القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا من هنا

قصص بلا حدود
translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية حصنك الغائب الجزء الثاني الفصل الخامس والاربعون والسادس والاربعون بقلم دفنا عمر

 رواية حصنك الغائب الجزء الثاني الفصل الخامس والاربعون والسادس والاربعون بقلم دفنا عمر







رواية حصنك الغائب الجزء الثاني الفصل الخامس والاربعون والسادس والاربعون بقلم دفنا عمر



  الفصل الخامس والاربعون


_____________



+




أنا كابوس صدوركم الچاثم! 


وغبار ماضيكم الأسود  الآثم! 


سأطاردكم عبر ثقوب الروح! 


أعبث بندوب.. انبش بجروح! 


اتوارى خلف ستار محجوب! 


وقبل أن يسقط رماد تبغي! 


ستحترقون!


……… .



+




طرقة سبقت دخول السكرتيرة تبعتها بقولها: أستاذ عامر بيطلب الدخول لحضرتك يا عاصم بيه!  



+




_ دخليه فورا



+




ثواني وولج إليه فنهض مرحبا:  يا اهلا ياعامر، اتفضل يا ابني.. 


_ اهلا بيك يا عاصم بيه، انا كنت في قسم الحسابات بقفل حساب اخر طلبيتين للمطعم وقلت اعدي اطمن علي حضرتك



+




_ عملت خير والله، انا كنت هكلمك اصلا عشان اطمن ان الدنيا معاك تمام سواء في الشغل أو اللي بالي بالك! 



+




ابتسم مدركا قصده:  لا اطمن، جوري ماتهونش عليا وربنا يعلم بحبها قد ايه، ودلوقتي احنا تمام. 


_ طب الحمد لله وربنا يسعدكم، طب والشغل؟


_ الشغل كويس بس في حاجات مهمة مش عارف امشي فيها قبل ما اكلم فيها ظافر، بس قلت هنتظر شوية اما اشوف هترسى معايا على ايه، واسيبه يستجم شوية مع عروسته! 



+




_ طب اشركني معاك يا ابني يمكن افيدك


_ اصل بصراحة الدور اللي فوق مطعمنا هيفضي فيه شقتين، ولقيتها فرصة ممتازة اننا ناخد واحدة منهم لأن صعب ماديا اتفق علي الاتنين! 



+




واستطرد: 


احنا بفضل الله مش ملاحقين عل الأوردارات من بعد  فوزه في المسابقة، وظافر كان اقترح قبل كده اننا نعمل توسيعات هتفيدنا جدا..ولما الشقتين اللي فوقنا اتعرضوا للبيع، قلت اوظف السيولة دي في مكانها..! 



+




_ هتعملوا مطعم تاني فوق يعني؟


_ لأ.. هنعمل شيء تاني، دلوقت بقي ناس كتير بتحتفل بمناسبتها في مطاعم راقية، مثلا حفل عيد ميلاد، خطوبة بعدد محدودة.. فاحنا فكرنا نعمل قاعة مناسبات بطراز وفكر حديث وتصميم معماري مختلف يناسب الاسم اللي اختاره ظافر ليها، هو اسم غريب بس اعتقد هيجذب الزباين! 



+




عاصم باستحسان:  والله الفكرة ممتازة، بس اسم ايه ده اللي بتقول انه غريب گ أسم للقاعة؟



+




_  " ملكة أبيها"..!



+




ظلت عيناه ثابتة يستوعب ما قاله عامر، ثم غمرته


موجة انفعال ملأت قلبه سعادة طفت على وجهه وابتسامته تتسع بحنان أنقسم بين ابنته وزوجها الذي يعلم لما أختار هذا الأسم تحديدا، كأنه يخبره ان مكانته لن تنمحي أو تتضائل في حياة ابنته.. سيظل محتفظ بتلك المكانة الخاصة مع صغيرته وملكة قلبه وروحه! 



+




_ ايه رأي حضرتك في الأسم؟



+




انتشله سؤال عامر من شروده وأحاسيسه الممتنة، فاختصر كل ما داخله بقوله: أسم جميل! 


_ طب الحمد لله ان عجب حضرتك.. كسبنا أول زبون.. قالها عامر مازحا، فشخصت عين عاصم وهو يطالعه ثم أضاء بعقله فكرةٍ ما وأردف: 



+






                


بس أنا مش عايز اكون زبون، عايز اكون حاجة تانية! 


_ مش فاهم، حاجة تانية ازاي؟


طرح الأخر فكرته بحماس: مش بتقول في شقتين فضيوا في نفس الدور؟ انا مستعد اخد الشقة التانية وادخل معاكم شريك في القاعة دي بس باسم بلقيس، انا مش هلاقي هدية لبنتي بعد جوازها افضل من كده، ها.. قلت ايه؟



+




عامر والاقتراح يروقه:  والله أنا معنديش مانع، بالعكس كده هناخد راحتنا في تنفيذ التصميم اللي ظافر اختاره.. اصله اختار حاجة تناسب الاسم، هيعمل قاعة ملكية اعتقد هتعجب ناس كتير، ومتوقع انه هيكون مشروع مربح جدا هيساعدنا نكمل باقي حلمنا اننع نمتلك سلسلة مطاعم بأسمنا



+




_ خلاص علي بركة الله.. كلم صاحب العمارة علي الشقتين وشوف أخره ايه وانا جاهز باللي هتطلبه.. ماتقلقش الخير كتير والحمد لله


_ ربنا يزيدك يارب.. بس الأول هكلم ظافر واشوف رأيه.. لازم كل حاجة نفكر فيها سوا.. ده السيستم بتاعنا


_ وماله، كلمه وشوف رأيه.. ربنا يوفقكم


_ اللهم امين..!



+




وغادر ليسترخي ظهر عاصم على مقعده والابتسامة تعود تحتل شفتيه وهو يتخيل لقبها المحبب يتراقص  بأضواء ملونة ويشاهده الجميع.. فكرة ان لقبها سيخلد جعله يكاد يبكي من فرحته، وسريعا التقط هاتفه ليحدث دره.. حتما ستطير فرحا..!


______________



+




حالة من الخيبة تسيطر عليها وهي تزفر بضجر واليوم أوشك على بلوغ المغرب ويزيد علي ما يبدو لا يتذكر يوم مولدها..الرسائل توالت على بريد صفحتها من الجميع لكن لم تصلها أهم رسالة تنتظرها منه فضلا عن أنها كانت تطمع باحتفال خاص ينظمه لها ويدللها به في اول عيد ميلاد لها وهما مرتبطان، سيء جدا أن ينسى الرجل الذي تحبه مناسبة كتلك.. لو الأمر بيدها لنصت قانون يُجرم ويعاقب الرجل الذي لا يهتم بتواريخ زوجته الهامة! 



+




تنهدت بضيق وتركت هاتفها بيأس وقررت الانشغال بشيء أخر دون انتظاره، لكن قبل أن تتحرك بعيدا صدح صوت رنين رسالة من تطبيق الواتس آب، فتفقدتها بلهفة وعيناها تلتهم الكلمات ( نص ساعة وهكون عندك، اجهزي لحد ما اجي) دب الأمل داخلها ثانيا..صحيح لم يذكر المناسبة لكنه حتما يحصر شيئا .. كانت تعلم انه لن يتركها وحيدة تستقبل عاما جديدا في عمرها دونه، نهضت بحماس تحاول انتقاء اجمل وأشيك. ما لديها، وبأقل من ثلث الساعة اكتملت زينتها وهيئتها وهي تُرشق أخر دبوس بنسيج حجابها..!



+




( وصلت ومنتظرك قصاد العمارة)



+




رسالة أخرى وصلتها منه لتلبي بلهفة وتهرول لتجذب مقبض الباب وتتسمر قدميها وتتسع عينيها وهي ترى قُبالتها " دب"  بلون وردي تم تشكيله من الورد  وجواره صندوق صغير يحوي قوالب من الشيكولاه، فالتقطه بفرحة  ثم تأملت حولها مسحورة وقد افترش الأرض بأوراق ورود مجففة منثورة ، فهبطت إليه باستخدام المصعد وعيناها تترقرق بالدموع، وحين صارت أمامه انتظرتها مفاجأة أخرى وبصرها مصوب على قميصه بلونه " النبيذي".. ذاك الذي أحضرته له هدية يوما وظنته فرط به هو وأزراره الذهبيه، حتى قنينة العطر التي أشترتها معهم تفوح رأئحتها الآن..الذكرى التي كانت تؤلمها حينها تغيرت وتبكيها فرحا لاحتفاظه بهديتها ك كل هذا الوقت! 



+





        



          



                


_ كل سنة وانتي طيبة يا فواحة! 



+




رفعت عينيها إليه والرؤية غائمة بفعل سحابة دموعها ولسانها فقير الكلمات.. فجذب كفها ولثمه وقال:  عارف انك افتكرتيني ناسي، بس انا مستحيل انسى عيد ميلاد حبيبتي.. اللي بقى أهم يوم في حياتي! 


…………… 



+




كفها يسكن بين كفه وهو يقود بها لجهة لا تعلمها لتكتمل طقوس مفاجأته لها بعد أن وصل بها لإحدى المطاعم التي تطل علي البحر، لتباغت بطاولة معزولة نوعا ما يعلوها قالب تورتة صغيرة وحولها نفس أوراق الورود المجففة منثورها حولها.. اقتربت فأشعل لها شموع القالب بعدد سنوات عمرها، لتتراقص فرحة عينيها على ضوء الشموع التي أطفأتها معه وجلسا ليتناولا منها القليل! 



+




_ مش مصدقة اللي عملته عشاني..مش لاقية. كلام يوصف سعادتي يا يزيد! 



+




اخيرا تحدثت بانبهار بعد ان انحلت عقدة لسانها مواصلة: والمفاجأة الأحلى انك كنت محتفظ بهديتي اللي كنت فاكراك رميتها



+




منحها نظرة مفعمة بعاطفته ثم رمق طرف سلسالها وقال:  زي ما انتي احتفظتي بالسلسلة بتاعتي وخبتيها عني طول الوقت! أنا كمان احتفظت بهديتك..وأدينا أهو بنحتفل بيهم واحنا سوا..!



+




وصمت لتجده يستجلب من جيب معطفه علبة قطيفية فصل طرفيها لتلمح بانبهار تلك الاسوارة الرائعة وتركته يحوط معصمها بالاسوارة وهي تمطره بكلمات الشكر والإعجاب، ثم وجدته يضع أمامها علبة اخري مع قوله: 


_ دي بقى هدية ليا انا وانتي من حد تاني، ومارضتش استخدمها غير لما تشوفيها..ونقسمها سوا



+




تعجبت متسائلة:  حد تاني؟ مين؟



+




فتح طرفي الصندوق لتجد "قلمين" أنيقين وغطائها يأخذ شكل تاج بتصميم لم تراه من قبل! 


_ الله يا يزيد شكلهم يجنن، بس ماقولتش مين جابهم؟



+




_ بلقيس!



+




صمتت تستوعب قبل ان تهمس بدهشة:  بلقيس؟ مش فاهمة ليه وامتي جابت هدية زي دي؟



+




_ قبل رجوع ظافر من لبنان، كانت اول مرة تزورني في مكتبي وحبت تهاديني بس… 


وصمت يطالعها ونظرته المحبة تُزرع بحدقتيها:  كانت عارفة ان في قلبي أميرة حلوة هرتبط بيها قريب، وقالت ان لازم لما ارتبط اوصل هديتها لصاحبة النصيب! 



+




ابتسمت بتقدير طغى على غيرتها المعهودة لمجرد ذكره لبلقيس وقالت: بصراحة مش عارفة. امدح ذوقها في الهدية ولا في الفكرة نفسها انها تهديني بشكل ضمني معاك حاجة زي كده.. ثم تسائلت:  تفتكر انها كانت تعرف اني… 



+




_ إنك إيه؟؟؟



+




قاطعها وكتفيه تنحني للأمام وهو يقترب منها بوجهه، فابتسمت بخجل مردفة:  إني بحبك! 



+




اتسعت ابتسامته حتي شملت كل ملامحه وقال:  زي ماشافتك في عيوني.. شافتني في عيونك يا فواحة! 



+





        


          



                


أغمضت عينيها وجملته الاخيرة تتردد داخلها بمتعة كادت تخدر أطرافها..وطال صمتها وهو يراقبها بتلذذ ثم قال: فتحي عيونك! 


_ خايفة


_ ليه؟


_ خايفة اكون بحلم يا يزيد.. خايفة افتحهم ألاقيني كنت في حلم وانك مش معايا..وانك بتحبني كده وانك مش بتحتفل بعيد ميلادي! 



+




_ عطر، فتحي عيونك! 



+




تردد ثم عتادت تُشرعهما لتتلقفها أمواج عشق صريح حاني جامح، عيناه تمطرها بألف وعد غير منطوق أنها ستظل حبيبته وطفلته المدللة! 


_____________



+




بعد يومان في المزرعة! 



+




بصره يحدث أحد العاملين فدنى حيث يقف وألقى تحيته: 


_ السلام عليكم،  أزيك يا عابد! 


التفت له ورد التحية بحفاوة:  ياسين؟ وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، والله ليك وحشة، عامل ايه وليه مانزلتش المنصورة بقالك فترة! 


_ الحمد لله ياعابد وانت واحشني اكتر، معلش الايام دي في ضغط شغل في الشركة وماكانش في فرصة اخد اجازة، بس خالتك صممت اجي الاسبوع ده عشان تشوفني.. فأخدت أجازة يوم بليلة وبالمرة جبت معايا جوري وعطر من القاهرة، وكمان عمك عاصم وصاني اجيبلك ورق طلبية مستعجلة وبيقولك حاول تدبرها وتبعتها معايا كمان.. يعني انا اللي هشرف على تسليمها منك للقاهرة!   



+




عقد حاحبيه: بالسرعة دي؟ بس انا معنديش مجال لطلبيات جديدة، المحاصيل كلها محجوزة واغلبها اتسلم للعملاأ فعلا! 



+




_ بص هو بيقول انها تخص مطعم ظافر.. عامر طلبها بشكل شخصي بعيد عن الحصة المحددة مع شركة عمك لان عنده عجز كبير في المواد الغذائية من ضغط الأوردارات ومحتاج الطلبية دي جدا..! 



+




أومأ برأسه متفهما: طب تعالى نكمل كلامنا في المكتب ونشوف هنعمل ايه، ، ثم مازحه: وكمان ندردش شوية زي زمان.. وحشني رغيك يا واد ياسينو!



+




_ واد في عينك، اتلم يا عابد انا جايلك في شغل مش جاي اهزر



+




رفع حاجبيه:  بقى كده؟؟؟ ماشي..!


ثم ابتسم ابتسامة صفراء:  اتفضل يا استاذ! 


______________



+




جلس ياسين ينتظره في المكتب بعد أن غاب لدقائق لأمر ما، فسمع طرقة على الباب ثم تعلقت أنظاره بها فور دلوفها إليه، بينما ارتسم على وجهها معالم مفاجأة حقيقية وهي تراه بدلا من عابد، فابتسم  لدهشتها ورحب بها:  أهلا يا أنسة بسمة..عاملة ايه؟


تراجعت دهشتها ليحل محلها الارتباك الطفيف: الحمد لله تمام..هو حضرتك.. يعني… 


لاحظ ترددها فقال موضحا:  متستغربيش عابد كان هنا بس راح يشوف حاجة وراجع تاني، وانا منتظره! 



+




_  أيوة فهمت، خلاص اجي وقت تاني يكون الباشمهندس فاضي! 


هتف سريعا:  لا لا استني هتمشي ليه؟


ثم أشار لها لتجلس: اتفضلي لحد مايجي، ولو عايزاني امشي أنا… 


قاطعته:  لا ازاي مايصحش يا استاذ ياسين، انا قلت ممكن أأجل استفساري  لوقت تاني، عموما هنتظر



+





        


          



                


وجلست قبالته على استحياء.. فأراد هو استجلاب حديث معها فقال: على فكرة انا شوفت حسابك على الفيس وطلبت أدد من كام يوم وانتي لسه مش قبلتيه، شكلك مش بتضيفي حد غربب عندك! 


_ لا ابدا بس ما فتحتش حسابي من أسبوع، انا مش غاوية فيس اوي، بحسه بيضيع الوقت!  


_ ده على حسب استخدامك.. ممكن جدا يكون مصدر أفادة كبير


_ والله ممكن، على كل حال هبقي ادخل صفحتي واقبل حضرتك


ابتسم بامتنان:  شكرا لذوقك..واستطرد ليروي بعض فضوله تجاهها: انتي عندك اخوات غير ياسين؟


_ أيوة، حنين في كلية صيدلة! 


_ ماشاء الله، انا ليا أخت واحدة بس، عطر ما انتي أكيد عارفاها


_ أيوة عارفاها، ربنا يخليكم لبعض! 



+




خيم عليهما الصمت بضع دقائق قصيرة وشعرت بالحرج لمكوثها معه بمفردها، فنهضت تهتف:  الباشمهندس اتأخر.. خلاص انا هاجي تاني بدال ما اعطل شغلي، عن أذنك! 



+




وقف هو الأخر دون اعتراض:  خلاص زي ما تحبي، بس أرجوكي تسلمي على ياسين الصغير، وفي مرة هتعبك واقولك هاتيه معاكي لأن فعلا عايز اشوفه! 



