه الرد، وبمجرد ماهزلها دماغه بالموافقه ورد عليها بإن شام وبتها هيفضلوا فعنيه وحمايته لاخر العمر، اتهدت براحه، وفضلت تدعيله هبابه، وبعدها قالتله يطلع ويشيعلها شام.
وبالفعل طلع ابو دراع، وبص لربيعه اللي قاعده على الدكه وعيونها عتسح في الدموع، وقالها تشيع أمها لستها عديله، وطلع وهو حاسس بوجع فى قلبه على فراق احسن واحن وحده فبيت المقاول كلهم، واللي كانت البلسم اللي عيشفى جروح شام وربيعه من اللي عيجرا فيهم.. وطوالي راح عالمندره يرتبها ويجهزها للمعازي اللي مسألة ساعات او يومين بالكتير وهياجوا.
أما عديله فودعت شام وشام ودعتها بالدموع والتحضان، ودعت لشام بصلاح الحال والراحه، وشام دعتلها بالمغفره والرحمه بس فسرها عشان متحسسهاش بقرب أجلها، مع إن كلامها وتصرفاتها عيقولوا إنها حاسه لحالها، وبعدها طلعت شام عشان تنهار في الحوش على القلب الحنين والضهر اللي فضل ساندها ١٨ سنه رغم ضعفه، واللي مش متقبله فكرة رحيله عنها واااصل ولا إن اليوم هتطلع شمسه وتغيب من غير ماتشوف ستها عديله وتقعد جارها وتسمع حسها ويتونسوا ببعض.
وهملت عديله مع ربيعه، اللي حضنوا بعض وغمضوا عيونهم وكل وحده عتحاول تشبع من حضن التانيه على كد ماتشبع.. وقفلت الباب شام عليهم بعد ماشغلت الراديو علي إذاعة القرآن، لعله يهدي رهبة طلوع الروح من البدن لو كان اوانها آن.
أما ربيعه ففضلت ضامه ستها لحضنها، وحاسه بانفساسها الدافيه على رقبتها، وبعد شويه انفاسها الدافيه اختفت، وابتدا دفوا جسم ستها عديله يروح شويه بشويه وهي فحضنها، ويتبدل لبروده، وبرغم صغر سن ربيعه الا انها حست إن هو ديه الموت، وإنه اتسحب كيف الهوا من غير ماتحس بيه وسرق روح ستها منها، وماتت عديله فحضن ربيعه صاحبة ال١٤ سنه، اللي رهبة الموقف ووجعه كان اكبر من سنها، ومع ذلك خاضته واتحملت إن روح ستها تطلع على صدرها.
ومن اليوم ديه خلص عهد.. عشان يبتدي مع شام وبتها عهد جديد كلياً، ميعرفوش ايه اللي الدنيا مخبياهولهم فيه.
واتنصب العزا، وبدأت المعزي تهل عالبيت، حريم بيت العمده، وعمات ابوها وبناتهم، والبيت بقى يعج بالحريم اللي كان بدهم يلطموا ويشيعوا جنازة عديله بمراسم الجاهليه، لكن ربيعه وقفتلهم بالمرصاد ومخلتش وحده تلطم لطمه على ستها عديله عشان ميعذبوهاش، ولا وحده تصرخ صرخه حتى، وكل اللي تحاول تخالف الكلام كانت تستلقى من ربيعه وحده.. وكانت داي اول جنازه صامته في تاريخ بيت المقاول وتاريخ المجتمع ديه وكتها وتاريخ الصعيد عموماً.
وبعد ماخلصت الجنازه، فضى البيت على ربيعه وامها وبقى بارد وهِو كيف مايكون كل الدفى والونس وكل حاجه حلوة خدتها الجده عديله معاها وهي ماشيه..
يتتتتبع
بقلم ريناد يوسف
نفق الجحيم الجزء الثاني الفصل التاسع والعشرون
❈-❈-❈
عدت أيام وأيام الحزن كان مخيم فيهم على شام وربيعه، والتنين حاسين بغربه وسط البيت اللي ليهم فيه سنين عايشين والمفروض مولفين عليه، لكن اتضحلهم إن الوطن والبيت مش الارض والحيطان، له ديه طلع قلب كبير يحبك ويساعك بكل مافيك.. هو ديه الوطن الحقيقي، وبموت عديله ضاع الوطن واتهد البيت واتشردت سكانه.
ورجعت شام لخدمة البيت والشقا من تاني، مع انها مرجعتش كيف لاول واتغيرت فيها حاجه تانيه جنب قلبها اللي اتكسر ونفسها اللي عافت الدنيا.. ضعف نظرها خالص من كتر البكا اللي بكته على عديله، لدرجة إنها توبقي شايفه الحاجه وفلحظه عيونها يغبشوا والرؤيه توبقى ضبابيه وتفضل تفتح وتغمض فيهم مده علي مايرجعوا تاني يشوفوا زين، وديه سببلها مشكله وخصوصي لو عتعمل حاجه تحتاج تركيز وملاحظه طول الوكت ومينفعش اللي عيعملها يغفل عنها واصل.
وديه لاحظته ربيعه على امها، وفوراً راحت لأبو دراع تترجاه يخلى ابوها كرار يوافق يودى امها لحكيم في المركز تكشف على عنيها اللي هيضيعوا منها وتفقد نظرها وساعتها هتترمى رمية الكلاب.
ووعدها ابو دراع إنه هيكلم كرار بس يعاود ويخليه يوديها للحكيم.. وقال لربيعه انه لو وافق هو اللي هيودي شام بنفسه،
وياخدها هي كمان معاهم؛ عشان يوريها الدنيا بره البيت ديه عتكون عامله كيف..وربيعه اول ماسمعت إكده حست قلبها طاح عالارض من الفرحه، وفضلت تتنطط قدام ابو دراع وتضحك بدون وعي خلته ضحك على ضحكها وفرحتها، ودار وشه بعيد بخجل وهملها تتنطط براحتها،
وبعدها شام راحت على البيت جري؛ عشان تبشر امها بالخبر اللي متأكده إنه هيخلى امها تطير من الفرحه اكتر منها.. وهو إنهم اخيراً هيطلعوا بره السجن ديه وينولوا الحريه.. حتى لو كانت حريه مؤقته وليوم واحد.. لكنها هتزيح عن قلوبهم سجن عمر بحاله.
وبالفعل ربيعه بلغت امها، وشام قعدت على حيلها وهي مش مصدقه اللي عتسمعه من بتها، وفضلت تتخيل في شكل الشوارع والبلاد والبندر والسوق بتاعه اللي مشافتهوش من اكتر من ١٥ سنه، وتسأل حالها ياهل ترى كل شي قاعد كيف ماشافته أول مره ولا اتغير؟
وهمست لروحها إن كل حاجه اكيد هتكون اتغيرت.. بس اللي واثقه انه متغيرش هو ابو قلب حديد، اللي أول ماهتطلع هتجرى عليه وتترمى جوا قلبه وتقوله كد ايه وحشها واشتاقت لشوفته، وإنها كانت تسمع حسه كل يوم وعارفه إنه عينادم عليها ويسأل، وطول الوكت يقولها انه فاكرها منسيهاش، بعكس ابو قلب من لحم ودم اللي مافكر حتي يسأل عليها ويعرف اخبارها ويطمن على احوالها، وتلاقيه عايش حياته ومتنعم بمباهجها ولا كأنهم فيوم من ليام كانوا متواعدين عالجواز ولا قلوبهم نبضت لبعض بالمحبه.
❈-❈-❈
أما ممدوح فكان قاعد على الشط عند المعديه بتاعة البلد، وسرحان وعمال يرمى زلط صغير فى الميه، واتوقف فجاة لما سمع حس منتصر واد عمه سلام عيقوله:
ايه الهم اللي شايله ديه كله ارحم نفسك الهم هيموتك، وكل ديه عشان ربيعه المفعوصه داي..فين قوة الرجال ياواد عمي.
رد عليه ممدوح وهو عيتنهد بوجع:
العشق معيخليش في الرجال قوة يامنتصر، إنت بس لو عايز تهد راجل وتذله وتوجعه حط فطريقه وحده وخليه يعشقها، وكتها مهيوبقاش منيه ولا من قوته شي.
سمعه منتصر وسكت مردش عليه، لكنه صدق كل حرف عيقوله، عشان ممدوح عمره ماكان ضعيف ولا قليل حيله غير قدام ربيعه وعند امر يخصها،
وطول عمره عيراقبه لما يكون عيتطلعلها وعيشوفه واحد تاني خالص غير ممدوح اللي يعرفه!
فلعن العشق واللي عيعشقوه، وحلف بحياته عمره ماهيحب ولا هيخلي قلبه يدق لمره مهما حوصول، وهيفضل محتفظ بقوته ورجولته وكرامته اللي من وجهة نظره عيروحوا مع الحب، وميعرفش إنه وقت الحب عيعمى البصر والعقل، ويغيب الفهم والادراك، والقلب هو اللي عيكون ربان السفينه ويحركها حسب رياح الشوق واللهفه ماتوديه.
