رواية حصنك الغائب الفصل الخامس وعشرون والسادس وعشرون بقلم دفنا عمر
رواية حصنك الغائب الفصل الخامس وعشرون والسادس وعشرون بقلم دفنا عمر
الفصل الخامس والعشرون
-----------------------------
ذهبت جوري فراحت عطر تتجول بين الفيديوهات ثم انتقلت للصور علها تجد لها صورة تثبت لها شحوبها ذاك اليوم لتحذفها قبل أن تأتي الأولى!
ظلت تستعرضها إلى أن وقفت مذهولة أمام إحدى الصور.. ما هذا الذي تراه؟ فركت عيناها ربما تهذي وعادت تنظر بعين متسعة.. فتأكدت أن ما تراه ليس وهمًا وحقيقة ملموسة رؤى العين..!
+
هل حملها يزيد بين ذراعيه؟!!
كيف؟ ومتى؟!!
متى منحها تلك النظرة المفعمة بحنانه وهو يتأمل بملامحها وهي غافلة أو غافية على صدره؟ عقلها المشوش من المفاجأة جعلها لا تلتفت جيدا لتفاصيل الصورة من الوهلة الأولى مآخوذة بسحر تلك اللحظة..تراوضها خيالات مدغدغة لروحها الظمآى لمشاعر تتبادلها معه.. لكنها الآن فعلت.. انتبهت جيدا لما ترتديه..تلك كنزتها البنفسجية وبنطالها الجينز ذاته وحذائها الرياضي، أيقنت أن توقيت الصورة يتزامن وقت ذهابها معه هو وجوري لطبيب الأسنان.. أذا تلك هي التفاصيل الغائبة عن إدراكها حين عادت منزل جدها غير واعية.. مشاعر مختلطة اجتاحتها.. ذهول.. خجل..وضيقا بنكهة حيرة لنظرته الغريبة إليها..منذ متى يطالعها هكذا؟ سمعت صوت جوري وهي تهمهم من بعيد مقتربة من غرفتها، وبدون مبرر واضح وجدت أناملها تتحرك سريعا لترسل لهاتفها الصورة سرًا وأغلقت من فورها فايل الصور لتعود لفتح أخر فيديو تابعته هي وجوري التي أتت تتمتم وقد احتلتها معالم الراحة:
+
_الحمد لله ارتاحت شوية، بطني كانت هتنفجر من المغص.. يلا بقى شغلي الفيديوهات خلينا نتفرج ونزقطط!
+
انتبهت جوري لنظرات عطر العدوانية الصامتة فعلى ما يبدو لن تقدر على إخفاء ما علما، فتسائلت الأولى بريبة: مالك يابت ياعطر رافعة حواجبك زي المليجي كده ليه؟ هو في حاجة حصلت؟
+
لم تجد الفرصة لمواصلة تساؤلها بعد أن هاجت عطر وراحت تلكمها بقبضتها وتجذب شعرها وهي تتمتم بحنق: أنا كنت عارفة انك غبية بس مش للدرجادي، ازاي تعملي كده فيا اخص عليكي!
+
جوري متوجعه وهي تحاول التملص منها وتفادي لكماتها: أنا عملت إيه طه، وربنا ماعملت حاجة
+
_ والصورة دي ايه؟ ها؟ فهميني ازاي ده حصل، وازاي هبص في وش اخوكي بعد كده؟ انطقي يامقصوفة الرقبة
+
جوري وهي تطرق صدرها: ياحوستي؟ انتي شوفتي الصورة؟
_ أيوة شوفتها يا ندلة
_ اسكتي بقي بطلي ضرب كفاية اللي عمله فيا يزيد ده كان هيقاطعني لولا فضلت اعيط واقوله اني غلطانة وانك مش غريبة وزي اخته.. بس هو صرخ عليا وقالي عطر مش اختي.. ولا يجوز اشيلها!
+
عطر بذهول: قالك مش اختي؟
جوري : اه والله وقال ان...... .
ثم انتبهت فجأة وحدثت ذاتها: اه صحيح ده أول مرة يقول انك مش اخته، ازاي عدت عليا دي؟
عطر وكأنها مغيبة وعلى شفتيها ابتسامة بلهاء: بجد قالك إني مش اخته!
+
جوري: اه والله والموضوع كده ابتدا يتطور، شكل الحجر هيحس! ..عطر؟ انتي يابت مابترديش ليه؟
+
وراحت تشير وتحرك كفها أمام عيناها وهي مغيبة!
فمصمصت جوري شفتيها بشفقة: ياعيني البت سخسخت عشان اخويا شالها وقال مش اختي أمال لو كان......
آآآه بتضربيني ليه يامفترية
+
عطر: عشان انتي قليلة الأدب ومش هعديلك اللي عملتيه
+
جوري وهي تتوجع من ضرباتها: يا سلام يا اختي.. المفروض تشكريني عشان خليت آبيه يشيلك
+
_ أشكرك؟ ده انا بسببك هتكسف كل اما اشوفه
جوري: ياعبيطة هو لازم يعرف انك عرفتي؟ احنا مش هنقول، لأنه وقتها هينفخني.. هو أصلا مش سامحني غير أما وعدته انك مش هتعرفي حاجة
+
عطر: هو طلب منك كده؟ ليه؟
_ قال انك هتتكسفي منه ومش هتعرفي تشتغلي معاه.. وانا وعدته مش هقول، بس بغبائي نسيت الغي الصورة اللي صورتها واللي أصلا آبيه مايعرفش عنها حاجة ولو عرف اقسم بالله هيعلقني على باب الشركة ويخليني عبرة!
+
عطر بدهشة: بجد؟ يعني يزيد مايعرفش عن الصورة؟
_ لأ..
_ طب اقعدي بقي وبراحة احكيلي ازاي وليه وامتي حصلت الصورة واياكي تنسي هفوة هنفخك"
+
جوري وهي تربع قدميها فوق الفراش بابتسامة سمجة: بس كده؟ من عونية الجوز.. ( وراحت تقص عليها كل التفاصيل منذ مغادرة العيادة وهي مغيبة من أثر المخدر الى لحظة التقاط الصورة!)
+
_ يعني هو اضطر يشلني ويطلعني لماما عشان الناس ماتتكلمش عليا
جوري: أيوة هو قالي كده، وانه مايقبلش عليكي حاجة وحشة مايرضهاش عليا
+
قالت بابتسامة : ده كل يوم يثبتلي ان قلبي عرف يختار .واستطردت: بس بجد ياجوجو انا هخجل كل اما اقابله، ياريتني ما شوفت الصورة!
+
_ يابنتي تتكسفي ليه بالعكس دي جت في وقتها عشان تثقي في نفسك وتعرفي انك ابتديتي تأثري عليه گ أنثى مش بنت خالة وأخت.. لو شوفتي ازاي صرخ وقالي عطر مش اختي كنتي فهمتيني.. يزيد بيبتدي يتغير واحنا هنستغل ده وكويس انك هتشتغلي معاه عشان نضرب ع الحديد وهو سخن
+
عطر بتهكم: إنتي محسساني انه وقع في غرامي وخلاص هيطلب ايدي!
+
جوري: طول ما انا حاطة مناخيري في الموضوع مش هسيبكم غير وانتم جايبين مصطفي وعيلاء
+
انفجرت عطر ضاحكة رغم خجلها وغمغمت: انتي بلوة اقسم بالله.. بس انا مش عايزة عيالي بالأسامي دي.. أنا هختار أسامي تبدأ بحرف الياء
+
جوري بامتعاض: ياختي تبدأ "بياء" "بتاء" المهم تبدأ
+
نكزتها عطر بحنق: انتي بقيتي وقحة!
_ وقحة وقحة بس أبقى "عمتو" ووقتها هطلع على عيالك كل جناني گ عمة
_ هتكوني عمة هبلة...
وعادت تغمغم: بس ده لو حصل، خايفة. تكون كلها أحلام ياجوري، احنا بنتكلم بس قلبي مش حاسس بحاجة حقيقية!
+
_ لأ غلطانة.. كون ان يزيد يشيلك من خانة الأخت لبنت الخالة ده انجاز كبير.. والمرة الجاية هتتنقلي لخانة الحبيبة.. صدقيني أنا كأني شايفة ده بعيني.. خوفه عليكي واهتمامه مجرد ما قلت انك. تعبانة بيقول انه بيعزك جدا أكتر ما انتي فاكره!
+
تنهدت عطر ولبثت صامتة فربتت على كتفها وتمتمت بحنان:
ربنا ينولك اللي في بالك!
واستطردت: واديني بقدم السبت عشان الاقي الحد
عطر: مش فاهمة؟
حوري: يعني اما انا كمان احب عريض منكبين واكون عايزاه يحبني انتي وقتها هتساعديني بردك.
+
ضحكت عطر وهي تصفق: والله انتي فعلا مجنونة.. يلا ياختي نروح نشوف عمتو ونساعدها في الغدا..!
جوري: يلا وانا هتبرع بتقطيع السلطة.
+
عطر: وأنا هغسلها
____________________________
+
" عايزة اتنقل لڤيلتنا يا بابا"
+
تفاجأ والدها بطلبها فتساءل: غريبة أيه خلاكي تطلبي ده فجأة كده؟ مالك يا زمزم حصل حاجة ضايقتك!؟
+
_ لأ.. بس مش واخدة راحتي.. طول الوقت بلبس لبس معين.. بخاف اجري ورى مهنذ وانسى نفسي.. عايزة احس بشوية. خصوصية يا بابا.. فلو سمحت حتى لو الڤيلا مش جهزت.. هتنقل هناك!
+
إصرارها أشعل في قلبه الريبه وهو يعاود تساؤله:
زمزم.. لو في حاجة حصلت عرفيني!
+
_ يعني اللي قولته مش كفاية؟ أرجوك يا بابا حقق طلبي.. انا بكرة مش هنام غير في بيتنا حتى لو مع ابني لوحدي.!
+
قالتها بحسم وذهبت لغرفتها.. فحك أبيها ذقنه بشرود
وقلبه يخبره ان هناك ما عكر صفو ابنته..ولابد أن يعلمه لكن حين تهدأ عاصفتها قليلا.. والآن عليه جديًا
الانتقال وتحقيق ما أرادت حتى لا تتعرض لأي انتكاسة نفسية فمازال يخاف عليها بعد حالتها عقب وفاة زوجها.. خاصتًا أن إيقامتهم في بيت شقيقه بالفعل طال أمدها..وآن آوان رحيلهم واستقلالهم!
_______________________
+
قرار انتقال عائلة محمد المفاجيء لڤيلتهم أصاب أدهم بالحزن فتمتم أثناء ذهابهم: مش عارف ليه فجأة عايزين تمشوا، والله كنتم ماليين البيت علينا، خليكم معانا شوية كمان يامحمد هيجرى إيه لو استنيتم!
+
أردف الأخير برفق وهو يربت على كتف أخيه: يا أدهم اللي يسمعك يقول بنا مسافة طويل، ده خطوتين. في نفس الشارع، وبعدين مش عايزين بردو نتقل عليكم كتر خيرك بقالنا كتير كاتمين على نفسكم!
+
أدهم بلوم: إيه الكلام الماسخ ده يامحمد..كلتمين على نفسنا ازاي ما الفيلا واسعة وتشيل ألف..!
+
عبير متدخلة: والله واحنا هنفتقدكم بس زي ما قال محمد البيت مش بعيد وكل يوم هنزور بعض، كل الحكاية بس ان طبيعي كنا هنروح بيتنا، مش هتفرق انهاردة من بكره!
+
التزمت كريمة الصمت وقد أتى الأمر على هواها دون أي ترتيب يذكر منها.. هذا افضل للجميع.. حتى لا يزداد تأثير زمزم وطفلها على ولدها عابد!
ولكن رمقة جانبية ولائمة من عين أدهم جعلتها تتدارك أمرها وقد خالفت بصمتها كل قواعد اللياقة، فأعترضت ببعض الصدق: لا كده هنزعل بقى، ده بيتكم ويساعكم قبلنا، والله زعلانة انكم ماشيين كنت متونسة بيكم!
عبير ولم يغب عنها فتورها اللحظات السابقة: تسلمي يا كريمة، وماتقلقيش أكيد هنتقابل دايما..!
+
التزم عابد الصمت بتعابير وجه مبهمة، ثم صوب عيناه نحو الصغير بحنان واقترب ليلتقطه من بين ذراعي زمزم التي تجاهلها تماما وهو يردف:
طبعا صاحبي الصغير كل اما يشتاقلي هيقول لجدو وتيتة انه عايز عابد صح؟ أكيد مش هتنساني!
+
همهم الصغير وهو يتشبث بياقة قميصه: آبد..!
+
حينها فقط نظر لها عابد وكأنه يلومها. فأدارت عيناها بعيدا حتى لا تنهار بدموع تجاهدها باستماتة.. شيئا داخلها يحزن لهذا القرار لكن ماذا تفعل.. هي تصحح أوضاع، لن تظل حتى يأخذ عابد مكانة زياد كاملة في نفس مهند.. شيء يزعجها بهذا ولا تقبله!
+
_ عموما صاحبك مش هيستغنى عنك ولا احنا.. كلها خطوتين وتكون عنده أو يكون عندك..!
+
هكذا صاح محمد وبعد أن تبادلو عبارات أخرى غادرت أسرة محمد لتستقر بجدران أخرى ربما لا تبتعد على الأرض مسافة كبيرة.. لكن ثمة مسافة خفية اعتلت داخل النفوس ولم تعد قريبة.. لم تعد..!
____________________________
+
تلقفت الصغيرة رحمة وهي تغمرها بقبلات محبة هاتفة: وحشتيني يا روح طنط! ثم دست كفها بحقيبتها وأخرجت مغلفين من الشيكولاه وهتفت: خدي يا روحي انتي واحده واختك التانية! أشرق وجه الصغيرة وهي تأخذ حلواها راكضة. تبحث عن شقيقتها..! بينما هتفت والدتهما وابنة عم أمونة:
+
_ إيه أخبار أول يوم للشغل أحكيلي!
_ الحمد لله يا موني كان يوم. خفيف كده تعارف على بعض الزملا واتجولنا شوية في الشركة وشوفت أقسامها.. ماشاء الله يزيد عامل حاجة محترمة ربنا يباركلهم فيها..!
+
_ بتجمعي ليه تقصدي مين غير يزيد؟
+
أمونة: أحمد بدر.. كان زميلنا هو كمان..
ثم استطردت بنبرة. ممتنة: وبصراحة استقبلني بشكل جميل وكمان عزمني على حتة مطعم يا مونتي يجنن.. لازم اخدك انتي والبنات يوم!
+
_ سيدي يا سيدي. شكل الباشمهندس أحمد ذوق ع الأخر وجاية مزاجك عنب
+
أعادت بأناملها خصلات شاردة تظلل عيناها وهتفت:
مش هنكر إني جاية مبسوطة فعلا يا موني!
حاصرتها الأخيرة بنظرة أكثر تمعن وقالت: ليه حاسة إن في كلام على طرف لسانك؟
+
تمددت على أريكة جانبية بحرية، وغمغمت: مش حكاية كلام بس مستغربة من حاجة.. تخيلي يا موني أحمد لسه فاكر بحب إيه ولوني المفضل وعارف حتى النادي اللي بشجعه وقهوتي اللي بشربها بدون سكر.. تفاصيل كان طبيعي ينساها.. بس لقيته فاكرها.. معرفش ليه النقطة دي لفتت نظري وأسعدتني بشكل مش فاهماه!
+
جاورتها على نفس الأريكة: يجوز هو من الناس اللي مش بتنسى التفاصيل بسهولة يا أمونة!
_ مع إن في غيره بينسى بدرجة تجرح..!
+
أدركت أمنية أنها تلمح لخطيبها السابق وإهماله لأمور كثيرة تمنت أن يتذكرها..!
+
استطردت أمونة بصوت أعمق:
حصلي حاجة غريبة يا موني خوفتني..!
_ خير قلقتيني؟!
غامت عيناها وهي تعود لتغمغم:
تخيلت أحمد وهو بيتعامل مع خطيبته وبيحتفل معاها بكل ذكرى وتاريخ يخصها.. حسيت إني بحسد واحدة معرفهاش.. ومقارنة مالهاش تفسير حصلت جوايا وربكتني.. لدرجة انه فضل يتكلم عن نفسه وانا سرحانة في أفكاري، تفسري ده بإيه..؟!