+




مزحت دون قصد:  لا مقدرش اجيبه هنا، الباشمهندس غالي علينا ومايستاهلش كده، أخويا ممكن يلعب في خصائص النبات ويعملنا زرع شيطاني! 



+




انفجر ضاحكا بقوة على دعابتها العفوية حتى سعل، بنفس توقيت دخول عابد إليهما متعجب صوت ضحكه ياسين..  وبسمة أمامه تقف وجهها مشتعل من الخجل حين تبينت أنها مزحت معه بأرياحية دون قصد! 



+




_ خير ضحكوني معاكم! 



+




بسمة بارتباك:  مافيش، أصل جبت سيرة شقاوة اخويا الصغير فاستاذ ياسين ضحك! 


غمغم معتذرا بعد أن هدأت ضحكاته:  أنا أسف والله بس مقدرتش امسك نفسي وانا بتخيل مثلا بعد شقاوة أخوكي، إن عابد يتفاجيء بمحصول المانجة قلب جوافة مثلا..! 



+




مزح الأخر:  عادي، كنت هبيع محصول المانجة للي يطلب جوافة والعكس صحيح.



+




ابتسمت بسمة بتحفظ لدعابة عابد الذي استطرد: 


_ والله انا عايز اشوف اخوكي ده! 



+




قالت بتحذير، ما بلاش يا باشمهندس خلينا مستورين قصاد حضرتك! 


ضحك ضحكة قصيرة، وواصلت قولها وهي تشير للملف الذي بيدها : عموما انا جيت عشان لقيت لخبطة في الميزانية وقلت اراجعها مع حضرتك..بس بما أنك مشغول هسيب الملف تشوفه براحتك واجي مرة تانية  ! 


_ انا فعلا حصلت من العملاء فواتير ونسيت أوردها ليكي.. خلاص سيبيها هنا وانا هبص عليها ونبقي نظبط سوا..! 


_ خلاص تمام..


ثم شملتهما بنظرة سريعة وهي تغادر:  عن أذنكم! 


………… ..



+




_ ايه بقي يا ظريف الضحك والكركرة اللي سمعتها دي؟


_ عادي واحد بيضحك انت مالك؟؟؟ 



+




حدجه عابد بنظرة كاشفة ورآى خلف مزاحه شيء أعمق من ظاهره يلمع بعين صاحبه، فتجاهل عمدا منتظرا لحظة أن يحدثه ياسين.. 



+




_ هتتجوز امتى انت وزمزم؟ مش قلت انك جاهز؟


_ والله انا عايز اتجوز من بكرة.. بس هي عايزة تستني بلقيس ترجع من سويسرا.. وانا مش عايز ازعلها..هنتظر وربنا يصبرني! 



+





        


          



                


غمزه بمشاكسة:  ده انت جبت اخرك بقى! 


رد بتهكم: بكره اشوفك وانت مكاني..هو انت مش ناوي؟ 


_ ربنا يسهل، أنا و نصيبي..!


_ ربنا يكتب الخير.. المهم بخصوص طلبية المطعم خلاص دبرتها وهتستلمها بكره وانت نازل القاهرة بإذن الله! 


_ ممتاز، عمك كان مهتم بيها جدا..


ونهض مستأنفًا: طيب أنا هرجع بيتنا اريح ساعتين، تكون انت خلصت شغلك ونتقابل بالليل نسهر سوا


_ خلاص تمام، وأنا هنجز بدري عشان ناخد السهرة من أولها



+




_ اتفقنا.. سلام! 


_ سلام يا ياسين! 


________________



+




ما أن ولجت لبيتها حتى أتاها صوت والديها عاليا بشجارهما فتسائلت:  في ايه يا حنين؟ صوت ماما وبابا واصل لمدخل العمارة تحت! 



+




بصقت شقيقتها الجالسة على الأريكة قشر اللب من فمها هاتفة: ما انتي عارفة يا سمسم خناقة كل أول شهر وهما بيقسموا المرتب، ماما تقوله فين فلوس الاقساط اللي استلفتها وقلت هترجعها وقت القبض، وبابا گ العادة يصرخ ويقول! 



+




" هجيب منين؟؟؟ أسرق عشان ترتاحي؟ المرتب كله معاكي انا واخد بس مصاريفي..أف.. دي عيشة بقيت تخنق، انا خارج وسايبلك البيت كله واتخانقي مع الهوا.. !"



+




لم تتفوه حنين بكلمة وصياح والدها يجيب عنها وهو يصيح بصراخ ثم يصفع الباب خلفه مطلقا سباب غير مسموع!  



+




بسمة وهي تستريح جوار شقيقتها:  والله بابا صعبان عليا أوي هو وماما.. العيشة غالية وغصب عنهم مضغوطين في كذا حاجة، من أكل لشرب لفواتير مية وكهربة وغاز لجمعيات لمصاريف دراسة، لحد  جهازي انا وانتي اللي ماما بتلقطه لينا بالقسط..!





كسى وجه حنين بعض الخزي منحية طبق اللب من يدها بعد أن فقدت شهيتها: 


_ بس انتي دلوقت بتشتغلي وبتساعديهم، الدور والباقي عليا مش بفيدهم بحاجة! 



+




نهرتها بسمة:  انتي عبيطة؟ هتشتغلي ازاي وانتي لسه  بتدرسي؟ دراستك صعبة ومحتاجة تركيز، لكن أنا متخرجة وبشتغل بشكل طبيعي.. بلاش كلامك الاهبل ده تاني.. واستطردت:  وخليكي جدعة بقى وحطيلي اتغدى عشان جعانة اوي! 



+




_ حاضر يابسومة! 



+




صاحت بسمة بصوت لحنين بعد دلوفها للمطبخ القريب:  أمال اخوكي ياسين فين؟؟؟ لا أسكت الله له حسا..! 



+




ضحكت قائلة:  نايم، كان عنده حبة مغص وماما اديته علاج مسكن بس شكله نيمه! 



+




ابتسمت وتبعتها للمطبخ مستندة على الجدار وهي تحل رباط وشاحها:  انهاردة بسببه ضحكت عليا قريب صاحب المزرعة


_ مين ده يا سوما؟


_ استاذ ياسين!


_ امممم ..مش ده اللي حصل معاه سوء التفاهم بتاع الاسامي؟


_ أيوة هو..معرفش ازاي حابب اخوكي المفعوص وبيقولي ابقي هاتيه مرة معاكي، فرديت بعفوية اني اخاف يغير في خصائص النبات في المزرعة. فانفجر بالضحك وانا اتحرجت اوي بصراحة خصوصا لما دخل علينا الباشمهندس"



+





        


          



                


هتفت حنين وهي تحمل صينية الطعام متوجهة للخارج وخلفها بسمة:  من كلامك عن الناس دي بحسهم متواضعين اوي يابسمة، رغم انهم من أثرياء المنصورة! 


_ هما كده فعلا، ربنا يزيدهم.. كلهم ناس طيبة ومعندهمش حتة الكبر والعنتظة.. ومع ان ياسين ده ابن خالته، بس نفس الاخلاق..ثم قالت بتلقائية:  تصوري طلب مني اقبل الأدد بتاعه ع الفيس! 



+




شهقت حنين بشكل افزع بسمة والأولى تصفق:  شكله معجب بيكي يا سمسم.



+




نظرت إليها بذهول:  معحب بمين؟؟ بيا انا؟؟ 


_ وليه لأ.. ده انتي مافيش زيك اتنين! 



+




هزت رأسها ساخرة:  ليه ياختي.. ايه الميزة اللي تخلي واحد بوضعه يبص لواحدة زيي؟ 


_ بلاش تقللي من نفسك يابسمة


_ انا واقعية مش بقلل من نفسي.. وماليش في جو الأفلام المهروس بتاع الشاب الغني اللي يحب بنت فقيرة وتنزل ستارة النهاية عليهم ويعيشوا في تباه ونبات..! واحد زي ياسين هيختار واحدة من توبه يا حنين! 



+




ثم صمتت لتستأنف:  وبعدين انا مش عارفة مسار الحوار اتبدل كده ليه.. سيبيني اغير هدومي واتغدا وبلاش رغي ع الفاضي! 



+




وقفت حنين تراقب رحيلها مع همهمة خافتة:  والله قلبي بيقولي ان الفيلم العربي المهروس هيقلب جد يا سوما.. وهتكوني السندريلا اللي بيدور عليها الأمير!  



+




وعلى ذكر أسطوري سندريلا الموروثة تذكرت خطيبها وحبيبها عبد الرحمن، فالتقطت هاتفها وراحت تحدثه! 


__________



+




صباح الخير يا طنط! 


تفاجأت برؤيتها فهللت: 


_ ياصباح الورد يا ايلي، ايه المفاجأة الحلوة دي، عاملة ايه ياحبيبتي! 


_ الحمد لله، أسفة لو جيت من غير معاد، بس اكيد حضرتك مضايقة بعد سفر بلقيس، فقلت اجي اسليكي شوية! 



+




ابتسمت لرقتها ودعتها لعناق بذراعيها الممتدة:  طب تعالي في حضني! 



+




عانقتها إيلاف مبتسمة برقة، فربتت دره على ظهرها:  شكرا ياحبيبتي انك حسيتي بيا، انا فعلا نفسيتي تعبانة ومش قادرة لسه اتعود على بعد بنتي، خصوصا بعد ما جوري كمان سافرت، ثم ابتعدت لتنظر لها بشكر:  بس رحمة ربنا دايما تيجي في وقتها، بعتلي أرق بنوتة تسليني وتهون عليا



+




_ منا بقيت زي بنتك يا طنط، اعتبريني زي بلقيس! 


_ وأكتر يا أيلي والله، انتي واخوكي ظافر بقيتوا ولادي خلاص.. وبما انك منوراني انهاردة، هعملك بإيدي كيك لذيذ اوي تاكليه مع الشاي، واعملي حسابك هتتغدي معايا انا وعاصم لما يجي.. والسواق هيوصلك اخر اليوم! 



+




اعترضت بقولها:  مش هينفع ياطنط عشان ماما


_ خلي ماما عليا انا هكلمها، وهحاول معاها تيجي هي كمان، ولا عايزاني ازعل منك يا ايلي؟ وبعدين انا وانتي لوحدنا اهو محدش هيقل راحتك خالص!  


ابتسمت بود: خلاص ياطنط.. لو ماما وافقت هفضل معاكي


قرصت وجنتها بمزاح: حبيبة طنط المطيعة! 


………………… .



+





        


          



                


وقفت تراقبها باستمتاع بما تفعل، وتسائلت: 



+




_ اسمها ايه الكيكة دي ياطنط؟


_ دي ياحبيبتي اسمها كيك " قدرة قادر"..واتسمت كده لأنها بعد ما بتستوي في الفرن، بتطلع متقسمة طبقات، طبقة كيك، وطبقة كريم كرامل، وطبقة سكر متكرمل! 



+




إيلاف بانبهار:  الله ياطنط، يعني كأنها بتطلع من الفرن تورتة، مبسوطة اني هتعلمها من حضرتك وهروح اجربها مع ماما



+




_ وماله ياحبيبتي، اتعلمي وخليكي شاطرة، ثم غمزت بعينيها: عشان لما تتجوزي جوزك يتبسط منك بعد كده! 



+




ضحكت بخجل فاستطردت درة:  بحب خجلك اوي،  كسوف البنت وحيائها يا ايلي..هو ده اللي باقي من جيل الايام دي، بعد ما أنوثة البنات تاهت في دخان الشيشة على الكافيهات!


أيدتها ايلاف:  عندك حق ياطنط! 



+




_طب تعالي بقى نطلع برة علي ما الكيك يستوي. انا ظبطت التايم عشان. لو الكلام اخدنا..! 


…………… ..



+




جلسا على طاولة صغيرة تحت طل عروش شجرة صخمة، وبادرت دره بالحديث:  هو انتي هتتخصصي ايه يا ايلي؟


_ انا خلاص اتخصصت طب أطفال، من زمان محددة كده، مافيش احلى من اني اخفف آلام طفل صغير ورجعله ضحكته! 


أجابت بإعجاب:  ماشاء الله عليكي حبيبتي، ربنا يحميكي وتوصلي لكل أحلامك وتبقي اكبر دكتورة اطفال، أساسا مجرد ما هيشوفوا جمالك ورقتك هيخفوا من غير علاج! 



+




ضحكت لإطراء دره وقالت:  حبيبتي يا طنط يا مدلعاني ومزودة ثقتي في نفسي وهتخليني اتغر والله



+




" أحم.. السلام عليكم "



+




اتسعت عين إيلاف بذهول مدركة صاحب الصوت ثم التفتت سريعا لتجده خلفها تمامًا يقف مبتسما بهدوء، فعادت تنظر أمامها بينما دره تهتف مرحبة:  حودة؟ ايه المفاجأة الحلوة دي، والله ربنا راضي عليا انهاردة، كنت صاحية مكتئبة وربنا رزقني بأجمل ضيفين ينوروني ويهونوا عليا اليوم! ثم أشارت له:  تعالى يامحمود، حماتك بتحبك، عمك خلاص جاي وهنتغدى سوا، وكمان هنحلي بكيك "قدرة قادر"



+




غمغم وعيناه على رأس ايلاف المطرق: 


من ناحية حماتي اللي بتحبني فأنا متأكد! 


ثم حادثها برقة:  ازيك يا أنسة إيلاف عاملة ايه؟


هزت رأسها هاتفة بصوت هاديء والخجل يكاد يخطف أنفاسها:  الحمد لله، ثم وقفت تطالع دره قائلة:  طيب ياطنط ما دام في حد معاكي وعمو جاي امشي انا بقي عشان ماما ماتكونش لوحدها


دره باستنكار:  تمشي ازاي؟ مستحيل طبعا، انا هروح اتصل بمامتك واخليها تيجي، او على الاقل تسمحلك تقضي معايا اليوم زي ما اتفقنا


_ معلش منا هجيلك مرة تاني والله! 



+




همت دره بالرد فقاطعها محمود، بشيء من الضيق: 


خلاص أنا همشي لو مضايقة اني جيت وقطعت خلوتكم، انا عديت اسلم على طنط وكنت همشي علي طول! 



+




صاحت دره :  وبعدين معاك انت كمان، مالكم يا ولاد في ايه، محدش فيكم هيمشي إلا أما عمكم عاصم يجي…!



+





        


          



                


_ السلام عليكم، عمهم خلاص جه! 



+




قاطعهم صوت عاصم الذي أظهر حفاوة كبيرة:  ده ايه المفاجأة الحلوة دي محمود وإيلاف..والله جيتم في وقتكم يا ولاد، ثم تبع قوله بقالب شيكولاه كان مندس بجيب جاكيته وتمتم بحنان: جبتلك معايا دي يا إيلي لما طنط عرفتني انك هنا! 



+




تلجم لسانها تأثرًا بلفتته التي ذكرتها بفعلة أبيها في طفولتها حين كان يأتي ومعه حلواها وهي تركض تتعلق به وتخطف الحلوى وتضحك ووالدها يشاطرها الضحكات، شعرت كأنها تسمعه الآن مستحضرة داخلها روحه بقوة.. لمعة عيناها بالدموع التي لم تنتبه لها جعلت أنظار محمود تتعلق بها في قلق بينما تمتم عاصم بذات الحال:  ايه ياحبيبتي مالك في ايه؟ انتي هتعيطي ولا بيتهيئلي؟



+




تماسكت مع قولها وانتابها حرج شديد لوجود محمود التي مازالت تتجنبه خجلًا:  لا أبدا ياعمو، بس حضرتك فكرتني ببابا.. وانا صغيرة كان بيعمل معايا كده بالظبط! 



+




ابتسم لها بتعاطف:  الله يرحمه ويحسن مثواه، منا زي والدك يا ايلاف، زي ما بلقيس بقيت منكم، انتي وظافر بقيتم ولادنا.. ثم مازحها:  ويلا بقي يا ولاد نتغدا احسن عصافير بطني بتصوصو وهتطلع عليكم تاكلكم! 



+




محمود مستعيدا إصرار على الرحيل:  معلش يا. عمي، انا كنت خلاص  ماشي قبل ما حضرتك تيجي، وبإذن الله هعدي عليكم مرة تانية! 


_ تمشي فين يا ولد؟ انت هتفضل معانا وهنتغدا سوا


_ مش هينفع يا… 


قاطعه:  وبعدين هو كلامي مالوش قيمة؟ قلت هنتغدا سوا.. ثم نظر لدره: خليهم يحضروا السفرة علي ما اغير هدومي!


…… .......



+




وقفت معه مجبرة  بعد أن ذهب العم عاصم والعمة دره، وغلفهما صمت قصير قطعه محمود:  أنا كنت همشي زي ما شوفتي وهما اللي صمموا افضل! 



+




هتفت:  عادي انا لما قلت امشي عشان ماما ماتكونش لوحدها مش أكتر..! 


رد بنبرة حزينة نوعا ما:  لا إيلاف، انتي كنتي هتمشي بسببي.. ثم همس بنبرة حملت قبس من مشاعره:  مع اني طرت من الفرحة لما شوفتك هنا..! 



+




تشابكت أناملها بتوتر رصدته عيناه فابتسم لفرط خجلها الذي يجذبه لها أكثر وقال ليشتتها عنه: هقولك علي خبر حلو، الحمد لله لقيت المكان المناسب اللي هعمله مكتب ليا عشان ابتدي شغلي! 