❈-❈-❈
أما حدا بيت توفيق
بدور قاعده عالدكه ومقعده امها قبالها وعتقولها بلهوجه:
قومي يمه قوام شيعيلي حد من عيال اخواتي للدايه يجيبها كني حبلت يمه كني حبلت.
ردت عليها عدويه بهدوء:
ومالك فرحانه قوي إكده ليه كيف ماتكون اول نوبه ليكي تحبلي؟!
بدور: مش اول نوبه بس النوبادي فرحانه بيها قوي؛ عشان عزت يشوفني ولاده ويحبني لما يلاقيني عزقلطله في العيال على طول، بالك انتي هو عيقول عاوزش منك عيال بس اني عارفاه كداب، واللي جواه غير اللي عيقوله، ديه عيموت فيا وفعيالي.
هى قالت إكده وفكريه ونعمه اللي كانوا قاعدين قريبين عليهم وسامعين، حطوا اديهم على خشومهم وكتموا ضحكتهم، وحتي عدويه بصتلها بإستنكار، وهزت اديها وقامت شيعت واد معروف الصغير على الدايه يجيبها تكشف على بدور؛ عشان تهدا وتقعد على حيلها.
ومعداش وكت كبير ودخل واد معروف سالم وهو جايب معاه الدايه اللي السن خد من صحتها وبقت مشيتها على كدها وحيلها راح وعتستعين بعصايه فى المشي، ووصلت بعد مشقه لبيت نعيم،
واهناك كشفت على بدور وطمنتها بالخبر اللي ريح قلبها وقالتلها إنه حبله، وخدت منيها الحلاوه الزينه، وطلعت وهملتها وهي واعيه الدنيا مش سايعاها من الفرحه.
واول ماوصلت قصاد بيت المقاول، وقفت قصادة وبصت عليه، وبعد تردد حسمت امرها ودخلت تلقط رزقها اللي هي عارفه هتجيبه كيف..
وأول مادخلت وشافت ربيعه بت شام، نادمت عليها وسألتها توبقى بت مين، ولما ربيعه قالتها بت شام معرفتهاش،
بس لما قالتلها بت كرار عرفتها؛ عشان خابره زين إن كرار محداهوش غير بت وحده، واللي هى من مرته الاولانيه الغريبه.
سألتها بعد إكده على شوقيه مرت ابوها وقالتلها تنادملها عليها من فوق.. واول ماشوقيه نزلت وشافت الدايه انضربت بالغضب، لانها متوكده إن الدايه جايه ترمي برودها عليها وتاخد منيها فلوس،
وهي بمجرد ماعتشوفهاعتفتكر كل اللي جرا زمان، وكل اللي هي فيه ديه واللي سببه الغلطه اللي غلطتها واللي خلت كرار اتغير عليها، وبعد ماكان خاتم في صباعها بالمحبه، بقى مداس فرجليها بس من غير محبه، وبصراحه سلطة المحبه عتوبقى احلى وأمتع.
نزلت شوقيه السلم، وخدت الدايه على جنب بعد ماامرت ربيعه تدخل تعمل شاي، وبمجرد مادخلت ربيعه الموطبخ بصت شوقيه للدايه وبغل قالتلها:
جايه عايزه ايه انتي، مش عرفتي من زمان إن كرار كشف السر جايه تهددي بأيه تاني؟
الدايه بمسكنه:
اخص عليييكي اخصص.. بقا إكده يامرت المقاول تتلقيني بالمشوح والملوح واني اللى اتوحشتك وجايه عشان اشق عليكي واشوف خبرك ايه، ومحبلتيش ليه تاني بعد الوادين؟! واديكي حاجه تخليكي تحبلى وتجيبي التالت يخاويهم!
ردت عليها شوقيه ببرود:
له متشكره منك معاوزاشي منيكي حاجه، اني وكت مااحب احبل هروح للحكيم في البندر يديني علاج زين واحبل طوالي، مش اعشاب ليهاشي عازه ولا ليها فايده، خلاص زمنك وزمن اعشابك ولى ياعجوزة البين.
الدايه بخبث:
إيهييه.. معلهش يابنيتي يمكن صوح دلوك اني وحاجتي مبقاش لينا عازه.. بس زمان كان لينا كل العازه وكنا عنستروا الولايا ونستتوهم فبيوت يدخلوها ويتملكوها ويسرحوا ويمرحوا فيها على راحتهم.
كان وين الحكيم وكتها وكان فين علاجه الزين ديه؟
ولا كانت البنته هتعرف رقبة الحمامه من وين؟!
القصد.. اوبقي روحي انتي للحكيم وخليه يعالجك.. واني هروح لضرتك اعالجها.. ضرتك اللي قلبتلها بيت الولد بإس جوزك عشان تجيبش عيال تاني.. دلوك هروح اعدلهولها تاني واخليها تجيب لجوزك الولاد وتملاله البيت وتقعد عالحجر وتنزلك بوادينك اللي فرحانه بيهم دول ومكتفيه.. هعالجها واقول لكرار اني عالجتها واوبقي اتفرجى على فرحته وكتها..
خلصت كلامها وهمت عشان تلف وتمشي من قدام شوقيه، لكن شوقيه مسكت دراعها وقفتها وقالتلها وهي عتجز على سنانها:
بالك لو سمعت انك عيملتي حاجه زي إكده ياعجوزة البين انتي، بالله العظيم اكون قاطعه خبرك قطع..
ردت عليها الدايه بنبرة كيد:
اوبقي اقطعيه خبرى اني إكده إكده قربت اموت وميهمش خبري ياجي لحاله ولا على يدك.
شوقيه ردت عليها بحاجب مرفوع:
مستبيعه يعني!
الدايه:
وضارباها صرمه.. اوعى يلا همليني وسيبي دراعي خليني اروح للغلبانه داي خليها تلحق تجيبلها واد من جوزك تتعكز عليه في كبرها.
ردت عليها شوقيه بعصبيه مكتومه:
وقفى إهنه وقفت الميه فزورك.. قولي عايزه ايه واخلصي.
الدايه وهي عتبصلها بعيون عتلمع من الطمع في الدهب اللي لابساه ومسكت دراعها رفعته ومشت يدها عالغوايش اللي لابساهم وقالتلها :
كلك نظر عاد يامرت المقاول.
نفضت شوقيه يدها منها وبحركه سريعه غاضبه قلعت من يدها غويشه دهب ومدتهالها وهي عتقولها:
خدي حار ونار في جتتك، بس اسمعي، وربي لو شفت وشك جوا البيت ديه لأكون فاحته ودافناكي وماأخلى الدبان الازرق يعرفلك طريق جره، فاهمه ولا له؟
خطفت الدايه من يدها الغويشه وردت عليها وهي عتنطط الغويشه على يدها تشوف تقلها:
متقلقيشى مهتشوفيشي وشي ولا قفاى حتى،
مع اني عتوحشك والله وعتوحش دهبك وقرشيناتك، بس يلا ربنا يفرجها من موطرح تاني.. خلصت كلامها وضحكت بسماجه ولفت عشان تمشي..
لكنها وقفت متفاجئه وهي شايفه شام وراها واقفه بكباية شاي.. شام اللي خلت بتها تقعد تنقى الرز وقالتلها هي اللي هتطلع الشاي موطرحها؛ عشان ربنا يريد إنها تسمع اللي فاق الخيال، تسمع جبروت وقهر وظلم كرار ليها المدفون ليه سنين،
واللي كانت مفكره إنه مفيش جبروت ولا ظلم اكتر من اللي عامله فيها وفبتها، لكن ماخفى كان اعظم وأشد وأوجع.
بصت للدايه بوجع واتفكرت كل الالم اللي قاسته بعد ولادتها، وبطنها اللي قعدت اسابيع تغيب ويجيلها فيها وجع يخليها تعض الارض، ولا هي ولا ستها عارفين سبب الوجع، وحوريه اللي مكانتش تعذر وجعها وكانت تخليها تخدم رغم الالم.. وغمضت واتنهدت بقلة حيلة وبعدها فتحت وبصت للدايه وبقهر المظلوم قالتلها:
طابور ظلامى اللي هيقفوا قدامي يوم الموقف العظيم زاد نفر.. ومش مسامحاكى ولا هسامحك.. والدهب اللي فرحانه بيه ديه الهي ماتلحقي تتهني بيه الا تصرفيه عالحكما اللي مايلقولك طب ولا دوا.
خلصت كلامها ولفت ودخلت الموطبخ بخطوات بطيئه مكسوره، وعلى الرغم من انها مكانتش عايزه تخلف من كرار ولا عمرها اتمنتها، لكن كونه يستبيح جسمها ويخرب فيه على هواه.. الحته داي وجعتها فوق وجعها وجعين.. ودخلت الموطبخ وهي عتحسبن من كل قلبها على كل اللي ظلمها فيوم من الأيام.
أما الدايه فطلعت من البيت قوام وبلهوجه قبل ماشام تفوق من صدمتها وترجعلها تقضى عليها لما تستوعب اللي عملته فيها، وإفترضت إن السكينه سارقاها دلوك، متعرفش إن الاستسلام والمسالمه طبع شام مش وليد لحظة صدمه.