+
ربتت على كتفها بتفهم وهتفت بصوت حاني:
_مش غريبة ولا حاجة حبيبتي كل واحد بيجذبه الشيء اللي ناقصه وبيدور عليه.. انتي بيفرق معاكي التفاصيل دي وبتأثر فيكي عاطفيا، عشان كده أحمد لفتت نظرك.. بس مثلا لو واحدة طبيعتها مختلفة عنك كانت ملحوظتك دي مرت مرور الكرام.. زي أنا مثلا لو بلال جوزي نسي عيد جوازنا أو عيد ميلادي عادي مش بقف كتير عند النقطة دي..ومش هقولك مش بتمنى يفاجأني ويعملي أي احتفال أو يحسسني انه فاكر.. بس ده طبعه.. هل ده معناه انه مش بيحبني؟
+
ثم مازحتها لتلطيف الأجواء:
وبعدين الراجل معذور .. أنا واحدة ولا بتحب الورد ولا الشيكولاته هيجيبلي إيه.
+
ضحكت أمونة: في دي أنتي ظاهرة فريدة من نوعها.
واستأنفت: ربنا يصلح الحال ويسعدك يا أمنية.. عموما من بكره هبدأ الشغل وبإذن الله ربنا يوفقني هناك.. دعواتك يا مونتي!
+
_ ربنا يوفقك ياحب!
_______________________
+
في منزل عامر!
+
_ أنت رجعت تمارس هوايتك تاني ولا إيه؟
التفت عامر لوالده وأجاب: أيوة يا بابا قلت اتسلى شوية بقال كتير مشغول عن هوايتي، واهو مصلحة لبنتك اعملها العقد اللي كانت طالباه مني!
+
ابتسم وغمغم: يعني العقد ده لسماح؟
تلعثم قليلا ثم قال: الحقيقة لأ.. سماع مش بتحب اللون ده، هعملها واحد أسود زي ما طلبت!
_ أمال ده لمين؟
_ ده هدية.. صاحبي عايز يهادي بيه خطيبته وطلبه مني!
+
هز أبيه رأسه: تقصد خطيبة ظافر صاحبك؟
+
وجد بافتراض أبيه نجدة فأكد قائلا: أيوة أيوة.. هي خطيبة ظافر..!
_ طيب يا ابني عقبال كده ماتعمل لخطيبتك.. وواصل كما اتوقع: انت مش ناوي بقى ياعامر تفرحنا انا وامك.. أختك اتجوزت ومعاها عيال واخوك التاني الأصغر منك خاطب، وانت مش مهتم غير بشغلك!
+
_ لما ربنا يأذن هتلاقيني جاي اقولك اني عايز اخطب.. خلي كل حاجة تيجي لوحدها يا بابا
تمتم بتسليم لرغبته: ربنا يكتبلك الخير يا ابني
+
وتركه فعاد عامر يواصل لضم حبات العقد الذي يصنعه بسعادة غريبة متمني أن ينال إعجابها والأهم.. نيل غفرانها علي كذبه بعد أن تعرف حقيقته كما نوى أن يفعل!
لن يكذب على تلك الملاك مرة أخرى!
_________________________
+
" ألف مبروك يا باشمهندسة عطر.. أخير هتشاركينا شغلنا واشوف ابداعك اللي ياما كلمني عنه يزيد! "
+
شكرته مبتسمة بعد أن رمقت يزيد بالجوار: شكرا يا باشمهندس أحمد كلك ذوق.. ويزيد بيبالغ أنا لسه هتدرب وانتوا اتحملوني لحد ما اكتسب خبرة!
+
يزيد: الخبرة سهلة وهتكتسبيها معانا بأذن الله، انما موهبتك مش ببالغ فيها ومتوقع منك شغل مميز جدا..!
+
اسعدها كثيرا مدحه وثقته بها، وتحفزت ان تثبت له صحة قوله، فتدخل ياسين الذي يرافقهم هاتفا:
أكيد أختي طالعالي وهتبهركم بشغلها.. ماهي الجينات بتحكم يا أساتذة واديكم جربتوا عبقريتي!
+
يزيد بتهكم: صدقني لو نفس الجينات كنت قلقت!
احمد مازحا: لا حرام يا يزيد كلمة الحق تتقال، ياسين فعلا شغله مميز وشاطر اوي ومبقاش في غنى عنه! يارب الأنسة جوري تتعلم منه اما تشتغل معاه!
+
ياسين: جوري؟أنت طيب أوي يا احمد، هو انا خايف غير لما تشتغل معايا؟ .. يلا ربنا يقويني على الشهرين دول.!
+
يزيد: لأ احنا مش هنلعب دي شركة وأكل عيش.. انا وصيتها لو مش ناوية تتعلم وتشتغل بجد ترجع المنصورة!
ياسين: أما نشوف يا كبير..!
احمد: طب ياجماعة هسيبكم بقي واروح مكتبي، ثم حاد بصره لعطر وواصل: ومبروك مرة تانية انضامك لينا يا باشنهندسة!
+
_ الله يبارك فيك!
+
استأذن هو وتبعه ياسين، بينما ظل يزيد يبثها بعض أرشاداته مع كلمات مشجعة، بينما هي تحاول تجنب النظر إليه مباشرًا..فكلما تذكرت وهو يحملها يزداد خجلها منه وتوترها وخيالات غريبة تهاجمها، والأكثر أنها ادمنت التأمل بصورتهما قبل نومها كل ليلة وهي تتمنى داخلها أن يتحقق أملها وألا يحملها رجل بين ذراعيه غيره هو..!
+
لاحظ صمتها وهي تطالع النافذة غير متفاعلة مع حديثه، فتسائل: عطر؟ انتي سرحانة في إيه يابنتي؟ على كده ماسمعنيش طلبت منك إيه؟
+
_ لا معاك وسمعت، بإذن الله انول ثقتك في في فترة التدريب واعمل شغل افضل من اللي متوقعه مني!
+
_ أنا متأكد وواثق فيكي!.. المهم طمنيني أسنانك خلاص مش تعباكي دلوقت؟
_ لا الحمد لله بقيت كويسة جدا ماتقلقش!
_ طب جوري هتيجي امتى؟
_ هتيجي بعد الضهر!
يزيد بتهكم: بعد الضهر؟ هي من أولها هتدلع؟ ماشي اما تيجي هقولها كلمتين واعرفها ان مافيش هزار.. !
ابتسمت له: الله يعينك عليها دي دماغها رايحة منها
ضحك وغمغم: ده العادي بس انا هظبطها، واستطرد ناهضًا:
هسيبك واروح مكتبي ولو احتاجتي شيء عرفيني!
+
_ خلاص تمام!
___________________________
+
_ صباح الخير!
+
باغته صوتها المحبب وهي تلقي تحيتها باستحياء. فرفع بصره ليطالعها أمامه بهيبة جمالها الذي يذداد كلما رآها، فغادر مقعده واقترب منها: صباح الخير يا بلقيس.. إيه الصباح الحلو ده..!
ابتسمت هاتفة ببساطة: جيت افطر معاك..!
برقت حدقتاه بحنان: بس كده.. المطعم كله تحت أمرك.. وتنحى بها ليجالسها بطاولة منعزلة نوعا ما..!
+
_ والبرنسيسة تحب تاكل إيه؟
_ اللي هتاكل منه يا ظافر..!
+
لا يعرف لما كلما لفظت أسمه بتلك الرقة والدفء يهتز قلبه وكأن صوتها يعزف على أوتاره.. عسل شمسيها يلمع كلما نظرت إليه..وكم كاشفة عيناها لمشاعرها البريئة.. تُرى هل ستظل بهذا التعلق به حين تتعافى بشكل تام؟ أم يتهدأ مشاعرها وتتلاشى وكأنها لم تكن؟ سؤال يداهمه كثير تلك الأيام وشيء خفي يؤرقه لكنه ينفض عن ذهنه كل هذه الأفكار.. وتركيزه لابد ألا يبتعد عن هدفه الأساسي لتلك الخطبة.. وهو مساعدتها على ممارسة حياتها بشكل طبيعي دون الخوف من أحد او من شيء.. وإخراج قوتها المدفونة داخلها ونفض غبار الضعف عنها..!
+
_ ساكت ليه؟
+
تنبه لصوتها فغمغم: لا بس بفكر اختارلك إيه، عموما أنا هغيب دقايق اعمل تليفون سريع خاص بشغلي، وهطلب أوردر فطار حلو وقبل ما يوصلك هكون جيت..اتفقنا؟
+
أومأ له مبتسمة دون رد، فرحل لينجز ما يريد حتى يعود لها سريعا..!
_______________________
عبر الهاتف!
+
_ خرجت من إمتى يا دُرة؟
_ من نص ساعة يا عاصم ..گ العادة تصحى تفوق وتاخد حمام وألاقيها بتلبس ورايحة لمطعم ظافر.. انت قولتلي اسيبها براحتها..!
+
تنهد مغمغما: معلش يا دُره مضطر اسمحلها بكده.. عموما مش عايزك تقلقي بلقيس من وقت خروجها لحد رجوعها بيكون في اللي متابعها عشان يحميها..!
+
_ عارفة ومطمنة أن ظافر هيرجعها هنا كمان شوية!
_ ماشي وربنا يصلح الحال.. انا هقفل دلوقت وهكلمك تاني.. في عميل على وصول هخلص مقابلته وارجع اتصل عليكي!
+
_ ماشي ياحبيبي، وانا هتصل اطمن على كريمة وعبير وارغي معاهم شوية.. يلا في رعاية الله!
________________________
+
لم يغب سوى عشر دقائق كانت كفيلة ليعود ويصعق لعيناها الزائغة الخائفة وتوتر أصابعها وقد انكمشت وادارت مقعدها تجاه الجدار كأنها تختبيء من شيء ما، فتوجه ببصره تلقائيا للجهة الأخرى ليتفاجأ بشابين يرمقانها بوقاحة واضحة وشفتيهما تهمسان بكلمات غزل وهما يصفانها وعيناهم تشتعل بنظرات بذيئة فهمها.. قربه منهما سمح له بالتقاط ما يقولون، وهما غافلين عن وجوده.. فعصفت نظراته صوبهما بغضب وتكورت قبضته تلقائيا وصار إليهما بتحفز، وما أن وصل لطاولتهما حتى صدح صوته بفحيح رغم خفوته تجنبا فقط لأفزاعها:
بدون قلق وشوشرة وبالذوق خدوا بعضكم واخرجوا حالا من المطعم بكرامتكم قبل ما اخليكم تندموا..!
+
رمقه إحداهما باستخفاف غير مدرك حقيقة أنه صاحب المكان، بينما تمتم الثاني بفظاظة لا تخلو من سخرية: حاسب بس ياعم احسن يطقلك عرق.. مطعم إيه اللي نسيبه.. احنا زباين جايين ننفع المكان اللي بتاكل منه عيش.. وعايزين نفطر وانت زي الشاطر روح خدم علينا ونفذ أوامرنا من سكات بدال ما نأذيك ونقطع عيشك ونعلمك الأدب.. يلا شاطر.!
+
لولا تلك المنكمشة الخائفة في الزاوية الأخري والتي لم تنتبه لوجوده بعد.. لسحق أجسادهما في الحال وحولها لكومة عظام مهشم.. لكن نظرته لها جعلته يتروى كي لا تتأذى.. فمازال يذكر رد فعلها في المرة الأولى حين تناثر الزجاج والصخب وراحت تصرخ..!
ولن يعرضها لانتكاسة بسبب وغدين وأحمقين!
+
همس ببرود قدر استطاعته: لا على أيه يا بشوات قطع العيش..الطيب احسن.. خدو راحتكم!
+
أسكنها غرفة مكتبه المنعزلة عن موضع الرواد و طمأنها ببعض الكلمات أمرا إياها ألا تتحرك لحين عودته.. وعاد للوقحان فوجدهما ينظران له بحقد وقد قرأ ما جال بخيالهما القذر.. وسيحاسبهما حتى على سوء الظن..!
..................
+
اقترب منهما وعيناه ترسل شرار وبدون إنذار لطم أولهم ثم لكم الأخر بقبضته التي نزلت گ صاعقة لفحتهما بنيران غضبه، فحملقوا بذهول ومباغتة لهجومه وفي ثواني صاروا متكومان أرضًا مما جعل الرواد يشهقون فزعا وخوفا لما تراءى لهم من تعدي غير مفهوم.. وقبل أن يحاول الوغدان النهوض والدفاع، أحاطهما أثنان من العاملين يوحي مظهرهما أنهما " بودي جارد"..وبنظرة تقيمية أكثر دقة.. أدركوا انهما يواجهان مالك المكان وليس مجرد عامل.. وبنظرة أخرى لعين ظافر المظلمة القاسية وبنيته القوية ايقنوا انه يقدر على إذائهما بأكثر مما تخيلوا.. فلم يقاوموا وهما يُجذبان من أكتافهما عنوة گ مجرمي السجون ملقان بالساحة الخارجية للمطعم..مع تمتمة تحذيرية أخيرة من ظافر ألا يجازفوا ويعودان لمطعمه مرة أخرى وإلا لن تكون العواقب سليمة!
+
وبعد أن فرغ منهما عاد بين الرواد بمنتصف الطاولات هادرا للتوضيح:
_ أنا أسف جدا لحضراتكم على الموقف ده وإني خليتكم تتوتروا باللي حصل.. بس أنا اضطريت اتعامل بعنف مع اتنين لا يليق انهم يكونوا في مكان محترم.. لأن بعتبر كل رواد مطعمي عائلات محترمة مش هقبل ابدا ينضم ليهم شباب وقحة.. اعتقد المعنى وصلكم.. فلا تؤاخذوني على عنفي معاهم.. وانسوا اللي حصل دلوقت!
+
وغادر بين همهمات الأفواه الراضية المبهورة بصنيعه، عائدًا لبلقيس بعد أن أمر العاملين بتنظيف جلبة عراكه!
_____________________
+
عاد إليها بوجهٍ عابس رغما عنه بعد أن فقد هدوءه وأعصابه وحتى هندمة ملابسه وهو يلقنهما درسا بقبضتيه، ثم نظر لها فوجدها تطالع ملابسه بقلق، فزفر بضيق ومسح على وجهه ليهدأ.. ولأنها استشفت غضبه همست: انت زعلان؟
+
رمقها بنظرة مبهمة ثم تمتم بحاجبان معقودان:
+
اسمعي يا بلقيس انا مش حابب تيجي المطعم تاني كده من بدري.. أنا ببقي عندي شغل ومش بقدر اركز وانتي موجودة لأن بتفضل عيني ليكي.. أنا هزورك في البيت لما اكون خلصت شغلي وفاضي، لكن ماينفعش تيجي تاني وتفضلي طول النهار!
+
خفت ضوء عيناها وغمغمت بحزن: بس انا اول ما بصحى ببقي عايزة اشوفك واكلمك!
+
لن تكف أبدًا عن هزيمته بتلك النبرة الرقيقة والعفوية، المشكلة الأكبر انه صار يتلذذ بصحبتها وحديثها، لكن لا يجوز ان ترافقه هكذا في مكان عمله.. تركيزه يتشتت ويفقذه بحضورها.. كما أنها يجب أن تمليء فراغها باشياء أخرى..من الخطأ أن يظل هو محور يومها الوحيد! ما فائدة وجوده ان لم يوجهها لهذا؟
+
هتف بعد برهة بنبرة أكثر هدوءً: لو على الكلام تقدرى اما تصحي تكلميني في التليفون!
+
_ مش معايا تليفون..!
+
بعفوية أخرى جذبته ونبهته انها فعلا لا تمتلك هاتف خاص بها.. ولم يتعجب فحالتها السابقة وعزوفها عن الكلام لم يجعل للهاتف فائدة.. وربما لهذا أهمل والدها إحضار هاتف خاص لها.. لهذا رمقها بنظرة دافئة بعد أن لانت ملامحه عن زي قبل وغمغم بابتسامة: بس كده؟ بسيطة أحلى واجمل تليفون هيكون عندك بكره وانتي اللي هتختاريه بنفسك.. لأن انهاردة يومي مشحون، احنا دلوقت نفطر ونشرب حاجة وبعدها هوصلك لبيتك وبكره هعدي عليكي بدري واليوم كله هنكون سوا.. اتفقنا؟
همست برقة: اتفقنا..!
+
رمق بانبهار إشرقة وجهها وسرق تركيزه عسل عيناها الضاوي گ عادته كلما تأمل محياها الفاتن، هو يغرق بتأثيرها كلما رآها ويشعر بالخطر أن يصدر مهه شيء ينافي طبيعته، هو يعتبرها أمانة لديه حتى عودتها لعرين أبيها ثانيًا، أعتدل بجلسته وقد انتبه لأكتافه المنحنية وهو يتأملها دون وعي ونفض عنه تأثيرها بقوة واستعاد سيطرته على نفسه وحمحم قائلا:
+
_طيب تمام دقيقة وراجعلك هعمل تليفون لعامر يكون أوردر الفذار وصل!