وصمت ليواصل بعدها: أنا قررت ابتدي مشروعي وشغلي هنا عشان اكون قريب منك يا إيلاف! 



+




وصل خحلها وارتباكها للذروة، فاستدارت بعيدا وهي تهتف سريعا:  أنا هروح اشوف طنط لو محتاجة مساعدة! 



+




شيعها بنظرة ضائقة..لما تهرب منه؟ ألم يأخذ خطوة جادة تجاهها وأصبح ظافر ووالدتها يعلمان بنيته؟ كم تمنى معرفة بعض الاشياء عنها، لكن يبدو ان الظروف لم تهيأ بعد لهذا التعارف الصريح! 



+




انتبه لصوت عاصم ينادي عليه، فانضم إلى طاولة الطعام ليتشاركه معهم ثم استأذن بالرحيل على الفور



+





                


أما هي فنكست رأسها بحزن بعد رحيله ولم تعي لنظرات دره المتعاطفه وهي تقول: خلاص ياحبيبتي ماتزعليش، هو حس انك مكسوفة منه فمشي! يعني حب يسيبك براحتك! 



+




همست بحزن: ماكنتش اقصد احرجه يا طنط، بس أنا برتبك لما بشوفه خصوصا لما بيحاول يكلمني بحنية غريبة عليا من حد غير اخويا، بحس اني مش هتحمل، انا بعترف اني بتكسف زيادة عن اللزوم! 



+




_يا حبيبتي هوني على نفسك انتي اتصرفتي بطبيعتك، وواصلت: محمود ده شاب محترم وبيفهم ومتفتح وذكي، المستقبل قدامه..  وواصلت وهي تطالع ايلاف: وانتي كمان بنوتة جميلة ورقيقة ومؤدبة وليكي هدف انساني في مهنتك..!


ربنا يوفقكم لكل لخير! 



+




ابتسمت إيلاف لمدحها في شخصه، ودعوتها الأخيرة تركت أثرا جيدا في نفسها وهي بدون ترتيب جمعتهما في دعوة واحدة..!


هي.. ومحمود! 


___________________



+




أصر عاصم توصيلها بنفسه بعد أنتهاء اليوم، وقصت على والدتها تفاصيل يومها مع العمة دره، ثم حدثت شقيقها ظافر وعروسه، واستلقت بعدها على فراشها تفكر وتتسائل، هل مازال محمود غاضب منها، لما تصرفت بتلك الحماقة حين أتى؟ ماذا كان سيحدث لو تحدثت معه قليلا؟ ألن يبادر بإثبات جديته وأعلن رغبته في الارتباط بها، بل الأكثر اعترافه بحبه لها في حفل حنة بلقيس.. هو ليث شابًا يعبث معاها لتتحاشاه هكذا.. تنهدت وتقلبت على جانبها الايمين وأسندت رأسها على كفها بشيء من الأرق، فجال بعقلها فكرةٍ ما، فاعتدلت بحماس والتقطت هاتفها مرة أخري وتفقدت حساب بلقيس حتى وجدت ضالتها..نقرت على أسمه ثم تأملت صورة بروفايله وتفحصتها بإعجاب لا يقيده شيء الآن، طافت عيناها على تسريحه شعره الاسود الغزير، لحيته وشاربه المهندم.. ملامحه المبتسمة شديدة الوسامة.. عيناه ونظرته الواثقة والتي تشي بذكاء صاحبها.. كل تفاصيله أسرتها.. مضت دقائق ليست قصيرة وهي تتأمل صورته ثم انتقلت لتتصفح بوستاته لتقف بعين متسعة عند أول بوست تم نشره منذ ساعات..ومنبع تعجبها كان الكلمات التي نشرها كأنه يعلم أنها ستزور حسابه ويخاطبها بكلماته التي تهمسها بخفوت ( لا تظنيني غاضبًا يا ذات اللونين..فقط اشتاقت سماع صوتك وأنتِ تهمسين لي بخجل بت اعشقه!)..راحت تعيد القراءة مرات ومرات.. هو يخاطبها.. يخبرها انه لم يغضب، لكنه اشتاق..ابتسمت وغمغمت لذاتها:  الحمد لله انك مش زعلان! 


واصلت التصفح وكلما قرأت شيئًا شعرت بحدسها أنه يخاطبها.. حتى وصلت لجملة تبدو للناظر عادية، لكن لها لم تكن كذلك وهي تتمعن بتاريخ المنشور لتجده تقريبا نفس التاريخ الذي تقابلا فيه للمرة الأولى صدفة في المشفى، رددت جملته بصوت يتذوق الحروف بشعور جديد يجتاحها (( عيناها سبحان المعبود))..



+




ابتسمت بسعادة كبيرة ثم تابعت التصفح حتى وصلت لصور له وهو في أوكرانيا مع مهند ابن شقيقته وهو حديث الولادة.. والكثير من الصور له هو ورفاقه، لاحظت اختلاف وجهه الذي خلى من "اللحية" سابقا، لكنه الآن أكثر وسامة!..تثائبت وبدت أجفانها ترتخي رغما عنها حتي غطت في نومها وأحلامها تشبعت بتفاصيله طيلة ساعات الليل! 


_________________



+





        


          



                


_ وحشتيني يا ملاكي! 


جائه صوتها گتغريدة وهي تتثائب:  وانت أكتر يا عامر، معلش نمت كتير ولسه صاحية حالا وماسمعتش اتصالاتك والله



+




_ ولا يهمك ياحبيبتي نوم الهنا، ثم شاكسها:  عقبال ما تنامي علي أيد حبيبك وتصحي وانتي في حضني! 



+




رغم انه لا يراها عبر الهاتف، تخضبت وجنتيها بحمرة الخجل وقالت لتغير مسار حديثه: صحيح هو شغلك عامل ايه؟ 


_ الحمد لله تمام اوي، بصراحة مش ملاحق على الشغل.. وطبعا ظافر مش موجود وانا اللي بتابع كل حاجة ووقتي كله مشغول!



+




_ ربنا يزيد ويبارك.. بس مهما انشغلت أكيد هتيجي المنصورة نقضي يوم من أوله في النادي زي ما اتفقنا صح؟



+




تمتم بحنان: ولو إني فعلا مش فاضي بس طلبات حبيبتي أوامر.. هو انا عندي غير حوجو واحدة؟



+




_ حبيب جوجو وقلب جوجو يا عموري! 



+




رفع حاجبيه بتعجب:  يا سلام؟ في التليفون عقدة لسانك تتفك وتقولي حبيبي وعموري وتدلعيني، لكن وانتي قدامي بتنشفي ريقي عشان تقولي أي حاجة! 


ضحكت بدلال:  منا بتكسف وانت باصصلي، وبخاف تتهور



+




احابها بنبرة عابثة: طب هو في أحلى من التهور مع اللي بموت فيها ونفسي تبقى معايا انهاردة قبل بكرة! 



+




اسعدها لهفته واعلانه الدائم عن قوة مشاعره وهمست:  وانا كمان والله، صحيح زعلانة ان هايجي وقت واسيب ماما وبابا والمنصورة كلها اللي اتربيت وكبرت فيها، بس كل ده بيهون لما بتخيل نفسي معاك! 



+




أسعده بشدة ماقالت فأردف: اوعدك يا جوجو وانتي معايا مش هتحسي بغربة وانك بعدتي عن أهلك عارفة ليه؟


_ ليه؟


_ عشان انا هكون كل أهلك



+




دفء صوته اكتسحها فارتسمت على شفتيها ابتسامة هائمة، فاستأنف: حبيبتي الكلام أخدنا وهتأخر على شغلي، هسيبك وهكلمك اول ما افضى! 


_ ماشي ياعموري ربنا يقويك


ثم تثائبت رغما عنها: مش عارفة هفوق امتى، عمالة أتاوب وشكلي هنام تاني! 



+




_لا بقولك ايه انتي هتخليني ارجع انام تاني وانا ورايا بلاوي عايز انجزها.. سلام يا زئردة! 



+




شهقت بتذمر : أنا زئردة؟ حتى انت ياعامر الله يسامحك



+




ضحك لها:  طب خلاص ماتزعليش، وبعدين ياعبيطة دي ميزة انك تبقي قطة صغنونة كدة


_ بجد يا عموري


_ طبعا يا روح عمورك وقلب عمورك.. 


ثم صاح بحدة زائفة:  والله انا كده والله ما هروح شغلي.. اقفلي في وشي وانقذيني.. 



+




ضحكت لقولها وقالت:  لا خلاص احنا فعلا لازم نقفل، وربنا يعينك ياحبيبي! 


_ اللهم امين، مش عايزة مني حاجة؟


_ عايزة سلامتك، لا إله إلا الله 


_ محمد رسول الله! 


_________________



+




أمام باب شقتها أنحنت لتضع من يدها صندوق كبير نوعا ما ثم  قالت للصبي الذي يحمل صندوق أخر: 


كفاية لحد هنا ياحسين، وأنا هدخلهم انا وحنين لجوة


ثم أنقدته مبلغ بسيط من المال گ مكافأة مع قولها: وخد ياحبيبي هاتلك حاجة حلوة، وشكرا تعبتك معايا



+





        


          



                


_ العفو يا أبلة بسمة.. مش عايزة اشيل معاكي حاجة تاني أو ادخلها الشقة؟


_ لا ياحبيبي شكرا انا هتصرف.. يلا روح وماتنساش تسلملي علي ماما



+




هبط الصغير الدرج سريعا فراحت تزيح الصندوق الثقيل جوار الأخر بصعوبة لتقريبهما من باب منزلها ورنت الجرس! 



+




حنين فور رؤيتها: بسمة؟ ايه ده اللي جايباه معاكي؟


قالت وهي تدفع إحداهما بقدميها:  طب بس دخليهم معايا وبعدين نشوف ايه ده! 


_ طب انادي بابا يساعدنا؟


_ لا بلاش ياحنين، ابوكي عنده الغضروف مش ناقص، هنجره انا وانتي لحد جوه! 


………… ..



+




أحداق عائلتها ترمق الصندوقان بفضول وقد تعمدت أخفاء معالمهما بلاصقات قاتمة!..فتسائلت والدتها:  مش هتقوليلنا ايه ده يابسمة؟



+




ابتسمت وهي تطوف على وجوههما برهة ثم شرعت تنزع أطراف اللاصقات من فوق الصندوق الاكبر لتشهق حنين بعد أن تجلى محتواه هاتفة:  مش ممكن! طقم الصيني الياباتي اللي كان نفسي فيه!  



+




وراحت تتحسس قطعه بحرص وفرحة، بينما بسمة تُشرع بفتح الصندوق الأخر الذي يحوي طقم شاي أنيق وشديد الرقة.. ليحين دور أبيها بقوله: جبتيهم منين دول يابنتي؟



+




أردفت بحماس: دي مكافأة سنوية الباشمهندس بيعطيها لجميع العاملين في المزرعة يا بابا.. بصراحة لقيت المبلغ محترم وقلت بدال ما يتصرف على الفاضي، روحت فورا لمحل أدوات منزلية واختارت الطقمين دول لحنين ودفعت مقدمة كبيرة والباقي هيتقسط على ست شهور..وكده مش هتتخانق انت وماما عشان تشتروهم انا جبتهم بدالك! 



+




لمعت عين أبيها فخرا ورضا ولم يجد ما يقول بينما فاضت مقلتي والدتها حنانا وترقرقت دمعا لرقة قلب بسمة.. أما حنين فانقضت تعانقها عناق جارف مردفة:  ربنا يخليكي ليا يابسمة ده كتير عليا..المفروض كنتي تجيببي بيهم حتة دهب ليكي لأنه تعبك انتي! 


ربتت على ظهرها:  دهب ايه وبتاع ايه.. بالعكس كده احسن ووفرنا شوية من اللي علينا



+




حنين: خلاص يبقى خليهم لجهازك انتي.. مش من حقي اخدهم وانتي اللي تعبتي في تمنهم! 



+




رمقتها بعتاب: كده بردو؟ اجيبلك هدية ترفضيها؟ وبعدين مش انتي اللي مخطوبة؟ يعني أولى مني بيهم.. أنا ليا رزقي لما يجي نصيبي إن شاء الله.. وكمان باقي معايا مبلغ حلو من المكافأة متخافيش هدلع نفسي بردو! 



+




_ طب كفاية عليا طقم الشاي وخدي انتي الصيني! 



+




هنا أيد والدهما قولها: حنين معاها حق، أنتي طقم واختك التاني والاقساط أنا اللي هدفعها يا بنتي.. وكفاية انك شيلتي عننا المقدمة، وربنا يقدرني اعوضهالك! 



+




استنكرت اقتراحه :  لا طبعا يا بابا دول مساهمتي في جهاز اختي، وماتقلقش مرتبي كويس جدا وهقدر ادفع الاقساط بسهولة.. كفاية عليك اللي بتدفعه! 



+




قبل أن تجيبها صرخت والدتهما وهي تشير للصغير بحنق:  حوشوا المجنون اخوكم  هيكسر الصيني قبل ما تتهنوا بيهم! 



+





        


          



                


أنقذت بسمة طبق الصيني الذي التقطه ياسين هاتفة:  حتى ده هتلعب فيه يامفتري ده لسه ما ادفعش اول قسط فيه.. ثم حدثت حنين بحزم:  أهو المحروس اخوكي كان هيخليلك الطقم ناقص.. اتفضلي اقفليهم خلينا ننقلهم في الأودة بتاعتنا بدال ما القرد ده يقهرنا عليهم! 



+




هتف الصغير بتذمر:  والله كنت هتفرج عليه بس.. وبعدين انا كمان عايز حاجة حلوة ليا زي حنين يا ابلة بسمة! 



+




غلبها حنانها وهي تقرص خده هاتفة:  من عيون يا لمض.. انا مش ناسياك.. هاخدك اجيبلك طقم كامل بس قلت تختاره بنفسك! 



+




هلل بسعادة:  بجد؟؟ وهتجيبلي كوتش العب به كورة


_ طبعا هجيبلك..بس خليك شطور وماتكسرش حاجة


_ حاضر.. والله ما هلعب في حاجة خالص! 



+




وتركته وراحت تنقل هي وحنين الصندوقين لغرفتهما..وياسين يساعدهما گ اثبات لحسن نواياه حتى يحصل على هديته من شقيقته الكبرى! في حين تبادل أبويها نظرات راضية حنونة عن مساعدة بسمة لهما..! 


____________



+




_ شكلي حلو كده يا ماما؟


هتفت تُكبر:  الله أكبر يا روح ماما، زي قمر يا زوما..  يلا انزلي بقى عشان عابد تحت في العربية! 


_ طب فين مهند البسه الشوز بتاعه عشان ننزل؟


_انزلي ومالكيش دعوة بمهند! 


_ أزاي يا ماما؟ هخرج اتفسح من غير ابني؟


_ طب وفيها ايه انتي خارجة مع جوزك! 



+




صمتت تزن الأمر بعقلها وقلبها لا يطاوعها، فدنت عبير تحدثها بهدوء: زمزم، ركزي مع عابد شوية وحسسيه انك مهتمة بيه وفرحيه بيكي، الراجل كويس وبيحب ابنك ماقلناش حاجة، بس بردو خصصي مساحة له لوحده زي اي راجل مع مراته او خطيبته، ده لو مهند كان ابنه الحقيقي كان هايجي وقت ويغير منه ويكون عايزك له هو وبس، الراجل بردو زي الطفل بيحب الاهتمام من حبيبته..! مش لازم كل مكان تاخدي الولد معاكي ويشاركم لحطاتكم الخاصة.. اخرجوا واتبسطوا سوا ومهند هيفضل معايا انا ومحمد! 



+




حاولت أن تستوعب فكرة أن تتواجد في مكان دون صغيرها، وشعرت أن والدتها محقة.. عابد يستحق أن تمنحه تلك المساحة الخاصة وتدلله كما يدللها هي وطفلها



+




تنهدت مع قولها: والله عندك حق ياماما.. انا فعلا لازم احسس عابد اني بهتم به خصوصا بعد المشكلة الأخيرة بنا..!



+




ثم ضمتها باحتياج هامسة:  ماما.. خليكي دايما كده تلفتي نظري للي بيعدي عليا غصب عني ومش باخد بالي منه.. أنا مش عايزة اظلم عابد معايا.. أنا بحبه أوي فوق ما هو نفسه يتصور وعايزاه سعيد! 


ربتت على وجنتها: ماتقلقيش ياحبيبتي انا جمبك دايما، ربنا يهنيكم ويسعدكم.. يلا بقي انزلي زمانه زهق تحت! 


_ ماشي ياماما



+




وما أن تحركت حتى ألتقط مهند طرف كنزتها متعلقًا بها مع نظرة عينه المتسائلة، فوقفت تطالعه بضعف وكأنها مذنبة، فتدخلت عبير وهي تقذف له كورة ملونة صائحة:  مين هيلعب بالكورة مع تيتة وجدو محمد وهياكل شيكولاتة؟



+





        


          



                


انجذب الصغير للعرض السخي وزاغت عينه على الكره وقالب الشيكولاه وترك كنزة زمزم وراح يطاردها وعبير خلفه توجه الكرة بعيدا متعمدة، ثم التفتت تغمز لابنتها أن ترحل قبل أن ينتبه مهند ويتعلق بها ثانيًا! 