دخلت شام الموطبخ وقعدت مسهمه شويه، وبعدها دموعها نزلوا بحسره على حالها، وربيعه فوراً قامت تهديها وخدتها فحضنها وهي فاكره إنها نوبه جديده من حزنها على ستها عديله، أو نوبه من نوبات حنينها واشتياقها لأهلها اللي عتنتهى بالبكا زي إكده..وبعد ماغلبت ربيعه على ماسكتت امها، هملتها وطلعت تجيبلها لمونتين من الجنينه عشان تعملها كباية لمون تهديها هبابه.
وبمجرد ماطلعت شافت ممدوح ومنتصر داخلين من بوابة الجنينه، اتجاهلتهم وراحت علي شجرة اللمون عشان تجيب منها، وممدوح لما شافها ساب منتصر وراح عليها، وابتدا يقطفلها اللمون وهو عيقولها بغضب:
متطلعيش الجنينه تاني مره وتفضلي تتنططي وتمطي روحك كيف العرسه عشان تتلافى لمون ولا غيره، اني كل عشيه هجيبلك اللمون اللي تعوزيه وارزعهولك في البيت.
ردت عليه ربيعه بغضب اكتر:
قولتلك قبل سابق ياممدوح انت ليكش حكم عليا، وهطلع الجنينه وكت مااحب وحدش يقدر يحوشني، فهمت الحديت ديه فهمت، مفهمتش توبقى إنت قليل فهم عاد.
ممدوح رد عليها بغضب وهو عيتقدم ناحيتها كيف مايكون ناوى عالشر:
انتي تسمعي الحديت من غير نفس، ياإكده يأما..قال كلمته ورفع يده عليها لأول مره وهو حاسس إن عيارها فلت عليه ولازمن يكبح جموحها هبابه عشان يقدر يسيطر عليها، ومفيش غير الضرب هو اللي هيجيب النتيجه اللي هو عايزها، وفعلا يده كانت هتنزل علي وشها وهى حامله كل خوفه من إنها متكونش من نصيبه وتضيع من بين اديه،،
لكن وقفه أبو دراع وهو عيمسك يده الهاويه قبل ماتوصل لخد ربيعه وقاله بغضب:
يدددك بدال ماأكسرهالك.. اوعاك تفكر تمدها عليها فيوم من ليام.. والله ياممدوح اندمك عالساعه اللي ولدتك فيها امك وجابتك عالدنيا.
ممدوح بغضب:
سيب يدي ياعم ابو دراع، البت فاعت فيها ولازمن تتربى، وبعدين داي بت عمي واني ليا حكم عليها برضاكم أو غصب عنكم.
رد عليه ابو دراع وهو عيزيحه بعيد زيحه بسيطه لكنها كانت لممدوح بمثابة دفعه قويه خلته رجع خطوه لورا:
مش بمزاجكم هبابه تكون بت عمكم وهبابه تاني ولا تعرفوها.. ربيعه ليكش حكم عليها غير فحاله وحده، لو قسمتلك واتجوزتها، غير إكده لسانك يتطاول عليها اقطعهولك، يدك تطول عليها اكسرهالك..
ومن إهنه ورايح اياك اشوفك تعترض طريقها ولا توقف قبالها، والجنينه هتطلع فيها زي ماتحب وديه اخر كلامي وعايز اسمعك تتكلم بعديه.
خلص كلامه وشاور لربيعه برقابته عشان تروح عالبيت وهي طاعت وفورا مشت، وبعدها بص لممدوح اللي كان باصصله بعتب، لكنه اتجاهله واتجاهل عتبه وزعله، ورفع عصايته اللي عيسوق بيها غنمه على كتافه، ومشى من قدامه وراح لغنماته،
وهمله واقف معارفشى يعمل ايه فاللي هو فيه ديه مع ربيعه ولا لاقي حل لعمه وابوه عشان يوافقوا،
ولا لاقى حل معاها عشان تلين من ناحيته وتحبه وتديه ريق، عشان يحارب بيها وليها الدنيا كلها لغاية ماياخدها.
شويه وأبو دراع رفع عينه وشاف كرار داخل من بوابة الجنيه، شاورله بيده وكرار شافه وراحله، وبعد السلام قعد جاره، وأبو دراع دخل في الموضوع على طول:
شام عنيها واجعينها ولازمها زياره للحكيم، واني قولتلها اني هستأذنك واخدها اوديها للحكيم واخد ربيعه كمان معاها.
بصله كرار وسكت هبابه وسرح بعيد وبعدها رد عليه وقاله:
له متروحش، تشيع حد يجيبلها قطره على إكده، ولا روحلها للمزين هاتلها منيه قطرة شبه زفره وجنزاره وعنيها هتوبقي عال العال.
أبو دراع بصله بإستغراب وقاله:
وليه يعنى متطلعشي وتروح للحكيم واني معاها قلتلك.
رد عليه كرار بإصرار:
له شام مهتطلعش من البيت واصل، اللي محتاجاه تشيع عليه، انما طلعه من البيت لحد ماتموت مش هيوحصول، وديه اخر كلام حداي.
خلص كلامه وقام راح عالبيت وهو عيتخيل لو شام طلعت من البيت وهربت معاودتش مره تانيه، كيف هيكون البيت من غيرها، وهي برغم هدوئها وسكوتها، الا انها ماليه موطرح لو فضى هيوبقي البيت عفش قوي وكتها، وكفايه إنها قاضياله كل طلباته وعتعرف هو عايز ايه وعيتعمل كيف وميته وتعملهوله من قبل مايطلبه.
دخل كرار البيت، وبمجرد دخوله ربيعه شافته وطلعت جرى على ابو دراع بحماس ولهفه تسأله عمل ايه فموضوع روحتهم للبندر؟
وهو اول ماشافها جايه تجرى عليه عرف إنها جايه تتطمن على إن اللي قال عليه هيتنفذ، فنكس وشه للارض بخجل، وهي اول ماعيمل إكده فهمت طوالي، فوقفت قباله تلقط انفاسها وبيأس وخيبة أمل سألته:
مرضيشي صوح؟
هزلها أبو دراع دماغه بتأكيد لكلامها، وهي ابتسمت ابتسامه مكسوره وقالتله:
ماهو لو وافق مش هيوبقى كرار وهيتعاير بالرحمه اللي هتنزل على قلبه.
خلصت كلامها وهمت تمشى، لكن وقفها حس ابو دراع وهو عيقولها:
امك هندلى البندر واجيبلها قطرة غُباش زينه ياربيعه وهتروق عليها عنيها بأذن الله، وكمان هطلع دلوكيت اجيبلها برهم ترمايسين تدهن منيه عنيها قبل ماتنام كل عشيه وعيونها هيوبقوا عال العال، هي بس تبعد عن الدخان هبابه، داي بقت كيف نافخ الكير معياخدش غير اذى لهب النار.
خلص كلامه واستنى ربيعه ترد عليه، لكنها مشت من غير ماتنطق بحرف واحد، وهو عارف زين قوي إن فرحتها اتكسرت وعشمها في الطلعه من البيت وشوفة الدنيا راح عالفاضى، وديه حسسه بالتقصير وبغل اليد وإنه خذلها لأول مره وديه خلى قلبه وجعه عليها.
وعاودت ربيعه لشام وبلغتها برفض ابوها لطلعتهم من البيت، وكالعادة شام اتقبلت الخبر ببلادة مشاعر وإحساس ميت، لانها من ساعة مادخلت البيت ديه وهي عمرها مااستنت الفرحه ولا حست إنها هتاجيلها فيوم من ليام، فمبقتش فارقه معاها.. أما اللي فرقت معاه قوى هي ربيعه، اللي كانت معتبرها فرصه للخروج من النار للجنه اللي عتسمع عنيها في الحواديت ونفسها تشوفها.
شويتين وقاموا التنين عشان يريحولهم هبابه فأوضتهم، وهما ماشيين شافوا شوقيه عتلبس فى الملس بتاعها وتقول لورده بنبرة كيد:
وررده، لما ياجي كرار قوليله اني خدت العيال واندليت البندر عشان اوديهم المولد وجيبلهم حاجه حلوه من البندر، وقوليله كمان اني واني معاوده هجيبله معاى حاجه حلوه قوى من البندر، حاكم البندر ديه مليان حاجات تزغلل العين واللي عيروحه معيشبعش من حلاوة الشوف.
خلصت كلامها وبصت لربيعه وامها تكيدهم زي كل مره عتروح فيها البندر، وتحسسهم إنها واخده سُلطه لا يمكن هما ياخدوها، وطلعت تتمايل وهملت ربيعه وامها عيتحسروا على همهم التقيل.
واثناء ماكانت طالعه وقفت في الجنينه على حس ممدوح وهو عينادم عليها ويقولها:
مرت عمى، يامرت عمي استني.
اندارت شوقيه وبصتله وهي مستغرباه؛ عشان ممدوح بالذات دوناً عن اهل البيت يكاد يكون كلامه معاها معدوم، ومعيحتكش بيها واصل، ومبعد خالص وهي مفسره ديه إنه من حبه لربيعه وامها وميله ناحيتهم..