+
ابتسمت له وهي توميء برأسها، فمنحها ذات الأبتسامة ورحل بعد أن وعدها بعودته سريعا..!
_________________________
+
في سويسرا..!
+
ميرا: ماتتصوريش فرحانة ازاي انك انتي ورائد لبيتوا دعوتنا وجيتم تعيشوا هنا.. أخيرًا هنتجمع ونكون عيلة بدال ما كل أخ في بلد!
رودي بوجهٍ يشع سعادة: الحمد لله رائد سمع مني بعد ما غلبني معاه وكان مش موافق يسافر..!
+
لوحت ميرا بذراعها هاتفة بحماس: صحيح مايجيبها إلا ستاتها الحلوة!
ضحكت رودي وتمتمت: بجد شكرا يا ميرا على تعبكم واستقبالكم لينا من وقت وصولنا.. وعموما مش هنطول هنا رائد هيأجر لينا شقة على قدنا وهننتقل ليها فورا
+
هتفت بنبرة عاتبة: أخص عليكي يا رودي، فين التعب؟ وليه مستعجلين تمشوا، أصبروا لحد ما جوزك يستقر في وظيفته، ده "أيهم" جابلة شغل في شركة ممتازة وبإذن الله تعيشوا عيشة كريمة!
_ ربنا مايحرمناش منكم، عموما أحنا خلاص بقينا في بلد واحدة وحتى لو انتقلنا لبيت تاني هنفضل على تواصل!
+
ربتت ميرا على كتف رودي : أكيد، صحيح ما قولتيش انتي في الشهر الكام؟
_ السادس
_ ما شاء الله قربتي خلاص، طب عرفتي نوع البيبي؟
_ أيوة، هنجيب بنوتة
_ ياروحي عليها بموت في البنات، ربنا يقومك بالسلامة!
_ تسلمي يا ميرا.. معلش هستأذنك اريح شوية، بطني تقلت وضهري بقى دايما واجعني وبحتاح أمدد جسمي أغلب الوقت!
_ اتفضلي حبيبتي، نامي شوية على ما يجي جوزك وجوزي ونتغدى مع الولاد!
.................. .
+
بعد عودة رائد!
+
_ عاملة إيه يا حبيبتي وحشتيني!
+
اعتدلت رودي وهي تزح خصلاتها عن وجهها وهمست ومازال بصوتها أثر النعاس!
_ الحمد لله يا حبيبي، جيت إمتى مش حسيت بيك!
_ من خمس دقايق!
_ طب وأخبار شغلك إيه؟ ابتديت تندمج فيه؟
+
تنهد وهو يجاورها بالفراش: يعني بحاول استوعب كل حاجة واتعلم.. دي أول مرة اشتغل .حاسس مخي ممسوح!
ثم ابتسم. بتهكم: وهو فعلا ممسوح!
غمغمت لصرف ذهنه عن حالته: تعرف مرات اخوك ميرا دي حتة سكر، حقيقي ذوق جدا
_ طب كويس انك اندمجتي معاها
_ اندمجت بس؟ إحنا بقينا أصحاب!
+
رمقها بنظرة مطولة ثم همس وانامله تتحس وجهها:
ماكنتش اعرف إن سفرنا هنا هيخليكي مبسوطة ومنورة كده
+
امسكت أصابعه ولثمتها هامسة: مبسوطة لأني معاك، ولأننا هنبتدي حياتنا سوا من جديد بعد ما بقينا قريبين من بعض، هنبتدي واحنا منتظرين بنتنا تشرف!
+
حاد بصره لبطنها المنتفخ وربت عليه برفق وقال: منتظرين رحمة!
+
همست متفاجئة بالأسم: رحمة؟ هنسميها رحمة؟
أومأ لها وعيناه مازالت مصوبة على بطنها، فتسائلت: اشمعنى
+
صمت برهة ثم غامت عيناه بلمحة شرود: عشان وجودها كان رحمة في علاقتنا وربطنا ببعض أكتر..بوجودها بقيت مكتفي بيها عن أي حاجة..مجرد خبر انتظارها زرع جوايا حب للحياة واتمنى ربنا يقدرني واعمل مستقبل كويس ليها، واقرر اتغاضى عن اللي فات واللي مش فاكر هو خير ولا شر..!
+
ثم نظر لها باستجداء وغمغم: رودي.. هو انتي بجد ماتعرفيش أنا كنت عايش ازاي؟ وكان في حد بيكرهني أو انا بكره حد!؟
+
ومضت مقلتيها بنظرة مبهمة وهي تطالعه عاجزة عن إجابة تعرفها ولكن ليس كل ما يعرف يجوز البوح به
+
قاطعها: يااااه.. شكلي عامل بلاوي!
ابتسمت هامسة: اللي اعرفه هو إن ربنا عطاك فرصة وحياة مختلفة تعيشها، انسى يارائد كنت ازاي، بلاش تفتش في الماضي لأنك هتتعب، وركز في الحاضر اللي بين ايديك وازاي هتلون أيامه بالأمل والسعادة والأحلام اللي هنحققها سوا مع بنتنا.. رحمة.. اللي جت رحمة ليك وليا من ربنا..!
+
طافت عينيه الداكنة على محياها بنظرة حانية ثم غمس رأسها في صدره بقوة وغمغم:
ربنا يخليكي ليا يا رودي! أنتي أحلى حاجة حصلتلي لحد دلوقت!
+
رفعت وجهها تناظره بوله مغمغمة: يعني بتحبي يا رائد!
+
مال عليها أكثر وهو يتمتم بنبرة ماكرة: الإجابة لازم تبقى عملى.. هقولهالك كلمة كلمة!
ضحكت بدلال وعانقته وراحت تستقبل عاطفته التي لا ينضب لهيبها، وبادلته إياها بسخاء أكبر وأكثر دفئًا
____________________
+
إمتى هتتجوز ياعامر
_ أما افضى يا ماما
_ أما تفضي؟ هو انا بقولك امتى هتحلق دقنك؟
+
التفت لها رافعا حاجبيه: إيه الحلاوة دي ..من إمتى بتألشي يا حاجة!
+
_ أنا مش بهزر على فكرة.. عايزة اعرف إمتي هتتجوز.. في واحده في دماغك؟
+
_ لأ.. وقبل ماتقوليلي اجيبلك هقولك بردو لأ..وسيبك بقى من كلام الأمهات بتاع عايزة افرح بيك واشيل عيالك والجو ده!
_ وماله كلام الأمهات يا سي عامر؟ امال اسيبك لدماغك الناشفة دي!
+
غمغم: ياحبيبتي الجواز ده قدر بيصيب صاحبه من غير معاد.. وأنا مستني قدري يجي لوحده، أكيد في حد في الدنيا دي مخلوق عشاني سيبيني اكتشفه بنفسي!
وواصل : المهم قوليلي سماح جاية عندنا امتي؟ عيالها وحشوني اوي!
_ هتيجي اخر الأسبوع مع جوزها، أنا عازماهم في أول جمعة من رجب.. كل سنة وانت طيب ياحبيبي!
+
_ وانتي طيبة وبخير يا قلب عامر ويبلغنا رمضان ويعود عليكي الأيام بخير.. كويس انه يوم الأجازة عشان أشبع منهم واهيص مع العيال شوية!
+
شملته بنظرة مفعمة بعاطفتها: ربنا مايحرمكم من بعض ياحبيبي وعقبال مانفرح بعيالك!
_ في حياتك يا أمي!
هروح بقى أشوف الحاج ابو عامر عامل ايه!
_ ماشي ياحبيبي!
ثم تذكرت شيء هام كان تريده، فقصته عليه سريعا مع وعد منه بتلبية طلبها..!
________________
+
شيء داخله جعله يتحمس كثير لتوصية والدته لإيجاد وظيفة لمهندس حديث التخرج يأمل بفرصة العمل بشركة جيدة السمعة.. ولم يحتاج لكثير من الذكاء ليعلم أن والدته تحدثت مع الجارة عن رفيقه أحمد الذي يمتلك شركة للانشاءت.. فضلا عن انها تعلم أنه ليس صاحبها الوحيد وفقط يشارك بنسبة ما.. ولكن كل هذا لا يهم، فشعوره انه سيتوجه لمكان تواجد ملاكه حيث تعمل يصيبه بسعادة لا ينكرها.. ويدعوا الله ان ألا تغضب كثيرا حين يخبرها حقيقته وأن تتقبل أسفه عن خداعه البريء..!
+
حاد ببصره على العقد المغلف الذي صنعه لها وقرر أن يقدمه گ اعتذار قبل ان يكون هدية.. دسه في جيبه وتوجه على الفور لشركة الإنشاءات!
+
وصل وغادر سيرته وترجل لمدخل الشركة ودلف عبر البوابة وقبل أن يصل للمصعد وجدها تخرج أمامه ومعها رفيقتها ..رمقه بدهشة لوجوده..ثم هتفت:
_ ايه الصدفة دي؟ أنت جاي هنا لحد معين؟
+
توتر ولا يعرف ماذا يقول خاصتا والفتاة الأخرى ترمقه بفضول، كيف يحدثها عن كذبته بأجواء گ تلك وتحت مراقبة الأخرى، تنحنح وقرر ان يواصل تقمص شخصية الشاب الفقير الذي يعول خمسة عشر شقيقا.. فلا نفر من كذبة أخرى، هتف بعد برهة: أيوة.. جاي في شغل لأن مطعمي.. قصدي المطعم اللي أنا شغال فيه هو اللي بيورد وجبات الشركة اليومية، وانا جاي عشان اسلم الوجبات بتاعة انهاردة حسب اتفاقنا مع باشمهندس أحمد!
+
هزت رأسها بتفهم وهي تحدث عطر: فعلا ياسين قالي انهم بياخدو وجباتهم من هناك، ثم التفتت له:
_ طيب تمام ربنا معاك.. ثم تساءلت بعفوية ذكرته بكذبه وأججت خجله وتأنيب ضميره: أخواتك عاملين إيه؟
+
_بخير الحمد لله، وباعتين ليكي السلام و......
+
تردد قليلا وتلفت حوله والعابرين يتوافدون حولهم، وغمغم بحرج : طيب ممكن بس أقولك كلمة على جمب، عشان الزحمة اللي الخارجين من الأسانسير..!
+
انتبهت بالفعل انها تقف قرب باب المصعد وربما تعيق المارين منه وإليه، فتنحت مع رفيقتها منتظرة قوله، وكم تمنى أن يقدمه بعد نصارحته واعتذاره ودون أن يرافقها أحدًا..لكن لا شيء يتم مع تلك الصغيرة كما يخطط ابدا.. استسلم داخله منتظر فرصة أخرى والتقط من جيب بنطاله جراب العقد الأنيق الذي صنعه وهمس بتهذيب:
+
_بصراحة أنا ليا أخت حكيتلها عنك وعن معروفك معانا، ولأنها بتشتغل في شغل "الهاند ميد" والاكسسوارات، حبت تهاديكي حاجة من شغل ايدها وعلى ذوقها .. اتفضلي، يارب تعجبك!
+
شهقت أعجابا وهي تطالع العقد وإسوارته متمتمة: الله الطقم تحفة.. يجنن. دي اختك دي شاطرة جدا ما شاء الله، شايفة الجمال ياعطر؟
+
بدت الأخيرة متحفظة بعض الشيء ولم تنبهر گ جوري وقالت بعد أن رمقته بنظرة مرتابة: حلو فعلا تسلم ايديها..بس عفوا في سؤالي عرفت منين انك هتلافي جوري هنا عشان توصل ليها هدية أختك؟
+
تنحنح وحنق داخله من ملحوظتها ودعى أن يتقن حجته الكاذبة وقال: أنا ماكنتش اعرف اني هشوف الأنسة هنا.. كل الحكاية ان أختي خلصت هديتها واديتهاني وانا خارج وأنا حطيتها في جيبي بدون تركيز.. يعني الموضوع كله صدفة!
+
حاصرته عطر بنظرة أخرى، ثم هتفت جوري: أيوة فهمت، ماهو فعلا انت هتعرف منين اني شغالة هنا؟ عموما بجد شغل أختك رائع وهديتها جميلة بس انا مش هقدر اخدها للأسف!
+
شعر بحزن حقيقي وتساءل بإحباط: طب ليه؟
+
_لأن ده شغلها وهي أولى بتمنه، ومش هاخده غير في حالة واحدة بس!
+
استطاع التخمين ومع هذا تساءل: اللي هي إيه؟
_ ادفع تمنه!
+
كاد يبتسم لصواب ظنه.. بالفعل فتاة برقتها لن تقبل أن تأخذ شيئا من فقير مثله دون مقابل.. تنهد بحسرة فيبدو انه سيضيف لرصيده دين جديد منها.. ديونه تزداد كلما استمر بكذبه ولا يعرف كيف سيتم السداد.. لكن الجيد في الأمر انه يضاعف لها رصيد تبراعاتها بصندوق مطعمه دون ان تعلم عن تبرعها شيء!
+
قال بمحاولة أخيرة لإثناءها: طب ينفع تدفعي تمن هدية اتعملت ليكي مخصوص يا أنسة جوري؟
+
هتفت بإصرار متوقع: معلش مش هاخده غير اما ادفع تمنه!
فاضطر بإخبارها سعر عشوائي واخذ منها النقود ثم غادرته برفقة صديقتها متوجهين لزاوية ما أدرك أنها المطعم الخاص بالشركة، فتوقيت غداء الموظفين بالفعل حان آوانه.. أما هو فاستأنف صعوده لرفيقه أحمد وذهنه غائب، يلوم نفسه لكذبه.. لكن ماذا كان يفعل والأجواء لم تساعده على مصارحتها.. ربما تتاح له فرصة أخرى حتما سيسعى لها..!
________________________
+
في مكتب أحمد!
+
_عمور.. إيه المفاجأة الحلوة دي! أخيرا جيت تزورني!
صافحه عامر: تسلم ياغالي.. أديني فضيت نفسي وعديت عليك ..عامل ايه؟
_ كله تمام وشكرا على وجباتكم الممتازة!
_ العفو يا أبو حميد..وجودة الأكل دي بصراحة مجهود وابتكارات ظافر، أنا شغلي إداري..!
_ والله انا معجب أصلا بمشروعكم ده، ولعلمك لازم اخد نسبة منكم، أنا بورد ليكم ناس كتير واستحق مكافأة!
ضحك عامر: عنينا ليك يا ابو حميد ولكل اللي يجي من ناحيتك!
_ تسلم ياعامر، صحيح تشرب أيه؟
+
_ ولا حاجة لأن مستعجل وبصراحة طالب منك خدمة.. أو بالأحرى الحاجة والدتي ليها توصية!
+
احمد: انت والحاجة تؤمروا.. خير؟
_ ابن جارتنا ياسيدي واللي هي بمثابة اخت لوالدتي اتخرج من هندسة السنادي، وقلنا لو له فرصة شغل معاكم يبقي جميل كبير منك!
+
_ عيب ياعامر في بنا جمايل.. خليه يجي بكره على الساعة عشرة يقابل ياسين لأن ده تبع شغله، وطبعا يجيب كل أوراقه وانا هوصي عليه.. وربنا يسهل!
+
_ شكرا يا باشمهندس مايحرمناش من ذوقك، طيب انا مش هعطلك بقى ويدوب ارجع للمطعم.. ومنتظر تليفون بكره تطمني بخصوص الوظيفة!
_ ماشي يابرنس بس مستعجل ليه هنشرب حاجة الأول!
_ لا يا احمد يدوب امشي.. تتعوض مرة تانية!
_ ماشي ياعمور.. في رعاية الله وسلم على ظافر..!
_ يوصل يا باشمهندس.. سلام!
___________________
+
في مطعم الشركة!
+
عطر: على فكرة أنا مش مرتاحة لعامر ده!
جوري: ليه يعني؟ إيه مش مريحك؟
_ مظهره مش بيوحي ابدا بفقره زي ما حكيتي عنه، ده لابس قميص ماركة يا بنتي وساعة شكلها غالي!
_ عادي ياعطر ممكن يكون حوش عشان يجيب قميص وساعة زيهم، في ناس رغم فقرها بتحب تبان بمظهر حلو!
_ بردو في حاجة مش ريحتني ناحيته.. عموما بلاش تتباسطي كده مع كل الناس ياجوري، ده غريب ومانعرفوش، ولعلمك لو كنتي قبلتي هديته كنت مش هسكت.. بس برافو عليكي، عحبتيني اما دفعتي تمن العقد!
+
_ أكيد طبعا مش كنت هقبله.. واهو نفعته حرام.. هما أولى بفلوسه!