+




رمقت صغيرها بنظرة أخيرة تُشع ضعفا وحنانا لكنها تذكرت عابد..حبيبها الذي يستحق وقررت أن تمنحه أمسية خاصة له وحده..فرحلت دون أن تتباطأ لحظة واحدة! 


__________________



+




دارت عيناه معها وهي مُقدمة عليه حتى استقلت جواره السيارة، فعاد ينظر حيث أتت ثم التفت متسائل: فين مهند يا زمزم؟


اجابته مبتسمة:  مع ماما وبابا بيلاعبوا كورة! 


بدا معترضًا: بس انا قولتلك هاتيه يخرج معانا.. انا كنت عايز اصوره في الباخرة وافرجه على المية، ده كان هيلعب ويتبسط اوي هناك! 



+




رمقته نظرة طويلة تفيض حبًا وانبهارا لا ينضب بحنانه الطاغي على طفلها..تصورت لوهلة انه سيفضل أن تكون معه بمفردها لكن العكس كان..كأنه أبيه.. تقسم لو كان زياد مازال حيًا، لما أحب طفلها أكثر من عابد..! 



+




وجدت نفسها تلتقط كفه بين راحتيها وتقبلها بمزيج هادر من حب، احترام، تقدير، امتنان.. جميعها مشاعر اختلطت داخلها.. بينما هو يحدجها باستغراب غير واعي لسبب هذا الفيض حتى همست:  أنهاردة انا ليك لوحدك.. أنت وبس! 



+




الآن استوعب.. أدرك أنها تكافئه لسبب ما.. ولن يرفض عطيتها.. وبفعل مماثل لثم جبينها هامسا قبل أن يبتعد بها لنزهتهما النيلية:  وانا العمر كله ليكي انتي وبس! 


--------------------------------



+




_ ايه رأيك في المكان يازوما؟ عجبك؟


هتفت وهي توزع انظارها خولها بانبهار:  يجنن ياعابد، أول مرة اجي ياخت تحفة زي ده. كان بابا قالي عليه واحنا في أوكرانيا ووعدني نروح كلنا بس شكله نسي! 



+




لثم إحدي أناملها التي تسكن كفه:  الحمد لله انك جيتي اول مرة معايا انا مش مع عمي. 



+




منحته نطرة دافئة:  طبعا كده افضل بكتير.. وواصلت بحماس:  تعالى نتصور هنا كام صورة في المنظر الجميل ده عشان اوريهم لبابا وماما أما نرجع، وراح علي الفور تلتقط معه عدة صور بزوايا مختلفة ، ثم قال لها بصدق:  كان نفسي مهند يكون معانا واصوره هنا. 



+




رمقته بصمت ولا تعرف ماذا تقول.. هي مثله تفتقد صغيرها لكن لا تريد إشعاره بهذا، فقرأ عابد نظرتها وهمس بعدها: 



+




عارف انك عايزة تبسطيني وتخصصيلي وقت وانا فعلا فرحت جدا بلفتتك.. بس عايزك تتأكدي يا زمزم إن مهند ده بعتبره ابني..لو عدى يوم وماشوفتوش بحس حاجة ناقصاني.. أنا حاسس انه بتاعي انا.. اوعي تفتكري ان ممكن في يوم هزهق ولا اتخنق منه واقولك عايزك ليا لوحدك..مستحيل.. أنا حبيتكم سوا..! 



+




ظلت صامتة تطالعه لكن حدقتاها تشي بالكثير.. ماذا تقول له والكلمات لن تنصفه؟ تنهدت في أخر الامر وهتفت:  عابد.. هو انا قولتلك اني بحبك اوي اوي قبل كده؟



+





        


          



                


ابتسم ثم دنى من وجهها ولفحتها أنفاسه:  قولتي.. بس اجمل مرة عبرتي فيها عن مشاعرك كانت اخر مرة يا زوما! 


اكتسحتها حمرة خجل وهي تتذكر قبلتها التي بادرت بها له، فواصل:  حسيت قد ايه بتحبيني وخايفة على زعلي


همست بلوم:  يعني قبلها ماحسيتش إني بحبك؟



+




_بصراحة لما رفضتي نقدم معاد فرحنا شكيت انك مش حابة نتجوز بسرعة.. وخوفت ان يكون… 



+




قاطعته:  عابد.. هتزعلني منك لو قولتها تاني.. وبعدين ليه ماتقولش ان في سبب تاني خالص من ورى رفضي؟



+




زوي حاجبيه:  سبب ايه؟



+




_ اني عايزة اعيش فترة خطوبة بجد.. عايزة اخرج معاك كل مكان واعمل ذكرايات تخص الفترة دي قبل ما ندخل في مرحلة زوج وزوجة وولاد وأسرة.. ولا مش من حقي اعيش رفاهية مشاعر المخطوبين؟



+




واستطردت بلمحة تأنيب التقطها:  متنساش ان لقائتنا وخروجتنا الخاصة تقريبا معدومة..احنا بنتقابل في المزرعة عشان الشغل او في بيتي بشكل روتيني بعد شغلك.. لكن فين لقائتنا لوحدنا.. فين الاماكن اللي روحناها سوا بدون تجمع؟ انا تقريبا ما شوفتش من المنصورة غير القليل من اللي كنت بسمعه عنها.. شوفت بقي ليه حبيت ناخد الشهر ده خطوبة بجد انا وانت على ماترجع بلقيس؟ 



+




تلجم لسانه واكتشف كم تقصيره معها.. هو بالفعل لم ينظم لها نزهات خاصة لهما دون الأخرين.. جميعها في نطاق عائلي! 



+




زفر وهو يفرك رأسه بحرج:  شكلي قصرت جامد! 



+




هتفت بمرح: أيوة قصرت.. ولازم تعوضني يا عبودي! 



+




حدجها بدهشة لدلالها الصريح لاسمه فغمغم:  روح عبودي.. تعرفي يازمزم، دلعك ليا بحسه حاجة تانية..الاحساس اللي بحسه معاكي ومنك مايتقارنش بأي شيء عيشتها في حياتي قبلك! 



+




لمعت عينيها:  ولسه.. أوعدك تعيش معايا اللي ماتتخيلوش.. أنا مخبيالك جوايا كتير أوي ياعابد..! 



+




صمت لتتعانق أحداقهما بنظرة طويلة أذابتها وأسعدته. واكتفى كلا منهما بتشابك أناملهما بحميمية أدفأت قلبيهما مع نسمات الهواء القوية التي لفحتهما على سطح الباخرة وسط إضاءته ناعمة خافتة، وثم شعر بارتجافتها بردًا فضم كتفها إليه بذراعه ليبثها الدفء فمال رأسها بتلقائية على جانب صدره، فلثم جانب وجهها قرب عيناها ثم ارتكز بذقنه على قمة رأسها..وصفحة البحر الهادئة تشاركهم سحر اللحظة وجمال الذكرى! 


____________



+




لم تعد تحتمل هذا الضغط النفسي الذي تحياه بسبب ذاك اللعين، تفاصيل حياتها تحولت لجحيم بمعناه الحقيقي..تريد النوم بأمان.. تريد أن تضحك..تريد أن تُعيد ابنتها لأحضانها لكن تخاف.. ربما تكون بأمان إن ابتعدت عنها.. فلا تأمن غدر النذل سامر بأي وقت أو مكان..!



+




وبتلك النيران المُضرمة داخلها صاحت عليه هادرة عبر الهاتف: 



+




_ أنت عايز مني ايه ياحقير ما تسيبني في حالي، هتستفيد ايه من اللي بتعمله ده..انسى انك تطول مني شعرة يا سامر..  هقتلك لو قربت مني..انت فاهم.. أقسم بالله هقتلك، انت لسه ماتعرفش تيماء ممكن تعمل ايه! 



+





        


          



                


جلجلت ضحكته قبل أن يهتف: اسمعي ياتيمو أنا هعرض عليكي حل يرضيني ويريحك مني خالص، بس الكلام في التليفون مش هينفع، انزلي قابليني تحت في مكان عام ياستي عشان تطمني، ولا تحبي اطلعلك فوق شقتك؟ انا معنديش مانع ومشتاق لشراستك..! 



+




_أخرس يا حيوان، لو جيت لعتبة بيتي تاني هتنزل جثة متقطعة حتت! 



+




أردف ساخرًا: يا جامد أنت يامتوحش.. خلاص انزلي نتقابل! وعلى فكرة لو رفضتي تنزلي، يبقي انسي إن جوزك يرجعلك سليم انهاردة ودي هتكون قرصة ودن لأن بعدها مش هيرجعلك خالص! 



+




انقبض قلبها بقوة وصمتت تفكر، إن لم ترضخ له ربما يؤذي رائد بالفعل، ولن تجازف بسلامته، ستذهب إليه وتنهي تلك المهزلة، ان كان يحتاج نقود ستبيع الفيلا التي ورثتها عن أبيها وترسل له ثمنها كاملا.. المهم ان يتركها هي وزوجها وصغيرتها أمنين..!


_ قلت ايه ياحلوة؟ سمعيني صوتك! 


_ هاقابلك فين؟



+




_ هتروحي الحي رقم (… ) في الشارع الرئيسي وهناك هبعتلك باقي العنوان بطريقتي! 


_ ازاي يعني؟ طب تبعته دلوقت في رسالة وتخلصنا



+




جاء صوته صارم وقاس:  بقولك ايه بلاش رغي انجزي وانزلي واعملي اللي قلت عليه بدون نقاش! 



+




تمتمت بسباب بذيء مسموع لديه ثم أغلقت الهاتف في وجهه واستعدت للذهاب سريعا والعودة قبل أن يأتي رائد ولا يجدها، ولكن لن تذهب هكذا دون شيء يحميها، توجهت لمطبخها وأخذت سكين صغير ووضعته بحقيبتها تحسبًا لأي أذى من ذاك الوغد، فحينها لن يسلم منها.! 


……………… 


وصلت للشارع الرئيسي في الحي المقصود ووقفت تتلفت حولها بحيرة وحذر، فانتفضت أثر ربتة علي يدها، لتجد طفلة صغيرة، فالتقطت أنفاسها الهاربة وتعجبت والصغيرة تضع في يدها قصاصة ورقة مطوية ثم هرولت بعيدا، قرأت محتوى القصاصة ثم انحرفت لتغير وجهتا إلي أن وصلت لشارع هاديء بشكل أخافها وفكرت أن تعود حيث أتت لكن بغتة شق الطريق إليها سيارة اصطفت جانبها وبلمح البصر نزل رجلين كبلها أحدهما سريعا بينما الثاني نثر رذاذ ما علي وجهها أفقدها الوعي في خلال ثوان ثم اقحموها داخل السيارة وابتعدوا دون أن يلاحظ أحدا ما حدث! 


__________________



+




_ ظافر ماما بتسلم عليك! 



+




ابتسم وأرسل لها سلامه وراح يكمل ارتداء ملابسه استعداد للخروج، فواصلت بلقيس حديثها عبر الهاتف:  ماشي يا ماما ماتنسيش انتي كمان تسلمي على بابا، واحنا أما نرجع بالليل هنتصل بيكم..!



+




اغلقت معها واقتربت من زوجها وهو بنثر عطره المحبب بسخاء، فاستنشقته باستمتاع وهي تضمه من الخلف هامسة:  لو تعرف بحب ريحة البرفان بتاعك ده قد ايه! 


استدار وحاوط خصرها وقبل وجنتيها وطالعها حب:  عارف ياحبيبتي.. عشان كده بحط منه كتير لأنك بتحبيه.. وصمت يطالعها بنظرة غريبة جعلتها تتسائل:  مالك ياحبيبي بتبصلي كده ليه؟


_ مش عارف يابلقيس، حاسس بحاجة مش مظبوطة من وقت ماصحيت، خايف عليكي ومش فاهم السبب! 



+





        


          



                


حاولت طمأنته:  ليه بس منا معاك اهو ومش بنفترق لحظة، ثم حاوطت وجهه براحتيها:  متخافش عليا انا بخير لأني معاك.. وكمان اقدر احمي نفسي من اي حاجة.. ثم بسطت ذراعها تستعرض عضلاتها الرقيقة مع قولها المازح:  أنا قوية فوق ماتتصور.. مش شايف عضلاتي! 


ابتسم ولثم فمها بقبلة خاطفة وحاول نفض ذاك الشعور المبهم وقال:  طيب مستعدة لنزهة انهاردة؟


_ طبعا، بس هنروح فين ؟


_ هننزل نفطر الأول في مطعم الفندق


وبعدين هاخدك لبحيرة " زيروخ" دي من الأماكن الساحرة هنا، هتنبهري بخضار حديقتها اللي بتطل على البحيرة نفسها، ده غير في هناك حديقة حيوانات للطيور النادرة، ثم قرص وجنتها بدلال:  عشان حبيبتي تصور هناك براحتها..والأحلى من كل ده هنستأجر دراجة بخارية نتجول بيها ونتعرف على المكان! 



+




قفزت بحماس شديد:  الله ياظافر، شكلها هتكون جولة تجنن، شوقتني اروح هناك. وكويس اننا لسه في اول اليوم عشان نستمتع بالطبيعة دي والشمس طالعة! 


_ أيوة منا قسمت اليوم كده.. النهار هيكون في بحيرة زيروخ، وبالليل هنروح مول حلو جدا عشان تشتري منه الحاجات اللي طلبتها، وهناك في سينما ممكن ندخل نشوف فيلم اجنبي حلو


عانقته  بدلال:  حبيبي انت يا مدلعني.. ربنا مايحرمني منك ياظافر.. طول عمري كنت بحلم ازور اماكن كتير حلوة ومختلفة.. ماتوقعتش امنيتي تتحقق كده"



+




ضمها بقوة:  احلامك أوامر يا أميرتي.. ادلعي واطلبي اللي نفسك فيه عشان يبقي شهر عسل مايتنسيش، وكمان عشان تعذريني لما نرجع لو انشغلت عنك في شغلي! 


وواصل مع جذبها للمغادرة: يلا عشان نلحق نستمتع باليوم من بدايته!  


………… .



+




لم تترك مكان إلا وسجلت به ذكرى والتقطت صورا كثيرة مختلفة..وبعد عدة ساعات انتهت زيارتهما للبحيرة  بعد أن استمتعوا لاقصى درجة، كما أصرت بلقيس ان تتبادل بث مباشر مع والديها ليشاهدوا معها جمال البحيرة والحديقة والطيور النادرة والسعادة تكاد تسيل من حدقتيها جوار وزوجها، ثم توجه بها ظافر بعد ذلك للمول التجاري كما خطط مسبقًا..! 


_____________________



+




اليوم مميز لديه.. عيد ميلاد زوجته وحبيبته ويجب ان يحتفل معها ويحضر لها شيء علها تخرج من حالة السكون وتعود حيويتها ونشاطها..!.ذهب لإحدى المجمعات التجارية واختار لها طقم ساعة واسوارة أنيقين، ثم ابتاع قالب تورتة صغير وبضعة شموع وكاسات مذهبة جديدة..وغادر ليتوجه إليها وينظم طاولة الاحتفال بنفسه!


……… ..


عاد ووضع مشترياته على طاولة قريبة وقالب التورتة في الثلاجة وتوجه لغرفتها فوجدها خالية..ظن أنها في المطبخ أو مكان أخر في المنزل لكنه أيضًا لم يجدها.. أين ذهبت دون أن تخبره؟ هاتفها وأتاه الرد أن الهاتف مغلق، هل ذهبت لتحضر رحمة وهاتفها فرغ شحنه؟ وجده احتمال قوي فاتصل على الفور برقم زوجة أخيه ليتبين وجودها من عدمه! 



+




_ أهلا ياميرا ازيك عاملة ايه؟


_ الحمد لله يا رائد، وأخبار ورودي ايه؟ بقيت افضل؟



+




خيم عليه الصمت الذي بدأ يعكره القلق وهو يفكر..إن لم تذهب زوجته عند أخيه.. أين ذهبت اذا؟


_ رائد انت معايا؟


اجاب سريعا وهو يواري قلقه:  معاكي يا ميرا.. رودي بخير وبتتحسن.. وبإذن الله قريب هنيجي عندكم ناخد رحمة، عارف اننا تقلنا عليكم


قالت بعتاب:  عيب كده يا رائد، هو انا بسأل عشان كده..؟



+





        


          



                


غمغم بامتنان:  مش قصدي والله ياميرا.. عموما كلك ذوق انتي اخت لينا مش بس مرات أخ.. ثم تنحنح مواصلا:  خلاص مش هعطلك عن الولاد، ومعلش هي رودي نايمة دلوقت بس اول ماتصحي هخليها تكلمك..!



+




_ نوم الهنا.. خلاص منتظراها..! 


………..


أغلق الهاتف والقلق داخله وصل ذروته.. خاصتا أن هاتفها مازال مغلق..التقط مفاتيحه وقرر النزول للبحث عنها علها تبتاع شيئا من هنا او هناك.. وأثناء هبوطه الدرج وهو على عجل وصلته رسالة، تفقدها سريعا بلهفة علها أتية بخبرٍ من زوجته، وكانت كذلك.. لكن ليس كما تمنى.. الرسالة لم تحمل معها سوى أسوأ ما ينتظره! 