وقف ممدوح قبالها وبأدب مبالغ فيه قالها:
يامرت عمي اني عايزك في خدمه انتي بس اللي هتقدري تعمليها.. ومن بعدها اني خدامك وكل طلباتك اوامر، لو طلبتي لبن العصفور ينحلب ويتجابلك بالعَجل
اتبسمت شوقيه وهي خابره زين طلبه، وقالتله بمساومه متقبلش الجدال:
موافقه بس تعيش خدامتي لاخر العمر، ومتفكرش إنك تعليها عليا فيوم من ليام.. تفهمها إن مرت ابوها ستها وتاج راسها وخدمتها واجبه لأخر العمر.
هز ممدوح دماغه بالموافقه فوراَ ورد عليه قوام:
اعتبريه حوصول واعتبريها تحت مداسك من أول يوم اكتب فيه عليها، اني كل همي أنى اطولها واكسرها بس، وبعدها تغور لجهنم الحمرا.
اتبسمت شوقيه بإعجاب بكلامه ورفعت راسها بغرور وردت عليه:
خلاص هملني يومين وهفرحك.
خلصت كلامها ومسكت ادين عيالها التنين ومشت، وكل نظرات ممدوح المليانه بإحترام مزيف، وملامحه البشوشه اتغيرت للغل والكره وهو عيراقبها عتبعد ، وهمس لروحه من بين سنانه:
اخدها بس، اخدها ياولاد الك. لب واني اللي هدوس على رقابيكم كلكم واخطفها واطفش بيها من البيت ديه خالص.
❈-❈-❈
على اخر النهار طلعت شام تاخد حطب للكانون من اللي عيكومه ابو دراع قدام الباب؛ عشان يكون قريب عليهم، وشافته وهو داخل من البوابه وشاورلها عشان تستناه، وهي نزلت الحطب اللي بين اديها ووقفت استنته، وبمجرد ماوصل حداها رمى عليها السلام وهي ردته، ومدلها كيس كان ماسكه فيده وهو عيقولها:
خدي ياام ربيعه داي قطره والبرهم اللي قولتلك عليهم، مرضيتش استنى لبكره ورحت النهارده اندليت البندر وجبتهملك..
القطره ٣ مرات في اليوم علميهم صبح وضهر ومغرب، والبرهم فى الليل تحطي منيه قبل ماتنامي.
ربيعه خدتهم منيه وهي عتتشكره، وهمت عشان تدخل لكنه وقفها وهو عيقولها:
استني ياأم ربيعه، ابوكي شيعلك القرشينات دول مع الشيخ حكيم والشيخ حكيم اداهمنى واني رايح البندر.
خلص كلامه ومد يده فجيبه وطلع القرشينات، وشام مدت يدها عليهم بلهفه كيف ماعتعمل كل مره، وشمتهم وشمت فيهم ريحة المسك اللي ابوها عيحط منيه وغمضت عيونها وحست كانها فحضنه وعتشم ريحته، وبعد كذا مره تشم فيهم الريحه عاودت الفلوس لابو دراع تاني وهي عتقوله:
خليهم معاك ياابو دراع إنت اللي عتشتريلنا الحاجه، إحنا هنعملوا ايه بالفلوس ماانت عارف.. واخصم منيهم حق العلاج ديه لو كنت جايبه من حداك.
رد عليها ابو دراع وهو عياخدهم منيها:
فلوسك اللي حداى كتير وربنا مبارك فيها ياأم ربيعه، وأي حاجه تعوزيها انتى أو ربيعه أطلبيها وتاجيلكم في التو والحال.
ردت عليه شام بإبتسامه ممتنه:
ربنا يخليك لينا ومايحرمنا منك ياواد الاصول يابو قلب طيب.. والله ياابو دراع ماعارفه لولاك ولولا ستي عديله كنت هعمل ايه في البيت ديه اني وبتي وهنعيشوا كيف؟! سبحانه اللي عيسخر الناس للناس ومعينساش عبده حتى لو محبوس بين جدران الظلم!
خلصت كلامها وشالت الحطب وخطت كام خطوة ووقفها حس نديم واد سلام وهو جاي يجري من بره وعيقول:
عم ابو دراع عم ابو دراع تعالا اتفرج عالحادثه اللي عالسكه الحديد، القطر كل الدايه وفرمها وخلى اللي يشوفها ميعرفهاش، بس الناس عرفتها من خُرجها المرمى جار السكه.
طلع أبو دراع جرى مع نديم يشوف ايه الحكايه، ويلم مع الناس من وسط الحجاره اللحم اللي اغلب الناس عتخاف تروح يمه كل مالقطر ياكل حد، الا اصحاب القلوب القويه بس، واللي ابو دراع على راسهم طبعاً.
اما شام فاتحركت علي البيت وهي حاسه بإحساس متضارب، مابين شماته متقدرش تنكرها، ومابين إحساس بالذنب من دعوة دعتها عالدايه فلحظة غضب وباب العرش كان مفتوح.. ومابين امتنانها لحبيبها اللي خدلها بتارها من اللي أذتها بمجرد ماشافها قدامه وجات في طريقه..
بس إحساسها بالذنب كان اكبر إحساس فيهم واقوى، لكنها صبرت روحها بإنها لو مش مظلومه مكنش ربنا استجابلها، وفنفس الوكت حست بالندم لأنها بدعوتها داي خدت قصاصها من الدايه فى الدنيا وهي كانت عايزه تاخده في الاخره من حسناتها.. وقررت من بعدها إنها مش هتدعى على حد واصل حتى لو ظالمها، وطلبت من ربنا إنه يأجل القصاص من كل اللي ظلمها للأخره؛ عشان تاخد حقها بحكم من اعدل القضاة، واللي حكمه مافيش بعديه استئناف واصل.
خلص اليوم وجن الليل وسكنوا شام وربيعها فحضن بعض، وطبعاً ربيعه قطرت لأمها الأول ودهنتلها البرهم، وغمضوا وهما عيفكروا في المستقبل المجهول اللي مستنيهم ومابينلهوش ملامح.
والصبح فاقوا التنين على صوت قرآن الفجر زي مامتعودين، فقاموا اتوضوا وصلوا الفجر حاضر، وكملت ربيعه نوم، وفضلت شام كالعادة قاعده على سجادة الصلاة، قرت وردها اليومى وفضلت تسبح على السبحه الخشب اللي ورثتها من ستها عديله، واللي كل يوم تسبحلها عليها ١٠٠ مره على روحها، وتدعيلها بعدهم بالرحمه وتقرالها الفاتحه، وتكمل تسبيح لنفسها لغاية ماتبزغ الشمس من جوف السما وتنفخ انفاسها الدافيه على الدنيا وتصحى النايمين.
وبمجرد طلوع الشمس قامت شام حلبت وشالت الظاطه، وبعدها دخلت عالموطبخ تجهز الفاطور لكرار اللي زمانه نازل على شغله، ومعاه طبعاً عزت اللي معيهملش ساعة الصبح تفوت ولا يرضى يطلع من غير ماياخد كفايته من البص على شام سرقه من ورا عيون كرار، كيف مايكون صباحه ميكملشي من غير ماعيونه يتصبحوا بيها.
عزت اللي كل مايصحى الصبح، ينزل يتسحب من جار بدور وميصحيهاش ويسبقها على تحت؛ عشان تكون شام اول اصطباحته وبداية يومه، واللي عيستبشر بوشها ويتأكد وقت مايشوفه إن الرزق عياجي على شوفته، وإقتناعه ديه مجاش من فراغ، لأن اليوم اللي معيشوفهاشي فيه قبل مايطلع عيحس إنه يوم منحوس وحتى رزقته قليله.
أما كرار فبعد مافطر وهم قايم علي شغله وقفته شوقيه وهي عتقوله:
استنى ياكرار عايزاك فحاجه.
وقف كرار واتافف من غير مايبصلها وسألها بديق:
عايزه ايه؟
بدون مقدمات ردت عليه بصيغة امر وقالتله:
جوز ربيعه لممدوح ياكرار.
لف عليها وهو مستغرب وسألها وهو مضيق عنيه:
وانتي ايه موصلحتك فى القصه داي؟
ردت عليه شوقيه وهي عتربع اديها علي صدرها:
ليا موصلحه وعيالي ليهم موصلحه وحتى انت ليك.. البت داي لو خدها واحد مدلدل ممكن زمامها يفلت من يده وساعتها مهيوبقلهاشي رداد، وعيالي هيتلطوا من عمايلها وهيتعايروا باللي محسوبه عليهم اخت، والعرق دساس وإنت خابر، وعشان إكده داي لازمن تفضل في البيت ديه محبوسه لغاية ماتندفن فيه زي مااتولدت فيه، تفضل مع امها في الموطرح الوحيد اللي ينفع يقعدوا فيه.
رد عليها كرار بغل وهو مش طايقها:
خابر زين اني ياشوقيه إن العرق دساس، عشان إكده طول عمري عدعى إن ربنا مايرزقني ببت منك.