_ صح وبردو بعيد عليكي اجمدي شوية في التعامل مع الغرب.. مش كل الشباب زي عابد وياسين ويزيد، ولاد الحرام كتير يا جوري!
+
_ بلاش أفورة بقى محسساني انه نصاب دولي!
+
مطت شفتيها بتهكم: والله انتي اللي أوفر.. مرة تبعتي معاه أكل.. ومرة فلوس ..ومرة تشتري منه عقد أخته.. ماتتلمي يابت انتي وتخشني شوية..!
+
_ سبتلك انتي النصاحة والخشونة ياختي.. تعالي بقى ناخد وجبتنا خلينا نطلع نشوف شغلنا..!
_ لا هنستني ياسين ويزيد!
+
جوري بمكر: وأمونة نسيتيها ؟ بصراحة البت دي قمر وشيك أوي.. حاجة كده تفتح النفس! وواضح انها قريبة من يزيد بتهزر معاه وواخدة عليه!
+
عبست عطر وشردت بمظهر أمونة.. هي بالفعل فتاة جميلة تضخ أنوثة، حديثهما به كثير من الود الواضح، وذكريات الجامعة بينهما عامرة بالمواقف التي لا يملوا ذكرها، تُرى هل علاقتهما قريبة للدرجة التي تتخيلها وتخافها؟
+
جوري: خليكي انتي بالجينز والكوتش ياهبلة!
+
جزت على أسنانها: احترمي نفسك وامسكي لسانك اللي عايز قطعه ده ومالكيش دعوة بلبسي.. ابو شكلك يا شيخة
+
ضحكت جوري وراحت تتجرع بعض الماء في انتظار الجميع ثم هتفت: سينو ويزيد وباشمهندس احمد اهم!
عطر بضيق واضح: وكمونة
+
ضحكت جوري: اتلمي، يزيد حذرك الصبح تقوليلها كمونة تاني مش عايزين نكد، وتعالي بقى نعمل طبقنا ونرجع!
__________________________
+
في المنصورة!
+
نال رحيلهم من طبيعته المرحة، صار يشرد كثيرا ويغلب على ملامحه التجهم، يقضي الكثير من وقته جوار الأرجوحة التي صنعها للصغير وكأنه يبثها شوقه له..خاصتا أن غضبه من زمزم يجعله يأبى الذهاب إليها، وبينما هو بحالته تلك تتابعه كريمة خلسة بحزن، تعلم أن ربما قلبه تعلق بهما ولكن يجب عليها معالجة الأمر قبل تفاقمه أكثر..!
+
اقتربت وهي تحمل فنجانين من القهوة متمتمة:
قاعد لوحدك ليه ياعبودي.. عموما أنا عملتلك قهوة بنفسي وقلت أجي نشربها سوى!
+
استدار إليها باسما: تسلم ايدك يا ماما..!
والتقط ما تحمل ووضعه فوق الطاولة القريبة فقالت:
تعالى نقعد نرغي شوية على مايجي ابوك..ثم تلفتت حولها مغمغمة: جميلة أوي المرجيحة دي!
لم يعلق فواصلت وهي ترمقه بحنان: تعرف ياعابد.. أنت طالع لجدك الله يرحمه.. كان حنين ومرح زيك ويحب يسعد اللي حواليه وجوده كان بيفرق في أي مكان.. واستطردت بنبرة ذات مغزى: عقبال ما تعمل الحاجات الحلوة دي لابنك اللي من صلبك يا عابد!
+
هز رأسه: إن شاء الله يا ماما..!
فواصلت وهي تعزف على ذات الوتر: امتى يجي اليوم واشوف عيالك انت واخوك واختك واطمن عليكم!
+
ربت على كتفها: كله في وقته يا أمي بس دعواتك ربنا يوفقنا.. ثم همس: وينولنا اللي بنتمناه!
_ اللي هو إيه؟
+
تساءلت سريعا، فقال: مش حاجة معينة بتكلم في العموم يا ماما..!
تنهدت ثم قالت: طب أنا عايزة اكلمك في موضوع يا عابد.. طلب ونفسي تحققه!
_ خير يا ماما طلب إيه؟
+
استجمعت الكلمات ورتبتها بعقلها ثم هتفت: نفسي اجوزك وافرح بيك.. انت مافيش حاجة ناقصاك ولا تمنعك.. لو وافقت اختارلك بنت حلال على ذوقي هجيبلك واحدة الكل يحكي ويتحاكى عنها.. انت تستاهل حورية من الجنة على طيبة قلبك.. عشان كده نفسي انا اختارلك بنت الحلال.. ها إيه رأيك يا حبيبي؟ ثم استأنفت بحماس: ولعلمك قلت لابوك وقال هو كمان نفسه يفرح بيك اوي!
+
ظل صامتا ينظر لها نظرة غامضة، فعادت تستأنف حصارها العاطفي عليه: يزيد انت عارف حكايته وقلبه اللي اختار غلط ولسه غرقان في توابع اختياره وبيحاول ينسى.. مش دايما القلب بيبقى صح يا عابد ساعات بيهلك صاحبه ويعذبه.. خليني انا اختارلك واحدة كويسة وواثقة انك هتحبها بعد كده لأن هتكون فيها مميزات كتير..!
+
هل تلمح والدته لشيء بعينه؟
هل تدرك مشاعره الخفيه تجاه زمزم وتريد إبعاده؟
لا يعرف..ربما.. وفرضا هي تعلم هذا لا يضر ولن يخفيه كثيرا.. هو فقط يحتاج توقيت مناسب لإعلان الأمر..معركة تحريرها من وهم زياد لم تبدأ بعد.. الطريق طويل لبلوغ أخره وعليه الصبر والتكتم.. لذا أخذ نفسًا عميقا وقال:
+
_ أنا عارف ياماما انكم عايزين تفرحوا بينا وعارف انك خايفة اعيد تجربة اخويا يزيد.. بس انا افهمك حاجة.. مافيش حد شبه التاني.. ولا تجربة زي التانية.. والأفضل اني اما ارتبط بواحدة أكون مقتنع.. واكون اصلا جاهز نفسيا للخطوة دي.. وانا حاليا مش جاهز والفكرة بعيدة تمام عن ذهني.. أوعدك لما انوي هعرفك برغبتي.. لأن وقتها هكون اختارت فعلا!
+
رمقته بحزن حقيقي وغمغمت: يعني مش عايزني اختارلك عروسة على ذوقي؟
+
هناك أمور تحتاج الحزم ولا مجال فيها للخواطر لذا همس بنبرة قاطعة: لأ... أنا محدش هيختارلي اللي هتجوزها.. أنا اللي هختار لما ربنا يريد وتيجي اللحظة المناسبة!
+
تجعد وجهها وخَبُتَ حماسها الذي كان قبل لحظات لرفضه، فهمس بعد أن لمس خيبة أملها لرفضه: ماما مش عايزك تزعلي مني.. بس انا من حقي ان اتولى انا الأمر ده في وقته لأنه يخصني انا بالدرجة الأولى.. ثم مازحها ليلغي أثر العبوس بملامحها: وبعدين انتي نسيتي الزئردة جوري؟ دي اللي لازم نطمن عليها.. بنتك هبلة ولازم تدعي تتجوز واحد يتقي ربنا فيها..!
+
استطاع جذب ذهنها باتجاه أخر فنكزته بكتفه: عيب ماتقولش على اختك هبلة دي زينة البنات ومافيش منها اتنين وقلبها زي الملايكة ومش هجوزها غير لأبن حلال يصونها..!
+
ابتسم وضمها إليه ولثم رأسها:
ربنا يحفظك لينا يا ماما.. لعلمك انتي هتبقي حمى زي العسل.. بس صحيح جوري هتيجي من القاهرة امتى.. بنت اللذينا سايبة فراغ!
+
_ هتقضي اجازة الصيف كلها مع بنت خالتها واخوك.. وابوك قالي سيبيها تغير جو، ما أنت عارف غلاوتها عنده، كفاية تعمله تليفون وتتسهوك وتدلعه وتقوله دومي عشان يوافق على أي حاجة تطلبها..!
+
ضحك متمتما: وهي لئيمة لتعرف تستغله كويس.. يلا براحتها اهي حتى تجنن ياسين في الشركة شوية.. أنا أصلي قبل ما نرجع المنصورة وصيتها عليه تطلع عينه وظبطت معاها كام مقلب تنعنشه بيهم أحسن الواد ياخد علي كده ومانعرفش نخضه بعد كده!
+
هتفت باعتراض: اقسم بالله حرام عليك انت واختك اللي بتعملوا في ابن اختي ده.. انتوا مفتريين!
ضحك وقال: يستاهل.. إنتي فاكراه ملاك؟ ده واد سهونة بيعمل فينا مقالب شياطين واللي بعمله فيه ده قليل!
+
تثائب ونهض هاتفا: هسيبك واطلع انام شوية يا ماما.. وقبل أن يرحل استدار ثانيا وهمس لها : صحيح يا ماما هو حضرتك مش بتزوري طنط عبير من وقت ما راحوا بيتهم؟
رمقته برهة ثم أجابته: زورتها من يومين وبكلمها يوميا وبطمن عليهم ماتقلقيش امك مش بيفوتها الأصول!
أومأ لها وعاد يهمس: على فكره طنط عبير طيبة أوي وبحسها تشبهك في حاجات كتير..!
_ وانا بعزها والله وماشوفتش منها حاجة وحشة، انا بس سايباهم براحتهم شوية عشان هما بيكملوا تظبيط البيت مش عايزة اتطفل..!
هز رأسه متفهما ثم استأذنها لصعود غرفته.. أما هي فظلت تنظر لأثره بشرود.. لم تحقق هدفها بنيل موافقته على الزواج.. لكن يمكن تحقيق ما تريد بطرق أخرى كثيرة لن تعدمها.. وتعلم ماذا ستفعل!
___________________________
+
_بقولك ايه يا أحمد.. إيه حكاية الأخت عطر؟ بتبصلي بصات غريبة وكل اما اكلم يزيد ولا اهزر معاه احسها هتولع فيا.. وانا مش عايزة اعمل عقلي بعقلها وإلا انت عارفيني طايرة مني وممكن اخربها..!
+
ضحك بمزاح: أهدى يا وحش البت مش قدك.. اصلك مش فاهمة الفولة!
+
أمونة بامتعاض: فولة؟ انت اتغيرت خالص يا باشمهندس
+
تمتم ضاحكا: والله انا ابن ناس وكويس، بس الواد ياسين بهت عليا شوية.. اما بنتقابل بعد الشغل بيقلب كائن شعبي وبلقط منه بعض المفردات لا مؤاخذة
+
_ لامؤاخذتك معاك يا باشمهندس.. المهم فهمني بقى حكاية عطر دي إيه!
+
_ عطر ياستي بدون تفاصيل بتغير على صاحبنا!
+
_ صاحبنا مين؟
_ يزيد يابنتي!
_نعم؟ بتغير على يزيد؟ وده معناه إيه بقى؟
_إيه يا أةونة ده انا بقول عليكي ذكية، ماهي واضحة ياعبقرية.. بتغير يعني بتحبه.. والبيه صاحبنا في البلالا خالص ولا واخد باله ولا فاهم حاجة"
+
_ وانت اللي لقطتها لوحدك؟
+
_ طبعا لأنها واضحة.. بصي يا أمونة الحب والغيرة من أكتر المشاعر اللي بتفضح صاحبها.. انا من مجرد كلامه عنها عرفت انها شايلة مشاعر ليزيد تتخطى الأخوة والقرابة.. بس اما شوفتها هنا ولمحت نظراتها صدقيني معنديش اي شك انها بتحبه!
+
_ طب ويزيد ليه مش فاهم!
+
_ لأنه مش عايز يفهم يا أمونة.. بعد تجربته الفاشلة مع بنت عمه قفل على قلبه ورمى مفتاحه في بير غويط ومش بيفكر حتى يدور عليه.. يزيد حب بلقيس حب طفولة وشباب! ومعتقد ان رصيد مشاعره نفذ ومكتفي بشغله.. ده غير انه فقد الثقة ان حد يحبه بجد.. وده اللي هو مش بيقوله بس انا عارفه.. ياريته يجرب يبص لعطر بصة مختلفة، والله هيلاقي الحب اللي يستاهله!
+
_ تعرف انك طلعت عميق أوي يا احمد.. بخلاف موضوع الفولة ده!
+
مال برأسه وغمز لها بإحدي عينيه بمشاكسة فضحكت ثم استطردت بشيء من الجدية:
طيب انا المفروض اعمل ايه في القصة دي؟ أنا بتعامل مع يريد بعفوية زي ما بعاملك لأننا أصدقاء جامعة.. وكده هتضايقها بتصرفاتي بدون قصد.. وفي نفس الوقت لازم هتعامل مع يزيد عشان شغلنا.. احلها الأزمة دي ازاي.. دبرني يا وزير..! ولا اسيبلكم الشركة خالص؟
+
_ واحنا نستغنى عنك؟
+
ابتسمت لرده وهتفت: شكراً يا ذوق، طب قولي أعمل إيه؟
+
_ الحل عندي.. ثيري غيرتها
_ نعم؟ إزاي؟
أحمد: اتعاملي عادي مع يزيد عشان هو يشوف ويحس بغيرتها ويبتدي يبصلها بصة تاني..
أمونة: يعني انت شايف ان في جواه ليها مشاعر
_ أيوة في بذرة محتاجة تتروي وتكبر.. ..يزيد محتاج يرجع الثقة في نفسه تاني، لئنه بعد ما ساب بلقيس حس انه صعب يكون فتى أحلام البنات.. وعطر مهما عملت بيشوفها اخته وتصرفاتها نابعة من صلة القرابة بينهم ..دورنا انا وانتي نفتحله عنيه غصب عنه!
+
_ خلاص أوعدك اولع الدنيا عشان اتفرج واتسلى.. بس لو الست بيرفيوم عملت فيا حاجة انقذني!
+
ضحك معلقا: لا ماتقلقيش انا في ضهرك.. المهم ننجح في المهمة دي!
_ لا انسى واعتبرها خلصانة بشياكة.. مادام أمونة فيها هتنجح..!
+
رفع حاجبيه بدهشة: خلصانة بشياكة؟
هو مين فينا اللي اتغير.؟ انتي بتكلمي ياسين كتير؟!!
_____________________
+
انتي اتجننتي يازمزم؟! بتزعقي للولد وناقص تضربيه!
+
_ماهو جنني يا ماما.. من الصبح بقوله قول عمو عابد يعاندني ويقول بابا مش عمو..!
+
عبير باستنكار: وده سبب تعاقبيه عليه؟ ده طفل يابنتي بيعبر عن مشاعره حسب ما بتوصله مننا.. وماتنكريش إن عابد أكتر واحد من وقت ما جينا بيحبه ويلاعبه ويهتم بيه، عشان كده مهند اتعلق بيه وقاله بابا بشكل تلقائي!
+
_ لأ.. لازم يتعلم يقوله عمو.. مافيش غير بابا زياد وبس!
+
صمتت هنيهة وهي ترمقها بنظرة ثاقبة، وقالت:
هو فين زياد يا زمزم؟
+
تجمعت سحابة من العبرات بمقلتيها وهي ترمق والدتها بلوم،
فدنت الأخيرة منها وراحت تجفف دموعها وهي تغمغم بحنان: ابنك عمره ما هيستوعب اللي بتقوليه ده أو يفهمه يا زمزم، لو بعد الشر مهند تعب زياد هيقدر يكون موجود ويوديه للدكتور؟ لو عايز يلعب زياد هيقدر يلاعبه؟.. هيقدر يحضنه؟ سيبي ابنك يكون حر ويحب اللي يحبه وماتحرميش عليه مجرد كلمة هو حس بيها وقالها.. ماتحاسبيش طفل على براءة مشاعره.. هتخسري إيه لو قال لابن عمك بابا؟ بكرة يكبر وهيعرف مين ابوه ومين عمه ومين جده.. لكن دلوقت كل اما هتصممي تمنعيه، كل اما هو كمان هيعاند معاكي!
+
ثم ضمتها بين ذراعيها مستطردة: زياد الله يرحمه مش هيتنسي يا زمزم.. وجوده موصول في مهند ربنا يحميه.. مش محتاجة تثبتي ملكيته في ابنه..وانتي بلاش تحبسي نفسك في محرابه يابنتي.. الدنيا لسه قدامك لا عيشتي ولا دوقتي من حلاوتها حاجة..ربنا هيعوضك بأحسن من اللي راح وبكره هتكوني سعيدة في حياتك!