____________________



+




تشاركا طاولة مستديرة في مطعم صغير في أحدى المولات ليتناولان مشروبا ثم يواصلا التسوق..فهتفت بلقيس:  حبيبي أنا هروح التواليت وارجع بسرعة! 



+




_ طب اجي معاكي! 


ضحكت قائلة:  تيجي فين ياظاظا.. بقولك التواليت!  ماتقلقش ياحبيبي مش هتأخر..! 



+




أومأ لها وهو يراقب رحيلها ولا يعرف لما ينقبض قلبه هكذا منذ الصباح، ربما بسبب كابوس الامس حين. رآي زوجته تسقط في بئر مظلم، وكلما اقترب لينقذها، يبتعد البئر.. كل خطوة يمشيها تبتعد هي مقدارها..لينتهي الأمر بصراخه عليها وهو يطالع المكان المظلم حوله بقلة حيلة وعجز، فاق حينها على صوتها يهدئه وذراعي بلقيس تحتضنه وتمسح قطرات العرق من جبينه وهي تتمتم بأذكار طمأنته، فغمسها بقوة فوق صدره وغفى مستعيذا من الشيطان..!



+




رنين هاتفه قطع شروده، فأجاب حين تبين المتصل:  عمار.. ازيك وحشتني! 


_ وانت اكتر يا مايستروا.. اخبارك انت وعروستك..؟


_ الحمد لله تمام، وانت وجوري عاملين ايه؟


_ زي الفل،  ولقينا شقة ممتازة في نفس عمارة يزيد.. سعرها معقول جدا.. وكده ابقي حققت حلمها انها تسكن جمب اخوها وبنت خالتها.. مش قادر اقولك ازاي طايرة من الفرح من وقتها..!



+




_ ألف مبروك ياعامر فرحتني جدا بالخبر ده..ربنا يسعدكم ويخليك ليها وتحقق احلامها دايما



+




_ والله ياظافر ربنا عالم ازاي بحبها ونفسي اعملها كل اللي تتمناه..جوري إنسانة جميلة شكل ومضمون..!



+




وواصل بجدية أكبر: المهم مش عايز اعطلك كتير، بس انا اتصلت مخصوص عشان عايز اعرفك كام حاجة كده واستشيرك في اقتراح من عاصم بيه يخص القاعة اللي انت عايز تعملها..! 



+




_ عاصم بيه؟ وايه دخله بالقاعة أو شغلنا مش فاهم؟


_ منا هفهمك اهو.. وماتقلقش مش هطول معاك


_ ماشي انا معاك! 


____________________



+




وصلت دورة المياة ولم تجد سوى فتاة صغيرة خرجت تزامنًا مع دخولها.. قضت حاجتها ووقفت تتفقد هيئتها في المرآة فبل أن تذهب لزوجها وبتلك الأثناء دلفت سيدة عجوز تتعكز على عصاه وهي تغمغم بالأنجليزية وبدا وجهها ساخطًا، وقبل أن تختفي داخل إحدي دورات المياة الصغيرة رمقتها بنظرة غريبة لم تُعيرها بلقيس اهتماما..وبعد انتهائها من هندمة هيئتها تحركت خطوتين للمغادرة، فأوقفها سماع آنين العجوز ثم شرعت بفتح الباب وتقدمت تسبقها عصاها بخطوة، فتعثرت بغتة وكادت أن تقع أرضًا لولا أن ساعدتها بلقيس التي هاتفتها بالأنجليزية ( أنتِ بخير سيدتي؟)  



+




بدا على وجه العجوز الآلم وهي تخبرها انه داهمها مغص كلوي بشع وتريد الذهاب لخارج المول وتستقل سيارة أجرة، ساعدتها بلقيس بعد أن علمت أنها بمفردها..! لكن لم يفوتها أن تعرض عليها توصيلها بسيارة زوجها.. لكن العجوز رفضت معللة رفضها أن منزلها بعيد ولا تريد ازعاجهما، يكفي ان تساعدها لاخارج وتستقل سيارة! 



+




( لما أتيتي هنا مفردك دون رفيق؟)



+




تسائلت بلقيس وهي تسير جوارها، فكان رد السيدة أنها أتت بصحبة زوجة ابنها لكن تشاجرا هنا وتركتها ورحلت..وراحت السيدة تثرثر وتذم في معاملة زوجة الابن السيئة إلى أن أوقفهما رجلا يروج عينات من العطور ويعرضها على رواد المول گ عادة تلك الأماكن، اعطى كلا منهما عينة وذهب، فتشممتها السيدة وهتفت بإعجاب وبلغة انجليزية ( رائحته رائعة.. أليس كذلك فتاتي)


اختبرت بلقيس عينة العطر التي بحوزتها واستنشقتها بتلقائية ثم قالت ( لديكِ حق.. رائحة مميزة)


……………… 



+




اقتربا من الخارج ودوار خفيف بدأ يكتنف رأس بلقيس فترنحت قليلا، فأسندتها يد العجوز وهي تهتف بهلع عما أصابها فغمغمت بلقيس بكلمات غير مفهومة ولفظت أسم ظافر بخفوت واهن، وبلحظات خاطفة كانت تقف جوارها سيارة أجرة هبط منها رجلا ضخم البنية، اقحمها في المقعد الخلفي بمساعدة السيدة العجوز وانطلقت السيارة بصرير مزعج واختفت تاركة خلفها موجة غبار كثيف كأنه غيامة بصقتها ساحرة شريرة  گ تعويذة طمست بعدها كل شيء.. وعاد الثري هادئًا خاليا من غباره! 


_____________________



+




_ موافق علي اقتراح حماك انه يشاركنا في القاعة؟


_ ولو اني كنت افضل محدش يكون معانا، بس مادام دي رغبته معنديش مشكلة.. اتكل على الله! 


ثم رمق ساعة معصمه وقال: سلام بقي ياعامر عشان الوقت أخدنا وبقالنا نص ساعة بنتكلم وبلقيس لسه مجاتش وأتأخرت! 



+




شاكسه:  أيوة ياعم.. مش قادر علي بعد عروستك حتي نص ساعة.. أوعدنا يارب! 



+




لم يكن ظافر متجاوب مع مزاحه وقد تحرك بالفعل متوجها لدورة المياة حيث توجد زوجته، منهيا اتصاله بشكل عاجل أدهش عامر، لكنه تغاضى عن الأمر وقرر أن يهاتف العم عاصم ويبلغه بما اتفقا عليه


…………  



+




لم يجدها حيث ذهبت، وتعجب داخله..أمعقول مازالت لم تنتهي مما تفعل؟ لمح سيدة تخرج من دورة المياة فاقترب منها وحدثها بالانجليزية(  عفوًا سيدتي وأسف لإزعاجك لكني أحتاج منكِ مساعدة)


أومأت له السيدة بترحيب لمساعدته فواصل ظافر(  زوجتي بالداخل أريد أن تتفقديها وتخبريها أني أنتظرها هنا) ثم عرض لها صورة بلقيس لتتعرفها، فغابت السيدة دقائق قصيرة ثم خرجت تخبره أن لا أحدًا بمواصفات زوجته بالداخل، فقط هناك أم تنظف وجه طفلها الرضيع.. وسيدة سمراء محجبة وأخرى عجوز، كما ظلت تنادي بأسمها ولا إجابة..لتؤكد له أخيرا قبل رحيلها ( زوجتك ليست بالداخل)



+




شحب وجهه وسقط قلبه بين ضلوعه وانقباضته تزداد ضراوة، أستند ظهره على الجدار وراح يتلفت حوله بنظرة ضياع وافتراضات سوداء تتدفق لعقله الذي توقف لوهلة ثم انتبه كم أصابه الغباء، لما لا يهاتفها.. وسريعا ضغط رقمها وراح يسمع الرنين منتظرا صوتها، ففوجيء بانقطاعه.. لم يعد هناك رنين.. حاول مرارًا والنتيجة واحدة.. الهاتف مغلق! 



+




مغلق؟


كيف؟


من أغلقه؟


لماذا لا تجيب بلقيس؟


حبيبته أصابها مكروه؟


العقل توقف! 


الأنفاس ضنت برئتيه..!


يشعر أنه يختنق! 


حل رباط عنقه عَل الهواء يُسعفه! 


هواجسه المخيفة تتضخم وتحاصره!  


وهوة سوداء تنبثق من أفكاره وتبتلعه! 


گتلك التي رآها في كابوسه! 


كابوسه الذي على ما يبدو..! 



+




تحقق! 


_____________________



+






  الفصل السادس والأربعون


_____________



+




يا قطعة الروح لا تجزعي أو تقنطي.. 


الغيث إليكِ قادم فاستكيني واهدأي..  


قسمًا بربي سأطارد الوجوه وأبعثر الثرى.. 


حتى تعود أناملكِ الحبيبة تعلو خافقي.. 


__________



+




انفها يستنشق رائحة مخدر كريه تعرفه جيدًا.. تحاول تحريك رأسها وتعجز.. ذراعاها وقدميها مكبلان، جسدها بالكامل مقيد بفراش..!



+




_ عملت ايه؟ ..ماشي.. خليك حريص اوعي يكون في  شرطة وراه، لو شكيت انه بلغ.. أقتله! 



+




انتفض جسدها على أثر كلمته الأخير.. ومصدر رعبها الأكبر كان الصوت ذاته.. صوت سامر! 


____________________



+




لما كل أمر سيء يداهمه الآن..؟


ذاك الصداع اللعين يعاود افتراسه بخيالات أكثر غموضًا تدور بها.. صراخ أحدهم..زجاج يتناثر، والصورة كعهدها ضبابية تتعرج على صفحة ذاكرته البيضاء..لمن هذان الحدقتان المشتعلتان التي تطالعه.. لمن هي؟ ولما تبرُق تلك الومضات في سماء عقله گ رعد مخيف؟ أمرًا ما يتصدع داخله..


كأن قشور النسيان تتفتت وتفقد تماسكها..



+




لكنه مازال لا يفهم.. لا يتذكر..! 


لا.. بل يتذكر شيء خطير سبب له تلك البعثرة..


الرسالة التي وصلته وهو يهبط الدرج ليبحث عن زوجته..( لو عايز مراتك تعالى على العنوان ده ولو فكرت تستعين بالشرطة.. أنتظر جثتها)



+




جثة من؟ رودي؟


كيف خُطفت ولماذا؟ ا



+




الدوار مازال يكتنفه..وكل خلية في جسده متحفزة، عروقه تنفر بغضب..ماذا يحدث وماذا يريدون من زوجته.. هل يلجأ للشرطة؟ لا لا.. لن يجازف.. لقد هددوا بإرسال جثتها.. مجرد التخيل يحطم قلبه.. الغريب أن الرسالة لم تشير لأي مطلب مادي مثل فدية گ عادة تلك المواقف.. فقط حضوره لذاك الحي الهاديء المعزول نوعا ما..! حسنًا سيذهب.. أيًا كانت الاسباب لن يترك زوجته تتعرض للأذى.. سيحطم أنوف من ساومه عليها..!



+




وهاهو وصل إليه ووقف ينتظر بادرة من الخاطفين ترشده للخطوة القادمة لتناله بغتة ضربة قوية على مؤخرة رأسه من شيء حاد لا يعرف مصدرها..حاول الالتفات سريعا فعاجله الرجل الضخم بضربة أخرى قضت على مقاومته في مهدها. وسقطت بنيته القوية أرضًا والدماء تنزف منه! 


_____________________



+




" أنتهت مهمتِك.. غادري الآن! "



+




وقفت السيارة لتهبط الفتاة الشابة منصاعة للأمر بعد تنفيذ مهمتها باستدراج بلقيس إليهم خداعها متنكرة بهيئتة امرأة عجوز..لتستقل على الفور سيارة أخرى بهيئتها الجديدة.. ويستأنف الخاطفين طريقهم إلى حيث ينتظرهم سامر! 



+




بمرآة السيارة راح الرجل الضخم بوجهه قاسي الملامح خشنة الملمس يطالع بلقيس النائمة في المقعد الخلفي بنظرات شهوانية مع همهمة لرفيقه بلغة إنجليزية: 



+




_لم آري مثل جمال وفتنة تلك الفتاة.. سأنالها أولكم! 



+




أعترض الرجل الضخم الأخر حتي اهتزت كتل لحمه المكتنز:  بل أنا قبلك، لقد أقحمتها وحدي بالسيارة وانت جالس هنا.. 



+






                


_ ومن انطلق مثل الريح قبل أن ينكشف الأمر يا أحمق! 



+




زمجر معتدلا وجسده الضخم يبتلع المساحة التي تعلو مقعده بأعجوبة ملوحا بحنق من يتفاوض على غنيمة:  هذا لا يعني أن تسبقني في نيل تلك الجميلة.. أتركها لي أولًا وبعد انتهائي منها، هي لك.. فلتهنأ بها.!



+




_ حسنًا حسنًا..لا داعي لجدالك العقيم الآن..لقد اقتربنا من وجهتنا.. نصل أولا ثم… 



+




بتر استرسال حديثه صدوح رنين هاتف بلقيس ليصيح موبخًا رفيقه:  ما هذا؟ ألم تغلق هاتف الفتاة يا غبي؟


_ بل فعلت.. هل سيفوتني أمر بديهي گ هذا؟


_ كيف صدح رنينه إذًا؟؟؟


_ لا أعلم.. لكن أقسم أني أغلقت الهاتف قبل وضعه في جيب سروالي الخلفي..! 



+




صاح مقرًا وهو يهز رأسه بغضب حانق: نعم، الآن فهمت كيف حدث هذا.. لحم مؤخرتك الثمينة هو ما ضغط على" Power button"..وأضاء الهاتف ثانيا.. هيا اغلقه حالا وألقه من النافذة.. لقد شارفنا على الوصول! 



+




تحامق بقوله:  كف عن إلقاء الأوامر لي كأنك رئيسي، سأفعل دون صراخك..ثم قذفه بقوة من النافذة ليتفتت لقطع صغيرة تناثرت فوق الطريق! 


وعاد ينظر لبلقيس بنظرة شهوانية هائمة: 


_ كم فاتنة!! 


لما يجيب الرجل الأخر واكتفي برمقه بامتعاض وهو بقود، فواصل الأول ثرثرته بعناد: 



+




_ سأنالها قبلك..! 


_______________________



+




تفحص الشرطي الكاميرات المنتشرة في جميع مخارج المول التجاري.. وتم رصد مغادرة بلقيس بصحبة العجوز.. ثم إقحامها بسيارة وقفت جانبها لتأخذها وترحل..وبتتبع أوصاف السيارة وخط سيرها لأخر نقطة وصلت إليها، تبين وقوفها فارغة علي مسافة ليست بعيدة عن المول ليترتب على ذلك فقد أثر الخاطفين وزوجته كذلك! 



+




ثار ظافر والشرطي يخبره انه سيبحث عن خيط أخر ويحتاح وقتًا.. كيف والوقت ليس في صالحه.. كل دقيقة تمضى تعرض زوجته لخطر أكبر لا يعلم كنهه لكن يستشعر قسوته.. كيف يجدها في تلك المدينة الكبيرة؟ ماذا يفعل..؟



+




غادر و خطواته تتعرقل وتتشابك گ المخمور يتمايل، أنهار جسده جالسًا فوق الرصيف مطرقًا رأسه وللمرة الأولى في كل عمره يبكي بكاء مقهور عاجز..زوجته مازال أثرها مفقود .. كيف يجدها وينقذها.. كيف؟ في أي اتجاه يتحرك؟ لمن يذهب؟ ولما يسيطر عليه ذاك الشعور الغريب انه قصر بشيءٍ ما.. ماذا فعل ليفقد حبيبته؟ فيما قصر ليُبتلى بغيابها عن ناظريه؟ أفكاره المخيفة حول ما ينتظرها تكاد تمزق روحه ؟



+




تساقطت دموعه ورفع وجهه للسماء برجاء صامت لخالقه أن يستعيد حبيبته سالمة قبل أن يصيبها مكروه..مكررا دعائه إن كان قصر بشيء بحق ربه أن يغفر له وينير بصيرته ويبعث له إشارة لتقويم  ما أخطأ به ولا يعلمه، هو بشر يصيب ويخطيء..وملاذه الوحيد عفو ربه وعونه بتلك الغربة.. فهو السند والحول والقوة.. 



+




ظل يدعو ودموعه لا تنضب وقلبه ينزف ألمًا راجيًا لها السلامة وله العون والسبيل أن يلقاها.. وفجأة جاءته البشرى..لينهض على أثرها واثبًا گ الفهد لسيارته يلاحق خيط الأمل الذي أرسله له الله..


فقد صار يعلم الآن أين حبيبته! 


_____________



+





        



          



                


دفعة ماء بارد لطمت وجهه فشهق وهو يستعيد الوعي ليجد أمامه شخص لم يكن غريب عليه..هذا الوجه خزنه عقله في ركنٍ ما..! يعتقد انه يعرفه.. أسمه! .. أسمه ماذا؟؟؟ يعافر والأسم على حافة الذاكرة ليس بعيدا..أسمه ماذا؟! 



+




_ تؤ تؤ تؤ..!



+




معقول مش فاكرني يا رائد؟! .. ياخسارة، بقي صقر الشلة وزعيمها وأسدها المغوار يبقي بالهزلان والضعف ده؟! 