خلص جملته ووسعت عيون شوقيه بصدمه، وخصوصي وهي واعيه شام واقفه على باب الموطبخ هي وربيعه اللي كانوا جايين يشيلوا الفطور وسمعوا كلمته.. وردت عليه بعيون عتقدح نار:
كرررار اني قلت اللي حداي، ربيعه هياخدها ممدوح ومفيش كلام بعد اللي قلته.
رد عليها كرار بنديه وغضب اكبر:
واني بتي هجوزها على مزاجي وعطيت كلمه لعريسها وهياجي الجمعه الجايه هو واهله وحريم بيته عشان يقروا فاتحتها والخميس اللي وراه دخلتها و َكلمه زياده اني مش عاوز اسمع.
خلص كلامه وسمع حس من وراه عيسأله بغضب:
وياترى مين العريس اللي عطيته كلمه ديه ياكرار افندي؟
لف كرار على ابو دراع وعقد اديه ورا ضهره ورد عليه وهو باصص للفراغ:
محمود ابو الدنف.
برق ابو دراع عنيه بصدمه وهو عيستوعب كرار قال ايه لتوه! وبعد مااستوعب رد على كرار وقاله:
اتجنيت انت ياكرار عالاخر صوح؟ عايز تديها لواحد كد ابوها وكمان متجوز ومخلف وعياله اصغر واحد فيهم اكبر منها!، إنت ايه ياخي والله مالاقيلك وصف اوصفك بيه.. انسى اللي قلته دلوك ديه خالص.
شام سمعت كلام ابو دراع عن العريس اللي عايز كرار يجوزه ربيعه بت ال١٤ سنه وضربت علي صدرها بخوف وبصوا لبعض هي وربيعه وشافوا نفس الخوف فى عيون بعض وقلبهم التنين رجف من الصدمه.
أما ابو دراع فمسكتش وبص لربيعه وسألها بحزم:
انتي ياربيعه موافقه على واد عمك ممدوح ولا له؟
ردت عليه ربيعه قوام:
له ياعم مموافقاشي.. ولا موافقه عالعريس العجوز ابو حريم كمان.
بص ابو دراع لكرار بعد ماسمع رد ربيعه وكمل.. وجوازها من ممدوح كمان تنساه بعد ماسمعت ردها، وحرف زياده فموضوع جواز ربيعه قبل عالاقل خمس سنين من دلوك لو ربنا عطانا العمر وعشنا لوكتها مسمعش.
خلص كلامه واتحرك على بره ووقفه حس كرار وهو عيقوله بحزم:
عطيت كلمه اني يابودراع.
رد عليه ابو دراع بإختصار:
الحسها مهياش او نوبه ليك.
كرار: له يابو دراع، ربيعه هتتقرا فاتحتها الجمعه الجايه وكتب كتابها ودخلتها الخميس اللي وراها ديه امر محسوم.
رد عليه ابو دراع وهو على نفس وضعه:
-لو راجل اعملها.
كرار رد عليه بأستبياع:
وعزة جلال الله لهعملها.
وكتب كتاب ربيعه ودخلتها الخميس الجاي له الخميس اللي وراه، ولو هعادى الدنيا كلها وادوق الموت الف مره مهتنازلش عن قراري،
ربيعه بت شام قعادها فبيتي مش هيطول اكتر من جمعتين.. وقلت اللي حداي واللي عايز يعمل شي يعمله.
بقلم ريناد يوسف
يتتبع
نفق الجحيم الجزء الثاني الفصل الثلاثون
❈-❈-❈
خلص كرار كلامه وطلع على بره كيف الاعصار قدام عيون ابو دراع اللي كانوا عاملين كيف عيون الغول من كتر الغضب، ووراه طلع عزت اللي منطقش بكلمه ولا اتدخل في الحديت من اساسه، وكأن ربيعه داي لا بت اخوه ولا تعنيه.
وبص أبو دراع لشام وربيعه وقالهم وهو متقصد إنه يقول الكلام ديه قدام شوقيه:
تخافيش ياشام بتك محدش هيقدر ياجي نواحيها، وكمان تزعلوشي من اللي سمعتوه دلوك ديه.. اصل من زمان إكده العايبه لو كلمتها تلهيك وتجيب اللي فيها فيك.. انتوا شاش عالراس يابوي، والشرف لو يخيروه يوبقى بني ادم هيكون شام وبتها، وكفايه انك ياام ربيعه من ساعة ماجيتي عالبيت لا حد مسكك جايبه راجل للبيت، ولا عتتدسدسي فمندره فنصاص الليالي.
ودلوك خشى انتي وبتك وطمنوا قلوبكم، طول ماابو دراع عايش حدش هيقدر يغصبكم على حاجه.
قال كلامه وطلع وهمل شوقيه تفور وتغلى منه من معيرته الصريحه ليها، واللي حتي كرار معيجرؤش يعملها، وتبصله بنفس الكره اللي كانت تبصله بيه حوريه ونفس السخط عليه وعلى السلطه اللي واخدها في البيت ديه وعلى اهله وعلي كرار بالذات بدون اي وجه حق، له وكمان عيتوعد للناس ويخافوا منه كانه قباض ارواح!
وبدأت بعدها تزعق في شام وبتها وتديهم أوامر وطلبت دبداب ومبوخيه وكنافه وكله لازمن يتعمل النهارده مره وحده؛ عشان هتزور بيه امها، وكل ديه عشان تكرب على ربيعه وامها وتخليهم طول النهار قدام الكانون وسط دخانه مياخدوش نفسهم، وتخلص فيهم كيد كرار وابو دراع ليها.
أما ابو دراع فكان لساه واقف بره البيت قريب على الباب وسامع كل حاجه قالتها شوقيه، ولؤمها وخبثها على شام وبتها، فطلع بكل غضب وراح على السوق، وهناك اشترى وابورين جاز واحد كبير وواحد صغير واشترى سبرتايه، وكل ديه من ماله الخاص، وعاود بيهم للبيت، وخد جركن من غاز المكنه ونادم على شام وبتها استأذنهم ودخل الموطبخ وشغلهم البوابير وعلمهم يولعوهم ويطفوهم كيف، ونبه عليهم وكت يخلص غازهم يقولوله عشان يعبيهم، وديه عشان يرحم شام من دخان الكوانين اللي هلك عنيها، وشوقيه برغم إن البوابير ماليه الدنيا الا انها مصره متدخلهاش البيت لشام؛ عشان متريحهاش.
أما ربيعه فالفرحه مكانتش سايعاها باللي عيمله ابو دراع، وبصت لامها بفرحه وقالتلها بأمر:
خلاص يمه من إهنه ورايح مفيش كوانين ولا دخنه، من اليوم وطالع بقى حداكي اللي بشطة كبريته يولع ولا يحتاج نفخ ولا سك.
خلصت كلامها وبصت لامها اللي كانت باصه للوابور وسرحانه وردت عليها بتوهه:
إيوه بس حسه عالي قوي وعفش.. وبعدين ناره صغيره مهتلفش الحله كلها من جميع جانب.. وكمان اني عحب قيد الكانون.. طفيه طفيه وجعلي راسي طفيه.
ربيعه بغضب:
والله مااطفيه وهيقعد شغال إكده وهنعملوا عليه كل حاجه من إهنه وطالع، ولو عالصوت بكره تعتادي عليه، بزياداكي ياام ربيعه شقى واعرفي طريق الراحه.
خلصت كلامها وراحت عشان تعجن عجين الدبداب وبعد منيه تروب عجينة الكنافه وتعجن المبوخيه في الاخر، وكل ديه وهي عتسخط على مرت ابوها وتدعى فسرها بإنها تطفحه هي وامها بالسم الهاري، امها اللي حداها الخدامين بالكوم وجايه عالغلابه تشقيهم.
اما شام ففضلت باصه لنار البابور وسرحت فيه وهو عيضخ لهب من جوفه بلا توقف ولا خفوت!
ومتعرفش ليه الذكرى خدتها ليوم موت حوريه واتفكرت الليله اللي تسبقه كمان.. اتفكرت يوم ما قامت من النوم مفزوعه بعد ماحلمت بحوريه واقفه على جرف عالي وعتبص لتحت وشكلها عايزه تنط، وشام تزعق عليها وتقولها متنطيش هتموتي ارجعي وبرضك حوريه نطت من الجرف، ولما راحت شام بصت عليها لقتها واقعه علي حجر وميته وغرقانه فدمها، وفضلت تقولها قولتلك ارجعي قولتلك ارجعي ليه سمعتيش الكلام؟ وهملتها ومشت وهي واعيه الطيور الجارحه اتلمت عليها تنهش في جتتها.
ليلتها صحيت عديله على انفاس شام العاليه، ولما سألتها مالك وحكتلها الحلم عديله سكتت، وسرحت بعيد وهي عتهمس بصوت مسموع:
عاشت وهتموت بمخها القاسى وبرضك مش هترجع عن طريق الظلم ولا تعترف بغلطها وتطلب السماح منك ولا من اللي اذتهم بطولة يدها وسرقتها لمالهم!