+
_ مافيش احسن من زياد يا ماما..هو نصيبي اللي أخدته في الدنيا ومافيش بعده حد تاني! حياتي لابني وبس!
+
تنهدت قبل أن تتمتم: سيبي كل حاجة لوقتها يا زمزم.. ربنا هو اللي في إيده كل شيء وعالم بالأصلح ليكي، ويلا بقى قومي ناخد مهند عند عمك ادهم ونقعد معاهم شوية!
+
_ معلش يا ماما مش حابة اروح، وخلي مهند معايا لأنه أصلا هينام.. !
+
هتفت بحزم: هاخد مهند لأن عمك قال واحشه وكلهم عايزين يشوفوه! لو انتي مش حابة تيجي خليكي براحتك! لكن ماتمنعيش الولد يروح هناك.. عيب يا زمزم!
+
أطرقت رأسها باستسلام دون التفوه بشيء! هي بالفعل تحاول منعه حتي لا يتعلق أكثر به.. لكن لا مفر من ذهابه!
تعلم أنها محاولتها منع مهند عن الذهاب هو جحود ونكران لكل ما فعله عابد لأجله، ومؤكد يفتقد وجود الصغير خاصتًا وهو يتجنب هو الأخر ان يأتي إليهما، تعلم انه غاضب منها لكن ماذا عساها تفعل وهناك شعور خفي داخلها تهابه، ولا تجرؤ حتى على وصفه أو النبش وراء طبيعته..هي أيضًا تعاند نبتة تعلق به من نوع أخر.. تعلق تكرهه ولا تريده ولن تعطي له مجالا أن ينمو ويبتلع ذكرياتها مع زياد ومشاعرها نحوه.. لن يحتل أحدا مكانته.. لن تسمح!
______________________
+
وجهها گ الطفلة شفت فرحتها وهي تنتقي لها هاتف گ هدية منه، ثم عرض عليها بعض الگفرات الأنيقة، وذهبا لمكان أخر وابتاع خط جديد، ساعده البائع على تفعيله داخل الهاتف واصبح جاهز للعمل!
3
_ مبسوطة بالتليفون الجديد ؟
_ جدا..!
_ الحمد لله ..كده بقى هنقدر نتكلم دايما ووقت ما اجيلك هعرفك.. ودلوقت هنروح نتمشى شوية في المول ونتفرج يمكن تعجبك حاجة تانية!
أومأت له وهي تطالع هاتفها بسعادة.. هديته الجديدة التي تخصه وحده..!
+
يراقبها وهي تعبث بأذراره وتمتم: تعرفي عايزك تعملي إيه كمان؟
رمقته بنظرة متسائلة فواصل:
زي ما هتكلميني ..تكلمي بابا تطمني عليه وتعرفي مثلا هيرجع البيت امتى.. تحكيله أي حاجة وتطمنيه على نفسك.. وكذلك مامتك لما تخرجي لأي سبب اتصلي بيها..!
هتفت ببساطة: ماشي!
+
رمقها برهة ثم غمغم بنبرة اعمق: عايزك تملي الدنيا بصوتك ووجودك يابلقيس مش عايزك تتداري وتنعزلي.. العالم بتاعك لازم يكون فيه ناس كتير غيري! والدك ووالدت واهلك.. واصحابك!..ماهو اكيد كان عندك أصحاب ولو حتى بنت واحدة تتواصلي معاها وتكلميها على تليفونك صح؟
+
تيماء!
+
مصادفة لا تحدث كثيرًا..!
نداء صدر من فوة شخص خلفهما لأكثر أسم تبغضه!
اسم هاجم دهاليز عقلها المظلمة وهيج أشياء راقدة بقبوه، أشياء ملتحفة بأكفان النسيان گ أجساد الموتى..
أشياء تُسقطها عمدا من الذاكرة!
لكن صياح مجهول خلفها بذات الأسم
كان كفيل بحرق حدائق السلام بحدقتيها
وتحويلها لأرض جرداء لا يتحرك بها سوى
لهيب حقد متراقص..تحفزت عروقها النافرة وتسارعت النبضات مع دقات قلب اشتعل بغل قديم وتجربة مازالت تحيا توابعها
+
التفتت للقيس بعين فقدت كل براءتها واحترق عسلها حتى صار أقرب للسواد وهي ترمق صاحبة الأسم بنظرة بدت گ الجمرة بمقلتيها الكارهة المتوعدة لصاحبته!
1
بينما ظافر مشدوهًا يتابع بذهول ردة فعلها الغريبة والتفاتتها السريعة ونظرتها الحادة القوية وكأنها تحولت لفتاة أخرى لا تشبه قط تلك الهادئة البريئة الضعيفة!
+
تُرى ماسبب تبدلها للنقيض؟؟؟
----------------------------------------
الفصل السادس والعشرون
___________
جميعهم أرواح مكبلة بقيود الوهم!
سلاسلها حلقات من الوهن والخوف!
قابعين بجوف الظلمات!
والمواجهة هي سبيلهم للنجاة!
.........
لمن سيلجأ بعد ماحدث مع بلقيس وكيف ستنتقل لخطوه اكثر اهميه وحاسمه مع حالتها دعونا نعلم سويا ماسيحدث بفصل جديد وشيق!
............
بعين فقدت كل براءتها واحترق عسلها حتى صار أقرب للسواد التفتت بلقيس وهي ترمق صاحبة الأسم بنظرة بدت گ الجمرة بمقلتيها الكارهة المتوعدة لصاحبته!
+
بينما ظافر يتابع بذهول مشدوهًا من ردة فعلها الغريبة والتفاتتها السريعة مع نظرتها القاسية وكأنها تحولت لفتاة أخرى..غير تلك المختبئة خلف جدار ضعفها..! ..ولم تكن هي!
+
بل طفلة هربت من كف أبيها لتتقافز في الطرقات!
طفلة تحمل ذات الأسم البغيض نفسه.!
أسم أزعج سلامها وبعثر هدوءها وهيج ذكرايات متجمدة داخلها گ ألواح ثلج عبث بها لهيب انتقام لم يبدأ بعد..!
+
_ مالك يابلقيس؟ حصل إيه؟
+
انطفأت جذوة عيناها المتجمرة وعاد ضعفها يسكن شمسيها مع صوتها الواهن وكأنها غائبة عن الإدراك: مش عارفة!..أنا عايزة اروح.. عايزة انام!
+
بقدر قوتها التي ومضت بمقلتاها مع التفاتتها الحادة!
بقدر مابدت أمامه الآن ضعيفة، تائهة، خائفة.. تطلب النوم لتهرب من شيء ما.. هذا ما أدركه ظافر من تحليل سريع لما حدث..!
+
اعتذر من الرجل الذي تعجب من نظرة بلقيس لطفلته التي ارتعبت بالطبع وهرولت تختبيء خلف ظهره.. وظن الرجل أن هناك خطب ما حدث لكن لا يعلم ما هو لكنه تساءل بنبرة استياء ( هو في حاجة يا أنسة؟ البنت مش عملتلك حاجة عشان تخوفيها بالبصة دي!)..لم تجيب بلقيس التي شردت بعيدا.. وكان على ظافر التكفيل بإزالة سوء الفهم والاعتذار للرجل وقد فعل..ثم رحل بها وبعقله عشرات الأسئلة التي راحت تجول دون توقف.. ماذا حدث؟!
لم يكن لديه تفسير.. ويعرف إلى من سيتوجه ليحصل على إجابة!
____________________
+
من الأبدي لسؤاله بتلك الحالة؟
الطبيب أم والدها؟
وقف يتساءل في نفسه قرب مسكنها بعد ان سلمها لوالدتها، وبمقارنة سريعة ومنطقية بعقله توجه من فوره لمن يقدر على تفسير ما حدث أمامه!
..................
" وضح أكتر يا ظافر إيه حصل مع بلقيس"
+
قص عليه الأخير ما حدث باستفاضة، فقال الطبيب:
_واضح ان الأسم فكرها بحاجة مؤلمة، ويجوز مش الأسم ممكن شيء تاني أو أي تفصيلة متشابة لحاجة حصلت معاها.. كل دي احتمالات وأسئلة إجاباتها عند بلقيس، وقريب هنعرف كل اللي متخبي جواها..خليك انت بس ماشي معاها حسب ارشاداتي..!
+
_ ده اللي بعمله!
وواصل وكأنه يحدث ذاته: تعرف يا دكتور..لما شوفت نظرتها اللي عكست مدى قوتها ، اللحظة دي قدرت اتخيل هي واجهت اللي حاول يأذيها ازاي.. بلقيس عند اللزوم بتكون قوية لدرجة هي نفسها مش فاهماها، زي الإنسان اللي عنده قوى خارقة غافل عن وجودها بس بتظهر لما يتعرض لمواقف معينة.. نفسي تكتشف نفسها من جديد.. وتعرف ازاي هي قادرة تردع أي حد وتعدي أي موقف صعب في حياتها..!
بينما هو يبوح بدواخله، كانت عين الطبيب تحوطه بنظرة ثاقبة وتسائل بعدها:
لو سألتك سمي مشاعرك ناحية بلقيس يا ظافر.. هتسميها إيه؟
+
مسمى؟
لا يعرف!
وليته يعلم!
ومع هذا راح يردف بصوت مازال شارد گ عيناه:
+
_ صدقني معرفش..لكن اللي مستوعبه كويس اني عايزها ترجع للدنيا وتعيش ايامها صح..عايزها تفهم قد إيه هي بنت مختلفة.. عايزها تقتل خوفها وتهزم عزلتها وتكون مبسوطة وبخير..! كل ده يتحط تحت أي مسمى صدقني معرفش!
+
_ لما بتسيبها بتشتاقلها؟
_ بخاف عليها أكتر ما بشتاق لها..وبطمن طول ما هي معايا
_أمال ليه طلبت منها ماتجيش المطعم مادام بتطمن لوجودها معاك؟
_ عشان مش عايز افضل انا لوحدي محور اهتمامتها حضرتك فهمتني اني لازم اوجهها بالتدريج للتواصل بالجميع..وعشان كده جبتلها تليفون يعودها تكلمني وتكلم ناس غيري..!
+
أومأ الطبيب برضا: خطوة التليفون دي فعلا خطوة في مكانها، وسيلة اجتماعية هتفرق معاها..وبتأثيرك عليها هنخليها تتواصل مع الكل، وواحده واحده عالمها هيزدحم بناس تانية ويقل تشبثها بيك وتعود ثقتها في الناس..وفي الوقت المناسب هطلب منك تجيبها.. دي هتبقى أول خطوة ليا معاها في علاج مباشر وأخير إن شاء الله....!
+
هز رأسه بتفهم ثم بدا عليه التردد قبل ان يحسم أمره متسائلا: عندي سؤال اتمني اعرف اجابته منك يا دكتور
_اتفضل سؤال ايه؟
_ مشاعر بلقيس ناحيتي وتعلقها الزيادة بيه..لما تتعافى هيكون ازاي؟ هتفضل زي ما هي ولا هتتغير؟
+
الطبيب بتفحص: وده يفرق معاك؟
_ طبعا هيفرق كتير..ياريت تجاوبني بصراحة!
+
شبك أصابع كفيه تحت ذقنه وقال:
_ مافيش شك ان تعلقها الحالي بيك تعلق مرضي ومش مبني على إدراك كامل منها..عشان كده ممكن جدا بعد ما تتعافى يقل تعلقها وتبتدي مشاعرها تتوازن وتوضح وتكون أنت بالنسبة ليها بعد كده مجرد صديق عزيز..!
+
خيبة أمل حقيقية ارتسمت على وجهه واحتل الحزن معالمه، فواصل الطبيب حديثه بعد أن قرأ وجهه بنظرة ثاقبة: وممكن لأ..!
رمقه ظافر بتساؤل فاستطرد الأول: ممكن مشاعرها تزيد وتكون اقوى مما تتخيل..وتعلقها يكون......(وصمت برهة متعمدا وهو يطالع ملامح ظافر المترقبة، ثم استأنف): ويكون حب حقيقي!
+
أطرق رأسه دون لفظ كلمة واحدة..عقله لا يميل لهذا التفسير..هي لا تراه سوى منقذ ساعدها..تعلقها به وهمي ويجب أن يضع هذا بحسبانه ولا يتعدى هذا الخط داخله حتى لا يخسر شيئا لن يقدر على فقدانه...!
_______________________
+
توجهت عطر لمكتبه لتبلغه شيء يخص عملها أمس
ألقت التحية على الفتاة المنوط بها تنظيم من يدلف إليه: صباح الخير سيرين.. الباشمهندس وصل؟
+
سيرين: أيوة والباشمهندسة أمونة معاه من عشر دقايق!
+
تغيرت نبرتها الهادئة وهي تغمغم بضيق: أمونة!!!
اندفعت إليهما ومع اقترابها وصل لسمعها صوت أمونة وهي تحدثه، فدلفت بعد طرقها على الباب وسماح يزيد لها بالدخول:
_ صباح الخير!
يزيد ببشاشة: صباح الفل يا باشمهندسة، برافو رغم ان بقالك فترة بسيطة معانا بس مواعيدك مظبوطة مش بتتأخري دقيقة!
أمونة: فعلا ملتزمة، طالعة لابن خالتها..!
+
وواصلت: طيب هسيبكم انا واروح مكتبي بس عايزة منك خدمة..ينفع تخرج معايا انهاردة بعد الشغل!
تسائل متعجبا: ليه؟
_ بصراحة عايزة اجيب هدية لأخويا على ذوقك، انا مش هعرف أختار حاجة مناسبة!
_بس أحمد ممكن يفيدك أكتر في الموضوع ده!
هتفت بخبث: لأ انا بيعجبني ذوقك أنت جدا..!
+
حمحم يزيد بحرج طفيف خاصتا من نظرة عطر المرتابة لهما: شكرا يا أمونة، خلاص ولا يهمك بعد الشغل نروح نشتري اللي انتي عايزاه!
هتفت لإشعالها أكثر: وتعزمني على العشا بالمرة، فرصة نرغي زي زمان بعيد عن الشغل؟
+
تعجب قليلا داخله..نعم هي رفيقته لكن لم تكن تتباسط معه لهذا الحد..ويذكر كيف كانت ترفض أي عرض لتوصيلها وهما بفترة الجامعة! ومع هذا نفض ظنه جانبا هي بالنهاية رفيقة عزيزة وفي مقام شقيقة له..غمغم بعد برهة: خلاص ياباشمهندسة وأنا تحت أمرك.!
+
وذهبت تحت أنظار عطر التي تكاد تحرقها..
ولما لاحظ يزيد صمتها بعد مغادرة أمونة تساءل: إيه ياعطر مالك واقفة كده ليه، تعالي قولي أخبار الشغل معاكي إيه؟
+
هتفت باقتضاب: كويس!
واستطردت بجمود: أنا جيت اناقشك في حاجة تخص الشغل اللي كلفتني بيه امبارح!
_ تمام وأنا سامعك!
+
انعقد لسانها وهي ترمقه بحاجبان معقودان دون أن تعي، دمها يفور لتخيلها نزهته معها وثرثرتهما عن ذكرايات ماضية، ترى ما نوع تلك الذكرايات، هل تحوي عاطفة ما؟ ولما هو رقيق معها إلى هذا الحد..!
+
_ عطر؟ انا منتظرك تتكلمي في أيه مالك!
+
هزت رأسها وغمغمت: خلاص يزيد بعدين، مش مركزة دلوقت.. عن اذنك!
+
واستدارت تغادر. فلحقها سريعا ووقف أمامها متسائل: استني بس رايحة فين؟ مالك ياعطر شكلك مضايق ليه؟ وكمان إنتي جيتي تقولي حاجة، قوليها
+
همست بنظرة بدت له مبهمة: مافيش حاجة مهمة!
ومش عايزة اعطلك، انت وراك مشوار وعشا مع الباشمهندسة.. سلام!
+
وتركته على الفور فنظر بأثرها متعجبًا.. لما تحدثت بهذا الغضب المتواري خلف برودة صوتها؟ ما الذي ضايقها لم يفهم! عاد ليحتل مقعد مكتبه وشرع بمواصلة عمله، ولم تغب تساؤلاته..!
ما الذي أغضب الفواحة؟
_______________________
1
_عارف لو جرالي حاجة هيكون بسببك!
أحمد: ماهو طبيعي يا أمونة تبقى عايزة تولع فيكي من الغيرة..المهم يزيد ياخد باله..ودلوقت بقى جه دوري!
تساءلت بفضول: ناوي تعمل ايه؟
_هقولك بعدين! ومبقاش أحمد ان ماخليت صاحبنا الصنم ده يتحرك!
+
صفقت بحماس: أيوة بقى..شكلنا هنتسلى عليهم..والله الموضوع ده مسلي أكتر من المسلسلات التركي!