+




بدت الحيرة تغزوه وبعض الألم يزحف لرأسه ثانيا متسائل بدهشة لا يدعيها:  صقر الشلة؟! أنا مش فاهم بتتكلم عن ايه؟ وبعدين فين مراتي؟



+




_ قصدك تيماء؟ ولا رودي؟؟؟



+




أغمض عينه بقوة معتصرًا جفنيه..ذاكرته تثور.. رأسه يؤلمه بشكل أكبر.. الدوار تزداد سيطرته..التساؤلات تتقافز لذهنه المشوش منذ فترة..!


تيماء؟.. رودي؟


تيماء!  رودي!


صفحات الماضي تُعرض بتوالي لعين خياله وتدور به گ دوامة مخيفة..أصوات مألوفة بنبرة عميقة أتية من جوف الدوامة التي تسحبه لينغمس بظلمتها أكثر..


كلمات تصدح ليست غريبة على أذنيه..كأنه سمعها قبلًا"



+




((مافيش أصعب على الواحدة من إنها تحب واحد ويخونها.. طعنة السكينة اما بتيجي من أكتر حد انت مأمنه على نفسك، بتوجع!  بتوجع أضعاف وجعها وهي مغروزة فيك.. الجرح ساعتها مش هيتداوى بسهولة.. وهو ده اللي انا عايزاه.. عايزاها لأول مرة تجرب إحساس انها اترفضت.. إنها رخيصة.. رخيصة أوي.. لأنها هتكون زيها زي غيرها.. لأ.. هتكون ابشع من غيرها.. هيتكسر غرورها وينطفي جمالها.. ويروح زمانها وينتهي.. وتوسع الطريق لغيرها..! ))..



+




((ليه هي تاخد كل ده من الدنيا لوحدها، وانا بتسول حب أمي واهتمام ابويا..وبعاني الوحدة.. ليه هي نقية ونضيفة أوي وأنا غرقانة في ال …! في الخطيئة! ))



+




هذا صوت تيماء عشيقته..!


لا صوت رودي زوجته..


تيماء!..رودي! ..


مقصلة الحيرة تنحره..


أنفاسه تتلاحق..


الدوار والألم يتفاقم..


صراع أفكاره يكاد يقتله! 



+




{ أنا اختارتلك واحدة عارفة أصلك واحنا كمان عارفينها كويس.. يعني دي أنسب زوجة ليك يا ابني}



+




{ ليه مش موافق على الجواز ياحبيبي.. هي رودي وحشة؟ دي بتحبك وفرحانة بيك وراضية بظروفك!} 



+




صوت والدته يتضافر مع بقية أصوات عقله..


الشروخ بجدار ذاكراته تزداد اتساعًا..


خبايا ماضيه تتدفق عبر الشقوق..


وكلما تدفقت سقط بدوامة معتمة..


يهوى بها دون نهاية..


دون توقف! 



+




[ أنا رودي مش تيماء يا رئد.. رودي حبيبتك، مراتك، أم بنتك..]



+




[تيماء ماضي أسود ماينفعش يتذكر ولو صدفة]



+




[يعني مافيش أمل تحبني وتتجوزني في يوم يا رائد؟]



+




تيماء الكاذبة الخادعة..


رفيقة آثامه وماضيه الأسود..


ذنبه وعقابه! 



+





        


          



                


{{ مش معبرة شباب الجامعة كلها، مغرورة بس صارووووخ يابني!}}



+




{{ بما إنك "زعيم" الشلة بتاعتنا.. شوفلنا سكة للبت دي..  شكلها متعبة.. مابتكلمش حد من الشباب وشايفة نفسها اوي..}}



+




( هيحصل ..حضر سفرتك وضيوفك للوليمة الجديدة! )



+




التفاصيل گ حمم تفور برأسه! 


الصور تتلاشى ضبابيتها..! 


الحقائق تتضح ماهيتها..! 


تعيث فيه مشاعر كثيرة! 


غضب..خوف..خزي..!


صدمة.. ضياع..عجز..! 



+




سامر..!!!



+




هدر بها أخيرا ليتحرر لسانه من الخرس! 


ويتحول فضاء عينه لكتلة حمراء دامية



+




فيصيح الأخر بتصفيق ساخر: 


برافوا عليك يا زعيم.. أخيرا افتكرتني! 


ثم مال عليه هامسًا: يعني رجعتلك الذاكرة على ايدي يا صاحبي..عرفت أنا مين يا رائد؟


أنا ريحة قذارتك.. عينة من آثامك..


أوعي تعمل فيها نضيف.. أحنا كنا في مستنقع واحد محدش فينا انضف من التاني حتى... 


وصمت برهة قبل أن يكمل: حتى مراتك اللي جاي هتتجنن وتنقذها..هي نفسها عارك اللي ماتستاهلش أفضل منه! 



1




نطحة غادرة من رأس رائد اصطدمت بجبهته ليبتعد مترنحًا برهة ثم يتوازن سامر ويرتد عليه ثانيًا بلكمات متتالية في وجهه حتى انشقت شفتيه و"تكدم" أسفل عينه بتجمع دموي لن يطول الوقت ليصبح أزرق قاتم بلون تلك الليلة العصيبة! 



+




_ لولا إني لازم اسلمك سليم كنت قطعتك حتت.. بس مش هتفيدني وانت ميت.. عارف ليه يا زعيم؟؟؟



+




زمجر رائد بغضب صاخب، فاستدار سامر حوله وانحنى ليهمس بأذنيه بمصير أرعب فرائص الأول.. والأكثر إيلامًا مصير زوجته  و… 



+




_ بلقيس، طبعا فاكرها.. ملكة الحفلة اللي ما كملتش وقلبت غم ونكد..بسببها رامز ورمضان وفوزي اصحابنا كلهم ماتوا..!



1




ثم احتلت عينه نظرة قاسية مغمغما: وانا اتنفيت بعيد وعيشت الأسوأ..!


بس أنت؟!


قالها ونظرته تتلون بحقد أسود:


أنت أهلك لاقوك وعالجوك.. واتجوزت وعملت عيلة وعشت دور البريء الشريف.. دور مش دورك ولا تستاهله انت والحية اللي اتجوزتها وجابتلك بنت عشان كل اما تبصلها تتقطع لأن محدش هيدفع فاتورة "وحل" ماضيكم غيرها.. بنتك اللي هتتيتم لأن انت وتيماء خلاص انتهيتوا.. بنتكم مش هتشوفكم تاني..هتعيش وحيدة..وفي يوم من الايام هتكون مجرد فريسة للضباع وتكمل مشوار ابوها وأمها القذر..!



+




ضحكاته الشامتة امتزجت بصرخات رائد الملتاعة على طفلته رحمة..  لا.. لن يتركها لهذا المصير..لن يدعها تدفع ثمن آثامه.. سيحميها بأخر أنفاسه! 



+




_ شوف الكلام معاك نساني اقولك على المفاجأة اللي محضرهالك.. ثم أشار لشاشة عرض أضاءها لتظهر صورة زوجته تيماء مكبلة.. مكممة.. مقيدة بفراش أبيض گ الموتى..!



+




هفرجك على فيلم للكبار فقط.. هتشوف مشاهد لايف وبث مباشر..هعريها حتة حتة قصادك.. الحفلة اللي منعتنا عنها زمان وهي عشيقتك وحميتها مننا هتكمل دلوقت بعد ما بقت مراتك عشان توجعك أكتر وأكتر.. ودي أخر حاجة هخليك تشوفها.. بعدها هتكون أنفاسكم في الدنيا معدودة.. أما ست الحسن والجمال بلقيس دي ليها ترتيب تاني غيركم خالص.. دي السبوبة اللي هتجيب تقلها دهب..كل أيد هتطولها وتتمتع بيها هتدفع تمنها غالي.. وانا اللي هقبض التمن! 



+





        


          



                


وعادت تصدح ضحكاته البغيضة ونظراته المريضة تتألق بوميض شيطاني.. وغادر ليُتم جرائمه في الأنثاتان على مرآى ومسمع من رائد..المقيد! 


_________________



+




باسطة ذراعيها تتضرع بالدعاء الصادق أن يحفظ أبنها وزوجته أينما كانوا راجية ألا يصيبهم مكروه وينجيهم من المهالك.. ليصل سمعها أثناء خشوعها طرقة قصيرة تبعها قول إيلاف: "ماما.. حضرتك صاحية؟"


_ أدخلي يا إيلاف


ولجت إليها لتجدها متربعة فوق سجادة الصلاة، فقالت:  شوفت نور الغرفة منور استغربت إن حضرتك لسه صاحية لحد دلوقت! 



+




نهضت ثم نزعت عنها إسدالها وتوجهت لفراشها، وهتفت بصوت بدا مهموم:  أنا فعلا كنت نايمة بس شوفت حلم وحش أوي صحاني وخوفني على اخوكي.. كنت هتصل بيه بس اتكسفت اقلقه هو وعروسته في وقت زي ده باتصالي. 



+




ربتت على كفها بحنان:  متخافيش ياماما ده مجرد حلم مالوش معني.. أخويا بخير انا كلمته هو وبلقيس الصبح وكانوا عاملين كمان بث مباشر من بحيرة هناك تجنن وشكلهم مبسوط خالص..اطمني، انتي بس مش متعودة آبيه يغيب عنك! 



+




رمقتها والدتها بحنان وأردفت:  كبرتي يا إيلي وبقيتي عاقلة وبتصبري مامتك.. 


اعترضت بمزاح:  لا يا ست ماما اسحبيها أنا اصلا من يومي عاقلة تنكري؟



+




ابتسمت رغم أن قلقها على ظافر لم يزول، فما رآته بحلمها أخافها وأرعبها.. قلبها ينبئها ان هناك شيء لكن لا تريد الاستسلام وراء هذا الخاطر.. ربما حقا هو مجرد شوق لولدها الحبيب! 



+




_ طب بما أن الجميل فاق ومصحصح ايه رأيه نشرب حاجة ونسهر شوية؟ واقولك على اقتراح أحلي؟ أنا هنام في حضنك الليلة دي زي زمان.. موافقة ياهدى هانم؟



+




جذبتها بين ذراعيها وربتت على ظهرها مقبلة رأسها: 


_ طبعا موافقة، وانا اطول تنامي جمبي.. وواصلت وهي تتطلع إليها:  والله ماعارفة لما تتجوزي وتبعدي عني انتي كمان هعمل ايه


_ لا اطمني لسه بدري


غمزتها والدتها بخبث:  طب ومحمود؟؟



+




تخضب وجهها بالحمرة فضحكت هدى وقالت:  طب خلاص ماتتكسفيش كده.. بس بجد بقى ايه رأيك في محمود؟ يعني لما ظافر يرجع ويسألك عن رأيك هتقولي ايه؟ اظن انتي عارفة انه والده كلم اخوكي قبل ما يسافر.. مش كده؟


أومأت لها هامسة:  عارفة


_ وايه شعورك لما عرفتي انه أخد الخطوة دي؟


_ بصراحة كبر في نظري و… 


_ و ايه.. يلا يابنت أحكي لأمك..


_ يعني اكلمك بصراحة كأننا أصحاب


_ طبعا ياحبيبتي



+




عدلت جلستها على الفراش بشكل أكثر أرياحية وقالت: هحكيلك يا ماما وهقولك امتي قابلت محمود اول مرة.. 



+




وبدأت إيلاف تسرد عليها لقائهما الأول في المشفى مرورا بكل المواقف التي حاول فيها إظهار مشاعره.. لتهتف هدى أخيرا: ياااه.. ده الولد واقع فيكي من زمان! 


ضحكت بخجل لتواصل والدتها:  لأ وايه.. حب عيونك اللي انتي طول عمرك تداريها بلينسزز وفاكرة انها عيب فيكي! 


ابتسمت لها:  ماهو ده اللي استغربته يا ماما انه انبهر بعيوني..!


_ واكيد انبهر بحاجات تانية.. انتي كل حاجة فيكي حلوة يا ايلي! 


دست نفسها في حضن والدتها بدلال وقالت:  القردة في عين مامتها بقي.. 


ضحكت هدي وضمتها بقوة وحاولت صرف ذهنها عن التفكير في ظافر وتكذيب قلقها الفطري عليه.. واغمضت عينيها ليسقطان بغفوتهما بعد وقت قصير..


_______________



+





        


          



قد يعجبك ايضا


منذ بضع شهور


رواية قلب يأبي العشق الفصل الثامن 8 بقلم فرح طارق...


منذ بضع شهور


رواية قلب يأبي العشق الفصل التاسع 9 بقلم فرح طارق...


منذ بضع شهور


رواية قلب يأبي العشق الفصل العاشر 10 بقلم فرح طارق...


                


كم الصدمات التي تلقاها من الحقير سامر تكاد تفتك رأسه، والمصير الأسود الذي ينتظرهما وينتظر ابنته "رحمة" من بعدهما يجعله يزأر بجنون وهو حبيس تلك الغرفة اللعينة..وبلقيس التي ستنال الأسوأ..ستصبح فتاة متعة للأوغاد..كم يخجل ويحتقر حقيقته التي استعادها كاملة.. كم كان وغد ماجن..كيف كان هكذا؟ تفاصيل أحتفالهم المشؤم تتدافع في عقله وهي تقاومه وتتغلب عليه!



+




وتيماء..؟!


مشاعر غضبه منها تسيطر عليه لكنها تظل زوجته والدة طفلته..يجب ألا يستسلم ويفعل شيء..لا يعرف بأي عين يتضرع لخالقه الآن.. لكنه سيفعل.. النجاه لن تأتي إلا منه هو.. تمتم داخله بدعوات أن يجد وسيلة ينقذ بها الجميع.. حتى لو انتهى هنا أجله لا يهم.. هو بكل الأحول أصبح شخص هالك ينتظر قيامة ساعته.. وحسابه! 


_______________



+




أين هي؟


أين ظافر؟


السيدة العجوز..


الرجل الضخم


سيارة تبتعد..


رائحة تبغ كريهة


أصوات غريبة


ظافر!


لما لا يجيب ندائها؟


ألا يسمعها؟ هي تحتاجه! 


ظافر! 



+




" سامحيني يابلقيس! "



+




التفتت سريعا لتُصعق برؤيتها مكبلة بفراش أخر..


والآن فقط أدركت حقيقة وضعها وأنها مثلها تماما.. مكبلة.. ماذا يحدث؟ كيف أتت هنا؟ هل تتعرض لذات المصير مرة أخرى؟ هل ستتجرع نفس الكأس مرتين؟ كيف ستنجو وهي بتلك الحالة؟


قيودها قاسية، كثيرة! 



+




ظافر! 



+




تعود وتستغيث به روحها عله يشعر بها


فارسها قادم.. قلبه سيجد سبيلا إليها.. سينبش عنها الطرقات.. ويبعثر الثرى.. ويطارد الهواء.. لن يتركها تتآذى.. هي موقنة من حضوره! 



+




" كل اللي انا فيه ده ذنبك انتي.. سامحيني"



+




همس الحية تيماء يعود من جديد يلوث سمعها.. فلتصمت تلك الحقيرة..يكفي أنها عاجزة عن سحق عنقها الآن! 



+




_ ربنا بيردلي اللي حاولت اعمله فيكي يا بلقيس.. ربنا بياخدلك حقك مني..كنت عارفة إن دي نهاية جريمتي البشعة في حقك.. كنت حاسة إن سعادتي مع رائد هتتخطف مني..وعارفة اني ما استاهلش اي فرصة انك تسامحيني ولا ليا عين اطلب مساعدة ربنا واني أضعف من إني احمي نفسي زيك..أنا حشرة قصادك مالهاش وزن ولا قيمة.. حقدي عليكي خلاني عايزة ادمرك..بس ماكنتش اعرف اني بدمر نفسي قبلك.. واني هقع في نفس الحفرة وانا متكتفة من غير لا حول ولا قوة.. ياريتني اقدر اصلح اللي فات.. ياريت اقدر امسح كل قذارتي..ياريت اللي بيحصل ده كله يكون مجرد كابوس وافوق منه وارجع لبنتي اضمها واشم ريحتها.. بنتي اللي مالهاش ذنب تشيل عاري انا وابوها رائد وتكون ضحية في مجتمع هيحاسبها على أغلاطنا، بنتي اللي ادفع عمري كله واحضنها لأخر مرة واقولها سامحيني! 



+




_ياااه يا تيماء..كان لازم تكوني أم عشان تحسي ببشاعة اللي عملتيه؟ خوفك على بنتك فوقك؟


بالبساطة دي عايزاني اسامحك ؟


يا صاحبة عمري؟ ياللي اعتبرتك اختي؟


اسامحك على ايه ولا ايه ولا ايه؟؟؟


على ثقتي فيكي اللي ماكانش ليها حدود؟


ولا قلبي اللي لعبتي بيه وانتي بتحطي في طريق بنت لسه ساذجة شاب وسيم عكس خطيبها في كل حاجة، كنتي بترمي الطعم وسايباني القطه وعاملة بريئة وانتي أفعى سمك دمر حياتي! 