خلصت كلامها وعاودت للنوم تاني وقالت لشام تنام الليل لساه قاسم.. لكن شام جالهاشي نوم بعد منظر حوريه اللي شافتها عليه.. فقامت وراحت عليها أوضتها، ودخلت عليها لقتها نايمه ومفتحه عنيها ومبرقه للسقف بخوف.. اتقدمت منها وبحس مهزوز سألتها:
خالتي.. خالتي ام كرار صاحيه ليه.. جعانه اجيبلك حاجه تاكليها ولا عطشانه اسقيكي؟
لفت عليها حوريه ببطئ وهي لساها مبرقه عيونها، وفضلت بصالها هبابه وبعدها رجعت بصت للسقف من تاني كيف ماتكون مراقبه حدث مهم عيجرا فى السقف!
فضلت شام واقفه مستنياها تبصلها ولا تطلب منها حاجه، لكن حوريه لا بصت ولا طلبت بالاشاره كيف ماعتطلب وفضلت مبرقه للسقف!
فطلعت شام وهي متأسفه على حوريه وحالها، واللي في اللحظه داي عرفت إنها عتصارع الموت بس بطريقه خاصه واكيد مؤلمه بدليل نظرة الخوف اللي فعيونها.. وانها لو طلبت السماح بعيونها من شام في اللحظه داي كانت مستعده تسامحها من قلب خالص وتبريها من كل ذنب عيملته فيها، لكن حوريه اختارت تموت عالجحود، وشام قلبها اتشمع عاللي معبيه من تلاها، وعند الله تجتمع الخصوم، وقت مايكون السماح شعره مابين الجنه والنار والنفس تتمناه ومتطولهوش.
راحت شام على الموطبخ وحمت ميه واتوضت وصلت قيام الليل، صلت زي ماستها قالتلها ووصتها ونصحتها متهملش صلاتها.. قالتلها قربي من ربك واحتسبي اللي عتعمليه كله وشقاكي لوجهه الكريم، وكانت تجيبلها على اذاعة القرآن الكريم دايما وتخليها تحفظ مع الراديو وتردد وراه لغاية ماعرفت كل الصور الصغيره،
وكمان البرامج الدينيه اللي كانت تشرح الدين وتفهمه، كانوا هي وربيعه يقعدوا يستمعولها مع ستهم عديله، وكان ديه متعتهم الكبرى.
وفعلا شام عملت بالنصيحه ومبقتش تفوت فرض ولا تاخره عن ميعاده، وكانت تزيد عالفروض والسنن على كد ماتقدر، وقربت من ربها لدرجة انها شافت إن كل اللي عيجرالها ديه واللي جرالها قبل سابق هين،
وربنا انزل عليها صبر ورضى خلاها نسيت كل شي واستهونته، بس يبقى الشوق هو اللي مقدرش الصبر يغلبه.. ومع كتر صلاتها وخشوعها بقت تحصلها حاجه عجيبه، بقت تحلم بالشي قبل مايجرا وتحس بيه، كيف مايكون قلبها نال اسمى درجات الإحساس، أو كيف مايكون ربنا من عليها بالبصيره اللي مش عند حد واصل.
خلصت صلاتها وقعدت على سجادتها تسبح وتذكر الله لغاية مياجي ميعاد الفجر ويأذن وتصليه، لكنها قلقت بعد شويه، وراحت لحوريه تشق عليها وتشوفها لو عايزه حاجه، وبمجرد مادخلت من الباب شافتها معدوله وماسكه القله وحطاها فحجرها وموطيه عليها وشكلها عايزه تشرب ومقادراش ترفعها، فراحت عليها قوام عشان تساعدها تشرب، وبمجرد مالمستها ولسه هتسألها لو عايزه مساعده لقتها مالت بجسمها كله علي جنب، وشافت شام لأول مره فحياتها الجته بعد مالروح فارقتها عيوبقي شكلها ايه، وعلي نفس البصه والتبريقه ميته وعنيها مفتوحين على آخرهم بمنظر يخوف، وكمان ماتت عطشانه ملحقتش تشرب والأ كان صدرها اتبل كيف ماعيتبل كل مره لما تشرب.
شالت شام منها القله ونومتها، وحاولت تغمضلها عنيها، لكن عيونها رفضوا يتقفلوا، فغمضت هى عيونها بالم على موتتها العفشه،
اللي برغم هدوئها لكنها خابره زين ومتوكده إنها اتعذبت في طلوع روحها عذاب لو اللي عيموت عيطلع حسه كانت حوريه صرخت صراخ يسمع الدنيا كلها، لكن إهنه تكمن حكمة ربنا بأن الموت صامت والجسد عيتقيد.
غطتها وطلعت بعدها بلغت ستها عديله اول وحده بموت حوريه، وعديله حوقلت وهزت راسها بأسف، لكنها ابدا مطلبتش لحوريه الرحمه.. وابتدت شام تصحي باقي البيت وتبلغهم الخبر.. والكل اتقبل الخبر عادي، الا كرار اللي كان حس صراخه وبكاه على امه يشبه زئير اسد غاضب حزين ومتألم..
اما عزت فكان واقف فوق راسها وباصصلها بلوم وعتب ومفيش دمعه نزلت منه ولا متاثر، كيف مايكون عيقولها خلي ولدك اللي حبتيه اكتر واحد فينا وبدتيه عالكل هو بس اللي يحزن عليكي.. وصفوت كان جامد في حزنه، صوح كان متاثر برهبة الموت، بس مش التأثر اللي يخليه يبكي ويقطع روحه كيف كرار، ولا يقف علي راسها ساخط كيف عزت.
وبدأت تاني يوم مراسم الدفنه، وبناتها قاموا بالواجب عديد وندب وصراخ، وكرار عمل لامه اكبر عزا، وجوا بنات عمها كارم اللي عياجوا بس في المناسبات الصعبه.. خدوا عزاها وروحوا كيف الغرب، وخلص عزا حوريه وانقطع عيشها من الدنيا،
ومبقتش منها غير سيرتها اللي مخلتش حد من عمايلها يذكرها بأي خير.. غير كرار وديه لأنه كان شارب فحوضها وواخد كل طبعها وبالنسباله هي قمة العدل وقمة الحب والعطاء وسنده اللي راح.
وحزن عليها حزن عيل صغير فقد امه اللي كانت ماسكه يده وعتوجهه، مع انها في الفتره الاخيره مبقاش ليها دور فحياته، الا إن وجودها جاره كان عيمثله الامان.
وعدت ليام واتنست حوريه كيف ماللي عيموت عيتنسى وتبرد نار فراقه، مع إن البعض نار فراقهم معتبردش، لكن اللي عيعيش لروحه بس.. عيروح في طي النسيان.
❈-❈-❈
أما حدا بسيمه
قاعده في البيت ومشغله الرحايه وعتدش فى الفريك، ولواحظ قاعده قبالها وشايله بتها الصغيره وعتلاعب فيها، وبسيمه عينها على بتها الصغيره اللي بالها مش مع ستها خالص، وطول الوكت باصه علي امها وعتضحكلها وتشابي عليها.. وهي من وقت للتاني تهزلها دماغها بمداعبه؛ عشان تحسسها إنها منتبهالها..
وبعد شويه بكت البت، وبسيمه سابت اللي فيدها وقامت عشان ترضعها.. وبمجرد ماحطتها على رجلها ابتدت تغنيلها بحنيه كيف ماعتمل، ولواحظ بصتلها بصة غيظ وقالتلها:
إشمعنا البت عتغنيلها وتدلعي وتهنني فيها والولاد الرجاله قاسيه عليهم؟
ردت عليها بسيمه وهي عتتملى فبتها وتبتسم بمحبه.. عشان البت لازمن تاخد الحنان كله، البت كيف الفراشه ام جناح رقيق لازمن لمستنا ليها توبقى حنونه ومعاملتها تكون باللين.. خلف الواد اللي لازمن يتشد عليه عشان يطلع راجل ناشف مش ني، والحنيه عليه تكون في حدود.
ردت عليها لواحظ بتهكم:
والله إحنا منعرفوشي إكده ولا ربينا عيالنا كيف ماعتقولي انتي.
ردت عليها بسيمه بنفس التهكم:
ماعشان إكده مطلعش حد من عيالك متربي.. وسكتت هبابه قصاد صدمة لواحظ وكملت.. غير عزام الله يرحمه.. الواد ديه كيف مايكون مكانش ولدك ولا انتي اللي ربتيه، وعشان مأدب ومحترم مات.. الله يرحمه ويحسن اليه في الجنه ونعيمها الشهيد البطل.
اما لواحظ فسكتت خالص بعد قصف الجبهه اللي وجهتولها بسيمه، واللي دايما بس تحاول تعدل عليها بحاجه ترد عليها رد يحرق الدم يخليها متعرفش تنطوق خالص.
لملمت بسيمه روحها وغطت نفسها زين ورمت طرحتها على صدرها لما دخل حمدون حماها من الباب ووراه همام.. وحمدون الاول رمى السلام عام، وبعدها خص بسيمه بالسلام المميز:
الله يعطيكي العافيه يانوارة الدار وعماره.
ردت عليه بسيمه بإبتسامه:
الله يعافيك يابوي ويعافي بدنك.
بعد منه رمى السلام همام وبرضك خصها هي بسلام مميز:
يعطيكي العافيه ياكل عافيتي.