_انتي بتتابعي تركي؟ وأنا اللي بقول عليكي عاقلة يا أمونة..خيبتي ظني فيكي!
ضحكت وهي تعلق: تغير ثقافات بقي يا باشمهندس..المهم اطير أنا بقى على مكتبي ورايا شغل كتير..يزيد طلع في الشغل مالوش في الهزار ..
+
_طبعا الشغل شغل ده شعارنا انا وهو..!
_واحنا جامدين وقد المسؤلية إن شاء الله..!
_______________________
+
_مين جابلها التليفون ده يا دره؟
_هيكون مين غير ظافر ياعاصم..لقيته وصلها العصر كده ومعاها التليفون ده واما سألته قالي انه هدية بسيطة عشان بلقيس تبقى تكلمه عليه!
_طب ولازمته ايه يكلف نفسه منا كنت ممكن اجيبلها
_عادي خطيبها وبيهاديها فيها ايه يعني؟
_بتتكلمي كأنك مش فاهمة اللي فيها
_أظن انا قولتلك قبل كده على رأيي..سيب كل حاجة تمشي عادي محدش عارف المخبي ايه..الولد مهتم بيها..مش هنحاسبه على اهتمامه ونفضل كل شوية نفكره ان الخطوبة مجرد اقتراح للعلاج..انسى ياعاصم وسيب الدنيا تمشي زي ما الرحمن كاتبها..!
+
رضخ مرغما لنصيحتها ثم تسائل: أديني سايبها على الله مافيش في ايدي غير كده، واستطرد: طب هي فين وحشتني!
همست بحنان: هي نايمة..اطلع صحيها عشان نتغدى سوا..انا عملتكم انتوا الاتنين صنف حلو هتحبوا..!
ربت على كتفها: تسلم ايدك ياحبيبتي..مابعرفش أكل إلا من أيدك!
_وانا كل سعادتي اما بعمل حاجة بتحبوها..ربنا مايحرمني منكم ياعاصم..يلا بقي صحي بنتك وانا هجهز على ما تنزل!
_______________________
في اليوم التالي!
+
_كده يامحمود تخبي علينا اللي حصل معاك يا ابني..
_أنا أسف يا بابا خوفت عليكم وخصوصا ماما، أنا كنت متكسر ومالقيتش غير عمو عاصم اكلموا
نظر محمد لشقيقه بعتاب، فهمس الأخير:
أولا هو حلفني ما اعرفك انت وعبير، وثانيا انا كنت معاه وبطمن عليه ومخلي حد من موظفيني يلازمه وينفذ طلباته..ومجرد ما سمحت حالته انه يتنقل نفلته مستشفى القاهرة وكل يوم بعدي عليه والحمد لله يامحمد هو قرب يفك الجبس وبالعلاج الطبيعي هيرجع احسن من الأول، ده كلام ثلاث دكاترة كبار استشارتهم وكشفوا عليه مش واحد ولا اتنين!
+
رمق محمد ولده بإشفاق مغموس بنظرة أبوية حانية مغمغما: ألف سلامة عليك يا نور عيني..بس ربنا يستر لما امك تعرف!
عاصم: وقتها هيكون قصاد عينها ووقع الخبر هيكون أخف من إنها تعرف وهو بعيد..المهم انك عرفت واطمنت..الواد محمود شديد وطالع لعمه!
ضحك محمود: طبعا يا عصومي
_ أتلم يا واد عصومي في عينك..مراتي بس اللي تقولي كده
+
محمد بعد ان خفت الصدمة على نفسه: هزروا هزروا أنا لسه مش مصدق إن ابني كان مفشفش كده وانا فاكره هايص مع اصحابه وبقول لعبير سيبيه يتبسط
+
_ هو من جهة الانبساط..فأنا اتروقت ع الاخر..هي كانت رحلة منظورة من أولها..الله يحرقه هيثم صاحبي..عينه مدورة ويندب فيها صاروخ!
وواصل بمزاح: وبعدين يا بابا الممرضات الفاتنات هنا تهون عليك التعب بصراحة
ضحكوا وتمتم عاصم: ماشي يا يا ابو عين زايغة..المهم انك قربت تخرج من المستشفى وهتكمل علاجك في البيت!
+
_ الحمد لله..وربنا مايحرمنيش منك يا أحلى عمو..وألف مبروك لخطوبة بلقيس بنت عمي..كان نفسي احضر بس مافيش نصيب بقى
+
_ ولا يهمك ياحبيبي كأنك جيت..وتتعوض!
و استطرد: طب انا هروح الشركة دلوقت عشان اتابع شغلي.. مش عايز مني حاجة يامحمد؟
+
_ كتر خيرك يا عاصم ماتعطلش نفسك!
_ماشي لو احتاجت حاجة عرفني انا قريب منك مش بعيد..( ثم لوح لابن أخيه) سلام ياحودة
_سلام ياعمو..!
______________________
+
ضجر شديد أصابه من طول رقاده في المشفى، خاصتا بعد مغادرة والده والعم عاصم..انتظر برهة ثم عزم على محاولة السير بمفرده كتدريب لقدمه رغم تحذير طبيبه ألا يفعل الآن..فمازالت عظامه لم تلتئم بالكامل..راح يجر قدمه التي تعتلي فراشه حتى استقرت أرضا، وبخطوات حذرة صار يزحف بها فوق رخام الأرض وغادر غرفته بصعوبة وعناد رغم ألمه..فرغبته بالسير كانت أشد سيطرة عليه..وصل بصعوبة لمنتصف الردهة واستفحل الألم فاختل توازنه وكاد يسقط لولا تلك الذراعين التي تلقفته سريعا ليتوازن جسده بعض الشيء بينما صاحبتها تئن لثقله عليها..التفت ليتبين من ساعده، ليصطدم بأغرب حدقتان رآهما بفتاة طوال حياته..صار مشدوها وهو يطالع قزحتيها..فيمناها بلون العسل بينما اليسرى غارقة بغابات خضراء..ترتدي صاحبتها معطف أبيض..هل هي طبيبة؟!
+
هرول أحدهم فور أن رآهما فهتفت الفتاة مستغيثة: ساعدني يا دكتور خلاص هيقع مني!
+
ساعدها الطبيب وهو يتمتم له: أنت ازاي وصلت لحد هنا..ولسه مش مسموحلك بالحركة؟ شايف نتيجة عنادك؟!
+
بدا محمود بواد أخر مآخوذا بحدقتي الفتاة الغريبة..أما هي فتوترت من نظراته المتفحصة بها..وما أن أستلم الطبيب عبء توصيله لغرفته حتى ابتعدت فظل متعلقا بطيفها إلى أن اختفت تماما..! لكنها ظلت تحتل تفكيره ومرآة عيناه تجسدها له..خاصتا عيناها العجيبة..!
_______________________
+
لم يراها اليوم كما انشغل عن محادثتها لضغط عمله.. اشتاقها كثيرا ويود الاطمئنان عليها..ترى ماذا تفعل؟ لولا أن الوقت أصبح متأخر لهاتفها..لكن لا يصح اتصاله الأن، التقط هاتفه بعد تفكير وبعث لها رسالة عبر الواتس آب لتقرأها عند استيقاظها ( صباح الخير يابلقيس طمنيني عليكي لما تصحي..هستنى اتصالك)..وترك هاتفه وقرر ان يحاول النوم مرة أخرى لعله يسقط بغفوة ولو قصيرة!
+
لكن رنة من هاتفه جعلته يعتدل سريعا ملتقطا هاتفه ليجد ردها على رسالته..كان يظنها غافية!
+
_لسه مانمتيش؟
+
تسائل فجاءت إجابتها ( نمت بالنهار شوية)
ابتسم وانامله تنقر فوق الحروف بخفة:
_طب انتي كويسة؟
_الحمد لله..بس زعلانة عشان مش شوفتك
ابتسم بحنان وسعادة تغزوه لشوقها إليه وكتب لها:
+
_معلش كنت مشغول والله، قوليلي كلمتي حد انهاردة؟
+
_أيوة..اتصلت بزمزم وجوري وعمو أدهم وعمو محمد
هز رأسه باستحسان: أكيد فرحوا لما سمعوا صوتك
_عمو أدهم بكى لما كلمته معرفش ليه
تنهد ظافر مدركا شوق العم لابنة أخيه التي تتعافى بعد صمتها الطويل، وعاد ينقر على الحروف: بكى لأنه فرحان انك كلمتيه بنفسك..كل الناس اللي حواليكي عايزينك ترجعي تكلميهم تاني لأنك وحشتيهم..!
+
_هكلمهم كل يوم..مبسوط؟
ابتسم ثانيا أنامله تتسابق فوق الحروف وترسلها:
_أي حاجة هتخليكي بخير..هتخليني مبسوط..! وواصل الكتابة:
_انا مش هقدر اجيلك لمدة يومين بس هكلمك واكتبلك طول اليوم وأول ماتصحي كلميني..اتفقنا؟
_اتفقنا..!
_ممكن تخرجي مع والدتك وتغيري جو معاها ايه رأيك؟
_هخرج مع جوري بنت عمي..قالت هتزورني بكرة!
_بجد؟ كويس جدا..خلاص في اي فرصة كلميني..
ويلا بقى حاولي تنامي وانا كمان هنام ..تصبحي على خير
_وانت من أهله..بس ممكن طلب؟
_طلب إيه؟
_عايزة صورة ليك!
زوى حاجبيه: صورة؟ ليه؟
أتاه ردها التلقائي: عشان لما توحشني اشوفك!
+
اهتز قلبه متأثرا بعفويتها وهو يتطلع لحروفها ومشاعرها النقية تشبه نسمة تلفحه فتخدره.. يحتاج قوة جبارة ليقاوم تأثره بها وكم يخاف ان تنهار مقاومته ويفقد الحدود الآمنة التي يضعها ليحافظ عليها وعلى نفسه! تنهد وهو يستأنف الكتابة:
_حاضر..هبعتلك صورة!
+
وأنهي حديثه معها وعاد يستلقي على ظهره والأفكار تطوف بعقله متخيلا هيئتها الفاتنة وهي تحدثه حتى سقط بغفوته دون وعي!
_________________________
+
_طلع عندك حق يا يزيد لما مدحت في موهبة عطر..الحقيقة شغلها ممتاز رغم انها لسه عديمة الخبرة في ممارسة الشغل!
+
يزيد بفخر: طبعا يا أحمد ماكنتش ببالغ، عطر هتكون مهندسة ليها شأن كبير في عالم التصميم!
_سبحان الله نفس كلمة حسام زميلنا اللي اتوظف معانا جديد بتوصية من عامر..معجب جدا بشغلها.. وواصل بنبرة ماكرة: وبيها..!
+
عقد يزيد حاجبيه: بيها؟؟؟ ازاي مش فاهم!
_ايه يا ابني ماهي واضحة..حسام شكله معجب ببنت خالتك اوي..كل شوية يسألني عنها..توقع خبر حلو قريب!
+
فلتت أعصابه وهو يهدر: جرى إيه أحمد انت اتجننت انت والتاني؟ خبر حلو إيه هو الباشمهندس جاي يشتغل ولا جاي لحاجة تاني!
هتف ببرود: وأنت ايه مضايقك مش فاهم يعني؟ مش يمكن في نصيب لحاجة تاني ايه مشكلتك؟ عطر أو جوري كمان وارد جدا حد يشوفهم ويعجب بيهم زي كل البنات..وتوقع في اي لحظة تلاقي واحد جاي يعرض رغبة مشروعة فيهم..اتعصبت ليه حضرتك! ولا عشان حسام مش نفس مستواكم المادي؟
+
هدر بنفس الحدة: مستوى ايه وزفت ايه ده مكان شغل، المسخرة دي مش هسمح بيها..!
_مسخرة؟ والله انت مش طبيعي هو لما البنت واحد يشوفها ويفكر في الحلال تبقى مسخرة في نظرك..وبعدين انا بقول مجرد احتمال حسيته..(وصفق بكفيه مستطردا) والله لو الأمر في إيدك البنات دي هتعنس بسببك..سلام يامحترم البريك فاضل عليه دقايق..آل مسخرة آل..!
+
وتركه ويعلم أنه استفزه وأشعل به شيئا قريبا سيلتفت له مجبرا بالأيام القادمة!
____________________
+
تشعر بفراغ وجوري لم تأتي اليوم بعد أن استأذنت يزيد بقضاء يومها مع بلقيس..كما لم تمر على يزيد معادتها صباحا وداخلها غاضب منه بعد علمها بتنزهه أمس مع رفيقته أمونة.. حان وقت الغداء لذا قررت ألا تنتظر أحدا وتذهب لتناوله بمفردها..!
..............
تسمحيلي اشاركك الترابيزة لو مش يضايقك يا أنسة عطر؟
+
نظرت له ولا تعرف ماذا تقول. ووجدت لا داعي لرفضها هو بالنهاية زميل والمكان يعج بالزملاء غيرهما، فاشارت ببساطة: عادي اتفضل يا باشمهندس حسام!
+
ابتسم بود وهو يضع صينية طعامه وقال: شكرا..وواصل:
على فكرة المخطط بتاعك في منتهى الروعة يا باشمهندسة، حقيقي مبهور انك بالمستوى ده وانتي يدوب لسه متخصصة السنة اللي فاتت!
_ شكرا يا باشمهندس وبلاش مبالغة، ده مخطط عادي يعني!
_ ماهو ده اللي بيسموا تواضع!
+
منحته ابتسامة مجاملة ولم تجيب وشرعت في تناول وجبتها بهدوء فواصل: واضح إنك دخلتي هندسة عن اقتناع..!
_ فعلا كنت حاباها من زمان!
_ وياتري مين مثلك الأعلى اللي حببك فيها؟
+
_ يزيد!
+
همست باسمه فعقد حاجبيه مرددا: يزيد؟ قصدك باشمهندس يزيد صاحب الشركة!
+
هتفت مؤكدة: أيوة!
_ إشمعنى؟
+
" لأن الباشمهندسة عطر تبقي بنت خالتي يا يابشمهندس حسام"
+
تفاجأت عطر بوجود يزيد بعد أن صاح بجملته وهو يقف جوارهما، فغمغم حسام بدهشه حقيقية لمعلومة لم يكن يعلمها: معقولة؟ الأنسة عطر بنت خالتك؟
كان قد أخذ موضعه جوار عطر المتابعة لهما بصمت، وقال:
مالك مستغرب ليه؟ أحنا كلنا هنا متساويين مافيش حد بيتميز عن التاني غير بشغله وبس!
+
هز رأسه بارتباك: أه طبعا فاهم!
ثم انتصب واقفا: عموما أنا كنت لسه بثني على شغل الباشمهندسة وماشاء الله كده عرفت هي طالعة موهوبة لمين!
+
أومأ يزيد دون ابتسامة، فتنحنح حسام واستأذن بالانصراف، بينما التفت هادرا بحدة: من إمتى بتقعدي لوحدك مع حد غريب؟
عطر ببساطة: عادي أحنا تقريبا في مكان عام. وهو اللي طلب يقعد معايا..!
_ وانتي وافقتي على طول صح؟
+
استاءت لنبرته الساخرة فتلبستها روح العناد وهتفت:
تقصد إيه؟ وبعدين انت متعصب كده ليه كأني لاسمح الله كنت قاعدة في مكان مقفول علينا أنا وهو؟ ده مطعم الشركة وكل الزملاء حوالينا..!
هم بمواصلة غضبه، فقاطعهما ياسين وأمونة وأحمد الذي هتف أولهم: أنتوا سبقتونا في الغدا ولا إيه؟..مش تسنونا..!
+
يزيد بتهكم: أبقي قول كده لاختك يا ياسين تبقى تستنى!
+
نظرت له بجمود وداخلها يفور غاضبا لسخريته المبطنة، فتركت مقعدها مغمغمة: طب استأذنكم يا جماعة أنا فعلا سبقتكم وأكلت الحمد لله!
ياسين متعجبا: سبقتينا فين طبقك زي ماهو ياعطر!
_ شبعت يا ياسين اصلا ماكنتش جعانة اوي.. عن أذنكم!
+
تابعها وهي تمر جواره مبتعدة دون إيقافها.. يعلم أنه حادثها بحدة وفظاظة، لكنه ما أن رآى حسام يحادثها بهذا الود وعيناه تتلكأ على ملامح تلك الحمقاء وكأنه يتأملها دون أن تعي هي.. وفارت الدماء في عروقه، وحين التقطت أذنيه أخر حوارهما.. تدخل ليعلن حضوره وينهي فضول ذاك الشاب بالمزيد من أسئلته المتطفلة!
____________________
+
في استراحة المزرعة!