+





        


          



                


اسامحك على أصعب ليلة عشتها وانا بحارب خمس حيوانات عايزين ينهشوني ويهتكوا عرضي؟


اسامحك على الخوف والرعب اللي عيشته وهما بيطاردوني وانا لوحدي من غير حول ولا قوة في مكان بعيد مهجور وكل حتة في جسمي تصرخ من الآلم وروحي بتتسحب مني وانا بقاوم عشان احمي نفسي من قذارتهم؟


أسامحك على حبستي في شنطة عربية زي الدبيحة اللي واخدينها قطاع طرق عشان ينحروها وياكلوها ويرمو عضامها في الطريق؟



+




اسامحك على حسرة أمي وابويا وعذابهم وانا قصاد عينهم زي الجثة اللي مافيهاش روح ولا بتكلم ولا بضحك وحتى نومي كان كوابيس! 



+




عايزاني اسامحك؟


طب ازاي؟


ده انا كنت بدعي عليكي كل صلاة وفي كل سجدة


كنت بطلب من ربنا حاجة واحدة بس..اني اشوفك في نفس موقفي وتعيشي، نفس شعوري،


نفس وجعي.. نفس قلة حيلتي..!



+




ثم اقتامت شمسيها بتشفي حاقد هاتفة: 


واديكي اهو.. زي الكلبة مربوطة ومنتظرة نفس المصير اللي خططتيه ليا.. ومش هتقدري تدافعي عن نفسك لأنك عمرك ما هتكوني زيي..!



+




البكاء ونحيب الروح إجابتها الوحيدة وهي تنكس رأسها لا تعرف ماذا تقول..وقبحها يتعرى مع كل كلمة نطقتها للقيس..هي شيطانة.. حية.. ومع هذا تريد النجاة ليس لأجلها.. لأجل صغيرتها.. تلك التي لم ترتكب بعد ذنوب لتُحاسب عليها..!



+




رفعت رأسها تنظر لبلقيس لترتجف من نظرتها المخيفة..وتقسم أن الاخيرة لو كانت حرة لمزقتها أربًا..وهو مصير أهون بكثير مما ينتظرها هنا.. ومع هذا استجلبت الباقي من شجاعتها لتواصيل اعتذارها: 



+




_أنا فعلا عمري ماكنت زيك.. وده سبب اللي عملته! 


كان نفسي يبقى عندي كل اللي عندك، جمالك اللي خطف اهتمام الكل، عيلتك الدافية القوية، عزوتك وسندك وفخرك بيهم!..كان نفسي في أب وأم يخافوا عليا ويحبوني..كان نفسي رائد اللي حبيته يحبني زي ما يزيد حبك.. كان نفسي عيونه تلمع لما يشوفني زي ما كنت بشوف يزيد وهو مستنيكي قصاد الجامعة ومتلهف عليكي رغم انك كنتي نافرة منه ومش بتحبيه ولا بتهتمي به، كل حاجة كانت عندك اتحرمت منها، عشان كده  حقدي عليكي كان بيكبر كل يوم، وكان لازم الروس تتساوى يابلقيس.. أنا مقدرتش اكون زيك.. بس انتي كان ينفع تكوني زيي.. حاولت اكسر غرورك وعزتك وعفتك واخليكي مجرد واحدة رخيصة بتتسول الاحترام والحب..كان لازم اخليكي تندمي علي يزيد اللي لو كنت مكانك عمري ما افرط فيه.. مافيش واحدة كانت ترفض حب زي حبه! 



+




هدرت بصراخ



+




_ كفاااااية.. كفاااية حقد وكدب.. ماتعلقيش بشاعتك وقذارتك علي شماعة انفصال امك وابوكي ولا افتقادك لاهتمام وحنان وعيلة وحبيب..مش كل حد اتحرم من أسرة مترابطة واهل ولا افتقد أي شيء في حياته يدمر اللي حواليه بحجة انه عايز الروس تتساوى.. انتي بتبرري حقدك وسوادك ياتيماء عشان تريحي ضميرك..لكن انتي بذرتك بذرة خبيثة عمرها ماكانت هتطرح زرع طيب..والدك كان معيشك في فيلا طويلة عريضة وفيها ناس بتخدمك وبيصرف عليكي وبيعلمك و مخلاكيش محتاجة حاجة..كان ممكن في المقابل تتسولي لقمة العيش في الشوارع وتتمني مآوى أو إنك تمسكي كتاب وتدخلي مدرسة..وانفصال والدتك عن والدك مش من حقك تحاسبيهم عليه وتكرهيهم بسببه لأنك مش مكانهم ولا تفهمي وتعرفي أعذارهم.. يمكن لو عيشتي نفس الظروف كان اختيارك هيكون نفس اختيارهم..حقدك على غيرك مالوش أي مبرر.. لأن كان ممكن ترسمي حياتك بشكل تاني خالص وتستغلي المنح اللي عندك وتبني ذاتك وتعملي اسرة وولاد وتعيشي معاهم اللي اتحرمتي منهم.. بس هرجع اقولك انتي بذرة فاسدة..الغل طبع جواكي وعشان ربنا عارف سوادك جازاكي عليه..! وأسوأ عقاب ليكي هو بنتك! 



+





        


          



                


اتسعت عين تيماء برعب حقيقي وبلقيس تواصل: 


بنتك اللي هتفضلي تتقلبي علي جمر خوفك عليها لأن قصاص ربنا مش هيصيب غيرها.. هي بس اللي هتوجعك وتقسم قلبك نصين.. عمرك ما هتطمني ابدا ولا تدوقي الراحة.. ده طبعا لو قدرتي تفلتي من هنا..! 



+




انفتح باب الغرفة وأطل سامر بضحكته الكريهه وتصفيقه المتهكم: 



+




_ بجد يابنات استمتعت اوي بعرض المصارحة القوية والاعترافات والاتهامات وطلب الصفح بتاع تيماء اللي نزل دموعي.. طلعتي بني آدمة ياتيمو وضميرك بيوجعك.. بس ياخسارة يابنات مش هقدر اديكم وقت للكلام اكتر من كده.. الفيلم لسه طويل وخلاص لازم نبتدي اول مشهد! 


ولمعت عيناه ببريق مخيف صارم: 


الحفلة اللي باظت زمان هتكمل دلوقت! 


الفريسة اللي هربت من أسود جعانة رجعت عرينهم تاني ( ثم غمز بعينه لتيماء) ومش لوحدها..مافيش حاجة هتنقذكم من مصيركم المحتوم! 



+




ثم جلجلت ضحكة عكست بوجهه ملامح  جنونية: 


أوعدكم اننا هنقضي وقت لطيف ونستمتع كلنا


وبعدها يجي دور المشهد التاني..أهم مشهد في الفيلم كله.. وتوجهه تجاه تيماء مع قوله ويده تستبيح لمس جسدها بوقاحة:  لما جسمك الحلو ده يتفرغ حتة حتة.. ويتباع للي هيدفع فيه كتير.. كتير اوي ياتيمو!.( لم تتحمل معرفة مصيرها فتقيأت لينالها منه صفحة قوية هاتفا باشمئزاز) ليه الأرف ده ياتيمو..كنتي استني اما اخلص معاكي الأول ياقذرة! 



+




رغم كرهها وحقدها عليها اشمئزت بصدق من مصيرها..ثم رآت الحقير سامر يقترب منها فلم تخاف.. بل منحته نظرة مخيفة رادعة وتقسم أنها لمحت الخوف بعيناه ورغم هذا واصل اقترابه مع فحيحه:  



+




أما الملكة ليها ترتيب تاني..حاجة أعلى بكتير تليق بجمالها الأسطوري.. وارتفعت يده ليتلمسها، فباغتته بلقيس بنطحة جبينها القاسي أسفل عينه حين اقترب فارتد ودارت رأسه ثم استعاد توازنه ورمقها بغضب ترجمه لصفعة قوية.. فلم تُظهر ألمها له.. بل عادت تنظر له بكره وتوعد وهدرت تصيح عليه:  لو كنت راجل فك قيودي ياكلب وانا هعرفك مقامك ومش هخلي فيك حتة سليمة.. يلا ياجبان! 



+




أمسك فكيها بأنامله القاسية هادرا:  غرورك وعنتظتك دي مش هينفعوكي هنا يا شاطرة، كبربائك وشجاعتك هينداسوا في الارض وانتي بتتنقلي بين أحضان الرجالة زي بنات الليل الرخيصة.. كل واحد هيدفع فيكي تمن..!



+




وصدحت ضحكة أخرى، ثم نظر لتيماء مرة أخرى وقال: وعشان تعرفي غلاتك عندي ياتيمو.. هقولك على سر.. ثم دنى أكثر من أذنها حتى صارت أنفاسه تلفح وجهها المشمئز من قربه وقال:  تعرفي ان الحفلة أصلا كانت عليكي انتي في الأول قبل بلقيس؟ بس حبيب القلب رائد هو اللي منعنا عنك وحذرنا نقرب منك وقال إنك تخصيه لوحده.. شكله كان بيحبك ومش واخد باله..



+




ذهول حقيقي أعتراها..حقًا ما قاله ذاك القذر؟ كانت محط طمعهم ورغباتهم القذرة وحماها رائد؟


ما الذي يعنيه هذا؟ هل أحبها ولو قليلا؟!! احبها؟؟



+





        


          



                


ظلت ترددها داخلها بذهول وفرحة لا تناسب الأجواء حولها، ثم انتفضت على لمسات سامر الجريئة وهو يتحسس معالم جسدها فصرخت صرخة مدوية مستغيثة برائد التي لا تراه.. ولا تعلم أنه في موقعه يراها جيدا عبر الشاشة المثبتة على الحائط ويزأر بقهر.. ولا يصلهم صوته.. هو فقد ما يراهم..!


بعد برهة رآى الحقير سامر يبتعد عنها ويغادر لأمر ما..أمر يتوقعه تماما..! 



+




ما سمعه من حديث بلقيس وما كابدته جراء حقارتهم جميعا جعله يحتقر نفسه أكثر..هل يقدر على مواجهتها..هل تتقبل اعتذاره؟ يعلم الإجابة! 


ولو كان وحده فريسة سامر لما اهتم بالخلاص وترك نفسه لمصيره طائعًا..لكنه ليس بمفرده يلاقي هذا العذاب..حاول التفكير واستغلال كل شيء حوله، الموقف صعب ولا يستدعي إهدار الوقت.. مرر عينه بنظرة فاحصة فأدرك أن الغبي المغرور سامر لم يأخذ الحيطة الكافية لمراقبته، لم يضع كاميرات ليلاحظ كل سكناته وحركاته، اكتفي بوضعه في غرفة لا تحوى نوافذ، فقط باب وشاشة حائط! 



+




نظر للأغلال المعدنية التي تحوط معصمه وتمنع انفصالهما.. والحبل الغليظ المعقود حول قدميه وتذكر تدريباته القتالية والتي كان من ضمنها طرق متعددة للتخلص من القيود بشتى أنواعها، وكأنه دون أن يدري يُعد نفسه لتلك المحنة.. التوى ثغره بابتسامة ساخرة وهو يهمس لذاته:  شكلك نسيت مين هو رائد يا واطي..!



+




وبكل قوته وعزيمته رفع ذراعه للأعلى قدر استطاعته ثم دفعها بحركة مدروسة وسريعة شقت الهواء من قوتها ونزلت گ صاعقة مصطدمة بركبتيه لتنكسر أغلاله على الفور ويتحرر.. ولم يبقي سوى اغلال قدميه التي عالجها بسهولة وحررها ليصبح جسده بالكامل محرر من أغلاله! 



+




تلفتت حوله مرة أخرى وسكنت حركته ليطمئن أن لا أحد يبصر ما فعل بكاميرات مختبئة..واطمئن انه غير مراقب وإلا كان اقتحام غرفته أمر مفروغ منه في التو..نظر للباب مخرجه الوحيد ثم جال في الغرفة يرصد أي شيء يساعده في معالجة مزلاجه المقفول ولم يجد، لوهلة شعر باليأس.. ما الفائدة من تحرر جسده وهو حبيس تلك الغرفة ولا يستطيع لإنقاذهما؟!



+




وفجأة ومضت في عقله فكرة جعلته يلتفت لشاشة التلفاز، فاقترب منها والتقط شيئا جعله رغم الموقف العصيب الذي يحياه يبتسم.. لقد وجد وسيلة خروجه من هنا..! 


_________



+




لم تستسلم گ عهدها، قيمت وضعها وحجم مأزقها الذي  لم يختلف كثيرا عن تقيدها في صندوق سيارة مظلم..الآن ايضًا المحنة عظيمة وتستلزم أن تستدعي تلك الطاقة الروحانية والايمانية وتستعين بجبار السموات والأرض.. قاهر الظالمين.. خلاصها بيديه وحده..توقن أنه سيرسل لها عونًا.. أغمضت عيناها بخشوع تام مهيب، دموعها تتساقط وداخلها يبتهل ويناحي خالقها ان ينقذها كما حدث سابقا ويرسل لها مدد ليس عصيًا عليه سبحانه، تثق أنه سيبعث لها مخرج من هذا الوحل..تدعوا أن يجدها زوجها ظافر ويكون سبب نجاتها.. ويحملها بين ذراعيه.. يضمها لحصنه الآمن ويمضي بها من هنا..!



+





        


          



                


كل هذا وتيماء تراقب هدوئها وعينيها المسدلة بدهشة حقيقية.. ألا تخاف بعد ما علمت عن مصيرها؟ من أين لها بتلك القوة؟! هي ترتعد رعبا وبلقيس هادئة شفتيها تتحرك بخفوت وتظن في الله خيرا أنه لن يتركها..ستحدث معجزة تكاد تشم رائحتها الآن..


___________



+




_ هو كل يوم تقولي قلقانة على بنتي وعايزة اكلمها؟ يا دره لازم اتعودي، بنتك بقى ليها حياة خاصة ماينفعش تتصلي كل شوية كأنها طفلة! 



+




_ ياعاصم انا اخر مرة كلمتها وهما في البحيرة الصبح، واحنا دلوقت بالليل فيها ايه لما اتصل تاني اطمن عليها؟


_ أديكي قولتيها.. أحنا بالليل.. افرضي الراجل قاعد مع مراته شوية ولا نايمين مثلا؟ الصبح نبقي نتصل



+




صمتت مجبرة ولا تعرف سبب انقباض قلبها هكذا.. تشعر ان ابنتها ليست بخير لكن لا يصدقها عاصم! 



+




جذبها واجبرها أن تسير جواره مع قوله:  تعالي ننزل نسهر في الجنينة شوية ونتكلم في اللي جاي ونتفق من دلوقت


_ نتفق على ايه؟


_ أحفادنا.. هنسميهم ايه؟



+




زحفت ابتسامة تلقائية على شفتيها وهي تتخيل أطفال ابنتها يتقافزون حولها هنا وهناك



+




_ أنا اختارت كام أسم.. بس مش هقولهم دلوقت.. هستني اما تيجي البشرى الاول! 



+




همست بسعادة:  ياه يا عاصم.. ده الفرحة ساعتها مش هتساعني لما ربنا يكرم بلقيس وتجيبلنا احفاد.. بس تفتكر هيكونوا معانا؟ انت ناسي اننا هنرجع نستقر في المنصورة وهي هنا هتعيش مع جوزها وحماتها



+




_ ماتقلقيش هنرتبها.. ثم شاكسها وهو يميل عليها هامسا:  عشان كده بقولك ماتتصليش عليهم كتير.. خلي الولد يركز..! 



+




انفجرت ضاحكة بقوة، فضم كتفيها هاتفا:  أيوة كده يا دره اضحكي واتبسطي وبطلي قلق.. بنتنا مع جوزها اللي مستحيل يخليها تزعل او تتأذي



+




تنهدت ومازالت رغم محاولات زوجها يسكنها القلق، لكنها غمغمت:  ربنا يحفظهم ويبعد عنهم كل سوء ويرجعوا بألف سلامة


_ اللهم امين! 


________________



+




ألصق أذنيه بالباب عله يلتقط صوت أحد بالخارج، فلم يجد شيء واضح.. فراح بخفة ومهارة يعالج مزلاج الباب بالسلك المعدني الصلب الذي انتزعه من أسلاك الشاشة، ليصبح بثوانٍ معدودة خارج الغرفة،


لم يجد أحدا.. هل سامر بهذا الغباء؟ لم يضع حتى رجلًا واحد يحرص الغرفة؟! أم ربما غروره صور له أن الأمر سيمضي معه بتلك السهولة ولن يجد مقاومة؟..أيًا كانت الاسباب لا يهم.. هو أصبح حرا.. وحتمًا ستتغير قوانين اللعبة الآن! 