بسيمه:
الله يعافيك ياابو عمران.. قرب خد بتك هقوم اغرفلكم الغدا.
حمدون:
العيال عاودوا من مدارسهم؟
بسيمه:له لسه قدامهم هبابه على ماياجوا
حمدون:
خلاص نستنوهم وناكلوا سوا عشان الوكل عيحلى بلمتهم.
أيده همام كمان في رأيه وبناء عليه سكتت بسيمه، واستغلت إن همام شال بته وعاودت تدش القمح من. تاني
همام فضل يلاعب في بته هبابه ويضحكلها، وبعدها بص لبسيمه وهي عتدش الغله وبتفكير قالها:
ايه رايك ياأم عمران لو نجيبوا مدشه بالكهربا توفر على ناس البلد الدش عالرحايه وهدت الحيل ديه.. وانتي اول اللي هترتاحي من الدش كل هبابه والتانيه؟
ردت عليه بسيمه وهي عتحط الغله ففتحة الرحايه وهي دايره:
فكره زينه ياهمام.. شوف الفلوس اللي معانا كد ايه ويكفوا ولا له وهاتها وحطها جار الطاحونه، وإكده محدش هيطلع غلايه بره طاحونتك ومدشتك.
ردت لواحظ بجهلها المعهود:
طيب المدشه داي مش عايزه تتشحم بالدم ولا فاكرين كل مره هتتستر معاكم والحديد هيشتغل لحاله من غير ماتروسه تفرملها بنى آدم؟
خافوا النوبادي متشتغلش وترموا قرشيناتكم عالارض وتقعدوا جارها كيف الحزانه اللي قعدوا تحت الريعريعه لا طالتهم شروه ولا بيعه.
ردت عليها بسيمه قوام:
قولتلك قبل إكده لو غلبنا انتي قاعده اهه ومهنعوزوشي حد غريب، دمنا فدقيقنا يوبقي.
كشرت لواحظ وهمام بإعتراض زعق وقلها:
بسيمه.. بلاها منيه الهزار ديه امي عتاخد على خاطرها.
بسيمه: عضحك معاها ليكش صالح انت.. وبعدين يعني اني لو عايزه ارميها صوح هقول قدامها يعني؟
مش كنت كتفتها في الليل وسديت خشمها وحطيتها في شوال وحطيتها عالحمار ورحت رميتها وشغلت ولا مين شاف ولا مين دري، ومكانش حد هيعرف حاجه واصل؟!
برقت لواحظ بخوف وهمام غمض لبسيمه علي شفته عشان تسكت، مع إن ابتسامه خفيفه ظاهره علي ملامحه لمزح بسيمه، وحمدون باصص للواحظ وعيضحك من غير صوت وهو شايفها خافت وعنيها زاغوا شمال ويمين.. وهمس لروحه.. تستاهلي ياوجع قلبي.. براوه عليها بت عبد الصمد، والله ملجماكي بالخوف لجيم، والا كان زمانك فايعه عليها وعلينا.
َفعلا بدأ همام يفكر في موضوع المدشه جديا.. وظاهرياً عشان يكسب منها، لكن الباطن إنه عايز يريح بسيمه من تعب الدش.. ولما عد الفلوس ولقاها تكفي وزياده قوي كمان.. قرر يجيب المدشه والباقي يشتري بيه قراط ارض ويكتبه بإسم بسيمه بدال ارضها اللي باعتها وعملتلهم بيها الطاحونه اللي شغال فيها دلوك هو وابوه وهملوا الدكانه لبسيمه الصبح وعمران بعد الضهر، وخد عهد علي روحه إنه بعد المدشه اي قرش زايد عن مصاريفهم هيشتري بيه ارض ويكتبها لبسيمه، لغاية مايعوضلها ارضها اللي باعتها ويضاعفهالها كمان.. وديه هيكون قليل عليها ومياجيش فأفضالها عليه شي، واللي لو همام طال يجيبلها الدنيا كلها عليها ويحطها بين اديها.. برضك مهيسدهاش.
برغم إن لسا جواها شوية جفا من تلاه، لكن همام مبسوط ومرتاح معاها ومع جفاها، ودايما يقول لروحه الجفا بالقرب ولا الموت بالبعد..وحامد ربه عليها وعلى اللي عياخده منيها، وشايف إنه كفايه عليه قوي ونعمه وفضل من ربه عليه.
❈-❈-❈
أما شام ففاقت من شرودها قدام البوابور على حس ربيعه بتها وهي عتقولها:
ام ربيعه.. يمه.. شااامه.
انتبهت ربيعه وابتسمت وردت على ربيعه بحنين للاسم وصاحبته:
شامه؟!.. اتوحشت اللي كانت عتناديني بيه قوي.. ربنا يرحمها يارب وتكون دلوك عتتمتع بالجنه ونعيمها ومستنيانا هناك واحنا نحصلوها ويتم اللقى اللي مابعده فراق.
ربيعه قعدت جارها بعد ماغطت العجين يرتاح، ومدت يدها وطت البابور كيف ماعلمها ابو دراع، وبمجرد ماعيملت إكده شام حست براحه من حسه العالي اللي مش معتاداه غمضت علي اثرها عيونها وهمست لربيعه:
مهتحملش الوش بتاعه طول الوكت اني ديه، دا وجع العنين من الدخانه اهون الف مره من وجع الراس من وش الفقري ديه.
ربيعه اتجاهلت كلام امها عن الوابور وبصتلها وديقت عنيها وعرفت شام من حركتها إن فيه سؤال صعب جاي في الطريق، ديه إن مكانتش موجه من الاسئله لا حصر لها،
فتاهبت للرد عليها كيف مامعوداها ستها عديله إنها ترضى فضولها وتجاوب علي كل اسئلتها، ودلوك عديله ماتت وإجباري شام لازمن تتولي المهمه داي، لأن ربيعه فضولها قتال ولازمن تلاقي إجابه مقنعه على كل اسئلتها، والا مش هتسكت.
وزي ماتوقعت شام طلع السؤال من ربيعه بدون مقدمات:
شام انتي ليه مخدتنيش وطفشتي من البيت ديه ولا اتطلقتى حتي وكنا رحنا لبيت جدي، واللي اعرفه إنه كان هيحطك فعنيه ويصونك وتعيشي كيف الملكه.. ليه يمه رضيتي ولحد دلوك راضيه بالذل ليكي وليا ومفكرتيش تطلعي بكرامتك من البيت ديه اللي كل نفر فيه مسح بكرامتك الارض ، سوا بكلمه او فعل.
اتنهدت شام وردت علي ربيعه بوجع:
تاني السؤال ديه ياربيعه؟
ربيعه:
وعاشر وعشرين وماليون يمه.. لغاية ماتقوليلي الجواب اللى يرضيني ويخليني اسكت، عشان بصراحة ربنا كل الاسباب اللي عتقوليها داي مداخلاشي مخي واصل.. وشايفه إنها حجج باطله عتصبري بيها روحك علي ضعفك.
ردت عليها شام بوجع اكبر:
واني ماهما سألتي السؤال ديه ياربيعه حداييش ليه غير نفس الجواب.. وهقولهولك تاني واني متوكده إنه برضك مش هيرضيكي.. قعدت ورضيت فلاول عشان جدك ومن بعدها عشانك ياربيعه، عشان افضل معاكي وميكسرنيش كرار بيكي هو ومرته، مقدرتش اهملك واطلع واني خابره زين ان قساة القلب دول مهياخدهمش بيكي شفقه ولا رحمه..
وبعدين ياربيعه الف مره قولتلك الطلاق له، الطلاق ممنوع، الطلاق عار زيه زي عار الفجر والزنا، المطلقه ناسها عيطاطوا راسهم في الارض لو مكانش فيه سبب كبير قوي لطلاقها، وكون اني هتطلق عشان ناس البيت قاسيين علي وجوزي اقسى منهم هلقى الكل يوقف ويقول كلها البيوت فيها إكده وإني عتسبل، وإن مش ديه سبب طلاقي الحقيقي، واني اكيد عشقانه واتطلقت عشان اللي عاشقاه، وتكتر الحكاوي وتكتر القصص، وجدك عبد الصمد حتي لو سكت واتحمل الحديت هيوجعه ويكسر ضهره، وغير إكده انتي كمان ياربيعه هتتعايري بيا لو اتطلقت، وكل هبابه جوزك يقولك يابت المطلقه..ديه لو اتجوزتي يعني.. انتي لساكي صغيره ياربيعه وفيه حاجات كتير مفاهماهاش ولا عارفاها.. واللي اني اعرفه وشايفاه صوح غير اللي انتي شايفاه صوح.. اني مينفعشي عشان خاطر نفسى ادوس على حبايبي واخليهم يتحملوا الوجع عشاني، مينفعشي اكون معيره لابوي اللي عطاني حب الدنيا كله واكونله شوكه فضهره.. اني يابتي من ساعة مادخلت البيت ديه واني عرفت ان نهايتي هتكون فيه، فسلمت امري وعاهدت روحي اني اتحمل، وقلت لنفسي إن ديه نصيبي من الدنيا وخدته خلاص.