+
أدهم: حمد لله على سلامة محمود يامحمد
_ الله يايسلمك يا أخويا..
_كريمة بتقولي عبير كانت عاملة مناحة
_مناحة بس..دي قلبت عليا وفاكراني عارف من بدري ومخبي..ونامت جمبه امبارح وسابتني اقشر بصل.
أدهم ضاحكا: بتعاقبك..يلا الحمد لله ان جت على كده..بكره رجله تخف ويبقي زي الفل..
وواصل:صحيح يامحمد، أول جمعة من رجب عازمكم على الغدا، هتقضوا اليوم كله عندي!
محمد: حاضر ياكبير كلامك أوامر..وكل عام وانت بخير وربنا يبلغنا رمضان جميعا..!
_اللهم امين ويتقبل مننا كل الطاعات يارب!
_طب وعاصم جاي؟
_للأسف لأ.. قال أم ظافر عازماهم في نفس اليوم!
_ طبيعي دي أول مناسبة بينهم، ربنا يعيد الأيام المفترجة دي عينا أعوام وأعوام.. وزي اليومين دول نكون مجوزين ولادنا كلهم ومطمنين عليهم!
_ يارب يا محمد.. نفسي اطمن على يزيد بالذات واحسه مبسوط مع بنت حلال..!
_ هيحصل وغلاوتك قريب هتلاقيه جاي يقولك أخطبلي يا بابا وبكرة تشوف!
_ ليه هو قالك حاجة؟
محمد: لأ.. ده إحساسي، في حاجة كده لاحظتها بس مش هقدر اتكلم فيها لأن ممكن اكون غلطان!
+
زوى أدهم حاجبيه: حاجة ايه يامحمد فهمني!
_ خلي كله في آوانه يا أدهم، أنا مش متأكد من ملحوظتي ومش صح اتكلم فيها.. المهم تفائل ان قريب ربنا هيريح قلبك من ناحيته!
+
تنهد ثم همس له: يارب يامحمد..يارب!
___________________________
+
التفا عائلتي محمد وأدهم حول طاولة عامرة بما لذ وطاب في منزل الأخير أحتفالا بأول جمعة من شهر رجب المبارك!..وراح هو وزجته يرحبا بهم متبادلين حديث الذكرايات بينهم..ولاحظت زمزم ان عابد يتجنبها رغم ترحيبه بها حين أتت مع والديها ومهند الذي اخذه منها ولم يتركه لحظة منذ حضورهما.. والصغير گ أنه يعبر عن شوقه هو الأخر بالضحكات مستجيبا لكل لفتة يفعلها عابد، الماكر صغيرها لم يغفو دقيقة واحدة على غير عادته ولا يريد تركه..!
+
وجدته يبتعد به عابرا للحديقة، فقررت أن. تذهب إليه وتحدثه هو بالنهاية أبن عم له مكانة لديها ولا تريد أن يرتفع بينهما هذا الحاجز من التجاهل ، تبعته حتي وصلت إليهما وتعجبت حين رآت عابد يدفع مهند لحفر الأرض بيديه التي اتسخت تماما، لما يدفع الصغير لهذا.. اقتربت منهما وهتفت: أنتو بتعملوا إيه؟
أجابها باقتضاب دون النظر إليها وتركيزه مع مهند: زي ما انتي شايفة كده!
اقتربت أكثر وجثت على ركبتيها مثلهما وواصلت: أنا شايفة بس مش فاهمة..!
هتفت بتهكم: وبتقولي انك خريحة علوم وعبقرية نباتات.. عموما بخلي مهند يزرع!
+
تغاضت عن تهكمه بعد أن غلبتها الدهشة:
يزرع؟؟؟ يزرع إيه؟
+
لم يجيبها وراحت تراقبه وهو يوجه مهند لرمي بذرة ما وطمسها بالتراب مرة أخرى..!
+
_ ليه خليت مهند هو اللي يحط البذرة دي يا عابد؟
+
رفع رأسه ورمقها بنظرة مطولة بعض الشيء ثم همس: بابا عمل معانا كده واحنا صغيرين.. خلانا نزرع بأيدنا بذرة شجرتنا وعلمنا نهتم بيها ازاي، وفعلا كل واحد فينا اتعلم يهتم بيها ويحبها.. يزيد دايما بيقعد جمب الشجرة اللي كبرت معاه.. وانا وجوري نفس الحكاية.. وحبيت اهدي مهند البذرة دي عشان يزرعها بإيده.. وفي يوم من الأيام لما يكبر هيحبها وهيفرح بيها وهيحس انها تخصه لوحده..!
+
وصمت يطالعها برهة ثم عاد هامسًا:
دي هديتي لمهند!
+
أطرقت رأسها بصمت حاولة تمالك نفسها وإخفاء تأثرها بمشاعر عابد تجاه مهند.. هل يحبه لهذا الحد؟ شعرت أنها كانت فظة معه وخجلت من ذاتها كما امتنت له لدرجة جعلتها تعود لتطالعه وهي تهمس:
شكرا ياعابد.. معتقدش ان في حد هيقدر يجيب لمهند هدية تفوق هديتك..بس.....
وترددت لكنها عزمت على الواصلة: بس مهند مش عايش هنا.. ليه مش جيت وزرعتها في جنينة بابا..؟
+
ليته يقدر على الكشف عن نيته وأمنيته..نعم الصغير لا يحيا معه بنفس المنزل.. لكن مستقبلا سيكون هنا.. وتلك البذرة هي حلمه الذي سيرعاه ولن يتوانى عن تحقيقه.. بيومٍ ما لا يعرف متى سيأتي.. ستكون تلك البقعة هي عالمهما الصغير.. حين تتلاحم مصائر ثلاثتهم..!
+
نفض أفكاره الخرساء وأجابها ببعض مخاوفه:
عشان اضمن ان مهند كل يوم هايجي يسقيها.. يعني كل يوم هشوفه..!
+
طرقة ألمت ضميرها لما استشفته من قوله من هواجس..لكن لم يمنعها هذا من قولها العاتب:
وانا كنت همنعه عنك ياعابد؟ ده صاحبك!
+
_ اهو تحسبا لأي حركة غدر منك!
_انا عمري ماكنت غدارة يا عابد!
التزم الصمت وهو يتابع بشرود الصغير كيف يعبث بالتراب..فغمغمت بعد برهة:
أنا مش عايزاك تزعل مني احنا ولاد عم وانت غالي عندي.. وانا مشيت لأن ده كان تحصيل حاصل.. طبيعي كنا هنرجع بيتنا.. انا بس عجلت بده.. وانا حاساك زعلان من وقتها وده مضايقني!
+
_ ليه؟ هيفرق معاكي زعلي منك؟
+
اقرت له بصدق: يفرق طبعا.. انت ابن عمي وانا مقدرة اهتمامك بابني من وقت ما جينا ولو نكرت ده هبقى جاحدة.. وانا عمري ماكنت جاحدة.. وان كنت اتعصبت في اخر مرة ده لسبب مختلف!
_ مختلف ازاي؟
_ ابني مش المفروض يقول لأي حد بابا..!
_ وأنا أي حد؟
_ عابد ماتلعبش بالكلام قصدي واضح.. انا مش حابة ابني يقول بابا لحد غير زياد!
_ بس انتي مش هتقدري تمنعيه يقولهالي!
هتفت بإصرار: لأ همنعه.. اصلا انا بدربه دلوقتي يقول بابا زياد!
+
" بابا آبد"
+
قاطعهما الصغير بنداءه بعد التقاطه كلمتها أثناء حديثها مضيفا الأسم الذي يشعر به، وكأنه يعاندها ويساند عابد الذي انفجر ضاحكا وهو يحمله ويقبله مردفا:
حبيب آبد.. قول الي يعجبك مايهمكش من حد!
+
نظرت لهما مشدوهة وهما يقهقهان بضحكات تفوح استفزازا خاصتا من عابد الذي يرمقها بتحدي.. والصغير يؤازره دون أن يدري.. في كل مرة يثبت لها مهند كم هي أم فاشلة في ترسيخ ما تريده بعقله.!
+
طالعته بحنق وزفرت وهي تبتعد بهمهمة غاضبة، فتابعها عابد بعد أن هدأت ضحكاته وحدث نفسه: مش هتقدري تعاندي القدر.. مهند هو أول خطوة في طريق خضوعك لقلبي يا بنت عمي!
_______________
+
أثنى داخله على استقبال والدته لعائلة بلقيس، الأجواء دافئة بحلول شهر رجب الكريم، رغم مهنته وهوايته قبل أي شيء، لكن يظل طعام والدته مذاقه مختلف.. ويشهد أنها أبدعت حتى أنه سمع ثناء والدة بلقيس على كل شيء.. أما إيلاف شقيقته يبدو أنها اندمجت كثير مع بلقيس.. بينما هو والعم عاصم تبادلا أحاديث جانبية تخص العمل وأمور أخري..! بعد وقت كان يجلس هو وبلقيس بالشرفة بعد أن أعددت والدته لهما مشروب مثلج ودعتهما للجلوس سويا.. كم أنتي لماحة أمي..!
............
+
_ انبسطي عندنا يابلقيس. وعجبك أكل ماما؟
همست: أيوة.. بس أكلك أحلى!
ابتسم برضا وأراد مشاكستها:
_ طب على كده بقى بعد الجواز.. انتي مش هتعرفي تعملي أكل؟
همست: هعرف لما تعملني!
+
منحها نظرة أكثر عمقا وغمغم: انتي محتاجة تتعلمي حاجات كتير يابلقيس.. ربنا يقدرني واقدر اعلمهالك..!
+
لم ترد مكتفية بسماعه..ثم التقطت من جوارها حقيبة كرتونية وقدمتها له هاتفة:
اتفضل!
تساءل وهو يرمق الحقيبة:ايه دي؟
_ دي هدية ليك..!
شرع بتبين هديتها فوجد مج كبير مطبوع بصورتها..
+
ومعه مغلف صغير ما أن فتحه حتى وجد ميداليا من الفضة مستدارة بجملة راقته وهو يرددها بإعجاب (وإنى وضعتك فى قلبى وودائع الرحمن) وأسمه يتدلى بمنتصف الدائرة!
+
غمغم وابتسامته تتسع: بجد ذوقك روعة وحبيت هديتك جدا..واخرج على الفور سلسال مفاتيحه ونقلها تباعا في ميداليتها، فراقبت مايفعل وابتسامتها تزداد تألق ثم همست: وهتشرب كل يوم في المج ده نسكافيه؟
منحها نظرة حانية: أكيد حتى هاخده معايا المطعم!
هتفت بسعادة: انا عملت واحد ليا بصورتك اللي بعتهالي ومش هشرب نسكافيه غير فيه..!
ثم التقطت الهاتف ونقرت شاشته بلمسات سريعة مستطردة: شوف شكله؟
+
تأمل الصورة المطبوعة فوق المج وهمس لها بمزاح:
ده انا طلعت ابن ناس اهو..! مين صاحب الفكرة الحلوة دي؟
_انا، شوفتها وقولت لجوري تعملهالي وخرجت انا وهي وماما وعملناهم واشتريتلك الميداليا دي بس خليت الراجل يعمل جواها أسمك..!
+
رمقها بنظرة مطولة مفعمة بإعجابه فخجلت وتوترت وهي تفرك أناملها فحادت عيناه بتلقائية لأصابعها وخاتمه الذي يحوي حرفها مع الدمعة وهمس بخفوت: انتي بتثقي فيا يابلقيس؟
هزت رأسها بقوة فقال:
يعني لو طلبت منك حاجة تعمليها؟
منحته إيماءة فأكمل: عايز اخدك عند شخص مهم تعرفيه وعايز يتكلم معاكي ويساعدك، وصدقيني كلامك معاه وهيفرق جدا معاكي!
_ مين؟
+
همست له بتساؤل فتمتم: هتعرفي واحنا رايحين عنده، اتفقنا؟
أومأت بتسليم تام، فحاد بنظره لوالدها الذي يصوب عيناه عليهما من موقع جلوسه، أشار له ظافر بإيماءة أدرك معناها عاصم، فالأيام القادمة تحمل خطوة هامة في طريق علاج أبنته، ترى ماذا سيحدث، هل ستتجاوب مع طبيبها وتقص خباياها؟! يبتهل داخله أن يحدث وتخرج عن صمتها وتلفظ كل شيء يخص علتها لتعود كما كانت.. وتمارس حياتها كما يستحق من في عمرها..!
___________________
+
ساحة المطعم تكتظ بالرواد بشكل يفوق العادة وظافر لم يأتي اليوم وهو بمفرده من يتابع سير العمل حتى أنه تشارك بتلبية بعض الأوردارت بنفسه دون ان يخجله ذلك..وبينما هو بطريقه لإحدى الطاولات تسمرت قدميه وهو يراها وعيناها تتفحص الزوايا كأنها تنقب بعيناها عن أحدهم، تمتم داخله بسؤال سخيف(يادي الحظ، إيه اللي جابها هنا انهاردة) قرر الاختفاء سريعا فمازال لم يخبرها بحقيقته ولا يريدها ان تعلم بطريقة تزيد الأمر سوء..وقبل ان تكتمل استدارته سمعها تنادي: استاذ عامر! واقتربت مواصلة: ابن حلال كنت لسه هسأل عنك!
+
التفت مضطرا لم يعد الفرار مطروحا:
أنسة جوري؟ أيه المفاجأة دي نورتينا
أومأت مبتسمة: بنورك تسلم..وواصلت: انا بصراحة جاية عايزة منك طلب
_تحت أمرك
_الأمر لله..طقم العقد والأسورة اللي اختك عملتهم عجبوا أصحابي جدا هما زيي مجانين أكسسوارات..فأنا عايزة منك خمسة ليهم وكما تلاتة ليا ههادي بيهم بنات عمي..
+
ازبهل عامر وغمغم دون حرص: هعملهم امتى دول!!
زوت حاحبيها بريبة: نعم؟ هو انت اللي بتعملهم ولا أختك سماح؟
تدارك أمره سريعا: لالا أنا قصدي اختي بس اتلخبطت
_ ولا يهمك..وأنا قلت يعني دي مصلحة لأختك والسعر هتاخده مقدما..ومع قولها التقطت من حقيبتها رزمة نقود هاتفة: اتفضل ده تمنهم كلهم..ياريت بقى تجهزهم في خلال يومين أول تلاتة!
تمتم بذاته ويكاد يبكي( يومين..ده الطقم بتاعك عملته في يومين..هعمل تمانية امتى بس ياربي)
+
قاطعت شروده:استاذ عامر انت سامعني؟ بقولك أكيد اختك عندها شغل جاهز بما انه شغلها مش كده؟
+
غمغم كذبا: أه أه عندها فعلا..خلاص تمام هيكونوا جاهزين في المعاد..!
ثم همس بتردد: طيب ممكن رقمك عشان اما يخلصوا اعرفك؟
_لأ مافيش داعي، أنا هعدي عليك هنا..يلا استأذن انا وماتنساش تسلم على أختك..!
_ طب مش هتشربي حاجة معقولة هتمشي من عندنا من غير ما نعمل الواجب
_معلش مرة تانية، يدوب ارجع الشركة تاني، انا جيتلك في البريك..عن اذنك!
+
وغادرت وهو شارد بأثرها..بقدر سعادته برؤيتها بقدر ضيقه..كيف سينجز ماطلبت بتلك الفترة القصيرة؟ وإلى متى سيظل يخدع تلك الملاك التي تساعده كفقير بشكل غير مباشر..هو يعلم نيتها من وراء كل هذا..تنهد وغمغم داخله( يارب لما تعرفي اني مش فقير واختي مش بتشتغل في الهاند ميد..يبقى قلبك ابيض وتسامحيني يا ملاك)
________________________
+
عطر: روحتي لعامر مين واكسسوارات أيه اللي طلبتيها منه؟
جوري: انتي نسيتي الشاب اللي جابلي عقد هدية من اخته وانا صممت اشتريه؟
_ أيوة افتكرت. الجدع الفقير ابو قميص ماركة؟
+
صفقت حوري بكفيها: بردو مصممة تشككي فيه لمجرد انه لابس كويس..ما علينا ايوة هو..المهم ياستي اما رفعت صورة ليا بالعقد ع الواتس آب البنات اصحابي اتهبلوا وسألوني منين جبته ولما عرفوا انه "هاند ميد" طلبوا اجيبلهم زيه!
_وانتي طبعا بقلب الخصاية اللي جواكي قولتي تنفعيه هو واخته صح؟
_صح وفيها ايه يعني.؟
+
رمقتها بتمعن: ممكن افهم سر اهتمامك انك تشتري منه هو بالذات اكسسوارات يا جوري؟ ما الدنيا مليانة.. اي محل نروح ونشتري اللي يعجبنا..!
_ مافيش أسرار ياعطر، الموضوع ببساطة إن عجبني فعلا شغل أخته، وفي جزء إنساني مش هنكره اني اساعدها بدون مس كرامتهم أو عزة نفسهم.. أبقى غلطانة؟
+
_ مقدرش اقول انك غلطانة انك بتساعدي حد محتاج، بس مش حابة تاخدي اوي على حد غريب ومانعرفوش.. وانا لسه مصرة إن مظهر اللي اسمه عامر ده عكس ادعائه بالفقر..!
+
زفرت بنفاذ صبر: مش هنخلص من شكك ده! المهم هتيجي معايا لما اروح استلمهم منه ولا لأ؟
_ هاجي طبعا امال هاسيبك تروحي لوحدك، اهو تعزميني هناك على حاجة، انا ماروحتش المطعم ده ولا مرة!
+
_ إيه ده بجد؟ ده انتي فاتك كتير، المكان هيعجبك جداا
واستطردت: صحيح انتي عارفة مين. صاحب المطعم ده؟
_ لأ.. فواصلت جوري: خطيب بلقيس بنت عمي.. ظافر..!
_ معقولة؟
_ أه والله، ما انتي لو كنتي حضرتي عيد ميلاد مهند كنتي شوفتيه هناك لأن هو اللي جهز الحفلة كلها
_ ماليش نصيب، ما انتي عارفة ازاي كانت أسناني تعباني!
واستطردت: يلا بقى طرقينا خلينا نشتغل كفاية رغي
جوري: ماشي .. هروح مكتبي اعمل بلقمتي احسن يزيد الصبح وبخني وقالي اشتغل وابطل دلع وإلا هيقعدني في البيت!
عطر بتهكم: والله عنده حق.. أنتي عاملة زي الفارة اللي بتتقل بين المكاتب تعمل دوشة وخلاص!
غمزت لعيناها بمشاكسة: ماشي يا باشمهندسة.. انا اتوبخ وانتي يتقال في التزامك وشغلك شعر
+
_ شعر؟ كتر خيره والله!
_انتي لسه زعلانة منه؟ المفروض تفرحي!
_افرح ليه
_لأن معنى انه يتعصب عشان لقاكي بتتغدي مع الباشمهندس حسام لوحدك انه غار عليكي!
+
_غار على مين؟ هو انا على باله أصلا؟
+
جوري بنفاذ صبر: على فكرة انتي غبية جدا.. افهمي عشان خاطر ربنا، يزيد دايما بيتعامل معاكي بدون قلق لأنك تحت عينه ومافيش غريب حواليكي، يبقي ليه مش نخليه يشوف الغريب وهو بيتوددلك؟ يابنتي ده انا لحد دلوقت مش ناسية اما قلتله على زميلك بتاع الجامعة اللي كان عايز يخطبك، عينه وقتها طلعت شرار وجري راح عندك!
+
_ماشي ياجوري طب انتي عايزاني اعمل ايه؟..انا بصراحة مش طايقة كل شوية اشوف الست أمونة معاه وهما طول الوقت هزار وحكاوي وانا قربت اطلع ريحة شياط منهم!
+
_ يبقي انتي كمان ترديها ياهبلة..استغلي اعجاب حسام بيكي وخلينا نختبر رد فعله ونحركه!
+
_واستغله ازاي يافالحة؟ اهزر مع حد واخالف اخلاقي
_لا طبعا..حافظي على حدودك وفي نفس الوقت ماتصديش اهتمامه..اذا ابتسملك جامليه وابتسمي، لو عزمك على حاجة خفيفة شاي ولا قهوة اقبليها من باب الزمالة مش اكتر..! لو قال نكتة حتى لو بايخة اعصري على نفسك لمونة واضحكي..فهمتي؟
1
_فهما..بس ده هيفرق مع اخوكي في ايه؟
ابتسمت بخبث: هتعرفي وقتها بس اسمعي كلامي وانتي تكسبي!
+
صمتت برهة وتمتمت بحزن: جوري، انا مش عايزة افقد كرامتي عشان خاطر يزيد يحس بيا..لو مش مكتوبلي نصيب معاه هقبل نصيبي..لكن كرامتي مش هقبل تتمس!
+
دنت منها واحتضنت كفيها بمحبة صادقة:
_هو انا لو مش شايفة ان ليكي حاجة حلوة جوة يزيد كنت هشجعك؟ احنا كل اللي بنعمله اننا بنشيل التراب من على قلبه وعيونه عشان يشوفك حبيبة مش بنت خالة..ومش غلط انك تسعي لهدفك، انا واثقة ان محدش هيحب يزيد ويسعده زيك..وانتي الوحيدة اللي اتمناها لاخويا..انتوا اغلى اتنين عندي بعد ماما وبابا طبعا..!
+
برقت عيناها بحنان وضمتها وهتفت بتأثر:
وانتي حبيبة قلبي يا جوري وأكتر من اختي!
ثم استعادت مزاحها وهتفت وهي تلوح لها:
_ودلوقت هوينا بقى عشان انتي عطلتيني عن شغلي!
_يعني دي اخرتها؟ أخدتي غرضك مني وبتطرديني؟
_ أيوة..لأن بجد عندي شغل..ومش عايزة ادي فرصة لاخوكي يقولي كلمة احسن انفجر في وشه!
+
_خلاص ياستي ماتزوقيش همشي اهو مش ناقصة انفجارات..! أهو اروح اقرف اخوكي ياسين شوية عابد موصيني عليه وانا بسمع كلام الكبير..!
_________________________
+
أنا مش فاهم ياعبير إيه حكاية رمزم.. عمرها ماكانت بالعند ده.. ليه مش حابة نروح معاها عند حماتها أو حتى تستنى أخوها يروح معاها لما رجله تخف ومصممة تكون لوحدها..؟ أنا مش عايز افقد اعصابي معاها لأول مرة.. ومش بالع تروح لأهل جوزها لوحدها بابنها..! عقليها وكلميها انتي..!
+
_ كلمتها يامحمد والله وكل اللي قالته إنها مش صغيرة وعايزة تتعود تعمل كل شيء يخصها لوحدها.. ومش لازم حد يرافقها كأنها طفلة..! وقالت حماتها جت من العمرة وطلبت تشوف مهند وانها مش هتقدر تيجي بنفسها عشان تعبانة!
+
_ ده كلام فارغ وتبرير ضعيف.. بلغيها لو مش هتستنى اخوها محمود اة تخلينا نروح معاها مش هتروح..أنا مش عشان بخاف على نفسيتها تسوق فيها..وده أخر كلام عندي!
________________
باليوم التالي!
+
وضعت حقيبة صغيرة بالمقعد الخلفي لسيارة والدها التي استعارتها منه.. واتخذت موضعها خلف مقعد القيادة.. بينما همست والدتها بدهشة: أنت هتسيبها تروح لوحدها يامحمد؟! ازاي سايبها تمشي ومش هامك.. اللي يشوفك امبارح يقول مستحيل تسمحلها تعمل اللي في راسها..!
+
تمتم وهو يراقب رحيل ابنته: ماتقلقيش ياعبير!..ثم همس بغموض: مش هتكون لوحدها..!
_________________________________
+
_ أنت جايبني هنا ليه؟
سألته بصوت خائف، فهمس ليطمئنها:
_متخافيش يابلقيس! واستطرد بنبرة أعمق:
بلقيس مش انتي بتثقي فيا؟ أومأت بإجاب، فقال: خلاص يبقي تسمعي كلامي مادام متأكدة اني مستحيل اضرك أو اسيبك مع حد ممكن يأذيكي!
_ يعني أنت هتسيبني هنا؟
+
ارجفها شعورها انه ينوي تركها..فعاد يهمس بنبرة اختلفت بجديتها المغموسة بقوته التي حاول بثها داخلها:
+
_اسمعيني يابلقيس، كل واحد فينا في خطوات لازم يمشيها لوحده.. وتجارب ماينفعش حد يخوضها غيره.. وانتي مش فاضلك غير خطوة أخيرة هتوصلك لبر الأمان! خطوة هتكوني بعدها انسانة جديدة قادرة تواجه..فاهمة الحياة وبتعرف تاخد قرارت حياتها..انسانة بتستمد قوتها من ربنا ثم نفسها..لكن مش من أي مخلوق تاني!
+
ترمقه بتيه وقلق، فتغاضى وهو يواصل:
+
عشان كده بطلب منك متخافيش.. انتي كل اللي هتعمليه انك هتتكلمي مع دكتور محترم كان طول الوقت بيساعدك وهو في الظل؛ وآن الآوان تتكلمي معاه وتعرفيه، حاولي تستجيبي لمحاولته.. صدقيني بعدها هترتاحي وهتحسي ان في جبل اتفتت جواكي كان مقيدك.. انفضي ترابه عنك عشان تعرفي تتنفسي وتعيشي.. عشان خاطري حاولي تكوني شجاعة.. واجهي مخاوفك وقولي كل حاجة تعباكي ومخبياها.. انا عارف انك مخبية كتير..!
ثم هبط بصره لخاتمها فهمس: عايزك انهاردة تنزلي الدمعة المحبوسة جواكي.. حرريها عشان انتي كمان تتحرري معاها..!
+
حديثه بالنسبة لها طلاسم لا تفهمها.. ماذا يريدها أن تفعل؟
+
وكأنه قرأ سؤالها الغير منطوق فقال: هتفهمي كل حاجة لما تدخلي وتتكلمي مع الدكتور..!
دلف معها فوجدت غرفة إضاءتها مريحة وبسيطة يتوسطها مكتب أنيق ورجل عجوز يرتدي نضارة، عيناه تحوي نظرة ودودة وكأنه يعرفها..!
+
وكم كان إحساسها صائب!
+
هو يعرفها، من حديث ابيها وظافر عنها.. حالات كثيرة تمر عليه وتؤثر به عاطفيًا..وأحيانا تنشأ في نفسه مع مرضاه علاقة روحية.. وهذا ما شعر به تجاه تلك الفتاة التي غزاه احساس الفخر حين بصرها.. تذكر كيف حاربت فتاة رقيقة مثلها من حاولوا استباحتها..كيف بذروة محنتها استعصمت بالله واستطاعت إيجاد مخرج يساعدها.. هي فتاة قوية وشابة جميلة، وانعزالها عن العالم هو ذنب كبير تقترفه بحق نفسها دون أن تدري..لكن ليس بعد الآن..مادامت أتت إليه، سيبذل كل طاقته وقدراته گ طبيب ليخرجها من شرنقة الخوف الذي تكبلها..!
_____________________
+
همس الطبيب بصوت دافيء:
_ أزيك يا بلقيس.. أنا دكتور نبيل هاشم.. طبعا ماتعرفنيش بس أنا أعرفك كويس وكنت عايز اشوفك من زمان..!
+
رمقته بريبة وعيناها تتنقل بينه وبين ظافر ليبثها الأمان گ عادته، فواصل الطبيب: أخبار والدك عاصم بيه إيه؟ والست دُرة والدتك؟
+
هل يعرف أبويها ويعرفانه؟ هو صديق إذا..!
+
_ أنا عارف والدك واتقابلنا كتير واتكلمنا عنك.. تعرفي إن والدك بيحبك جدا وفخور بيكي؟
+
أخيرا زحفت ابتسامة على شفتيها من حديثه عن أبيها وقد شعرت ببعض الألفة..هذا الشخص يعرف أبويها وبشكلٍ ما طمأنها هذا..!
+
_ تحبي تشربي إيه؟
+
نظرت لظافر فوجدته يهمس ليحسها على التجاوب: قولي عايزة تشربي إيه!
لم تجيب.. لا تريد شيء..تريد فقط الذهاب..!
+
_ عايزة أمشي!
+
هكذا غمغمت له غير مرحبة باقتراب ذاك الطبيب..هو غريب، وهي تخاف الغرباء..!
+
الطبيب بعتاب هاديء:
كده بردو مش هتشربي حاجة ولا نتكلم شوية!
+
نظر لها ظافر: مش احنا اتفقنا انك تثقي فيا ومتخافيش؟ أنا هستناكي برة قدام الباب، دكتور نبيل هيسألك بس كام سؤال وبعدها هنمشي.. أوعدك!
+
تطالعه ولا تفترض ابدا أنه سيتركها، لكنه يفعل.. يبتعد بالفعل ويده تمتد لمقبض الباب و..........
+
_ أستنى!
+
صاحت به وقدميها تلتهم المسافة بينهما حتى كادت أن تلتصق بذراعه وهي تهمس: همشي معاك..مش عايزة اتكلم مع حد!
+
تبادل بضع نظرات مع الطبيب، ثم عاد يحدثها:
عشان خاطري يابلقيس اسمعي بس كلام الدكتور وشوفي هيقولك ايه ومتخافيش انا هكون جمبك مش بعيد.. ولا انتي مش مصدقاني؟
+
اضعفها اللوم بعيناه.. كيف لا تصدقه.. وهل كذب عليها قبلا؟! حسنًا فلتفعل ما يريد سريعا وتمضي من هنا..!
+
أرخت أناملها التي مكانت تتشبث به وعادت تنظر للطبيب فقابلها بابتسامة ودودو وأشار لها أن تجلس بذاك المقعد الذي يقابله! وبتردد فعلت واستكانت وعيناها تراقب رحيل ظافر..!
..................
ارتشفت بعضا من العصير الذي أحضره واستحلفها ان تتناوله، ثم بدا يتحدث معها نبرة أكثر عمقا وتأثيرا عليها بشكل لا تفهمه..ما الذي يحدث معها؟ لما يستدعي خيالها أشياء تتناساها وتخافها..وكأن هناك قبضة تعبث بذكراياتها القاتمة!
+
من يتحدث؟ هي؟
دموعها تزحف بصمت...هل تبكي؟
ماهذا الدي تقوله؟
+
تيماء!
تحضيرات عيد الميلاد!
رائد!
صفعات موجعة لأوغاد يلاحقوها ويكبلوها..!
سيارة مظلمة ودوار شديد يكتنفها..!
غلاف كشاف يسقط وتخرج يدها الدامية تلوح للمجهول بخوف وضعف!
عبق..معطف..همسات دافئة قرب أذنيها..!
ثم ودوار أخر..دوار أكثر شراسة يسقطها في بئر مظلم
لا ترى فيه ضوء ولا يرافقها مخلوق..!
+
أنفاسها تلهث كأنها تعدو رغم جلوسها على المقعد
لا ليس مقعد.. أريكة..هي تتمدد فوق أريكة!
متى استبدلت مقعدها وانتقلت لها؟
لا تذكر شيء!
جفونها تتثاقل وتنسدل دون أرادة!
النوم يداهمها بشدة..ويهزمها لتسقط به دون وعي!
______________________
+
يطالعها بعين مغرورقة: هي نامت؟
+
الطبيب: أيوة ياسيد عاصم طبيعي تنام لأنها بذلت مجهود ذهني ونفسي جبار وهي بتتكلم وبتشرح اللي حصلها..!. ورغم هزلانها قدامك احب ابشرك ان قريب اوي بلقيس هتكون طبيعية بشكل كامل، وأكيد هحتاج اشوفها تاني! وواثق انها المرة الجاية هتكون بنفسية مختلفة!
+
لم تحيد عين عاصم عن ابنته الغافية وهو يقول: طيب هعمل معاها ايه لما تصحى؟
_ ولا حاجة، خدها معاك البيت وع الأغلب هتنام للصبح انا عطيتها مهديء بسيط عشان تنام نوم هادي وبإذن الله تكون افضل وبكره هكلمك!
_ طيب هي قالتلك ايه؟
+
عدل عويناته وهو يتمتم بجدية:
_شوف يا سيد عاصم، اي حاجة بيستأمني عليها مريضي مستحيل اقولها..لكن يكفي ان اقولك انها هتكون بخير..وهي من نفسها لو حبت تحكي حاجة ليك هيكون ده قرارها..!
+
بهزة طفيفة أومأ له بتفهم..وتوجه إليها وحملها مودعا الطبيب..أما ظافر فما ان رآها بين ذراعي والدها حتي هتفت بلهفة: طمني عليها هي كويسة؟ وليه نايمة!
عاصم وهو يترحل بها ويدلف للمصعد والأخر يتبعه:
الدكتور بيقول انها بذلت مجهود ذهني ونفسي كبير..وعطاها مهديء عشان تنام للصبح..وقالي اطمن انها هتكون بخير..!
+
التزم الصمت وهو ينظر لها بتعاطف وهي كطفلة على كتف أبيها..!
___________________
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا اترك تعليق من هنا