+




بنظرة سريعة تبين انه في شقة كبيرة وعلى يساره ردهة طويلة، تحرك خلالها بحذر وخفة شديدة فوجد التقاء جدارين، خطى حذوهما ومازال حذرا متحفزًا حتي وجد غرفة أخرى..تلصص بعينيه عبر شقها الرفيع لم يبصر شيء..عالج مزلاجها كما فعل سابقا ودخل بحرص وكانت خالية.. توجس في الأمر، هل احتجزهم الملعون سامر في مكان أخر غير تلك الشقة؟؟ سقط قلبه هلعا.. الوقت ليس معه فكيف سيعلم مكانهما.. (يا الله.. ساعدني يا الله) راح يتضرع لخالقه محاربًا اليأس الذي يتسرب لقلبه، حتى لمح شيئًا جعله يتقدم والأمل يشب فيه من جديد..هناك أثار أقدام مغبرة على سجادة الأرض في اتجاة خزانة الملابس، فصل طرفي ضلفتيها فوجد بها قطع ملابس متراصة لكن بينهما فراغ..لا يعرف لما تذكر تلك الخدع التي خزنها عقله من الأفلام العربية القديمة  حيث يلجأ رئيس العصابة المزعوم بصنع مخارج خفية للهروب أو الاختباء، فدفع بكفه الجدار الخشبي لتتسع عينه وجزء من الجدار ينفصل بالفعل ويستدير ليكشف خلفه درج مظلم، انتابته الدهشة لوهلة ثم نفضها وهبط عليه بحذر ليصل لسرداب أرضي واسع. . لمح بجهة أخرى درج مماثل لما هبط عليه، كما وجد عدة أبواب..تفقد اقربهم ومازال متحفزا لأي مباغتة فوجد بها لوحات تحكم الكهرباء للبناية بأكملها..اغلقه وانتقل للباب الأخر شارعا إياه بذات الحرص ليجد تلك المرة قطع أثاث قديم وأشياء ليست ذو أهمية.. نظر للباب الأخير والذي يبتعد مسافة عنه.. خطى بخفة ليصله صراخ واضح جعله لا يضيع لحظة واحدة موقننا انه وجد ضالته، وبكل قوته وغضبه راح يدفع الباب دفعات قوية متتالية لينهار أمامه  ويصبح  داخل الغرفة في مواجهة سامر الذي لم يتخلص بعد من دهشة وجوده وهو يرى رائد أمامه يكيل له بقدمه ضربات سريعة موجعة كومت جسده الضئيل في الأرض وهو يتآوه من ألم ضربات أسفل معدته ، ولم ينتبه رائد لذاك الخرتيت الضخم وهو يفاجأه بتكبيل جسده من الخلف بقوة شديدة كادت تسحق عظام صدره وهو يقاوم باستماته وقوته تضعف أمام ذلك الثور الذي يساوي حجمه مرتين.. بينما ارتسمت ابتسامة نصر على شفتي سامر وهو يمسح دماءه وينهض هاتفا:   


لسه وحش وعفي زي ما انت يا صاحبي..الحقيقة فاجأتني انك عرفت تحرر نفسك وتوصل لحد هنا.. بجد شابو يا زعيم ..



+





        


          



                


ثم أشهر مدية صغيرة التمع نصلها بعين رائد، فصرخت تيماء تستعطفه ألا يؤذي زوجها، بينما بلقيس في حالة ذهول مما تراه..!!


رائد؟! 


ذاك النذل الحقير هو من يحاول انقاذهما؟


أم هو هنا لإنقاذ زوجته فقط؟


فجاءتها الأجابة الصادمة على لسانه وهو يقول متوعدا بصوت هادر ومازال يعافر لتحرير جسده من ذاك الضخم:  سيبهم ياواطي وخد حقك مني زي ما انت عايز..سيبهم لأن مش هسمحلك تأذيهم إلا وأنا جثة.. هقتلك انت والحيوان اللي ماسكني ده لو قربتوا منهم! 



+




صفق سامر مع صفير ساخر وقال:  



+




برافو برافو.. حتة بطولة من الأخر..لعلمك الموضوع ده بياكل اوي مع البنات على فكرة وأنت استاذ في الحاجات دي.. بس ياخسارة..( قالها وهو يمرر نصل السكين قرب كتفه ليُحدث به جرحًا جعل رائد يتألم وتيماء تصرخ بلوعة عند رؤية دماء زوجها، مستطردا سامر) مش هتقدر تعمل حاجة ولا هتنفعك بطولتك المزيفة.. واللي كنت هتشوفوا من خلال الشاشة، هتشوفوا هنا.. عملي.. وبينك وبينهم خطوة.. هتشوف جسمهم وهو بيتعرى حتة حتة وانت عاجز مش قادر تساعدهم! 



+




كل عضلة في جسده تتصلب بقبضات دفاعية، ورغم تاريخه المشين استنكرت رجولته انتهاكهما من هذان الخنزيران بهذا الشكل أمامه، لن يتحمل.. الموت أهون عليه.. ودون أي ترتيب نظر تجاه بلقيس التي تطالعه بذهول فمنحها نظرة اعتذار وأسف عن كل شيء..راجيًا منها السماح والصفح.. ثم تبدلت نظرته لأخرى قاسية وهو ينكس رأسه ليخبيء بريقها المتوعد بعد أن أتته فرصة ذهبية وذاك الغبي سامر يغادر الغرفة منشغلا بإجراء مكالمة هاتفية مستعينا بأخرين يأتوه..وصار وحيد مع الثور الذي يكبله، حسب ما علمه هم يريدنهم أحياء..وسيستغل هذا الأمر جيدا..!


لن يترك الفتاتين لهذا المصير إلا وهو جثة هامدة..ربما وقتها فقط يُكفر عن ذنبه بحق بلقيس إن نجح بإنقاذها أو مات لأجلها، أما تيماء زوجته المخادعة.. هي قدره وذنب وعقاب يستحقه..!



+




بسرعة وثبات انفعالي..راح يقيم بعينه المسافة الفاصلة بينه وبين بلقيس فوجدها كافية لخطته التي لا تعتمد إلا على سرعته هو.. الخرتيت مازال يكبله وعظامه تئن من ضغطه القاسي..لحسن الحظ، الغبي يكبله بحركة معروفة لدى الاعبين باسم " مسكة الدب" حيث يحوط بذراعيه جسده من الخلف مقيدا نصفه العلوي.. وتلك وضعية تناسب تماما خبرته في التخلص منها بسهولة، أخذ نفسا أخر ودون معافرة  تفقده طاقته هباءً.. دفع بساعديه ذراعي الرجل المعقودة حوله ورفعها للأعلى عن موضع كليتيه فضغطه عليها  يكاد يصيبه بالغثيان، ثم زحزح رائد جسده قليلا ليتمكن من تحريك قدمه اليسرى خلف قدم الرجل..ساحبًا إياها بقوة افقدت الأخر اتزانه مع دفعة قويه من كوع رائد أرتطمت بصدره واختل توازن الضخم وسقط أرضًا..وسريعًا عاجله رائد بلكمات متتاليية في أنفه وسائر وجه مع ضربة قدم قوية بين فخذيه ليتألم الرجل ويطلق آنين مكتوم.. وبسرعة البرق هرول تجاه بلقيس ليفك قيودها وهو يصيح: 


( انسي كل حاجة وحاولي تساعدي نفسك وتساعدي تيماء ابوس ايدك)  وزوجته تتابع ما يحدث بذهول.. لم تستوعب سوى شيء وحيد.. زوجها بادر بتحرير بلقيس قبلها..صدمة جعلتها تنظر بحقد وحزن ودموعها تتساقط بغزارة وعقلها يفسر ما حدث تفسيرات  أخرى أضرمت نار غيرتها حتى صارت حدقتيها مثل الجمرة المتقدة! 



+





        


          



                


في تلك الأثناء اقتحم سامر الغرفة مع من استعان بهما ليؤازرانه في مهمته الحقيرة.. رجلان بحجم اقل قليلا مما كبله لكن شراسة ملامحهما مرعبة..لا يعرف متي امتلك سامر تلك النفوذ ليستجلب مثل هؤلاء البشر ليساعدانه في بلد غريبة عن موطنه.. مع من يتعاون ذاك النذل؟! لكن لن يهتم لهذا الآن.. يجب أن يستمر في المقاومة ..تبادل قتال غير متكافيء معهم وهو يتلقى أضعاف اللكمات والصفعات التي يُكيلاها لهم..



+




أما بلقيس فيكفي أنها تتحررت لتكون قوة مستقلة و رادعة استهان بها هذا الثور الذي عزم أن ينالها تاركا لرفاقه التكفل برائد.. اقترب منها ولعاب شهوته يسيل وعيناه تضوي برغبة جامحة لفاتنة مثلها، لا يعرف أن خلف فتنتها مخالب نمرة شرسة ستنهش لحمه قبل أن يطالها.. وجهت له ضربات قوية جعلته يتراجع ويقف لحظات يرمقها ويدرس قوة فريسته ثانيا ليهجم عليها بشكل أكثر قوة وقسوة لم تستطع بلقيس صدها لوقت طويل وهي تواجهه شخص ضعف بنيتها مرتان.. ويبدو أن شراستها راقته فالتمعت حدقتيه بعزم أكثر مسخرا قوته لترويض تلك النمرة الشهية وتكبيلها ثانيا..طرحها أرضًا محاولًا اعتلائها، فلن يفسد أحدا وليمته الليلة بتلك الحسناء المصرية.. سينالها رغم العراك الدائر حوله..!



+




أما رائد الذي مازال يقاوم، رمق بلقيس بعجز وحسرة بعد أن ضاعت الفرصة التي صنعها لها حين حررها دون زوجته ..لا لشيء سوى لأنها ستُصقل قوته وهي تدافع عن نفسها بخبرتها القتالية التي اختبرها سابقا..وأيضًا طمعا أن تتغلب عليها إنسانيتها وتحمي زوجته التي لن تكفي قوتها لردع احد..! 



+




صرخت بلقيس وهي تعافر باستماتة مع الثور الذي نجح بتكبيلها مرة أخرى شارعًا باغتصابها.. وتيماء تصرخ للمسات سامر عليها وهو يشق صدر كنزتها ليصرخ رائد ويحاول الوصول إليها فتمطر عليه الضربات، وكلما نهض لينقذها يركع ألما من قوة ما يتلاقاه من قبضات الأوغاد..ولأول مرة يبكي بهذا الضعف وهو يجرب شعور أن يُنتهك شرف الرجل أمام عينه وهو عاجز مقهور.. هكذا كان يفعل في الخفاء ويستبيح كل جميلة يشتهيها ..يد القصاص بدأت بزوجته التي على وشك الاغتصاب وهو يفقد قواه أمام شراسة من يواجههم..رغمًا عنه فقد الأمل..تملكه اليأس ولم يعد أمامه سوى دعاء المضطر المستغيث بربه..!



+




وليته يدري أن الله استجاب دعوته وذاك المتسلل بغفلة عراكهم يقتحم الغرفة گ المارد الغاضب ويغير المعادلة ويبدل اليأس بالأمل..فقبل هذا الوقت بقليل..بمجرد أن التقط هاتف ظافر إشارة عودة استقبال تليفون زوجته لاتصال، رن عليها بلهفة عساها تجيبه.. وللأسف تم غلقه مرة اخري لكن تلك المرة اختلفت.. يكفي انه استطاع تحديد مكانها عن طريق برنامج التتبع على هاتفه..فلم يضيع لحظة وهو يتوجه لموقعها المفترض انها به.. ووصل لمنطقة هادئة غير مزدحمة بالبنايات.. ظل يُنقب عن أثر يدله علي شيء حتى وجد قطعة مكسورة من هاتف بلقيس.. التقطها سريعا وقلبه يتمزق هلعا من الهواجس التي تدفقت لعقله.. تتبع الاثر يمين يسار وجمع الهاتف الذي لم يعد يعمل.. مشط المحيط حوله وقدماه تقوده لاتجاهات عشوائية حتى لمح من بعيد بناية معزولة من الجانبين.. والذي لفت نظره أكثر ذاك الرجلان الماكثان أمامها وعيناهما تجول محيطهما بحذر واضح كأنهم يحرصون شيء..شعور قوي نبت داخله أن زوجته هناك في تلك البناية.. لم يخذله حدسه من قبل ابدا.. بلقيس هناك وعليه أن يسعى لتأكيد ظنه! 



+





        


          



                


دني حذرًا لاقرب نقطة للرجلين حريصا ألا يلاحظونه، وبعد وقت قصير جاء أحدهما هاتف.. لم يشفع له قربه أن يلتقط حديثه بوضوح، لكنه ما ان اغلق الهاتف حتى أشار لرفيقه بتتبعه للداخل.. انتظر ظافر برهة ليتبعهما بمسافة كي لا ينكشف أمره، وفي تلك الأثناء أرسل للشرطة رسالة استغاثة من موقعه كي يأتوا ويدعموه.. لا يعرف ماذا سيجد بالداخل وليس معه أي سلاح يؤازره.. وكم شعر بالندم لأهمال شيء گ هذا.. ولن يغفل عنه فيما بعد..!



+




وصل لمدخل البناية القديمة عابرا داخلها ثم وقف حائر.. أين يتجه؟ يصعد أم ..!


توقفت عيناه على أثر عُقب سيجار مشتعل ملقى أرضًا..احساس قوي داخله أنبئه ان تلك وجهته الصحيحة.. اقترب ظافر عدة خطوات ووقف عند درج يوصل لباب سرداب.. هبط بحرص ودفع بابه ببطء وولچ داخله عابرا فوق درج أخر، فوجد غرفة مظلمة وواسعة تضم عده أبواب متناثرة على جوانب الجدران.. تفقد أول غرفة ليجدها غرفة تحكم الكهرباء للبناية.. وتفقد الثانية فوجد بها مخلفات لأثاث قديم.. ولم يبقى سوى غرفة وحيدة هناك بزاوية ابعد.. دني ومع كل خطوة يستشعر قرب حبيبته..!



+




ما أن اقترب حتى سمع صوت جلبة وصراخ بصوت لا يشبه صوت بلقيس، لكن ما سمعه كان كفيلا أن يحوله لكتلة غضب مخيفة وهو يهجم على الباب المكسور أثر اقتحام رائد قبله.. ليهاله ما رآه.. سيدة تصرخ بكلمات غير واضحة ورجل ضئيل يحاول انتهاكها ممزقًا ثيابها.. ورجل أخر مُطرح أرضًا يصارع الضخمان الذي تتبعهم من الخارج ويبدو انه فقد قواه ودمائه أغرقت حوله ووجهه طمسته الكدمات.. وهناك بزاوية أخرى رآى حبيبته تعافر مع ضخم يحاول اعتلائها عنوة وهي تدفعه عنها بشراسة..لينهب المسافة بينهما وينقض على الرجل وينزعه عنها..! 



+




هل أتى فارسها؟؟


أم غشاوة الدموع تخدعها؟


رائحة أمانه تعبء المكان.


تتسل لانفها بقوة..


تقسم أنها تراه وتشم عبقه الذي تعرفه..


رمشت بعيناها الباكية لتطرد بقايا دموعها وتتحقق إن كان هنا أم تحلم.. لكنها لم تكن تحلم..!



+




ظافر حبيبها هنا..! 



+




حاوط عنقه المكتنز بذراعيه ودفعه أرضًا بعيدا عنها ليعتليه وينهال عليه ضربًا في فمه وأنفه حتى اصطبغت قبضة ظافر بالدماء.. ولم ينتبه لسامر وهو يندفع نحو ظهره ليطعنه غدرا بنصل سلاح أبيض، لتصرخ بلقيس ورغم قوتها التي استنفذت تماما هبت على قدميها تركل سامر بعيد عن زوجها الذي مازال يقاتل لأجلها



+




أما رائد فدبت فيه الروح حين بصر مغيثًا يؤازره.. ونهض على قدميه يقاتل من جديد وحضور ظافر  منحه قوة غريبة.. تبدلت الأحوال.. وقدرًا لا تجد له تفسير أو مسمى من كثرة غرابته..تقابل ظهري ظافر ورائد بوقفتهما الدفاعية ونظراتهما الصقرية تتحدى الخاطفين برسائل غير منطوقة انهم لن يتخطوا أجسادهم وهم أحياء.. وكلا من الرجلين يدافع گ الليث عن زوجته وشرفه..!



+




مفارقة أثارت تعجب بلقيس وهي تطالعهما.. زوجها والحقير رائد يتحدان بنفس الجبهة.. وتعلم أن ظافر لم يتعرف عليه وإلا ما كان تركه.. زوجها التي تراه للمرة الأولى وهو يتعارك بتلك القوة والبسالة لأجلها..حصنها الذي لم تخطيء تسميته ابدا أتى لينقذها ويحميها..دوار رأسها يزداد ورؤيتها تضعف وجسدها لم يعد قادر على الصمود وبات يترنح..


ربما لوجود حبيبها استسلمت لهذا الوهن واطمأنت انه هنا معها.. لن يترك أحدا يؤذيها.. 


تهاوت ووقعت شبه فاقدة الوعي


أذنيها تدرك الأصوات لكن عيناها مسدلة! 



+




أما سامر فأدرك أخيرًا خسارته وقرر الهروب لكن ما أن عبر لخارج البناية حتى قابلته الشرطة.. وتلقائيًا حاول الهروب مبتعدا ليعطيهم سببًا كافيا للشك به ومطاردته ثم القبض عليه وتقيده والزج به داخل إحدى السيارات.. لتتوجه بعض عناصر الشرطة الأخري لمساعدة ظافر وتكتمل سطوتها على بقية الجناة وعربة الاسعاف تأتي بعد قليل لنقل رائد المدرج بدمائه وجروحه، بينما مكث ظافر يحتضن زوجته بقوة غامسها في صدره حامدا الله أنه أتاها بوقت مناسب.. ثم حمل جسدها بذراعيه فتعلقت بعنقه وهي تتشممه ببقايا وعيها ليزداد شعورها بالأمان..  وأخيرا بعد هذا الانهاك النفسي الذي تعرضته له تلك الليلة.. اغمضت عينيها باسترخاء تام  مستسلمة للنوم ووجها يختبيء بصدره! 


_______________________


تكملة الرواية من هناااااااا 



تعليقات

التنقل السريع