ربيعه هزت راسها بعدم اقتناع وقالتلها:
بس اللي عيملتيه ديه مش صوح خالص يمه، انتي بقيتي على إكده ظالمه مش مظلومه، ظلمتي روحك وظلمتيني معاكي وخربتي حياتنا عشان كلام الناس.
شام:
ظلم النفس اهون من ظلم الغير، ولو عليكي انتي متظلمتيش فحاجه، انتي لسه قدامك العمر بحاله تعيشيه كيف ماتحبي، اني اتحملت كل شي عشان اكبرك.. واديكي كبرتي، وهبابه لقدام وهتطلعي بره البيت ديه وترفرفي بجناحاتك فى فضا الدنيا الواسعه.. بس ياعالم عاد وكتها هينفع تحطى تاني فحضني ولا هتحرم منك وتحصلي باقي الحبايب. بس وكتها هكون مطمنه عليكي عشان هتوصلي اللي اتقطع.
ربيعه: قصدك ايه يمه؟
شام:
مقصديشي حاجه ياربيعة قلبي.. ربنا يكتبلك كل الخير ويرزقك بأحلى حظوظ الدنيا ويعوضني فيكي عن اللي اتقطع مني، كيف ماعوضني بيكي وخلاكي فرحة ايامي العفشه.
❈-❈-❈
عدت الايام وجه يوم الخميس، ودخل كرار من بره وهو شايل ومحمل هو وعزت وحتى صفوت، اشي لحم واشي فواكه واشي محلويات، وكل ديه ضيافه لخطاب شام اللي جايين بكره، ومن اول ماشافه ابو دراع من بعيد داخل بيهم، عرف إن لساه مخه الزنخ باقى علي زناخته ومصمم إنه يجوز ربيعه، فراح عليه وغضب الدنيا كله على وشه وبصوت عالي يشبه الرعد قاله:
مش هتعمل اللي فراسك ياكرار وهيكون فيها ياموتي ياموتك.
كرار: يوبقي موتك، روح. موت حالك يابوا دراع وريحني منك.
ابو دراع:
ديه اخر حديت عندك ياكرار يعني؟
كرار:
ااااخر حديت، اني حلفت يمين ومهرجعش فيه قولتلك، آمن وصدق ومتوجعش قلبي.. خلص كلامه ودخل وهمل ابو دراع متلاع فاللي قافل مخه عليه وشكله مصمم يعمله، لكن ابو دراع عاهد نفسه إنه مش هيخليه يتم واصل.
ولف واتدور وهو عيفكر يحلها كيف ويمنعها كيف، وهو لافف شاف مرت العمده داخله من بوابة الجنينه، بص للارض وقوام ابتعد من طريقها ومشى ناحية بيته وهو عيفكر في الحل، ويادوبك قعد وشاف ممدوح جاي يجري عليه بإستنجاد ووقف قدامه يفرفط كيف طير مدبوح ويقوله:
الحقني ياعم ابو دراع ربيعه هتروح مني، بت عمي هيجوزوها ويحرموني منها، قولي اعمل ايه واني اللي قلبي وروحي شبوا علي محبتها.. قولي النار اللي جواي داي كيف اطفيها؟
بصله ابو دراع واتنهد بقلة حيله، لانه هو الوحيد اللي حاسس بيه في اللحظه داي ومجرب وجعها الكتال، وكيف القلب عيكون محطوط في سيخ على جمر وعيتقلب شمال ويمين عشان تتحرق كل ذره فيه..
وعشان عارف إن مفيش اي كلام في الحاله داي عيواسي سكت.. سكت ومطمنش ممدوح بحاجه مش فيده ويمكن متتحققش، لان كرار مادام نوى علي جواز ربيعه يوبقى هيجوزها، وإن مكانش لده هيوبقي لغيره، والمسأله مسألة وكت، واي حاجه هتتقال لممدوح دلوكيت هتوبقي مسكن مؤقت، أول ماعمه يعمل اللي فمخه مفعوله هيروح ويرجع يحس بالوجع من أول وجديد.. فقرر إنه يهمله يعيش وجعه، وخصوصي إنه عارف إن مفيش حد عيموت من وجع الفراق.
❈-❈-❈
اما كرار واخواته فنزلوا الحاجه في الحوش، وكل واحد راح على اوضته يتسبح ويغير خلجات الشغل،
وشوقيه عرفت ان الحاجات اللي جايبها كرار لفاتحة بته ربيعه، وكانت هتنادم شام وبتها وتكايد فيهم هبابه.. لكن وقفها حس امها اللي سمعته وهي داخله عتنادي عليها، وشوقيه راحت عليها قوام واستقبلتها احسن استقبال.. وبعد السلامات والطيبات قعدوا في الحوش على جنب يتودودوا التنين، وفى الاثناء داي كانت ربيعه عملت الكركديه اللي ام شوقيه معتشربش غيره، وشوقيه وصتها عليه بمجرد دخول امها، واللي لو اتاخرت ربيعه او شام في عمايله وتقديمه تقوم القيامه متقعدش..
وقربت منهم ربيعه بهدوء وهي شايله الصينيه عليها كبايتين الكركديه، وشوقيه وامها مستمرين في الودوده مانتبهولهاش..
ولما وصلت وراهم سمعت ام شوقيه عتهمسلها وهي عتطلع حاجه من صدرها وتدسها فيد شوقيه بخوف وحرص:
خدي ودوبيهوله فأي عصير كيف كل مره او حطيله منيه على وكله عتتاكل بارده؛ عشان مينفعش يتحط فحاجه عتترفع عالنار يفسد.
شوقيه خدته وقوام حطته فصدرها وهي عترد علي امها:
إيوه إيوه خابره يتعمل كيف.. بس الا هو يمه مفيش حاجه تدوم العمر كله بدال اللي كل شهرين تلاته يتجدد ديه؟
ام شوقيه:
له مفيش غير هو ديه، مشي حالك بيه واخلصي مادام نافع وقاضي موصلحه.. مش جوزك اتهدا عليكي هبابه من ساعة الاعمال عتقولي.
شوقيه: اتهدا فحتتة النوم جاري وبقى يتقبلني، لكن لسانه لسه كيف الفرقله معيسكتش.. بس يمه من ساعة الاعمال داي واني بقيت عحس بحاجات غريبه، عحس إنه فيه حد جارى دايماً وانفاسه جار ودني واتلفت حواليا ملقاهوش!
امها ردت عليها:
ماهو ديه حارس العمل ياهبله، هو العمل ديه ايه؟ مش جن يتسخر عالمعموله العمل ويلازمه ويكتف عقله وتفكيره ويوسوسله باللي مطلوب منيه.. وهو ديه اللي عتحسي بوجوده جارك.
شوقيه بخوف:
يمممه.. وليه سايبه هو وقاعدلي اني وعمال ينفخ فوداني؟
ردت عليها امها بديق:
وفيها ايه طنشيه طول مامآذيكيش ومعتشوفيهش.. بس اهم شي انك. متصليش؛ عشان ميغضبش عليكي.
شوقيه:
متخافيش اصلا معقدرش اصلي عحس اني عتخنق بس اتوضى وانوي.
امها:
ايوه ماهو اللي عيخنقك.. متصليش غير لو بطلتي تعملي لكرار اعمال، غير إكده هتتعبي والشيخه هي اللي قالت إكده بنفسها،ديه نجس وعيحب النجاسه معيحبش الطاهرين
خلصوا كلامهم وسكتوا، وربيعه اتقدمت منهم بأدين عترجف بالصينيه من الخوف والكبابي اتلقلقت من الرجفه، وبس حطت الصينيه جارهم راحت على امها جري واترمت فباطها وحكتلها كل اللي سمعته، وشام فضلت تستغفر ربها، وتهدى فخوف بتها، وفكرت شام انها تقول لكرار وتنبهه، او تقول لابو دراع وهو يقوله بحكم ان ليه كلام معاه، يمكن يوديه لشيخ ويبطل العمل ويطلع الجنون اللي سكنت البيت،، لكنها بس اتفكرت اللي ناويه لبتها نسيت كل تفكيرها فتحذيره، وحلفت لتهمله لغاية ماشوقيه تقضى عليه بالجنون بتاعتها، وهي طول ماعتصلي هي وبتها ومعيأجلوش فروضهم مفيش خوف من اي شي.
وضل دلوك. التفكير فالاكبر والاوعر من الجن.. العريس العجوز اللي ناوي كرار يرمي ربيعه ليه.. وبعد تفكير قررت شام إنها هتهرب بتها على بيت سيدها وهما يدسوها من كرار ويحموها منيه، ومش مهم بعد إكده اللي هتقاسيه هي من كرار، ويمكن بعد مده تلحقها،
اصلها عند بتها ولا يمكن هتسكت او تستسلم وتهملها لكرار الظالم يظلمها ويظلم شبابها..
بس عشان دلوك متنفعش خطوه زي داي تتم والا هتخرب الدنيا.. قررت إنها بعد قراية الفاتحه تنفذ.. واهو يكون كرار اطمن وحط فبطنه بطيخه صيفي.
بقلم ريناد يوسف
يتبع
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله الجزء الاول من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا